hmsain.ahlamontada.com

نشكرك على التسجيل فى هدا المنتدى زرنا باستمرار و شاركنا رايك فاليد الواحدة لا تصفق ورايك يهمنا كما ان حضورك الدائم يحفزنا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

hmsain.ahlamontada.com

نشكرك على التسجيل فى هدا المنتدى زرنا باستمرار و شاركنا رايك فاليد الواحدة لا تصفق ورايك يهمنا كما ان حضورك الدائم يحفزنا

hmsain.ahlamontada.com

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
hmsain.ahlamontada.com

منتدى يهتم بنشاطات حركة مجتمع السلم بلدية عين بوزيان


    أساليب العلاج النفسى الدينى

    alhdhd45
    alhdhd45


    عدد المساهمات : 1337
    تاريخ التسجيل : 03/03/2011
    الموقع : hmsain.ahlamontada.com

    أساليب العلاج النفسى الدينى Empty أساليب العلاج النفسى الدينى

    مُساهمة  alhdhd45 الجمعة 3 يونيو 2011 - 19:37

    العلاج النفسي الذاتي بالقرآن

    منذ أكثر من عشرة سنوات.. وبعد صدور كتابى "وداعاً للقلق.. بالعلاج النفسى الذاتى".. متضمنا أحدث أساليب العلاج النفسى الذاتى التى ابتكرها وطورتها مجموعة من كبار علماء النفس والعلاج النفسى حتى أصبحت مدارس وأساليب واسعة الانتشار فى أمريكا والعديد من الدول الغربية.. منذ ذلك الحين وأنا أشعر بالمسئولية تجاه أبناء الوطن.. وأشعر بمدى حاجتهم فى هذا العصر الملىء بالصراعات والاضطرابات إلى طرق وأساليب فى العلاج النفسى الذاتى تمكن الفرد من علاج مشكلاته النفسية التى لاتستدعى الذهاب إلى الطبيب النفسى، وأيضا كأساليب مساندة للعلاج الدوائى (بالعقاقير) الذى يصفه الطبيب .. خاصة اذا كان الطبيب لايعطى مريضه الوقت الكافى للمناقشة والحوار وفهم صراعاته ومشكلاته وآفكاره وأنفعالاته.

    بالفعل كانت مسئولية ضخمة أن ابحث عن أساليب علاجية جديدة ومبتكرة.. نابعة من القرآن الكريم وأخرى من السنة المطهرة ،ووضعها فى إطار عصرى وبمنهج علمى حديث يعالج مشكلات الأنسان فى هذا العصر ,بلغته وأدواته , وبطريقة مبسطة يسهل لأى شخص ان يستخدمها للتخلص من اضطراب أو مشكلة أو مرض نفسى، ولقد أتبعت المنهج العلمى فى التجريب وتشخيص المرض وفق أحدث مناهج التشخيص , ثم إختيار العلاج ومقارنته بأساليب علاجية أخرى , وبعد التطبيق تم قياس النتائج باختبارات علمية مقننة، وفى حالات كثيرة تمت إعادة التجربة على عينات مختلفة من المرضى الذين تم أختيارهم بطريقة عشوائية.

    وبالفعل بدأت فى إجراء سلسلة من الدراسات العملية للاستفادة من القرآن الكريم فى علاج عدة أمراض ومشكلات نفسية مختلفة مثل القلق، والخوف، والوسواس القهرى وخلافه. وكانت النتائج فى 80% من الحالات تفوق نتائج العلاج النفسى بأساليب ومدارس غربية.

    لقد أكدت هذه الدراسات قوة الجانب الدينى فى الشخصية العربية.. وان الكثيرين يلجأون إليه بدون أى توجيه فى لحظات الشدة والألم النفسى.

    وكطبيب نفسى استطيع أن أؤكد بعد ممارستى لأغلب أنواع العلاج النفسى.. ان الشخصية العربية تميل إلى الاسلوب الذى تتبعه مدارس العلاج المعرفى "لآرون بيك" والعلاج العقلانى "لألبرت إليس" .. لانها تلجأ إلى العلاج عن طريق مخاطبة العقل الواعى وتعديل التفكير من خلال المناقشة المنطقية ودحض الأفكار الانهزامية الخاطئة وغير المنطقية وعدم الخوض فى العقد الجنسية واللاشعور وخلافه .. وهذا الأسلوب يتوافق تماماً مع أسلوب القرآن الكريم فى علاج النفس وتصحيح إنحرافها.

    وكثيراً ما شاهدنا بعض المرضى العرب يرفضون إكمال العلاج بالتحليل النفسى أو بالأساليب المماثلة له لانها تضعهم فى صراع مع الذات ومع المجتمع، لانها بشكل مباشر أو غير مباشر تدفع المريض إلى إشباع رغباته وغرائزه بدون أن تحدد له الطريقة المناسبة لمفاهيم وقيم المجتمع، كما أنها تهمل مناقشة الأفكار والمشكلات الحالية للمريض.

    وإذا كان البعض يدعى ان الطب النفسى وعلم النفس لاعلاقة لهما بالدين، فأننى أؤكد خطأ هذا الادعاء وعدم صحته تماماً خاصة فيما يتعلق بجزئية العلاج النفسى حيث تصبح القضية هى تعديل اعتقادات وافكار ومفاهيم مرتبطة أشد الارتباط بالأخلاق والعادات والدين.

    لقد اعتمد العلاج النفسى على مر العصور على الدين واستعان به لمساعدة الانسان على مواجهة لحظات الهزيمة والألم واليأس ، وان إساءة استخدام البعض لهذه الجوانب المشرقة فى حياة البشر لايجعلنا نرفضها أو ندير ظهرنا لها.

    ان تجاهل الحضارة الغربية لأهمية الجوانب الروحية والدينية وضعها الآن فى مأزق وهى تكتشف كل يوم آثار الأيمان والاعتقاد فى النشاط النفسى والذهنى بل وفى تغيير بيولوجيا الجهاز العصبى وكافة أجهزة الجسم، وعلى سبيل المثال فقد تم التأكد بصورة جازمة على ازدياد قدرة جهاز المناعة على قهر الأمراض المختلفة, حتى تلك الأمراض الخبيثة, عندما ينجح الأنسان فى توظيف طاقات الأيمان الهائلة الموجودة داخله.

    ولقد أدرك عالم النفس الأمريكى وليم جيمس William James أهمية الأيمان للأنسان لتحقيق التوازن النفسى ومقاومة القلق , أما عالم النفس الأشهر كارل يونج Carl Jung فقد قال : " لم أجد مريضاٌ واحداٌ من مرضاى الذين الذين كانوا فى المنتصف الثانى من العمر , من لم تكن مشكلته الأساسية هى إفتقاره الى وجهة نظر دينية فى الحية " .

    ولقد أكدت عدة دراسات نشرت فى الغرب ,وتنطبق علينا أيضاٌ , عدم أهتمام الأطباء والمعالجين النفسيين بالدين ومبادئه السمحة فى الأستقامة والأحسان والتسامح , ودورها فى الصحة النفسية للفرد , ويؤكد لانرت Lannert, J. (1991) أ ن فى دراسته الشهيرة التى نشرت فى مجلة علم النفس الأنسانى أن نسبة كبيرة من الأطباء والمعالجين النفسيين لايتلقون تعليماٌ أو تدريباٌ كافياٌ عن الدين وأثره فى الصحة النفسية والعلاج النفسى , وقد شكلت الجمعية الأمريكية للطب النفسى فريق من الباحثين Task Force لدراسة الجوانب الدينية والروحية وآثارها على الصحة النفسية وتخصيص موضع لها V Code فى الدليل الأحصائى للأمراض النفسية DSM – IV , مما يشكل دافعاٌ آخر لنا للأهتمام بالعلاج النفسى الدينى وتطويره خاصة مع ضعف النتائج والفشل فى علاج بعض الأمراض النفسية والأدمان فى المنطقة العربية والتى أكدتها أكثر من دراسة من منظمة الصحة العالمية WHO وغيرها .

    اننى أقدم إلى القارئ الكريم هذه المجموعة من أساليب العلاج النفسى الذاتى الدينى التى تستند إلى آيات عظيمة من القرآن الكريم وتطبيقات عملبة وسلوكية ونماذج حية قدمها الرسول –صلى الله عليه وسلم - ومن خلال عدة أساليب علاجية تختلف تماماً عما هو شائع من طرق العلاج بالقرآن.. وهذه الأساليب يمكن الاستفادة منها بواسطة الشخص المتخصص أو غير المتخصص .. كما يمكن استخدامها بمفردها أو مع الدواء الذى نحرص دائما ان يكون تحت أشراف الطبيب المتخصص.. ويمكن أستخدامها أيضا مع أساليب علاج نفسى أخرى لتعديل جوانب محدده من الشخصية والسلوك .

    لقد تأكد أن اكثر العلاجات النفسية فائدة وتأثيراً، هى ما أرتبط منها بالدين والثقافة والبيئة.. ولقد لاحظت من خلال ممارستى الأكلينيكية الطويلة ان بعض المرضى يعالجون أنفسهم ذاتيا بقراءة القرآن بعمق وخشوع وتأمل لمعانيه , وأنهم ينجحون غالباً فى خفض درجة توترهم والتغلب على مشاعر الخوف والقلق والوساوس التى تسيطر على أذهانهم بدرجة كبيرة تساند العلاج الدوائى وأساليب العلاج الأخرى .

    ولقد شجعنى هذا على الاستفادة من العلاج بالقرآن بإبتكار أساليب علمية تستند إلى ما تدعو إليه بعض الآيات مع طريقة عملية تقوم على التجريب والقياس العلمى المنضبط للعلاج بالقرآن .. بصورة ذاتية.. يمارسها الشخص بنفسه بعد ان يشرحها له الطبيب المعالج ويدربه عليها.. او بعد أن يطلع الشخص بنفسه عليها ويفهمها جيداً..

    والعلاج النفسى من خلال الدين موجود فى الغرب من قديم الآزل على يد "أب الاعتراف" الذى كان يسمح للمريض بالتنفيس عن همومه وآلامه.. والتطهر من مشاعر الذنب.. والتخفف من وطأة الصراع النفسى.. وبالطبع فان ذلك يضعنا أمام مسئوليتنا وضرورة إبتكار وتطوير أساليب للعلاج النفسى مستمدة من ديننا الحنيف.. وهو ثرى بإرشاداته وتوجيهاته فى التعامل مع النفس الإنسانية.. وكيفية تعديل مواطن الضعف والمرض والاعوجاج فيها.

    ولأن المرض النفسى عمله ذات وجهين أحدهما نفسى معنوى أخلاقى والأخر بيولوجى جسمانى فان العلاج يجب ان يكون متكاملاً يعالج آلام النفس بالكلمة والمناقشة وتعديل التفكير والسلوك.. ويعالج الجسم الذى أختلت وظائفه بالدواء0مما يؤكد أهمية الدمج بين العلاج بالعقاقير والأدوية والعلاج النفسى والدينى فى علاج تكاملى شامل .

    ويرى "جلاسر" وهو رائد مدرسة العلاج بالواقع.. ان الصحة النفسية ترتبط باخلاقيات الفرد وبالقيم والمفاهيم التى يتبناها.. اكثر من ارتباطها بأشباع الغرائز.. وان الصحة النفسية هى السلوك السوى الذى يمكن الفرد من إشباع حاجاته فى اطار الواقع مع مراعاة حقوق الآخرين والمجتمع.. ويؤكد "جلاسر" على ضرورة وجود علاقة إنسانية قوية صادقة بين الطبيب المعالج والمريض.. وليست بالطبع مثل تلك العلاقة العابرة التى يصف فيها الطبيب الدواء للمريض ويكتفى بذلك.

    وهكذا لم نبعد كثيراً عما جاء به القرآن منذ مئات السنين!

    "وننزل من القرآن ماهو شفاء ورحمة للمؤمنين ولايزيد الظالمين إلا خساراً".(الاسراء: 82)

    وأساليب العلاج النفسى الذاتى الدينى التي اختبرها الباحث وقدمها في عدد من الدراسات والأبحاث في مؤتمرات دولية متعددة , نستعرض منها ما يلي :
    1-
    أسلوب: أستبصار النفس بالملاحظة

    2-
    أسلوب: العلاج بتأمل ذكر الله

    3-
    أسلوب: تزكية السمات والصفات الإيجابية .

    4-
    تطبيق منهج الرسول ـ ص ـ في تعديل السلوك ( باستخدام أسلوب النمذجة "تقديم نماذج عملية", القصص، الأمثال، مهارات التواصل ) البيانات العملية وكذلك أسلوب التدعيم والمكافأة .

    5-
    الخلوة العلاجية والتأمل

    6-
    الضبط الذاتي : التعلم والتحلم وعلاج الغضب ( القوة النفسية)

    7-
    أسلوب التشبع بالرضا .


