hmsain.ahlamontada.com

نشكرك على التسجيل فى هدا المنتدى زرنا باستمرار و شاركنا رايك فاليد الواحدة لا تصفق ورايك يهمنا كما ان حضورك الدائم يحفزنا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

hmsain.ahlamontada.com

نشكرك على التسجيل فى هدا المنتدى زرنا باستمرار و شاركنا رايك فاليد الواحدة لا تصفق ورايك يهمنا كما ان حضورك الدائم يحفزنا

hmsain.ahlamontada.com

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
hmsain.ahlamontada.com

منتدى يهتم بنشاطات حركة مجتمع السلم بلدية عين بوزيان


    اللاعبون الجيواستراتيجيون والمحاور الجيوبوليتية

    alhdhd45
    alhdhd45


    عدد المساهمات : 1337
    تاريخ التسجيل : 03/03/2011
    الموقع : hmsain.ahlamontada.com

    اللاعبون الجيواستراتيجيون والمحاور الجيوبوليتية Empty اللاعبون الجيواستراتيجيون والمحاور الجيوبوليتية

    مُساهمة  alhdhd45 الخميس 2 يونيو 2011 - 16:21

    إن اللاعبين الجيواستراتيجيين النشيطين هم الدول التي تملك القدرة والإرادة القومية على ممارسة القوة أو النفوذ في ما وراء الحدود بغية تغيير، وبدرجة تؤثر في المصالح الأميركية، حالة الشؤون الجيوبوليتية الراهنة. تملك هذه الدول أيضاً المقدرة الكامنة و/أو الاستعداد لأن تكون سريعة التأثر جيوبوليتياً. وهكذا نجد أن بعض الدول تسعى فعلاً، ولأي سبب كان، كأن تريد تحقيق الأبهة القومية أو الإنجازات الإيديولوجية، أو الطموحات الدينية، أو التوسع الاقتصادي، إلى تحقيق السيطرة الإقليمية أو الهيبة العالمية. وهي تكون مدفوعة بحوافز عميقة الجذور ومعقدة. ولعلنا نجد أفضل تعبير عنها في قول روبرت براونينغ:

    "...إن هدف الإنسان يجب أن يكون أكبر مما يستطيع فعله، أو ما يعتبر بالنسبة إليه، سماء أو جنة له ؟". وهكذا، يجب على هذه الدول أن تحسب بدقة قوة أميركا، وتقرر المدى الذي تستطيع فيه أن تتجاوز هذه الدولة او تصطدم بها، وفي ضوء ذلك تضع اهدافها الاوراسية المحدودة نوعاً ما، والتي قد تتصادم أحياناً، أو تتوافق في أحيان أخرى مع سياسات أميركا. ولذا يجب أن تعير أميركا اهتماماً خاصاً إلى الدول الاوراسية التي تملك مثل هذه الحوافز.

    أما المحاور الثابتة الجيوبوليتية فهي الدول التي لا تأتي أهميتها من قوتها وحوافزها بل من مواقعها الحساسة، ومن نتائج شروطها او ظروفها التي تكون غالباً غير منيعة إزاء سلوك اللاعبين الجيواستراتيجيين. وفي أغلب الأحيان، تتعثر المحاور الثابتة الجيوبوليتية بجغرافية الدول المعنية التي تعطي هذه المحاور، في بعض الحالات، دوراً خاصاً إما في تحديد طريقة الوصول إلى مناطق مهمة أو في منع الموارد عن لاعب مهم. وفي بعض الحالات الأخرى، يمكن ان تتصرف الدولة التي تشكل المحور الجيوبوليتي بوصفها درعاً دفاعياً لدولة حيوية ما او حتى لديانة ما. وفي أحيان أخرى، يمكن القول إن مجرد وجود مثل هذه الدولة ذات المحور الجيوبوليتي يعني حدوث تأثيرات سياسية وثقافية هامة جداً في لاعب جيواستراتيجي مجاور ذي فعالية أكبر.

    وعموماً، فإن تحديد الدول المحورية الجيوبوليتية الاوراسية الرئيسة في فترة ما بعد الحرب الباردة، وحمايتها، هو، بالتالي، سمة حرجة من سمات الجيواستراتيجية العالمية لأميركا.

