ما زالت الميليشيات الليبية التي تجمعت من عدة مناطق للاطاحة بنظام القذافي خارج نطاق سيطرة الحكومة المركزية في ليبيا، وهي تمتلك مخزونات هائلة من الدبابات والصواريخ والاسلحة الصغيرة في مدينة مصراتة، مشكلة ترسانة تمثل اختبارا لمدى قدرة الحكام الجدد في البلاد على ترسيخ سلطاتهم.
وتمكن مهتمون بالشأن الليبي من الدخول الى مخزن سلاح تابع لميليشيا في مصراتة، وهي واقعة نادرة وأحصوا الاف الصناديق من الاسلحة والذخيرة أغلبها تمت مصادرتها من القوات الموالية للزعيم المخلوع، وأعيدت الى المدينة في شاحنات. وتقول الميليشيات -التي تشكلت لمحاربة حكم القذافي وتدين بالولاء لزعماء المجلس الوطني الانتقالي- انها ستسلم الاسلحة بمجرد تأسيس جيش وطني.
لكن ليس هناك جدول زمني لذلك، وفي الوقت ذاته فان الاسلحة تعطي مصراتة قوة عسكرية أكبر من الحكومة الهشة في طرابلس وهي ميزة من المرجح ان تحاول ميليشيات مصراتة أن تحولها الى سلطة سياسية.
وبين هذا وذاك تبقى الاسلحة الليبية بمختلف صنوفها التقليدية والكيميائية والنووية موضع اهتمام العين الغربية بصورة عامة والاميركية بصورة خاصة، اذا لا تعدم الاخيرة الوسيلة والسبل للسيطرة على هذا الكم الناري الهائل من العتاد بمختلف الاساليب من الترغيب والترهيب.
اختبارا الحكام الجدد
اذ قال جيف بورتر وهو خبير بشؤون شمال افريقيا وأدلى بشهادته عن الشأن الليبي في الكونغرس الامريكي "الحكومة لا تحتكر القوات في البلاد... بدون ذلك ستكون قدرة الحكومة على العمل معرضة للخطر." ومضى يقول "كل الميليشيات تملك كميات كبيرة من الاسلحة والحكومة ليس أمامها من سبيل سوى حثها ودفعها الى تسليم سلاحها." وعلى مدى يومين زار مراسلون أربعة مخازن للسلاح تديرها ميليشيات.
وساعد هذا على تكوين فكرة عن السلاح الموجود في المدينة لكنها لا تمثل سوى جزء محدود من الكمية الاجمالية للسلاح. ويوجد في مصراتة ست كتائب تضم اكثر من 200 وحدة. وتمتلك أغلب الكتائب عددا من مخازن السلاح في مواقع مختلفة. وطبقا لما تم احصاؤه فان الاسلحة التي يمكن ان تكون موجودة هي 38 دبابة وتسعة مدافع الية و16 مدفعا ميدانيا و536 من صواريخ جراد روسية الصنع و13 قاذفة صواريخ جراد محمولة على شاحنات و2480 قذيفة مورتر و202 قذيفة مدفعية.
ومن بين الاسلحة الاخرى 21 منصة صواريخ تم نزعها من طائرات هلكيوبتر ونحو 10 صناديق من رؤوس حربية فيما يبدو فرنسية الصنع لصواريخ مضادة للدبابات تطلق من طائرات هليكوبتر.بالاضافة الى ذلك وجد مراسلون 18 حاوية شحن قال قادة محليون انها تحتوي على ذخيرة. ولم يتسن فحص ما بداخلها.
وتناثرت الترسانة في انحاء المناطق الواقعة على مشارف مصراتة المدينة الساحلية الواقعة على بعد نحو 200 كيلومتر الى الشرق من العاصمة طرابلس. وكانت هناك مدفعية ثقيلة في موقع كان قاعدة امداد لشركة (بترو كندا) النفطية. وخزنت وحدة اخرى الذخيرة في مخزن سابق لشركة بيبسي للمشروبات الغازية. في حين احتفظت كتيبة بعشرات الدبابات قرب منزل قائدها على الشاطئ.
وتركزت المخاوف الدولية من انتشار السلاح في ليبيا على احتمال ان تصل هذه الاسلحة الى أيدي جماعات مثل تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي. وتبدو فرص حدوث هذا في مصراتة ضئيلة اذ لا تتعاطف الميليشيات في المدينة كثيرا مع الاسلاميين وكانت هناك حراسة محكمة لكل الترسانات التي شوهدت.
لكن اهمية هذا المخزون الهائل للسلاح في مصراتة تكمن في الثقل الذي تمنحه للمدينة التي تتسم بالهدوء بصورة كبيرة حتى الآن خلال التنافس على السلطة والنفوذ في ليبيا الجديدة. وشهدت مصراتة ثالث أكبر المدن الليبية أضخم وأعنف معركة في الحرب التي استمرت سبعة أشهر مع القذافي. وكانت قوات المدينة من أقوى الوحدات بين عشرات من المليشيات في انحاء ليبيا خرجت لمحاربة كتائب القذافي.
وكتب وولفرام لاتشر وهو خبير في شؤون شمال افريقيا يقول "ولاء الكتائب أولا وأخيرا لبلداتها ومدنها وليس المجلس الوطني الانتقالي." وأضاف في مقال بدورية (ميدل ايست بوليسي كاونسل) "لم يتضح بعد ما اذا كانوا سيتوقفون عن عمليات التعبئة ويحجمون عن استخدام قوتهم العسكرية كوسيلة لتحقيق النفوذ السياسي ومدى سرعة حدوث ذلك."
وقال متحدث عسكري باسم المجلس الوطني الانتقالي في طرابلس انه يعتقد ان كتائب مصراتة ستفي بوعدها بتسليم سلاحها الى الحكومة المركزية. وقال احمد باني المتحدث باسم المجلس انه حتى الان لا يوجد رئيس لاركان الجيش وبمجرد وجود رئيس للاركان سوف يسلمون سلاحهم. وأضاف أنه يعرف الشعب جيدا وانهم سيطيعون أوامر المجلس الوطني الانتقالي لانهم جميعا يحبون ليبيا وانهم دفعوا كثيرا من أجل الحرية.
