hmsain.ahlamontada.com

نشكرك على التسجيل فى هدا المنتدى زرنا باستمرار و شاركنا رايك فاليد الواحدة لا تصفق ورايك يهمنا كما ان حضورك الدائم يحفزنا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

hmsain.ahlamontada.com

نشكرك على التسجيل فى هدا المنتدى زرنا باستمرار و شاركنا رايك فاليد الواحدة لا تصفق ورايك يهمنا كما ان حضورك الدائم يحفزنا

hmsain.ahlamontada.com

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
hmsain.ahlamontada.com

منتدى يهتم بنشاطات حركة مجتمع السلم بلدية عين بوزيان


    دور ثورة 14 تموز 1958 في دعم ثورة الجزائر وانتصارها

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 2093
    تاريخ التسجيل : 01/03/2010
    الموقع : hmsain.ahlamontada.com

    دور ثورة 14 تموز 1958 في دعم ثورة الجزائر وانتصارها Empty دور ثورة 14 تموز 1958 في دعم ثورة الجزائر وانتصارها

    مُساهمة  Admin السبت 11 يونيو 2011 - 21:23


    آثرت ان أقدم هذا المختصر المكثف عن دراسة لي قدمتها هنا في الجزائر وحاضرت بها في مناسبات تاريخية عدة، مُذكرا بها بدور العراق الكبير في اسناد ونُضرة ثورة الجزائر(1954-1962). واعرض هنا مختصرا من تلك الدراسة على موقع الكادر حصريا وبخمس حلقات، مستبقا بها نشر كتابي الموسوم [ الثورة الجزائرية بين عهدين في العراق(1954-1963)]، وهو كتاب " تحت الطبع" ، والكتاب ثمرة جهد طويل دام اكثر من 20 سنة ، وما دونته به حصيلة بحث أرشيفي واسع ، إضافة الى جملة من الحوارات العديدة مع بعض قادة الثورة الجزائرية ومجاهديها وشهودها الاحياء ممن كانوا على اطلاع وتماس مع الجهد العراقي وممن مثلوا الثورة الجزائرية في العراق أو من بعثة الثورة الجزائرية من مدنيين وعسكريين درسوا في العراق . حاولت فيه رصد جملة من الحقائق المغيبة عن الجمهور الجزائري والعراقي أيضا. حقائق قد لا تطلع عليها الاجيال التي لم تعش ذلك الحدث الثوري الكبير في العراق والجزائر معا.
    ويقيني الجازم ان الثورة الجزائرية لم تجد دعما فعليا وحقيقيا وكبيرا كما جاء من شعب العراق وقواه الوطنية وحتى حكوماته الملكية منها والجمهورية. إن دور العراق التاريخي في دعم الثورة الجزائرية ونصرتها والوقوف معها لازال يحتاج الكثير من الجهد والبحث واستنطاق الوثائق والذاكرة التاريخية. واذا كان الكتاب قد سجل مواقف مشرفة لجميع القوى والشخصيات والاحزاب الوطنية العراقية، وسيُعرف بأنشطتها وأدوارها المشرفة في دعم ونصرة الثورة الجزائرية سواء في العهد الملكي، انطلاقا من تاريخ تفجير ثورة نوفمبر 1954 في الجزائر الى تفجر ثورة 14 تموز 1958 في العراق.
    وقد عرفت الفترة الجمهورية من البحث (1958-1963) تصاعدا في الدعم العراقي للثورة الجزائرية بعد أن تحرر العراق. وموقف العراق قل مثيله في العطاء والتضحية والنخوة تجاه الثورة الجزائرية. كثير من العراقيين التي قادتهم الظروف للعمل او الاقامة او زيارة الجزائر من جيلي سمعوا الكثير من الترحاب والاشادة والامتنان الذي ابداه المجاهدون وسائر ابناء الشعب الجزائري عن دور العراق في نصرة ثورة الاوراس. وظل هذا الامتنان مُعبر عنه في وقوف الجزائريين مع العراقيين في كل المحن التي ألمت بالعراق. وقد لمسنا الدعم المقابل للجزائريين تجاه القضية العراقية متجسدا بنبل وبمشاعر من الصعب وصفها وتدوينها بمجلدات، خاصة بعد العدوان الثلاثيني على العراق1991 ، و في سنوات الحصار على العراق (1991-2003)، حتى يمكن القول دون مبالغة ان أي رغيف خبز وصل الى العراق كان على طبعته ومذاقه ومرارته قمح من الجزائر ومعه دعاء الامهات بنصر العراق وأهله.
    هذا الموقف الثابت لا نرى فيه مجرد رد دين بدين؛ إنما يُجسد خصال الاخوة الحقيقية التي تربط الجزائريين بالعراقيين؛ وخاصة خلال هذه الفترة العصيبة التي يمر بها شعبنا في العراق. وفي فترة أعاد الزمن دورة التاريخ معكوسة؛ فالعراق محتل ومقاوم وثائر، والجزائر محررة وتنتظر هذا النصر العراقي أنطلاقا من وعيها بحتمية انتصار الثورة والمقاومة الوطنية، ولا زال موقف الجزائر الرسمي والشعبي متميزا من القضية العراقية ونضال الشعب العراقي وجهاده من اجل التحرير.
    ان المقالة والكتاب قبلها هذه جاءت نتيجة تساؤل ودهشة عاشها الكثير من العراقيين مثلي عندما وصلوا الى الجزائر. كانت المخيلة عندنا، وما تداوله الناس في العراق، إننا سوف نجد في الجزائر تمثالا للزعيم الخالد عبد الكريم قاسم ؟ أو نجد عنوانا لمدرسة او مؤسسة أو شارع باسمه. ولكن كل هذا لم نراه مما أثار دهشتنا واستغرابنا.
    وعندما حاورنا المجاهدين وبعض القادة عن قرب وبحميمية الذكريات عندهم وامتنانهم لدور العراق الكبير للجزائر، إعترف الكثير منهم بالتقصير، وخاصة بحق الرجل الوطني العراقي الغيور عبد الكريم قاسم الذي تفانى في نصرة الجزائر وسجل سطورا من ذهب وكان سباقا في دعم الثورة الجزائرية وقادتها. وكان التبرير عن التقصير بحقه عند الاعتذار قد يكون عند البعض منا غير مفهوم أو غير مقبول لأن صورة الجنرال قاسم" كما يسميه المجاهدون" وهالته عند ذاكرة الثوار ظلت متوهجة. فلماذا النسيان له؟؟ . لقد كان سوء حظ الرجل قد لازمه فخلال فترة (1962-1965) صعد الى قيادة الحكم في الجزائر الرئيس أحمد بن بله، ولا يخفى على الجميع تأثر الرئيس أحمد بن بلة بالتوجهات الناصرية وميوله القومية وانحيازه لموقف مصر ضد قاسم.
    واذا كان العراق القاسمي قد سجل موقفا تاريخيا سبق به مصر كون العراق كان البلد الاول في العالم الذي اعترف بالحكومة الجزائرية المؤقتة، واعلن الموقف العراقي قبل ان تنتهي قراءة بيان اعلان حكومة الجزائر في القاهرة. لكن الاقدار سجلت ايضا أن الجزائر كانت في مقدمة الدول التي اعترفت بانقلاب 8 شباط في العراق تقربا من الموقف المصري، ولهذا تم تجاهل دور الزعيم عبد الكريم قاسم ونسيانه حتى طواه النسيان فلم ينصفه مؤرخوا الثورة الجزائرية حقه. ولهذا أحاول الاقتراب منه اليوم، كونه بطل من ابطال العراق، واضافة الى قيادته تفجير ثورة 14 تموز ووطنيته، فله دوره القومي أيضا في دعم ثورتي الجزائر وعمان وبعدها ثورة فلسطين.
    أهدي هذا الجهد المتواضع الى روح الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم، رغم الكثير من ملاحظاتي عن نهج التسلط والفردية والدكتاتورية التي اتسمت بها مرحلة حكمه في العراق، والتي هي محصلة صراع القوى الوطنية التي أسهمت في ثورة 14 تموز، ولا يتحمل الرجل وحده المسؤولية التاريخية التي انتهت بنا الى مصائب تلك الفترة، وما بعدها، والى ما نحن عليه الآن من تمزق وضياع واحتلال .

