خطاب رئيس الجمهورية إلى الأمة
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين
- أيتها المواطنات الفضليات
- أيها المواطنون الأفاضل
إن رهان الوطن في مطلع العشرية الفارطة كان يكمن في إخماد نار الفتنة والعمل على استتباب السلم والسعادة الوئام وصولا الى إفاضة المصالحة الوطنية بعون الله وبفضل وقوفكم إلى جانبي تم تحقيق هذه الأهداف وفقا لما جبلنا عليه من شيم عريقة شيم الرحمة والصفح الصادق لقد اطمأنت القلوب وزالت المخاوف ومع استعادة السلم بات لزاما علينا تجاوز مظاهر التدمير واستدراك التأخر فباشرنا إذن برنامجين ضخمين متتاليين للاستثمارات العمومية في سائر الميادين ويجري الآن إنجاز برنامج ثالث وأثمرت هذه البرامج بنتائج لا جدال فيها.
وأصبحت عشرية 2000 غنية بالإنجازات على مستوى كامل أرجاء الوطن وفي كافة المجالات خاصة منها مجال المنشآت القاعدية والتجهيزات الاجتماعية والاقتصادية وفي نفس الفترة تم تدارك العجز في السكنات بقدر معتبر بإنجاز مليون وحدة سكنية كل خمس سنوات وتم تقليص البطالة بقدر بالغ واسترجعت بلادنا عهدها بمبادئها المتمثلة في مسعى العدالة الاجتماعية والتضامن الوطني كما تشهد على ذلك أهمية التحويلات الاجتماعية وتعدد أوجه دعم الدولة للمواد الأساسية الضرورية وتحسين الخدمات العمومية.
كما رافق الانجازات هذه تسديد الجزائر المسبق لمديونيتها الخارجية واستعادة مكانة البلاد على المستوى الإفريقي والعربي والدولي في ظل احترامها للآخرين واحترام الجميع لها.
- أيتها المواطنات الفضليات
- أيها المواطنون الأفاضل
إن الجزائر تتابع بطبيعة الحال التغيرات التي تحدث في الساحة الدولية وببعض البلدان العربية خاصة وأمام هذا الوضع تؤكد الجزائر تشبثها بسيادة البلدان الشقيقة ووحدتها ورفضها لكل تدخل أجنبي واحترامها لقرار كل شعب من محض سيادته الوطنية أما على الصعيد الوطني وما دمنا نعيش في مجتمع تعددي فمن الطبيعي وجود تيارات منشغلة بما يجري حولها من رياح التغيير ومن البديهي أن تتجه ميولنا أكثر نحو مواقف القوى السياسية المتشبعة بالروح الوطنية التي ترفض كل تدخل في شؤون الغير ولا ترضي في المقابل بتدخل الغير في شؤونها وهذا رأي الأغلبية الغالبة لشعبنا التي تتابع باهتمام المبادرات المختلفة وتحتفظ بالتعبير عن رأيها إذا ما تعلق الأمر بتهديد استقرار البلاد تصبو الشعوب والشباب فيها خاصة الى التقدم الاقتصادي والاجتماعي والى مزيد من العدل والحرية وأاكثر من ذلك الى حكامة أفضل إن الديمقراطية والحرية والعدالة ودولة الحق والقانون مطالب مشروعة لا يسوغ لأي كان تجاهلها علما بأن شعبنا شاب يافع وطموح وهوما يعني ضرورة تلبية الكثير من المطالب يوم بعد يوم في شتى الميادين. وإننا اليوم أكثر من أي وقت مضى تستوقفنا رياح الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي وكذا السياسي.
