hmsain.ahlamontada.com

نشكرك على التسجيل فى هدا المنتدى زرنا باستمرار و شاركنا رايك فاليد الواحدة لا تصفق ورايك يهمنا كما ان حضورك الدائم يحفزنا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

hmsain.ahlamontada.com

نشكرك على التسجيل فى هدا المنتدى زرنا باستمرار و شاركنا رايك فاليد الواحدة لا تصفق ورايك يهمنا كما ان حضورك الدائم يحفزنا

hmsain.ahlamontada.com

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
hmsain.ahlamontada.com

منتدى يهتم بنشاطات حركة مجتمع السلم بلدية عين بوزيان


    من عمق التجربة : ضريبة الالتزام بمنهج الشمول

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 2093
    تاريخ التسجيل : 01/03/2010
    الموقع : hmsain.ahlamontada.com

    من عمق التجربة : ضريبة الالتزام بمنهج الشمول Empty من عمق التجربة : ضريبة الالتزام بمنهج الشمول

    مُساهمة  Admin الإثنين 27 يونيو 2011 - 21:08

    بقلم الحاج عزيز
    إنه من الطبيعي في مسار التدرج في مراحل العمل الإسلامي الجماعي الموصوف بالشمول في الفهم والممارسة والنشاط التربوي والدعوي والثقافي والاقتصادي والسياسي والاجتماعي..أن يبتلى ويمتحن المنتمون لهذا التيار الوسطي والمعتدل في إطار السنن الإلهية في حق الجماعات المؤمنة قال تعالى((أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا أمنا وهم لا يفتنون))(العنكبوت 02)


    "إعلان تأسيس الفضاءات القانونية للإحاطة بمنهج الشمول"

    إنها ضريبة الالتزام بمنهج الوسطية والشمول الإسلامي في كل محطة من محطات مراحل الانتقال للاستيعاب والإحاطة بكل مجالات العمل التي يتضمنها شمول الإسلام، والاجتهاد في الدعوة إلى الالتزام به وتطبيقه في واقع موصوف بالانحراف والتغلب والفساد يهيمن حكامه فيه على كل المؤسسات والمجالات الحيوية في المجتمع، الأمر الذي يفرض جملة من التحديات التي تواجه الحركة في مسارها نحو استكمال الإحاطة بمنهج الشمول عموما، عند وصولها إلى مرحلة الجهاد السياسي وهي من مراحل الدعوة الأخيرة في استيعاب منهج الشمول وهذا في إطار المتاح من القوانين المنظمة لشؤون الدولة والمجتمع حيث يتضاعف الجهد وتتسع دائرة العمل والنشاط وتتعدد الرؤى في أساليب المعارضة ودفع الحكام إلى استكمال تطبيق مبادئ الإسلام وتعاليمه أو في كيفية إفتكاك الحكم سلميا وتدريجيا من الذين لا يستجيبون إلى مطالب الأغلبية من الشعب من خلال النضال الدستوري (البرلماني) والتعبوي للجماهير المسلمة لاستعادة حقها في إقامة دولتها على مبادئ الإسلام وفق منطق الوثيقة التاريخية المرجع (بيان أول نوفمبر) وفي إطار استكمال تطبيق تعاليم الإسلام وفق مناهج وبرامج تلتزم بتكريس مقاصد الإسلام وأصوله وقواعده كأولوية وتتجاوب مع التطور العلمي والاجتماعي والاقتصادي السياسي وتتكيف مع النظام الديمقراطي ألتعددي الذي يرفض الاستبداد ويكفل الحريات في إطار منهج الوسطية والاعتدال وفي إطار المتاح والمباح ومن منطلق سعة التشريع الإسلامي وقواعده الكلية التي تركت ((للمسلم بابا واسعا في الانتفاع بكل تشريع نافع مفيد لا يتعارض مع أصول الإسلام ومقاصده..))الرسائل.

    هذه المرحلة للانفتاح السياسي أتاحت فرصة للحركة في الجزائر أن تؤسس حزبا وروافد تمثل في مجموعها الإحاطة بمنهج الشمول في العمل والممارسة الميدانية في الواقع المعاش في إطار فضاءات قانونية تحمي الأفراد من تبعات العمل السري الذي يثير الشكوك في عالم أصبح فيه كل عمل أو نشاط سري أو حركة خفية أصحابها متهمون سلفا من طرف أجهزة الأمن ومن المجتمع، وقبل ذلك متهمون في إطار القانون (قانون مكافحة الإرهاب)(وقانون مكافحة منظمات الإجرام)(والقوانين الأخرى المتعلقة بمنع النشاطات الغير المؤطرة قانونا والغير المرخصة)ومن نعمة الله على الحركة في الجزائر أن مؤسسها الشيخ محفوظ نحناح رحمه الله وإخوانه معه قد اغتنموا الفرصة وأسسوا فضاءات قانونية تتكيف مع المرحلة وتكرس أصلا من أصول الدعوة في الميدان وهو أنSadالأصل في دعوتنا، أنها علنية، فنحن نحب أن نصارح الناس بغايتنا، وأن نجلي أمامهم منهاجنا، وأن نوجه إليهم دعوتنا، في غير لبس ولا غموض، أضوء من فلق الصبح وأبين من غرة النهار..وهذا لا يقتصر على الدعوة إلى الإسلام..وإنما يشمل الدعوة إلى الجماعة نفسها..وأعمال الجماعة نفسها، وأعمال الجماعة يجب أن تكون جلية لإخفاء بها ولا سر فيها) (ثوابت العمل عند الإمام البنا ص14)

    "الإحسان في اختيار وسائل الدعاية والحركة"

    كما التزم رحمه الله تعالى هو وإخوانه بوسائل العصر التي يتحقق من خلالها الغرض المطلوب استنادا إلى القاعدة التي أشار إليها المؤسس للفكر الإسلامي الوسطي قدس الله سره القائل (أن وسائل الدعاية الآن غيرها بالأمس..لهذا كان من واجب أهل الدعوة أن يحسنوا تلك الوسائل جميعا حتى يأتي عملهم بثمرته المطلوبة)(دعوتنا ص17)

    وقد أحسن الشيخ محفوظ رحمه الله وإخوانه معه في اختيار الوسائل المعاصرة المتاحة التي تحقق الإحاطة بمنهج الشمول في العمل المؤدي بإذن الله وعونه ولو طال الزمن إلى تحقيق استكمال عملية التمكين لتعاليم الإسلام في واقع الناس هذه المرحلة التي أتيحت فيها فرصة المشاركة في المجالس النيابية والمجالس التمثيلية المحلية والمشاركة في الحكومة والتحالف الرئاسي، والتفاف النخب والجماهير حول الفضاءات القانونية..التي أنشأتها الحركة..الأمر الذي جعل الحركة (حمس) رقما هاما في الخارطة والمعادلة السياسية والاجتماعية في الجزائر

    "تحديات ذاتية وخارجية في مواجهة منهج الشمول"

