hmsain.ahlamontada.com

نشكرك على التسجيل فى هدا المنتدى زرنا باستمرار و شاركنا رايك فاليد الواحدة لا تصفق ورايك يهمنا كما ان حضورك الدائم يحفزنا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

hmsain.ahlamontada.com

نشكرك على التسجيل فى هدا المنتدى زرنا باستمرار و شاركنا رايك فاليد الواحدة لا تصفق ورايك يهمنا كما ان حضورك الدائم يحفزنا

hmsain.ahlamontada.com

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
hmsain.ahlamontada.com

منتدى يهتم بنشاطات حركة مجتمع السلم بلدية عين بوزيان


    من صفات الفرد المسلم

    alhdhd45
    alhdhd45


    عدد المساهمات : 1337
    تاريخ التسجيل : 03/03/2011
    الموقع : hmsain.ahlamontada.com

    من صفات الفرد المسلم Empty من صفات الفرد المسلم

    مُساهمة  alhdhd45 السبت 2 يوليو 2011 - 21:55

    شرح الصفات العشر للفرد المسلم والتي صاغها الإمام حسن البنا رضي الله عنه في ركن العمل من رسالة التعاليم فقال:
    ومراتب العمل المطلوبة من الأخ الصادق :
    إصلاح نفسه حتى يكون : قوى الجسم ، متين الخُلُق ، مثقف الفكر ، قادرا علي الكسب ، سليم العقيدة ، صحيح العبادة ، مجاهدا لنفسه ، حريصًا علي وقته ، منظما في شئونه ، نافعا لغيره . وذلك واجب كل أخ علي حدته .

    يقول الأستاذ محمد حسين في شرح رسالة (قوي الجسم ):فحدّد أهداف العمل الإسلامي لاستعادة الإسلام المُغَيَّب عن بلاد المسلمين وبدأ بالعمل علي استعادة الفرد المسلم بأوصاف القّوة الواجب اتصاف المسلم بها وهي عشرة أوصاف ، وبدأ بصفة قوة الجسم .
    وهناك ملاحظات علي هذا الترتيب :
    أولها : أنها صفات للفرد ، صفات قوّة مفقودة في تربية المسلم تحتاج إلي الاهتمام باكتسابها لكل مسلم علي حدة .

    ثانيها : أنها مرتبة حسب فقدانها في واقع المجتمع المسلم ، وبحسب القاعدة التربوية من أن أوّل المفقود هو أول المطلوب تحقيقه ، فأول ما فقد في واقع المسلمين هو الفرد المسلم الذي به يُستعاد الإسلام ونُحْمَي به الزمار والديار ، وأول ما فقد في الفرد المسلم همته وقوة إرادته وعظم نشاطه وحَيويَّة استعداداته واستثمار طاقاته المكنونة في طيّ معطياته كبشر وذلك كله مكنوز ومركوز في الجسم السليم الصالح بمهام العبودية لله تعالي .

    ثالثها : أن قوة الجسم صفة من صفات المسلم يداوم علي اكتسابها والحفاظ عليها وتعبيدها لمولاهُ الذي خلقه وأفاض عليه نعمة الإيجاد والخلق . فجسم العبد صوَّرها الخالق سبحانه إذْ يقول : ( هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء ) ، ( وصوركم فأحسن صوركم ) وهي نعمة تحتاج إلي الإمْداد بعد الإيجاد ، وتحتاج من العبد أن يشكر ربه عليها ويدعو بدوامها عليه [ اللهم حسَّن خُلُقي كما أحسنت خَلْقي ]

    رابعا الملاحظات : أنه بدأ بقوة الجسم الذي هو الظرف والهيكل الذي يحتفظ بسائر القوى الروحية والعقلية وغيرها ، فبضعفه تضعف سائر القوى ، وبقوته تنمو سائر القوى المطلوبة ، فهو كالأساس للبنيان لابد من البدء به قبل غيره .

    خامسها : أن الله تعالي طلب من الأمة المجاهدة أن تستَعدَّ وأن تعدَّ كل ما استطاعت من القوى حيث قال جل شأنه ( وأعُّدوا لهم ما استطعتم من قوة ) وقد أخرج مسلم وغيره عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول وهو علي المنبر ( وأعدَّوا لهم ما استطعتم من قوة ) ألا أن القوّة الَّرمْيُ .] وقوة الرمي هو التدريب علي تصْويب السهام للعدد وإيصالها ، وهذا يحتاج لقوة الجسم والتدريب والتربية البدنية ، وحتى الحروب العسكرية الحديثة تحتاج إلي فنون الرمي بالقذائف والصواريخ وسائر الأسلحة .
    وأخيرًا : فصفات الفرد المسلم كلها أوصاف قوة واقتداء وامتلاك للقوى : فأولها قوة الجسم
    ثم قوة الروح والنفس – متين الخلق –
    ثم قوة العقل والعلم – مثقف الفكر –
    ثم قوة الاكتساب للمال والسلطان والجاه – قادر علي الكسب –
    ثم توجيه كل هذه القوى حسب عقيدة التوحيد – سليم العقيدة –
    ثم تفعيل القُوى لإصلاح الحياة – صحيح العبادة ،
    ثم الثبات والاستقامة علي بذل المجهود في إيجاد المطلوب – مجاهد لنفسه –
    ثم الحرص الشديد علي الوقت بلا تضييع أو تكاسل في واجباته – حريص علي وقته –
    ولأن الأعمال والواجبات أكثر من الأوقات فلابد من اكتساب صفة التنظيم والترتيب للتغلب فقد الأوقات أوْ فوات الواجبات – منظم في شئونه –
    ثم إن المسلم يستثمر كل قواه في طاعة مولاه بمراعاة خلق الله فيجب أن يكون – نافع لغيره – )اهـ كلامه حفظه الله
    وقد طرح على أحد الإخوة الكرام سؤالا عن سبب ابتدائي لشرحها بترتيب مخالف لترتيب الإمام البنا
    والجواب :أن الأمر كما قال الأستاذ الجليل محمد حسين (أنها مرتبة حسب فقدانها في واقع المجتمع المسلم ، وبحسب القاعدة التربوية من أن أوّل المفقود هو أول المطلوب تحقيقه ...)
    إذن فلعل هذا الترتيب كان مناسبا – في وجهة نظري- لزمن الإمام البنا لكن في زماننا رأيت أن أول صفة ينبغي الاتصاف بها أولا سلامة العقيدة وهو ما ابتدأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه الكرام حتى رأيناهم أثبت ما يكونوا عند المحن والمصائب فهذا الثبات الذي رأيناه في بلال وعمار وأهله وغيرهم ما جاء إلا لثمرة التربية النبوية على منهج سلامة العقيدة وأول من لفت النظر لهذه المسألة-فيما أعلم - هو الدكتور الصلابي في السيرة النبوية تحت عنوان
    البناء العقدي في العهد المكي
    ثم أتبعها بفصل آخر بعنوان
    البناء التعبدي والأخلاقي في العهد المكي
    فرأيت أن أبدأالصفات بسليم العقيدة،من هذه الوجهة ومن جهة أخرى الرد على من يزعمون أن الإخوان لا يهتمون بالعقيدة،فأردت إبراز هذا المعنى
    وهذا يتبعه صحة العبادة
    ثم قوة الإرادة والقدرة على التغير للأحسن (مجاهدا لنفسه )
    ثم إحاطته بما يدور حوله من خلال (مثقف الفكر )
    ثم سلامته من الآفات والأمراض بحرصه على صحته وتقويته لجسمه من خلال (قوي الجسم )ثم أثر ذلك في معاملته مع غيره فهو (مَتِينُ الخُلُق)
    ثم في حركته في الحياة وسر نجاحه ( منظما في شئونه، حريصا على وقته)ثم في عفته وغناه عن سؤال الناس (قادرا على الكسب)ثم في إيجابيته في مجتمعه فهو لايسعى لنفسه دائما وإنما هو (نافع لغيره )
    فالمسألة أخي الكريم هي رؤية للصفات حسب أولويتها وربما بعض الإخوة له وجهة نظر أخرى
    والله الموفق

    (1)سـليم العقيدة
    كنت أبحث عن سلسلة منهجية جديدة لخطب الجمعة فقلت ما الصفات التي يحتاجها المسلم المعاصر ليكون مسلما محافظا على دينه وهويته الإسلامية وفي نفس الوقت يكون عنده واقعية وإيجابية من خلال حركته في المجتمع فتذكرت قصةعمر بن الخطاب حينما قال لأصحابه: تمنوا. فقال أحدهم : أتمنى أن يكون ملء هذا البيت دراهم فأنفقها في سبيل الله.
    فقال: تمنوا قال آخر: أتمنى أن يكون ملء هذا البيت ذهبا فأنفقها في سبيل الله .
    قال : تمنوا . قال آخر: أتمنى أن يكون ملء هذا البيت جوهرا أو نحوه فأنفقه في سبيل الله. فقال عمر تمنوا: فقالوا : ما تمنينا بعد هذا .
    كل هذه الأماني فيها خير ، لأنهم تمنوا المال من أجل إنفاقه في سبيل الله ، ولكن ماذا تمنى عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)؟
    قال عمر: لكني أتمنى أن يكون ملء هذا البيت رجال مثل أبي عبيدة بن الجراح .
    وقدأعجبتني كثيراً صفات عشرة لبناء الشخصية المسلمة تلك الصفات التي صاغها العالم الرباني الإمام حسن البنا مستنتجاً إياها من كتاب الله وسنة رسوله وحاجة المسلم في الواقع المعاصر والمستقبل المنشود. وهذه العشر هي : سليم العقيدة، صحيح العبادة، مجاهدًا لنفسه، حريصًا على وقته، منظمًا في شؤونه، نافعًا لغيره،قوي الجسم، متين الخلق، مثقف الفكر، قادرًا على الكسب
    وهذا التوفيق في أن يجمع هذه العشر بهذه الصياغة والتناغم بينها يبين لنا صدق تسميته بالملهم الموهوب وقد ذكرني يوم أن طلب منه أبوه الشيخ عبد الرحمن البنا مؤلف كتاب (الفتح الرباني في ترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني ) حين طلب منه تأليف الكتب قال أنا مشغول بتأليف الرجال!!!.
    ونبدأ إن شاء الله في تفصيلها والتعليق عليها :

    (1)
    سـليم العقيدة

    سلامة الاعتقاد معناه الإيمان بأن الله هو الفاعل لكل شئ في الكون إفراد الله سبحانه بالعبادة الكون كله يعبد خالقه ويوحد خالقه وكل ما في الكون من إبداع ونظام يدل على أن مبدعه ومدبره واحد، ولو كان وراء هذا الكون أكثر من عقل يدبر، وأكثر من يد تنظم، لأختل نظامه: واضطربت سننه، وصدق الله: (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا، فسبحان الله رب العرش عما يصفون) (الأنبياء: 22)، (ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله، إذن لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض، سبحان الله عما يصفون) (المؤمنون: 91).
    وأنه هو تعالى واحد في ربوبيته، فهو رب السموات والأرض ومن فيهن وما فيهن، خلق كل شيء فقدره تقديراً، وأعطى كل شيء خلقه ثم هدى، ولا يستطيع أحد من خلقه أن يدعي أنه الخالق أو الرازق أو المدبر لذرة في السماء أو في الأرض (وما ينبغي لهم وما يستطيعون) (الشعراء: 211).
    وهو تعالى واحد في ألوهيته، فلا يستحق العبادة إلا هو، ولا يجوز التوجه بخوف أو رجاء إلا إليه. فلا خشية إلا منه، ولا ذل إلا إليه، ولا طمع إلا في رحمته، ولا اعتماد إلا عليه ولا انقياد إلا لحكمه. والبشر جميعاً -سواء أكانوا أنبياء وصديقين أم ملوكاً وسلاطين- عباد الله، لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً ولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراً، فمن ألَّه واحداً منهم، أو خشع له وحنى رأسه، فت جاوز به قدره؛ ونزل بقدر نفسه.
    ولابد مع الإيمان بوجود الله ووحدانيته من الإيمان بأنه تعالى متصف بكل كمال يليق بذاته الكريمة، منزه عن كل نقص: (لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفواً أحد) (الإخلاص: 3، 4) (ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير) (الشورى: 11).
    دل على ذلك: هذا الكون البديع وما فيه من إحكام عجيب، وهدت إلى ذلك الفطرة البشرة النيرة، وفصلت ذلك رسالات الله تعالى إلى أنبيائه.

    فهو سبحانه العليم الذي لا يخفى عليه شيء: (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو، ويعلم ما في البر والبحر، وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا ورطب ولا يابس إلا في كتاب مبين) (الأنعام: 59).
    وهو العزيز الفعال لما يريد، الذي لا يغلبه شيء، ولا يقهر إرادته شيء (قل اللهم مالك الملك تؤتى الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء، بيدك الخير، إنك على كل شيء قدير) (آل عمران: 26).
    وهو القدير الذي لا يعجزه شيء. يجيب المضطر إذا دعاه، ويكشف السوء، ويحيي العظام وهي رميم، ويعيد الخلق كما بدأهم أول مرة وهو أهون عليه: (تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير) (الملك: 1).


    وهو الحكيم الذي لا يخلق شيئاً عبثاً، ولا يترك شيئاً سدىً، ولا يفعل فعلاً، أو يشرع شرعاً إلا لحكم، عرفها من عرفها وجهلها من جهلها. وهذا ما شهد به الملائكة هذا الملأ الأعلى: (قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم) (البقرة: 32).
    وما شهد به أنبياء الله وأولياؤه، وأولوا الألباب من عباده: (الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً، سبحانك) (آل عمران: 191).
    وقد ورد من سنة رسول الله وصحابته الكرام ما يبين لنا حرصهم الشديد على سلامة العقيدة وصيانتها من أي شائبة
    من ذلك ترك التشبه بالكافرين كما في حديث أبي واقد الليثي ، رضي الله عنه : ( أنَّهُمْ خَرَجُوا عَنْ مَكَّةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى حُنَيْنٍ ، قَالَ وَكَانَ لِلْكُفَّارِ سِدْرَةٌ يَعْكُفُونَ عِنْدَهَا وَيُعَلِّقُونَ بِهَا أَسْلِحَتَهُم ،ْ يُقَالُ لَهَا : ذَاتُ أَنْوَاطٍ ، قَالَ : فَمَرَرْنَا بِسِدْرَةٍ خَضْرَاءَ عَظِيمَةٍ ، قَالَ : فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْتُمْ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه ،ِ كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى : اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةً قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ، إِنَّهَا لَسُنَنٌ لَتَرْكَبُنَّ سُنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ سُنَّةً سُنَّة .)ً رواه أحمد سدرة أي : شجرة وقَوْلُهُ : يُقَالُ لَهَا ذَاتُ أَنْوَاطٍ ، الأنواط : جمع نوط ، وهو كل شيء يعلق ، وذات الأنواط هي الشجرة التي يعلق عليها هذه المعاليق . قَالَ ابن الأثير فِي النِّهَايَةِ : هِيَ اِسْمُ شَجَرَةٍ بِعَيْنِهَا كَانَتْ لِلْمُشْرِكِين ، يَنُوطُونَ بِهَا سِلَاحَهُمْ ، أَيْ يُعَلِّقُونَهُ بِهَا ، وَيَعْكُفُونَ حَوْلَهَا ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَجْعَلَ لَهُمْ مِثْلَهَا ، فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ . وقوله : " قُلْتُمْ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه ،ِ كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى : اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةً قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ " ، شبه مقالتهم هذه بقول بني إسرائيل لما مروا على قوم عاكفين على أصنام لهم ، طلبوا من موسى عليه السلام أن يجعل لهم إلهاً يعكفون عليه كما لأولئك إله . )إنها لسنن ) ، أي : طرق ، ( لَتَرْكَبُنَّ ) أي : لَتَتَّبِعُنَّ ، ( سُنَّةَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ) أي : طريقة من كان قبلكم من الأمم ، وَالْمُرَادُ هُنَا طَرِيقَةُ أَهْلِ الأْهَوَاءِ وَالْبِدَعِ الَّتِي اِبْتَدَعُوهَا مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِهِمْ بَعْدَ أَنْبِيَائِهِمْ مِنْ تَغْيِيرِ دِينِهِمْ وفي هذا الحديث من الفوائد : التحذير من الشرك ، وأن الإنسان قد يستحسن شيئا يظن أنه يقربه إلى الله ، وهو أبعد ما يبعده من رحمة ربه ، ويقربه من سخطه، و النهي عن التشبه بأهل الجاهلية والكتاب فيما هو من خصائصهم وعباداتهم .
    ومن ذلك أيضا نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول: ما شاء الله وشاء محمد، للشخص.. حسماً لمادة الشرك وسداً لذريعة التشريك في المعنى، وقال لمن قال له: ما شاء الله وشئت قال: (أجعلتني لله نداً؟)
    وكذلك نهينا عن الصلاة في المقبرة؛ لأنها ذريعة إلى تقديس الموتى وتعظيمهم، وكذلك لا يجوز الذهاب إلى العرافين والكهان ولو كان الإنسان غير معتقد أنهم يعلمون الغيب، لا يجوز إلا إذا كان للإنكار عليهم أو لإفحامهم وإقامة الحجة،
    وكذلك لماذا نهينا عن سب الدهر؟ لأنه يؤدي إلى سب الله عز وجل الذي خلق الدهر، الدهر ليس له تصرف، لا يضر ولا ينفع، الله الذي خلقه، يقلب الأيام والليالي سبحانه وتعالى.
    ولماذا نهي السيد أن يقول: عبدي وأمتي، وإنما يقول: فتاي وفتاتي وغلامي؟
    ونهينا عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها حتى لا يكون ذريعة إلى مشاركة المشركين الذين يعبدون الشمس في ذلك الوقت، حتى في الأمور المتعلقة بالتطير وهذا له اتصال وثيق بالتوحيد،
    فعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا طلع حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تبرز الشمس ، وإذا غاب حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تغيب ، ولا تَحَيُّنوا بصلاتكم طلوع الشمس ، ولا غروبها ، فإنّها تطلع بين قرني شيطان )
    والمعنى أن طوائف المشركين كانوا يعبدون الشمس ، ويسجدون لها عند طلوعها ، وعند غروبها ، فعند ذلك ينتصب الشيطان في الجهة التي تكون فيها الشمس ، حتى تكون عبادتهم له .
    وقد جاء هذا مصرحاً به في صحيح مسلم ، فقد سأل عمرو بن عبسة السلمي الرسول عن الصلاة . فقال صلى الله عليه وسلم : ( صل صلاة الصبح ، ثم أقصر الصلاة حتى تطلع الشمس ، حتى ترتفع ، فإنها تطلع حين تطلع بين قرني شيطان ، وحينئذٍ يسجد لها الكفار ، ثمّ صلَّ ، فإن الصلاة مشهودة محضورة ) .
    ثم نهاه عن الصلاة بعد العصر ( حتى تغرب الشمس ، فإنها تغرب بين قرني شيطان ، وحينئذٍ يسجد لها الكفار ) .
    وقد نهينا عن الصلاة في هذين الوقتين ، والصحيح أن الصلاة في هذين الوقتين جائزة ، إذا كان لها سبب كتحية المسجد ، ولا تجوز بلا سبب كالنفل المطلق ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا تَحَيّنوا ) ؛ أي لا تقصدوا .
    وهذا كما نقلوا عن عمر أنه بلغه‏:‏ أن أقوامًا يزورون الشجرة التى بويع تحتها بيعة الرضوان، ويصلون هناك، فأمر بقطع الشجرة‏.‏ وقد ثبت عنه أنه كان في سفر، فرأى قومًا ينتابون بقعة يصلون فيها، فقال‏:‏ ما هذا‏؟‏ فقالوا‏:‏ هذا مكان صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال‏:‏ ومكان صلى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، أتريدون أن تتخذوا آثار أنبيائكم مساجد‏؟‏‏!‏ إنما هلك بنو إسرائيل بهذا‏.‏ من أدركته فيه الصلاة فليصل وإلا فليمض‏..
    قصة نيل مصر
    روى الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية قال : لما افتتحت مصر أتى أهلها عمرو بن العاص - حين دخل بؤونة(أغسطس ) من أشهر العجم - فقالوا : أيها الأمير ، لنيلنا هذا سنة لا يجري إلا بها . قال : وما ذاك : قالوا : إذا كانت اثنتي عشرة ليلة خلت من هذا الشهر عمدنا إلى جارية بكر من أبويها ، فأرضينا أبويها وجعلنا عليها من الحلي والثياب أفضل ما يكون ، ثم ألقيناها في هذا النيل .فقال لهم عمرو : إن هذا مما لا يكون في الإسلام ، إن الإسلام يهدم ما قبله . قال : فأقاموا بؤنة وأبيب ومسرى)أغسطس وسبتمبر وأكتوبر ) والنيل لا يجري قليلا ولا كثيرا ، حتى هموا بالجلاء ، فكتب عمرو إلى عمر بن الخطاب بذلك ، فكتب إليه : إنك قد أصبت بالذي فعلت ، وإني قد بعثت إليك بطاقة داخل كتابي ، فألقها في النيل . فلما قدم كتابه أخذ عمرو البطاقة فإذا فيها " من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى نيل أهل مصر ، أما بعد ، فإن كنت إنما تجري من قبلك ومن أمرك فلا تجر فلا حاجة لنا فيك ، وإن كنت إنما تجري بأمر الله الواحد القهار ، وهو الذي يجريك فنسأل الله تعالى أن يجريك " قال : فألقى البطاقة في النيل فأصبحوا يوم السبت وقد أجرى الله النيل ستة عشر ذراعا في ليلة واحدة وقطع الله تلك السنة عن أهل مصر إلى اليوم .
    وهكذا يكون حرص المسلم على سلامة عقيدته من أي شائبة تشوبها في اللفظ أو الفعل أو في الاعتقاد لأن المسلم سليم الاعتقاد لا يذل نفسه إلا لله ولا يخاف ولا يرجو إلا الله .
    هذا ماعندي ورحم الله امرءا زاد وأفاد


