hmsain.ahlamontada.com

نشكرك على التسجيل فى هدا المنتدى زرنا باستمرار و شاركنا رايك فاليد الواحدة لا تصفق ورايك يهمنا كما ان حضورك الدائم يحفزنا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

hmsain.ahlamontada.com

نشكرك على التسجيل فى هدا المنتدى زرنا باستمرار و شاركنا رايك فاليد الواحدة لا تصفق ورايك يهمنا كما ان حضورك الدائم يحفزنا

hmsain.ahlamontada.com

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
hmsain.ahlamontada.com

منتدى يهتم بنشاطات حركة مجتمع السلم بلدية عين بوزيان


    تمرد الحوثي في اليمن وأبعاد التحالف الشيعي الأمريكي في المنطقة

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 2093
    تاريخ التسجيل : 01/03/2010
    الموقع : hmsain.ahlamontada.com

    تمرد الحوثي في اليمن وأبعاد التحالف الشيعي الأمريكي في المنطقة Empty تمرد الحوثي في اليمن وأبعاد التحالف الشيعي الأمريكي في المنطقة

    مُساهمة  Admin الخميس 14 يوليو 2011 - 20:24

    تمرد الحوثي في اليمن وأبعاد التحالف الشيعي الأمريكي في المنطقة! (1-2)




    مقدمة:

    عاش العالم الإسلامي عقب سقوط الخلافة الإسلامية تحت ظلال الدول القومية والوطنية (المشكلة وفق رسم قوى الاستعمار في حينه)! ولم يكن من الممكن تفتيته في ذلك العهد إلى أجزاء أصغر نظرا لوجود شعور لدى عامة المسلمين (أو العرب) بضرورة الوحدة، ذلك المعنى الذي غرسه الإسلام في قلوبهم منذ 14 قرنا! إلا أن العمل ظل جاريا على أساس تفكيك البنية الداخلية لكل دولة من هذه الدول، تارة على أساس ديني أو مذهبي وتارة على أساس عرقي وتارة على أساس حزبي أو مصلحي! وقد أظهرت "الديمقراطية" العالم العربي والإسلامي على أنه لوحة من الفسيفساء المجزأة إلى وحدات صغيرة جدا! ففي دولة كاليمن مثلا، وعقب التحول إلى الوحدة، تم الإعلان عن أكثر من 60 حزبا وتنظيما سياسيا! الأمر الذي يعني غياب منطق الوحدة والاجتماع وقيام المجتمع على أساس الفرقة والتصارع والشقاق!

    إن هذه الحال التي وصل إليها عالمنا العربي والإسلامي دفعت به مع ظروف الأطماع الخارجية إلى حالة مخاض صعبة، ليست في حقيقتها إلا نتائج طبيعية لسير حركة التاريخ المعاصر، وقد تتولد عن هذا المخاض –الذي تتعجله قوى الاستعمار- دول مفروزة بحسب الانتماءات الطائفية أو العرقية أو العشائرية! لأن المزيد من تمزيق المنطقة يسهل قدوم المستعمر الذي سيدافع عن هذه "المحميات"! ويراعي ترتيب العلاقات فيما بينها! فالمرحلة باختصار مرحلة "ملوك الطوائف".. ولعل هذا ما يراد باليمن.. كما سيأتي معنا!

    الزيدية*.. وإقامة دولة الإمام*:

    نشأت "الزيدية" كفرقة مستقلة عن الشيعة باتخاذها زيد بن علي بن زين العابدين (من نسل الحسن بن علي رضي الله عنه) إماما لها، بعد أن تخلى مجموع الشيعة الآخرين عنه لترضيه عن الشيخين (أبي بكر وعمر رضي الله عنهما) فأطلق عليهم الإمام زيد مسمى "الرافضة".

    وقد خالف "الزيدية" "الرافضة" في اشتراطهم الخروج لصحة الإمامة، وهي من المسائل التي تلقفها الإمام زيد عن المعتزلة، الذين يرون بوجوب الخروج بالسيف على الحاكم الظالم، وترفض "الزيدية" مبدأ "التقية" الذي يأخذ به "الرافضة". بل يذكر أبو الحسن الأشعري –رحمه الله تعالى-: "أن الزيدية بأجمعها ترى السيف والعرض على أئمة الجور وإزالة الظلم وإقامة الحق".

    ومن هذا المنطلق قامت للزيدية عدة ثورات، لكنها أخفقت جميعا، ولم ينجح منها غير اثنتين فقط: إحداهما في بلاد الديلم*، والأخرى في اليمن، حيث أسس يحيى بن الحسين بن القاسم الرسي*، والمعروف بالإمام الهادي، في القرن الثالث الهجري أول دولة لـ"الزيدية" في اليمن. ومن هنا عرفت دولة "الزيدية" في اليمن بـ"الهادوية" نسبة إلى الإمام الهادي.

    "ويفيدنا العلامة الهَادي بن إبراهيم الوزير (ت822هـ) في كتابه المخطوط "هداية الراغبين" أن انتساب الزيدية إلى زيد بن علي؛ "لقولهم بإمامته واعتقادهم فضله وزعامته؛ ولأن مذهبهم أن الإمامة فيمن قال بإمامة زيد بن علي، واعتقد فضله فهو (زيدي)، وإن لم يلتزم مَذْهَبه في الفروع، فإنَّ كثيراً من الزَّيْديَّة على رأي غيره في المسائل الاجتهادية والمسائل النظرية. وكان من تقدم من الأئمة ينتسبون إلى زيد بن علي مع أنهم كانوا في العلم مثله في الاجتهاد، ويُخَالفُونَه في كثير من المسائل كالقاسم (بن إبراهيم وحفيده)، الهادي (يحيى بن الحسين وابنه)، الناصر وأمثالهم من الأئمة الكبار السابقين"، ويضيف مؤكداً: "وإنما انتسبوا إليه لأنهم قالوا بصحة إمَامته".

    وقد أخذت "الزيدية" عن "المعتزلة" -أو اتفقت- معها في بعض الأصول، وكان الإمام الهادي فيها وفي علم الكلام يوافق الكثير من آراء شيخه أبي القاسم البلخي الكعبي (المعتزلي)، أمَّا في الفروع فقد استقل باجتهاداته التي وردت في مجموع رسائله وإجاباته الفقهية القليلة بما فيها كتابه "النخب"، وكتابه "جوامع الأحكام" الذي لم يكمله.

    إذن فقد تأثر المذهب الزيدي في فكره السياسي بفرقتين هما: المعتزلة الداعية إلى الخروج على أئمة الجور والظلم بالسيف، والشيعة التي تشترط الفاطمية للإمامة (بغض النظر عن الخلاف فيما بين فرقها). ولأن أئمة آل البيت تميزوا بالعلم والفقه فقد التصق إلى جانب القاعدتين السابقتين مذهبا فقهيا داخليا لأتباع هذا المذهب.. وبذلك برزت "الزيدية" كفرقة مستقلة فكريا وسياسيا*.

    أصول الإمامة عند الزيدية*:

    تنبني الإمامة عند الزيدية على خمسة قواعد هي:

    1- جواز إمامة المفضول مع وجود الفاضل: وهذا القول لدى الزيدية ليس قاعدة عامة، وإلا سقط مبرر الخروج لديهم، وإنما قال به الإمام زيد لتبرير شرعية خلافة أبي بكر وعمر وعثمان (رضي الله عن الجميع)، ولإسقاط دعوى الطاعنين فيهم؛ لذا فأئمة الزيدية -بعد الإمام زيد- يقولون بوجوب إمامة الفاضل.

    2- أن يكون الإمام من أولاد فاطمة، أي دون من هو علوي! أو قرشي!

    3- القول بعدم عصمة الأئمة، وهذا على خلاف الشيعة الإثنى عشرية.

    4- شروط الخروج في صحة الإمامة: كما ذهب إليه الإمام زيد، فلم يقل بالتقية. لذلك ترى الزيدية أن الإمام من ولد الحسن والحسين من قام منهم شاهرا سيفه ناصبا دابته وداعيا إلى كتاب ربه وسنة نبيه وآمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر، حينها تجب على الأمة طاعته؛ وتذكر المصادر مناظرة طريفة جرت بين زيد بن علي وأخيه محمد الباقر حول مبدأ الخروج الذي يراه زيد شرطا لصحة الإمامة، ولا يرى به الباقر، فقال الباقر لأخيه زيد: "على قضية مذهبك والدك ليس بإمام فإنه لم يخرج قط ولا تعرض للخروج"!!

    5- جواز خروج إمامين في وقت واحد ووجوب طاعتهما: جوزت الزيدية خروج إمامين في وقت واحد في قطرين مختلفين، وذهبت إلى أن طاعة كل منهما واجبة على قومه، ولو أفتى أحدهما بخلاف ما يفتي الآخر كان كل واحد منهما مصيباً.. وإن أفتى باستحلال دم الآخر، وقد تهكم الشهرستاني على هذا الرأي بقوله: "وهذا خبط عظيم".

    ورفض بعض الزيدية القول بقيام إمامين في وقت واحد، وذهبوا إلى ضرورة أن يكون الإمام واحداً في كل زمان.

    سقوط دولة "الزيدية" في اليمن:

    استمر بقاء دولة "الزيدية" في اليمن قرابة 11 قرنا، عاشت خلالها فترات اتساع شملت مناطق عديدة من اليمن، وفترات انكماش تضيق فيه الدولة إلى حدود انطلاقتها في صعدة. كما أنها شهدت صراعا داخليا بين الأئمة، وصراعا خارجيا مع دولة الخلافة أو دويلات أخرى مجاورة! ولم تنعم دولة الأئمة بفترة استقرار طويلة بل كانت منهكة بالحروب الداخلية والخارجية!

    وقد كان لطبيعة نشأة دولة الزيدية في اليمن وطبيعة ظروف الصراعات والحروب التي خاضتها أثر سلبي على المذهب الزيدي، الذي انغلق على اجتهادات أئمة المذهب وكرس وفق رؤيته السياسية عزلته عن العالم المحيط به، وظل الفكر السياسي للزيدية حجر عثرة إزاء الإصلاح السياسي والتلاحم الاجتماعي والتوحد مع الخلافة، مما أثار عليه موجات الانتقاد الداخلية والخارجية!

    وفي حين اجتاحت العالم رؤى سياسية مختلفة ومتعددة (في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين) لم يكن اليمنيون، وبالأخص منهم من عاش خارج اليمن أو زار دولا أجنبية، بمعزل عن تلقف هذه الرؤى والاطلاع عليها والتأثر بها؛ وبالتالي تشكل جيل مطالب بالإصلاح وناقد للأوضاع السياسية بالدرجة الأولى، وقوبلت المطالبة بالعناد والتعنت والبطش أحيانا كثيرة، ومثل ذلك منعطفا باتجاه المحاولات الجادة للتغيير عبر محاولات للانقلاب والاغتيال.

    وبرغم تباين التيارات الداعية للإصلاح والتغيير، والتي أسقطت حكم الأئمة الزيدية -عقب عدة محاولات- في عام 1962م، إلا أنها اتفقت على قضية واحدة هي إسقاط "الحكم الإمامي"؛ وبالفعل استطاعت تحقيق هدفها بفعل دعم خارجي ومساندة داخلية، وأعلن عن قيام نظام جمهوري في 26 من سبتمبر 1962م، وفقدت "الزيدية" كمذهب دولة "الإمام" بل أصبحت مصنفة ضمن تيارات "الرجعية" الممتهنة وقوى "الملكية" المتهمة!!

    ورغم محاولات الإمام أحمد بن يحيى حميدالدين استعادة ملكه ووقوف عدد من القبائل في صفه، ووقوع مواجهات دامية مع الجمهوريين؛ إلا أنه لم يقع على أتباع المذهب الزيدي بعد غلبة الجمهوريين أي اضطهاد ديني أو طائفي يذكر، بل إن عددا كبيرا من قيادات النظام الجمهوري -لاحقا- هم بالأساس من المنتسبين أو المحسوبين على المذهب "الزيدي"!

    لكن الثوار استعاضوا في مناهج التعليم الدينية بكتب وأراء الأئمة المجتهدين (من المذهب الزيدي) كالشوكاني والصنعاني إضافة إلى مناهج استقدمت من مصر والسعودية باعتبارهما مركز إشعاع علمي، وهي في عمومها خالية من مبادئ الإمامة المنصوص عليها لدى (الشيعة والزيدية)! وكان لوجود حركة "الإخوان المسلمون" المحسوبة على السنة أثر في تشكيل هذه المناهج ووضع مقرراتها، وبالتالي كان لها الفضل في نشر السنة في عموم اليمن.

    ومع هذا ظل المذهب الزيدي مذهبا فكريا وفقهيا لقطاع عريض من الناس، ولم تشهد الفترة التالية للثورة (وعقب فشل حصار صنعاء عام 1967م) أي محاولة عسكرية لإعادة الإمامة إلى الحكم، وظل نشاط الزيدية مقتصرا على التعليم والدعوة في إطار ضيق نتيجة الانفتاح الذي حدث والانتكاسة التي وقعت للمذهب.