- أيتها المواطنات الفضليات
- أيها المواطنون الأفاضل
من هذا المنطلق بادرنا بالتحرك من أجل تلبية المطالب الاجتماعية المشروعة لمواطنينا بحيث تم احداث آلية جديدة لتثبيت أسعار المواد الغذائية الأساسية التي تعرف التهابا على المستوى العالمي واستفاد دعم الاستثمار من تشجيعات معتبرة من خلال الحصول على العقار وتحسين وفرة القروض البنكية وسيسمح هذا الإجراء بتكثيف نماء الثروة ور فع عروض التشغيل كما تعززت بشكل محسوس مختلف أشكال الدعم الموجه للشباب وللعاطلين عن العمل الراغبين في إنشاء مؤسساتهم الصغرى وبالموازاة مع ذلك تم تطوير آليات الدولة. كما ونوعا من أجل تشجيع توظيف الشباب من حملة الشهادات فمدة العقود جرى تمديدها وأصبحت قابلة للتجديد وسيحضى المستفيدون منها بالأولوية في التثبيت. أما بخصوص السكن فثمة جهد جبار يبذل منذ سنة ألفين 2000 الى يومنا هذا وذلك بتلبية أكبر قسط ممكن من الطلب والتقليص من حجم الاحتجاجات وإنني لعلى يقين رغم البرنامج الطموح الجاري إنجازه من أن ثمة طلبات ستظهر مجددا علينا معالجتها بكل موضوعية ورزانة إن البرنامج الخماسي الحالي يروم إنجاز مليونين اثنين وحدة سكنية منها أكثر من مليون وحدة سيتم تسليمها قبل 2014 كما قررنا تعزيز استفادة المواطنين من السكن الريفي بما في ذلك داخل التجمعات السكنية الصغيرة ورفع نسبة الاستفادة من القروض بالنسبة للأسر الراغبة في بناء سكناتها أو شرائها بإختصار فالإنجازات شاخصة أمامكم والإحصائيات بادية للجميع وهي كلها ملك للمجموعة الوطنية دون سواها ولا أحد يوهمنا بأن منفعة ثمار التنمية قد تعود لبعض الفئات الاجتماعية خاصة دون الأخرى لكن هل يمكن القول أن كل شيء على ما يرام لا بكل تأكيد فثمة أمراض اجتماعية مستشرية كالرشوة والمحاباة والتبذير والفساد وما إليها والدولة عاكفة لا محالة على محاربتها بكل صرامة وإصرار إنها معركة أخرى لا يمكن الانتصار فيها إلا بمشاركة كل فئات الشعب إذ كل ما يتحقق في البلاد يكون لكم ومعكم وبفضلكم.
- أيتها المواطنات الفضليات
-أيها المواطنون الأفاضل
سيتم قريبا اتخاذ إجراءات هامة تعطي نفسا جديدا لإدارة برامجنا ولتنشيط جهاز الدولة وستأتي هذه الإجراءات لدعم محاربة البيروقراطية والإختلالات المسجلة في إدارتنا والتصدي لأي تلاعب ومساس بالأموال العمومية وخلال هذه السنة سيشرع في عملية تشاورية على المستوى المحلي مع المواطنين والمنتخبين والحركة الجمعوية والإدارة لتحديد أهداف التنمية المحلية على نحو أفضل وتكييفها مع تطلعات الساكنة وضمن هذا السياق سيشرع في عملية جادة تعني بالمؤسسة الاقتصادية عمومية كانت أو خاصة بوصفها المصدر المتميز لخلق الثروة وتوفير مناصب الشغل من أجل ضمان نموها وتحديثها إن ترقية المؤسسة وتأهيلها يستهدفان أساسا تقوية الإنماء الاقتصادي للبلاد ورفع مستوى الانتاجية وتحسين التنافسيه ومن ثم يتعين على الحكومة رسم برنامج وطني للاستثمار موجه للمؤسسات الاقتصادية في كافة قطاعات النشاط وذلك في إطار تشاوري مع كل المتعاملين الاقتصاديين والاجتماعيين كما يتعين على الحكومة أيضا إيجاد الشروط المثلى لتحرير المبادرات من خلال تحسين محيط المؤسسة وبصفة عامة توفير مناخ ملائم للأعمال والاستثمار.
- أيتها المواطنات الفضليات
- أيها المواطنون الأفاضل
منذ أكثر من عقدين من الزمن باشرت الجزائر نظام التعددية السياسية كان لها ثمن باهظ سدد ضريبتها شعبنا بلا دعم ولا مساعدة من أي كان في العالم وتتمثل التعددية السياسية في بلادنا عبر وجود ما يقارب الثلاثين حزبا سياسيا وبرلمان تعددي في أغلبيته وأقليته كما تنعكس التعددية كذلك في حرية التعبير التي هي واقع يشهد عليه تنوع وسائلنا الإعلامية وجرأة نبرتها وإنه لجدير بنا أن نعتز بانتمائنا الى بلد تشكل فيه حرية الصحافة واقعا ملموسا بلد خال من أي سجين رأي أو معتقل سياسي إن هذا لمكسب لافت ينبغي دعمه دوما لكي يظل مكسبا دائما ان دماء كثيرة سالت والفتنة أشد من القتل ودموعا غزيرة ذرفها شعبنا من أجل صون الجزائر موحدة وشامخة ومن أجل الحفاظ على الجمهورية ومكتسباتها الديمقراطية حتى يعود الأمل من جديد لا يحق لأحد أن يعيد الخوف بهذا الأسلوب أو ذلك الى الأسر الجزائرية القلقة على أمن أبنائها وممتلكاتها أوعن ما هو أخطر وأعني بذلك خوف الأمة قاطبة على مستقبل الجزائر ووحدتها وسيادتها.