وفي مصراتة قال قادة الكتائب الذين تحدثوا انهم سيدمجون وحداتهم في الجيش الوطني وسيسلمون سلاحهم بمجرد تأسيس الجيش. وأبدت كتائب مصراتة حسن نواياها وسلمت 500 قطعة من الاسلحة الخفيفة لوزارة الداخلية طبقا لتقرير من الامم المتحدة.
غير انه ما من أحد يعلم على سبيل التأكيد متى سيبدأ الجيش الوطني العمل. وفي مصراتة ليس هناك دليل بعد على أن وزارة الدفاع وضعت أي خطط لعملية التسليم. وحتى بعد انضمام كتائب مصراتة للجيش فمن الواضح أنها تتوقع الاحتفاظ بدرجة من الاستقلالية. وفي ظل غياب توجيهات من طرابلس وضعت خطة لتشكيل ثلاث وحدات من مصراتة مع الجيش الوطني وبدأوا بالفعل في اختيار قادة. بحسب رويترز.
وقال محمد الزين القائد الذي يشرف على المدافع الميدانية وقاذفات صواريخ جراد عند قاعدة شركة النفط التي تم تحويلها لمخزن انه سيقود احدى هذه الوحدات الثلاث. وأضاف أن الاستعدادات بدأت بالفعل لنقل السلاح الى مخازن تابعة للجيش الوطني. لكنه قال ان هذه المخازن لن تكون بعيدة. وعندما سئل عن مكان تلك المخازن في المستقبل أجاب "في ضواحي مصراتة."
خطة أمريكية ليبية
من جانب اخر، قالت مصادر أمريكية إن الولايات المتحدة تدرس مع ليبيا خطة تقضي بتوفير برنامج مخصص لشراء الأسلحة، وتحديداً الصواريخ المحمولة المضادة للطائرات، من المجموعات المسلحة التي وضعت يدها عليها خلال المواجهات مع نظام العقيد معمر القذافي.
وأشارت المصادر إلى أن الخطة تندرج في إطار حرص الولايات المتحدة على جمع أكبر كمية ممكنة من هذه الأسلحة وتأمينها، خشية أن يصار إلى بيعها في السوق السوداء، ما قد يفتح الباب أمام تهديد الأمن الملاحي في حال وصولها إلى تنظيمات متشددة مثل القاعدة.
وقد رفض المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، مارك تونر، التعليق على تفاصيل ما قال إنها "برامج سرية،" ولكنه قال إن بلاده "تبحث عن الطريقة الأكثر فاعلية" لتدمير ترسانة النظام السابق من الصواريخ المحمولة المضادة للطائرات، والتي يقدر عددها بعشرين ألف صاروخ. وأضاف تونر، تعليقاً على هذه المعلومات التي كانت صحيفة نيويورك تايمز أول من أشار إليها: "نحن ندرس مجموعة من الخيارات والبرامج المختلفة."
ولفت المتحدث باسم الخارجية إلى وجود الكثير من الأسلحة المنتشرة على الأراضي الليبية، مضيفاً أن الجهود تنصب حالياً على إحصائها وجمعها. وبحسب تونر، فإن وجود هذه الأسلحة حالياً بحوزة ميليشيات ليبية لا يعني بالضرورة أن تلك المجموعات تعتزم استخدامها، ولكنه أكد وجود حاجة ماسة لجمعها، معتبراً أن الأمر يقع ضمن إطار الخطط الأمريكية لدعم الحكومة الليبية الجديدة ونزع سلاح المليشيات الموجودة ودمج عناصرها في الجيش الوطني.
وكانت الولايات المتحدة قد نفت وجود "أدلة قاطعة" تشير إلى تسرب أسلحة إلى خارج الحدود الليبية، وخاصة الصواريخ المضادة للطائرات. ولكن أندرو شابيرو، وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية والعسكرية، على هامش مؤتمر يهدف لتسليط الضوء على تقرير حول الدور الأمريكي للتخلص من الألغام وفائض الذخائر والأسلحة حول العالم، أكد استمرار الجهود لتقييم عدد قطع الأسلحة التي ما زالت مفقودة. بحسب السي ان ان.
وقال شابيرو، الذي زار ليبيا مؤخراً، إنه قد جرى تأمين خمسة آلاف صاروخ تقريباً، وأعرب عن اعتقاده بأن آلاف الصواريخ قد تكون دمرت بفعل غارات حلف شمال الأطلسي على قواعد قوات القذافي، كما وضعت الفصائل المسلحة المختلفة يدها على عدد آخر مما تبقى منها بعدما قامت بالسيطرة على مخازن أسلحة النظام السابق.
مخزون من اليورانيوم
على صعيد متصل، قال ايان مارتن المبعوث الخاص للامم المتحدة الى ليبيا ان خبراء تابعين للمنظمة الدولية يحثون ليبيا على التخلص من مخبأ كبير به مادة "الكعكة الصفراء" التي يستخلص منها اليورانيوم لان المخزن الذي توجد به المادة ليس امنا ولا سليما بما يكفي لتخزينها لفترة طويلة. وأضاف مارتن لمجلس الامن الدول أن مفتشين تابعين للوكالة الدولية للطاقة الذرية استكملوا عملية تفتيش في منشأة تاجوراء النووية في طرابلس وفي مخزن بمدينة سبها توجد فيه الكعكة الصفراء وهي عبارة عن مسحوق يورانيوم مركز.
وقال أمام المجلس المكون من 15 دولة في اتصال عبر الفيديو من طرابلس "أوضحت الوكالة في استعراض مبدئي النتيجة النهائية التي توصلت اليها وهي أنه لم يفقد أي من المواد المذكورة سلفا في أي منشأة."