    وهذه الاساليب لاتتعارض - بل تكمل- دور ووظيفة العلاج الدوائى الذى يصفه الطبيب المتخصص.. وهى تهدف إلى تنمية الوظائف الذهنية والمعرفية 0

    وقد حقق أستخدام هذه الأساليب نتائج ممتازة وملحوظة فى العديد من المشكلات والاضطرابات النفسية ولقد كان للمريض - فى أغلب الحالات – الدور الرئيسى فى تحمل مسئولية العلاج وتنفيذ خطواته , و هو الذى يقرأ القرآن ويردد الآيات المحددة .. اللهم إلا فى حالات قليلة التى كان يسمح فيها لبعض الأقارب أوالأصدقاء بالجلوس مع المريض ومساعدته 0

    ويجب ان نحذر هنا من التطرف والمغالاة فى الجوانب الدينية والعقائدية .. حيث ثبت - بما لايدع مجالاً للشك - الاثر السلبى للتعصب والتطرف على سلامة التفكير وعملياته المختلفة00 وضرورة إدراك أن العلاج الدينى يقوم فى الأساس على تنمية وغرس القد رة على التسامح وقبول الآخر والتوافق مع المجتمع 0

    (راجع اساليب العلاج النفسى بالقرآن واساليب علاج الخلوة.. وتطبيقات منهج الرسول فى تعديل السلوك والعادات .. علماً بأن اختيار الاسلوب المناسب يتوقف على الحالة المرضية او المشكلة النفسية التى يعانى منها الفرد )
    alhdhd45
    alhdhd45


    عدد المساهمات : 1337
    تاريخ التسجيل : 03/03/2011
    الموقع : hmsain.ahlamontada.com

    أساليب العلاج النفسى الدينى Empty تطبيقات عملية لمنهج الرسول في تعديل السلوك وتغيير العادات

    مُساهمة  alhdhd45 الجمعة 3 يونيو 2011 - 19:40

    تطبيقات عملية لمنهج الرسول في تعديل السلوك وتغيير العادات
    ظهر في السنوات الأخيرة كم هائل من الدراسات والأبحاث التجريبية المنضبطة التي تشير جميعها إلى إن السلوك الإنسان لا يتغير من خلال التوجيهات والنصائح أو كثرة الوعظ والكلام عن القيم النبيلة والفضائل والآداب الرفيعة .. فالبرغم من أهمية هذه النصائح والتوجيهات إلا أن أثرها الفعلي في تعديل التفكير وتغيير الاتجاهات والسلوك يظل محدودا ما لم يرتبط بتطبيقات عملية وأنماط سلوكية تستمر لفترات طويلة وتدعم من البيئة المحيطة لضمان تكرارها وتثبيتها حتى تتحول إلى عادات راسخة في السلوك الانسانى .. ويصدق هذا بالطبع بل ويصبح اكثر الحاحاً فى عصرنا هذا .. عصر السرعة والتعجل والتشوش الذهنى الناتج عن تأثير الثقافات والسلوكيات الواردة الينا من الشرق والغرب ، وحالة عدم التوازن وفقدان القدرة على تحديد الاهداف ومواصلة السعى لتحقيقها التى اصبحت ايضا من العوامل التى تؤكد على ان التغيير الايجابى المنشود لن يأتى ابدا من خلال الخطاب الوعظى اوالتوجيهات الصارمة او العلوم والمحفوظات النظرية المنفصلة عن الواقع ، والتى تجعل الناس تعيش فى منظومة لا نهائية من الازدواجيات والتناقضات .. ان السلوك والعادات لا تستقر وتستمر إلا من خلال اساليب وتطبيقات عملية قادرة على تحويل المعانى والمفاهيم الاخلاقية الى انماط ثابتة من السلوك تقوم على مفاهيم وافكار ايجابية يحرص المجتمع على مكافئتها وتدعيمها حتى تتأصل وتستمر.
    ان ما يسمعه الشباب من نصائح وتعاليم مرسلة وخطب نارية يتبخر من الذهن بعد دقائق تحت تأثير التشوش الذهنى وزحام الحياة وضغوطها .. وارتباك التفكير وتداخل القيم وعدم وضوح الاهداف والرؤية المستقبلية ، وفيضان المثيرات التى يراها الناس فى الفضائيات ، والصراعات التى يعايشونها على ارض الواقع .

    لذلك فإن تعديل التفكير والتخلص من الافكار السلبية والانهزامية الهدامة وكذلك تعديل السلوك وتبنى انماط وعادات صحية وايجابية راسخة ومستمرة لن يحدث إلا من خلال التحول من الثقافة الوعظية و علوم الكلام وفلسفة الاخلاق الى التدريب والتطبيق العملى لعلوم سلوكية إسلامية عصرية وتطبيقية جديدة .

    ولقد اشتمل القرآن والسنة النبوية الشريفة على عدد هائل من هذه النماذج السلوكية العملية والتطبيقات العملية فى كيفية التصرف فى مختلف نواحى ومواقف الحياة وتحت مختلف الضغوط والظروف النفسية والاجتماعية ، مما يفرض علينا ضرورة دراسة وتحليل هذه النماذج والمهارات السلوكية والتدريب عليها .. بل وضرورة تأسيس علوم جديدة فى فقه السلوك تهتم بدراسة تلك الاساليب السلوكية وتطويرها لتتناسب مع العصر وظروفه ، وان يكون ذلك وفق مناهج التفكير العلمى التجريبى .. مع الاستفادة من علوم النفس والطب النفسى والاجتماع وبحوث التعلم وعلوم النفس المعرفية وقواعد العلوم السلوكية والتى من اهمها التدرب فى تعديل السلوك واستخدام اسلوب المكافأة والتدعيم وغيرها لتثبيت السلوكيات المرغوبة والعادات الايجابية (راجع الأعجاز السلوكى فى القرآن والسنة ) .

    ولقد وردت النماذج السلوكية العظيمة التى قدمها الرسول (صلى الله عليه و سلم) فى مواقف الحياة المختلفة فى السنة وفى تراثنا الدينى .. وجميعها تحتاج الى إعادة دراستها وعمل نوعاً من الحفريات السلوكية التى تهتم بتحليل ودراسة السلوك ومهاراته ولاتتوقف عند النص اللفظى او التعاليم والحكم اللفظية المرسلة بمعنى أن لا يقتصر اهتمامنا على الحديث والفاظه –رغم اهميته البالغة- بل على السلوكيات والتصرفات بمهاراتها وخطوات ممارستها تبعاً لكل الظروف المحيطة بها .. وهناك العديد من اساليب تعلم السلوكيات المختلفة وتثبيتها والاستفادة منها مثل التعلم عن طريق النمذجة (التعلم من النماذج الضمنية ) والتكرار والمحاكاه واساليب الضبط الذاتى وغيرها..

    ولقد قدم الرسول صلى الله عليه وسلم نماذج عملية حية ذات طبيعة تعليمية تسمى في علم النفس بالنماذج الضمنية وتعتبر أحد اساليب تعديل السلوك في علم النفس الحديث .

    ولا شك أن العديد من الدراسات والأبحاث التجريبية الحديثة تؤكد أن سلوك الإنسان لا يتغير بمجرد الاستبصار أو العلم بسبب المشكلة كما كان يعتقد فرويد ومدارس علم النفس التقليدية .

    وأن التوجيه والنصح والوعظ أو التعاليم المرسلة ـ رغم أهميتها ـ لا تكفي لتعديل السلوك وتثبيت السمات والأنماط السلوكية الجديدة وأنه قد آن الأوان إلى التحول من الثقافة الوعظية إلى الأساليب العصرية التطبيقية ، فتغير السلوك شئ صعب واكتساب بعض السمات والعادات أكثر صعوبة ، ولقد قدم الإسلام مجموعة من الاساليب الفعالة في هذا المجال تتفق مع الأبحاث الحديثة ومع آراء علماء معاصرين ، فقد أشار الأمام الغزالي رحمه الله في كتابه " إحياء علوم الدين " إلى عدة اساليب وردت في تراثنا الإسلامي لتعديل السلوك واستخدم لفظ رياضة النفس ليؤكد على أهمية التدريب العملي المستمر لاكتساب وتثبيت السلوكيات المرغوبه : فعلى سبيل المثال يوضح كيفية السيطرة على الغضب وتعلم الحلم والصبر من خلال التدريب الذي يبدأ بالتكلف والإفتعال ـ إذا لزم الأمر ـ لفترة زمنية كافية مصداقا للحديث الشريف (( إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم )) حتى يصبح جزءً من المنظومة العصبية والسلوكية للفرد ..ويتطلب ذلك الألتزام بخطوات متدرجة تصاعدياً , مع التقيد الصارم بنظام محكم ومتواصل .

    ومن النماذج العملية التي قدمها الرسول صلى الله عليه وسلم لتزكية المهارات الاجتماعية والتواصل الإجتماعي الذي يدعم التوافق الاجتماعي والصحة النفسية .. أنه صلى الله عليه وسلم كان يبدأ من لقيه بالسلام وبوجه بشوش .. وكان إذا لقى أحداً من الصحابة بدأه بالمصافحة.. وكان يؤثر الداخل عليه بالوسادة التى تحته.. وكان يعطى كل من جلس إليه نصيباً من وجهة.. أى من النظر اليه والاهتمام به.. وكان فى كل سلوكه يتسم بالحياء والتواضع.. كما كان أكثر الناس تبسماً وضحكا فى وجه أصحابه.

    لقد كان محبوبا يلتف الناس حوله ويتعلقون به.. فصدق فيه قول العزيز الحكيم

    " فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك "

    (آل (عمران 159

    ( فاعفوا واصفحواً " (البقرة 109"

    ( وقولوا للناس حسناً" (البقرة 83"

    كما كان الرسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ يردد في أكثر من موقف ( تبسمك في (وجه أخيك صدقة

    لذلك ننصح كل شخص ان يزكى فى نفسه هذه الصفات :
    - أن يبتسم فى وجه الآخرين.. وهناك مقولة فى الغرب تقول "إذا اردت ان تعيش سعيداً.. فقط ابتسم فى وجه من تقابله".

    - ان يكثر من القاء السلام وتحية الآخرين وان يبدأ بالمصافحة.

    - ان يعطى اهتمامه لكل من يجلس إليه او يتحاور معه.

    - أن يكون عطوفاً لين القلب فى تعامله مع الناس.

    - ان يقول للناس قولاً حسناً ولايكن غليظ القلب أو القول.

    - ان يدرب نفسه على التسامح و الصفح والعفو باستمرار... فهى أهم مفاتيح السعادة والنجاح والصحة النفسية .

    وتعتبر الاضافات العلمية والاكلينيكية التى قدمها الباحث – صاحب الموقع – فى هذا الاتجاه .. مثل العلاج النفسى الذاتى بالقرآن .. الخلوة العلاجية والتأمل .. وما تضمنته من اساليب عملية متعددة لتعديل التفكير والسوك .. هى جهد متواضع مخلص يأمل من خلاله ان يساهم فى تخليص العلاج النفسى الدينى والعلاج بالقرآن من براثن الدجل والشعوذة .. وان يقدم مجموعة مبسطة من الاساليب العلاجية العصرية النابعة من التراث الدينى والثقافى والتى تناسب الشخصية العربية وتخلصها من الجمود والتمركز حول الذات والوقوع فى اخطاء التفكير والسلوك .. ولا شك ان مجتمعاتنا العربية فى أشد الحاجة الى مثل تلك الاساليب العصرية المبسطة فى زمن القلق والتشوش والحيرة .. وفى غياب الجهات التى يمكن تأخذ بيد الشباب نحو المزيد من الصحة النفسية والتفكير المنطقى والسلوك السوى ويعلمه فنون ومهارات معالجة مشكلات العصر وتحمل ضغوطه .

    ظهر في السنوات الأخيرة كم هائل من الدراسات والأبحاث التجريبية المنضبطة التي تشير جميعها إلى إن السلوك الإنسان لا يتغير من خلال التوجيهات والنصائح أو كثرة الوعظ والكلام عن القيم النبيلة والفضائل والآداب الرفيعة .. فالبرغم من أهمية هذه النصائح والتوجيهات إلا أن أثرها الفعلي في تعديل التفكير وتغيير الاتجاهات والسلوك يظل محدودا ما لم يرتبط بتطبيقات عملية وأنماط سلوكية تستمر لفترات طويلة وتدعم من البيئة المحيطة لضمان تكرارها وتثبيتها حتى تتحول إلى عادات راسخة في السلوك الانسانى .. ويصدق هذا بالطبع بل ويصبح اكثر الحاحاً فى عصرنا هذا .. عصر السرعة والتعجل والتشوش الذهنى الناتج عن تأثير الثقافات والسلوكيات الواردة الينا من الشرق والغرب ، وحالة عدم التوازن وفقدان القدرة على تحديد الاهداف ومواصلة السعى لتحقيقها التى اصبحت ايضا من العوامل التى تؤكد على ان التغيير الايجابى المنشود لن يأتى ابدا من خلال الخطاب الوعظى اوالتوجيهات الصارمة او العلوم والمحفوظات النظرية المنفصلة عن الواقع ، والتى تجعل الناس تعيش فى منظومة لا نهائية من الازدواجيات والتناقضات .. ان السلوك والعادات لا تستقر وتستمر إلا من خلال اساليب وتطبيقات عملية قادرة على تحويل المعانى والمفاهيم الاخلاقية الى انماط ثابتة من السلوك تقوم على مفاهيم وافكار ايجابية يحرص المجتمع على مكافئتها وتدعيمها حتى تتأصل وتستمر.

    ان ما يسمعه الشباب من نصائح وتعاليم مرسلة وخطب نارية يتبخر من الذهن بعد دقائق تحت تأثير التشوش الذهنى وزحام الحياة وضغوطها .. وارتباك التفكير وتداخل القيم وعدم وضوح الاهداف والرؤية المستقبلية ، وفيضان المثيرات التى يراها الناس فى الفضائيات ، والصراعات التى يعايشونها على ارض الواقع .

    لذلك فإن تعديل التفكير والتخلص من الافكار السلبية والانهزامية الهدامة وكذلك تعديل السلوك وتبنى انماط وعادات صحية وايجابية راسخة ومستمرة لن يحدث إلا من خلال التحول من الثقافة الوعظية و علوم الكلام وفلسفة الاخلاق الى التدريب والتطبيق العملى لعلوم سلوكية إسلامية عصرية وتطبيقية جديدة .

    ولقد اشتمل القرآن والسنة النبوية الشريفة على عدد هائل من هذه النماذج السلوكية العملية والتطبيقات العملية فى كيفية التصرف فى مختلف نواحى ومواقف الحياة وتحت مختلف الضغوط والظروف النفسية والاجتماعية ، مما يفرض علينا ضرورة دراسة وتحليل هذه النماذج والمهارات السلوكية والتدريب عليها .. بل وضرورة تأسيس علوم جديدة فى فقه السلوك تهتم بدراسة تلك الاساليب السلوكية وتطويرها لتتناسب مع العصر وظروفه ، وان يكون ذلك وفق مناهج التفكير العلمى التجريبى .. مع الاستفادة من علوم النفس والطب النفسى والاجتماع وبحوث التعلم وعلوم النفس المعرفية وقواعد العلوم السلوكية والتى من اهمها التدرب فى تعديل السلوك واستخدام اسلوب المكافأة والتدعيم وغيرها لتثبيت السلوكيات المرغوبة والعادات الايجابية (راجع الأعجاز السلوكى فى القرآن والسنة ) .

    ولقد وردت النماذج السلوكية العظيمة التى قدمها الرسول (صلى الله عليه و سلم) فى مواقف الحياة المختلفة فى السنة وفى تراثنا الدينى .. وجميعها تحتاج الى إعادة دراستها وعمل نوعاً من الحفريات السلوكية التى تهتم بتحليل ودراسة السلوك ومهاراته ولاتتوقف عند النص اللفظى او التعاليم والحكم اللفظية المرسلة بمعنى أن لا يقتصر اهتمامنا على الحديث والفاظه –رغم اهميته البالغة- بل على السلوكيات والتصرفات بمهاراتها وخطوات ممارستها تبعاً لكل الظروف المحيطة بها .. وهناك العديد من اساليب تعلم السلوكيات المختلفة وتثبيتها والاستفادة منها مثل التعلم عن طريق النمذجة (التعلم من النماذج الضمنية ) والتكرار والمحاكاه واساليب الضبط الذاتى وغيرها..