    إلا أن البعض يتحدث خلال فترة الثمانينات عن تواصل بين إيران ومرجعيات زيدية في اليمن، وأن هذا التواصل أخذ بعدا فكريا وتنظيميا وتمويليا، وقد ساعد عامل النقمة لدى أتباع المذهب الزيدي على المذهب "الوهابي" الذي اخترق اليمن! (وهو أمر لا تزال تكرسه صحف الأحزاب الشيعية كالأمة والبلاغ والشورى، ويغذى به أتباع المذهب!) إضافة إلى نجاح الثورة الإيرانية ومحاولاتها الجادة في تصدير الثورة إلى المنطقة.

    وقد بدأت جهود التواصل الإثنى عشري مع الزيدية في اليمن تؤتي ثمارها المرة في التسعينيات، حيث شهدت اليمن أنشطة ملموسة للرافضة؛ منها:

    - وجود بعض المنتسبين لحزب الدعوة الشيعي في المستشفيات والمدراس والجامعات والحوزات التابعة للشيعة وبعض المشاريع والأعمال الوظيفية.

    - المكتبات التي تبيع كتب الرافضة بأثمان رخيصة، أو توزعها مجاناً، وكذلك التسجيلات!

    - نشر نكاح المتعة في أوساط المدارس والجامعات بين الشباب والشابات.

    - نشر أفكار التشيع في صعدة وصنعاء وعمران وذمار وحجة والمحويت والجوف.

    - إقامة المجالس الحسينية ومجالس العزاء، وإحياء شعائر الشيعة!

    - المنح الدراسية التي تستقطب أبناء المذهب الزيدي –زغيرهم- من الجنسين إلى إيران ولبنان!

    - مشاركة مكاتب إيرانية ولبنانية شيعية في معارض الكتاب السنوية، لكنها منعت بعد وقوع تمرد الحوثي في 2004م من الدخول مرة أخرى!

    - نشاطات السفارة الإيرانية الثقافية والاجتماعية في أوساط المجتمع وبين الأسر "الهاشمية"! تحديدا!

    "أحزاب الله".. في اليمن:

    يتوزع اليمنيون على عدة طوائف وفرق أهمها وأكبرها "الشافعية" وتشمل الغالبية العظمى من اليمنيين السنة، و"الزيدية" وتشمل معظم سكان المحافظات الشمالية من اليمن الشمالي سابقا. وفي دراسة عن (النخبة السياسية الحاكمة في اليمن: 1978-1990م) ظهر أن مشاركة "السادة" -أو ما يعرف بـ"الهاشميين"- في السلطة بلغ نسبة 11%!! على الرغم من "عهد طويل من حكم السادة عانى فيها اليمن من ويلات الظلم والتفرقة والاستبداد والعنصرية والفقر"*، إلا "أن بعض الأسر من هذه الفئة شاركت في التحضير لقيام الثورة اليمنية والحفاظ عليها، مما منحها فرص المشاركة في قيادة البلاد وبتلك النسبة"*.

    ومع قيام الوحدة وإعلان الديمقراطية عام 1990م أعلن عن أكثر من 60 حزبا سياسيا، كان منها: حزب الثورة الإسلامية، حزب الحق، حزب الله، اتحاد القوى الشعبية اليمنية؛ وهي جميعا أحزاب شيعية توارت عن الساحة ولم يبق منها غير اثنان هما: حزب الحق، واتحاد القوى الشعبية اليمنية.

    و"حزب الحق" حزب زيدي مذهبي، يصنف ضمن الأحزاب الطائفية ذات الصبغة الإسلامية، وينضوي تحته أفراد من التيار الشيعي والزيدي معاً، يتزعمه القاضي أحمد الشامي. وقد أعلن الحزب عن برامجه وأهدافه باعتبارها منبثقة من الإسلام؛ ومع ذلك فهو من التنظيمات السياسية الهامشية غير المؤثرة في الساحة، فلا وزن له في العملية الانتخابية وليس له قبول في الأوساط الشعبية.

    فقد حصل الحزب على (18.659) صوتا أي (0.8%) من إجمالي الأصوات في انتخابات 1993م، وفاز اثنان فقط (من 65 مرشحا للحزب) بعضوية مجلس النواب عن محافظة صعدة. أما في انتخابات 1997م فقد تدنت حصيلة الأصوات التي حصل عليها مرشحو الحزب الـ(26) حيث بلغت 5.587 صوتا أي ما نسبته (0.21%)!! في حين لم يصل أي واحد منهم إلى قبة البرلمان! وفي 2003م رشح الحزب 11 عضوا للانتخابات لم يفز منهم أحد!

    ويلاحظ على الحزب أن مواقفه في كثير من القضايا لا تتفق مع الرأي العام في الساحة اليمنية، وأقرب مثال على ذلك مساندته للحزب الاشتراكي في أزمة 1993م!

    أما "اتحاد القوى الشعبية" فهو تنظيم قديم ظهر في بداية قيام الجمهورية العربية اليمنية، بهدف الدفاع عنها، ورغم قيادته الزيدية والمنتسبة لآل البيت إلا أنه حزب تقدمي، يجمع بين الشعارات الإسلامية والأطروحات التحررية؛ ويرأسه إبراهيم بن علي الوزير وأمينه العام محمد عبد الرحمن الرباعي.

    وهو كسابقه حزب فاقد للشعبية، فقد حصل الحزب على (2.727) صوتا أي (0.2%) من إجمالي الأصوات في انتخابات 1993م، ولم يفز أي من مرشحيه الـ26 بعضوية مجلس النواب. وفي عام 1997م قاطع الانتخابات. أما في عام 2003م رشح الحزب 15 عضوا للانتخابات لم يفز منهم أحد!

    يصدر عن حزب "الحق" صحيفة "الأمة" الأسبوعية، وهي صحيفة تتغطى بالمذهب الزيدي في حين أن أغلب الكتابات مشبعة بعقائد الرافضة (الإثنى عشرية)، كما أنها تثني على إيران والثورة الإيرانية وزعامات ومرجعيات الشيعة في قم والنجف! وكثيرا من الكتاب الذين يتناولون القضايا الشرعية -بزعمهم- هم من الدارسين في الحوزات العلمية بتلك البلدان!

    ومن الصحف المعبرة عن الحزب وإن كانت ليست باسمه، صحيفة "البلاغ" الأسبوعية، وهي كسابقتها في الشأن وإن كانت تضيف إلى ذلك توجهها البارز في مهاجمة التيار "السلفي" "الوهابي" "التكفيري"...إلى آخر ما هنالك من الألقاب، وتتبع بؤر المشاكل بين اليمن والسعودية لتضفي على الخلافات السياسية نوعا من البعد والتأثير المذهبي!!

    وتصنف الصحيفتان بأنهما معارضتان وناقمتان في الوقت ذاته على الحكم القائم، في حين أنهما يبديان تعاطفا غير مبرر تجاه "الحزب الاشتراكي اليمني" رغم بعده عن مبادئ وفكر المذهب الزيدي!

    نشأة تنظيم "الشباب المؤمن":

    لقد دفع التنافس بين شركاء تأسيس الوحدة "المؤتمر الشعبي العام" و"الحزب الاشتراكي اليمني" خلال المرحلة الانتقالية للوحدة (1990م – 1993م) إلى بحث كل منهما عن حلفاء لصالح كسب العملية الانتخابية وإضعاف قدرات الآخر، وفيما رأى المؤتمر في الحركة الإسلامية حليفا قديما وعريضا يمكن توظيف خطابه الديني وخبرته في مواجهة الاشتراكية فكريا وعسكريا وتنظيميا، رأى الحزب الاشتراكي في أتباع المذهب الزيدي، الناقمين على النظام الجمهوري وسيطرة ما يصفه أتباع المذهب بـ"الوهابية" على التعليم واكتساحهم للساحة، حليفا ناقما على الأوضاع وراغبا في إعادة مجد الإمامة!

    وبالفعل توجه كل من الحزبين لمساندة ودعم حليفه الآخر في سبيل إضعاف خصمه، ومن هنا وجد الشيعة أنفسهم في حلف مصيري مع الاشتراكيين الذين لم يبخلوا عليهم في تلك الفترة بالدعم؛ لذلك وقف حزب "الحق" و"اتحاد القوى الشعبية"، (والحوثي باعتباره من حزب الحق ومن رجالات المذهب الزيدي)، مع الاشتراكي في انتخابات عام 1993م وحرب 1994م.

    ويعود إنشاء تنظيم "الشباب المؤمن" إلى عام 1991م، بإيعاز من العلامة بدرالدين الحوثي بهدف جمع علماء المذهب الزيدي في صعدة وغيرها من مناطق اليمن تحت لوائه! وبالتالي دعم حزب "الحق" باعتباره يمثل المذهب الزيدي!

    و"بدرالدين بن أميرالدين الحوثي، من كبار علماء الشيعة، جارودي المذهب، يرفض الترضية على الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وكذلك لا يترضى على أم المؤمنين عائشة بنت الصديق. هاجم الصحيحين والسنن في كثير من مؤلفاته، واتهم الإمام البخاري ومسلم بالتقول والكذب على رسول الله إرضاءً للسلاطين؛ ومنه ورث ابنه حسين هذا المذهب، وسار عليه أنصارهم وأتباعهم"*!

    وتشير المعلومات إلى أن بدرالدين الحوثي تقدم في عام 1996م باستقالة جماعية مع أبنائه، معلناً انتهاء أي علاقة له بحزب الحق، على خلفية خلاف بينه وبين العلامة والمرجع المذهبي مجدالدين المؤيدي! وقد كان للمؤتمر الشعبي العام دور مهم في هذه الاستقالة بغية تجريد الاشتراكي من حلفائه!

    ويبدو أن الخلاف استند إلى بعدين:

    الأول: منهجي، يتمثل في القضايا الفكرية والمذهبية، التي عبرت عنها دروس ومحاضرات حسين الحوثي المكتوبة والمتداولة، والتي يعترض فيها على المذهب الزيدي وعلمائه المعاصرين، معلنا عن ميوله لأقوال الشيعة الرافضة من سب الصحابة وعلى رأسهم أبو بكر وعمر وعثمان وأمهات المؤمنين - رضي الله عن الجميع، والقول بعصمة الأئمة وعودة المهدي! والضحك من كتب السنة ورجالها وعلماء الحديث!

    الثاني: تنظيمي، يتمثل في سيطرة قيادة حزب "الحق" على الأنشطة والأعمال بصورة تقليدية كما يراها حسين بدرالدين الحوثي و"الشباب المؤمن".

    وتفرغ بدرالدين الحوثي وأبنائه للقيام على تنظيم "الشباب المؤمن"، الذي استمر في ممارسة نشاطه وتمكن من استقطاب الشباب (وغالبيتهم ينتمون للأسر الهاشمية وللمذهب الزيدي)، والقبائل والوجاهات الاجتماعية في صعدة. وقد تلقى حسين بدرالدين الحوثي مخصصات مالية شهرية حكومية بعد استقالته بالتنظيم استقلالاً كاملاً عام 2000م هدفاً ومنهجاً وفكراً. وفي مقابلة للرئيس اليمني (في 3/7/2004م) أشار إلى أنه قدم دعما مالياً للشباب المؤمن بحجة حمايتهم من الارتباط بدعم خارجي بناء على "طلب من بعض الإخوان"، دون أن يذكر أسماءهم. وكان دعم تنظيم "الشباب المؤمن" محاولة لإضعاف الخصم السياسي للمؤتمر الشعبي العام، ألا وهو التجمع اليمني للإصلاح!

    وبدأ حسين الحوثي بتوسيع نشاطه خارج منطقة صعدة، ليؤسس مراكز مماثلة لمركزه في عدة محافظات، وأرسل إليها بعض طلبته المقربين مع مجموعة من الأساتذة العراقيين الذي توافدوا على اليمن بعد حرب الخليج الثانية والحصار الجائر الذي فرضته الأمم المتحدة على العراق.

    وقد شملت أنشطة "الشباب المؤمن" التنظيمية عددا من المحافظات منها صنعاء وصعدة وعمران وحجة وذمار والمحويت، وتمت عبر المساجد والمراكز الخاصة التي أنشئت لتدريس المذهب الزيدي وفق رؤية الحوثي!

    وعمل تنظيم "الشباب المؤمن" على إحياء مناسبة "يوم الغدير" في محافظة صعدة، بمظاهر تحولت إلى تجمع للقبائل الموالية للحوثي واستعراض للقوة وعرض لأنواع وفيرة من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة وإطلاق النار بكثافة في نبرة تحد واضحة، كما أن إحياء المناسبة في محافظات أخرى لم يكن بمعزل عن الحوثي وفكره ودعوته.