    يجب ان يلاحظ في البداية أنه بالرغم من ميل اللاعبين الجيواستراتيجيين كلهم إلى أن يكونوا دولاً مهمة وقوية، فلا تعتبر كل الدول المهمة والقوية بشكل آلي من اللاعبين الجيواستراتيجيين. وهكذا، فإن كان تحديد اللاعبين الجيواستراتيجيين عملاً سهلاً نسبياً، فإن إلغاء بعض الدول المهمة من اللائحة التي سترد لاحقاً يمكن أن يحتاج إلى بعض التبرير.

    وفي الظروف العالمية الراهنة، يمكن أن نحدد على الأقل خمسة لاعبين جيواستراتيجيين رئيسيين وخمس دول محورية جيوبوليتية (مع كون اثنتين من هذه الدول الخمس تحملان ربما ما يؤهلهما جزئياً لتكونا من اللاعبين) في الخريطة السياسية الجديدة لأوراسيا. فرنسا، وألمانيا، وروسيا، والصين، والهند هي من اللاعبين الرئيسيين والفعالين، بينما لا تتأهل بريطانيا العظمى، واليابان، واندونيسيا، لهذا الدور بالرغم من الاعتراف بأنها دول مهمة جداً. أما أوكرانيا، وأذربيجان، وكوريا الجنوبية، وتركيا، وإيران، فإنها تلعب دور المحاور الثابتة الجيوبوليتية المهمة إلى حد حرج، بالرغم من ان تركيا وإيران تعتبران جيواستراتيجياً إلى حد ما، وضمن إمكاناتهما المحدودة عموماً. وسيقال المزيد عن كل منهما في الفصول اللاحقة .

    وفي هذه المرحلة، يكفي أن نقول إن الاعبين الجيواستراتيجيين الرئيسيين والديناميين في الطرف الأقصى الغربي من اوراسيا هما فرنسا وألمانيا. وكلا هاتين الدولتين تحفزهما رؤية مستقبلية عن أوروبا الموحدة، بالرغم من أنهما تختلفان عن مدى وطريقة وجوب بقاء أوروبا مرتبطة بأميركا (شدة هذا الارتباط وأسلوبه). ولكن كلتيها تريدان تشكيل شيء ما يكون جديداً وملبياً لطموحات في أوروبل مما يؤدي إلى تغيير الأمر الواقع. وتملك فرنسا بشكل خاص مفهوما جيواستراتيجياً عن أوروبا يختلف في بعض سماته الهامة عن مفهوم الولايات المتحدة، وهي، أي فرنسا، تميل إلى الانخراط في مناورات تكتيكية معدة لجعل روسيا تلعب ضد أميركا وجعل بريطانيا العظمى تلعب ضد ألمانيا، حتى بالرغم من اعتمادها على التحالف الفرنسي الألماني لتجاوز ضعفها النسبي أو موازنته.

    وفضلاً عن ذلك، فإن فرنسا وألمانيا كانتا قويتين وفعالتين بما يكفي لممارسة النفوذ ضمن نصف قطر إقليمي أوسع. ففرنسا لا تسعى إلى دور سياسي رئيس في توحيد أوروبا فحسب، ولكنها ترى نفسها أيضا بوصفها نواة لتجمع دول حوض البحر المتوسط وشمال إفريقيا التي لها اهتمامات مشتركة. وألمانيا تشعر على نحو متزايد بوضعها الخاص كأهم دولة في أوروبا، أو بوصفها القوة المحركة الاقتصادية للمنطقة، والقائد البارز في الاتحاد الأوروبي. وتشعر ألمانيا أيضا بمسؤوليتها الخاصة عن أوروبا الوسطى المتحررة حديثاً من قيودها وبطريقة تذكر على نحو غامض بالمفاهيم السابقة عن أوروبا الوسطى المقادة من قبل ألمانيا. وفضلا عن ذلك، فإن كلا الدولتين فرنسا وألمانيا تعتبران نفسيهما مالكتين لحق تمثيل المصالح الأوروبية في التعامل مع روسيا، وكذلك، فإن ألمانيا تحتفظ لنفسها، وبسبب موقعها الجغرافي، وإن نظرياً على الأقل ، بالخيار الكبير للتكيف الخاص الثنائي الطرف مع روسيا .