    ولقد قدم الرسول صلى الله عليه وسلم نماذج عملية حية ذات طبيعة تعليمية تسمى في علم النفس بالنماذج الضمنية وتعتبر أحد اساليب تعديل السلوك في علم النفس الحديث .

    ولا شك أن العديد من الدراسات والأبحاث التجريبية الحديثة تؤكد أن سلوك الإنسان لا يتغير بمجرد الاستبصار أو العلم بسبب المشكلة كما كان يعتقد فرويد ومدارس علم النفس التقليدية .

    وأن التوجيه والنصح والوعظ أو التعاليم المرسلة ـ رغم أهميتها ـ لا تكفي لتعديل السلوك وتثبيت السمات والأنماط السلوكية الجديدة وأنه قد آن الأوان إلى التحول من الثقافة الوعظية إلى الأساليب العصرية التطبيقية ، فتغير السلوك شئ صعب واكتساب بعض السمات والعادات أكثر صعوبة ، ولقد قدم الإسلام مجموعة من الاساليب الفعالة في هذا المجال تتفق مع الأبحاث الحديثة ومع آراء علماء معاصرين ، فقد أشار الأمام الغزالي رحمه الله في كتابه " إحياء علوم الدين " إلى عدة اساليب وردت في تراثنا الإسلامي لتعديل السلوك واستخدم لفظ رياضة النفس ليؤكد على أهمية التدريب العملي المستمر لاكتساب وتثبيت السلوكيات المرغوبه : فعلى سبيل المثال يوضح كيفية السيطرة على الغضب وتعلم الحلم والصبر من خلال التدريب الذي يبدأ بالتكلف والإفتعال ـ إذا لزم الأمر ـ لفترة زمنية كافية مصداقا للحديث الشريف (( إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم )) حتى يصبح جزءً من المنظومة العصبية والسلوكية للفرد ..ويتطلب ذلك الألتزام بخطوات متدرجة تصاعدياً , مع التقيد الصارم بنظام محكم ومتواصل .

    ومن النماذج العملية التي قدمها الرسول صلى الله عليه وسلم لتزكية المهارات الاجتماعية والتواصل الإجتماعي الذي يدعم التوافق الاجتماعي والصحة النفسية .. أنه صلى الله عليه وسلم كان يبدأ من لقيه بالسلام وبوجه بشوش .. وكان إذا لقى أحداً من الصحابة بدأه بالمصافحة.. وكان يؤثر الداخل عليه بالوسادة التى تحته.. وكان يعطى كل من جلس إليه نصيباً من وجهة.. أى من النظر اليه والاهتمام به.. وكان فى كل سلوكه يتسم بالحياء والتواضع.. كما كان أكثر الناس تبسماً وضحكا فى وجه أصحابه.


    لقد كان محبوبا يلتف الناس حوله ويتعلقون به.. فصدق فيه قول العزيز الحكيم


    " فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك "

    (آل (عمران 159

    ( فاعفوا واصفحواً " (البقرة 109"

    ( وقولوا للناس حسناً" (البقرة 83"

    كما كان الرسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ يردد في أكثر من موقف ( تبسمك في (وجه أخيك صدقة

    لذلك ننصح كل شخص ان يزكى فى نفسه هذه الصفات :
    - أن يبتسم فى وجه الآخرين.. وهناك مقولة فى الغرب تقول "إذا اردت ان تعيش سعيداً.. فقط ابتسم فى وجه من تقابله".

    - ان يكثر من القاء السلام وتحية الآخرين وان يبدأ بالمصافحة.

    - ان يعطى اهتمامه لكل من يجلس إليه او يتحاور معه.

    - أن يكون عطوفاً لين القلب فى تعامله مع الناس.

    - ان يقول للناس قولاً حسناً ولايكن غليظ القلب أو القول.

    - ان يدرب نفسه على التسامح و الصفح والعفو باستمرار... فهى أهم مفاتيح السعادة والنجاح والصحة النفسية .

    وتعتبر الاضافات العلمية والاكلينيكية التى قدمها الباحث – صاحب الموقع – فى هذا الاتجاه .. مثل العلاج النفسى الذاتى بالقرآن .. الخلوة العلاجية والتأمل .. وما تضمنته من اساليب عملية متعددة لتعديل التفكير والسوك .. هى جهد متواضع مخلص يأمل من خلاله ان يساهم فى تخليص العلاج النفسى الدينى والعلاج بالقرآن من براثن الدجل والشعوذة .. وان يقدم مجموعة مبسطة من الاساليب العلاجية العصرية النابعة من التراث الدينى والثقافى والتى تناسب الشخصية العربية وتخلصها من الجمود والتمركز حول الذات والوقوع فى اخطاء التفكير والسلوك .. ولا شك ان مجتمعاتنا العربية فى أشد الحاجة الى مثل تلك الاساليب العصرية المبسطة فى زمن القلق والتشوش والحيرة .. وفى غياب الجهات التى يمكن تأخذ بيد الشباب نحو المزيد من الصحة النفسية والتفكير المنطقى والسلوك السوى ويعلمه فنون ومهارات معالجة مشكلات العصر وتحمل ضغوطه .


    alhdhd45
    alhdhd45


    عدد المساهمات : 1337
    تاريخ التسجيل : 03/03/2011
    الموقع : hmsain.ahlamontada.com

    أساليب العلاج النفسى الدينى Empty العلاج بتأمل ذكر الله

    مُساهمة  alhdhd45 الجمعة 3 يونيو 2011 - 19:50

    من خلال أبحاث ودراسات عملية وإكلينيكية استمرت أكثر من أربع سنوات فى بداية التسعينات تأكد لي بصورة قاطعة التأثير المباشر لذكر الله وتأمل معاني القرآن على عمليات التفكير بدرجة يمكن الاستفادة منها فى العلاج النفسي.


    وفى الغرب ظهرت فى الآونة الأخيرة عدة دراسات تؤكد دور التفكير والعوامل الذهنية المختلفة فى الاضطرابات النفسية - وهو ما ذكرناه من قبل - .. وتدحض وتفند فى نفس الوقت آراء التحليل النفسي والنظريات المماثلة التى ربطت شخصية الفرد وسلوكه بأحداث الطفولة، والعقد الجنسية واللاشعور ودرجة إشباع الغرائز .. الخ.

    لقد أيدت دراسات حديثة وتجارب علماء معاصرين إمكانية تعديل أفكار ومفاهيم الفرد وسلوكه .. والتحكم فى عمليات التفكير أثناء حدوثها بالإيقاف أو طرد الأفكار غير المرغوبة ، مع غرس أفكار أو عبارات تحل محل الأفكار الانهزامية أو المرضية غير المرغوبة.

    أيضا أثبتت التجارب "دولارد" و"ميللر" أن الاستجابة الانفعالية للشخص تتوقف على استخدام اللغة والاستدلال الرمزي.. وعلى المعاني الذى يقولها الفرد لنفسه ويقتنع بها.

    ويرى عالم النفس "كانفر" بأن فاعلية الأنماط الرئيسية فى العلاج النفسي الحديث تعود إلى طريقة وأسلوب التفكير .. وقناعة المريض بمعاني ومعتقدات معينة.. مما يؤثر بالتالي على إدراك المريض للواقع إن كان محايداً أو يحمل فى طياته عناصر تهديد وخطر.

    كما وصف "ماهونى" من كمبريدج أهمية عدد من التجارب التى ابتكرها بعض تلاميذ العالم "بافلوف" حول ارتباط الاستجابات الانفعالية للفرد بما يفكر فيه ويركز ذهنه عليه. أى أن الشخص يمكن أن يستثير نفسه انفعالياً فيشعر بالتوتر والقلق والخوف .. أو يبث الطمأنينة فى نفسه بان يركز تفكيره ويردد لنفسه عبارات ومعاني تحض على ذلك.. وعلى سبيل المثال إذا ردد الشخص عبارة مثل (اننى سأنجح فى إنجاز ذلك العمل وان إرادتي قوية لا تلين) فان حالته الانفعالية والمزاجية تتحول إلى الأفضل بما يساعد على إنجاز العمل بالفعل، وينجح الجسم فى شحذ كافة قدراته البيولوجية والنفسية فى هذا الاتجاه.. بعكس إذا قال الفرد لنفسه (أنني سأفشل، فأنا ضعيف الإرادة ولا أستطيع إنجاز هذا العمل).. ففي مثل تلك الحالة ينخفض أدائه وتنخفض أيضاً قدراته البيولوجية والنفسية بحيث يهزم نفسه بالفعل ويفشل حسب ما توقع.. وحسب ما أعد نفسه.

    نلاحظ هنا أن التفكير والإيحاء الذاتي يحركان قدرات الفرد.. ويؤثران فى توقعاته وانفعالاته وسلوكه. وعلى سبيل المثال فان الشخص المكتئب إذا أوحى لنفسه بشيء من الأمل من خلال تكرار وترديد فكره أو عبارة توحي بالتفاؤل فإن الاكتئاب يقل بصورة ملحوظة.

    أى أن تغيير أو تعديل أفكار الفرد يؤدى بالتالي إلى تغيير وتعديل السلوك والانفعال.. كذلك فان كل سلوك يصاحبه أفكار وانفعالات معينة .. فمثلاً إذا كان الإنسان يمارس الجنس فانه لا يستطيع أن يفكر فى شيء محزن أو مفرح بل لابد وان يوظف أفكاره وتخيلاته وانفعالاته فيما يمارسه.. وإذا كان الإنسان حزينا فلا يستطيع أن يفكر فى أمر مضحك.. لذلك فإن تعديل التفكير يترتب عليه بالتالي تعديل الانفعال والسلوك.. وأنه يمكننا أن نستخدم تلك القاعدة فى العلاج.
    ولقد تأكد - كما ذكرنا - إمكانية غرس وإحلال معاني وأفكار محل أخرى.. وهذا يعنى القدرة على تعديل السلوك والانفعال .. بل والنشاط العصبي والهرموني للجسم بمجرد تعديل التفكير , مع التركيز على فكرة أو عبارة وتكرارها ، وكلما كانت الكلمات التى يرددها الفرد ذات معان سامية و مصداقية دينية راسخة – و هذا ما يحدث فى حالة ذكر الله – كلما أستطاع التحكم فى نشاطه الذهني , وكلما كان أقدر على التخلص من الأفكار السلبية والانهزامية ومن المخاوف والواسوس المسببة للتوتر والمرض النفسي خاصة إذا صاحب تكرار وترديد هذه الأذكار تأمل لمعنى كلماتها وتخيل للأماكن المقدسة أو السماء والبحر الممتد بلا ن`هاية شاهداٌ على قدرة وعظمة الخالق .. جل جلاله .


    ويجدر أن نستعرض أخطاء التفكير الشائعة التى تؤدى إلى أغلب الاضطرابات النفسية , والتي يمكن للعلاج بتأمل ذكر الله مساعدة الشخص على طردها من الذهن أو إعاقة تأثيرها السلبي أو إيقافها أو إبدالها بأخرى ايجابية .. كالآتي:
    أخطاء متعلقة بمحتوى الأفكار والمفاهيم والمعتقدات
    الأول:

    أخطاء تتعلق بأسلوب وطريقة التفكير.
    الثاني:


    أولاً: الأخطاء المتعلقة بمحتوى الأفكار والمفاهيم:

    وتشمل أخطاء محتوى التفكير الكثير من المعتقدات والمفاهيم والأفكار الخاطئة ووجهات النظر غير المنطقية أو المبالغ فيها، وكذلك التصورات الخاطئة والاتجاهات المريضة التى تنتهي بهزيمة الفرد فى مواجهة مواقف الحياة المختلفة. مثل أن يعتقد الفرد أنه أفضل من الآخرين ويجب أن يحترمه الجميع، أو أن يعتقد انه مضطهد من الجميع لأنه فقير أو من أسرة غير معروفة، أو يعتقد أن جميع النساء يجب أن يعاملن بالقسوة، أو مثل المرأة التى تعتقد أن جميع الرجال خائنين ولا أمان لهم.. الخ.

    ثانياً: الأخطاء المتعلقة بأسلوب وطريقة التفكير:

    التطرف فى الأحكام: حيث يرى الفرد الأشياء إما سوداء أو بيضاء، وهو يكره ويحب دون توسط أو اعتدال.

    التصلب: ومواجهة المواقف المختلفة المتنوعة بطريقة تفكير واحدة.

    المبالغة: مثل المبالغة فى تفسير الموقف مما يؤدى إلى إثارة انفعالات القلق أو الخوف، وكذلك المبالغة فى تقدير الآخرين سلباً أو إيجاباً مما يؤدى إلى اضطراب العلاقة بهم.

    التعميم: وهو أسلوب من التفكير يؤدى تعميم الخبرات الجزئية تعميماً سلبياً مما يؤدى بالتالي إلى العديد من الأنماط المرضية خاصة الاكتتاب والفصام.

    الثنائية والازدواجية: وهى جزء من معاناة الشخصية المتسلطة ضيقة الأفق التى تفتقد إلى المرونة، لذا تضطر دائماً أن تمارس دوراً فى العلن وتتبنى عكسه فى الخفاء.

    التجريد الانتقائي: حيث يعزل الفرد خاصية معينة من سياقها ويؤكدها فى سياق آخر مثل الذى يؤكد على أنه غير مرغوب فيه من الجميع إذا لم يرحب به أحد الحاضرين.

    أخطاء الحكم والاستنتاج.

    الحساسية للنقد وتضخيم المواقف والأحداث.

    ويؤكد أغلب الباحثين أن استمرار التفكير والتخيل بطريقة خاطئة بتحول إلى عادة مرضية يفقد معها الفرد إدراكه الموضوعي للواقع وتقييمه الصحيح للذات، وإلى اعتياد المبالغات الانفعالية مع توقع الخطر من مثيرات لا تتضمن أى تهديد للذات، وينتج عن تبنى أساليب التفكير الخاطئة هذه انفعالات ومشاعر سلبية عديدة (كالخوف، التوتر، الحزن(

    وأخطاء التفكير المذكورة إذا تزايدت تسببت فى تشويه صورة الذات والواقع وحركت وجدان الفرد وانفعالاته وسلوكه فى الاتجاه المرضى.. وإذا أستمر هذا التزايد فى تشويه وتحريف الواقع تحولت هذه الأفكار إلى ضلالات وهذاءات يصعب مناقشتها أو تعديلها بالمنطق.

