أطلق مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية التابع لجريدة /الأهرام/ المصرية أول دليل من نوعه عن الحركات الإسلامية في العالم، يسعى للتركيز على أهم وأبرز الحركات الإسلامية السياسية والجهادية، ويسعى لتفسير الفروق بين هذه الحركات وتاريخها، وأهم قادتها، وأهم أفكارها. وحرصت الدراسة لهذه الحركات المختلفة عربيا وآسيويا وإفريقيا، على الإشارة إلى أن مصطلح (الحركات الإسلامية) عانى من درجة عالية من الغموض والتشويش، على الرغم من كثرة الدراسات والمقالات حوله.
ويضم الدليل، الذي يشرف على رئاسة تحريره الدكتور ضياء رشوان، المختص في الحركات الإسلامية، ثلاثةَ أقسامٍ رئيسة، (الأول): عن الحركات الإسلامية، والتعريف بها وأنشطتها، و(الثاني) عن وجوه وأفكار الحركات الإسلامية عمومًا، و(الثالث) والأخير ويتعلق بالقيادات الفكرية والحركية للحركة الإسلامية أمثال حسن الترابي وعبد القادر بن عبد العزيز أحد قادة التيار الجهادي في مصر.
القسم الأول
ويضم هذا القسم من الدليل ثماني دراسات، أهمها دراسة حول جماعة الإخوان المسلمين في مصر، والثانية حول تنظيم قاعدة الجهاد، ثم ما تبقى من جماعة الجهاد المصرية، ودراستين عن فلسطين تشملان حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وحركة الجهاد الإسلامي الفلسطيني. أما الدراسة الخامسة فعن الجماعة الإسلامية الإندونيسية، والسادسة عن حركات جنوب شرق آسيا، والسابعة عن حركة المجاهدين في كشمير، والثامنة عن حزب العدالة والتنمية في تركيا.
القسم الثاني
ويركز القسم الثاني عن رؤوس وأفكار الحركات الإسلامية عمومًا، من خلال إفراد قسم خاص عن كيف يفكر أسامة بن لادن، والأبعاد المختلفة لخطابه، وبه خمس دراسات، الأولى: عن تطور خطاب ابن لادن قبل وبعد 11 أيلول (سبتمبر) 2001م، والثانية عن موضع قضية فلسطين في خطاب أسامة بن لادن، والثالثة عن تفكير بن لادن الاقتصادي، والدراسة الرابعة عن تفكيره العسكري والعمليات التي يقوم بها. في حين ترتكز الدراسة الخامسة حول المراجعات الفكرية للجماعة الإسلامية المصرية.
القسم الثالث
أما القسم الثالث والأخير من الدليل فيتعلق بالقيادات الفكرية والحركية للحركة الإسلامية، وبه دراستان، الأولى: عن الدكتور حسن الترابي، الزعيم الإسلامي السوداني، رئيس حزب المؤتمر الشعبي، والثانية عن عبد القادر بن عبد العزيز، وهو اسم حركي لأمير جماعة الجهاد السابق في مصر (سيد إمام الشريف)، وأهميته من وجهة نظر واضعي الدليل، ترجع إلى أنه مؤلف لكتابين رئيسيين في العالم الجهادي بشكل عام، هما كتاب "العمدة في إعداد العدة"، و"الجامع في طلب العلم الشريف".
حركات دينية وأخرى سياسية
ويصنف الدليل خريطة الحركات الإسلامية من حيث برامجها وخططها وأفكارها إلى فئتين رئيسيتين يختلفان في نهجهما وهما:
- أولاً: الحركات الإسلامية الدينية: وهذه تنقسم إلى قسمين رئيسيين، الأول: الحركات المتطرفة السلمية، وتشمل حركات التكفير والهجرة، وحركات إعادة الدعوة. أما القسم الثاني فيضم الحركات الجهادية العنيفة كما يقول الدليل. ونتيجة اختلاف ظروف ومراحل ومناطق نشأة تلك الحركات، فإنها توزعت بين أقسام ثلاثة، أولها: الحركات محلية الطابع، وثانيها: الحركات الاستقلالية والانفصالية، وثالثها: الحركات دولية المجال.