-أيتها المواطنات الفضليات
- أيها المواطنون الأفاضل
إن المطلوب اليوم هو المضي قدما نحو تعميق المسار الديمقراطي وتعزيز دعائم دولة الحق والقانون وتقليص الفوارق وتسريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية ان المهمة هذه الشاحذة للهمم والحاسمة بالنسبة لمستقبل بلادنا تقتضي انخراط الأغلبية ومشاركة كافة القوى السياسية والاجتماعية وإسهام الكفاءات الوطنية كما تتطلب دولة عتيدة الأركان مهيبة الجانب دولة قادرة على إحلال ثقة أكبر بين الإدارة والمواطنين دولة مرتكزة على إدارة تتمتع بالكفاءة والمصداقية وعلى عدالة لا خضوع لها سوى لسلطان القانون كما تتطلب بالخصوص تمكين هيئاتنا المنتخبة من الاعتداد بمشروعية لا غبار عليها.
فبعد استعادة السلم والأمن وإطلاق برامج تنموية طموحة وبعد رفع حالة الطوارئ قررت استكمال المسعى هذا ببرنامج إصلاحات سياسية الغاية منه تعميق المسار الديمقراطي وتمكين المواطنين من مساهمة أوسع في اتخاذ القرارات التي يتوقف عليها مستقبلهم ومستقبل أبنائهم إن دور مختلف المجالس المنتخبة دور حيوي سيتم تعزيزه من حيث أن المنتخبين هم الذين لهم الصلة المباشرة بالمواطنين وبالواقع المعيش
أيتها المواطنات الفضليات
أيها المواطنون الأفاضل
استنادا مني إلى الدستور سأعمد إلى استعمال الحق الذي يخولني إياه وأطلب من البرلمان إعادة صياغة جملة العدة التشريعية التي تقوم عليها قواعد الممارسة الديمقراطية وما هو مخول للمواطنين من حيث ممارسة اختيارهم بكل حرية.
وإدراكا مني للمسؤولية الواقعة على عاتقي واعتدادا مني بدعمكم ومراعات للحفاظ على توازن السلطات سأعمل على إدخال تعديلات تشريعية ودستورية من أجل تعزيز الديمقراطية النيابية ببلادنا.
ستجري مراجعة عميقة لقانون الانتخابات ويجب لهذه المراجعة ان تستجيب لتطلع مواطنينا إلى ممارسة حقهم الانتخابي في أوفى الظروف ديمقراطية وشفافية لاختيار ممثليهم في المجالس المنتخبة إننا نطمح إلى الارتقاء بنظامنا الانتخابي إلى مصاف أحدث قواعد الديمقراطية النيابية المكرسة بنص الدستور حتى يعبر شعبنا بكل سيادة ووضوح عن صميم قناعته.
لهذا الغرض سيتم إشراك كافة الأحزاب الممثلة منها وغيرالممثلة في البرلمان واستشارتها من أجل صياغة النظام الانتخابي الجديد وعقب المصادقة على هذا القانون الانتخابي سيتم اتخاذ جميع الترتيبات اللازمة لتأمين ضمانات الشفافية والسلامة بما في ذلك المراقبة التي يتولاها ملاحظون دوليون للعمليات الانتخابية وذلك بالتشاور مع كافة الاحزاب المعتمدة ومن جهة مكملة سيتم إيداع قانون عضوي حول حالات التنافي مع العهدة البرلمانية وذلك طبقا للأحكام المنصوص عليها في الدستور فللأحزاب أن تنظم نفسها وتعزز صفوفها وتعبر عن رأيها وتعمل في إطار الدستور والقانون حتى تقنع المواطنين وبالخصوص الشباب منهم بوجاهة برامجها وفائدتها.
وسوف يتعزز هذا المسعى بمراجعة القانون المتعلق بالأحزاب السياسية من خلال مراجعة دور الأحزاب ووظيفتها وتنظيمها لجعلها تشارك مشاركة أنجع في مسار التجدد.
وسيتم تعجيل إيداع وإصدار القانون العضوي المتعلق بتمثيل النساء ضمن المجالس المنتخبة قبل الاستحقاقات الانتخابية القادمة.
أيتها المواطنات الفضليات
أيتها المواطنون الأفاضل
في إطار لامركزية أوسع وأكثر نجاعة وحتى يصبح المواطنون طرفا في اتخاذ القرارات التي تخص حياتهم اليومية وبينهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لا بد من مضاعفة صلاحيات المجالس المحلية المنتخبة وتمكينها من الوسائل البشرية والمادية اللازمة لممارسة اختصاصاتها ولهذه الغاية ذاتها ستتم مراجعة قانون الولاية إن المسعى هذا سيشمل أيضا توسيع وتوضيح مجال الحركة الجمعوية وأهدافها ووسائل نشاطها وتنظيمها بين المواطنين والسلطات العمومية.