    ومن العوامل التى تساعد على تحول أخطاء التفكير إلى أعراض مرضية التربية التى تعتمد على التمركز حول الذات والعجز عن فهم الآخر والتعاطف معه، وما يترتب على ذلك من ريبة وشك وسوء تفسير كل موقف يتفاعل فيه الفرد مع الآخرين.

    وأسلوب "العلاج بتأمل ذكر الله" .. تقوم فكرته على تدريب المريض أو صاحب المشكلة على التحكم فى عمليات التفكير وتنمية قدراته على طرد وإيقاف الأفكار الهدامة السلبية ، بغرس آيات القرآن والأذكار لتحل محل أو تطرد أو توقف الافكار المرضية السلبية، وذلك فى جو يسمح بالتأمل الذهني والتخيل الإيجابي والتحكم فى درجة الوعي وعمليات التفكير المختلفة .

    وقد رأينا كيف أن العديد من مدارس العلاج النفسي الناجحة والمنتشرة فى العالم الآن تضع برنامجا تهدف إلى علاج الفرد من خلال تعديل تفكيره وتنمية قدرته على الضبط الذاتي وإيقاف سلسلة الأفكار الاقتحامية السلبية التى تثير مراكز الانفعال، بالاستعانة بعدة طرق مثل تكرار عبارات تساعد على الإيحاء الذاتي أو كأن يقوم المريض بتوجيه انتباهه لمثير آخر.. وهكذا.

    ولقد قمت بتدريب إعداد من المرضى وأصحاب المشاكل النفسية على التحكم فى أذهانهم وطرد الأفكار الانهزامية الحزينة أو المخيفة وإيقاف الوساوس المزعجة من خلال تأمل ذكر الله.. اى ترديد وتكرار الآيات والأذكار والشخص فى حالة تأمل واستغراق ذهني عميق يساعد على غرس معاني ذكر الله ويشبع العقل بكل كلمة تذكر الله وقدرته على المساعدة والعون. بل ويشبع العقل إلى حد تعطيل كل الدوائر الذهنية الأخرى المحملة بأفكار وتصورات سلبية هدامة.

    ولقد أكد ظهور موجات الفا فى تخطيط الدماغ لبعض المرضى الذين مارسوا العلاج النفسي الذاتي بالقرآن مع التغيرات الايجابية الأخرى مثل انخفاض سرعة التنفس وضغط الدم وتناقص سرعة ضربات القلب إلى فعالية هذا الأسلوب العلاجي نفسيا بيولوجيا. إلا أن هذا الجانب التجريبي قد توقف لعدم توافر الإمكانيات.

    خطوات استخدام أسلوب تأمل ذكر الله:

    يجب أن يتبع الفرد الخطوات التالية التى تساعد على التهيؤ والتأمل الذهني للتأثير الفعال على درجة الوعي وعمليات التفكير حتى يتمكن من إيقاف وطرد الأفكار والتصورات السلبية والتخلص منها، ويفضل البدء بتسجيل الانفعالات والأفكار فى الجدول التالي قبل ممارسة التدريب.. وان يتبع الخطوات التالية:
    أن يمارسه فى مكان هادئ .. مريح.. خال من الإزعاج والمؤثرات المشتتة للانتباه.
    أن يمارسه وهو جالس على مقعد مريح منتصب الظهر.. ويفضل أن تتكرر الممارسة فى نفس المكان.- أن يجعل الضوء خافت نوعاً .. وجو الحجرة معتدل الحرارة.
    أن يضع ساعة أو منبه أمامه.
    يمكن استخدام بخور خفيف إذا أراد الشخص ذلك.
    أن يفصل الحرارة عن التليفون.
    أن يرتدى ملابس خفيفة غير ضيقة لتمكنه من الاسترخاء.
    أن يتنفس بانتظام وعمق وبطء.. وأن يلاحظ تنفسه الهادئ العميق.
    أن يغلق عينيه خاصة خلال الدقائق الخمس الأولى على أن تتجه العين وهى مغلقة إلى الأمام ويمكن إن يفتحها بعد ذلك مع تركيز النظر على هدف ثابت لا يثير الانتباه.
    أن يمنع العقل من الشرود والتفكير فى أى موضوع أو مشكلة.. بان يركز فى البداية على ملاحظة جسده المسترخي وأنفاسه المنتظمة.. والهواء يدخل ويخرج من انفه ورئتيه ببطء وعمق.
    بعد ذلك يبدأ فى ترديد وتكرار كلمات "ذكر الله" أو تكرار آيات قصيرة أو آية الكرسي بعمق بحيث يتردد صداها فى أركان نفسه وكيانه.. وأن يشبع عقله بها وان يطرد من ذهنه أى فكرة أخرى فور ظهورها فى حيز الوعي.. ولا يعطى ذهنه أو تفكيره أى فرصة للشرود بعيداً.. وان يكون على يقين بأنه يقوم بطرد الأفكار السلبية السيئة من ذهنه الآن مستعينا بهذه الآيات الكريمة والأذكار المطهرة.
    يستمر هذا التدريب من 10- 30 دقيقة أو أكثر .. بعدها يعود الفرد إلى الجدول رقم (2) لتسجيل الخانتين الأخيرتين.. واستكمال الجدول.

    ولقد نجح بعض المرضى فى الاكتفاء باستخدام بعض خطوات هذا الأسلوب وبدون استخدام الجدول المذكور وهذا الأمر ممكن خاصة إذا كان الشخص ليس لديه الصبر أو القدرة على الكتابة والمتابعة.

    وذكر الله - كما ورد فى العديد من معاجم الألفاظ والتفسيرات - هو "إقرار باللسان، وتصديق بالقلب"، أى أنه ترديد وتكرار مع تركيز ذهني يوقظ المشاعر ويحرك القلب، وبالتالي يمكن أن يؤثر فى محتوى وتيار التفكير ويساعد فى إيقاف وطرد الأفكار والتصورات المشوهة والانهزامية المسببة للمرض والاضطراب النفسي وهذا ما تأكد لنا من خلال تجريب إكلينيكي وعملي تم على مدار سنوات من البحث والدراسة.

    وفى فضيلة الذكر وردت العديد من الآيات الكريمة مثل:

    ألا بذكر الله تطمئن القلوب" (سورة الرعد 28 ( "

    فاذكروني أذكركم"( سورة البقرة) 152

    أذكروا الله ذكراً كثيرا(ً"سورة الأحزاب):41

    فاذكروا الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبكم) سورة النساء): 103

    وتأمل معاني ذكر الله - كما ذكرنا - هو أن تركيز الإنسان لا يجب أن ينحصر فى الترديد الآلي بالتكرار وإنما التركيز المتأمل فى معنى كل كلمة وكل لفظ يصف قدرات الله عز وجل أى أن يشعر الإنسان بكل كيانه بدلالة وأهمية كل لفظ يردده عن الله سبحانه وتعالى، فذكر الله يرتبط على الدوام بحضور القلب والمشاعر، أما الذكر باللسان والقلب لاه أى أن ذهن الفرد مشغول بهموم ومشاكل الحياة وبدون تركيز وتأمل فهو قليل الجدوى.

    وذكر الله يتضمن ترديد عبارات "سبحان الله"، "الله اكبر"، "لا اله إلا الله" "الحمد لله" ، "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " ، "أعوذ بالله من الخبث والخبائث".. الخ أو ذكر نعم الله ومحبته والشوق إليه كذلك ذكر أسماء الله الحسنى وترديدها.

    وفى حالات أخرى تمت الاستعانة بقراءة المعوذتين أو آية الكرسي عدة مرات لإيقاف وطرد الأفكار والوساوس غير المرغوبة بنجاح أو التعوذ بالله من الشيطان ومن الخبث والخبائث.

    ومن حديث معاذ بن جبل قال: "آخر كلمة فارقت عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم ، قلت: "يا رسول الله أخبرني بأحب الأعمال إلى الله عز وجل"، قال: "أن تموت ولسانك رطب بذكر الله عز وجل".

    ومن الأذكار التى وردت عن الرسول - صلى الله عليه وسلم – ما يلي:

    "أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق". رواه مسلم.

    "بسم الله الذى لا يضر مع اسمه شيء فى الأرض ولا فى السماء وهو السميع العليم".

    "اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام"

    "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير".

    "لا حول ولا قوة إلا بالله".

    أما نص آية الكرسي وهى الآية رقم 255 من سورة البقرة فهو: "الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما فى السماوات وما فى الأرض من ذا الذى يشفع عنده إلا بأذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤده حفظهما وهو العلى العظيم" صدق الله العظيم. "

    *****

    ويستخدم هذا الأسلوب فى إيقاف وطرد المخاوف والمفاهيم والتصورات والأفكار السلبية المخيفة أو المتشائمة أو الانهزامية التى تتسبب فى إثارة مراكز الانفعال بدرجة تؤدى إلى التوتر أو القلق أو الاكتئاب أو الوسواس القهري .. وغيرها.

    كذلك فقد تكون الافكار السلبية غير واضحة فى ذهن الفرد.. فقد تظهر فى حيز الوعي على شكل تصورات أو تخيلات مخيفة أو مزعجه أو على صورة توقعات مقبضه غير مكتملة الملامح والتفاصيل. وللتخلص من جميع تلك العوامل الذهنية من أفكار وتوقعات وتصورات غير مرغوبة.. نستخدم أسلوب تأمل ذكر الله تبعا للخطوات المذكورة مصحوبا باستخدام الجدول الذى ينظم استخدام هذا الأسلوب ويزيد من فعاليته إلى جانب ما يكتسبه الفرد من أستبصار ووعى بالانفعالات والأفكار السلبية التى يعانى منها.

    هذا إلى جانب الارتباط الشرطي الذى يحصله الفرد عندما يلاحظ ويقيم درجة التحسن كل مرة من تأمله لذكر الله.

    علما بان بعض المرضى كانوا يفضلون استخدام الأسلوب بدون إتباع خطواته وبدون كتابة الملاحظات فى جداول لأسباب تتعلق بهم.. وقد حققوا رغم ذلك نتائج طيبة ولكن درجتها ومدة استمراريتها كانت أقصر نوعاً من هؤلاء الذين استخدموا الجداول بانتظام واتبعوا الخطوات المذكورة.

    وخطوات استخدام الجدول كالآتي:
    يمكن استخدام الجدول فى أى وقت من اليوم وان كان يفضل أن يكون عقب شعور الفرد بانفعالات أو أفكار سلبية غير مرغوبة.. كما يستخدم قبل ممارسة جلسة العلاج بتأمل ذكر الله حسب الخطوات المذكورة من قبل.
    تستخدم الخانة الأولى لتحديد اليوم والتاريخ والوقت.
    تستخدم الخانتين الثانية والثالثة لتحديد الانفعالات السلبية والأفكار الانهزامية ودرجة شدتهما (من صفر إلى 10 درجات) .
    الخانات السابقة يتم تسجيل البيانات الخاصة بها قبل بدء جلسة العلاج بتأمل ذكر الله.
    الخانة الرابعة يسجل الفرد فيها نص الآيات أو الأذكار التى رددها والمدة التى أستغرقها، علما بأن البعض يحتاج لفترة تزيد عن النصف ساعة.
    الخانة الخامسة والأخيرة تستخدم بعد انتهاء الجلسة ويسجل الفرد فيها مقدار انخفاض حدة الانفعالات التى كان يعانى منها قبل جلسة العلاج (من صفر إلى 10 درجات( .
    يستخدم هذا الجدول بعد استخدام أسلوب الاستبصار بملاحظة الذات بأسبوعين . كما يمكن البدء باستخدام أسلوب تأمل ذكر الله مباشرة. ولمدة لا تقل عن ثلاثة شهور.

    أما عن شدة الصوت فإن مريض الاكتئاب والحزن يحتاج أن يردد الأذكار أو الآيات المختارة بصوت قوى ومرتفع نوعاً ينبه جهازه العصبي ودافعيته وحماسه.

    أما مريض القلق والتوتر والخوف فإنه يحتاج للترديد بصوت بطيء عميق هادئ.. مع إيقاع منتظم واثق يؤكد من خلاله ذاته وثقته بالله وبنفسه.

    وإذا كان الفرد ممن يستطيعون التحكم فى درجة الانتباه والتركيز لما يردده من آيات أو أذكار فانه يستطيع ممارسة العلاج بتأمل ذكر الله فى أى مكان و بدون التقيد بالخطوات المذكورة.. ولكن ليس أثناء قيادة السيارات أو الوقوف أمام آلات أو أجهزة تتطلب الانتباه والتركيز



    الخلوة العلاجية ... و التأمل
    تزداد حاجة الناس في هذا العصر إلى طرق وأساليب سهلة ومبسطة نابعة من البيئة والتراث يمكن اللجوء إليها عند الشعور بالتوتر والقلق والإحباط، وعند مواجهة الضغوط والمشكلات التى تحتاج إلى الاسترخاء والهدوء وإعادة تنظيم التفكير .. بل وإعادة برمجة العقل حتى يصل الفرد إلى إعادة صياغة وترتيب أفكاره وأهدافه ، وأيضا إلى تخلصه من الاضطرابات النفسية والانفعالات السلبية الناتجة عن ضغوط الحياة ومشاعر الإحباط والفشل واختلال التوازن والقدرة على التوافق النفسي والاجتماعي.

    ولاشك أن كل إنسان يحتاج – من وقت لآخر – أن يخلو بنفسه ويبتعد قليلاً عن صخب الحياة ومشاكلها ليفكر بهدوء ويعيد تنظيم عالمه الداخلي، وتفحص وتقييم أفكاره وخبراته والمواقف التى تعرض لها ثم يحدد لنفسه خطة عمل ويتخذ القرارات ويحدد لنفسه الخطوات..

    و الخلوة العلاجية تتضمن تدريب الشخص على التخلص من الأفكار السلبية الانهزامية المعوقة والمخاوف والوساوس المزعجة والمواقف والذكريات المؤلمة , بحيث يصل إلى درجة أن يأمر ذهنه بالتوقف فوراً عن التفكير فى هذه الأفكار السلبية أو أن يطردها من ذهنه ويحل محلها أفكاراً إيجابية تشحن طاقاته النفسية وتحفزها للانطلاق من جديد فى الاتجاه الصحي السليم وتكمله مشوار الحياة بعزيمة وإرادة لا تلين .