    من هو الزعيم عبد الكريم قاسم:
    ولد عبد الكريم قاسم في محلة المهدية في جانب الرصافة من بغداد في 21/11/1914 في حي من أحياء بغداد القديمة من عائلة فقيرة. ينحدر من أبوين عربيين. فابوه "قاسم" بن محمد بن بكر من قبيلة زبيد القحطانية وامه السيدة "كيفية" بنت حسن اليعقوبي من قبيلة بني تميم العدنانية. وهو أصغر اخوته حامد وعبد اللطيف وله شقيقتان.
    وفي السابعة من عمره انتقلت عائلته الى بلدة الصويرة التابعة للواء الكوت. حيث لم يستطع والده الاستمرار في مزاولة النجارة والتكفل بأعباء الاسرة.فساءت احوالهم المالية فحاول الاستعانة بأخيه علي بن محمد بن بكر الزبيدي الذي كان ضابطا في الجيش العثماني وكان يملك مزرعة يعيش منها، فاخذ والده قاسم يزاول الزراعة.
    دخل عبد الكريم قاسم المدرسة الابتدائية سنة 1924 حيث درس لفترة اربعة سنوات انتقل بعدها الى بغداد وواصل تعليمه مكملا فيها دراسته الابتدائية سنة 1927 ثم دخل الثانوية المركزية وحصل على شهادة الدراسة الاعدادية في الفرع الادبي. عمل في التعليم الابتدائي لمدة عام 1931/ 1932 ترك التعليم ليتوجه الى الالتحاق بالكلية العسكرية عام 1932 ويتخرج منها برتبة ملازم ثان في 15/4/1934. وفي عام 1940 دخل كلية الاركان وتخرج منها بامتياز وحصل على العديد من الدورات العسكرية ومنها دورة الضباط الاقدمين في انجلترا. حصل على رتبة زعيم ركن في2/5/1955 قاد ثورة 14 جويليه/تموز 1958 مع مجموعة من زملائه من لجنة الضباط الاحرار واصبح وزيرا للدفاع والقائد العام للقوات المسلحة ورئيسا للوزراء. ترقى الى رتبة لواء 1959 ومن ثم الى رتبة فريق ركن قبل مقتله اثر انقلاب عسكري في 8/2/1963(1) .
    عرف بتواضعه وتكتمه وانضباطه العسكري العالي . شارك في حرب فلسطين وخاض فيها معارك ضارية عرف فيها بشجاعته انتصر بها على الصهاينة في كفر قاسم وجنين. قاد ثورة 14 تموز وقضى على النظام الملكي وحرر العراق من الاحلاف الاستعمارية ودعى الى تحرير واسترجاع الثروة النفطية واعادة ضم الكويت الى العراق، كما دعم حركات التحرر الوطني والعالمي واتبع سياسة وطنية لبناء العراق بتوسيع التعليم وتوفيره لكل المواطنين وبناء المستشفيات واعادة بناء الجيش العراقي وتسليحه وادخال الصناعة وتوزيع الاراضي على الفلاحين والقيام بالاصلاح الزراعي، وكان من دعاة سياسة الحياد الايجابي بين الكتلة الشرقية والغربية.
    وقف مع الثورة الجزائرية والعمانية والفلسطينية بدعم لا محدود مع الثورة الجزائرية والثورة الفلسطينية
    العراق والثورة الجزائرية بين عهدين:
    مدخل عام:
    رغم ان كثيرا من مؤرخي الثورة الجزائرية يعطون وينصفون للعراق دورا داعما وهاما للثورة الجزائرية، لكن ذلك يبقى في اطار عام، وكحقيقة عامة قد تبدو معممة ومن غير تفاصيل منصفة للحكومات العراقية المتعاقبة خلال العهدين الملكي والجمهوري اثناء فترة اندلاع ثورة نوفمبر المباركة بين ( 1954-1962)، فترة انفجار الثورة الجزائرية المسلحة. فما بين العهدين الملكي ( سقط بثورة شعبية يوم 14 جويليه/تموز1958) وما بعده في العهد الجمهوري، خلال فترة حكم عبد الكريم قاسم، ثمة فرق كبير في الموقف العراقي من ثورة الجزائر،ولا يمكن المقارنة بينهما باي شكل من الاشكال. الا ان الثابت والمهم هنا في هذا المجال ان القوى الوطنية والشعبية العراقية بكل توجهاتها السياسية والايديولوجية اتسمت بثبات مواقفها من نضال العرب من اجل التحرر والاستقلال وظلت وفية لهذا الموقف سواء ازاء القضية الفلسطينية او في دعم الثورة الجزائرية والعمانية.
    منذ السنوات التي سبقت الاعلان عن ثورة نوفمبر 1954 ارتأت جمعية العلماء المسلمين ان توسع نشاطها التعليمي خارج معهد بن باديس في قسنطينة بارسال البعثات من طلبتها الى الخارج. زاد عدد الطلبة المرسلين من قبل الجمعية زيادة مطردة سنة 1954 الى مصر والكويت والعراق وسوريا اضافة الى تونس. كان العراق في مقدمة الدول العربية التي رحبت بالبعثات الجزائرية موفرا امكانية القبول للطلبة الجزائريين والتعليم والدراسة في المدارس والمعاهد والجامعات العراقية. نقرأ في البصائر العدد 283 السنة السابعة اسماء بعثة جمعية العلماء المسلمين الى العراق الذين قبلوا للدراسة في الكليات العراقية، وخاصة دار المعلمين العالية ببغداد في عدد من التخصصات ، منهم الطلبة مسعود محمد العباسي، المولود شرحبيل، رابح منصر، ابو العيد دودو، الزرق موساوي، بشير كلشا، عبد المجيد بوذراع، الجموع المشري، الاخضر بو الطمين، عبد العزيز خليفة، وعبد القادر قريصات.(2).
    منذ اللحظات الاولى لانطلاق ثورة الجزائر ربط العراقيون بين كفاحهم الوطني من اجل اسقاط العهد الملكي وطرد بريطانيا من العراق والنضال القومي من اجل تحرير فلسطين واستعادة الجزائر لاستقلالها، وعبروا بوضوح عن رفضهم للظلم الاستعماري اينما كان من وطننا العربي، لذلك احتلت القضية الجزائرية وثورتها صلب اهتمام النضال الوطني العراقي ، فالجماهير التي اكتوت بقمع السلطات الملكية المؤتمرة والمسيرة من قبل رجال الادارة الانجليزية وعملائها ربطت بين نضالها من اجل اسقاط الملكية واقامة النظام الجمهوري الديمقراطي في العراق مع واجباتها للوقوف مع الشعب الجزائري والفلسطيني.
    ووجدت جميع القوى الوطنية العراقية الممثلة في عدد من الاحزاب والمنظمات والنقابات والاتحادات في الثورة الجزائرية في فعالياتها في هذا المجال تعبيرا عن وجدانها وطموحها هي ايضا لطرد المحتل والاستعمار الممثل في نفوذ بريطانيا وحليفاتها فرنسا والولايات المتحدة من العراق ورفض التدخل الاجنبي في تسيير الدولة العراقية وفق اهواء ورغبات السياسة الاستعمارية البريطانية من خلف حكومات عراقية عميلة مرتبطة باكثر من صيغة واتفاقية مع الغرب الاستعماري ، مكبلة العراق بعدد من الاتفاقيات والمعاهدات السياسية والاقتصادية والعسكرية غير المتكافئة لصالح بريطانيا ومن خلفها الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا، من خلال انضمام العراق الى حلف المعاهدة المركزية " حلف بغداد"، ذلك الحلف الذي كانت تقوده الولايات المتحدة واستخدامه كحاجز دفاعي لنفوذها في جنوب غربي اسيا ضد النفوذ السوفيتي. ففي 14/10/1951 أصدرت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بيانا مشتركا حول قيادة الشرق الاوسط دعت فيه حكومات الدول العربية واسرائيل وجنوب افريقيا واستراليا ونيوزيلاند للاشتراك فيه على ان يكون مقر القيادة في مصر، وان تضع الدول المذكورة قواتها المسلحة وقواعدها العسكرية المختلفة وموانئها وطرق مواصلاتها تحت تصرف القائد العام للمنطقة.
    وفي 10/11/ 1951 اعلنت الدول الاستعمارية الثلاث مرة اخرى تصريحا توضيحيا حول المشروع: (ان الدفاع عن الشرق الاوسط أمر حيوي للعالم الحر ، وان تشكيل هذه القيادة من شأنه ان يجلب التقدم الاقتصادي والاجتماعي للمنطقة).(3).
    وقد قوبل هذا المشروع، " مشروع قيادة الشرق الاوسط" بمقاومة عنيفة من الشعب العربي في اقطاره المختلفة مشرقا ومغربا، لاسباب عدة من اهمها : أنه سيجعل من الوطن العربي مركزا للقوات الامريكية والفرنسية والبريطانية، والعمل على إشراك اسرائيل في القيادة، والاعتراف بها كواقع لا بد منه).
    وفي العراق تصاعد النضال الوطني الشعبي ضد المشاريع الاستعمارية والدعوة الى تشكيل جبهة وطنية ضد الاستعمار ومشاريعه، في حين ذهبت الحكومات الملكية العراقية في خدمة المصالح الاستعمارية، ووجدت في نوري السعيد الشخصية المحورية التي تحقق التنفيذ لمشاريع بريطانيا والغرب في العراق والمنطقة العربية.
    عُرف عن نوري سعيد دهائه السياسي وتكتمه على علاقاته السرية وولائه المطلق لبريطانيا والمخططات الاستعمارية وتلاعبه في المواقف الوطنية بمظهر المخلص لها، خاصة من القضيتين الفلسطينية والجزائرية. فمنذ ان ألف وزارته السعيدية الحادية عشر في 15/9/1950 كان يضع مصير العراق كلية بيد بريطانيا والغرب الاستعماري.
    في 5 جانفي/كانون الثاني1955، أي بعد شهرين من اندلاع الثورة الجزائرية الفت ممثل المملكة العربية السعودية في الامم المتحدة انظار الهيئة الدولية الى الحالة الخطيرة التي تسود الجزائر، غير ان الامم المتحدة انتهت دورتها في ذلك العام دون ان تلتفت الى الوضعية الجديدة التي تعيشها الجزائر. كانت فرنسا الاستعمارية تطرح المشكلة الجزائرية على انها قضية فرنسية داخلية، وانها لن تسمح لأي كان أن يتدخل فيها، لكن الكتلة الاسيوية الإفريقية، ومن بينها العراق اعادت طلبها مرة اخرى لمناقشة القضية الجزائرية في 26/7/1955 في الدورة التالية المقررة في اكتوبر من ذلك العام 1955. وتم قبول الطلب بأغلبية صوت واحد، أي 28 صوت مع و 27 صوتا ضد .
    كانت الدول الثمانية والعشرين الموافقة على تسجيل القضية الجزائرية في جدول اعمال تلك الدورة حسب الترتيب الابجدي الانجليزي هي افغانستان، الارجنتين، بوليفيا، برمانيا، كوستاريكا، تشيكوسلوفاكيا، مصر، اليونان، غوانتيمالا، الهند، اندونيسيا، العراق، ايران، لبنان، الباكستان، الفليبين، بولونيا، المملكة العربية السعودية، سوريا، روسيا، الاورغواي، اليمن، يوغسلافيا، ليبيريا، المكسيك ، وروسيا البيضاء"بيلوروسيا". كان قبول مناقشة القضية الجزائرية في الامم المتحدة اول هزيمة دبلوماسية وسياسية لحكومة فرنسا ، مما اضطر وزير الخارجية الفرنسية أن ينسحب من تلك الجلسة ويمتنع من المشاركة في مناقشة المسائل الاخرى. (4).
    ومع تصاعد كفاح الثوار الجزائريين تردد صدى نجاحات الثوار الجزائريين، وصارت حالة الغليان والسخط الشعبي في الجزائر والوطن العربي تنعكس على الشارع العراقي وحياة الناس، تتفاعل من خلالها القوى الوطنية في العراق وهي تربط نضالها الوطني لاسقاط الحكم الهاشمي في العراق الموالي لبريطانيا وصنيعتها مع النضال القومي المتمثل في تشكيل لجان المساندة مع الثورة الجزائرية ومتابعة الاحداث اليومية التي تصل اخبارها من الجزائر يوميا وبتعدد وتنوع الفعاليات السياسية في جميع مدن العراق من اقصاه الى اقصاه.
    تجلت في المظاهرات والاحتجاجات التي لم تتوقف على مدى سنوات الثورة الجزائرية، في ذروتها أثناء حركة الاحتجاج الواسعة والمظاهرات الشعبية العارمة التي شهدتها بغداد وكافة المدن العراقية إثر اختطاف السلطات الاستعمارية الفرنسية للطائرة التي كانت تحمل قادة الثورة الجزائرية الاربعة يوم 22/11/1956. كانت المظاهرات مناسبة ايضا للضغط على الحكومة العراقية والحكومات العربية من اجل العمل على ضمان سلامة وحياة الثوار الجزائريين المختطفين.
    أعلنت جميع البيانات ولوائح الاحتجاج عن تهديد لمصالح فرنسا في الوطن العربي، وطالبت بقطع العلاقات الدبلوماسية مع فرنسا. كما اخذت لوائح المطالب الجماهيرية والشعبية تطالب بالضغط على الحكومة العراقية من اجل عرض القضية الجزائرية على هيئة الامم المتحدة في مطلع عام 1957.
    كثيرا ماحاولت حكومة نوري السعيد ايجاد المبررات واطلاق الوعود لتحسين مساعدتها للثورة الجزائرية، كما هو الحال مع تصريح وزير المالية العراقية الذي أوردته صحيفة المجاهد: (صرح السيد نديم الباججي وزير المالية العراقي امام البرلمان بان الحكومة العراقية ستمنح مساعدة مادية للثورة الجزائرية أكثر مفعولا من تلك التي تمنحها حتى الان، متى تحسنت حالة الميزانية العراقية. من المعلوم ان الميزانية العراقية كانت تخصص للثورة الجزائرية مساعدة مالية قدرها 250.000 دينار عراقي، "أي 250 مليون من الفرنكات" ، لكن كثيرا من النواب كانوا يطالبون بزيادة ذلك المبلغ.... هذا وقد صرح وزير المالية العراقي ايضا ان حكومته تؤيد إحداث صندوق مشترك بين الدول العربية لمساعدة الشعب الجزائري على التغلب على الاستعمار الفرنسي.).(5).
    تابعت صحيفة المجاهد، لسان حال الثورة الجزائرية، أخبار ضغط الرأي العام العراقي على حكومته في خبر آخر نقلته أيضا في العدد 18 الصادر في 15/2/1958: (...مازالت حملة مقاطعة فرنسا اقتصاديا يتسع نطاقها في العراق الشقيق، فقد حملت الانباء أن نائبا اقترح على الحكومة العراقية اثناء مناقشة الميزانية ان تخصص مبلغا ماليا ضخما لإعانة الثورة الجزائرية ، وان تقطع علائقها الاقتصادية مع فرنسا). ونقلت المجاهد عن صحيفة لوموند الفرنسية : ( لقد اجابت حكومة المملكة العراقية على اقتراح النائب: انها مستعدة لتنفيذ المقاطعة اذا ما تقررت المقاطعة في البلدان العربية). وتنقل صحيفة المجاهد في نفس العدد، ماجاء من اتهام، نقل عن لسان مراسل لوموند من بغداد:
    (بان الحكومة تنصلت من جوهر الموضوع بهذا المبرر).
    لقد اشتد الضغط الشعبي محتجا من تماهل الحكومة العراقية "حكومة نوري السعيد" في تنفيذ المطالب الشعبية الطامحة نحو دعم الثورة الجزائرية بالمزيد من الدعم. وأجمعت بيانات القوى الوطنية العراقية فرادى وجماعات في اطار قوى "جبهة الاتحاد الوطني"، على رفض تلكم الحجج الواهية لحكومة نوري السعيد، خاصة عندما اعلنت اعتذارها عن تقديم المزيد من المساعدة للجزائر، متحججة باصابة الميزانية العراقية باضرار جرّاء انقطاع تصدير النفط الى موانئ البحر المتوسط بعد ان نسف الانبوب النفطي احتجاجا على العدوان الثلاثي، الفرنسي- البريطاني- الاسرائيلي على مصر عام 1956.