    2- (صحيح العبادة )

    من صفات الفرد المسلم
    (صحيح العبادة )الصحة : ضد السقم ، والصحيح ما سلم من السنقص .
    و أصل العبودية : الخضوع والتَّذلُّل ، والمستحق لذلك الله تعالي والعبادة : الطاعة ، والتعبُّد : التَّنسُّك .
    تنبع أهمية العبادة من كونها الغاية التي خلق الله الخلق لأجلها، قال تعالى: { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون }(الذاريات: 56)
    ولأجل تحقيق هذه الغاية واقعا في حياة الناس بعث اللهُ الرسل، قال تعالى:{ ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت }(النحل:36)
    وبالعبادة وصف الله ملائكته وأنبياءه، فقال تعالى:{ وله من في السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون }(الأنبياء: 19)
    وذم المستكبرين عنها بقوله: { إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين }(الأنبياء: 19)
    ونعت أهل جنته بالعبودية له، فقال سبحانه:{ عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا }(الإنسان:6)
    ونعت نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بالعبودية له في أكمل أحواله، فقال في الإسراء:{ سبحان الذي أسرى بعبده ليلا }(الإسراء: )،
    فالدين كله داخل في العبادة وهي أشرف المقامات وأعلاها وبها نجاة العبد ورفعته في الدنيا والآخرة.
    تعريف العبادة
    لخص العلماء تعريف العبادة بقولهم: كل ما يحبه الله ويرضاه من الأفعال والأقوال الظاهرة والباطنة، فمثال الأفعال الظاهرة الصلاة، ومثال الأقوال الظاهرة التسبيح، ومثال الأقوال والأفعال الباطنة الإيمان بالله وخشيته والتوكل عليه، والحب والبغض في الله.
    وأصل معنى العبادة مأخوذ من الذل، يقال طريق معبّدٌ إذا كان مذللا قد وطئته الأقدام، غير أن العبادة في الشرع لا تقتصر على معنى الذل فقط، بل تشمل معنى الحب أيضا، فهي تتضمن غاية الذل لله وغاية المحبة له، فيجب أن يكون الله أحبَّ إلى العبد من كل شيء، وأن يكون الله عنده أعظم من كل شيء .
    شروط صحة العبادة :
    لصحة العبادة شرطان:

    أحدهما: أن لا يعبد إلا الله، وهو الإخلاص الذي أمر الله به، ومعناه أن يقصد العبد بعبادته وجه الله سبحانه، قال تعالى : { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة }(البينة:5). وقال صلى الله عليه وسلم قال الله تبارك وتعالى: ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه ) رواه مسلم وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: " اللهم اجعل عملي كله صالحا، واجعله لوجهك خالصا، ولا تجعل لأحد فيه شيئا ".
    والثاني: أن يعبد الله بما أمر وشرع لا بغير ذلك من الأهواء والبدع، قال تعالى: { أَم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله }(الشورى: 21)، وقال تعالى: { فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا }(الكهف:110) وقال صلى الله عليه وسلم: ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) متفق عليه. وقال الفضيل بن عياض في قوله تعالى:{ ليبلوكم أيكم أحسن عملا }(هود: 7) قال أخلصه وأصوبه، قالوا: يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه ؟ قال: العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل، وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا صوابا، والخالص أن يكون لله والصواب أن يكون على السنة .
    أقسام عبودية الناس لربهم :
    الناس في عبوديتهم لربهم على قسمين:

    القسم الأول عبودية قهر: وهذه لا يخرج منها أحد من مؤمن أو كافر، ومن بر أو فاجر، فالكل مربوب لله مقهور بحكمه خاضع لسلطانه، فما شاء الله كان وإن لم يشاؤوا وما شاؤوا إن لم يشاء لم يكن، كما قال تعالى:{ أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون }(آل عمران:33

    القسم الثاني عبودية تكليف: وهي عبودية شرعية دينية، وهي طاعة الله ورسوله، وهي التي يحبها الله ويرضاها، وبها وصف المصطفين من عباده، وهذه العبودية اختيارية من حيث القدر، فمن شاء آمن ومن شاء كفر، ومرد الجميع إلى الله تعالى ليحاسبهم على أعمالهم .
    آثار العبادة على الخلق
    لعبادة الله أعظم الأثر في صلاح الفرد والمجتمع والكون كله، فأما أثر العبادة على الكون وعلى البشرية عامة فهي سبب نظام الكون وصلاحه، وسبيل سعادة الإنسان ورفعته في الدنيا والآخرة، وكلما كان الناس أقرب إلى العبادة كان الكون أقرب إلى الصلاح، والعكس بالعكس، فإن انهمكوا في المعاصي والسيئات وتركوا الواجبات والطاعات كان ذلك مؤذنا بخراب الكون وزواله، ومن تأمل كيف أن القيامة لا تقوم إلا على شرار الخلق حين لا يقال في الكون كله " الله الله " علم صحة ما ذكرنا.
    والعبادة هي الزمام الذي يكبح جماح النفس البشرية أن تلغ في شهواتها، وهي السبيل الذي يحجز البشرية عن التمرد على شرع الله تعالى، قال تعالى : { إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر }(العنكبوت:45) فالعبادة ضمانة أخرى من أن تنحرف البشرية في مهاوي الردى وطرق الضلال.
    والعبادة سبب للرخاء الاقتصادي واستنزال رحمات الله وبركاته على البلاد والعباد، قال تعالى: { ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض }( الأعراف:96).
    هذا فيما يتعلق بآثار العبادة على الكون كله وعلى البشرية جمعاء، أما آثارها فيما يتعلق بالفرد فيمكن إيجاز ذلك في أمور:
    الأمر الأول: طمأنينة القلب وراحته ورضاه، قال تعالى : { الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب }(الرعد:28).
    الأمر الثاني: نور الوجه، قال تعالى: { سيماهم في وجوههم من أثر السجود }(الفتح:29) وقال عن الكافرين:{ والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون }(يونس:27).
    الأمر الثالث: سعة الرزق والبركة فيه، ويدل على ذلك قصة أصحاب الجنة الذين بارك الله لهم في جنتهم في حياة والدهم بطاعته ورحمته بالفقراء، حتى إذا مات وورثوا الأرض من بعده عزموا على حرمان الفقراء، فأرسل الله على جنتهم صاعقة فجعلتها كالصريم محترقة سوداء كالليل البهيم، قال تعالى: { إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون }(القلم:17).
    بور بوينت عن العبادة انسخ الرابط وضعه في المتصفح
    http://www.kau.edu.sa/fah/gcu/ثقافة%...م%20الثالث.ppt

    والسؤال إذا كان الله غنياً عن خلقه وغنياً عن عبادتهم لا تنفعه الطاعة ولا تضره المعصية، فلماذا أمرنا الله أن نعبده؟
    لأن العبادة حق الله على خلقه، فليس بمستنكر أن يكون لله حق على الخلق، وإنما المستنكر والمستغرب أن يجحد الخلق حق لله علينا، "أتدرى ما حق الله على العباد؟ أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً" والجفاء والجحود أن يأسر الإنسان إحسان من أحسن إليه من البشر، إن أحسن إليك أحد الناس يأسرك إحسانه وتحبه، فأقول: من الجحود والجفاء أن يأسر إنساناً إحسان من أحسن إليه من البشر، وأن ينسى الإنسان إحسان وإنعام خالق البشر.
    والعبادة غذاء لأرواحنا، فبدونها سنموت، بدون العبادة سنموت، كما مات أهل الجسد الذين قتلوا الروح قتلا، ماتوا وهم يتحركون بين الناس، إن الإنسان جسد وروح، ومستحيل أن يعيش الإنسان حياة طيبة سعيدة بالبدن دون الروح.
    وأنتم تعلمون أن الغرب قد أعطى البدن كل ما يشتهيه من طعام وشراب وشهوات ونساء وملذات وعلم وتكنولوجيا إلى آخره، أعطى الغرب البدن كل ما يشتهيه ، وبقيت الروح فى أعماق البدن، تصرخ تبحث عن دواء وغذاء فوقف الغرب أمام الروح عاجزاً لا يملك شيئاً، لأن الروح لا توزن بالجرام ولا تقاس الروح بالترمومتر ، ولا توضع الروح في بوتقة التجارب في معمل كيمياء، أو في معمل فيزياء، لذا وقف الغرب عاجزاً أمام الروح، إذ لا يعلم دواء الروح وغذاء الروح إلا خالق الروح جلا وعلا : {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} (85) سورة الإسراء .
    فوقف الغرب عاجزاً أمام الروح، يعيش فى ضنك. نعم: ونحن نتحدى من ينكر ذلك، يعيش الغربيون فى ضنك وشقاء، لماذا؟ لأنهم أعطوا البدن كل شئ وكل ما يشتهيه وبقيت الروح لم تأخذ شيئاً على الإطلاق، هى تنادى فى أعماق البدن تريد دواءها، تريد غذاءها تريد شرابها ودواءها وغذاءها وشرابها فى منهج خالقها وربها، وإن انتشار عيادات الطب النفسى وحالات الانتحار الجماعى والفردي في الشرق والغرب لمن أعظم الأدلة العملية على ما يعانيه الغرب في الجانب الروحي من قلق وشك وضنك واضطراب.
    لا يمكن يا إخوة لطائر جبار أن يحلق في الفضاء بجناح واحد، ولو نجح في ذلك لفترة وإن طالت حتماً سيسقط لينكسر جناحه الأخر، فالإنسان يعيش بين هذين الجناحين، بين جناح الروح وجناح البدن، بل إن الروح هي الأصل؛ لأن الروح هي التي تحمل البدن.
    حكى الشيخ محمد حسان كنت في مطار شيكاغو فحان موعد صلاة الظهر فأذنت في المطار بصوتي فلفت أنظار الجميع (لحلاوة كلمات الأذان وعذوبة الصوت) وصليت بالشيوخ الذين معي وافتتحت الصلاة بسورة مريم وحين انتهيت التف حولنا الناس يصورون بالكاميرا ت وجاء شخص ومعه زوجته وابنته يتساءل من أنتم وماذا تفعلون ؟ثم عقب بأنه سعيد جدا لأنه تنتابه حالات قلق نفسي واضطراب يفكر فيها بالانتحار ، ولا يشعر بالراحة إلا إذا وضع رأسه على التراب كهيئتنا (يقصد السجود )وهو سعيد جدا لأنه كان يظن أنه حالة شاذة في العالم فالآن وجد رفقاء له في المرض فوضحنا له أن هذه صلاتنا وهذا عندنا السجود ...فأراد أن يتعرف على المزيد وسألنا عن مكان نزولنا في أمريكا وجاء بعد عدة أيام إلى المركز الإسلامي وبقي هو وأسرته ثلاثة أيام تقريبا في المركز وبعدها أعلنت هذه الأسرة إسلامها .
    سئل الشافعي يوما: هل الروح هي التي تحمل البدن أم البدن هو الذي يحمل الروح؟ قال: لا بل إن الروح هي التي تحمل البدن بدليل أن الروح إن فارقت البدن وخرجت منه، وقع البدن جثة هامدة لا قيمة له إن لم يدفن فاح عفته ونتنه، فنحن نعبد الله؛ لأن العبادة غذاء الروح، ومن عرف الله أحبه وشعرت روحه بالسعادة بل وشعر بدنه بالسعادة، لا يشعر المسلم بالأنس والسعادة إلا في رحاب الله وفى ذكر الله وفى الصلوات لله، وفى طاعة الله، وفى السجود بين يدي الله قمة السعادة للمسلم من عرف الله أحبه الله.

    قال أحد السلف: مساكين والله أهل الغفلة، خرجوا من الدنيا ولم يذوقوا أطيب ما فيها قيل له: وما أطيب ما فيها؟ قال حب الله والأنس به، حب الله والأنس به، فنحن نعبد الله؛ لأن العبادة غذاء للروح.





    alhdhd45
    alhdhd45


    عدد المساهمات : 1337
    تاريخ التسجيل : 03/03/2011
    الموقع : hmsain.ahlamontada.com

    من صفات الفرد المسلم Empty رد: من صفات الفرد المسلم

    مُساهمة  alhdhd45 السبت 2 يوليو 2011 - 21:56

    (3)مجاهدا لنفسه
    كلمة مجاهدة تعنى بذل الجهد والطاقة
    النفس البشرية كالطفل تماما إ ن أدبتها وهذبتها ؛صلحت واستقامت ،وإن أهملتها وتركتها؛ خابت وخسرت،وهي بطبيعتها تميل إلى الشهوات والملذات والهوى وإذ لم يقيدها وازع ديني تأمر بالسوء والفحشاء فتنقاد إلى السقوط والهلاك وقد كان من وصايا الصديق رَضي الله عنه للفاروق حين استخلفه: إن أول ما أحذرك نفسك التي بين جنبيك.
    قال علي بن أبي طالب: جاهد نفسك على طاعة الله مجاهدة العدو عدوه، فإن أقوى الناس من قوى على نفسه، جاهد نفسك وحاسبها محاسبة الشريك شريكه، وطالبها بحقوق الله مطالبة الخصم خصمه.و إصلاح النفس يكون بالمجاهدة وإن جهاد النفس هو أعظم جهاد لأنه أصعب جهاد لأنك ستمنعها عن ما تريده من لذات وشهوات حرمها الله.

    الجهاد الحقيقي
    لابد من المجاهدة لإصلاح النفس الإنسانية (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين) وعندما ذهب أحد الصالحين لزيارة "ابن تيمية" في السجن رق قلبه وبكى لحاله فما كان من "ابن تيمية" إلا أن قال له: " أتبكي لحبسي. أتبكي لأسري؟!! إن المحبوس من حُبِس قلبه عن الله، وإن المأسور من أسره هواه، وشهوته".
    هذه سنة ماضية من بذل جهده واستفرغ وسعه في مجاهدة نوازعه الشريرة في مجاهدة نفسه الأمارة بالسوء، في مواجهة شيطانه، في مواجهة أهوائه وشهواته لابد أن يصل إلى الهداية الربانية وقد قال عليه الصلاة والسلام( أفضل الجهاد أن يجاهد الرجل نفسه وهواه ) صححه الالباني
    الجهاد الحقيقي أن تجاهد هواك وألا تسترسل مع نزعات نفسك وأنانية نفسك وأهواء نفسك فإن من اتبع هواه فقد ضل وغوى قال تعالى (ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله)
    قال ابن عباس رضي الله عنهما: الهوى شر إله عُبد في الأرض. ثم تلا قول الله تعالى (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله).

