في حوار يروي قصة أول إسلامي حمل السلاح ضد النظام
شقيق مصطفى بويعلي يكشف حقائق مثيرة عن أخيه
لأول مرة منذ عقود تقرر عائلة مصطفى بويعلي أن تخرج عن صمتها، من خلال حوار مثير أدلى به شقيق مصطفى بويعلي السيد سيد أحمد وهو رفيق مصطفى في كل المراحل التي عاشها مصادما للسلطة أو هاربا منها كما سبق لسيد علي أن قضى 6 سنوات سجنا في نفس القضية.
سيد أحمد بويعلي يروي للشروق حقائق مثيرة عن شقيقه ويتحدث بصراحة لا متناهية لرئيس التحرير محمد يعقوبي عن القصة الكاملة لمصطفى بويعلي منذ كان مجاهدا في حرب التحرير إلى انخراطه في الحركة المسلحة للأفافاس سنة 63 إلى صدامه المتواصل مع السلطة وأجهزة الأمن.
كما يروي سيد أحمد الأسباب الحقيقية التي دفعت بويعلي لحمل السلاح ودور المجاهدين وخاصة الرائد بورڤعة والمجاهد بوباشا في ثنية على ذلك، كما يتحدث سيد أحمد عن السنوات السبع التي قضاها بويعلي هاربا في الجبال والطريقة التي قتل بها وعلاقته بالمرحوم نحناح وعلاقته بالشيخ علي بن حاج، والوضعية التي آلت إليها العائلة بعد مقتله وعلاقتها بالفيس والطريقة التي قتل بها الشقيق الثالث مختار بويعلي الذي كان متعاونا مع الدرك لإقناع شقيقه بوضع السلاح والعودة إلى المجتمع..
قراء الشروق سيكتشفون لأول مرة صورة مصطفى بويعلي الذي طويت سيرته مع مقتله وسيتعرف القراء على شخصية هذا الرجل وتركيبته الفكرية والنفسية. الحوار جدير بالمتابعة ترقبوه عن قريب.
بويعلي .. طُرد من الآفلان لأنه رفض أن تشتغل بنات الشهداء في بيوت الحركى
يروي سيد أحمد بويعلي القصة الكاملة لشقيقه مصطفى بويعلي وهو أول إسلامي رفع السلاح في وجه النظام، وأسس حركة مسلحة كانت تنشط للاطاحة بنظام الحكم وتطبيق الشريعة الاسلامية، ويكشف سيد أحمد بويعلي الذي قضى ست سنوات حبسا في قضية شقيقه، عن حقائق مثيرة منها دور المجاهدين في إقناع بويعلي بترك السلاح والصعود لمفاوضته في الجبال والغابات، والتوسط لدى مدير الأمن الوطني الهادي لخذيري لوقف المضايقات التي يقول إن بويعلي كان يتعرض لها بسبب دروسه الحادة في مسجد العاشور. سيد أحمد يتكلم عن المعاناة التي عاشتها عائلة بويعلي لإقناع مصطفى بالنزول والمعاناة التي تكبدتها بعد مقتله..
.
هل يمكن أن تعرف نفسك للقراء وما الذي دفعك للخروج عن صمتك؟
أنا سيد أحمد بويعلي شقيق المرحوم مصطفى بويعلي، أنا من مواليد 7 جويلية 1951 بالعاصمة، والأمر الذي حركني ودفعني للحديث إليك، هو ذكر شقيقي رحمه الله في حواركم الذي أجريتموه مع الأخ احمد مراني.
.
هل تعتقد أن مرَّاني أساء إلى شقيقك مصطفى بويعلي؟
لا لا لم يذكره بسوء، وإنما لم يذكر الأسباب والدوافع التي دفعت هذا الرجل الى حمل السلاح ضد النظام، فمن غير المنطق أن تتكلم عن النتيجة دون الكلام عن الأسباب، وعليه ارتأيت أن أدلي بكل ما أعرفه من حقائق تخص المرحوم.
.
إذن نبدأ القصة من بدايتها، من هو شقيقك مصطفى بويعلي؟
خلال حرب التحرير كان أخي مصطفى بويعلي مجاهدا من حاملي السلاح في وجه الاستعمار الفرنسي، وقام بالكثير من العمليات مع مجاهدين معروفين منهم من توفي، ومنهم من لا يزال على قيد الحياة، منها تفجير مخمرة العاشور التي هاجموها مساء، والواقعة يعرفها كل مجاهد بالمنطقة، وقد عمل مصطفى كثيرا مع المجاهدة جميلة بوباشا أطال الله في عمرها.
كان مجاهدا في الولاية الرابعة ويعرفه ويشهد له بالجهاد والتضحية الكثير من رموز الثورة منهم يوسف الخطيب والرائد لخضر بورڤعة وبوعلام بن حمودة والمرحوم بن خدة.
.
أين كانت وجهته بعد الاستقلال؟
بعد الاستقلال مباشرة لم يتردد في الانضمام الى جبهة القوى الاشتراكية الآفافاس وحمل السلاح مع قياداتها رفقة الرائد بورڤعة ضد الرئيس بن بلة ومشروعه. وفي عهد بومدين عين مصطفى بويعلي منسقا لفيديرالية جبهة التحرير بالشراڤة، ثم تم خلعه لأنه ألقى خطابا سبق قايد أحمد في الشراڤة، مما جعل هذا الأخير يغضب ويغادر دون أن يلقي خطابه، كان ذلك سنة 1967 .