    واجهت القوى الوطنية العراقية مجتمعة بالاحتجاج والرفض سياسة حكومة نوري السعيد التي ادعت انها اضطرت الى عقد قرض مع شركات النفط لسد العجز في ميزانيتها، وهي محاولة لنوري السعيد اراد التنصل بها من التزام العراق لمساعدة الثورة الجزائرية، رغم ان للعراق ارصدة مالية معتبرة في البنوك البريطانية. أجبر الضغط الشعبي والشارع العراقي نوري السعيد، رئيس الحكومة، وعدد من اعضاء حكومته على الاعلان الصريح بدعم الثورة الجزائرية بكل الامكانيات، بما فيها السلاح. وفعلا ارسلت الشحنات من الاسلحة للثوار الجزائريين، لكن نوري السعيد حاول استغلال ظرف ارسال الاسلحة الى الثوار الجزائريين لاغراض تآمرية ضد نظام حكم جمال عبد الناصروالضلوع بمحاولات اغتياله، باستغلال رحلات الطائرات العراقية وهي في طريقها لارسال شحنات الاسلحة الى ثوار الجزائر، عندما كانت تهبط في نهاية مدرج مطار بيروت تقوم بالقاء عددا من صناديق الاسلحة. كان هناك من يقوم بنقلها الى سوريا من اجل استخدامها في عمليات تآمرية وانقلابية ضد حكومة الجمهورية العربية المتحدة . تلك العمليات كانت تتم باشراف العقيد الركن غازي الداغستاني، احد كبار قادة الجيش العراقي في العهد الملكي والذي حوكم على افعاله تلك وغيرها بعد انتصار ثورة 14جويليه/تموز 1958.(6).
    اكتشف العراقيون خيانة حكومة نوري السعيد وخداعها واستغلالها لمشاعر شعبها والوطنيين تجاه ثورة الجزائر، وظلت تناور في سياستها المضللة بدعوتها من جهة لمقاطعة فرنسا اقتصاديا، ومن جهة اخرى بقائها في عضوية حلف بغداد" حلف المعاهدة المركزية" ، الذي كان في الواقع عبارة عن واجهة من الواجهات الاستعمارية مسيرة بقيادة بريطانيا والولايات المتحدة، وهو امتداد للحلف الاطلسي، الذي كان من أهم ادوات العدوان على الشعب الجزائري وثورته، تجلى عدوانه في الميدان السياسي والعسكري ودعمه لحكومة فرنسا الاستعمارية في محاولاتها فرض الاحتلال والاستعمار على الشعب الجزائري.(7).
    لكن الاحداث لم تمهل حكومة المملكة العراقية للتخلص من الضغط الشعبي الكبير في العراق عليها، خصوصا عندما نقلت وكالات الانباء أخبار بشاعة المجزرة الدموية الناجمة عن الغارة الجوية في ساقية سيدي يوسف بتاريخ 8/2/1958 وما رافقها من رد فعل وغضب شعبي في العراق ليرتفع سقف المطالب الشعبية الى اعادة مناقشة موضوع مقاطعة فرنسا اقتصاديا ،حينها ارفق 34 نائبا في مجلس الامة اقتراحا للحكومة يقضي بتأميم الاسهم الفرنسية في شركة نفط العراق، اي مانسبته 23.75 % التي كانت تملكها فرنسا في استثمار البترول العراقي في شركة نفط العراق المساهمة مع بريطانيا والولايات المتحدة.
    وبانتظار ذلك استمر الضغط الشعبي بالموازاة مع تنظيم حملات التبرع للثوار الجزائريين ونجاح حملة مقاطعة البضائع الفرنسية في الاسواق العراقية. وقد نقل صورة هذا الاحتجاج العارم مراسل لوموند بقوله : ( بدأت هذه الميول تتجلى في تصرفات رجل الشارع العراقي، فالتجار الفرنسيون بالعراق يصطدمون الان بأنواع من الاهانات في قضاء شؤونهم لدى الادارات والمتاجر العراقية... وهكذا فان فكرة "المقاطعة" تواصل تقدمها الى ان تحين ساعة تقريرها؛ خاصة وان ممثلي الجبهة "أي جبهة التحرير الجزائرية،" يزداد نشاطهم كل يوم وتتكاثر زياراتهم الى السلطات العراقية). (Cool.
    واجهت سياسة حكومة نوري السعيد ضغط الشارع العراقي بالمناورة واستغلال الفرص للجم الاندفاع الشعبي وممثلي جبهة الاتحاد الوطني ونشاطهم في دعم الثورة الجزائرية، حتى واجهت استنكارا واسعا، لم تتوقعه، عندما اقدمت حكومة نوري السعيد على وقف برنامج الثورة الجزائرية الذي كانت تبثه الاذاعة العراقية مطلع عام 1958. كان استمرار الضغط الشعبي منظما عبر عن نفسه في كل مناسبة وخبر مرتبط بالثورة الجزائرية حتى تجاوز الكفاح الوطني العراقي مخططات نوري السعيد والسياسة البريطانية في العراق لتصبح القضية الجزائرية قضية كل فرد من افراد المجتمع العراقي عبر عنها في الالتزام الصارم في المظاهرات و الاحتفالات المقررة بيوم الجزائر.
    لقد تحدد " يوم الجزائر" في 30 مارس 1958. كان فرصة عربية وعالمية لترجمة التضامن مع الثورة الجزائرية بتخصيص يوما للمظاهرات والفعاليات الشعبية،وجمع التبرعات لمدى ثلاثة ايام متتالية،. سلطت المظاهرات المصاحبة لاحتفالات يوم الجزائر الضوء على استمرار القمع الاستعماري والتحشيد العسكري الفرنسي الكبير من الفرنسيين والمرتزقة على ارض الجزائر العربية المحتلة بهدف تصفية الثورة بوحشية. اتسع نطاق المطالبة في دعم الثورة نحو توسيع الفرص للتطوع والتدريب للمتطوعين وتسهيل انتقال المجاهدين من والى الجزائر عبر الاراضي والمياه الاقليمية العربية.
    جاءت اخبار اعتقال المجاهدة الجزائرية جميلة بوحيرد يوم 26/4/1957 ومن ثم تناقلت الجماهير اخبار التعذيب الذي لاقته مع اخوانها المجاهدين في السجون الفرنسية ومن ثم صدور قرار السلطات الفرنسية القاضي باعدامها كان يوم 15/7/1957 لتصبح بمثابة اللهب الذي لم يخبو او ينطفأ في الشارع العراقي الذي وجد في الجميلات الجزائريات رموزا لعزة وشموخ المرأة الجزائرية وشعبها المكافح والذي اشعل الغضب في النفوس ودعى الجماهير الى التحريض على ضرب المصالح الفرنسية في كل مكان لوقف تنفيذ حكم الاعدام للمجاهدة الباسلة.(9).
    اجمعت القوى الوطنية العراقية في مطالبها السياسية على تأميم حصة فرنسا في نفط العراق وتخصيص نسبة من ارباح هذه الحصة لصالح حكومة الجزائر المؤقتة والتنفيذ الفوري لمطالب حكومة الجزائر المؤقتة لدعم الثوار الجزائريين وتثبيتا للمقاطعة الشاملة، السياسية والاقتصادية للشركات الفرنسية.... الخ، من المطالب التي اصبحت مطالب ضاغطة على جميع الهيئات الحزبية والبرلمانية والحكومة في العراق ومنها الى بلدان الوطن العربي. كما اتسعت حركة المطالبة الى زيادة حصص الحكومات العربية في ميزانية حكومة الجزائر المؤقتة، اضافة الى زيادة وتنويع الفعاليات الشعبية من اجل جمع التبرعات العينية والنقدية للثورة الجزائرية.
    كانت فرصة وصول فريق منتخب جبهة التحرير الوطني الجزائرية، واجرائه لثلاث مباريات في العراق مناسبة عظيمة عبرت من خلالها الجماهير العراقية عن مدى تعلقها بالثورة الجزائرية واستعدادها لتقديم كل جهد مالي ومعنوي لنصرة الثورة الجزائرية الظافرة. بعد كل مباراة اجراها الفريق الجزائري ببغداد كان حشد المواطنين الذين لم تستوعبهم مدرجات ملعب الادارة المحلية وملعب الكشافة يتحول الى تظاهرات جماهيرية صاخبة تطوف شوارع بغداد، حاملة الاعلام الجزائرية واللاعبين الجزائريين و تطالب بمضاعفة الدعم المالي والعسكري للثورة، وتطالب بفتح ابواب التطوع للتوجه الى الجهاد لتحرير الجزائر. لم يجد العراقيون اية فرصة او اية وسيلة الا وقدموها عربون محبة وتضامن لممثلي الثورة ببغداد، ويكفي ان الجمهور حمل اللاعبين الجزائريين على الاكتاف وهتفوا للفريق الجزائري في الشوارع والملاعب، وذهب بهم الحماس نحو التعبير بمحبة وصدق والدعاء من اجل ان يفوز الفريق الجزائري على الفرق العراقية وكي تبقى شباكه نظيفة. وفي المقابل كان الفريق الجزائري مجاهدا حقا في سلوكه ولعبه وحميميته مع جمهوره في العراق. لقد لعب وهو يمثل ثورة عظيمة، كان رائعا في ادائه الرياضي، صادقا في مشاعره المتبادلة مع شعب العراق وجمهوره الرياضي الذي بادله العواطف الجياشة بأن علق اعلام الجزائرعلى كل شرفة وعلى كل بيت . كان العراق من اقصاه الى اقصاه سعيدا وهو يرى فريق منتخب جبهة التحرير الوطني الجزائرية. لعب الفريق وفاز بكل مبارياته ولمس عمق العواطف الجياشة تجاه الجزائر واهلها في وجدان العراقيين داخل الملعب وخارجه واكتشف من خلال زيارة بغداد شعبا عربيا لم يجد قضية له ا نبل واهم من الثورة الجزائرية وانتصارها. (10).
    في هذه الاجواء كانت لجنة الضباط الأحرار في الجيش العراقي وبدعم من القوى الوطنية يضعون اللمسات الاخيرة لتفجير ثورة 14 جويليه/تموز1958. بعدها بيومين فقط 16/7/1958 كان العراق مرة اخرى في طليعة 24 دولة من الكتلة الافريقية الاسيوية يطالب بادراج القضية الجزائرية على الامم المتحدة.(11).
    يبدو ان عدد المجاهد 27 الصادر في 22/7/1958 لم يلحقه الوقت للتنويه عن خبر انتصار ثورة 14 جويليه/تموز 1958 ، لكن صدور العدد 28 التالي من المجاهد في 28/8/1958 قد حمل صورا لقادة ثورة 14جويليه/تموز1958 منهم صورة الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء، قائد الثورة، ونائبه العقيد عبد السلام عارف. ففي الصفحة 7 من العدد 28 من المجاهد نشر مقال الاستاذ ابراهيم كبة، وزير اقتصاد أول حكومة للجمهورية العراقية، بعنوان " اضواء عراقية على ثورة الجزائر" وهو فقرات وملخص لكتاب سبق ان اصدره وزير الاقتصاد العراقي الاستاذ ابراهيم كبة في عام 1956 بعنوان: [اضواء على الثورة الجزائرية] . وصفت المجاهد كتاب ابراهيم كبة: (انه فهم الثورة الجزائرية فهما علميا ثوريا لم يدركه بعد، مع الاسف، كثير من رجال الحاضر). والمقال شكل وثيقة عراقية هامة ومبكرة ادركت عظمة الثورة الجزائرية وتوقعت دورها اللاحق وتأثيرها على مسار حركة التحرر العربي والعالمي وتأثيرها على قضايا تصفية الاستعمار وقدم المقال ملخصا لتفاصيل الحقائق والمعاني للوجه الناصع للثورة الجزائرية الذي عبر عنه الكتاب الذي وضع فيه ابراهيم كبة التصورات المستقبلية للثورة الجزائرية وبدقة عالية، بشرت بانتصارها الحتمي وتأثيرها اللاحق في سياسة المشرق العربي وتعرية كل اشكال الاستعمار.
    لقد انعكس موقف المثقفين العراقيين تجاه ثورة نوفمبر من خلال كتاب الاستاذ ابراهيم كبة [اضواء على الثورة الجزائرية ]، اضافة الى مئات المقالات والبيانات والدواوين والاعمال الابداعية الاخرى. وكان وجود مثل هذا الوزير على رأس وزارة الاقتصاد لحكومة الثورة بمثابة ترجمة لدفع طموحات الجماهير في عهد النظام الثوري الجديد في العراق ووضع المطالب الشعبية العراقية تجاه الثورة الجزائرية موضع التنفيذ بعد سقوط العهد الملكي المرتبط بالادارة الاستعمارية البريطانية وحليفتها فرنسا.
    وفي اول فرصة سانحة لحكومة ثورة تموز بعد انتصارها استغل وزير خارجية العراق عبد الجبار الجومرد فرصة زيارته لتونس ليلتقي بوفد من جبهة التحرير الوطني الجزائرية مؤكدا حرص الجمهورية العراقية على توطيد علاقتها مع الثورة الجزائرية ووجه حينها " رسالة الى المجاهدين الجزائريين الابطال والى الشعب الجزائري المكافح"، جاء فيها :
    ( ان الجمهورية العراقية، شعبا وحكومة، تتعاطف مع قضية الجزائر المجاهدة، تعاطفها مع أعز أمانيها القومية، وتعمل مع العاملين لدعم هذه الحركة المقدسة في سبيل استقلال هذا البلد العربي المسلم. ولن تتوانى قطعا عن تقديم العون المادي والادبي لدعم حق الجزائر المشروع.) ويضيف Sad ... ان جهاد الجزائر المقدس سيبلغ اهدافه في أقرب وقت، وسينال هذا الوطن العربي حقه السليب لتعود الحرية الى ربوعه ويسود السلام في أرضه.)(12).
    كان انتصار ثورة 14 تموز1958 قد قدم زخما كبيرا للثورة الجزائرية لا على المستوى السياسي العربي والعالمي؛ بل ساهم العراق من خلال حضوره الدولي الفاعل ان يعرف بالقضية الجزائرية ويكسب لها الكثير من الاصدقاء. وقد عكست وسائل اعلام الثورة الجزائرية وخاصة صحيفة المجاهد ذلك بان نقلت اعدادها اخبار الثورة العراقية ومساهمات العراق السياسية والعسكرية والمادية لدعم الثورة الجزائرية، ونقلت صداها الطيب الى الثوار الجزائريين والى الشعب الجزائري، خاصة اخبار قطع العلاقات الاقتصادية والتجارية مع فرنسا والعمل على تكريس عزلة فرنسا الدولية وكشف جرائمها الدموية بحق الشعب الجزائري.
    وعندما اعلنت حكومة الجمهورية الجزائرية اول تصريح لها عن نهجها السياسي في 19/9/1958 سارعت حكومة الجمهورية العراقية الفتية التي كانت تنتظر الاعتراف الفرنسي بها، فتتجاهل كل ذلك وتعلن الاعتراف بالحكومة الجزائرية . كان العراق بقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم أول دولة في العالم تعلن اعترافها بالحكومة الجزائرية، فتسارع بارسال اول برقية تهنئة الى الحكومة المؤقتة من بين القائمة الاولى (13 بلدا) التي اعترفت بحكومة الثورة الجزائرية في ساعات اعلانها الاولى. (13).
    وفي يوم 13/11/1958 أعلنت حكومة الثورة في العراق انتصارها للجزائر المجاهدة المعبر عنه بقطع العراق لعلاقاته الاقتصادية مع فرنسا. وقد نقلت صحيفة المجاهد في عددها 33 الصادر في 8/12/1958 هذا الخبر للشعب الجزائري في ص6 مع صورة لقائد الثورة العراقية الزعيم عبد الكريم قاسم بالصيغة التالية :