    وبناء على ذلك تضاعفت التحديات التي تواجه (الحركة) من حيث نموها المتزايد والسريع في كسب المؤيدين والأنصار لمشروعها النهضوي الذي أصبح ينافس حزبي السلطة من خلال التسابق في إطار النظام الديمقراطي التعددي لكسب الرأي العام والشرعية الجماهيرية ومن حيث انفتاح أبواب الدنيا على مصراعيها المتمثلة في (الجاه والمال والسلطان) فاستهدفت الحركة في وحدتها وتماسك صفها وفي قوة طرح مشروعها الإسلامي الذي يتميز بشموله واستيعابه لمناحي الحياة كلها هذا من جهة ومن جهة أخرى تأثر أبناء الحركة كغيرهم من الناس في كل زمان بالانفتاح على الدنيا فبدأت الاختلافات تدب في صفوفها وبدأ التنافس يشتد بين قادتها وأتباعها وتباينت المقاصد والتوجهات بين عموم الإخوة إلا من رحم الله تعالى في هذا الجهاد السياسي والاجتماعي..في إطار الاستيعاب لمنهج الشمول في العمل والنشاط تماما كما تباينت إرادات الصحابة الكرام رضي الله عنهم مع الفارق في الاجتهادات والمقاصد في الجماعة الأولى عندما استكملت استيعاب منهج الشمول الإسلامي ووصولها إلى مرحلة الجهاد القتالي لإعلاء كلمة الله (والجهاد ذروة سنام (الإسلام)) فابتليت في مرحلة الفتوحات والانتصارات مرحلة الغنم بتغلب إرادة الدنيا عند البعض على إرادة الآخرة وقد بينت آيات القرآن الكريم وصف هذه الحالة في قوله عز وجل ((منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة..)) إلا أن الجماعة الأولى الموصوفة (بخير القرون) كانت تحت قيادة خير البرية محمد صلى الله عليه وسلم وكان الحكم فيها بما أنزل الله هو المعتمد وهو السائد وهو الروح التي تسري في جسد الجماعة الأولى المؤمنة وأيضا لكونها النموذج القدوة لمن سيأتي بعدها من الأمم والشعوب والجماعات لذلك اتصف أفرادها بالالتزام بالقيم والأخلاق والسلوكات التي جاء بها التوجيه القرآني والتوجيه النبوي حيث كانوا كلما مسهم طائف من الشيطان تذكروا ما أمرهم الله به فانتبهوا والتزموا قال تعالى ((إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون)) فهم رضي الله عنهم رغم إرادة بعضهم الدنيا إلا أنهم سرعان ما يتذكرون فيبصرون أما واقع الجماعة اليوم فإنه يختلف عن واقع الجماعة بالأمس فمثلا حركة حمس التي هي المظلة القانونية للجماعة رغم أنها تتمتع بالحرية في ممارسة فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أعلى هرم المؤسسات الرسمية للسلطة كما أنها تقوم بنشاطات في مجالات عديدة تتم في عمومها في إطار الإحاطة بمنهج الشمول إلا أنها تتحرك في واقع مقيد بجملة من القوانين والنظم والقناعات الفكرية والسياسية والعادات التي تتزاحم معها في الواقع كل ذلك يمارس في إطار جمهورية دستورها يتبنى النظام الديمقراطي الذي يكفل الحريات العامة والخاصة للجميع، طبعا بنسب ما زالت لم ترق إلى المستوى المطلوب ولكنها أفضل من غيرها من الدول العربية التي بدأت شعوبها تفرض عليها موجة إصلاحات هامة والتي ستكون جمهورية الجزائر هي الأخرى في طور جديد من خلال الإصلاحات العميقة المعلن عنها، والتي تزامنت مع واقع الحركة الإسلامية في حالة انقسام وتناقض وزادها التعجل والتأويل وربما الإجتهاد الغير السليم من البعض تمزيقا للممزق بعدما جاء قرار مساعي الصلح والوحدة مؤكدا على (العمل على إعادة وحدة الجماعة)ولله في خلقه شؤون، ورغم أن هذا الدستور يؤكد في أهم مبادئه أن الإسلام دين الدولة إلا أن فهم النخب المتنفذة لذلك متباينة في فهم شمولية الإسلام، كما أن الأغلبية التي أفرزتها نتائج الانتخابات في أغلب المحطات وإن شابها ما شابها من التزوز...تؤكد أنها ما زالت محدودة في فهم منهج شمول الإسلام وبالخصوص في مجاله السياسي والاقتصادي..وهذا من أكبر التحديات التي تواجه الحركة، يضاف إلى ذلك واقع المجتمع الذي يتسم بالفتنة والفساد والانحراف وكذا الآثار المترتبة عن هيمنة الدول الغربية الكبرى على العديد من المجالات الحيوية من خلال قدرتها القوية على تصدير المنظومات التربوية والتعليمية والثقافية والاقتصادية والصناعية والتكنولوجية...مما جعل الكثير من النخب والشرائح تتأثر بها وتقلدها حتى في انحرافاتها وفسادها، كما أن الحركة ليس لها سلطان قوى حتى على أتباعها إلا سلطان القناعات والأدبيات التربوية والروابط التنظيمية على الالتزام بمنظومة القيم والأخوة والمحبة التي تزيد وتنقص حسب قوة الإيمان أو ضعفه..وبما أن التحديات التي تواجه الجماعات الإسلامية المعاصرة كثيرة إلا أنها تتضاعف بالنسبة للجماعة التي تلتزم بمنهج الشمول في أعمالها ونشاطاتها.

    "تحديات الانقسام الداخلي وضرورة معالجته"

    فإن حركة "حمس" تفاقمت أمامها التحديات حيث انتقلت إلى صفها الداخلي فاشتد الاختلاف بين قادتها وأفرادها حيث يظهر للمراقب أن هناك من يولي اهتمامه لإرادة الدنيا (غنيمة الجهاد السياسي) وبين من يولي اهتمامه لإيرادة الآخرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعدم الركون إلى الذين ظلموا وتشبثوا بمتاع الحياة الدنيا..وتطور هذا الاختلاف بعد وفاة القائد المؤسس الشيخ الرئيس محفوظ نحناح رحمه الله رحمة واسعة ليتحول إلى اختلاف على الزعامة حيث اشتد الغلو بين المتنافسين على زعامة الحركة فتشكلت التكتلات وبقي الاختلاف والتدافع والصراع ينخر وحدة الصف في أعلى مستويات الحركة حتى وقع الانقسام والانفصال وتمت الفرقة واتسعت هوة الخلاف وتبرم القادة في بداية الأمر من الطرفين المختلفين من خلال التأويل والتمنع عن تطبيق قرارات وتوصيات لجنة الصلح العليا المتكررة وتمسك الداعون إلى الصلح بوحدة الصف وجمع الكلمة وإصلاح ذات البين وتمسكت لجنة الصلح العليا هي الأخرى بأهم أصل من أصول منهجها وأكدته شفويا وكتابيا ((العمل على إعادة وحدة الجماعة والالتزام الكامل بمنهجها..))ورغم هذا فمازال التأويل والتملص من الالتزام بقرار توحيد الصف ولم الشمل وجمع الكلمة هو السلوك المنتهج والعائق الذي يمدد في عمر أزمة الفرقة والانقسام وهذا التعامل الغير السليم هو الذي عمق الابتلاء الذي كان في بداية الأمر ضريبة حتمية للإحاطة بمنهج الشمول في العمل والممارسة الميدانية.

