hmsain.ahlamontada.com

نشكرك على التسجيل فى هدا المنتدى زرنا باستمرار و شاركنا رايك فاليد الواحدة لا تصفق ورايك يهمنا كما ان حضورك الدائم يحفزنا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

hmsain.ahlamontada.com

نشكرك على التسجيل فى هدا المنتدى زرنا باستمرار و شاركنا رايك فاليد الواحدة لا تصفق ورايك يهمنا كما ان حضورك الدائم يحفزنا

hmsain.ahlamontada.com

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
hmsain.ahlamontada.com

منتدى يهتم بنشاطات حركة مجتمع السلم بلدية عين بوزيان


    المحاكم الإسلامية في الصومال 1

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 2093
    تاريخ التسجيل : 01/03/2010
    الموقع : hmsain.ahlamontada.com

    المحاكم الإسلامية في الصومال 1 Empty المحاكم الإسلامية في الصومال 1

    مُساهمة  Admin الخميس 14 يوليو 2011 - 20:17

    متى وكيف ظهرت بهذا الشكل

    قبل أن نتحدث عن المحاكم يجدر بنا أن نذكر نبذة عن أحوال الصومال قبل المحاكم الشرعية:

    اعتنق أهل الصومال الإسلام في وقت مبكر نتيجة الصلة الوثيقة بين جزيرة العرب والصومال، وارتبط هذا الإقليم بالدولة الإسلامية في مراحلها كافة.. وعندما ضعف أمر الدولة الإسلامية وخف سلطانها عن الأقاليم البعيدة نشأت إمارات محلية يحكمها شيوخ القبائل، وزعماء لا يتجاوز سلطانهم المدن الكبرى وما يجاورها.

    ووقع صراع بين الإمارات الإسلامية وبين دولة الحبشة النصرانية، ولم تعمل تلك الإمارات على وحدتها، ولا وحدت جهودها لمقاومة التسلط النصراني على بعض الإمارات التي احتلها، وعلى المسلمين الذين يعيشون في أرض الحبشة، مما جعل الصراع يطول أمده.

    ووصل المستعمرون الصليبيون من البرتغاليين إلى أقصى جنوبي القارة الإفريقية والتفوا حولها عام 903هـ (1497م) وتوجهوا إلى سواحل إفريقية الشرقية، وسيطروا على الإمارات والمدن الإسلامية هناك، وأسرع ملك الحبشة يعرض على البرتغاليين التحالف معهم لقتال المسلمين.

    وجاء العثمانيون إلى المنطقة ليقفوا في وجه المد الصليبي وحلوا محل المماليك بعد دخول القاهرة عام 923هـ (1517م)، ودانت لهم بلاد الصومال وشرقي إفريقيا، وأنشأوا أسطولاً في البحر الأحمر، وجعلوا قاعدته مدينة (زيلع)، وتبين لهم خطر الاتفاق بين البرتغاليين والأحباش فاتفقوا مع سلطان إمارة (عدل) الإسلامية أحمد إبراهيم وقدموا له المساعدات العسكرية فقام بالهجوم على الأحباش غير أنه هُزم وقتل قائده (محفوظ) حاكم زيلع، فانطلق السلطان بنفسه أمام الجيش وأعد الهجوم وانتصر بإذن الله، واسترجع كل ما فقده في جولته الأولى، واحتل عام 935هـ (1529م) قسماً من الحبشة. (1)

    استنجد إمبراطور الحبشة (دنجل) بأوربا، وعرض أن تكون الكنيسة الحبشية مرتبطة بروما مع الاحتفاظ بالمذهب الأرثوذكسي.

    ونزل البرتغاليون فجأة في مدينة (مصوع) عام 948هـ (1541م) غير أنهم هُزموا شر هزيمة وأبيد معظمهم، والتحقت فلول الفارين من المعركة بالأحباش الذين كانوا يقاتلون سلطان إمارة عدل في أعالي بلاد الحبشة قرب بحيرة (تانا) وقد انتصروا هناك وقتل السلطان أحمد إبراهيم.

    وقامت سلطنة (هرر) في الجنوب تحمل على عاتقها نشر الإسلام ومحاربة نصارى الأحباش ولكنها لم تستطع توحيد السلطنات الإسلامية في دولة واحدة، وبعدما أخذت الدولة العثمانية بالضعف أصبح واليها على مصر (محمد علي) صاحب النفوذ مكانها في بلاد الصومال، وأخذت مصر تحكم تلك الأجزاء باسم الدولة العثمانية.

    بدأ الصراع والاستعمار يدخل المنطقة واحتلت بريطانيا (عدن) عام 1255هـ (1839م) ودخلت فرنسا باب المنافسة وأرسلت عدة حملات استطلاعية لسواحل البحر الأحمر، إذ الحكم المصري ضعيف.. وعملت فرنسا على احتلال (زيلع) و(مصوع) وكانت نتيجة الحملات الاستطلاعية التي أرسلتها فرنسا إلى المنطقة أنها رأت أن المناطق الصومالية هي أحسن المناطق صلاحية لفرنسا.

    وكان الحاكم المصري لبلاد الصومال يقيم في (هرر) التي تعد مركز الإقليم وتتبعها ثلاث محافظات هي (تاجورا) وهي أراضي (وبوك) وعقدت فرنسا معاهدة مع سلطان (تاجورا) –وهي اليوم تسمى جيبوتي- أحمد محمد في ذي القعدة 1301هـ (أيلول 1884م) رغم أن القوات المصرية لم تزل فيها.. وبعد احتلال بريطانيا لمصر إثر الحركة العربية دخلت بريطانيا الصومال وأخيراً قرر العميد البريطاني (هنتر) إخلاء الحاميات المصرية من زيلع في 10 محرم 1302هـ (29 تشرين الأول 1884م) على إنهاء الخلافات بينهما في هذه المناطق.

    وفي العام نفسه اتفقت بريطانيا وفرنسا على إنهاء الخلاف في هذه المناطق واقتسام النفوذ في سلطنة زنجبار ومنطقة شمالي الصومال، وشاركتهما في الاقتسام كل من ألمانيا وإيطاليا، أخذت بريطانيا القسم الأوسط من شرقي إفريقيا (ساحل كينيا) وساحل الصومال على خليج عدن (الصومال الإنكليزي).

    وأخذت ألمانيا الساحل الجنوبي من شرقي إفريقية (تانجا نيقيا).

    وأخذت إيطاليا الساحل الشمالي من شرقي إفريقية (الصومال الإيطالي) واعترفت الدول الأخرى لها باحتلالها منطقة إرتيريا.

    * الصومال بعد الاحتلال:

    وقد بدأت حركة المقاومة الصومالية ضد الاستعمار البرتغالي عام 934هـ 1528م بواسطة سلطان (ممبسه) وفي عام 1264هـ 1741م اشتدت المقاومة حيث أرسل إليهم الإمام سيف بن سلطان أسطولاً بحرياً استطاع أن يطرد البرتغاليين من (ممبسه) وفي أوائل القرن الـ19 كانت عمان قد بسطت نفوذها على الساحل الشرقي لإفريقيا من مقديشو شمالاً حتى نهر روفوما جنوباً.. ولم يبق للبرتغاليين في هذا شيء.

    وفي عام 1253هـ 1837م استطاع السيد سعيد بن سلطان أن يخضع (ممبسة) لسلطانه، وبذلك انتشر النفوذ العماني في كل ساحل إفريقيا الشرقي.

    وفي عام 1317هـ 1899م ظهر محمد بن عبد الله حسن الشهير بالملا –الشيخ- ونادى بالجهاد المقدس، ونجح في السيطرة على داخل البلاد لمدة عشرين عاماً، مما أقض مضاجع البريطانيين الذين اضطروا إلى إخلاء الأقاليم الداخلية من عام 1318هـ إلى عام 1322هـ أي من عام 1900 إلى عام 1904م، وظل "الملا" شوكة في حلق بريطانيا حتى عام 1338هـ 1920م، وقد استطاع المجاهدون معه أن يوقعوا بالإنجليز هزائم متتالية في حوالي أربعين موقعة، وكان الإنجليز يطلقون على القائد محمد عبد الله حسن لقب "الشيخ المجنون" وعلى أنصاره "الدراويش" كيداً له وتشويهاً لسمعته وإيقاعاً بينه وبين شعبه الصومالي، وبعد موت الشيخ محمد عبد الله حسن استمر الجهاد ما يقرب من أربعين سنة، حيث قام الصوماليون بتشكيل جمعيات سرية في الثلاثينات أما في عام 1943م فقد برز في مقديشو حزب سياسي باسم "رابطة وحدة الشباب" ينادي بتحرير الصومال جزءً من الوطن العربي والوطن الإسلامي الكبير ووضع برنامجاً كبيراً لإلحاق مئات الدارسين الصوماليين بالمدارس المصرية، وفي أعوام 1948-1955م سلمت بريطانيا إلى الحبشة غدراً أقاليم "أوجادين" وهي المنطقة المحجوزة وفق اتفاقيات سرية بينهما مما أدى إلى سقوط أعداد كبيرة دفاعاً عن مطالبهم القومية.

    وقد قام الاستعمار بتقسيم الصومال إلى خمس دول هي: إنجلترا وفرنسا وإيطاليا والحبشة وكينيا، فقبل أن تجلوا انجلترا سلمت إقليم "أوجادين" الصومالي إلى الحبشة ومساحته 310.800كم2 وعدد سكانه حوالي المليون مسلم.

    هذا بالإضافة إلى الصومال الفرنسي والبريطاني والإيطالي. وفي عام 1379هـ 1960م استقل الصومال البريطاني وتلاه الصومال الإيطالي، ثم اتحد الاثنان في جمهورية واحدة عام 1380هـ 1961م. أما إقليم "أوجادين" فقد بقي تحت سيطرة الحبشة وبالمثل الأراضي التي تحتلها كينيا فقد بقيت تحت سيطرتها.

    وفي عام 1971م قامت السلطات الصومالية بإلغاء الأحرف العربية وفرض الأحرف اللاتينية في الكتابة (لعزل الصوماليين عن القرآن الكريم وعلوم الإسلام وعن العالم العربي الإسلامي كما حدث في تركيا).