وأقام الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي برنامجا سريا للاسلحة النووية تخلى عنه في ديسمبر كانون الاول من عام 2003 . وتأكد خبراء من الوكالة التابعة للامم المتحدة والولايات المتحدة انذاك من أن البرنامج تم تفكيكه بالكامل.
وعلى الرغم من أنه لا يوجد خطر فوري على الصحة أو تهديد اشعاعي على ما يبدو بسبب اليورانيوم فان مارتن قال ان الوكالة تشجع ليبيا على بيع ونقل 6400 برميل من الكعكة الصفراء الى خارج ليبيا لان هذه البراميل تتدهور حالتها ومكان تخزينها ليس امنا بما يكفي. وأضاف "لا تعتبر اجراءات الامن والسلامة في المنشأة حاليا كافية على المدى البعيد." وأضاف "لكن يبدو أنه لا يوجد خطر انتشار بالنظر الى وزن البراميل وحالتها." بحسب رويترز.
ولا يمكن استخدام الكعكة الصفراء وهي ليست مادة عالية الاشعاع لصنع أسلحة نووية ما لم تتم معالجتها وتنقيتها. وأكد مارتن أيضا نتيجة توصلت اليها الولايات المتحدة وهي أن مخزونات ليبيا من الصواريخ المضادة للطائرات والتي تطلق من على الكتف يبدو أنها مازالت في البلاد.
وأضاف "ومازال تركيز المخاوف الدولية منصبا على احتمال انتشار أنظمة الدفاع الجوي المحمولة على الكتف لانه لا توجد حتى الان سوى أدلة قليلة على ظهور أنظمة الاسلحة في دول مجاورة."
فوضى السلاح
من جانب اخر، تظاهر مئات الليبيين في طرابلس احتجاجا على فوضى السلاح الناجمة عن تواجد ميليشيات مسلحة في العاصمة الليبية ودعما لوزارتي الدفاع والداخلية اللتين تسعيان بصعوبة لضبط انتشار السلاح. وحمل المتظاهرون لافتات كتب عليها "اخي الثائر شكرا لك اترك سلاحك وخذ كتابا" و"العاصمة لجميع الليبيين ولكن من سيسكنها هم المدنيون" و"لا للكتائب المسلحة داخل طرابلس وضواحيها".
وانضم العشرات من عناصر الشرطة بثيابهم العسكرية الى المتظاهرين وساروا وراء سيارات جديدة للشرطة الليبية. وقال الشرطي الاسد قبايلي الذي سبق وخدم في عهد القذافي "نريد ان نقول للجميع اننا هنا". بحسب فرانس برس.
من جهة ثانية شارك القضاة في اعتصام تعبيرا عن تنديدهم باعتراض عشرات الثوار السابقين للنائب العام عبد العزيز الحصادي مطالبين باطلاق سراح احد زملائهم المتورط في جريمة قتل. وقال احد القضاة "نريد ضمان حماية القضاة لكي يتمكن القضاء من العمل". وكانت الحكومة الليبية امهلت الميليشيات المسلحة مهلة اسبوعين لترك العاصمة. وشهدت العاصمة الليبية مرارا اشتباكات مسلحة بين مجموعات عدة من الثوار السابقين اوقعت قتلى وجرحى.
متفجرات خطرة
وفي إطار ذلك، تبذل جهود متواصلة لاحتواء الأسلحة الخطرة في ليبيا، تخلص فريق من خبراء الأسلحة الأمريكيين من مئات الكيلوجرامات من المتفجرات. وأفادت مصادر اخبارية بأن متخصصين أمريكيين دفنوا حوالي 600 كيوجرام من الذخيرة على عمق كبير في الصحراء قبل تفجيرها. كما نقل عن دبلوماسيين أمريكيين قولهم إن الخبراء أبطلوا مفعول حوالي 5 آلاف قاذفة صواريخ محمولة. بحسب وكالة اسوشيتد برس للأنباء.
ويقول مراقبون إن الكمية الكبيرة من الأسلحة التي اختفت أثناء القتال الذي دام عدة أشهر تثير مخاوف بشأن إمكانية وقوعها في الأيدي الخطأ. ويأتي التخلص من هذه الأسلحة بعد يوم من إعلان رئيس الوزراء الليبي عبد الرحيم الكيب، عن برنامج موحَّد وقويٍّ لجمع السلاح في ليبيا. وتزامنت تصريحات الكيب مع اشتباكات بين الجيش الوطني الليبي وثوَّار طرابلس من جهة وبين ثوَّار الزنتان، من جهة أخرى، بالقرب من مطار العاصمة طرابلس. كما تأتي التصريحات عقب تصاعد حالة من السخط بين سكان طرابلس بشأن فوضى السلاح، وهو ما دفع الحكومة إلى تحديد مهلة أمام مسلحي الثورة للخروج من العاصمة.
صواريخ مفقودة
من جانب اخر، قال مسؤول أمريكي ان أغلب مخزون ليبيا المفقود من الصواريخ المضادة للطائرات التي تطلق من على الكتف ما زال موجودا في البلاد لكن لابد من تأمينها قبل تهريبها الى مقاتلين خارج ليبيا.
وكان لدى الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي نحو 20 ألف من هذه الصواريخ. ونهب الكثير منها خلال الصراع الذي أنهى حكمه مما تسبب في وجود مخاوف من احتمال أن تسقط في أيدي تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي المتمركز بدول في شمال افريقيا. وتفضل الجماعات المتشددة هذه الاسلحة التي يطلق عليها "أنظمة الدفاع الجوي المحمولة" لانها خفيفة ويمكن حملها واستخدامها بسيط نسبيا ويمكن نظريا أن تسقط طائرة مدنية.