    "المال والجاه هما أساس الخصومة وأصل النزاع"

    وكان بالإمكان أن يؤثر التذكير والنصيحة في المختلفين والمتخاصمين إلا أن بعض القلوب ربما أصابها المرض الذي حذر منه الإمام المؤسس رحمه الله تعالى عندما قال ((إن الإخلاص أساس النجاح، وإن الله بيده الأمر كله، وإن أسلافكم الكرام لم ينتصروا إلا بقوة إيمانهم وطهارة أرواحهم، وذكاء نفوسهم وإخلاص قلوبهم...واعلموا والله يؤيدكم بالقدرة والنجاح، إن كان فيكم مريض القلب معلول الغاية مستور المطامع، مجروح الماضي فأخرجوه من بينكم فإنه حاجز للرحمة حائل دون التوفيق))(مجلة الدعوة ع50)
    فإنه إن كانت (الجماعة رحمة) فإن مريض القلب معلول الغاية المندس هو الحاجز دون رحمة الألفة والاجتماع والاتحاد، وإذا كان النجاح له ارتباط بالإخلاص فإن مستور المطامع الذي ستكتشفه الأحداث طال الزمن أو قصر هو الحائل دون أي توفيق ولربما هذا من أهم الأسباب التي حالت دون التوافق بين الطرفين (لإعادة توحيد الجماعة) إلى يومنا هذا الذي كتبنا فيه هذه الكليمات، وبما أن الزمن جزء من العلاج فنسأل الله عز وجل أن يشفي هذه القلوب أو أن يبعدها من صف الجماعة ويريح الصف من مرضها المعدي والحاجز للرحمة. مع ملاحظة إن كل ذلك يؤكد أن ((المال والجاه هما دائما أساس الخصومة وأصل النزاع ومادة الشر في هذا الوجود))(المذكرات حسن البنا) والشواهد من تاريخنا الإسلامي في ذلك كثيرة ومتعددة عند غياب الحذر والحيطة والمتابعة والرقابة.
    وإن الخلاف الذي أصبحت الفرقة عنوانه كان وما يزال من أهم أسبابه دسائس ومكر الخصوم من جانب ((والمال والجاه والسلطان)) من جانب آخر إذا طغى جانبه من خلال الغلو في الممارسة السياسية والإندماج فيها كلية بدون إمتلاك عدة ووسائل متكافئة لحزب السلطة وسلطة الحزب الواحد الأمر الذي سيؤدي إلى مسايرة سياسة القابلية لقرارات وتأثيرات القوي المهيمن ولو جزئيا وربما الدخول في المشاركة المفتوحة في بعض دوائر السلطة التي تحوم حولها الشبهات..لذلك اشتد الخلاف والتنافس والصراع بين القادة والتكتلات التي شكلت مسار الفرقة والانشقاق..وبناء على ذلك تحول ابتلاء المحنة والتمحيص إلى ابتلاء عذاب(..والفرقة عذاب) كما جاء في الحديث الشريف الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ((الجماعة رحمة والفرقة عذاب))وبما أن بعض صناع القرار في الطرفين لم يأخذوا بالنصيحة والتذكير إلا من رحم ربك مع ملاحظة أن قيادة حركة مجتمع السلم أكدت كتابيا وشفويا أنها تلتزم وتطبق بنود 13 نقطة لقرار الصلح السابق إلا أن الطرف المخالف اعتبر القرار تجاوزه الزمن واليوم يمكن التأكيد أن الحركة ما زال خيرها كثير، وما زالت تملك مقومات الصلاح والنمو، كما يمكن الجزم بأن الإخوة في حركة الدعوة والتغيير ما زالوا يتمتعون بخير وصلاح وحركة ونشاط، لذلك لا مناص من الجلوس على طاولة الحوار للوصول إلى توافق يتحقق من خلاله (إعادة وحدة الجماعة) وإن مواصلة عملية الصلح تتطلب صبرا جميلا وجهدا مضاعفا لتحقيق التغيير على مستوى النفوس أولا بناءا على قوله تعالى((لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم))

    "خلاصة التجربة في إطار ضريبة الالتزام بمنهج الشمول"

    وإن العبرة التي نستخلصها من هذه التجربة في إطار الحالة المتعلقة بضريبة الالتزام بمنهج الشمول في واقع متردي تتحكم فيه الأهواء وتهيمن على مؤسساته الأغلبية التي ما زالت في حاجة إلى فهم الإسلام ومبادئه وأحكامه ومقاصده، الأمر الذي ساد بسببه مخالفة تعاليمه، ومواجهة الدعاة الذين يعملون لتحقيق التمكين لمنهج الشمول الإسلامي في الميدان لذلك بات واضحا أن ضريبة الالتزام بهذا المنهج في مثل هذا الواقع الموصوف بالانحراف فضلا على أنها منهكة إلا أن هذه الضريبة تتعدد وتتفاقم وتتشعب، فللمخالطة ضريبة، وللمشاركة النيابية ضريبة، وللمشاركة في الحكومة ضريبة، وللنشاط السياسي ضريبة، وللتحالف الرئاسي ضريبة، ولفقدان التوازن بين الالتزام التربوي والنشاط الحركي والسياسي ضريبة، وللجاه والسلطان (المناصب العليا في الدولة) ضريبة، وللمال الذي يتيسر اكتسابه ضريبة...فلا بد من آليات تربوية ورقابية وتأديبية وردعية قوية ومنظمة ترشد وتسدد وتحمي الأفراد من الانحراف والانزلاق لمواكبة السير نحو الغاية والهدف ولنتقي الله في جماعتنا ولنقل لبعضنا البعض كفى...ونتدارك النقص والانزلاق والانحراف إن وجد ونتفق على جملة من الإصلاحات على غرار الإصلاحات التي نطالب بها غيرنا، ولنعدل الهيئة التنفيذية إذا اقتضى الأمر التي ربما عجزت عن تحقيق الوحدة والإصلاحات أو نشكل ما يحقق ذلك بكل صدق وشجاعة ومن الطرفين أما التفكير في التولي عن الجهاد السياسي والاقتصادي والاجتماعي فهو التراجع المبني على الانهزام أمام التحديات التي تواجه الحركة التي تتميز بمنهجها الشامل والمعتدل ولكل قطر ظروفه التي تؤهله للالتزام الكامل بالمنهج أو الالتزام بما يتيحه الواقع والدولة والمجتمع وكل ذلك في إطار الممكن)

    "الانفتاح السياسي والمتناقضات الصعبة"

