الأستاد حسن التل يكتب عن تجربة إخوان الجزائر
كتبهاطارق شيروف ، في 26 سبتمبر 2007
بعد مشاركته في الملتقى الدولي الثالت الذي نظمته حركة مجتمع السلم بالجزائر والذي كان تحت عنوان * بعنوان الدعوة الإسلامية بين رهانات المستقبل وتحديات الحاضر * …كتب الستاد حسن التل عن هذه المشاركة فقال :
الأستاد حسن التــل
عدت بالأمس من الجزائر بعد أن شاركت في الملتقى الدولي الثاني الذي نظمه مجلس الدعوة والثقافة في حركة مجتمع السلم «حمس» بعنوان الدعوة الإسلامية بين رهانات المستقبل وتحديات الحاضر وبعيدا عن ما جرى داخل قاعة الملتقى من مناقشات فإن الذي يشرح الصدر ويحيي الأمل هو هذا الشباب المتدفق في أوصال حركة مجتمع السلم بدءا من قيادتها وجلّها إن لم يكن كلها دون الخمسين من العمر بكل ما يعنيه الشباب من انفتاح ومن حركية ومن قدرة على التجديد، وانتهاء بالروح الدافعة للحركة وهي روح الشباب المتقدم والمتحضرة.
الانغلاق ونظريات السجون لم تعد صالحة لتربية أجيال جديدة
لقد كنت وأنا استمع إلى حوارات ومداخلات ومناقشات شباب الحركة من القيادات والقواعد استحضر حالة الشيخوخة والتكلس التي أصابت الكثير من أجزاء الحركة الإسلامية في الشرق العربي فأصلّي لله العلي القدير أن يحمي شباب «حمس» من التأثيرات السلبية للحركة الإسلامية في الشرق العربي التي تصر بعض قياداتها على الانغلاق ويصر بعضها الآخر على التمسك بالمواقع رغم أن سنوات العمر لم تعد تمكنه من الحركة الجسدية من مدينة إلى مدينة ولا متابعة ما يجري داخل قطره من تفاعلات فما بالك بمتابعة آخر مستجدات العصر الفكرية سياسيا واجتماعيا واقتصاديا على مستوى العالم الذي صار قرية كونية؟
وإذا كان الشباب سمة بارزة في كوادر «حركة حمس» فإن الانفتاح على الآخر وهضم فكره والبحث عن جوامع مشتركة معه هي الأخرى سمة من سمات «حمس» التي نتمنى أن ينجيها الله من فكر الانغلاق ونظريات السجون التي يخفي بعض المحسوبين على الحركة الإسلامية عجزهم خلفها ويجعلونها سببا من أسباب تميزهم باعتبارهم من ثبتوا على المحنة وقد فات هؤلاء أن ابتلاء النعمة أشد من ابتلاء النقمة وأن فكر السجون لم يعد صالحا لتربية الأجيال الجديدة من شباب الأمة وأن الانغلاق عامل قاتل للحركة الإسلامية وأن الانفتاح على الآخر سبب من أسباب القوة بل إنه ضرورة شرعية. فهذا الدين جاء للبشرية كلها وقد أمر أتباعه بالصدع به والتعاون مع غيرهم لا الانغلاق ولا الانعزال عن الآخر، ولقد أحسست وأنا أستمع إلى محاورات ونقاشات شباب حمس أن انفتاحهم على فكر الآخر جعلهم أصحاب حجة قوية مقنعة. وهذا كله بفعل الروح الرضية والعقلية المنفتحة التي بثها في نفوس مريديه مؤسس الحركة الشيخ الرئيس محفوظ نحناح رحمه الله الذي ما رأيته قط إلا وتعلو محياه تلك البسمة الممزوجة بالألم على واقع وطنه وأمته ولكن الأمل لم يفارقه لحظة وقد قرن أمله بالفعل والحركة والزرع فكان حصاده هذا الشباب الذي يملأ الجزائر طولا وعرضا فكرا وانفتاحا وحوارا وبناء.
