المقدمة:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. بدايةً أشكر المركز اليمني للدراسات الاستراتيجية وعلى رأسه الأستاذ الدكتور/ محمد الأفندي، على هذه الدعوة الكريمة لكي أتحدث عن تجربة هامة، العالم كله يتحدث عنها، وكيف أصبحت تركيا الاقتصاد رقم 16 في العالم خلال ثماني سنوات؟ وكيف استطاعت تركيا أن تصل بمتوسط دخل الفرد من 3500 دولار في عام 2002 إلى 10500 دولار في عام 2008م؟ وكيف استطاعت تركيا أن تصل بحجم الإنتاج من 180 مليار في عام 2002م إلى 740 مليار دولار في عام 2008م. وهذا المبلغ يعادل حجم إنتاج الدول العربية، سنتحدث اليوم عن التجربة التركية وسنأخذ منها فقط الناحية الاقتصادية. إن التجربة غنية ولعلنا نستطيع أن ننقل منها ما يمكن أن يطبق في البلاد العربية.
نظرة على الاقتصاد العالمي:
تشكل الدول الآسيوية قوة اقتصادية لا يستهان بها، إذ تعادل 35% من حجم الإنتاج العالمي، و26% من حجم التجارة العالمية، فالصين مثلاً قوة اقتصادية كبيرة موجودة على الساحة العالمية وعدد سكانها مليار وثلاثمائة مليون نسمة، ودخلها القومي حوالي 7 ترليونات دولار، ومتوسط دخل الفرد في الصين حوالي 5300 دولار، وتُعد الصين أول دولة في العالم من حيث الصادرات.. هذه الأرقام هي مؤشرات لنمو أي دولة وتقدمها. أيضاً الاقتصاد الأوربي يعد هو الآخر اقتصاداً قوياً وهو من الاقتصادات الناهضة، يبلغ عدد سكان أوروبا 491 مليون نسمة، ودخلها القومي حوالي 14 ترليون دولار أي أن حجم اقتصاد أوروبا يعادل حجم الاقتصاد الأمريكي، ومتوسط دخل الفرد 32300دولار. الاقتصاد الأمريكي بلا منازع يعتبر أكبر اقتصاد في العالم، يبلغ عدد سكان أمريكا 304 ملايين نسمة، والدخل القومي حوالي14 ترليون دولار، ومتوسط دخل الفرد حوالي 45800 دولار، هذه نظرة سريعة على الاقتصاد العالمي.
الاقتصاد الإسلامي:
عندما نتكلم عن الاقتصاد الإسلامي فإننا نقصد 57 دولة تشكل منظمة المؤتمر الاسلامي، فكلما ذكرتُ اقتصاد العالم الإسلامي فأقصد بها دول منظمة المؤتمر الاسلامي.
منظمة المؤتمر الاسلامي هي ثاني أكبر منظمة بعد الأمم المتحدة، عدد دولها يشكل ربع سكان العالم 23%، أي حوالي مليار ونصف المليار نسمة، هناك 18 دولة من دول المنظمة مصدرة للنفط، ولكن هناك فجوة كبيرة بين دول منظمة المؤتمر الإسلامي حيث إنها لم تأخذ موقعها اللائق بها في اقتصاد العالم، فهي تمتلك حوالي 9% من حجم التجارة العالمي، أي أن ربع العالم يشكل فقط 9% من حجم الاقتصاد العالمي، 10 دول من دول المنظمة تستحوذ على 71% من الناتج المحلي و25 دولة تستحوذ على 74% من حجم صادرات الدول الإسلامية و25 دولة من الدول منخفضة الدخل، و25 دولة متوسطة الدخل، و7 دول فقط تعتبر من ذوي الدخل العالمي، وأعلى دولة من حيث دخل الفرد هي قطر التي يعتبر متوسط دخل الفرد فيها حوالي 140 ألف دولار سنوياً، وتعد السعودية في مقدمة الدول المصدرة للبترول وبعدها تأتي ماليزيا، والإمارات، وإندونيسيا، أما في مجال الواردات تعد تركيا هي أول مستورد ثم تأتي الإمارات، وماليزيا، والمملكة العربية السعودية. وهذه الأرقام مهمة جداً يجب أن يكون لدينا هدف نسعى لتحقيقه فهدفنا هو كيف ننمي الدول الإسلامية؟ كيف تأخذ موقعها؟ بما منحها الله سبحانه وتعالى من خيرات ومواقع وموارد بشرية وطاقات جغرافية.
المواد الخام:
يوجد 40% من المواد الخام في العالم الإسلامي، وأيضاً 65% من الطاقة في العالم يملكها العالم الإسلامي، إذن سكان العالم الإسلامي الذين يمثلون ربع العالم (24%) يملكون من المواد الخام 40% ويملكون 65% من الطاقة، ولكن متوسط دخل الفرد في دولنا أقل من 2000دولار. ونجد أن حجم الإنتاج في منظمة المؤتمر الإسلامي يعادل فقط 8,6% من حجم الإنتاج العالمي، إذن نحن دول مستهلكة فلابد أن نحاول أن نرفع من حجم الإنتاج وهذا الرقم يتطلب منا جميعاً أن نكون جزءاً من التنمية في العالم الإسلامي. ويجب أن نحرص على الإنتاج والتصنيع بشكل كبير، فالبلدان الأولى في حجم الإنتاج هي تركيا بحوالي 740 مليار دولار، ثم تأتي إندونيسيا، والسعودية، وإيران، والإمارات.