ثانيًا: الحركات السياسية- الاجتماعية ذات البرنامج الإسلامي، وهذه قسمها الدليل إلى نوعين، الأول: الحركات السلمية الساعية للحكم، ومن أبرزها جماعة الإخوان المسلمين في مصر والبلدان العربية الأخرى، وجماعة النهضة في تونس، والجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر، والثاني: حركات التحرر الوطني المسلحة، وأبرزها في الوقتِ الحالي حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينيتين، وحزب الله اللبناني.
جماعة الإخوان.. كبرى الحركات
وقد أفرد القسم الأول من الدليل مساحة كبيرة لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، معتبرا أنها "كبرى الحركات الإسلامية في المنطقة العربية على الأقل، وكانت ولا تزال ذات تأثير كبير على مختلف المستويات الفكرية والاجتماعية والسياسية في معظم البلدان العربية وخارج نطاقها.
وتحدث الدليل عن أهم التطورات التي شهدتها جماعة الإخوان المسلمين بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001، وخلال عام 2002م بشكل خاص، دون أن يتطرق إلى المرحلة الحالية التي توجها الإخوان بالفوز في انتخابات البرلمان المصري الأخيرة ب 88 مقعدا على النحو التالي:
- أولاً: اختيار المرشد الجديد بعد وفاة المرشد العام الخامس لجماعة الإخوان المسلمين، الشيخ مصطفى مشهور في 14/11/2002م وضرورة وجود مرشد عام جديد.
- ثانيًا: التيار التجديدي داخل جماعة الإخوان المسلمين، حيث تعرضت الجماعة، كأي جماعة سياسية واجتماعية، لمجموعة من الصعوبات والتحديات، التي تواجه مشروعها السياسي الإصلاحي والتغييري، تنبع من ثلاث مستويات متفاعلة هي:
المستوى الأول: تحديات البيئة الدولية والإقليمية، ومنها تحدي الخضوع للهيمنة الأمريكية والغربية، والتي تعتبرها إجمالاً من أقوى التهديدات للهيمنة والمصالح الأمريكية في المنطقة، وتحدي التسوية مع الدولة العبرية التي تدرك، على نحو واضح، أن أحد أعدائها الرئيسيين هي جماعة الإخوان المسلمين ذات الامتداد الشعبي الكبير، وتحدي علاقة الأنظمة بجماعة الإخوان المسلمين، التي تعتبرها غالبية الأنظمة السياسية الحاكمة النقيض الأساسي، والمنافس الرئيسي لها في الوقت الحالي.
المستوى الثاني: ويتحدث عن تحديات السياق المجتمعي الذي تعمل فيه الحركة: مثل شعبية الحركة الإسلامية، التي تحوز وفْق بعض التقديرات على (20 إلى 25 في المائة) من تعاطف مجتمعات تلك الدول، والدور القيادي أو القائد في المجتمع، باعتبار أنها قدَّمت نفسها كقيادة للإصلاح والتغيير في مجتمعاتها.
المستوى الثالث: يتحدث عن تحديات من داخل الحركة الإسلامية نفسها، ومنها الرؤية والمشروع والقيادة، وتناقض الرؤى بصدد الأهداف وأساليب الإصلاح والتغيير.
وقد ذكر دليل الحركات الإسلامية بعض الأفكار الجديدة لجماعة الإخوان المسلمين، التي قال إنها جاءت في وثائقَ وبياناتٍ موجهة للأمة منذ منتصف تسعينيات القرن العشرين أو قبلها، أهمها الموقف من الآخر، وتداول السلطة، والموقف من الديمقراطية، والتحول إلى حزب سياسي.