    سقوط زياد بري وفشل نظامه العلماني:

    أدى هذا الإجراء والإجراءات الأخرى التي مارسها زياد بري كفرض قوانين تتعارض مع الشريعة الإسلامية –وكقانون مساواة المرأة للرجل في جميع الأمور حتى في الإرث والدية وكذلك قانون الأسرة، والذي يقول: أن الرجل لا يجوز أن يتزوج أكثر من واحدة، ولكن ليكثر من الصديقات إلى ازدياد موجات الغضب إن شاء فعارض كثير من العلماء الكبار هذه القوانين ونصحوا الحكومة وطالبوا بإلغاء القوانين المصادمة للشريعة الإسلامية وقام بعض الشعب مع العلماء ووزعوا خطبة واحدة على جميع مساجد العاصمة تردُ وتوضح بطلان تلك القوانين فأصدرت الحكومة أحكاماً بإعدام الدعاة المعارضين، وتم تنفيذ هذه الأحكام بصورة فورية وعلنية، كما تم إحراق بعض هؤلاء الدعاة في الميادين العامة بهدف إرهاب كل من يفكر في معارضة السلطات القائمة ذات الاتجاه العلماني، وبعد سقوط (زياد بري) وهروبه أخذ الشعب الصومالي المسلم يعلن تخليه عن الوجه القبيح للصومال اللاتيني اللاديني الذي فرضه (زياد بري) مدة تزيد على 22 عاماً.

    (وقد عانى الشعب الصومالي بعد ذلك من الحروب الأهلية، واشتدت المعاناة في العاصمة مقديشو، حيث أصبحت العصابات المسلحة ذات نفوذ يفوق نفوذ القوى السياسية المتصارعة على السلطة، وبخاصة القوتان الرئيسيتان (قوة على مهدي وقوة الجنرال عيديد) برغم انتمائهما إلى قبيلة واحدة وحزب واحد، وقد أدت المعارك بينهما إلى تهجير ما يقارب المليون ونصف من سكان العاصمة فقد استقلت الأقاليم بإدارة شئونها والأسباب المباشرة للصراع ترجع إلى التعصب القبلي، وشيوع الجهل، وفوضى المفاهيم الشيوعية التي سادت تحت سلطة الديكتاتور (زياد بري) لمدة تزيد على عشرين سنة متواصلة، تخرجت فيها أجيال لا تعرف شيئاً عن الإسلام وقيمه وأخلاقه.

    هذا بالإضافة إلى وجود قوى صهيونية وصليبية تعمل من خلف الستار، بدليل أن بنادق (العوزي) الإسرائيلية تنتشر في أيدي الفريقين، ويوجد أفراد غربيون يعملون ضمن قيادات القوات المتقاتلة، كما يوجد بعض القيادات من المعروفين بعمالتهم للغرب، ومن المتحمسين لقيام علاقات مع إسرائيل، ولقد وجدت وثائق في السفارة الأمريكية بمقديشو تتناول توزيع القبائل في الصومال، وأماكن تواجدها، وكأنه تخطيط مسبق لإثارة الفتنة).

    الحرب الأهلية والأصابع الخفية تحركها:

    (بدأت الحرب الأهلية في العاصمة مقديشو يوم 17/11/1991م واستمرت سبعة أشهر، وراح ضحيتها نصف مليون، ولم يستجب لصرخاتها الأمريكان أو غيرهم، وقبل مجيء القوات الأمريكية كانت الأوضاع قد تحسنت كثيراً، حيث توقف القصف المدفعي، وهطلت الأمطار غزيرة، وزرعت الأراضي بالمحاصيل التي كانت موشكة على الحصاد، وبدأت التجارة في النشاط، ورغم هذا عرض الأمريكان على المجتمع الدولي الصور التي التقطت في فترة الشهور السبع العصيبة (2) من نوفمبر 1991م إلى يونيو عام 1992م لتبرر التدخل في الصومال.

    وقد جاء التدخل الأمريكي بهدف وقف المد الإسلامي وتعطيل مسيرة الصحوة الإسلامية التي انتشرت هناك في الآونة الأخيرة، والتي تمثل عائقاً أمام الهيئات التنصيرية، وتهدد مستقبل الشركات الأمريكية بل والتواجد الأمريكي كله في المنطقة.

    لذلك فإن التدخل الأمريكي يعمل على مراقبة الصحوة الإسلامية ومحاولة إعاقتها والبطش بها بدليل أن (هيرمان كوهين) مساعد وزير الخارجية الأمريكي أوصى الكونجرس بضرورة احتلال الصومال لقطع الطريق على الحركات الإسلامية التي تهدد الحلقة الصومالية في سلسلة القرن الإفريقي هذا بالإضافة إلى حماية أمريكا للهيئات التنصيرية التي دخلت الصومال تحت ستار الإغاثة، والتي بلغت نحو مائة هيئة مسجلة وخمسين هيئة غير مسجلة. منها هيئات يهودية وليس هناك بجانب هذه الهيئات إغاثة إسلامية، إلا الهيئة التابعة لرابطة العالم الإسلامي، بالإضافة إلى الهيئات المحلية والعربية الصغيرة التي لا تتجاوز عشر هيئات(3))، ولكن بفضل الله كان لهذه القلة من الهيئات الإسلامية دورها وتأثيرها فقد قامت بكفالة الأيتام وبناء المساجد وحفر الآبار وكفالة الدعاة والمعلمين، وبناء مدارس التحفيظ في مختلف المناطق حتى في القرى والريف بالتعاون مع الدعاة القدماء وذوي الخبرة السابقة في الدعوة، وقدمت تلك الهيئات الإسلامية أنواعاً من الإغاثة من كسوة ومواد غذائية نظيفة وتمور وما إلى ذلك، عكس الهيئات الغربية وما زالت آثار تلك الهيئات إلى اليوم.

    (وعن دور الأمريكان في محاربة الصحوة الإسلامية في الصومال قالت أيضاً مجلة (الخير) لسان حال الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية في عدد نوفمبر 1993م إن التدخل الأمريكي الذي جاء لحماية قوافل الإغاثة وإيصال المعونات إلى مستحقيها لم يقم بشيء من هذا، حيث إن القوات التي دخلت الصومال لم تصل إلا إلى 40% من المحافظات كما لم تساهم هذه القوات في تقديم أي مساعدات، ولم تَحْمِ أي قوافل إغاثية، باستثناء بعض القوات وكما ثبت أن القوات الأمريكية كانت تقوم بنهب كل ما يقع تحت يدها من أموال ومصاغ وغيره.

    هذا بالإضافة إلى قيام القوات الأمريكية في مقديشو على سبيل المثال بهدم المباني العامة كمجمع الإذاعة والتلفزيون، ومحطات الإرسال، وجزء كبير من مستشفى (دكفير) وهو أكبر مستشفى في عموم الصومال، وبعض مباني الجامعة بحجة أن القوات الأمريكية عندما تتمركز في مكان ما تدمر ما حوله من مبان عالية عامة وخاصة لتوفير الأمن لأفرادها.

    هذا بالإضافة إلى طرد السكان من منازلهم وهدمها، وقتل المئات في الغارات الوحشية التي يشنونها على الأحياء.

    * ذكرت المجلة بعض الأدلة على نوايا أمريكا المعلنة في الصومال وما هي إلا ستار لأهداف أخرى غير معلنة يفضح بعضها الكتيب الذي وزعته القيادة الأمريكية على جنودها، ويتحدث بالتفصيل عن أماكن تواجد الحركة الإسلامية وكثافة أتباعها في طول البلاد وعرضها وما تقوم به الحركة من أعمال إغاثية ودعوية في أوساط الشعب، مع التنبه على خطورتها، وأنها العدوة الحقيقية للخطة الأمريكية في الصومال –وليس عيديد- (4).

    وفي التقرير اليومي عن الحالة الأمنية هناك يلاحظ أن الضابط الأمريكي ينبه بصورة مستمرة إلى خطورة رجال الحركة الإسلامية لأنها –كما قال- تستطيع أن توجه الشعب برمته ضد قوات الأمم المتحدة، ويقول بوجوب مراقبة مراكز هذه الحركة وأيضاً مراقبة خطباء المساجد.

    وممن فضح الأهداف الأمريكية في الصومال أيضاً مبعوث مجلس الأمن (محمد سحنون) الذي صرح لهيئة الإذاعة البريطانية بقوله: "كان المعروض أن القوات الأمريكية جاءت إلى الصومال لتحمي طرق التموين والغذاء للذين طحنتهم المجاعة، إلا أنها تحولت إلى الانشغال بالبحث عن (عيديد) وفي إحدى هذه العمليات قتل 36 جندي للأمم المتحدة كما قتل في نفس العملية العسكرية –الفاشلة- ستة آلاف صومالي".

    وأيضاً قال ماسون مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشئون الإنسانية عن أسباب استقالته: "إن كل 9 دولارات تنفقها الهيئة الدولية على الأسلحة والعمليات العسكرية يقابلها دولار واحد ينفق على الأحوال المعيشية" (5).

    وهكذا اتضح للشعب أن غزو أمريكا غزو ديني واقتصادي تحت ستار الإغاثة ومما يبين ذلك قيام الأمريكان بسرقة كميات هائلة من اليورانيوم الصومالي بمنطقة (بور) جنوب الصومال بعد أن أوهمت السكان بضرورة إزالة الجبل لتقيم حديقة مكانه.

    وترجع أهمية اليورانيوم إلى أن العالم يتجه الآن إلى استخدام هذا الوقود النووي بدلاً عن البترول، وذكرت المصادر أن سرقة أمريكا قد بلغ أكثر من خمسة آلاف طن من أكسيد اليورانيوم.

    لقد قامت أمريكا بخداع رؤساء الجهات القبلية بوعود فارغة في مؤتمر أديس أبابا الثاني حتى وافقوا على تعديل الدستور، حيث أصر (روبرت أوكلي) على حذف عبارة "الإسلام هو الدستور الوحيد في البلاد" ليكتب بدلاً منها "الإسلام أحد مصادر دستور البلاد".

    كما طلبت أمريكا أن يكون ثلث أعضاء المجلس الانتقالي المكون من 75 عضواً من النسا، وتهدف أمريكا من كل هذا إلى تكوين حكومة علمانية موالية للغرب لقطع الطريق على الصحوة الإسلامية المتنامية).(6)

    وبعد خروج الأمم المتحدة من البلاد وأمريكا وقعت حروب أهلية عنيفة في مقديشوا قتل فيها الجنرال محمد فارح عيديد وفور توقف تلك الحروب هجمت قوات إثيوبية بغارات جوية وأرضية على محافظة (غده) جنوب غرب الصومال حيث كانت مقراً لحركة الاتحاد الإسلامي فقصفت المدن الرئيسية بالمحافظة وقامت بهدم بعض المساجد وإهانة المصاحف واغتصاب النساء، ومع الأسف كان معهم مليشات أغرتهم بوعود كاذبة وبأموال من قبائل تلك المحافظة بقيادة (عمر حاج مصله) والذي كان سابقاً وزير الدفاع الصومالي في حكومة (زياد بري) وكان أكثر ضحايا هذا القصف شعب المنطقة الذي مات فيه المئات من السكان وهاجر الآلاف إلى المحافظات الأخرى المجاورة وإلى العاصمة مقديشو.