التجارة البينية:
تهتم منظمة المؤتمر الإسلامي ومنظمة الكومسك في كل مؤتمراتهما وكل لقاءاتهما بشيء واحد هو كيف نستطيع أن نزيد من حجم التبادل التجاري بين الدول العربية أولاً وبين الدول الإسلامية ثانياً؟ هذه من النقاط المهمة.. لكن كيف نستطيع توجيه مشترياتنا وتجارتنا واستثماراتنا مع الدول العربية والإسلامية لا تتخطى الرقم 16% بل لتصل إلى 50% فالاتحاد الأوروبي يبلغ حجم التبادل التجاري بين دوله السبعة والعشرين 68%. أليس حرياً بنا في منظمة المؤتمر الإسلامي أن نصل إلى هذا الرقم؟.
أما اقتصاد العالم العربي فصادراته بما فيها البترول تمثل 6,7% من الصادرات العالمية وأيضاً 4.3% من الواردات العالمية.
الاقتصاد التركي:
القفزة النوعية التي حققها الاقتصاد التركي خلال ثماني سنوات كان الاقتصاد جزءُ لا يتجزأ منها، ولكن الجزء الأساسي كان التنمية السياسية، والتنمية الاجتماعية، والتعليم، والإعلام.
لو تحدثنا ونقلنا صورة تركيا قبل عام 2002م لوجدنا كل ما تحدثتم به أنتم هو شبيه بما كانت تعانيه تركيا قبل 2002م، ولكن في ثماني سنوات استطاعت أن تقفز تركيا قفزة نوعية وأن تكون دولة مركزية، فلقد استطاعت رغم الأزمة المالية العالمية أن تحقق في هذه السنة نمواً كاكبر ثاني دولة في العالم بنمو مقداره 11,5%، كما أن متوسط النمو لم ينزل من 2002م إلى 2010م عن 6%.
نقول لإخواننا العرب والمسلمين، أن بإمكانكم أن تصلوا إلى ما وصلت إليه تركيا، فالأتراك ليس لديهم عصا سحرية، ولم يقوموا بما لم يقم به الأوائل، وكل ما قاموا به هو بعض الإجراءات الإدارية التي طبقوها واستطاعوا أن يصلوا خلال ثماني سنوات إلى ما وصلوا إليه.
تمتاز تركيا بموقع جغرافي حساس مهم إذ تستطيع أن تصل من إسطنبول إلى ثلاثة وخمسين دولة خلال ثلاث ساعات ونصف. تركيا متوسطه بين أسواق تجارية مهمة في العالم، السوق الأوروبية، وروسيا، ووسط آسيا، والدول العربية، والشرق الأوسط. إذن هذا الموقع الجغرافي الذي منحه الله سبحانه وتعالى لتركيا استطاعت من خلاله أن تحقق هذه النجاحات النوعية. وقد وضعت وزارة التجارة التركية هدفاً لها تسعى لتحقيقه في عام 2023م - بمناسبة مرور مائة عام على قيام الجمهورية التركية - وهو الوصول إلى رقم 500 مليار دولار صادرات، و500 مليار دولار واردات، وأن تكون تركيا اقتصادياً من العشر الدول الأولى في العالم اقتصادياً.
تستطيع تركيا - إن شاء الله - خلال السنوات القادمة أن تصل إلى هذا الهدف، فتركيا الآن في حجم اقتصادها هي في المرتبة السادسة بين الدول الأوروبية، وفي المرتبة السادسة عشرة بين دول العالم، تركيا أيضاً هي الأولى في أوروبا في مجال صناعة النسيج، والثالثة في العالم في تصنيع أجهزة التلفاز، والثالثة في العالم في تصنيع الباصات، في عام 2008م كل 1000 سيارة تصنع في العالم فإن 15 منها صنعت في تركيا هذا إلى عام2009م، وتعد تركيا الأولى في العالم في تصدير الأسمنت، والثانية في أوروبا في إنتاج الحديد والفولاذ، والأولى في العالم في تصدير حديد البناء، والثالثة في العالم في تصدير الرخام، أيضاً حجم التجارة الخارجية التركية عام 2008م كان هو الذروة إذ وصل إلى 334 مليار دولار بعد أن كان في عام 2002م 88 مليار دولار فقط، هذه القفزة النوعية استطاعت أن تحققها تركيا خلال فترة قصيرة لم تتجاوز التسع سنوات.
حجم الصادرات التركية تضاعف أربع مرات، ففي عام 2008م وصل إلى 132 مليار دولار مقارنة بـ 36 مليار دولار في عام 2002م، ومن الدول العشر الأولى التي تستقبل صادرات تركيا، ألمانيا، وفرنسا، وإنجلترا، ومن الدول العربية العراق والإمارات. أما في الواردات فشركاء تركيا في الواردات روسيا، وألمانيا، والصين، والولايات المتحدة الأمريكية.
أهم صادرات تركيا: (حوالي 20 مليار دولار) من النسيج والملابس الجاهزة، ثم وسائل النقل السيارات والحافلات (12,3 مليار دولار).
أما واردات تركيا فالأولى هي البترول والمحروقات والزيوت. وتستورد تركيا المواد الأولية لأنها تعتمد بشكل كبير على الصناعة التي تحتاج إلى مواد أولية، فتأتي البضائع ثم تصنع ويعاد تصديرها إلى دول العالم.
