سؤال : يقال إن خميرة الخبز والزبادي مصنوعة من البقر أو الخنزير، هل يجوز الأكل من هذ المنتجات؟
جواب: لا صحة للقول بأن خميرة الخبز من منشأ حيواني، كالبقر أو الخنزير أو غيرها؛ فالخميرة الشائعة المستعملة في صناعة الخبز أصلها من أحد الفطور المساة بخميرة الجعة Yeast0 وهى خميرة مبتذلة، سريعة التكاثر والنمو، وتستعمل طرية رطبة أو جافة، وتقوم بتخمير المواد النشوية التي توجد في أنواع الدقيق المختلفة وتساعد على نضج الخبز أو العجين بصورة عامة0
وقد يستغنى عن هذه الخميرة في صناعة بعض المعحنات كأنواع (الكاتو) المختلفة وذلك باستعمال مسحوق مؤلف من ثانى كربونات الصوديوم Natrium Bicarbonate ؛ وهو مادة كيميائية تهيأ في الصناعة0
وعليه فلا حرج شرعا من استعمال هذه الخميرة (خميرة الخبز) في صناعة المعجنات والله أعلم0
أما الخميرة المستعملة في صناعة الزبادى أو اللبن الرائب؛ فقد تكون من مصدر جرثومي أو مصدر فطري أو مصدر حيواني0
والشائع اليوم استعمال الجراثيم المسمات بالعصيلت البنية Lactobacilles وأشهرها العصيات اللبنية الباغارية 0
أما المصدر الفطري فينتمي إلى الفطور الليمونية ولها فاعلية جيدة في صناعة الألبان والاجبان وبناء على ذلك فلا حرج من استعمالها في تحضير اللبن الرائب أو الزبادي0
أما الخمائر المستخرجة من أصل حياني، فتستعمل عادة بتركيزات زهيدة جدا، فحكمها كحكم المادة النجسة التي وقعت في الكثير الطاهر؛ فعلى القول بأن الخميرة من مصدر حيواني غير مأكول اللحم كالميتة والخنزير؛ فهي مستهلكة في الكثير من اللبن ولا تؤثر على طهارة اللبن الرائب الناتج0
والله تعالى أعلم0
سؤال : يسأل كثير من المسلمين عن حكم الجيلاتين والمواد الدهنية الحيوانية الموجودة في الكثير من المأكولات لهذه البلاد ؟ نرجو من حضرتكم الجواب .
الجواب : تضمن السؤال طلب الحكم في مادتين مختافتين : الجلاتين والمواد الدهنية الحيوانية . والمقصود بهما المواد التي قد تستخرج من حيوانات غير مأكولة اللحم ، كالميتة ، والحيوانات غير المذكاة والخنزير .
والجلاتين مادة غذائية بروتينية غنية بالحموض الأمينية تدخل في كثير من الصناعات الغذائية كالمعجنات وأغذية الأطفال وفي صناعة اللبن الرائب والأجبان والمثلجات كما تدخل في الصناعة الدوائية كصناعة المحافظ الدوائية ( كبسولات capsules ) ؛ وقد تستعمل كمادة بديلة للبلاسما الدموية في معالجة حالات مرضية مختلفة .
لا يوجد الجلاتين أو الغراء الحيواني حراً في الطبيعة ؛ إنما ينشأ من معالجة الغراء الحيواني collahene
الموجود في جلود الحيوانات وأحشائها وعظامها . وتطرأ على الكولاجين تحولات فيزيائية وكيميائية تغيْر من بنيته الكيميائية تغيراً كاملاً حينما يتحول إلى جيلاتين .
فإن كان الجلاتين من مصدر حيواني مأكول اللحم كالماعز والشاة والبقر وما شابه ، فهو حلال ولا حرج من استعماله في الغذاء والدواء .