    ( نقلت وكالات الانباء في يوم 13/11/1958 ان حكومة العراق وفي اطار التأييد والمؤازرة اللتين تحيط بهما قضية الجزائر قد قررت وقف كل نشاط اقتصادي وتجاري للفرنسيين في العراق، وطلبت من الموردين والشركات الخاصة التي تعمل لحساب الدولة العراقية أن تمتنع عن ابرام اية عقود جديدة مع الشركات الفرنسية.).
    وأضافت المجاهد : (... وعلمنا ان الشركات الفرنسية كانت فيما مضى تعتبر العراق فريسة شهية تدر عليها الربح الوفير على حساب الشعب. وان 70% من المشاريع العراقية الكبرى، مثل تعبيد الطرق واقامة الجسور والسدود والمنشئات العامة والمصانع كانت تنفذ على يد شركات فرنسية، تجني من وراء هذه العمليات اموالا طائلة تحولها الى رصاص يوجه نحو صدور الجزائريين. وإذا علمنا ذلك أدركنا مدى الصدمة العنيفة التي تركها هذا القرار في الدوائر الاقتصادية الفرنسية التي لم تخف حيرتها وقلقها من جراء هذه الخطوة وما سيتبعها من خطوات في هذا الميدان). كما التزم العراق بدفع حصته من المساعدات المالية المقررة للحكومة الجزائرية، واعدا في اعادة النظر في رفعها، ضمن قرار الجامعة العربية بتخصيص 12 مليار فرنك للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية.
    لقد وصف قرار حكومة الزعيم عبد الكريم قاسم بأنه من أجرأ الخطوات لمعاقبة فرنسا ردا على جرائمها بحق الشعب الجزائري الشقيق.
    وفي اقرب فرصة سنحت لتنسيق الجهود بين الحكومتين الثوريتين الفتيتين في العراق والجزائر زار الوفد الوزاري العراقي برئاسة السيد خالد النقشبندي، عضو مجلس السيادة للجمهورية العراقية" اعلى سلطة دستورية في العراق"، مقر الحكومة الجزائرية بالقاهرة واجتمع برئيس الحكومة الجزائرية المؤقتة المرحوم فرحات عباس وعدد من وزراء الثورة الجزائرية، منهم وزراء الشؤون الثقافية وشمال افريقيا والشؤون المالية والاجتماعية والاقتصاد. وعلى مدى ساعة ونصف من المداولات، تم الاتفاق على تقديم العراق لكل الامكانيات المتاحة لمساعدة الثورة الجزائرية.(14).
    شهدت تلك الفترة ارتفاعا في قبول اعداد من الطلبة الجزائريين في الكليات العسكرية والمدنية وبمنح محترمة، حتى بلغ عدد الطلبة الدارسين في جامعة بغداد وحدها 65 طالبا في مختلف التخصصات ، اضافة الى قبول المئات من خريجي الدورات الخاصة والمعاهد العسكرية. (15).
    كان العراق اول بلد عربي قبل الطلبة الجزائريين في الكليات العسكرية العراقية.
    المعروف ان العلاقات الدبلوماسية والسياسية بين العراق وفرنسا قد قطعت منذ أواخر الحكم الملكي البائد، منذ العدوان الثلاثي على مصر 1956، وظلت على حالها بفضل الضغط الشعبي، وبعد اقل من ثلاثة اشهر فقط من ثورة 14 جويليه/تموز 1958 تحرك العراق شعبيا ورسميا مرة اخرى بفعل المناخ الثوري بكل ارادته وطاقاته نحو التعبير بشكل اكثر ملموسية في نصرة الشعب الجزائري ، وعلى كافة الاصعدة المتاحة له، ولترجمة هذا التضامن ومضاعفته في العهد الجمهوري الجديد.
    و تنديدا بالعدوان المستمر الذي شنته فرنسا الاستعمارية ضد الشعب الجزائري.، بادرت حكومة العراق الى قطع العلاقات الاقتصادية والتجارية مع فرنسا اعتبارا من 13 نوفمبر/تشرين الثاني 1958، الامر الذي ألحق أضرارا جسيمة بفرنسا. كما ان العراق دعى بقية الاقطار العربية ان تحذو حذوه. بتقدمه رسميا بطلب الى المجلس الاقتصادي العربي في القاهرة بمشروع قرار يقضي بمقاطعة فرنسا اقتصاديا تعبيرا عن دعم العرب للثورة الجزائرية، لكن المجلس أجل النظر في الطلب واحاله الى لجنة معينة.
    ان العراق التزم بالقرار الذي تقدم به الى الدول العربية، وقاطع فرنسا تجاريا واقتصاديا رغم فشل المشروع عربيا، بسبب عدم تأييد اغلبية الدول العربية الاعضاء في المجلس المذكور. (16).
    الغريب ان العراق بقراره هذا بمقاطعة فرنسا وتكريسه فعلا القطيعة السياسية والاقتصادية مع فرنسا قد واجه حملة اعلامية عربية شرسة من قبل بعض الصحف العربية، والمصرية خاصة، مما اضطر الزعيم عبد الكريم قاسم ان يرد بنفسه على تلك الحملات الصحفية خلال حفل التخرج لدورة ضباط الاحتياط الثالثة عشر بالقول:
    (من الغريب ان اصحاب الصحف المأجورة في الدول المجاورة قد تهجمت علينا... اننا قوم لا نحتاج الى دعاية ... ومن دواعي سروري ان تكون الجمهورية العراقية اول دولة اعترفت بحكومة الجزائر. ومن دواعي سروري ايضا ان يكون العراق اول دولة خصصت في الميزانية مليوني دينار لدعم حكومة الجزائر تدفع سنويا اضافة الى الاسلحة... انني ابشركم بان الاسلحة التي خصصت للجزائر كانت بدرجة كافية. وقد خصصنا اسلحة اخرى، وسوف نخصص اسلحة اخرى ايضا حتى تتحرر الجزائر ...سوف ندعمها بكل ما اوتينا من قوة، فهذه معاهدنا ومدارسنا العسكرية ومعاهد العلم الاخرى مفتوحة ابوابها امام الجزائريين) . (17) .
    وبالمقابل فقد ظلت فرنسا تنتظر وتراقب هذا الموقف العراقي وتراقب مسار ومصير الثورة العراقية الفتية والوضع الثوري الجديد والتغيرات في العراق بقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم قائد ثورة 14 جويليه/تموز 1958، خصوصا من زاوية مصالحها الاستعمارية، ومن زاوية متابعة قضية الثورة الجزائرية وتحالفاتها في الوطن العربي؛ لذا عملت على تأخير إعلان اعترافها بالنظام السياسي الجديد في العراق وبحكومة الزعيم عبد الكريم قاسم الى وقت متأخر.
    ولم تعترف فرنسا بالنظام الجمهوري الجديد القائم في العراق الذي جاء اثر ثورة 14 جويليه/تموز 1958 طالما ان موقف النظام السياسي الجديد في العراق لم يتغير تجاه الثورة الجزائرية فحسب؛ بل اصبح، وخلال فترة وجيزة في مقدمة البلدان العربية الداعمة للجزائر من خلال دعوة العراق للدول العربية، لا لمقاطعة فرنسا اقتصاديا فحسب؛ بل سياسيا ودبلوماسيا وفي جميع المحافل الدولية، والدعوة الى تقديم كل المساعدات الضرورية للثورة الجزائرية من مال وسلاح وتدريب وفتح المدارس والكليات العسكرية والجامعات العراقية لقبول الطلبة الجزائريين والتكفل بهم احسن تكفل.
    وفعلا تم قبول عدد من الطلبة الجزائريين في الكليات والمعاهد العراقية وخصصت الاذاعة العراقية برنامجا يوميا خاصا يعده ويذيعه مكتب الاستعلامات للجمهورية الجزائرية ببغداد. وخشية ان يتطور الموقف القاسمي والعراقي من الثورة الجزائرية الى ظاهرة عربية لجأ الفرنسيون الى تجريب طريقة اخرى للتعامل مع حكومة عبد الكريم قاسم بالتلويح بامكانية الاعتراف بحكومة العراق، لذا طلبت السلطات الفرنسية من خلال السفارة العراقية بانقرة اجراء مباحثات مع الجانب العراقي لاجل اعلان اعترافها بحكومة العراق واعادة العلاقات الدبلوماسية مع العراق.
    كان رد العراق : ان مسألة الاعتراف بحكومة الجمهورية العراقية شأن فرنسي يعود الى الحكومة الفرنسية نفسها، ولا يتوقف على شرط إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. واضاف الرد العراقي: ان قد تكون هذه الفرصة ، أي اعادة العلاقات الدبلوماسية أكثر ملائمة بعد الاعتراف الفرنسي بحكومة العراق الجمهورية الجديدة.
    وفي 7 فيفري/ شباط 1959 اعادت الخارجية الفرنسية الاتصال بالعراق مشيرة ان تصريح الناطق باسم الخارجية الفرنسية هو بمثابة اعتراف" ضمني" بالعراق. وكان رد العراق: انه لا يطمأن الى حسن نيات فرنسا، ما دامت تسير في سياستها الحاضرة، فيما يخص اعمالها الحربية في معالجة القضية الجزائرية واندفاعها الشديد في مؤازرة اسرائيل في عدوانها ضد البلدان العربية والحماس الذي تظهره الاوساط الفرنسية لخطب ود اسرائيل ومدها بالمساعدات الاقتصادية والعسكرية ودعمها في السياسة الدولية . (18).
    واصل العراق دعمه المادي والمعنوي للجزائر. ومن دون انتظار قرر مجلس الوزراء بتاريخ 18 فيفري/شباط / "1959 اهداء اسلحة واعتدة الى جيش التحرير الجزائري منها 124 بندقية وسبع قاذفات واعتدة مختلفة قيمتها (32291) دينارا و (696) فلسا" .
    وفي الثاني من مارس/أذار 1959: أعلن الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة العراقية في خطاب له جاء فيه ما يلي:
    (... من دواعي سروري ان تكون الجمهورية العراقية اول دولة خصصت مليوني دينار في الميزانية لدعم حكومة الجزائر، تدفع اليها سنويا. ولا شك في ان هذه المبالغ تضاف الى الاسلحة ، وتضاف الى الاخلاص والجهود التي يكنها العراق لحكومة الجزائر وأهلها وشعبها...).
    ويضيف الزعيم عبد الكريم قاسم في ذات الخطاب: ...( مطالبا الدول العربية بمقاطعة فرنسا الاستعمارية سياسيا واقتصاديا) وقوله : ( ... لقد فاتحنا اخواننا العرب وقلنا لهم ان فرنسا الباغية اعتدت على حقوقنا، واعني بها حقوق الجزائر، فحقهم هو حقنا، اعتدت عليهم وشردتهم وما زالت تكافحهم، وما زالوا في حالة حرب معها. فما بالكم ايها الاخوة لا تقطعون العلاقات السياسية والاقتصادية معها ؟ وهذه هي السبيل الوحيد لاضعافها واعطائها درسا بعدم استمرارها على العدوان على شعب الجزائر؟ .). ويضيف معبرا بألم في ذات الكلمة من : ...( خشية العراق من تردد مواقف بعض الدول العربية في توحيد موقفها من مقاطعة فرنسا)، و بتأكيده القول: ( ... لم نتمكن من الحصول على جواب مقنع، فخفنا على تفرقة الصفوف، لذا اخبرت المسؤولين ان لا يثيروا هذا الامر، وعملنا بمفردنا. صحيح اننا لم نقطع العلاقات الاقتصادية بصورة رسمية، لكننا منعنا كل استيراد من فرنسا).(19).
    كان انعقاد مؤتمر انصار السلام الموسع ببغداد بحضور شخصيات عراقية ودولية هامة في الفترة بين(17-20) أفريل/نيسان1959 فرصة للتعبير عن الدعم المطلق للثورة الجزائرية واسناد حركات التحرر ورفض الحروب والاستعمار والعدوان. وكانت المؤتمر فرصة للتعبير عن التضامن مع الشعب الجزائري، شاركت بها القوى الديمقراطية واليسارية العراقية. كما كانت فرصة لدعوة الرأي العالمى للتضامن مع الشعب الجزائري وثورته من خلال مسيرة شعبية بلغ عدد المشاركين فيها قرابة 100 ألف متظاهر جابت شوارع بغداد. (20).
    ان تطور الموقف العراقي الداعم للثورة الجزائرية تتوج بدعوة وزيارة وفد من الحكومة الجزائرية المؤقتة الى بغداد يوم 21 أفريل/نيسان 1959 برئاسة فرحات عباس رئيس الحكومة الجزائرية المؤقتة وعضوية كل من كريم بلقاسم نائب الرئيس والدكتور احمد فرنسيس وزير المالية والاقتصاد واحمد توفيق المدني وزير الثقافة. كان الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء على رأس المستقبلين في مطار بغداد. استقبل الوفد الجزائري استقبال الابطال. كانت الجماهير العراقية تهتف: " الموت لديغول عدو الحرية".و " عاشت الجزائر حرة عربية مستقلة". و " وفد الجزائر اهلا بيك ...شعب العراق يحييك".
    كانت اقامة الوفد الجزائري ببغداد لمدة اسبوع رحب به الشعب العراقي في تظاهرات حافلة لا يمكن ان تمحى من ذاكرة العراقيين على مدى الاجيال.(21).
    وخلال محادثات الوفد والزيارة بدأ الجانب العراقي بتنفيذ ما وعد به من تقديم المساعدات، فسلم القسط الاول من المساعدة المالية المقررة للثورة الجزائرية من ميزانية الدولة العراقية (2 مليون دينار عراقي سنويا) وسلم مبلغا قدره 750 ألأف دينار عراقي للوفد الجزائري. عبر فرحات عباس بكلمة مؤثرة عن نضال الشعب الجزائري وعن شكره للعراق. وجاء في كلمته: ( ... ان حكومة العراق أدت واجبها تجاه الجزائر كاملا، واذا كانت الامبريالية الفرنسية لها حلفائها فنحن لنا حلفاؤنا واخوتنا) .وأكد فرحات عباس: (... ان زيارته للعراق تعتبر نصرا كبيرا للقضية الجزائرية). (22).
    كما عكس البيان الذي اصدره الوفد الجزائري عند مغادرته بغداد امتنان الوفد الجزائري لما لاقاه من ترحيب شعبي وحكومي، يقف في مقدمته اللواء الركن عبد الكريم قاسم والحكومة العراقية. كما عبر البيان المشترك بين الحكومتين العراقية والجزائرية عن عمق اواصر التضامن بين الشعبين الشقيقين. وفي هذه المناسبة ايضا أعرب الزعيم عبد الكريم قاسم: عن ايمانه القوي بما لهذه المرحلة التاريخية من اهمية كبرى في تقرير مصير الجزائر، وعن عقيدته بان حرب الجزائر هي حرب العراق وشعبه والشعوب العربية المناضلة، وابدى استعداد العراق شعبا وحكومة لمساعدة الشعب الجزائري وتدعيم نضاله النبيل بالمال والسلاح، وفي المجالات الدولية بكل ما استطاع اليه سبيلا...). (23).
    في هذا المناخ السياسي الذي اعقب بعد ثورة 14 تموز كان الزخم الجماهيري عارما ومن دون حدود في دعم الثورة الجزائرية، ترجمته شعارات وفعاليات جميع القوى الوطنية العراقية بكل اتجاهاتها وفصائلها وأحزابها السياسية. طالبت الحكومة العراقية بتأميم حصة فرنسا في شركة نفط العراق. لقد اقدم العراق خلال فترة حكم الزعيم عبد الكريم قاسم على انجاز اول تأميم للثروة الوطنية العراقية من خلال تأميم حصة فرنسا الاستعمارية في نفط العراق دعما للثورة الجزائرية، وفعلا اعلن الزعيم عبد الكريم قاسم يوم 24 مارس/ أذار في مؤتمر صحفي عن "امكانية تأميم الحصة الفرنسية في شركة نفط العراق". وفي نفس السياق اعلن الزعيم عبد الكريم قاسم عن احتمال قيام الحكوم
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 2093
    تاريخ التسجيل : 01/03/2010
    الموقع : hmsain.ahlamontada.com