السياحة في تركيا:
تعد السياحة في تركيا مورداً أساسياً وتستطيع أن تجذب سنوياً حوالي 25-27مليون سائح، ويتوقّع في هذا العام أن يصل العدد إلى 30 مليون سائح، السياحة في تركيا تبدلت بعد أن كانت سياحة البحر والشمس والرمل أصبحت سياحة رجال الأعمال، والسياحة الثقافية، والسياحة الدينية، وتنوعت موارد السياحة، واستطاعت تركيا بتنويع موارد السياحة أن تصل إلى هذا الرقم، وفي بعض الأيام في إسطنبول لا تكاد تجد غرفة واحدة فارغة في فندق خمسة نجوم في إسطنبول، وقد أعلن رئيس البلدية عدة مرات أن نسبة امتلاء الفنادق في إسطنبول وصلت إلى نسبة 100%، وكان عندنا مؤتمر في إسطنبول وشارك فيه وفد يمني وبعض الوفود التي جاءت من العالم العربي والإسلامي سكنت على بعد 80 كلم من إسطنبول، تركيا بهذا تعتبر الثامنة في العالم من حيث عدد السياح الوافدين إليها.
متوسط دخل الفرد:
متوسط دخل الفرد من الموازين المهمة في ميزانية أي دولة، والمواطن التركي تضاعفت عنده القدرة الشرائية، والحكومة ركزت على شيء مهم وهو أن هناك بعض المواد الأساسية كالبيض والخبز وبعض الأساسيات التي تحاول الحكومة ألا ترتفع أسعارها بحيث يستطيع المواطنون من ذوي الدخل المحدود أن يحصلوا عليها.
الاستثمار الأجنبي من المؤشرات المهمة في كل دوله، ويدل على استقرار اقتصادي واستقرار سياسي، فرأس المال جبان لكن إذا وجدت البيئة المناسبة تجد أن المال مباشرة يتدفق إلى تلك الدولة، وقد استطاعت تركيا أن تجذب 85 مليار دولار خلال السنوات الماضية، وقد كان عدد الشركات الأجنبية في عام 2002م 5600 شركة فقط وصلت في عام 2009م إلى 23500شركة. لدينا استثمارات عربية وأغلب الاستثمارات العربية وأقواها هي الاستثمارات السعودية التي توجد في مجال الاتصالات وبعض المصانع، وبعدها الكويت، والإمارات، وقطر، ايضاً هناك مورد من موارد الدولة الأساسية هو المقاول التركي، أصبح المقاول التركي ثاني مقاول في العالم والشركات التركية الآن موجودة في العالم بشكل كبير جداً ودخلها السنوي يفوق 20- 23 مليار دولار سنوياً، ونصف هذه الشركات التركية تقريباً موجودة في روسيا، وبعدها في الشرق الأوسط، وإفريقيا وبعدها الدول الأخرى، أيضاً في اليمن المقاول التركي معروف في بناء سد مأرب، أثبت المقاول التركي نجاحاً كبيراً في مشاريع كبيرة، في مكة المكرمة وفي بعض الدول، صحيح أن (بن لادن) أنشأ الحرمين لكن من قام بالهندسة والعمالة أغلبهم تقريباً عمالة تركية ومهندسون أتراك.
انتهجت تركيا سياسة التوازن، وبهذا التوازن استطاعت أن تضاعف حجم التجارة مع العالم العربي خمسة أضعاف، ومع دول العالم الإسلامي بنفس المستوى، وهذا مؤشر هام جداً لتوجه تركيا نحو العالم العربي والإسلامي، وبالتوازن في العلاقات مع أوروبا استطاعت تركيا أن تخفض من حجم تجارتها مع الاتحاد الأوروبي من حوالي 56% إلى 43% وهو ماجعل تأثير الأزمة المالية العالمية عليها قليلاً جداً. ولو بقيت في علاقتها التجارية مع الاتحاد الأوروبي بذلك الشكل السابق لتأثرت في الأزمة الاقتصادية بشكل كبير، وهي تمد الآن يد العون لليونان التي تعاني من هذه الأزمة الاقتصادية.
من أسباب النجاحات التي حققتها تركيا: توقيع اتفاقيات تجارية حرة مع الدول العربية، وقعت اتفاقيات مع المغرب، وتونس، ومصر، وسوريا، وفلسطين، حجم التجارة مع مصر كان لا يتجاوز 400 مليون دولار والآن يتجاوز 3 مليارات دولار، مع سوريا كان حجم التجارة 300 مليون دولار والآن حوالي ملياري دولار، ونتمنى أن تسعى اليمن لتوقيع اتفاقية تجارة حرة.
