hmsain.ahlamontada.com

نشكرك على التسجيل فى هدا المنتدى زرنا باستمرار و شاركنا رايك فاليد الواحدة لا تصفق ورايك يهمنا كما ان حضورك الدائم يحفزنا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

hmsain.ahlamontada.com

نشكرك على التسجيل فى هدا المنتدى زرنا باستمرار و شاركنا رايك فاليد الواحدة لا تصفق ورايك يهمنا كما ان حضورك الدائم يحفزنا

hmsain.ahlamontada.com

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
hmsain.ahlamontada.com

منتدى يهتم بنشاطات حركة مجتمع السلم بلدية عين بوزيان


    مصرثورة الحرية في مصر : دروس مستفادة من التاريخ

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 2093
    تاريخ التسجيل : 01/03/2010
    الموقع : hmsain.ahlamontada.com

    مصرثورة الحرية في مصر : دروس مستفادة من التاريخ Empty مصرثورة الحرية في مصر : دروس مستفادة من التاريخ

    مُساهمة  Admin الجمعة 24 يونيو 2011 - 20:30

    "يدوسوا علينا بالدبابات مية مرّة أحسن ما نعيش عبيد عند مبارك ... أنا مش ماشي من هنا." جملة قالها صديق لي، قبل أن يتمدد سريعاً أمام إحدى دبابات الجيش بعد ان سرت شائعة حول قرب اقتحامها لميدان التحرير لتجهز على قلب الحركة الديمقراطية في مصر. هذه الشائعات لم تأت من فراغ . فتعامل نظام حسني مبارك مع الأزمة في البداية اقتصر على اجراءات القمع، والتي شملت هجمات عنيفة من قبل قوات الأمن المركزي، واختطاف وتعذيب من قبل جهاز أمن الدولة، واستخدام التكتيك المعروف في الانتخابات وهو الاستعانة بما يسمى "البلطجية." وهؤلاء هم خليط من رجال أمن بلباس مدني، و أرباب السوابق الجنائية، ومأجورين معروفين بممارستهم العنف. ثم نزل الجيش وأصدر البيان الشهير الذي أكد فيه على أنه لن يستخدم العنف ضد المحتجين، كما أكد على شرعية مطالبهم. ولكن تغير هذا الموقف ببيان آخر أصدره الجيش وطالب فيه المحتجون بالعودة إلى بيوتهم لأن مطالبهم ستلبى.


    فتحول النظام في الأيام القليلة الماضية إلى تكتيكات "الجزرة"، والتي تبدأ بوعود براقة من معاشات وعلاوات مجزية، ودعم للسلع الأساسية، وتنتهي بتقديم أكباش فداء، كإقالة عدد من أسوأ وجوه النظام. فأعلن التليفزيون الرسمي - المسيطر عليه من قبل النظام – تحويل وزير الداخلية السابق اللواء حبيب العادلي للنيابة العسكرية. إلا أن تقارير مستقلة نفت هذا. كذلك أقيل جمال مبارك وأحمد عز وصفوت الشريف - وكلهم من قيادات الحزب الوطني وممن يعتبرهم الشعب المصري من رموز الفساد. واستمر تكتيك "الجزرة" و سياسة الوعود البراقة، ومنها أن يقود حسني مبارك عملية التحول الديمقراطي والفترة الانتقالية قبل أن يتنحى في سبتمبر 2011!


    ولكن انعدام الثقة في وعود النظام ومن يترأسه منعت أغلبية المصريين من تصديق و عود مبارك. فبغض النظر عن الرغبة و القدرة على تنفيذ تلك الوعود – و هما تقريباً منعدمتان – تاريخ مبارك الطويل في الالتفاف على الوعود ونقضها لا يشجع على الثقة به. فقائمة العهود المنقوضة تبدأ من 1981 عندما أعلن مبارك أنه جاء لفترة رئاسية واحدة ليدعم الاستقرار في مصر بعد اغتيال الرئيس السادات. أما في 2005 فقد وعد مبارك بإنهاء قانون الطوارئ، و بعد ستة سنوات لايزال القانون حياً، حامياً له، وقامعاً للشعب المصري.