    وفي المقابل، فإن بريطانيا العظمى ليست لاعباً جيواستراتيجياً. ولديها عدد أقل من الخيارات الرئيسة، فهي لا تملك رؤية طموحة عن مستقبل أوروبا، كما أن تراجعها النسبي قلّل أيضاً من قدرتها على لعب الدور التقليدي الذي كانت تقوم به بوصفها محققة للتوازن الأوروبي. وإن تعدد وجهات النظر فيها إزاء الوحدة الأوروبية وارتباطها بعلاقة متلاشية مع أميركا جعل منها (أي بريطانيا العظمى) دولة غير معنية على نحو متزايد، وإن حتى الآن على الأقل، بالخيارات الرئيسة التي تواجه مستقبل أوروبا. وهكذا نجد أن لندن أخرجت نفسها، إلى حد كبير من اللعبة الأوروبية.

    يذكر السير روي دينمان، أحد المسؤولين البريطانيين الكبار السابقين في اللجنة الأوروبية، في مذكراته، أن الناطق الرسمي باسم بريطانيا أكد بوضوح، في المؤتمر الذي عقد في بداية العام 1955 في مسينا، والذي عرضت فيه وجهات نظر عن تشكيل الاتحاد الأوروبي، وأمام المؤتمرين الذين اعتبروا آنذاك مهندسي مستقبل أوروبا، على ما يلي:

    "إن المعاهدة المستقبلية التي تناقشونها لن تتاح لها فرصة الموافقة عليها‎؛ وإذا تمت الموافقة عليها فلن تتاح لها فرصة التنفيذ. وحتى إذا نفذت فسوف تكون غير مقبولة إجمالاً من قبل بريطانيا... أودعكم الآن وأتمنى لكم حظاً سعيداً."(1)

    وبعد أكثر من 50 سنة تبقى هذه المقولة بصورة رئيسة ممثلة أو معبرة عن الموقف البريطاني الأساسي إزاء إقامة أوروبا الموحدة على نحو فعلي. وإن رفض بريطانيا الاشتراك في الاتحاد الاقتصادي والنقدي (المتعلق بتوحيد العملات المستعملة في عملة واحدة) والذي يجب أن يطبق اعتباراً من كانون الثاني 1999، يعكس عدم رغبة هذه الدولة في ربط (تحديد) مصيرها بمصير أوروبا. وكان جوهر هذا الموقف قد لخص في بداية أعوام التسعينات كما يلي:

    ـ بريطانيا ترفض هدف التوحيد السياسي .

    ـ بريطانيا تحبذ نموذج التكامل الاقتصادي المعتمد على التجارة الحرة .

    ـ بريطانيا تفضل السياسة الخارجية، والأمن، وتنسيق الدفاع خارج إطار (المجموعة الأوروبية) .

    ـ بريطانيا عملت نادراً على جعل نفوذها في حده الأقصى في مجال عمل أو مع المجموعة الأوروبية(2).

    إن بريطانيا العظمى ما تزال، بالتأكيد، مهمة لأميركا. وهي مستمرة في ممارسة درجة ما من النفوذ العالمي عبر رابطة الشعوب البريطانية (دول الكومنولث)، ولكنها ليست قوة (دولة) رئيسة (كبيرة) مضطربة ولا تحفزها رؤية مستقبلية طموحة. إن صداقتها تحتاج إلى تقوية، ولكن سياساتها لا تدعو إلى إعارة اهتمام دائم. فهي لاعب جيواستراتيجي متقاعد، وتنام على حرير أمجادها الرائعة، وقد فكت اشتباكها عن المغامرات الأوروبية الكبرى التي تلعب فيها فرنسا وألمانيا أدواراً رئيسة .