    لابد من مجاهدة النفس ولابد أن يسلك الإنسان طريقة إلى الله محطة محطة، ومرحلة مرحلة، حتى يصل إلى رضوان الله تبارك وتعالىوقبل المجاهدة ينبغي أن يغتسل الإنسان من ذنوبه، أن يتطهر من خطاياه، أن يقف مع نفسه وقفة صادقة ليحاسبها على ما اقترف من سيئات وما فرط فيه من حقوق لله، وللنفس وللناس ينبغي أن يقف هذه الوقفة ليصلح ما فسد ويقوَم ما أعوج ويطهر ما خبث، وليس هناك ذنب يستعصي على التوبة كل الذنوب قابلة للتوبة حتى الكفر، حتى الشرك بالله، حتى الإلحاد والجحود بالله عز وجل. إذا تاب الإنسان تاب الله عليه، و(التائب من الذنب كمن لا ذنب له )

    والنفس الإنسانية هي أساس الإصلاح كله إصلاح الأسر، و إصلاح المجتمعات و إصلاح الأمم و إصلاح العالم كله، إذا صلحت الأنفس صلحت الحياة، البداية تبدأ من الفرد، إذا لم يصلح الفرد لن يصلح مجتمع، ولن تصلح حكومة، فالفرد إنما يصلح بإصلاح ذاته، الإنسان لا يقاد من أذنه كما تقاد البهيمة، وإنما يقاد من داخله من عقله، ويقاد من ضميره، لهذا كان إصلاح النفس البشرية هو أساس كل إصلاح وفق هذه السنة الإلهية التي قررها القرآن
    )إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم( الرعد
    ووفق ما قاله النبي صلي الله عليه وسلم (ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب)

    هذا الكيان الداخلي هو حقيقة الإنسان، و ليست في هذا الدم واللحم، ليست في العظام والخلايا والأجهزة، هذه توجد عند الحيوانات، وربما كان الحيوان أضخم جسما من الإنسان وأوسع بطنا منه وأكثر أكلا" منه ولكن الإنسان الحقيقي في هذا الكائن الداخلي، الكائن الروحي، الكائن المعنوي الذي به صار الإنسان إنسانا، وكرمه الله على سائر المخلوقات وجعله في الأرض خليفة وحمله الأمانة التي عرضت على السماوات والأرض والجبال، فأبين أن يحملنها وأشفقن منها.
    أنواع النفوس
    هناك النفس الأمارة بالسوء:هي نوع من أنواع الأنفس التي تسيطر على صاحبها دائما و تدفعه إلى كل شيء يؤدى إلى معصية الله , فهي نفس لا تقاوم المعصية كما ذكر الله تعالى لنا فى كتابه الكريم "و ما أبرىء نفسي إن النفس لأمارة بالسوء"يوسف 53

    النوع الثانى....النفس اللوامة: فحين يرتكب الإنسان معصية تجعله يفكر كيف فعلت هذا و لماذا ..فهي النفس التي كلما تقع في سيئة يحدث لها نوع من الضيق و الشعور بالذنب و الشعور بخشية الله عز و جل , ",لا أقسم بيوم القيامة و لا أقسم بالنفس اللوامة. ) . و لنلاحظ شيء عجيب جدا و هو علاقة يوم القيامة بالنفس اللوامة في القسم , و ذلك لأن هذه النفس تذكر دائما يوم القيامة , فمن علاج النفس لكي تتحول من نفس أمارة بالسوء إلى نفس لوامة أنها تذكر يوم القيامة فتقول لنفسك : " أنت ستقابلين ربك ,أنت ستقفين بين يدي الله عز و جل"
    النفس قابلة للتغير ولكن الأمر يحتاج إلى مجاهدة وصدق وإصرار يحتاج إلى مجرد لحظة صدق ينوي معها أن يكمل حياته كلها لله عز وجل.
    عن ربيعة الأسلمي رضَي الله عنه قال: "كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ، فَقَالَ لِي: سَلْ. فَقُلْتُ: أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ. قَالَ: "أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ؟ قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ. قَالَ: "فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ".
    وحُكِيَ أن " زليخا " لما خلت بيوسف – عليه السلام – قامت فغطت وجه صنم لها ، فقال يوسف عليه السلام : مالك ؟ أتستحين من مراقبة جماد ولا أستحي من مراقبة الملك الجبار ؟ .وأنشد بعضهم قائلاً :
    إذا ما خلوتَ الدهر يوماً فلا تقل = خلوتُ ولكن قل عليّ رقيبٌ
    ولا تحسينَّ اللهَ يغفلُ ساعةً = ولا أنَّ ما تُخفي عليه بغيبُ

    النوع الثالث :النفس المسولة وحالها أن يتوب ويستمر على الاستقامة مدة ، ثم تغلبه الشهوات فى بعض الذنوب : فيقدم عليها عن صدق وقصد شهوة لعجزه عن قهر الشهوة ، إلا أنه مع ذلك مواظب على الطاعات وتارك جملة من الذنوب مع القدرة والشهوة ، وإنما قهرته هذه الشهوة الواحدة أو الشهوتان وهو يود لو أقدره الله تعالى على قمعها وكفاه شرها ، هذا أمنيته فى حال قضاء الشهوة عند الفراغ يتندم ويقول : ليتنى لم أفعله وسأتوب عنه وأجاهد نفسي فى قهرها ، لكنه تسول نفسه ويسوف توبته مرة بعد أخرى ويوما بعد يوم . فهذه النفس هى التى تسمى " النفس المسولة " وصاحبها من الذين قال الله تعالى فيهم : ﴿ وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخرَ سيئا ﴾ (التوبة : 102) فأمره من حيث مواظبته على الطاعات وكراهته لما تعاطاه مرجو فعسى الله أن يتوب عليه ، وعاقبته مخطرة من حيث تسويفه وتأخيره ، فربما يختطف قبل التوبة ويقع أمره فى المشيئة فإن تداركه الله بفضله وجبر كسره وامتن عليه بالتوبة التحق بالسابقين ، وإن غلبته شقوته وقهرته شهوته فيخشى أن يحق عليه فى الخاتمة ما سبق عليه من القول فى الأزل.

    النوع الرابع النفس المطمئنة : و هي التي عندها خوف و رجاء من الله راضية مستقرة ولقد سماها الله المطمئنة لأن كل الناس حيارى حولها عندهم مشاكل و قلق و لكنها مطمئنة ." يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي و ادخلي جنتي" الفجر 27
    حُكيَ عن بعض الصالحين أنه مر بجماعة يترامون ، وواحد جالس بعيداً عنهم فتقدم إليه وأراد أن يكلمه ، فقال : ذكر الله أشهى ، قال : أنت وحدك ؟ فقال : معي ربي وملكاي ، قال له : من سبق من هؤلاء ؟ فقال : من غفر الله له ، قال : أين الطريق ؟ فأشار نحو السماء ، وقام ومشى .
    وقفات مع النفس
    كيف نجاهد أنفسنا؟1-
    إحياء حبّ الّله تعالى في القلب حتّى يكون حبّه سبحانه أرقى من حبّ النّفس والأهل والولد والمال وذلك بالإكثار من النّظر في الكون المنظور والكتاب المقروء، ودوام الذّكر، والتّلذذ بالأوراد الإيمانية من صلاة في اللّيل وقيام في النهار

    2- إحياء الخوف من الّله تعالى في القلوب .

    3- قوّة الإرادة والعزيمة على مواجهة النّفس واليقين أنّ العبد مهما كان ضعفه إذا لجأ إلى ربّه واستعان به أعانه .

    4-لابد أن نتذكر الموت ولابد أن نتذكر الآخرة الجنة والنار، فالموت أشد ما قبله وأهون ما بعده، المشكلة ليست مشكلة الموت ولكن ما بعد الموت أشد.
    ولو أنا إذا متنا تركنا لكان الموت راحة كل حي.
    ولكنا إذا متنا بعثنا فنسأل بعدها عن كل شيء

    إن بعد الموت بعثا، وإن بعد البعث حشرا، وإن بعد الحشر حسابا، وإن بعد الحساب ثوابا أو عقابا، جنة أو نارا، لابد أن نتذكر هذا كله وما معنى الجنة أو النار إنه ليس شيئا هينا أن تفقد الجنة أو تدخل النار! الإنسان يحزن إذا خسر بعض المال أو بعض الصفقات فكيف إذا خسرت الجنة وكيف إذا دخلت النار.
    جسمي على الشمس ليس يقوي ولا على أهون الحرارة
    فكيف يقوى على جهنم وقودها الناس والحجارة

    كان عمر بن الخطاب يقرب المصباح من يديه ويضع أصابعه عليه فتلسعه نار السراج وهي نار ضعيفة خفيفة فيقول: يابن الخطاب ألك صبر على مثل هذه ؟؟!!
    فكيف بنار الآخرة؟ ونار الدنيا جزء من سبعين جزء من نار الآخرة



    (4) مثقّف الفكر

    ما زلنا مع صفات الفرد المسلم للإمام الرباني الشيخ حسن البنا رحمه الله
    واليوم لقاؤنا مع الصفة الرابعة
    وهي مثقّف الفكر
    وديننا اهتم بالعلم والمعرفة وأول آية نزلت " اقرأ باسم ربّك الذي خلق " ويقسم ربنا بأدوات الكتابة وحروفها فيقول " ن والقلم وما يسطرون " ... والقرآن الكريم دائما ما يدعونا إلى إعمال العقل وتقليب النظر (لآيات لأولى الألباب ) و(لقوم يعقلون ) و(أفلا يتفكرون )

    و الثقافة باختصارهي أن تعرف شيئا عن كل شيء .

    يخطىء من يظن أن المثقف هو من يحمل شهادة من إحدى الجامعات أو من قطع شوطا في ميادين العلم والفن، أومن حاز على لقب علمي ما من إحدى الهيئات أو الجمعيات العلمية ، إذ ليس ضروريا أن يكون المثقف من هؤلاء .
    ولكنه قد يكون منهم كما انه قد يكون من غيرهم الذين لا يتمتعون برتب الجامعات ولا برفيع الدرجات.

    المثقف هو من يحاول إدراك الأشياء التي تحيط به والوقوف على ما يجري حوله ، ولا يتأتى ذلك إلا بالسعي لزيادة المعلومات وتوسيع أفق التفكير .
    والمثقف لا يعني ذلك الإنسان الذي يمتلك معلومات كثيرة متناثرة في ذهنه, إنما المثقف الذي يمتلك معلومات مترابطة مع بعضها البعض ومتراكمة في ذهنه في سياق عقلي ثقافي منتظم، قابلة للتوظيف أو لصناعة فكرة جديدة ..فالمثقف ليس مراسلا صحفيا متابعاً للأحداث الثقافية المحلية والعالمية , إنما الذي يمتلك القدرة على التفكير وإنتاج الرؤى والتصورات بمتانة في الذهن وجودة في العرض منتميا إلى دائرة المعرفة العلمية التجريبية.

    إن نهضة الأمم تؤثر فيها الثقافة ، كما تؤثر فيها السياسة والاقتصاد والتشريع والتربية وغيرها .

    ومهما يكن الاختلاف في تحديد جوهر الأزمة ، فأحسب أن لا يخالف أحد في أهمية دور الثقافة فيها ، وخصوصا في الجانب الفكري والأدبي والفني منها ،وذلك لما لها من تأثير في الأخلاق والسلوك ، ومن تأثير في السياسة والحكم ،وتأثير في توجهات الشعوب إلى التقدم أو التخلف ، إلى العلم والعمل ، أو إلى الكلام والجدل .فلو صحّت ثقافة أمة واستقامت وتكاملت توازنت وسلمت من عوامل التشويه والتحريف – كما هو الأصل في ثقافتنا – لكان لها أثرها البالغ في صحة توجه الأمة واستقامتها وتكاملها وتوازنها . وإذا حدث العكس كانت النتيجة عكسية كذلك ، لأن الثمرة من جنس الشجرة . وصدق الله إذ يقول : ( والبلد الطيب يُخرجُ نباتهُ بإذن ربه ، والذي خبث لا يخرج إلا نكدا )

    والثقافة هي نتيجة طبيعية لاحتكاك الإنسان بالبيئة من حوله واستمرار احتكاك الإنسان ببيئته يولّد مجموعة من المعارف لديه , فيستطيع معها أن يحلل الأمور وينسقها ويركبها بناء على ما يحوي عقله من معارف .

    عند الغربيين الاهتمام في مجال واحد فقط من قبل الكثيرين منهم، ولا يشغل أحدهم باله في أي مجال أخر، بل تجد بعضهم من أجهل الجهال في أي شيء خارج نطاق مجاله.

    أما عند العرب فتجدهم يهتمون في مجالات عديدة: سياسة واجتماع واقتصاد.. الخ
    ومن وجهة نظري أن للغرب ميزة، وللمسلمين ميزة، فميزة الغرب قوة علمية كل شخص في المجال المتخصص فيه، إلا أنهم يحتاجون لتعلم الأشياء الأخرى.
    أما عند المسلمين فيحتاجون لمزيد من الاهتمام في التخصص، مع عدم إهمال المجالات الأخرى.

    ضرورة معرفة العصر :أي أن نعرف " العصر " الذي نعيش فيه معرفة دقيقة وصادقة ، فإن الجهل بالعصر يؤدي إلى عواقب وخيمة ، وهذا ما دفع أحد المفكرين إلى القول : إن المشكلة ليست في جهلنا بالإسلام ، بل المشكلة في جهلنا بالعصر !
    ولا تتم معرفة الواقع على ما هو عليه حقيقة إلا بمعرفة العناصر الفاعلة فيه ، والموجهة له والمؤثرة في تكوينه وتلوينه ، سواء أكانت عناصر مادية أم معنوية ، بشرية أم غير بشرية ومنها عناصر جغرافية وتاريخية واجتماعية واقتصادية وسياسية وفكرية وروحية .
    عصرنا بين الإيجابيات والسلبيات
    إنه عصر الإيجابيات :
    عصر العلم والتكنولوجيا .
    عصر الحرية وحقوق الإنسان واستقلال الشعوب .
    عصر السرعة والقوة والتغيرات السريعة ، والتطورات الهائلة .
    عصر الاتحاد والتكتلات الكبيرة .
    عصر التخطيط والتنظيم لا الارتجالية والفوضى والتواكل .
    عصر اقتحام المستقبل ، وعدم الاكتفاء بالحاضر ، فضلاً عن الانكفاء على الماضي .
    وهو أيضاً عصر السلبيات :
    عصر غلبة المادية والنفعية .
    عصر تدليل الإنسان بإشباع شهواته .
    عصر التلوث بكل مظاهره .
    عصر الوسائل والآلات ، لا المقاصد والغايات .
    عصر القلق والأمراض النفسية ، والتمزقات الاجتماعية .

    والناس قسمان حيال العصر : منهم من يهرب منه إلى الماضي خوفاً منه بدل المواجهة ، ومنهم من يندمج فيه إلى حد الذوبان ، والخير في الوسط حين نستعمل إرادتنا واختيارنا أمام هذه المؤثرات لنأخذ ما ينفعنا وندع ما يضرنا .
    العصر ليس هو الغرب .. !! ويجب أن ننتبه إلى نقطة أن العصر ليس الغرب وحده وإن كان هو المهيمن والمسيطر ، فهناك العالم الإسلامي ، على امتداده وسعته له ثقافته الخاصة ، ومعارفه وقيمه ،
    وعالم الشرق الأقصى بدياناته وفلسفاته .
    ويردد كثير من تجار الثقافة دعوة مشبوهة هي استيراد الثقافة الغربية بكل عناصرها بدعويين : عالمية هذه الثقافة ، وأنها ثقافة لا تتجزأ .

    أما عالمية الثقافة فهي شبهة خاطئة لأنهم يخلطون بين العلم والثقافة ، فالعلم كوني ، والثقافة خاصة بكل قوم وكل جماعة . العلم واحد والثقافات متنوعة متعددة .
    أما دعوى أن الثقافة لا تتجزأ فهي مرفوضة تاريخياً وواقعياً .
    لقد أخذ العرب عن الأمم كثيراً مما عندها من العلوم والمعارف ، ولكنهم لم يأخذوا ثقافتها ، وبقوا محافظين على لغتهم وعقيدتهم وعاداتهم وأعرافهم .
    و في العصر الحديث أخذ اليابانيون عن الغربيين العلم والمناهج ، ولم يأخذوا عنهم عقائدهم وشعائرهم وتقاليدهم .
    والغرب ليس كله شراً ولا ضلالاً ، فكم فيه من علم نافع ، وكم فيه من عمل صالح ، وكم فيه من خلق كريم ، وإنجازات هائلة ..لقد أقر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بعض الأحكام والتقاليد التي كان معمولاً بها في الجاهلية ، حيث لم يجد فيها ما يخالف ما جاء به الإسلام .. إذن لا حرج علينا أن نقتبس من الغرب ما ينفعنا ، وما يليق بنا ، ويتلاءم مع قيمنا وثقافتنا ، وما يؤكد المبادئ التي دعا إليها ديننا ..

    مصادر الثقافة :والكثير منا جعل مصدر ثقافته التليفزيون بما يبث من غث وسمين والإعلام يسوق الناس حيث يريد لا حيث يريدون ، ولذا فإن أول سبيل للثقافة الصحيحة هو القراءة
    وإذا سألنا قطاعا كبيرا من الشباب لماذا لا تقرأ ؟ ستجد الإجابة
    ليس عندنا وقت ، لم نتعود على القراءة ، لقد انتهيت من الدراسة وكفى ، يكفيني العمل وفقط .

    يقول فرنسيس بيكون : المعرفة سلطة ....

    وفي هذا العالم الذي أصبح قرية واحدة أصبحت أغلى ثرواته هي المعلومة ..هي المعرفة ..فهي تصنع الفرق كل الفرق في اتخاذ القرار وحل المشكلات ..... ألسنا من الوعي والإدراك الكافيين لنعلم أن العصر هو عصر المعلومات بمعنى أن من يملك العلم يملك كل شيء ..
    قديماً قال نابليون بونابرت لا يوجد في العالم سوى قوتين السيف والعقل وفي المدى البعيد سيُهزم السيف من قبل العقلوهذه الحقيقة هي الباقية الواضحة الآن فلم تعد القوة تقاس بعدد الجيوش الحاملة للسيوف والرماح، بل بالعلم والمعرفة وامتلاك الأسلحة .