وريثما تتم المراجعة المزمعة للقانون الذي يسير نشاط الجمعيات أدعو منظمات الحركة الجمعو ية إلى تكثيف المبادرات التي تخولها رسالتها من خلال الانخراط من الآن ضمن هذا المنظور.
كما ينبغي أن يصبح احترام حقوق الانسان انشغالا دائما لدى مختلف الرابطات والجمعيات الوطنية المتكفلة بهذا الشأن. وسيتم تأمين كافة الظروف لتمكينها من إسماع صوتها وأداء مهامها بوجه أفضل ويتعين على المؤسسات والإدارات المعنية أن تسهم في ذلك على أكمل وجه.
أيتها المواطنات الفضليات
أيها المواطنون الأفاضل
فمن أجل تتويج هذا الصرح المؤسساتي الرامي إلى تعزيز الديمقراطية يتعين إدخال التعديلات اللازمة على دستور البلاد
لقد سبق لي وأن أعربت مرارا على رغبتي في اخضاع الدستور للمراجعة وجددت تأكيد قناعتي ورغبتي هاتين في عدة مناسبات.
سيتم ذلك من خلال إنشاء لجنة دستورية تشارك فيها التيارات السياسية الفاعلة وخبراء في القانون الدستوري وستعرض علي اقتراحات أتولاها بالنظر قبل عرضها بما يتلاءم مع مقومات مجتمعنا على موافقة البرلمان أو عرضها لاقتراعكم عن طريق الاستفتاء
أيتها المواطنات الفضليات
أيتها المواطنون الأفاضل
لا بد لي من تذكيركم بأن أجهزة الإعلام الثقيلة المتمثلة في التلفزة والإذاعة هي كذلك صوت الجزائر المسموع في العالم وذلك يلزمها الإسهام في ترسيخ الهوية والوحدة الوطنية وفي الآن ذاته تعميم الثقافة والترفيه لكنها مطالبة فوق ذلك بالانفتاح على مختلف تيارات الفكر السياسي في كنف احترام القواعد الأخلاقية التي تحكم أي نقاش كان
- فمن أجل توسيع هذا الانفتاح على المواطنين وممثليهم المنتخبين ومختلف.
الأحزاب الحاضرة في الساحة الوطنية على حد سواء سيتم دعم الفضاء السمعي البصري العمومي بقنوات موضوعاتية متخصصة ومفتوحة لجميع الآراء المتعددة والمتنوعة هذا وسيأتي قانون الإعلام بمعالم لمدونة أخلاقية ويتمم التشريع الحالي على الخصوص برفع التجريم عن الجنح الصحفية.
أيتها المواطنات الفضليات
أيتها المواطنون الأفاضل
لا يفصلنا سوى عام واحد عن موعد الاستحقاقات الانتخابية الوطنية المقبلة. وهي فترة زمنية كافية للقيام بمراجعة الأسس القانونية لممارسة الديمقراطية والتعبير عن الإرادة الشعبية وتحسينها وتعزيزها بما يستجيب لآمالكم في تمثيل نوعي أوفي ضمن المجالس المنتخبة.
إنني أدعو كل مواطن وكل مواطنة منكم على اختلاف مشار بكم إلى تظافر وطني للجهود حتى تكون هذه السانحة الجديدة فرصة للتفتح على حياة سياسية تعددية تعكس نص الدستور وروحه بما سيتيح لكل واحد وواحدة المشاركة في تجدد الدولة الجزائرية ور قيها وتعزيز أركانها الدولة التي افتداها الكثير من الرجال والنساء بأرواحهم في سبيل الانعتاق من الهيمنة الاستعمارية والنهوض من وهدة الجهل والتخلف وبما أن الدولة مسؤولة عن سياسة التنمية وبسط النظام العام.
ونشر الأمن في ربوع الوطن فسأظل حريصا كل الحرص على تحقيق أهدافنا بالاعتماد على مساهمة المواطنين والارتكاز على المؤسسات الشرعية للدولة وفقا لأحكام الدستور وقوانين الجمهورية.
إنني أتوجه إلى كافة المواطنات والمواطنين راجيا منهم العون على النهوض ببلادنا وتحقيق طموحات شعبنا للتطور في كنف الحرية والسلم والتأزر.
فكلما كنا يدا واحدة جعلنا من بلدنا العزيز وطنا للنماء والعدل والإخاء.
