hmsain.ahlamontada.com

نشكرك على التسجيل فى هدا المنتدى زرنا باستمرار و شاركنا رايك فاليد الواحدة لا تصفق ورايك يهمنا كما ان حضورك الدائم يحفزنا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

hmsain.ahlamontada.com

نشكرك على التسجيل فى هدا المنتدى زرنا باستمرار و شاركنا رايك فاليد الواحدة لا تصفق ورايك يهمنا كما ان حضورك الدائم يحفزنا

hmsain.ahlamontada.com

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
hmsain.ahlamontada.com

منتدى يهتم بنشاطات حركة مجتمع السلم بلدية عين بوزيان


    شرح رسالة المؤتمر الخامس

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 2093
    تاريخ التسجيل : 01/03/2010
    الموقع : hmsain.ahlamontada.com

    شرح رسالة المؤتمر الخامس  Empty شرح رسالة المؤتمر الخامس

    مُساهمة  Admin الأربعاء 13 يوليو 2011 - 17:32

    تحليل رسالة المؤتمر الخامس
    رسالة المؤتمر الخامس
    هذه محاولة تحليلية لرسالة المؤتمر الخامس لعلهاتعين على استيعاب ما جاء فيها من أفكار بشكل أفضل فرسائل الإمام البنا هي بحق الأسس الاستراتيجية للعمل الإسلامي المعاصر
    فإلى الحلقة الأولى
    من رسالة المؤتمر الخامس


    " ألجموا نزوات العواطف بنظرات العقول وأنيروا أشعة العقول بلهب العواطف وألزموا الخيال صدق الحقيقة والواقع واكتشفوا الحقائق في أضواء الخيال الزاهية البراقة . ولا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة ولا تصادموا نواميس الكون فإنها غلابة ، ولكن غالبوها واستخدموها وحولوا تيارها واستعينوا ببعضها علي بعض ، وترقبوا ساعة النصر وما هي منكم ببعيد ."
    ****
    إنكم تبتغون وجه الله وتحصيل مثوبته ورضوانه ، وذلك مكفول لكم ما دمتم مخلصين . ولم يكلفكم الله نتائج الأعمال ولكن كلفكم صدق التوجه وحسن الاستعداد ، ونحن بعد ذلك إما مخطئون فلنا أجر العاملين المجتهدين ، وإما مصيبون فلنا أجر الفائزين المصيبين
    ****
    " قد وجب عليكم أن تبينوا للناس غايتكم ووسيلتكم وحدود فكرتكم ومنهاج أعمالكم , وأن تعلنوا هذه الأعمال على الناس لا للمباهاة بها ولكن للإرشاد إلى ما فيها من نفع للأمة وخير لأبنائها فاكتبوا إلى النذير وهي لسانكم , واكتبوا إلى الصحف اليومية وأظنها لا تقف في سبيلكم , واحرصوا على أن تكونوا صادقين لا تتجاوزون الحقيقة , وأن تكون دعايتكم في حدود الأدب الكامل والخلق الفاضل والحرص التام على جمع القلوب وتأليف الأرواح , واستشعروا كلما ظهرت دعوتكم أن الفضل في ذلك كله لله : (بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)"
    ****
    إن طريقكم هذا مرسومة خطواته موضوعة حدوده . ولست مخالفاً هذه الحدود التي اقتنعت كل الاقتناع بأنها أسلم طريق للوصول ، أجل قد تكون طريقاً طويلة ولكن ليس هناك غيرها . إنما تظهر الرجولة بالصبر والمثابرة والجد والعمل الدائب ، فمن أراد منكم أن يستعجل ثمرة قبل نضجها أو يقتطف زهرة قبل أوانها فلست معه في ذلك بحال

    مقدمــة

    (1)بين القول والعمل
    كنت أود أن نظل دائما نعمل ولا نتكلم , وأن نكل للأعمال وحدها الحديث عن الإخوان وخطوات الإخوان , وكنت أحب أن تتصل خطواتكم اللاحقة بخطواتكم السابقة في هدوء وسكون من غير هذا الفاصل الذي نحدد به جهاد عشر سنوات مضت لنستأنف مرحلة أخرى من مراحل الجهاد الدائب في سبيل تحقيق فكرتنا السامية .
    (2) أهداف المؤتمر
    ولكنكم أردتم هذا , وأحببتم أن تسعدونا بهذا الاجتماع الشامل فشكرا لكم , ولا بأس أن ننتهز هذه الفرصة الكريمة
    أ- فنستعرض نتائجنا
    ب- ونراجع فهرس أعمالنا
    جـ - ونستوثق من مراحل طريقنا
    د- ونحدد الغاية والوسيلة بهدف :
    أولا : أن تتضح الفكرة المبهمة
    ثانيا : أن تصحح النظرة الخاطئة
    ثالثا: أن تعلم الخطوة المجهولة
    رابعا: أن تتم الحلقة المفقودة
    خامسا : أن يعرف الناس الإخوان المسلمين على حقيقة دعوتهم , من غير لبس ولا غموض .
    (3)الرأي الآخر والنصيحة
    لا بأس بأن يتقدم إلينا من وصلته هذه الدعوة ومن سمع أو قرأ هذا البيان , برأيه في غايتنا ووسيلتنا وخطواتنا فنأخذ الصالح من رأيه , وننزل على الحق من مشورته , فإن الدين النصيحة لله و لرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم
    (4) عاطفة الأخوة والمحبة
    أجدني في غنى عن تحيتكم وشكركم , وعن وصف ما يغمرني من السعادة بموقفي هذا بينكم , ومن السرور والفرح بلقائكم ومن الأمل العظيم بمؤازرتكم وتوفيق الله إياكم .
    أجدني في غنى عن بيان هذا كله بهذا الفيض من العواطف النبيلة الذي يغمر هذا الاجتماع , فكل ما فيه ينطق :
    أ- بالحب العميق
    ب- الارتباط الوثيق
    جـ - الأخوة الصادقة
    د- التعاون المكين
    ووفقكم الله لخير ما يحب ويرضى .

    القسم الأول : الطلائع الأولى من الإخوان المسلمين
    (5) بذور الفكرة الدعوية في نفس الإمام البنا
    أ- خبرة ونتيجة حول مفهوم السعادة
    طالعت كثيرا وجربت كثيرا وخالطت أوساطا كثيرة وشهدت حوادث عدة , فخرجت من هذه السياحة القصيرة المدى الطويلة المراحل بعقيدة ثابتة لا تتزلزل , هي أن :
    السعادة التي ينشدها الناس جميعا إنما تفيض عليهم من نفوسهم وقلوبهم , ولا تأتيهم من خارج هذه القلوب أبدا , وأن الشقاء الذي يحيط بهم ويهربون منه إنما يصيبهم بهذه النفوس والقلوب كذلك , وإن القرآن الكريم يؤيد هذا المعنى ويوضحه , ذلك قول الله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) (الرعد:11) .
    وما رأيت كلاما أعمق في فلسفة الاجتماع من قول ذلك القائل :
    لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها ولكن أخلاق الرجال تضيق
    ب- الإسلام سر السعادة البشرية
    واعتقدت أنه ليست هناك نظم ولا تعاليم تكفل سعادة هذه النفوس البشرية وتهدي الناس إلى الطرق لهذه السعادة كتعاليم الإسلام الحنيف الفطرية الواضحة , وليس هنا مجال تفصيل هذه التعاليم , ولا مجال التدليل على أنها تتضمن هذه النتيجة , وتكفل سعادة البشرية جميعا فلذلك مجال آخر , فضلا عن أننا كلنا فيما أعتقد شركاء في التسليم بصحة هذه النظرية , على أن كثيرا من غير المسلمين يقر بها ويعترف بما في الإسلام من جمال وكمال .
    جـ - الغاية السامية
    ولهذا وقفت نفسي منذ نشأت على غاية واحدة هي إرشاد الناس إلى الإسلام حقيقة وعملا , ولهذا كانت فكرة الإخوان المسلمين إسلامية بحتة في غايتها وفي وسائلها , لا تتصل بغير الإسلام في شيء.
    د- بذور الفكر والعمل
    ظلت هذه الخواطر حديثا نفسانيا ومناجاة روحية بها في نفسي لنفسي , وقد أفضي بها إلى كثير ممن حولي , وقد تظهر في شكل :
    أولا:- دعوة فردية
    ثانيا : - أو خطابة وعظية
    ثالثا : - أو درس في المساجد إذا سنحت فرصة التدريس ,
    رابعا :- أو حث لبعض الأصدقاء والعلماء على بذل الهمة ومضاعفة المجهود , في إنقاذ الناس وإرشادهم إلى ما في الإسلام من خير .
    هـ - أثر الحوادث في الانطلاق نحو العمل
    ثم كانت في مصر وغيرها من بلدان العالم الإسلامي حوادث عدة ألهبت نفسي وأهاجت كوامن في قلبي , ولفتت نظري إلى وجوب الجد والعمل , وسلوك طريق التكوين بعد التنبيه , والتأسيس بعد التدريس .
    (6)البذور الأولى للدعوة في البيئة المحيطة
    أ- مواقف متابينة في النظر إلى الفكرة
    ولقد أخذت أفاتح كثيرا من كبار القوم في وجوب النهوض والعمل وسلوك طريق الجد والتكوين , فكنت أجد التثبيط أحيانا والتشجيع أحيانا والتريث أحيانا , ولكني لم أجد ما أريد من الاهتمام بتنظيم الجهود العملية .
    ب- أحمد باشا تيمور مثال للهمة العالية
    ومن الوفاء أذكر في هذا المقام المرحوم أحمد باشا تيمور أفسح الله له في جنته , فما رأيته إلا مثالا للهمة المتوثبة والغيرة المتوقدة , وما تحدثت إليه في شأن من شؤون الأمة العامة إلا وجدت العقل الكامل والاستعداد التام والإلمام الشامل وترقب ساعة العمل , فرحمه الله و أجزل مثوبته .
    جـ - نواة الدعوة الأولى
    وليت وجهي شطر الأصدقاء والإخوان ممن جمعني وإياهم عهد الطلب وصدق الود والشعور بالواجب , فوجدت استعدادا حسنا , وكان أسرعهم إلى مشاركتي عبء التفكير وأكثرهم اقتناعا بوجوب العمل في إسراع وهمة , الإخوان الفضلاء :
    * أحمد أفندي السكري
    * والأخ المفضال المرحوم الشيخ حامد عسكرية أسكنه الله فسيح جنته , *والأخ الشيخ أحمد عبد الحميد وكثير غيرهم.
    وكان عهد وكان موثق أن يعمل كل منا لهذه الغاية , حتى يتحول العرف العام في الأمة إلى وجهة إسلامية صالحة .
    د- هموم الأمة عبء الدعوة
    ليس يعلم أحد إلا الله كم من الليالي كنا نقضيها نستعرض حال الأمة ، وما وصلت إليه في مختلف مظاهر حياتها، ونحلل العلل والأدواء، ونفكر في العلاج وحسم الداء , ويفيض بنا التأثر لما وصلنا إليه إلى حد البكاء .
    هـ - حال مجموع الأمة
    وكم كنا نعجب إذ نرى أنفسنا في مثل هذه المشغلة النفسانية العنيفة والخليون هاجعون يتسكعون بين المقاهي ويترددون على أندية الفساد والإتلاف , فإذا سألت أحدهم عما يحمله على هذه الجلسة الفارغة المملة قال لك : أقتل الوقت , وما دري هذه المسكين أن من يقتل وقته إنما يقتل نفسه , فإنما الوقت هو الحياة .
    كنا نعجب لهؤلاء الناس وكثير منهم من المثقفين , ومن هم أولى منا بحمل هذا العبء , ثم يقول بعضنا لبعض : أليس هذا داء من أدواء الأمة ولعله أخطرها , ألاّ تفكر في مرضها وألاّ تعمل لعلاج نفسها .
    ولهذا و أمثاله نعمل ولإصلاح هذا الفساد , وقفنا أنفسنا فنتعزى ونحمد الله على أن جعلنا من الداعين إليه العاملين لدينه .
    و- أول نواة تكوينية للدعوة
    وعمل الزمن عمله فتفرقنا نحن الأربعة فكان أحمد أفندي السكري بالمحمودية , وكان المرحوم الشيخ حامد عسكرية بالزقازيق , وكان الشيخ أحمد عبد الحميد بكفر الدوار , وكنت بالإسماعيلية أذكر قول الشاعر :
    بالشام أهلي وبغداد الهوى وأنا بالرقمتين وبالفسطاط جيراني
    وفي الإسماعيلية أيها الإخوان وضعت أول نواة تكوينية للفكرة , وظهرت أول هيئة متواضعة نعمل ونحمل لوائها نعاهد الله على الجندية التامة في سبيلها تحت اسم (الإخوان المسلمون) وكان ذلك في ذي القعدة سنة 1347 هـ .