    دور ثورة 14 تموز 1958 في دعم ثورة الجزائر وانتصارها Empty دور ثورة 14 تموز 1958 في دعم ثورة الجزائر وانتصارها تابع

    مُساهمة  Admin السبت 11 يونيو 2011 - 21:24


    آثرت ان أقدم هذا المختصر المكثف عن دراسة لي قدمتها هنا في الجزائر وحاضرت بها في مناسبات تاريخية عدة، مُذكرا بها بدور العراق الكبير في اسناد ونُضرة ثورة الجزائر(1954-1962). واعرض هنا مختصرا من تلك الدراسة على موقع الكادر حصريا وبخمس حلقات، مستبقا بها نشر كتابي الموسوم [ الثورة الجزائرية بين عهدين في العراق(1954-1963)]، وهو كتاب " تحت الطبع" ، والكتاب ثمرة جهد طويل دام اكثر من 20 سنة ، وما دونته به حصيلة بحث أرشيفي واسع ، إضافة الى جملة من الحوارات العديدة مع بعض قادة الثورة الجزائرية ومجاهديها وشهودها الاحياء ممن كانوا على اطلاع وتماس مع الجهد العراقي وممن مثلوا الثورة الجزائرية في العراق أو من بعثة الثورة الجزائرية من مدنيين وعسكريين درسوا في العراق . حاولت فيه رصد جملة من الحقائق المغيبة عن الجمهور الجزائري والعراقي أيضا. حقائق قد لا تطلع عليها الاجيال التي لم تعش ذلك الحدث الثوري الكبير في العراق والجزائر معا.
    ويقيني الجازم ان الثورة الجزائرية لم تجد دعما فعليا وحقيقيا وكبيرا كما جاء من شعب العراق وقواه الوطنية وحتى حكوماته الملكية منها والجمهورية. إن دور العراق التاريخي في دعم الثورة الجزائرية ونصرتها والوقوف معها لازال يحتاج الكثير من الجهد والبحث واستنطاق الوثائق والذاكرة التاريخية. واذا كان الكتاب قد سجل مواقف مشرفة لجميع القوى والشخصيات والاحزاب الوطنية العراقية، وسيُعرف بأنشطتها وأدوارها المشرفة في دعم ونصرة الثورة الجزائرية سواء في العهد الملكي، انطلاقا من تاريخ تفجير ثورة نوفمبر 1954 في الجزائر الى تفجر ثورة 14 تموز 1958 في العراق.
    وقد عرفت الفترة الجمهورية من البحث (1958-1963) تصاعدا في الدعم العراقي للثورة الجزائرية بعد أن تحرر العراق. وموقف العراق قل مثيله في العطاء والتضحية والنخوة تجاه الثورة الجزائرية. كثير من العراقيين التي قادتهم الظروف للعمل او الاقامة او زيارة الجزائر من جيلي سمعوا الكثير من الترحاب والاشادة والامتنان الذي ابداه المجاهدون وسائر ابناء الشعب الجزائري عن دور العراق في نصرة ثورة الاوراس. وظل هذا الامتنان مُعبر عنه في وقوف الجزائريين مع العراقيين في كل المحن التي ألمت بالعراق. وقد لمسنا الدعم المقابل للجزائريين تجاه القضية العراقية متجسدا بنبل وبمشاعر من الصعب وصفها وتدوينها بمجلدات، خاصة بعد العدوان الثلاثيني على العراق1991 ، و في سنوات الحصار على العراق (1991-2003)، حتى يمكن القول دون مبالغة ان أي رغيف خبز وصل الى العراق كان على طبعته ومذاقه ومرارته قمح من الجزائر ومعه دعاء الامهات بنصر العراق وأهله.
    هذا الموقف الثابت لا نرى فيه مجرد رد دين بدين؛ إنما يُجسد خصال الاخوة الحقيقية التي تربط الجزائريين بالعراقيين؛ وخاصة خلال هذه الفترة العصيبة التي يمر بها شعبنا في العراق. وفي فترة أعاد الزمن دورة التاريخ معكوسة؛ فالعراق محتل ومقاوم وثائر، والجزائر محررة وتنتظر هذا النصر العراقي أنطلاقا من وعيها بحتمية انتصار الثورة والمقاومة الوطنية، ولا زال موقف الجزائر الرسمي والشعبي متميزا من القضية العراقية ونضال الشعب العراقي وجهاده من اجل التحرير.
    ان المقالة والكتاب قبلها هذه جاءت نتيجة تساؤل ودهشة عاشها الكثير من العراقيين مثلي عندما وصلوا الى الجزائر. كانت المخيلة عندنا، وما تداوله الناس في العراق، إننا سوف نجد في الجزائر تمثالا للزعيم الخالد عبد الكريم قاسم ؟ أو نجد عنوانا لمدرسة او مؤسسة أو شارع باسمه. ولكن كل هذا لم نراه مما أثار دهشتنا واستغرابنا.
    وعندما حاورنا المجاهدين وبعض القادة عن قرب وبحميمية الذكريات عندهم وامتنانهم لدور العراق الكبير للجزائر، إعترف الكثير منهم بالتقصير، وخاصة بحق الرجل الوطني العراقي الغيور عبد الكريم قاسم الذي تفانى في نصرة الجزائر وسجل سطورا من ذهب وكان سباقا في دعم الثورة الجزائرية وقادتها. وكان التبرير عن التقصير بحقه عند الاعتذار قد يكون عند البعض منا غير مفهوم أو غير مقبول لأن صورة الجنرال قاسم" كما يسميه المجاهدون" وهالته عند ذاكرة الثوار ظلت متوهجة. فلماذا النسيان له؟؟ . لقد كان سوء حظ الرجل قد لازمه فخلال فترة (1962-1965) صعد الى قيادة الحكم في الجزائر الرئيس أحمد بن بله، ولا يخفى على الجميع تأثر الرئيس أحمد بن بلة بالتوجهات الناصرية وميوله القومية وانحيازه لموقف مصر ضد قاسم.
    واذا كان العراق القاسمي قد سجل موقفا تاريخيا سبق به مصر كون العراق كان البلد الاول في العالم الذي اعترف بالحكومة الجزائرية المؤقتة، واعلن الموقف العراقي قبل ان تنتهي قراءة بيان اعلان حكومة الجزائر في القاهرة. لكن الاقدار سجلت ايضا أن الجزائر كانت في مقدمة الدول التي اعترفت بانقلاب 8 شباط في العراق تقربا من الموقف المصري، ولهذا تم تجاهل دور الزعيم عبد الكريم قاسم ونسيانه حتى طواه النسيان فلم ينصفه مؤرخوا الثورة الجزائرية حقه. ولهذا أحاول الاقتراب منه اليوم، كونه بطل من ابطال العراق، واضافة الى قيادته تفجير ثورة 14 تموز ووطنيته، فله دوره القومي أيضا في دعم ثورتي الجزائر وعمان وبعدها ثورة فلسطين.
    أهدي هذا الجهد المتواضع الى روح الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم، رغم الكثير من ملاحظاتي عن نهج التسلط والفردية والدكتاتورية التي اتسمت بها مرحلة حكمه في العراق، والتي هي محصلة صراع القوى الوطنية التي أسهمت في ثورة 14 تموز، ولا يتحمل الرجل وحده المسؤولية التاريخية التي انتهت بنا الى مصائب تلك الفترة، وما بعدها، والى ما نحن عليه الآن من تمزق وضياع واحتلال .

