من يحدد السقوف للأحرار ؟
إعداد فاروق أبو سراج الذهب
كلام جميل قاله الشيخ عائض القرني حول الهمة في نظم المطول ،أردت أن ابدأ به هذا النثر ،وأرجو أن يستكمل الإخوان القراءة على الرابط في الأسفل قال الشيخ : صاحب الهمة لايهمه الحر... ولا يخيفه القر... ولا يزعجه الضر.. ولا يقلقله المر..لأنه تدرع بالصبر...ولابد للهمم الملتهبة أن تنال مطلوبها،،ولابد للعزائم المتوثبة أن تدرك مرغوبها. ..سنة لا تبدل… وقضية لا تحول….
سوف تأتيك المعالي إن أتيت *** لا تقل سوف، عسى، أين، وليت .... مشى أحمد بن حنبل من بغداد إلى صنعاء،، وأنت تفتر في حفظ دعاء....سافر أحدهم إلى مصر, وغدوه شهر ورواحه شهر،، في طلب حديث واحد،، ليدرك به المجد الخالد...ولولا المحنة، ما دعي أحمد إمام السنة,, ووصل بالجلد إلى المجد....ووضع ابن تيمية في الزنزانة,, فبرز بالعلم زمانه.
ومن أراد المعالي هان عليه كل هم.. لأنه لولا المشقة ساد الناس كلهم..
ونصوص الوحي تناديك... سارع ولا تلبث بناديك...وسابق ولا تمكث بواديك..
فهبوا إلى درجات الكمال... نساء ورجالا ودربوا على الفضيلة أطفالا ..انتهى.
عندما نتحدث اليوم عن الاستحقاقات الانتخابية القادمة ،إنما نتحدث عن واجب الوقت الذي وجب على جميع المناضلين والمحبين وذوي الولاء الحر والانتماء المستمر لفكرة ومشروع التغيير السلمي والهادئ ومدرسة الوسطية والاعتدال في الجزائر ،وإذا كنا لا نعتقد بأن الجزائر ستكون استثناءا عربيا لأنها كانت دائما رائدة وقائدة في مسار الإصلاح والتقدم والازدهار فإننا أيضا لا يمكن أن يعتبر أي مناضل ومحب ومناصر لفكرتنا استثناءا وان الأمر لا يعنيه شخصيا ،على اعتبار أنه كما قال المفكر سيف عبد الفتاح 'إذا اتحدت التحديات وجب اتحاد الاستجابات ..وإذا ضعفت الاستجابات وجب وضع الاستراتيجيات ..وإذا وضعت الاستراتيجيات وجب وعي الحاجات والتفكير بالوسائل والأدوات والآليات ..
ذلك انه إذا ارتبكت المدركات وغامت المفهومات واضطربت التصورات غابت الرؤى وتشكيل الاستراتيجيات..وإذا وجدت القابليات تمكنت الأفعال والفاعليات .
ان السقف المرفوع الذي حررته الحركة في مؤسساتها ينطلق من قراءة سياسية سليمة لتطورات الوضع الوطني والإقليمي والدولي ،ولاسيما إننا نعيش في عصر تقسيم المتكاملات والتفتيت إلى جزئيات وتقسيم الكيان الى منفصلات ومحميات للأسف في مقابل وجود قابلية لدى التيار الإسلامي في الجزائر لهذا التفتيت حيث صار لكل عائلة محمية حزبية تدافع عنها بكل الوسائل وشتى الطرق ..
وحيال هذا الوضع المؤسف يفترض في العقلاء والأذكياء والصادقين ،والمؤمنين بصلاحية المشروع ،أن يجسدوا مبدأ "إذا وجدت الاختلافات بين المؤتلفين وجب الخروج بها الى دائرة الائتلافات وإذا كان منها بد لابد ان نتعلم فن ادراة الاختلافات وحصرها في دائرة التعددات والتنوعات والتكاملات وإبعادها عن دائرة التناقضات والتنازعات والتنافيات ...وإذا تنوعت الإمكانات وتعددت القدرات صار فقه التجميع والتنظيم والتنسيق واجب الوقت .