.
ماذا قال مصطفى في خطابه الذي أغضب قايد أحمد؟
مصطفى تحدث عن أرامل وبنات الشهداء اللواتي يشتغلن منظفات عند الحركى دون أن تقف الدولة إلى جانبهم، وتحدث عن الحركى الذين تحولوا الى مسؤولين سامين في الدولة الجزائرية المستقلة. وكانت النتيجة واضحة في اليوم الموالي؛ منع أخي مصطفى من دخول فيديرالية الجبهة وانتزع منه منصبه.
.
من أين كان يقتات شقيقك مصطفى ومن أين كان يعيل عائلته في ذلك الحين؟
بعد طرده من الأفلان عمل في شركة "سونيلاك" كرئيس قسم، وعمل سكريتيرا في البلدية.
.
لكن ماذا كان مستواه التعليمي والشرعي؟
مصطفى تعلم فقط في المساجد وبالضبط عند الشيخ أحمد سحنون في مسجد شوفالي، وكان محبا للشيخ الشعراوي، لا يفوت فرصة حضور دروسه عندما كان يزور الجزائر. الحقيقة مستواه بسيط جدا، لكنه كوّن نفسه بنفسه من خلال المطالعة وحضور الدروس المسجدية.
.
لكن لم تخبرني عن عائلتكم بويعلي ممن تتكون؟
كنا في ذلك الحين عائلة متكونة من خمسة إخوة وخمس أخوات .
.
كيف بدأ نشاطه الدعوي في المساجد؟
في نفس فترة عمله بسونيلاك كان يقدم دروسا عن الآفات الاجتماعية في مسجد العاشور وأحيانا كانت دروسه تزعج السلطة، فأصبح المسجد الذي بناه الإخوة مقصودا جدا من كل الولايات.
.
عن ماذا كان يتحدث في خطبه ودروسه؟
كان يحارب الآفات الاجتماعية بشكل عام.
.
فقط ..؟ وماذا كان يقول عن السلطة؟
كان يطلب من السلطة أن تحكم استنادا إلى الشريعة الاسلامية.
.
هل كان يدعو إلى العنف في دروسه مثلا؟
لا لم يكن يدعو للعنف على الإطلاق، كان حادا فقط وصارما في انتقاده للوضع ولكل السلبيات التي يعيشها المجتمع، حتى أن النظام لما لاحظ شهرة مسجد العاشور مقارنة ببقية المساجد أصبح يستدعيه لمديرية الأمن المركزي ليوقع على محضر يومي ويغادر، دون أن يعتقل أو يطلب منه حتى التوقف عن الخطب والدروس.
.
كيف كانت علاقة مصطفى بويعلي مع الشيوخ أحمد سحنون، علي بن حاج ومحفوظ نحناح؟
كان علي بن حاج شابا في ذلك الوقت، وكان من رواد مسجد العاشور وتربطه علاقة قوية جدا مع أخي مصطفى. أما الشيخان أحمد سحنون ومحفوظ نحناح فقد كان أخي مصطفى يداوم على حضور دروسهما.
.
ماذا عن عباسي مدني؟
عباسي مدني كان في الخارج، وعندما دخل الى الجزائر هو من قام بالبحث عن أخي مصطفى وليس العكس.
.
ماذا عن أحداث الجامعة المركزية ولماذا لم يتم اعتقاله مثل باقي الشيوخ؟
مصطفى لم يعتقل في أحداث الجامعة المركزية ولم يشارك أصلا فيها. على عكس الشيوخ الدين صاغوا بيان 14 نقطة تم اعتقالهم جميعا. ومصطفى لم يتدخل في الأحداث لأنه لم يكن ملما بالذي يحدث داخل الجامعات.
.
كيف بدأ الصدام بين مصطفى بويعلي والسلطة؟
بدأت مضايقات أجهزة الأمن لأخي مصطفى سنة 1982، وقد لاحظنا أنهم يحضرون دروسه وخطبه بالزي المدني بشكل مكثف، ويتظاهرون بعد الدروس أنهم يسألونه عن أمور فقهية. وفي يوم من الأيام عندما رجع الى العمل في "سونيلاك" بعد تناوله وجبة الغداء في المنزل، فوجئ بملاحقة من طرف سيارة بها مسلحون مدنيون، قطعوا أمامه الطريق فاصطدمت السيارتان، هرب بعدها الى داخل مقر الشركة وخرج جميع العمال للدفاع عنه، بينما تمكن هو من الفرار من بابٍ خلفي.
.
لكن الموضوع لا يستدعي هروبه؟
هم اتهموه وادعوا أن مصطفى صدمهم بالسيارة، فلم يجد سوى الهروب، بعدها اتصل أحد العمال بالدرك الوطني ليخبرهم بالتفاصيل، وعندما جاؤوا نشب خلاف بين الشرطة والدرك الوطني. فأخذوا سيارته إلى مديرية الأمن، ليشرع أعوان الأمن في حملة بحث وملاحقة للقبض عليه يوميا وقد كانوا يترددون بشكل مستمر على العائلة ليسألوا عنه.