    من هو الزعيم عبد الكريم قاسم:
    ولد عبد الكريم قاسم في محلة المهدية في جانب الرصافة من بغداد في 21/11/1914 في حي من أحياء بغداد القديمة من عائلة فقيرة. ينحدر من أبوين عربيين. فابوه "قاسم" بن محمد بن بكر من قبيلة زبيد القحطانية وامه السيدة "كيفية" بنت حسن اليعقوبي من قبيلة بني تميم العدنانية. وهو أصغر اخوته حامد وعبد اللطيف وله شقيقتان.
    وفي السابعة من عمره انتقلت عائلته الى بلدة الصويرة التابعة للواء الكوت. حيث لم يستطع والده الاستمرار في مزاولة النجارة والتكفل بأعباء الاسرة.فساءت احوالهم المالية فحاول الاستعانة بأخيه علي بن محمد بن بكر الزبيدي الذي كان ضابطا في الجيش العثماني وكان يملك مزرعة يعيش منها، فاخذ والده قاسم يزاول الزراعة.
    دخل عبد الكريم قاسم المدرسة الابتدائية سنة 1924 حيث درس لفترة اربعة سنوات انتقل بعدها الى بغداد وواصل تعليمه مكملا فيها دراسته الابتدائية سنة 1927 ثم دخل الثانوية المركزية وحصل على شهادة الدراسة الاعدادية في الفرع الادبي. عمل في التعليم الابتدائي لمدة عام 1931/ 1932 ترك التعليم ليتوجه الى الالتحاق بالكلية العسكرية عام 1932 ويتخرج منها برتبة ملازم ثان في 15/4/1934. وفي عام 1940 دخل كلية الاركان وتخرج منها بامتياز وحصل على العديد من الدورات العسكرية ومنها دورة الضباط الاقدمين في انجلترا. حصل على رتبة زعيم ركن في2/5/1955 قاد ثورة 14 جويليه/تموز 1958 مع مجموعة من زملائه من لجنة الضباط الاحرار واصبح وزيرا للدفاع والقائد العام للقوات المسلحة ورئيسا للوزراء. ترقى الى رتبة لواء 1959 ومن ثم الى رتبة فريق ركن قبل مقتله اثر انقلاب عسكري في 8/2/1963(1) .
    عرف بتواضعه وتكتمه وانضباطه العسكري العالي . شارك في حرب فلسطين وخاض فيها معارك ضارية عرف فيها بشجاعته انتصر بها على الصهاينة في كفر قاسم وجنين. قاد ثورة 14 تموز وقضى على النظام الملكي وحرر العراق من الاحلاف الاستعمارية ودعى الى تحرير واسترجاع الثروة النفطية واعادة ضم الكويت الى العراق، كما دعم حركات التحرر الوطني والعالمي واتبع سياسة وطنية لبناء العراق بتوسيع التعليم وتوفيره لكل المواطنين وبناء المستشفيات واعادة بناء الجيش العراقي وتسليحه وادخال الصناعة وتوزيع الاراضي على الفلاحين والقيام بالاصلاح الزراعي، وكان من دعاة سياسة الحياد الايجابي بين الكتلة الشرقية والغربية.
    وقف مع الثورة الجزائرية والعمانية والفلسطينية بدعم لا محدود مع الثورة الجزائرية والثورة الفلسطينية
    العراق والثورة الجزائرية بين عهدين:
    مدخل عام:
    رغم ان كثيرا من مؤرخي الثورة الجزائرية يعطون وينصفون للعراق دورا داعما وهاما للثورة الجزائرية، لكن ذلك يبقى في اطار عام، وكحقيقة عامة قد تبدو معممة ومن غير تفاصيل منصفة للحكومات العراقية المتعاقبة خلال العهدين الملكي والجمهوري اثناء فترة اندلاع ثورة نوفمبر المباركة بين ( 1954-1962)، فترة انفجار الثورة الجزائرية المسلحة. فما بين العهدين الملكي ( سقط بثورة شعبية يوم 14 جويليه/تموز1958) وما بعده في العهد الجمهوري، خلال فترة حكم عبد الكريم قاسم، ثمة فرق كبير في الموقف العراقي من ثورة الجزائر،ولا يمكن المقارنة بينهما باي شكل من الاشكال. الا ان الثابت والمهم هنا في هذا المجال ان القوى الوطنية والشعبية العراقية بكل توجهاتها السياسية والايديولوجية اتسمت بثبات مواقفها من نضال العرب من اجل التحرر والاستقلال وظلت وفية لهذا الموقف سواء ازاء القضية الفلسطينية او في دعم الثورة الجزائرية والعمانية.
    منذ السنوات التي سبقت الاعلان عن ثورة نوفمبر 1954 ارتأت جمعية العلماء المسلمين ان توسع نشاطها التعليمي خارج معهد بن باديس في قسنطينة بارسال البعثات من طلبتها الى الخارج. زاد عدد الطلبة المرسلين من قبل الجمعية زيادة مطردة سنة 1954 الى مصر والكويت والعراق وسوريا اضافة الى تونس. كان العراق في مقدمة الدول العربية التي رحبت بالبعثات الجزائرية موفرا امكانية القبول للطلبة الجزائريين والتعليم والدراسة في المدارس والمعاهد والجامعات العراقية. نقرأ في البصائر العدد 283 السنة السابعة اسماء بعثة جمعية العلماء المسلمين الى العراق الذين قبلوا للدراسة في الكليات العراقية، وخاصة دار المعلمين العالية ببغداد في عدد من التخصصات ، منهم الطلبة مسعود محمد العباسي، المولود شرحبيل، رابح منصر، ابو العيد دودو، الزرق موساوي، بشير كلشا، عبد المجيد بوذراع، الجموع المشري، الاخضر بو الطمين، عبد العزيز خليفة، وعبد القادر قريصات.(2).
    منذ اللحظات الاولى لانطلاق ثورة الجزائر ربط العراقيون بين كفاحهم الوطني من اجل اسقاط العهد الملكي وطرد بريطانيا من العراق والنضال القومي من اجل تحرير فلسطين واستعادة الجزائر لاستقلالها، وعبروا بوضوح عن رفضهم للظلم الاستعماري اينما كان من وطننا العربي، لذلك احتلت القضية الجزائرية وثورتها صلب اهتمام النضال الوطني العراقي ، فالجماهير التي اكتوت بقمع السلطات الملكية المؤتمرة والمسيرة من قبل رجال الادارة الانجليزية وعملائها ربطت بين نضالها من اجل اسقاط الملكية واقامة النظام الجمهوري الديمقراطي في العراق مع واجباتها للوقوف مع الشعب الجزائري والفلسطيني.
    ووجدت جميع القوى الوطنية العراقية الممثلة في عدد من الاحزاب والمنظمات والنقابات والاتحادات في الثورة الجزائرية في فعالياتها في هذا المجال تعبيرا عن وجدانها وطموحها هي ايضا لطرد المحتل والاستعمار الممثل في نفوذ بريطانيا وحليفاتها فرنسا والولايات المتحدة من العراق ورفض التدخل الاجنبي في تسيير الدولة العراقية وفق اهواء ورغبات السياسة الاستعمارية البريطانية من خلف حكومات عراقية عميلة مرتبطة باكثر من صيغة واتفاقية مع الغرب الاستعماري ، مكبلة العراق بعدد من الاتفاقيات والمعاهدات السياسية والاقتصادية والعسكرية غير المتكافئة لصالح بريطانيا ومن خلفها الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا، من خلال انضمام العراق الى حلف المعاهدة المركزية " حلف بغداد"، ذلك الحلف الذي كانت تقوده الولايات المتحدة واستخدامه كحاجز دفاعي لنفوذها في جنوب غربي اسيا ضد النفوذ السوفيتي. ففي 14/10/1951 أصدرت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بيانا مشتركا حول قيادة الشرق الاوسط دعت فيه حكومات الدول العربية واسرائيل وجنوب افريقيا واستراليا ونيوزيلاند للاشتراك فيه على ان يكون مقر القيادة في مصر، وان تضع الدول المذكورة قواتها المسلحة وقواعدها العسكرية المختلفة وموانئها وطرق مواصلاتها تحت تصرف القائد العام للمنطقة.
    وفي 10/11/ 1951 اعلنت الدول الاستعمارية الثلاث مرة اخرى تصريحا توضيحيا حول المشروع: (ان الدفاع عن الشرق الاوسط أمر حيوي للعالم الحر ، وان تشكيل هذه القيادة من شأنه ان يجلب التقدم الاقتصادي والاجتماعي للمنطقة).(3).
    وقد قوبل هذا المشروع، " مشروع قيادة الشرق الاوسط" بمقاومة عنيفة من الشعب العربي في اقطاره المختلفة مشرقا ومغربا، لاسباب عدة من اهمها : أنه سيجعل من الوطن العربي مركزا للقوات الامريكية والفرنسية والبريطانية، والعمل على إشراك اسرائيل في القيادة، والاعتراف بها كواقع لا بد منه).
    وفي العراق تصاعد النضال الوطني الشعبي ضد المشاريع الاستعمارية والدعوة الى تشكيل جبهة وطنية ضد الاستعمار ومشاريعه، في حين ذهبت الحكومات الملكية العراقية في خدمة المصالح الاستعمارية، ووجدت في نوري السعيد الشخصية المحورية التي تحقق التنفيذ لمشاريع بريطانيا والغرب في العراق والمنطقة العربية.
    عُرف عن نوري سعيد دهائه السياسي وتكتمه على علاقاته السرية وولائه المطلق لبريطانيا والمخططات الاستعمارية وتلاعبه في المواقف الوطنية بمظهر المخلص لها، خاصة من القضيتين الفلسطينية والجزائرية. فمنذ ان ألف وزارته السعيدية الحادية عشر في 15/9/1950 كان يضع مصير العراق كلية بيد بريطانيا والغرب الاستعماري.
    في 5 جانفي/كانون الثاني1955، أي بعد شهرين من اندلاع الثورة الجزائرية الفت ممثل المملكة العربية السعودية في الامم المتحدة انظار الهيئة الدولية الى الحالة الخطيرة التي تسود الجزائر، غير ان الامم المتحدة انتهت دورتها في ذلك العام دون ان تلتفت الى الوضعية الجديدة التي تعيشها الجزائر. كانت فرنسا الاستعمارية تطرح المشكلة الجزائرية على انها قضية فرنسية داخلية، وانها لن تسمح لأي كان أن يتدخل فيها، لكن الكتلة الاسيوية الإفريقية، ومن بينها العراق اعادت طلبها مرة اخرى لمناقشة القضية الجزائرية في 26/7/1955 في الدورة التالية المقررة في اكتوبر من ذلك العام 1955. وتم قبول الطلب بأغلبية صوت واحد، أي 28 صوت مع و 27 صوتا ضد .
    كانت الدول الثمانية والعشرين الموافقة على تسجيل القضية الجزائرية في جدول اعمال تلك الدورة حسب الترتيب الابجدي الانجليزي هي افغانستان، الارجنتين، بوليفيا، برمانيا، كوستاريكا، تشيكوسلوفاكيا، مصر، اليونان، غوانتيمالا، الهند، اندونيسيا، العراق، ايران، لبنان، الباكستان، الفليبين، بولونيا، المملكة العربية السعودية، سوريا، روسيا، الاورغواي، اليمن، يوغسلافيا، ليبيريا، المكسيك ، وروسيا البيضاء"بيلوروسيا". كان قبول مناقشة القضية الجزائرية في الامم المتحدة اول هزيمة دبلوماسية وسياسية لحكومة فرنسا ، مما اضطر وزير الخارجية الفرنسية أن ينسحب من تلك الجلسة ويمتنع من المشاركة في مناقشة المسائل الاخرى. (4).
    ومع تصاعد كفاح الثوار الجزائريين تردد صدى نجاحات الثوار الجزائريين، وصارت حالة الغليان والسخط الشعبي في الجزائر والوطن العربي تنعكس على الشارع العراقي وحياة الناس، تتفاعل من خلالها القوى الوطنية في العراق وهي تربط نضالها الوطني لاسقاط الحكم الهاشمي في العراق الموالي لبريطانيا وصنيعتها مع النضال القومي المتمثل في تشكيل لجان المساندة مع الثورة الجزائرية ومتابعة الاحداث اليومية التي تصل اخبارها من الجزائر يوميا وبتعدد وتنوع الفعاليات السياسية في جميع مدن العراق من اقصاه الى اقصاه.
    تجلت في المظاهرات والاحتجاجات التي لم تتوقف على مدى سنوات الثورة الجزائرية، في ذروتها أثناء حركة الاحتجاج الواسعة والمظاهرات الشعبية العارمة التي شهدتها بغداد وكافة المدن العراقية إثر اختطاف السلطات الاستعمارية الفرنسية للطائرة التي كانت تحمل قادة الثورة الجزائرية الاربعة يوم 22/11/1956. كانت المظاهرات مناسبة ايضا للضغط على الحكومة العراقية والحكومات العربية من اجل العمل على ضمان سلامة وحياة الثوار الجزائريين المختطفين.
    أعلنت جميع البيانات ولوائح الاحتجاج عن تهديد لمصالح فرنسا في الوطن العربي، وطالبت بقطع العلاقات الدبلوماسية مع فرنسا. كما اخذت لوائح المطالب الجماهيرية والشعبية تطالب بالضغط على الحكومة العراقية من اجل عرض القضية الجزائرية على هيئة الامم المتحدة في مطلع عام 1957.
    كثيرا ماحاولت حكومة نوري السعيد ايجاد المبررات واطلاق الوعود لتحسين مساعدتها للثورة الجزائرية، كما هو الحال مع تصريح وزير المالية العراقية الذي أوردته صحيفة المجاهد: (صرح السيد نديم الباججي وزير المالية العراقي امام البرلمان بان الحكومة العراقية ستمنح مساعدة مادية للثورة الجزائرية أكثر مفعولا من تلك التي تمنحها حتى الان، متى تحسنت حالة الميزانية العراقية. من المعلوم ان الميزانية العراقية كانت تخصص للثورة الجزائرية مساعدة مالية قدرها 250.000 دينار عراقي، "أي 250 مليون من الفرنكات" ، لكن كثيرا من النواب كانوا يطالبون بزيادة ذلك المبلغ.... هذا وقد صرح وزير المالية العراقي ايضا ان حكومته تؤيد إحداث صندوق مشترك بين الدول العربية لمساعدة الشعب الجزائري على التغلب على الاستعمار الفرنسي.).(5).
    تابعت صحيفة المجاهد، لسان حال الثورة الجزائرية، أخبار ضغط الرأي العام العراقي على حكومته في خبر آخر نقلته أيضا في العدد 18 الصادر في 15/2/1958: (...مازالت حملة مقاطعة فرنسا اقتصاديا يتسع نطاقها في العراق الشقيق، فقد حملت الانباء أن نائبا اقترح على الحكومة العراقية اثناء مناقشة الميزانية ان تخصص مبلغا ماليا ضخما لإعانة الثورة الجزائرية ، وان تقطع علائقها الاقتصادية مع فرنسا). ونقلت المجاهد عن صحيفة لوموند الفرنسية : ( لقد اجابت حكومة المملكة العراقية على اقتراح النائب: انها مستعدة لتنفيذ المقاطعة اذا ما تقررت المقاطعة في البلدان العربية). وتنقل صحيفة المجاهد في نفس العدد، ماجاء من اتهام، نقل عن لسان مراسل لوموند من بغداد:
    (بان الحكومة تنصلت من جوهر الموضوع بهذا المبرر).
    لقد اشتد الضغط الشعبي محتجا من تماهل الحكومة العراقية "حكومة نوري السعيد" في تنفيذ المطالب الشعبية الطامحة نحو دعم الثورة الجزائرية بالمزيد من الدعم. وأجمعت بيانات القوى الوطنية العراقية فرادى وجماعات في اطار قوى "جبهة الاتحاد الوطني"، على رفض تلكم الحجج الواهية لحكومة نوري السعيد، خاصة عندما اعلنت اعتذارها عن تقديم المزيد من المساعدة للجزائر، متحججة باصابة الميزانية العراقية باضرار جرّاء انقطاع تصدير النفط الى موانئ البحر المتوسط بعد ان نسف الانبوب النفطي احتجاجا على العدوان الثلاثي، الفرنسي- البريطاني- الاسرائيلي على مصر عام 1956.