    والخلوة العلاجية أسلوب علاجي نابع من ميراثنا الديني والثقافي وقد اثبت فعاليته بل وتفوقه على أساليب العلاج النفسي الأخرى المستوردة من الغرب والتي تخفى فى ثناياها مفاهيم وأفكار لا تتناسب مع طبيعة وظروف الشخصية العربية.

    لقد كان الهدف من استخدام أسلوب الخلوة العلاجية هو تحويل النصائح والمواعظ والأفكار الايجابية إلى أفكار نشطة وفعالة بغرسها فى الذهن عن طريق التأمل والتكرار فى حالة من التركيز الذهني العالي وفى جو من الهدوء والاسترخاء يسمح بتحويل هذه المنظومات الأخلاقية والصياغات اللفظية إلى مفاهيم ومعتقدات تدفع الفرد دائماً إلى السلوك المرغوب .

    ولقد تأكد من خلال عدد من الدراسات التى قدمتها على مدار سنوات طويلة أن الخلوة العلاجية تفوق على أسلوب التأمل المتسامي Transcendental Meditation ، وأسلوب البرمجة العصبية اللغوية NLP التى تنتشر فى الغرب حالياً بصورة ملفته للنظر .. وأن نتائجها أقوى وأعمق .

    ولقد لاحظت أيضا أن الشخص الذى يعانى من مشكلات أو أمراض نفسية لا يستطيع فى كثير من الحالات الاستفادة من أساليب العلاج الغربية التى تعتمد على حث المريض وتحريضه على الحرية الجنسية على أساس أنها من أهم أسس الصحة النفسية فى المفاهيم الغربية. وذلك بالطبع دون مراعاة لظروف النشأة الدينية والاجتماعية ومنظومة القيم والمفاهيم التى تحكم سلوك المريض الشرقي ، ولذلك فقد نتج عن هذه الأساليب العديد من المضاعفات والانتكاسات لكثير من المرضى الذين يعالجون بها , ولقد عالجت عشرات الحالات التى تدهورت وأصيبت بأعراض وانتكاسات حادة نتيجة علاجها بأساليب وطرق غير مناسبة.. ومما زاد الطين بله وجود عدد من المعالجين بهذه الأساليب من غير المتخصصين وممن تلقوا دورات أو تدريبات قصيرة المدى لا تتعدى فى بعض الأحيان أيام أو أسابيع محدودة .

    .. ويمثل الحوار الذاتي أهمية قصوى فى الخلوة العلاجية حيث يعتبر تعديل الحوار الذاتي – ما يقوله الشخص لنفسه - إلى جمل ايجابية حماسية متفائلة من أهم خطوات الخلوة العلاجية حيث يقوم الفرد ببناء وتصميم هذه الجمل والعبارات الايجابية الصحية ويكررها بتركيز ذهني عالي ويجعلها تحل محل الجمل والعبارات السلبية التى يقولها لنفسه ، والتي تتسبب فى التوتر الاكتئاب وهزيمة الذات .

    ولا شك أن الخلوة والتأمل هي من الخصائص المميزة للشخصية العربية، وأن الاعتماد على الرعي والزراعة قد أتاح الفرصة للتأمل والانطلاق بالخيال فى أماكن رحبة متسعة لا يقوم النشاط الإنساني فيها على التحديد والضبط والدقة الشديدة التى تتميز بها المجتمعات الصناعية، ولقد أدركت المجتمعات الغربية أهمية تنمية القدرة على التأمل ودوره فى الصحة النفسية بل وفعاليته فى العلاج النفسي .

    إن الخلوة تحقق للشخص العربي فرصة سانحة بالاسترخاء الذهني والجسدي الذى يحتاجه فى ظل ظروف وضغوط هذا العصر وهى أيضا فرصة للتدريب على الضبط الذاتي لطرد الافكار السلبية والانهزامية وغرس الافكار الايجابية وإعادة تقييم سلوكياته ومتابعة التدريب عليها وهى فى النهاية يمكن أن ينظر إليها على أنها أسلوب سهل يناسب الشخصية العربية ويساعدها على تثبيت وغرس منظومة القيم والأخلاقيات وتحويلها إلى أنماط سلوكية وعادات راسخة ، ولا اعتقد أن هناك وسيلة أخرى فى ظل التشتت الذى تمليه علينا الفضائيات والثقافات والعادات المثيرة والمبهرة التى تخترق حياتنا من كل اتجاه يمكن أن تقوم بتحويل النسق الوعظي والتعليمات الخطابية والحكم البلاغية إلى سلوكيات عملية إلا من خلال التدريب على إعادة برمجة العقل والتأمل بأسلوب الخلوة العلاجية وهى فى النهاية محاولة لتحويل الثقافة العربية التقليدية بازدواجياتها وما تسببه من صراعات نفسية تستهلك طاقات الفرد فقط فى حدود الخطابة والهتاف بمكارم الأخلاق لحظات الحماس ثم تبخر هذه الشعارات الانفعالية بعد لحظات ونسيانها .

    أما عن مفهوم الخلوة فى التراث الديني فهو يشمل العديد من المفاهيم والمعاني منها ترك مشاغل الدنيا والتفرغ لذكر الله ومناجاته وأن يخلو الإنسان بنفسه لكي يتأمل عالمه الداخلي ولكي يتعبد ويحاسب نفسه على أخطائها.. ولكي يزيد نفسه صقلاً وصفاء.

    ولقد نصح الرسول – صلى الله عليه وسلام – عقبة بن عامر رضي الله عنه بالخلوة .. قائلاً : "أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك.." (رواه أبو داود والترمذي).

    فوائد الخلوة...

    ولقد رأى العديد من علماء وفقهاء الإسلام أن فى الخلوة فوائد ومميزات كثيرة منها:

    · تجنب آفات اللسان وعثراته الكثيرة ، وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : "رحم الله عبداً سكت فسلم أو تكلم فغنم" .

    · البعد عن الرياء والمداهنة .. والزهد في الدنيا .. والتخلق بالأخلاق الحميدة.

    · تفقد أحوال النفس.

    · حفظ البصر .. وتجنب النظر إلى ما حرم الله النظر إليه.

    · التفرغ للذكر.. ويروى عن سيدنا معاذ بن جبل ـ رضي الله عنه – أنه قال : "كلم الناس قليلاً ، وكلم ربك تعالى كثيراً ، لعل قلبك يرى الله تعالى .."

    · تهذيب الأخلاق .. والبعد عن قسوة القلب ..وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله ، فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب ، وأن أبعد الناس من الله تعالى القلب القاسي " . ( رواه الترمذي والبيهقي )

    · التمكن من عبادة التفكر والاعتبار .. وقد وصف الإمام الغزالي حالة من التفكر فوق مستوى الوعي العادي واليقظة !!.. يستطيع المرء أن يدرك فيها مالا يدركه العقل وحواسه في الحالات العادية .

    · لذة المناجاة .. حيث يقول الإمام "الغزالي" في موسوعته "إحياء علوم الدين" عن آراء بعض الأولياء والصالحين : "أنه ليس في الدنيا وقت يشبه نعيم أهل الجنة إلا ما يجده أهل المناجاة في قلوبهم بالليل من حلاوة المناجاة" .. وقال بعضهم أيضاً .. : "لذة المناجاة ليست من الدنيا ، وإنما هي من الجنة أظهرها الله تعالى لأوليائه ، لا يجدها سواهم" .

    · محاسبة النفس ومعاتبتها .. قال تعالى : "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد" ( سورة الحشر 18) .. وهذه إشارة واضحة إلى ضرورة محاسبة النفس على ما مضى من أعمال .. وان يلوم الإنسان نفسه إذا أخطأت .. وأن يذكرها بطريق الصواب والهداية: "وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين" ( سورة الذاريات 55).

    وهكذا .. فإن الخلوة تتيح للإنسان الابتعاد المؤقت عن عالم الضوضاء والهرج والمرج إلى واحة الخلوة بهدوئها وما تمنحه إياه من صفاء ذهني ونفسي يجعله يرى بوضوح حقيقة وأسباب مشاكله وهمومه .. ويرتب أفكاره وخططه وأهدافه .. ويشحن قواه المعنوية .. ويشحذ همته وشجاعته لمواجهة الصعوبات .. واستعادة عزيمته ومضاعفة ثقته بنفسه. إضافة إلى تجديد صلته بربه وتوثيقها.. وإدراك أن ضغوط الحياة ومشاكلها لا تستحق كل هذا العناء وأن الإنسان يستطيع أن ينجو منها عندما يريد إذا دخل إلى واحة الخلوة وأطلق العنان لخياله وتأملاته.

    والخلوة بما تحتويه من تأمل وتخيل وحوار ذاتي – وجميعها عوامل فكرية – تساعد على تعديل انفعالات الفرد وسلوكه.

    ولقد ثبت بالعديد من الأدلة التجريبية والإكلينيكية أن العوامل الفكرية التى تشمل التفكير والتخيل والتصور والاستنتاج والتوقع تتصل وتؤثر فورًا على مراكز الانفعال بالدماغ التى تفرز بالتالي عددًا من الهرمونات والمواد الناقلة العصبية المسببة للتوتر والتغيرات الفسيولوجية المصاحبة له.

    ومن هرمونات التوتر المعروفة هرمون الأدرينالين الذى يؤدى إفرازه إلى توتر العضلات وخفقان القلب وارتفاع ضغط الدم وزيادة معدل التنفس، واتساع حدقة العين، ونقل كميات كبيرة من السكر من الكبد إلى الدم حتى تتوفر الطاقة والوقود للمعركة التى استعد لها الجسد بأمر من مراكز الانفعال تحت تأثير العوامل الفكرية المخيفة والمهددة، ويصاحب هذه التغيرات أيضًا تعطل عمليات الهضم واضطراب إفراز العصارات المعدية والمعوية.

    كما تساعد الخلوة العلاجية الشخص على التدريب على ضبط الانتباه والتحكم فيه.. وبتكرار ممارسة جلسات الخلوة يكتسب الفرد قدرة أكبر على طرد الأفكار الهدامة وتحويل انتباهه وتركيزه إلى شئ آخر مضاد يحقق له الطمأنينة والهدوء والسكينة مثل ذكر الله أو الدعاء.

    وبعد فترة من ممارسة الخلوة يشعر الشخص بسهولة التخلي عن التفكير السلبي والاندماج القهري فى الأفكار والمواقف المؤلمة.كذلك يفيد ذلك التدريب الشخص على التحكم فى درجة التهيؤ الذهني.. بالتركيز على موضوع إيجابي مرغوب بوضعه فى بؤرة الوعي والشعور مع استخدام التكرار والترديد بأسلوب يماثل التسميع الذاتي الذى يستخدمه الطلاب لإبقاء معلومة معينة فى حالة نشطة فى الذاكرة. ويرى بعض علماء النفس أن أصحاب القدرات والمهارات الفائقة يحققون قدراتهم الخارقة بتكرار تركيز الانتباه والتهيؤ الذهني وحصر التفكير فيما يريد ذلك الشخص إنجازه.

    جلسة الخلوة العلاجية....

    تبدأ جلسة الخلوة العلاجية بإعداد وتجهيز المكان الملائم .. والذي يجب أن يتصف بالهدوء وعدم وجود ما يشتت الانتباه من ضوضاء أو أصوات أجهزة تليفزيون أو مذياع وخلافه .. وأن يوجد في هذا المكان مقعد مريح.. ومنضدة.. وساعة لتحديد الوقت.. ودفتر أو أوراق وقلم لتسجيل الأفكار والملاحظات.. ويفضل إغلاق جرس التليفون .

    كما يجب أن يكون المكان مريحاً نظيفاً.. ويمكن تزويد المكان ببعض الزهور أو النباتات.

    ومدة جلسة الخلوة 30 دقيقة.. يوميا أو 3 مرات أسبوعيًا ويقسم وقت الجلسة على خطواتها الثلاث بحيث تستغرق كل خطوة حوالي 10 دقائق تقريبًا.. ولكي يحقق الفرد التحسن المرغوب والتغير الإيجابي الذي يبقى لفترات طويلة يجب أن يمارس الخلوة العلاجية لمدة 3 شهور على الأقل. ولا تتعارض جلسة الخلوة العلاجية مع تناول العقاقير المهدئة أو المضادة للقلق أو الاكتئاب إلا إذا كان الشخص فى حالة تهدئه زائدة بسبب تلك العقاقير.

    ويجب أن نشير إلى أن جلسة الخلوة يمكن أن تؤدى أيضًا إلى نتائج طيبة إذا لم تتوافر هذه الشروط جميعًا.. بل أن البعض استطاع أن يحقق فائدة جيدة من ممارسة الخطوة الأولى فقط من خطوات الخلوة وفى وقت أقل من نصف الوقت المذكور.

    ويمكن إيجاز خطوات الخلوة العلاجية كالآتي:

    الخطوة الأولى: " الخروج من الدوامة "

    تهدف هذه الخطوة إلى:

    ‌أ- الخروج الفوري من التوتر والقلق والانفعالات غير المرغوبة بالاسترخاء والتنفس العميق ببطء.. ولمدة خمس دقائق تقريبًا.

    ‌ب- الخروج أيضًا من لعبة تبديد وإهدار الطاقات النفسية والذهنية بأن يصدر الشخص الأوامر لعقله ومخيلته بطرد جميع الأفكار الانهزامية السلبية وأن يطرد أيضا وبحزم أى تخيل أو تصور مكروه أو مزعج أو مخيف.

    ‌ج- إصدار أوامر للعقل بالتسامح والعفو (مع تكرار الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة التى تدعو لذلك).

    الخطوة الثانية : " التأمل والتشبع بالرضا "

    تهدف هذه الخطوة إلى:

    ‌أ- أن يتأمل الإنسان ويستعرض النعم الذى وهبه الله إياها.. وأن يستخدم مخيلته وذاكرته فى اجترار واستعراض هذه النعم.

    ‌ب- أن يكرر وهو يستعرض هذه النعم وما حققه من إنجازات – مهما كانت ضئيلة ومحدود – عبارة "الحمد لله .. الحمد لله".

    الخطوة الثالثة: " شحن وتوجيه الإرادة "

    وتهدف هذه الخطوة إلى:

    ‌أ- تعديل الحوار الذاتي وما يقوله الفرد لنفسه أثناء الخلوة بحيث يصيغ جملاً وعبارات حماسية وإيجابية تغرس فى نفسه الحماس والعزيمة والأمل.

