يعتبر كتاب نظرية الامن الاسرائيلي للدكتور محمد المصري اضافة حقيقية ومهمة للمكتبة الامنية العربية نظرا لما عرف عن الكاتب من دراية وبحث مهني وعلمي رصين في كافة مؤلفاته .
ودنيا الوطن تنشر النص الكامل للكتاب نظرية الامن الاسرائيلي لتحقيق الفائدة لدى القراء والمختصين:
مقدمة
هل يعتبر مفهوم الأمن القومي حقيقة أم مجرد خيال؟ وهل الأمن القومي الفلسطيني من أولويات فكر المسؤولين وصناع القرار في السلطة الوطنية التي لم تكتمل سيادتها بعد على الأراضي الفلسطينية؟
لقد حددت إسرائيل أولويات أمنها القومي منذ نشأتها، بل إن قادتها قد وضعوا فرضيات هذه النظرية قبل قيام إسرائيل، ليتوصلوا لاحقاً إلى وضع الإستراتيجيات ورسم السياسات للرد على تلك الفرضيات.
إن هذا الكتاب يتعرض لمسألة الأمن القومي الإسرائيلي بالتحليل والدراسة، ويتتبع تسلسل تطورها حسب الظروف والأحوال في محاولة متواصلة من القادة السياسيين والعسكريين ونخبة من المفكرين لتصور احتمالات الأخطار التي قد تهدد إسرائيل في وجودها أو في تقدمها وإزدهارها.
وفي هذا السياق يتتبع الكتاب تطور مفهوم الأمن القومي الإستراتيجي الإسرائيلي الواسع، بدءاً من الأمن العسكري إلى الأمن الغذائي، وهدف هذه الدراسة هو تحفيز الفكر الفلسطيني أولاً والعربي عامة على الشروع الفوري في التفكير في المستقبل والتحديات التي تواجهنا، بدءاً بوضع المفهوم العام والإطار الفكري لنظرية الأمن القومي، من خلال وضع الفرضيات التي تهدد الأمن القومي الفلسطيني الخارجية والداخلية، وصولاً إلى النظرية والإطار العام، مع إعطاء الأولوية لجعل هذه العملية دائمة ومستمرة تأخذ بعين الاعتبار المتغيرات والمستجدات على الساحة الداخلية والخارجية، فالنظرية الأمنية ليست نظرية جامدة مقدسة بل هي رؤية واقعية متجددة ونظرة شاملة، تحدد الأخطار وتضع الحلول وتسعى لتوفير الإمكانيات اللازمة لهذه الحلول.
فإذا كان مفهوم الأمن القومي هو ما تقوم به الدولة من إجراءات في حدود طاقتها للحفاظ على كيانها ومصالحها في الحاضر والمستقبل مع مراعاة المتغيرات المحلية والدولية، فأين يقع مفهوم الأمن القومي في الفكر الفلسطيني؟ هل يدخل في إطار المبادئ فيكون متماهياً مع المفهوم العربي للأمن القومي؟ أم يقع في إطار القيم فيكون متماهياً مع مفهوم المصلحة الوطنية؟
من خلال هذين الموقعين فإنه يتوجب على الفكر الأمني الفلسطيني أن ينظر للأمن القومي كتطبيق مؤقت للأمن القومي العربي وليس بديلاً عنه. إن الأمن القومي العربي يدور في مفهوم يتضمن قدرة الدول العربية على حماية الكيان الذاتي للدول العربية من أية أخطار ناتجة أو محتملة، مما يعني أن الأمن القومي العربي يتخطى المفهوم العام لتحقيق الفكرة القومية الجماعية، ويهتم بمفهوم التجزئة والقطرية، حيث تهتم كل دولة بأمنها ومصالحها الذاتية. لذلك نجد أن كل دولة عربية ترسم سياستها الإقليمية والدولية وتنفذها على المستوى الأحادي، ففي عقد الأربعينيات والخمسينيات كان طموح العرب هو التحرر من المحتل الأجنبي وتحقيق الوحدة العربية، وفي الستينيات ومطلع السبعينيات كان طموح العرب تحقيق التضامن العربي، وبعد ذلك أصبح الطموح هو وقف حالة الإقتتال والتنازع والصراع .
فأين يقع الطموح الفلسطيني في تحقيق الأمن القومي للكيان الفلسطيني؟
إن المعنيين بالأمن القومي الفلسطيني يتوجب عليهم الأخذ بعين الإعتبار أهم التحديات التي تعترض وتواجه أمن ومستقبل هذا الكيان، ومن أهمها:
1. وجود إسرائيل القائم على الأرض الفلسطينية، وخطرها لا يكمن فقط في احتلالها للأرض الفلسطينية والعربية، بل في الأهداف العليا للحركة الصهيونية، القائمة على التوسع واحتلال المزيد من الأراضي العربية، ويمكن أن نضيف إلى التهديدات العسكرية الإسرائيلية المباشرة، تهديدات أخرى تتمثل في تضييق الخناق على المصالح والأهداف الوطنية الفلسطينية.