.
حسب المعلومات التي كانت لديكم أين كان يختبئ؟
اختبأ لمدة قصيرة في بيت العائلة، ثم قام باتصالاته مكنته من الصعود الى جبل بوڤرة حاملا السلاح عن طريق شخص اسمه دودي محمد الهادي الذي كان من الذين دفعوا عن أخي مصطفى إلى حمل السلاح، لكن هذا الشخص اليوم يشغل منصب إمام في مارسيليا بفرنسا.
.
لم أفهم ما تقصده؟
يضحك .. هي"مكافأة على مهمته" أعتقد أنه ورط أخي ثم سهلوا له السفر إلى مارسيليا حيث يشتغل كإمام إلى اليوم، وكانت خطب هذا الرجل في المسجد "عنيفة" وتدعو صراحة الى "الجهاد" عكس اخي مصطفى، هدا الشخص اتصل دودي محمد الهادي من باب الوادي.
.
من أين حصل شقيقك على السلاح؟
كان يحتفظ بسلاحه منذ عهد الثورة، محتفظا به عند أحد رفاقه.
.
كيف تعاملت العائلة مع الموقف؟
في اليوم الأول أخي مصطفى قصد بيتي أنا، وأخبرني بالرواية مثلما حدثت، وقال لي بالحرف "يريدون قتلي، لن أمكنهم مني حيا.. ولكن إذا قتلت الله غالب" قال لي سأحاول دائما تجنب رجال الشرطة أما إذا التقيتهم وهاجموني فسأهاجم أيضا. لا حل أمامي، لأنهم لا يريدون محاكمتي وإنما يسعون إلى خطفي"، وهي العبارة التي قالها حتى في المسجد عندما بدأت المضايقات.
.
لكن كان عليكم إقناعه أن طريق العنف خطير؟
والله حاولنا إقناعه ولكن لم نستطع التأثير فيه، فقد كان بمثابة الأخ والأب الذي ربانا ولا نستطيع أن نضغط عليه، فاستعنا بوسطاء من معارفه ورفاق دربه ومعارفنا ممن يستطيعون التأثير فيه، لكنه تمسك برأيه، وساعده حمودي الهادي من باب الوادي رفقة أشخاص آخرين من رواد مسجد العاشور الدين كانوا يحضرون دروسه، هو قصد بيوتهم واتفق معهم.
.
من بالضبط كان معه في الجبل حاملا السلاح ممن تعرفهم؟
أنا زرتهم في الجبل وكانوا ثلاثة أشخاص، شقيقي وصديقيْن للهادي محمودي لا أعرفهما كلهم بالسلاح. أخي مصطفى فقد ثقته في السلطة وأصبح يعتبرها خداعة و"قاتلة" بل قادرة على اغتياله وتلفيق التهم للآخرين.
.
ولكن كيف صعدت الى الجبل وكيف عرفت مكانهم؟
اجتمعنا كلنا في بيت العائلة واتفقنا على ضرورة إقناع مصطفى بالنزول من الجبل، فكلفتني العائلة بالمهمة بعد مرور عشرة أيام على صعوده الجبل واتصلنا بالوسيط نفسه محمودي الهادي وعلى متن سيارة "فيات" مررنا ببعض المنازل في الرافيغو، ثم أدخلوني في غرفة والتقيته وحينها تأكدت من خلال ما شاهدت من سلاح أن الوضع خطير فعلا، لم أكن في تلك اللحظة قد برمجت أي كلام أو خطة عمل لإقناع أخي، وجدت نفسي أقول له إن بعض المجاهدين طلبوا لقاء مستعجلا جدا معه.
.
ألم يروِ لك بعضا من نشاطهم المسلح؟
لا أبدا خلال الفترة التي مكث فيها هناك كان رفقة من معه يتشاورون حول كيفية تنظيم أنفسهم وكيفية تجنيد المزيد من الأشخاص وضمهم إلى الصف.
.
إذا ما الهدف من حمله السلاح في رأيك؟
الهدف كان تغيير نظام الحكم، والسلاح الذي حملوه لم يكن إلا للدفاع عن النفس.
لقد أقنعته بالنزول لمقابلة مجاهدين لم أكن قد اتفقت معهم أصلا، وعندما أخبر رفاقه أن لديه موعدا معي في غابة أولاد بلحاج ببئر توتة في نفس اليوم بعد صلاة العشاء، فهمت من نظراتهم أن الأمر لم يرُقهم وظلوا يبحثون عن التفاصيل لفهم الهدف من الزيارة، ثم تشجع أحدهم وطلب من مصطفى أن يرافقاه الى غابة أولاد بلحاج، ولم يجد شقيقي مجالا لرفض ذلك رغم انزعاجه، وكأنهما هما من كانا يقودانه وليس العكس.
.