    القسم الثاني : الفهم الصحيح للإسلام
    (7) نظرة الناس إلى الإسلام
    أ- إن كثيرا من المسلمين في كثير من العصور خلعوا عن الإسلام نعوتا وأوصافا ورسوما من عند أنفسهم , واستخدموا مرونته وسعته استخداما ضارا مع أنها لم تكن إلا للحكمة السامية , فاختلفوا في معنى الإسلام اختلافا , وانطبعت للإسلام في نفس أبنائه صور عدة تقرب أو تبعد أو تنطبق على الإسلام الأول الذي مثله رسول الله وأصحابه خير تمثيل .
    ب- النظرات المختلفة للإسلام
    أولا : المعنى الشائع عند عامة المسلمين
    من الناس من لا يرى الإسلام شيئا غير حدود العبادة الظاهرة فإن أداها أو رأى من يؤديها اطمأن إلى ذلك ورضي به وحسبه قد وصل على لب الإسلام , وذلك هو المعنى الشائع عند عامة المسلمين .
    ثانيا : من الناس من يرى في الإسلام إلا الخلق الفاضل والروحانية الفياضة , والغذاء الفلسفي الشهي للعقل والروح , والبعد بهما عن أدران المادة الطاغية الظالمة .
    ثالثا : منهم من يقف إسلامه عند حد الإعجاب بهذه المعاني الحيوية العملية في الإسلام فلا يتطلب النظر إلى غيرها ولا يعجبه التفكير في سواها .
    رابعا : معنى الإسلام عند المثقفين ثقافة أجنبية
    منهم من يرى الإسلام نوعا من العقائد الموروثة والأعمال التقليدية التي لا غناء فيها ولا تقدم معها , فهو متبرم بالإسلام وبكل ما يتصل بالإسلام , وتجد هذا المعنى واضحا في نفوس كثير من الذين ثقفوا ثقافة أجنبية ولم تتح لهم فرص حسن الاتصال بالحقائق الإسلامية فهم لم يعرفوا عن الإسلام شيئا أصلا , أو عرفوه صورة مشوهة بمخالطة من لم يحسنوا تمثيله من المسلمين .
    جـ - تحت هذه الأقسام جميعا تندرج أقسام أخرى يختلف نظر كل منها إلى الإسلام عن نظر الآخر قليلا أو كثيرا , وقليل من الناس أدرك الإسلام صورة كاملة واضحة تنتظم هذه المعاني جميعا .
    (Cool نظرة الناس إلى الإخوان
    أ- هذه الصور المتعددة للإسلام الواحد في نفوس الناس جعلتهم يختلفون اختلافا بينا في فهم الإخوان المسلمون وتصور فكرتهم .
    ب- نظرات مختلفة إلى الإخوان
    أولا: النظرة الأولى
    فمن الناس من يتصور الإخوان المسلمون جماعة وعظية إرشادية كل همها أن تقدم للناس العظات فتزهدهم في الدنيا وتذكرهم بالآخرة .
    ثانيا: النظرة الثانية
    ومنهم من يتصور الإخوان المسلمين طريقة صوفية تعني بتعليم الناس ضروب الذكر وفنون العبادة وفنون العبادة وما يتبع ذلك من تجرد وزهادة
    ثالثا: النظرة الثالثة
    ومنهم من يظنهم جماعة نظرية فقهية كل نظرهم أن تقف عند طائفة من الإحكام تجادل فيها وتناضل عنها , وتحمل الناس عليها وتخاصم أو تسالم من لم يسلم بها معها .
    رابعا: النظرة الرابعة
    قليل من الناس خالطوا الإخوان المسلمين وامتزجوا بهم ولم يقفوا عند حدود السماع ولم يخلعوا على الإخوان المسلمين إسلاما يتصورنه هم , فعرفوا حقيقتهم وأدركوا كل شيء عن دعوتهم علما وعملا .
    (9)صورة الإسلام الماثلة في نفوس الإخوان المسلمين
    ولهذا أحببت أن أتحدث لحضراتكم عن معنى الإسلام وصورته الماثلة في نفوس الإخوان, المسلمين , حتى يكون الأساس الذي ندعو إليه ونعتز بالانتساب له والاستمداد منه واضحا جليا.
    أ- الإسلام نظام شامل
    نحن نعتقد أن أحكام الإسلام وتعاليمه شاملة تنتظم شؤون الناس في الدنيا والآخرة , وأن الذين يظنون أن هذه التعاليم إنما تتناول الناحية العبادية أو الروحية دون غيرها من النواحي مخطئو ن في هذا الظن , فالإسلام عقيدة وعبادة , ووطن وجنسية , ودين ودولة , , وروحانية وعمل , ومصحف وسيف
    أولا : الأدلة من القرآن
    1- والقرآن الكريم ينطق بذلك كله ويعتبره من لب الإسلام ومن صميمه ويوصي بالإحسان فيه جميعه : (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ) (القصص:77)
    2- وإنك لتقرأ في القرآن في الصلاة إن شئت قول الله تبارك وتعالي في العقيدة و العبادة : (وَمَا أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) (البينة:5) .
    3- وتقرأ قوله تعالى في الحكم والقضاء والسياسة : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (النساء:65)
    4- وتقرأ قوله تعالى في الدين والتجارة : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلا تَرْتَابُوا إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةَ تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ) (البقرة:282)
    5-و تقرا قوله تعالى في الجهاد و القتال و الغزو وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ ) (النساء:102)
    إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة البارعة في هذه الأغراض نفسها وفي غيرها من الآداب العامة وشؤون الاجتماع .
    ثانيا :الأمة بين الأخذ بهذا الشمول أو التقليد
    وهكذا اتصل الإخوان بكل بكتاب الله واستلهموه واسترشدوه فأيقنوا أن الإسلام هو هذا المعنى الكلي الشامل , وأنه يجب أن يهيمن على كل شؤون الحياة وأن تصطبغ جميعها به وأن تنزل على حكمه , وأن تساير قواعده وتعاليمه وتستمد منها ما دامت الأمة تريد أن تكون مسلمة إسلاما صحيحا , أما إذا أسلمت في عباداتها وقلدت غير المسلمين في بقية شؤونها , فهي أمة ناقصة الإسلام تضاهئ الذين قال تعالى فيهم : (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (البقرة:85)
    ب- مصادر الفهم الشامل
    يعتقد الإخوان المسلمون أن أساس التعاليم الإسلامية ومعينها هو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم , اللذان إن تمسكت بهما فلن تضل أبدا .
    جـ- - الموقف من الفقه الاجتهادي
    إن كثيرا من الآراء والعلوم التي اتصلت بالإسلام وتلونت بلونه تحمل لون العصور التي أوجدتها والشعوب التي عاصرتها , ولهذا يجب أن تستقي النظم الإسلامية التي تحمل عليها الأمة من هذا المعين الصافي معين السهولة الأولى , وأن نفهم الإسلام كما كان يفهمه الصحابة والتابعون من السلف الصالح رضوان الله عليهم , وأن تقف عند هذه الحدود الربانية النبوية حتى لا نقيد أنفسنا بغير ما قيدنا الله به , ولا نلزم عصرنا لون عصر لا يتفق معنا .
    د- الموقف من القواعد الكلية والجزئيات
    يعتقد الإخوان المسلمون أن الإسلام كدين عام انتظم كل شؤون الحياة في كل الشعوب والأمم لكل الأعصار والأزمان , وجاء أكمل وأسمى من أن يعرض لجزئيات هذه الحياة وخصوصا في الأمور الدنيوية البحتة , فهو إنما يضع القواعد الكلية في كل شأن من هذه الشؤون , ويرشد الناس إلى الطريق العملية للتطبيق عليها والسير في حدودها .
    هـ - صياغة النفس الإنساتية هو أساس الإصلاح
    ولضمان حق الصواب في التطبيق , عني الإسلام عناية تامة بعلاج النفس الإنسانية وهي مصدر النظم ومادة التفكير والتصوير والتشكل , فوصف لها من الأدوية الناجعة ما يطهرها من الهوى ويغسلها من أضرار الغرض والغاية ويهديها إلى الكمال والفضيلة , ويزجرها عن الجور والتهور و العدوان , وإذا استقامت النفس وصفت فقد أصبحت كل ما يصدر عنها صالحا جميلا .
    و- مثال من الواقع : يقولون إن العدل ليس في نص القانون ولكنه في نفس القاضي , وقد تأتي بالقانون الكامل العادل إلى القاضي ذي الهوى والغاية فيطبقه تطبيقا جائرا لا عدل معه , وقد تأتي بالقانون الناقص والجائر إلى القاضي الفاضل العادل البعيد عن الأهواء والغايات فيطبقه تطبيقا فاضلا عادلا فيه كل الخير والبر والرحمة والإنصاف .
    ز- النفس الإنسانية وكتاب الله
    النفس الإنسانية محل عناية كبرى في كتاب الله , والنفوس الأولى التي صاغها هذا الإسلام مثال الكمال الإنساني .
    ح- طبيعة الإسلام
    طبيعة الإسلام تساير العصور والأمم , وتتسع لكل الأغراض والمطالب , ولهذا أيضا كان الإسلام لا يأبى أبدا الاستفادة من كل نظام صالح لا يتعارض مع قواعده الكلية وأصوله العامة .
    (10) الفكرة الإصلاحية في نفوس الإخوان المسلمين .
    كان من نتيجة هذا الفهم العام الشامل للإسلام عند الإخوان المسلمين أن شملت فكرة الإخوان كل نواحي الإصلاح في الأمة وتمثلت فيها كل عناصر غيرها من الفكر الإصلاحية ، وأصبح كل مصلح مخلص غيور يجد فيها أمنيته ، والتقت عندها آمال محبي الإصلاح الذين عرفوها وفهموا مراميها .
    (11)عناصر الفكرة الإصلاحية كما يراها الإخوان المسلمون
    تستطيع أن تقول ولا حرج عليك ، إن الإخوان المسلمين :
    أ- دعوة سلفية :
    لأنهم يدعون إلى العودة بالإسلام إلى معينه الصافي من كتاب الله وسنة رسوله.
    ب- طريقة سنية :
    لأنهم يحملون أنفسهم علي العمل بالسنة المطهرة في كل شيء ، وبخاصة في العقائد والعبادات ما وجدوا إلى ذلك سبيلا .
    جـ- حقيقة صوفية :
    لأنهم يعلمون أن أساس الخير طهارة النفس ، ونقاء القلب ، والمواظبة علي العمل ، و الإعراض عن الخلق ، والحب في الله ، والارتباط علي الخير .
    د- هيئة سياسية :
    لأنهم يطالبون بإصلاح الحكم في الداخل وتعديل النظر في صلة الأمة الإسلامية بغيرها من الأمم في الخارج ، وتربية الشعب علي العزة والكرامة والحرص علي قوميته إلي أبعد حد .
    هـ - جماعة رياضية :
    لأنهم يعنون بجسومهم ، ويعلمون أن المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف ، وأن النبي صلي الله عليه وسلم يقول : (إن لبدنك عليك حقاً) و إن تكاليف الإسلام كلها لا يمكن أن تؤدي كاملة صحيحة إلا بالجسم القوي ، فالصلاة والصوم والحج والزكاة لا بد لها من جسم يحتمل أعباء الكسب والعمل والكفاح في طلب الرزق ، ولأنهم تبعاً لذلك يعنون بتشكيلاتهم وفرقهم الرياضية عناية تضارع وربما فاقت كثيراً من الأندية المتخصصة بالرياضة البدنية وحدها .
    و - رابطة علمية ثقافية : لأن الإسلام يجعل طلب العلم فريضة علي كل مسلم ومسلمة ، ولأن أندية الأخوان هي في الواقع مدارس للتعليم والتثقيف ومعاهد لتربية الجسم والعقل والروح .
    ز- شركة اقتصادية :
    لأن الإسلام يعني بتدبير المال و كسبه من وجهه وهو الذي يقول نبيه صلي الله عليه وسلم : (نعم المال الصالح للرجل الصالح) ويقول : (من أمسي كالاً من عمل يده أمسي مغفوراً له) ، (إن الله يحب المؤمن المحترف)
    ح- فكرة اجتماعية : لأنهم يعنون بأدواء المجتمع الإسلامي ويحاولون الوصول إلي طرق علاجها وشفاء الأمة منها .
    (12) سر شمول فكرة الإخوان
    إن شمول معني الإسلام قد أكسب فكرة الإخوان شمولاً لكل مناحي الإصلاح ، ووجه نشاط الإخوان إلي كل هذه النواحي ، وهم في الوقت الذي يتجه فيه غيرهم إلي ناحية واحدة دون غيرها يتجهون إليها جميعاً ويعلمون أن الإسلام يطالبهم بها جميعاً .
    (13)صورة الأخ المسلم
    ومن هنا كان كثير من مظاهر أعمال الإخوان يبدو أمام الناس متناقضاً وما هو بمتناقض .
    فقد يري الناس الأخ المسلم في المحراب خاشعاً متبتلاً يبكي ويتذلل ، وبعد قليل يكون هو بعينه واعظاً مدرساً يقرع الآذان بزواجر الوعظ ، وبعد قليل تراه نفسه رياضياً أنيقاً يرمي بالكرة أو يدرب علي العدو أو يمارس السباحة ، وبعد فترة يكون هو بعينه في متجره أو معمله يزاول صناعته في أمانة وفي إخلاص . هذه مظاهر قد يراها الناس متنافرة لا يلتئم بعضها ببعض ، ولو علموا أنها جميعاً يجمعها الإسلام ويأمر بها الإسلام ويحض عليها الإسلام لتحققوا فيها مظاهر الالتئام ومعاني الانسجام ، ومع هذا الشمول فقد اجتنب الإخوان كل ما يؤخذ علي هذه النواحي من المآخذ ومواطن النقد والتقصير.
    (14) لقب الجماعة
    كما اجتنبوا التعصب للألقاب إذ جمعهم الإسلام الجامع حول لقب واحد هو الإخوان المسلمون.
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 2093
    تاريخ التسجيل : 01/03/2010
    الموقع : hmsain.ahlamontada.com