    أما الدول الأوروبية المتوسطة الحجم الأخرى، ومع كون معظمها أعضاء في حلف الناتو و/أو في الاتحاد الأوروبي، فهي إما أنها تتبع لزعامة أميركا أو تقف بهدوء خلف ألمانيا أو فرنسا. وليس لسياساتها تأثير إقليمي واسع، ولكنها ليست في وضع يمكنها من تغيير انحيازاتها الأساسية. وفي هذه المرحلة هي ليست في عداد اللاعبين الجيواستراتيجيين أو بين الدول المحورية الجيوبوليتية. والشيء ذاته صحيح في يتعلق بالدولة الأوروبية المركزية المهمة والمحتمل انضمامها إلى كل من حلف الناتو والاتحاد الأوروبي، أي بولونيا. فهذه الدولة هي من الضعف بحيث لا يمكنها أن تكون لاعباً جيواستراتيجياً، وليس أمامها سوى خيار واحد هو أن تصبح متكاملة مع الغرب. وفضلاً عن ذلك فإن اختفاء الإمبراطورية الروسية القديمة وتعميق ارتباطات بولونيا لكل من حلف الأطلسي وأوروبا الجديدة يعطيان هذه الدولة أي بولونيا، أمناً غير مسبوق تاريخياً، وأن كان ذلك يحد من خياراتها الاستراتيجية.

    أن روسيا، والأمر يكاد لا يحتاج إلى الحديث عنه تبقى لاعباً جيواستراتيجياً رئيساً بالرغم مما أصابها من ضعف، وربما من استمرار حالتها السيئة لزمن طويل. وإن مجرد وجودها يؤثر على نحو مكثف في الدول المستقلة حديثاً ضمن المساحة ألا وراسية الواسعة للاتحاد السوفييتي السابق. فهي تملك أهدافاً جيوبوليتية طموحة تعمل على نحو متزايد، على الإعلان عنها بصراحة. وما أن تستعيد هذه الدولة قوتها حتى تمارس تأثيرها أيضاً، وعلى حد كبير،في جيرانها الغربيين والشرقيين. وفضلاً عن ذلك، فلا تزال روسيا تضع خيارها الجيواستراتيجي في ما يخص علاقتها مع أميركا: وهل هذه الأخيرة عدو أو صديق لها؟ وربما تشعر روسيا أيضاً أنها تملك خيارات رئيسة في القارة الأوراسية في هذا المجال. إن الكثير يعتمد على كيفية تطور سياساتها الداخلية، ولا سيما عما إذا ما كانت روسيا ستصبح دولة ديموقراطية أم إمبراطورية أو راسية مرة ثانية. وفي أي حال، فهي تبقى بوضوح لاعباً، حتى ولو فقدت بعض "قطعها" (جمع قطعة أو حجر في الشطرنج)، إضافة إلى فقدان بعض المساحات الهامة في رقعة الشطرنج الأوراسية.

    وعلى نحو مماثل، يكاد الأمر لا يحتاج إلى نقاش في شأن كون الصين لاعباً رئيساً. فهي قد أصبحت فعلاً قوة إقليمية هامة ويحتمل أن تكون لديها طموحات أوسع، في ضوء تاريخها الذي احتلت فيه موقع القوة (الدولة) الرئيسة، ونظرتها إلى الدولة الصينية الكبرى بوصفها مركزاً عالمياً. وإن الخيارات التي تضعها الصين بدأت فعلاً تؤثر في التوزيع الجيوبوليتي للقوة في آسيا بينما ترتبط قوتها المحركة الاقتصادية بإعطاء قوة مادية أكبر وطوحات متزايدة. وإن ظهور "الصين الكبرى" لن يترك قضية تايوان نائمة، وبالتالي، فإن ذلك سوف يؤثر حتماً على الوضع الأميركي في الشرق الأقصى. وكذلك، فإن الاتحاد السوفييتي خلق على الحدود الغربية للصين سلسلة من الدول، لا يمكن للقادة الصينيين ان يهملوا أخذها في الاعتبار. وهكذا، فإن روسيا سوف تتأثر وإلى حد كبير بالظهور الفعال للصين على المسرح الدولي.