وإن كان من مصدر حيواني مشتبه به كأن يكون غير مذكى أو من حيوان غير مأكول اللحم فإن الإستحالة التي طرأت على الأصل أى الكولاجين تجعل المركب الناتج، أى الجيلاتين طاهرا يجوز أكله0
جاء في البحر الرائق : من الأمور التي يكون بها التطهير انقلاب العين، ومضى إلى أن قال: " وإن كان في غيره – أى الخمر – كالخنزير والميتة تقع في المملحة فتصير ملحا يؤكل، والسرجين والعذرة تحترق فتصير رمادا عند محمد 0
وفي فتح القدير : العصير طاهر فيصير خمرا ويصير خلا فيطهر، فعرفنا أن استحالة العين تستبع زوال الوصف المرتب عليها0 وعلى قول محمد فرّعوا الحكم بطهارة صابون صنع من زيت نجس0"
وذهب المالكية إلى أن مااستحال إلى صلاح فهو طاهر وأن ماااستحال إفساد فهو نجس0
جاء في الشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه: " من الطاهر لبن الآدمي ولو كان نافرا لاستحالته إلى الصلاح 0
ثم جاء في موضع آخر : إذا تغيّر القىء، وهو الخارج من الطعام بعد استقراره في المعدة، كان نجسا، وعلة نجاسته الاستحالة إلى فساد ، فإن لم يتغير كان طاهرا 0 "
وعليه فإن انقلاب العين النجسة الى عين أخرى، كأن احترقت فصارت رمادا أو دخانا فهى طاهرة ، قياسا على طهارة الخمر بتخللها، وسواء في ذلك انقلبت بنفسها أو بفعل فاعل 0 وعلى هذا فإن أية نجاسة عينية إذا تحولت إلى عين أخرى بخصائص تركيبية مخالفة ، فإنها تعتبر طاهرة ، كانتقال عظام الميتة بعد حرقها إلى أعيان جديدة من دخان ورماد 0 "
وقد وافق ابن تيمية ما ذهب إليه المالكية والأحناف ، فقال: " وهذا هو الصواب المقطوع به ، فإن هذه الأعيان لم تتناولها نصوص التحريم ، لا لفظا ولا معنىً ، فليست محرمة ، ولا في معنى التحريم، فلا وجه لتحريمها ، بل تتناولها نصوص الحلّ فإنها من الطيبات وأيضا في معنى ما اتفق على حلّه ، فالنص والقياس يقتضي تحليلها ، وعلى هذا استحالة الدم أو الميتة أو لحم الخنزير ، وكل عين نجسة استحالت إلى عين ثانية 0"
ويقول ابن تيمية في موضع آخر :" وإذا وقعت النجاسة كالدم أو الميتة أو لحم الخنزير في الماء أو غيره واستهلكت لم يبق هناك دم ولا لحم خنزيرا أصلا ، كما أن الخمر إذا استحالت بنفسها وصارت خلاً كانت طاهرة باتفاق العلماء0 وهذا عند من يقول : إن النجاسة إذا استحالت طهرت أقوى ، كما هو مذهب أبي حنيفة وأهل الظاهر ، وأحد القولين في مذهب مالك وأحمد ، فإن انقلاب النجاسة ملحا أو ترابا أو رمادا أو هواءً ، ونحو ذلك ، والله تعالى قد أباح لنا الطيبات "
وبالقياس على ما أوردنا فإن الجيلاتين المتكون بالاستحالة من جلود الحيوانات أو عظامها أو أحشائها طاهر ويجوز أكله واستعماله في الغذاء والدواء والله تعالى أعلم 0
أما المواد الدهنية الحيوانية المصدر المستعملة في المؤكولات المنتشرة في البلاد الغربية فتعتريها الشبة أو الحرمة ، لأنها كثيرا ما تختلط بدهن الخنزير ؛ ومن المعروف أن البيانات واللصاقات الموجودة على هذه الأطعمة لاتذكر مصدر المواد الدسمة الحيوانية بل تكتفي بذكر كلمة "دهن حيواني" فقط0
ولذا فإما أن يقوم المستهلك أو المؤسسات الإسلامية بسؤال الشركات الصانعة عن مصدر المواد الدهنية الحيوانية ، ومن حقها أن تحصل على الجواب الصحيح تبعا لقانون حماية المستهلك أو تمتنع عن استعمال المادة الغذائية المشتملة على الدهون الحيوانية للاشتباه باختلطها بدهن الخنزير0
والله تعالى أعلم
- البحر الرائق 1/239
- شرح فتح القدير 1/200 وانظر الحاشية لابن عابدين 1/315 - 317
- الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 1/50
- الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 1/57
- أسهل الدارك ج1/40 وانظر القوانين /34
- مجموع الفتاوى لابن تيمية ج21/68
- مجموع الفتاوى لابن تيمية ج21/500 وانظر إعلام الموقعين لابن القيم ج1/12