- السؤال: لدي أرض ثمينة فيها زروع وثمار سطا عليها بعض أهل الظلم فلم أستطع استخلاصها منه وقد رفعت أمره إلى أهل الشأن فلم يقوموا بالمطلوب وقد سمعت أنهم يقبلون الرشوة فهل يجوز أن أدفع الرشوة لآخذ حقي من هذا الظالم المعتدي ؟
- المفتي الشيخ سليمان بن ناصر العلوان:
بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فالرشوة من الأمور التي حرمها الإسلام ، لما فيها من انتشار الفساد في الأرض ، وقد جاء النهي عنه ، ولكن إن كان للإنسان حق مغتصب ، ولم يجد سبيلا يرد بها حقه إلا الرشوة ، يدفعها وهو لها كاره ، والإثم على المرتشي لا على الرائش حينئذ.
يقول الشيخ سليمان بن ناصر العلوان من علماء المملكة العربية السعودية :
من أسباب خراب البلاد وفساد العباد انتشارُ الرشوة في المجتمع فهي من الظلم المتفق على تحريمه ومن الأمراض الموروثة عن المفسدين في الأرض وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي ) صححه الترمذي ( 1337 ) من حديث الحارث بن عبد الرحمن عن أبي سلمة عن عبد الله بن عمرو وصححه ابن حبان والحاكم وغيرهما .
والراشي من يُعطي المال لإبطال حق أو إحقاق باطل والمرتشي الآخذ وقد شمله اللعن لأنه شريك للراشي ومعين على الظلم والفساد .
ومن كان له حق من عقار وغيره لا يستطيع أخذه ولا الوصول إليه إلا بدفع الرشوة فلا بأس بذلك للراشي دون المرتشي فقد رخص فيه جماعة من السلف .
قال ابن الأثير رحمه الله في كتابه النهاية ( 2 / 226 ) فأمّا ما يُعطى توصلاً إلى أخذ حق أو دفع ظلم فغير داخل فيه … وروى عن جماعة من أئمة التابعين قالوا : لابأس أن يصانع الرجل عن نفسه وماله إذا خاف الظلم) .
وقال الخطابي رحمه الله في المعالم [ 5 / 207 ] إذا أَعطى ليتوصل به إلى حقه أو يدفع عن نفسه ظلماً فإنه غير داخل في هذا الوعيد .. ) .
وهذا الأمر مما عمت به البلوى في بعض البلاد فلا يقدرون على أخذ حقوقهم وقضاء حوائجهم إلا بشيء من الرشوة ويعتبر ذلك من باب الضرورة فيجوز للدافع ويحرم على الآخذ .
يدل على ذلك حديث أبي سعيد رواه أحمد في مسنده ( 3 / 4 ) من طريق أبي بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري قال قال عمر يا رسول الله لقد سمعت فلاناً وفلاناً يحسنان الثناء يذكران أنك أعطيتهما دينارين قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم لكن والله فلاناً ما هو كذلك لقد أعطيته من عشرة إلى مائة فما يقول ذاك أما والله إن أحدكم ليخرج مسألته من عندي يتأبطها يعني تكون تحت إبطه يعني ناراً قال فقال عمر: يا رسول الله لِمَ تعطيها إياهم ؟ قال: فما أصنع يأبون إلا ذاك ويأبى الله لي البخل )) وصححه ابن حبان والحاكم والحديث في صحيح مسلم ( 1056 ) بغير هذا اللفظ رواه من طريق جرير عن الأعمش عن أبي وائل عن سلمان بن ربيعة قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قسماً فقلت : والله يا رسول الله لغيرُ هؤلاء كان أحقَّ به منهم قال ( إنهم خيّروني أن يسألوني بالفحش أو يبخلوني فلستُ بباخل )) وهذا أصح .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى ( 31 / 187 ) ويجوز للمهدي أن يبذل في ذلك ما يتوصل به إلى أخذ حقه أو دفع الظلم عنه هذا هو المنقول عن السلف والأئمة الكبار …) .