2. في المجال السياسي: يعاني الكيان الفلسطيني من مظاهر التوتر وعدم الاستقرار الداخلي الناتج عن الصراع الحزبي وعدم التوصل إلى سياسة إستراتيجية موحدة للمواجهة مع إسرائيل، وهذا ينعكس أيضاً على العلاقات مع الدول العربية ودول العالم بشكل عام.
3. في المجال الإقتصادي: يعاني الوضع الإقتصادي في فلسطين من غياب التخطيط التنموي المتكامل مع الأخذ بعين الإعتبار قلة الموارد وتبعية الإقتصاد الفلسطيني للإقتصاد الإسرائيلي، بل الأخطر من ذلك تبعيته للأمن الإسرائيلي. ناهيك عن البطالة وتدمير القطاع الزراعي نتيجة السياسات الإسرائيلية وخاصة سياسة العقاب الجماعي، كما أن الوضع في القطاع الصناعي أشد تعقيداً وسوءاً.
4. في المجال الإجتماعي: تعرض النسيج الإجتماعي في السنوات الأخيرة إلى تهديد داخلي نتيجة التجاذبات السياسية والأوضاع الإقتصادية.
5. لعل أهم هذه التحديات التي تواجه وضع إستراتيجية أمن قومي فلسطيني هو غياب صفة الدولة عن هذا الكيان، والتحدي الآخر يكمن في غياب الهدف الإستراتيجي الموحد للحركة الوطنية الفلسطينية، فكل فصيل يحاول أن يملي رؤيته ويفرضها. وفي غياب هذا المفهوم الواضح يضيع الجهد المبذول لإيجاد إستراتيجية قومية للأمن الفلسطيني.
يندرج المفهوم الأمني في التقاليد العسكرية الإسرائيلية ضمن مجموعة من العناصر التي تُعبّر عن ذاتها في إطار عام من المبالغة، لم تعهدها دول العالم قديماً أو حديثاً، وهذا الإطار العام يهدف أول ما يهدف إلى مجابهة أية محاولة عربية لإتخاذ بعض التدابير الدفاعية، ضد أسلحة الدمار الشامل التي تنفرد إسرائيل بامتلاكها في المنطقة، أو حتى إتخاذ بعض الإجراءات لإعادة ترتيب البيت العربي في مسيرة السلام. وعلى النقيض من ذلك، فإن إسرائيل تسارع إلى وضع العراقيل والمتاهات وافتعال الأعذار لكي تحبط مساعي العرب والفلسطينيين لتحقيق السلام الشامل والعادل، وفي الوقت ذاته تضع إسرائيل إمكاناتها الإعلامية والعسكرية لإحباط نهوض أية قوة عسكرية عربية، الأمر الذي من شأنه أن يشحذ الهمم لتغيير الخيار الإستراتيجي العربي الوحيد، ألا وهو خيار السلام إلى خيار أو خيارات أخرى قد تمثل منعطفاً خطيراً بالفعل على الدولة العبرية.
كما يندرج ذات المفهوم ضمن سياق مرتبط بالنظرة الإسرائيلية إلى الذات ونظرة اليهود إلى غير اليهود، فالنظرة إلى الذات تعني ذلك الشعور النفسي الداخلي للإنسان اليهودي القادم من الخارج بحثاً عن تحقيق الذات بعيداً عن "موروث الهولوكست"، و الاغتراب في أرض الميعاد في أجواء دولة عسكرية تعتمد على القوة - في المقام الأول - لاستمرارية وجودها والحفاظ على ما سلبته من الأراضي العربية، وهي بذلك تكون نظرة مستغرقة في البحث عن الأمن أولاً وقبل كل شيء، وبالمقابل نجد نظرة اليهود إلى غير اليهود نظرة تشوبها مقومات الإستعلاء الحذر وعدم الثقة انطلاقاً من دوافع دينية صرفة أو من دوافع أفرزتها دواعي احتلال أراضي الغير، واستيطان الأرض وإبادة شعبها أو تهجيره في سياق يُذكّر بالمعتدي النازي، وذلك إلى الحد الذي يعبر عنه مصطلح "الصهيونازية" أصدق تعبير عن هذا التوحد.
وفي ضوء ذلك لا يمكن النظر إلى نظرية الأمن الإسرائيلي باعتبارها أداة للحماية الذاتية كما عبرت عن ذلك تاريخياً تلك التقاليد السياسية الثابتة، التي اتبعتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، إنما يمكن التعامل معها كونها المنطق الفكري الذي يراد به تبرير سياسة السيطرة وفرض الهيمنة الكاملة على الأرض ومن حولها من دول الجوار، بهدف ردع أية محاولات لاختراقات أمنية محتملة لاستعادة الحقوق المسلوبة.
وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى أن مفهوم الأمن الإسرائيلي يرتبط دراماتيكياً بالنظرة الإسرائيلية إلى الذات ونظرة اليهود إلى أنفسهم، وهو الأمر الذي يؤدي إلى توظيف التفوق العسكري لتحقيق التوازن والاستقرار كما تراه المؤسسة العسكرية الحاكمة في إسرائيل. "غادة كنفاني، نظرية الأمن الإسرائيلي". وتحديداً فهو يربط مفهوم الاستقرار بالردع والقدرة على التهديد به ومن ثم إجبار الطرف الآخر (دول الجوار العرب) على الاستجابة لما تراه إسرائيل مناسباً لأجوائها.
كما يمكن أن يتشكل مفهوم الأمن الإسرائيلي بصورة تعتمد على تفوق قدرته العسكرية في المنطقة، الأمر الذي يفرز حالة من عدم التفكير (من قبل دول الجوار والدول العربية مجتمعة) في محاولة اختراق هذا التفوق والتسليم بالأمر الواقع واتخاذ خطوات وقائية، بدلاً من التفكير في حشد القوات العسكرية العربية لاختراق ذلك التفوق العسكري الإسرائيلي الذي يشكل قوة ردع ضاربة في المنطقة بأسرها. "صلاح إبراهيم، إستراتيجية الأمن القومي الإسرائيلي".
وإذا ما علمنا أن دولة إسرائيل قد نشأت "وسط بحر من الأعداء" كما يقول الكاتب الاسرائيلي هارون باريف في مقالة له نشرتها "المنار للصحافة والنشر"، فإن تمتع دولة إسرائيل بمساحة جغرافية صغيرة يفقدها العمق الإستراتيجي، لذلك فإن نظرية الأمن لديها تخضع للتغيير والتجديد والتطور باستمرار مقارنة بما يحدث من تطورات داخلية أو إقليمية وعالمية تجري ضمن ظروف تاريخية معينة، أي أن موضوع الأمن مصدر قلق دائم للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية وهو يمثل بؤرة إهتمام قصوى تسبق أياً من الأولويات الأخرى.
يقول شمعون بيريز فى كتابة "الشرق الأوسط الجديد" حول هذه المسألة: "إن موضوع الأمن لا يمكن اعتباره موضوعاً قابلاً للنقاش أمام أي رئيس حكومة إسرائيلية، إنه موضوع حياة أو موت بالنسبة لنا جميعاً، وعليه فإن النظر للأمن الاسرائيلي يجب أن يتقدم سلم الأولويات قبل تنفس الهواء، فبقدر ما نضغط أمنياً على أعدائنا بقدر ما تتوفر فرص البقاء والوجود".
كما يشير أحمد بهاء الدين في كتابه "إسرائيليات" إلى أن مفهوم الأمن الإسرائيلي قد تنامى وأصبح من أهم ضرورات البقاء، وذلك يعود إلى عاملين أساسيين داخل إطار الدائرة الدينية والتي تؤكد أولاً أن إسرائيل هي "وعد الرب لنبيه إبراهيم "، وهي حلم صهيون، وأن هذا الحلم الذي توارى في سنوات الشتات والاضطهاد بفعل ظلم وطغيان قوى القهر والبغي لم يكن غائباً عن وجدان بني إسرائيل، والثاني ينبع من كون إسرائيل أقيمت فوق أراضي فلسطين التاريخية وسط موجة من العداء المستحكم والمفروض فرضاً على أرض الواقع، ففي الإعتقاد الإسرائيلي: "إن تقديم تنازلات من أراضي إسرائيل الكبرى يجب ألا يمس بجوهر الأمن الإسرائيلي بأي حال من الأحوال. "بنيامين نتنياهو، مكان تحت الشمس".
ويرى "إيغال الون" أن مفهوم الأمن الإسرائيلي - حتى قبيل إنشاء الدولة يعتمد على ما ورد في التوراة من نصوص، حيث ذكر أن من يصادر أحلام أو طموحات بني إسرائيل إنما يصادر حقاً شرعه الرب، كما أنه يصادر القوة الروحية الجبارة التي تدفع اليهود دفعاً للعمل والمثابرة والتضحية، بالإضافة إلى أن حلم صهيون وأرض الميعاد ما هي إلا عوامل ربط يهود الشتات بأرض يهود إسرائيل، وكل من تجرأ على حلم صهيون فإنه يجرد الصهيونية من مقوم الوحدة بين يهود العالم وبين أرض صهيون، وهو ما يقوض أركان الأمن الإسرائيلي.