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار
أشكركم على كرم الإصغاء
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
الجمعة, 15 أبريل 2011
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين
- أيتها المواطنات الفضليات
- أيها المواطنون الأفاضل
إن رهان الوطن في مطلع العشرية الفارطة كان يكمن في إخماد نار الفتنة والعمل على استتباب السلم والسعادة الوئام وصولا الى إفاضة المصالحة الوطنية بعون الله وبفضل وقوفكم إلى جانبي تم تحقيق هذه الأهداف وفقا لما جبلنا عليه من شيم عريقة شيم الرحمة والصفح الصادق لقد اطمأنت القلوب وزالت المخاوف ومع استعادة السلم بات لزاما علينا تجاوز مظاهر التدمير واستدراك التأخر فباشرنا إذن برنامجين ضخمين متتاليين للاستثمارات العمومية في سائر الميادين ويجري الآن إنجاز برنامج ثالث وأثمرت هذه البرامج بنتائج لا جدال فيها.
وأصبحت عشرية 2000 غنية بالإنجازات على مستوى كامل أرجاء الوطن وفي كافة المجالات خاصة منها مجال المنشآت القاعدية والتجهيزات الاجتماعية والاقتصادية وفي نفس الفترة تم تدارك العجز في السكنات بقدر معتبر بإنجاز مليون وحدة سكنية كل خمس سنوات وتم تقليص البطالة بقدر بالغ واسترجعت بلادنا عهدها بمبادئها المتمثلة في مسعى العدالة الاجتماعية والتضامن الوطني كما تشهد على ذلك أهمية التحويلات الاجتماعية وتعدد أوجه دعم الدولة للمواد الأساسية الضرورية وتحسين الخدمات العمومية.
كما رافق الانجازات هذه تسديد الجزائر المسبق لمديونيتها الخارجية واستعادة مكانة البلاد على المستوى الإفريقي والعربي والدولي في ظل احترامها للآخرين واحترام الجميع لها.
- أيتها المواطنات الفضليات
- أيها المواطنون الأفاضل
إن الجزائر تتابع بطبيعة الحال التغيرات التي تحدث في الساحة الدولية وببعض البلدان العربية خاصة وأمام هذا الوضع تؤكد الجزائر تشبثها بسيادة البلدان الشقيقة ووحدتها ورفضها لكل تدخل أجنبي واحترامها لقرار كل شعب من محض سيادته الوطنية أما على الصعيد الوطني وما دمنا نعيش في مجتمع تعددي فمن الطبيعي وجود تيارات منشغلة بما يجري حولها من رياح التغيير ومن البديهي أن تتجه ميولنا أكثر نحو مواقف القوى السياسية المتشبعة بالروح الوطنية التي ترفض كل تدخل في شؤون الغير ولا ترضي في المقابل بتدخل الغير في شؤونها وهذا رأي الأغلبية الغالبة لشعبنا التي تتابع باهتمام المبادرات المختلفة وتحتفظ بالتعبير عن رأيها إذا ما تعلق الأمر بتهديد استقرار البلاد تصبو الشعوب والشباب فيها خاصة الى التقدم الاقتصادي والاجتماعي والى مزيد من العدل والحرية وأاكثر من ذلك الى حكامة أفضل إن الديمقراطية والحرية والعدالة ودولة الحق والقانون مطالب مشروعة لا يسوغ لأي كان تجاهلها علما بأن شعبنا شاب يافع وطموح وهوما يعني ضرورة تلبية الكثير من المطالب يوم بعد يوم في شتى الميادين. وإننا اليوم أكثر من أي وقت مضى تستوقفنا رياح الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي وكذا السياسي.