    شرح رسالة المؤتمر الخامس  Empty رد: شرح رسالة المؤتمر الخامس

    مُساهمة  Admin الأربعاء 13 يوليو 2011 - 17:34

    تحليل رسالة المؤتمر الخامس (2)
    القسم الثالث : خصائص دعوة الإخوان المسلمين
    (15)ظروف نشأة الدعوة
    لعل من صنع الله لدعوة الإخوان المسلمين أن تنبت بالإسماعيلية , وأن يكون ذلك على أثر خلاف فقهي بين الأهلين وانقسام دام سنوات حول بعض النقاط الفرعية التي أذكى نار الفرقة فيها ذوو المطامع والأغراض , وأن تصادف نشأتها عهد الصراع القوي العنيف بين الأجنبي المتعصب والوطني المجاهد .
    (16)خصائص دعوة الإخوان المسلمين
    كان من أثر هذه الظروف أن تميزت هذه الدعوة بخصائص خالفت فيها كثيرا من الدعوات التي عاصرتها ومن هذه الخصائص :
    أ- البعد عن مواطن الخلاف
    ب- البعد عن هيمنة الأعيان والكبراء
    جـ- البعد عن الأحزاب والهيئات
    د- العناية بالتكوين والتدرج في الخطوات
    هـ - إيثار الناحية العملية الإنتاجية على الدعاية والإعلانات
    و- وشدة الإقبال من الشباب
    ز- وسرعة الانتشار في القرى والمدن
    (16) البعد عن مواطن الخلاف
    أ- الإخوان يعتقدون أن الخلاف في الفرعيات أمر ضروري لابد منه، إذ إن أصول الإسلام آيات وأحاديث وأعمال تختلف في فهمها وتصورها العقول والأفهام ، لهذا كان الخلاف واقعاً بين الصحابة أنفسهم ومازال كذلك، وسيظل إلى يوم القيامة.
    ب- كلمة للإمام مالك
    ما أحكم الإمام مالك ـ رضي الله عنه ـ حين قال لأبي جعفر وقد أراد أن يحمل الناس على الموطأ: "إن أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - تفرقوا في الأمصار وعند كل قوم علم، فإذا حملتهم على رأي واحد تكون فتنة" .
    جـ- ليس العيب في الخلاف
    ولكن العيب في التعصب للرأي
    والحجر على عقول الناس وآرائهم.
    د- الاجتماع على الفكرة الواحدة
    هذه النظرة إلى الأمور الخلافية جمعت القلوب المتفرقة على الفكرة الواحدة، وحسب الناس أن يجتمعوا على ما يصير به المسلم مسلماً كما قال زيد ـ رضي الله عنه ـ وكانت هذه النظرة ضرورية لجماعة تريد أن تنشر فكرة في بلد لم تهدأ بعد فيه ثائرة الخلاف على أمور لا معنى للجدل ولا للخلاف فيها .
    (17)البعد عن هيمنة الكبراء و الأعيان
    وذلك لأسباب منها :
    أ- انصراف الكبراء عن هذه الدعوات الناشئة المجردة من الغايات والأهواء إلى الدعوات القائمة , التي تستتبع المغانم وتجر المنافع ولو في ظن الناس لا في حقيقة الحال .
    ب- لأن القائمين بدعوة الإخوان تعمدوا هذا , لأول عهد الدعوة بالظهور , حتى لا يطمس لونها الصافي لون آخر من ألوان الدعوات التي يروج لها هؤلاء الكبراء
    جـ - حتى لا يحاول أحد منهم أن يستغلها أو يوجهها في غير الغاية التي تقصد إليها .
    د- إن كثيرا من العظماء ينقصه الكمال الإسلامي الذي يجب أن يتصف به المسلم العادي فضلا عن المسلم العظيم الذي يحمل اسم دعوة إسلامية لإرشاد الناس .
    ***وعلى هذا فقد ظل هذا الصنف بعيدا عن الإخوان اللهم إلا قليلا من الأكرمين الفضلاء , يفهم فكرتهم ويعطف على غايتهم ويشارك في أعمالهم ويتمنى لهم التوفيق والنجاح .
    (18) البعد عن الهيئات و الأحزاب
    وذلك لأسباب منها :
    لما كان ولا يزال بين هذه الهيئات من التنافر والتناحر الذي لا يتفق مع أخوة الإسلام , ودعوة الإسلام عامة تجمع ولا تفرق ولا ينهض بها ولا يعمل لها إلا من تجرد من كل ألوانه وصار لله خالصا , وقد كان هذا المعنى من قبل عسيرا على النفوس الطامحة , التي تريد أن تصل عن طريق حزبيتها أو جماعتها إلى ما تريد من جاه ومال, لهذا آثرنا أن نتجنب الجميع وأن نصبر على الحرمان من كثير من العناصر الصالحة حتى ينكشف الغطاء , ويدرك الناس بعض الحقائق المستورة عنهم فيعودوا إلى الخطة المثلى بعد التجربة وقد امتلأت قلوبهم باليقين والإيمان.
    (19) دعوة للجميع بعد وضوح مبادئ الدعوة
    نحن الآن وقد اشتد ساعد الدعوة وصلب عودها وأصبحت تستطيع أن توجه ولا توجه وأن تؤثر ولا تتأثر , نهيب بالكبراء والأعيان والهيئات والأحزاب أن ينضموا إلينا , وأن يسلكوا سبيلنا وأن يعملوا معنا وأن يتركوا هذه المظاهر الفارغة التي لا غناء فيها , ويتوحدوا تحت لواء القرآن العظيم يستظلوا براية النبي الكريم ومنهاج الإسلام القويم , فإن أجابوا فهو خيرهم وسعادتهم في الدنيا والآخرة وتستطيع الدعوة بهم أن تختصر الوقت والجهود , وإن أبوا فلا بأس علينا أن ننتظر قليلا ونلتمس المعونة من الله وحده حتى يحاط بهم أو يسقط في أيديهم ويضطرون إلى العمل للدعوة أذنابا وقد كانوا يستطيعون أن يكونوا رءوسا ( وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (يوسف:21)
    (20) التدرج في الخطوات
    أ- كل دعوة لابد لها من مراحل ثلاث:
    أولا : مرحلة الدعاية والتعريف والتبشير بالفكرة وإيصالها إلى الجماهير من طبقات الشعب.
    ثانيا : مرحلة التكوين وتخير الأنصار وإعداد الجنود وتعبئة الصفوف من بين هؤلاء المدعوين، ثم بعد ذلك كله .
    ثالثا : مرحلة التنفيذ والعمل والإنتاج.
    ب- وكثيراً ما تسير هذه المراحل الثلاث جنباً إلى جنب نظراً لوحدة الدعوة وقوة الارتباط بينها جميعاً، فالداعي يدعو، وهو في الوقت نفسه يتخير ويربي، وهو في الوقت عينه يعمل وينفذ كذلك .
    ولكن لاشك في أن الغاية الأخيرة أو النتيجة الكاملة لا تظهر إلا بعد عموم الدعاية وكثرة الأنصار، ومتانة التكوين.
    (21)المرحلة الأولى من مراحل الدعوة
    في حدود هذه المراحل سارت دعوتنا ولا تزال تسير، فقد بدأنا بالدعوة فوجهناها إلى الأمة :
    أ- في دروس متتالية
    ب- وفي رحلات متلاحقة
    جـ - وفي مطبوعات كثيرة
    د - وفي حفلات عامة وخاصة
    هـ - وفي جريدة الإخوان المسلمين الأولى ثم في مجلة النذير الأسبوعية.
    ولا زلنا ندعو، وسنظل كذلك، حتى لا يكون هناك فرد واحد لم تصله دعوة الإخوان المسلمين على حقيقتها الناصعة، وعلى وجهها الصحيح، ويأبى الله إلا أن يتم نوره، وأظن أننا وصلنا في هذه المرحلة إلى درجة نطمئن عليها وعلى اطراد السير فيها، وصار من ألزم واجباتنا أن نخطو الخطوة الثانية، خطوة الاختيار والتكوين والتعبئة .
    (22)المرحلة الثانية من مراحل الدعوة
    خطونا الخطوة الثانية في صور منها :
    أ ـ الكتائب:
    ويراد بها تقوية الصف بالتعارف، وتمازج النفوس والأرواح ومقاومة العادات والمألوفات، والمران على حسن الصلة بالله تبارك وتعالى واستمداد النصر منه، وهذا هو معهد التربية الروحية للإخوان المسلمين.
    ب ـ الفرق للكشافة والجوالة والألعاب الرياضية:
    ويراد بها تقوية الصف بتنمية جسوم الإخوان، وتعويدهم الطاعة والنظام والأخلاق الرياضية الفاضلة، وإعدادهم للجندية الصحيحة التي يفرضها الإسلام على كل مسلم، وهذا هو معهد التربية الجسمية للإخوان المسلمين.
    جـ ـ درس التعاليم في الكتائب أو في أندية الإخوان المسلمين: ويراد بها تقوية الصف بتنمية أفكار الإخوان وعقولهم بدراسة جامعة لأهم ما يلزم الأخ المسلم معرفته لدينه ودنياه، وهذا هو معهد التربية العلمية والفكرية للإخوان المسلمين .
    د- نواحي النشاط الأخرى التي يدرب بها الإخوان على الواجب الذي ينتظرهم كجماعة تعد نفسها لقيادة أمة، بل لهداية العالمين.
    (23)المرحلة الثالثة من الدعوة
    بعد أن نطمئن على موقفنا من هذه الخطوة نخطو إن شاء الله الخطوة الثالثة، وهي الخطوة العملية التي تظهر بعدها الثمار الكاملة لدعوة الإخوان المسلمين.
    (24)خطاب إلى المتحمسين المتعجلين :
    إن طريقكم هذا مرسومة خطواته موضوعة حدوده . ولست مخالفاً هذه الحدود التي اقتنعت كل الاقتناع بأنها أسلم طريق للوصول ، أجل قد تكون طريقاً طويلة ولكن ليس هناك غيرها . إنما تظهر الرجولة بالصبر والمثابرة والجد والعمل الدائب ، فمن أراد منكم أن يستعجل ثمرة قبل نضجها أو يقتطف زهرة قبل أوانها فلست معه في ذلك بحال ، وخير له أن ينصرف عن هذه الدعوة إلي غيرها من الدعوات . ومن صبر معي حتى تنمو البذرة وتنبت الشجرة وتصلح الثمرة ويحين القطاف فأجره في ذلك علي الله ، ولن يفوتنا وإياه أجر المحسنين : إما النصر والسيادة ، وإما الشهادة والسعادة .
    (25) توجيهات ثمينة