لكن كيف تصرفت مع المجاهدين لتقنعهم بمحاورته؟
طلبت من السائق ونحن في طريق العودة أن ينزلني في دالي إبراهيم وقت صلاة العصر، ثم قصدت بيت "سي رابح " زوج المجاهدة جميلة بوباشة الذي كان عضوا في اللجنة المركزية خلال الثورة ويعرف مصطفى خير المعرفة، وأبلغته بخطورة الوضع وطلبت منه أن يقنع أخي مصطفى بالتنازل عن لغة السلاح بأي ثمن ووضعته في صورة ما وقفت عليه، وأخبرته أن العائلة كلها معارضة للنظام في ذلك الوقت لكننا لا نسلك إلا لغة الحوار.
.
في أي تاريخ وقع ذلك؟
جرت هذه الأحداث في جانفي 1983، قبل أن نُعتقل في شهر ديسمبر من نفس السنة.
.
إذا ماذا أثمر لقاؤك بالمجاهد زوج بوباشا؟
اقتنع عمي رابح بضرورة لقاء مصطفى بويعلي وأخبرته بتفاصيل المكان والزمان. فتوجه مباشرة بعدها إلى رفاقه المجاهدين الذين رافقوه إلى الموعد ومنهم سي الطيب من دالي إبراهيم ورابح نخلياتي من الشراڤة ويوسفي علاوي رئيس منظمة المجاهدين والكثير من المجاهدين. التقينا في مكان غير بعيد عن غابة أولاد بلحاج ببئر توتة، وصلت سيارة مصطفى الذي رافقه صديقاه المسلحان، المجاهدون كانوا قد طلبوا لقاءن مصطفى لوحده، فسبقتهم الى سيارة مصطفى وأخبرت رفيقيه انه يتعين عليهما البقاء بعيدا وترك مصطفى يقابل ضيوفه بعيدا، ونصحتهما أنه في غير مصلحتهما أن يتعرف عليهما هؤلاء، وفي غير مصلحتهما أن يتعرفا هما على ضيوف مصطفى .. لم يهضما ما أقول، لكنهما رضخا في النهاية، وبقيت أحرسهما مطولا. إلى درجة انني لم أحضر لقاء المجاهدين مع شقيقي، بل كنت مشدودا الى ما سيدور بينهم من نقاش، داعيا الله ان يتمكنوا من إقناعه بالعدول عن العمل المسلح.
.
كيف انتهى الموضوع في تلك الغابة؟
وأنا جالس احرس رفيقي مصطفى جاءني أحد المجاهدين، وطلب منهما ان يغادرا المكان بسرعة وانصرف، لم أفهم الموضوع، هما ركبا السيارة وغادرا بصعوبة وأنا عدت إلى مكان الاجتماع في الغابة، فلم اجد أحدا، لا المجاهدين ولا أخي مصطفى، تخيل وجدت نفسي وحيدا في الغابة، لكنني سررت لأن المجاهدين استطاعوا ان يقنعوا مصطفى ويأخدوه معهم.
.
ماذا فعلت إذن وأنت وحيد في غابة أولاد بلحاج؟
مشيت 3 كيلومترات في الغابة حتى وصلت أين تقيم شقيقتي في بئر توتة، لكنني وجدت زوجها في مهمة، حينها اتصلت بشقيق زوجها لينقلني إلى منزلي في العاشور. وكان يجب أن أذهب إلى العاشور لأنقل الأخبار ولم تكن لدي أية أخبار فعلية عن مكانه، ولكني كنت مطمئنا لأن مصطفى كان في أيدٍ أمينة.
صباح اليوم الموالي توجهت فورا إلى زوجة مصطفى واشتريت لها كل ما يلزم وطلبت منها أن تحضر وجبة غداء تحسبا للضيوف وأخبرتها ان زوجها يمكن ان يأتي في أي وقت، فطبخت بعض الماكولات وإذا بمصطفى يدخل المنزل، كانت مفاجأة حقيقية.
.
ولكن لم تروِ لي ماذا حدث بين مصطفى والمجاهدين؟
طلبوا منه مرافقتهم فقصدوا بيت المجاهد الرائد بورڤعة، أين ناقشوا الوضع بإستفاضة بعد ان اكرموه ووفروا له سبل الراحة، وقضى ليله كاملا بينهم. وفي الصباح كان عندهم موعد مع سي يوسف في منظمة المجاهدين وأخذوه مباشرة إلى الهادي خديري الذي كان في انتظارهم.
.
هل تقصد الهادي لخديري مدير الأمن الوطني في ذلك الحين؟
نعم، المجاهدون ومنهم بورڤعة نظموا هذا اللقاء لحل المشكل نهائيا، استقبلهم لخديري في مكتبه بكل ترحاب، وتناقش الاثنان حول مضامين الخطب والمضايقات التي كان يتعرض لها أخي، فقال له الهادي خديري "اذهب وقدم خطبك وبلغ رسالتك، ولن يضايقك احد بعد اليوم" . وبالفعل لم يضايقه أحد بل أحضروا له سيارته 403 إلى المنزل، بل وقدموا له قطع غيار جديدة لسيارته، وحتى رجال الأمن الذين كانوا يقصدون مسجد العاشور اعتذروا منه.
وتوطدت العلاقة بين رجال الأمن والعائلة وتعاونوا معنا حتى جوازات السفر إلى الحج قدموها لنا، كانت علاقة جد طيبة ومتبادلة خاصة أولئك الدين كانوا يحرسون مكان الإقامة.
