نحن نرابط في ميدان التحرير منذ أكثر من أسبوعين وتواجهنا صعوبة ومشقة بالغة عند الوضوء لكل صلاة فهل يجوز لنا جمع الصلوات وقصرها أيضا.. وكيف يكون ذلك؟
جمع الصلوات وقصرها للمرابطين في ميدان التحرير
الشيخ حامد العطار
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :
أما قصر الصلاة فإنه لا يشرع إلا في السفر إجماعا، فمن كان من المعتصمين بالميدان مسافرا فيشرع له القصر ومن لم يكن مسافرا فلا يشرع له القصر، والصحيح الذي رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية أن السفر لا يحدد بالمسافة، ولكنه يترك للعرف، فما يسميه الناس سفرا فهو سفر، وما لا يسميه الناس سفرا فليس بسفر.
أما جمع الصلوات، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، ثماني ليال دون خوف أو مرض، ولما سُئِل ابن عباس راوي الحديث عن سبب الجمع قال: أراد رسول الله أن لا يحرج أمته، وهذا الحديث يقتضي جواز الجمع دون سبب من خوف، أو مرض، كما صرح الحديث.
وأبعد من حمل ذلك على وجود غيم بالسماء؛ لأن الغيم لا يؤثر على معرفة وقت المغرب، كما أبعد من قال: إن ذلك بسبب المرض؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بالصحابة جميعا، فهل مرض الصحابة جميعا في وقت واحد؟ أما من قال إن المعنى أنه كان يصلي الصلاة الأولى في آخر وقتها، والصلاة الثانية في آخر وقتها فقوله محتمل، وإن لم يكن متعينا؛ لأن تحين آخر الوقت وأوله فيه شيء من الإحراج الذي صرح ابن عباس بأن نفيه كان علة الجمع.
وقد صح عن غير واحد من الفقهاء أنه أجاز الجمع بلا سبب بشرط أن لا يصبح عادة للمسلم، وعليه فلا مانع من الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء في المظاهرات المتصلة، ويتأكد الجواز عند الخوف من إيقاع كل صلاة في وقتها حيث يصعب في المظاهرات، توافر المياه، وتوافر الأمن، وتوافر المكان الصالح للصلاة، وقد يحدث فيها من الملاحقات، والمضايقات مما يجعل في إيقاع كل صلاة في وقتها حرجا شديدا.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
ذهب الحنابلة، وبعض الشافعية، وهو رواية عند المالكية إلى جواز الجمع بسبب الخوف، واستدلوا بحديث ابن عباس رضي الله عنهما: "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالمدينة سبعا وثمانيا الظهر والعصر والمغرب والعشاء "متفق عليه.
وفي لفظ للجماعة إلا البخاري وابن ماجه: "جمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر، قيل لابن عباس: ما أراد بذلك ؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته.. وهذا يدل على أن الجمع للخوف أولى.
وذهب أكثر الشافعية وهو الرواية الأخرى للمالكية إلى عدم جواز الجمع للخوف لثبوت أحاديث المواقيت ولا تجوز مخالفتها إلا بنص صريح غير محتمل.
أما الأحناف فإنهم لا يجيزون الجمع لسفر ولا لمطر ولا لغيرهما من الأعذار الأخرى.
وذهب جمهور الفقهاء إلى عدم جواز الجمع لغير الأعذار المذكورة، لأن أخبار المواقيت الثابتة لا تجوز مخالفتها إلا بدليل خاص، ولأنه تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم المحافظة على أوقات الصلوات حتى "قال ابن مسعود رضي الله عنه: ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة لغير ميقاتها إلا صلاتين جمع بين المغرب والعشاء بجمع -أي بمزدلفة- الحديث.
وذهب طائفة من الفقهاء منهم - أشهب من المالكية، وابن المنذر من الشافعية، وابن سيرين وابن شبرمة - إلى جواز الجمع لحاجة ما لم يتخذ ذلك عادة.
قال ابن المنذر: يجوز الجمع في الحضر من غير خوف، ولا مطر، ولا مرض. وهو قول جماعة من أهل الحديث لظاهر حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: "إن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر" فقيل لابن عباس لم فعل ذلك قال: أراد أن لا يحرج أمته.
ولما روي من الآثار عن بعض الصحابة والتابعين رضي الله عنهم من أنهم كانوا يجمعون لغير لأعذار المذكورة. انتهى.
وجاء في شرح الغرر البهية من كتب الحنابلة في تعليل جمع النبي صلى الله عليه وسلم بالصحابة هذه المدة:
من الفقهاء من قال: هو محمول على الجمع بعذر المرض أو نحوه مما في معناه من الأعذار وهو قول أحمد بن حنبل والقاضي حسين من أصحابنا، واختاره الخطابي والمتولي والروياني من أصحابنا، وهو المختار في تأويله لظاهر الحديث.
وذهب جماعة من الأئمة إلى جواز الجمع في الحضر للحاجة لمن لا يتخذه عادة، وهو قول ابن سيرين وأشهب من أصحاب مالك وحكاه الخطابي عن القفال والشاشي الكبير من أصحاب الشافعي عن أبي إسحاق المروزي عن جماعة من أصحاب الحديث، واختاره ابن المنذر ويؤيده قول ابن عباس حين سئل أراد أن لا يحرج أمته فلم يعلله بمرض ولا غيره.