إننا اليوم نحتاج إلى سقوف مرتفعة تنظر من شرفات سامقة لأنه،وكما يقول الأستاذ سالم الفلاحات الأردني "السقوف المنخفضة تشوه الأبنية وتمسخها حتى لو كانت قصوراً، أذكر أن بعض أهل الخير في قريتنا استعدوا لتحسين مبنى مسجدهم القديم فوسعوه وجملوه وفرشوه، حتى غدا جميلاً، لكنهم لما انتهوا من عملهم قالوا: إنه جميل لكن سقفه منخفض ويذهب جماله، وكلما دخله زائر أبدى هذه الملاحظة وقال: ما أجمله، ولكن سقفه منخفض ولا حل إلا برفع سقفه. السقف المنخفض ضروري للقبـور ليستر جثامين الآدميين ويبعدها عن الأذى.
وهو محمود في الكهوف القديمة لتكون مخبأ لبعض الحيوانات البرية. وهو محمود ليخفي الجند عن أعين الأعداء في الكمائن وفي الثغور. وهو نافع لتربية الدواجن والأرانب فقط، ولا يصلح للخيول أو للنسور والصقور. وهو نافع للصوص ليخفضوا رؤوسهم ليتهامسوا ولا يراهم أحد. السقوف المنخفضة تنفع المقاولين لتوفير بعض المال، لكنها تركة ثقيلة على من يسكنها وهي ثراء على حساب الراحة. السقوف المنخفضة لن يعيش فيها إلا قصار القامات «معنوياً»؛ لأنهم لشدة انحنائهم كادت تصل رؤوسهم الأرض.
إنها تصلح للعبيد الأذلاء الذين لا يستمرئون العيش إلا في هذه البيئات، السقوف المنخفضة هي مساكن الزواحف والجرذان وأشباهها".
أما السقوف المرتفعة ،فهي سقوف النسور والصقور وفرسان الخيول وذوي الهمم العالية ،نحن نتحدث عن الهمم التي تحرك الرجال، لاحظ الفرق بين فلان وبين فلان، لماذا يستطيع هذا أن يترك فراشه في البرد القارس والبرد الشديد وينطلق ملبيا للنداء ؟ ما الذي دفعه ؟ وترك شهوته وفراشه مجيبا النداء ، في حين لم يستطع فلان ان يتحرك من مكانه وهو يسمع منادي الله ينادي 'الصلاة خير من النوم'، بل وهو يعلم ان تخلفه عن الصلاة يجعله في عداد المنافقين،اسأل الله ان يبعد عنا سبل الشيطان وسبيل المنافقين آمين .
وقديما سألوا عن ابن عبد العزيز عمر الذي بلغ بهمته العالية مبلغ الرجال حتى عد خامس الخلفاء الراشدين في خلافة قصيرة لم تتجاوز السنتين والخمسة اشهر واياما معدودة، ولكنه حقق فيها من الانجازات ما الله به عليم، كيف استطاع؟
استطاع بهمته العالية وبنيته الصادقة، سئلوا وتساءلوا فيما بينهم كيف استطاع ابن عبد العزيز عمر ان يحقق ما حقق ؟ فقالوا:' والله ما خطى خطوة الا ونيته لله'، جعل الحياة وقفا لله تبارك وتعالى، فحقق في فترة قصيرة ما لم يحققه أقوام في قرون وسنوات طوال، قبل ان يتولى الامارة وقبل ان يتولى الخلافة، وقبل أن يتولى أمر المسلمين، كان يقول لزوجه فاطمة:'يا فاطمة ان لي نفسا تشتاق لإمارة'، فتولاها فلما تولاها ارتفعت الهمم، فقال لها:'يا فاطمة ان لي نفسا تواقة تشتاق للخلافة'، فتولاها وأصبح أميرا على بلاد المسلمين، أميرا على أكثر من أربعين بلدا من بلاد الإسلام والمسلمين، بانت له مشارق الأرض ومغاربها تحت إمارته، فلما بلغ الخلافة ارتفعت الهمة فقال لها:'والله يا فاطمة إن لي نفسا تواقة تشتاق إلى الجنة'، فسعى من اجل الجنة وعمل من اجلها حتى سمعوا في ساعات احتضاره في نهار العيد أمر الناس بالخروج فخرجوا من عنده فسمعوا قارئا يقرأ ' تِلْكَ الدارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتقِينَ'، لله دره جعل الهم هما واحدا، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم:' من جعل الهموم هما واحدا (يعني هم الاخرة) كفاه الله هم الدنيا وهم الآخرة' قل لي واسألني: كيف ترتفع الهمم ؟
قال ابن القيم الجوزية رحمة الله عليه : فالهمة العالية على الهمم كالطائر العالي على الطيور، لا يرضى بمساقطهم، ولا تصل إليه الآفات التي تصل إليهم، فإن الهمة كلما علت بعدت عن وصول الآفات إليها، وكلما نزلت قصدتها الآفات من كل مكان".