    ‌ب- إعادة صياغة الأهداف وخطوات تحقيقها... ويمكن أن يسجل الهدف المراد تحقيقه فى ورقة متابعة يحتفظ بها الشخص كنموذج لخطة عمل مبسطة تجعله يركز دائمًا على هدفه ويتجنب التشتت في المشاكل والمشاغل الجانبية وأن يراعى التدرج والاستمرارية بصبر لتحقيق ذلك الهدف وان يستعين بالدعاء وطلب العون والمدد من الله تعالى.

    ‌ج- كذلك فان الخلوة العلاجية تمثل فرصة لمناجاة الخالق سبحانه وتعالى وتأمل آيات كتابه العظيم وأحاديث رسوله الكريم.

    وتمهد كل خطوة من هذه الخطوات الطريق للخطوة التالية.. فالخطوة الأولى تخفض درجة التوتر والقلق والانفعالات غير المرغوبة فتسمح للذهن بالتأمل وغرس الشعور بالرضا.. والذي يؤدى بالتالي إلى مزيد من التحرر من الشحنات الانفعالية.. فتتحسن القدرات الذهنية وتزداد القدرة على التركيز والأداء الذهني والحماس والدافعية مما يضاعف من القدرة والإرادة لإنجاز الأهداف المرغوبة.
    ويوضح الرسم التخطيطي التالي التسلسل المتصاعد في مراحل الخلوة العلاجية وأن كل خطوة تمهد لما يليها في تحسين الأداء الذهني والنفسي.

    وتعتمد ممارسة خطوات الخلوة بالتفصيل على حالة الشخص وظروفه المختلفة لذلك تختلف الخطوات من حالة إلى أخرى.
    alhdhd45
    alhdhd45


    عدد المساهمات : 1337
    تاريخ التسجيل : 03/03/2011
    الموقع : hmsain.ahlamontada.com

    أساليب العلاج النفسى الدينى Empty أساليب العلاج النفسى الدينى تابع

    مُساهمة  alhdhd45 الجمعة 3 يونيو 2011 - 19:58

    أسلوب التشبع بالرضا
    " التشبع بالرضا يشمل رضا الشخص عن قدراته وصورته وهيئته وإمكانياته "التى منحها الله له
    لكي يصل الشخص لذلك الشعور الجميل بالرضا والسكينة عليه أن يركز تفكيره وخياله فى استعراض وتأمل النعم التي أنعم الله بها عليه من الصحة والستر والمال والولد ، والقدرة على الاستمتاع بالحياة في حدود (هنا والآن) كما يقول مبدأ مدرسة "الجشطلت" الألمانية في العلاج النفسي .. وأن يحمد الله على ما أعطاه إياه من حواس وملكات ونعم وقدرات لا تقدر بمال ولا يمكن تعويضها بكنوز الدنيا وما فيها .. كذلك عليه أن يستعرض ما حققه من نجاح (مهما كان محدودًا) وما استطاع أن يقدمه ويتلقاه من حب وعطف من أفراد الأسرة والأصدقاء والزملاء والجيران. وأن يكرر باستخدام ذهنه ومخيلته عبارة "الحمد لله" باستغراق ذهني واندماج متجرد من نهم الرغبات والشهوات الزائلة
    ولقد حقق هذا الأسلوب البسيط – حتى عند استخدامه بمفرده – زوال التوتر والقلق والشعور بالسلام والرضا والطمأنينة لعشرات ممن كانوا يعانون من قلق الصراع الدامي لتحقيق الرغبات والطموحات .. بل استطاع عدد من المرضى الذين كانوا يعانون من الأرق والكوابيس المزعجة المخيفة أن يستمتعوا بنوم هادئ عميق عند ممارسة هذا الأسلوب قبل النوم مباشرة. وبالطبع.. يكتمل الشعور بالرضا إذا أقترن أيضا بالدعاء والذكر وطلب العون والمدد من القوى المعين سبحانه وتعالى
    والتشبع بالرضا يشمل أيضًا رضا الشخص عن قدراته وصورته وهيئته وإمكانياته التى منحها الله له.. وأتذكر شابًا فشل فى الارتباط والزواج عدة مرات بسبب شعوره بقبح شكله مما كان يثير لديه الشعور الشديد بالنقص والخجل والارتباك .. وباستعراض تاريخه الشخصي وخبراته السابقة أتضح أنه كان مقبولاً من أكثر من فتاة ولكن زواجه لم يكتمل بإحداهن لأسباب مادية فطلبت منه أن يسجل هذه الخبرات الإيجابية وأن يجعلها حيه فى ذهنه ويركز تفكيره فيها ويرددها لنفسه كلما شعر بقبح شكله أو كلما حدث موقف يوحى إليه بذلك.. ولقد تم تدريبه فى جلسات الخلوة على التركيز على هذا الموضوع فى الخطوة الثانية.. ورغم أن هذه الأفكار كانت تسيطر على ذهنه بإلحاح إلا أنه استطاع بعد عدة شهور التخلص منها.. ومن المشاعر والانفعالات السلبية التى تعقبها
    وللاستفادة العملية من هذا الأسلوب يمكن للشخص أن يمارس الخطوات التالية أثناء جلسة الخلوة العلاجية كالآتي
    ‌أن يتأمل الإنسان ويستعرض النعم التى وهبه الله إياها.. وأن يستخدم مخيلته وذاكرته فى اجترار واستعراض هذه النعم
    ‌أ ن يكرر وهو يستعرض هذه النعم وما حققه من إنجازات – مهما "كانت ضئيلة ومحدودة – عبارة "الحمد لله .الحمد لله



    التسامح .... علاج نفسى سريع المفعول
    ثبت علمياً أن من أهم صفات الشخصيات المضطربة والتي تعاني من القلق المزمن
    هو أنها لا تعرف التسامح .. ولم تجرب لذة العفو ونسيان الإساءة.
    ولقد ضرب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عشرات الأمثلة على التسامح والعفو، وعلى نفس الدرب سار الصحابة رضوان الله عليهم .. قال الله تعالى:"خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين" .
    ( الأعراف 199)
    وقال تعالى: "وإن تعفو أقرب للتقوى" ..وقال صلى الله عليه وسلم: "أفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك".
    أنت أيضاً تستطيع أن تدرب نفسك على العفو والتسامح بتكرار هذه الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة في السيطرة على الغضب وغرسها في ذهنك والاستعانة بها خلال جلسات الخلوة، بل وأن تسجلها وتحتفظ بها في ورقة في دفترك أو في حافظة نقودك لتعود إليها كل فترة وتستعين بها في إطفاء نار الغضب التي تنشأ نتيجة العديد من الأسباب ـ في عصرنا هذاـ مثل الزحام والتنافس على لقمة العيش بل ونتيجة أسباب بسيطة ومتكررة ويومية مثل تبادل التحية بين الناس أو عدم تقديم التحية المناسبة والترحيب بالجار أو الزميل .. وما يكتنف ذلك من سوء تفسير وتأويل والاعتقاد الخاطئ بتجاهل البعض لنا أو تعمدهم عدم تقديرنا.




    الفرق بين الخلوة العلاجية و الاعتكاف
    مفهوم الخلوة في الإسلام ـ كما ذكرناه يختلف عن الاعتكاف وعن التصوف.

    فالخلوة فى المفهوم الإسلامى تعنى اختلاء الفرد بربه فترة من الزمن ينسلخ فيها من هموم الدنيا ومشاغلها .. ويتوجه إلى الله بالذكر والدعاء والمناجاة ،والخلوة ليست البعد عن الناس حباً في العزلة.. أو هروباً من مواجهة أعباء الحياة ومسئولياتها .. بل هي فترة قصيرة من البيات والكمون .. واستراحة محدودة لتصفية الذهن وتنقية النفس وإجلاء البصيرة وتطهير الروح .. إنها أشبه ماتكون بالصيانة الدورية المنتظمة لاكتشاف أوجه القصور والتقصير .. والتفكير في آلاء الله وتأمل حكمته وجميل صنعه.. ثم العودة لتأمل مسيرة الحياة وتعديل ما يستطيع المرء منها.

    ومن جانب آخر يمكن الأستفادة من خواص الخلوة فى بعض النواحى العلاجية , حيث تعتبر الخلوة صقلاً للإرادة ..والخلوة أيضاً تحقق للإنسان الأسترخاء وفرصة التأمل والتركيز الذهنى الذى يساعد الفرد على الوصول إلى أفضل الحلول لمشاكله .. والأفكار المبتكرة الخلاقة.. والإبداع الراقي المستنير .. وهي تعوضه عن بعض خسائره .. فعندما اعتزل سيدنا إبراهيم عليه السلام قومه ،أبدله الله من هو خير منهم .. ووهب له إسحاق ويعقوب وجعلهما من الأنبياء : "فلما أعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلا (جعلنا نبياً ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق علياً" (سورة مريم:49)

    ولقد وصف كثير من الأولياء والصالحين ما يحدث للمرء بعد الخلوة من إشراق نفسي وروحي وإلهام ذهني وعقلي خاصة إذا اتسمت تلك الخلوة بالوضوء ودوام أداء العبادات والذكر وتحمل مشقة الصوم والحرمان من لذات الدنيا.

    ويرى البعض أن في الخلوة صقلاً لتحمل الإنسان لحوادث الدهر وعدم الجزع من قضاء الله أو الخوف على الرزق .. وإدراك حقيقة الدنيا ..وقبول قضاء الله وقدره برضا واقتناع.

    : وفي هذا يقول الإمام الشافعي رضي الله عنه
    دع الأيام تفعل ما تشاء
    ولاتجزع لحادثة الليالي
    وكن رجلاً على الأهوال جلداً
    يغطي بالسماحة كل عيب
    ولاحزن يدوم ولاسرور
    ولاترى الأعادي قط ذلا
    ولاترج السماحة من بخيل
    ورزقك لن ينقصه التأني
    إذا ما كنت ذا قلب قنوع
    وطب نفساً إذا حكم القضاء
    فما لحوادث الدنيا بقاء
    وشيمتك السماحة والصفاء
    وكم عيب يغطيه السخاء
    ولاعسر عليك ولا رخاء
    فان شماتة الأعداء داء
    فما في النار للظمآن ماء
    وليس يزيد في الرزق العناء
    فأنت ومالك الدنيا سواء


    والخلوة من هذا المنطلق تختلف عن الزهد والتصوف ويقول "عباس محمود العقاد" في كتابه "التفكير فريضة إسلامية" .. : "إن التصوف في أمم الغرب المسيحية يشتق من الخفاء أو السر ويطلقون عليه اسم" مستسزم" "Mysticism" أي السرية.. أو المعاني الخفية . فخاصته المميزة له عندهم هي البحث في البواطن والتعمق في الأسرار المغيبة وراء الظواهر "..

    واسم التصوف العربي مختلف في اشتقاقه وسبب إطلاقه ، فالقول الشائع انه مأخوذ من الصوف، وأن المتصوف هو الذي يتخشن بزي النساك المتعبدين، وخاصته المميزة له على هذا المعنى أنه زهد وتقشف وابتعاد عن الترف والمتعة .. ويضيف : "إذا صح هذا التخريج فالصوفي اسم منقول على سبيل التشبيه لايدل على الخاصة المميزة للصوفية بعد الإسلام … "

    "معنى التصوف مقابل لمعنى الحكمة العقلية وهي الفلسفة، لأن الصوفي يطلب الحكمة عن طريق الدين .." ويؤكد في موقع آخر : فالتعمق في طلب الأسرار صفة مشتركة بين الصوفية وفلاسفة التفكير الذين يغوصون فى الحقائق البعيدة وعلماء النفس الذين ينقبون عن ودائع الوعي الباطن وغرائب السريرة الإنسانية .. ثم قسم العقاد الصوفية إلى نوعين : الأول هو نوع العقل والمعرفة والثاني هو نوع القلب والرياضة.. ومن حيث موقع الصوفية من الدنيا فقد قسمها إلى نوعين : نوع يتخطاها وينبذها.. ونوع يمشي فيها ويصل منها إلى الله .. وأن كل هذه المذاهب عرف في الإسلام على أوفاه ، فمن الصوفية العقليون طلاب المعرفة من يحسب في عداد الفلاسفة الأفذاذ ، ولانعرف في عقول الفلاسفة عقلاً يفوق عقل الغزالي في قوة التفكير ، ولا نعرف موضوعاً من موضوعات الحكمة الإلهية لم يلتفت إليه محي الدين بن عربي .. أما الصوفيون القلبيون فهم يلتمسون المعرفة المباشرة برياضة النفس على قمع الشهوات وعندهم أن شهوات الإنسان هي الحائل بينه وبين النور.

    ويشرح العقاد في موقع آخر أن الصوفية من حيث علاقتها بالدنيا نوعان كما تقدم : نوع يرفضها لأنها وهم وغشاوة مزيفة كالطلاء الذي يوضع على المعدن الخسيس ليخيل إلى الأنظار أنه معدن نفيس ، ونوع آخر يخوض غمار الدنيا ليبتليها ويمتحن نفسه بتجاربها وغواياتها .. وعنده أنها جميلة لأنها من خلق الله ، وكل ما يخلق الله جميل .. وهذا النوع الأخير من الصوفية ـ كما يقول العقاد ـ أقرب أنواعها إلى الإسلام، وليس على المسلم حرج أن يرى للدنيا ظاهراً خادعاً وباطناً صادقاً أجمل من ظاهرها ، فإن قصة الخضر ـ مع موسى عليهما السلام تدور كلها على التفرقة بين الظواهر والبواطن في الأحكام والنيات.

    وفي كتاب آخر للعقاد هو كتاب "الفلسفة القرآنية" يؤكد أن : "التصوف في الحقيقة غير دخيل في العقيدة الإسلامية ".. و "أن القرآن حين يفتح للمسلم أبواب الحياة الجسدية وينهاه أن يترك العمل لينقطع عن الدنيا وينسى نصيبه منها" واتبع فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا .. ويعتقد العقاد أن التصوف يساعد الفرد على تنمية ملكاته العقلية والروحية وان التصوف مباح لمن يطيقه وهو لا يفرض على المسلمين مبرراً ذلك بأن هذه النزعة تثمر ما أسماه " القصد الحيوي" الذي ينظم ثروة الروح وثروة العقول والأبدان.