علاقة الإخوان بالسلطة
- ثالثًا: علاقة الإخوان المسلمين بالسلطة السياسية: وأشار خلالها إلى أن علاقة جماعة الإخوان المسلمين بالدولة المصرية في عهد الرئيس حسني مبارك منذ عام 1981م قد مرت بثلاثِ مراحلَ، المرحلة الأولى وصفها الدليل بمرحلة التجاهل والتسامح، وقد أدى ذلك إلى تمتع الإخوان بقدرٍ واسعٍ من حرية الحركة والتعبير، وأتاحت دعم وجودهم السياسي والشعبي في مصر، ومد نفوذهم إلى مؤسسات وقطاعات سياسية ومهنية، مثل مجلس الشعب والنقابات المهنية واتحادات الطلاب بالجامعات ونوادي هيئات التدريس.
أما المرحلة الثانية فبدأت بانتهاء انتخابات مجلس الشعب لعام 1987م، والتي كشفت حجم القوة الكبيرة للإخوان، في ظل تحالفهم مع حزبي العمل والأحرار، تحت شعار (الإسلام هو الحل)، وأطلق الدليل على هذه المرحلة (التخوف والاحتكاك). وفي عام 1992م استطاع الإخوان السيطرة على مجلس نقابة المحامين، الذي ظل حكرًا، طيلة تاريخها، على التيارين الليبرالي والحكومي، مما زاد من تخوف الدولة منهم.
ومنذ بداية عام 1993م وحتى الوقت الحالي يرى الدليل أن علاقة الإخوان بالدولة انتقلت إلى المرحلة الثالثة، وهي مرحلة التدهور والصدام، التي انتشرت خلالها الجماعة بشكلٍ كبير في مختلف قطاعات المجتمع السياسي والنقابي.
- رابعًا: تفاعلات عام 2002م: وقد ركَّز الدليل في هذا الجزء على دراسة أبرز تفاعلات الدور السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر خلال عام 2002م، والتي تمثَّلت في الانتخابات التكميلية لمجلس الشعب بالإسكندرية، والتي أسفرت عن حصول مرشحي جماعة الإخوان المسلمين على أعلى نسبة من الأصوات، حسب بيانات وزارة الداخلية، إلا أن الحكومة أعلنت في انتخابات الإعادة فوز مرشحي الحزب الوطني.
ثم حملات القبض والاعتقال ضد جماعة الإخوان المسلمين، التي اعتبرها الدليل التطبيق العملي لسياسة الحكومة تجاه الجماعة، وكذلك أداء نواب الإخوان المسلمين خلال الدورة الثالثة للمجلس السابق، والتي شهدت نشاطًا مكثفًا من جانب أعضاء الجماعة داخل البرلمان، سواء فيما يتعلق بعضوية اللجان النوعية داخل المجلس، أو فيما يتعلق بالمشاركة في الأنشطة الرقابية؛ حيث تقدم نواب الإخوان بعددٍ من الاستجوابات المهمة، كان أهمها استجوابات الدكتور أكرم الشاعر عن بحيرة المنزلة، واستجوابين للدكتور حمدي حسن عن تدمير بحيرة مريوط، والمشروع الإنمائي للتطوير، وتنمية الفلاح المصري.
ويذكر الدليل أن ذلك الاستجواب يُعدُّ أول استجواب في تاريخ البرلمان المصري يستند إلى شرائط فيديو عن المشروع كوثائقَ رئيسةٍ للاستجواب، واستجواب النائب حسين إبراهيم عن كارثة شركة النصر للملاحات، بالإضافةِ إلى عددٍ من الاستجوابات الأخرى المتعلقة بقضايا الزراعة والبنوك والتعليم. إلى جانب ذلك تقدَّم نواب الإخوان بعددٍ من طلبات الإحاطة والأسئلة ومشاريع القوانين، إضافةً إلى الرد على بيان الحكومة وخطة الموازنة، التي أكد نواب الإخوان أن الموازنة جاءت برَّاقةً في أرقامها، مهمشةً في تطبيقاتها، وبعيدة عن الواقع والإمكانيات الحقيقية للدولة، وأعلنوا رفضهم لها.