    وسيدرك الذين دخلوا في الانفتاح السياسي من بابه الواسع في مرحلة انتفاضة الشعوب ضد الأنظمة المستبدة، صعوبة الانتقال من مرحلة الدعوة إلى مرحلة الدولة وأيضا سيدركون من خلال تجربتهم الجديدة بعد الإعلان عن تأسيسهم لأحزاب سياسة على سبيل المثال حركة النهضة بتونس وحزب الحرية والعدالة بمصر أن ضريبة الإحاطة بمنهج الشمول في الميدان والممارسة ومن خلال التعامل مع الطبيعة البشرية المعقدة والمكبوتة قرابة عقدين من الزمن والتي لم يسعفها الحظ للإعلان عن ما يختلج في صدورها من تطلعات وطموحات ربما للرئاسة والبروز من منطلق دوافع نفسية متحررة إلى أبعد الحدود وربما أخرى واقعية مقصودة ومبرمجة فضلا عن تحمل أمانة التمكين لمنهج الشمول المنهكة والثقيلة والتي تتداخل فيها جملة من التناقضات في واقع متباين في سياساته ومناهجه وممارساته كالتربية والدعوة، في تباين مع السياسة والتنمية، والممارسة الديمقراطية التي ليس لها ضوابط أخلاقية في الاختبار في تضاد مع رصيد ضوابط الأخلاق في إطار الشورى الملزمة، وإرادة الدنيا في تباين مع إرادة الآخرة، ووحدة المجتمع وتماسكه في تباين مع وحدة الجماعة والالتزام الكامل بمنهجها، والارتباط بالفكرة والمنهج في تضاد مع الارتباط بالأشخاص والتكتلات التي تصنعها الدعاية الحزبية والطموحات الجهوية والمصلحية، والعلاقات الفردية الاجتماعية الخاصة في تباين مع العلاقات العامة للمؤسسة والجماعة، والقناعات الشرعية المعتدلة الواقعية في تباين، مع القناعات الشرعية المتشددة المتناقضة مع الواقع، والتقديرات للمصلحة العامة المبنية على الفقهين الشرعي والواقعي مع التقديرات المبنية على المصلحة الحزبية المقيتة، واهتمام القيادة المرجع بكل الإخوان في الأقطار في تضاد مع الانغماس في هموم ومشكلات القطر الواحد...وقس على ذلك.
    ويمكن القول أن ميدان العمل في إطار التعددية والديمقراطية سيفتح أمام الحركات الإسلامية المعتدلة مشكلات عديدة ومتشعبة ربما تسببت في تصدع الصف إن لم تنتصب أمامها القدوات وفي كل المجالات وتوضع لها المحددات والضوابط والضمانات التي تستوعب كل التطلعات التي يسمح بها الفقه الإسلامي في مجاله الواسع وكذا القوانين المعتمدة في المجتمع، كما يجب أن تستوعب المشكلات من خلال الحوار والرفق والاستماع كل ذلك ربما سيحقق نسبا مقبولة من النجاح، ونؤكد أنه في خضم الأحداث خاصة الداخلية يومها سيدرك البعض الذين لم يفهموا إلى الآن مشكلة حركة مجتمع السلم في معاناتها في دفع ضريبة ثقيلة لاجتهادها من خلال المشاركة السياسية الإحاطة بمنهج الشمول في واقع يتناقض مع القيم والأخلاق وحتى الثوابت أحيانا، وتتزاحم فيه الإرادات بالألسن والمناكب، وتتكالب فيه القوى المناوئة للتيار الإسلامي المعتدل بكل ما تملك من قوة وستأتيه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله لإجهاض مشروعه وتحجيمه وتقزيمه وتفكيكه، ورحم الله الشيخ محفوظ نحناح كان كلما ذكر موضوع التنافس على الحكم وبأي شكل كان كرر مقولة العلامة ابن خلدون قصد تحذيرنا وتنبيهنا فيقول ((الحكم دونه قطع الرقاب))لذلك فأمر إفتكاك الحكم من الذين ظلموا في إطار المنهج السلمي والديمقراطي معركة حقيقية اعتبرها العلماء (جهادا سياسيا) بكل ما تحمل كلمة جهاد من معاني وعليه فإن ذلك يتطلب إعداد عدة قوية من الرجال الأكفاء والخطط والسياسات، والمال والوسائل ورص الصفوف..
    ولذلك فمن العجب العجاب أن يقوم من فقد صوابه لأسباب لا ترقى إلى مستوى خرق سفينة الحركة وإجهاض مشروعها نيابة عن خصومها الذين عجزوا عن فعل ذلك ربما من حيث لا يدري وكيف لا يدري وهو مولع إلا بهدم الحركة والرجوع بها إلى نقطة الصفر ولا يهمه رصيد أربعين سنة من العمل والبناء ولا يهمه مصير عشرات الآلاف من رجالها ونسائها الذين يرفضون التقسيم والتفكيك وجرهم إلى الفتنة والتيه والمجهول، فإما خيار لتوحيد صف الجماعة يستفتى فيه كل الإخوة والأخوات وإما إرتجال لا يغني من الحق شيئا، والزمن جزء من العلاج، وفي كل الحالات فإن العاصم من الفتن ومؤامرات الخصوم هو الله سبحانه، قال تعالى (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل) وفي كل الأمور فإن الأخذ بالحيطة والحذر مطلوب...
    لأن بعض الأنظمة بعد ثورة الشعوب غيرت إستراتيجية تعاملها مع تيار الإخوان ربما تركت إستراتيجيتي الإقصاء والتهميش واعتمدت إستراتيجية الإدماج مع الحركة الإسلامية وهي الإستراتيجية التي تعامل بها النظام الجزائري مع جمعية العلماء المسلمين بعد الاستقلال ثم تركها ثم رجع إلى التعامل بها بعد فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ ففتح المجال السياسي وترك للأحزاب الإسلامية من بينهم حركة مجتمع السلم الباب واسعا للاندماج والمشاركة الحتمية حفاظا على وحدة الوطن في الائتلاف الحكومي ثم في التحالف الرئاسي والحكومي والبرلماني معا ثم سلب منها كل ما تملك من الأفكار ووسائل الاستقطاب بشكل ديمقراطي ومن خلال الاستدراج وتفكيك الصف بأيديهم وبأيدي بعض أبناء الحركة من الطرفين للأسف ثم قاموا بتشويه القادة ومن كل الأطراف، الأمر الذي نجح فيه حزب السلطة أو النظام كمنافس قوي في إضعاف الحركة والسماح لها بهامش من التحرك والنشاط له فيه مآرب محلية ودولية..وهذا هو المخطط الإستراتيجي الذي ربما سينتهج مع الحركات الإسلامية الإخوانية لوضعها على المحك وإنهاكها وإضعافها تدريجيا (فخذوا حذركم)
    سائلين الله العلي القدير أن يوفق الحركة الإسلامية الأم التي ما زالت تعتبر أنها أمل الشعوب التواقة إلى الحرية والعدالة الإسلامية أن تحقق النجاح في الخروج بتجربة نموذجية متوازنة تستوعب جميع التجارب وتمثل خط أهل السنة والجماعة في إطار منهج الوسطية والاعتدال والشمول والتكامل والسلم والتنمية (وما ذلك على الله بعزيز)(ولله الأمر من قبل ومن بعد..).

    والله المستعان.

    أتى هذا المقال من حركة مجتمع السلم
    http://www.hmsalgeria.net/ar
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 2093
    تاريخ التسجيل : 01/03/2010
    الموقع : hmsain.ahlamontada.com

    من عمق التجربة : ضريبة الالتزام بمنهج الشمول Empty من عمق التجربة 2 : إرادة التمكين للمنهج ومشكلة القابلية للانشقاق

    مُساهمة  Admin الإثنين 27 يونيو 2011 - 21:21

    بقلم: الحاج الطيب عزيز
    لقد حاولنا بكل إيجاز في الحلقة الأولى التنبيه إلى أكبر التحديات التي تواجه الحركة الإسلامية المعتدلة عندما تتاح لها الفرصة وتنتقل إلى المرحلة التي تسمح لها بالتوسع في أعمالها ونشاطاتها لتمكن لمنهجها الشامل والإحاطة به من جميع جوانبه في الواقع الذي يتسم ((بالجهل بحقيقة الإسلام، وأنه نظام شامل، وأنه معيار لا يسعه غيره)(في آفاق التعاليم 102). قال تعالى: ((ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين))(النحل 89).