- أيتها المواطنات الفضليات
- أيها المواطنون الأفاضل
من هذا المنطلق بادرنا بالتحرك من أجل تلبية المطالب الاجتماعية المشروعة لمواطنينا بحيث تم احداث آلية جديدة لتثبيت أسعار المواد الغذائية الأساسية التي تعرف التهابا على المستوى العالمي واستفاد دعم الاستثمار من تشجيعات معتبرة من خلال الحصول على العقار وتحسين وفرة القروض البنكية وسيسمح هذا الإجراء بتكثيف نماء الثروة ور فع عروض التشغيل كما تعززت بشكل محسوس مختلف أشكال الدعم الموجه للشباب وللعاطلين عن العمل الراغبين في إنشاء مؤسساتهم الصغرى وبالموازاة مع ذلك تم تطوير آليات الدولة. كما ونوعا من أجل تشجيع توظيف الشباب من حملة الشهادات فمدة العقود جرى تمديدها وأصبحت قابلة للتجديد وسيحضى المستفيدون منها بالأولوية في التثبيت. أما بخصوص السكن فثمة جهد جبار يبذل منذ سنة ألفين 2000 الى يومنا هذا وذلك بتلبية أكبر قسط ممكن من الطلب والتقليص من حجم الاحتجاجات وإنني لعلى يقين رغم البرنامج الطموح الجاري إنجازه من أن ثمة طلبات ستظهر مجددا علينا معالجتها بكل موضوعية ورزانة إن البرنامج الخماسي الحالي يروم إنجاز مليونين اثنين وحدة سكنية منها أكثر من مليون وحدة سيتم تسليمها قبل 2014 كما قررنا تعزيز استفادة المواطنين من السكن الريفي بما في ذلك داخل التجمعات السكنية الصغيرة ورفع نسبة الاستفادة من القروض بالنسبة للأسر الراغبة في بناء سكناتها أو شرائها بإختصار فالإنجازات شاخصة أمامكم والإحصائيات بادية للجميع وهي كلها ملك للمجموعة الوطنية دون سواها ولا أحد يوهمنا بأن منفعة ثمار التنمية قد تعود لبعض الفئات الاجتماعية خاصة دون الأخرى لكن هل يمكن القول أن كل شيء على ما يرام لا بكل تأكيد فثمة أمراض اجتماعية مستشرية كالرشوة والمحاباة والتبذير والفساد وما إليها والدولة عاكفة لا محالة على محاربتها بكل صرامة وإصرار إنها معركة أخرى لا يمكن الانتصار فيها إلا بمشاركة كل فئات الشعب إذ كل ما يتحقق في البلاد يكون لكم ومعكم وبفضلكم.
- أيتها المواطنات الفضليات
-أيها المواطنون الأفاضل
سيتم قريبا اتخاذ إجراءات هامة تعطي نفسا جديدا لإدارة برامجنا ولتنشيط جهاز الدولة وستأتي هذه الإجراءات لدعم محاربة البيروقراطية والإختلالات المسجلة في إدارتنا والتصدي لأي تلاعب ومساس بالأموال العمومية وخلال هذه السنة سيشرع في عملية تشاورية على المستوى المحلي مع المواطنين والمنتخبين والحركة الجمعوية والإدارة لتحديد أهداف التنمية المحلية على نحو أفضل وتكييفها مع تطلعات الساكنة وضمن هذا السياق سيشرع في عملية جادة تعني بالمؤسسة الاقتصادية عمومية كانت أو خاصة بوصفها المصدر المتميز لخلق الثروة وتوفير مناصب الشغل من أجل ضمان نموها وتحديثها إن ترقية المؤسسة وتأهيلها يستهدفان أساسا تقوية الإنماء الاقتصادي للبلاد ورفع مستوى الانتاجية وتحسين التنافسيه ومن ثم يتعين على الحكومة رسم برنامج وطني للاستثمار موجه للمؤسسات الاقتصادية في كافة قطاعات النشاط وذلك في إطار تشاوري مع كل المتعاملين الاقتصاديين والاجتماعيين كما يتعين على الحكومة أيضا إيجاد الشروط المثلى لتحرير المبادرات من خلال تحسين محيط المؤسسة وبصفة عامة توفير مناخ ملائم للأعمال والاستثمار.
- أيتها المواطنات الفضليات
- أيها المواطنون الأفاضل
منذ أكثر من عقدين من الزمن باشرت الجزائر نظام التعددية السياسية كان لها ثمن باهظ سدد ضريبتها شعبنا بلا دعم ولا مساعدة من أي كان في العالم وتتمثل التعددية السياسية في بلادنا عبر وجود ما يقارب الثلاثين حزبا سياسيا وبرلمان تعددي في أغلبيته وأقليته كما تنعكس التعددية كذلك في حرية التعبير التي هي واقع يشهد عليه تنوع وسائلنا الإعلامية وجرأة نبرتها وإنه لجدير بنا أن نعتز بانتمائنا الى بلد تشكل فيه حرية الصحافة واقعا ملموسا بلد خال من أي سجين رأي أو معتقل سياسي إن هذا لمكسب لافت ينبغي دعمه دوما لكي يظل مكسبا دائما ان دماء كثيرة سالت والفتنة أشد من القتل ودموعا غزيرة ذرفها شعبنا من أجل صون الجزائر موحدة وشامخة ومن أجل الحفاظ على الجمهورية ومكتسباتها الديمقراطية حتى يعود الأمل من جديد لا يحق لأحد أن يعيد الخوف بهذا الأسلوب أو ذلك الى الأسر الجزائرية القلقة على أمن أبنائها وممتلكاتها أوعن ما هو أخطر وأعني بذلك خوف الأمة قاطبة على مستقبل الجزائر ووحدتها وسيادتها.