    أ- ألجموا نزوات العواطف بنظرات العقول
    ب- وأنيروا أشعة العقول بلهب العواطف
    جـ - وألزموا الخيال صدق الحقيقة والواقع
    د- واكتشفوا الحقائق في أضواء الخيال الزاهية البراقة .
    هـ - ولا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة
    و - ولا تصادموا نواميس الكون فإنها غلابة ، ولكن غالبوها واستخدموها وحولوا تيارها واستعينوا ببعضها علي بعض ، وترقبوا ساعة النصر وما هي منكم ببعيد .
    (26)الإخلاص وحسن القصد والاجتهاد
    إنكم تبتغون وجه الله وتحصيل مثوبته ورضوانه ، وذلك مكفول لكم ما دمتم مخلصين . ولم يكلفكم الله نتائج الأعمال ولكن كلفكم صدق التوجه وحسن الاستعداد ، ونحن بعد ذلك إما مخطئون فلنا أجر العاملين المجتهدين ، وإما مصيبون فلنا أجر الفائزين المصيبين . علي أن التجارب في الماضي والحاضر قد أثبتت أنه لا خير إلا في طريقكم ، ولا إنتاج إلا مع خطتكم ، ولا صواب إلا فيما تعملون ، فلا تغامروا بجهودكم ولا تقامروا بشعار نجاحكم . واعملوا والله معكم ولن يتركم أعمالكم والفوز للعاملين (وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ) (البقرة:143).
    (27)ميدان القول وميدان العمل وميدان الجهاد
    نحن هنا في مؤتمر أعتبره مؤتمراً عائلياً يضم أسرة الإخوان المسلمين ، وأريد أن أكون معكم صريحاً للغاية فلم تعد تنفعنا إلا المصارحة :
    إن ميدان القول غير ميدان الخيال ، وميدان العمل غير ميدان القول ، وميدان الجهاد غير ميدان العمل ، وميدان الجهاد الحق غير ميدان الجهاد الخاطئ .
    (28)طول طريق الجهاد
    يسهل علي كثير ين أن يتخيلوا ، ولكن ليس كل خيال يدور بالبال يستطاع تصويره أقوالا باللسان، وإن كثيرين يستطيعون أن يقولوا ولكن قليلاً من هذا الكثير يثبت عند العمل ، وكثير من هذا القليل يستطيع أن يعمل ، ولكن قليلا منهم يقدر علي حمل أعباء الجهاد الشاق والعمل المضني . وهؤلاء المجاهدون وهم الصفوة القلائل من الأنصار قد يخطئون الطريق ولا يصيبون الهدف إن لم تتداركهم عناية الله ، وفي قصة طالوت بيان لما أقول .
    فأعدوا أنفسكم وأقبلوا عليها بالتربية الصحيحة والاختبار الدقيق وامتحنوها بالعمل ، العمل القوي البغيض لديها الشاق عليها ، وافطموها عن شهواتها ومألوفاتها وعاداتها .
    (29)متى تكون الخطوة التنفيذية
    في الوقت الذي يكون فيه منكم ـ معشر الإخوان المسلمين ـ ثلاثمائة كتيبة قد جهزت كل منها نفسها :
    أ- روحياً بالإيمان والعقيدة .
    ب- وفكرياً بالعلم والثقافة .
    جـ - وجسمياً بالتدريب والرياضة .
    في هذا الوقت طالبوني بأن أخوض بكم لحج البحار ، وأقتحم بكم عنان السماء . وأغزو بكم كل عنيد جبار ، فإني فاعل إن شاء الله ، وصدق رسول الله القائل: (ولن يغلب اثنا عشر ألفاً من قلة).
    (30)الجهد المبذول يقصر الوقت المطلوب
    إني أقدر للخطوة التنفيذية وقتاً ليس طويلاً بعد توفيق الله واستمداد معونته وتقديم إذنه ومشيئته ، وقد تستطيعون أنتم معشر نواب الإخوان ومندوبيهم أن تقصروا هذا الآجل إذا بذلتم همتكم وضاعفتم جهودكم ، وقد تهملون فيخطئ هذا الحساب ، وتختلف النتائج المترتبة عليه ، فأشعروا أنفسكم العبء وألفوا الكتائب وكونوا الفرق ، وأقبلوا علي الدروس ، وسارعوا إلي التدريب وانشروا دعوتكم في الجهات التي لم تصل إليها بعد ، ولا تضيعوا دقيقة بغير عمل .
    (31)اتساع قاعدة الجماعة
    قد يظن من يسمع هذا أن الإخوان المسلمين قليل عددهم أو ضعيف مجهودهم ، ولست إلى هذا أقصد وليس هذا هو مفهوم كلامي ، فالإخوان المسلمون والحمد لله كثيرون ، وإن جماعة يمثلها في هذا الاجتماع آلاف من أعضائها كل منهم ينوب عن شعبة كاملة لأكثر من أن يستقل عددها أو ينسي مجهودها أو يغمط حقها ، ولكن أقصد إلى ما ذكرت أولا من أن رجل القول غير رجل العمل , ورجل العمل غير رجل الجهاد , ورجل الجهاد فقط غير رجل الجهاد المنتج الحكيم الذي يؤدي إلى أعظم الربح بأقل التضحيات .
    (32) إيثار الناحية العملية
    أثارالناحية العملية في نفوس الإخوان ودعا إليها في منهاجهم أمور منها:
    أ- مخافة أن تشوب هذه الأعمال شوائب الرياء فيسرع إليها التلف والفساد والموازنة بين هذه النظرة وبين ما ورد في إذاعة الخير والأمر به والمسارعة إلى إعلانه ليتعدى نفسه , أمر دقيق قلما يتم إلا بتوفيق .
    ب- نفور الإخوان الطبيعي من اعتماد الناس على الدعايات الكاذبة والتهريج الذي ليس من ورائه عمل , وما أنتجه في هذه الأمة من أثر سيئ وتضليل كبير وفساد ملموس .
    ج- ما كان يخشاه الإخوان من معاجلة الدعوة بخصومة حادة أو صداقة ضارة ينتج عن كليهما تعويق السير أو تعطيل عن الغاية .
    ***كل هذه أمور وضعها الإخوان في ميزانهم آثروا أن يسيروا في دعوتهم بجد وإسراع وإن لم يشعر بهم إلا من حولهم , وإن لم يؤثر ذلك إلا في محيطهم .
    (33)من نماذج البذل والجهاد والتضحية
    أ- عمل متصل بلاضجيج :
    الداعية من دعاة الإخوان قد يخرج من عمله المصلحي في عصر الخميس , فإذا هو في العشاء بالمنيا يحاضر الناس , وإذا هو في صلاة الجمعة يخطب بمنفلوط , فإذا هو في العصر يحاضر بأسيوط , وبعد العشاء يحاضر بسوهاج , ثم يعود أدراجه هادئ النفس مطمئن القلب يحمد الله على ما وفقه إليه و لا يشعر به إلا الذين استمعوه .
    هذا مجهود لو قام به غير الإخوان لملأ الدنيا صياحا و دعاية , ولكن الإخوان ـ لما قدمت ـ يؤثرون ألا يراهم الناس إلا عاملين , فمن أقنعه العمل فبها , ومن لم يؤثر فيه العمل فلن يرشده القول .
    ب- جهاد متواصل بلادعاية :
    قد يقضي الأخ شهرا أو شهرين بعيدا عن أهله و بيته وزوجه وولده يدعو إلى الله , هو في الليل محاضر وفي النهار مسافر , يوما بحزوى ويوما بالعقيق , فيلقي أكثر من ستين محاضرة من شرق القطر إلى غربه , وقد تضم الحفلات التي يحاضر فيها الآلاف من مختلف الطبقات , ثم هو بعد ذلك يوصي ألا يكون محل دعاية أو إعلان .
    جـ - انقطاع كامل للدعوة بلا دعاية :
    يعقد الإخوان معسكرا نموذجيا بالأسكندرية قرابة شهر فيكون معسكرا نموذجيا بحق , يجمع رياضة الفكر والروح إلى رياضة البدن والجسم , وتتمثل فيه بجلاء وضوح المعاني الرياضية والعسكرية الكاملة , ويدوم ذلك طول هذه الفترة , ويضم تحت خيامه المباركة مائة من الشباب التقي المؤمن , فلا يكون لذلك صداه في غير من حضروه من الإخوان المسلمين
    د- التفاف حول الدعوة :
    يعقد مؤتمر كمؤتمركم هذا وهو في الواقع أصدق برلمان لمصر إذ مثلت فيه مديرياتها ومراكزها وقراها وحواضرها من كل الطبقات أصدق تمثيل , وقد حضرتم جميعا لا يحملكم إلى ذلك إلا الرغبة الأكيدة في العمل المنتج , فنوجه إليكم الدعوة ويضمكم معشر الإخوان المسلمين هذا المكان المبارك .
    (34)العمل لاالدعاية
    يقوم الإخوان المسلمون بهذا وبغيره من ضروب الإصلاح التي تنتج أحسن الآثار ثم هم بذلك لا يتشدقون ولا يباهون , ولا يذكرون حتى الحقيقة فضلا عن المبالغة والإغراق , ولو كان بعض هذا النشاط وبعض هذه الأعمال مما يوفق إليه غير الإخوان من الهيئات لملئوا الدنيا صراخا , ولأسمعوا من في المشرق والمغرب .
    (35)واجب البيان
    ذلك المعنى- البعد عن الدعاية الزائدة - الذي تقصدون إليه - معنى جميل حقا و خطة محمودة عند الله وعند الناس , فادرجوا عليها ولا بأس عليكم , ولكن لا حظوا أنكم الآن وقد أرغمتكم الدعوة على أن تتخطوا الحواجز الخاصة إلى الميادين الواسعة , وقد أظهرت الدعوة نفسها فأخذ الناس يتساءلون عنها وعنكم , وأخذ بعض الفضوليين يتطوع بتصويركم لغيركم و هو لا يدري قليلا ولا كثيرا من شؤونكم , فقد وجب عليكم أن تبينوا للناس غايتكم ووسيلتكم وحدود فكرتكم ومنهاج أعمالكم , وأن تعلنوا هذه الأعمال على الناس لا للمباهاة بها ولكن للإرشاد إلى ما فيها من نفع للأمة وخير لأبنائها فاكتبوا إلى النذير وهي لسانكم , واكتبوا إلى الصحف اليومية وأظنها لا تقف في سبيلكم , واحرصوا على أن تكونوا صادقين لا تتجاوزون الحقيقة , وأن تكون دعايتكم في حدود الأدب الكامل والخلق الفاضل والحرص التام على جمع القلوب وتأليف الأرواح , واستشعروا كلما ظهرت دعوتكم أن الفضل في ذلك كله لله : (بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (الحجرات:17) .