أهم أسباب النهضة التركية:
1- التوازن في العلاقات الدولية، ومهندس هذه الفكرة الأستاذ الدكتور الوزير/ أحمد داوود أوغلو الذي خطط بشكل جيد، وأصدر كتابه (العمق الاستراتيجي) وتُرجم إلى اللغة العربية، ومن يرد أن يطلع على سياسة تركيا الخارجية ويعرف لماذا تتجه تركيا الآن بعلاقاتها الدولية بهذا الشكل فيجب أن يقرأ كتاب العمق الاستراتيجي للبروفيسور أحمد أوغلو، وهو من الشخصيات الأكاديمية، كما استطاع حزب العدالة والتنمية، والسيد رجب طيب أردوغان اكتشاف الطاقات الموجودة حتى في الجامعات ومنها البروفيسور أحمد أوغلو الذي عُين مستشاراً في بداية الأمر ورفض أن يدخل البرلمان، وهو الوزير الوحيد خارج عضوية البرلمان وأصر أن يكون وزيراً فقط وأصبح وزيراً بعد أن استلم عبدالله جول رئاسة تركيا، وحقق إبداعات في السياسة التركية الخارجية، ويمكنكم أن تأخذوا هذا الكتاب لتقرؤوا سياسة الانفتاح التركي على دول الجوار بعد أن كانت تركيا محاطة بأعداء. قبل عشر سنوات كاد الجيش التركي أن يجتاح سوريا والعلاقات مع اليونان متوترة، والعلاقات مع إيران كذلك، أصبحت تركيا الآن تتميز بعلاقتها مع دول الجوار، ليس هذا فحسب بل وقّعت تركيا اتفاقيةً استراتيجية مع سوريا تتكون من 52 بنداً، والآن الوزراء يتابعون هذه الاتفاقية كل ثلاثة أشهر، ورئاسة الوزراء في كل ستة أشهر تتابع كذلك، وأيضا وقعت تركيا اتفاقيات إستراتيجية مع اليونان، ومع العراق، ومع ليبيا وبعض دول العالم، وكانت آخر الاتفاقيات مع روسيا، ومع الصين، وتم إلغاء التأشيرة بين روسيا وتركيا. إذنْ فتح الأسواق الجديدة، والانفتاح على دول الجوار، وتصفية الأجواء معها تعتبر هذه الأسباب من أهم مميزات هذا النجاح الذي تميزت به تركيا خلال الفترة السابقة.
2- وقعت تركيا اتفاقيات التجارة الحرة وآخر هذه الاتفاقيات كانت مع مصر، والآن هناك أكثر من 340 شركة تركية في مصر تنشط بحجم 2 مليار دولار كأكبر استثمار خارجي تركي. وأنا أرى أن البنية التحتية في اليمن ممكن أن تكون كالبنية الموجودة في مصر ويمكن توقيع اتفاقية لجذب الشركات التركية إلى اليمن للتصنيع فسوق اليمن سوق كبير وممكن أن يكون إضافهً نوعيةً للشركات التركية.
3- عند قراءتنا للتاريخ نجد أنه لم تقم في العالم تنمية بدون مساعدة القطاع العام أو قطاع الدولة، وما سمعنا أن هناك دولة بنت نفسها بدون مساعدة القطاع الخاص، وبدون اعتماد على العمل الطوعي والمؤسسات الطوعية فتقوية العمل المدني هو جزء لا يستهان به في التنمية التي حصلت في تركيا.
وهناك تجمع لرجال الأعمال الأتراك، استطاعوا أن يشكلوا تجمعاً بدأ بخمسة أشخاص في عام 1990م والآن هذه الجمعية اسمها (جمعية رجال الأعمال والمصنعين المستقلين) وعدد أعضائها يصل إلى 500 ألف عضو، وعدد الشركات حوالي 15 ألف شركة، تمثل 15% من الدخل القومي التركي. لقد وضعنا لنا هدفاً وهو كيف نجمع أصحاب رؤوس الأموال مع أصحاب الخبرات مع أصحاب المشاريع في نشاطات كثيرة لكي يؤسسوا شراكات ومصانع وشركات اقتصادية.
4- نعتمد بشكل كبير على تنمية القدرات البشرية. الآن الحمد لله أعضاء جمعية (الموصياد) موجودون في كل المؤسسات الاقتصادية التركية وحتى كثير من الوزراء الحاليين كانوا أعضاء ومازالوا أعضاء في جمعية الموصياد، منهم رئيس الوزراء وكذلك رئيس الجمهورية.
5- نحن لا نعمل على تطوير الأعضاء فحسب بل نعمل على تطوير أنظمة العمل، ونعمل على تنمية الأسواق وتطوير أنظمة التبادل التجاري، وإحياء القيم الإنسانية والأخلاقية في التعامل التجاري، والله لو وجدت القيم الأخلاقية لدى رؤوس الأموال لما حصلت الأزمة الاقتصادية العالمية، لقد رفعنا في تركيا شعار (أخلاق عالية وتقنية راقية)، ومن أهم نشاطات هذه الجمعية معرض الموصياد الدولي الذي حضره حوالي 160 ألف زائر، حضره رئيس جمهورية تركيا، وافتتحه رئيس الوزراء، وهذا المعرض يشمل على استاندات وعلى أجنحة للدول الإسلامية، وهو معرض كبير كان هذا العام من المعارض الناجحة، وأخيراً منتدى الأعمال الدولي الذي يضم منظمات طوعية في العالم الإسلامي، كمنظمة الموصياد وهذا المنتدى أُسس في عام 1995م في باكستان ويعقد في كل سنة تحت رعاية رئيس وزراء تركيا، ويحضره أكثر من 30 وزير تجارة، وهذا المؤتمر هو البنية التحتية لمنظمة الأوبسك التابعة لمنظمة المؤتمر الإسلامي.
ـــــــ
* ورقة عمل قدمت في المؤتمر الاقتصادي اليمني 2010م الذي أقامه المركز اليمني للدراسات الإستراتيجية.