هذا هو السقف الذي نريد أن يتحلى به إخواننا ونحن نتقدم خطوات في اتجاه المشاركة الفاعلة في الاستحقاق القادم ،الذي لا نعتبره نهاية المسار أو ختام المشوار ..ولكنه بوابة نحو تحقيق أهداف المشروع الكبير الذي نؤمن به جميعا .
أقوال حول الهمة العالية :
إذا هبت رياحك فأغتنمها *** فإن الخافـقـات لها سـكونُ
وإن ولدت نياقك فاحتلبها *** فلا تدري الفصيلُ من يكونُ
وقد ذم أعرابي رجلاً فقال : هو عبد البدن , حر الثياب , عظيم الرواق , صغير الأخلاق , الدهرُ يرفعه وهمته تضعه .
وقال آخر :
إذا غامرت في شرف مروم *** فلا تقنع بما دون النجــــوم
فطعم الموت في أمر حقير *** كطعم الموت في أمر عظيم
يرى الجبناء أن الجبن حزم *** و تلك خديعة الطبع اللئيــــم
يقول أبو فراس الحمداني
و نحن قوم لا توسط بيننا **** لنا الصدر دون العالمين أو القبر
تهون في المعالي نفوسنا **** و من يخطب الحسناء لا يغله المهر
يقول أبو القاسم الشابي
و من يتهيب صعود الجبال **** يعش أبد الدهر بين الحفر
قال محمد إقبال:
وخل الهوينا للضعيف ولا تـكن *** نؤوماً فإن الحزم ليس بنائـم
همم الأحرار تحيي الرممـــا *** نفخة الأبرار تحيي الأممــا
وقال عبد الوهاب عزام:
قلت لـلصقر وهو في الجو عـال *** اهبط الأرض فـالهواء جديـــب
قال لي الصقر: في جناحي وعزمي *** وعنان السمـــاء مرعى خصيب
إعداد فاروق أبو سراج الذهب
كلام جميل قاله الشيخ عائض القرني حول الهمة في نظم المطول ،أردت أن ابدأ به هذا النثر ،وأرجو أن يستكمل الإخوان القراءة على الرابط في الأسفل قال الشيخ : صاحب الهمة لايهمه الحر... ولا يخيفه القر... ولا يزعجه الضر.. ولا يقلقله المر..لأنه تدرع بالصبر...ولابد للهمم الملتهبة أن تنال مطلوبها،،ولابد للعزائم المتوثبة أن تدرك مرغوبها. ..سنة لا تبدل… وقضية لا تحول….
سوف تأتيك المعالي إن أتيت *** لا تقل سوف، عسى، أين، وليت .... مشى أحمد بن حنبل من بغداد إلى صنعاء،، وأنت تفتر في حفظ دعاء....سافر أحدهم إلى مصر, وغدوه شهر ورواحه شهر،، في طلب حديث واحد،، ليدرك به المجد الخالد...ولولا المحنة، ما دعي أحمد إمام السنة,, ووصل بالجلد إلى المجد....ووضع ابن تيمية في الزنزانة,, فبرز بالعلم زمانه.
ومن أراد المعالي هان عليه كل هم.. لأنه لولا المشقة ساد الناس كلهم..
ونصوص الوحي تناديك... سارع ولا تلبث بناديك...وسابق ولا تمكث بواديك..
فهبوا إلى درجات الكمال... نساء ورجالا ودربوا على الفضيلة أطفالا ..انتهى.
عندما نتحدث اليوم عن الاستحقاقات الانتخابية القادمة ،إنما نتحدث عن واجب الوقت الذي وجب على جميع المناضلين والمحبين وذوي الولاء الحر والانتماء المستمر لفكرة ومشروع التغيير السلمي والهادئ ومدرسة الوسطية والاعتدال في الجزائر ،وإذا كنا لا نعتقد بأن الجزائر ستكون استثناءا عربيا لأنها كانت دائما رائدة وقائدة في مسار الإصلاح والتقدم والازدهار فإننا أيضا لا يمكن أن يعتبر أي مناضل ومحب ومناصر لفكرتنا استثناءا وان الأمر لا يعنيه شخصيا ،على اعتبار أنه كما قال المفكر سيف عبد الفتاح 'إذا اتحدت التحديات وجب اتحاد الاستجابات ..وإذا ضعفت الاستجابات وجب وضع الاستراتيجيات ..وإذا وضعت الاستراتيجيات وجب وعي الحاجات والتفكير بالوسائل والأدوات والآليات ..
