شهد العامان الماضيان نذراً يسيراً من التقدّم المتواضع في الإصلاح السياسي في البلدان العربية (يبدو أن النساء يشاركن سياسياً بأعداد أكبر)، لكن النزعة عموماً هي تخندق السلطوية وتواصل المسار الانحداري الذي بدأ العام 2006. صحيح أن القوى المحلّية هي التي تحرِّك في نهاية المطاف الدينامياكيات السياسية المحلية، بيد أن الولايات المتحدة تساهم إلى حد كبير في البيئة الدولية التي تتّخذ فيها تلك القوى قراراتها، بما في ذلك الحوافز أو العقبات المرتبطة بالإصلاح أو القمع. ويشكّل التزوير الصفيق للانتخابات التشريعية المصرية الأسبوع الماضي فرصة لإعادة النظر في المقاربة التي انتهجتها إدارة أوباما لدعم الإصلاح السياسي العربي في سنتَيها الأوليين.
ركّز الرئيس أوباما لدى تسلّمه منصبه على أربعة أهداف أساسية في الشرق الأوسط الأكبر: وقف البرنامج النووي الإيراني، وسحب القوات القتالية الأمريكية من العراق تدريجياً، وتغيير معطيات النزاع في أفغانستان، وحل المسألة الإسرائيلية-الفلسطينية. وقد طرح كل من هذه الأهداف تحدّيات هائلة، وتطلّب تنسيقاً دبلوماسياً وثيقاً مع الحلفاء العرب، لكن صعوبات حالت دون تحقيق ذلك بسبب النزعة الأحادية الشديدة للرئيس جورج دبليو بوش.
أعلن أوباما في بداية رئاسته عن نيّته لإطلاق "بداية جديدة" مع البلدان ذات الغالبية المسلمة، بما في ذلك حلفاء الولايات المتحدة في العالم العربي. وقد أدّى هذا الالتزام بتحسين الروابط الدبلوماسية المتوتِّرة في المنطقة إلى تعقيد الجهود الهادفة إلى دعم الناشطين في المجتمع المدني والإصلاحات السياسية الكبرى. أحد الأمثلة على ذلك هو اتّخاذ إدارة أوباما قراراً في مطلع العام 2009 بوقف تمويل المنظّمات غير الحكومية غير المرخص بها من لدن الحكومة المصرية الذي كانت تتولاّه الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وذلك تلبيةً لمطالب الحكومة المصرية. وفي الوقت نفسه، سرعان ما انهمكت الإدارة الأمريكية بمبادرات كبرى في السياسة المحلّية الأمريكية (الرعاية الصحية) وتورّطت في أزمات (ركود كبير)ً.
لكن مسؤولي الإدارة الأمريكية المكلَّفين ترويج الديمقراطية والتنمية وحقوق الإنسان، سعوا إلى القيام بما أمكنهم ضمن نطاق هذه الحدود، وركّزوا في شكل خاص على الجهود متعدّدة الأطراف. وهكذا انضمّت الولايات المتحدة من جديد إلى مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وشاركت في آليات المراجعة التي يجريها لأوضاع حقوق الإنسان في البلدان المختلفة (المراجعات الدورية الشاملة). بعد إلقاء وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون خطاب في كراكوف، شنّت الولايات المتّحدة حملة ناجحة لإنشاء منصب مقرّر الأمم المتحدة الخاص حول حرّية التجمّع وتكوين الجمعيات.
يقول المسؤولون الأمريكيون إنّهم يمارسون "لعبة طويلة الأمد" في مجالي الإصلاح وحقوق الإنسان عبر التركيز على البنى التحتية التنظيمية والأديولوجية الدولية التي تدعم هذه الأهداف. وأحد أهدافهم هو تشجيع القوى الدولية الناشئة التي تنتمي إلى الديمقراطيات (مثل الهند وجنوب أفريقيا وأندونيسيا) على دعم الإصلاح الديمقراطي وحقوق الإنسان في مختلف أنحاء العالم. كما أطلقت الإدارة الأمريكية مبادرات حول حرّية الإنترنت وريادة الأعمال يعالج كلّ منها تحدّيات جوهرية تواجهها الأعمال في القطاع الخاص وكذلك المصلحون الاجتماعيون والسياسيون. كما يعمل المسؤولون الأمريكيون على تصحيح الممارسات الأمريكية التي تُعتبَر بأنّها تنمّ عن نفاق ورياء، فيسعون في هذا الإطار إلى إغلاق سجن غوانتانامو ويشدّدون على أن السياسات الأمريكية تستند إلى مبادئ حقوق الإنسان العالمية وليس إلى أجندة صُنِعت في واشنطن.