وهذا من دقائق فقه السلف وعظيم علمهم، فهذا الباب فيه حاجة من جهة وصعوبة الاجتناب من جهة أخرى فاستدعى النظر تجويز ذلك مراعاة لمصالح العباد ودفع الضرر عنهم والصبر في مثل هذه المسائل فيه خير كثير وفضل عظيم.انتهى
والله أعلم
- المفتي الشيخ سليمان بن ناصر العلوان:
بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فالرشوة من الأمور التي حرمها الإسلام ، لما فيها من انتشار الفساد في الأرض ، وقد جاء النهي عنه ، ولكن إن كان للإنسان حق مغتصب ، ولم يجد سبيلا يرد بها حقه إلا الرشوة ، يدفعها وهو لها كاره ، والإثم على المرتشي لا على الرائش حينئذ.
يقول الشيخ سليمان بن ناصر العلوان من علماء المملكة العربية السعودية :
من أسباب خراب البلاد وفساد العباد انتشارُ الرشوة في المجتمع فهي من الظلم المتفق على تحريمه ومن الأمراض الموروثة عن المفسدين في الأرض وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي ) صححه الترمذي ( 1337 ) من حديث الحارث بن عبد الرحمن عن أبي سلمة عن عبد الله بن عمرو وصححه ابن حبان والحاكم وغيرهما .
والراشي من يُعطي المال لإبطال حق أو إحقاق باطل والمرتشي الآخذ وقد شمله اللعن لأنه شريك للراشي ومعين على الظلم والفساد .
ومن كان له حق من عقار وغيره لا يستطيع أخذه ولا الوصول إليه إلا بدفع الرشوة فلا بأس بذلك للراشي دون المرتشي فقد رخص فيه جماعة من السلف .
قال ابن الأثير رحمه الله في كتابه النهاية ( 2 / 226 ) فأمّا ما يُعطى توصلاً إلى أخذ حق أو دفع ظلم فغير داخل فيه … وروى عن جماعة من أئمة التابعين قالوا : لابأس أن يصانع الرجل عن نفسه وماله إذا خاف الظلم) .
وقال الخطابي رحمه الله في المعالم [ 5 / 207 ] إذا أَعطى ليتوصل به إلى حقه أو يدفع عن نفسه ظلماً فإنه غير داخل في هذا الوعيد .. ) .
وهذا الأمر مما عمت به البلوى في بعض البلاد فلا يقدرون على أخذ حقوقهم وقضاء حوائجهم إلا بشيء من الرشوة ويعتبر ذلك من باب الضرورة فيجوز للدافع ويحرم على الآخذ .
يدل على ذلك حديث أبي سعيد رواه أحمد في مسنده ( 3 / 4 ) من طريق أبي بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري قال قال عمر يا رسول الله لقد سمعت فلاناً وفلاناً يحسنان الثناء يذكران أنك أعطيتهما دينارين قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم لكن والله فلاناً ما هو كذلك لقد أعطيته من عشرة إلى مائة فما يقول ذاك أما والله إن أحدكم ليخرج مسألته من عندي يتأبطها يعني تكون تحت إبطه يعني ناراً قال فقال عمر: يا رسول الله لِمَ تعطيها إياهم ؟ قال: فما أصنع يأبون إلا ذاك ويأبى الله لي البخل )) وصححه ابن حبان والحاكم والحديث في صحيح مسلم ( 1056 ) بغير هذا اللفظ رواه من طريق جرير عن الأعمش عن أبي وائل عن سلمان بن ربيعة قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قسماً فقلت : والله يا رسول الله لغيرُ هؤلاء كان أحقَّ به منهم قال ( إنهم خيّروني أن يسألوني بالفحش أو يبخلوني فلستُ بباخل )) وهذا أصح .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى ( 31 / 187 ) ويجوز للمهدي أن يبذل في ذلك ما يتوصل به إلى أخذ حقه أو دفع الظلم عنه هذا هو المنقول عن السلف والأئمة الكبار …) .
وهذا من دقائق فقه السلف وعظيم علمهم، فهذا الباب فيه حاجة من جهة وصعوبة الاجتناب من جهة أخرى فاستدعى النظر تجويز ذلك مراعاة لمصالح العباد ودفع الضرر عنهم والصبر في مثل هذه المسائل فيه خير كثير وفضل عظيم.انتهى
والله أعلم