    عودة صادقة إلى الإسلام كله

    وبما أن ما هو واقع أن (( أغلب الأقطار الإسلامية تتمسك بنسب متفاوتة من الإسلام الحق المعروف في كتاب الله وسنة رسوله، وقد تقل هذه النسب كما وكيفا، وقد تزيد، ولكنا لم نرها إلى الآن مكتملة الصورة والحقيقة على نحو صحيح علميا وعمليا، في أي بلد إسلامي
    .. ولا ريب أن الاستعمار العالمي وراء هذه الجهود.. وليس من الحق أن نحمله أوزار تخلفنا المادي والأدبي ..
    بل لعل الذين خلفوه كانوا أشد منه ضراوة وجراءة، في الإجهاز على ما بقي من مراسم الإسلام..
    إننا نحن المسلمين الذي فرطنا في ديننا وأسأنا إليه طورا بالإهمال الشنيع وطورا بالتأويل الفاسد وطورا بالتطبيق الغبي..
    فأجهزة الدعوة الإسلامية ميتة أو مشلولة في أيام تبرجت فيها الدعوات وفتنت في عرض نفسها.
    والحق أن المسلمين ابتعدوا عن دينهم مسافات شاسعة..
    ولا بد من عودة صادقة إلى الإسلام كله إذا أردنا أن نحيا ونرشد، عودة علمية وعملية.. لا نفرط في ذرة من ديننا لا نتنازل، عن شعبة من شعب الإيمان ولا عن كلمة من كلم القرآن..
    وأنه لسهل على المصلحين بعد ذلك أن يقاوموا المعطلين لحدود الله والمنحرفين عن صراطه المستقيم، وأن يستمسكوا بالدين كله علما وتطبيقا، دراسة وسلوكا، ونهج حياة خاصة وعامة.
    وإلى هذا الشمول والترابط في تعاليم الإسلام وجه الأستاذ حسن البنا إخوانه بقوله: ((الإسلام نظام شامل يتناول مظاهر الحياة جميعا...الخ)) الأصل الأول من الأصول العشرين.)) مقتبس من ( دستور الوحدة الثقافية) محمد الغزالي.
    لذلك قامت الحركة الإسلامية العالمية الملتزمة بمنهج الشمول بشكل عام، والحركة الواعية في الجزائر على الخصوص بالإعلان عن تبنيها وبقوة (العودة الصادقة إلى الإسلام كله) في مسار المقاومة السلمية التي استبعدت أساليب الثورة.. من خلال الدفع نحو التغيير والإصلاح على كم من صعيد، وحسب المتاح.. فمن أجل ذلك قدمت ضريبة ثقيلة بسبب التزامها بمنهج الشمول واجتهادها في استيعابه والإحاطة به.

    حسن البنا يتنبأ بثورة الشعوب

    وهنا يجب أن نسجل بكل اعتزاز أن الحركة الإسلامية المعتدلة انتهجت خيار المعارضة الإيجابية التي تقول للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت ، وتصدع بكلمة الحق في إطار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنصيحة لكل مسلم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان أو أمير جائر)) رواه الترميذي والبخاري بمعناه. كما أنها تفرق بين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع الصبر على الأذى وعدم التكفير والخروج على الحاكم ـ وهو خيارها لقوله تعالى Sad( وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك )) ـ وبين الأمر بالمعروف باسلوب المغالبة ثم التكفير والخروج على الحاكم والوقوع في الفتن وهو خيار غيرها.
    وقد تنبه الإمام حسن البنا رحمه الله إلى أمر الثورات الشبية فنصح أولي الأمر بضرورة الإصلاح ، وإلا فإن الأوضاع المتردية ستؤدي حتما إلى ثورة شعبية. فقال رحمه الله : (( وأما الثورة فلا يفكر الإخوان المسلمون فيها، ولا يؤمنون بنفعها ونتائجها، وإن كانوا يصارحون كل حكومة في مصر بأن الحال إذا دامت على هذا المنوال ولم يفكر أولوا الأمر في إصلاح عاجل وعلاج سريع لهذه المشاكل فسيؤدي ذلك حتما إلى ثورة ليست من عمل الإخوان المسلمين ولا من دعوتهم، ولكن من ضغط الظروف ومقتضيات الأحوال، وإهمال مرافق الإصلاح.. )) ( رسالة المؤتر الخامس).
    لقد دار الزمان دورته، وجماعة الإخوان تعمل بجدية وثبات في إطار منهجها السلمي والمعتدل، رافعة صوتها بالحق، متحملة كل صنوف الظلم والتعذيب، والاعتقال والقتل، والإقصاء والتهميش، وهي صابرة محتسبة، حتى جاءت لحظة الانفراج، فاندلعت ثورة الشعوب التي تنبأ بها الإمام المصلح والملهم الموهوب الشهيد حسن البنا، فبعد ثورة تونس التي حققت أهدافها، جاءت ثورة مصر الشعبية ، والإخوان جزأ لا يتجزأ من الشعب، فأسقطت نظام الطاغية المستبد، وحررت الأمة من الظلم والقهر، وتوجهت نحو الديمقراطية والتعددية. ودخلت مرحلة جديدة تحتاج فيها إلى تجديد في الأفكار والوسائل والآليات، وإلى تطوير في المشاريع والبرامج، وإلى مضاعفة الجهد والعمل والحركة، وإلى تأليف القلوب ورص الصفوف وجمع الكلمة. وبناء على ذلك فإن الحركة الإسلامية الواعية في الجزائر تؤمن برؤية الإمام حسن البنا رحمه الله في عدم التفكير في الثورة، لذلك فهي تنصح أولي الأمر بإجراء إصلاحات حقيقية اعتمادا على مقترحات الأحزاب وفعاليات المجتمع المدني، لا على أساس الإصلاحات المبرمجة سلفا، كما تحذر من الاستهانة باحتجاجات شرائح الشعب المختلفة فإن ذلك يؤدي إلى ثورة يفرضها تفاقم المشكلات والتأثر بالانتفاضات الشعبية العربية، والحركة الواعية جزء لا يتجزأ من هذا الشعب، قناعتها من قناعته في الحق، وانتفاضتها مع انتفاضته لإحقاق الحق والعدل، وإبطال الظلم والباطل.
    إلا أن الحركة بالجزائر اليوم بعد التراجع الذي وقعت فيه بسبب الاختلاف المذموم والانشقاق والانقسام الذي نال من قوتها ومصداقيتها ووحدتها وأخوتها، وجعلها في حالة من الانكفاء على الذات لا تستطيع أن تراوح مكانها وتطور أداءها وتجمع شملها بسبب اقتناع البعض بالفرقة، ووقوع البعض الآخر في آفة القابلية للانشقاق بعد فقدان الأمل في (إعادة وحدة الجماعة من جديد)، وكذا بعد أن أصبحت الأمانة في القلوب كما جاء في حديث حذيفة رضي الله عنه: (كالوكت) أي كالنقطة في الصفيحة، بل ربما (انقبضت) فأصبح أثرها في القلوب (كالمجل) أي كالبثور التي تظهر في اليد من استخدام الأدوات الخشنة وقد ترتب على ذلك إضاعة أمانة التمكين لمنهج الشمول من خلال التراجع عن العمل المتواصل الذي كان من أهم سمات الحركة الإسلامية المعتدلة الواعية.
    فمتى تكون العودة الصادقة إلى حمل أمانة التمكين للمنهج وإنهاء الانقسام؟