    تأسيس المحاكم الإسلامية:

    ثم رأى بعض العلماء ذوي الجاه في البلاد مثل الشيخ (محمد معلم) وجماعة من أولي الحل والعقد أنه لا يمكن الخروج من أزمة الحروب الأهلية، وإعادة الأمن والاستقرار للبلاد إلا بتحكيم شريعة الله، وبعد المشاورة اقتنع الناس في العاصمة والمحافظات الجنوبية بالتحاكم إلى شريعة الله، وفتحت أول محكمة في شمال مقديشو (كاران) وذلك في مطلع عام 1996م ثم تتابعت المحاكم حتى وصلت إلى المحافظات، ولكن ما زالت الأيدي العميلة تسعى لإفساد جهد المحاكم أو تضعيفها على الأقل، وحاربها بعض زعماء الحرب في العاصمة فلم تتمكن من الظهور القوي إلا بعد 1998م، حيث فتحت محاكم أخرى جديدة، بالإضافة إلى المحاكم القديمة في العاصمة، وللظروف القبلية التي يعيش فيها الشعب قامت المحاكم بتشكيل قبلي، بأن يكون القضاة في كل محكمة من نفس القبيلة وكذلك جنودها. وبدأت المحاكم تتعاون فيما بينها من مختلف القبائل والبطون لإعادة الأمن والاستقرار ونجحوا بتلك الخطة وتجاوزوا الحواجز القبلية نوعاً ما وإن كانت كل محكمة تتلقى دعمها وتمويلها من قبيلتها، ومن الأسواق التي تقع تحت حكمها وسيطرتها وإن كان فيها تجار من غير (القبيلة صاحبة المحكمة".

    والناس مسرورون بدعمهم المحاكم لأمور منها: كون المحاكم تقر أمنهم وتضمن لهم حريتهم، ثانياً: وفاء للمواثيق والعهود التي عقدوها مع المحاكم ممثلون بمشايخ القبائل منهم، ثالثاً: احتساب بعضهم في ذلك الدعم لاعتقاده بوجوب تحكيم شرع الله وتأييده للقائمين على ذلك.

    ما زالت المحاكم تمارس أعمالها وواجباتها في مختلف المجالات كالمجال الأمني، والقضائي وأيضاً الاعتناء بالجانب الأخلاقي حتى إن أكثر المحاكم عندها سجون خاصة بتربية الأولاد السيئي الخلق والمتمردين على والديهم، وقد أفادني أحد قضاة محكمة (حررياله) بمقديشو أن محكمتهم فيها مدرسة تربوية يؤدب فيها الأولاد، ومن بينهم الأولاد الذين عادوا من أمريكا وأوربا للتربية والتأديب الشرعي.

    سبب هذه الحروب الأخيرة بين اتحاد المحاكمة الشرعية وبين التحالف:

    إن سبب هذه الحروب هو التدخل الخارجي الذي ما زال يعاني منه شعب الصومال منذ القدم، فالتدخلات الأمريكية والإثيوبية والإسرائيلية على الصومال وقد استخدمت أمريكا في الآونة الأخيرة بعض أمراء الحرب في الصومال لاغتيال الدعاة والعلماء واختطافهم أحياء إن أمكن، وبالفعل نفذ بعض الزعماء ذلك المشروع سرياً من عام 2003م باغتيال بعض الشخصيات البارزة من الدعاة إلا أن السياسيين وذوي الخبرة العسكرية من المحاكم الشرعية انتبهوا لذلك فقطعوا السبيل على المفسدين من أمراء الحرب فلم يظفروا بالكثير من مآربهم فلما علم زعماء الحرب انتباه الدعاة وتحرزهم أسسوا ما أسموه بالتحالف –تحالف السلام لمكافحة الإرهاب- وقالوا بأن المحاكم الإسلامية كلها إرهاب، وتارة يقولون تحمي أجانب من القاعدة ظلماً وعدواناً، وأعلن بعضهم بأنهم يشتغلون مع "الشرطة العالمية "–الإنتربول.

    فتشاور اتحاد المحاكم الشرعية في العاصمة مع الشعب ومشايخ القبائل في هذا الأمر الخطير الذي أعلنه كبار زعماء الحرب في العاصمة وخارجها. (7)

    وورد في مقدمة لـ (مجلة البيان) حول أحداث مقديشو ما يلي:

    لم يكن خافياً في يوم من الأيام أن زعماء الحرب الأهلية في الصومال خصوصاً أولئك في مقديشو لهم علاقات مشبوهة مع أجهزة استخبارية عالمية وإقليمية، وكانت أبرز تلك العلاقات المشبوهة ما أشار إليه تقرير مجموعة الأزمات الدولية (IC.G) ernational Crisis Group التي ذكرت بأن مقديشو يتصارع فيها أجهزة استخبارات إثيوبية وأوربية وأمريكية، وبلغت العلاقات المشبوهة ذروتها بعد المواجهات الدامية بين زعيم الحرب (بشير راجي سيرار) وبين التاجر المعروف (أبي بكر عمر عدان) رئيس مرفأ عيل معان الواقع قرب العاصمة مقديشوا من ناحية الشمال وقد تمكن (بشير راجي) من الاستيلاء على معاقل التاجر المذكور، وبعض السيارات المصفحة وما عليها من أسلحة وذخائر، وبما أن الرجلين ينتميان إلى عشيرة واحدة فقد حاول الأعيان تدارك الموقف واحتوائه واتصلوا بـ (بشير) وطلبوا منه أن يرد ما استولى عليه، إلا أنه رفض معللاً: بأن الأمور قد خرجت من يديه، لأنه قد أبلغ الأمريكيين بأن هذه السيارات وما عليها لخلية تابعة للقاعدة وعوضاً عن ذلك فإنه على استعداد تام لدفع قيمة السيارات، وكان رد (أبي بكر عمر بأنه ليس في حاجة إلى تعويض مالي، وأنه قادر على استرداد كل ما فقده بعينه، إلا أنه يود أن يعطي فرصة لأعيان العشيرة، وبعد أن باءت جهود العشائر بالفشل الذريع لإصرار (بشير) بأن الولايات المتحدة هي التي ترفض ذلك توجه مندوب من (أبي بكر عمر) إلى السفارة الأمريكية في جيبوتي للوقوف على حقيقة تلك المزاعم، والتقى بمسئولين أمريكيين في السفارة الذين طلبوا منه بدورهم التنازل عن الأسلحة والسيارات لصالحها واعتبارها في حوزة أمريكا، ورفض المندوب ذلك قائلاً: بأن سياراته في يد (بشير) ولا يزال قادراً على استردادها وليست في يد أمريكا كما تزعمون، وعلى العموم رجع المندوب إلى مقديشو وقد تأكد لديه ضلوع السفارة الأمريكية في الحرب.

    وفي 18/2/2006م أعلنت مجموعة من زعماء الحرب تتكون من تسعة عناصر عن تأسيس تحالف سموه بـ (تحالف محاربة الإرهاب وإعادة الأمن).. وأشار الإعلان إلى أن هذا التحالف كان قد بدأ معاركه حتى قبل تأسيسه وأن المواجهات التي حدثت بين (بشير راجي شيرار) عضو التحالف وبين (أبي بكر عمر عدان) كانت الشرارة الأولى للحرب، وفي اليوم نفسة شن التحالف حرباً على المحاكم الإسلامية، وهاجم معاقلها في الأجزاء الغربية من ا لعاصمة، وكان الصدام مروعاً وشديد الوطأة أسفر بعد حرب دامت أربعة أيام عن هزيمة ثقيلة للتحالف وانتصار كبير لقوات المحاكم الإسلامية، ولعل أبرز ما أدى إليه يتمثل في الآتي:

    1- إغلاق مطار داينيلي التابع لـ (محمد قنبري أفرح) زعيم الحرب البارز ووزير الأمن الوطني والركن الركين للتحالف.

    2- تشديد الخناق على مقره.

    3- سيطرة المحاكم الإسلامية على معظم الطرق الرئيسية في مقديشو.

    4- بروز الولاء الذي يكنه أهل العاصمة للمحاكم الإسلامية حيث تطوع الآلاف من أجل الدفاع عنها.

    وكما هي عادة الحروب في البلاد فإن العشائر حاولت إخماد نار الحرب، وأعلن اتحاد المحاكم ترحيبه بأي مبادرة تؤدي إلى حقن الدماء بشرط أن يمتنع قادة التحالف عن محاولاتهم الفاضحة من قتل وتسليم قادة المحاكم الإسلامية وعلماء الإسلام في البلد إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

    وعلى الرغم من السعي الحثيث من قبل زعماء العشائر نحو الصلح إلا أن جهودهم كلها باءت بالفشل، بسبب تعنت قادة التحالف الذين رفضوا مقترحات الحل وضربوا بها عرض الحائط... (Cool

    فأصدر مشائخ قبائل العاصمة ونواحيها تحذيراً لزعماء الحرب وأفصحوا بأن المحاكم الشرعية ليست إرهاباً ولا يضم أي عضو من القاعدة وأنها أسست من قبل مشايخ القبائل والعلماء، لصالح الأمة ولإعادة الأمن والاستقرار بعد أن أنهكتهم الحروب الأهلية وعمت الفوضى وفسدت الأخلاق(9) أسست هذه المحاكم لصالحنا –الشعب- وباختيارنا ورغبتنا ولا دخل لأي احد فيها، ونوجه للتحالف أن يتنازلوا عما أعلنوا عنهم قريباً من وصفهم الأمة بالإرهاب فهذا أمر خطير ومحاربة للدين فإن لم يتنازلوا ولم يتوبوا من هذه الجريمة فلسنا المسئولين مما سينتج عن ذلك(10) من عواقب وخيمة.

    ولم يصدر من زعماء الحرب ما يشير إلى تراجعهم عما أعلنوه من محاربة المحاكم باسم محاربة الإرهاب، بل شنوا حرباً على المحاكم، وقامت المحاكم الشرعية بالدفاع عن نفسها تجاه هذا العدوان والظلم الصريح، وعندها وجد اتحاد المحاكم التأييد من الشعب وقاموا معه بالنفس والمال حماية لدينهم وأموالهم وأنفسهم، وما يدل على ذلك مجيء زعماء العشائر المقربون لـ (محمد قنيري) وتعهدوا بأنهم سيمارسون الضغط عليه، حتى لا يطلق ناراً تجاه قوات المحاكم، ووافقت المحاكم الإسلامية على ذلك، وحينما وصلت الأمور إلى طريق مسدود تشاور وجهاء العاصمة من مشائخ القبائل وزعماء العشائر والتجار ومؤسسات المجتمع المدني، وبعد لقاءات مطولة توصلوا إلى قرارين:

    1- الاعتبار بأن هذه الحرب حرب بالوكالة، حيث إن الأموال الأمريكية هي السند الوحيد لزعماء الحرب لمواصلة حربهم.