    وإهمال الثقافة و الفكر هو إهمال للعقل وهذا يؤدي إلى ضموره .... العضلة بلا تمرين منتظم ومستمر تضعف تماماً وتحتاج إلى مجهود أكبر لإعادتها إلى وضعها الأول وكذلك العقل , هو عضو مثل سائر الأعضاء ..يحتاج إلى استعمال مستمر وتطوير وإلا يصدأ ويتحجر.

    والمثقف لا بد وأن يُكوّن لنفسه مكتبة خاصة مهما كانت صغيرة، وأن يتبحر في علمه، إن كان مختصاً وأن يلم بالشؤون الإصلاحية العامة إلماماً يمكنه من تصورها والحكم عليها حكماً يتفق مع متطلبات العصر وأن يحسن تلاوة القرآن الكريم وتدبر معانيه، وأن يدرس السيرة النبوية المطهرة وتاريخ السلف بقدر الإمكان، وأن يلم بالضروري من قواعد الأحكام وأسرار التشريع".

    ومن وسائل الثقافة التي تحيي في الإنسان الإطلاع الشامل على ما يدور من حوله :

    - أ/ القراءة ...كقراءة الكتب المتخصصة التي تعالج قضيّة ما .

    ب/ وسائل الإعلام المرئية والمسموعة وما تنشره من برامج هادفة مفيدة .

    ج/ الشريط المسموع والمرئي كالمحاضرات والدروس .

    د/ الشبكة العالمية الانترنت....

    هـ / قراءة المجلات المتخصصة والصحف الهادفة ..ولا بأس أن يحاول الإنسان بسعي حثيث أن يزيد من تحصيله الثقافي في مجال تخصصه باعتباره أحد أنواع الثقافات التي يجب على الإنسان استيعابها والاستفادة منها .

    ولكي تستطيع أن تكون مثقّف الفكر فعليك أن : - 1- أعرف نفسك : فالإنسان الجاهل بنفسه هو عدو لها فعلى المسلم أن يعرف نفسه وكيفية الارتقاء بها للأفضل فيعرف شرورها وتسويفها ويكتسب الخبرة على ضبطها والتحكم بها .

    2- اعرف ما يجب عليك من دينك من واجبات ومحرمات ونحو ذلك وكما في الحديث (طلب العلم فريضة على كل مسلم)
    3- اعرف ما يدور حولك :واسمع أو اقرأ الأخبار وكن على وعي كامل بما يدور حولك فها نحن نراه صلى الله عليه وسلم يوجه المستضعفين من صحابته بالهجرة إلى الحبشة، وهذا برهان ساطع على معرفته صلى الله عليه وسلم بما يدور حوله،
    وأحوال الأمم المعاصرة له.
    فلماذا لم يرسل الصحابة إلى فارس أو الروم أو غيرهم؟ ولماذا اختار الحبشة؟ يبين ذلك صلى الله عليه وسلم بقوله: " إن فيها ملكا لا يظلم عنده أحد " .
    وعندما أرسل صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن قال له: " إنك تأتي قوما أهل كتاب " وهذا من إدراكه صلى الله عليه وسلم واقع كل بلد وما يحتاج إليه؛ ولذلك قال له: " فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله.... " الحديث.
    وكذلك نلمس عمق هذا في غزواته، ورسائله إلى الأمم والملوك والقبائل. وكذلك في استقباله للوفود، وتعامله معهم، وإنـزاله للناس منازلهم.

    وقصة فارس والروم، والقصة كما وردت، أنه قامت حرب بين فارس والروم، فانتصر الفرس على الروم، وهنا حزن المسلمون لهذا الأمر، فقام أبو بكر رضي الله عنه وراهن أحد المشركين على انتصار الروم على الفرس، وحدد لذلك أجلا قصيرا.
    فأخبر أبو بكر رضي الله عنه ا لرسول صلى الله عليه وسلم بذلك فأقره، وجاءت الآيات في سورة الروم (الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)([4]) [سورة الروم الآيات: 1 ـ 5]
    4- النظرة الصحيحة المتوازنة للأحداث حولنا وعلينا أن نحذر منعدة أمور في حكمنا على الواقع منها :

    الاتجاه " الإطرائي " للواقع ، (الاطراء هو المدح مع المبالغة) ومحاولة تحسينه وإبراز صورته سالمة من كل عيب ، منزهة عن كل نقص ، وغضّ الطرف عن العيوب الكامنة فيه ، وإن كانت تنخر في كيانه ، واتهام كل من ينقد هذه العيوب والآفات بأنه مشوش ، أو مبالغ أو متطرف .

    ونحذر كذلك من الاتجاه " التشاؤمي " الذي ينظر إلى الواقع بمنظار أسود ، يجرده من كل حسنة ، ويلحق به كل نقيصة ، ولا يرى فيه إلا ظلمات متراكمة .
    ومثل ذلك : الاتجاه " التآمري " الذي يرى وراء كل حدث ـ وإن صغر ـ أيادي أجنبية ، وقوى خفية ، تحركه من وراء ستار . ونحن لا ننكر التآمر والكيد ولكن تضخيم ذلك بحيث يجعلنا " أحجاراً على رقعة الشطرنج " يفتُ في عضدنا ، وييئسنا من أي توجه إيجابي لإرادة التغيير ، ويريحنا بأن نشعر أننا أبدا ضحايا من هو أقوى منا ، ولا حلَ أمامنا غير الاستسلام للواقع المر .
    ومن ناحية أخرى يجعلنا هذا لا نعود على أنفسنا باللائمة ولا نحاول إصلاح ما فسد ، وتدارك ما وقع .
    إن أوْلى من تعليق أخطائنا على التآمر الخارجي ، أن نردَها إلى الخلل الداخلي ، أي الخلل في أنفسنا قبل كل شيء : ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) .
    وقريب من ذلك الاتجاه " التنصلي " في تفسير الواقع ، بمعنى أن أحداً لا يريد أن يتحمل مسؤولية ما في هذا الواقع من سوء وانحراف ، فكل واحد ، وكل فريق ، يريد أن يحمل وزره على غيره ، أما هو فلا ذنب له ، ولا تبعة عليه .
    الكل يشكو من الفساد ، ولكن من المسؤول عن فساد الحال ؟ وأين الخلل ؟ جمهور كبير من الناس يحملون المسؤولية على العلماء ، والعلماء يحملون المسؤولية على الحكام ، والحكام يحملونها على الضغوط الخارجية أو الضرورات الداخلية .
    والحق أن الجميع مسؤولون ، كل حسب ماله من طاقة وسلطة : الجماهير والعلماء ، والمفكرون والمربون والحكام : ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ) متفق عليه
    ومن التفسيرات الخاطئة للواقع : التفسير التبريري الذي يحاول أن يضفي على الواقع ، ما يجعله مقبولاً ومشروعاً ، وإن حاد عن الحق وسواء السبيل ، وفي هذا لون من التدليس والتلبيس ، بإظهار الواقع على غير حقيقته ، وإلباسه زيا غير زيه .
    إننا نريد معرفة واقع عصرنا وعالمنا عموما ، وواقع أمتنا خصوصاً كما هو ، دون تحريف ولا تزييف ، ولا تهويل ولا تهوين ، ولا مدح ولا ذم ، مستخدمين الأساليب العلمية الموضوعية في الكشف والرصد والتحليل ، وفي هذا ما يساعدنا على تشخيص الداء ووصف الدواء .
    إن أعداءنا يعرفوننا تماماً ، فنحن مكشوفون لهم حتى النخاع ، فهل عرفنا نحن أعداءنا ؟ وإذا كنا لم نعرف أنفسنا كما عرفها غيرنا ، فكيف نعرفهم ؟ بل هل عرفنا أنفسنا مثلما عرفها خصومنا ؟
    alhdhd45
    alhdhd45


    عدد المساهمات : 1337
    تاريخ التسجيل : 03/03/2011
    الموقع : hmsain.ahlamontada.com

    من صفات الفرد المسلم Empty رد: من صفات الفرد المسلم

    مُساهمة  alhdhd45 السبت 2 يوليو 2011 - 22:00

    (5) قوي الجسم


    إن الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، والقيام بمهمة الخلافة في الأرض تحتاج إلى جهد وطاقات جسدية، حتى يتم أداؤها على الوجه الأكمل ، لذا حضت التربية النبوية الكريمة على بناء الفرد المسلم على أساس من القوة.
    فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال : "المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله تعالى من المؤمن الضعيف وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز " رواه مسلم.

    إن المسلم مطالب بالأخذ بأسباب القوة ، وهجر الضعف والعجز ،وكيف يضعف المسلم أو يعجز وهو مؤمن بنظام الأسباب وقانون السنن في الكون ؟!
    إن الضعف في البدن أو النفس أو الحال صفة ذميمة ينبغي على المسلم أن يتنزه عنها ويهجرها ، ولهذا رغّب الشرع في إعداد العدة والأخذ بأسباب القوة ،
    فقال تعالى : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ)(الأنفال:60) .

    بل إننا نجد القرآن الكريم قد شنع على أقوام رضوا بالدون ، وعاشوا حياة الضعف والعجز مع قدرتهم على التحول عن هذا الحال .. قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً)(النساء:97) .إن الذين يرضون حياة الضعف والعجز يعرضون أنفسهم للذل والهوان وتسلط الجبابرة .. قال تعالى : (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ)(الزخرف:54) .


    إن الأمم التي يضعف أبناؤها تُستذل وتُهزم ؛ إذ أن الهزيمة تبدأ بهزيمة النفوس ، وإلا فإذا كانت النفوس كبارًا والهمم عالية فإنها تستعصي على الهزيمة والذل ،وقد رأينا في تاريخ أسلافنا كيف سادوا وعزوا وفتحوا الدنيا حين كانت النفوس قوية معتزة بدينها ، آخذة بأسباب القوة ، لكن عندما ضعف أبناؤها واستسلموا للعجز رأينا كيف كان الجندي التتري يأمر المسلم - الذي ضعف وعجز - بالقعود مكانه ريثما يذهب فيحضر حجرًا يقتله به ، فيستسلم ذاك ، ولا يحرك ساكنـًا إلى أن ينجز التتري ما أوعده !!كما رأينا من يُسَوِّغ تعبيد الأمة لأعدائها بحجة أننا : " لن نفكر برأسنا ، ما دمنا لا نأكل بفأسنا " .

    كيف هذا وقد امتدح الله جل جلاه، المَلكْ صاحب الجسد القوي، القادر على تحمل الشدائد، وجعل موهبته من العلم والقوة سبباً لترشيحه للملك قال تعالى: "إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ " البقرة 247 "كما وصف الله سبحانه وتعالى كرام أنبيائه بقوله عنهم "أولو العزم من الرسل".

    ولما رأت ابنة شعيب مظاهر القوة عند سيدنا موسى عليه السلام قالت لأبيها، كما جاء في سياق القصة في القرآن الكريم : "يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِين " القصص 26 ".

    وهكذا نرى كيف ربط الإسلام قوة الإيمان بالاهتمام بقوة الأبدان، والغاية من القوة أن تكون الأمة الإسلامية مرهوبة الجانب، منيعة محمية عزيزة كريمة. وهذا أمرٌ من الله سبحانه وتعالى للأمة الإسلامية في قوله تعالى : "وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ" الأنفال 60 ".

    وأول سبيل للقوة ممارسة الرياضة البدنية ،والرياضة في الإسلام موجهة نحو غاية، تهدف إلى القوة، وهي في نظر الشارع وسيلة لتحقيق الصحة والقوة البدنية لأفراد الأمة، وهي مرغوبة بحق عندما تؤدي إلى هذه النتائج على أن تستر فيها العورات وتحترم فيها أوقات الصلاة.

    وقد تبنى الإسلام حتى في صلب عباداته ما يشجع على تحقيق أفضل مزاولة للتربية البدنية ، وخير مثال على ذلك ما نرى في أعمال الصلاة والحج. فنحن إذا تمعنا في حركات الصلاة نجد أنها تضمنت تحريك عضلات الجسم ومفاصله، وهي حركات تعتبر من أنسب الرياضات للصغار والكبار، للنساء والرجال، لدرجة أنه لا يستطيع أي خبير من خبراء التدريب الرياضي أن يضع لنا تمريناً واحداً يناسب جميع الأفراد والأجناس والأعمار ويحرك كل أعضاء الجسم في فترة قصيرة، كما تفعل الصلاة وأكدت الدراسات الطبية أن حركات الصلاة من أنفع ما يفيد الذين أجريت لهم عمليات انضغاط الفقرات وتجعلهم يعودون سريعاً إلى أعمالهم .

    ونرى في أعمال الحج أيضاً رياضة بدنية عظيمة خلاف ما تحمله من رياضة روحية فأعمال الحج تتوافق مع ما يحتويه نظام الكشافة بحذافيره، ففي رحلة الحج مشي وهرولة وطواف وسعي، وسكنى خيام وتحلل من اللباس الضاغط إلى لباس الإحرام، مما يجعل الحج رحلة رياضية بحق، فهي وإن كانت في أسِّ تشريعها رحلة تسمو بالحاج إلى الأفق الأعلى، فهي في برنامجها رحلة تدريب بدنية تقوي الجسم وتعزز الصحة.

    يقول الدكتور يوسف القرضاوى :جاء الإسلام ديناً شاملاً متوازناً، جاء ينظم شؤون الدنيا والآخرة ويعنى بشؤون الفرد والمجتمع ويعنى في شأن الفرد بالروح والجسم والعقل .

    فهو يريد المسلم القوي في جسمه وعقله وروحه وإيمانه، المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، إذا كان هناك بعض الأديان لا تهتم بالجسم الإنساني، ولا تهتم إلا بالروح، بل بعضها يقوم على تعذيب البدن لتصفو الروح وترقى، جاءت تحرم على الجسد الطيبات من الرزق ومن زينة الله، جاء القرآن يعارض هذه الوجهة ويقول (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين، قل من حرّم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق) من حرّم هذه الزينة وحرّم الطيبات من الرزق على الإنسان.

    جاء الإسلام يعنى بالجسم الإنساني وسمع الناس لأول مرة في جو الدين هذه الكلمات النبوية (إن لجسدك عليك حقاً) ومن حق جسدك عليك أن تقويه إذا ضعف، أن تنظفه إذا اتسخ، أن تريحه إذا تعب أن تعالجه إذا مرض، بل أن تقيه ما استطعت من الأمراض، هكذا أراد الإسلام، أن ينشئ أمة قوية، ولا يمكن أن تكون الأمة قوية إلا إذا كان أفرادها أقوياء، فمن الأفراد يتكون المجتمع كما يتكون البناء من اللبنات، أيمكن أن يوجد بنيان قوي من لبنات خاوية ضعيفة؟ لا يمكن، لهذا كان حرص الإسلام على إنشاء الفرد الصالح القوي في كل ناحية من النواحي ومنها الناحية الجسمية .



    عناصر التربية الجسمية في الإسلام :يريد الإسلام أن يربي الإنسان من الناحية الجسمية على ثلاثة عناصر أساسية:

    الأول : الصحة والسلامة من الأمراض :
    أن يكون الإنسان معافىً في بدنه، كما جاء في الحديث (من أصبح منكم معافى في بدنه آمناً في سربه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها) عافية البدن أول مقومات الحياة الآمنة الهادئة، وكان النبي يسأل الله العفو والعافية، فيقول (أفضل ما أوتي الإنسان اليقين والعافية) ويدعو الله في قنوته ويقول (وعافني فيمن عافيت) ويقول بين السجدتين، (اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني وعافني وارزقني)، طلب العافية، سلوا الله العفو والعافية والمعافاة، في الدين والدنيا والآخرة عافية البدن سلامة البدن .
    كيف يتعامل الإسلام مع الطهارة وكيف تتعامل معها أديان أخرى؟

    ومن أجل هذا شرع الإسلام النظافة وأوجب الطهارة في الصلاة، طهارة الثوب والبدن والمكان،هذه الطهارة الحسية والطهارة الحكمية أوجبها بالغسل والوضوء.
    النظافة فإن الإنسان لا يمكن أن يعافى إذا تعرض للأقذار باستمرار ولم ينظف نفسه ، حتى جاء في الحديث (حق على كل مسلم في كل سبعة أيام يوم يغسل فيه رأسه وجسده، ) حق عليه إذا لم تأت الظروف الطبيعية وتسمح له بالغسل من الجنابة أو نحو ذلك فينبغي في كل أسبوع مرة على الأقل، يوم يغسل فيه رأسه وجسمه،
    .... هذا في الوقت الذي كان الرهبان في العصور الوسطى في أوروبا يتقربون إلى الله بالقذارة وكلما كان أحدهم أقذر ظن أنه إلى الله أقرب، حتى قال بعضهم :
    وا أسفا كان من قبلنا يعيش أحدهم طول عمره ولا يبل أطرافه بالماء ولكننا وا أسفا أصبحنا في زمن يدخل فيه الناس الحمامات، وإنما دخلوا الحمامات عدوى من المسلمين .
    المسلمون في الأندلس كان عندهم في قرطبة مئات الحمامات وهؤلاء ما كانوا يعرفون هذا ، يقولون أصبحنا في زمن يدخل فيه الناس الحمامات.

    حق الإنسان من ناحية تكوينه البدني الصحيح أن ينظف جسمه وأن يبتعد عن كل ما يجلب عليه الأمراض، البول، الماء الراكد، البول في الطريق ، في موارد الماء ، الأشياء التي تجلب على الناس الأمراض المعدية، الإسلام اعتبرها من اللواعن، اللواعن الثلاث التي تجلب لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، جاء الإسلام يعلّم الإنسان المسلم الذوق الراقي، الإنسان لا ينبغي أن يبول في الطريق أو في موارد المياه أو في الظل أو نحو ذلك، فهو يحافظ على صحته ويعلمه الذوق، ويعلمه المروءة والترفع والرقي من ناحية أخرى.