    كَذِب الطغاة و نتائجه الكارثية موثق جيداً في تاريخ مصر الحديث. فبين يوليو 1952 و أكتوبر 1954 استطاع المقدم جمال عبد الناصر أن يحول النظام السياسي في مصر من نظام شبه ديمقراطي إلى ديكتاتورية عسكرية. كانت سياسة عبد الناصر ممنهجة، ومن أبرز نتائجها منع الأحزاب السياسية، و حل البرلمان المنتخب، واعتقال و تعذيب السياسيين المعارضين، وفتح النار على مظاهراتٍ سلمية، وإعدام قيادات عمالية مضربة. فلم يحتمل المصريون هذا الظلم، وفي 28 فبراير 1954 حاصر ما يقرب من مليون مصري عبد الناصر في قصر عابدين. واشتملت مطالبهم على اعادة الحكم المدني، وعودة العسكر إلى الثكنات، والإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين، ورفع الحظر عن الحياة السياسية. وكان عبد الناصر محاصراً و مضغوطاً، فوعد بالإصلاحات وأقسم على احترام الوعد و تعهد باجراء انتخابات حرة في يونيو 1954 (أي بعد أربعة أشهر!). وعلى هذا الأساس الواهي (وعود بالإصلاح) أقنع عبد القادر عودة – أحد قادة الإخوان – المحتجّين بالإنصراف. فدفع المصريون ثمن هذه الخطيئة 57 سنة من حريتهم، و كرامتهم، وقوت أولادهم وأحفادهم. والسيد عودة لم يكن خائناً، ولكنه كان أصغر كثيراً من مستوى حدثٍ فيصَليّ في تاريخ مصر الحديث. تم اعتقال الرجل في نفس الليلة التي أنقذ الديكتاتورية وأطال عمرها - دون قصد، وأعدم بعد ذلك في يناير 1955.


    والدروس المستفادة من هذه الحركة هي في غاية الأهمية في الوقت الحالي. فأمامنا ثلاثة عوامل حاسمة لقضية التحول الديمقراطي في مصر وهي: استمرارية وتوسيع التظاهر في ميدان التحرير، وميادين أخرى في القاهرة والمدن الأخرى، وضغوط المجتمع الدولي على النظام القمعي ليقبل بالديمقراطية، ودعم – أو على الأقل حياد – الجيش المصري. العامل الأول و الثاني موجودان بقوة – ولذلك تراجع مبارك من خطبته الأولى (التي تجاهل فيها المحتجين و استخف بمطالبهم) إلى حوار الABC الذي قال فيه أنه "تعب من الرئاسة". ولكن خلاصة الأمر أن مبارك متشبث بالسلطة، ولذلك يجب أن تستمر الضغوط لإنقاذ مصر من براثنه.


    فعلى جانب المحتجين صار تنظيم الصفوف و توحيد المطالب حتمياً لإنجاح الثورة، و كذلك التحضير لحكومة خبراء (لا سياسيين) موازية – تهدف بالأساس إلى إعداد البلاد لإنتخابات حرة و نزيهة بمراقبة دولية. ومن ناحيته قدم المجتمع الدولي الدعم اللفظي فقط لثورة الحرية، وحان الآن وقت الأفعال لا الأقوال – كإستخدام ال1.3 مليار دولار من الدعم الأمريكي للجيش كأداة ضغط. ومن المهم أن تفهم ادارة أوباما ان الأكثرية الساحقة من المصريين لا تريد استبدال ديكتاتور (مبارك) بآخر (عمر سليمان). وانما خرج المصريون وبذلوا أرواحهم لأجل نظام حر ديمقراطي، ولن يقبلوا بأقل من الحرية ثمناً لدماء شهدائهم. كما أنه من المهم ان يتفهم الغرب ان نظام مبارك يستخدم سياسة "فرق تسد". فالتفاوض مع الإخوان وإقصاء الجمعية الوطنية للتغيير التابعة للبرادعي يهدف بالأساس الى تخويف الغرب من الديمقراطية المصرية، وكذلك بث الفرقة بين الليبيراليين والإسلاميين.