    2- تشكيل وفد رفيع من هذه الشرائح يتوجه إلى جيبوتي لعقد لقاء مع قائد القوات الأمريكية المتمركزة في جيبوتي.

    وبناء على ذلك تم تشكيل هذا الوفد من ممثلي شركات الاتصالات، وشركات تحويل الأموال*، والمشائخ، وزعماء العشائر ومؤسسات المجتمع المدني، والتقوا بمسئولين أمريكيين ونقلوا إليهم تصور أهل مقديشو للأحداث الأخيرة وكانت كالتالي:

    1- إننا نعتقد أنكم المشعلون هذه الحرب علينا بالوكالة.

    2- إننا نطالبكم أن توقفوها، وتدفعوا تعويضاً عن الخسائر التي نتجت عنها.

    3- إننا لا نعادي أمريكا، ولا نريد أن تتضرر مصالحنا في ذلك.

    4- إن الجهة الوحيدة القادرة على ضبط الأمور في العاصمة هم الوجهاء، وليس زعماء الحرب المكروهين من قبل الشعب.

    وقد أنكر الجانب الأمريكي هذه الحقائق كلها، وقالوا: إن الصومال لا تقع ضمن نطاق عملهم، ولا علاقة لهم بزعماء الحرب، ثم أردفوا بسؤالين هما: ما موقفكم من الحكومة الصومالية الانتقالية؟ وما الذي نستطيع أن نساعدكم عليه؟، وكان الرد بأن: الحكومة حكومة صومالية ونحن نؤيدها، وأن أفضل مساعدة يمكنكم أن تقدموها لنا هي تأييد حكومتنا، وتمكينها من بسط سيطرتها على ربوع البلاد حتى تتمكن من إعادة الأمن والاستقرار وقمع كل الخارجين على المجتمع.

    والخلاصة: أن هذا اللقاء كان لتوضيح المواقف، وإن لم يؤد إلى نتائج ذات قيمة، وبعدها بأسابيع اندلع القتال بين المحاكم الإسلامية والتحالف في الضاحية الشمالية من العاصمة، وبعد مواجهات عنيفة ولمدة خمسة أيام مني التحالف بهزيمة نكراء لا تقارن بالسابق سواء من حيث الإصابات والعتاد والمواقع التي فقدها، وكان أبرز نتائجها:

    1- إغلاق مطار زعيم الحرب (بشير راجي شيرار).

    2- طرد التحالف من المواقع التي استولى عليها في المواجهة السابقة مع رجل الأعمال (أبي بكر عمر عدان).

    3- تكبد التحالف خسائر في الأرواح غير مسبوقة، إلا أن هذه المواجهات حصدت من أرواح الأبرياء أعداد كثيرة بلغت المئات. هذا وقد اتضح للتحالف أن الموجهات التي تقع في المناطق المكشوفة ليست لصالحهم، وبالتالي اتخذوا استراتيجية مفادها القتال وسط المدنيين، اعتقاداً منهم بأن ضراوة الحرب ستؤدي إلى نفور الناس من المحاكم الإسلامية، ولكن خاب ظنهم إذ أن هذه المعارك ما زادت الناس إلى التفافاً حول المحاكم مما مكن المحاكم من بسط سيطرتها على معظم العاصمة (حوالي 80%)..

    فهذا هو الواقع الصحيح(11) في حروب (مقديشو) وأما ما تروجه وكالات الأنباء الغربية أو المتأثرة بالغرب فأكثره غير صحيح.

    ولنضرب لذلك مثلاً فقد كتبت مجلة (نيوزويك) في عددها الصادر بتاريخ 13/6/2006م تحت عنوان: "المعارك في الصومال تستعر بالقرب من موقع سقوط البلاك هوك(12)، وتعمل يد أمريكية في الخفاء مع أمراء الحرب" بقلم مايكل هيرش وجيفير بارثوليت:

    مقديشو مكان يفضل معظم الأمريكيين أن ينسوه، فخلال التسعينات من القرن الماضي كانت محنة "سقوط البلاك هوك" رمزاً لمخاطر الخوض في بقاع نائية لا نفهمها. فالمشاهد التلفزيونية لجندي أمريكي يجره الصوماليون المنتشون على الأرض وهو نصف عار –كان واحداً من 18 جندياً من قوات الاستطلاع بالجيش الأمريكي قتلوا في محاولة خرقاء للإمساك بأحد أمراء الحرب- أصبحت رمزاً للضعف الأمريكي لكن يبدو أن مقديشو لن تنسى. فالعنف يتفجر من جديد في الصومال ودون سابق إنذار يجد الأمريكيون أنفسهم مرة أخرى وسط معارك لا يفهمون عنها الكثير وربما يخسرونها.

    في الشهر الماضي وللمرة الأولى منذ التسعينات من القرن الماضي غرق جزء كبير من مقديشو في معارك دامية بالنيران. وكانت مليشيات جهادية تابعة لما يسمى اتحاد المحاكم الإسلامية تحقق انتصارات بكل المقاييس على تحالف أمراء الحرب العلمانيين الذين تلقوا دعماً أمريكياً. يقول المراقبون إن الاتحاد كان يكسب المزيد من الأتباع بوصم أعدائه بأنهم عملاء لواشنطن خاصة منذ أن شكل أمراء الحرب من أصدقاء أمريكا جماعة تسمى التحالف من أجل إعادة السلام ومكافحة الإرهاب خلال الشتاء الماضي.

    وأما تجدد القتال داخل الصومال –وهي دولة في القرن الإفريقي يغيب فيها القانون ليس بها حكومة مركزية- وطوال سنوات عديدة ظل أمراء الحرب الصوماليون والزعماء الثلاثة المعادون للإسلاميين يتلقون أموالاً من أمريكا وبعض التجهيزات للمساعدة على العمليات الاستخباراتية وذلك في العديد من المصادر غير الرسمية من بينها (جون بريندر جاست) من مجموعة الأمن الدولية، ولم يشأ أي من المسئولين الحكوميين الأمريكيين الذين سألتهم نيوزويك تأكيد أو نفي وجود هذا البرنامج، يقول فيلب جيرالدي المسئول السابق في مكافحة الإرهاب بوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) الذي ما زال يتواصل مع زملائه السابقين: إن الكثير من الأموال يتم توزيعها من خلال فريق عمل مشترك يتألف من 1800رجل مقره جيبوتي في القرن الإفريقي، تقارير أخرى تشير إلى وكالة الاستخبارات المركزية وقد طلب من أمراء الحرب –محمد ضيرى وبشير راغي ومحمد قانياري- جمع معلومات عن المتطرفين الإسلاميين الذين لهم علاقة بتنظيم القاعدة وفي إحدى الحالات تمكن رجال طيري من الإمساك بأحد أعضاء خلايا القاعدة(13) في شرق إفريقيا وسلموه.

    وأثارت هذه السياسة انشقاقاً داخل كل من وكالة الاستخبارات المركزية ووزارة الخارجية الأمريكية وكذلك في أوروبا، إذ يخشى بعض المسئولين من أن الولايات ربما تخلق من غير قصد ملاذاً جديداً للجهاديين في الصومال من خلال استثارة رد فعل مضاد ضد الأمريكيين، فقد كان الإسلاميون يمثلون جزءاً صغيراً من السكان قبل بداية البرنامج الأمريكي.

    تقول ماريكافالن –السفيرة السويدية والمبعوثة الخاصة للقرن الإفريقي-: "لا نعرف الأساس المنطقي للتدخل الأمريكي ولا نطاقه، فما نراه هو العواقب. فالقتال يزداد تعقيداً. وقد تحولت جماعات [إسلامية] معينة إلى مقاتلين بعد أن كانت بعيدة عن القتال من قبل".

    أما جيرالدي فكان أكثر صراحة يقول: "إننا نثير فوضى جديدة. كل شيء تفعله هذه الإدارة هو تكتيكي وكل همها: الإمساك بشخص. لا أرى أن أي شخص قد فكر في القضية الاستراتيجية المتمثلة في فقدان التأييد".

    كما أن واشنطن تنفق المال على مشروعات كسب قلوب وعقول الناس في القرن الإفريقي من بناء المدارس إلى تقديم خدمات صحية ورعاية إنسانية مجانية في بعض الأماكن. لكن من المستحيل للغربيين أن ينفذوا هذه البرامج في الصومال التي ينعدم فيها القانون، والسؤال هل يكسب الإسلاميون قلوب وعقول الصوماليين بشكل أسرع. (وفي اتصال هاتفي للولايات المتحدة نفى قنياري أحد أمراء الحرب الموالين للولايات المتحدة تلقيه أموالاً أمريكية لكنه قال إنه على اتصال "بعملاء أمريكيين، وأنه يشعر بقلق شديد حيال هجمات الإسلاميين. وقال قنياري: إنهم يريدون إقامة حكومة خاصة بهم على شاكلة طالبان. يشعرون بأنهم أقوياء وبأن هذا هو الوقت المناسب لكي يفعلوا شيئا.. إنهم يقومون بتجنيد الأفراد في تنظيم القاعدة، فهم ينظمون في المدارس والتعليم والخدمات. وهم يجمعون أموالاً كثيرة من الناس".

    والاستراتيجية الأمريكية لدعم أمراء الحرب هي جزء من سلسلة من العمليات السرية حول العالم التي يتم تنفيذها بقليل من المساءلة في الوطن. ويدير حرب الظل الواسعة النطاق هذه وكالةُ الاستخبارات المركزية.

    (1) تاريخ الإسلام لمحمود شاكر.

    (2) لأن الهدف هو تمزيق الصومال وقد تحقق ذلك على يد الأمريكان.

    (3) جريدة الشعب في 19/7/1993م ومجلة الدعوة لسان حال الإخوان في 29/7/1993م.

    المجتمع الإسلامي المعاصر في إفريقيا الدكتور جمال عبد الهادي محمد مسعود. الأستاذ علي لبن.

    (4) لذلك ما زال الأمريكان يقولون حاربنا الإرهاب في الصومال، والهزائم التي بلغتهم ينسبونها إلى الحركة الجهادية في الصومال سيما العمليات العسكرية الليلية ضد المواقع الأمريكية.

    (5) تقرير صحفي في أغسطس 1994م.

    (6) المجتمع الإسلامي المعاصر (ب) إفريقيا ص (106).