    لا يحقق النصر إلا أهل الشمول

    ربما يقول البعض فما هو الجديد في طرح العودة الصادقة للسعي المحمود للتمكين لمنهج شمول الإسلام في مرحلة نما فيها وعي الشعوب في إفتكاك قيم الحرية، والإطاحة بأنظمة الاستبداد والفساد..؟؟.
    الجديد في الأمر أن هذا الطور الذي تمر به الدول العربية هو طور التحولات من نظم الاستبداد إلى النظم الديمقراطية وفتح مجال الحريات، والقيام بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، هو طور جديد، والحركة الإسلامية فيه بحاجة ماسة إلى تجديد في الأفكار والمناهج، وفي الآليات والوسائل، وهو أيضا الفرصة الكبرى للتحرك بقوة، والاجتهاد في التمكين تدريجيا لهذا المنهج الذي استوعب الزمان والمكان والتشريع (( إنها الرسالة التي امتدت طولا حتى شملت آباد الزمان، وامتدت عرضا حتى انتظمت آفاق الأمم، وامتدت عمقا حتى استوعبت شؤون الدنيا والآخرة)) حسن البنا (المنهج المبين ص33). ((وما أثقلها تبعات وما أعظمها مهمات، يراها الناس خيالا ويراها الأخ المسلم حقيقة ولن نيأس أبدا ولنا في الله أعظم الأمل (والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون (يوسف).)) (رسالة التعاليم).
    عندما عدل قانون الأحزاب سنة1996 وطلب من قيادة الحركة أن تغير اسم (حركة المجتمع الإسلامي) بحذف كلمة ( الإسلامي )، ثار نقاش شديد حول الموضوع، وإذا بالشيخ محفوظ رحمه الله بعد تفكير أخذ وقته يجمع الطاقم القيادي ويطرح عليه الاسم الجديد (حركة مجتمع السلم) ويعلق على ذلك بقوله لقد استنبطنا ذلك من قول الله عز وجل: (( يأيها الذين آمنوا أدخلوا في السلم كافة..)) البقرة25. يعني ادخلوا في الإسلام كافة، وبذلك نحن نتكيف مع القانون ونبقى متمسكين بمضمون اسم الحركة الأول، إلا أنه بعد مرور الزمن أدركنا أن الشيخ محفوظ طيب الله ثراه لم يكن يقصد التمسك بعنوان الإسلام فقط بل كان رحمه الله يهدف إلى ذلك وإلى العنوان الذي يعبر عن منهج الشمول في الإسلام، لأن قوله سبحانه (ادخلوا في السلم) تعني الإسلام كله. كما جاء في تفسير ابن كثير رحمه الله قوله: (( يقول الله تعالى آمرا عباده المؤمنين به المصدقين برسوله أن يأخذوا بجميع عرى الإسلام وشرائعه، والعمل بجميع أوامره، وترك جميع زواجره ما استطاعوا من ذلك..)) (ج01 ص439).
    لقد كان الشيخ محفوظ بكل تأكيد يرمي في اختياره كلمة (سلم) القرآنية إلى تمسك جماعته بمنهج شمول الإسلام لتمييز الحركة عن غيرها وللتأكيد على ذلك أكثر فإنه رحمه الله كانت له مواقف صارمة تجاه كل من يطرحون تجزئة الفهم الشامل للإسلام، لذلك عندما راح بعض مخالفيه يطرحون (فصل الدعوة والتربية على السياسة فرد عليهم بقوة في خطبه وتوجيهاته وفي أربع مقالات هادفة تحت عنوان "الحركة الواعية واللائكية الحركية" ) أنظر كتابه معا نحو الهدف.
    ونأخذ من المقال (03) قوله: ((إن أخطر فكر يحتل صدر الحركة عندما تتحول إلى لائكية حركية، فهل يعي أبناء الحركة هذه العملية التي قد يصبح الأخ في الحركة معول هدم ويصدق فيه (يخربون بيوتهم بأيديهم) ـ الحشر02)) انتهى.
    أضف إلى ذلك أن السلطة كانت تستهدف الحركة لأنها الوحيدة التي تمسكت بعنوان الإسلام، وذلك قصد إضعافها بتجريدها من أفكار ووسائل الاستقطاب ذات الخلفية الإسلامية وربما يطرح بعضنا بعدما بات مؤكدا من خلال التجربة أن الالتزام بمنهج الشمول له تبعات وعلى حاملي هذا المشروع الرباني ضريبة ثقيلة يمتحنون من خلالها، لأن الحركة الإسلامية التي تتبنى هذا المنهج ستقوم بكل تأكيد (بجهد مواكبة الدعوة في شمولها، مواكبة تستهلك البدن، وترهق الفكر، وتمتص رحيق الروح، ولذلك كانت حالة الشمول سموا، لا يقوى عليها إلا أشداء المؤمنين) المنطلق 184.
    هل سيكتفي أبناء الحركة الإسلامية المعتدلة بما يستطيعونه من أعمال وعدم تحملهم مسؤولية مضاعفة الجهد للإحاطة بمنهج الشمول أمام هذه الفرص المتاحة، والاتكال على القناعات التي يرددها عوام الناس أن الله سبحانه سينصر دينه، نعم سينصره بدون شك.. ولكن بالطريقة التي شرعها وهو القائل: (( إن تنصروا الله ينصركم)) والقائل: ((هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين)).
    أضف إلى ذلك أيضا أن أصحاب هذا الطرح سيدركون أنه لا يحقق النصر لهذا الدين إلا من حاطه من جميع جوانبه للشواهد التالية:
    قال تعالى: (( ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء، وهد ورحمة وبشرى للمسلمين )) النحل 89.
    وقول الخليفة الأول أبي بكر الصديق رضي الله عنه: (( لو ضاع مني عقال بعير لوجدته في كتاب الله)) علوم القرآن للسيوطي ج04/30.
    وأهم شاهد في الأمر ما ذكره ابن كثير في كتابه البداية والنهاية ج03، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رفقة أبي بكر الصديق رضي الله عنه (نسابة العرب) التقى مع قبيلة بني شيبان بن ثعلبة من أكابر العرب في مخيمهم في عرصات الحج وهو يعرض نفسه على القبائل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قولته التي أبان فيها سمة أساسية من سيمات منهج الله، وعمدة من أهم أعمدة هذا الدين الإسلامي، أي شمولية الإسلام، وأنه جزء لا يتجزأ، وذلك من خلال الحوار الشيق مع مشايخ وزعماء بني شيبان (مفروق) (وهاني بن قبيصة)(والمثنى)..
    فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما أسأتم في الرد إذ أفصحتم بالصدق، وإن دين الله عز وجل لن ينصره إلا من حاطه من جميع جوانبه، أرأيتم إن لم تلبثوا إلا قليلا حتى يورثكم الله تعالى أرضهم وديارهم ويفرشكم نسائهم، أتسبحون الله وتقدسونه )).
    وانطلاقا من هذا المحدد الذي وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي لا يمكن تجاوزه فأن دين الله.. لن ينصره إلا من حاطه من جميع جوانبه.
    إلى هذا الشمول والترابط في تعاليم الإسلام أسس الإمام حسن البنا منهجه المبني على الفهم الصحيح للإسلام فكانت ثمرة فهم شمول الإسلام كما أشار إليها قدس الله سره بقوله: ((كان من نتيجة هذا الفهم العام الشامل للإسلام، عند الإخوان المسلمين، أن شملت فكرتهم كل نواحي الإصلاح في الأمة وتمثلت فيها كل عناصر غيرها من الفكر الإصلاحية، وأصبح كل مصلح مخلص غيور.. يجد فيها أمنيته، والتقت عندها آمال محبي الإصلاح الذين عرفوها وفهموا مراميها.
    وتستطيع أن تقول ولا حرج عليك إن الإخوان المسلمين:
    - دعوة سلفية.. وطريقة سنية.. وحقيقة صوفية.. وهيئة سياسية.. وجماعة رياضية.. ورابطة علمية ثقافية.. وشركة اقتصادية.. وفكرة اجتماعية.
    وهكذا نرى أن شمول معنى الإسلام، قد أكسب فكرتنا شمولا لكل مناحي الإصلاح..))ـ رسالة المؤتمر الخامس.
    متى نتدارك الأمر فنتوحد ونتعاون في القيام بحمل أمانة شمول الإسلام؟