الانفتاح على الآخر جعل «شباب حمس» أصحاب حجّة قوية مقنعة
ومثلما أن الانفتاح على الآخر جعل «شباب حمس» أصحاب حجة قوية مقنعة فقد مكّنهم أيضا من تحقيق شرط المشاركة السياسية في المؤسسات الرسمية للدولة الجزائرية وزراء ونوابا دون أن يضطرهم ذلك للتنازل عن ثوابتهم بل أن المشاركة تمكن الحركة الإسلامية من البرهنة على أن لديها كفايات قادرة على إدارة الدولة ومؤسساتها وأن برامج هذه الحركة قابلة للتطبيق وأن المشاركة لا تحول بين الحركة ولعب دور المعارضة الإيجابية بما يتعارض مع برامجها وأهدافها وهذا هو شرط العمل السياسي الواعي والناضج والمثمر الذي نظن أن «حركة حمس» قد امتلكته حتى الآن.
وفي إطار الحديث عن المشاركة أحب أن أشير إلى قضية هامة في تجربة حركة مجتمع السلم في الجزائر باعتبارها جزءا من تجربة الحركة الإسلامية على امتداد العالم تلك هي حفاظ الحركة على بعدها الوطني وتربية كوادرها مع الاعتزاز بالجزائر الوطن والجزائر الدولة بل أن الكثير من المراقبين يؤكدون أن مواقف «حمس» السياسية كانت سببا رئيسا في استرداد الدولة الجزائرية لعافيتها وهيبتها حتى وإن اضطرت الحركة في كثير من الأحيان إلى التنازل عن بعض حقوقها لحساب استقرار الدولة الجزائرية وترسيخ هيبتها وضرورة أن إنزال رئيس الدولة في منزلته من التقدير والاحترام حتى في لحظات الاختلاف معه لأن احترامه هو جزء من احترام الدولة والشعب الجزائري. وهذه واحدة من عيوب الحركة الإسلامية في الكثير من بلادنا حيث تربي بعض مكونات الحركة الإسلامية كوادرها على معاداة دولتهم ونظمهم. بل وتسعى بعض هذه الحركات إلى تذويب الحس الوطني لحساب الأممية الإسلامية فتكون كمن ينطبق عليه المثل «الصيف ضيعت اللبن» فلا هي حققت الأممية الإسلامية ولا هي حافظت على الاعتزاز بالوطن وهي بذلك تخالف القانون الإلهي وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ظل يفتخر بانتمائه القريشي ويجاهر بحنينه إلى مكة مسقط رأسه.
مواقف «حمس» السياسية كانت سببا رئيسا في استرداد الدولة الجزائرية لعافيتها وهيبتها
إن اعتزاز شباب حمس بجزائريتهم لم يقلل من اهتمامهم بسائر قضايا أمتهم وبقضية فلسطين على وجه التحديد التي لا زالت بالنسبة للغالبية العظمى من الجزائريين وفي طليعتهم شباب حمس أهم القضايا وهي شغلهم الشاغل وهم بذلكم يقدمون البرهان على أن الداعية قادر علي الجمع بين الأبعاد كلها مع الحفاظ على توازنه وثوابته.
كانت نساء حمس وضمن القواعد الشرعية يشاركن إخوانهن من شباب حمس في فعاليات الملتقى حوارا وتداخلا ورئاسة للجلسات وعملا إعلاميا
وما دمنا نتحدث عن المشاركة كجزء من استراتيجية «حمس» فلا بد من الإشارة إلى المشاركة النسوية للمرأة في «حمس» وقد رأيت جزءا من هذه المشاركة في فعاليات الملتقى حيث كانت نساء حمس وضمن القواعد الشرعية يشاركن إخوانهن من شباب حمس في فعاليات الملتقى حوارا وتداخلا ورئاسة للجلسات وعملا إعلاميا. وهذه واحدة تفتقر لها الكثير من مكونات الحركة الإسلامية التي تتراوح مواقفها من مشاركة المرأة بين التغييب الكامل أو المشاركة الرمزية وهي قضية تجاوزتها «حمس» كما تجاوزت الكثير من القضايا التي وقفت عقبة دون الحركة الإسلامية وتحقيق أهدافها التي نرجو أن تحققها حمس بما تملكه من شباب دافق وحيوية مبدعة وانفتاح على الآخر نابع من فهم عصرها وفهم دينها.