    حرم الإسلام على المسلم أن يشرب المسكرات أو يتناول المخدرات وقد نهى النبي من كل مسكر ومخدر، بل نهى عن كل ما يضر بالبدن، )ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة، لا ضرر ولا ضرار، لا تضر نفسك ولا تضار غيرك، ومن هنا حُرّم التدخين لأن الإنسان يضر نفسه بنفسه، يشتري ضرره بفلوسه.
    و ينبغي للإنسان أن يحافظ على نفسه، لا ينبغي أن يسهر طويلاً فيضني نفسه ويصبح في الصباح متعباً مكدوداً مهدوداً، حتى لو كان هذا السهر في الطاعة والعبادة.
    النبي قال للصحابة الذين أتعبوا أنفسهم في عبادة الله إن لبدنك عليك حقاً، أي في الراحة،وإن لعينك عليك حقاً أي في النوم، وإن لأهلك عليك حقاً ، أي في المؤانسة والإمتاع، وإن لزورك عليك حقاً، أي في الضيافة والإكرام، على الإنسان أن يعطي كل ذي حق حقه.
    يجب على الإنسان أن يحافظ على جسمه، المحافظة على صحة الجسم وعافيته وسلامته، هذا هو العنصر الأول الذي جاء به الإسلام.

    العنصر الثاني هو المرونة والقدرة على الحركة والسرعة:

    أن يكون الإنسان مرن متحرك قادر على أداء الواجبات الدينية والدنيوية، فالإسلام أوجب علينا واجبات دينية ودنيوية منها الصلوات الخمس يصليها الإنسان ما استطاع في المسجد يغالب الكسل، ويغالب الهوى، ويذهب إلى المسجد ويصلي، هذه تحتاج إلى قوة جسمية، الحج الإنسان في الحج كأنما هو كشاف أو جوال يبيت كيفما اتفق ويمشي كيفما اتفق، يحتاج إلى قوة جسمية، واجباته الدنيوية السعي على المعيشة السعي على عياله، يحتاج إلى قوة.
    فلابد أن يكون الإنسان قوياً قادراً على الحركة، الجهاد إذا اعتدي على دينه أو على أرضه أو عرضه، يجب أن يدافع، كيف يدافع الإنسان الضعيف؟؟ لابد أن يكون الإنسان قوياً (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ) ومن القوة التي يجب أن تعد قوة الأجسام، ولهذا كان النبي قوي الجسم صارع رجلاً عرف بالمصارعة فصرعه، وكان يركب الفرس ليس عليه سرج، ولا لجام وكان الصحابة فيهم العداؤون والراكبون وكلهم يتقنون فن الفروسية ،ركوب الخيل ورمي السهام، كانوا يلعبون بهذا، ألعابهم فروسية يعدوًن أنفسهم للجهاد .

    هذه أمة القوة الحقيقية :هذه الأمة، أمة القوة الحقيقية، لم يكن الصحابة مثل هؤلاء المتزينين المتماوتين، رأى سيدنا عمر رجلاً متماوتاً في صلاته فقال له يا هذا ارفع رأسك فإن الخشوع في القلوب، ليس الخشوع في الرقاب، أي لا تحني رقبتك ورأسك، ارفع رأسك.

    ورأت إحدى الصحابيات بعض الشباب يمشون متهاونين متهالكين متماوتين فسألت من هؤلاء؟ فقالوا هؤلاء نساك أي عباد، قالت كان عمر إذا مشى أسرع وإذا تكلم أسمع وإذا ضرب أوجع وكان هو الناسك حقاً، كان قوياً في كلامه ومشيه وحركته وهؤلاء ليسوا نساكاً، الناسك هو عمر، وعمر كان يمثل القوة.

    ومن هنا يشرع الإسلام الرياضات، كل الرياضات التي تقوي الجسم مشروعة ، وجاء عن عمر (علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل )

    الإسلام لا يرفض الرياضة ولكن يرفض المبالغة :في عصرنا وجدت رياضات وأصبحت الرياضة علماً وفناً وأصبح هناك معاهد للرياضة، معاهد متوسطة ومعاهد عالية تعلّم الناس كيف يروّضون أنفسهم، خصوصاً في عصرنا بعد أن أصبح الناس لا يكادون يمشون، كان الناس في الزمن الماضي يمشون ليقضوا حاجاتهم أميالاً وأميال.

    الناس الآن يركبون لأي غرض، فهم محتاجون إلى تمرينات رياضية تقوي أجسامهم، الإسلام لا يرفض هذا، أي لعبة من اللعب بشرط عدم المبالغة، المبالغة تفسد الأمور كلها، إذا زاد الشيء عن حده انعكس إلى ضده، لا بأس أن يلعب الناس كرة القدم أو كرة الطائرة أو كرة السلة أو كرة التنس، لا مانع، لكن لا أن ينقسم الناس بعضهم على بعض ويتحزبّوا هذا فريق ضد فريق وتصبح الكرة وثناً يعبد، هذا مالا ينبغي.


    الرياضة ليست خاصة بالرجال:

    يمكن للنساء أن يلعبن الرياضة، ولكن بضوابط شرعية وقواعد مرعية نحن لسنا أمة سائبة لسنا كالغربيين، الغربيون لهم دينهم ولنا ديننا، هم ليس عندهم أي تحفظ، ولكن نحن إن أردنا أن نعلم المرأة الرياضة لابد أن يكون ذلك في نواد خاصة بها.

    المرأة القوية مطلوبة في الإسلام: لم تعد المرأة السمينة المترهلة هي المرأة المطلوبة في عصرنا وليست هي المطلوبة في الإسلام، المرأة القوية الجسم القادرة على خدمة بيتها وزوجها وأولادها ومجتمعها وخدمة دينها عند اللزوم، وأين من الصحابيات ومن أمهات المؤمنين في بعض الغزوات من شاركن في الغزوات، شاركن بخدمة المقاتلين بإسعاف الجرحى وسقاية المقاتلين ومن شاركن بالقتال. كانت أم عمارة نسيبة بنت كعب و أم سليم،الرميصاء وأمثالهن من الصحابيات يقاتلن في غزوة أحد.
    ونظر النبي إلى نسيبة بنت كعب وهي تقاتل فدعا لها وقال اللهم اجعلها وزوجها وأولادها رفاقي في الجنة .
    ومن هنا ينبغي أن يمارس أنواعاً من الرياضة ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.
    هذا هو العنصر الثاني.


    العنصر الثالث هو الخشونة:

    وهذا خصوصاً بالنسبة للرجال فلابد أن نربي الرجال على الخشونة، الجسم الذي يتحمل المشاق والمصاعب، ليست الحياة كلها ورداً بلا شوك، الحياة وروداً وأشواك، الحياة نسمات وأعاصير الحياة حلو ومر، فلابد أن يؤهل الإنسان نفسه لملاقاة الحياة كما هي، يستطيع أن يجوع عند اللزوم وأن يعطش عند اللزوم، وأن يتحمل الآلام عند اللزوم، لذلك فرض الإسلام الصوم شهراً كل سنة ليدرب المسلم على أن يجوع ويعطش، قد تقتضيه سنن الحياة هذا رغماً عنه، فلابد للإنسان أن يتحمل وأن يتدرب على الخشونة، كما جاء عن عمر (اخشوشنوا فإن النعمة لا تدوم) فدوام الحال من المحال، قد يتغير الحال ويتغير الزمان والدهر قلبّ، وتلك الأيام نداولها بين الناس، فمن عاش طول عمره على الرفاهية وعلى التنعم لا يستطيع أن يواجه الحياة إذا تغيرت إنما يواجهها إذا عوّد نفسه الخشونة وركوب المصاعب.
    هذه هي العناصر الثلاثة التي يريدها الإسلام لتربية الجسم البشري، جسم الإنسان المسلم، فهو أمر لابد منه لتكوين الشخصية المسلمة، الشخصية المسلمة جسم قوي وعقل قوي وروح قوية، هذه هي معالم الشخصية التي يريدها الإسلام .

    كيف تكون قوي الجسم ؟
    انطلاقًا من حديث رسول الله "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير"، فالمؤمن يحتاج لقوة جسمه كي يقوم بالتكاليف الشرعية وعمارة الأرض، ولكي تحوز قوة الجسم لابد من عدة أمور:

    1- أن يتغذى الغذاء المتوازن المفيد الذي يحتوي على المجموعات الغذائية ممثلة بالكربوهيدرات والبروتينات ويحرص على الأطعمة التي تحتوي على الفيتامينات والمعادن ولا يعتمد في طعامه على الوجبات الجاهزة ويكثر من تناول الفاكهة الطازجة ويتجنب الدهون .

    2- إحسان التعامل مع الجسم وتوفير الاحتياجات اللازمة لقوته دونما إفراط أو تفريط.. "... ولكني أصوم وأفطر وأقوم وأنام وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني".

    3- اكتشاف المهارات والطاقات التي أودعها الله - تعالى - في أجسادنا وتنميتها "ألا إن القوة الرمي"، "علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل" كل منا يملك مهارة وطاقة أودعها الله فيه وكفله الاستفادة منها وقدأجازالنبي يوم أحد رافع بن خديج وكان صغير السن لما قيل له: إنه رامٍ، فبلغ ذلك سمرة بن جندب فذهب إلى زوج أمه مري بن سنان بن ثعلبة عم أبي سعيد الخدري وهو الذي ربى سمرة في حجره يبكي, وقال له: يا أبت أجاز رسول الله رافعًا وردني، وأنا أصرع رافعًا، فرجع زوج أمه هذا إلى النبي ، فالتفت النبي إلى رافع وسمرة فقال لهما: «تصارعا» فصرع سمرة رافعًا فأجازه كما أجاز رافعًا، وجعلهما من جنده.
    ونلحظ أن رسول الله أجاز رافعًا وسمرة لامتياز عسكري امتازا به على أقرانهما, ورد صغار السن خشية ألا يكون لهم صبر على ضرب السيوف، ورمي السهام، وطعن الرماح، فيفروا من المعركة إذا حمي الوطيس، فيحدث فرارهم خلخلة في صفوف المسلمين.
    ونلحظ أن المجتمع الإسلامي يضج بالحركة، ويسعى للشهادة شيبًا، وشبابًا، وحتى الصبيان يقبلون على الموت ببسالة، ورغبة في الشهادة، تبعث على الدهشة، دون أن يجبرهم قانون التجنيد، أو تدفع بهم قيادة إلى ميدان القتال، وهذا يدل على أثر المنهج النبوي الكريم في تربية شرائح الأمة المتعددة على حب الآخرة والترفع عن أمور الدنيا.

    4- صيانة الجسم والإسراع بمعالجة ومداوة أي خلل يصيبه، ويحسن في هذا العصر الذي نحياه مع كثرة الملوثات التي تُحيط بالإنسان أن يُجري كشفًا دوريًا عامًا على بدنه ليكتشف أي علة أو مرض قبل أن يتمكن من الجسم والأعضاء والمسارعة بعلاجه؛ "ما خلق الله من داء إلا خلق له الدواء فتداووا".

    5- أن يمارس الرياضة مثل الألعاب الجماعية أو حتى الألعاب القتالية الفردية وغيرها والذي لا يلعب الرياضة فعليه أن يضع له برنامجا يوميا يحتوي على المشي الجدّي لمدة ساعة مثلا وتمارين الإحماء لمدة ربع ساعة يومياً .

    6- وعليه أن يتخلّص من العادات الصحية السيئة ممثلة بالتدخين وغيره،وكثرة شرب المنبهات .




    (6)مَتِينُ الخُلُق
    المتين من كل شيء : القوي . والخُلُق : السَّجيَّة والطبع
    ومعني متين الخلق : أي إنسان سجيته حسنة وطبعه ثابتًا قويًا لا تغيَّره الأحداث .

    فضل حسن الخلق :إن للأخلاق في دين الإسلام شأن عظيم ومكانة عالية حيث دعا الإسلام أتباعه إلى التحلي بها وتنميتها في نفوسهم لأنها أحد الأصول الأربعة التي يقوم عليها دين الإسلام ، الإيمان والأخلاق، والعبادات، والمعاملات، ولذا نالت العناية الفائقة في كتاب الله عز وجل وسنة رسوله .
    وهناك ارتباط وثيق بين الأخلاق والإيمان، وكل عمل يقوم به المسلم يحتاج إلى الأخلاق الحميدة والصفات الحسنة ولاشك أن من فقد الإيمان والتقوى فقد فقَد تلك الأخلاق ، وكلما كان المؤمن أكمل أخلاقاً كان أكثر إيماناً .
    والالتزام بمكارم الأخلاق فيه تقوية لإرادة الإنسان وتمرينها على حب الخير وفعله والبعد عن الشر وتركه ، وبذلك تتحقق سعادة القلب.
    يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " ما من شيء أثقل في ميزان العبد يوم القيامة من حسن الخلق " .
    ويقول النبي صلى الله عليه وسلم " أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً "
    ويقول النبي صلى الله عليه وسلم " إن أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم خلقاً ".
    ويقول أيضاً : " أكثر ما يدخل الناس الجنة تقوى الله وحسن الخلق " .
    ويقول أيضاً : " إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم "
    و من دعاء النبي صلى الله عليه و سلم : " اللهم اهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت ، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت" .
    فإذا نظر للمرآة قال : " اللهم كما حسنت خَلقي فأحسن خُلُقي "

    الأخلاق من أهم الصفات للمسلم:
    للأخلاق أربعة أهداف :

    الهدف الأول :أن هذه الأخلاق هي الهدف الأول من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " الرسول صلى الله عليه وسلم بعث لرحمة البشر ، ألم يقل الله تعالى : " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " لو أن مجتمعا يسوده الغش و الكراهية وخيانة الأمانة و الفواحش ...، هل يكون في هذا المجتمع مكان للرحمة ؟ هل هذا مجتمع آمن ؟
    كل العبادات هدفها الأسمى ضبط الأخلاق1. الصلاة: يقول الله عز وجل " وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر " . إذن من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر أيكون قد أدى صلاته أم لا ؟ فلكل عمل ثمرة وهذا عمل لم ينتج ثمرة .
    يقول الله عز وجل في الحديث القدسي : " إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع بها لعظمتي ولم يستطل بها على خَلقي ولم يبت مصراً على معصيتي وقطع النهار في ذكري ، ورحم المسكين وابن السبيل ورحم الأرملة ورحم المصاب " ضعفه الألباني وقال يحتمل أن يكون من الإسرائيليات .

    1. الصدقة: يقول الله عز وجل " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها " . هدف الصدقة والزكاة هو التزكية وهي التربية العميقة على حسن الخُلق ، أين يكمن معنى التزكية إذا تصدقت ؟
    إذا تصدقت ستتعلم الرحمة بالضعفاء، ستتعلم الكرم وترك البخل ، ستكره الكــبْر، وتتعلم التواضع
    النبي أيضاً يعلمنا أن هناك صدقات أخلاقية تفوق صدقات الأموال . يقول النبي صلى الله عليه وسلم :- تبسمك في وجه أخيك صدقة " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صدقة ، وإرشادك الرجل في أرض الضلال صدقة ، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك صدقة ، وإماطتك الأذى والشوك والعظم عن الطريق صدقة ، وإرشادك للرجل الضرير صدقة
    لا
    3. الصيام : يقول النبي صلى الله عليه وسلم " فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ، ولا يفسق ، ولا يجهل ، وإن شاتمه أحدكم أو قاتله فليقل : إني امرؤ صائم إني امرؤ صائم " .
    4. الحج : يقول تعالى :- " الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج " . الحج تدريب قاس على انضباط الأخلاق فلا معاص ولا جدال حتى يمتد هذا إلى الطير فلا ينفره وإلى الشجر فلا يقطعه ...

    الهدف الثاني : - إن هناك انفصالا بين الأخلاق والعبادات ، بين الدين والحياة ، داخل المسجد يكون الواحد منضبطا ... الصلاة تؤدى على أكمل وجه ، خارج المسجد يصبح شخصا آخرا ... أين الأخلاق ؟ هذا الفصل ليس من الإسلام في شيء الإسلام وحدة واحدة ، كل متكامل ، وينتج عن هذا الفصل الصارخ نوعان من البشر :
    الأول : عابد سيئ الخلق
    والثاني : حسن الخلق سيئ العبادة .
    نموذجان مشوهان ليسا من الإسلام في شيء
    يقول النبي صلى الله عليه وسلم :- والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن ، قيل من يا رسول الله ، قال : من لا يأمن جاره بوائقه " .
    جاء أناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون : فلانة تذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها ، قال : (هي في النار )
    ثم ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم أن فلانة تذكر من قلة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها لا تؤذي جيرانها ، قال هي في الجنة .)
    ويقول النبي صلى الله عليه وسلم " إن شر الناس منزلة يوم القيامة من يتركه الناس اتقاء شره "
    ويقول النبي صلى الله عليه وسلم :- " الإيمان بضع وسبعون شعبة – أو وستون شعبة – أعلاها " لا إله إلا الله " ، وأدناها : إماطة الأذى عن الطريق "

    يقول النبي صلى الله عليه وسلم أتدرون ما المفلس ، قالوا : من لا درهم له ولا متاع قال : المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي وقد شتم هذا وضرب هذا وسفك دم هذا وأكل مال هذا فيأخذ هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، حتى إذا فنيت حسناته ، أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه ثم طرح في النار "
    وإذا دققنا في القرآن اكتشفنا شيء عجيب ، فحينما يتكلم الله عن صفات المؤمنين ، نجد أن ترتيب الصفات في سياق الحديث صفة أخلاقية بعدها صفة عبادية
    مثال : في سورة –المؤمنون- قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ(1)الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ(2)وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ(3)وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ(4)وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ(5)إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ(6)فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ(7)وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ(Cool فبتأمل الآيات ندرك كيف تكون صفات المؤمنين خلق وعبادة .
    مثال آخر تأمل الآيات التالية من سورة الفرقان:
    " وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا(63)" -(خُلُق)- "وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) "-( عبادة )-"وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا(65)" "إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا(66)" -( عبادة )- "وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا(67)" -(خُلُق)-

    الهدف الثالث : أن نكون قوما عمليين فإن النبي ما مدحه الله بكثرة صلاة ولا قيام أو صيام إنما مدحه بحسن خلق فقال (وإنك لعلى خلق عظيم )ووصفته عائشة (كان خلقه القرآن وكان قرآنا يمشي بين الناس )

    الهدف الرابع : الدعوة إلى الله بحسن الخلق إننا نريد أن نخرج لمجتمعنا أناس متميزين حسني الأخلاق إذا ظهرت هذه النماذج سيختفي النموذج المشوه الذي ذكرناه قبل قليل " عابد سيئ الخلق .
    فالخلق الحسن من أعظم الأساليب التي تجذب الناس إلى الإسلام ، والهداية ، والاستقامة ؛ ولهذا من تتبع سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام وجد أنه كان يلازم الخلق الحسن في سائر أحواله وخاصة في دعوته إلى الله تعالى ، فأقبل الناس ودخلوا في دين الله أفواجًا بفضل الله تعالى ثم بفضل حسن خلقه صلى الله عليه وسلم ، فكم دخل في الإسلام بسبب خلقه العظيم ، فهذا يسلم ويقول : والله ما كان على الأرض وجه أبغض إليَّ من وجهك فقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إليَّ وذاك يقول : اللهم ارحمني ومحمدًا ولا ترحم معنا أحدًا تأثر بعفو النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتركه على تحجيره رحمة الله التي وسعت كل شيء ، بل قال له : لقد تحجرت واسعًا ، والآخر يقول : فبأبي هو وأمي ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه والرابع يقول : يا قومي أسلموا فإن محمدًا يعطي عطاءً لا يخشى الفاقة والخامس يقول : والله لقد أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطاني وإنه لأبغض الناس إليَّ ، فما برح يعطيني حتى إنه لأحب الناس إليَّ ) ، والسادس يقول : بعد عفو النبي صلى الله عليه وسلم عنه جئتكم من عند خير الناس ، ثم يدعو قومه للإسلام فأسلم منهم خلق كثير . وهناك أمثلة كثيرة جدًا .