    (7) وكان عدد زعماء الحرب أحد عشر زعيماً منهم أربعة وزراء من الحكومة الانتقالية:

    محمد قنبره أفراح (وزير الأمن القومي)، موسى سودي يلحو (وزير التجارة)، عمر فنسن (وزير الأوقاف)، عبد حسن عواله قيب دله (عضو في التحالف)، بشير راعه (عضو في التحالف)، عبده نوره أحمد (عضو في التحالف)، بوتان عيسى عالن (وزير نزع السلاح وتأهيل المليشيات)، محمد طبره (عضو في التحالف)، عبدوال (عضو في التحالف)، عيسى عثمان (عضو في التحالف)، برى هيرالي (عضو في التحالف).

    (Cool البيان صـ (70-73) العدد 226 جمادي الآخرة 1427هـ يوليو 2006م.

    (9) من أعمال المحاكم محاربة المخدرات والخمور والأفلام الخليعة، والتبرج وكل الأخلاقيات الفاسدة المستوردة حفاظاً على الدين والعرف الإسلامي.

    (10) هذا ما أعلنته إذاعة (هون أمريك) بمقديشو بداية التحالف.

    * الحوالات المالية سواء في داخل البلاد أو خارجها، وأكثر هذه الشركات تابعة لمغتربين صوماليين.

    (11) وفي مقال ذكرته مجلة (البيان) ما يلخص الموضوع وتفاصيله وهو كما يلي: وكانت مقترحات الحل كالتالي:

    1- حل التحالف الذي لم يود إلا إراقة الدماء، 2- الموافقعة على المصالحة مع المحاكم الإسلامية، 3- إعلان وقف إطلاق النار مشافهة عبر الإذاعات أو الكتابة في الصحف، وكل هذه المقترحات رفضها التحالف قائلاً: إنه لا يمكن حل هذا التحالف أو نقضه بحجة أنه اتفاق مع الولايات المتحدة، كما أنهم لا يستطيعون إعلان الصلح مع من سموهم بـ (الإرهابيين)، وإن إعلان وقف إطلاق النار لا يمكن لأنه يتناقض مع أهداف التحالف، وبطبيعة الحال فإن الحروب توقفت بعد أن عجز التحالف عن الاستمرار فيها.

    (12) البلاك هوك: هو الفيلم الذي مثل بالحروب الأمريكية مع الصومال عام 1993م.

    (13) زعماء الحرب بشكل عام قد قاموا بعمليات اغتيالية للأجانب سواء من العرب أو من غيرهم فكل من ظفروا به ورأو عليه مظهراً إسلامياً سلموه لأمريكا وإلى إثيوبيا إذا كان من الأروميين أو حتى من صومال الغرب فقد قتلوا عالماً من علماء الأروميين في العاصمة (الشيخ أحمد سعيد) ومرة أمسكوا برجل يمني تاجر يعيش في الصومال بعد أن جرحوه وسلموه لأمريكا زاعمين أنه من تنظيم القاعدة وبعد ما حققت معه أمريكا أطلقت سراحة لأنه لم يكن إلا شخصاً يعيش في الصومال لا صلة له بالقاعدة نهائياً، والأمريكان يعلمون بكذب أصدقائهم من زعماء الحرب، قال أحدهم: "يعتقدون أن علينا أن نأخذ نفساً عميقاً وأن نستريح، نحن نغدق المال لكل من قال إنه يحارب الإرهاب" وقد تبين بالفعل أن بعض المشتبه بهم الذين اعتقلوا في السنوات الأخيرة من قبل قادة المليشيات الصديقة ليسوا سوى أشخاص هائمين على وجوههم، ففي إحدى الحالات اختطف عراقي تعيس الحظ من مقهى للانترنت في مقديشو وخضع لتحقيقات استمرت شهراً ثم أطلق سراحه. يقول مسئولون أمريكيون إنهم في موقف حرج: فإما أن يتركوا الصومال يتحول إلى ملاذ للإرهاب أو يحاولون إقامة علاقات مع المليشيات الصديقة حتى ولو كانت غير جديرة بالثقة، نقلاً من (نيوزويك) في العدد الصادر بتاريخ 13/6/2006م.











    جميع الحقوق محفوظة لموقع مركز الجزيرة العربية للدراسات والبحوث ©️ 1429 هـ

    تصميم وتطوير راية للدعاية والإعلان
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 2093
    تاريخ التسجيل : 01/03/2010
    الموقع : hmsain.ahlamontada.com

    المحاكم الإسلامية في الصومال 1 Empty رد: المحاكم الإسلامية في الصومال 1

    مُساهمة  Admin الخميس 14 يوليو 2011 - 20:18

    المحاكم الإسلامية في الصومال 2-2

    عبدالشكور عبدالقادر


    الشيخ شريف أحمد:

    وينظر الكثيرون حالياً إلى الشيخ شريف أحمد رئيس المحاكم الإسلامية في الصومال على أنه "رجل مقديشو القوي" حيث يتهمه البعض بأنه يتبع خطى الملا عمر مؤسس حركة طالبان التي أزاحتها الولايات المتحدة عن السلطة في أفغانستان عام 2001م.

    وكان الشيخ شريف المولود في مدينة شابيلا الوسطى في شهر يناير "كانون الثاني" عام 1964م يعمل مدرساً للجغرافيا واللغة العربية والدين في مدرسة جوبا الثانوية ويتقن شريف أحمد اللغة العربية، كونه درس القانون والتربية في جامعات السودان وليبيا وذاع صيته قبل سنوات قليلة عندما اختطفت عصابة مسلحة أحد طلاب المدرسة التي يدرس بها مطالبة بفدية كبيرة لإطلاقه، حيث اجتمع شريف بزملائه بالمدرسة وأصدروا بياناً حَظِيَ باهتمام واسع من سكان العاصمة وتحدث مع سكان الحي الذي يحتفظ فيه الخاطفون بضحاياهم وأقنعهم بعدم التستر على أي منهم وبالفعل استجابوا له.

    وقبل هذه الواقعة لم يكن للشيخ شريف أية علاقة مع تنظيم المحاكم الإسلامية الشرعية الذي تأسس على خجل مطلع عام 1996م واشتد عوده عام 1998م لكنه فوجئ بترشيحه في غيابه لرئاسة هذا التنظيم، الذي يحتفظ بمليشيات تقول مصادر غير موثقة إن عددها ما يزيد على خمسة آلاف مقاتل مسلحين بشكل جيد.

    وهكذا صعد شريف إلى قمة الهرم في تنظيم المحاكم الإسلامية الذي يعتبره البعض خطراً يهدد مصالحه، ويقوم بعقد محاكمات شرعية ويصدر أحكاماً بالجلد والسجن استناداً إلى الشريعة الإسلامية، بعيداً عن قانون الغاب الذي بات يحكم الصومال خاصة مقديشو، ويتمتع التنظيم بشعبية جارفة وتنتشر دعوته كالنار في الهشيم ويتزايد أتباعه يوماً بعد يوم.(14)

    وكرد غير مباشر على اتهامات خصومه بضخامة ثروته كونه "ملك مقديشو غير المتوج" يؤكد مقربون منه أنه يعيش حياة بسيطة مثل غالبية الصوماليين ويعتقد شريف أن حل الأزمة الصومالية يكمن في توحيد الصوماليين أنفسهم والقضاء على خلافاتهم السياسية والقبلية لكنه يقول في المقابل أنه ليس الملا عمر الذي استطاع توحيد كلمة القبائل الأفغانية خلفه، لكي يصل إلى السلطة مستغلاً نقمة الناس على الحرب الأهلية وسخطهم على قادة الفصائل المسلحة الأخرى.

    لكن أحدث تقرير أصدره مجلس الأمن الدولي يشير إلى أن المليشيات الموالية للمحاكم الإثنتا عشرة التي يديرها الشيخ شريف أحمد في عدة مناطق في العاصمة باتت تسيطر علىأكثر من 80% منها(15).

    وتقول تقارير استخباراتية غربية: إن المحاكم تؤوي متطرفين إسلاميين بعضهم على علاقة بتنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن، وأن ثلاثة أو أربعة من عناصر القاعدة ممن نفذ اعتداءات كينيا وتنزانيا عام 1998م موجودون في الصومال لكن المحاكم تنفي ذلك بشدة وتؤكد أنه لا يوجد بالصومال أي قيادي فار من هذا التنظيم أو غيره كما تزعم المخابرات الأمريكية والإثيوبية فهؤلاء لا يستطيعون الاختباء بين القبائل الصومالية.

    أما بالنسبة لتنظيم الاتحاد الإسلامي، الذي تتهمه حكومة رئيس الوزراء الإثيوبي مليس زيناوي وأجهزة مخابراتها بالتورط في سلسلة عمليات إرهابية وقعت في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في التسعينات فقد انتهى تقريباً حسبما يؤكد رئيس المجلس الأعلى للمحاكم الإسلامية في الصومال بعد الخسائر التي تكبدها خلال الحملة العنيفة التي شنتها ضده القوات الإثيبوبية، ولم يعد له أي وجود فعلى(16).

    وهذه هي الحقيقة فإنه لم يعد لحركة الاتحاد الإسلامي أي وجود، وإنما كان موجوداً في الزمان الماضي، وأما هذه وأما هذه القوات الحالية فقد صرح زعماء المحاكم الشرعية بأنها وليدة الثورة الشعبية التي انفجرت كنتاج طبيعي للظروف التي يعيش فيها الشعب الصومالي بهدف إعادة أمنهم واستقرارهم بالتحاكم إلى شريعة الله، وهذا ظاهر في تصرفاتهم ومعاملاتهم السياسية وتشاورهم مع الشعب خاصة أولي الحل والعقد منهم.

    الشيخ حسن طاهر أويس(17)

    يعد حسن طاهر أويس أحد أهم المؤسسين لاتحاد المحاكم الإسلامية، بل إنه يمثل مرجعية روحية لهذه المحاكم وكذا قائداً لجناحها العسكري المتشدد –على حد تعبير المجلة.

    وحسن طاهر أويس (كلونيل) سابق في الجيش الصومالي تغلب عليه صفته العسكرية، وكان رئيس المحاكم الإسلامية في مقديشو ومن المحركين الرئيسيين لمليشيات المحاكم. وهم متهم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية بعلاقاته بتنظيم القاعدة وإيوائه لعناصر مطلوبة لدى واشنطن وقد أدرج اسمه في القائمة السوداء التي تتضمن عناصر مطلوبة لها في الصومال.

    وقد تم تعين حسن طاهر أويس رئيساً لمجلس الشورى وهو هيئة ستلعب دوراً برلمانياً في المناطق الخاضعة للمحاكم. وقد عرف الشيخ أويس بصلابته العسكرية وقيادته القوية الحازمة والحاسمة.