    كما عمل تنظيم "الشباب المؤمن" على إقامة المنتديات الصيفية في أكثر من منطقة، وكان بدرالدين يضفي عليها الشرعية المذهبية، ويبارك جهودها، ويحث القبائل على تسجيل أبنائهم فيها. وكان الشباب وأغلبهم من صغار السن يشاهدون في هذه المنتديات أفلام الفيديو التي تحكي كيف تم سقوط نظام الشاه في إيران، وكيف قامت ثورة الخميني، وتظهر صور الممثلين وهم يواجهون زحف الدبابات، ولا ينحنون برؤوسهم أمام كثافة النيران، وتصيب أحدهم الرصاصة فينزف دماً وهو يهتف: "الله أكبر، الموت لأمريكا"، وتظهر بعض الصور وشباب الثورة قد ربطوا أرجلهم لكي لا يفروا أمام زحف جيوش الشاة! وكان عبد الكريم جدبان -أو غيره- يقوم بالتعليق أحياناً على هذه الأشرطة، ويحث الشباب في المنتديات على التشبه بإخوانهم شباب الثورة الخمينية، والوقوف في وجوه الطغاة!*

    ويدندن أتباع "الشباب المؤمن" عموما حول:

    - الشعارات المعادية -بزعمهم- لأمريكا و إسرائيل! وذلك عقب صلوات الجمعة، بما في ذلك ترديد الشعار في الجامع الكبير بصنعاء.

    - الحديث حول فلسطين وجرائم اليهود!

    - إثارة ما يؤلب الناس على الدولة بالحديث عن الأسعار والغلاء المعيشي والفساد المالي وفساد بعض المسئولين وأكل حقوق الضعفاء والمساكين!

    - إحياء الأوجاع التي وقعت في التاريخ الإسلامي وطوتها الأيام، لإثارة النعرات الطائفية تحت شعار "آل البيت" ونصرتهم!

    - إبراز مظاهر القوة والتحدي في مناسباتهم واحتفالاتهم المذهبية، كعيد الغدير ويوم عاشوراء!

    - إثارة المخاوف الطائفية ممن يصفونهم بـ"الوهابية" و"السلفية"..!

    حسين الحوثي والتمرد الأول:

    حسين الحوثي ينتمي إلى أسرة هاشمية يرجع نسبها إلى الحسين بن علي بن أبي طالب؛ أما والده فهو العلامة بدرالدين الحوثي من أبرز علماء ومرجعيات المذهب الزيدي في اليمن.

    تلقى تعليمه في المعاهد العلمية من الابتدائية وحتى الثانوية، كما تلقى المذهب الزيدي على يد والده وعلماء المذهب في صعدة. وتفيد بعض المصادر بأنه أتم تعليمه الجامعي وحصل على الماجستير والدكتوراه خارج اليمن!

    كان عضوا في مجلس النواب عن دائرة مران بصعدة من العام 1993م- 1997م، وتفرغ عقب خروجه من مجلس النواب لنشر أفكاره ومعتقداته من خلال الدروس والمحاضرات والخروج الدعوي إلى المناطق، وقيادة تنظيم "الشباب المؤمن" وتشكيل فروع له، وإنشاء حوزات ومساجد تابعة له.

    وبدأت تتجلى ظاهرة حسين الحوثي فيما يطرحه من المسائل والآراء، فظهر تطاوله وتهجمه على علماء الزيدية، وآراء المذهب وكتبه! معتبراً نفسه مصلحاً ومجدداً لعلوم المذهب وتعاليمه! وتجاوز الأمر إلى حد السخرية من كتب الحديث والأصول وإظهار شتم الصحابة وأمهات المؤمنين (رضي الله عن الجميع)، وهو ما دفع علماء "الزيدية" لإصدار بيان نشرته صحيفة "الأمة" الناطقة باسم حزب "الحق"!

    وهو متأثر بعقائد الرافضة وميال إلى مذهبهم الإثنى عشري، ويثني كثيرا في محاضراته –التي أصبحت تباع كملازم- على الثورة الإيرانية والإمام الخميني والمرجعيات الشيعية في النجف وقم!

    وقد جاء في ديباجة "بيان علماء الزيدية"، الذي توجه بالخطاب إلى "كافة أبناء المذهب الزيدي وغيرهم من أبناء الأمة الإسلامية"، ما يلي:

    "استجابة لأمر الله في قوله جل جلاله: (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه) ولقوله تعالى: (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعدما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون)، ولقوله عليه الصلاة والسلام: "من انتهر صاحب بدعة ملأ الله قلبه أمنا وإيمانا"، ولقوله صلى الله عليه وسلم: " إذا ظهرت البدع ولم يظهر العالم علمه، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين"، ولما ظهر في الملازم التي يقوم بنشرها وتوزيعها حسين بدرالدين وأتباعه، والتي يصرح فيها بالتحذير من قراءة كتب أئمة العترة، وكتب علماء الأمة عموما، وعلى وجه الخصوص كتب أصول الدين وأصول الفقه"؛ ثم أورد شواهد مما ورد فيها!

    وعقَّب البيان بالقول: "وغير ذلك من الأقوال التي تصرح بتضليل أئمة أهل البيت من لدن أمير المؤمنين علي عليه السلام ومرورا بأئمة أهل البيت، وإلى عصرنا هذا، والتي يتهجم فيها على علماء الإسلام عموما، وعلى علماء الزيدية خصوصا، وفيما يذكره من الأقوال المبطنة من الضلالات التي تنافي الآيات القرآنية الواردة بالثناء على أهل البيت المطهرين، وتنافي حديث الثقلين المتواتر، وحديث "لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين"، فمن أثنى عليه الله ورسوله لا يكون ضالا، بل الضال من خالف الله ورسوله وإجماع الأمة.

    فبناء على ما تقدم رأى علماء الزيدية التالية أسماؤهم، التحذير من ضلالات المذكور وأتباعه، وعدم الاغترار بأقواله وأفعاله التي لا تمت إلى أهل البيت وإلى المذهب الزيدي بصلة، وأنه لا يجوز الإصغاء إلى تلك البدع والضلالات ولا التأييد لها، ولا الرضا بها، (ومن يتولهم منكم فإنه منهم)، وهذا براءة للذمة، وتخلص أمام الله من واجب التبليغ".

    وقد وقع على البيان كل من: "حمود عباس المؤيد -مفتي الجمهورية، أحمد الشامي -أمين عام الحزب الحق، محمد محمد المنصور، صلاح بن أحمد فليته، حسن محمد زيد، إسماعيل عبدالكريم شرف الدين، محمد علي العجري، حسن أحمد أبو علي، محمد حسن الحمزي، محمد حسن عبدالله الهادي"*.

    لقد أظهر حسين الحوثي تأييده وتأثره بـ"حزب الله" الشيعي اللبناني، وربما رفع أعلامه في بعض المراكز، كما عمد إلى رفع شعار: "الله أكبر.. الموت لإسرائيل، الموت لأمريكا، النصر للإسلام" دافعا بشباب التنظيم وأتباعه لترديده عقب صلاة الجمعة في العديد من المناطق، بما في ذلك جوامع صنعاء والجامع الكبير بها.

    وقد استطاع من خلال دعم الدولة وأتباع المذهب ودعم جهات خارجية من ضمنها إيران وشخصيات ومؤسسات شيعية في المنطقة من إقامة عشرات المراكز العلمية (المسماة بالحوزات) في صعدة وعمران ومأرب والجوف وحجة وذمار.. وصنعاء. وكان لهذه المراكز نشاط ملموس في إقامة المخيمات الصيفية والندوات والمحاضرات والدروس؛ ونشر العديد من "الملازم" والكتب التي تروج لفكره وتحرض أتباع المذهب الزيدي على اقتناء الأسلحة والذخيرة تحسباً لمواجهة الأعداء من الأمريكيين واليهود، واقتطاع نسبة من الزكاة لصالح المدافعين عن شرف الإسلام والمذهب!!

    وبرغم ضيق الحكومة من تصرفاته إلا أنها لم توقف دعمها المالي عنه، وحاولت في مقابل ذلك إقناعه بالعدول عن توجهاته وأفكاره كونها تثير الفتنة المذهبية والطائفية والسلالية وتعد خروجاً على الدستور والقانون؛ وأوفدت عدة وسطاء من علماء المذهب الزيدي وبعض الشخصيات الهاشمية وعلماء دين ومشائخ قبائل لإقناعه بالعدول عما هو عليه؛ لكنه لم يأبه بالأمر واستمر في الدفع بشبابه (الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15-25 عاماً) لإظهار ثقله الديني والسياسي بالتظاهر في معظم المساجد وعقب صلوات الجمعة وترديد شعاراتهم ضد إسرائيل وأمريكا، وقد بلغ الأمر في إحدى المظاهرات بسقوط قتلى أثناء مسيرة نظمها التنظيم باتجاه السفارة الأمريكية إبان الحرب على العراق، في 2003م.

    وبدأ الصدام بين الدولة وأتباع الحوثي يأخذ طابع الاعتقال، وإغلاق المحلات من مكتبات وتسجيلات شيعية، في حين بدأ حسين الحوثي في التحصن في جبال مران حيث مسقط رأسه ومعقد الولاء المذهبي له، فأقام تحصينات إنشائية وزود أتباعه بالسلاح والذخيرة، وبدأ بالتعبئة ضد أي عدوان أمريكي أو إسرائيلي! وأحاط نفسه بإجراءات أمنية صارمة؛ وبدا الأمر وكأنه استعداد لخوض مواجهة عسكرية مؤكدة وليست محتملة!

    ذكر رئيس الجمهورية في حديثه لصحيفة "السفير" اللبنانية، في 19/8/2004م، أن الحوثي تمرد على الدولة، وأنه لم يتجاوب في التواصل مع السلطة، ولم يستجب لمطالب الدولة في معرفة الأنشطة التي يقوم بها في المنطقة. وكان رفضه إلى جانب المعلومات المتوفرة لدى القيادة السياسية سببا في إيجاد قناعة بأن عنده شيئا يخفيه! وأن هناك خطورة منه إن لم تكن اليوم فربما في المستقبل! وأضاف بأن السلطة عملت على متابعة الحوار معه لإقناعه مدة سنة ونصف تقريبا ليسلم نفسه مع إعطائه الأمان! لكن دون جدوى!

    كانت ملاحظات الدولة تجاه الحوثي تتمثل في: قيام ميليشيات، وتحصينات دفاعية، واقتناء أسلحة، وتوزيع أموال! ونتيجة لعدم تجاوبه، اتخذ القرار بفرض حصار عليه وتطويقه لكي يسلم نفسه! وعندما بدأ التطويق قام بالعدوان المسلح على الجيش والأمن! وبالتالي فرض عليهم القتال بالرغم من أنه لم يكن هناك قرار بالقتال! –على حسب شهادة الرئيس!

    في هذه الأثناء كانت الوساطات مستمرة لكنها فشلت في إقناعه بتسليم نفسه! وعندها –فيما يبدو- شعرت الدولة بخروج الأمر عن السيطرة، وبوجود مؤامرة مدبرة من حليف الأمس! ففرضت قوات الأمن والجيش طوقا على المنطقة وحاصرتها، وبدأت في المواجهة مع أتباع الحوثي المتحصنين في 18 يونيو! بعد أن تعرضت لاعتداءات متكررة! وبدأ الحديث إعلاميا عن ادعاء الحوثي "الإمامة"، وقيل "المهدية"، وقيل "النبوة"، من قبل صحف المؤتمر ووسائل الإعلام الرسمية التي كالت عليه أوصاف التمرد والخروج على الشرعية!

    وفي التقرير الأمني الذي قدمه وزير الداخلية اليمني اللواء رشاد العليمي إلى أعضاء مجلس النواب، ذكر فيه بأن الحوثي قام بتوزيع كتاب بعنوان "عصر الظهور" لمؤلفه علي الكوراني العاملي! والذي أشار إلى ظهور ثورة إسلامية ممهدة لظهور المهدي، وأن اسم قائدها اليماني (حسن أو حسين)، وأنها أهدى الرايات في عصر الظهور على الإطلاق، وأن "اليماني" يخرج من قرية يقال لها "كرعة" وهي قرية في منطقة بني خولان قرب صعدة.

    ثم يذكر التقرير نفسه أن الأجهزة الأمنية ضبطت مع بعض أتباع الحوثي من أبناء صعدة وثيقة مبايعة الحوثي على أنه الإمام والمهدي المنتظر!*

    وقد اختار الحوثي (الأب)، ومن قبله الابن، مناطق مديرية حيدان في مران والرازمات ووادي نشور وشافعة منطلقا لعملياتهم ضد الحكومة نظرا لما تتميز به تلك المناطق من تضاريس وعرة يصعب على القوات البرية الوصول إليها، كما يصعب على القوات الجوية اختراق تحصيناتها.

    فمحافظة صعدة -التي تقع في شمال اليمن وتبعد عن العاصمة صنعاء حوالي 204 كم- منطقة مرتفعة ذات جبال وعرة، وهي منطقة حدودية مع المملكة العربية السعودية، وأغلبية سكانها ينتمون للمذهب الزيدي الهادوي، وفيها نشاط واسع ومتغلغل للإثنى عشرية منذ الثمانينات.

    إذن فقد ساهمت عدة عوامل لتكون صعدة هي منطلق حركة التمرد:

    - وعورة المنطقة وصعوبة تضاريسها.

    - النشاط الإثنى عشري الذي استطاع اختراق أتباع المذهب الهادوي في صعدة.

    - تعاون القبائل المنتمية للمذهب الزيدي والمتأثرة بأفكار الحوثي معه.

    - توفر السلاح بكميات كبيرة لدى هذه القبائل، ووجود أسواق لها في المنطقة.

    - توفر الدعم المالي بشكل كبير الأمر الذي وفر القدرة والإمكانيات لمواجهة الدولة!!