    سياسة العنف الممنهج لنظام مبارك أدت الى مقتل المئات من المصريين وأصابت الآلاف منهم، هذا بالإضافة الى عدد غير معروف من السجناء السياسيين. فحتماً ولابد أن يلاحق قادة هذا النظام قضائياً في الداخل والخارج. ويعمل الكثير من نشطاء المجتمع المدني على ذلك. وصار واجباً انسانياً على الدول الغربية اخبار نظام مبارك على أن سياسيات العنف و القمع و قتل العزل – و الكثير منها مسجل - له نتائج قانونية ، و أن المتورطين فيه سيلاحقون جنائياُ.


    أما العامل الحاسم الأخير فهو الجيش – و الذي يتأثر بالطبع بحجم المشاركة في الثورة و صمود و نضوج و شجاعة مناضليها، كما يتأثر أيضاً بمواقف المجتمع الدولي. و لكن في نهاية أمر لم يتخل الملك فاروق– وهو يبدو للمصريين الآن في رقة و نقاء الأم تيريزا عندما يقارن بمبارك – عن العرش إلا عندما وجه العقيد عبد المنعم عبد الرؤوف (المعروف "بمنعم الأسد" بين زملائه) مدفع دبابته صوب قصر رأس التين في الأسكندرية، و أجبر فاروق على التنازل عن العرش. كانت الحركة قاسية، و لكنها أنقذت مصرمن حمام دم. فقد كلف تغيير 1952 مصر قتيلاً واحداً بسبب تخلي فاروق عن العرش سريعاً. أما في 2011 – عندما صار تغيير الحكومة في معظم دول العالم لا تطلب سوى نزهة للإنتخاب السلمي في الصندوق – دفع شباب مصر المئات من أرواحهم و الكثير من دمائهم لأجل الديمقراطية و الحرية و انهاء الديكتاتورية . والمسئول الأول والأخير عن إزهاق هذه الأرواح الطاهرة هو حسني مبارك ونظامه.

    د.عمر عاشورأستاذ محاضر في العلوم السياسية ومدير برنامج الدراسات العليا في سياسة الشرق الأوسط في جامعة إكستر البريطانية.





    الديمقراطية المصرية والاختبار الطائفي

    إحراق كنيستين ومقتل 12 شخصاً في الصدامات الطائفية الأخيرة في منطقة إمبابة في الجيزة يدل على أن مصر تقف على فوّهة بركان. ويظهر حالياً ان الإرادة السياسية لمعالجة جذوره البنيوية غير متوفرة، ولا توجد الرغبة الجماعية لدى الشعب لتسمية الأمور على حقيقتها. فما يجري ليس بتحريض من أيادٍ أجنبية، ولا هو من صنع أفول الحزب الحاكم السابق بحت، ولا مجرّد عارض من عوارض فلتان أمني أوسع نطاقاً وأكثر شمولاً. بل إنها أزمة القيم المعيارية السائدة في المجتمع، القيم المتجذّرة التي تتيح حشد التحرّك السياسي عبر التستر وراء الدفاع عن الدين.

    جاء رد القيادة العسكرية في مصر على أحداث 7 مايو الجاري بشكل اعتقالات طالت حوالي 190 شخص والوعد بتحويلهم الى محاكم عسكرية، ما أثار انتقادات من جمعيات حقوقية مصرية. حادثة إمبابة ليست الا الأجدد في سلسلة من الأزمات بين المسلمين والأقباط. بعض الحوادث لم تتضمن عنف أو عراك ولكنها أيضاً تظهر عمق المشكلة، ومن ضمن هذه الحوادث الأزمة الجارية في محافظة قنا في صعيد مصر وجنوبها.