    إن المحيط الشرقي لأوراسيا يخلق تناقضاً. فاليابان هي قوة رئيسة على نحو واضح في الشؤون الدولية، وكان التحالف الأميركي الياباني قد حدد غالباً، وعلى نحو صحيح، بوصفه أهم علاقة ثنائية الطرف. وبما أن اليابان هي إحدى القوى الاقتصادية التي تقف في ذروة العالم فهي تملك القدرة على ممارسة دور قوة سياسية من الفئة الأولى. ومع ذلك، فهي لا تفعل ذلك، مبتعدة عن أي طموحات في شأن السيطرة الإقليمية، ومفضلة العمل في ظل الحماية الأميركية، وعلى غرار بريطانيا العظمى في أوروبا، فإن اليابان تفضل ألا تصبح منخرطة في سياسات البر الرئيس من قارة آسيا، بالرغم من أن السبب الجزئي لذلك يعود غالباً للعداوة المستمرة لدى كثير من الدول الآسيوية إزاء السعي الياباني إلى تحقيق أي دور سياسي بارز إقليمياً.

    إن هذا الموقف السياسي الياباني المّقيد ذاتياً يسمح، بدوره، للولايات المتحدة بلعب دور أمني رئيس في الشرق الأقصى. وهكذا، فإن اليابان ليست لاعباً جيواستراتيجياً، بالرغم من قدرتها الواضحة على أن تصبح بسرعة في عداد اللاعبين الجيواستراتيجيين، ولا سيما إذا غيرت الصين أو أميركا فجأة سياستهما الراهنة، وبالتالي، فإن اليابان سوف تفرض، عندئذ، على الولايات المتحدة التزامات خاصة تخص المراعاة الحذرة للعلاقة الأميركية اليابانية. وليست السياسة الخارجية اليابانية هي التي يجب على أميركا أن تراعيها وتراقبها، بل إن القيود الذاتية على اليابان هي التي يجب على أميركا أن ترعاها بذكاء ومهارة. وبالتالي فإن أي إضعاف هام للارتباطات السياسية الأميركية اليابانية سوف يؤثر على نحو مباشر في استقرار المنطقة.

    أما في ما يخص عدم إدخال إندونيسيا في لائحة اللاعبين الجيواستراتيجيين الديناميين، فالأمر أكثر سهولة من حيث تبريره. ففي جنوب شرق آسيا، تحتل أندونيسيا أهم دور بين سائر الدول، ولكن حتى في هذه المنطقة ذاتها، فإن قدرة أندونيسيا على ممارسة نفوذ هام تعتبر محدودة بسبب حالة عدم التطور النسبي للاقتصاد الأندونيسي، وفي ضوء ما تعانيه من الشكوك في السياسة الداخلية، وبسبب توزع الجزر (جمع جزيرة) التي تتشكل الدولة منها ناهيك بحساسيتها إزاء النزاعات الاتنية التي تتفلقم عادة بسبب الدور الرئيسي التي تمارسه الأقلية الصينية في شؤونها المالية الداخلية. وفي نقطة ما،تستطيع أندونيسيا أن تصبح عقبة هامة للطموحات التوسعية الصينية في اتجاه الجنوب. وقد اصبح هذا الاحتمال معترفاً به من قبل استراليا التي كانت تخشى في وقت ما التوسع الأندونيسي، ولكنها بدأت مؤخرا تحبذ وجود تعاون أمني أسترالي أندونيسي أوثق. ولكن ثمة حاجة إلى فترة من التضامن السياسي والنجاح الاقتصادي المستمر قبل أن يصبح ممكناً النظر إلى أندونيسيا بوصفها صاحبة دور مسيطر إقليمياً.

    وفي المقابل، فإن الهند هي على وشك ممارسة دور القوة الإقليمية وبالتالي فهي تنظر إلى نفسها بوصفها لاعباً عالمياً رئيساً محتملاً أيضاً. وربما يكون ذلك أمراً يتعلق بالمبالغة في تقدير إمكاناتها في المدى البعيد، ولكن الهند هي بدون شك الدولة الآسيوية الجنوبية الأقوى، وبالتالي فهي تسعى إلى الهيمنة الإقليمية بشكل ما أو بآخر. وهي أيضاً، دولة نووية شبه سرية، وقد أصبحت كذلك، لا لترويع الباكستان فحسب، بل لموازنة امتلاك الصين ترسانة نووية أيضاً. تملك الهند رؤية مستقبلية جيواستراتيجية عن دورها الإقليمي، سواء في الوقوف وجهاً لوجه أمام جيرانها أم في المحيط الهندي. ومهما يكن الأمر، فإن طموحاتها في هذه المرحلة تقتصر على التطفل محيطياً فقط على المصالح الأوراسية لأميركا، وهكذا، فهي ليست بوصفها لاعباً جيواستراتيجياً، مصدر قلق أو اهتمام جيوبوليتي، أو ليست على الأقل ناشطة في هذا المجال على غرار روسيا أو الصين.