    واجهت القوى الوطنية العراقية مجتمعة بالاحتجاج والرفض سياسة حكومة نوري السعيد التي ادعت انها اضطرت الى عقد قرض مع شركات النفط لسد العجز في ميزانيتها، وهي محاولة لنوري السعيد اراد التنصل بها من التزام العراق لمساعدة الثورة الجزائرية، رغم ان للعراق ارصدة مالية معتبرة في البنوك البريطانية. أجبر الضغط الشعبي والشارع العراقي نوري السعيد، رئيس الحكومة، وعدد من اعضاء حكومته على الاعلان الصريح بدعم الثورة الجزائرية بكل الامكانيات، بما فيها السلاح. وفعلا ارسلت الشحنات من الاسلحة للثوار الجزائريين، لكن نوري السعيد حاول استغلال ظرف ارسال الاسلحة الى الثوار الجزائريين لاغراض تآمرية ضد نظام حكم جمال عبد الناصروالضلوع بمحاولات اغتياله، باستغلال رحلات الطائرات العراقية وهي في طريقها لارسال شحنات الاسلحة الى ثوار الجزائر، عندما كانت تهبط في نهاية مدرج مطار بيروت تقوم بالقاء عددا من صناديق الاسلحة. كان هناك من يقوم بنقلها الى سوريا من اجل استخدامها في عمليات تآمرية وانقلابية ضد حكومة الجمهورية العربية المتحدة . تلك العمليات كانت تتم باشراف العقيد الركن غازي الداغستاني، احد كبار قادة الجيش العراقي في العهد الملكي والذي حوكم على افعاله تلك وغيرها بعد انتصار ثورة 14جويليه/تموز 1958.(6).
    اكتشف العراقيون خيانة حكومة نوري السعيد وخداعها واستغلالها لمشاعر شعبها والوطنيين تجاه ثورة الجزائر، وظلت تناور في سياستها المضللة بدعوتها من جهة لمقاطعة فرنسا اقتصاديا، ومن جهة اخرى بقائها في عضوية حلف بغداد" حلف المعاهدة المركزية" ، الذي كان في الواقع عبارة عن واجهة من الواجهات الاستعمارية مسيرة بقيادة بريطانيا والولايات المتحدة، وهو امتداد للحلف الاطلسي، الذي كان من أهم ادوات العدوان على الشعب الجزائري وثورته، تجلى عدوانه في الميدان السياسي والعسكري ودعمه لحكومة فرنسا الاستعمارية في محاولاتها فرض الاحتلال والاستعمار على الشعب الجزائري.(7).
    لكن الاحداث لم تمهل حكومة المملكة العراقية للتخلص من الضغط الشعبي الكبير في العراق عليها، خصوصا عندما نقلت وكالات الانباء أخبار بشاعة المجزرة الدموية الناجمة عن الغارة الجوية في ساقية سيدي يوسف بتاريخ 8/2/1958 وما رافقها من رد فعل وغضب شعبي في العراق ليرتفع سقف المطالب الشعبية الى اعادة مناقشة موضوع مقاطعة فرنسا اقتصاديا ،حينها ارفق 34 نائبا في مجلس الامة اقتراحا للحكومة يقضي بتأميم الاسهم الفرنسية في شركة نفط العراق، اي مانسبته 23.75 % التي كانت تملكها فرنسا في استثمار البترول العراقي في شركة نفط العراق المساهمة مع بريطانيا والولايات المتحدة.
    وبانتظار ذلك استمر الضغط الشعبي بالموازاة مع تنظيم حملات التبرع للثوار الجزائريين ونجاح حملة مقاطعة البضائع الفرنسية في الاسواق العراقية. وقد نقل صورة هذا الاحتجاج العارم مراسل لوموند بقوله : ( بدأت هذه الميول تتجلى في تصرفات رجل الشارع العراقي، فالتجار الفرنسيون بالعراق يصطدمون الان بأنواع من الاهانات في قضاء شؤونهم لدى الادارات والمتاجر العراقية... وهكذا فان فكرة "المقاطعة" تواصل تقدمها الى ان تحين ساعة تقريرها؛ خاصة وان ممثلي الجبهة "أي جبهة التحرير الجزائرية،" يزداد نشاطهم كل يوم وتتكاثر زياراتهم الى السلطات العراقية). (Cool.
    واجهت سياسة حكومة نوري السعيد ضغط الشارع العراقي بالمناورة واستغلال الفرص للجم الاندفاع الشعبي وممثلي جبهة الاتحاد الوطني ونشاطهم في دعم الثورة الجزائرية، حتى واجهت استنكارا واسعا، لم تتوقعه، عندما اقدمت حكومة نوري السعيد على وقف برنامج الثورة الجزائرية الذي كانت تبثه الاذاعة العراقية مطلع عام 1958. كان استمرار الضغط الشعبي منظما عبر عن نفسه في كل مناسبة وخبر مرتبط بالثورة الجزائرية حتى تجاوز الكفاح الوطني العراقي مخططات نوري السعيد والسياسة البريطانية في العراق لتصبح القضية الجزائرية قضية كل فرد من افراد المجتمع العراقي عبر عنها في الالتزام الصارم في المظاهرات و الاحتفالات المقررة بيوم الجزائر.
    لقد تحدد " يوم الجزائر" في 30 مارس 1958. كان فرصة عربية وعالمية لترجمة التضامن مع الثورة الجزائرية بتخصيص يوما للمظاهرات والفعاليات الشعبية،وجمع التبرعات لمدى ثلاثة ايام متتالية،. سلطت المظاهرات المصاحبة لاحتفالات يوم الجزائر الضوء على استمرار القمع الاستعماري والتحشيد العسكري الفرنسي الكبير من الفرنسيين والمرتزقة على ارض الجزائر العربية المحتلة بهدف تصفية الثورة بوحشية. اتسع نطاق المطالبة في دعم الثورة نحو توسيع الفرص للتطوع والتدريب للمتطوعين وتسهيل انتقال المجاهدين من والى الجزائر عبر الاراضي والمياه الاقليمية العربية.
    جاءت اخبار اعتقال المجاهدة الجزائرية جميلة بوحيرد يوم 26/4/1957 ومن ثم تناقلت الجماهير اخبار التعذيب الذي لاقته مع اخوانها المجاهدين في السجون الفرنسية ومن ثم صدور قرار السلطات الفرنسية القاضي باعدامها كان يوم 15/7/1957 لتصبح بمثابة اللهب الذي لم يخبو او ينطفأ في الشارع العراقي الذي وجد في الجميلات الجزائريات رموزا لعزة وشموخ المرأة الجزائرية وشعبها المكافح والذي اشعل الغضب في النفوس ودعى الجماهير الى التحريض على ضرب المصالح الفرنسية في كل مكان لوقف تنفيذ حكم الاعدام للمجاهدة الباسلة.(9).
    اجمعت القوى الوطنية العراقية في مطالبها السياسية على تأميم حصة فرنسا في نفط العراق وتخصيص نسبة من ارباح هذه الحصة لصالح حكومة الجزائر المؤقتة والتنفيذ الفوري لمطالب حكومة الجزائر المؤقتة لدعم الثوار الجزائريين وتثبيتا للمقاطعة الشاملة، السياسية والاقتصادية للشركات الفرنسية.... الخ، من المطالب التي اصبحت مطالب ضاغطة على جميع الهيئات الحزبية والبرلمانية والحكومة في العراق ومنها الى بلدان الوطن العربي. كما اتسعت حركة المطالبة الى زيادة حصص الحكومات العربية في ميزانية حكومة الجزائر المؤقتة، اضافة الى زيادة وتنويع الفعاليات الشعبية من اجل جمع التبرعات العينية والنقدية للثورة الجزائرية.
    كانت فرصة وصول فريق منتخب جبهة التحرير الوطني الجزائرية، واجرائه لثلاث مباريات في العراق مناسبة عظيمة عبرت من خلالها الجماهير العراقية عن مدى تعلقها بالثورة الجزائرية واستعدادها لتقديم كل جهد مالي ومعنوي لنصرة الثورة الجزائرية الظافرة. بعد كل مباراة اجراها الفريق الجزائري ببغداد كان حشد المواطنين الذين لم تستوعبهم مدرجات ملعب الادارة المحلية وملعب الكشافة يتحول الى تظاهرات جماهيرية صاخبة تطوف شوارع بغداد، حاملة الاعلام الجزائرية واللاعبين الجزائريين و تطالب بمضاعفة الدعم المالي والعسكري للثورة، وتطالب بفتح ابواب التطوع للتوجه الى الجهاد لتحرير الجزائر. لم يجد العراقيون اية فرصة او اية وسيلة الا وقدموها عربون محبة وتضامن لممثلي الثورة ببغداد، ويكفي ان الجمهور حمل اللاعبين الجزائريين على الاكتاف وهتفوا للفريق الجزائري في الشوارع والملاعب، وذهب بهم الحماس نحو التعبير بمحبة وصدق والدعاء من اجل ان يفوز الفريق الجزائري على الفرق العراقية وكي تبقى شباكه نظيفة. وفي المقابل كان الفريق الجزائري مجاهدا حقا في سلوكه ولعبه وحميميته مع جمهوره في العراق. لقد لعب وهو يمثل ثورة عظيمة، كان رائعا في ادائه الرياضي، صادقا في مشاعره المتبادلة مع شعب العراق وجمهوره الرياضي الذي بادله العواطف الجياشة بأن علق اعلام الجزائرعلى كل شرفة وعلى كل بيت . كان العراق من اقصاه الى اقصاه سعيدا وهو يرى فريق منتخب جبهة التحرير الوطني الجزائرية. لعب الفريق وفاز بكل مبارياته ولمس عمق العواطف الجياشة تجاه الجزائر واهلها في وجدان العراقيين داخل الملعب وخارجه واكتشف من خلال زيارة بغداد شعبا عربيا لم يجد قضية له ا نبل واهم من الثورة الجزائرية وانتصارها. (10).
    في هذه الاجواء كانت لجنة الضباط الأحرار في الجيش العراقي وبدعم من القوى الوطنية يضعون اللمسات الاخيرة لتفجير ثورة 14 جويليه/تموز1958. بعدها بيومين فقط 16/7/1958 كان العراق مرة اخرى في طليعة 24 دولة من الكتلة الافريقية الاسيوية يطالب بادراج القضية الجزائرية على الامم المتحدة.(11).
    يبدو ان عدد المجاهد 27 الصادر في 22/7/1958 لم يلحقه الوقت للتنويه عن خبر انتصار ثورة 14 جويليه/تموز 1958 ، لكن صدور العدد 28 التالي من المجاهد في 28/8/1958 قد حمل صورا لقادة ثورة 14جويليه/تموز1958 منهم صورة الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء، قائد الثورة، ونائبه العقيد عبد السلام عارف. ففي الصفحة 7 من العدد 28 من المجاهد نشر مقال الاستاذ ابراهيم كبة، وزير اقتصاد أول حكومة للجمهورية العراقية، بعنوان " اضواء عراقية على ثورة الجزائر" وهو فقرات وملخص لكتاب سبق ان اصدره وزير الاقتصاد العراقي الاستاذ ابراهيم كبة في عام 1956 بعنوان: [اضواء على الثورة الجزائرية] . وصفت المجاهد كتاب ابراهيم كبة: (انه فهم الثورة الجزائرية فهما علميا ثوريا لم يدركه بعد، مع الاسف، كثير من رجال الحاضر). والمقال شكل وثيقة عراقية هامة ومبكرة ادركت عظمة الثورة الجزائرية وتوقعت دورها اللاحق وتأثيرها على مسار حركة التحرر العربي والعالمي وتأثيرها على قضايا تصفية الاستعمار وقدم المقال ملخصا لتفاصيل الحقائق والمعاني للوجه الناصع للثورة الجزائرية الذي عبر عنه الكتاب الذي وضع فيه ابراهيم كبة التصورات المستقبلية للثورة الجزائرية وبدقة عالية، بشرت بانتصارها الحتمي وتأثيرها اللاحق في سياسة المشرق العربي وتعرية كل اشكال الاستعمار.
    لقد انعكس موقف المثقفين العراقيين تجاه ثورة نوفمبر من خلال كتاب الاستاذ ابراهيم كبة [اضواء على الثورة الجزائرية ]، اضافة الى مئات المقالات والبيانات والدواوين والاعمال الابداعية الاخرى. وكان وجود مثل هذا الوزير على رأس وزارة الاقتصاد لحكومة الثورة بمثابة ترجمة لدفع طموحات الجماهير في عهد النظام الثوري الجديد في العراق ووضع المطالب الشعبية العراقية تجاه الثورة الجزائرية موضع التنفيذ بعد سقوط العهد الملكي المرتبط بالادارة الاستعمارية البريطانية وحليفتها فرنسا.
    وفي اول فرصة سانحة لحكومة ثورة تموز بعد انتصارها استغل وزير خارجية العراق عبد الجبار الجومرد فرصة زيارته لتونس ليلتقي بوفد من جبهة التحرير الوطني الجزائرية مؤكدا حرص الجمهورية العراقية على توطيد علاقتها مع الثورة الجزائرية ووجه حينها " رسالة الى المجاهدين الجزائريين الابطال والى الشعب الجزائري المكافح"، جاء فيها :
    ( ان الجمهورية العراقية، شعبا وحكومة، تتعاطف مع قضية الجزائر المجاهدة، تعاطفها مع أعز أمانيها القومية، وتعمل مع العاملين لدعم هذه الحركة المقدسة في سبيل استقلال هذا البلد العربي المسلم. ولن تتوانى قطعا عن تقديم العون المادي والادبي لدعم حق الجزائر المشروع.) ويضيف Sad ... ان جهاد الجزائر المقدس سيبلغ اهدافه في أقرب وقت، وسينال هذا الوطن العربي حقه السليب لتعود الحرية الى ربوعه ويسود السلام في أرضه.)(12).
    كان انتصار ثورة 14 تموز1958 قد قدم زخما كبيرا للثورة الجزائرية لا على المستوى السياسي العربي والعالمي؛ بل ساهم العراق من خلال حضوره الدولي الفاعل ان يعرف بالقضية الجزائرية ويكسب لها الكثير من الاصدقاء. وقد عكست وسائل اعلام الثورة الجزائرية وخاصة صحيفة المجاهد ذلك بان نقلت اعدادها اخبار الثورة العراقية ومساهمات العراق السياسية والعسكرية والمادية لدعم الثورة الجزائرية، ونقلت صداها الطيب الى الثوار الجزائريين والى الشعب الجزائري، خاصة اخبار قطع العلاقات الاقتصادية والتجارية مع فرنسا والعمل على تكريس عزلة فرنسا الدولية وكشف جرائمها الدموية بحق الشعب الجزائري.
    وعندما اعلنت حكومة الجمهورية الجزائرية اول تصريح لها عن نهجها السياسي في 19/9/1958 سارعت حكومة الجمهورية العراقية الفتية التي كانت تنتظر الاعتراف الفرنسي بها، فتتجاهل كل ذلك وتعلن الاعتراف بالحكومة الجزائرية . كان العراق بقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم أول دولة في العالم تعلن اعترافها بالحكومة الجزائرية، فتسارع بارسال اول برقية تهنئة الى الحكومة المؤقتة من بين القائمة الاولى (13 بلدا) التي اعترفت بحكومة الثورة الجزائرية في ساعات اعلانها الاولى. (13).
    وفي يوم 13/11/1958 أعلنت حكومة الثورة في العراق انتصارها للجزائر المجاهدة المعبر عنه بقطع العراق لعلاقاته الاقتصادية مع فرنسا. وقد نقلت صحيفة المجاهد في عددها 33 الصادر في 8/12/1958 هذا الخبر للشعب الجزائري في ص6 مع صورة لقائد الثورة العراقية الزعيم عبد الكريم قاسم بالصيغة التالية :