    (36) إقبال الشباب على الدعوة
    أ- الشباب أخصب المنابت للدعوات من الطبقات العاملة والوسطى .
    ب- أقبل الشباب من كل مكان على دعوة الإخوان يؤمن بها ويؤيدها ويناصرها , ويعاهد الله على النهوض بحقها والعمل في سبيلها .
    جـ - تقدم ستة من شباب الجامعة منذ سنوات يهبون الله نفوسهم وجهودهم , وعلم الله منهم ذلك فأيدهم وآزرهم , فإذا بالجامعة كلها من أنصار الإخوان المسلمين تحبهم وتحترمهم وتتمنى لهم النجاح , وإذا من الشباب الجامعي فئة كريمة مؤمنة تتفانى في الدعوة و تبشر بها في كل مكان .
    (37)الأزهر معقل الدعوة الإسلامية
    الأزهر بطبعه معقل الدعوة الإسلامية وموئل الإسلام , فليس غريبا عليه أن يعتبر دعوة الإخوان المسلمين دعوته وأن يعد غايتها غايته , وأن تمتلئ الصفوف الإخوانية والأندية الإخوانية بشبابه الناهض وعلمائه الفضلاء ومدرسيه ووعاظه , وأن يكون لهم جميعا أكبر الأثر في نشر الدعوة وتأييدها والمناداة بها في كل مكان .
    (38)إقبال على الدعوة من جميع الطبقات
    لم يقتصر إقبال الشباب على طوائف الطلبة والفضلاء ومن إليهم , بل إن كثيرا من طبقات الشعب المؤمنة أقبل على الدعوة و كان خير معوان في مناصرتها , وإن كثيرا من الشباب كان ضالا فهداه الله وكان حائرا فأرشده الله , وكانت المعصية له عادة فوفقه الله إلى الطاعة , وكان لا يعرف له غاية من الحياة فوضحت أمامه الغاية , (يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ) (النور:35) .
    وإنا لنعتبر ذلك من علامات التوفيق ونلمس كل يوم تقدما جديدا في هذا الباب يدعونا إلى الأمل القوي والمثابرة ومضاعفة الجهود , (وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) (آل عمران:126) .
    (39)سرعة الانتشار في القرى و المدن
    أ- مواطن الدعوة الأولى
    قدمت لكم أن الدعوة نشأت في الإسماعيلية , وترعرعت في جوها الصافي ودرجت على رمالها الممتدة الجميلة , يغذيها وينميها ما ترى ما ترى كل صباح ومساء من مظاهر الاحتلال الأجنبي والاستئثار الأوربي بخير هذا البلد , فهذه قناة السويس علة الداء وأصل البلاء , وفي الغرب المعسكر الإنجليزي بأدواته ومعداته , وفي المشرق المكتب العام لإدارة شركة القناة بأثاثه ورياسته وعظمته ومرتباته , والمصري غريب بين كل هذه الأجواء في بلده محروم وغيره ينعم بخير وطنه ذليل , والأجنبي يعتز بما يغتصبه من موارد رزقه , كان هذا الشعور غذاء جميلا ومدادا طيبا لدعوة الإخوان فبسطت رواقها في منطقة القناة ثم تخطتها إلى البحر الصغير ثم إلى مديرية الدقهلية , تحتل قلوب المؤمنين بها بذرة صغيرة متواضعة , ثم لا تلبث أن تستولي على هذه القلوب وتستغرق شعورها وتفكيرها , وتصبح للرجل أمل الآمال وغاية الغايات فيدعو ويضحي ويبذل .
    ب- الدعوة تنتقل إلى القاهرة
    وخطت الدعوة إلى القاهرة باندماج جمعية الحضارة الإسلامية بدعاتها وأدواتها إلى الإخوان , إيمانا بفكرتهم وإيثارا للعمل مع الجماعة , وزهادة في الألقاب والأسماء , واحتقارا لهذه الأنانية الفردية التي أفسدت علينا كل عمل , ثم تبع ذلك تكون مكتب الإرشاد العام بالقاهرة وإشرافه على شعب الجماعة الناشئة في الأقاليم والبلدان , وعمله الدائب على نشر الفكرة وإيصالها للبلدان التي لم تتصل بها بعد .
    جـ - الدعوة تنتشر في مصر كلها
    دأب المكتب بعد ذلك يقتطع أعضاؤه من قوتهم وأوقاتهم وجهودهم ما يستعينون به على خدمة عقيدتهم في عفة الأسد , وفي طهارة ماء الغمام , لا يمدون لأحد يدا ولا يسألون كبيرا ولا هيئة شيئا , ولا يأخذون من مال حكومة ولا يطلبون معونة أحد إلا الله , حتى انتشرت شعب الإخوان بسرعة فائقة في جميع نواحي القطر المصري من أسوان إلى الإسكندرية إلى رشيد إلى بورسعيد إلى السويس إلى طنطا , إلى الفيوم إلى بني سويف , إلى المنيا , إلى أسيوط , إلى جرجا , إلى قنا , وفيما بين ذلك من المراكز والقرى .
    د- الدعوة تنتشر خارج مصر
    ولم تقف عند هذه الحدود المصرية بل تجاوزتها إلى القسم الجنوبي من الوطن الغالي , إلى السودان المفدى , ثم إلى بقية أجزاء الوطن الإسلامي العزيز : سوريا بأقسامها شرقا , والمغرب بأقسامه غربا , ثم إلى غير ذلك من بقية بلادنا الإسلامية المباركة .
    هـ - خطوات الدعوة المتلاحقة
    كنا نوجه الدعوة ونعمل على انتشارها , أما الآن فقد صارت الدعوة تسبقنا إلى البلاد والقرى وتضطرنا إلى ملاحقتها وأداء حقوقها مهما كان في ذلك من عنت ومن إرهاق , والمهم أن الصلة بين هذه الهيئات كلها ليس مجرد التشابه في الاسم أو الوحدة في المقصد العام , كلا بل إنها أقوى الصلات جميعا , إنها صلة الحب العميق والتعاون الوثيق , والارتباط القدسي المتين , والالتفاف التام حول محور الدعوة و مركزها , والوحدة والشاملة في الألم والأمل والجهاد والعمل , والوسائل والغايات والمناهج والخطوات , وليس بعد ذلك زيادة لمستزيد .
    (40)البناء الذاتي وعمق الروابط الروحية
    ليست هذه الهيئات في البلدان و القرى مقتصرة في عملها على تنفيذ تعليمات المكتب الرئيسي لها بالقاهرة , بل إنها تجد وتعمل في مناحي الخدمة العامة فتبني أنديتها , وكثير منها قد بنى داره وأصبحت ملكا خالصا له خاصا به , وكثير منها كذلك قام بالكثير من المشروعات الخيرية والاقتصادية والاجتماعية , وجميعها دائمة النشاط جمة الإنتاج كما أن صلة المكتب بفروعه وهيئاته المختلفة ليست صلة الرئيس بالمرؤوس , وليس صلة الإدارة البحتة والإشراف العلمي فقط ,ولكنها صلة فوق ذلك كله : صلة الروح أولا , وصلة أفراد الأسرة الواحدة بعضهم ببعض , التزاور في الله , فدعاة الإخوان يزورن إخوانهم ويختلطون بهم و يعرفون أهم ما يتصل بحياتهم وشؤونهم الخاصة والعامة ولم يتوفر ذك لهيئة من الهيئات القائمة فيما أعلم , وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .
    (41)أمل في المستقبل
    لا أكتمكم أني مزهو بهذه الوحدة الإخوانية الصادقة , فخور بهذا الارتباط الرباني القوي المتين , عظيم الأمل في المستقبل , ما دمتم كذلك أخوة في الله متحابين متعاونين , فاحرصوا على هذه الوحدة فإنها سلاحكم و عدتكم
    (42)تساؤل الناس عن نفقات الدعوة
    وإن كثيرا من الناس ليتساءل : ومن أين يقوم الإخوان المسلمون بنفقات هذه الدعوة , وهي نفقات كثيرة تعجز الأغنياء فضلا عن الفقراء ؟
    (43)نفقات الدعوة يتحملها أبناؤها
    ألا فليعلم هؤلاء وليعلم غيرهم أن الإخوان المسلمين لا يبخلون على دعوتهم يوما من الأيام بقوت أولادهم وعصارة دمائهم وثمن ضرورياتهم , فضلا عن كمالياتهم والفائض من نفقاتهم , وأنهم يوم أن حملوا هذا العبء عرفوا جيدا أنها دعوة لا ترضى بأقل من الدم والمال , فخرجوا عن ذلك كله لله وفقهوا معنى قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) (التوبة:111) , فقبلوا البيع وقدموا البضاعة عن رضا وطيب نفس , معتقدين أن الفضل كله لله, فاستغنوا بما في أيديهم عما في أيدي الناس , ومنحهم الله البركة في القليل فأنتج الكثير.
    (44)لا للارتهان بسبب المال
    إلى الآن أيها الإخوان لم يمنح مكتب الإرشاد العام إعانة واحدة من حكومة أيا كانت , وها هو يباهي ويفاخر ويتحدى الناس جميعا أن يقول أحدهم إن هذا المكتب قد دخل خزانته قرش واحد من غير جيوب أعضائه , ولسنا نريد إلا هذا ، ولن نقبل إلا من عضو أو من محب ، ولن نعتمد علي الحكومات في شيء ، ولا تجعلوا في ترتيبكم ولا منهاجكم ذلك ولا تنظروا إليه ولا تعملوا له، (وَاسْأَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) (النساء:32).
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 2093
    تاريخ التسجيل : 01/03/2010
    الموقع : hmsain.ahlamontada.com