وعلى الرغم من هذه النظرة لمفهوم الأمن نجد إتساع رقعة التوجه استراتيجياً فى السنوات التى تلت إعلان الدولة، في الوقت الذي ربحت به إسرائيل بقرار التقسيم عام 1947. وقد اكتفت بالحدود الضيقة التى منحها القرار لها، ووجدناها عام 1967 تجاوزت تلك الحدود الأمنية وانطلقت لتهديد أمن ثلاث دول عربية مجتمعة، بدعوى الحفاظ على الأمن وإجبار تلك الدول على التسليم بسياسة الأمر الواقع الأمنية، والتي سرعان ما تراجعت في حرب أكتوبر عام 1973 ، لترسم صورة مغايرة لمفهوم الأمن بامتلاكها للقوة النووية الضاربة بعد ذلك، وإن كان المشروع النووي الإسرائيلي قد بدأ بالفعل قبل ذلك.
وعليه فإننا نحاول من خلال هذا الكتاب - أن نرصد ونحلل التطورات المختلفة فى نظرية الأمن الإسرائيلي، وما تنطوي عليه من مضامين سيكولوجية، وذلك وفق مفاصل الحروب التي خاضتها الدولة العبرية ضد العرب، فمن مرحلة " العمق الاستراتيجي" و"الضربة المضادة الاستباقية" كما أشار شمعون بيريز، إلى "استراتيجية الردع النووي" منذ العام 1975 ، وإلى "استراتيجية الهجوم الاستباقي" المتبعة حالياً في الأراضي المحتلة وغيرها من الإستراتيجيات الأخرى.
ومثال على ذلك التأرجح والتغير فى مفهوم الأمن الإسرائيلي ونظريته، نجد أن الدولة العبرية قبيل إندلاع حرب 1967، قد شددت على ناحيتين إيجابيتين في وضع الحرب، أولهما إيجاد خطوط دفاعية مثالية جغرافية على طول خطوط المجابهة مع الجيوش العربية، وثانيهما امتلاك فترة مطولة من الإنذار المبكر، وخاصة بالنسبة للجبهة الجنوبية في شبه جزيرة سيناء، وقد نجم عن هذا الوضع الجديد تبنّي إسرائيل "نظرية الحدود الأمنية" لحرص الدولة العبرية على إيجاد مسوغ تبرر بواسطته الاحتفاظ بالأراضي المحتلة، تحقيقاً "لنظرية العمق الإستراتيجي" المطلوب تحقيقها للأمن. لذلك فإن المبدأ الأمني القديم الداعي إلى "نقل الحرب إلى أراضي العدو" لم يعد ملزماً بالنسبة للجيش الاسرائيلي. "هيثم الكيلاني - نظرية التفوق الإسرائيلي".
ومن هنا يمكن القول إن مفهوم الأمن الإسرائيلي، وكذلك نظرية الأمن الإستراتيجي الإسرائيلي قد عبرت مراحل مختلفة متناقضة تبعاً للظروف الإقليمية والدولية، وفي ضوء تعاقب حكومات إسرائيل نفسها، وتباين أهدافها الانتخابية والمرحلية، إلا في قواسم مشتركة أبقت على معيار هام جداً لا يمكن الحيدة عنه بأي ثمن، ألا وهو أن مقولة الأمن، أو الهاجس الأمني في الدولة العبرية لا بد أن يظل طوقاً للبقاء والنجاة أولاً وقبل كل شيء. وحتى مع تغيرات هذا المفهوم وتلك الاستراتيجية عبر تواريخ تأسيس الدولة العبرية، ومروراً بحروبها مع الدول العربية، خاصة حرب 1973، وانتهاء بالإنتفاضة الفلسطينية الأولى والثانية، وبما حققتاه من اختراق واضح وتاريخي لمفهوم الردع الاسرائيلي، ظلت مفاهيم الأمن واستراتيجياته تدور في فلك عملية البحث الدؤوب عن الصورة المثلى، لإبقاء الدولة العبرية متفوقة على العرب جميعاً في جميع مناحي التفوق العسكري، والتكنولوجي، والاقتصادي.
إن التقلبات التى طرأت على مفهوم الأمن الإسرائيلي، قد ارتكزت على أطر وتحليلات سيكولوجية لموقف هذه الدولة منذ بنائها التأسيسي، الذي أفرزته وقائع دولية أبرزها شعور أوربا بما لحق من ضيم بالشعب اليهودي، نتيجة لما حدث فى "الهولوكوست" النازية وما سببه شتات اليهود من مخاوف لتلك الدول الأوروبية، أبرزها شعور اليهود بالإحباط والرغبة الجامحة في الإنتقام، وهو الأمر الذي جعل تلك الدول مجتمعة تسعى للبحث عن موطئ قدم لليهود أو "مكان تحت الشمس" كما قال نتنياهو (رئيس وزراء إسرائيل الأسبق) في معظم صفحات كتابه الذي حمل العنوان نفسه.