    - التعاون الاستخباراتي الذي تقوم بها بعض الجهات والشخصيات المحسوبة على الدولة والمؤتمر لصالح المتمردين.

    - دافع الثأر من قبل القبائل تجاه أبنائهم الذين سقطوا في المواجهات الأولى العام الماضي (2004م)؛ علما بأن طابع هذه القبائل الشراسة والحمية! وهذا في شأن التمرد الثاني الذي يقوده الحوثي (الأب)!

    وللعلم فلم يكن الحوثي (الأب) في معزل عن المواجهات الأولى، برغم عدم ظهوره فيها، فقد كان يبارك كل جهود ابنه ويصفه بـ"المصلح الكبير" و"المجدد للمذهب الزيدي"!

    وفي حين عززت الدولة قواتها العسكرية وحشدت إمكانياتها لحسم المعركة، وقفت القبائل إلى جانب حسين الحوثي ومن معه، وهو ما حدا بالدولة لاستنفار قبائل المنطقة ضده. كما أنها قامت بتدابير أمنية مختلفة للتضييق على حركة التمرد وتبعاتها، منها:

    - القبض على عدد من الأشخاص الذين يروجون للحوثي من قضاة وصحفيين وخطباء مساجد من مختلف المناطق المتعاطفة، وتقديم بعضهم للمحاكمة.

    - إغلاق المكتبات الشيعية الزيدية، ومنع المكتبات الشيعية اللبنانية والإيرانية واليمنية من المشاركة في معرض الكتاب بصنعاء، ومصادرة بعض كتب الشيعة الإثنى عشرية.

    - إغلاق المعاهد والحوزات التابعة للحوثي والموالية لتنظيم "الشباب المؤمن".

    - اعتقال أعداد كبيرة من الذين تجندوا للحاق بحركة تمرد الحوثي!

    - الحملة الإعلامية التي استندت إلى بعد عقائدي وفكري ووطني..! ويبدو أن إعلام المؤتمر الشعبي العام والإعلام الرسمي لم يدر المواجهة مع الحوثي وأتباعه بشكل سليم، فقد وقع في عدة أخطاء ساعدت المتمردين والأحزاب المعارضة والتيار الزيدي بشكل أخص في استغلال ما يكتب على بعض الصحف المؤتمرية، كصحيفة "الميثاق" الناطقة باسم الحزب الحاكم، للتأكيد على أن أبعاد الحرب الدائرة أبعاد طائفية وفكرية! وربما ساعدهم في ذلك كتابات بعض الجهلة في هذه الصحف –ربما بقصد منهم وربما بغير قصد، لأن احتمال وجود مندسين في المؤتمر ليؤكدوا على البعد السلالي والطائفي في المواجهات كبير جدا، وهو أمر قد يغفل عنه المؤتمريون في ظل غياب منطق العقل واعتماد القوة وخطاب التهم والسخرية!!- في تأجيج مشاعر أتباعهم وشحنهم بدوافع الكراهية والانتقام! كتناول مسألة الهاشمية وسلالة "آل البيت"!

    إن طبيعة الدور الذي مارسه حسين الحوثي، قبل تطور الأحداث إلى مستوى المواجهات مع الدولة، يدل على نوايا فعلية في إظهار الحركة كقوة سياسية مستقلة، كما هو الحال مع حزب الله في لبنان؛ خاصة بعد فشل حزب "الحق" وحزب "اتحاد القوى الشعبية" من لعب دور سياسي أو حركي بالمستوى الذي يأمل فيه حسين الحوثي!

    فاستقطاب الآلاف من الشباب والرجال، وإنشاء العديد من المؤسسات التعليمية "المتعصبة"، ومظاهر إبراز القوة، وشراء مختلف أنواع الأسلحة وإنشاء التحصينات في مناطق مختلفة من صعدة- معقل الحركة، والتزود بالمؤن -التي ظهرت طيلة أيام المواجهات، والاحتياطات الأمنية التي أحاط نفسه وقيادة تنظيم "الشباب المؤمن" بها، والتواصل بجهات خارجية، ورفع شعارات ذات بعد دولي والدخول في مواجهات مع قوى الأمن الداخلي لأجلها! تدل جميعها على جاهزية عسكرية وأمنية لا تناسب طبيعة تنظيم "الشباب المؤمن" المعلن عنها!

    لقد خاض حسين الحوثي حربا شرسة ضد الدولة أسقطت أكثر من 400 قتيل من الطرفين، ومئات الجرحى، وتضرر جراءها عدد من المعدات والمنشآت الحكومية! خلال ما يقرب من 3 أشهر!!

    ولم يشأ الحوثي الاستسلام للدولة إلا وفق شروط ومطالب خاصة، ليس من أبرزها سحب الدولة لقواتها من المنطقة والإفراج غير المشروط لأتباع التنظيم!! إلى آخر ما هنالك من المطالب! لكنه لم يستطع تحقيق آماله حيث استطاعت الدولة القضاء عليه في 10 سبتمبر 2004م، هو وعدد من أتباعه.. لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد!

    الخلفيات والملابسات:

    لظهور حركة الحوثي في اليمن خلفيات تاريخية وواقعية وأبعاد داخلية وخارجية وعوامل دينية وأخرى سياسية شكلت في مجموعها ظروفا محيطة أثرت في الدفع للمواجهة المسلحة، فمن ذلك:

    - الظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها معظم الشعب اليمني، والتي بلغت إلى مستوى "تحت خط الفقر"، وشملت 75% من الشعب اليمني، مع حالة الفساد العام والظلم وغياب القوانين.. وهذه الظروف دأبت الصحف اليمنية المعارضة -بما فيها صحف التيار الزيدي- على إثارتها بشكل يستفز المواطنين ويدفع باتجاه الشحن العاطفي والعنف السلوكي!

    - انتشار المذهب السني بصورة باتت تهدد وجود المذهب "الزيدي" على المدى البعيد، حيث تحولت الكثير من المناطق المحسوبة على المذهب "الزيدي" إلى السنة! كما أن حزبا سياسيا كالإصلاح أصبح يمثل ثاني أكبر قوة سياسية في البلد (وفق نتائج الانتخابات المتهمة في بلداننا العربية!) بخلاف الأحزاب المحسوبة على المذهب "الزيدي" التي لم تحقق نجاحا يذكر في الانتخابات! وهذا ما حدا بأتباع المذهب "الزيدي" لاتهام الدولة (بل الثورة اليمنية!) بمحاربة المذهب "الزيدي" لحساب ما يصفونه بالمذهب "الوهابي"! وتصنيف الإثنين في خانة العداء للزيدية!

    لقد وصف يحيى الحوثي في حوار مع صحيفة "الشرق الأوسط"، في 17/4/2005م، تنظيم "الشباب المؤمن" بأنها حركة ثقافية لمواجهة ما وصفه بـالمد "السلفي" الذي "هاجمنا في بيوتنا باليمن وكان مصدره جماعات التكفير" –على حد تعبيره.*

    - تغلغل ما يعرف بـ"الهاشميين" في مفاصل السلطة وأجهزة الدولة ومواقع التأثير في الحزب الحاكم فتح المجال للتفكير في إعادة السلطة للهاشميين، لذلك جاءت انتقادات صحيفة "الشورى" المحسوبة على الزيدية في مسألة توريث الحكم للعقيد أحمد علي عبدالله صالح أشد لهجة من أي صحيفة أخرى!

    ويشير البعض هنا إلى تلك التصريحات الأمنية التي تتناقلها صحيفة "الثورة" و"26 سبتمبر" و"أخبار اليوم" حول وجود علاقة بين حسين الحوثي وقيادات تنظيم "الشباب المؤمن" من جهة وشخصيات في الدولة والحكومة والمؤتمر الشعبي العام من جهة أخرى كدليل على أبعاد المؤامرة التي تدور رحاها في صعدة!

    وتتولى صحيفة "أخبار اليوم" و"الشموع" الحديث عن شبكة من الشخصيات والعلاقات والخطط الرامية لتأجيج الصراع بين الرئيس اليمني والتجمع اليمني للإصلاح باعتباره أكبر القوى السنية في اليمن وأقدمها تحالفا معه، وذلك –فيما يبدو- لعزل الرئيس وتجريده من الحلفاء، وهو ما دفع بالرئيس للإشادة بموقف التجمع اليمني للإصلاح (ويبدو أنه لعب دورا استخباراتيا من منطلق التحالف الذي يؤكده الإصلاح مع الرئيس دون المؤتمر الشعبي العام)!!

    - وليس بصحيح ما يدعيه أتباع الحوثي والمؤيدين له من أن الدافع وراء محاربة الدولة لهم هو تبني شعار "الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل.. النصر للإسلام"!! فالحوثي وأتباعه لم يمثلوا في أي يوم من الأيام أي تهديد للوجود الأجنبي، بل ولا تحتل الولايات المتحدة الأمريكية في أدبياتهم مكان الصدارة في العداوة والبغضاء بقدر ما يحتله السنة! كما أن الأسلحة والتحركات التي يقوم بها الحوثي لا تمثل أي تهديد للمصالح الأمريكية بقدر ما كانت استعراضا لقوة المذهب التي غابت في الميدان السياسي والثقافي والاجتماعي!

    ثم إن استهلاك هذه الأسلحة والدخول بها في صراع دموي مع الدولة لا يخدم الشعار المعلن بأي وجه من الوجوه، خاصة وأن الحوثي وأتباعه لا يتفقون مع تنظيم القاعدة في مواجهته لأمريكا!! كما أن صعدة ظلت طوال السنوات الماضية بعيدة عن أعمال العنف التي تطال الأجانب في اليمن، على خلاف محافظات أخرى مثل مأرب والجوف وصنعاء وحضرموت وعدن!

    - إيران.. والتغلغل الرافضي في اليمن:

    صرح الرئيس علي عبد الله صالح في مقابلة صحفية أجرتها معه صحيفة المستقبل اللبنانية في 8/7/2004م، قائلاً: (نحن نتهم جهات خارجية لكن لا نستطيع أن نشير بأصابع الاتهام لأي دولة أو حزب)، وأضاف قائلا: (لقد وجدت مع الحوثي وأتباعه بعض الكتب والمطبوعات الفاخرة التي طبعت في بيروت عن الشيعة والإثنى عشرية؛ هذه هي بعض المؤشرات التي حصلنا عليها ولكن يجري التحري في شأنها)!

    لقد تبنت إيران -ومنذ قيام ما عرف بـ"الثورة الإسلامية"- مبدأ تصدير الثورة الشيعية إلى الوطن العربي والعالم الإسلامي، وإذا كان العراق مثل سدا منيعا ضد التوسع الشيعي في منطقة الخليج.. فإن نظام إيران لم يتخل عن تواصله بالأقليات الشيعية في الخليج والجزيرة عموما، بل سعى جاهدا إلى تصدير الفكر الشيعي إلى دول أخرى. وقد شكلت الأرضية المذهبية (الهادوية) في اليمن محضنا خصبا لهذا التغلغل الشيعي خاصة بعد حرب الخليج الثانية وتدمير العراق، وبذلت الدبلوماسية والسفارة الإيرانية في صنعاء جهدا مكثفا لاستقطاب أتباع المذهب الزيدي منذ عام 1990م، حيث توجهت الأنظار إلى اليمن كلاعب إقليمي ناشئ ومؤثر. وهذا ما كان يحذر منه علامة اليمن ومحدثها الشيخ مقبل بن هادي الوادعي، فقد كان يردد -رحمه الله- المقولة المشهورة: "ءإتني بزيدي صغير أخرج لك منه رافضيا كبير"!

    إن الإعلان عن "حزب الله" في عام 1990م، وتشكيل تنظيم "الشباب المؤمن" ورفع شعارات الثورة الإيرانية و"حزب الله" في لبنان.. بل رفع علميهما، والتوجه إلى نقد المذهب الزيدي وتمرير عقائد الرافضة كسب الصحابة، وإقامة الحسينيات، والاحتفال بيوم غدير "خم"، وافتتاح العديد من المحلات التجارية والمكتبات والتسجيلات ذات المسميات الشيعية: الغدير، خم، كربلاء، الحسين، النجف وغيرها! وتعليق لافتات قماشية سوداء كتبت عليها عبارات وهتافات جعفرية مثل "ياحسيناه، ياعلياه، من كنت مولاه فعلي مولاه، لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق".. إلخ، وتوزيع وبيع أشرطة وكتب وكتيبات ذات مضامين شيعية إثنى عشرية، ونشرات بمسميات "العترة" و"آل البيت" و"الحسين" و"المهدي".. وغيرها، ونشر صور رموز شيعية كالخميني والصدر والسيستاني ورفسنجاني وحسن نصرالله ومقتدى الصدر وغيرهم...

    جميعها مؤشرات على توجيه أياد خارجية ووجود صلات عقائدية وفكرية ودعم غير طبيعي لتنظيم "الشباب المؤمن" وحركة التمرد التي قادها الحوثي (الابن) ويقودها حاليا الحوثي (الأب)!