قال درين سميث وهو مستشار لقوة عمل مؤلفة من عدة أجهزة تابعة للحكومة الامريكية لهذه الاسلحة ان التوقعات بأن أعدادا كبيرة من هذه الاسلحة ستخرج من ليبيا لتصل الى مناطق تمركز القاعدة في الصحراء لم تتحقق. وقال سميث في مؤتمر صحفي بالعاصمة الجزائرية "يبدو في هذه المرحلة أن مخزونات أغلب أنظمة الدفاع الجوي المحمولة الليبية ما زالت في أيدي أفراد ليبيين. لذلك سنتعاون مع الحكومة على استعادة تلك الاسلحة لتصبح تحت سيطرة الحكومة المركزية." وأضاف "الانباء السيئة هي أنه ما من أحد متأكد من العدد المحدد الموجود خارج سيطرة الحكومة وستستغرق جهود التوصل الى عدد مقبول بعض الاشهر."
وفي الصراع الذي شهدته ليبيا لانهاء حكم القذافي اقتحم مقاتلون محليون كانوا يحاولون الاطاحة به مستودعات الاسلحة وأخذوا الاسلحة لانفسهم. وهؤلاء المقاتلون موالون بصورة كبيرة للحكومة المدعومة من الغرب التي تتولى السلطة حاليا لكن هناك تساؤلات حول كيفية تخزين تلك الاسلحة بأمان.
ويقول خبراء أمن ان تلك الاسلحة يمكن أن يحصل عليها المتشددون او المهربون ونقلها عبر الحدود الجنوبية لليبيا التي يسهل التسلل منها الى الجزائر ومالي وموريتانيا والنيجر. وينشط تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي في الصحراء الكبرى التي تمتد عبر هذه الدول. ويقول احد قادة تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي ان جماعته استغلت الصراع الليبي في الحصول على السلاح.
لكن سميث قال ان الصواريخ التي تطلق من على الكتف أو مكوناتها من المخزونات الليبية لم يعثر عليها حتى الان بين شحنات الاسلحة التي صودرت في الصحراء. وقال بعد محادثات مع مسؤولين جزائريين "لم نر بعد مؤشرات تذكر على أن أنظمة الدفاع الجوي المحمولة تنقلت في المنطقة." ومضى يقول "كانت هناك بعض مكونات الصواريخ أرض جو التي اعترضتها... دول بالمنطقة. نقلت الدول هذه المعلومات الينا."
ومضى يقول "كشفت تحليلات الخبراء عن أن تلك المكونات غير مرتبطة بالموجود أو المخزون في ليبيا. كما أن أيا من المكونات التي عثر عليها في أي من المناطق الحدودية لم تكن تعمل بشكل سليم." وذكر أن خبراء أسلحة أمريكيين يعملون مع الحكومة الليبية الجديدة أعدوا قائمة بالفعل لبعض مخزونات الصواريخ التي تطلق من على الكتف داخل البلاد. بحسب رويترز.
ومضى سميث يقول "أغلب المخزون من النماذج السوفيتية اس.ايه-7 الاقدم من الصواريخ أرض جو... بعض الصواريخ التي عثروا عليها كانت متاكلة ولا تعمل. الكثير من الاسلحة الاخرى ما زالت في حاويات الشحن الخاصة بها وكانت صواريخ تعمل بشكل سليم."
تهريب صواريخ
في السياق ذاته، قال مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية إن جهود الولايات المتحدة لتأمين الترسانة العسكرية الليبية مازالت مستمرة ولم تنته بعد، ولكنه أكد عدم وجود "أدلة قاطعة" تشير إلى تسرب أسلحة إلى خارج الحدود الليبية، وخاصة الصواريخ المضادة للطائرات.
وقال أندرو شابيرو، وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية والعسكرية، على هامش مؤتمر يهدف لتسليط الضوء على تقرير حول الدور الأمريكي للتخلص من الألغام وفائض الذخائر والأسلحة حول العالم: "نحن نواصل جهودنا لتقييم عدد قطع الأسلحة التي ما زالت مفقودة." وتقول الأوساط الأمريكية إن التركيز ينصب على تأمين 20 ألف صاروخ محمول مضاد للطائرات، يعتقد أن نظام العقيد الراحل معمر القذافي كان يحتفظ بها في ترسانته، ويمكن لها أن تهدد سلامة الطيران العالمي في حال وضعت منظمات إرهابية يدها عليها.
وتعمل الولايات المتحدة مع الحكومة الليبية الانتقالية من أجل ضمان سحب الأسلحة من التنظيمات المسلحة التي خاضت مواجهات مع النظام السابق، وذلك بهدف منع تسريبها وبيعها في السوق السوداء. وقال شابيرو، الذي زار ليبيا مؤخراً، إنه قد جرى تأمين خمسة آلاف صاروخ تقريباً، وأعرب عن اعتقاده بأن آلاف الصواريخ قد تكون دمرت بفعل غارات حلف شمال الأطلسي على قواعد قوات القذافي، كما وضعت الفصائل المسلحة المختلفة يدها على عدد آخر مما تبقى منها بعدما قامت بالسيطرة على مخازن أسلحة النظام السابق.
وأضاف المسؤول الأمريكي قائلاً: "لم نجد حتى الآن أي دليل حاسم على تسرب هذه الأسلحة خارج حدود البلاد، ولكننا بالتأكيد نشعر بالقلق الشديد حيال الموضوع، ولهذا نبذل الكثير من الجهد على الأرض في ليبيا لتأمين تلك الأسلحة، بالتعاون مع السلطات الليبية."
وكانت ليبيا قد أعلنت أنها اكتشفت قبل نحو شهر أسلحة كيماوية كانت موجودة في ترسانة نظام القذافي، وقد طلبت من المجتمع الدولي التدخل لمساعدتها في التعامل معها، مشيرة في هذه الإطار إلى مجموعة من الصواريخ المزودة بغاز الخردل. بحسب السي ان ان .
كما أكدت مصادر أمريكية أن واشنطن تواصلت مع المجلس الانتقالي الليبي لتحديد سبل التعامل مع مخزون نظام القذافي من الأسلحة الكيماوية والصواريخ المضادة للطائرات. وأضافت المصادر أن الولايات المتحدة "تراقب" أماكن تخزين بعض تلك الأسلحة، وذلك من خلال طائرات مراقبة وطائرات تعمل من دون طيار، إلى جانب الأقمار الاصطناعية.