** نائب رئيس منتدى رجال الأعمال الدولي.
--------------------
هذه الدراسة تعبر عن رأي كاتبها
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. بدايةً أشكر المركز اليمني للدراسات الاستراتيجية وعلى رأسه الأستاذ الدكتور/ محمد الأفندي، على هذه الدعوة الكريمة لكي أتحدث عن تجربة هامة، العالم كله يتحدث عنها، وكيف أصبحت تركيا الاقتصاد رقم 16 في العالم خلال ثماني سنوات؟ وكيف استطاعت تركيا أن تصل بمتوسط دخل الفرد من 3500 دولار في عام 2002 إلى 10500 دولار في عام 2008م؟ وكيف استطاعت تركيا أن تصل بحجم الإنتاج من 180 مليار في عام 2002م إلى 740 مليار دولار في عام 2008م. وهذا المبلغ يعادل حجم إنتاج الدول العربية، سنتحدث اليوم عن التجربة التركية وسنأخذ منها فقط الناحية الاقتصادية. إن التجربة غنية ولعلنا نستطيع أن ننقل منها ما يمكن أن يطبق في البلاد العربية.
نظرة على الاقتصاد العالمي:
تشكل الدول الآسيوية قوة اقتصادية لا يستهان بها، إذ تعادل 35% من حجم الإنتاج العالمي، و26% من حجم التجارة العالمية، فالصين مثلاً قوة اقتصادية كبيرة موجودة على الساحة العالمية وعدد سكانها مليار وثلاثمائة مليون نسمة، ودخلها القومي حوالي 7 ترليونات دولار، ومتوسط دخل الفرد في الصين حوالي 5300 دولار، وتُعد الصين أول دولة في العالم من حيث الصادرات.. هذه الأرقام هي مؤشرات لنمو أي دولة وتقدمها. أيضاً الاقتصاد الأوربي يعد هو الآخر اقتصاداً قوياً وهو من الاقتصادات الناهضة، يبلغ عدد سكان أوروبا 491 مليون نسمة، ودخلها القومي حوالي 14 ترليون دولار أي أن حجم اقتصاد أوروبا يعادل حجم الاقتصاد الأمريكي، ومتوسط دخل الفرد 32300دولار. الاقتصاد الأمريكي بلا منازع يعتبر أكبر اقتصاد في العالم، يبلغ عدد سكان أمريكا 304 ملايين نسمة، والدخل القومي حوالي14 ترليون دولار، ومتوسط دخل الفرد حوالي 45800 دولار، هذه نظرة سريعة على الاقتصاد العالمي.
الاقتصاد الإسلامي:
عندما نتكلم عن الاقتصاد الإسلامي فإننا نقصد 57 دولة تشكل منظمة المؤتمر الاسلامي، فكلما ذكرتُ اقتصاد العالم الإسلامي فأقصد بها دول منظمة المؤتمر الاسلامي.
منظمة المؤتمر الاسلامي هي ثاني أكبر منظمة بعد الأمم المتحدة، عدد دولها يشكل ربع سكان العالم 23%، أي حوالي مليار ونصف المليار نسمة، هناك 18 دولة من دول المنظمة مصدرة للنفط، ولكن هناك فجوة كبيرة بين دول منظمة المؤتمر الإسلامي حيث إنها لم تأخذ موقعها اللائق بها في اقتصاد العالم، فهي تمتلك حوالي 9% من حجم التجارة العالمي، أي أن ربع العالم يشكل فقط 9% من حجم الاقتصاد العالمي، 10 دول من دول المنظمة تستحوذ على 71% من الناتج المحلي و25 دولة تستحوذ على 74% من حجم صادرات الدول الإسلامية و25 دولة من الدول منخفضة الدخل، و25 دولة متوسطة الدخل، و7 دول فقط تعتبر من ذوي الدخل العالمي، وأعلى دولة من حيث دخل الفرد هي قطر التي يعتبر متوسط دخل الفرد فيها حوالي 140 ألف دولار سنوياً، وتعد السعودية في مقدمة الدول المصدرة للبترول وبعدها تأتي ماليزيا، والإمارات، وإندونيسيا، أما في مجال الواردات تعد تركيا هي أول مستورد ثم تأتي الإمارات، وماليزيا، والمملكة العربية السعودية. وهذه الأرقام مهمة جداً يجب أن يكون لدينا هدف نسعى لتحقيقه فهدفنا هو كيف ننمي الدول الإسلامية؟ كيف تأخذ موقعها؟ بما منحها الله سبحانه وتعالى من خيرات ومواقع وموارد بشرية وطاقات جغرافية.
المواد الخام:
يوجد 40% من المواد الخام في العالم الإسلامي، وأيضاً 65% من الطاقة في العالم يملكها العالم الإسلامي، إذن سكان العالم الإسلامي الذين يمثلون ربع العالم (24%) يملكون من المواد الخام 40% ويملكون 65% من الطاقة، ولكن متوسط دخل الفرد في دولنا أقل من 2000دولار. ونجد أن حجم الإنتاج في منظمة المؤتمر الإسلامي يعادل فقط 8,6% من حجم الإنتاج العالمي، إذن نحن دول مستهلكة فلابد أن نحاول أن نرفع من حجم الإنتاج وهذا الرقم يتطلب منا جميعاً أن نكون جزءاً من التنمية في العالم الإسلامي. ويجب أن نحرص على الإنتاج والتصنيع بشكل كبير، فالبلدان الأولى في حجم الإنتاج هي تركيا بحوالي 740 مليار دولار، ثم تأتي إندونيسيا، والسعودية، وإيران، والإمارات.