ودنيا الوطن تنشر النص الكامل للكتاب نظرية الامن الاسرائيلي لتحقيق الفائدة لدى القراء والمختصين:
مقدمة
هل يعتبر مفهوم الأمن القومي حقيقة أم مجرد خيال؟ وهل الأمن القومي الفلسطيني من أولويات فكر المسؤولين وصناع القرار في السلطة الوطنية التي لم تكتمل سيادتها بعد على الأراضي الفلسطينية؟
لقد حددت إسرائيل أولويات أمنها القومي منذ نشأتها، بل إن قادتها قد وضعوا فرضيات هذه النظرية قبل قيام إسرائيل، ليتوصلوا لاحقاً إلى وضع الإستراتيجيات ورسم السياسات للرد على تلك الفرضيات.
إن هذا الكتاب يتعرض لمسألة الأمن القومي الإسرائيلي بالتحليل والدراسة، ويتتبع تسلسل تطورها حسب الظروف والأحوال في محاولة متواصلة من القادة السياسيين والعسكريين ونخبة من المفكرين لتصور احتمالات الأخطار التي قد تهدد إسرائيل في وجودها أو في تقدمها وإزدهارها.
وفي هذا السياق يتتبع الكتاب تطور مفهوم الأمن القومي الإستراتيجي الإسرائيلي الواسع، بدءاً من الأمن العسكري إلى الأمن الغذائي، وهدف هذه الدراسة هو تحفيز الفكر الفلسطيني أولاً والعربي عامة على الشروع الفوري في التفكير في المستقبل والتحديات التي تواجهنا، بدءاً بوضع المفهوم العام والإطار الفكري لنظرية الأمن القومي، من خلال وضع الفرضيات التي تهدد الأمن القومي الفلسطيني الخارجية والداخلية، وصولاً إلى النظرية والإطار العام، مع إعطاء الأولوية لجعل هذه العملية دائمة ومستمرة تأخذ بعين الاعتبار المتغيرات والمستجدات على الساحة الداخلية والخارجية، فالنظرية الأمنية ليست نظرية جامدة مقدسة بل هي رؤية واقعية متجددة ونظرة شاملة، تحدد الأخطار وتضع الحلول وتسعى لتوفير الإمكانيات اللازمة لهذه الحلول.
فإذا كان مفهوم الأمن القومي هو ما تقوم به الدولة من إجراءات في حدود طاقتها للحفاظ على كيانها ومصالحها في الحاضر والمستقبل مع مراعاة المتغيرات المحلية والدولية، فأين يقع مفهوم الأمن القومي في الفكر الفلسطيني؟ هل يدخل في إطار المبادئ فيكون متماهياً مع المفهوم العربي للأمن القومي؟ أم يقع في إطار القيم فيكون متماهياً مع مفهوم المصلحة الوطنية؟
من خلال هذين الموقعين فإنه يتوجب على الفكر الأمني الفلسطيني أن ينظر للأمن القومي كتطبيق مؤقت للأمن القومي العربي وليس بديلاً عنه. إن الأمن القومي العربي يدور في مفهوم يتضمن قدرة الدول العربية على حماية الكيان الذاتي للدول العربية من أية أخطار ناتجة أو محتملة، مما يعني أن الأمن القومي العربي يتخطى المفهوم العام لتحقيق الفكرة القومية الجماعية، ويهتم بمفهوم التجزئة والقطرية، حيث تهتم كل دولة بأمنها ومصالحها الذاتية. لذلك نجد أن كل دولة عربية ترسم سياستها الإقليمية والدولية وتنفذها على المستوى الأحادي، ففي عقد الأربعينيات والخمسينيات كان طموح العرب هو التحرر من المحتل الأجنبي وتحقيق الوحدة العربية، وفي الستينيات ومطلع السبعينيات كان طموح العرب تحقيق التضامن العربي، وبعد ذلك أصبح الطموح هو وقف حالة الإقتتال والتنازع والصراع .
فأين يقع الطموح الفلسطيني في تحقيق الأمن القومي للكيان الفلسطيني؟
إن المعنيين بالأمن القومي الفلسطيني يتوجب عليهم الأخذ بعين الإعتبار أهم التحديات التي تعترض وتواجه أمن ومستقبل هذا الكيان، ومن أهمها:
1. وجود إسرائيل القائم على الأرض الفلسطينية، وخطرها لا يكمن فقط في احتلالها للأرض الفلسطينية والعربية، بل في الأهداف العليا للحركة الصهيونية، القائمة على التوسع واحتلال المزيد من الأراضي العربية، ويمكن أن نضيف إلى التهديدات العسكرية الإسرائيلية المباشرة، تهديدات أخرى تتمثل في تضييق الخناق على المصالح والأهداف الوطنية الفلسطينية.