.
يُتبع...
شقيق مصطفى بويعلي يكشف حقائق مثيرة عن أخيه
لأول مرة منذ عقود تقرر عائلة مصطفى بويعلي أن تخرج عن صمتها، من خلال حوار مثير أدلى به شقيق مصطفى بويعلي السيد سيد أحمد وهو رفيق مصطفى في كل المراحل التي عاشها مصادما للسلطة أو هاربا منها كما سبق لسيد علي أن قضى 6 سنوات سجنا في نفس القضية.
سيد أحمد بويعلي يروي للشروق حقائق مثيرة عن شقيقه ويتحدث بصراحة لا متناهية لرئيس التحرير محمد يعقوبي عن القصة الكاملة لمصطفى بويعلي منذ كان مجاهدا في حرب التحرير إلى انخراطه في الحركة المسلحة للأفافاس سنة 63 إلى صدامه المتواصل مع السلطة وأجهزة الأمن.
كما يروي سيد أحمد الأسباب الحقيقية التي دفعت بويعلي لحمل السلاح ودور المجاهدين وخاصة الرائد بورڤعة والمجاهد بوباشا في ثنية على ذلك، كما يتحدث سيد أحمد عن السنوات السبع التي قضاها بويعلي هاربا في الجبال والطريقة التي قتل بها وعلاقته بالمرحوم نحناح وعلاقته بالشيخ علي بن حاج، والوضعية التي آلت إليها العائلة بعد مقتله وعلاقتها بالفيس والطريقة التي قتل بها الشقيق الثالث مختار بويعلي الذي كان متعاونا مع الدرك لإقناع شقيقه بوضع السلاح والعودة إلى المجتمع..
قراء الشروق سيكتشفون لأول مرة صورة مصطفى بويعلي الذي طويت سيرته مع مقتله وسيتعرف القراء على شخصية هذا الرجل وتركيبته الفكرية والنفسية. الحوار جدير بالمتابعة ترقبوه عن قريب.
بويعلي .. طُرد من الآفلان لأنه رفض أن تشتغل بنات الشهداء في بيوت الحركى
يروي سيد أحمد بويعلي القصة الكاملة لشقيقه مصطفى بويعلي وهو أول إسلامي رفع السلاح في وجه النظام، وأسس حركة مسلحة كانت تنشط للاطاحة بنظام الحكم وتطبيق الشريعة الاسلامية، ويكشف سيد أحمد بويعلي الذي قضى ست سنوات حبسا في قضية شقيقه، عن حقائق مثيرة منها دور المجاهدين في إقناع بويعلي بترك السلاح والصعود لمفاوضته في الجبال والغابات، والتوسط لدى مدير الأمن الوطني الهادي لخذيري لوقف المضايقات التي يقول إن بويعلي كان يتعرض لها بسبب دروسه الحادة في مسجد العاشور. سيد أحمد يتكلم عن المعاناة التي عاشتها عائلة بويعلي لإقناع مصطفى بالنزول والمعاناة التي تكبدتها بعد مقتله..
.
هل يمكن أن تعرف نفسك للقراء وما الذي دفعك للخروج عن صمتك؟
أنا سيد أحمد بويعلي شقيق المرحوم مصطفى بويعلي، أنا من مواليد 7 جويلية 1951 بالعاصمة، والأمر الذي حركني ودفعني للحديث إليك، هو ذكر شقيقي رحمه الله في حواركم الذي أجريتموه مع الأخ احمد مراني.
.
هل تعتقد أن مرَّاني أساء إلى شقيقك مصطفى بويعلي؟
لا لا لم يذكره بسوء، وإنما لم يذكر الأسباب والدوافع التي دفعت هذا الرجل الى حمل السلاح ضد النظام، فمن غير المنطق أن تتكلم عن النتيجة دون الكلام عن الأسباب، وعليه ارتأيت أن أدلي بكل ما أعرفه من حقائق تخص المرحوم.
.
إذن نبدأ القصة من بدايتها، من هو شقيقك مصطفى بويعلي؟
خلال حرب التحرير كان أخي مصطفى بويعلي مجاهدا من حاملي السلاح في وجه الاستعمار الفرنسي، وقام بالكثير من العمليات مع مجاهدين معروفين منهم من توفي، ومنهم من لا يزال على قيد الحياة، منها تفجير مخمرة العاشور التي هاجموها مساء، والواقعة يعرفها كل مجاهد بالمنطقة، وقد عمل مصطفى كثيرا مع المجاهدة جميلة بوباشا أطال الله في عمرها.
كان مجاهدا في الولاية الرابعة ويعرفه ويشهد له بالجهاد والتضحية الكثير من رموز الثورة منهم يوسف الخطيب والرائد لخضر بورڤعة وبوعلام بن حمودة والمرحوم بن خدة.
.
أين كانت وجهته بعد الاستقلال؟
بعد الاستقلال مباشرة لم يتردد في الانضمام الى جبهة القوى الاشتراكية الآفافاس وحمل السلاح مع قياداتها رفقة الرائد بورڤعة ضد الرئيس بن بلة ومشروعه. وفي عهد بومدين عين مصطفى بويعلي منسقا لفيديرالية جبهة التحرير بالشراڤة، ثم تم خلعه لأنه ألقى خطابا سبق قايد أحمد في الشراڤة، مما جعل هذا الأخير يغضب ويغادر دون أن يلقي خطابه، كان ذلك سنة 1967 .