    لقد تردد في أوساط أتباع حسين الحوثي المقولة بأنه هو اليماني الذي رمزت إليه الآثار التي تضمنها كتاب المدعو علي الكوراني –وهو مرجع وباحث شيعي من لبنان- "عصر الظهور"، وهو ما أعطى حركة حسين الحوثي بعدا شيعيا إثنى عشريا!

    وقد لفت هذا الكتاب اهتمام صحيفة "الثورة" الرسمية، والتي نشرت مقطعا من الكتاب، في إطار تحليلها للبعد العقائدي لحركة التمرد الشيعية!

    بل أصبح الكتاب محط اهتمام المتابعين للأحداث نظرا لوجود الخلفية المسبقة لتمرد الحوثي بتواصله مع إيران ولبنان! وقد ذهب البعض إلى أن المؤلف الشيعي علي الكوراني يمثل المرجع الأول لحركة التمرد التي قادها حسين الحوثي وتنظيم "الشباب المؤمن"؛ رغم نفيه لصلته بالموضوع وتشكيكه بأن يكون الحوثي هو المقصود في الآثار!

    لقد أكد طارق الشامي -الناطق الرسمي في المؤتمر الشعبي الحاكم- في اتصال مع قناة "الجزيرة" أن التمرد جاء في "إطار مخطط كان معدا له أولا من حيث إدخال مذهب جديد هو الإثنى عشرية والترويج له داخل المجتمع اليمني، وثانيا ما تم الاعتراف به على لسان الحوثي بوجود علاقة مع بعض المنظمات والحوزات الشيعية وزيارته لبعض الدول العربية وإيران".

    إضافة إلى ذلك فإن لجوء العديد من شيعة العراق إلى اليمن تحت غطاء التدريس سهل من تغذية الروابط –كما يبدو بين التيارين- وقد أشارت صحيفة "أخبار اليوم" المحسوبة على السلطة وصحيفة "الأيام" المستقلة، بحسب مصادر أمنية، إلى وجود مقاتلين عراقيين في صفوف أتباع الحوثي، واكتشاف جثث لهم، واعتقال بعضهم!

    وبحسب مصادر –نقلت عنها صحيفة "أخبار اليوم" في عددها (413)- فإن للسفير العراقي وعناصر أخرى استقدمها معه دور مباشر في إعادة بناء التنظيمات الموالية لإيران في اليمن، في مقدمتها "الشباب المؤمن"، وأشارت المصادر للصحيفة بأن السفير استقبل خلال الفترة الماضية عناصر متورطة في تمرد الحوثي، بما فيها قيادات ناشطة ضمن مليشيات تنظيمه المسلح. بل ذكرت صحيفة "أخبار اليوم" في أحد أعدادها أن عددا من أتباع بدرالدين الحوثي الذين استسلموا أثناء المواجهات الأخيرة أكدوا قيامهم بالتدرب في معسكرات تابعة للحرس الثوري الإيراني مع عناصر فيلق بدر التابع للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية بالعراق بعد سقوط بغداد، وكذلك في معسكرات يتخذها الفيلق في العراق منذ منتصف العام 2003م.

    وإذا كان الرئيس علي عبدالله صالح لم يتهم جهات خارجية بعينها بدعم الحوثي، فإن البعض يربط تمرد الحوثي بالتوجه الإيراني الهادف إلى تعزيز دور إيران الإقليمي من خلال دعم الأقليات الشيعية في دول الجزيرة العربية والشام، وقد سبقت الإشارة إلى وجود نشاط شيعي لحكومة طهران في اليمن عبر السفارة الإيرانية بصنعاء، كما سبقت الإشارة إلى زيارة حسين بدرالدين الحوثي ووالده إلى طهران عقب حرب الانفصال 1994م.

    وتهدف إيران من ذلك إلى عدة مسائل: منها استغلال جو التصالح والتقارب الشيعي الأمريكي في المنطقة عقب أحداث 11 سبتمبر، ومنها زيادة النفوذ الشيعي في دول الجزيرة والخليج بما يخدم البعد الإستراتيجي لإيران في المنطقة، ومنها تشتيت الذهن والجهد السني على امتداد الرقعة الجغرافية، فلبنان وسوريا والسودان واليمن... إلى آخر ما هنالك من القائمة! بحيث تنصرف هذه الجهود عن العراق وخدمة التيار السني المقاوم فيه!

    إيران بدورها نفت الأنباء التي تحدثت عن مساندتها للمرجع الشيعي بدرالدين الحوثي؛ وذلك على لسان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية حميد رضا آصفي، الذي قال: "إن الأنباء التي تحدثت عن مساندة طهران لمجموعة الحوثي لا أساس لها من الصحة، مجرد شكوك فقط". وقد جاء هذا التصريح بعد سلسلة من الانتقادات التي حملتها الصحافة الإيرانية وبعض الرموز الدينية على السلطات لعدم إصدار أي رد فعل على الأحداث الجارية في اليمن مع أنصار الحوثي!!

    غير أن البيان الذي صدر عن "الحوزة العلمية في النجف الأشرف"، بتاريخ 16/4/2005م، أظهر مدى التعاطف الذي يبديه الشيعة الإثنى عشرية لقضية تمرد حسين الحوثي عل
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 2093
    تاريخ التسجيل : 01/03/2010
    الموقع : hmsain.ahlamontada.com

    تمرد الحوثي في اليمن وأبعاد التحالف الشيعي الأمريكي في المنطقة Empty رد: تمرد الحوثي في اليمن وأبعاد التحالف الشيعي الأمريكي في المنطقة

    مُساهمة  Admin الخميس 14 يوليو 2011 - 20:24

    تمرد الحوثي في اليمن وأبعاد التحالف الشيعي الأمريكي في المنطقة! (2-2)





    مواقف داخلية:

    موقف التجمع اليمني للإصلاح:

    لم يصدر عن التجمع اليمني للإصلاح بيان مستقل بشأن الأحداث في صعدة؛ كما لم تحظ الأحداث بتناول موسع من صحيفة "الصحوة"، بل اكتفت الصحيفة بإيراد الأخبار المتعلقة بالأحداث! ويفسر ذلك ما قاله الأمين العام المساعد للتجمع اليمني للإصلاح في تصريح لصحيفة (الأيام 4451) بأنه من الصعب معرفة ما يدور في صعدة، ومن الصعب الحصول على تفصيلاته، مرجعاً السبب إلى أن الحكومة تنتهج نهج التعتيم في القضايا الأمنية ولا تسرب من المعلومات إلا ما تقتنع به.

    لكنه أضاف: "إذا كانت الحكومة تنتهج نهجاً خطأ في تعاملها مع القضايا الأمنية؛ فإن الضرورة تقتضي أن تطرح قضية صعدة على مجلس النواب، وبالذات على هيئة الرئاسة، وإذا رأت الهيئة أن تطلب انعقاداً استثنائياً للمجلس؛ هذا سيكون مطلوباً ومعناه أنها استجابت في الوقت المناسب".

    لقد بدى موقف التجمع اليمني للإصلاح، وهو الذي تجمعه علاقة ود مع الرئيس علي عبدالله صالح حيث يعتبره صمام الأمان لليمن، مفضلا عدم الإنجرار وراء الأحزاب الشيعية والحزب الاشتراكي الموالي لها. وهذا ما حدا بالرئيس اليمني للإشادة بموقف الإصلاح واستثنائه من الاتهام بالوقوف وراء تمرد الحوثي!

    وفي محاولة لكسب تعاطف الإصلاح مع المؤتمر، وربما تكون هي الحقيقة، نشرت صحيفة (الشموع 279) عن اكتشاف وثيقة كتبها رئيس أحد فروع المؤتمر الشعبي العام في محافظة عمران (ممن يوالون الحوثي) موجهة إلى الأمين العام لحزب الحق أوضح فيها أنهم يعملون جاهدين لتمزيق القبائل وبث ونشر الخلاف بين الإصلاح والمؤتمر، والضغط على بعض المدرسين المتخرجين على أيديهم للسعي معهم في تحقيق هذا الهدف، وختم رسالته بالتأكيد على أنه لن ينفعهم المؤتمر أو الإصلاح، و"إنما الملكية"!

    ومن المؤسف بحق في موقف الإصلاح، وهو يحاول أن يبقي تحالفه مع أحزاب اللقاء المشترك، أن يغفل الأبعاد العقائدية والتآمر الخفي بين الشيعة (الروافض) والولايات المتحدة الأمريكية في خطابه الجماهيري لتوعية الناس بحقيقة تمرد الحوثي وتجنب الفتنة التي قد تلحق بالبلاد.. مع إمكانية تحفظه على معالجات الدولة وسياسات السلطة!

    وهذا الموقف نفسه يؤخذ على علماء اليمن والتيار الدعوي السني الذين لم يصدر أي بيان لهم في تجلية الأحداث وبعد المؤامرة، ولعل ذلك لكونهم مغيبين من الدولة وغير مطلعين على حقيقة ما يجري! لكن ذلك لا يعفيهم من المسئولية!

    موقف الحزب الاشتراكي اليمني:

    تربط "الحزب الاشتراكي اليمني" بالتيار الشيعي علاقة حميمية دافئة، فقد وقفت الأحزاب الشيعية إلى جانب الحزب الاشتراكي في أزمة وحرب 1994م، وهم منذ سقوط مؤامرة الانفصال في صف معاد للسلطة، ويجمعهم مع أحزاب أخرى مجلس "اللقاء المشترك"! وقد ربط الرئيس اليمني بين التيارين وبين تمرد الحوثي وحركة الانفصال التي أشعلها الاشتراكيون في 1994م في أكثر من خطاب وحديث صحفي!

    وفي رسالة وجهها رئيس الجمهورية لأبناء محافظة صعدة عقب مقتل حسين بدرالدين الحوثي اعتبر أن "ما قام به الحوثي لا يقل خطورة عما قام به الانفصاليون لتمزيق الوحدة الوطنية وإثارة الفتن والبغضاء والأحقاد في المجتمع"، وأن كليهما "يمثلان وجهان لعملة واحدة ويسعيان في اتجاه هدف واحد".*

    ويبدو أن الاشتراكي يحاول رد الجميل لحسين الحوثي ووالده، اللذين وقفا معه في حرب 1994م واضطرا إلى الهرب خارج البلاد عقب فشل الاشتراكي في مخططه، باستغلال الحدث –إذا لم يكن في الحقيقة ذو صلة به- فصحيفة الحزب تشن حملة مستمرة على السلطة، وقد أضافت أحداث صعدة الأخيرة وجبة دسمة للحديث عن إرهاب الدولة وإجرامها.. وما هنالك من الاتهامات!

    إن تحالف الاشتراكي والتيار الشيعي الذي تمثله أحزاب (الحق واتحاد القوى) وحركة الحوثي تقف وراءه دوافع مشتركة، منها غيابهم الكلي عن السياسة بعد أن كانوا يمتلكون مقاليدها، وحلمهم للعودة إلى السلطة، ونزعتهم العدائية للمذهب السني وللتيار السلفي المتنامي في اليمن –بشكل أخص!

    موقف أحزاب اللقاء المشترك*:

    في افتتاحية بعنوان "الأيادي الخفية في فتنة الحوثي" اتهمت صحيفة "26 سبتمبر" (عدد 1183 في 14/4/2005م): "أفراداً وأحزاباً وقوى سياسية وأطرافاً خارجية" في الوقوف وراء الحوثي دون أن تسمها. وكان رئيس الجمهورية قد هدد قيادات أحزاب "اللقاء المشترك" بالملاحقة، متهما إياها بالتورط في التمرد الذي قاده حسين بدر الدين الحوثي، واصفا الأمر بأنه "خيانة"، ولمح إلى ملاحقة قياداتها مستثنيا "التجمع اليمني للإصلاح" -الحليف السابق للحزب الحاكم المؤتمر الشعبي العام. وقال صالح في خطاب ألقاه إمام مجلس الشورى في سبتمبر 2004م: "إننا نعرف حق المعرفة من يوجه تلك الصحف التي كانت إلى جانب التمرد ونعرف من أين يدفع لكتابها، ومن يدفع لهم ونعرف من يتسكعون على أبواب السفارات ويتحدثون عن الديمقراطية. فالذين يتحدثون عن الحرية والديمقراطية مجندون هم وأولادهم وبناتهم داخل السفارة الأميركية ثم يقولون: الموت لأميركا".

    وفي حين أن أحزاب اللقاء المشترك ظلت صامتة إزاء فتنة الحوثي الأولى إلى أمد معين، إلا أنها بعثت برسالة لرئيس الجمهورية يوم الخميس الموافق 23/6/2004م، تطلب فيها تحديد موعد للقاء به للتعرف على ما يجري، لكن لم تتم الاستجابة لهذا الطلب! مما حدا بها لإصدار بيان في (28/6/2004م)، وحددت موقفها فيما يلي:

    - مطالبة السلطة بالمكاشفة في القضايا الوطنية والأمنية، نظرا لوجود التعتيم الإعلامي من قبلها حول الأحداث، وتجنب هذا الأسلوب الضار "الذي يزيد من تعقيد القضايا والمشكلات ويصعّب الحلول".

    - دعوة "مجلس النواب إلى القيام بواجبه الدستوري في إجلاء الحقائق وبيانها للشعب وتصحيح هذا المسار المعوج الذي تنتهجه الحكومة تجاه القضية الأمنية وإطلاع الرأي العام على حقيقة ما يجري في محافظة صعدة، والكشف عن كافة التجاوزات للدستور والقانون من أي طرف كان كمقدمة لإحالة مرتكبيها إلى العدالة".