كتبهاطارق شيروف ، في 26 سبتمبر 2007
بعد مشاركته في الملتقى الدولي الثالت الذي نظمته حركة مجتمع السلم بالجزائر والذي كان تحت عنوان * بعنوان الدعوة الإسلامية بين رهانات المستقبل وتحديات الحاضر * …كتب الستاد حسن التل عن هذه المشاركة فقال :
الأستاد حسن التــل
عدت بالأمس من الجزائر بعد أن شاركت في الملتقى الدولي الثاني الذي نظمه مجلس الدعوة والثقافة في حركة مجتمع السلم «حمس» بعنوان الدعوة الإسلامية بين رهانات المستقبل وتحديات الحاضر وبعيدا عن ما جرى داخل قاعة الملتقى من مناقشات فإن الذي يشرح الصدر ويحيي الأمل هو هذا الشباب المتدفق في أوصال حركة مجتمع السلم بدءا من قيادتها وجلّها إن لم يكن كلها دون الخمسين من العمر بكل ما يعنيه الشباب من انفتاح ومن حركية ومن قدرة على التجديد، وانتهاء بالروح الدافعة للحركة وهي روح الشباب المتقدم والمتحضرة.
الانغلاق ونظريات السجون لم تعد صالحة لتربية أجيال جديدة
لقد كنت وأنا استمع إلى حوارات ومداخلات ومناقشات شباب الحركة من القيادات والقواعد استحضر حالة الشيخوخة والتكلس التي أصابت الكثير من أجزاء الحركة الإسلامية في الشرق العربي فأصلّي لله العلي القدير أن يحمي شباب «حمس» من التأثيرات السلبية للحركة الإسلامية في الشرق العربي التي تصر بعض قياداتها على الانغلاق ويصر بعضها الآخر على التمسك بالمواقع رغم أن سنوات العمر لم تعد تمكنه من الحركة الجسدية من مدينة إلى مدينة ولا متابعة ما يجري داخل قطره من تفاعلات فما بالك بمتابعة آخر مستجدات العصر الفكرية سياسيا واجتماعيا واقتصاديا على مستوى العالم الذي صار قرية كونية؟
وإذا كان الشباب سمة بارزة في كوادر «حركة حمس» فإن الانفتاح على الآخر وهضم فكره والبحث عن جوامع مشتركة معه هي الأخرى سمة من سمات «حمس» التي نتمنى أن ينجيها الله من فكر الانغلاق ونظريات السجون التي يخفي بعض المحسوبين على الحركة الإسلامية عجزهم خلفها ويجعلونها سببا من أسباب تميزهم باعتبارهم من ثبتوا على المحنة وقد فات هؤلاء أن ابتلاء النعمة أشد من ابتلاء النقمة وأن فكر السجون لم يعد صالحا لتربية الأجيال الجديدة من شباب الأمة وأن الانغلاق عامل قاتل للحركة الإسلامية وأن الانفتاح على الآخر سبب من أسباب القوة بل إنه ضرورة شرعية. فهذا الدين جاء للبشرية كلها وقد أمر أتباعه بالصدع به والتعاون مع غيرهم لا الانغلاق ولا الانعزال عن الآخر، ولقد أحسست وأنا أستمع إلى محاورات ونقاشات شباب حمس أن انفتاحهم على فكر الآخر جعلهم أصحاب حجة قوية مقنعة. وهذا كله بفعل الروح الرضية والعقلية المنفتحة التي بثها في نفوس مريديه مؤسس الحركة الشيخ الرئيس محفوظ نحناح رحمه الله الذي ما رأيته قط إلا وتعلو محياه تلك البسمة الممزوجة بالألم على واقع وطنه وأمته ولكن الأمل لم يفارقه لحظة وقد قرن أمله بالفعل والحركة والزرع فكان حصاده هذا الشباب الذي يملأ الجزائر طولا وعرضا فكرا وانفتاحا وحوارا وبناء.