    وبتعيين أويس رئيساً لمجلس الشورى والشيخ شريف أحمد رئيساً للمحاكم الشرعية نستطيع القول بأن المحاكم الإسلامية أضحت برأسين أحدهما يمثل البرلمان بقيادة أويس ذو الخلفية العسكرية الأكاديمية، وثانيها يمثله الشيخ شريف المعروف بالهدوء والكياسة السياسية عندما يتحدث.

    المراحل التي مرت بها المحاكم الإسلامية:

    منذ تأسيس المحاكم الإسلامية وسقوط نظام(18) محمد زياد بري وحتى الآن مرت المحاكم الإسلامية بمجموعة من المراحل التاريخية والتطورات الهامة التي صاحبت كل مرحلة ومن هذه المراحل الهامة:

    المرحلة الأولى: مرحلة التأسيس ما بين عامي 1994-1996م وكانت على أساس قبلي له قوة أكبر مما كان سابقاً مما أتاحة مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية للنجاح لتفاجئ الكثير من قادة أمراء الحرب والفصائل الصومالية المسلحة بعد أن تمكنت من كسب التأييد الشعبي، خاصة بعد أن شغل أمراء الحرب بمفاوضات التسوية ومؤتمرات المصالحة التي عقدت في الخارج، لكن نجاحها خلال هاتين السنتين دفع بأمراء الحرب إلى إغلاق أكثر من عشر محاكم كانت موجودة في شمال العاصمة ليعود الوضع إلى ما قبل وجودها حتى عام 1999م.

    المرحلة الثانية: بدأت بالظهور في العاصمة مقديشو وخارجها من عام 1994م حتى كانت أحداث 11 سبتمبر في العام 2001م التي أدت إلى اتهام الحكومة الانتقالية آنذاك برئاسة عبد قاسم صلاد بأنها تدعم هذه المحاكم وأنها أعطت مسئولي هذه المحاكم نفوذاً ومناصب سياسية.. مما اضطر الحكومة وسط الضغوط المتزايدة إلى إعلان برنامج لدمج المحاكم الإسلامية في الأجهزة القضائية للحكومة وأعادت تعيين قضاة المحاكم الإسلامية في المحاكم العادية، لكن انهيار الحكومة الانتقالية برئاسة صلاد عَقّد هذا البرنامج بل وضاعف من الصعوبات التي تواجه المحاكم الإسلامية. "نفذت المحاكم الإسلامية في مرحلتها الأولى (1994-1996م) مجموعة من عقوبات الحدود مثل قطع يد السارق وجلد المدانين بالزنا في ميادين عامة وعقوبات التعزير المختلفة.. كما نفذت حد الرجم بالحجارة حتى الموت في حالة واحدة، وحكم القصاص في عدد من الحالات، لكن ذلك جلب الانتقادات من قبل المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان الأمريكية وغيرها، الأمر الذي دفع بعض المحاكم الضعيفة إلى تخفيف عقوبات الحدود، والاكتفاء بأحكام السجن والغرامات بينما استمر معظمها في تطبيق العقوبات والحدود غير عابئة بتلك الانتقادات.

    المرحلة الثالثة: وتبدأ من عام 2002 حتى الآن وحتى ما قبل المواجهات المسلحة مع أمراء الحرب حيث تطورت المحاكم الإسلامية ذات المرجعية القبلية إلى شبكة من المحاكم يسيرها قضاة وحكام ينتمون إلى قبائل مختلفة تتعاون فيما بينها وتقوم بأعمال مشتركة، ثم اندمجت هذه المحاكم في كيان جديد تحت اسم (اتحاد المحاكم الإسلامية) ليست محصورة فقط في أرض قبيلة واحدة فقط، وإنما في كل مناطق العاصمة مقديشو، وتم اختيار الشيخ شريف أحمد رئيساً لها.

    لذا يمكن القول: إنه بعد أحداث 11 سبتمبر أعادت المحاكم الإسلامية تنظيم نفسها بطريقة سياسية تنظيمية حولتها من مجرد جمعيات خيرية ليس لها توجه سياسي إلى تنظيم له جناح عسكري من آلاف المسلحين، وأصبح له مقرات واجتماعات ومؤتمرات.

    أما المرحلة الرابعة: فعنوانها المواجهة المسلحة مع أمراء الحرب، حيث بدأت الاحتكاكات تظهر للعيان بين اتحاد المحاكم الإسلامية وأمراء الحرب خصوصاً بعد قيام أمراء الحرب بالعديد من الأعمال والتصرفات التي استهدفت العديد من قادة ومناصري اتحاد المحاكم الإسلامية، منها ما يتمثل في اختطاف بعض أعضائها وتسليمهم للولايات المتحدة الأمريكية للمحاكمة، ومنها ما يتعلق بالاشتراك في تنفيذ عمليات دهم مشتركة مع قوات خاصة تابعة لوكالة الاستخبارات الأمريكية ضد اتحاد المحاكم الإسلامية، وقد ظل هذا الوضع المتوتر حتى 18 قبراير 2005م عندما أعلن 11 من زعماء الحرب الصوماليين بينهم أربعة في الحكومة الانتقالية الحالية برئاسة عبد الله يوسف تأسيس تحالف جديد باسم (تحالف السلام ومكافحة الإرهاب) لمقاومة نجاحات المحاكم الإسلامية التي اعتبروها تهديداً لوضعهم السياسي.

    وفي نفس يوم التأسيس اندلعت أولى شرارات المواجهات المسلحة والعنيفة بين مليشيات اتحاد المحاكم الإسلامية ومليشيات تحالف زعماء الحرب، حققت فيها الأولى مكاسب عسكرية مهمة حيث سيطرت على مطارين حول العاصمة وميناء، وكانت تابعة لقادة زعماء الحرب.

    ومع تطور واستمرار المواجهات تمكنت المحاكم الإسلامية من السيطرة على أحياء بكاملها ومدن وقرى خارج العاصمة وكذلك معسكرات تابعة لزعماء الحرب، مما اضطر بعض زعماء الحرب إلى التفاوض مع مليشيا المحاكم الشرعية على إخلاء مناطقهم وتسليم أسلحتهم إليها من دون قتال.

    وبهذا غادر ثمانية من أعضاء تحالف زعماء الحرب العاصمة مقديشو، فيما بقي أربعة (19) في العاصمة فقط أعلنوا التوبة وطلبوا العفو، لتواصل قوات المحاكم الإسلامية طريقها نحو مدينة جوهر وبلدوين باتجاه الحدود مع إثيوبيا، لتجعل الحكومة المؤقتة محصورة في "بيدوا"(20).

    وفي ظل هذه الأحداث من هذه المرحلة –ما بعد أمراء الحرب- سعى اتحاد المحاكم الشرعية إلى إعادة تشكلاته التنظيمية والذي توج باختيار الشيخ حسن طاهر أويس رئيساً لمجلس الشورى (مجلس القبائل) والشيخ شريف أحمد رئيساً للجنة التنفيذية (الحكومة) فظهرت خلال هذه المرحلة المحاكم الإسلامية كتنظيم سياسي يضم في صفوفه "أطيافاً متنوعة تضم كافة أطياف الشعب الصومالي ، وبذلك أصبح هذا التنظيم يحمل رسالة إلى العالم مفادها بأنه رقم صعب لا يمكن تجاهله في أي حوار أو مصالحة صومالية قادمة.

    أمراء الحرب أكثر من عنوان للقتل بالوكالة

    إذا كان الحديث عن أمراء الحرب كجماعات مسلحة وليس كتنظيم في الصومال فإن ذلك يعني حديثاً عن الصومال في مطلع سبعينات القرن العشرين عندما انقلب الجنرال محمد زياد* بري على السلطة البرلمانية واتبع نظاماً عسكرياً قبلياً عشائرياً تقيحت منه دمامل أمراء الحرب الذين أخذوا بالعبث والقتل والسيطرة وحماية مصالحهم الخاصة حتى أضحوا مع السنوات سبباً لانهيار سياد بري ثم سبباً لانهيار الدولة الصومالية وموت الصوماليين في الشوارع.

    وإذا كان الحديث عن أمراء الحرب كتنظيم مسلح تحت مسمى اتحاد السلام ومكافحة الإرهاب؛ فإن هذا يعود إلى 18 فبراير من العام 2006م عندما أعلن 11 عضواً من أمراء الحرب منهم أعضاء في حكومة عبد الله يوسف الانتقالية المؤقتة، تشكيل هذا الاتحاد وهدفهم –حسب ما قاله محمد قنيري أحد قادته ووزير الأمن الوطني في الحكومة الانتقالية-: "القضاء على الإرهابيين الأجانب الذين تؤويهم المحاكم الإسلامية في الصومال".

    لكن أمراء الحرب الذين احتكروا الثروة الصومالية وأحالوا الوطن الصومالي إلى ملكية خاصة، كانوا حاضرين في كل المراحل الصومالية، ومثلما كانوا سبباً لسقوط الدولة وانهيار نظام محمد زياد بري، فإنهم كانوا كذلك أصحاب المصالح الذين ظلوا يسيطرون على الثروة في الخمس عشرة سنة الماضية منذ ما بعد الانهيار، مثلما كانوا سبباً لانهيار الحكومة السابقة بقيادة الرئيس عبد قاسم صلادبحجة أن توجهاتها إسلامية، وكانوا يبذلون الجهد الجهيد من أجل تحقيق هذا الغرض مع الحكومة الحالية بقيادة عبد الله يوسف، غير أن ظهور المحاكم الإسلامية التي كانت على خلاف مستمر معهم منذ مطلع تسعينات القرن الماضي، حينما كان أمراء الحرب هم السبب وراء إفشال قيام هذه المحاكم لأكثر من مرة في الأعوام 1991-1994م و1996م وصولاً إلى تأسيس اتحاد السلام ومكافحة الإرهاب في فبراير من العام 2006م حال دون ذلك وبدلاً منه بدأ من يوم تأسيسهم لذلك الاتحاد المواجهات مع المحاكم الإسلامية ولكنهم في هذه المواجهات كانت خسائرهم كبيرة وأصابتهم الصدمة بقوة هذه المحاكم وما تملكه من أسلحة وعتاد أمام المحاكم الشرعية فلم يكن لهم من خيار سوى تسليم الأسلحة والانسحاب، والفرار أو طلب العفو والسماح والانضمام إلى المحاكم الشرعية، وبذلك انتهى ما يسمى باتحاد السلام ومكافحة الإرهاب.

    مراحل أمراء الحرب: إن تسجيل مسيرة أمراء الحرب يمكن الحديث عنها من خلال تقسيمها إلى مراحل تبدأ المرحلة الأولى بانهيار الدولة وسقوط نظام محمد زياد بري في مطلع تسعينات القرن العشرين، حيث ورثوا ترسانة أسلحة الجيش النظامي واستباحوا العاصمة وأصبحوا هم من يمارس الإعدام ضد الخصوم وتحت سيطرتهم الثروة والموانئ والمطارات والمؤسسات التي أحالوها إلى ملكية خاصة.