    توقّفت الحياة عملياً في محافظة قنا طوال عشرة أيام إثر تعيين عماد ميخائيل، وهو قبطي ولواء في جهاز أمن الدولة، محافظاً في 14 أبريل/نيسان. فقد شلّ سكّان المحافظة حركة السكّة الحديد ونظّموا تظاهرات حاشدة مطالبين باستقالته، ولم تتوقّف التظاهرات، ولو أنّها انحسرت، عقب الإعلان في 26 أبريل/نيسان عن تجميد تعيينه لمدّة ثلاثة أشهر وتكليف اللواء ماجد عبد الكريم والذي هو مسلم الاضطلاع بمسؤوليات المحافظ. وقد استمرّ المحتجّون في المطالبة باستقالة ميخائيل وتعيين محافظ مسلم، ورفعوا مطالبهم هذه خلال زيارة قام بها رئيس الوزراء عصام شرف إلى المحافظة في الثالث من مايو/أيار. لقد كشفت المواجهة المستمرّة النقاب عن التصدّعات في العلاقات بين الدولة والمواطنين، وكذلك عن المعارك الأيديولوجية والسياسية الأوسع في صفوف القوى التي تتنافس على النفوذ في مصر الجديدة.

    تاريخ مؤلم


    أثار تعيين ميخائيل احتجاجات في البداية نظراً إلى ارتباطه بنظام الرئيس السابق حسني مبارك. فقد كان ميخائيل نائب رئيس جهاز الأمن المركزي في الجيزة، وكان مسؤولاً عن أعمال العنف ضدّ المتظاهرين خلال الانتفاضة التي بدأت في 25 يناير/كانون الثاني. بعد ثلاثة أيام من اندلاع الاحتجاجات على تعيين ميخائيل، أرسل رئيس الوزراء عصام شرف وزير الداخلية منصور العيساوي (من محافظة قنا) ووزير التنمية المحلية اللواء محسن النعماني للاستماع إلى شكوى السكّان. يعيدنا تكليف لوائين من الأجهزة الأمنية القيام بالوساطة بين الحكومة والناس في قنا، بالذاكرة إلى أسلوب النظام القديم في التعامل مع القضايا السياسية على أنها قضايا أمنية.


    لم يسفر الاجتماع عن أي حل، وعلى الرغم من أن ميخائيل قدّم استقالته، رفض نائب رئيس الوزراء يحيى الجمل قبولها. فزاد المعتصمون الضغوط عبر التلويح بقطع إمدادات المياه من قنا إلى محافظة البحر الأحمر، وقطع الكهرباء عن مصانع معالجة السكّر؛ وهدّد البعض أيضاً باغتيال ميخائيل.


    عبّر معظم المعلّقين في وسائل الإعلام عن تعاطفهم مع موقف أبناء قنا، واعتبروا الحادثة جزءاً من الإهمال والإقصاء للذين تمارسهما الحكومة المركزية. وقد كتب الروائي المعروف علاء الأسواني "كانت الرسالة التي يوجّهها [نائب رئيس الوزراء] الجمل إلى أهل قنا تقول بوضوح: إن رأيكم بلا قيمة وبلا تأثير".

    ائتلاف المؤمنين


    لكن قراءة الأحداث في قنا بأنها دليل واضح عن تجاهل الحكومة المتعنِّتة للمواطنين المطالبين بحاكمية ديمقراطية تنطوي على إغفال للأجندات التي تقف خلف الاحتجاجات. فقد شاركت في اعتصامات قنا مجموعة معقَّدة من الفاعلين: زعماء القبائل، والسلفيين، والإخوان المسلمين، وقادة من الحزب الوطني الديمقراطي المنحل، وضباط من جهاز مباحث أمن الدولة الذي جرى تفكيكه والذين ساعدوا، بحسب بعض التقارير، على تعطيل السكك الحديد. ولم يكن الهدف الجامع بينهم تعيين محافظ يحترم حقوق الإنسان بل محافظ مسلم.
    كان سلف ميخائيل في منصب المحافظ، مجدي أيوب، مسيحياً أيضاً. وكان مسيحيو قنا يكرهونه إذ كان يُعتبَر بأنه يمارس التمييز ضد أبناء دينه في محاولة منه لتوليد انطباع بأنه ليس متحيّزاً لطائفته. وخلال ولايته، شهدت مصر واحداً من أكثر الهجمات الطائفية دمويةً عندما أُطلِقت النيران على أقباط يغادرون الكنيسة عشيّة عيد الميلاد القبطي في نجع حمادي في محافظة قنا في يناير/كانون الثاني 2010.