    أما الاعتكاف في المسجد فيختلف في تعريفه وشروطه عن الخلوة أيضاً .. فالاعتكاف معناه لزوم الشيء وحبس النفس عليه .. ويقصد به كما يقول الشيخ "سيد سابق" في كتابه " فقه السنة " : هو لزوم المسجد والإقامة فيه بنية التقرب إلى الله عز وجل ، وأنه مشروع بإجماع العلماء، حيث كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعتكف في كل رمضان عشرة أيام ، وقد اعتكف أصحابه وأزواجه معه وبعده.

    والاعتكاف ينقسم إلى مسنون وواجب ، فالمسنون ماتطوع به المسلم تقرباً إلى الله ، وطلباً لثوابه ،وإقتداء بالرسول صلوات الله وسلامه عليه، ويتأكد ذلك في العشر الأواخر من رمضان .. والاعتكاف الواجب هو ما أوجبه المرء على نفسه، أو بالنذر المعلق مثل أن يقول : إن شفا الله مريضي لأعتكفن كذا. وفي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "من نذر أن يطيع الله فليطعه" ،كما ورد أن عمر رضي الله عنه قال " يا رسول الله أني نذرت أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام. فقال : أوف بنذرك" .

    ومن حيث المدة فان الاعتكاف الواجب يؤدي حسب ما نذره وسماه النادر، فان نذر الاعتكاف يوماً أو أكثر وجب الوفاء بما نذره . والاعتكاف المستحب ليس له وقت محدد ، فهو يتحقق بالمكث في المسجد مع نية الاعتكاف ، طال الوقت أم قصر ويثاب مابقي في المسجد ، فإذا خرج منه ثم عاد إليه جدد النية إن قصد الاعتكاف ، وللمعتكف أن يقطع اعتكافه المستحب متى شاء ، قبل قضاء المدة التي نواها.

    ويستحب للمعتكف أن يكثر من نوافل العبادات، وأن يشغل نفسه بالصلاة وتلاوة القرآن والتسبيح والتحميد والاستغفار والصلاة والسلام على النبي صلوات الله عليه وسلامه والدعاء والتكبير ونحو ذلك من الطاعات التي تقرب إلى الله تعالى.. ومما يدخل في هذا الباب دراسة العلم واستذكار كتب التفسير والحديث ، وقراءة سير الأنبياء والصالحين وغيرها من كتب الفقه والدين.

    ويتضح لنا في النهاية مدى اختلاف الخلوة العلاجية .. عن التصوف والاعتكاف في المسجد .. فالخلوة العلاجية هي جماع بين التقرب إلى الله والتخلص من هموم الدنيا والأفكار الخاطئة والانفعالات السلبية وإعادة تنظيم وتفحص عالم النفس والتخلص – قدر الامكان – من الاضطرابات والمشكلات النفسية.. واستعادة التوازن والقوة والثبات.. بمنهج وطريقة علمية حديثة .. وبلغة هذا العصر وأدواته.. وتلبية لظروفه وضغوطه وإحتياجاته..






    ذكر الله طارد للمخاوف



    ذكر الله يزيل المخاوف والأفكار والتصورات السلبية والوساوس ويطردها من الذهن فى الحال , ويعيق تأثيرها على مراكز الانفعال .. وهذه الحقيقة هي حجر الزاوية وأساس أسلوب الخلوة العلاجية الذي تأكد من خلال دراساتي وملاحظة عشرات الحالات من المرضى والمتطوعين. ولقد أثبتت الاختبارات النفسية والتقييم الإكلينيكي واستمارات ملاحظة الذات انخفاض معدلات الانفعالات المختلفة نتيجة زوال الأفكار الخاطئة والمخاوف والوساوس باستخدام أسلوب الخلوة العلاجية .

    وتتوافق هذه النتائج مع ما ورد في كتب الوعظ والإرشاد والفقه وغيرها عن فضيلة الذكر في بث الطمأنينة في النفس (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) وتخليصها من الخوف والغضب والانفعالات السلبية غير المرغوب

    ويؤكد الأمام الغزالي : "أنه بالذكر تنمحي المخاوف، فإذا ذكر الذاكر الله عمرت قلبه الطمأنينة، وغمره الرضا، بعد أن كان متوجساً خائفاً، يائساً قانطاً .." والذكر كما يقول الشيخ سيد سابق في كتابه "فقه السنة" .. "هو ما يجرى على اللسان والقلب، من تسبيح الله تعالى وتنزيهه وحمده والثناء عليه ،ووصفه بصفات الكمال ونعوت الجلال"

    وقد ورد في العديد من معاجم الألفاظ والتفسيرات أن ذكر الله هو "إقرار باللسان، وتصديق بالقلب" .. أي أنه ترديد وتكرار مع تركيز
    ذهني يوقظ المشاعر .. ويحرك القلب .. وبالتالي يمكن أن يؤثر في محتوى وعمليات التفكير ، ويساعد بالتالي على إيقاف وطرد الأفكار والتصورات والتخيلات المشوهة والانهزامية المسببة للأمراض النفسية المختلفة .

    ولقد جربت مع عدد من المرضى ومن الأشخاص العاديين الذين يعانون من مشاكل شخصية واضطرابات في التوافق درجة أعمق من الترديد والتكرار للأذكار المختلفة تشمل تأمل معنى كل كلمة وكل لفظ يصف قدرة الله ـ عز وجل ـ على مساعدة العبد وعونه والتركيز على المعنى واستخدام المخيلة في تصور أشكال المساعدة والعون التي يتمناها الإنسان من خالق ه عز وجل .. ولقد كانت النتائج مبشرة وحققت درجة أسرع وأطول أثراً في خفض معدلات التوتر والإحباط وإزالة الانفعالات السلبية .. ولكن استخدام المخيلة وتأمل المعاني فى هذا المجال مازال يحتاج إلى دراسات أخرى.

    وبقول الشيخ سيد سابق في كتابه فقه السنة : "إذا اطمأن القلب للحق اتجه نحو المثل الأعلى، وأخذ سبيله إليه دون أن تلفته عنه نوازع الهوى، ولا دوافع الشهوة. ومن ثم عظم أمر الذكر، وجل خطره في حياة الإنسان، ومن غير المعقول أن تتحقق هذه النتائج بمجرد لفظ يلفظه الإنسان، فإن حركة اللسان قليلة الجدوى مالم تكن مواطئة للقلب، وموافقة له" .

    وتشير الآية الكريمة من سورة الأعراف إلى الذكر فتقول : "واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولاتكن من الغافلين" (الأعراف205).

    والآية تشير إلى أنه يستحب أن يكون الذكر سراً، لاترتفع به الأصوات. ويضيف الشيخ سيد سابق في نفس المرجع المذكور: ومن الأدب أن يكون الذاكر نظيف الثوب طاهر البدن طيب الرائحة، فإن ذلك مما يزيد النفس نشاطاً، ويستقبل القبلة ما أمكن، ولقد وردت العديد من الآيات الكريمة في الذكر، منها:

    (" ألا بذكر الله تطمئن القلوب " ( سورة الرعد 28

    (" فاذكروني أذكركم " ( سورة البقرة 152

    (" اذكروا الله ذكراً كثيراً " ( سورة الأحزاب 41 .




    الإعجاز العلمي والنفسي في الصوم

    دراسة طبية ونفسية عن بيولوجيا الجهاز العصبي والسلوك أثناء الصوم

    ملخص الدراسة

    تحاول هذه الدراسة الإجابة عن العديد من التساؤلات التي أوردها بعض المستشرقين وبعض المشككين وهواة الجدل، في عصر ازدهار تكنولوجيا علم النفس الفسيولوجي والدراسات النفسية و البيولوجية للمخ والجهاز العصبي للإنسان

    حيث يسأل البعض ما هي الحكمة من الصوم وتحمل الحرمان والصيام عن أشياء حللها الله من غرائز وشهوات ورغبات بل وأحلها له طوال العام وما فائدة ذلك ؟

    وتجيء عدة إجابات غير مباشرة من دراسات حديثة من الغرب نفسه فالشيء المدهش أن يصدر من الغرب في السنوات الأخيرة سلسلة دراسات صدر أغلبها من الولايات المتحدة الأمريكية ومراكز علمية غربية أخرى تشير إلى خطورة انفجار رغبات الناس وتضخم شهواتها وفقد قدرتهم على تقليل النهم وكثرة الاختيارات وتعدد الاستجابات وعدم السيطرة على غريزة التملك وشهوة الرغبات.


    فقد أكدت دراسات " د. كانمان " من جامعة " برنستون " الأمريكية أن عدم خفض الاختيارات والتحكم في الرغبات قد أدى بالفعل – حسب دراسته الميدانية – إلى تزايد الإحساس بالكآبة بل وظهور معدلات الاكتئاب بدرجة تتناسب عكسياً مع وفرة وكثرة الاختيارات، وأشار أن الناس لم يتعلموا طريقة للسيطرة على شهواتهم

    أما دكتور " تفيرسكي " من جامعة "ستانفورد " فقد توصل إلى نفس النتيجة، وأخيراً في عام 2004 صدرت دراسة دكتور " باري شوارتز " Barry Schwartz التي أكدت ارتفاع معدلات مرض الاكتئاب ومشاعر الإحباط و التعاسة نتيجة الإفراط في الاختيارات وعدم القناعة – وهذا اللفظ بدأ يدخل ضمن الاصطلاحات النفسية العلمية – وأشار أيضاً إلى أن أغلب أفراد المجتمع لا يعرفون طريقة لضبط شهواتهم وخفض نهم وشره رغباتهم

    كل هذه الدراسات وغيرها تؤكد ضرورة أن يتدرب الإنسان ولو لأسابيع محددة على هذا الأسلوب من الضبط الذاتي للشهوات وبالتالي للغرائز و الانفعالات والسلوك.. أي ضرورة أن يتعلم ضبط شهواته بالصوم لفترة كافية، ولقد أدهشني تخصص مراكز طبية في الغرب للعلاج بالصوم مع التأمل المتسامي Transcendental meditation ومنها مركز شهير في السويد وآخر في البرتغال
    وتتضح حكمة الصوم وفوائده إلى جانب حكمته الدينية التي لا يستطيع بشر الوصول إلى أعماق أسرارها.. فالله سبحانه يقول في كتابه العزيز " يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون " .. ثم تأتي أحاديث الرسول – صلى الله عليه وسلم – لتحدد موصفات الصوم المتكامل الذي يتصف بضبط الشهوات والصبر على الرغبات وتحمل الجوع والعطش .. أي برنامج متكامل لتنمية قدرات الإنسان على الضبط الذاتي وإعادة برمجة الجهاز العصبي والسلوكي بلغة هذا العصر ، فيقول صلى الله عليه وسلم : " ليس الصيام من الأكل والشرب وإنما الصيام من اللغو والرفث فإن سابك أحد ، أو جهل عليك، فقل إني صائم .. إني صائم"..( في حديث النبي عن أبي هريرة رضي الله عنه
    ولقد تأكدت من خلال دراسة أكثر من عينة عشوائية من المتطوعين وأصحاب المشكلات النفسية من جوانب الإعجاز العلمي والنفسي في الصوم، وفعاليته في تعديل التفكير والسلوك والتخلص من العادات غير المرغوبة وتنمية القدرة على الضبط الذاتي


    ونوجز نقاط الإعجاز العلمي الحديثة عن الصوم في المنهج الإسلامي كالأتي
    · إن الضبط الذاتي الذي يلتزم به الصائم بيولوجيا ونفسياً وسلوكياً .. ابتداء من الامتناع عن الأكل والشرب والجماع ، وانتهاء بكف الأذى وغض البصر .. يمنحه تدريباً عالياً وقدرة جيدة على التحكم في المدخلات والمثيرات العصبية مع القدرة على خفض المؤثرات الحسية ومنعها من إثارة مراكز الانفعال لديه بدرجة ترتبط بخفض الإثارة في نشاط التكوين الشبكي في المخ .. وهذه الحالة هي درجة من الحرمان الحسي deprivation Sensory . ولقد ثبت أن تقليل المؤثرات الحسية له تأثيرات إيجابية على النشاط الذهني والقدرة على التفكير المترابط العميق والتأمل والإيحاء .. وإن الضبط الذاتي قد اتبع في أغلب الأديان وبواسطة الأنبياء والحكماء والمفكرين .. وأنه يمنح الإنسان قدرات عالية على الصفاء والحكمة والتوازن النفسي


    · إن تحمل ألم الجوع والصبر عليه يحسن من مستوى مادة السيروتونين Serotonin وكذلك ما يسمى بمخدرات الألم الطبيعية التي يقوم المخ بإفرازها وهي مجموعتان تعرفان بـ : (1) مجموعة الأندورفين Endorphins كب من 31 حمضاً أمينياً Amino Acids مستخلصاً من الغدة النخامية Pituitary Gland ولهذه المواد خواص في التهدئة وتسكين الألم أقوى عشرات المرات من العقاقير المخدرة والمهدئة الصناعية (2) مجموعة الانكفالين Enkephalins وتتركب من عدد 5 أحماض أمينية Amino Acids وتوجد في نهايات الأعصاب . ولكي يستمر إفراز هذه المواد المهدئة والمسكنة والمزيلة لمشاعر الألم و الاكتئاب لابد أن يمر الإنسان بخبرات حرمان ونوع من ألم التحمل وأن يمتنع عن تناول المواد والعقاقير التي تثير البهجة وتخدر الألم خاصة الأفيون ومشتقاته وبعض العقاقير المخدرة الحديثة
    · يحتاج تعلم الصبر والإرادة إلى تدريبات وردت في كثير من دراسات علم النفس الحديثة .. ويمثل الصوم تدريباً يومياً منظماً يساعد الإنسان على تغيير أفكاره واتجاهاته وسلوكه بصورة عملية تطبيقية تشمل ضبط وتنظيم المراكز العصبية المسئولة عن تنظيم الاحتياجات البيولوجية والغرائز من طعام وجنس ، وأيضاً الدوائر العصبية والشبكات الترابطية الأحدث التي تشمل التخيل والتفكير وتوجيه السلوك