ويعتقد أنه كان لدى ليبيا قبل اندلاع الثورة التي أطاحت بنظام القذافي قرابة تسعة أطنان من غاز الخردل، و800 طن متري من مواد مكملة أخرى.
شبكة النبأ
وتمكن مهتمون بالشأن الليبي من الدخول الى مخزن سلاح تابع لميليشيا في مصراتة، وهي واقعة نادرة وأحصوا الاف الصناديق من الاسلحة والذخيرة أغلبها تمت مصادرتها من القوات الموالية للزعيم المخلوع، وأعيدت الى المدينة في شاحنات. وتقول الميليشيات -التي تشكلت لمحاربة حكم القذافي وتدين بالولاء لزعماء المجلس الوطني الانتقالي- انها ستسلم الاسلحة بمجرد تأسيس جيش وطني.
لكن ليس هناك جدول زمني لذلك، وفي الوقت ذاته فان الاسلحة تعطي مصراتة قوة عسكرية أكبر من الحكومة الهشة في طرابلس وهي ميزة من المرجح ان تحاول ميليشيات مصراتة أن تحولها الى سلطة سياسية.
وبين هذا وذاك تبقى الاسلحة الليبية بمختلف صنوفها التقليدية والكيميائية والنووية موضع اهتمام العين الغربية بصورة عامة والاميركية بصورة خاصة، اذا لا تعدم الاخيرة الوسيلة والسبل للسيطرة على هذا الكم الناري الهائل من العتاد بمختلف الاساليب من الترغيب والترهيب.
اختبارا الحكام الجدد
اذ قال جيف بورتر وهو خبير بشؤون شمال افريقيا وأدلى بشهادته عن الشأن الليبي في الكونغرس الامريكي "الحكومة لا تحتكر القوات في البلاد... بدون ذلك ستكون قدرة الحكومة على العمل معرضة للخطر." ومضى يقول "كل الميليشيات تملك كميات كبيرة من الاسلحة والحكومة ليس أمامها من سبيل سوى حثها ودفعها الى تسليم سلاحها." وعلى مدى يومين زار مراسلون أربعة مخازن للسلاح تديرها ميليشيات.
وساعد هذا على تكوين فكرة عن السلاح الموجود في المدينة لكنها لا تمثل سوى جزء محدود من الكمية الاجمالية للسلاح. ويوجد في مصراتة ست كتائب تضم اكثر من 200 وحدة. وتمتلك أغلب الكتائب عددا من مخازن السلاح في مواقع مختلفة. وطبقا لما تم احصاؤه فان الاسلحة التي يمكن ان تكون موجودة هي 38 دبابة وتسعة مدافع الية و16 مدفعا ميدانيا و536 من صواريخ جراد روسية الصنع و13 قاذفة صواريخ جراد محمولة على شاحنات و2480 قذيفة مورتر و202 قذيفة مدفعية.
ومن بين الاسلحة الاخرى 21 منصة صواريخ تم نزعها من طائرات هلكيوبتر ونحو 10 صناديق من رؤوس حربية فيما يبدو فرنسية الصنع لصواريخ مضادة للدبابات تطلق من طائرات هليكوبتر.بالاضافة الى ذلك وجد مراسلون 18 حاوية شحن قال قادة محليون انها تحتوي على ذخيرة. ولم يتسن فحص ما بداخلها.
وتناثرت الترسانة في انحاء المناطق الواقعة على مشارف مصراتة المدينة الساحلية الواقعة على بعد نحو 200 كيلومتر الى الشرق من العاصمة طرابلس. وكانت هناك مدفعية ثقيلة في موقع كان قاعدة امداد لشركة (بترو كندا) النفطية. وخزنت وحدة اخرى الذخيرة في مخزن سابق لشركة بيبسي للمشروبات الغازية. في حين احتفظت كتيبة بعشرات الدبابات قرب منزل قائدها على الشاطئ.
وتركزت المخاوف الدولية من انتشار السلاح في ليبيا على احتمال ان تصل هذه الاسلحة الى أيدي جماعات مثل تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي. وتبدو فرص حدوث هذا في مصراتة ضئيلة اذ لا تتعاطف الميليشيات في المدينة كثيرا مع الاسلاميين وكانت هناك حراسة محكمة لكل الترسانات التي شوهدت.
لكن اهمية هذا المخزون الهائل للسلاح في مصراتة تكمن في الثقل الذي تمنحه للمدينة التي تتسم بالهدوء بصورة كبيرة حتى الآن خلال التنافس على السلطة والنفوذ في ليبيا الجديدة. وشهدت مصراتة ثالث أكبر المدن الليبية أضخم وأعنف معركة في الحرب التي استمرت سبعة أشهر مع القذافي. وكانت قوات المدينة من أقوى الوحدات بين عشرات من المليشيات في انحاء ليبيا خرجت لمحاربة كتائب القذافي.
وكتب وولفرام لاتشر وهو خبير في شؤون شمال افريقيا يقول "ولاء الكتائب أولا وأخيرا لبلداتها ومدنها وليس المجلس الوطني الانتقالي." وأضاف في مقال بدورية (ميدل ايست بوليسي كاونسل) "لم يتضح بعد ما اذا كانوا سيتوقفون عن عمليات التعبئة ويحجمون عن استخدام قوتهم العسكرية كوسيلة لتحقيق النفوذ السياسي ومدى سرعة حدوث ذلك."
وقال متحدث عسكري باسم المجلس الوطني الانتقالي في طرابلس انه يعتقد ان كتائب مصراتة ستفي بوعدها بتسليم سلاحها الى الحكومة المركزية. وقال احمد باني المتحدث باسم المجلس انه حتى الان لا يوجد رئيس لاركان الجيش وبمجرد وجود رئيس للاركان سوف يسلمون سلاحهم. وأضاف أنه يعرف الشعب جيدا وانهم سيطيعون أوامر المجلس الوطني الانتقالي لانهم جميعا يحبون ليبيا وانهم دفعوا كثيرا من أجل الحرية.