-أيتها المواطنات الفضليات
- أيها المواطنون الأفاضل
إن المطلوب اليوم هو المضي قدما نحو تعميق المسار الديمقراطي وتعزيز دعائم دولة الحق والقانون وتقليص الفوارق وتسريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية ان المهمة هذه الشاحذة للهمم والحاسمة بالنسبة لمستقبل بلادنا تقتضي انخراط الأغلبية ومشاركة كافة القوى السياسية والاجتماعية وإسهام الكفاءات الوطنية كما تتطلب دولة عتيدة الأركان مهيبة الجانب دولة قادرة على إحلال ثقة أكبر بين الإدارة والمواطنين دولة مرتكزة على إدارة تتمتع بالكفاءة والمصداقية وعلى عدالة لا خضوع لها سوى لسلطان القانون كما تتطلب بالخصوص تمكين هيئاتنا المنتخبة من الاعتداد بمشروعية لا غبار عليها.
فبعد استعادة السلم والأمن وإطلاق برامج تنموية طموحة وبعد رفع حالة الطوارئ قررت استكمال المسعى هذا ببرنامج إصلاحات سياسية الغاية منه تعميق المسار الديمقراطي وتمكين المواطنين من مساهمة أوسع في اتخاذ القرارات التي يتوقف عليها مستقبلهم ومستقبل أبنائهم إن دور مختلف المجالس المنتخبة دور حيوي سيتم تعزيزه من حيث أن المنتخبين هم الذين لهم الصلة المباشرة بالمواطنين وبالواقع المعيش
أيتها المواطنات الفضليات
أيها المواطنون الأفاضل
استنادا مني إلى الدستور سأعمد إلى استعمال الحق الذي يخولني إياه وأطلب من البرلمان إعادة صياغة جملة العدة التشريعية التي تقوم عليها قواعد الممارسة الديمقراطية وما هو مخول للمواطنين من حيث ممارسة اختيارهم بكل حرية.
وإدراكا مني للمسؤولية الواقعة على عاتقي واعتدادا مني بدعمكم ومراعات للحفاظ على توازن السلطات سأعمل على إدخال تعديلات تشريعية ودستورية من أجل تعزيز الديمقراطية النيابية ببلادنا.
ستجري مراجعة عميقة لقانون الانتخابات ويجب لهذه المراجعة ان تستجيب لتطلع مواطنينا إلى ممارسة حقهم الانتخابي في أوفى الظروف ديمقراطية وشفافية لاختيار ممثليهم في المجالس المنتخبة إننا نطمح إلى الارتقاء بنظامنا الانتخابي إلى مصاف أحدث قواعد الديمقراطية النيابية المكرسة بنص الدستور حتى يعبر شعبنا بكل سيادة ووضوح عن صميم قناعته.
لهذا الغرض سيتم إشراك كافة الأحزاب الممثلة منها وغيرالممثلة في البرلمان واستشارتها من أجل صياغة النظام الانتخابي الجديد وعقب المصادقة على هذا القانون الانتخابي سيتم اتخاذ جميع الترتيبات اللازمة لتأمين ضمانات الشفافية والسلامة بما في ذلك المراقبة التي يتولاها ملاحظون دوليون للعمليات الانتخابية وذلك بالتشاور مع كافة الاحزاب المعتمدة ومن جهة مكملة سيتم إيداع قانون عضوي حول حالات التنافي مع العهدة البرلمانية وذلك طبقا للأحكام المنصوص عليها في الدستور فللأحزاب أن تنظم نفسها وتعزز صفوفها وتعبر عن رأيها وتعمل في إطار الدستور والقانون حتى تقنع المواطنين وبالخصوص الشباب منهم بوجاهة برامجها وفائدتها.
وسوف يتعزز هذا المسعى بمراجعة القانون المتعلق بالأحزاب السياسية من خلال مراجعة دور الأحزاب ووظيفتها وتنظيمها لجعلها تشارك مشاركة أنجع في مسار التجدد.
وسيتم تعجيل إيداع وإصدار القانون العضوي المتعلق بتمثيل النساء ضمن المجالس المنتخبة قبل الاستحقاقات الانتخابية القادمة.
أيتها المواطنات الفضليات
أيتها المواطنون الأفاضل
في إطار لامركزية أوسع وأكثر نجاعة وحتى يصبح المواطنون طرفا في اتخاذ القرارات التي تخص حياتهم اليومية وبينهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لا بد من مضاعفة صلاحيات المجالس المحلية المنتخبة وتمكينها من الوسائل البشرية والمادية اللازمة لممارسة اختصاصاتها ولهذه الغاية ذاتها ستتم مراجعة قانون الولاية إن المسعى هذا سيشمل أيضا توسيع وتوضيح مجال الحركة الجمعوية وأهدافها ووسائل نشاطها وتنظيمها بين المواطنين والسلطات العمومية.