    .· يساعد الصوم على حدوث تفكك نوعي في الحيل النفسية Mental Mechanisms وهي حيل وأساليب لا شعورية يلجأ إليها الفرد لتشويه ومسخ الحقيقة التي لا يريد أن يقبلها أو يواجهها بصدق ، وذلك حتى يتخلص من المسئولية ومن حالة التوتر والقلق الناتجة عن رؤية الواقع الذي يهدد أمنه النفسي واحترامه لذاته .. فهي مثل الأكاذيب التي بلغت درجة التصديق والمعايشة على المستوى ألا شعوري .. وهذا الحيل النفسية أنواع متعددة مثل الكبت والإسقاط والإنكار، ولكن أكثرها مقاومة وتشويهاً للواقع ما يسمى بحيلة العقلن ة Intellectualization ، حيث يستخدم الفرد الفهم الخبيث غير المسئول محل الفهم الصادق الذي يحرك الإنسان لعمل الخير والإحسان. ولقد وجدت ضعف أغلب هذه الحيل المعوقة للنمو الإنساني خلال الصوم وأثناء جلسات العلاج النفسي ويحدث هذا الانهيار للحيل الدفاعية مع الصائم العادي كلما ازداد خشوعه وصدقه.. وقد لاحظت ارتباط ذلك باتساع دائرة الترابط بين التفكير الواعي والعقل الباطن بما يسمى بعملية Information processing أي إعادة تنسيق المعلومات على مستويات المخ المختلفة وهي تماثل إعادة برمجة العقل

    · يساعد الصوم على ممارسة خلوات علاجية ، وتأمل ، مما يساعد الفرد على الخروج من دوامة الصراعات اليومية والتوتر وإهدار الطاقات النفسية والذهنية ، وإصدار أوامر للعقل بالتسامح والعفو

    · يحدث أثناء الصيام تعديل مستمر للحوار الذاتي وما يقوله الفرد لنفسه طوال اليوم من عبارات وجمل تؤثر في أفكاره وانفعالاته . ويمثل الصوم فرصة لغرس معاني وعبارات إيجابية مع الاستعانة بالأذكار والدعاء وممارسة العبادات بانتظام .. ويحدث ذلك في إطار مبادئ علم النفس الحديثة حيث يتم التعلم من خلال التكرار وإتباع قاعدة التعليم المتدرج، التعلم بالمشاركة الفعالة ، وأسلوب توزيع التعلم .. كل ذلك في إطار منظومة متكاملة تسمح بإعادة برمجة حقيقية للجهاز العصبي والسلوكي .. وتعديل التفكير وتغيير العادات .. وحيث يصبح الصوم عبادة وتأمل .. وأيضاً تعديل للنفس البشرية والتخلص من الانفعالات الاضطرابات النفسية.. وإطلاق لطاقات العقل






    السيطرة على الغضب و الأنفعالات السلبية.

    التحكم في انفعال الغضب والسيطرة على النفس من الأمور بالغة الأهمية لكي ينجح الإنسان في حياته ويستطيع أن يتوافق مع نماذج البشر على اختلاف طباعها وأخلاقها.. وأيضاً لكي يتجنب ما يسببه الغضب من اضطرابات نفسية وعضوية متعددة، ويتفادى كثرة التصادم والاحتكاك والذي يحصد ـ بسببه خصومات وعداوات كثيرة .

    ومن الذكر الذي يفيد الإنسان كثيراً في مثل تلك الحالات ويفضل تسجيله و ترديده وغرسه في الذهن باستمرار أثناء جلسات الخلوة العلاجية وبعدها ..ومنه الآية الكريمة

    " ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم" فصلت (34)

    ولم أر في الحقيقة أعظم أثراً في إزالة الغضب والانفعالات المدمرة المصاحبة له من ترديد تلك الآية الكريمة وغرسها في الذهن .

    كذلك هناك آيات أخرى لا يقل أثرها على محو الأفكار والمخاوف والانفعالات :المرتبطة بالغضب مثل

    ("ولمن صبر وغفر إن ذلك من عزم الأمور " (الشورى 43

    (" فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين (" المائدة 13

    " منهج الرسول فى تعديل السلوك فى حالات الغضب "

    يتصدر الغضب وسرعة الانفعال قائمة العوامل المسببة للاضطرابات النفسية والتشوش الذهني وإهدار طاقات الناس النفسية والبدنية ، وهو أيضاً من أهم أسباب اختلال التوافق واللياقة النفسية والاجتماعية , وهناك حقيقة لا تقبل الجدل تقول :" لا ينال العلا من كان طبعه الغضب " ، فالغضب لا يفرز إلا الضغينة والحقد ، وهو نار تحرق العقل وتسحق البدن وتصيبه بأمراض لا حصر لها . ويتفق معظم علماء النفس على أن الغضب ضرورة لحماية النفس من عدوان العالم الخارجي ، ولكن عندما يصبح الفرد سهل الاستثارة يغضب لأتفه الأسباب وتزداد حدة انفعالاته لفترات طويلة فانه سوف يعانى من أعراض التوتر المستمر والقلق المزمن وضعف التركيز والإعياء الذهني و البدني وفقد الرغبة فى الاستمتاع بالحياة ، مع بعض الأعراض الاكتئابيه

    والغضب مثل البخار المضغوط فى إناء محكم إذا لم يجد منفذاً لخروجه فانه يصيب الفرد بمرض أو أكثر من تلك المجموعة المسماة بالأمراض النفس- جسمية مثل قرحة المعدة وارتفاع ضغط الدم والذبحة الصدرية والقولون العصبي والصداع العصبي المزمن .. الخ , ويعبر البعض عن ذلك بأن الغضب إذا لم يخرج فسوف يستقر فى أحشائك

    وللرسول (ص) منهج فعال لتعديل السلوك فى حالات الغضب يتضمن عدة طرق وأساليب ناجحة نذكر أحدها وهو يهدف إلى طرد الأفكار الخاطئة المثيرة للانفعال أولاً بأول ، بتكرار وترديد بعض الآيات الكريمة "فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين" (المائدة 13) "ولمن صبر وغفر إن ذلك من عزم الأمور" (الشورى 43).والحديث الشريف "الشديد الذى يملك نفسه عند الغضب" وأن يحاكى ويقلد الثبات والقوة النفسية والحلم فى نماذج الأنماط السلوكية للرسول الكريم (ص) ومنها أنه كان يوما يمشى ومعه أنس فأدركه أعرابي فجذبه جذباً شديداً وكان عليه برد غليظ الحاشية ، قال "انس" رضي الله عنه : "حتى نظرت إلى عنق رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أثرت فيه حاشية البرد من شدة جذبه " فقال : "يا محمد هب لي من مال الله الذي عندك " فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وضحك ثم أمر بإعطائه ومنع الصحابة من التعرض له ، ولما أكثرت قريش إيذائه قال : "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون" وعفا عنهم جميعاً , تلك هي أعظم درجات القوة النفسية ودلالة اكتمال العقل وانكسار قوة الغضب وخضوعها (التام للعقل والحكمة ( راجع التو كيدية والقوة النفسية

    وإذا أردت التدريب على هذا المنهج عليك فى نهاية كل يوم أن تجلس فى خلوة علاجية مسترخياً على مقعد مريح وأن تأمر ذهنك بطرد كل الأفكار السلبية والهموم وأن تتأمل منهج الرسول الذى ذكرناه والمواقف العملية المثيرة للغضب التى تعرضت لها ومدى نجاحك فى تطبيق وتقليد هذا المنهج فى معالجتها .. وأن تتابع ذلك وتسجله فى مفكرتك الخاصة يومياً لمدة شهر وسوف تشعر بالقوة النفسية وتزايد قدراتك فى السيطرة على الغضب







    أسباب العداء بين العلاج النفسي والدين

    فى دراسة قام بها عالم النفس الأمريكي "لانرت" عام 1991 ونشرت فى مجلة علم النفس الإنساني أثبت أن نسبة كبيرة من الأطباء والمعالجين النفسيين لا يهتمون بدور الدين فى تشكيل مفاهيم الإنسان وسلوكياته .. كما أكد أن الأطباء والأخصائيين النفسيين لا يتلقون تعليماً أو تدريباً كافياً حول دور الدين فى الصحة النفسية ، وأضاف أن بعضهم لا يفهم معنى وأثر الإيمان والاعتقاد الديني فى حياة مرضاهم ؟! بل إنهم كثيراً ما يتجاهلون مناقشة هذه الموضوعات وكل ما يتعلق بها من مفاهيم ومشاعر ! ولاشك أن التحليل النفسي ومدارس العلاج النفسي التقليدي التى تأثرت بآراء "سيجموند فرويد" كانت من أهم وأسباب هذه الظاهرة وما ترتب عليها من آثار سلبية على عدد كبير من العاملين فى هذا المجال .. وآراء "فرويد" فى الدين منشورة فى كل دراساته إما بصورة مباشرة أو من خلال تفسيراته أو أساليبه العلاجية .. فهو يعلن صراحة أن الأفكار الدينية أوهام ، وأن الإيمان بالله هو إستجابه للقرار بعجز الإنسان ، وأن هذا الشعور بالعجز يستمر طوال الحياة ، مما يدفع الطفل للالتصاق بالأب ثم بالبحث عن أب أقوى يعتمد عليه بدرجة أكبر لذلك فهو يلجأ للدين ويتقرب إلى الله.

    وهو يعتقد أن المشاعر الدينية نكوص وارتداد إلى حالة طفليه مرضية اسماها بالعصاب الديني .. وهو نوع من الاستحواذ العالمي أو الجماعي .. وظل "فرويد" يهاجم الدين علانية ويعلن إلحاده .. وقاد خلفه المئات الذين يعتنقون فكر تحرير الغرائز وإطلاقها والتحرر من كل الضوابط الدينية ، وكان فرويد يدرك فى بداية حياته أهمية إعلان إلحاده لأنه لو صرح بيهوديته لما نجحت وانتشرت كشوفاته وأبحاثه وآرائه فى العالم المسيحي .. ولكن الشئ الغريب أنه اختتم حياته بتأليف كتابه "موسى والتوحيد" الذى أظهر فيه مدى إيمانه بالدين وإعلانه لليهودية بل وللدعوة إليها ، كما هاجم المسيحية والإسلام واعتبرهما روافد للديانة الأم وهى اليهودية ! .. وتبين أنه يهودي متدين حتى النخاع وليس كما يعتقد الكثير من المثقفين .. بل والكثيرون ممن يسيرون على دربه من الأطباء النفسيين حتى أولئك الذين لم يقرءوا له ولكن ينصحون بمفاهيمه وقشور آرائه .. على أن هذا لا يقلل من قيمة اكتشافاته الأخرى مثل واللاشعور والعقل الباطن والدفاعات النفسية وغيرها ..


    ولقد عارض عالم النفس الأمريكي "إريك فروم" – وهو أيضاً يهودي من أصل ألماني – إعلاء فرويد للاتجاه الغريزي (الجنس) ويقول : إن السبل تضيق بالإنسانية ، وأن إنسان هذا العصر يسير معصوب العينين نحو الاختلال وفقدان التوازن النفسي ، وان السعادة والصحة النفسية لن تتحقق فى ظل حضارة وسلوكيات هدفها فقط التملك ، وأن النهم والإغراق فى إشباع الغرائز سينتهي بالإنسان إلى مزيد من الاغتراب واليأس والمرض ، وإلى زيادة الجشع والحقد ، وأن الفرد سيكون الضحية فى ظل نظام يصعب من خلاله مقاومة الضغوط الاجتماعية والإغراءات وسيجد الفرد نفسه - دون أن يدرى – وقد تحول إلى ذئب فى عالم من الذئاب؟! " .. أما عالم النفس الشهير "كارل يونج" وهو من أقوى تلاميذ فرويد فقد انشق عليه وأسس مدرسة معروفة فى العلاج النفسي ، وقد رد عليه بأن الإنسان لا يستطيع أن يعيش سعيداً أو يتمتع بصحة نفسية جيدة بدون دين .. أياً كان هذا الدين .. وأكد أن أغلب مرضاه كانوا يفتقرون إلى وجهة نظر دينه فى الحياة ، وانه يرى أن الإنسان يمرض نفسياً عندما يهيم على وجه بدون دين يحقق له والسكينة والاستقرار .. ولقد بدأ بعض الباحثين مثل "هارولد كوينج" من جامعة ميسوري الأمريكية فى إثبات أثر الإيمان فى شفاء عدد من الأمراض النفسية بل والأمراض العضوية أيضاً ، وقد وجد "كوينج" أن نسبة الشفاء زادت إلى أكثر من 70% فى مرضى الاكتئاب عندما مارسوا العلاج الديني وانتظموا فى أداء الشعائر الدينية إلى جانب العلاج الدوائي وهى نسبة عالية جداً مقارنة بالذين عولجوا بالدواء فقط .


    وفى دراسة أخرى لنفس الباحث على عينة أخرى بلغت حوالي 20.000 شخص من المسنين ايضا وجد أن الارتباط بالدين وشعائره والإيمان بالله يزيد من عمر الشخص حوالي سبع سنوات فى المتوسط مقارنة بذوي الإيمان الضعيف والذين لا يمارسون الشعائر الدينية .

    وامتدت هذه الدراسات لتشمل أثر الاعتقاد والإيمان بالله فى تحسين هضم الدواء والاستفادة منه ورفع مستوى مناعة الجسم ومقاومته للأمراض العضوية والنفسية .

    وهكذا .. نجد تقدماً ملحوظاً فى الغرب للاستفادة العملية من تأثير الجوانب الدينية والروحية على صحة الإنسان وسعادته .. وجهوداً على أعلى مستوى تبذل لإزالة أسباب العداء الوهمي بين الدين والعلاج النفسي.

    وهنا يأتي دور الأطباء المعالجين والنفسيين العرب من موقع الشعور بالمسئولية تجاه أبناء الوطن فى عصر الصراعات النفسية والضغوط المتزايدة والقلق والتشتت وضرورة تطويرهم واكتشافهم للمزيد من الأساليب البسيطة للعلاج النفسي .. نابعة من التراث الديني والثقافي ، وتعتمد على منهج علمي منضبط يتفق مع الأساليب العلاجية الحديثة لتعديل التفكير والسلوك ..

    والدين الإسلامي ثرى بالأفكار والمفاهيم التى يمكن الاعتماد عليها فى دحض وطرد الأفكار الخرافية والمخاوف والأوهام وبث الطمأنينة والسكينة فى النفوس .. كما أن السنة المطهرة بها العديد من النماذج السلوكية التى قدمها الرسول الكريم ويمكن الاعتماد عليها فى تعديل السلوكيات والعادات السيئة غير المرغوبة .. وبذل كل الجهود الممكنة لإخراج العلاج بالقرآن من دائرة الجان والعفاريت وتخليصه من براثن الدجل والشعوذة .

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد 28 أبريل 2024 - 10:58