وفي خاتمة الجزء الخاص بالإخوان، أكَّد الدليل على أن جماعة الإخوان هي أهم حركة إسلامية في العصر الحديث، أثَّرت في كثيرٍ من بلدان العالم العربي وبعض بلدان العالم الإسلامي، واستمر هذا التأثير طيلة ال75 عامًا الماضية، إضافةً إلى أن الجماعة حافظت على علاقةٍ طيبةٍ بالأقلية الدينية في مصر، وفقًا للمبدأ الشرعي (لهم ما لنا وعليهم ما علينا)، مشيرًا إلى استمرار قوة تواجد الإخوان المسلمين في الشارع المصري.
حزب العدالة التركي
اهتم الدليل بحزب العدالة والتنمية التركي من حيث إشكالية التوصيف والجذور والتوجه للحزب، وولادةِ حزب العدالة والتنمية كقوةٍ سياسيةٍ كبيرةٍ في تركيا، وارتباط هذه الولادة بتطوراتٍ داخليةٍ وقوى خارجيةٍ. وذكر الدليل أهداف ومبادئ الحزب وأفكاره الرئيسة، إضافةً إلى تشكيلات الحزب، وعملية صنع القرار بداخله، ومقدمات ونتائج وأسباب فوز الحزب في الانتخابات، وحصوله على 363 مقعدًا من مقاعد البرلمان ال 550 عام 2002م، إضافةً إلى تشكيل الحكومة وبرنامجها بعد الفوز الكبير للحزب في الانتخابات.
تنظيم القاعدة
وفي حديثه عن تنظيم القاعدة، أشار الدليل إلى تدويل ما أسماه (الإسلام الراديكالي) طريق الجهاد والقاعدة، ومعالم المسيرة من معسكر الأنصار إلى قاعدة الجهاد، إضافةً إلى حصاد 2002م والعمليات الموجعة من القاعدة والضربات الأمنية من واشنطن (السلوك الأمريكي ضد القاعدة من حيث التعصب والاعتقال والقتل والهجمات العسكرية)، كما تحدث عن الخطر الذي يمثله تنظيم قاعدة الجهاد على الولايات المتحدة.
الجماعة الإسلامية في إندونيسيا
بالنسبة للدراسة الخاصة بالجماعة الإسلامية في إندونيسيا تحدث الدليل عن جذور نشأة الجماعة ومراحل تطورها، وتمثلت لديه في ثلاث مراحل، المرحلة الأولى: مرحلة تطوير البناء التنظيمي للجماعة، والتي بدأت عام 1982م، والمرحلة الثانية مرحلة الانتشار وتطوير القدرات العسكرية، والتي بدأت عام 1985م، والمرحلة الثالثة وهي تصاعد الجناح الراديكالي داخل الجماعة، والتي بدأت عام 1998م. كما تحدث عن الهيكل التنظيمي والعلاقات الإقليمية والدولية للجماعة الإسلامية، مع ذكر أهداف الجماعة ومصادرها الفكرية، إضافةً إلى بنائها الفكري.
وركز الدليل على الأنشطة الرئيسة للجماعة الإسلامية الإندونيسية خلال الفترة (2000- 2002) وتقديم قائمة بأهم التفجيرات، التي قامت بها الجماعة خلال العامين (العمليات المنفذة والعمليات المخططة التي لم تُنفذ)، وإستراتيجية تعامل الحكومة الإندونيسية مع الجماعة، ومستقبلها السياسي.
كما قدَّم الدليل دراسةً حملت عنوان (ماذا تبقَّى من جماعةِ الجهاد المصرية) أشار فيها إلى تعريف جماعة الجهاد لنفسها، ونشأتها التاريخية، وعلاقتها بالجماعة الإسلامية من حيث الاندماج والانفصال، إضافةً إلى علاقتها بأيمن الظواهري وتنظيم القاعدة والهيكل التنظيمي لها.