ذلك انه إذا ارتبكت المدركات وغامت المفهومات واضطربت التصورات غابت الرؤى وتشكيل الاستراتيجيات..وإذا وجدت القابليات تمكنت الأفعال والفاعليات .
ان السقف المرفوع الذي حررته الحركة في مؤسساتها ينطلق من قراءة سياسية سليمة لتطورات الوضع الوطني والإقليمي والدولي ،ولاسيما إننا نعيش في عصر تقسيم المتكاملات والتفتيت إلى جزئيات وتقسيم الكيان الى منفصلات ومحميات للأسف في مقابل وجود قابلية لدى التيار الإسلامي في الجزائر لهذا التفتيت حيث صار لكل عائلة محمية حزبية تدافع عنها بكل الوسائل وشتى الطرق ..
وحيال هذا الوضع المؤسف يفترض في العقلاء والأذكياء والصادقين ،والمؤمنين بصلاحية المشروع ،أن يجسدوا مبدأ "إذا وجدت الاختلافات بين المؤتلفين وجب الخروج بها الى دائرة الائتلافات وإذا كان منها بد لابد ان نتعلم فن ادراة الاختلافات وحصرها في دائرة التعددات والتنوعات والتكاملات وإبعادها عن دائرة التناقضات والتنازعات والتنافيات ...وإذا تنوعت الإمكانات وتعددت القدرات صار فقه التجميع والتنظيم والتنسيق واجب الوقت .
إننا اليوم نحتاج إلى سقوف مرتفعة تنظر من شرفات سامقة لأنه،وكما يقول الأستاذ سالم الفلاحات الأردني "السقوف المنخفضة تشوه الأبنية وتمسخها حتى لو كانت قصوراً، أذكر أن بعض أهل الخير في قريتنا استعدوا لتحسين مبنى مسجدهم القديم فوسعوه وجملوه وفرشوه، حتى غدا جميلاً، لكنهم لما انتهوا من عملهم قالوا: إنه جميل لكن سقفه منخفض ويذهب جماله، وكلما دخله زائر أبدى هذه الملاحظة وقال: ما أجمله، ولكن سقفه منخفض ولا حل إلا برفع سقفه. السقف المنخفض ضروري للقبـور ليستر جثامين الآدميين ويبعدها عن الأذى.
وهو محمود في الكهوف القديمة لتكون مخبأ لبعض الحيوانات البرية. وهو محمود ليخفي الجند عن أعين الأعداء في الكمائن وفي الثغور. وهو نافع لتربية الدواجن والأرانب فقط، ولا يصلح للخيول أو للنسور والصقور. وهو نافع للصوص ليخفضوا رؤوسهم ليتهامسوا ولا يراهم أحد. السقوف المنخفضة تنفع المقاولين لتوفير بعض المال، لكنها تركة ثقيلة على من يسكنها وهي ثراء على حساب الراحة. السقوف المنخفضة لن يعيش فيها إلا قصار القامات «معنوياً»؛ لأنهم لشدة انحنائهم كادت تصل رؤوسهم الأرض.
إنها تصلح للعبيد الأذلاء الذين لا يستمرئون العيش إلا في هذه البيئات، السقوف المنخفضة هي مساكن الزواحف والجرذان وأشباهها".
أما السقوف المرتفعة ،فهي سقوف النسور والصقور وفرسان الخيول وذوي الهمم العالية ،نحن نتحدث عن الهمم التي تحرك الرجال، لاحظ الفرق بين فلان وبين فلان، لماذا يستطيع هذا أن يترك فراشه في البرد القارس والبرد الشديد وينطلق ملبيا للنداء ؟ ما الذي دفعه ؟ وترك شهوته وفراشه مجيبا النداء ، في حين لم يستطع فلان ان يتحرك من مكانه وهو يسمع منادي الله ينادي 'الصلاة خير من النوم'، بل وهو يعلم ان تخلفه عن الصلاة يجعله في عداد المنافقين،اسأل الله ان يبعد عنا سبل الشيطان وسبيل المنافقين آمين .