وفي مصراتة قال قادة الكتائب الذين تحدثوا انهم سيدمجون وحداتهم في الجيش الوطني وسيسلمون سلاحهم بمجرد تأسيس الجيش. وأبدت كتائب مصراتة حسن نواياها وسلمت 500 قطعة من الاسلحة الخفيفة لوزارة الداخلية طبقا لتقرير من الامم المتحدة.
غير انه ما من أحد يعلم على سبيل التأكيد متى سيبدأ الجيش الوطني العمل. وفي مصراتة ليس هناك دليل بعد على أن وزارة الدفاع وضعت أي خطط لعملية التسليم. وحتى بعد انضمام كتائب مصراتة للجيش فمن الواضح أنها تتوقع الاحتفاظ بدرجة من الاستقلالية. وفي ظل غياب توجيهات من طرابلس وضعت خطة لتشكيل ثلاث وحدات من مصراتة مع الجيش الوطني وبدأوا بالفعل في اختيار قادة. بحسب رويترز.
وقال محمد الزين القائد الذي يشرف على المدافع الميدانية وقاذفات صواريخ جراد عند قاعدة شركة النفط التي تم تحويلها لمخزن انه سيقود احدى هذه الوحدات الثلاث. وأضاف أن الاستعدادات بدأت بالفعل لنقل السلاح الى مخازن تابعة للجيش الوطني. لكنه قال ان هذه المخازن لن تكون بعيدة. وعندما سئل عن مكان تلك المخازن في المستقبل أجاب "في ضواحي مصراتة."
خطة أمريكية ليبية
من جانب اخر، قالت مصادر أمريكية إن الولايات المتحدة تدرس مع ليبيا خطة تقضي بتوفير برنامج مخصص لشراء الأسلحة، وتحديداً الصواريخ المحمولة المضادة للطائرات، من المجموعات المسلحة التي وضعت يدها عليها خلال المواجهات مع نظام العقيد معمر القذافي.
وأشارت المصادر إلى أن الخطة تندرج في إطار حرص الولايات المتحدة على جمع أكبر كمية ممكنة من هذه الأسلحة وتأمينها، خشية أن يصار إلى بيعها في السوق السوداء، ما قد يفتح الباب أمام تهديد الأمن الملاحي في حال وصولها إلى تنظيمات متشددة مثل القاعدة.
وقد رفض المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، مارك تونر، التعليق على تفاصيل ما قال إنها "برامج سرية،" ولكنه قال إن بلاده "تبحث عن الطريقة الأكثر فاعلية" لتدمير ترسانة النظام السابق من الصواريخ المحمولة المضادة للطائرات، والتي يقدر عددها بعشرين ألف صاروخ. وأضاف تونر، تعليقاً على هذه المعلومات التي كانت صحيفة نيويورك تايمز أول من أشار إليها: "نحن ندرس مجموعة من الخيارات والبرامج المختلفة."
ولفت المتحدث باسم الخارجية إلى وجود الكثير من الأسلحة المنتشرة على الأراضي الليبية، مضيفاً أن الجهود تنصب حالياً على إحصائها وجمعها. وبحسب تونر، فإن وجود هذه الأسلحة حالياً بحوزة ميليشيات ليبية لا يعني بالضرورة أن تلك المجموعات تعتزم استخدامها، ولكنه أكد وجود حاجة ماسة لجمعها، معتبراً أن الأمر يقع ضمن إطار الخطط الأمريكية لدعم الحكومة الليبية الجديدة ونزع سلاح المليشيات الموجودة ودمج عناصرها في الجيش الوطني.
وكانت الولايات المتحدة قد نفت وجود "أدلة قاطعة" تشير إلى تسرب أسلحة إلى خارج الحدود الليبية، وخاصة الصواريخ المضادة للطائرات. ولكن أندرو شابيرو، وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية والعسكرية، على هامش مؤتمر يهدف لتسليط الضوء على تقرير حول الدور الأمريكي للتخلص من الألغام وفائض الذخائر والأسلحة حول العالم، أكد استمرار الجهود لتقييم عدد قطع الأسلحة التي ما زالت مفقودة. بحسب السي ان ان.
وقال شابيرو، الذي زار ليبيا مؤخراً، إنه قد جرى تأمين خمسة آلاف صاروخ تقريباً، وأعرب عن اعتقاده بأن آلاف الصواريخ قد تكون دمرت بفعل غارات حلف شمال الأطلسي على قواعد قوات القذافي، كما وضعت الفصائل المسلحة المختلفة يدها على عدد آخر مما تبقى منها بعدما قامت بالسيطرة على مخازن أسلحة النظام السابق.
مخزون من اليورانيوم
على صعيد متصل، قال ايان مارتن المبعوث الخاص للامم المتحدة الى ليبيا ان خبراء تابعين للمنظمة الدولية يحثون ليبيا على التخلص من مخبأ كبير به مادة "الكعكة الصفراء" التي يستخلص منها اليورانيوم لان المخزن الذي توجد به المادة ليس امنا ولا سليما بما يكفي لتخزينها لفترة طويلة. وأضاف مارتن لمجلس الامن الدول أن مفتشين تابعين للوكالة الدولية للطاقة الذرية استكملوا عملية تفتيش في منشأة تاجوراء النووية في طرابلس وفي مخزن بمدينة سبها توجد فيه الكعكة الصفراء وهي عبارة عن مسحوق يورانيوم مركز.
وقال أمام المجلس المكون من 15 دولة في اتصال عبر الفيديو من طرابلس "أوضحت الوكالة في استعراض مبدئي النتيجة النهائية التي توصلت اليها وهي أنه لم يفقد أي من المواد المذكورة سلفا في أي منشأة."
وأقام الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي برنامجا سريا للاسلحة النووية تخلى عنه في ديسمبر كانون الاول من عام 2003 . وتأكد خبراء من الوكالة التابعة للامم المتحدة والولايات المتحدة انذاك من أن البرنامج تم تفكيكه بالكامل.