    أظهرت التعبئة السريعة للاحتجاجات عقب تعيين ميخائيل دور التيّارات السياسية في إضفاء طابع مذهبي على المعارضة. فوفقاً لتقارير صحافية، تحوّلت مساجد قنا منابر للإخوان المسلمين والسلفيين يدعون من خلالها أبناء قنا إلى رفض تعيين محافظ مسيحي لأنه لا يجوز أن تكون هناك ولاية لغير مسلم على مسلم. ومن أبرز الشعارات التي رُفِعت في الاحتجاجات العامة في قنا "إسلامية، إسلامية، لا مسيحية ولا يهودية"، "ارفع رأسك فوق، أنت مسلم"، "لا إله إلا الله، الناصري عدو الله"، "السلفيون والإخوان المسلمون يداً واحدة ضد المحافظ المسيحي"!


    فيما يركّز معلّقون بارزون على غرار فهمي هنيدي على النزاعات داخل المجموعات الإسلامية المختلفة وفي ما بينها، أظهرت أزمة قنا أن هذه المجموعات تستطيع في بعض الحالات أن تعمل معاً من أجل هدف مشترك، وهذا ما تفعله. فقد وضع الإخوان المسلمون والجماعة الإسلامية والسلفيون مكبّرات صوت أمام عاصمة المحافظة وهدّدوا بحمل السلاح جماعياً إذا لم تستجب الحكومة المركزية لمطالبهم وتعيّن محافظاً مسلماً. وأشار المعلّق السياسي ضياء رشوان إلى أن المسيحيين كانوا من أوائل المعترضين على تعيين ميخائيل معتبراً أنه دليل على أن المشاعر الطائفية ليست الدافع وراء الاحتجاجات. بيد أن التأثير السياسي للسلفيين وقوى إسلامية أخرى كان واضحاً منذ الأيام الأولى للاحتجاجات عندما زار وزير الداخلية ووزير التنمية المحلية محافظة قنا والتقيا في شكل أساسي ممثلّين عن السلفيين. لعلّ الدليل الأبرز على الطابع الطائفي وليس السياسي للأزمة يكمن في البيان الصادر عن المحتجّين رداً على قرار تجميد تعيين ميخائيل، والذي اعتبروا فيه أن عصيانهم المدني مشروع لأنه ينطلق من مطالب مشروعة فهم لا يريدون أن "تكون قنا كوتة للأقباط".


    تسلّط أزمة قنا وأحداث إمبابة الضوء على المعضلات الصعبة التي تواجهها الحكومة الانتقالية في مصر إذا استمرّ السلفيون والجماعة الإسلامية والإخوان المسلمون وقوى أخرى في النمو عبر استخدام قوّة التعبئة التي يتمتّع بها الدين. وتطرح أيضاً السؤال حول الطريقة التي ستتصرّف بها الحكومة إذا دعت أكثرية ديمقراطية في المستقبل إلى تبنّي قيماً ومبادئ غير ليبرالية أو حتى غير ديمقراطية.

    ماريز تادروس زميلة في معهد الدراسات الإنمائية في جامعة ساسكس، كتبت العديد من المقالات عن الطائفية في مصر.