التجارة البينية:
تهتم منظمة المؤتمر الإسلامي ومنظمة الكومسك في كل مؤتمراتهما وكل لقاءاتهما بشيء واحد هو كيف نستطيع أن نزيد من حجم التبادل التجاري بين الدول العربية أولاً وبين الدول الإسلامية ثانياً؟ هذه من النقاط المهمة.. لكن كيف نستطيع توجيه مشترياتنا وتجارتنا واستثماراتنا مع الدول العربية والإسلامية لا تتخطى الرقم 16% بل لتصل إلى 50% فالاتحاد الأوروبي يبلغ حجم التبادل التجاري بين دوله السبعة والعشرين 68%. أليس حرياً بنا في منظمة المؤتمر الإسلامي أن نصل إلى هذا الرقم؟.
أما اقتصاد العالم العربي فصادراته بما فيها البترول تمثل 6,7% من الصادرات العالمية وأيضاً 4.3% من الواردات العالمية.
الاقتصاد التركي:
القفزة النوعية التي حققها الاقتصاد التركي خلال ثماني سنوات كان الاقتصاد جزءُ لا يتجزأ منها، ولكن الجزء الأساسي كان التنمية السياسية، والتنمية الاجتماعية، والتعليم، والإعلام.
لو تحدثنا ونقلنا صورة تركيا قبل عام 2002م لوجدنا كل ما تحدثتم به أنتم هو شبيه بما كانت تعانيه تركيا قبل 2002م، ولكن في ثماني سنوات استطاعت أن تقفز تركيا قفزة نوعية وأن تكون دولة مركزية، فلقد استطاعت رغم الأزمة المالية العالمية أن تحقق في هذه السنة نمواً كاكبر ثاني دولة في العالم بنمو مقداره 11,5%، كما أن متوسط النمو لم ينزل من 2002م إلى 2010م عن 6%.
نقول لإخواننا العرب والمسلمين، أن بإمكانكم أن تصلوا إلى ما وصلت إليه تركيا، فالأتراك ليس لديهم عصا سحرية، ولم يقوموا بما لم يقم به الأوائل، وكل ما قاموا به هو بعض الإجراءات الإدارية التي طبقوها واستطاعوا أن يصلوا خلال ثماني سنوات إلى ما وصلوا إليه.
تمتاز تركيا بموقع جغرافي حساس مهم إذ تستطيع أن تصل من إسطنبول إلى ثلاثة وخمسين دولة خلال ثلاث ساعات ونصف. تركيا متوسطه بين أسواق تجارية مهمة في العالم، السوق الأوروبية، وروسيا، ووسط آسيا، والدول العربية، والشرق الأوسط. إذن هذا الموقع الجغرافي الذي منحه الله سبحانه وتعالى لتركيا استطاعت من خلاله أن تحقق هذه النجاحات النوعية. وقد وضعت وزارة التجارة التركية هدفاً لها تسعى لتحقيقه في عام 2023م - بمناسبة مرور مائة عام على قيام الجمهورية التركية - وهو الوصول إلى رقم 500 مليار دولار صادرات، و500 مليار دولار واردات، وأن تكون تركيا اقتصادياً من العشر الدول الأولى في العالم اقتصادياً.
تستطيع تركيا - إن شاء الله - خلال السنوات القادمة أن تصل إلى هذا الهدف، فتركيا الآن في حجم اقتصادها هي في المرتبة السادسة بين الدول الأوروبية، وفي المرتبة السادسة عشرة بين دول العالم، تركيا أيضاً هي الأولى في أوروبا في مجال صناعة النسيج، والثالثة في العالم في تصنيع أجهزة التلفاز، والثالثة في العالم في تصنيع الباصات، في عام 2008م كل 1000 سيارة تصنع في العالم فإن 15 منها صنعت في تركيا هذا إلى عام2009م، وتعد تركيا الأولى في العالم في تصدير الأسمنت، والثانية في أوروبا في إنتاج الحديد والفولاذ، والأولى في العالم في تصدير حديد البناء، والثالثة في العالم في تصدير الرخام، أيضاً حجم التجارة الخارجية التركية عام 2008م كان هو الذروة إذ وصل إلى 334 مليار دولار بعد أن كان في عام 2002م 88 مليار دولار فقط، هذه القفزة النوعية استطاعت أن تحققها تركيا خلال فترة قصيرة لم تتجاوز التسع سنوات.
حجم الصادرات التركية تضاعف أربع مرات، ففي عام 2008م وصل إلى 132 مليار دولار مقارنة بـ 36 مليار دولار في عام 2002م، ومن الدول العشر الأولى التي تستقبل صادرات تركيا، ألمانيا، وفرنسا، وإنجلترا، ومن الدول العربية العراق والإمارات. أما في الواردات فشركاء تركيا في الواردات روسيا، وألمانيا، والصين، والولايات المتحدة الأمريكية.
أهم صادرات تركيا: (حوالي 20 مليار دولار) من النسيج والملابس الجاهزة، ثم وسائل النقل السيارات والحافلات (12,3 مليار دولار).
أما واردات تركيا فالأولى هي البترول والمحروقات والزيوت. وتستورد تركيا المواد الأولية لأنها تعتمد بشكل كبير على الصناعة التي تحتاج إلى مواد أولية، فتأتي البضائع ثم تصنع ويعاد تصديرها إلى دول العالم.