    حمل الأمانة، وعائق القابلية للانقسام

    يجب أن نقرأ بتدبر قول الله سبحانه: ((إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا))(الأحزاب72)
    وإذا كانت (( الأمانة كل ما يؤتمن عليه المرء من أمر ونهي في شؤون الدين والدنيا، والمراد بها هنا التكاليف الدينية، وسميت أمانة من قبل أنها حقوق أوجبها الله على المكلفين وائتمنهم عليها وأوجب عليهم تلقيها بالطاعة والانقياد وأمرهم بالمحافظ عليها وأدائها دون الإخلال بشيء منها ) (ج08ص54 تفسير المراغي).
    (( إنها أمانة ضخمة حملها هذا المخلوق الصغير الحجم، القليل القوة، الضعيف الحول، المحدود العمر، الذي تناوشه الشهوات والنزعات والميول والأطماع.
    وإنها لمخاطرة أن يأخذ على عاتقه هذه التبعة الثقيلة، ومن ثم (كان ظلوما) لنفسه (جهولا) لطاقته، هذا بالقياس إلى ضخامة ما زج بنفسه لحمله فأما حين ينهض بالتبعة حين يصل إلى المعرفة الواصلة إلى بارئه، والطاعة الكاملة لإرادة ربه..حين يصل الإنسان إلى هذه الدرجة، وهو واع مدرك مريد فإنه يصل حقا إلى مقام كريم، ومكان بين خلق الله فريد..((ولقد كرمنا بني آدم)) فليعرف الإنسان مناط تكريمه عند الله ولينهض بالأمانة التي اختارها..)) (الظلال ج05 ص2885).
    فالأمانة التي حملها الإنسان هي رسالة الإسلام كلها التي تتميز بالشمول والكمال.
    لذلك لا يمكن أن يحمل هذه الأمانة من تمسك بخيار الانقسام في الجماعة الواحدة ذات الفكرة الواحدة والمنهج الواحد والمرجعية الواحدة ـ ومن أي طرف كان ـ حتى وإن راح يقاوم تبعات الانقسام ويحاول أن يقنع نفسه ومن معه أن ظاهرة الانقسام صحية إلا أن ضميره والمنهج الذي تشربه من خلال الضخ التربوي المكثف، والذي يمكنه من التمييز بين ضرورة القيام بإصلاحات عميقة بعد التقويم، وبين اعتبار السلبيات الموجودة لا تحتمل إلا الانقسام، وهذا الانزلاق الخطير الذي لا يستند إلى دليل، وبالخصوص عندما أكدت شهادة المراجع من الدعاة أنهم ينظرون إلى الطرفين " على أنهم إخوة كرام وكلهم حريصون على الدعوة وثوابتها" وأن " ثقتهم بأن الصف بفضل الله عز وجل على خير كبير سواء في هذا الطرف أو ذاك " جوان 2010. لذلك فإن هذه الشهادة ستؤنبه باستمرار وأن التاريخ سيسجل عليه إن لم يراجع نفسه ـ سواء كان من هذا التكتل أو ذاك ـ أنه من دعاة الانشقاق.. من دعاة الانقسام.. من دعاة التفكيك والتمزيق.. من دعاة الفتنة وإجهاض مشروع التمكين لمنهج الشمول.
    وإن هؤلاء الأفراد ومن أي مجموعة كانوا ـ هداهم الله ـ الذين ما يزالون يصرون على الفرقة وبشكل علني، هم كالمجاهر بالمعصية أو بالأحرى كالمجاهر بالبدعة، فالأولوية اليوم هي الوقوف في وجه دعاة الفرقة والانقسام في أي حركة أو جماعة مؤمنة وتجريدهم من أي شرعية لا تخدم وحدة الصف وجمع الكلمة والتمكين لمنهج الشمول المعتدل في واقع الجماعة والأمة، لأن (البدع السياسية لا تقل خطورة عن بدع الاعتقاد) والفرقة شر لا خير فيها، وهي من أكبر البدع السياسية لأن مآلاتها تعمق الفتنة وتحطم البناء وتحول دون أي توفيق.
    ومن العجب أن دعاة الفرقة عبر تاريخ الدعوة الطويل كل مرة يقعون في الهزيمة تلو الهزيمة ولكنهم لا يتراجعون عن تعصبهم للتغلب ولو بغير حق.
    وقد أشار الإمام حسن البنا في مذكراته إلى هذا النوع من النفوس فقال: (( ويظهر أن النفس الإنسانية إذا ألح عليها معنى الانتصار ولو بغير الحق لم تعد تفكر فيما عداه، وإن ساقتها وسائلها الملتوية إلى الهزيمة المتكررة حتى تصل بها إلى الهزيمة التامة، ولله في خلقه شؤون )) ص 118.
    أما الحالة الجديدة التي أصابت البعض بسبب الآثار المترتبة على حالة التجميد وصعوبة البت النهائي في الأمر لكثرة التأويلات والتبرم بالقرارات وخلط الأوراق التي تعطي صورة أن ثمة ازدواجية في القرارات والمواقف وهي بدون شك التي ساعدت على فرض سياسة الأمر الواقع وغلق أبواب الصلح..هي مشكلة القابلية للانشقاق والانقسام من البعض والتي ساهمت بشكل من الإشكال في إضعاف المقاومة الرافضة لخيارات الانقسام والداعمة للمساعي التي (تعمل على إعادة وحدة الجماعة)
    إن القابلية للانقسام في واقع الأمر هي التي عطلت عملية (إنهاء الخلاف وتوحيد الصف وجمع الكلمة) وهي التي روجت لأفكار ومواقف دعاة الانقسام ربما بدون قصد من خلال التبرير للقناعة التي يحملونها والتي أيضا توحي بأن فكرة الالتزام بمنهج شمول الإسلام الوسطي والمعتدل، والذي لا تحده حدود الأقطار الجغرافية لم ترق في نفوس هؤلاء إلى مستوى القناعة الكاملة به، وإلا فكيف يستطيعون وهم في حالة انقسام تحقيق نصرة هذا الدين ؟؟، وقد تأكد أنه لا (( ينصره إلا من حاطه من جميع جوانبه))؟؟ ولا يخفى على أحد من هؤلاء الإخوة أن تعاليم هذا الدين ومبادئه المنصوص عليها في القرآن والسنة تؤكد وتحث على ضرورة لزوم الجماعة وتنهي على الفرقة.
    قال عز من قائل: ((واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)) آل عمران 110
    وقوله سبحانه: ((..أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه.. )) الشورى
    وقوله تعالى: ((إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء)) الأنعام 159
    وقوله: ((ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم)) الأنفال 46
    وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: خطبنا عمر بالجابية فقال (...عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد. من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة )) رواه الترمذي وقال حسن صحيح.
    وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يد الله مع الجماعة)) رواه الترمذي وصححه الألباني.
    وإن النصوص في لزوم الجماعة والتحذير من الفرقة كثيرة نكتفي بهذه الإشارات:
    ونؤكد أن لزوم الجماعة، والحفاظ على وحدتها، والنهي عن الفرقة والانقسام من صميم هذا الدين، ومن أسسه ومنطلقاته.
    فكيف نتساهل في تصديق دعاة الفرقة والانقسام من أي طرف كانوا ؟؟، الذين يدعون التمسك الكامل بمنهج الشمول. من يصدقهم .. ربما يصدقهم المتعصب لرأيه بدون حجة، أو معلول الغاية مستور المطامع، أو المصاب بغفلة الصالحين، الذي لم يهتد بعد إلى ما اهتدى إليه الخليفة الراشد عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ القائل: (( لست بالخب ولا الخب يخدعني )).
    وأمام هذه الظاهرة ليس لنا كدعاة إلى وحدة الصف وجمع الكلمة إلا أن نقتدي بالخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه فنشتكي إلى الله تعالى كما اشتكى من قلة اجتماع الأمانة والقوة في الناس كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله سره((اجتماع الأمانة والقوة في الناس قليل، ولهذا كان عمر بن الخطاب يقول: ((اللهم أشكو إليك جلد الفاجر وعجز الثقة)) هذا من جهة.
    وأما من جهة أخرى، فأين حشود الإخوان والأخوات وخاصة الشباب منهم الذين تربوي في المحاضن وتشربوا معنى لزوم الجماعة، والتمكين لمنهج الشمول، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ورص الصفوف، وتعميق أواصر روابط الأخوة، والوفاء للفكرة ومنظومة القيم، ولوصية الشيخ محفوظ نحناح رحمه الله رحمة واسعة القائل وهو في فراش الموت: ((... الله الله في دينكم الله الله في دعوتكم. الله الله في حركتكم. الله الله في إخوانكم... )).
    فمتى ينتبه ويتراجع الذين وقعوا في آفة القابلية للانقسام؟
    ومتى ينتفض الشباب لإنهاء الفرقة والخلاف؟
    ومتى يحسم الأمر في تحقيق وحدة الجماعة، والحفاظ على مكتسباتها؟
    ومتى تتحرك جموع الإخوان بالدعوة إلى النفير العام لكسر القيود وتجاوز العقبات وإبعاد المتمسكين بخيار الفرقة والانقسام في أي موقع كانوا؟؟