    - إدانة أية معالجات خارج الدستور والقانون في هذا الإطار؛ وهو ما يشير ضمنيا إلى استنكار أسلوب الدولة، واتهامها بخرق الدستور والقانون! فقد جاء في مقدمة البيان وصف الدولة باستخدام الأسلوب ذاته "الذي يتم التعامل به مع كافة القضايا الأمنية بهدف استخدامها كورقة سياسية لتصفية الحسابات والثارات السياسية وتقليص مساحة الحريات العامة، واستمرار لغة التخوين والتشكيك في وطنية الآخرين، ومحاكمة نواياهم بعيداً عن التوجه الديمقراطي المنشود وروح الدستور"!

    وبدأت صحف الشيعة والاشتراكي بشن حملات إعلامية على الحكومة، متهمة إياها بقتل المواطنين!

    وفي المواجهات الأخيرة التي قام بها بدرالدين الحوثي، بادرت أحزاب اللقاء المشترك بإصدار بيان مشترك بعد أن ظلت صامتة لأيام معدودة، نتيجة تباين المواقف بين هذه الأحزاب كما فسرها البعض.

    ففي حين فضل الإصلاح البقاء على ود مع الرئيس علي عبدالله صالح، كان الحزب الاشتراكي ميالا لدعم الحوثي ومن معه! أما حزبي الحق واتحاد القوى الشعبية فقد رفضا ما يحدث في صعدة، باعتبار التوافق في المذهب والانتماء الطائفي.

    وقد أكدت الأحزاب في بيانها الصادر في 7/4/2005م، على: "عقم وعدم سلامة الأساليب والإجراءات التي تنتهجها الحكومة في معالجة هذه القضية، وهو ما سبق لأحزاب اللقاء المشترك أن حذرت منها، ونبهت على مغبات استمرارها واستمرائها".

    وأكد البيان رفض وإدانة "استخدام القوة والعنف خارج إطار الدستور والقانون، وكذا إدانة كل أشكال التطرف السلالي والمذهبي والمناطقي والأسري"، داعيا إلى ضرورة التمسك والالتزام بالدستور والقانون، والكف عن الممارسات والادعاءات الخارجة عنهما –في إشارة للدولة!

    وجدد البيان دعوته لمجلس النواب للقيام بدوره الدستوري، نظراً للتعتيم الذي تنتهجه الحكومة في معالجة القضايا الأمنية، مهما عظم حجمها؛ وطالب المجلس بالمسارعة إلى تشكيل لجنة قادرة على مباشرة التحقيق النزيه فيما يجري وبحياد تام واستقلالية أكيدة، وإطلاع الشعب على الحقائق أولاً بأول، وتفادي آثارها وتداعياتها المدمرة.

    وقد رحبت الحكومة في حينه بما جاء في البيان الذي بدا محايدا!

    موقف الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر:

    وصف الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر -رئيس مجلس النواب اليمني وشيخ مشائخ حاشد- أتباع بدر الدين الحوثي المطارد من الأمن في محافظة صعدة بأنهم: "شرذمة متمردة مغالية في نهجها المذهبي والفكري". واعتبر الشيخ الأحمر في -حوار أجرته معه صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية- التمرد الذي تزعمه حسين الحوثي "تعصبا عنصريا يتنافى مع العقيدة الإسلامية"، نافيا أن يكون لأتباع الحوثي "أية صلة بالمذهب الزيدي، الذي تعايش مذهبيا مع المذاهب الأخرى لنحو 1200 عام"، واصفا إياهم بـ"غلاة الشيعة".

    تناولات الأحداث في الوسائل الإعلامية:

    لم تتمكن وسائل الإعلام والفضائيات المختلفة من الدخول إلى مواقع الأحداث كما كان حاصلاً في تمرد حسين الحوثي -العام الماضي- نظرا لمنع الدولة إياها من دخول المنطقة! واكتفت وسائل الإعلام بإيراد الخبر دون صور للمواجهات، في حين قامت بعض الفضائيات المحسوبة على التيار الشيعي الإثنى عشري بالتفاعل مع الحدث، حيث خصصت قناة "العالم" الشيعية في برنامجها "بعد الحدث" حلقة خاصة لمناقشة أحداث التمرد الذي يقوم به بدرالدين الحوثي في صعدة تعمدت فيه عدم إشراك شخصيات يمنية من الداخل، كما تناولت القنوات الفضائية الشيعية "سحر -المنار -الفرات -الأنوار" أحداث صعدة، وقامت بتغطيتها إخبارياً.

    صحف الشيعة في الداخل:

    حاول المحرر السياسي لصحيفة "الأمة" -لسان حزب "الحق"- في افتتاحية العدد (329) الربط بين ما تقوم به الدولة والحملة الدولية ضد الإرهاب، وكأن المذهب "الزيدي" هو المستهدف فيها أو أن الحوثي الرجل الثالث في القاعدة بعد "أيمن الظواهري"!!

    يقول الكاتب إن "السلطة ارتضت لنفسها دور الشريك مع من هب ودب فيما سمي بالحرب على الإرهاب"!! ثم يربط الكاتب بين أمريكا والسعودية (بالتلميح)، والمواجهات القائمة فيقول: هناك "توافق أمريكي إقليمي مع السلطة في شن مثل هذه الحروب، التي يكون الخاسر فيها هو الوطن والنظام، والمنتصر فيها هو المخطط المحاك لليمن في خارطة الشرق أوسطية"، ويتساءل: "إن كان من قبيل الصدفة أن تتزامن هذه الحرب المشئومة على صعدة مع مناورات عسكرية مع دولة شقيقة تجري بالقرب من مناطق الأحداث"!!

    وبعد أن يتهم الحكومة اليمنية بالوقوف مع أمريكا في حربها ضد الإرهاب يعاود الكاتب اتهامها بالتحالف مع "أيديولوجيا المصادرة والتكفير الذي يمثل جزءاً من الدوافع لما يجري في صعدة وخارجها"!!

    وحاولت الصحيفة التأكيد على توصيف ما يجري بأنها حرب ضد المذهب الزيدي، فقالت في افتتاحية العدد (328): "إن حروب الإبادة بدوافع طائفية مريضة أو لثارات مذهبية خاطئة لهي المعركة الخطأ في الزمان والمكان الخطأ، حتى لو كانت لحسابات دولية وإقليمية وداخلية؛ فالسلطة تتحمل تبعاتها، ويدفع ثمنها الوطن"!

    صحيفة "البلاغ" من جانبها والمحسوبة على التيار الشيعي حاولت الدفاع عن الحوثي والرد على كافة ما يطرح حوله من تهم! وتبنت في أعدادها سرد الأحداث بشيء من التعاطف مع الحوثي وأتباعه، بالإضافة إلى الحديث عن استهداف المذهب "الزيدي" و"الهاشميين"! مع حملة مصاحبة ضد أصحاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم!! ومعاوية بن أبي سفيان بشكل أخص!

    صحيفة "الشورى" الصادرة عن حزب "اتحاد القوى الشعبية"، اعتبرت مواجهات الدولة للحوثي وتنظيم "الشباب المؤمن" "اضطهاد فكر"، فقد كتب المحرر السياسي في افتتاحية العدد (499): "ضرب صعدة لن يشبع جوع المتظاهرين، والقمع لا يؤكد المواطنة المتساوية، واضطهاد فكر لن يؤهل اليمن لدخول مجلس التعاون، والاعتقالات لا تلغي استحقاق الإصلاح الشامل"!

    وفي مقال آخر بعنوان "صعدة دارفور اليمن" تناولت الكاتبة رضية المتوكل أحداث مران صيف العام الماضي واصفة تلك الأحداث بأنها "مجازر وجرائم"، مشيرة إلى أن الانتهاكات التي سبقت وأعقبت الحرب كانت "لشباب وعلماء لم يرفعوا سلاحاً ولم يشهروا سيفاً، وإنما قالوا ربنا الله"!

    وتصف الكاتبة ما جرى في صعدة على أنها حرب إبادة فتقول: "الأهم من ذلك كله لماذا لم يطالب أحد بالنزول إلى صعدة لمشاهدة وتقييم مستوى الفاجعة والدمار؟! لماذا لم يجر أي تحقيق لمعرفة من يذبح الناس كالنعاج؟! ومن المسئول عن يتم الأطفال؟ وعويل الثكالى؟ ونهب الممتلكات؟ وتدمير البيوت والمدارس؟ واقتلاع المزارع من جذورها؟ وغيرها من المصائب الكبار؟!! لماذا لم نحاول أن نقترب من أنين أهالي صعدة لنعرف إن كان ممزوجاً بالدعاء على الحوثي أو على السلطة؟". وتختم الكاتبة مقالها بالقول: "قد نجد أننا فقدنا كامل استقلالنا حين تتحول صعدة إلى دارفور، وحين يجر ضباطنا ومسئولنا بأنوفهم إلى محكمة الجنايات... وقد أعذر من أنذر"!!

    وقد تضمنت مقالات الصحيفة اتهاما للسلطة ودفاعا عن -بل وثناء على- حسين الحوثي ووالده بدرالدين! محاولة خلط المواقف والأوراق بين ما هو سياسي وما هو مذهبي وما هو قبلي!

    تمويل التمرد:

    في سبتمبر 2004م، صرح متحدث باسم وزارة الداخلية لصحيفة (26 سبتمبر) بأن تمرد حسين بدرالدين الحوثي كان يحظى بدعم "جهات خارجية" وأن "التحقيقات التي أجرتها الأجهزة الأمنية والوثائق والمستندات التي عثر عليها في قضية حسين الحوثي كشفت عن الدعم الذي تلقاه من جهات إقليمية، سواء عبر أجهزة استخبارية في بعض الدول العربية، أو عبر الجماعات المذهبية والعقائدية أو الجمعيات الخيرية في المنطقة".

    وأفاد مصدر مقرب من الحكومة اليمنية لصحيفة (الوطن القطرية 17/9/2004م) بأن سعوديين شيعة هم من بين هذه الأطراف، وقال هذا المصدر لوكالة فرانس برس: "جرى تبادل رسائل بين الحكومتين اليمنية والسعودية بشأن وجود دعم من قبل بعض التجار ورجال الأعمال الشيعة السعوديين للحوثي أثناء التمرد وقبل التمرد".

    وكان رئيس الجمهورية اليمنية علي عبدالله صالح قد اتهم "جهات خارجية" في حديث لصحيفة "المستقبل" اللبنانية في 9/7/2004م وأضاف: "لكن لا نستطيع أن نشير بأصابع الاتهام لأي دولة أو حزب"؛ وتساءل في حديثه: "من أين لهذا المدعو كل هذه الأموال؟ هو يدفع لكل شاب يدفع به لترديد شعاراته مئة دولار أميركي أي ما يساوي ثمانية عشر ألف ريال يمني وهو مبلغ كبير، فمن أين له هذا المال؟ ومن هي الجهة التي تموله بذلك؟ وما هي مصلحته من وراء ذلك؟". وقال الرئيس في حينه بأن هناك تحريات وبحث عن مصادر التمويل، نافيا أن تكون مصادر التمويل محلية؛ وبأن البحث يتم بتعاون بعض الجهات الإقليمية من الدول الشقيقة والصديقة.

    وبرغم عدم صدور أي نتائج حتى هذه اللحظة إلا أن الرئيس ألمح في خطابه السابق إلى جهات بعينها حيث قال: "فيما يخص صِلاته، أي الحوثي، فهو يعترف بأنه ذهب مع والده إلى إيران ومكثا لفترة امتدت لعدة أشهر في "قم"، كما قام بزيارة إلى "حزب الله" في لبنان، لكن لا نستطيع أن نؤكد أن لديه دعماً من هذه الجهة أو تلك".

    وتذهب الحكومة إلى أن عملية التمرد، السابقة بزعامة حسين الحوثي والحالية بزعامة والده، مدعومة من جهات خارجية، وتفيد بعض المصادر بأن الدعم يصل لجماعة الحوثي عبر تجار ورجال أعمال شيعة في كل من الكويت والبحرين والسعودية، وأن الحكومة اليمنية تسعي عبر وسائلها الدبلوماسية إلى تطويق ذلك.

    وقد جاء رد الدكتور أبو بكر القربي وزير الخارجية اليمني -في حديثه لصحيفة الرياض السعودية، الثلاثاء 5/4/2005م- عن سؤال فيما لو حصلت الحكومة اليمنية على "أدلة قاطعة لوجود تدخل أجنبي ساعد في تأجيج القتال؟" بأن "هناك مصادر تمويل مالية من جهات خارجية لهذه العناصر، والآن يتم التحقيق حولها والتحري، وهذه الأمور سيتم الإعلان عنها في نهاية التحقيقات"*.

    وماذا عن الولايات المتحدة الأمريكية:

    "الموت لإسرائيل.. الموت لأمريكا"، بهذا الشعار البراق انطلقت حركة الحوثي في تشكيل تنظيم "الشباب المؤمن" الذي وجه أسلحته إلى قوات الجيش والأمن اليمني رافضا نزع سلاحه الذي سيواجه به أمريكا!