    أما المرحلة الثانية: فتتمثل في قيامهم بإشعال الحرب الأهلية على مدار أكثر من خمس عشرة سنة (1991-2006م) دفاعاً عن مصالحهم تحت حجج ومبررات متعددة، فقد واجهوا نظام محمد زياد بري بحجة أنه نظام عشائري عائلي لا يحترم الحقوق والحريات.

    واستمروا في الحرب الأهلية وقتل الناس تحت مبررات نزع أسلحة المليشيات والقضاء على فلول النظام العسكري البري، وواصلوا مواجهاتهم ضد المحاكم الإسلامية والاتحاد الإسلامي في الأعوام (91، 94، 1996م) وحتى وتأسيسهم لاتحاد السلام ومكافحة وإعلان حربهم التي انتهت بخسارتهم (بسبب القضاء على الإرهابيين -بزعمهم- الذين يتواجدون في العاصمة مقديشو والذين تحتضنهم المحاكم الإسلامية)(21).

    كذلك فإن أمراء الحرب كانوا السبب في انهيار الحكومة الانتقالية السابقة بقيادة عبد قاسم صلاد وظلوا كذلك مع الحكومة الحالية بقيادة عبد الله يوسف رغم أن أربعة منهم كانوا أعضاء فيها: موسى سودى- وزير التجارة، عمر فينش –وزير الأوقاف، بوتان عيسى –وزير نزع السلاح وتأهيل المليشيات، ومحمد قنيري أفرح- وزير الأمن الوطني.

    والحقيقة التي يدركها الصوماليون ويحسونها هي أن أمراء الحرب كانوا في كل مراحل مسيرتهم الدموية تشدهم وتؤثر فيهم العوامل الخارجية، حيث ظل الدعم الأمريكي لهم مثاراً للشكوك في الشارع الصومالي الذي رأى في كل حروبهم حرباً بالوكالة عن واشنطن لأسباب ومبررات واهية تخفي وراءها الحفاظ على المصالح الأمريكية فقط والتي من أهمها:

    1- أن لا تقوم في الصومال حكومة إسلامية 2- تنصير الصوماليين. 3- الحصول على قواعد عسكرية في القرن الإفريقي. 4- قمع الإسلاميين في المنطقة بتسليط النصارى الأحباش عليهم.. الخ.

    وتجسد هذا الشعور لدى الصوماليين اعتماداً على العديد من الحقائق عبر تصرفات أمراء الحرب، حيث قاموا باختطاف نشطاء إسلاميين وقاموا بتسليمهم للولايات المتحدة الأمريكية لاستجوابهم خارج الصومال، وكذلك تنفيذ عمليات دهم مشتركة بين قوات خاصة من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية لـ (سي. آي.إيه) أكثر من مرة في العاصمة مقديشو قتل فيها إسلاميون واعتقل آخرون.

    وحسبما قال حسن طاهر أويس –أحد قادة اتحاد المحاكم الإسلامية والذي تم تعيينه رئيس مجلس الشورى مؤخراً-، وأحد الشخصيات الإسلامية المطلوبة لواشنطن- للصحيفة فـ: "إن ترحيل الإسلاميين المختطفين كان يتم عبر مطارات خاصة تابعة لزعماء الحرب موجودة حول العاصمة مقديشو" وكانت تقارير صحفية قالت: "إن ما بين (100-150) ألف دولار شهرياً كان الدعم الأمريكي لأمراء الحرب وأن البنتاجون قد بدأ التحقيق في هذا الأمر".

    وكذلك فإن أمراء الحرب قد أحالوا العاصمة الصومالية مقديشو إلى مجموعة نقاط عسكرية تابعة لهم ولم يكن لهم أي جهد من أجل إحلال السلام والاستقرار بين الصوماليين، بل ظل كل واحد منهم ينفذ أجندته الشخصية سواء في التعامل مع المؤسسات والمصالح الصومالية أو في مواجهاتهم العسكرية.

    يقول أحد قادة المحاكم الشرعية الإسلامية (فضل عدم ذكر اسمه): إن وكالة الاستخبارات الأمريكية قدمت لزعماء الحرب –تحالف مكافحة الإرهاب صوراً التقطت من الجو يشتبه بأنها معسكرات تابعة للإسلاميين وكذلك معلومات تم الحصول عليها من التنصت على مكالمات هاتفية بين الصومال وأفغانستان وبعض دول الخليج.

    ومن هنا أصبحت المواجهة مع المحاكم الإسلامية حتمية، ففي اليوم الذي تم فيه تشكيل تحالف السلام ومكافحة الإرهاب اندلعت الاشتباكات بين مليشيات المحاكم ومليشيات زعماء الحرب وحققت فيها المحاكم الإسلامية تقدماً ومكاسب عسكرية مهمة، حيث سيطرت على مطارين حول العاصمة وميناءه وهي مواقع كانت تابعة لأمراء الحرب كم سبق ذكره.

    حتى تطور الوضع لتصبح العاصمة مقديشو بالكامل تحت سيطرة المحاكم الإسلامية، وتم استسلام العديد من قادة أمراء الحرب الذين قاموا بتسليم أسلحتهم للمحاكم الإسلامية التي واصلت مسيرتها باتجاه مدينة جوهر (90كم شمال العاصمة) التي تعد معقلاً لأمراء الحرب وسيطرت عليها ثم على بلدوين(22) لتتمركز قواتها هناك على الحدود مع إثيوبيا.

    وفي حين يقول الشيخ شريف –رئيس اتحاد المحاكم- إن دعماً عسكرياً ومادياً تلقاه قادة أمراء الحرب من إثيوبيا فإن موسى سودي أكد للصحيفة أن هذا الكلام لا أساس له من الصحة(23).

    لقد انتهى الأمر بأمراء الحرب في اتجاهين: بعضهم سلم أسلحته للمحاكم الشرعية بعد أن اعترف بهزيمته العسكرية، كما قامت الحكومة الانتقالية برئاسة عبد الله يوسف بإقالة الأعضاء الأربعة من أمراء الحرب الذين يشاركون فيها.. والبعض الآخر وهم موسى سودى وبشير راجي وهم عضوان مهمان في تحالف السلام ومكافحة الإرهاب اختارا طريقهما نحو البحر ليستقر بهما المقام على باخرة أمريكية ليرحلا خارج الصومال، ورغم أن ذلك لم يكن النهاية لأمراء الحرب –حسب مراقبين عديدين- إذ أن أمراء الحرب سيظلون يظهرون بين الفينة والأخرى لإثارة البلبلة في الصومال مثلما حدث للمصور السويدي الذي قتل مؤخراً، إلا أن الصومال يكون قد أنهى بنهاية أمراء الحرب فصلاً من أبشع الفصول دموية وتاريخاً سيء الذكر لغالبية الصوماليين.

    ومما يؤسف له أن الحكومة الانتقالية صارت بوقاً يروج الإشاعات الكاذبة حول اتحاد المحاكم الشرعية بأنها منظمة إرهابية فإنها تؤوي لديها أجانب من خارج البلاد وكذلك استدعاؤها للقوات الأجنبية لمقاومة المحاكم الإسلامية مما سيؤدي إلى اشتعال حروب جديدة في البلاد ولن يكون لها أي أثر إيجابي أو مصلحة للبلاد بل ستكون لها عواقب وخيمة تمتد ثمارها المسمومة حتى الأجيال القادمة.

    وفي نفس الوقت فإن إثيوبيا تدعي أنها تدافع عن الحكومة الانتقالية، وأنها ستحارب الإرهابيين على حد قولها، وبمثل هذه المبررات تستبيح الاعتداء على الصوماليين وعداوتها للصوماليين معروفة؛ ولذا تطلب رفع حظر السلاح عن الحكومة المؤقتة بشكل خاص، وفعلاً صدر قرار من مجلس الأمن الدولي برفع حظر السلاح عن الصومال لصالح الحكومة الانتقالية، وهذا مما يعوق الحوارات الجارية بين الحكومة المؤقتة وبين المحاكم الشرعية حيث إن الحكومة رفضت الحضور إلى الخرطوم لمواصلة الحوار مع المحاكم الشرعية بمبرر أن المحاكم قد نقضت الاتفاقيات في المجس الأول في الخرطوم بمحاربتهم آخر زعيم من زعماء الحرب من تحالف السلام ومكافحة الإرهاب (عبد قيبديد) والذي حاول زعزعة أمن المحاكم الشرعية وأمن العاصمة. وبعد هزيمته في حرب مات فيها أكثر من مائة هرب إلى بيدوا وهو إلى الآن في "بيدوا". كما حاولت الحكومة الانتقالية زرع الخلاف بين المحاكم الشرعية، بقيامها بتأسيس محكمة صوفية(24) مؤيدة للحكومة لتعيق المحاكم الشرعية "واستخفاف بعض المواطنين بهذا الاسم، إلا أن هذه الخطة فشلت أيضاً" ولكن هذه الخطة فشلت ولم تلق قبولاً بين أوساط الشعب.

    هذا وقد قررت الحكومة المؤقتة في الصومال مقاطعة محادثات السلام مع اتحاد المحاكم الإسلامية المقرر إجراؤها في السودان، وبررت موقفها بكون الاتحاد لم يحترم الاتفاق الذي تم التوصل إليه في جولة محادثات سابقة. وقال الرئيس الصومالي عبد الله يوسف أحمد إنه لا يرى جدوى في الالتقاء مجدداً بالمحاكم الإسلامية إذا كانوا لا يحترمون تعهداتهم(25)، وأضاف أن الوقت غير مناسب للقائهم وسيتم البحث عن حلول أفضل.

    وأشار الرئيس الصومالي إلى أن اتحاد المحاكم خرق الاتفاق السابق الذي وقع في الخرطوم يوم 22يونيو/ حزيران الماضي وخاصة النقاط الأساسية المتعلقة بالاعتراف المتبادل ووقف أعمال العنف ويقول الاتحاد إنه لا يفهم التأخير في إجراء المحادثات، وقال عبد الرحمن عيسى –وهو حليف لرئيس الإتحاد الشيخ شريف أحمد- إن وفد الاتحاد كان مستعداً لإجراء محادثات وكان مع التوجه إلى السودان.

    وساطة عربية: حيث وكان من المقرر إجراء المحادثات بوساطة الجامعة العربية بشأن اقتسام السلطة وتهدئة الموقف في البلاد التي تعيش حالة فراغ سلطة منذ 1991م وقد أعربت الجامعة عن أملها أن تعود المحادثات قريباً إلى مسارها، وأقرت بأن هذا النوع من المفاوضات تقترن عادة بمصاعب.