    وأوكرانيا، هي الأخرى، تحتل مكاناً جديداً وهاماً في رقعة الشطرنج الأوراسية، وبالتالي فهي دولة محورية جيوبوليتية لأن وجودها ذاته كدولة مستقلة يساعد على تحويل أو تغيير موقف روسيا. وهكذا، فإن روسيا، بدون أوكرانيا لا تشكل إمبراطورية أوراسية. وروسيا، بدون أوكرانيا، تستطيع أن تتابع السعي إلى أن تكون ذات وضع أو هيبة إمبراطورية، ويحتمل جداً أن تجر إلى نزاعات موهنة مع الدول الآسيوية الوسطى الصاعدة التي سوف تغتاظ، عندئذ، من فقدان استقلالها الحديث، وتدعم أيضاً من قبل دول إسلامية شقيقة في الجنوب. ويحتمل أيضاً أن الصين سوف تعارض أي استعادة للسيطرة الروسية على آسيا الوسطى في ضوء اهتمامها المتزايد بالدول المستقلة حديثاً في هذه المنطقة. ومهما يكن الأمر، فإذا استعادت موسكو السيطرة على أوكرانيا، بملايينها الاثني و الخمسين ومواردها الكبيرة، ووجودها على البحر الأسود، فإن روسيا تستعيد عندئذ، وبشكل أتوماتيكي ثرواتها لتصبح دولة إمبراطورية قوية، ممتدة عبر أوربا وآسيا. وكذلك، فإن فقدان أوكرانيا لاستقلالها سوف يترك تأثيرات نووية على أوروبا الوسطى، محولاً بولونيا إلى دولة محورية جيواستراتيجية على الحدود الشرقية لأوروبا الموحدة.

    وبالرغم من صغر حجم (مساحة) أذربيجان وضآلة عدد سكانها، فإنها تعتبر، بما تملكه من مصادر طاقة كبيرة، حساسة جيوبوليتياً. فهي سدادة الزجاجة الحاوية على ثروات حوض بحر قزوين وآسيا الوسطى والتي يمكن أن تصبح لا قيمة لها إذا أصبحت أذربيجان خاضعة كلياً لسيطرة موسكو. يمكن أيضاً أن يتم إخضاع الموارد النفطية الهامة جداً في أذربيجان للسيطرة الروسية بمجرد فقدان هذه الدولة لا ستقلالها. وإن أذربيجان المستقلة والمرتبطة بالأسواق الغربية بأنابيب نقل النفط التي لا تمر عبر أرض يسطر عليها الروس، تصبح أيضاً صلة وصل رئيسة بين الاقتصادات المتقدمة والمستهلكة للطاقة من ناحية وبين الجمهوريات الآسيوية الوسطى الغنية بالطاقة من ناحية ثانية. وعلى غرار ما هو عليه الحال تقريباً في أوكرانيا، فإن مستقبل أذربيجان وآسيا الوسطى هو أيضا حرج في ضوء تحديد ما يمكن وما لا يمكن ان تصبح عليه روسيا.

    تنخرط تركيا وإيران في إقامة درجة ما من النفوذ في منطقة بحر قزوين وآسيا الوسطى، مستغلين تراجع او انكماش القوة الروسية. ولهذا السبب،يمكن اعتبارهما لاعبين جيواستراتيجيين. ومهما يكن الأمر، فإن كلا هاتين الدولتين تواجهان مشكلات داخلية جدية، كما أن قدرتهما على التأثير في التغيرات الإقليمية الرئيسة التي تحدث في توزع القوة هي محدودة. وهما أيضاً متنافستان، وبالتالي تميل كل منهما إلى إلغاء نفوذ الأخرى. وعلى سبيل المثال ففي أذربيجان التي حققت فيها تركيا دوراً مؤثراً نجد أن الوضع الإيراني (الناجم عن القلق إزاء التحركات القومية الأذرية الممكنة ضمن إيران نفسها) كان أكثر مساعدة للروس .