.
ماذا قال مصطفى في خطابه الذي أغضب قايد أحمد؟
مصطفى تحدث عن أرامل وبنات الشهداء اللواتي يشتغلن منظفات عند الحركى دون أن تقف الدولة إلى جانبهم، وتحدث عن الحركى الذين تحولوا الى مسؤولين سامين في الدولة الجزائرية المستقلة. وكانت النتيجة واضحة في اليوم الموالي؛ منع أخي مصطفى من دخول فيديرالية الجبهة وانتزع منه منصبه.
.
من أين كان يقتات شقيقك مصطفى ومن أين كان يعيل عائلته في ذلك الحين؟
بعد طرده من الأفلان عمل في شركة "سونيلاك" كرئيس قسم، وعمل سكريتيرا في البلدية.
.
لكن ماذا كان مستواه التعليمي والشرعي؟
مصطفى تعلم فقط في المساجد وبالضبط عند الشيخ أحمد سحنون في مسجد شوفالي، وكان محبا للشيخ الشعراوي، لا يفوت فرصة حضور دروسه عندما كان يزور الجزائر. الحقيقة مستواه بسيط جدا، لكنه كوّن نفسه بنفسه من خلال المطالعة وحضور الدروس المسجدية.
.
لكن لم تخبرني عن عائلتكم بويعلي ممن تتكون؟
كنا في ذلك الحين عائلة متكونة من خمسة إخوة وخمس أخوات .
.
كيف بدأ نشاطه الدعوي في المساجد؟
في نفس فترة عمله بسونيلاك كان يقدم دروسا عن الآفات الاجتماعية في مسجد العاشور وأحيانا كانت دروسه تزعج السلطة، فأصبح المسجد الذي بناه الإخوة مقصودا جدا من كل الولايات.
.
عن ماذا كان يتحدث في خطبه ودروسه؟
كان يحارب الآفات الاجتماعية بشكل عام.
.
فقط ..؟ وماذا كان يقول عن السلطة؟
كان يطلب من السلطة أن تحكم استنادا إلى الشريعة الاسلامية.
.
هل كان يدعو إلى العنف في دروسه مثلا؟
لا لم يكن يدعو للعنف على الإطلاق، كان حادا فقط وصارما في انتقاده للوضع ولكل السلبيات التي يعيشها المجتمع، حتى أن النظام لما لاحظ شهرة مسجد العاشور مقارنة ببقية المساجد أصبح يستدعيه لمديرية الأمن المركزي ليوقع على محضر يومي ويغادر، دون أن يعتقل أو يطلب منه حتى التوقف عن الخطب والدروس.
.
كيف كانت علاقة مصطفى بويعلي مع الشيوخ أحمد سحنون، علي بن حاج ومحفوظ نحناح؟
كان علي بن حاج شابا في ذلك الوقت، وكان من رواد مسجد العاشور وتربطه علاقة قوية جدا مع أخي مصطفى. أما الشيخان أحمد سحنون ومحفوظ نحناح فقد كان أخي مصطفى يداوم على حضور دروسهما.
.
ماذا عن عباسي مدني؟
عباسي مدني كان في الخارج، وعندما دخل الى الجزائر هو من قام بالبحث عن أخي مصطفى وليس العكس.
.
ماذا عن أحداث الجامعة المركزية ولماذا لم يتم اعتقاله مثل باقي الشيوخ؟
مصطفى لم يعتقل في أحداث الجامعة المركزية ولم يشارك أصلا فيها. على عكس الشيوخ الدين صاغوا بيان 14 نقطة تم اعتقالهم جميعا. ومصطفى لم يتدخل في الأحداث لأنه لم يكن ملما بالذي يحدث داخل الجامعات.
.
كيف بدأ الصدام بين مصطفى بويعلي والسلطة؟
بدأت مضايقات أجهزة الأمن لأخي مصطفى سنة 1982، وقد لاحظنا أنهم يحضرون دروسه وخطبه بالزي المدني بشكل مكثف، ويتظاهرون بعد الدروس أنهم يسألونه عن أمور فقهية. وفي يوم من الأيام عندما رجع الى العمل في "سونيلاك" بعد تناوله وجبة الغداء في المنزل، فوجئ بملاحقة من طرف سيارة بها مسلحون مدنيون، قطعوا أمامه الطريق فاصطدمت السيارتان، هرب بعدها الى داخل مقر الشركة وخرج جميع العمال للدفاع عنه، بينما تمكن هو من الفرار من بابٍ خلفي.
.
لكن الموضوع لا يستدعي هروبه؟
هم اتهموه وادعوا أن مصطفى صدمهم بالسيارة، فلم يجد سوى الهروب، بعدها اتصل أحد العمال بالدرك الوطني ليخبرهم بالتفاصيل، وعندما جاؤوا نشب خلاف بين الشرطة والدرك الوطني. فأخذوا سيارته إلى مديرية الأمن، ليشرع أعوان الأمن في حملة بحث وملاحقة للقبض عليه يوميا وقد كانوا يترددون بشكل مستمر على العائلة ليسألوا عنه.