2. في المجال السياسي: يعاني الكيان الفلسطيني من مظاهر التوتر وعدم الاستقرار الداخلي الناتج عن الصراع الحزبي وعدم التوصل إلى سياسة إستراتيجية موحدة للمواجهة مع إسرائيل، وهذا ينعكس أيضاً على العلاقات مع الدول العربية ودول العالم بشكل عام.
3. في المجال الإقتصادي: يعاني الوضع الإقتصادي في فلسطين من غياب التخطيط التنموي المتكامل مع الأخذ بعين الإعتبار قلة الموارد وتبعية الإقتصاد الفلسطيني للإقتصاد الإسرائيلي، بل الأخطر من ذلك تبعيته للأمن الإسرائيلي. ناهيك عن البطالة وتدمير القطاع الزراعي نتيجة السياسات الإسرائيلية وخاصة سياسة العقاب الجماعي، كما أن الوضع في القطاع الصناعي أشد تعقيداً وسوءاً.
4. في المجال الإجتماعي: تعرض النسيج الإجتماعي في السنوات الأخيرة إلى تهديد داخلي نتيجة التجاذبات السياسية والأوضاع الإقتصادية.
5. لعل أهم هذه التحديات التي تواجه وضع إستراتيجية أمن قومي فلسطيني هو غياب صفة الدولة عن هذا الكيان، والتحدي الآخر يكمن في غياب الهدف الإستراتيجي الموحد للحركة الوطنية الفلسطينية، فكل فصيل يحاول أن يملي رؤيته ويفرضها. وفي غياب هذا المفهوم الواضح يضيع الجهد المبذول لإيجاد إستراتيجية قومية للأمن الفلسطيني.
يندرج المفهوم الأمني في التقاليد العسكرية الإسرائيلية ضمن مجموعة من العناصر التي تُعبّر عن ذاتها في إطار عام من المبالغة، لم تعهدها دول العالم قديماً أو حديثاً، وهذا الإطار العام يهدف أول ما يهدف إلى مجابهة أية محاولة عربية لإتخاذ بعض التدابير الدفاعية، ضد أسلحة الدمار الشامل التي تنفرد إسرائيل بامتلاكها في المنطقة، أو حتى إتخاذ بعض الإجراءات لإعادة ترتيب البيت العربي في مسيرة السلام. وعلى النقيض من ذلك، فإن إسرائيل تسارع إلى وضع العراقيل والمتاهات وافتعال الأعذار لكي تحبط مساعي العرب والفلسطينيين لتحقيق السلام الشامل والعادل، وفي الوقت ذاته تضع إسرائيل إمكاناتها الإعلامية والعسكرية لإحباط نهوض أية قوة عسكرية عربية، الأمر الذي من شأنه أن يشحذ الهمم لتغيير الخيار الإستراتيجي العربي الوحيد، ألا وهو خيار السلام إلى خيار أو خيارات أخرى قد تمثل منعطفاً خطيراً بالفعل على الدولة العبرية.
كما يندرج ذات المفهوم ضمن سياق مرتبط بالنظرة الإسرائيلية إلى الذات ونظرة اليهود إلى غير اليهود، فالنظرة إلى الذات تعني ذلك الشعور النفسي الداخلي للإنسان اليهودي القادم من الخارج بحثاً عن تحقيق الذات بعيداً عن "موروث الهولوكست"، و الاغتراب في أرض الميعاد في أجواء دولة عسكرية تعتمد على القوة - في المقام الأول - لاستمرارية وجودها والحفاظ على ما سلبته من الأراضي العربية، وهي بذلك تكون نظرة مستغرقة في البحث عن الأمن أولاً وقبل كل شيء، وبالمقابل نجد نظرة اليهود إلى غير اليهود نظرة تشوبها مقومات الإستعلاء الحذر وعدم الثقة انطلاقاً من دوافع دينية صرفة أو من دوافع أفرزتها دواعي احتلال أراضي الغير، واستيطان الأرض وإبادة شعبها أو تهجيره في سياق يُذكّر بالمعتدي النازي، وذلك إلى الحد الذي يعبر عنه مصطلح "الصهيونازية" أصدق تعبير عن هذا التوحد.
وفي ضوء ذلك لا يمكن النظر إلى نظرية الأمن الإسرائيلي باعتبارها أداة للحماية الذاتية كما عبرت عن ذلك تاريخياً تلك التقاليد السياسية الثابتة، التي اتبعتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، إنما يمكن التعامل معها كونها المنطق الفكري الذي يراد به تبرير سياسة السيطرة وفرض الهيمنة الكاملة على الأرض ومن حولها من دول الجوار، بهدف ردع أية محاولات لاختراقات أمنية محتملة لاستعادة الحقوق المسلوبة.
وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى أن مفهوم الأمن الإسرائيلي يرتبط دراماتيكياً بالنظرة الإسرائيلية إلى الذات ونظرة اليهود إلى أنفسهم، وهو الأمر الذي يؤدي إلى توظيف التفوق العسكري لتحقيق التوازن والاستقرار كما تراه المؤسسة العسكرية الحاكمة في إسرائيل. "غادة كنفاني، نظرية الأمن الإسرائيلي". وتحديداً فهو يربط مفهوم الاستقرار بالردع والقدرة على التهديد به ومن ثم إجبار الطرف الآخر (دول الجوار العرب) على الاستجابة لما تراه إسرائيل مناسباً لأجوائها.
كما يمكن أن يتشكل مفهوم الأمن الإسرائيلي بصورة تعتمد على تفوق قدرته العسكرية في المنطقة، الأمر الذي يفرز حالة من عدم التفكير (من قبل دول الجوار والدول العربية مجتمعة) في محاولة اختراق هذا التفوق والتسليم بالأمر الواقع واتخاذ خطوات وقائية، بدلاً من التفكير في حشد القوات العسكرية العربية لاختراق ذلك التفوق العسكري الإسرائيلي الذي يشكل قوة ردع ضاربة في المنطقة بأسرها. "صلاح إبراهيم، إستراتيجية الأمن القومي الإسرائيلي".
وإذا ما علمنا أن دولة إسرائيل قد نشأت "وسط بحر من الأعداء" كما يقول الكاتب الاسرائيلي هارون باريف في مقالة له نشرتها "المنار للصحافة والنشر"، فإن تمتع دولة إسرائيل بمساحة جغرافية صغيرة يفقدها العمق الإستراتيجي، لذلك فإن نظرية الأمن لديها تخضع للتغيير والتجديد والتطور باستمرار مقارنة بما يحدث من تطورات داخلية أو إقليمية وعالمية تجري ضمن ظروف تاريخية معينة، أي أن موضوع الأمن مصدر قلق دائم للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية وهو يمثل بؤرة إهتمام قصوى تسبق أياً من الأولويات الأخرى.
يقول شمعون بيريز فى كتابة "الشرق الأوسط الجديد" حول هذه المسألة: "إن موضوع الأمن لا يمكن اعتباره موضوعاً قابلاً للنقاش أمام أي رئيس حكومة إسرائيلية، إنه موضوع حياة أو موت بالنسبة لنا جميعاً، وعليه فإن النظر للأمن الاسرائيلي يجب أن يتقدم سلم الأولويات قبل تنفس الهواء، فبقدر ما نضغط أمنياً على أعدائنا بقدر ما تتوفر فرص البقاء والوجود".
كما يشير أحمد بهاء الدين في كتابه "إسرائيليات" إلى أن مفهوم الأمن الإسرائيلي قد تنامى وأصبح من أهم ضرورات البقاء، وذلك يعود إلى عاملين أساسيين داخل إطار الدائرة الدينية والتي تؤكد أولاً أن إسرائيل هي "وعد الرب لنبيه إبراهيم "، وهي حلم صهيون، وأن هذا الحلم الذي توارى في سنوات الشتات والاضطهاد بفعل ظلم وطغيان قوى القهر والبغي لم يكن غائباً عن وجدان بني إسرائيل، والثاني ينبع من كون إسرائيل أقيمت فوق أراضي فلسطين التاريخية وسط موجة من العداء المستحكم والمفروض فرضاً على أرض الواقع، ففي الإعتقاد الإسرائيلي: "إن تقديم تنازلات من أراضي إسرائيل الكبرى يجب ألا يمس بجوهر الأمن الإسرائيلي بأي حال من الأحوال. "بنيامين نتنياهو، مكان تحت الشمس".
ويرى "إيغال الون" أن مفهوم الأمن الإسرائيلي - حتى قبيل إنشاء الدولة يعتمد على ما ورد في التوراة من نصوص، حيث ذكر أن من يصادر أحلام أو طموحات بني إسرائيل إنما يصادر حقاً شرعه الرب، كما أنه يصادر القوة الروحية الجبارة التي تدفع اليهود دفعاً للعمل والمثابرة والتضحية، بالإضافة إلى أن حلم صهيون وأرض الميعاد ما هي إلا عوامل ربط يهود الشتات بأرض يهود إسرائيل، وكل من تجرأ على حلم صهيون فإنه يجرد الصهيونية من مقوم الوحدة بين يهود العالم وبين أرض صهيون، وهو ما يقوض أركان الأمن الإسرائيلي.