    كفى.. " نريد إنهاء الانقسام "

    تعجبت من بعض الإخوة عندما نفذ صبرهم وأرادوا أن يستسلموا للأمر الواقع ويقبلوا بالانقسام، في مرحلة الثورات الشعبية السلمية التي تحركت على إثرها الاحتجاجات الفلسطينية من خلال المظاهرات والمسيرات التي انطلقت في شهر مارس 2011 في كل من الضفة الغربية، وقطاع غزة لإنهاء الانقسام الفلسطيني الذي سالت فيه الدماء وانتهكت الأعراض وأطلقت فيه أوصاف الخيانة والعمالة لإسرائيل (بين حركتي فتح وحماس ) لقد تأثر الشعب الفلسطيني بموجة الاحتجاجات العارمة التي اندلعت في الوطن العربي وبالخصوص بتونس ومصر اللتين أطاحتا بالرئيسين بن علي، و مبارك.
    لقد قاد هذه الاحتجاجات الشباب الفلسطيني لاستعادة الوحدة الوطنية، وقد تحقق مطلبهم وتوحد الصف الفلسطيني، وكانت أول نتائج هذه الوحدة مسيرة العودة التي كان يخطط لها أن تكون مليونية، دعا إليها ناشطون على موقع (فايسبوك) في يوم 15 مايو 2011 بمناسبة الذكرى 63 للنكبة .. وقد زحفت سيول من الجماهير العربية والفلسطينية على حدود فلسطين المحتلة في تظاهرات نوعية غير مسبوقة في تاريخ إحياء ذكرى النكبة.. وقد احتشد الآلاف مع نقاط التماس مع إسرائيل في لبنان – سوريا – مصر كما تحركت مظاهرات مماثلة في فلسطين رافعين شعار " الشعب يريد العودة إلى فلسطين "... وتصدت إسرائيل بآلاتها القمعية للمتظاهرين مخلفة سقوط المئات ما بين شهيد وجريح.
    إن واجب الوقت، وواجب اغتنام الفرص المتاحة، وواجب (إعادة توحيد الجماعة)، وواجب (عدم تأخير البيان عن وقت الحاجة)، كلها واجبات شرعية وواقعية ومصيرية تفرض على شباب الدعوة ومدرسة الوسطية والاعتدال والحركة الواعية ومن كل الأطراف أن ينتفضوا أن يتحركوا أن يقولوا للجميع كفى: لسنا مع أي شكل من أشكال الفرقة والانقسام فمنهج الوسطية والاعتدال والشمول لا يقبل في صفه الواسع بالانشقاق وتفريق القلوب وإيغار الصدور وتمزيق الوحدة والائتلاف والجماعة فغايته واحدة وأهدافه معلومة، فأول القوة التي يرتكز عليها الإيمان، ونتيجة هذا الإيمان الوحدة، وعاقبة الوحدة النصر المؤزر المبين...وعنوانه الحب في الله والحرص على رابطة الإخوة فهي سر القوة وعماد النجاح..
    كل هذا من صميم قناعة أبناء الحركة الواعية لذلك فهم يرفضون الفرقة تحت أي غطاء غامض، ويكرهون التحزب والتعصب للأشخاص،لكنهم إلى جانب هذا لا يشترون هذه الوحدة بأساليب التبرم وازدواجية المواقف والغموض، وإنما يشترونها بالحق والإنصاف والعدالة وكفى، ومن حاول غير ذلك أوقفوه عند حده وبينوا له خطأ ما ذهب إليه، كما أنهم سيدعمون ويسندون المخلصين والصادقين في مساعيهم في مهمة (إعادة وحدة الجماعة..) وسندهم في ذلك كتاب الله وسنة رسوله ومنهج الوسطية والاعتدال، والمراجع من العلماء والدعاة العاملين، الذين لا يقبلون الانقسام ولا يرضون إلا بعمل جاد صادق يسعى للم الشمل ورص الصفوف..
    هذا هو المعتقد الكامن في نفوس الأخوة والأخوات على وجه العموم، وقد انتظروا كثيرا وصبروا كثيرا، وما بقي أمامهم إلا رد الاعتبار لقرارات المرجعية لجنة الصلح العليا التي أكدت على ضرورة (إنهاء الخلاف وتوحيد صف رباني) (والعمل على إعادة وحدة الجماعة..) من خلال انتفاضة قوية بالوسائل والأساليب العصرية الشرعية والجادة.
    إن تحريك هذه الآليات المشروعة ضرورة من ضرورات المرحلة، لأنه بدل أن تكون الكلمة واحدة في المساهمة بقوة في الإصلاحات السياسية التي تجاوبت معها رئاسة الجمهورية وشكلت لها الآليات لإنفاذها، في مرحلة الحركة الواعية في حالة انقسام واهتمامات الإخوة متوزعة بين مشكلة الاختلاف والفرقة داخليا وبين محاولة المساهمة في الإصلاحات السياسية التي هي من صميم أهدافنا وأعمالنا، لذلك لا بد من التوجه إلى أولوية (إنهاء الانقسام) وتوحيد الصف لنتمكن جميعا على الأقل من إعداد أنفسنا نهاية هذه السنة للمشاركة بقوة في الإصلاحات المتعلقة بالدستور فضلا على ضرورة إنفاذ قرار (إعادة توحيد الصف) وإن هذا أيضا من صميم الأمر بالمعروف والنهي عن منكر الفرقة والانقسام، وكذا للفصل النهائي وبشكل واضح بين القادة ومن الطرفين الذين يريدون إنهاء الانقسام وإعادة وحدة كل المنتمين لمنهج الشمول وفق الإطار الذي حدده قرار لجنة الصلح العليا ووفق خيار إطار الوحدة الذي يفرزه ربما الاستفتاء الذي يشمل كل ألإخوة والأخوات الملتزمين الذين لهم حق البت النهائي في الأمر، إذا لم يتحقق التوافق من خلال الانصاف والعدالة والتجرد للحق لتحقيق الوحدة ويحافظ على روابط الأخوة الصادقة من جديد، وبين الذين يصرون على الانقسام ويرفضون وحدة الصف ، ولكنهم يتسترون بجملة من التأويلات والمبررات لربح الوقت وتكريس سياسة الأمر الواقع.
    اللهم إننا نسألك أن توفق شباب الحركة الواعية ليكونوا مجرى قدرك فيحققوا أولوية إنهاء الانقسام، ويأخذوا بزمام المبادرة ويعيدوا توحيد الجماعة.. وتتحقق فيهم سنتك التي لا تتبدل ولا تتغير، فلا يكونوا أمثال الذين عجزوا عن إعادة توحيد الصف وجمع الكلمة.
    قال تعالى: ((وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم))..((ولله الأمر من قبل ومن بعد.. )).

    والله المستعان

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 19 أبريل 2024 - 7:41