أخيراً، عملت الإدارة الأمريكية مع الكونغرس لتخصيص الاستثمارات الضرورية للمساعدة على نشر الديمقراطية. فبالرغم من الخفوضات في المساعدات التقنية للمجتمع المدني في مصر والأردن، ازداد إجمالي مستويات التمويل الأمريكي للديمقراطية والحوكمة وحقوق الإنسان في العالم العربي خلال العامَين المنصرمين. فقد عزّزت الإدارة الدعم للصندوق الوطني للديمقراطية (هيئة مستقلّة يموّلها الكونغرس وتؤازر المجتمع الأهلي في مختلف أنحاء العالم)، إلى جانب هيئتين أخريين أنشئتا في عهد بوش: مبادرة الشراكة الشرق أوسطية (وحدة ضمن مكتب شؤون الشرق الأدنى التابع لوزارة الخارجية تُعنى بتقديم الدعم للجهات غير الحكومية التي تحفّز الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي)، ومؤسّسة تحدّي الألفية (التي تمنح تمويلاً بهدف التنمية الاقتصادية للدول التي تلبّي بعض معايير الحوكمة).
ثمار هذا المجهود محدودة حتى الآن في العالم العربي، فقد مارست الجهود المتعدّدة الأطراف تأثيراً متواضعاً، لكنّ فشل الدول – ولاسيما الولايات المتحدة نفسها – في إجراء متابعة مجدية للاستنتاجات التي تتوصّل إليها الأمم المتحدة، يؤدّي إلى تقويض هذه الجهود. فعندما جدّدت الحكومة المصرية حال الطوارئ في مايو/أيار 2010 بعد أشهر من التنسيق الدبلوماسي متعدّد الأطراف، اكتفت واشنطن باحتجاج هادئ. وكذلك، انتقد مراقبون إقليميون جهود الإدارة الأمريكية في موضوع حرّية الإنترنت (مثلاً تدريب ناشطي الإنترنت) واصفين إياها بأنّها غير كافية في أفضل الأحوال، وبأنها تُستخدَم عذراً لتفادي التطرّق إلى بعض المسائل الأكثر حساسية مثل الإصلاح السياسي في أسوأ الأحوال. وفي غضون ذلك، جاء تركيز الإدارة الأمريكية البياني على البدأ بالداخل وإنهاء النفاق الأمريكي بخصوص حقوق الإنسان، بالرغم من حسن نيّة، ليغذّي أكثر فأكثر الحجج التي تستخدمها الحكومات العربية لمعارضة التدخّلالإصلاح، ما يقوّض الجهود الدبلوماسية في المدى القصير.
تصبّ هذه المقاربات إلى حد ما في خانة الميل إلى تجنّب المخاطرة والإبقاء على الوضع القائم الذي نجده في السنتين الأوليين من عهد عدد كبير من الإدارات الأمريكية. بيد أن المشكلة قد تكون أعمق. فلعلّ المسألة الأساسية المطروحة على الإدارة الحالية ليست الأولوية النسبية التي تُعطى لشؤون حقوق الإنسان والإصلاح في مقابل تحدّيات خارجية كبرى أخرى، بل النظرة إلى هذه المواضيع التي تعتبر أن هناك تمايزاً بينها على الصعيد التحليلي، أو على الأقل متابعتها من خلال مسارات بيروقراطية منفصلة. وعلى رغم أن الحكومة الأمريكية لاتزال تعمل جاهدةً لجعل التفكير الجدّي وطويل الأمد حول التنمية جزءاً من التخطيط للسياسات عبر الوكالات المختلفة، إلا أن وزارة الخارجية وعلى رأسها الوزيرة كلينتون قاومت حتى الآن الجهود الهادفة إلى منح الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية صوتاً مستقلاً في الاجتماعات الكبرى حول السياسات.