وقديما سألوا عن ابن عبد العزيز عمر الذي بلغ بهمته العالية مبلغ الرجال حتى عد خامس الخلفاء الراشدين في خلافة قصيرة لم تتجاوز السنتين والخمسة اشهر واياما معدودة، ولكنه حقق فيها من الانجازات ما الله به عليم، كيف استطاع؟
استطاع بهمته العالية وبنيته الصادقة، سئلوا وتساءلوا فيما بينهم كيف استطاع ابن عبد العزيز عمر ان يحقق ما حقق ؟ فقالوا:' والله ما خطى خطوة الا ونيته لله'، جعل الحياة وقفا لله تبارك وتعالى، فحقق في فترة قصيرة ما لم يحققه أقوام في قرون وسنوات طوال، قبل ان يتولى الامارة وقبل ان يتولى الخلافة، وقبل أن يتولى أمر المسلمين، كان يقول لزوجه فاطمة:'يا فاطمة ان لي نفسا تشتاق لإمارة'، فتولاها فلما تولاها ارتفعت الهمم، فقال لها:'يا فاطمة ان لي نفسا تواقة تشتاق للخلافة'، فتولاها وأصبح أميرا على بلاد المسلمين، أميرا على أكثر من أربعين بلدا من بلاد الإسلام والمسلمين، بانت له مشارق الأرض ومغاربها تحت إمارته، فلما بلغ الخلافة ارتفعت الهمة فقال لها:'والله يا فاطمة إن لي نفسا تواقة تشتاق إلى الجنة'، فسعى من اجل الجنة وعمل من اجلها حتى سمعوا في ساعات احتضاره في نهار العيد أمر الناس بالخروج فخرجوا من عنده فسمعوا قارئا يقرأ ' تِلْكَ الدارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتقِينَ'، لله دره جعل الهم هما واحدا، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم:' من جعل الهموم هما واحدا (يعني هم الاخرة) كفاه الله هم الدنيا وهم الآخرة' قل لي واسألني: كيف ترتفع الهمم ؟
قال ابن القيم الجوزية رحمة الله عليه : فالهمة العالية على الهمم كالطائر العالي على الطيور، لا يرضى بمساقطهم، ولا تصل إليه الآفات التي تصل إليهم، فإن الهمة كلما علت بعدت عن وصول الآفات إليها، وكلما نزلت قصدتها الآفات من كل مكان".
هذا هو السقف الذي نريد أن يتحلى به إخواننا ونحن نتقدم خطوات في اتجاه المشاركة الفاعلة في الاستحقاق القادم ،الذي لا نعتبره نهاية المسار أو ختام المشوار ..ولكنه بوابة نحو تحقيق أهداف المشروع الكبير الذي نؤمن به جميعا .
أقوال حول الهمة العالية :
إذا هبت رياحك فأغتنمها *** فإن الخافـقـات لها سـكونُ
وإن ولدت نياقك فاحتلبها *** فلا تدري الفصيلُ من يكونُ
وقد ذم أعرابي رجلاً فقال : هو عبد البدن , حر الثياب , عظيم الرواق , صغير الأخلاق , الدهرُ يرفعه وهمته تضعه .
وقال آخر :
إذا غامرت في شرف مروم *** فلا تقنع بما دون النجــــوم
فطعم الموت في أمر حقير *** كطعم الموت في أمر عظيم
يرى الجبناء أن الجبن حزم *** و تلك خديعة الطبع اللئيــــم
يقول أبو فراس الحمداني
و نحن قوم لا توسط بيننا **** لنا الصدر دون العالمين أو القبر
تهون في المعالي نفوسنا **** و من يخطب الحسناء لا يغله المهر
يقول أبو القاسم الشابي
و من يتهيب صعود الجبال **** يعش أبد الدهر بين الحفر
قال محمد إقبال:
وخل الهوينا للضعيف ولا تـكن *** نؤوماً فإن الحزم ليس بنائـم
همم الأحرار تحيي الرممـــا *** نفخة الأبرار تحيي الأممــا
وقال عبد الوهاب عزام:
قلت لـلصقر وهو في الجو عـال *** اهبط الأرض فـالهواء جديـــب
قال لي الصقر: في جناحي وعزمي *** وعنان السمـــاء مرعى خصيب