    في غضون ذلك قالت مصادر عديدة إن قوات إثيوبية عبرت الحدود إلى الصومال لدعم الحكومة ضد المحاكم الإسلامية الأمر الذي يزيد المخاوف من صراع أوسع.

    ومن النقاط الرئيسية الشائكة بين الجانبين المقدمة لنشر قوات حفظ سلام دولية في الصومال، وترفض المحاكم الإسلامية المسيطرة على أقسام كبيرة من البلاد –بما فيها العاصمة مقديشو- أي تدخل عسكري خارجي، في حين يطالب الرئيس الصومالي بإرسال قوات أمنية لدعم حكومته.

    موافقة أممية: وفي السياق وافق مجلس الأمن على رفع الحظر المفروض على إرسال الأسلحة إلى الصومال ما يتيح المجال أمام القوات الدولية لحفظ السلام(26).

    تراجع الحكومة الانتقالية: وبعد ثلاثة أيام من مقاطعة الحكومة لمحادثات السلام مع اتحاد المحاكم الإسلامية تراجعت عن قرارها بسبب الضغوط الداخلية والخارجية، سيما القرار الذي أصدرته لجنة التنسيق بين الصومال وأمريكا والتي أسست قريباً، وبسبب الانشقاق الحاصل بين الحكومة والبرلمان حيث يرى أغلبية البرلمان مواصلة محادثة السلام مع المحاكم الإسلامية(27).

    وأخيراً ازداد الخلاف بين الحكومة مما أدى إلى استقالة أكثر من أربعين وزيراً مما أضعف الحكومة المؤقتة، وجعلها ضعيفة لم يبق لها إلا الاسم. وسبب هذا الخلاف كما أسلفنا كون الحكومة تعتمد الاستشارة الخارجية في حل مسائلها الداخلية، لأنها حتى بعد إعلانها التراجع عن المقاطعة لم تصدق ذلك بالعمل بل وقع خلاف شديد بين الرئيس وبين رئيس الوزراء لأن الرئيس عبد الله يوسف أحمد قبل المفاوضات للضغوطات الخارجية والداخلية، أما رئيس الوزراء يصمم على مقاطعة محادثات السلام أو تأخيرها لفترة معينة، مما جعل الخلاف مثلثاً بين الرئيس ورئيس الوزراء ورئيس البرلمان ومن عدم استخدام جيوش أجنبية ومواصلة محادثات السلام مع المحاكم الإسلامية، ورئيس الوزراء يرى عدم المفاوضات مع المحاكم واستخدام قوات أجنبية، أما الرئيس عبد الله يوسف كان على نفس الموقف إلا أنه تراجع وقال بمواصلة المحادثات مع المحاكم أما القوات الأجنبية فلم يتراجع عنها.

    مستقبل الصراع بين المحاكم الإسلامية وإثيوبيا في الصومال:

    رغم تأهب القوات الإثيوبية وتوغلها داخل الأراضي الصومالية عدة مرات؛ إلا أنه من المستبعد حدوث مواجهة عسكرية في الوقت الحالي، فإثيوبيا التي باتت قلقة أكثر من أي وقت مضى من تعاظم دور المحاكم الإسلامية، ولا يمكنها الدخول في أتون حرب جديدة بدون دعم وتوجيه من واشنطن، إلا إذا قامت المحاكم الإسلامية بالسيطرة على بيدوه مقر الحكومة الصومالية، وأعلنت قيام جمهورية جديدة يقودها الإسلاميون.

    هذا الأمر فطنت إليه المحاكم الإسلامية منذ البداية، لتفوت الفرصة على إثيوبيا وحلفائها، فرغم امتلاكها القوة التي تؤهلها للسيطرة على بيدوه إلا أنها لم تقم حتى الآن بمهاجمة المدينة، بل إنها أكدت مراراً وتكراراً عدم نيتها السيطرة على تلك وإزاحة الحكومة الصومالية المؤقتة.

    هناك لاعب آخر هو الولايات المتحدة التي لا يهمها نشوب حرب بين قوات المحاكم الإسلامية وإثيوبيا في الوقت الحالي، دون غطاء دولي أولاً، ولأن واشنطن لا تريد فتح جبهة قتال جديدة في الوقت الحالي، دون أن تنتهي من ترتيب أوراق اللعبة في البقع الساخنة في العراق ولبنان وفلسطين وفق مشروع الشرق الأوسط الجديد.

    من جانب آخر فإن السيناريو الأمريكي الخاص بالقضاء على المحاكم الإسلامية في الصومال، يريد إلباس المشهد الأفغاني على الأراضي الصومالية، بحيث تبدو المحاكم الإسلامية نظير الطالبان، وشريف شيخ أحمد مقابل الملا عمر زعيم حركة طالبان..

    وهكذا دواليك بما يسمح من تدويل الأزمة ويبدوا الأمر ليس مجرد حرب بين إثيوبيا الصليبية وقوات المحاكم الإسلامية، ولكنها حرب بين مليشيات عسكرية تريد الفوضى وقوات دولية تسعى لبسط الأمن!!..(28)

    ويلعب التضجر الداخلي في إثيوبيا دوراً كبيراً فتخوف إثيوبيا من الانهيار إن خاضت حرباً مع المحاكم الإسلامية، بحيث أن المحاكم الإسلامية بقوتها وشعبيتها تطيل الصراع والقضاء عليها ليس بالأمر السهل، ومثل هذه الفرص تنتهزها الجبهات المعارضة.

    (14) مجلة الوطن العربي العدد 1525 الجمعة 26/5/2006م.

    (15) هذا وقت صدور المجلة 26/5/2006م أما الآن فالمحاكم الإسلامية تسيطر على أكثر من 97% لأنهم هزموا آخر زعماء التحالف/ عبد قيب ديد، وسيطروا على مواقعه من العاصمة بعد حرب شديد مات فيه أكثر من مائة. فلم يبق من العاصمة مليشيا مسلحة غير المحاكم الشرعية عدا قلة من حراس حسين محمد عيديه في قصر الرئاسة، واستلمت جيوش المحاكم مفاتيح ومسئولية الميناء الكبرى للعاصمة والتي كانت مغلقة لعدة سنوات بسب الحروب العاصمة بأكملها بأيدي المحاكم الإسلامي واستلمت ملشيات حسين عيديه ووضعت أسلحتها.

    (16) الوطن العربي العدد 1525 الجمعة 26/5/2006م.

    (17) الشيخ حسن طاهر ينتمي إلى أقوى عشيرة من قبائل هويَّه، وبطنه بأكمله أيـّـد المحاكم الإسلامية، بطن (عير) وهو من أثرياء بطون عشيرة (هبرغدر) وأكثرها قوة فهذا من أهم مقومات المحاكم، ولأهمية هذا البطن الذي ينتمي إليه الشيخ حسن، التقت أمريكا مع سياسيين منها بنيروبي (كينيا) وطلبت منهم أن يقنعوا (عير) أن لا يؤيدوا المحاكم الإسلامية إلا أنهم لم يلقوا لذلك بالاً.

    (18) لم يكن تأسيس المحاكم في ذلك الوقت، ولكن كانت هناك في غير العاصمة بعض المحاكم التابعة لحركة الإتحاد الإسلامي.

    (19) أما الآن فلم يبق في العاصمة منهم أحد، فقد تخلصت قوات المحاكم الإسلامية من آخر عضو من أعضاء تحالف زعماء الحرب (عبد قيبديد) وسيطرت على العاصمة كلها، وأخذت القبائل بتسليم الممتلكات العامة للمحاكم فسلمت قبيلة حاج سليمان مفاتيح الميناء الكبرى في مقديشو التي كانت معلقة لمليشيات مسلحة للقبيلة منذ خروج جيوش الأمم المتحدة من البلاد.

    (20) 26 سبتمبر العداد (1271) الخميس 19 جمادي الآخر 1427هـ الموافق 13يوليو 2006م.

    * الصوماليون يقولون سياد بالسين لا بالزاي، ولكني كتبت بالزاي أحياناً تبعاً للمصادر.

    (21) هذا حسب تعبيرهم ورأيهم.

    (22) بلدوين تبعد من العاصمة (335كم) شمال غرب العاصمة.

    (23) حسبما أعلم باعتباري من أهل الصومال ومطلعاً على الأوضاع فيها أنه ما من زعيم من زعماء الحرب إلا ويتلقى دعماً عسكرياً من إثيوبيا وأمريكان، فكانت القوافل الحاملة للسلاح والأجهزة العسكرية لزعماء الحرب ومن بينهم موسى سودي تمر ببلدوين ونواحيها متوجهة من إثيوبيا إلى العاصمة، وأحياناً كانت تقع اشتباكات بين مليشيات من قبائل بلدوين وبين حراس القوافل المذكورة، وغالباً ما كانوا يمرون بالسلم والاتفاقية معهم وإثيوبيا نفسها دخلت قريباً محاظة هيران التي عاصمتها بلدوين وفي محافظات أخرى وقد أعلنت ذلك الإذاعات العالمية العربية وغير العربية واتصلت ببلدوين هاتفياً وأفادني من هم في بلدوين أن القوات الإثيوبية دخلت المحافظة من طريقين.

    (24) الصوفية في الصومال لا يشكلون حتى 15% إلا أنهم بعد أحداث 11سبتمبر وجدوا دعماً كبيراً وبدأوا يظهرون طقوسهم الصوفية وبعض شركياتهم برعاية زعماء الحرب والعلمانيين، والصوفية في الصومال قليلوا الأنصار جداً؛ لأن الشعب قد فهم خرافاتهم وتحرر من شركياتهم وأخذ عقيدة أهل السنة والجماعة، عقيدة السلف الصالح ومن العجب أنهم يسمون أنفسهم بأهل السنة والجماعة وفي الحقيقة أنهم أهل بدعة وخرافة، وفتحت لهم إذاعات مرئية ومسموعة ومقروءة ولهم مواقع خاصة يبثون فيها وعبرها عقيدتهم المحرفة كموقع (Ahlu_umah@lists.2garre.com) وأشباهه.

    (25) وتقول المحاكم الإسلامية نحن اتفقنا مع الحكومة المؤقتة وما اتفقنا مع التحالف، فمحاربتنا مع زعيم من التحالف لا يعني أننا لا نحترم الاتفاقيات، ولم نك على علم أن عبد قيبديد وراءه الحكومة أو أنه من الحكومة.

    (26) نقلاً عن الجزيرة.

    (27) نقلاً عن إذاعة (B.B.C) باللغة الصومالية.

    (28) مفكرة الإسلام –جمال الذرواني.

    جميع الحقوق محفوظة لموقع مركز الجزيرة العربية للدراسات والبحوث © 1429 هـ












      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 15 نوفمبر 2024 - 7:55