    ومن أشهر الأمثلة قصة مصعب بن عمير رضي الله عنه مع سيدي : الأوس والخزرج سعد بن معاذ وأسيد بن حضير حينما استخدم معهما الخلق الحسن – الرفق والحلم والأناة– فأسلما على يديه ،وقالا لقد عرفنا الإسلام في وجهه قبل أن ينطق به لسانه ، ثم دعا كل منهما قومه إلى الإسلام فلم يبق بيت إلا دخله الإسلام بفضل الله تعالى ثم بفضل الخلق الحسن.

    يحكى أن تاجرا مسلما وكان يتقي الله في كسبه ،فكان يوصي عماله بأن يكشفوا للناس عن عيوب بضاعته إذا وجدت. وذات يوم جاء يهودي فاشترى ثوباً معيباً، ولم يكن صاحب المحل موجوداًفقال العامل: هذا يهودي لا يهمنا أن نطلعه على العيب. ثم حضر صاحب المحل فسأله عن الثوب فقال: بعته لليهودي بثلاثة مائة درهم، ولم أطلعه على عيبه، فقال: أين هو؟ فقال: لقد رجع مع القافلة، فأخذ الرجل المال معه ثم تبع القافلة حتى أدركها بعد ثلاثة أيام. فقال لليهودي: يا هذا، لقد اشتريت ثوب كذا وكذا ، وبه عيب، فخذ دراهمك وهات الثوب. فقال اليهودي: ما حملك على هذا؟ قال الرجل: الإسلام، إذ يقول رسول الله ? "من غشنا فليس منا". فقال اليهودي: والدراهم التي دفعتها لكم مزيفة، فخذ بها ثلاث مائة صحيحةوأزيدك أكثر من هذا بأنني: أشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.

    كيف ينظر الاوروبيون الى الاسلام؟
    اوضحت دراسة قام بها معهد العلاقات الدولية الالماني ان الصورة التي يحملها اغلب الاوروبيين عن المجتمعات الاسلامية سلبية الى حد كبير.
    وطرح المعهد سؤالا وهو "ماذا تفكر عندما تسمع كلمة اسلام؟" على عينة تمثل افرادا ينتمون الى مختلف الشرائح الاجتماعية، وكانت اجابات نحو ثلاثة ارباع المشاركين ان الاسلام يعني النسبة لهم قمع المرأة والتطرف والارهاب.
    ولم يقدم الا نحو ربع المشاركين اجابات تعكس رؤية افضل للاسلام، مثل المشاركة وكرم الضيافة والحض على مساعدة الآخرين وتحقيق انجازات ثقافية.
    هل الأخلاق قابلة للتغيير ؟

    نعم فلولا قابليتها للتغيير لأصبحت كلّ مناهج الأنبياء التربويّة والكتب السماويّة، ووضع القوانين و العقوبات الرّادعة، لا فائدة و لا معنى لها.

    يعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم قائلا : " إنما العلم بالتعلم ، وإنما الحلم بالتحلّم " وقال صلى الله عليه وسلم : (ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله ومن يتصبر يصبره الله).. يريد صلى الله عليه وسلم أن يعلمنا أن الأخلاق قابلة للتغيير ، فلو كانت الأخلاق غير قابلة للتغيير لما كان لتنزيل الشرع معنى كما قال الإمام الغزالي ، وما كان للوصايا والمواعظ والتذكرة أي فائدة ترجى.
    قال تعالى: "وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين" فكيف تنفع الذكرى إذا لم تكن هناك قابلية للتغيير.
    فالذي يريد أن يكون كريماً عليه أن يحمل نفسه على بذل المال، والذي يريد أن يربأ نفسه عن الغيبة عليه أن يلزم نفسه الصمت ويلجم لسانه متى أراد الكلام!
    إن الذي يتأمل النواة والنخلة ويحاول أن يفهم العلاقة بينهما سيظهر له، ويخلص إلى أن النواة خلقها الله خلقاً جعل فيه قابلية النمو، حتى تكون نخلة، شريطة أن تتعاهد وترعى.

    كذلك الأخلاق سلباً وإيجاباً! من الممكن لخلق إيجابي ضامر أن يرعى وينمى حتى يؤتي ثماره ناضجة طيبة ظاهرة ومن الممكن كذلك لخلق سلبي متأصل في النفس بالمجاهدة والتربية أن يضمر ويذبل حتى تيبس أوراقه وتسقط ثماره الخبيثة، وينتفي من صاحبه!
    بالتدريب العملي ، والممارسة التطبيقية للأخلاق الحسنة ولو مع التكلف في أول الأمر ، وقسر النفس على غير ما تهوى .
    كذلك العيش في البيئة الصالحة ، لأن من طبيعة الإنسان أن يكتسب من البيئة التي ينغمس فيها ويعيش من أهلها ، فيكتسب ما لديهم من أخلاق ، وعادات ، وتقاليد ، وأنواع سلوك عن طريق المحاكاة والتقليد ، ولهذا قيل : (إن الطبع للطبع يسرق) ، وأعظم من ذلك توجيه النبي صلى الله عليه وسلم وبيانه أن الجليس الصالح كحامل المسك إما أن تبتاع منه أو تجد منه ريحاً طيبة ، ولا شك أن الرجل على دين خليله ، فلينظر كل مسلم من يخالل.
    كيف لي أن أعرف عيوب نفسي ؟

    1- من صديق ناصح ( صاحب الصالحين ) .
    2- من عدوك ( اسمع أعداءك )
    3- سماع المواعظ والدروس .
    4- أن تدرس وتعرف أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم .
    يقول الله عز وجل " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا(21) " –سورة الأحزاب
    الله عز وجل جمع لنا في النبي كل ما يحتاجه المرء في حياته في جانب القدوة ، لن نستطيع أن نجد القدوة الكاملة في نبي آخر مثل نبينا صلى الله عليه وسلم قد تستطيع أن تقتدي بنبي في صفة معينة ، فقد كان سيدنا عيسى عليه السلام شابا عازبا مجاهدا لنفسه زاهدا في الدنيا . لكن أنستطيع أن نجد فيه ما نقتدي به زوجا ؟ طبعا لا لأنه لم يتزوج ...... أن نقتدي به كأب ؟؟، كجد ؟؟ ...لا ، كيف كان يعامل زوجاته ؟؟
    نستطيع الاقتداء بسليمان كحاكم غني شاكر متصدق........ لكن لانستطيع الاقتداء به كفقير صابر؟؟؟... من الذي كان فقيراً وغنيا؟؟ ؟ من الذي كان قوياً وضعيفا؟؟ ؟ من الذي كان حاكماً ومحكوماً ؟؟؟ من الذي كان أباً وجداً؟؟ ؟ من الذي كان عازبا ؟؟يتيما ؟ داعية ومعلما ؟قائدا عسكريا لذلك قال تعالى : "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة " .

    اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت ، واصرف عنا سيئ الأخلاق لا يصرف سيئها إلا أنت . اللهم كما حسنت خلقنا فحسن خلقنا وحرم وجوهنا على النار برحمتك يا عزيز يا غفار .
    alhdhd45
    alhdhd45


    عدد المساهمات : 1337
    تاريخ التسجيل : 03/03/2011
    الموقع : hmsain.ahlamontada.com

    من صفات الفرد المسلم Empty رد: من صفات الفرد المسلم

    مُساهمة  alhdhd45 السبت 2 يوليو 2011 - 22:02

    (7) منظما في شئونه(Cool حريصا على وقته

    ما زلنا مع صفات الفرد المسلم واليوم لقاؤنا مع الصفتين السابعة والثامنة وهي :
    منظما في شئونه
    حريصا على وقته
    وتنظيم الإنسان لشئونه مرتبط بالحرص على الوقت فتنظيم المسلم لشئون حياته فيه كسب كبير للوقت وسنوضح في السطور التالية هذا الأمر . والوقت وقضية الوقت تأتي على رأس أولويات المسلم فما الوقت إلا الحياة .

    عناية القرآن والسنة بالوقت :وفي مقدمة هذه العناية بيان أهميته ، وأنه من أعظم نعم الله التي من بها علينا ولبيان ذلك أقسم الله جل جلاله وتعالى شأنه في مطالع سور عديدة من القرآن بأجزاء معينة منه مثل الليل والنهار ، الفجر ، والضحى ، والعصر .
    ومن المعروف لدى المفسرين ، أن الله إذا أقسم بشيء من خلقه فما ذلك إلا ليلفت أنظارهم إليه ، وينبههم لجليل منفعته وعظم أثاره .
    قال تعالى: " وسخَّر لكم الشمسَ والقمرَ دائبينِ وسخَّر لكم الليل والنهارَ وآتاكم من كلِّ ما سألتموه وإن تعدوا نعمةَ اللهِ لا تُحْصوها " ( سورة إبراهيم آية 33- 34 )
    و قال تعالى: " وهُوَ الَّذي جعل لكمُ الليلَ والنَّهارَ خِلْفةً لمنْ أَرادَ أن يَّذَّكَّرَ أو أرادَ شُكُورا ( سورة الفرقان آية 62 ).
    و قال تعالى: " والعصرِ . إنَّ الإنسان لفي خُسْرٍ . إلاَّ الَّذينَ آمنوا وعمِلوا الصَّالِحاتِ وتواصَواْ بالحَقِّ وتواصَواْ بالصَّبْرِ " ( سورة العصر 1-3).
    وتذكرنا هذه السورة بان الإنسان خاسر في سباقه مع الزمن ومهما طال عمر الإنسان قصير .
    وجاءت السنة النبوية تؤكد قيمة الوقت ، وتقرر مسئولية الإنسان عنه أمام الله جل وعلا يوم القيامة ، فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لن تزول قدما عبد حتى يسأل عن أربع خصال : عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه ، وعن علمه ماذا فعل به " رواه البزار والطبراني وسنده صحيح وهكذا يسأل الإنسان عن عمره بعامة ، وعن شبابه بخاصة ، والشباب جزء من العمر ولكن له قيمة متميزة لكونه سن النشاط والعطاء والحيوية المتدفقة . وفي الحديث : ( اغتنم خمسا قبل خمس: حياتك قبل موتك ، وصحتك قبل سقمك وفراغك قبل شغلك وشبابك قبل هرمك ،وغناك قبل فقرك ) رواه الحاكم وقال : صحيح علي شرط البخاري ومسلم
    مميزات الوقت
    وللوقت مميزات يتميز بها :
    1- سريع الانقضاء فهو يمر مر السحاب ، ويجري جري الريح
    يقول الشاعر : دقات قلب المرء قائلة له ، إن الحياه دقائق و ثوان …


    ومهما طال عمر الإنسان في هذه الحياة الدنيا فهو قصير ما دام الموت هو نهاية كل حي

    2-ما مضى منه لا يعود :فكل وقت يمضي ، وكل ساعة تنقضي ، وكل لحظة تمر ، ليس في الإمكان استعادتها ، ولا يمكن تعويضها، ولا يمكن تخزين الوقت لاستخدامه في المستقبل ، فلا يمكن ادخاره .

    يقول ابن مسعود رضي الله عنه : (ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت فيه شمسه ، نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي )..

    وقال الحسن البصري ما من يوم ينشق فجره، إلا وينادي: يا ابن آدم، أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فتزود مني، فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة

    3- أنه أنفس ما يملك الإنسان : فهووعاء لكل عمل وكل إنتاج فهو في الواقع رأس المال الحقيقي للإنسان وفي مثل هذا يقول الحسن البصري يا ابن آدم، إنما أنت أيام مجموعة، كلما ذهب يوم ذهب بعضك)


    قتلة الوقت

    ولعلي لا أخالف الصواب إذا قلت : إن بعض المسلمين يقتل وقته بأمور لا طائل من ورائها تشغله عن واجبات هامة نافعة .

    وقد كان السلف رضي الله عنهم أحرص ما يكونون على أوقاتهم ، لأنهم كانوا أعرف الناس بقيمتها . وكان السلف يقولونمن علامة المقت إضاعة الوقت).

    ويقول الحسن البصري : أدركت أقواما كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصا على دراهمكم ودنانيركم .

    والفراغ نعمة يغفل عنها كثير من الناس.. فتراهم لا يؤدون شكرها، ولا يقدرونها حق قدرها، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (نعمتان من نعم الله مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ)

    ففراغ الوقت من الأشغال نعمة عظيمة، فإذا كفر العبد هذه النعمة بأن فتح على نفسه باب الهوى، وأنجرّ في قياد الشهوات، شوّش الله عليه وسلبه ما كان يجده من صفاء قلبه.

    يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ليس يتحسر أهل الجنة على شيء إلا ساعة مرت بهم لم يذكروا الله عزّ وجل فيها).

    وقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: (إن الليل والنهار يعملان فيك، فاعمل فيهما)!

    وأرجو ألا يذهب بأحد التفكير بأن سلف هذه الأمة لم يكن مشغولا إلا بالصلاة والصيام والذكر.. كلا.. فقد كان يعمل في جميع الميادين.. وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوصيهم بأن الله يحب من أحدهم إذا عمل عملا أن يتقنه.. وكانت أعمالهم قربى.. وكل قربى عبادة.. فسادوا وعّمروا وبنوا وأشادوا.. وقد كره عمر بن الخطاب رضي الله عنه التعطل، وإضاعة الزمان سدى فقال: (إني لأكره أن أرى أحدكم سبهللا (أي فارغا) لا في عمل دنيا ولا في عمل آخرة).

    قال الدكتور يوسف القرضاوي تعليقا على تضييع الأوقات: (إن من يقتل وقته إنما يقتل نفسه. فهي جريمة انتحار بطيء ترتكب على مرأى ومسمع من الناس ولا يعاقب عليها أحد).

    وقال ابن القيم: إضاعة الوقت أشد من الموت، لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها.

    المسارعة في الخيرات :

    ولا يخفى على المسلم الفطن أن مما يساعد على اغتنام الوقت والاستفادة منه تنظيم الأعمال وترك الفضول في كل شيء والبعد عن المجالس الفارغة .

    لذا فلنحرص كل الحرص على ألا يمر يوم أو بعض يوم ، دون أن نتزود منه بعلم نافع ، أو إسداء نفع إلى الغير ،أوصلة رحم أو مساعدة ضعيف أو سؤال عن جار أو أمر بالمعروف ونهي عن منكر ، حتى لا تتسرب الأعمار سدى ، وتضيع هباء من غير فائدة .

    نظام الحياة اليومي للمسلم :

    ويجدر بالمسلم إذا أراد أن يبارك الله له في عمره ، أن يسير على ما نظمه الإسلام للمسلم في يومه وليلته بل في حياته كلها ، ويقتضي النظام أن يستيقظ المسلم مبكرا وأن يبدأ يومه من مطلع الفجر بعد صلاته ، وهنا يستقبل يومه بالبكور الذي دعا الرسول صلوات الله وسلامه عليه لأمته بالبركة فيه ، حينما قال : " اللهم بارك لأمتي في بكورها "

    استخدم الأوقات الضائعة:

    مثل انتظار المواصلات، الأوقات البينية... إلخ.

    والأوقات الضائعة أكثر مما نتصور، وإذا استفدنا منها سنكسب كثيراً، يمكنك إعداد ملف بما تستطيع إنجازه في الأوقات الضائعة مثل: قراءة الرسائل، تلاوة القرآن، القراءة في كتاب، سماع شريط كاسيت في السيارة .. إنجاز بعض الاتصالات التلفونية.. السؤال عن أصدقائك وأقاربك..

    وحرصا على تنظيم وقتك ووقت الآخرين يجب أن تحدد مواعيد مسبقة للمقابلات والاتصالات التي تجريها حتى تستطيع تقنين وترتيب هذه الاتصالات وتوجيه وقتك الوجهة الصحيحة .

    إن المتمعن في سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم -.. يجد التخطيط واضحاً في كل مرحلة من مراحلها:

    في الدعوة إلى الله نجد مرحلة مكية وأخرى مدنية..

    وفي المرحلة المكية نجد (المرحلة السرية، ثم مرحلة إعلان الدعوة، ثم مرحلة الدعوة خارج مكة).. وفي المرحلة المدنية نجد مراحل أخرى متمايزة.. ونجد التخطيط في دعوة الأفراد.. في البداية عرض الرسول - صلى الله عليه وسلم - الدعوة على كل من توسم فيه الخير ممن يعرفهم ويعرفونه.. وهؤلاء هم السابقون الأولون.. الذين أصبحوا الخلفاء والقادة.. ثم في مرحلة لاحقة دعا عشيرته الأقربين.. ونجد التخطيط في الهجرة إلى الحبشة.

    ونجد التخطيط في بيعة العقبة الأولى والثانية والفروقات واضحة بين البيعتين..

    ونجد التخطيط في هجرته - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة.

    ثم التخطيط لإقامة الدولة النموذج في المدينة المنورة..