والله أعلم.
جمع الصلوات وقصرها للمرابطين في ميدان التحرير
الشيخ حامد العطار
عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :
أما قصر الصلاة فإنه لا يشرع إلا في السفر إجماعا، فمن كان من المعتصمين بالميدان مسافرا فيشرع له القصر ومن لم يكن مسافرا فلا يشرع له القصر، والصحيح الذي رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية أن السفر لا يحدد بالمسافة، ولكنه يترك للعرف، فما يسميه الناس سفرا فهو سفر، وما لا يسميه الناس سفرا فليس بسفر.
أما جمع الصلوات، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، ثماني ليال دون خوف أو مرض، ولما سُئِل ابن عباس راوي الحديث عن سبب الجمع قال: أراد رسول الله أن لا يحرج أمته، وهذا الحديث يقتضي جواز الجمع دون سبب من خوف، أو مرض، كما صرح الحديث.
وأبعد من حمل ذلك على وجود غيم بالسماء؛ لأن الغيم لا يؤثر على معرفة وقت المغرب، كما أبعد من قال: إن ذلك بسبب المرض؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بالصحابة جميعا، فهل مرض الصحابة جميعا في وقت واحد؟ أما من قال إن المعنى أنه كان يصلي الصلاة الأولى في آخر وقتها، والصلاة الثانية في آخر وقتها فقوله محتمل، وإن لم يكن متعينا؛ لأن تحين آخر الوقت وأوله فيه شيء من الإحراج الذي صرح ابن عباس بأن نفيه كان علة الجمع.
وقد صح عن غير واحد من الفقهاء أنه أجاز الجمع بلا سبب بشرط أن لا يصبح عادة للمسلم، وعليه فلا مانع من الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء في المظاهرات المتصلة، ويتأكد الجواز عند الخوف من إيقاع كل صلاة في وقتها حيث يصعب في المظاهرات، توافر المياه، وتوافر الأمن، وتوافر المكان الصالح للصلاة، وقد يحدث فيها من الملاحقات، والمضايقات مما يجعل في إيقاع كل صلاة في وقتها حرجا شديدا.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
ذهب الحنابلة، وبعض الشافعية، وهو رواية عند المالكية إلى جواز الجمع بسبب الخوف، واستدلوا بحديث ابن عباس رضي الله عنهما: "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالمدينة سبعا وثمانيا الظهر والعصر والمغرب والعشاء "متفق عليه.
وفي لفظ للجماعة إلا البخاري وابن ماجه: "جمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر، قيل لابن عباس: ما أراد بذلك ؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته.. وهذا يدل على أن الجمع للخوف أولى.
وذهب أكثر الشافعية وهو الرواية الأخرى للمالكية إلى عدم جواز الجمع للخوف لثبوت أحاديث المواقيت ولا تجوز مخالفتها إلا بنص صريح غير محتمل.
أما الأحناف فإنهم لا يجيزون الجمع لسفر ولا لمطر ولا لغيرهما من الأعذار الأخرى.
وذهب جمهور الفقهاء إلى عدم جواز الجمع لغير الأعذار المذكورة، لأن أخبار المواقيت الثابتة لا تجوز مخالفتها إلا بدليل خاص، ولأنه تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم المحافظة على أوقات الصلوات حتى "قال ابن مسعود رضي الله عنه: ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة لغير ميقاتها إلا صلاتين جمع بين المغرب والعشاء بجمع -أي بمزدلفة- الحديث.
وذهب طائفة من الفقهاء منهم - أشهب من المالكية، وابن المنذر من الشافعية، وابن سيرين وابن شبرمة - إلى جواز الجمع لحاجة ما لم يتخذ ذلك عادة.
قال ابن المنذر: يجوز الجمع في الحضر من غير خوف، ولا مطر، ولا مرض. وهو قول جماعة من أهل الحديث لظاهر حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: "إن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر" فقيل لابن عباس لم فعل ذلك قال: أراد أن لا يحرج أمته.
ولما روي من الآثار عن بعض الصحابة والتابعين رضي الله عنهم من أنهم كانوا يجمعون لغير لأعذار المذكورة. انتهى.
وجاء في شرح الغرر البهية من كتب الحنابلة في تعليل جمع النبي صلى الله عليه وسلم بالصحابة هذه المدة:
من الفقهاء من قال: هو محمول على الجمع بعذر المرض أو نحوه مما في معناه من الأعذار وهو قول أحمد بن حنبل والقاضي حسين من أصحابنا، واختاره الخطابي والمتولي والروياني من أصحابنا، وهو المختار في تأويله لظاهر الحديث.
وذهب جماعة من الأئمة إلى جواز الجمع في الحضر للحاجة لمن لا يتخذه عادة، وهو قول ابن سيرين وأشهب من أصحاب مالك وحكاه الخطابي عن القفال والشاشي الكبير من أصحاب الشافعي عن أبي إسحاق المروزي عن جماعة من أصحاب الحديث، واختاره ابن المنذر ويؤيده قول ابن عباس حين سئل أراد أن لا يحرج أمته فلم يعلله بمرض ولا غيره.
والله أعلم.