والجانب الآخر للفصل بين التحدّيات المختلفة هو أنّ البيروقراطية في مجالَي حقوق الإنسان والإصلاح السياسي داخل مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية تركّز في شكل أساسي على الدبلوماسية متعدّدة الأطراف ولاتمارس تأثيراً كبيراً على صوغ الاستراتيجيات الدبلوماسية التي ستُعتمَد في التعاطي مع الحكومات العربية. ونتيجةً لذلك، تسير الاحتجاجات على انتهاكات حقوق الإنسان في موازاة العلاقات الثنائية الأوسع بدلاً من أن تتقاطع معها.
حتى الخطاب الرئاسي بدا في بعض الأحيان منفصلاً عن الآلية البيروقراطية الضرورية كي تُقرَن الأقوال بالأفعال. فالبنية التحتية واسعة النطاق التي أنشئت لتطبيق الأهداف القابلة للتحقيق في الخطاب الدراماتيكي الذي ألقاه أوباما في القاهرة في يونيو/حزيران 2009 تعطّلت من دون أن يُسجَّل في رصيدها عدد كبير من النجاحات الهامة. وتبدو مطالب أوباما الشخصية بأن يضع الرئيس حسني مبارك حداً لحال الطوارئ المعمول به في البلاد منذ عقود، وأن يُجري انتخابات تتمتّع بالشفافية والمصداقية، منفصلة عن التداعيات على السياسات.
لم تنجح الدبلوماسية الهادئة في ترويج الإصلاح السياسي في العالم العربي خلال السنتين الأوليين من عهد أوباما. وثمّة مؤشّرات بأن المسؤولين في الإدارة الأمريكية يفكّرون في طرق من أجل تعديل المسار نحو الأمام، الأمر الذي من شأنه أن يؤدّي إلى مجهود أكثر حزماً يقوم على الدبلوماسية العامة الصريحة وعلى مبادرات ذات مغزى حقيقي في السياسات. وتحتاج الإدارة الأمريكية، من أجل المساهمة في تغيير الاتجاه التقهقري في السياسة العربية، إلى ترسيخ الروابط أكثر بين خطابها حول حقوق الإنسان والإصلاح السياسي من جهة وبين العواقب السياسية من جهة أخرى.
شغل أندرو ألبرتسون منصب المدير التنفيذي لمشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط من 2007 حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2010.
ركّز الرئيس أوباما لدى تسلّمه منصبه على أربعة أهداف أساسية في الشرق الأوسط الأكبر: وقف البرنامج النووي الإيراني، وسحب القوات القتالية الأمريكية من العراق تدريجياً، وتغيير معطيات النزاع في أفغانستان، وحل المسألة الإسرائيلية-الفلسطينية. وقد طرح كل من هذه الأهداف تحدّيات هائلة، وتطلّب تنسيقاً دبلوماسياً وثيقاً مع الحلفاء العرب، لكن صعوبات حالت دون تحقيق ذلك بسبب النزعة الأحادية الشديدة للرئيس جورج دبليو بوش.
أعلن أوباما في بداية رئاسته عن نيّته لإطلاق "بداية جديدة" مع البلدان ذات الغالبية المسلمة، بما في ذلك حلفاء الولايات المتحدة في العالم العربي. وقد أدّى هذا الالتزام بتحسين الروابط الدبلوماسية المتوتِّرة في المنطقة إلى تعقيد الجهود الهادفة إلى دعم الناشطين في المجتمع المدني والإصلاحات السياسية الكبرى. أحد الأمثلة على ذلك هو اتّخاذ إدارة أوباما قراراً في مطلع العام 2009 بوقف تمويل المنظّمات غير الحكومية غير المرخص بها من لدن الحكومة المصرية الذي كانت تتولاّه الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وذلك تلبيةً لمطالب الحكومة المصرية. وفي الوقت نفسه، سرعان ما انهمكت الإدارة الأمريكية بمبادرات كبرى في السياسة المحلّية الأمريكية (الرعاية الصحية) وتورّطت في أزمات (ركود كبير)ً.