.
حسب المعلومات التي كانت لديكم أين كان يختبئ؟
اختبأ لمدة قصيرة في بيت العائلة، ثم قام باتصالاته مكنته من الصعود الى جبل بوڤرة حاملا السلاح عن طريق شخص اسمه دودي محمد الهادي الذي كان من الذين دفعوا عن أخي مصطفى إلى حمل السلاح، لكن هذا الشخص اليوم يشغل منصب إمام في مارسيليا بفرنسا.
.
لم أفهم ما تقصده؟
يضحك .. هي"مكافأة على مهمته" أعتقد أنه ورط أخي ثم سهلوا له السفر إلى مارسيليا حيث يشتغل كإمام إلى اليوم، وكانت خطب هذا الرجل في المسجد "عنيفة" وتدعو صراحة الى "الجهاد" عكس اخي مصطفى، هدا الشخص اتصل دودي محمد الهادي من باب الوادي.
.
من أين حصل شقيقك على السلاح؟
كان يحتفظ بسلاحه منذ عهد الثورة، محتفظا به عند أحد رفاقه.
.
كيف تعاملت العائلة مع الموقف؟
في اليوم الأول أخي مصطفى قصد بيتي أنا، وأخبرني بالرواية مثلما حدثت، وقال لي بالحرف "يريدون قتلي، لن أمكنهم مني حيا.. ولكن إذا قتلت الله غالب" قال لي سأحاول دائما تجنب رجال الشرطة أما إذا التقيتهم وهاجموني فسأهاجم أيضا. لا حل أمامي، لأنهم لا يريدون محاكمتي وإنما يسعون إلى خطفي"، وهي العبارة التي قالها حتى في المسجد عندما بدأت المضايقات.
.
لكن كان عليكم إقناعه أن طريق العنف خطير؟
والله حاولنا إقناعه ولكن لم نستطع التأثير فيه، فقد كان بمثابة الأخ والأب الذي ربانا ولا نستطيع أن نضغط عليه، فاستعنا بوسطاء من معارفه ورفاق دربه ومعارفنا ممن يستطيعون التأثير فيه، لكنه تمسك برأيه، وساعده حمودي الهادي من باب الوادي رفقة أشخاص آخرين من رواد مسجد العاشور الدين كانوا يحضرون دروسه، هو قصد بيوتهم واتفق معهم.
.
من بالضبط كان معه في الجبل حاملا السلاح ممن تعرفهم؟
أنا زرتهم في الجبل وكانوا ثلاثة أشخاص، شقيقي وصديقيْن للهادي محمودي لا أعرفهما كلهم بالسلاح. أخي مصطفى فقد ثقته في السلطة وأصبح يعتبرها خداعة و"قاتلة" بل قادرة على اغتياله وتلفيق التهم للآخرين.
.
ولكن كيف صعدت الى الجبل وكيف عرفت مكانهم؟
اجتمعنا كلنا في بيت العائلة واتفقنا على ضرورة إقناع مصطفى بالنزول من الجبل، فكلفتني العائلة بالمهمة بعد مرور عشرة أيام على صعوده الجبل واتصلنا بالوسيط نفسه محمودي الهادي وعلى متن سيارة "فيات" مررنا ببعض المنازل في الرافيغو، ثم أدخلوني في غرفة والتقيته وحينها تأكدت من خلال ما شاهدت من سلاح أن الوضع خطير فعلا، لم أكن في تلك اللحظة قد برمجت أي كلام أو خطة عمل لإقناع أخي، وجدت نفسي أقول له إن بعض المجاهدين طلبوا لقاء مستعجلا جدا معه.
.
ألم يروِ لك بعضا من نشاطهم المسلح؟
لا أبدا خلال الفترة التي مكث فيها هناك كان رفقة من معه يتشاورون حول كيفية تنظيم أنفسهم وكيفية تجنيد المزيد من الأشخاص وضمهم إلى الصف.
.
إذا ما الهدف من حمله السلاح في رأيك؟
الهدف كان تغيير نظام الحكم، والسلاح الذي حملوه لم يكن إلا للدفاع عن النفس.
لقد أقنعته بالنزول لمقابلة مجاهدين لم أكن قد اتفقت معهم أصلا، وعندما أخبر رفاقه أن لديه موعدا معي في غابة أولاد بلحاج ببئر توتة في نفس اليوم بعد صلاة العشاء، فهمت من نظراتهم أن الأمر لم يرُقهم وظلوا يبحثون عن التفاصيل لفهم الهدف من الزيارة، ثم تشجع أحدهم وطلب من مصطفى أن يرافقاه الى غابة أولاد بلحاج، ولم يجد شقيقي مجالا لرفض ذلك رغم انزعاجه، وكأنهما هما من كانا يقودانه وليس العكس.
.