    ( نقلت وكالات الانباء في يوم 13/11/1958 ان حكومة العراق وفي اطار التأييد والمؤازرة اللتين تحيط بهما قضية الجزائر قد قررت وقف كل نشاط اقتصادي وتجاري للفرنسيين في العراق، وطلبت من الموردين والشركات الخاصة التي تعمل لحساب الدولة العراقية أن تمتنع عن ابرام اية عقود جديدة مع الشركات الفرنسية.).
    وأضافت المجاهد : (... وعلمنا ان الشركات الفرنسية كانت فيما مضى تعتبر العراق فريسة شهية تدر عليها الربح الوفير على حساب الشعب. وان 70% من المشاريع العراقية الكبرى، مثل تعبيد الطرق واقامة الجسور والسدود والمنشئات العامة والمصانع كانت تنفذ على يد شركات فرنسية، تجني من وراء هذه العمليات اموالا طائلة تحولها الى رصاص يوجه نحو صدور الجزائريين. وإذا علمنا ذلك أدركنا مدى الصدمة العنيفة التي تركها هذا القرار في الدوائر الاقتصادية الفرنسية التي لم تخف حيرتها وقلقها من جراء هذه الخطوة وما سيتبعها من خطوات في هذا الميدان). كما التزم العراق بدفع حصته من المساعدات المالية المقررة للحكومة الجزائرية، واعدا في اعادة النظر في رفعها، ضمن قرار الجامعة العربية بتخصيص 12 مليار فرنك للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية.
    لقد وصف قرار حكومة الزعيم عبد الكريم قاسم بأنه من أجرأ الخطوات لمعاقبة فرنسا ردا على جرائمها بحق الشعب الجزائري الشقيق.
    وفي اقرب فرصة سنحت لتنسيق الجهود بين الحكومتين الثوريتين الفتيتين في العراق والجزائر زار الوفد الوزاري العراقي برئاسة السيد خالد النقشبندي، عضو مجلس السيادة للجمهورية العراقية" اعلى سلطة دستورية في العراق"، مقر الحكومة الجزائرية بالقاهرة واجتمع برئيس الحكومة الجزائرية المؤقتة المرحوم فرحات عباس وعدد من وزراء الثورة الجزائرية، منهم وزراء الشؤون الثقافية وشمال افريقيا والشؤون المالية والاجتماعية والاقتصاد. وعلى مدى ساعة ونصف من المداولات، تم الاتفاق على تقديم العراق لكل الامكانيات المتاحة لمساعدة الثورة الجزائرية.(14).
    شهدت تلك الفترة ارتفاعا في قبول اعداد من الطلبة الجزائريين في الكليات العسكرية والمدنية وبمنح محترمة، حتى بلغ عدد الطلبة الدارسين في جامعة بغداد وحدها 65 طالبا في مختلف التخصصات ، اضافة الى قبول المئات من خريجي الدورات الخاصة والمعاهد العسكرية. (15).
    كان العراق اول بلد عربي قبل الطلبة الجزائريين في الكليات العسكرية العراقية.
    المعروف ان العلاقات الدبلوماسية والسياسية بين العراق وفرنسا قد قطعت منذ أواخر الحكم الملكي البائد، منذ العدوان الثلاثي على مصر 1956، وظلت على حالها بفضل الضغط الشعبي، وبعد اقل من ثلاثة اشهر فقط من ثورة 14 جويليه/تموز 1958 تحرك العراق شعبيا ورسميا مرة اخرى بفعل المناخ الثوري بكل ارادته وطاقاته نحو التعبير بشكل اكثر ملموسية في نصرة الشعب الجزائري ، وعلى كافة الاصعدة المتاحة له، ولترجمة هذا التضامن ومضاعفته في العهد الجمهوري الجديد.
    و تنديدا بالعدوان المستمر الذي شنته فرنسا الاستعمارية ضد الشعب الجزائري.، بادرت حكومة العراق الى قطع العلاقات الاقتصادية والتجارية مع فرنسا اعتبارا من 13 نوفمبر/تشرين الثاني 1958، الامر الذي ألحق أضرارا جسيمة بفرنسا. كما ان العراق دعى بقية الاقطار العربية ان تحذو حذوه. بتقدمه رسميا بطلب الى المجلس الاقتصادي العربي في القاهرة بمشروع قرار يقضي بمقاطعة فرنسا اقتصاديا تعبيرا عن دعم العرب للثورة الجزائرية، لكن المجلس أجل النظر في الطلب واحاله الى لجنة معينة.
    ان العراق التزم بالقرار الذي تقدم به الى الدول العربية، وقاطع فرنسا تجاريا واقتصاديا رغم فشل المشروع عربيا، بسبب عدم تأييد اغلبية الدول العربية الاعضاء في المجلس المذكور. (16).
    الغريب ان العراق بقراره هذا بمقاطعة فرنسا وتكريسه فعلا القطيعة السياسية والاقتصادية مع فرنسا قد واجه حملة اعلامية عربية شرسة من قبل بعض الصحف العربية، والمصرية خاصة، مما اضطر الزعيم عبد الكريم قاسم ان يرد بنفسه على تلك الحملات الصحفية خلال حفل التخرج لدورة ضباط الاحتياط الثالثة عشر بالقول:
    (من الغريب ان اصحاب الصحف المأجورة في الدول المجاورة قد تهجمت علينا... اننا قوم لا نحتاج الى دعاية ... ومن دواعي سروري ان تكون الجمهورية العراقية اول دولة اعترفت بحكومة الجزائر. ومن دواعي سروري ايضا ان يكون العراق اول دولة خصصت في الميزانية مليوني دينار لدعم حكومة الجزائر تدفع سنويا اضافة الى الاسلحة... انني ابشركم بان الاسلحة التي خصصت للجزائر كانت بدرجة كافية. وقد خصصنا اسلحة اخرى، وسوف نخصص اسلحة اخرى ايضا حتى تتحرر الجزائر ...سوف ندعمها بكل ما اوتينا من قوة، فهذه معاهدنا ومدارسنا العسكرية ومعاهد العلم الاخرى مفتوحة ابوابها امام الجزائريين) . (17) .
    وبالمقابل فقد ظلت فرنسا تنتظر وتراقب هذا الموقف العراقي وتراقب مسار ومصير الثورة العراقية الفتية والوضع الثوري الجديد والتغيرات في العراق بقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم قائد ثورة 14 جويليه/تموز 1958، خصوصا من زاوية مصالحها الاستعمارية، ومن زاوية متابعة قضية الثورة الجزائرية وتحالفاتها في الوطن العربي؛ لذا عملت على تأخير إعلان اعترافها بالنظام السياسي الجديد في العراق وبحكومة الزعيم عبد الكريم قاسم الى وقت متأخر.
    ولم تعترف فرنسا بالنظام الجمهوري الجديد القائم في العراق الذي جاء اثر ثورة 14 جويليه/تموز 1958 طالما ان موقف النظام السياسي الجديد في العراق لم يتغير تجاه الثورة الجزائرية فحسب؛ بل اصبح، وخلال فترة وجيزة في مقدمة البلدان العربية الداعمة للجزائر من خلال دعوة العراق للدول العربية، لا لمقاطعة فرنسا اقتصاديا فحسب؛ بل سياسيا ودبلوماسيا وفي جميع المحافل الدولية، والدعوة الى تقديم كل المساعدات الضرورية للثورة الجزائرية من مال وسلاح وتدريب وفتح المدارس والكليات العسكرية والجامعات العراقية لقبول الطلبة الجزائريين والتكفل بهم احسن تكفل.
    وفعلا تم قبول عدد من الطلبة الجزائريين في الكليات والمعاهد العراقية وخصصت الاذاعة العراقية برنامجا يوميا خاصا يعده ويذيعه مكتب الاستعلامات للجمهورية الجزائرية ببغداد. وخشية ان يتطور الموقف القاسمي والعراقي من الثورة الجزائرية الى ظاهرة عربية لجأ الفرنسيون الى تجريب طريقة اخرى للتعامل مع حكومة عبد الكريم قاسم بالتلويح بامكانية الاعتراف بحكومة العراق، لذا طلبت السلطات الفرنسية من خلال السفارة العراقية بانقرة اجراء مباحثات مع الجانب العراقي لاجل اعلان اعترافها بحكومة العراق واعادة العلاقات الدبلوماسية مع العراق.
    كان رد العراق : ان مسألة الاعتراف بحكومة الجمهورية العراقية شأن فرنسي يعود الى الحكومة الفرنسية نفسها، ولا يتوقف على شرط إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. واضاف الرد العراقي: ان قد تكون هذه الفرصة ، أي اعادة العلاقات الدبلوماسية أكثر ملائمة بعد الاعتراف الفرنسي بحكومة العراق الجمهورية الجديدة.
    وفي 7 فيفري/ شباط 1959 اعادت الخارجية الفرنسية الاتصال بالعراق مشيرة ان تصريح الناطق باسم الخارجية الفرنسية هو بمثابة اعتراف" ضمني" بالعراق. وكان رد العراق: انه لا يطمأن الى حسن نيات فرنسا، ما دامت تسير في سياستها الحاضرة، فيما يخص اعمالها الحربية في معالجة القضية الجزائرية واندفاعها الشديد في مؤازرة اسرائيل في عدوانها ضد البلدان العربية والحماس الذي تظهره الاوساط الفرنسية لخطب ود اسرائيل ومدها بالمساعدات الاقتصادية والعسكرية ودعمها في السياسة الدولية . (18).
    واصل العراق دعمه المادي والمعنوي للجزائر. ومن دون انتظار قرر مجلس الوزراء بتاريخ 18 فيفري/شباط / "1959 اهداء اسلحة واعتدة الى جيش التحرير الجزائري منها 124 بندقية وسبع قاذفات واعتدة مختلفة قيمتها (32291) دينارا و (696) فلسا" .
    وفي الثاني من مارس/أذار 1959: أعلن الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة العراقية في خطاب له جاء فيه ما يلي:
    (... من دواعي سروري ان تكون الجمهورية العراقية اول دولة خصصت مليوني دينار في الميزانية لدعم حكومة الجزائر، تدفع اليها سنويا. ولا شك في ان هذه المبالغ تضاف الى الاسلحة ، وتضاف الى الاخلاص والجهود التي يكنها العراق لحكومة الجزائر وأهلها وشعبها...).
    ويضيف الزعيم عبد الكريم قاسم في ذات الخطاب: ...( مطالبا الدول العربية بمقاطعة فرنسا الاستعمارية سياسيا واقتصاديا) وقوله : ( ... لقد فاتحنا اخواننا العرب وقلنا لهم ان فرنسا الباغية اعتدت على حقوقنا، واعني بها حقوق الجزائر، فحقهم هو حقنا، اعتدت عليهم وشردتهم وما زالت تكافحهم، وما زالوا في حالة حرب معها. فما بالكم ايها الاخوة لا تقطعون العلاقات السياسية والاقتصادية معها ؟ وهذه هي السبيل الوحيد لاضعافها واعطائها درسا بعدم استمرارها على العدوان على شعب الجزائر؟ .). ويضيف معبرا بألم في ذات الكلمة من : ...( خشية العراق من تردد مواقف بعض الدول العربية في توحيد موقفها من مقاطعة فرنسا)، و بتأكيده القول: ( ... لم نتمكن من الحصول على جواب مقنع، فخفنا على تفرقة الصفوف، لذا اخبرت المسؤولين ان لا يثيروا هذا الامر، وعملنا بمفردنا. صحيح اننا لم نقطع العلاقات الاقتصادية بصورة رسمية، لكننا منعنا كل استيراد من فرنسا).(19).
    كان انعقاد مؤتمر انصار السلام الموسع ببغداد بحضور شخصيات عراقية ودولية هامة في الفترة بين(17-20) أفريل/نيسان1959 فرصة للتعبير عن الدعم المطلق للثورة الجزائرية واسناد حركات التحرر ورفض الحروب والاستعمار والعدوان. وكانت المؤتمر فرصة للتعبير عن التضامن مع الشعب الجزائري، شاركت بها القوى الديمقراطية واليسارية العراقية. كما كانت فرصة لدعوة الرأي العالمى للتضامن مع الشعب الجزائري وثورته من خلال مسيرة شعبية بلغ عدد المشاركين فيها قرابة 100 ألف متظاهر جابت شوارع بغداد. (20).
    ان تطور الموقف العراقي الداعم للثورة الجزائرية تتوج بدعوة وزيارة وفد من الحكومة الجزائرية المؤقتة الى بغداد يوم 21 أفريل/نيسان 1959 برئاسة فرحات عباس رئيس الحكومة الجزائرية المؤقتة وعضوية كل من كريم بلقاسم نائب الرئيس والدكتور احمد فرنسيس وزير المالية والاقتصاد واحمد توفيق المدني وزير الثقافة. كان الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء على رأس المستقبلين في مطار بغداد. استقبل الوفد الجزائري استقبال الابطال. كانت الجماهير العراقية تهتف: " الموت لديغول عدو الحرية".و " عاشت الجزائر حرة عربية مستقلة". و " وفد الجزائر اهلا بيك ...شعب العراق يحييك".
    كانت اقامة الوفد الجزائري ببغداد لمدة اسبوع رحب به الشعب العراقي في تظاهرات حافلة لا يمكن ان تمحى من ذاكرة العراقيين على مدى الاجيال.(21).
    وخلال محادثات الوفد والزيارة بدأ الجانب العراقي بتنفيذ ما وعد به من تقديم المساعدات، فسلم القسط الاول من المساعدة المالية المقررة للثورة الجزائرية من ميزانية الدولة العراقية (2 مليون دينار عراقي سنويا) وسلم مبلغا قدره 750 ألأف دينار عراقي للوفد الجزائري. عبر فرحات عباس بكلمة مؤثرة عن نضال الشعب الجزائري وعن شكره للعراق. وجاء في كلمته: ( ... ان حكومة العراق أدت واجبها تجاه الجزائر كاملا، واذا كانت الامبريالية الفرنسية لها حلفائها فنحن لنا حلفاؤنا واخوتنا) .وأكد فرحات عباس: (... ان زيارته للعراق تعتبر نصرا كبيرا للقضية الجزائرية). (22).
    كما عكس البيان الذي اصدره الوفد الجزائري عند مغادرته بغداد امتنان الوفد الجزائري لما لاقاه من ترحيب شعبي وحكومي، يقف في مقدمته اللواء الركن عبد الكريم قاسم والحكومة العراقية. كما عبر البيان المشترك بين الحكومتين العراقية والجزائرية عن عمق اواصر التضامن بين الشعبين الشقيقين. وفي هذه المناسبة ايضا أعرب الزعيم عبد الكريم قاسم: عن ايمانه القوي بما لهذه المرحلة التاريخية من اهمية كبرى في تقرير مصير الجزائر، وعن عقيدته بان حرب الجزائر هي حرب العراق وشعبه والشعوب العربية المناضلة، وابدى استعداد العراق شعبا وحكومة لمساعدة الشعب الجزائري وتدعيم نضاله النبيل بالمال والسلاح، وفي المجالات الدولية بكل ما استطاع اليه سبيلا...). (23).
    في هذا المناخ السياسي الذي اعقب بعد ثورة 14 تموز كان الزخم الجماهيري عارما ومن دون حدود في دعم الثورة الجزائرية، ترجمته شعارات وفعاليات جميع القوى الوطنية العراقية بكل اتجاهاتها وفصائلها وأحزابها السياسية. طالبت الحكومة العراقية بتأميم حصة فرنسا في شركة نفط العراق. لقد اقدم العراق خلال فترة حكم الزعيم عبد الكريم قاسم على انجاز اول تأميم للثروة الوطنية العراقية من خلال تأميم حصة فرنسا الاستعمارية في نفط العراق دعما للثورة الجزائرية، وفعلا اعلن الزعيم عبد الكريم قاسم يوم 24 مارس/ أذار في مؤتمر صحفي عن "امكانية تأميم الحصة الفرنسية في شركة نفط العراق". وفي نفس السياق اعلن الزعيم عبد الكريم قاسم عن احتمال قيام الحكوم

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت 27 أبريل 2024 - 4:37