    هل يعتقد أحدٌ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شق طريقه في هذه الظروف البالغة القسوة والصعوبة بدون تخطيط دقيق لكل مرحلة.. ولكل أمر.. في حياته الشخصية، وفي حياته العامة، وفي علاقات الدولة مع الآخرين.. وفي إقامة الحق والعدل بين الناس.. في حربه وسلمه ومعاهداته.. في تربية المسلمين وإعدادهم للمستقبل..؟

    ومن تنظيم الوقت أن يكون فيه جزء للراحة والترويح:

    لأن النفس تسأم بطول القراءة والبحث والعمل ، والقلوب تمل كما تمل الأبدان ، فلابد من قدر من الترويح المباح يعيد للنفس نشاطها وللقلب حيويته فقد أثر عن علي رضي الله عنه أنه قال : روحوا القلوب ساعة بعد ساعة ، فإن القلب إذا أكره عمي .

    يقول الشيخ يوسف القرضاوي: (إن حياتنا يجب أن تكون جداً تتخلله راحة وليس راحة يتخللها جدٌ).

    ذُكر لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه قومٌ يكثرون الكلام بلا هدف فقال: (هؤلاء قومٌ صعب عليهم العمل، فسهل عليهم الكلام).

    الآفات القاتلة للوقت :

    هناك آفات كثيرة تضيع على الإنسان وقته ، وتأكل عمره ، إذا لم ينتبه لخطرها .. وهنا نقتصر على ذلك آفتين وذلك لعظم خطرهما .

    الآفة الأولى : الغفلة :

    وهي مرض يصيب عقل الإنسان وقلبه ، بحيث يفقد الحس الواعي بالأحداث واختلاف الليل والنهار ، يفقد الانتباه واليقظة إلى معاني الأشياء وعواقب الأمور .

    والقرآن الكريم يحذر من الغفلة أشد التحذير فى قوله تعالى : وَلَقَد ذرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الغَافِلُونَ (الأعراف 179

    ويدين القرآن أولئك الذين يهتمون بظاهر العلم دون حقيقته ولبه ، فيقول تعالى : وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ * يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ) الروم 6،7

    ومن البلية حقا أن تمر بأمتنا الأحداث تزلزل الجبال ، فلا يعتبر المسلمون ولا تتغير أحوالهم ، ومن هنا كان من دعاء أبي بكر رضي الله عنه : ( اللهم لا تدعنا في غمرة ، ولا تأخذنا على غرة ، ولا تجعلنا من الغافلين ) .

    الآفة الثانية ، التسويف :

    وهو من أشد الآفات خطرا على انتفاع الإنسان بيومه وحاضره ، وهي التسويف والتأجيل ، حتى تكاد تصبح كلمة سوف شعارا له وطابعا لسلوكه ، فمن حق يومك عليك أن تعمره بالنافع من العلم والصالح من العمل .

    وفي التسويف ، وتأخير واجب اليوم إلى الغد آفات أيضا :

    أولا : إنك لا تضمن أن تعيش إلى الغد ، ومن يضمن لأحد أن يعيش إلى غده والموت يأتي بغتة . ثانيا : إنك إن ضمنت حياتك إلى الغد فلا تأمن المعوقات من مرض طارئ ، أو شغل عارض ، أو بلاء نازل .

    ثالثا : إن لكل يوم عمله ، ولكل وقت واجباته ولما قيل لعمر بن عبد العزيز وقد بدأ عليه الإرهاق من كثرة العمل : آخر هذا إلى الغد ؛ فقال : لقد أعياني عمل يوم واحد فكيف إذا اجتمع على عمل يومين ؟ رابعا : تأخير الطاعات والتسويف في فعل الخيرات يجعل النفس تعتاد تركها ، حتى أن المرء يقتنع عقليا بوجوب المبادرة إلى الطاعة وعمل الصالحات ، ولكنه لا يجد من إرادته ما يعنيه على ذلك ، بل يجد تثاقلا عن العمل وإذا خطا يوما إليه خطوة كان كأنما يحمل على ظهره جبلا .

    ومثل ذلك نجده أيضا عند التسويف في التوبة من المعاصي والمخالفات .



    عوامل معينة لك :

    1 ـ تعود أن تقوم بأكثر من عمل في وقت واحد ، مثل الصلاة ومراجعة القران في الصلاة ، أن تسمع بأذنيك وتذكر بشفتيك ، أن تتفكر بعقلك وتنظر في الآيات المجلوة بعينك ، أن تؤدى عملا باليدين ، وتذكر باللسان وتحرس بالعين . أن تقرأ وتلخص وتكتب ، أن تجالس الأصحاب وتنصح ذوى الألباب .

    2 ـ احرص علي كتابة كل فائدة ومعلومة جديدة حتى لا تضيع وقتا آخر في تحصيلها . يقول النبي :" قيدوا العلم بالكتابة " لان العلم إن لم تقيده ـ تكتبه ـ شرد عليه ذهنك و ذهل عنه عقلك .

    3 ـ انصح بما تعلمه ، واعمل به في الحال ، حتى يثبت ولا ينسي ، فتحتاج إلي وقت آخر لاستعادته، قال النبي " بلغوا عني ولو آية " وقال :"الدين النصيحة ".

    4 ـ إياك وفضول الأوقات أن تضيع :

    ـ بكثرة الراحات ، والمجادلات ، وقراءة كل الصحف والمجلات ، ويكتفي بسماع الأخبار وقراءة ما ينبني عليه عمل ويزيد في العلم ، فما أكثر المعلومات التي لا يضر الجهل بها و لا ينفع العلم بها .

    ـ في الوقوف المتكرر بعد اللقاءات ، أو التأخر عن المواعيد اعتيادا لا انشغالا بما يفيد.

    ـ بالاستهانة بالدقائق و اللحظات بين القيام بالأعمال والواجبات ، فاشغلها بمشاركة الأهل في عمل أو في بعض القراءات

    ـ بالتسهي والتشهي والإعداد للمشروبات والأكلات ؛فتخسرالوقت والمال والحسنات.

    ـ بكثرة الحديث عن الذي كان وكان وقد فات ، ويكفي منه الإجابة عن سؤال أو حديث في نقل الخبرات .

    ـ بالإستلقاء علي الفراش و الإستفاضة في حلم اليقظة وتكرار الخطرات .

    فصحة الرجولة في الانشغال بالأمهات من المهمات .

    ـ بالتسويف للواجبات فكل وقت له عمله ، وما فات فليس له استدراك .

    ـ بالغضب لغير الدين ، فانه يفقد القوى ويضعفها ، ويلتهم الأوقات في التشفي وأخذ الثارات . ـ واغتنم الأوقات الفاضلة بالأعمال الصالحة ، فإنها إن فاتت فهيهات وهيهات .

    ـ يقول الله عز وجل : (وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون 39 إنا نحن نرث الأرض ومن عليها والينا يرجعون ) . (مريم : 49 : 40 )

    وبالجملة اشغل كل وقت بعمل نافع ، فان كنت خاليا فأنت فى واجب مع الله ، وان كنت مع الأهل فأنت في واجب عائلي ، وان كنت مع الناس فأنت في واجب دعوى . أينما كنت ، ومتى كنت فأنت في واجب عليك .


    عليك بالإقلال في ثلاث ، والإكثار في ثلاث : أقِل الكلام بغير الذكر ، وأقل النوم وأقل الطعام . وأكثر من ذكر الله ، ومن ذكر الموت ، ومن الدعاء بالغيب للإخوان وللمسلمين وخاصة الوالدين . ***

    عمارة الوقت : املأ جميع آناء الوقت بما يقرب إلى الله ، أو يعين على ذلك من مأكل ومشرب أو منكح أو منام أو راحة ، فانه متى أخذت بنية التقوى علي ما يحبه الله ، وتجنب ما يسخطه كانت من عمارة الوقت وان كان له فيها لذة أتم لذة ، فلا ريب أن النفس إذا نالت حظا صالحا من الدنيا قويت به وسرت واستجمعت قواها وتنفستها وأقبلت على الطاعات.
    نسأل الله عز وجل أن يعرفنا شرف أوقات العمر ، وأن يوفقنا لاغتنام ساعاته ودقائقه ، وكفى بالله هاديا إلى الصواب وبالله التوفيق .


    لمزيد من الاطلاع في هذا الموضوع يراجع كتاب

    الوقت في حياة المسلم للدكتور يوسف القرضاوي




    (9) قادرا على الكسب
    يحظى العمل في الإسلام بمنزلة خاصة واحترام عظيم ، ويكفي في إظهار قيمته ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم "إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها ، فليفعل(1)"رواه أحمد وصححه الألباني والفسيل صغير النخل
    وهو "دليل على أن العمل مطلوب لذاته ، وأن على المسلم أن يظل عاملا منتجا ، حتى تنفد آخر نقطة زيت في سراج الحياة"
    ويعتبر الإسلام أن العمل الصالح هو جهد مبرور في سبيل الله ، كما جاء في حديث كعب بن عجرة قال:"مر النبي صلى الله عليه وسلم على رجل ، فرأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من جَلده ونشاطه ، فقالوا: يا رسول الله ؛ لو كان هذا في سبيل الله!
    فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن كان خرج يسعى على ولده صغارا ؛ فهو في سبيل الله ، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين ؛ فهو في سبيل الله ، وإن كان خرج على نفسه يُعفها ؛فهو في سبيل الله ، وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة ؛ فهو في سبيل الشيطان" رواه الطبراني وصححه الألباني

    من جانب آخر نجد النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أمته أن عمل الإنسان بيده مما يشرفه ، فهو أزكى الكسب وشأن الأنبياء: "ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده ، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده"، وفي رواية: "كان لا يأكل إلا من عمل يده"

    ويذكر النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه أنه "ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم ، فقال أصحابه: وأنت ، فقال: نعم كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة"

    وفي هذا إظهار لشرف العمل ، وأنه سبيل أنبياء الله الكرام ، ويؤكد التوجيه النبوي حرص الإسلام على كرامة العامل ، ويربيه على أن يكون فعالا منتجا ، لا مِنَّة للناس عليه.
    ومما يذكر أن رجلاً من الأنصارِ أتى النبيَ - صلى الله عليه وسلم - يسألُه، فقال: " أما في بيتك شيءٌ؟ قال: بلى، حِلسٌ نلبسُ بعضَه، ونبسُط بعضَه، وقَعبٌ نَشربُ فيه الماءَ، قال: ائتني بهما، قالَ: فأتاه بهما، فأخذَهما رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بيده، وقالَ: من يشتري هذين؟ قالَ رجلٌ: أنا آخذهما بدرهمٍ، قالَ: من يزيدُ على درهمٍ؟ مرتينِ أو ثلاثاً، قالَ رجلٌ: أنا آخذهما بدرهمين، فأعطاهما إياه، واخذ الدرهمين، وأعطاهما الأنصاري َّوقالَ: اشتر بأحدهما طعاماً فأنبذه إلى أهلك، واشتر بالآخرِ قَدوماً فأتني به، فأتاه به، فشدَّ فيه - صلى الله عليه وسلم - عوداً بيده، ثم قالَ: اذهب فاحتطِب وبع، ولا أرينَّكَ خمسةَ عشرَ يوماً، فذهبَ الرجلُ يَحتطبُ ويبيعُ، فجاءَ وقد أصابَ عشرةَ دراهمٍ، فاشترى ببعضِها ثوباً وببعضِها طعاماً، فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: هذا خيرٌ لك من أن تجيءَ المسألةُ نكتةً في وجهكَ يومَ القيامةِ، إن المسألةَ لا تصلحُ إلا لثلاثةٍ، لذي فقرٍ مُدقِعٍ، أو لذي غُرمٍ مُفظِعٍ، أو لذي دَمٍ مُوجعٍ" (رواه أبو داودَ والترمذيِّ وحسنَّه).
    وهدف العمل في الإسلام ليس كسب المال فقط ، ففضلا عن معانيه التعبدية ، فإن من غاياته تحقيق الأمن الاجتماعي بين الناس ، وهذا يؤدي إلى التوازن النفسي على مستوى الفرد والجماعة ، وكم من مجتمعات بلغت الغاية في الكسب المادي ، ولكن أفرادها ظلت حياتهم مملوءة بالقلق والخوف والوحدة والشعور الحاد بالغربة القاتلة ، وكأنها تعيش في غابة مملوءة بالوحوش الكاسرة ، لذا نجد علاقات طردية بين العمل الصالح -والذي من وراءه بسط الرزق- والتوازن الاجتماعي ، وهذا المفهوم يتضح من خلال الحديث الصحيح: "من سره أن يبسط له في رزقه أو يُنسأ له في أثره فليصل رحمه".

    وكان التوجه النبوي الكريم تجاوز كل المعوقات التي قد تشل طاقة الإنسان الفعالة في العمل ، وفي حديث أنس أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول كثيرا: " اللهمَ إني أعوذُ بكَ من العجزِ والكسلِ، والجُبنِ والبُخلِ، وغَلبةِ الدَّينِ وقَهرِ الرِجالِ" أخرجه النسائيُ وأبو داودَ.
    وتمت ترجمة التوجيهات النبوية في المواقف العملية للصحابة الكرام ،فعندما كان بعض الصحابة يعرض على أخيه أن يشاطره نصف ماله ، كان يدعو له بالبركة ، ثم يقول: "دلوني على السوق" كما في قصة عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع، فلا يرضى إلا أن يكون العمل الجاد المشرف هو المقابل للإيثار العظيم الذي بادره به أخوه .
    ولقد ربى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه على مبدأ عظيم: "اليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول"
    ؛ حتى أنه كان يشجع صبيان المسلمين على العمل ، وقد ترجم في الإصابة لعبد الله بن جعفر ، فنقل عن البغوي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بعبد الله بن جعفر ، وهو يبيع بيع الصبيان ، فقال: "اللهم بارك له في بيعه ، أو صفقته"
    ومن أهمية العمل في الإسلام أنه أحد معايير التقييم ؛ لدرجة أن عمر بن الخطاب كان "إذا رأى غلاما فأعجبه سأل: هل له حرفة؟ فإن قيل:لا ، قال: سقط من عيني"
    ، وبلغ من حرص الأصحاب رضي الله عنهم أن "(صنع القفاف ونحوها من الخوص وهو ورق النخيل) كانت حرفه سلمان الفارسي ، حتى وهو أمير في المدائن ؛ فيعيش بها ، وكان يقول: أحب أن أعيش من عمل يدي …"
    وعلي بن ابي طالب كان عاملاً وكان يقول مفتخراً:لحمل الصخر من قمم الجبال أحب الىَّ من منن الرجال
    يقول الناس لي في الكسب عار فقلت العار في ذل السؤال
    أهمية العمل في حياة الأمم
    لا أحد يشك في أهمية العمل سواء للفرد أو المجتمع أو الدول، والدول والمجتمعات تقاس جديتها وتقدمها باهتمامها بالعمل، والدول المتقدمة في العصر الحاضر لم تصل إلى هذا المستوى من التقدم في العلوم والفضاء والتقنية إلا بجدية أبنائها في العمل...

    وأسلافنا المسلمون السابقون لم يبنوا حضاراتهم الإنسانية الكبيرة إلا بإخلاصهم في العمل، ولقد حصل التراجع والتأخر للمسلمين في الوقت الحاضر لاهمالهم الأخذ بسنن الله في الكون وعدم جديتهم في العمل القائم على البحث العلمي مع التخطيط ...
    مع أن الدين الإسلامي يحث على العمل الجاد، فالإسلام اعتبر العمل حق لكل مسلم، وحارب البطالة لآثارها السلبية على المجتمعات والأسر.

    بل إنه ذهب إلى أبعد من ذلك عندما جعل العمل المفيد من أسباب الثواب وزيادة الحسنات، وقد ورد في القرآن الكريم العديد من الآيات التي تتعلق بهذه المعاني ومن ذلك {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} الملك 15
    وقوله تعالى {وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ} الأعراف10

    كما أن السنّة الشريفة تضمنت العديد من النصوص التي تحث على العمل والكسب الحلال (ما أكل أحد طعاماً خيراً من أن يأكل من عمل يده).. وقوله صلى الله عليه وسلم (من أمسى كالاًّ من عمل يده أمسى مغفوراً له(. ضعفه الألباني
    والإسلام لا يفرق بين أنواع العمل بحيث يكون نوع منها لفئة معينة ونوع آخر لفئة أخرى،بل كل عمل من كسب حلال يحبه الله ورسوله .
    وقد أشار القرآن الكريم إلى بعض الأعمال والصناعات المفيدة بدون أن يقصرها على فئة محددة:
    فقد نوه القرآن الكريم بمادة الحديد التي لها دور اليوم في مجال الصناعة {وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ}الحديد 25

    كما أشار إلى أن صناعة اللباس في قوله {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} النحل 80
    وبصناعة السفن (فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا}المؤمنون 27
    كما أشار إلى الزراعة (أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} الواقعة 64،63

    ولقد كرم الإسلام العاملين ولم يعِب أي نوع من العمل الشريف، فسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عمل في الرعي والتجارة، كما أن من الصحابة الكرام من امتهن التجارة ؛كأبي بكر الصديق، والحدادة كخباب بن الإرت والرعي كعبدالله بن مسعود،وغيرهم .
    ، وفي هذا المجال يقول الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (أني لأرى الرجل فيعجبني فأقول أله حرفة فإن قالوا لا سقط من عيني)..

    متى يكون العمل فرض كفاية ؟
    من ناحية أخرى يعتبر عمل الفرد في نظر الإسلام فرض كفاية بالنسبة للمجتمع فالعمل في مجالات النفع العام كالصناعة والزراعة والتجارة والحدادة والكهرباء والهندسة ونحو ذلك يعتبر خدمة للمجتمع بأكمله يأثم الجميع إذا ترك العمل في هذه المجالات ونحوها.