    شرح رسالة المؤتمر الخامس  Empty رد: شرح رسالة المؤتمر الخامس

    مُساهمة  Admin الأربعاء 13 يوليو 2011 - 17:34

    تحليل رسالة المؤتمر الخامس (3)
    القسم الرابع : منهاج الإخوان المسلمين

    (45)غاية الإخوان ووسيلتهم
    إن غاية الإخوان تنحصر في تكوين جيل جديد من المؤمنين بتعاليم الإسلام الصحيح يعمل علي صبغ الأمة بالصبغة الإسلامية الكاملة في كل مظاهر حياتها : صيغة الله ومن أحسن من الله صيغة وأن وسيلتهم في ذلك تنحصر في تغيير العرف العام وتربية أنصار الدعوة علي هذه التعاليم حتى يكونوا قدوة لغيرهم في التمسك بها والحرص عليها والنزول علي حكمها ؛ وأنهم ساروا إلى غايتهم في حدود وسيلتهم فوصلوا إلى درجة من النجاح يطمئنون إليها ويحمدون الله عليها .
    (46)الإخوان والقوة والثورة
    أ- تساؤل وجواب
    ويتساءل كثير من الناس : هل في عزم الإخوان المسلمين أن يستخدموا القوة في تحقيق أغراضهم والوصول إلى غايتهم ؟ وهل يفكر الإخوان المسلمين في إعداد ثورة عامة علي النظام السياسي أو النظام الاجتماعي في مصر ؟ ....
    ولا أريد أن أدع هؤلاء المتسائلين في حيرة ، بل إني أنتهز هذه الفرصة فأكشف اللثام عن الجواب السافر لهذا في وضوح وفي جلاء ، فليسمع من يشاء .
    ب- القوة شعار الإسلام
    أولا :- القوة شعار الإسلام في كل نظمه وتشريعاته
    1- دليل من القرآن الكريم: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ) (لأنفال:60).
    2- دليل من السنة : (المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف)
    ثانيا : - إن القوة شعار الإسلام حتى في الدعاء وهو مظهر الخشوع والمسكنة .
    3- دليل من أدعية النبي : ما كان يدعو به النبي في خاصة نفسه ويعلمه أصحابه ويناجي به ربه : (اللّهُمّ إِنّي أَعوذُ بِكَ مِنَ الْهَمّ وَالْحَزَنِ، وَأَعوذُ بِكَ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَأعوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ والْبُخْلِ وَأعوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدّيْنِ وَقَهْرِ الرّجَال) .
    جـ - استعاذ بالله من كل مظهر من مظاهر الضعف :
    أولا : ضعف الإرادة بالهم والحزن
    ثانيا : ضعف الإنتاج بالعجز والكسل
    ثالثا : ضعف الجيب والمال بالجبن والبخل
    رابعا : ضعف العزة و الكرامة بالدين والقهر ؟ ..
    د- المسلم قوي
    فماذا تريد من إنسان يتبع هذا الدين إلا أن يكون قويا في كل شيء , شعاره القوة في كل شيء ؟.. فالإخوان المسلمون لابد أن يكونوا أقوياء , ولابد أن يعملوا في قوة .
    هـ - درجات القوة
    الإخوان المسلمين أعمق فكرا وأبعد نظرا من أن تستهويهم سطحية الأعمال والفكر , فلا يغوصوا في أعماقها ولا يزنوا نتائجها وما يقصد منها وما يراد بها , فهم يعلمون أن:
    أولا : أول درجة من درجات القوة قوة العقيدة و الإيمان ,
    ثانيا : ثم يلي ذلك قوة الوحدة والارتباط ,
    ثالثا : ثم يأتي بعدهما قوة الساعد والسلاح
    و- نظرة الإخوان إلى القوة
    أولا : لا يصح أن توصف جماعة بالقوة حتى تتوفر لها هذه المعاني جميعا , وإذا كانت مفككة الأوصال مضطربة النظام أو ضعيفة العقيدة خامدة الإيمان فلن تستطيع أن تحقق نجاحا في ميدان من الميادين .
    ثانيا : هل أوصى الإسلام ـ والقوة شعاره ـ باستخدام القوة في كل الظروف والأحوال ؟ أم حدد لذلك حدودا واشترط شروطا ووجه القوة توجيها محدودا ؟
    ثالثا : هل تكون القوة أول علاج أم أن آخر الدواء الكي ؟ وهل من الواجب أن يوازن الإنسان بين نتائج استخدام القوة النافعة ونتائجها الضارة وما يحيط بهذا الاستخدام من ظروف ؟ أم من واجبه أن يستخدم القوة و ليكن بعد ذلك ما يكون ؟
    ز- نظرة الإخوان إلى الثورة
    أولا: الثورة أعنف مظاهر القوة , فنظر الإخوان المسلمون إليها أدق وأعمق , وبخاصة في وطن كمصر جرب حظه من الثورات فلم يجن من ورائها إلا ما تعلمون .
    ثانيا : لا يفكر الإخوان المسلمون في الثورة , ولا يعتمدون عليها ، ولا يؤمنون بنفعها ونتائجها .
    ثالثا :إن الحال إذا دامت علي هذا المنوال ولم يفكر أولو الأمر في إصلاح عاجل وعلاج سريع لهذا المشاكل ، فسيؤدي ذلك حتما إلي ثورة ليست من عمل الإخوان المسلمين ولا من دعوتهم ، ولكن من ضغط الظروف ومقتضيات الأحوال ، وإهمال مرافق الإصلاح , وليست هذه المشاكل التي تتعقد بمرور الزمن ويستفحل أمرها بمضي الأيام إلا نذيراً من هذه النذر ، فليسرع المنقذون بالأعمال .
    (47)الإخوان المسلمون والحكم
    أ- الإسلام يجمع بين الإرشاد التعليمي والعمل التنفيذي
    الإخوان المسلمون يسيرون في جميع خطواتهم وآمالهم وأعمالهم علي هدي الإسلام الحنيف كما فهموه ، وهذا الإسلام الذي يؤمن به الإخوان المسلمون يجعل الحكومة ركنا من أركانه ، ويعتمد علي التنفيذ كما يعتمد علي الإرشاد والدليل على ذلك :
    أولا: قد جعل النبي صلي الله عليه وسلم الحكم عروة من عري الإسلام ثانيا:قال الخليفة الثالث رضي الله عنه : (إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن) .
    ثالثا: الحكم معدود في كتبنا الفقهية من العقائد والأصول ، لا من الفقهيات والفروع .
    ب- دور المصلح الإسلامي
    فالإسلام حكم وتنفيذ ، كما هو تشريع وتعليم ، كما هو قانون وقضاء ، لا ينفك واحد منها عن الآخر . والمصلح الإسلامي إن رضي لنفسه أن يكون فقيهاً مرشداً يقرر الأحكام ويرتل التعاليم ويسرد الفروع والأصول ، وترك أهل التنفيذ يشرعون للأمة ما لم يأذن به الله ويحملونها بقوة التنفيذ علي مخالفة أوامره ، فان النتيجة الطبيعية أن صوت هذا المصلح سيكون صرخة في واد ونفخة في رماد كما يقولون .
    جـ- متى يرضى المصلح الإسلامي برتبة الوعظ والإرشاد
    قد يكون مفهوما أن يقنع المصلحون الإسلاميون برتبة الوعظ والإرشاد إذا وجدوا من أهل التنفيذ إصغاء لأوامر الله وتنفيذا لأحكامه وإيصالا لآياته و لأحاديث نبيه , وأما الحال كما نرى : التشريع الإسلامي في واد والتشريع الفعلي في واد آخر , فإن قعود المصلحين الإسلاميين عن المطالبة بالحكم جريمة إسلامية لا يكفرها إلا النهوض واستخلاص قوة التنفيذ من أيدي الذين لا يدينون بأحكام الإسلام الحنيف .
    هذا كلام واضح لم نأت به من عند أنفسنا , ولكننا نقرر به أحكام الإسلام الحنيف
    د- الإخوان جنود من ينفذ تعاليم الإسلام
    الإخوان المسلمون لا يطلبون الحكم لأنفسهم فإن وجدوا من الأمة من يستعد لحمل العبء وأداء هذه الأمانة والحكم بمنهاج إسلامي قرآني فهم جنوده وأنصاره وأعوانه وإن لم يجدوا فالحكم من منهاجهم وسيعملون لاستخلاصه من أيدي كل حكومة لا تنفذ أوامر الله .
    هـ - الإخوان المسلمون أعقل وأحزم من أن يتقدموا لمهمة الحكم ونفوس الأمة على هذا الحال , فلابد من فترة تنتشر فيها مبادئ الإخوان
    وتسود , ويتعلم فيها الشعب كيف يؤثر المصلحة العامة على المصلحة الخاصة .
    و- موقف الإخوان من كثير من الحكومات
    إن الإخوان المسلمين لم يروا في حكومة من الحكومات التي عاصروها ـ ولا الحكومة القائمة ولا الحكومة السابقة , ولا غيرهما من الحكومات الحزبية ـ من ينهض بهذا العبء أو من يبدي الاستعداد الصحيح لمناصرة الفكرة الإسلامية , فلتعلم الأمة ذلك , ولتطالب حكامها بحقوقها الإسلامية , وليعمل الإخوان المسلمون .
    ز- الإخوان ليسوا مطية لأحد
    أنه ليس أعمق في الخطأ من ظن بعض الناس أن الإخوان المسلمين كانوا في أي عهد من عهود دعوتهم مطية لحكومة من الحكومات , أو منفذين لغاية غير غايتهم , أو عاملين على منهاج غير منهاجهم , فليعلم ذلك من لم يكن يعلمه من الإخوان ومن غير الإخوان .
    (48) الإخوان المسلمون والدستور
    أ- الفرق بين الدستور والقانون
    ( الدستور ) هو نظام الحكم العام الذي ينظم حدود السلطات وواجبات الحاكمين ومدى صلتهم بالمحكومين .
    ( القانون ) هو الذي ينظم صلة الأفراد بعضهم ببعض ويحمى حقوقهم الأدبية والمادية ويحاسبهم على ما يأتون من أعمال .
    ب- موقف الإخوان من نظام الحكم الدستوري عامة
    إن الباحث حين ينظر إلى مبادئ الحكم الدستوري التي تتلخص في: أولا:المحافظة على الحرية الشخصية بكل أنواعها
    ثانيا :المحافظة على الشورى واستمداد السلطة من الأمة
    ثالثا : مسئولية الحكام أمام الشعب ومحاسبتهم على ما يعملون من أعمال , وبيان حدود كل سلطة من السلطات
    هذه الأصول كلها يتجلى للباحث أنها تنطبق كل الانطباق على تعاليم الإسلام ونظمه وقواعده في شكل الحكم .
    ولهذا يعتقد الإخوان المسلمون أن نظام الحكم الدستوري هو أقرب نظم الحكم القائمة في العالم كله إلى الإسلام، وهم لا يعدلون به نظاماً آخر .
    جـ - أمران مهمان في الفقه الدستوري
    أولهما : النصوص التي تصاغ في قالبها هذه المبادئ الدستورية .
    ثانيهما : طريقة التطبيق التي تفسر بها عمليا هذه النصوص , إن المبدأ السليم القويم قد يوضع في نص مبهم غامض فيدع مجالا للعبث وبسلامة المبدأ في ذاته , وإن النص الظاهر الواضح للمبدأ السليم القويم قد يطبق وينفذ بطريقة يمليها الهوى وتوحيها الشهوات , فيذهب هذا التطبيق بكل ما يرجى من فائدة .
    د- موقف الإخوان من دستور مصر في الثلاثينات من القرن العشرين
    أولا: إن من نصوص من الدستور المصري ما يراه الإخوان المسلمون غامضا مبهما يدع مجالا واسعا للتأويل والتفسير الذي تمليه الغايات والأهواء , فهي في حاجة إلى وضوح وإلى تحديد وبيان ... هذه واحدة
    ثانيا : إن طريقة التنفيذ التي يطبق بها الدستور , ويتوصل بها إلى جني ثمرات الحكم الدستوري في مصر , طريقة أثبتت التجارب فشلها وجنت الأمة منها الأضرار لا المنافع , فهي في حاجة شديدة إلى تحوير وإلى تعديل يحقق المقصود ويفي بالغاية .
    هـ- - مثال من الواقع القانوني
    نشير هنا إلى قانون الانتخاب , وهو وسيلة اختيار النواب الذين يمثلون الأمة ويقومون بتنفيذ دستورها وحمايته , وما جره هذا القانون على الأمة من خصومات وحزازات , وما أنتجه يشهد به الواقع الملموس , ولابد أن تكون فينا الشجاعة الكافية لمواجهة الأخطاء والعمل على تعديلها .
    و- دور الإخوان في الإصلاح الدستوري
    يعمل الإخوان المسلمون جهدهم حتى تحدد النصوص المبهمة في الدستور المصري , وتعدل الطريقة التي ينفذ بها هذا الدستور في البلاد , وأظن أن موقف الإخوان قد وضح بهذا البيان .
    ز- مثال من النقد والنقد الذاتي داخل الجماعة
    إن الأخ صالح أفندي عشماوي قد أراد أن يعبر في مقاله الأول عن وجهة النقد التي يراها الإخوان فاحتد و اشتد , ولما نبهناه إلى أن هذا ليس موقفنا في الواقع , فنحن نسلم بالمبادئ الأساسية للحكم الدستوري باعتبارها متفقة بل مستمدة من نظام الإسلام , وإنما ننقد الإبهام وطرائق الإنفاذ , أراد أن يعبر عن ذلك ويقر الأمر في وضعه الطبيعي بالنسبة للإخوان فتساهل ولان , وهو في كلا الموقفين مأجور , فالخير أراد , ونية المرء خير من عمله ونحن نشكر الذين أخذوا على الأخ صالح أفندي هذا الموقف ولايضره فيما أعتقد أن يستفيد من هذا التنبيه فيؤثر الاعتدال في كل حال .
    (49)الإخوان المسلمون والقانون
    أ- مكانة القانون في الإسلام
    إن الإسلام لم يجئ خلواً من القوانين، بل هو قد أوضح كثيراً من أصول التشريع وجزئيات الأحكام، سواء أكانت مادية أم جنائية، تجارية أم دولية ، والقرآن والأحاديث فياضة بهذه المعاني، وكتب الفقهاء غنية كل الغنى بكل هذه النواحي، وقد اعترف الأجانب أنفسهم بهذه الحقيقة، وأقرها مؤتمر لاهاي الدولي أمام ممثلي الأمم من رجال القانون في العالم كله .
    ب- تناقض الواقع القانوني في الأمة مع الشريعة الإسلامية
    فمن غير المفهوم ولا المعقول أن يكون القانون في أمة إسلامية متناقضًا مع تعاليم دينها وأحكام قرآنها وسنة نبيها، مصطدماً كل الاصطدام بما جاء عن الله ورسوله، وقد حذر الله نبيه ص من ذلك من قبل، فقال تبارك وتعالى: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ , أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة:49-50) , ذلك بعد قوله تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ـُ الظَّالِمُونَ ـ الْفَاسِقُونَ) (المائدة:44 , 45 , 47) ، فكيف يكون موقف المسلم الذي يؤمن بالله وكلماته إذا سمع هذه الآيات البينات وغيرها من الأحاديث والأحكام، ثم رأى نفسه محكوماً بقانون يصطدم معها؟ فإذا طالب بالتعديل قيل له: إن الأجانب لا يرضون بهذا ولا يوافقون عليه ، ثم يقال بعد هذا الحجر والتضييق : إن المصريين مستقلون وهم لم يملكوا بعد أن يتمتعوا بحرية الدين، وهي أقدس الحريات .
    جـ- - تناقض القونين الوضعية مع بعضها البعض
    إن هذه القوانين الوضعية كما تصطدم بالدين ونصوصه تصطدم بالدستور الوضعي نفسه الذي يقرر أن دين الدولة هو الإسلام , فكيف نوافق بين هذين يا أولى الألباب ؟
    د- موقف المسلم من القوانين الوضعية المخالفة للشريعة
    وإذا كان الله ورسوله قد حرم الزنا وحظر الربا ومنع الخمور وحارب الميسر وجاء القانون يحمى الزانية والزاني ويلزم بالربا ويبيح الخمر وينظم القمار فكيف يكون موقف المسلم بينهما ؟ أيطيع الله ورسوله ويعصى الحكومة وقانونها والله خير وأبقى ؟ أم يعصى الله ورسوله ويطيع الحكومة فيشقى في الآخرة والأولى ؟ .
    هـ - موقف الإخوان من القانون الوضعي المخالف للشريعة الإسلامية
    الإخوان المسلمون لا يوافقون على هذا القانون الوضعي المخالف للشريعة أبدا ولا يرضونه بحال وسيعملون بكل سبيل على أن يحل مكانه التشريع الإسلامي العادل الفاضل في نواحي القانون ولسنا هنا في مقام الرد على ما قيل في هذه الناحية من شبهات أو ما يعترض سبيلها من توهم العقبات ولكننا في مقام بيان موقفنا الذي عملنا وسنعمل عليه متخطين في سبيله كل عقبة موضحين كل شبهة حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله
    ولقد تقدم الإخوان المسلمون إلى معالي وزير العدل بمذكرة ضافية في هذا الموضوع , ولقد حذروا الحكومة في نهايتها من إحراج الناس هذا الإحراج , فالعقيدة أثمن ما في الوجود , وسوف يعاودون الكرّة , وسوف لا يكون ذلك آخر مجهودهم (وَيَأْبَى اللهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) (التوبة:32)

    (50)الإخوان والقومية والعروبة والإسلام
    أ- موقف الإخوان من القومية
    أولا: فريضة لازمة
    إن الإسلام قد فرضها فريضة لازمة لا مناص منها أن يعمل كل إنسان لخير بلده وأن يتفانى في خدمته , وأن يقدم أكثر ما يستطيع من الخير للأمة التي يعيش فيها وأن يقدم في ذلك الأقرب فالأقرب رحما وجوارا حتى أنه لا يجز أن تنقل الزكوات أبعد من مسافة القصر – إلا لضرورة – إيثارا للأقربين بالمعروف فكل مسلم مفروض عليه أن يسد الثغرة التي هي عليها وأن يخدم الوطن الذي نشأ فيه
    ثانيا :الإخوان من أعمق الناس وطنية
    من هنا كان المسلم أعمق الناس وطنية لأن ذلك مفروض عليه من رب العالمين وكان الإخوان المسلمون بالتالي أشد الناس حرصا على خير وطنهم وتفانيا في خدمة قومهم , وهم يتمنون لهذه البلاد العزيزة المجيدة كل عزة ومجد وكل تقدم ورقى , وكل فلاح ونجاح , وقد انتهت إليها رياسة الأمم الإسلامية بحكم ظروف كثيرة تضافرت على هذا الوضع الكريم , وإن حب المدينة لم يمنع رسول الله أن يحن إلى مكة وأن يقول لأصيل , وقد أخذ يصفها (يا أصيل دع القلوب تقر) وأن يجعل بلالا يهتف في قرارة نفسه :
    ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة بواد وحولي إذخر وجليـل
    وهل أردن يوما ميـاه مجنة وهل يبدون لي شامة وطفيل