لكن كيف تصرفت مع المجاهدين لتقنعهم بمحاورته؟
طلبت من السائق ونحن في طريق العودة أن ينزلني في دالي إبراهيم وقت صلاة العصر، ثم قصدت بيت "سي رابح " زوج المجاهدة جميلة بوباشة الذي كان عضوا في اللجنة المركزية خلال الثورة ويعرف مصطفى خير المعرفة، وأبلغته بخطورة الوضع وطلبت منه أن يقنع أخي مصطفى بالتنازل عن لغة السلاح بأي ثمن ووضعته في صورة ما وقفت عليه، وأخبرته أن العائلة كلها معارضة للنظام في ذلك الوقت لكننا لا نسلك إلا لغة الحوار.
.
في أي تاريخ وقع ذلك؟
جرت هذه الأحداث في جانفي 1983، قبل أن نُعتقل في شهر ديسمبر من نفس السنة.
.
إذا ماذا أثمر لقاؤك بالمجاهد زوج بوباشا؟
اقتنع عمي رابح بضرورة لقاء مصطفى بويعلي وأخبرته بتفاصيل المكان والزمان. فتوجه مباشرة بعدها إلى رفاقه المجاهدين الذين رافقوه إلى الموعد ومنهم سي الطيب من دالي إبراهيم ورابح نخلياتي من الشراڤة ويوسفي علاوي رئيس منظمة المجاهدين والكثير من المجاهدين. التقينا في مكان غير بعيد عن غابة أولاد بلحاج ببئر توتة، وصلت سيارة مصطفى الذي رافقه صديقاه المسلحان، المجاهدون كانوا قد طلبوا لقاءن مصطفى لوحده، فسبقتهم الى سيارة مصطفى وأخبرت رفيقيه انه يتعين عليهما البقاء بعيدا وترك مصطفى يقابل ضيوفه بعيدا، ونصحتهما أنه في غير مصلحتهما أن يتعرف عليهما هؤلاء، وفي غير مصلحتهما أن يتعرفا هما على ضيوف مصطفى .. لم يهضما ما أقول، لكنهما رضخا في النهاية، وبقيت أحرسهما مطولا. إلى درجة انني لم أحضر لقاء المجاهدين مع شقيقي، بل كنت مشدودا الى ما سيدور بينهم من نقاش، داعيا الله ان يتمكنوا من إقناعه بالعدول عن العمل المسلح.
.
كيف انتهى الموضوع في تلك الغابة؟
وأنا جالس احرس رفيقي مصطفى جاءني أحد المجاهدين، وطلب منهما ان يغادرا المكان بسرعة وانصرف، لم أفهم الموضوع، هما ركبا السيارة وغادرا بصعوبة وأنا عدت إلى مكان الاجتماع في الغابة، فلم اجد أحدا، لا المجاهدين ولا أخي مصطفى، تخيل وجدت نفسي وحيدا في الغابة، لكنني سررت لأن المجاهدين استطاعوا ان يقنعوا مصطفى ويأخدوه معهم.
.
ماذا فعلت إذن وأنت وحيد في غابة أولاد بلحاج؟
مشيت 3 كيلومترات في الغابة حتى وصلت أين تقيم شقيقتي في بئر توتة، لكنني وجدت زوجها في مهمة، حينها اتصلت بشقيق زوجها لينقلني إلى منزلي في العاشور. وكان يجب أن أذهب إلى العاشور لأنقل الأخبار ولم تكن لدي أية أخبار فعلية عن مكانه، ولكني كنت مطمئنا لأن مصطفى كان في أيدٍ أمينة.
صباح اليوم الموالي توجهت فورا إلى زوجة مصطفى واشتريت لها كل ما يلزم وطلبت منها أن تحضر وجبة غداء تحسبا للضيوف وأخبرتها ان زوجها يمكن ان يأتي في أي وقت، فطبخت بعض الماكولات وإذا بمصطفى يدخل المنزل، كانت مفاجأة حقيقية.
.
ولكن لم تروِ لي ماذا حدث بين مصطفى والمجاهدين؟
طلبوا منه مرافقتهم فقصدوا بيت المجاهد الرائد بورڤعة، أين ناقشوا الوضع بإستفاضة بعد ان اكرموه ووفروا له سبل الراحة، وقضى ليله كاملا بينهم. وفي الصباح كان عندهم موعد مع سي يوسف في منظمة المجاهدين وأخذوه مباشرة إلى الهادي خديري الذي كان في انتظارهم.
.
هل تقصد الهادي لخديري مدير الأمن الوطني في ذلك الحين؟
نعم، المجاهدون ومنهم بورڤعة نظموا هذا اللقاء لحل المشكل نهائيا، استقبلهم لخديري في مكتبه بكل ترحاب، وتناقش الاثنان حول مضامين الخطب والمضايقات التي كان يتعرض لها أخي، فقال له الهادي خديري "اذهب وقدم خطبك وبلغ رسالتك، ولن يضايقك احد بعد اليوم" . وبالفعل لم يضايقه أحد بل أحضروا له سيارته 403 إلى المنزل، بل وقدموا له قطع غيار جديدة لسيارته، وحتى رجال الأمن الذين كانوا يقصدون مسجد العاشور اعتذروا منه.
وتوطدت العلاقة بين رجال الأمن والعائلة وتعاونوا معنا حتى جوازات السفر إلى الحج قدموها لنا، كانت علاقة جد طيبة ومتبادلة خاصة أولئك الدين كانوا يحرسون مكان الإقامة.
.
يُتبع...