وريثما تتم المراجعة المزمعة للقانون الذي يسير نشاط الجمعيات أدعو منظمات الحركة الجمعو ية إلى تكثيف المبادرات التي تخولها رسالتها من خلال الانخراط من الآن ضمن هذا المنظور.
كما ينبغي أن يصبح احترام حقوق الانسان انشغالا دائما لدى مختلف الرابطات والجمعيات الوطنية المتكفلة بهذا الشأن. وسيتم تأمين كافة الظروف لتمكينها من إسماع صوتها وأداء مهامها بوجه أفضل ويتعين على المؤسسات والإدارات المعنية أن تسهم في ذلك على أكمل وجه.
أيتها المواطنات الفضليات
أيها المواطنون الأفاضل
فمن أجل تتويج هذا الصرح المؤسساتي الرامي إلى تعزيز الديمقراطية يتعين إدخال التعديلات اللازمة على دستور البلاد
لقد سبق لي وأن أعربت مرارا على رغبتي في اخضاع الدستور للمراجعة وجددت تأكيد قناعتي ورغبتي هاتين في عدة مناسبات.
سيتم ذلك من خلال إنشاء لجنة دستورية تشارك فيها التيارات السياسية الفاعلة وخبراء في القانون الدستوري وستعرض علي اقتراحات أتولاها بالنظر قبل عرضها بما يتلاءم مع مقومات مجتمعنا على موافقة البرلمان أو عرضها لاقتراعكم عن طريق الاستفتاء
أيتها المواطنات الفضليات
أيتها المواطنون الأفاضل
لا بد لي من تذكيركم بأن أجهزة الإعلام الثقيلة المتمثلة في التلفزة والإذاعة هي كذلك صوت الجزائر المسموع في العالم وذلك يلزمها الإسهام في ترسيخ الهوية والوحدة الوطنية وفي الآن ذاته تعميم الثقافة والترفيه لكنها مطالبة فوق ذلك بالانفتاح على مختلف تيارات الفكر السياسي في كنف احترام القواعد الأخلاقية التي تحكم أي نقاش كان
- فمن أجل توسيع هذا الانفتاح على المواطنين وممثليهم المنتخبين ومختلف.
الأحزاب الحاضرة في الساحة الوطنية على حد سواء سيتم دعم الفضاء السمعي البصري العمومي بقنوات موضوعاتية متخصصة ومفتوحة لجميع الآراء المتعددة والمتنوعة هذا وسيأتي قانون الإعلام بمعالم لمدونة أخلاقية ويتمم التشريع الحالي على الخصوص برفع التجريم عن الجنح الصحفية.
أيتها المواطنات الفضليات
أيتها المواطنون الأفاضل
لا يفصلنا سوى عام واحد عن موعد الاستحقاقات الانتخابية الوطنية المقبلة. وهي فترة زمنية كافية للقيام بمراجعة الأسس القانونية لممارسة الديمقراطية والتعبير عن الإرادة الشعبية وتحسينها وتعزيزها بما يستجيب لآمالكم في تمثيل نوعي أوفي ضمن المجالس المنتخبة.
إنني أدعو كل مواطن وكل مواطنة منكم على اختلاف مشار بكم إلى تظافر وطني للجهود حتى تكون هذه السانحة الجديدة فرصة للتفتح على حياة سياسية تعددية تعكس نص الدستور وروحه بما سيتيح لكل واحد وواحدة المشاركة في تجدد الدولة الجزائرية ور قيها وتعزيز أركانها الدولة التي افتداها الكثير من الرجال والنساء بأرواحهم في سبيل الانعتاق من الهيمنة الاستعمارية والنهوض من وهدة الجهل والتخلف وبما أن الدولة مسؤولة عن سياسة التنمية وبسط النظام العام.
ونشر الأمن في ربوع الوطن فسأظل حريصا كل الحرص على تحقيق أهدافنا بالاعتماد على مساهمة المواطنين والارتكاز على المؤسسات الشرعية للدولة وفقا لأحكام الدستور وقوانين الجمهورية.
إنني أتوجه إلى كافة المواطنات والمواطنين راجيا منهم العون على النهوض ببلادنا وتحقيق طموحات شعبنا للتطور في كنف الحرية والسلم والتأزر.
فكلما كنا يدا واحدة جعلنا من بلدنا العزيز وطنا للنماء والعدل والإخاء.
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار
أشكركم على كرم الإصغاء
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
الجمعة, 15 أبريل 2011