لكن مسؤولي الإدارة الأمريكية المكلَّفين ترويج الديمقراطية والتنمية وحقوق الإنسان، سعوا إلى القيام بما أمكنهم ضمن نطاق هذه الحدود، وركّزوا في شكل خاص على الجهود متعدّدة الأطراف. وهكذا انضمّت الولايات المتحدة من جديد إلى مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وشاركت في آليات المراجعة التي يجريها لأوضاع حقوق الإنسان في البلدان المختلفة (المراجعات الدورية الشاملة). بعد إلقاء وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون خطاب في كراكوف، شنّت الولايات المتّحدة حملة ناجحة لإنشاء منصب مقرّر الأمم المتحدة الخاص حول حرّية التجمّع وتكوين الجمعيات.
يقول المسؤولون الأمريكيون إنّهم يمارسون "لعبة طويلة الأمد" في مجالي الإصلاح وحقوق الإنسان عبر التركيز على البنى التحتية التنظيمية والأديولوجية الدولية التي تدعم هذه الأهداف. وأحد أهدافهم هو تشجيع القوى الدولية الناشئة التي تنتمي إلى الديمقراطيات (مثل الهند وجنوب أفريقيا وأندونيسيا) على دعم الإصلاح الديمقراطي وحقوق الإنسان في مختلف أنحاء العالم. كما أطلقت الإدارة الأمريكية مبادرات حول حرّية الإنترنت وريادة الأعمال يعالج كلّ منها تحدّيات جوهرية تواجهها الأعمال في القطاع الخاص وكذلك المصلحون الاجتماعيون والسياسيون. كما يعمل المسؤولون الأمريكيون على تصحيح الممارسات الأمريكية التي تُعتبَر بأنّها تنمّ عن نفاق ورياء، فيسعون في هذا الإطار إلى إغلاق سجن غوانتانامو ويشدّدون على أن السياسات الأمريكية تستند إلى مبادئ حقوق الإنسان العالمية وليس إلى أجندة صُنِعت في واشنطن.
أخيراً، عملت الإدارة الأمريكية مع الكونغرس لتخصيص الاستثمارات الضرورية للمساعدة على نشر الديمقراطية. فبالرغم من الخفوضات في المساعدات التقنية للمجتمع المدني في مصر والأردن، ازداد إجمالي مستويات التمويل الأمريكي للديمقراطية والحوكمة وحقوق الإنسان في العالم العربي خلال العامَين المنصرمين. فقد عزّزت الإدارة الدعم للصندوق الوطني للديمقراطية (هيئة مستقلّة يموّلها الكونغرس وتؤازر المجتمع الأهلي في مختلف أنحاء العالم)، إلى جانب هيئتين أخريين أنشئتا في عهد بوش: مبادرة الشراكة الشرق أوسطية (وحدة ضمن مكتب شؤون الشرق الأدنى التابع لوزارة الخارجية تُعنى بتقديم الدعم للجهات غير الحكومية التي تحفّز الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي)، ومؤسّسة تحدّي الألفية (التي تمنح تمويلاً بهدف التنمية الاقتصادية للدول التي تلبّي بعض معايير الحوكمة).
ثمار هذا المجهود محدودة حتى الآن في العالم العربي، فقد مارست الجهود المتعدّدة الأطراف تأثيراً متواضعاً، لكنّ فشل الدول – ولاسيما الولايات المتحدة نفسها – في إجراء متابعة مجدية للاستنتاجات التي تتوصّل إليها الأمم المتحدة، يؤدّي إلى تقويض هذه الجهود. فعندما جدّدت الحكومة المصرية حال الطوارئ في مايو/أيار 2010 بعد أشهر من التنسيق الدبلوماسي متعدّد الأطراف، اكتفت واشنطن باحتجاج هادئ. وكذلك، انتقد مراقبون إقليميون جهود الإدارة الأمريكية في موضوع حرّية الإنترنت (مثلاً تدريب ناشطي الإنترنت) واصفين إياها بأنّها غير كافية في أفضل الأحوال، وبأنها تُستخدَم عذراً لتفادي التطرّق إلى بعض المسائل الأكثر حساسية مثل الإصلاح السياسي في أسوأ الأحوال. وفي غضون ذلك، جاء تركيز الإدارة الأمريكية البياني على البدأ بالداخل وإنهاء النفاق الأمريكي بخصوص حقوق الإنسان، بالرغم من حسن نيّة، ليغذّي أكثر فأكثر الحجج التي تستخدمها الحكومات العربية لمعارضة التدخّلالإصلاح، ما يقوّض الجهود الدبلوماسية في المدى القصير.