    مصر: الخطوات التالية في المرحلة الانتقالية
    يُقدِّم التصويت المؤيِّد للتعديلات الدستورية في مصر في 19 مارس/آذار جرعة زخم قويّة للعملية الانتقالية التي يقودها الجيش وما يرافقها من جدول انتخابي حافل بالمواعيد. فقد كانت نسبة الإقبال كبيرة بحسب المعايير المصرية – 41 في المئة من الناخبين المؤهَّلين، أي ما لا يقل عن ضعف نسبة الإقبال في أي انتخابات وطنية أو استفتاءات سابقة – وكان النصر ساحقاً مع تأييد 77 في المئة من الناخبين للتعديلات الدستورية. وأكثر من ذلك، استقطب معارضو التعديلات عدداً كافياً من الأصوات بما يجعل النتيجة مغايرة للانتصارات الكاسحة والمتوقَّعة التي كانت سائدة في ظل النظام السلطوي. من اعترضوا على مضمون التعديلات و – بقوّة أكبر – على الآلية التي استُخدِمت في صوغها وعلى النتائج السياسية المترتِّبة عنها ساقوا حججاً قويّة، وشنّوا حملة ناشطة، ثم خسروا. وهكذا، غالب الظن أن العملية الانتقالية في مصر ستندفع نحو الأمام. ما هي الخطوات التالية؟ المسار الأساسي الذي يجب أن تسلكه الأحداث واضح، لكن المجلس الأعلى للقوّات المسلّحة لم يكشف عن الكثير من التفاصيل. كما أنه لم يتشاطر جدّياً سلطة اتّخاذ القرارات بشأن تسلسل الأحداث والقواعد المرعيّة الإجراء.

    إعلان دستوري
    دخلت المواد المعدَّلة – ومعظمها يتعلّق بتنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية – حيّز التنفيذ. بيد أن المواد الأخرى في الدستور المصري لا تزال معلَّقة. قال حكّام مصر العسكريون إنهم سيصدرون قريباً جداً إعلاناً يوضحون فيه كيف ستُمارَس السلطة خلال انتخاب مجلس الشعب والرئيس؛ وما هي أحكام دستور 1971 التي ستوضع موضع التنفيذ من جديد، وماذا سيكون دورهم.

    إجراء تغييرات في قوانين الأحزاب السياسية والنظام الانتخابي؟
    هذا وقد عمدت اللجنة التي صاغت التعديلات إلى إعداد تعديلات لقوانين عدّة كي تنسجم مع الأحكام الجديدة، بيد أن الإعلان عنها أُرجِئ إلى ما بعد الاستفتاء. من المرتقب أن يُصدر المجلس الأعلى للقوات المسلّحة هذه القوانين بموجب مرسوم، وتهدف على الأرجح إلى جعل الانتخابات أكثر حرّية ونزاهة. وقد أشار المجلس إلى أنه سيُغيّر أيضاً قانون الأحزاب السياسية بما يؤدّي إلى تسهيل إجراءات تسجيل الأحزاب الجديدة؛ والإخوان المسلمون هم من التنظيمات الكثيرة التي يُتوقَّع أن تُفيد من هذا التغيير. وقد ينتقل المجلس الأعلى للقوات المسلّحة أيضاً من النظام الانتخابي الحالي القائم على الدائرة الفردية إلى نظام التمثيل النسبي حيث يُوزَّع جزء من المقاعد على الأقل بحسب حصّة الحزب في مجموع الأصوات على صعيد البلاد بدلاً من منح المقاعد كافّة للمرشّحين الفائزين في كل دائرة انتخابية. لكن المجلس الأعلى لم يكشف إذا كان يُخطّط فعلاً لمثل هذه الخطوة.

    توقيت الانتخابات التشريعية
    أعلن المجلس الأعلى للقوات المسلّحة أن الانتخابات التشريعية ستُجرى قبل الانتخابات الرئاسية؛ والأسبوع الماضي شدّد أحد أعضائه على أنه من شأن المحاولات الهادفة إلى الحصول على انتخاب الرئيس أولاً (قال البعض إنه من المفضَّل انتخاب الرئيس أولاً لأن الانتخابات التشريعية أكثر تعقيداً بكثير من الانتخابات الرئاسية) أن تُنتِج بكل بساطة ديكتاتوراً آخر. لكن الجنرالات لمّحوا أيضاً إلى أنهم قد يرجئون الانتخابات البرلمانية من مايو/أيار أو يونيو/حزيران (بحسب الموعد الذي حدّدوه لها في البداية) إلى سبتمبر/أيلول. ويأتي هذا على الأرجح تجاوباً مع القائلين بأن المنظومة الحزبية في مصر ليست منظَّمة بما يكفي لإجراء الانتخابات في غضون شهرَين أو ثلاثة أشهر.