السياحة في تركيا:
تعد السياحة في تركيا مورداً أساسياً وتستطيع أن تجذب سنوياً حوالي 25-27مليون سائح، ويتوقّع في هذا العام أن يصل العدد إلى 30 مليون سائح، السياحة في تركيا تبدلت بعد أن كانت سياحة البحر والشمس والرمل أصبحت سياحة رجال الأعمال، والسياحة الثقافية، والسياحة الدينية، وتنوعت موارد السياحة، واستطاعت تركيا بتنويع موارد السياحة أن تصل إلى هذا الرقم، وفي بعض الأيام في إسطنبول لا تكاد تجد غرفة واحدة فارغة في فندق خمسة نجوم في إسطنبول، وقد أعلن رئيس البلدية عدة مرات أن نسبة امتلاء الفنادق في إسطنبول وصلت إلى نسبة 100%، وكان عندنا مؤتمر في إسطنبول وشارك فيه وفد يمني وبعض الوفود التي جاءت من العالم العربي والإسلامي سكنت على بعد 80 كلم من إسطنبول، تركيا بهذا تعتبر الثامنة في العالم من حيث عدد السياح الوافدين إليها.
متوسط دخل الفرد:
متوسط دخل الفرد من الموازين المهمة في ميزانية أي دولة، والمواطن التركي تضاعفت عنده القدرة الشرائية، والحكومة ركزت على شيء مهم وهو أن هناك بعض المواد الأساسية كالبيض والخبز وبعض الأساسيات التي تحاول الحكومة ألا ترتفع أسعارها بحيث يستطيع المواطنون من ذوي الدخل المحدود أن يحصلوا عليها.
الاستثمار الأجنبي من المؤشرات المهمة في كل دوله، ويدل على استقرار اقتصادي واستقرار سياسي، فرأس المال جبان لكن إذا وجدت البيئة المناسبة تجد أن المال مباشرة يتدفق إلى تلك الدولة، وقد استطاعت تركيا أن تجذب 85 مليار دولار خلال السنوات الماضية، وقد كان عدد الشركات الأجنبية في عام 2002م 5600 شركة فقط وصلت في عام 2009م إلى 23500شركة. لدينا استثمارات عربية وأغلب الاستثمارات العربية وأقواها هي الاستثمارات السعودية التي توجد في مجال الاتصالات وبعض المصانع، وبعدها الكويت، والإمارات، وقطر، ايضاً هناك مورد من موارد الدولة الأساسية هو المقاول التركي، أصبح المقاول التركي ثاني مقاول في العالم والشركات التركية الآن موجودة في العالم بشكل كبير جداً ودخلها السنوي يفوق 20- 23 مليار دولار سنوياً، ونصف هذه الشركات التركية تقريباً موجودة في روسيا، وبعدها في الشرق الأوسط، وإفريقيا وبعدها الدول الأخرى، أيضاً في اليمن المقاول التركي معروف في بناء سد مأرب، أثبت المقاول التركي نجاحاً كبيراً في مشاريع كبيرة، في مكة المكرمة وفي بعض الدول، صحيح أن (بن لادن) أنشأ الحرمين لكن من قام بالهندسة والعمالة أغلبهم تقريباً عمالة تركية ومهندسون أتراك.
انتهجت تركيا سياسة التوازن، وبهذا التوازن استطاعت أن تضاعف حجم التجارة مع العالم العربي خمسة أضعاف، ومع دول العالم الإسلامي بنفس المستوى، وهذا مؤشر هام جداً لتوجه تركيا نحو العالم العربي والإسلامي، وبالتوازن في العلاقات مع أوروبا استطاعت تركيا أن تخفض من حجم تجارتها مع الاتحاد الأوروبي من حوالي 56% إلى 43% وهو ماجعل تأثير الأزمة المالية العالمية عليها قليلاً جداً. ولو بقيت في علاقتها التجارية مع الاتحاد الأوروبي بذلك الشكل السابق لتأثرت في الأزمة الاقتصادية بشكل كبير، وهي تمد الآن يد العون لليونان التي تعاني من هذه الأزمة الاقتصادية.
من أسباب النجاحات التي حققتها تركيا: توقيع اتفاقيات تجارية حرة مع الدول العربية، وقعت اتفاقيات مع المغرب، وتونس، ومصر، وسوريا، وفلسطين، حجم التجارة مع مصر كان لا يتجاوز 400 مليون دولار والآن يتجاوز 3 مليارات دولار، مع سوريا كان حجم التجارة 300 مليون دولار والآن حوالي ملياري دولار، ونتمنى أن تسعى اليمن لتوقيع اتفاقية تجارة حرة.