وعلى الرغم من أنه لا يوجد خطر فوري على الصحة أو تهديد اشعاعي على ما يبدو بسبب اليورانيوم فان مارتن قال ان الوكالة تشجع ليبيا على بيع ونقل 6400 برميل من الكعكة الصفراء الى خارج ليبيا لان هذه البراميل تتدهور حالتها ومكان تخزينها ليس امنا بما يكفي. وأضاف "لا تعتبر اجراءات الامن والسلامة في المنشأة حاليا كافية على المدى البعيد." وأضاف "لكن يبدو أنه لا يوجد خطر انتشار بالنظر الى وزن البراميل وحالتها." بحسب رويترز.
ولا يمكن استخدام الكعكة الصفراء وهي ليست مادة عالية الاشعاع لصنع أسلحة نووية ما لم تتم معالجتها وتنقيتها. وأكد مارتن أيضا نتيجة توصلت اليها الولايات المتحدة وهي أن مخزونات ليبيا من الصواريخ المضادة للطائرات والتي تطلق من على الكتف يبدو أنها مازالت في البلاد.
وأضاف "ومازال تركيز المخاوف الدولية منصبا على احتمال انتشار أنظمة الدفاع الجوي المحمولة على الكتف لانه لا توجد حتى الان سوى أدلة قليلة على ظهور أنظمة الاسلحة في دول مجاورة."
فوضى السلاح
من جانب اخر، تظاهر مئات الليبيين في طرابلس احتجاجا على فوضى السلاح الناجمة عن تواجد ميليشيات مسلحة في العاصمة الليبية ودعما لوزارتي الدفاع والداخلية اللتين تسعيان بصعوبة لضبط انتشار السلاح. وحمل المتظاهرون لافتات كتب عليها "اخي الثائر شكرا لك اترك سلاحك وخذ كتابا" و"العاصمة لجميع الليبيين ولكن من سيسكنها هم المدنيون" و"لا للكتائب المسلحة داخل طرابلس وضواحيها".
وانضم العشرات من عناصر الشرطة بثيابهم العسكرية الى المتظاهرين وساروا وراء سيارات جديدة للشرطة الليبية. وقال الشرطي الاسد قبايلي الذي سبق وخدم في عهد القذافي "نريد ان نقول للجميع اننا هنا". بحسب فرانس برس.
من جهة ثانية شارك القضاة في اعتصام تعبيرا عن تنديدهم باعتراض عشرات الثوار السابقين للنائب العام عبد العزيز الحصادي مطالبين باطلاق سراح احد زملائهم المتورط في جريمة قتل. وقال احد القضاة "نريد ضمان حماية القضاة لكي يتمكن القضاء من العمل". وكانت الحكومة الليبية امهلت الميليشيات المسلحة مهلة اسبوعين لترك العاصمة. وشهدت العاصمة الليبية مرارا اشتباكات مسلحة بين مجموعات عدة من الثوار السابقين اوقعت قتلى وجرحى.
متفجرات خطرة
وفي إطار ذلك، تبذل جهود متواصلة لاحتواء الأسلحة الخطرة في ليبيا، تخلص فريق من خبراء الأسلحة الأمريكيين من مئات الكيلوجرامات من المتفجرات. وأفادت مصادر اخبارية بأن متخصصين أمريكيين دفنوا حوالي 600 كيوجرام من الذخيرة على عمق كبير في الصحراء قبل تفجيرها. كما نقل عن دبلوماسيين أمريكيين قولهم إن الخبراء أبطلوا مفعول حوالي 5 آلاف قاذفة صواريخ محمولة. بحسب وكالة اسوشيتد برس للأنباء.
ويقول مراقبون إن الكمية الكبيرة من الأسلحة التي اختفت أثناء القتال الذي دام عدة أشهر تثير مخاوف بشأن إمكانية وقوعها في الأيدي الخطأ. ويأتي التخلص من هذه الأسلحة بعد يوم من إعلان رئيس الوزراء الليبي عبد الرحيم الكيب، عن برنامج موحَّد وقويٍّ لجمع السلاح في ليبيا. وتزامنت تصريحات الكيب مع اشتباكات بين الجيش الوطني الليبي وثوَّار طرابلس من جهة وبين ثوَّار الزنتان، من جهة أخرى، بالقرب من مطار العاصمة طرابلس. كما تأتي التصريحات عقب تصاعد حالة من السخط بين سكان طرابلس بشأن فوضى السلاح، وهو ما دفع الحكومة إلى تحديد مهلة أمام مسلحي الثورة للخروج من العاصمة.
صواريخ مفقودة
من جانب اخر، قال مسؤول أمريكي ان أغلب مخزون ليبيا المفقود من الصواريخ المضادة للطائرات التي تطلق من على الكتف ما زال موجودا في البلاد لكن لابد من تأمينها قبل تهريبها الى مقاتلين خارج ليبيا.
وكان لدى الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي نحو 20 ألف من هذه الصواريخ. ونهب الكثير منها خلال الصراع الذي أنهى حكمه مما تسبب في وجود مخاوف من احتمال أن تسقط في أيدي تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي المتمركز بدول في شمال افريقيا. وتفضل الجماعات المتشددة هذه الاسلحة التي يطلق عليها "أنظمة الدفاع الجوي المحمولة" لانها خفيفة ويمكن حملها واستخدامها بسيط نسبيا ويمكن نظريا أن تسقط طائرة مدنية.
قال درين سميث وهو مستشار لقوة عمل مؤلفة من عدة أجهزة تابعة للحكومة الامريكية لهذه الاسلحة ان التوقعات بأن أعدادا كبيرة من هذه الاسلحة ستخرج من ليبيا لتصل الى مناطق تمركز القاعدة في الصحراء لم تتحقق. وقال سميث في مؤتمر صحفي بالعاصمة الجزائرية "يبدو في هذه المرحلة أن مخزونات أغلب أنظمة الدفاع الجوي المحمولة الليبية ما زالت في أيدي أفراد ليبيين. لذلك سنتعاون مع الحكومة على استعادة تلك الاسلحة لتصبح تحت سيطرة الحكومة المركزية." وأضاف "الانباء السيئة هي أنه ما من أحد متأكد من العدد المحدد الموجود خارج سيطرة الحكومة وستستغرق جهود التوصل الى عدد مقبول بعض الاشهر."