تصبّ هذه المقاربات إلى حد ما في خانة الميل إلى تجنّب المخاطرة والإبقاء على الوضع القائم الذي نجده في السنتين الأوليين من عهد عدد كبير من الإدارات الأمريكية. بيد أن المشكلة قد تكون أعمق. فلعلّ المسألة الأساسية المطروحة على الإدارة الحالية ليست الأولوية النسبية التي تُعطى لشؤون حقوق الإنسان والإصلاح في مقابل تحدّيات خارجية كبرى أخرى، بل النظرة إلى هذه المواضيع التي تعتبر أن هناك تمايزاً بينها على الصعيد التحليلي، أو على الأقل متابعتها من خلال مسارات بيروقراطية منفصلة. وعلى رغم أن الحكومة الأمريكية لاتزال تعمل جاهدةً لجعل التفكير الجدّي وطويل الأمد حول التنمية جزءاً من التخطيط للسياسات عبر الوكالات المختلفة، إلا أن وزارة الخارجية وعلى رأسها الوزيرة كلينتون قاومت حتى الآن الجهود الهادفة إلى منح الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية صوتاً مستقلاً في الاجتماعات الكبرى حول السياسات.
والجانب الآخر للفصل بين التحدّيات المختلفة هو أنّ البيروقراطية في مجالَي حقوق الإنسان والإصلاح السياسي داخل مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية تركّز في شكل أساسي على الدبلوماسية متعدّدة الأطراف ولاتمارس تأثيراً كبيراً على صوغ الاستراتيجيات الدبلوماسية التي ستُعتمَد في التعاطي مع الحكومات العربية. ونتيجةً لذلك، تسير الاحتجاجات على انتهاكات حقوق الإنسان في موازاة العلاقات الثنائية الأوسع بدلاً من أن تتقاطع معها.
حتى الخطاب الرئاسي بدا في بعض الأحيان منفصلاً عن الآلية البيروقراطية الضرورية كي تُقرَن الأقوال بالأفعال. فالبنية التحتية واسعة النطاق التي أنشئت لتطبيق الأهداف القابلة للتحقيق في الخطاب الدراماتيكي الذي ألقاه أوباما في القاهرة في يونيو/حزيران 2009 تعطّلت من دون أن يُسجَّل في رصيدها عدد كبير من النجاحات الهامة. وتبدو مطالب أوباما الشخصية بأن يضع الرئيس حسني مبارك حداً لحال الطوارئ المعمول به في البلاد منذ عقود، وأن يُجري انتخابات تتمتّع بالشفافية والمصداقية، منفصلة عن التداعيات على السياسات.
لم تنجح الدبلوماسية الهادئة في ترويج الإصلاح السياسي في العالم العربي خلال السنتين الأوليين من عهد أوباما. وثمّة مؤشّرات بأن المسؤولين في الإدارة الأمريكية يفكّرون في طرق من أجل تعديل المسار نحو الأمام، الأمر الذي من شأنه أن يؤدّي إلى مجهود أكثر حزماً يقوم على الدبلوماسية العامة الصريحة وعلى مبادرات ذات مغزى حقيقي في السياسات. وتحتاج الإدارة الأمريكية، من أجل المساهمة في تغيير الاتجاه التقهقري في السياسة العربية، إلى ترسيخ الروابط أكثر بين خطابها حول حقوق الإنسان والإصلاح السياسي من جهة وبين العواقب السياسية من جهة أخرى.
شغل أندرو ألبرتسون منصب المدير التنفيذي لمشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط من 2007 حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2010.