وعلى الرغم من هذه النظرة لمفهوم الأمن نجد إتساع رقعة التوجه استراتيجياً فى السنوات التى تلت إعلان الدولة، في الوقت الذي ربحت به إسرائيل بقرار التقسيم عام 1947. وقد اكتفت بالحدود الضيقة التى منحها القرار لها، ووجدناها عام 1967 تجاوزت تلك الحدود الأمنية وانطلقت لتهديد أمن ثلاث دول عربية مجتمعة، بدعوى الحفاظ على الأمن وإجبار تلك الدول على التسليم بسياسة الأمر الواقع الأمنية، والتي سرعان ما تراجعت في حرب أكتوبر عام 1973 ، لترسم صورة مغايرة لمفهوم الأمن بامتلاكها للقوة النووية الضاربة بعد ذلك، وإن كان المشروع النووي الإسرائيلي قد بدأ بالفعل قبل ذلك.
وعليه فإننا نحاول من خلال هذا الكتاب - أن نرصد ونحلل التطورات المختلفة فى نظرية الأمن الإسرائيلي، وما تنطوي عليه من مضامين سيكولوجية، وذلك وفق مفاصل الحروب التي خاضتها الدولة العبرية ضد العرب، فمن مرحلة " العمق الاستراتيجي" و"الضربة المضادة الاستباقية" كما أشار شمعون بيريز، إلى "استراتيجية الردع النووي" منذ العام 1975 ، وإلى "استراتيجية الهجوم الاستباقي" المتبعة حالياً في الأراضي المحتلة وغيرها من الإستراتيجيات الأخرى.
ومثال على ذلك التأرجح والتغير فى مفهوم الأمن الإسرائيلي ونظريته، نجد أن الدولة العبرية قبيل إندلاع حرب 1967، قد شددت على ناحيتين إيجابيتين في وضع الحرب، أولهما إيجاد خطوط دفاعية مثالية جغرافية على طول خطوط المجابهة مع الجيوش العربية، وثانيهما امتلاك فترة مطولة من الإنذار المبكر، وخاصة بالنسبة للجبهة الجنوبية في شبه جزيرة سيناء، وقد نجم عن هذا الوضع الجديد تبنّي إسرائيل "نظرية الحدود الأمنية" لحرص الدولة العبرية على إيجاد مسوغ تبرر بواسطته الاحتفاظ بالأراضي المحتلة، تحقيقاً "لنظرية العمق الإستراتيجي" المطلوب تحقيقها للأمن. لذلك فإن المبدأ الأمني القديم الداعي إلى "نقل الحرب إلى أراضي العدو" لم يعد ملزماً بالنسبة للجيش الاسرائيلي. "هيثم الكيلاني - نظرية التفوق الإسرائيلي".
ومن هنا يمكن القول إن مفهوم الأمن الإسرائيلي، وكذلك نظرية الأمن الإستراتيجي الإسرائيلي قد عبرت مراحل مختلفة متناقضة تبعاً للظروف الإقليمية والدولية، وفي ضوء تعاقب حكومات إسرائيل نفسها، وتباين أهدافها الانتخابية والمرحلية، إلا في قواسم مشتركة أبقت على معيار هام جداً لا يمكن الحيدة عنه بأي ثمن، ألا وهو أن مقولة الأمن، أو الهاجس الأمني في الدولة العبرية لا بد أن يظل طوقاً للبقاء والنجاة أولاً وقبل كل شيء. وحتى مع تغيرات هذا المفهوم وتلك الاستراتيجية عبر تواريخ تأسيس الدولة العبرية، ومروراً بحروبها مع الدول العربية، خاصة حرب 1973، وانتهاء بالإنتفاضة الفلسطينية الأولى والثانية، وبما حققتاه من اختراق واضح وتاريخي لمفهوم الردع الاسرائيلي، ظلت مفاهيم الأمن واستراتيجياته تدور في فلك عملية البحث الدؤوب عن الصورة المثلى، لإبقاء الدولة العبرية متفوقة على العرب جميعاً في جميع مناحي التفوق العسكري، والتكنولوجي، والاقتصادي.
إن التقلبات التى طرأت على مفهوم الأمن الإسرائيلي، قد ارتكزت على أطر وتحليلات سيكولوجية لموقف هذه الدولة منذ بنائها التأسيسي، الذي أفرزته وقائع دولية أبرزها شعور أوربا بما لحق من ضيم بالشعب اليهودي، نتيجة لما حدث فى "الهولوكوست" النازية وما سببه شتات اليهود من مخاوف لتلك الدول الأوروبية، أبرزها شعور اليهود بالإحباط والرغبة الجامحة في الإنتقام، وهو الأمر الذي جعل تلك الدول مجتمعة تسعى للبحث عن موطئ قدم لليهود أو "مكان تحت الشمس" كما قال نتنياهو (رئيس وزراء إسرائيل الأسبق) في معظم صفحات كتابه الذي حمل العنوان نفسه.