وفي الصراع الذي شهدته ليبيا لانهاء حكم القذافي اقتحم مقاتلون محليون كانوا يحاولون الاطاحة به مستودعات الاسلحة وأخذوا الاسلحة لانفسهم. وهؤلاء المقاتلون موالون بصورة كبيرة للحكومة المدعومة من الغرب التي تتولى السلطة حاليا لكن هناك تساؤلات حول كيفية تخزين تلك الاسلحة بأمان.
ويقول خبراء أمن ان تلك الاسلحة يمكن أن يحصل عليها المتشددون او المهربون ونقلها عبر الحدود الجنوبية لليبيا التي يسهل التسلل منها الى الجزائر ومالي وموريتانيا والنيجر. وينشط تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي في الصحراء الكبرى التي تمتد عبر هذه الدول. ويقول احد قادة تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي ان جماعته استغلت الصراع الليبي في الحصول على السلاح.
لكن سميث قال ان الصواريخ التي تطلق من على الكتف أو مكوناتها من المخزونات الليبية لم يعثر عليها حتى الان بين شحنات الاسلحة التي صودرت في الصحراء. وقال بعد محادثات مع مسؤولين جزائريين "لم نر بعد مؤشرات تذكر على أن أنظمة الدفاع الجوي المحمولة تنقلت في المنطقة." ومضى يقول "كانت هناك بعض مكونات الصواريخ أرض جو التي اعترضتها... دول بالمنطقة. نقلت الدول هذه المعلومات الينا."
ومضى يقول "كشفت تحليلات الخبراء عن أن تلك المكونات غير مرتبطة بالموجود أو المخزون في ليبيا. كما أن أيا من المكونات التي عثر عليها في أي من المناطق الحدودية لم تكن تعمل بشكل سليم." وذكر أن خبراء أسلحة أمريكيين يعملون مع الحكومة الليبية الجديدة أعدوا قائمة بالفعل لبعض مخزونات الصواريخ التي تطلق من على الكتف داخل البلاد. بحسب رويترز.
ومضى سميث يقول "أغلب المخزون من النماذج السوفيتية اس.ايه-7 الاقدم من الصواريخ أرض جو... بعض الصواريخ التي عثروا عليها كانت متاكلة ولا تعمل. الكثير من الاسلحة الاخرى ما زالت في حاويات الشحن الخاصة بها وكانت صواريخ تعمل بشكل سليم."
تهريب صواريخ
في السياق ذاته، قال مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية إن جهود الولايات المتحدة لتأمين الترسانة العسكرية الليبية مازالت مستمرة ولم تنته بعد، ولكنه أكد عدم وجود "أدلة قاطعة" تشير إلى تسرب أسلحة إلى خارج الحدود الليبية، وخاصة الصواريخ المضادة للطائرات.
وقال أندرو شابيرو، وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية والعسكرية، على هامش مؤتمر يهدف لتسليط الضوء على تقرير حول الدور الأمريكي للتخلص من الألغام وفائض الذخائر والأسلحة حول العالم: "نحن نواصل جهودنا لتقييم عدد قطع الأسلحة التي ما زالت مفقودة." وتقول الأوساط الأمريكية إن التركيز ينصب على تأمين 20 ألف صاروخ محمول مضاد للطائرات، يعتقد أن نظام العقيد الراحل معمر القذافي كان يحتفظ بها في ترسانته، ويمكن لها أن تهدد سلامة الطيران العالمي في حال وضعت منظمات إرهابية يدها عليها.
وتعمل الولايات المتحدة مع الحكومة الليبية الانتقالية من أجل ضمان سحب الأسلحة من التنظيمات المسلحة التي خاضت مواجهات مع النظام السابق، وذلك بهدف منع تسريبها وبيعها في السوق السوداء. وقال شابيرو، الذي زار ليبيا مؤخراً، إنه قد جرى تأمين خمسة آلاف صاروخ تقريباً، وأعرب عن اعتقاده بأن آلاف الصواريخ قد تكون دمرت بفعل غارات حلف شمال الأطلسي على قواعد قوات القذافي، كما وضعت الفصائل المسلحة المختلفة يدها على عدد آخر مما تبقى منها بعدما قامت بالسيطرة على مخازن أسلحة النظام السابق.
وأضاف المسؤول الأمريكي قائلاً: "لم نجد حتى الآن أي دليل حاسم على تسرب هذه الأسلحة خارج حدود البلاد، ولكننا بالتأكيد نشعر بالقلق الشديد حيال الموضوع، ولهذا نبذل الكثير من الجهد على الأرض في ليبيا لتأمين تلك الأسلحة، بالتعاون مع السلطات الليبية."
وكانت ليبيا قد أعلنت أنها اكتشفت قبل نحو شهر أسلحة كيماوية كانت موجودة في ترسانة نظام القذافي، وقد طلبت من المجتمع الدولي التدخل لمساعدتها في التعامل معها، مشيرة في هذه الإطار إلى مجموعة من الصواريخ المزودة بغاز الخردل. بحسب السي ان ان .
كما أكدت مصادر أمريكية أن واشنطن تواصلت مع المجلس الانتقالي الليبي لتحديد سبل التعامل مع مخزون نظام القذافي من الأسلحة الكيماوية والصواريخ المضادة للطائرات. وأضافت المصادر أن الولايات المتحدة "تراقب" أماكن تخزين بعض تلك الأسلحة، وذلك من خلال طائرات مراقبة وطائرات تعمل من دون طيار، إلى جانب الأقمار الاصطناعية.
ويعتقد أنه كان لدى ليبيا قبل اندلاع الثورة التي أطاحت بنظام القذافي قرابة تسعة أطنان من غاز الخردل، و800 طن متري من مواد مكملة أخرى.
شبكة النبأ