    إذن أمريكا ليست بعيدة عن الحدث، وكان من المفترض أن تقف وراء الحكومة اليمنية في حربها ضد الحوثي، هذا إذا كانت صادقة في حربها ضد الإرهاب أيا كان دينه ومذهبه وشكله! خاصة وأنها مستهدفة بشعار تنظيم "الشباب المؤمن"!

    إلا أن نائب السفير الأمريكي بصنعاء نبيل الخوري قال في تصريح لصحيفة (الأيام 4450): "من المؤسف أن تضطر الدولة اليمنية إلى مواجهة تمرد جديد في منطقة صعدة في ظروف هي بأمس الحاجة فيه للتركيز على الإصلاح الاقتصادي والحوار الوطني، والبدء بالإعداد لانتخابات عام 2006م". وفي حين "ندد!" بالتمرد دعا "إلى الهدوء والحوار والابتعاد عن التحديات واللجوء إلى العنف". وهذه التصريحات تأتي على غير المعتاد من اللهجة الأمريكية في تأكيد الشراكة الأمريكية اليمنية في مكافحة الإرهاب!

    ومن الغريب جدا أن الولايات المتحدة الأمريكية ومن خلال سفارتها في اليمن عملت على شراء الأسلحة من القبائل وأسواق السلاح المنتشرة (وفي صعدة بالذات) تحت ذريعة إنهاء معالم التسلح في البلاد، دون أن توضح مصير تلك الأسلحة، والتي يذهب البعض إلى أنها قدمت عبر وسطاء للحوثي وأتباعه، بدليل وجود أسلحة متطورة وكميات من الذخيرة بل اكتشاف مخازن لها في صعدة حيث ينتشر أتباع الحوثي! وهو ما نفته سفارة الولايات المتحدة الأمريكية بصنعاء في يونيو 2004م، عقب الأنباء التي تناقلتها بعض وسائل الإعلام المحلية! عن كون زيارة السفير الأمريكي إلى محافظة الجوف كانت بغرض شراء الأسلحة أو كونها ذات علاقة بالحملة العسكرية ضد تمرد حسين الحوثي.

    إن أمريكا لم تكن في يوم من الأيام عدوا للحوثي، كما لم يكن الحوثي وأتباعه أعداء لها، وهذا ما أكده يحيى بدر الدين الحوثي -وهو نائب في البرلمان اليمني- في حوار مع قناة العربية، من محل إقامته بالسويد، في 26/4/2005م، حيث قال: إن مأزق السلطة اليمنية المتمثل بضرورة تسليم إرهابيين يمنيين إلى الولايات المتحدة دفعها إلى اختلاق عدو وهمي لأمريكا لذر الرماد في العيون. وبخصوص الأحداث التي شهدتها مناطق جبال مران وهمدان وصعدة منذ يونيو2004، قال يحيى الحوثي إن الحكومة اليمنية شجعت بادئ الأمر شقيقه حسين على توجيه انتقادات ضد واشنطن، وعملت على إيجاد مناخ محرض في هذا الاتجاه، للفت نظر الولايات المتحدة إلى "عدو مفترض" في اليمن. وشدد على أن الزيديين في اليمن "لا يعادون أحدا" وأنهم "عاشوا طوال تاريخهم في اليمن وبين ظهرانيهم مسيحيون ويهود من دون أن يلحقوا أذى بهم"*.

    إن من "عادة الأمريكان أن لا يترددوا في الإعلان عن العمليات التي يقفون وراءها في اليمن أو في أي مكان من العالم"* كما هو الحال مع اغتيال أبي علي الحارثي وستة آخرين معه في نوفبر 2002م. بل على النقيض من ذلك، في حين اعتبرت الدولة أن ما يجري في صعدة يأتي في إطار (الحرب على الإرهاب) لم تشر الولايات المتحدة بأي تصريح في هذا الشأن!! بل نفي السفير الأمريكي شخصياً أن يكون للسفارة أي دور في استهداف صعدة! ونفيه هذا ينطوي في داخله على إدانة لما يجري من قبل الدولة، بمعنى أن هذه المواجهات تأتي خارج ما تراه الولايات المتحدة استحقاقات للحرب على الإرهاب، وبالتالي فإن الدولة مدانة فيه!

    إن اتهامات بدرالدين الحوثي -وابنه من قبل- بأن الولايات المتحدة الأمريكية، ممثلة بسفارتها في اليمن- بأنها وراء الحملة التي يقودها الجيش اليمني ضده، لا تمت إلى الحقيقة والواقع بصلة!

    فتحركات السفير الأمريكي السابق "آدموند هول" في صعدة والتقائه بالقبائل واهتمامه بالمنطقة، جميعها لا تخلوا من دلائل ومعنى! وهو الذي التقى بزعامات المعارضة في حضرموت ليعلن بأن "حضرموت تحظى بمقومات دولة"!!

    إن هذا الرأي هو الذي يظهر في لحن القول لدى بعض الكتاب أمثال الكاتب عبد الفتاح الحكيمي، والذي كتب في صحيفة "الشورى" بتاريخ 7/7/2004م، مقالا بعنوان: "من جورجيا إلى صعدة السلطة والبحث عن شرعية للقتل"، تهجم فيه على الرئيس اليمني الذي اعتبره "مكلفا بإدارة أي عمليات عسكرية تطلبها أمريكا"! لكنه في مفارقة عجيبة برأ الكاتب الولايات المتحدة الأمريكية مما يجري في صعدة، محاولا التأكيد على أن ما تقوم به الحكومة اليمنية من عمليات عسكرية يأتي خارج استحقاقات الحرب ضد الإرهاب، مستشهدا بأن نفي السفير الأمريكي السابق (بصنعاء) "آدموند هول" لعلاقة واشنطن بأحداث صعدة الأخيرة "ينطوي على إدانة دولية لجريمة السلطة، وشهادة كبرى على أن السلطة في اليمن تستغل شعار الحرب على الإرهاب لتصفية المعارضين السياسيين والتيارات الاجتماعية المؤثرة".

    وهذه النتيجة من مقال -في صحيفة شيعية- تأتي على خلاف ما أراد أتباع الحوثي والمتعاطفين معه إعلاميا غرسه في الأذهان!

    إن الولايات المتحدة، بوجه أو بآخر، لها صلة بما يحدث في اليمن، فواشنطن كانت المنطلق الأول للانفصاليين في 1994م، وقد طالبت اليمن بقواعد حربية لها على أراضيها لكنها رفضت، وهي قلقة من المد الإسلامي السني في اليمن.. وقد تسربت تصريحات عقب انتهاء العمليات في أفغانستان بأن اليمن هي الهدف الثاني للولايات المتحدة في حربها على الإرهاب!، ولا تزال تستهدف بعض الشخصيات المدرجة على لائحة المطلوبين لديها، وتتذمر من حضور حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" في اليمن ومن الدعم الاجتماعي المقدم لهما، وترغب في فصل الجنوب عن اليمن بالتنسيق مع المستعمر السابق للجنوب "المملكة المتحدة"!

    ففي وقت متزامن مع تمرد حسين الحوثي أعلن في 7/7/2004م في لندن عن حزب يمني معارض يطلق على نفسه "التجمع الديموقراطي الجنوبي"، يدعو إلى استقلال الجنوب، واعتبار حرب صيف عام 1994م "جريمة بحق أبناء الجنوب".

    ودعا بيان الحزب -كما نقلت قناة "الحرة"- الجنوبيين في الداخل والخارج الذين يؤمنون بأفكاره وبرامجه إلى الانخراط فيه؛ مشيرا إلى أن الجنوب والجنوبيين يعانون مما وصفه بالاحتلال على مدى أربعة عشر عاما، تحولوا فيها إلى أقلية مسحوقة! كما دعا البيان من سماهم "الإخوة و الأصدقاء في العالم"، وفي مقدمتهم مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، إلى دعم نضال شعب الجنوب لنيل الاستقلال!

    واستضافت بريطانيا مؤخرا أحمد الحسني –السفير اليمني بدمشق، والقائد السابق للقوات البحرية اليمنية- الذي اتهم اليمن بالتستر على قيادات من تنظيم القاعدة وإخفاء حقائق كشفتها التحقيقات المتعلقة بتدمير المدمرة "كول" قبالة السواحل اليمنية عام 2000م، والتي كانت الولايات المتحدة تطالب بأن تتم على أراضيها وأن يسلم المتهمون أو المشتبه بهم إليها!!

    تدويل القضية والتدخل الخارجي:

    يبدو أن فشل تمرد الحوثي داخليا دفع بالتيار الشيعي داخل اليمن وخارجه إلى محاولة إثارة الرأي العام الدولي، يساندهم في ذلك الحزب الاشتراكي اليمني والمعارضة المنبثقة عنه في الخارج!

    وتأتي هذه المحاولة من خلال وصف ما يجري بأنه "جرائم حرب" و"إبادة جماعية" و"قتل للأبرياء والعزل"، إضافة إلى "استخدام أسلحة محرمة دوليا" واستهداف "طائفة دينية" ذات حراك سلمي، وآخرا وليس أخيرا "التستر على إرهابيين ولفت نظر واشنطن عن العدو الحقيقي"! ويالها من تهمة صالحة للتدويل!

    فقد اتهم يحيى بدر الدين الحوثي -وهو نائب في البرلمان اليمني- في حوار مع قناة العربية، من محل إقامته بالسويد، في 26/4/2005م، الحكومة اليمنية بتنفيذ حملة تستهدف "الزيديين على وجه الخصوص"، بل وطالب الرئيس اليمني أن يضع حدا لما وصفه بـ"تقتيل واعتقال الزيديين". وهو ما كرره في حوار له مع الشرق الأوسط! وذهب في حديثة للصحيفة بأن الهدف من العمليات الأخيرة "كان قتل والده أو اختطافه للقضاء على معنويات الزيديين"! وأضاف قائلا: "إن منع الحكومة علماءنا من تدريس المذهب الزيدي في المدارس أدى إلى تفاقم المشكلة"!! وأكد أن "مأزق السلطة اليمنية المتمثل بضرورة تسليم إرهابيين يمنيين إلى الولايات المتحدة دفعها إلى اختلاق عدو وهمي لأمريكا لذر الرماد في العيون"!!

    وبخصوص الأحداث التي شهدتها مناطق جبال مران وهمدان وصعدة منذ يونيو2004، قال يحيى الحوثي إن الحكومة اليمنية شجعت بادئ الأمر شقيقه حسين على توجيه انتقادات ضد واشنطن، وعملت على إيجاد مناخ محرض في هذا الاتجاه، للفت نظر الولايات المتحدة إلى "عدو مفترض" في اليمن.

    الدكتور مرتضي زيد المحطوري –مؤسس ومدير مركز بدر العلمي والثقافي، والمدرس بجامعة صنعاء- والمتعاطف مع الحوثي نفى في حوار مع صحيفة "الراية" القطرية أن تكون له صلة بالحوثي! لكنه تساءل: "نريد أن نعرف من يطرح مثل هذه القضايا ويستهدف الهاشميين تحديدا؟"!

    واعتبر -في إشارة منه- أن إغلاق الحكومة "للمعاهد والمدارس التي تقوم بتدريس مناهج مذهبية هو توجه وقرار غلط وخاطيء" مضيفا بأن اليمن "متخمة بالمدارس والمعاهد التي تدرس كل المذاهب التي لم تكن تعرفها اليمن من قبل" ومتسائلا: "فلماذا الحديث والتركيز على مدارس ومعاهد المذهب الزيدي الذي لا يصل عددها إلى واحد في الألف أو في المليون من عدد المدارس والمعاهد التي تدرس وفقا لمنهج مذهبي لمذاهب لم تكن موجودة أو معروفة في اليمن؟!"

    وفي إحدى مقالاتها هاجمت صحيفة "الشورى" (في 23/6/2004م) العميد علي محسن الأحمر قائد الفرقة الأولى مدرع، والذي تولى باعتبار منصبه إدارة المعركة مع الحوثي وأتباعه، فقد وصفه رئيس التحرير عبدالكريم الخيواني بعنوان (علي الكيماوي.. علي كاتيوشا): بأنه يكمل تصفية حساباته الشخصية مع حسين بدرالدين الحوثي منذ اندلاع الحرب الأهلية عام 1994م.

    ووصف عبد الفتاح الحكيمي في صحيفة "الشورى" (في 7/7/2004م) النظام الحاكم بأنه "أول من يخالف مبدأ العدالة والمساواة الاجتماعية بين المواطنين، ويمارس التمييز العائلي خارج الدستور والقانون والأعراف"، متهما الدولة بأنها –ربما- تستخدم "أسلحة محرمة في الجبال" ضد من وصفهم بـ"الشباب المؤمن ودعاة العدل والحق"!!