    حقوق العاملين وواجبا تهم :وكما أن الإسلام قد أكد على أهمية العمل وضرورته للفرد والمجتمع فقد اهتم بحقوق العاملين وواجباتهم، فمن ناحية الحقوق كان هناك حرص على أن يعطي العامل أجراً مناسباً ومجزياً وأن يصرف هذا الأجر فور استحقاقه، ففي السنّة (اعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه)
    كما تم وضع الأسس اللازمة التي من شأنها المحافظة على صحة العامل ومنحه الرعاية الصحية بما في ذلك حفظ النفس والعقل، وكذلك إتاحة الفرصة له للراحة لأن لكل إنسان طاقة محددة ينبغي عدم تجاوزها، {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}

    كما اعتنى الإسلام بالأحداث والنساء في مجال العمل، فهو وإن كان قد أجاز تشغيل الحدث من أجل بعث روح التحفز والكسب وتشجيعه على الاعتماد على النفس إلا أنه قيد ذلك بأن يكون العمل الذي يمارسه ملائماً له وأن يكون عملاً مشروعاً وأن يكون العمل باختيار ولي أمره.. أما بالنسبة للمرأة فقد جعل لها الإسلام ذمة مالية مستقلة وأجاز لها العمل الذي يناسبها بشرط الاحتشام والوقار وعدم الخلوة .
    أما عن واجبات العامل فقد أكد الإسلام على ضرورة قيام العامل بأداء عمله بالدقة والإخلاص وحذر من خيانة الأمانة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} الأنفال27
    ولذلك فإن العامل يكون مسؤولاً عن الأخطاء الناشئة بسبب تقصيره أو خيانته.
    السعي لطلب الرزق من تمام التوكل على الله
    لقي عمر بن الخطاب ناساً من أهل اليمن، فقال: من أنتم؟ قالوا: نحن المتوكلون. قال: بل أنتم المتأكلون.
    إنما المتوكل الذي يلقي حبة في الأرض، ويتوكل على الله عزَّ وجلَّ.
    ومن المشهور عنه: أنه رأى جماعة يقعدون في المسجد بعد صلاة الجمعة، فأنكر عليهم، وقال: لا يقعدنَّ أحدكم عن طلب الرزق، ويقول: اللهم ارزقني، وقد علم أن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضةً! إنما يرزق الله الناس بعضهم من بعض. أما قرأتم قول الله تعالى: (فإذا قُضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله)؟ (الجمعة: 10)
    وقد حكوا عن شقيق البلخي -وهو من أهل العبادة والزهد- أنه ودَّع صديقه إبراهيم بن أدهم، لسفره في تجارة عزم عليها. ولم يلبث إلا مدة يسيرة، ثم عاد، ولقيه إبراهيم، فعجب لسرعة إيابه من رحلته، فسأله عما رجع به قبل أن يتم غرضه، فقصَّ عليه قصة شهدها، جعلته يغير وجهته ويلغي رحلته، ويعود قافلاً.
    ذلك أنه نزل للراحة في الطريق، فدخل خربة يقضي فيها حاجته، فوجد فيها طائراً أعمى كسيحاً لا يقدر على حركة، فرَقَّ لحاله، وقال: من أين يأكل هذا الطائر الأعمى الكسيح في هذه الخربة؟ ولم يلبث أن جاء طائر آخر يحمل إليه الطعام ويمده به، حتى يأكل ويشبع، وظل يراقبه عدة أيام وهو يفعل ذلك، فقال شقيق: إن الذي رزق هذا الطائر الأعمى الكسيح في هذه الخربة لقادر على أن يرزقني! وقرر العودة.
    وهنا قال له ابن أدهم: سبحان الله يا شقيق! ولماذا رضيت لنفسك أن تكون الطائر الأعمى العاجز الذي ينتظر عون غيره، ولا تكون أنت الطائر الآخر الذي يسعى ويكدح ويعود بثمرة ذلك على من حوله من العمي والمقعدين؟! أما علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اليد العليا خير من اليد السفلى)؟.
    فقام إليه شقيق وقبَّل يده وقال: أنت أستاذنا يا أبا إسحاق!
    الكسب الحرام والحلال
    ولا ينبغي للمسلم أن يطلب رزقه بالعمل في الحرام كتقديم الخمر أو لحم الخنزير أو بكسب حرام بالسرقة أو بأكل الرباروى البخاري من حديث خولة الأنصارية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة»
    وروى البخاري عن زيد بن أرقم عن أبي بكر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به» وفي الحديث: «لا يدخل الجنة جسد غذي بالحرام» رواه الترمذي.وروى البيهقي بإسناده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم وإن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الدين إلا من يحب فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه ولا يكسب عبد مالا حراما فينفق منه فيبارك له فيه ولا يتصدق منه فيقبل منه ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار إن الله لا يمحو السيئ بالسيئ ولكن يمحو السيئ بالحسن»وفي صحيح مسلم حين ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب له )
    هل يجوز للمسلم ترك العمل باسم التفرغ للعبادة؟
    لا يجوز للمسلم ترك العمل باسم التفرغ للعبادة ولو عمل في أقل الأعمال فهو خير من أن يسأل الناس كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي سبق (لأن يأخذ أحدكم حبله ثم يغدو إلى الجبل فيحتطب فيبيع فيأكل ويتصدق خير له من أن يسأل الناس)
    وأما أهل الصفة وبقاؤهم في المسجد على عهد رسول الله فإنهم كانوا فقراء ليس لهم أهل ولا مكان ،وكانوا تارة يكثرون وتارة يقلون، فتارة يكونون عشرة وتارة يكونون ستين وسبعين، و جملتهم نحو أربعمائة من الصحابة.
    ولم تكن فرص العمل كثيرة في هذا الوقت فقد كانت دولة الإسلام ناشئة محاصرة ولذلك لما تهيأ لهم العمل تحركوا وتركوا المسجد ،وأغنى الله الكثير من فضله .

    نسأل الله أن يكفينا بحلاله عن حرامه وأن يغنيننا بفضله عمن سواه

    (1)قال الهيثمي : ولعله أراد بقيام الساعة أمارتها فإنه قد ورد إذا سمع أحدكم بالدجال وفي يده فسيلة فليغرسها فإن للناس عيشاً بعد ، والحاصل أنه مبالغة في الحث على غرس الأشجار وحفر الأنهار لتبقى هذه الدار عامرة إلى آخر أمدها المحدود المعدود المعلوم عند خالقها فكما غرس لك غيرك فانتفعت به فاغرس لمن يجيء بعدك لينتفع وإن لم يبق من الدنيا إلا صبابة وذلك بهذا القصد لا ينافي الزهد والتقلل من الدنيا
    وحكي أن كسرى خرج يوماً يتصيد فوجد شيخاً كبيراً يغرس شجر الزيتون فوقف عليه وقال له : يا هذا أنت شيخ هرم والزيتون لا يثمر إلا بعد ثلاثين سنة فلم تغرسه فقال : أيها الملك زرع لنا من قبلنا فأكلنا فنحن نزرع لمن بعدنا فيأكل فقال له كسرى : زه وكانت عادة ملوك الفرس إذا قال الملك منهم هذه اللفظة أعطى ألف دينار فأعطاها الرجل فقال له : أيها الملك شجر الزيتون لا يثمر إلا في نحو ثلاثين سنة وهذه الزيتونة قد أثمرت في وقت غراسها فقال كسرى : زه فأعطى ألف دينار فقال له أيها الملك شجر الزيتون لا يثمر إلا في العام مرة وهذه قد أثمرت في وقت واحد مرتين فقال له زه فأعطى ألف دينار أخرى وساق جواده مسرعاً وقال : إن أطلنا الوقوف عنده نفد ما في خزائننا .



    (10 ) نافعا لغيره
    من أهم صفات المؤمن فعل الخير كله للعباد، سواء كان هذا الخير مالاً كالصدقة والإطعام وسقاية الماء وسداد الديون، أو جاهاً كما في الإصلاح بين المتخاصمين والشفاعة وبذل الجاه، أوعلماً يعلمه، أو سائر المصالح التي يحتاجها الناس، كحسن المعاملة وإماطة الأذى وعيادة المرضى، ونصرة المظلوم، وصلة الأرحام، وحسن الجوار ..الخ ..
    قال الله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون"[الحج:77]
    فقوله "وافعلوا الخير" أمر يشمل كل خيرفالعبادة تفجر في قلبك الرحمة، ودليل الرحمة فعل الخير.
    وقال تعالى:"لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس"النساء:114
    وقال عن أصفيائه (.. وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ ..) (الأنبياء:73) .
    و إغاثة الملهوف من شيم الأنبياء الكرام ، انظر إلى فعل موسى عليه السلام كما صوره القرآن الكريم ، قال تعالى : (وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنْ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمْ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ * فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ)[القصص: 23، 24].

    يقول ابن القيم – رحمه الله - : وقد دل العقل والنقل والفطرة وتجارب الأمم على اختلاف أجناسها ومللها ونحلها على أن التقرب إلى رب العالمين والبر والإحسان إلى خلقه من أعظم الأسباب الجالبة لكل خير وان أضدادها من اكبر الأسباب الجالبة لكل شر فما استجلبت نعم الله تعالى و استدفعت نقمه بمثل طاعته والإحسان إلى خلقه)

    وكل واحد منا عليه كل صباح ثلاثمائة وستين صدقة مقابل ثلاثمائة وستين مفصل من مفاصله كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم –( على كل نفس في كل يوم طلعت فيه الشمس صدقةٌ منه على نفسه . قال أبو ذر : يا رسول الله من أين أتصدق وليس لنا أموال ؟ قال – صلى الله عليه وسلم - : ( لأن من أبواب الصدقة التكبير وسبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله وأستغفر الله وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتعزل الشوكة عن طريق الناس والعظم والحجر وتهدي الأعمى وتسمع الأصم والأبكم حتى يفقه وتدل المستدل على حاجة له قد علمت مكانها وتسعى بشدة ساقيك إلى اللهفان المستغيث وترفع بشدة ذراعيك مع الضعيف كل ذلك من أبواب الصدقة منك على نفسك ، ولك في جماع زوجتك أجر ) ،
    قال أبو ذر : كيف يكون لي أجر في شهوتي ؟
    فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : أرأيت لو كان لك ولد فأدرك ورجوت خيره فمات أكنت تحتسب به ؟ قلت : نعم ، قال : فأنت خلقته ؟ قال : بل الله خلقه ، قال : فأنت هديته ؟ قال : بل الله هداه ، قال : فأنت ترزقه ؟ قال : بل الله كان يرزقه ، قال : كذلك فضعه في حلاله وجنبه حرامه فان شاء الله أحياه وان شاء الله أماته ولك أجر ) والحديث صححه الألباني – رحمه الله – في السلسلة الصحيحة .

    والأجر في نفع المسلمين عظيم فقد جاء في الصحيحين أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال ( من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله بها عنه كربه من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة )
    زاد ابن أبي الدنيا ( ومن مشى مع مظلوم حتى يثبت له حقه ثبت الله قدميه على الصراط يوم تزل الأقدام ) وحسنه الألباني في صحيح الترغيب

    والمعنى :من نَفََّسَ عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس( فرج و أزال وكشف) نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة والجزاء من جنس العمل (ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة) سترته فلم تظهر عيبه هذا ستر معنوي أو سترت عيبه فلم تسمح لأحد أن يغتابه ولا أن يذمه ، ( من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة ) ولذلك أنت تقول في المجلس : اسكت لا نعلم عليه إلا خيرا .
    من فعل ذلك ستره الله في الدنيا والآخرة فلم يفضحه بإظهار عيوبه وذنوبه. من نَفَّسَ عن مسلم كربة وكربة نكرة .. ما نوعها ؟
    شرطية والنكرة في سياق الشرط تفيد العموم يعني أي كربة صغيرة أو كبيرة ( والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه ) ( من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ) يعني من كان ساعيا في قضاء حاجة أخيه فان الله سيقضى حاجته .
    وفي الحديث تنبيه على فضيلة عون الأخ على أموره و إشارة إلى أن المكافأة عليها بجنسها من العناية الإلهية. وفيه أيضا فضل قضاء حوائج المسلمين ونفعهم بما تيسر من علم أو مال أو معاونة أو إشارة بمصلحة أو نصيحة أو غير ذلك. وفضل الستر على المسلمين وفضل انظار المعسر وفضل المشي في حاجة المسلمين .

    وفي حديث آخر : (أحب الناس إلى الله أنفعهم وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهرا ومن كف غضبه ستر الله عورته ومن كظم غيظا ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضى يوم القيامة ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل) (حسنه الألباني) رقم: 176 في صحيح الجامع .
    وربما فاق من خدم الصائمين في السفر فذهب بالأجر والثواب لان نفعه إحسان تعدى إليهم والى غيرهم كما قال – عليه الصلاة والسلام – لما قام المفطرون وابتعثوا الركاب وامتهنوا وعالجوا قال (ذهب المفطرون اليوم بالأجر ) ضربوا الخيام نصبوها سقوا الإبل ، الصوام سقطوا فلم يقووا على العمل .
    ( ذهب المفطرون بالأجر ) لماذا ؟
    نفعهم تعدى إلى غيرهم .

    والسلف كانوا لا يرون لأنفسهم فضلا على صاحب الحاجة بل يرون الفضل لصاحب الحاجة الذي علقها بهم .
    قال ابن القيم – رحمه الله – في وصف شيخ الإسلام ابن تيمية : كان شيخ الإسلام يسعى سعيا شديدا لقضاء حوائج الناس .
    كان علي زين العابدين بن الحسين – رحمه الله – يحمل الخبز إلى بيوت المساكين في الظلام فلما مات فقدوا ذلك ، (فلم يعرف من يأتيهم بالخير إلا حينما انقطع بوفاته)

    ويكفينا أن السعي في نفع الخلق كان من صفات النبي – صلى الله عليه وسلم – و أخلاقه ، فقد استدلت خديجة على أن ما حصل في غار حراء لا يمكن أن يكون شرا لخُلُقْ النبي – عليه الصلاة والسلام – قالت : كلا فوالله لا يخزيك الله أبدا فوالله إنك لتصل الرحم وتحمل الكَلَّ وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق .) (و تصل الرحم) ،الإحسان إلى الأقارب بالقول والفعل تحمل الكَلَّ ..الكَلّ اصله الثقل( وهو كل على مولاه) ويدخل في هذا الإنفاق على الضعيف واليتيم والعيال وغير ذلك وهو من الكلال وهو الإعياء أما قولها و تكسب المعدوم تكسب غيرك المال المعدوم أو تعطيه إياه تبرعا ، تَقْري الضيف تكرمه يقال للطعام المقدم للضيف قِراً. (وتعين على نوائب الحق) جمع نائبة وهي الحادثة ما يحدث في الناس من المصائب.
    وقد أمر النبي – صلى الله عليه وسلم – كل مسلم يستطيع أن ينفع أخاه المسلم بأي وجه من وجوه النفع أن ينفعه فقال ( من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل ) رواه مسلم .
    تعليم الناس
    من أعظم العبادات المتعدية النفع أيها الإخوة إن لم تكن أعظمها على الإطلاق تعليم الناس العلم.. الدين.. الشريعة.. وثواب من علم الناس الخير عظيم جدا ومن ذلك أن له مثل ثواب من عمل بذلك العلم كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم – ( من علم علما فله اجر من عمل به لا ينقص من اجر العامل ) رواه ابن ماجه وهو حديث حسن .
    و في البخاري ( خيركم من تعلم القران وعلمه )
    الجامع بين تعلم القران وتعليمه مكمل لنفسه مكمل لغيره في نفع ذاتي ونفع متعدٍ ولذلك داخل في قوله – تعالى – (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (فصلت:33) .
    الدعوة إلى الله تقع في أمور ومن ذلك تعليم القران .

    وكانت المكافأة للذي يعلم الناس الخيرعظيمة جدا حتى أن الله تعالى جعل أهل السماوات و أهل الأرض يستغفرون لمن يعلم الناس الخير وألهم الله – تعالى – أنواع الحيوان الكبير والصغير منها من النملة إلى الحوت الاستغفار للعالِم فقال – عليه الصلاة والسلام – ( إن الله وملائكته و أهل السماوات والأرضين حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير )حديث حسن .
    يا أخي كم نوع من السمك في البحار ؟ كم سمكة ؟ كم نوع من البهائم كم نوع من الحيوانات ؟ كم نوعا من الطيور ؟ كم واحد ؟ كلها تدعو لمن يعلم الناس الخير ، لماذا ؟ لأن نفعه يصل إلى الآخرين نفع متعدٍ .
    لو قال قائل لماذا تستغفر الحيوانات للعالم ؟
    فالجواب
    أولا : كرامة من الله لمن حمل العلم الشرعي بين جنبيه .
    ثانيا : أن نفع العالم قد تعدى حتى انتفعت به الحيوانات لأن العالم يقول للناس : (حد شفرتك و أرح ذبيحتك) ولا تذبحها بحضرة الأخرى واسقها ماءا وارفق بها ( وإذا قتلتم فاحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فاحسنوا الذبحة )
    ويقول للناس (في كل ذات كبد رطبة اجر) حتى لو سقيت قطة فلك أجر ، شكرت الحيوانات هذا التعليم النافع لها لهذا المعلم فألهمها الله الاستغفار له دائما ، أهل السماوات و أهل الأرض .
    الإصلاح بين المتخاصمين :من أعظم النفع المتعدي الإصلاح بين المتخاصمين (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) (النساء:114) وقال – صلى الله عليه وسلم – ( ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : إصلاح ذات البين وفساد ذات البين الحالقة ) رواه أبو داود وهو حديث صحيح .
    ( افضل الصدقة إصلاح ذات البين ) حديث صحيح .
    وعن ابن الزبير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال( دب إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء والبغضاء هي الحالقة أما إني لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين ) رواه البزار بإسناد جيد
    أوجه النفع كثيرة جدا :والنبي – عليه الصلاة والسلام – حتى يعلمنا مجالات أخرى أيضا في قضية نفع الناس ونفع الخلق قال ( من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له ومن كان له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له ،وذكر من أصناف المال ما ذكر حتى رأينا انه لا حق لأحد منا في فضل) . رواه مسلم .
    ومن ذلك إقراض المسلم (ما من مسلم يقرض مسلما قرضا مرتين إلا كان كصدقة مرة ) قال الألباني صحيح .
    وإذا كان معسرا أنظره فإن الله يتجاوز عنك يوم القيامة ويقول لملائكته : نحن أحق به من هذا منه . ( من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه ) رواه مسلم . ( من أراد أن تستجاب دعوته وان تكشف كربته فليفرج عن معسر ) قال الهيثمي : رواه احمد ورجاله ثقات . ولما سُئِل النبي – عليه الصلاة والسلام – أي الأعمال افضل قال ( إدخالك السرور على مؤمن أشبعت جوعته أو كسوت عورته أو قضيت له حاجة ) حديث حسن
    وهكذا فأبواب الخيرات كثيرة جدا نسأل الله أن ينفع بنا دائما وأن يستعملنا ولا يستبدلنا وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس 28 مارس 2024 - 19:51