الانفتاح على الآخر جعل «شباب حمس» أصحاب حجّة قوية مقنعة
ومثلما أن الانفتاح على الآخر جعل «شباب حمس» أصحاب حجة قوية مقنعة فقد مكّنهم أيضا من تحقيق شرط المشاركة السياسية في المؤسسات الرسمية للدولة الجزائرية وزراء ونوابا دون أن يضطرهم ذلك للتنازل عن ثوابتهم بل أن المشاركة تمكن الحركة الإسلامية من البرهنة على أن لديها كفايات قادرة على إدارة الدولة ومؤسساتها وأن برامج هذه الحركة قابلة للتطبيق وأن المشاركة لا تحول بين الحركة ولعب دور المعارضة الإيجابية بما يتعارض مع برامجها وأهدافها وهذا هو شرط العمل السياسي الواعي والناضج والمثمر الذي نظن أن «حركة حمس» قد امتلكته حتى الآن.
وفي إطار الحديث عن المشاركة أحب أن أشير إلى قضية هامة في تجربة حركة مجتمع السلم في الجزائر باعتبارها جزءا من تجربة الحركة الإسلامية على امتداد العالم تلك هي حفاظ الحركة على بعدها الوطني وتربية كوادرها مع الاعتزاز بالجزائر الوطن والجزائر الدولة بل أن الكثير من المراقبين يؤكدون أن مواقف «حمس» السياسية كانت سببا رئيسا في استرداد الدولة الجزائرية لعافيتها وهيبتها حتى وإن اضطرت الحركة في كثير من الأحيان إلى التنازل عن بعض حقوقها لحساب استقرار الدولة الجزائرية وترسيخ هيبتها وضرورة أن إنزال رئيس الدولة في منزلته من التقدير والاحترام حتى في لحظات الاختلاف معه لأن احترامه هو جزء من احترام الدولة والشعب الجزائري. وهذه واحدة من عيوب الحركة الإسلامية في الكثير من بلادنا حيث تربي بعض مكونات الحركة الإسلامية كوادرها على معاداة دولتهم ونظمهم. بل وتسعى بعض هذه الحركات إلى تذويب الحس الوطني لحساب الأممية الإسلامية فتكون كمن ينطبق عليه المثل «الصيف ضيعت اللبن» فلا هي حققت الأممية الإسلامية ولا هي حافظت على الاعتزاز بالوطن وهي بذلك تخالف القانون الإلهي وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ظل يفتخر بانتمائه القريشي ويجاهر بحنينه إلى مكة مسقط رأسه.
مواقف «حمس» السياسية كانت سببا رئيسا في استرداد الدولة الجزائرية لعافيتها وهيبتها
إن اعتزاز شباب حمس بجزائريتهم لم يقلل من اهتمامهم بسائر قضايا أمتهم وبقضية فلسطين على وجه التحديد التي لا زالت بالنسبة للغالبية العظمى من الجزائريين وفي طليعتهم شباب حمس أهم القضايا وهي شغلهم الشاغل وهم بذلكم يقدمون البرهان على أن الداعية قادر علي الجمع بين الأبعاد كلها مع الحفاظ على توازنه وثوابته.
كانت نساء حمس وضمن القواعد الشرعية يشاركن إخوانهن من شباب حمس في فعاليات الملتقى حوارا وتداخلا ورئاسة للجلسات وعملا إعلاميا
وما دمنا نتحدث عن المشاركة كجزء من استراتيجية «حمس» فلا بد من الإشارة إلى المشاركة النسوية للمرأة في «حمس» وقد رأيت جزءا من هذه المشاركة في فعاليات الملتقى حيث كانت نساء حمس وضمن القواعد الشرعية يشاركن إخوانهن من شباب حمس في فعاليات الملتقى حوارا وتداخلا ورئاسة للجلسات وعملا إعلاميا. وهذه واحدة تفتقر لها الكثير من مكونات الحركة الإسلامية التي تتراوح مواقفها من مشاركة المرأة بين التغييب الكامل أو المشاركة الرمزية وهي قضية تجاوزتها «حمس» كما تجاوزت الكثير من القضايا التي وقفت عقبة دون الحركة الإسلامية وتحقيق أهدافها التي نرجو أن تحققها حمس بما تملكه من شباب دافق وحيوية مبدعة وانفتاح على الآخر نابع من فهم عصرها وفهم دينها.