أهم أسباب النهضة التركية:
1- التوازن في العلاقات الدولية، ومهندس هذه الفكرة الأستاذ الدكتور الوزير/ أحمد داوود أوغلو الذي خطط بشكل جيد، وأصدر كتابه (العمق الاستراتيجي) وتُرجم إلى اللغة العربية، ومن يرد أن يطلع على سياسة تركيا الخارجية ويعرف لماذا تتجه تركيا الآن بعلاقاتها الدولية بهذا الشكل فيجب أن يقرأ كتاب العمق الاستراتيجي للبروفيسور أحمد أوغلو، وهو من الشخصيات الأكاديمية، كما استطاع حزب العدالة والتنمية، والسيد رجب طيب أردوغان اكتشاف الطاقات الموجودة حتى في الجامعات ومنها البروفيسور أحمد أوغلو الذي عُين مستشاراً في بداية الأمر ورفض أن يدخل البرلمان، وهو الوزير الوحيد خارج عضوية البرلمان وأصر أن يكون وزيراً فقط وأصبح وزيراً بعد أن استلم عبدالله جول رئاسة تركيا، وحقق إبداعات في السياسة التركية الخارجية، ويمكنكم أن تأخذوا هذا الكتاب لتقرؤوا سياسة الانفتاح التركي على دول الجوار بعد أن كانت تركيا محاطة بأعداء. قبل عشر سنوات كاد الجيش التركي أن يجتاح سوريا والعلاقات مع اليونان متوترة، والعلاقات مع إيران كذلك، أصبحت تركيا الآن تتميز بعلاقتها مع دول الجوار، ليس هذا فحسب بل وقّعت تركيا اتفاقيةً استراتيجية مع سوريا تتكون من 52 بنداً، والآن الوزراء يتابعون هذه الاتفاقية كل ثلاثة أشهر، ورئاسة الوزراء في كل ستة أشهر تتابع كذلك، وأيضا وقعت تركيا اتفاقيات إستراتيجية مع اليونان، ومع العراق، ومع ليبيا وبعض دول العالم، وكانت آخر الاتفاقيات مع روسيا، ومع الصين، وتم إلغاء التأشيرة بين روسيا وتركيا. إذنْ فتح الأسواق الجديدة، والانفتاح على دول الجوار، وتصفية الأجواء معها تعتبر هذه الأسباب من أهم مميزات هذا النجاح الذي تميزت به تركيا خلال الفترة السابقة.
2- وقعت تركيا اتفاقيات التجارة الحرة وآخر هذه الاتفاقيات كانت مع مصر، والآن هناك أكثر من 340 شركة تركية في مصر تنشط بحجم 2 مليار دولار كأكبر استثمار خارجي تركي. وأنا أرى أن البنية التحتية في اليمن ممكن أن تكون كالبنية الموجودة في مصر ويمكن توقيع اتفاقية لجذب الشركات التركية إلى اليمن للتصنيع فسوق اليمن سوق كبير وممكن أن يكون إضافهً نوعيةً للشركات التركية.
3- عند قراءتنا للتاريخ نجد أنه لم تقم في العالم تنمية بدون مساعدة القطاع العام أو قطاع الدولة، وما سمعنا أن هناك دولة بنت نفسها بدون مساعدة القطاع الخاص، وبدون اعتماد على العمل الطوعي والمؤسسات الطوعية فتقوية العمل المدني هو جزء لا يستهان به في التنمية التي حصلت في تركيا.
وهناك تجمع لرجال الأعمال الأتراك، استطاعوا أن يشكلوا تجمعاً بدأ بخمسة أشخاص في عام 1990م والآن هذه الجمعية اسمها (جمعية رجال الأعمال والمصنعين المستقلين) وعدد أعضائها يصل إلى 500 ألف عضو، وعدد الشركات حوالي 15 ألف شركة، تمثل 15% من الدخل القومي التركي. لقد وضعنا لنا هدفاً وهو كيف نجمع أصحاب رؤوس الأموال مع أصحاب الخبرات مع أصحاب المشاريع في نشاطات كثيرة لكي يؤسسوا شراكات ومصانع وشركات اقتصادية.
4- نعتمد بشكل كبير على تنمية القدرات البشرية. الآن الحمد لله أعضاء جمعية (الموصياد) موجودون في كل المؤسسات الاقتصادية التركية وحتى كثير من الوزراء الحاليين كانوا أعضاء ومازالوا أعضاء في جمعية الموصياد، منهم رئيس الوزراء وكذلك رئيس الجمهورية.
5- نحن لا نعمل على تطوير الأعضاء فحسب بل نعمل على تطوير أنظمة العمل، ونعمل على تنمية الأسواق وتطوير أنظمة التبادل التجاري، وإحياء القيم الإنسانية والأخلاقية في التعامل التجاري، والله لو وجدت القيم الأخلاقية لدى رؤوس الأموال لما حصلت الأزمة الاقتصادية العالمية، لقد رفعنا في تركيا شعار (أخلاق عالية وتقنية راقية)، ومن أهم نشاطات هذه الجمعية معرض الموصياد الدولي الذي حضره حوالي 160 ألف زائر، حضره رئيس جمهورية تركيا، وافتتحه رئيس الوزراء، وهذا المعرض يشمل على استاندات وعلى أجنحة للدول الإسلامية، وهو معرض كبير كان هذا العام من المعارض الناجحة، وأخيراً منتدى الأعمال الدولي الذي يضم منظمات طوعية في العالم الإسلامي، كمنظمة الموصياد وهذا المنتدى أُسس في عام 1995م في باكستان ويعقد في كل سنة تحت رعاية رئيس وزراء تركيا، ويحضره أكثر من 30 وزير تجارة، وهذا المؤتمر هو البنية التحتية لمنظمة الأوبسك التابعة لمنظمة المؤتمر الإسلامي.
ـــــــ
* ورقة عمل قدمت في المؤتمر الاقتصادي اليمني 2010م الذي أقامه المركز اليمني للدراسات الإستراتيجية.
** نائب رئيس منتدى رجال الأعمال الدولي.
--------------------
هذه الدراسة تعبر عن رأي كاتبها