    الانتخابات الرئاسية
    أشار المجلس الأعلى للقوات المسلّحة في البداية إلى أنه قد يُجري الانتخابات الرئاسية في أواخر الصيف أو مطلع الخريف؛ أما إذا أرجئت الانتخابات التشريعية إلى سبتمبر/أيلول، فقد تؤجَّل الانتخابات الرئاسية إلى أواخر العام.


    بموجب إجراءات الترشيح الجديدة المنصوص عنها في التعديلات الدستورية، يستطيع الحزب الذي يفوز بمقعد واحد على الأقل في الانتخابات التشريعية المقبلة أن يُقدِّم مرشّحاً للرئاسة. (إذا تمكّن الإخوان المسلمون من تشكيل حزب وفازوا بمقاعد في مجلس الشعب، لن يُرشّحوا أحداً للرئاسة هذه المرّة كما قالوا، لكن من الممكن أن يُلقوا بثقلهم خلف أحد المرشّحين). ويمكن أن يترشّح مستقلّون للانتخابات الرئاسية إما عبر الحصول على تأييد عدد من النوّاب أو جمع تواقيع (30000) من الناخبين المؤهَّلين.

    وقد أعلن بعض الأشخاص عن نيّتهم الترشّح للانتخابات الرئاسية أبرزهم:
    عمرو موسى، وزير الخارجية الأسبق وأمين عام الجامعة العربية. يتمتّع موسى بالشعبية لمواقفه القومية العربية، لكن سيكون عليه تجاوز ارتباطه بالنظام القديم، الأمر الذي يشكّل منذ الآن عقبة أساسية في حملته.
    محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرّية وحائز على جائزة نوبل. يحظى البرادعي بالاحترام لتعبيره عن مواقف سياسية ليبرالية واضحة ولتحلّيه بالشجاعة في انتقاد نظام مبارك علناً، لكن عليه تخطّي النظرة السائدة عنه التي تعتبره صاحب أسلوب متحفِّظ ويُفرِط في مخاطبة العقل بدلاً من الوجدان. فضلاً عن ذلك، يشتكي مصريون كثر من أنه أمضى (ولا يزال يمضي) وقتاً طويلاً جداً في الخارج مما يجعله غير مناسب للترشّح للرئاسة.
    هشام البسطويسي، وهو قائد مجموعة من القضاة الذين تحدّوا نظام مبارك خلال العقد المنصرم. يحظى البسطويسي، على غرار البرادعي، باحترام واسع، لكنه لا يبدو سياسياً بالفطرة.
    أيمن نور، مؤسّس حزب الغد. حلّ نور في المرتبة الثانية بفارق كبير عن الرئيس حسني مبارك في انتخابات 2005، وأمضى الأعوام الأربعة اللاحقة في السجن على خلفية تهم ذات دوافع سياسية. يشتهر نور بأنه سياسي بالفطرة، وبأنه يُتقن شنّ الحملات الانتخابية، ويحظى بالإعجاب لمعارضته الصلبة لمبارك، لكنّه لا يتمتّع بسمعة وطنية بقدر موسى والبرادعي.
    حمدين صباحي، مؤسّس حزب الكرامة الذي انفصل عن الحزب الناصري ويسعى منذ وقت طويل للحصول على ترخيص رسمي. على غرار نور، صباحي هو منظِّم مهم في صفوف المعارضة، وسياسي موهوب، لكنه أقل شعبية من المرشّحين الآخرين.


    وضع دستور جديد
    بعد انتخاب مجلس الشعب والرئيس، يجيز الدستور المؤقّت (لا بل يفرض بحسب قراءة يُصادق عليها عضو في المجلس الأعلى للقوات المسلحة) اختيار جمعية تأسيسية لوضع مسوّدة دستور جديد. صحيح أن معارضي التعديلات الدستورية أرادوها أن تكون الخطوة الأولى وليس الأخيرة، لكنهم سيحقّقون في نهاية المطاف رغبتهم ويحصلون على دستور جديد بالكامل.


    نايثان ج. براون أستاذ علوم سياسية وعلاقات دولية في جامعة جورج واشنطن وباحث أول غير مقيم في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي.

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 15 نوفمبر 2024 - 10:06