    وأبرز الكاتب في مقال آخر بعنوان (يوميات القتل والعقاب الجماعي في صعدة) نشرته صحيفة (الشورى 507)، ما اعتبرها حوادث وقعت في صعدة، منها إقدام أحد الجنود "برمي امرأة وطفليها من الطابق الثاني، فتفقد وعيها وينكسر عنقها وينزف الصغار حتى الموت، ثم يتبعهم الجندي فيطلق النار على الطفلين وأمهما"، و "التمثيل بالجثث وربطها إلى مؤخرة السيارات بعد إحراقها وسحبها يومي الجمعة والسبت 8-9/4/2005م". ويؤكد الكاتب إقدام قوات الجيش على "قتل 150 شخصاً بعد وضعهم في حفرة جماعية، وإطلاق النار عليهم وأيديهم مقيدة بحبال"، و"محاولة الاعتداء والاغتصاب الجنسي لعشر نساء وقتلهم بسبب مقاومتهن عن الشرف".

    ثم يخلص الكاتب إلى أن هذه الحرب "تصفية عرقية وإبادة جماعية ضد أبناء قبيلة همدان زيد والشيعة الزيدية، وليست حرباً نظامية لإخماد ما تزعم السلطة أنه تمرد".

    هذا الطرح الداخلي جاء متناغما مع طرح خارجي حيث أصدرت الحوزة العلمية في النجف بيانا انتقدت فيه الحكومة اليمنية على أسلوب تعاملها مع تمرد الحوثي. وجاء فيه أن الشيعة في اليمن سواء الزيدية منهم أو الإمامية الأثنا عشرية "يتعرضون لحملة مسعورة من الاعتقالات والقتل المنظم منذ نشوب الأزمة بين الحكومة وبين حسين الحوثي وأتباعه". وأن المناطق التي يدور فيها القتال يتم فيها "تصفية الشيعة بشكل جماعي لا سابق له في تاريخ اليمن، إلا ما حصل بعد انقلاب السلال على حكم الإمامة"!!

    وتابعت الحوزة العلمية في النجف في بيانها بالقول إنه "مما يزيد الأمر سوءا تبني الحكومة اليمنية بشخص رئيسها خطابا طائفيا معاديا بشكل صريح لعقائد الزيدية والإمامية وصل إلى حد تسفيه مبدأ الإمامة الذي تقول به هذه الفرق الإسلامية".

    وطالب البيان جميع المحافل الدولية ومؤسسات حقوق الإنسان ومنظمة الأمم المتحدة ومنظمة العالم الإسلامي والجامعة العربية التدخل لدى الحكومة اليمنية لوقف ما وصفه بـ"الاضطهاد الديني والقتل الجماعي"!

    كما طالبت الحوزة العلمية في النجف الحكومة اليمنية برفع اليد عن المعتقلين في السجون الذين لم يحملوا سلاحا ولم يكن لهم ذنب إلا أنهم من الناشطين في نشر الثقافة والفكر الشيعي زيديا كان أو إماميا.

    وقد ذكرت مصادر عراقية مطلعة في واشنطن لـ"الشرق الأوسط" أن البيانات الموقعة باسم الحوزة العلمية في النجف غالبا ما تعبر عن رأي الدائرة المقربة جدا من المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني*.

    كما استنكرت الحوزة العلمية في مدينة قم بجمهورية إيران، في بيان نشر على الإنترنت، باسم زعيمها المرجع الديني محمد صادق الروحاني ما يتعرض له الشيعة في اليمن، وقال البيان: "تطالعنا وكالات الأنباء العالمية منذ أشهر بأخبار متباينة حول ما يجري في بلاد اليمن وكلها تجمع على أمر واحد هو سقوط مئات الضحايا وتدمير البيوت والقرى في معارك تستعمل فيها شتى أنواع الأسلحة للجيش اليمني ضد مواطنيه المسلمين الذين لا يملكون سوى اليسير من الأسلحة الشخصية، كما هو في جميع القبائل العربية في اليمن الذي يفترض به أن يكون مدافعاً عنهم وحامياً لهم". وأعلنت الحوزة -بحسب ما ذكرته صحيفة "الأيام 4470" في بيانها دعمها وتأييدها لـ "البيان الصادر عن الحوزة العلمية في النجف الأشرف حول أحداث اليمن".. وتحذيرها "من العواقب الوخيمة التي ستترتب على هذا النحو من السلوك تجاه المسلمين سواء في اليمن أو في العراق".

    إضافة إلى ما سبق، نشرت بعض وسائل الإعلام "نداء إلى محافل حقوق الإنسان في العالم" لمن وصفوا أنفسهم بـ"الإثنى عشريين اليمنيين" يتحدث عن "المجزرة الكبيرة التي ارتكبت من قبل الحكومة اليمنية ضد هذه الجماعة المظلومة"، وعن التهميش الإعلامي العربي حول القضية باعتبارها شيعية، وعن "معلومات أكيدة بأن الدولة استعانت بخبراء أمريكيين"! و"ضربت الحوثي وجماعته بمواد كيميائية محرمة دوليا"!

    وهناك حديث عن عمليات قتل جماعي، ومجازر فضيعة، واستهداف طائفة "الهاشميين" ومذهب "الإمام زيد" والتيار "الشيعي"! وتحالف الدولة مع "الوهابيين" وهو مصطلح قديم في استخدامه جديد في دلالاته!!

    ففي رسالة وجهها أبناء منطقة "ضحيان" (وهي من المناطق المؤيدة للحوثي) إلى قادة الأحزاب السياسية والمنظمات الجماهيرية والهيئات المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، بتاريخ 20/6/2004م، اعتبروا أن انتهاك حقوقهم الإنسانية فيما اعتبروه "حملة إرهابية" عليهم جاء نتيجة عجزهم عن "إيصال مظلمتهم إلى أسماع المهتمين بحقوق الإنسان في اليمن وفي العالم"؛ مضيفين بأنهم يعاملون "معاملة أقسى مما يتعرض له الفلسطينيون من المحتلين"!!، وأن هناك تمييز واضح "بينهم وبين أبناء المناطق اليمنية الأخرى"!! واصفين ما يجري بأنها "جرائم" ترتكب في حقهم!

    هذه المعاني ذاتها التي تتحدث عن اضطهاد أقلية (طائفية.. وإن لم تسمها الرسائل) وانتهاكات لحقوق الإنسان وجرائم حرب ضد مواطنين أبرياء عزل تكررت في رسالة أخرى وجهت إلى " أمة العليم السوسوة -وزيرة حقوق الإنسان باليمن"، في صياغة أشبه ما تكون استعطافا واستمالة للرأي العام الدولي، واستغلالا لظروف الضغوط الأجنبية على الأنظمة العربية فيما يعرف بـ"الإصلاحات السياسية".

    صحيفة (الشموع 279) من جانبها كشفت عن مصادر صحفية تحركات دبلوماسية حثيثة تقوم بها شخصيات إيرانية ولبنانية وعراقية في عدد من العواصم الأوروبية متبنية إثارة قضية تمرد صعدة، وأكدت بأن هذه التحركات: "تؤكد حجم التآمر الذي يحاك ضد اليمن عبر استخدام تمرد الحوثي كورقة هامة في هذا التوقيت، والذي ظلت أجهزة الإعلام الإيرانية تعمل جاهدة على توصيفها بصورة طائفية مذهبية، كامتداد للصراع السني الشيعي، حيث أن هناك احتمالات عن تورط السفارة العراقية والإيرانية في صنعاء بإعداد تقارير في غاية الخطورة تصف فيها سيطرة أطراف سنية على القوات المسلحة، والتي بدورها تقف حائلاً أمام المد الشيعي الإثنى عشري تحت عباءة الزيدية".

    المواجهات الجديدة.. ونهاية المطاف:

    يرجع تجدد الاشتباكات -بحسب تصريح مصدر أمني مسئول بمحافظة صعدة لصحيفة الثورة 14748- إلى قيام عناصر من مجموعة بدرالدين الحوثي يوم الإثنين 28/3/2005م باعتداء على أفراد الأمن والقوات المسلحة، ومحاولة قطع بعض الطرق، مما تسبب في مقتل سبعة جنود وجرح عشرين آخرين. أعقب ذلك مقتل أربعة مسلحين -ينتمون إلى تنظيم "الشباب المؤمن"- في اشتباك مع قوات الأمن بصعدة، أثناء مطاردتهم بعد خروجهم من سوق الطلح الشهير –وهو سوق للأسلحة يبعد عن صعدة بعشرة كيلومترات.

    إضافة إلى ذلك، مثلت مغادرة بدر الدين الحوثي -(82 عاما)، الذي قتل 4 من أبنائه الـ 13، واعتقل ثلاثة آخرون، فيما الآخرون فارين من الحكومة! نتيجة المواجهات الدائرة- صنعاء بعد أن منحته الدولة الأمان بصورة مفاجئة، وعودته إلى وادي نشور وتجميع أتباعه وتحريضهم للاعتداء على رجال الأمن في الأقسام والنقاط الأمنية! مؤشرا على تجدد المواجهات.

    وعلى الرغم من الجهود التي بذلتها الدولة لتطويق الفتنة من خلال لجان الوساطات التي وجه الرئيس علي عبدالله صالح بتشكيلها من العلماء والمشائخ والشخصيات الاجتماعية لإقناع بدرالدين الحوثي ومن معه لإنهاء المواجهات وتسليم أنفسهم، إلا أنه لم يستجب لمطالب الدولة وظل هو ومن معه يواجهون الدولة من خلال حرب العصابات وأسلوب الكر والفر! والعمليات الهجومية المباغتة على النقاط العسكرية ومراكز الشرطة! ومحاولة جر قوات الأمن إلى حرب عصابات وشوارع في منطقة صعدة ومدن أخرى!

    وفي حين واصلت الدولة جهود الوساطة لكنها جميعا لم تثمر في إقناع بدرالدين الحوثي وأتباعه بالرجوع عن تمردهم المسلح. واستمرت المواجهات بين الطرفين باستخدام الأسلحة الخفيفة والثقيلة والطيران لما يقارب أسبوعين كاملين. وكان لافتاً عنف القصف الذي طال مواقع أتباع بدرالدين الحوثي نظرا لشراسة المقاومة التي أبدوها من جهتهم!

    وقد سقط خلال هذه المواجهات التي شملت عددا من المحافظات والمدن بما في ذلك صنعاء -العاصمة، ضباط كبار في الجيش والأمن ومشائخ ووجهاء قبليون، وعددا من الجنود والمواطنين الأبرياء وأتباع الحوثي وقد قدر إجمالي الضحايا بـ250 شخصا! إضافة إلى عشرات الجرحى والمصابين. وشهدت صنعاء سلسلة هجمات ألقيت فيها قنابل يدوية على تجمعات عسكرية وأسواق عامة ومنازل بعض المسئولين! واتسعت رقعة المواجهات إلى محافظة الجوف، حيث اتخذت أجهزة الأمن إجراءات أمنية مشددة وغير مسبوقة، وبحسب مصادر أمنية فقد أعلنت حالة التأهب القصوى بالمحافظة تزامناً مع ما يجري من أحداث في محافظة صعدة المجاورة من ناحية الغرب، وتم استحداث عدد من النقاط العسكرية والأمنية في داخل المدن ومراكز المديريات، كما ضرب سياج أمني غربي الجوف في محاذاة محافظة صعدة.

    وقد تمكنت قوات الأمن و الجيش من إفشال محاولة للهروب قام بها بدرالدين الحوثي وقيادات من تنظيم "الشباب المؤمن" وعدد من أتباعه، إلى إحدى دول الجوار.* مما اضطر بدرالدين الحوثي ومن معه للاختفاء في مناطق القبائل الموالية لهم! حيث لا تزال الدولة تفرض عليها طوقا أمنيا وتعمل على تمشيط المنطقة بحثا عنه!!

    ويبدو أن الأزمة لا تزال قائمة، وسوف تظل أثارها قائمة حتى بعد انتهاء مظاهر المواجهة المسلحة!

    لكنها في الحقيقة أبرزت مدى الخطر الذي يمكن أن تواجهه اليمن ومدى التآمر الذي ينتظر هذا البلد ويعمل على تفكيكه وزعزعته!

    ويبقى أن على المخلصين من أبناء اليمن السعي لإصلاح ذات البين, وتوجيه الدولة للالتفات إلى أوضاع الناس, ونبذ استغلال الخلافات المذهبية والعقائد في الحسابات الحزبية والمكايدات السياسية نظرا لما ستحمله من ضغائن وأحقاد, ونشر مذهب أهل السنة والجماعة القائم على أساس اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام بعيدا عن الغلو والبدع، والتنبه للأيادي الخفية الرامية إلى اللعب بالخلافات القائمة والأوضاع الراهنة!

    وإلا فإن المسائل مرشحة للعودة مستقبلا إلى حال أسوأ مما سبق!




    * نقلا عن موقع صحيفة 26 سبتمبر: www.26sep.net.

    * أحزاب اللقاء المشترك هي: التجمع اليمني للإصلاح، الحزب الاشتراكي اليمني، التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، حزب البعث العربي الاشتراكي القومي، حزب الحق، اتحاد القوى الشعبية -الشيعيان.

    * انظر: www.alriyadh.com

    * انظر: www.alarabiya.net

    * انظر مقال: من جورجيا إلى صعدة السلطة والبحث عن شرعية للقتل، لعبد الفتاح الحكيمي؛ صحيفة الشورى غي 7/7/2004م.

    * www.asharqalawsat.com

    * أخبار اليوم 427

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 29 مارس 2024 - 10:05