    فالإخوان المسلمون يحبون وطنهم , ويحرصون على وحدته القومية بهذا الاعتبار لا يجدون غضاضة على أي إنسان يخلص لبلده , وأن يفنى في سبيل قومه وأن يتمنى لوطنه كل مجد وكل عزة وفخار .
    ب- موقف الإخوان من الوحدة العربية
    أولا: العرب حراس الإسلام
    إن الإسلام الحنيف نشأ عربيا ووصل إلى الأمم عن طريق العرب , وجاء كتابه بلسان عربي مبين , وتوحدت الأمم باسمه على هذا اللسان يوم كان المسلمون مسلمين , وقد جاء في الأثر : إذا ذل العرب ذل الإسلام , وقد تحقق هذا المعنى حين دال سلطان العرب السياسي وانتقل الأمر من أيديهم إلى غيرهم من الأعاجم والديلم ومن إليهم , فالعرب هم عصبة الإسلام وحراسه .
    ثانيا:نظرة الإخوان إلى العروبة
    وأحب هنا أن ننوه إلى أن الإخوان المسلمين يعتبرون العروبة , كما عرفها النبي , فيما يرويه ابن كثير عن معاذ بن جبل رضي الله عنه : (ألا إن العربية اللسان , ألا إن العربية السان) .
    ثالثا : وحدة العرب ضرورية للإسلام
    ومن هنا كانت وحدة العرب أمرا لابد منه لإعادة الإسلام وإقامة دولته وإعزاز سلطانه , ومن هنا وجب على كل مسلم أن يعمل لإحياء الوحدة العربية وتأييدها ومناصرتها، وهذا موقف مجموعة البحث من الوحدة العربية .
    جـ - موقف الإخوان من الوحدة الإسلامية
    أولا: المؤمنون إخوة
    الحق أن الإسلام قضى على الفوارق النسبية بين الناس فالله تبارك وتعالى يقول : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (الحجرات:10), والنبي (المسلم أخو المسلم) والمسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على سواهم.
    ثانيا : المسلمون أمة واحدة
    الإسلام لا يعترف بالحدود الجغرافية ولا يعتبر الفروق الجنسية والدموية , ويعتبر المسلمين جميعا أمة واحدة , ويعتبر الوطن الإسلامي وطنا واحدا مهما تباعدت أقطاره وتناءت حدوده .
    ثالثا : الإخوان المسلمون يقدسون الوحدة الإسلامية
    الإخوان المسلمون يقدسون هذه الوحدة ويؤمنون بهذه الجامعة , ويعملون لجمع كلمة المسلمين وإعزاز إخوان الإسلام وينادون بأن وطنهم هو كل شبر أرض فيه مسلم يقول (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وما أروع ما قال في هذا المعنى شاعر من شعراء الإخوان :
    ولست أدرى سوى الإسلام لي وطنا الشـام فيها ووادي النيـل سيان
    وكلمـــا ذكر أسم الله فى بلــد عددت أرجاءه من لب أوطـاني
    (51)لاتناقض بين الدوائر الثلاث
    أ- الإسلام هو سر الوحدة قديما بين الشعوب
    قد كانت هذه الأمم مفرقة من قبل متخالفة في كل شيء : الدين واللغة , والمشاعر والآمال والآلام , فوحدها الإسلام وجمع قلوبها على كلمة سواء , ومازال الإسلام كما هو بحدوده ورسومه , فإذا وجد من أبنائه من ينهض بعبء الدعوة إليه وتجديده في نفوس المسلمين , فإنه يجمع هذه الأمم جميعا من جديد كما جمعها من قديم, والإعادة أهون من الابتداء , والتجربة أصدق دليل على الإمكان .
    ب- موقف الإخوان من قضية الشرق والغرب
    يهتف بعض الناس بعد هذا بالوحدة الشرقية , وأظن أنه لم يثر هذه النعرة في نفوس الهاتفين بها إلا تعصب الغربيين لغربهم وسوء عقيدتهم في الشرق وأبنائه , وهم في ذلك مخطئون , وإذا استمر الغربيون على عقيدتهم هذه فستجر عليهم الوبال والنكال , والإخوان المسلمون لا ينظرون إلى هذه الوحدة الشرقية إلا من خلال هذه العاطفة فقط , والشرق والغرب عندهم سيان إذا استوى موقفهما من الإسلام , وهم لا يزنون الناس إلا بهذا الميزان .
    (52)الوحدة العالمية
    إن الإخوان المسلمين يحترمون قوميتهم الخاصة باعتبارها الأساس الأول للنهوض المنشود , ولا يرون بأسا بأن يعمل كل إنسان لوطنه , وأن يقدمه للوطن على سواه , ثم هم بعد ذلك يؤيدون الوحدة العربية باعتبارها الحلقة الثانية في النهوض , ثم هم يعملون للجامعة الإسلامية باعتبارها السياج الكامل للوطن الإسلامي العام , ولى أن أقول بعد هذا : إن الإخوان يريدون الخير للعالم كله , فهم ينادون بالوحدة العالمية لأن هذا هو مرمى الإسلام وهدفه ومعنى قول الله تبارك وتعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الأنبياء:107) .
    (53)المعنى المذموم من القومية
    لا تعارض بين هذه الوحدات , و كل منهما يشد أزر الأخرى ويحقق الغاية منها , فإذا أراد أقوام أن يتخذوا من المناداة بالقومية الخاصة سلاحا يميت الشعور بما عداها , فالإخوان المسلمون ليسوا معهم ولعل هذا هو الفارق بيننا وبين كثير من الناس .



    (54)الإخوان المسلمون و الخلافة
    أ- الإخوان يعتقدون :
    أولا: أن الخلافة الإسلامية رمز الوحدة الإسلامية .
    ثانيا: الخلافة مظهر الارتباط بين أمم الإسلام .
    ثالثا : الخلافة شعيرة إسلامية يجب على المسلمين التفكر في أمرها والاهتمام بشأنها .
    رابعا : الخليفة مناط كثير من الأحكام في دين الله , ولهذا قدم الصحابة رضوان الله عليهم النظر في شأنها على النظر في تجهيز النبي ودفنه , حتى فرغوا إلى تلك المهمة واطمأنوا إلى إنجازها .
    خامسا : الأحاديث التي وردت في وجوب نصب الإمام , وبيان أحكام الإمامة وتفصيل ما يتعلق بها , لا تدع مجالا للشك في أن من واجب المسلمين أن يهتموا بالتفكير في أمر خلافتهم منذ حورت عن منهاجها ثم ألغيت بتاتا إلى الآن .
    ب- كيف تتحقق الخلافة في واقع المسلمين
    الإخوان المسلمون يجعلون فكرة الخلافة والعمل لإعادتها في رأس مناهجهم ، وهم مع هذا يعتقدون أن ذلك يحتاج إلى كثير من التمهيدات التي لابد منها , وأن الخطوة المباشرة لإعادة الخلافة لابد أن تسبقها خطوات :
    1- لا بد من تعاون تام ثقافي واجتماعي واقتصادي بين الشعوب الإسلامية كلها .
    2- يلي ذلك تكوين الأحلاف والمعاهدات ، وعقد المجامع والمؤتمرات بين هذه البلاد .
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 2093
    تاريخ التسجيل : 01/03/2010
    الموقع : hmsain.ahlamontada.com

    شرح رسالة المؤتمر الخامس  Empty رد: شرح رسالة المؤتمر الخامس

    مُساهمة  Admin الأربعاء 13 يوليو 2011 - 17:35

    تحليل رسالة المؤتمر الخامس (4)
    القسم الخامس : الإخوان والهيئات المختلفة

    الإخوان المسلمون و الهيئات الإسلامية

    (55)أمنية عزيزة
    إن كثيرا من محبي الخير يتمنون أن تجتمع هذه الهيئات الإسلامية وتتوحد في جمعية إسلامية ترمي عن قوس واحدة , ذلك أمل كبير وأمنية عزيزة يتمناها كل محب للإصلاح في هذا البلد .
    (56)موقف عام من الهيئات الإسلامية
    الإخوان المسلمون يرون أن الهيئات الإسلامية على اختلاف ميادينها تعمل لنصرة الإسلام ، ويتمنون لها جميعا النجاح ، ولم يفتهم أن يجعلوا من منهاجهم التقرب منها والعمل على جمعها وتوحيدها حول الفكرة العامة ،وقد تقرر هذا في المؤتمر الدوري الرابع للإخوان بالمنصورة وأسيوط في العام الفائت , وأبشركم بأن مكتب الإرشاد حين أخذ يعمل على تنفيذ هذا القرار , وجد روحا طيبة من كل الهيئات التي اتصل بها وتحدث إليها مما يبشر بنجاح المسعى مع الزمن إن شاء الله .
    (57)الإخوان و الشبان( مثال من الهيئات الإسلامية )
    أحب أن أؤكد للذين يسرهم وحدة الجهود وتعاون العاملين أن الإخوان والشبان وبخاصة هنا في القاهرة , لا يشعرون بأنهم في ميدان منافسة ولكن في ميدان تعاون قوي وثيق , وأن كثيرا من القضايا الإسلامية العامة يظهر فيها الإخوان والشبان شيئا واحدا وجماعة واحدة , إذ أن الغاية العامة مشتركة وهي العمل لما فيه إعزاز الإسلام وإسعاد المسلمين , وإنما تقع فروق يسيرة في أسلوب الدعوة وفي خطة القائمين بها وتوجيه جهودهم في كلتا الجماعتين , وإن الوقت الذي ستظهر فيه الجماعات الإسلامية كلها جبهة موحدة غير بعيد على ما أعتقد , الزمن كفيل بتحقيق ذلك إن شاء الله .

    الإخوان المسلمون و الأحزاب

    (58)أحزاب مصر في النصف الأول من القرن العشرين
    أ- أحزاب شخصية
    الإخوان المسلمون يعتقدون أن الأحزاب السياسية المصرية جميعا قد وجدت في ظروف خاصة, ولدواع أكثرها شخصي لا مصلحي , وشرح ذلك تعلمونه حضراتكم جميعا .
    ب- لابرامج ولاوسائل
    ويعتقدون كذلك أن هذه الأحزاب لم تحدد برامجها ومناهجها إلى الآن , فكل منها يدعي أنه يعمل لمصلحة الأمة في كل نواحي الإصلاح , ولكن ما تفاصيل هذه الأعمال , وما وسائل تحقيقها ؟ وما الذي أعد من هذه الوسائل , وما العقبات التي ينتظر أن تقف في سبيل التنفيذ , وما أعد لتذليلها ؟ كل ذلك لا جواب له عند رؤساء الأحزاب وإدارات الأحزاب , فهم قد اتفقوا في هذا الفراغ .
    جـ - المصلحة الحزبية فوق كل اعتبار
    كما اتفقوا في أمر آخر هو التهالك على الحكم وتسخير كل دعاية حزبية وكل وسيلة شريفة وغير شريفة في سبيل الوصول إليه , وتجريح كل من يحول من الخصوم الحزبيين دون الحصول عليه .
    د- مفاسد الحياة الحزبية
    أولا: يعتقد الإخوان أن هذه الحزبية قد أفسدت على الناس كل مرافق حياتهم وعطلت مصالحهم, وأتلفت أخلاقهم , ومزقت روابطهم , وكان لها في حياتهم العامة والخاصة أسوأ الأثر .
    ثانيا : يعتقد الإخوان أن النظام النيابي , بل حتى البرلماني , في غنى عن نظام الأحزاب بصورتها الحاضرة في مصر .
    (59)الوحدة والتعاون
    يعتقد الإخوان أن هناك فارقاً بين حرية الرأي والتفكير والإبانة والإفصاح والشورى والنصيحة ، وهوأمر يوجبه الإسلام ، وبين التعصب للرأي والخروج على الجماعة والعمل الدائب على توسيع هوة الانقسام في الأمة وزعزعة سلطان الحكام ، وهو ما تستلزمه الحزبية ويأباه الإسلام ويحرمه أشد التحريم ، والإسلام في كل تشريعاته إنما يدعو إلى الوحدة والتعاون .
    (60)اتهام للإخوان ورد عليه
    يظن بعض رجال الأحزاب أننا إنما نقصد بهذه التعاليم هدم حزبهم خدمة لغيره من الأحزاب وجريا وراء منفعة خاصة , وليس أدل على خطأ هذه النظرة من أن هذا الوهم قد سرى إلى نفوس الأحزاب جميعا , فكثير من رجال الوفد من يتهم الإخوان المسلمين بأنهم يعملون لمحاربته وبأنه وحده هو المقصود بهذه النعوت والأوصاف , وبأن الإخوان إنما يحملون الناس على محاربته والانفضاض عنه , وبأنهم إنما يقصدون بذلك خدمة الحكومة وتقوية الأحزاب الممثلة فيها , وفي الوقت الذي نسمع فيه هذه التهمة بعينها من أحزاب الحكومة أيضا ! فهل هناك دليل أصدق من هذا على أن الإخوان يقفون من الجميع موقفا واحدا , ويصدرون فيه عن عقيدتهم , ويعملون فيه بوحي من ضمائرهم و إيمانهم ؟
    أحب أن أقول لإخواننا من دعاة الأحزاب ورجالها : إن اليوم الذي يستخدم فيه الإخوان المسلمون لغير فكرتهم الإسلامية البحتة لم يجئ ولن يجئ أبدا , وإن الإخوان لا يضمرون لحزب من الأحزاب أيا كان خصومة خاصة به , ولكنهم يعتقدون أن من قرارة نفوسهم أن مصر لا يصلحها ولا ينقذها إلا أن تنحل هذه الأحزاب كلها , وتتألف هيئة وطنية عاملة تقود الأمة إلى الفوز وفق تعاليم القرآن الكريم .
    (62)من تاريخ الإخوان و مصر الفتاة
    أ- ملابسات تاريخية حول النشأة
    لقد تكونت جماعة الإخوان منذ عشر سنين وتكونت جماعة مصر الفتاة منذ خمس سنين , فجمعية الإخوان تكبر جمعية مصر الفتاة بضعف عمرها تماما , ومع هذا أيضا شاع في كثير من الأوساط أن جماعة الإخوان من شعب مصر الفتاة , وسبب ذلك أن مصر الفتاة اعتمدت على الدعاية والإعلان في الوقت الذي آثر فيه الإخوان العمل والإنتاج , وما علينا من ذلك كله فسواء أكان الإخوان هم الذين رسموا لمصر الفتاة طريق الجهاد والعمل للإسلام أم أن مصر الفتاة هي التي أظهرت الإخوان وأبرزتهم للناس , وهم قد ولدوا قبلها وسبقوها إلى الجهاد والميدان بخمس سنوات أي بمثل عمرها , وذلك أمر نظري لا يقيم له الإخوان وزنا , ولكن الذي أنبه أريد أن إليه في هذه الكلمة أن الإخوان المسلمين لم يكونوا يوما من الأيام في صفوف مصر الفتاة ولا عاملين لها , ولا أقصد بذلك أن أنال منها أو من القائمين بدعوتها ولكن أقول تقريرا للواقع .
    ب- اتهامات غير صحيحة
    إن جريدة مصر الفتاة هاجمت الإخوان واتهمتهم تهما غير صحيحة وزعمت أنهم يعتدون عليها ويتهمونها وذلك غير صحيح أيضا , ونحن معشر الإخوان لم نعقب على ما كتب أهمية , ولا نحب أن نؤاخذ بشيء منه , وأرجو أن يكون ذلك هو شعور الإخوان جميعا .
    جـ - وجهات نظر
    إن كثيرا من الناس يود لو اتحدت جماعة مصر الفتاة مع الإخوان المسلمين , وهذا شعور ما من شك في أنه جميل نبيل فليس أجمل من الوحدة والتعاون على الخير , ولكن من الأمور ما ليس يفصل فيه إلا الزمن وحده , في مصر الفتاة من لا يرى الإخوان إلا جماعة وعظية وينكر عليهم كل ما سوى ذلك من منهاجهم , وفي الإخوان من يعتقد أن مصر الفتاة لم ينضج في نفوس كثيرا من أعضائها بعد المعنى الإسلامي الصحيح نضجا يؤهلهم للمناداة بالدعوة الإسلامية خالصة سليمة, فلنترك للزمن أداء مهمته وإصدار حكمه وهو خير كفيل بالصقل و التميز .
    د- موقف مبدئي
    ليس معنى هذا أن الإخوان سيحاربون مصر الفتاة بل إنه ليسرنا أن يوفق كل عامل للخير إلى الخير , ولا يحب الإخوان أن يخلطوا البناء بهدم , وفي ميدان الجهاد متسع للجميع .
    ذلك موقفنا من مصر الفتاة مادامت قد أعلنت أنها ليست حزبا سياسيا , وأنها تعمل وستظل تعمل للفكرة الإسلامية ولمبادئ الإسلام , وفي ذلك الواقع انتصار جديد لمبادئ الإخوان المسلمين .
    هـ - موقف الإخوان من مصر الفتاة في قضية تحطيم الحانات
    معلوم أنه ما من غيور في مصر يتمنى أن يرى فوق أرضها حانة واحدة , وقد ألقى الإخوان تبعة هذا التحطيم على الحكومة قبل الذين فعلوه , لأنها هي التي أحرجت شعبها المسلم هذا الإحراج ولم تفطن إلى ذلك التغيير النفساني , والاتجاه الجديد القوي الذي طرأ عليه من تقديس الإسلام والاعتزاز بتعاليمه , وقديما قيل : (قبل أن تأمر الباكي بالكف عن البكاء ,يجب أن تأمر الضارب بالكف عن رفع العصا) , ونحن نعتقد أن هذا التحدي لم يحن وقته بعد , ولابد من تخير الظروف المناسبة أو استخدام منتهى الحكمة فيه , وإنفاذه بصور أخف ضررا وأبلغ في الدلالة على المقصد , كلفت نظر الحكومة إلى واجبها الإسلامي , وبالرغم من أن المقبوض عليهم لم يعترفوا , فقد وجه الإخوان إلى معالي وزير العدل , يلفتون نظر معاليه فيه إلى وجوب النظر في هذه القضية نظرة خاصة تتناسب مع الدافع الشريف فيها , وأن يسرع بإصدار تشريع يحمي البلاد من هذه المهالك الخلقية .