    ومهما يكن الأمر، فإن كلا دولتي تركيا وإيران هما دولتان محوريتان جيواستراتيجيتان مهمتان بصورة رئيسية. فتركيا تؤمن الاستقرار في منطقة البحر الأسود وتسيطر على مداخله من اتجاه البحر الأبيض المتوسط وتوازن روسيا في القوقاز وتستمر حتى الآن في تقديم الترياق للأصولية الإسلامية، وتخدم بوصفها مرسي جنوبياً لحلف الأطلسي. أما تركيا غير المستقرة فمن المحتمل أن تثير المزيد من العنف في دول البلقان، الجنوبية كما تسهل إعادة فرض السيطرة الروسية على الدول المستقلة حديثاً في القوقاز. وكذلك، فإن إيران، وبالرغم من غموض موقفها إزاء أذربيجان، تؤمن على نحو مماثل الدعم المسبب للاستقرار في النسيج السياسي المتنوع الجديد لآسيا الوسطى. وهي تسيطر على الساحل الشرقي للخليج [العربي]، بينما يعمل استقلالها، وبالرغم من العداء الإيراني الراهن للولايات المتحدة، كحاجز لأي تهديد روسي في المدى البعيد للمصالح الأميركية في منطقة الخليج [العربي].

    وأخيراً، فإن كوريا الجنوبية هي دولة محورية جيوبوليتية في الشرق الأقصى. فارتباطاتها الوثيقة بالولايات المتحدة تمكن أميركا من حماية اليابان وبالتالي منع هذه الدولة من أن تصبح قوة عسكرية رئيسة ومستقلة، دون أن يكون لها، أي لأميركا، وجود مؤثر ضمن اليابان ذاتها. وإن أي تغيير هام في موقف كوريا الجنوبية، سواء عبر التوحيد و/أو عبر تغيير في مجال النفوذ الصيني المتوسع، سوف يغيّر بالضرورة، وعلى نحو درامي (حاد) دور أميركا في الشرق الأقصى، وبالتالي يغير دور اليابان أيضاً. وبالإضافة إلى ذلك، فإن القوة الاقتصادية المتنامية لكوريا الجنوبية تجعل منها "منطقة" أهم بحد ذاتها، وبالتالي تصبح السيطرة على هذه المنطقة ذات قيمة متزايدة فعلاً.

    إن اللائحة المذكورة أعلاه عن اللاعبين الجيواستراتيجيين والدول المحورية الجيوبوليتية ليست دائمة ولا ثابتة. ولا بد أحياناً من إضافة أو إلغاء بعض الدول. وبالتأكيد، فبعض النواحي، نجد أن تليوان أو تايلاند أو الباكستان، أو ربما كازاخستان أو أوزبكستان يجب أيضاً أن تضاف إلى الفئة الأخيرة. فالتغيرات في موقف أي منها سوف تمثل أحداثا هامة وتنطوي على تغييرات في توزيع القوة، ولكن يشك في أن النتائج المحفزة ستكون بعيدة المنال. ولعل الاستثناء الوحيد يكمن في قضية تايوان إذا اخترنا أن ننظر إليها بمعزل عن الصين. وحتى في هذه الحال، فإن هذه القضية لن تثار إلا إذا استخدمت الصين قوة رئيسة للاستيلاء على هذه الجزيرة، وفي تحد ناجح للولايات المتحدة مهددة بذلك عموماً المصداقية السياسية لأميركا في الشرق الأقصى. وأن احتمال هذا السيناريو للأحداث يبدو ضعيفاً، ولكن هذا الاعتبار يجب أن يبقى في الذهن لدى صياغة السياسة الأميركية إزاء الصين .

    (1) روي دينمان، الفرص الضائعة (لندن، كاسيل، 1996).

    (2) في مساهمة روبرت سكيديلسكي في "بريطانيا العظمى وأوروبا الجديدة"، في فصل "من الأطلسي إلى الأورال"، المحرر دافيد كاليو وغيليب غوردون (أرلينغتون، فيرجينيا) الصفحة 145.

    بريجسكى مستشار الأمن القومي الأمريكي سابقاً ، أستاذ السياسة الخارجية بجامعة جون هوبكنز - واشنطن

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 22 نوفمبر 2024 - 9:49