    موقف الإخوان من الدول الأوروبية
    (63)العدوان على فرد مسلم
    الإسلام كما قدمت يعتبر المسلمين أمة واحدة تجمعها العقيدة ويشارك بعضها بعضا في الآمال والآلام , وأي عدوان يقع على واحدة منها أو على فرد من المسلمين فهو واقع عليهم جميعا .
    (64)من أحكام الإسلام
    أضحكني وأبكاني حكم فقهي رأيته عرضا في كتاب (الشرح الصغير على أقرب المسالك) قال مؤلفه : (مسألة امرأة مسلمة سبيت بالمشرق وجب على أهل المغرب تخليصها وافتداؤها ولو أتي ذلك على جميع أموال المسلمين) , ورأيت مثله قبل ذلك في كتاب ( البحر في مذهب الأحناف ), رأيت هذا فضحكت وبكيت و قلت لنفسي : أين عيون هؤلاء الكاتبين لتنظر المسلمين جميعا في أسر غيرهم من أهل الكفر والعدوان ؟؟
    (65)الوطن الإسلامي لايتجزأ
    أريد أن استخلص من هذا أن الوطن الإسلامي واحد لا يتجزأ , وأن العدوان على جزء من أجزائه عدوان عليه كله , هذه واحدة , والثانية أن الإسلام فرض على المسلمين أن يكونوا أئمة في ديارهم , سادة في أوطانهم , بل ليس ذلك فحسب , بل إن عليهم أن يحملوا غيرهم على الدخول في دعوتهم والاهتداء بأنوار الإسلام التي اهتدوا بها من قبل .
    (66)ظلم المستعمر
    يعتقد الإخوان المسلمين أن كل أمة اعتدت وتعتدي على أوطان الإسلام دولة ظالمة لابد أن تكف عن عدوانها ولابد من أن يعد المسلمون أنفسهم ويعملوا متساندين على التخلص من نيرها .
    (67)موقف إنجلترا في مصر
    إن إنجلترا لا تزال تضايق مصر رغم محالفتها إياها , ولا فائدة في أن نقول إن المعاهدة نافعة أو ضارة أو ينبغي تعديلها أو يجب إنفاذها فهذا كلام لا طائل تحته والمعاهدة غل في عنق مصر وقيد في يدها ما في ذلك شك , وهل تستطيع أن تتخلص من هذا القيد إلا بالعمل وحسن الاستعداد ؟ فلسان القوة هو أبلغ لسان , فلتعمل على ذلك ولتكتسب الوقت إن أرادت الحرية و الاستقلال .
    (67)موقف إنجلترا في فلسطين
    إن إنجلترا لا تزال تسئ إلى فلسطين وتحاول أن تنقص من حقوق أهلها , وفلسطين وطن لكل مسلم باعتبارها من أرض الإسلام وباعتبارها مهد الأنبياء , وباعتبارها مقر المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله , ففلسطين دين على إنجلترا للمسلمين لا تهدأ ثائرتهم حتى توفيهم فيه حقهم , وإنجلترا تعلم ذلك العلم , ذلك ما حداها إلى دعوة ممثلي البلاد الإسلامية إلى مؤتمر لندن , وآنا ننتهز هذه الفرصة فنذكرها بأن حقوق العرب لا يمكن أن تنقص , وبأن هذه الأعمال القاسية التي يدأب ممثلوها على ارتكابها في فلسطين ليست مما يساعد على حسن ظن المسلمين بها , وخير لها أن تكف هذه الحملات العداونية عن الأبرياء الأحرار , وإنا لنبعث لسماحة المفتي الأكبر من فوق هذا المنبر أخلص تحيات الإخوان المسلمين بها وأطيب تمنياتهم , ولن يضر سماحته ولن يضير آل الحسيني أن تفتش دورهم ويسجن أحرارهم , فذلك مما يزيدهم شرفا إلى شرفهم وفخارا إلى فخارهم , ونذكر الوفود الإسلامية بمكر إنجلترا وخداعها و بوجوب القيام على حقوق العرب كاملة غير منقوصة .
    (68) مثال من جهود الإخوان لأجل فلسطين
    قد تألفت لجنة عامة بدار الشبان المسلمين من الجمعيات الإسلامية جميعا , للتعاون على إصدار قرش موحد يوزع من أول السنة الهجرية إغاثة لفلسطين المجاهدة , وسيحل هذا الطابع محل كل الطوابع المختلفة لكل الهيئات , فالوصية للإخوان أن يبذلوا جهدهم في تشجيع هذه اللجنة بتوزيع طوابعها حين صدورها , وبتصفية ما قد يكون موجودا لديهم من حساب الطوابع القديمة وإعادتها إلى المكتب لإعدامها .
    (69)موقف إنجلترا في بلاد الإسلام المستعمرة
    حسابنا بعد ذلك مع إنجلترا في الأقاليم الإسلامية التي تحتلها بغير حق , والتي يفرض الإسلام على أهلها وعلينا معهم أن نعمل لإنقاذها وخلاصها .
    (70)دور فرنسا في سوريا والمغرب
    أما فرنسا التي ادعت صداقة الإسلام حينا من الدهر فلها مع المسلمين حساب طويل , ولا ننسى لها هذا الموقف المخجل مع سوريا الشقيقة , ولا ننسى لها موقفها في قضية المغرب الأقصى والظهير البربري , ولا ننسى أن كثيرا من إخواننا الأعزاء , شباب المغرب الأقصى الوطني الحر المجاهد , في أعماق السجون وأطراف المنافي , وسيأتي اليوم الذي يصفى فيه هذا الحساب, (وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) (آل عمران:140) .
    (71)دور إيطاليا في ليبيا
    ليس حسابنا مع إيطاليا بأقل من حسابنا مع فرنسا , فطرابلس العربية المسلمة الجارة القريبة العزيزة , يعمل الدوتشى ورجاله على إفنائها وإبادة أهلها واستئصالها ومحو كل أثر للعروبة والإسلام منها , وكيف يكون فيها أثر للعروبة والإسلام وقد اعتبرت جزءا من إيطاليا ؟ ولا يجد الدوتشي بعد ذلك مانعا يمنعه من أن يدعي أنه حامي الإسلام وأن يطلب بهذا العنوان صداقة المسلمين !!
    (72)مآسي كثيرة تتطلب الجهاد
    هذا الكلام يدمي القلوب ويفتت الأكباد ! وحسبي هذه الفواجع في هذا البيان , فتلك سلسلة لا آخر لها , وأنتم تعرفون هذا , ولكن عليكم أن تبينوه للناس , وأن تعلموهم أن الإسلام لا يرضى من أبنائه بأقل من الحرية والاستقلال ، فضلاً عن السيادة وإعلان الجهاد ، ولو كلفهم ذلك الدم والمال فالموت خير من هذه الحياة , حياة العبودية والرق والاستذلال ! وأنتم إن فعلتم ذلك وصدقتم الله العزيمة فلابد من النصر إن شاء الله :
    (كَتَبَ اللهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَ رُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) (المجادلة:21) .

    خـاتـمـة
    (73) أساس المشاكل الاجتماعية والاقتصادية
    أ- ضعف الأخلاق
    ب- فقدان المثل العليا
    جـ - إيثار المصلحة الخاصة على المصلحة العامة
    د- الجبن عن مواجهة الحقائق
    هـ - الهروب من تبعات العلاج
    و- الفرقة قاتلها الله, هذا هو الداء
    (74)الدواء
    الدواء كلمة واحدة هي علاج النفوس وتقويم أخلاق الشعب
    (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا , وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) (الشمس:9-10) .
    (75)دعائم قيام الدين والجهاد في سبيله
    لقد قام هذا الدين بجهاد أسلافكم علي دعائم قوية من :
    أ- الإيمان بالله .
    ب- الزهادة في متعة الحياة الفانية وإيثار دار الخلود.
    جـ - التضحية بالدم والروح والمال في سبيل مناصرة الحق .
    د- حب الموت في سبيل الله .
    هـ - السير في ذلك كله علي هدي القرآن الكريم .
    فعلي هذه الدعائم القوية أسسوا نهضتكم وأصلحوا نفوسكم وركزوا دعوتكم وقودوا الأمة إلي الخير، (وَاللهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ) (محمد:35) .
    (76)لالليأس
    لا تيئسوا فليس اليأس من أخلاق المسلمين ، وحقائق اليوم أحلام الأمس ، ، وأحلام اليوم حقائق الغد . ولا زال في الوقت متسع ، ولا زالت عناصر السلامة قوية عظيمة في نفوس شعوبكم المؤمنة رغم طغيان مظاهر الفساد . والضعيف لا يظل ضعيفاً طول حياته ، والقوي لا تدوم قوته أبد الآبدين : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) (القصص:5) .

    (77)كامة أخيرة
    إن الزمان سيتمخض عن كثير من الحوادث الجسام ، وإن الفرص ستسنح للأعمال العظيمة ، وإن العالم ينظر دعوتكم دعوة الهداية والفوز والسلام لتخلصه مما هو فيه من آلام , وإن الدور عليكم في قيادة الأمم وسيادة الشعوب ، وتلك الأيام نداولها بين الناس ، وترجون من الله ما لا يرجون ، فاستعدوا واعملوا اليوم ، فقد تعجزون عن العمل غداً .
    لقد خاطبت المتحمسين منكم أن يتريثوا وينتظروا دورة الزمان ، وإني لأخاطب المتقاعدين أن ينهضوا ويعملوا فليس مع الجهاد راحة :
    (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت:69)
    وإلي الأمام دائماً ...

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 19 أبريل 2024 - 10:36