حركة المقاومة الإسلامية "حماس"
وفيما يخص حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، أكد الدليل أنها تُعدُّ أبرز حركات المقاومة المسلحة على الساحة الفلسطينية، وهي امتداد لجماعة الإخوان المسلمين، وتركزت رؤيتها في المرحلة الأولى على بناء الفرد والأسرة والمجتمع؛ تمهيدًا لإقامة الدولة الإسلامية، كما أشار إلى نشأة ونشاط جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين، باعتبار أن حركة "حماس" تُعُّد جناحًا من أجنحتها؛ إذ تعود جذور نشأة جماعة الإخوان في فلسطين إلى ثلاثينيات القرن العشرين، وقد توطد وجودها في فلسطين مع مشاركة المتطوعين من الإخوان من مصر والأردن في حرب 1948م.
وتحدث الدليل عن انتفاضة 1987م كنقطةٍ فاصلةٍ في نشأة حركة "حماس"، مع الإشارة إلى عدة نقاط أخرى منها: "حماس" والحوار بين الفصائل الفلسطينية، قبل إنشاء السلطة الوطنية، وموقف "حماس" من اتفاق أوسلو والسلطة الوطنية، وقيادة "حماس" في الخارج، وفكرة العمل السياسي والعسكري، و"حماس" وانتفاضة الأقصى، و"حماس" وإصلاح السلطة الوطنية، وفكرة نزع سلاح المقاومة الفلسطينية، واستئناف الحوار بين الفصائل الفلسطينية، والتعاطي مع مشروعات التسوية السياسية المطروحة.
الجهاد الإسلامي
وفيما يتعلق بحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، تحدث الدليل عن تأسيس وتطور الحركة، وعن هيكلها التنظيمي، وكذلك عن إطارها الفكري. كما تحدَّث عن الحركة وتفاعلات انتفاضة الأقصى عام 2002م.
أما بخصوص حركة المجاهدين في كشمير، فتحدَّث الدليل عن نشأتها التاريخية وبنيتها التنظيمية، وعن أيديولوجية الحركة، وتأثير أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001م عليها ونشاطها (في عام 2002م كنموذج).
القاعدة وابن لادن
وفي القسم الثاني من الدليل، الذي ركز على رؤوس وأفكار للحركات الإسلامية عمومًا، من خلال إفراد قسم خاص لبعض قادة الحركات مثل أسامة بن لادن، أكَّد الدليل أن هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001م على نيويورك وواشنطن تعتبر نقطةَ البداية الحقيقة في تعرف العالم على أسامة بن لادن، ليس فقط في كونه زعيمَ تنظيم قاعدة الجهاد، ولكن أيضًا في التعرف على التصورات والرؤى والأفكار التي يحملها الرجل، ويشكل عبرها مواقفه الحركية من مختلف القضايا العملية.
كما أشار إلى ملامح تطور خطاب ابن لادن من قبل وبعد أيلول (سبتمبر) 2001م والذي يعتبر تاريخ الغزو الأمريكي لأفغانستان في 7 تشرين أول (أكتوبر) 2001م، وهي المرة الأولى، التي يذاع فيها خطاب لابن لادن باللغة العربية موجه عبر وسيلةٍ إعلاميةٍ واسعةِ الانتشار (قناة الجزيرة الفضائية)، بهدف الوصول إلى أوسع جمهور ممكن.
كما أشار أيضًا إلى أن عدد الكلمات والبيانات والرسائل والخطب والمقابلات، التي أجراها ابن لادن منذ نهاية الثمانينيات وحتى نهاية 2004م بلغ حوالي 29 وثيقةً باللغة العربية، ونحو 11 مقابلةً صحفيةً وتليفزيونيةً لوسائل إعلامٍ غيرِ عربيةٍ.
كما تحدث الدليل عن بداية وحجم اهتمام ابن لادن بالقضية الفلسطينية، وعن رؤيته للقضية الفلسطينية والصراع مع الدولة العبرية، والتساؤل عن مدى إمكانية ضرب القاعدة لأهداف إسرائيلية. وأشار أيضًا إلى التفكير الاقتصادي لأسامة بن لادن، والأبعاد الاقتصادية لدى تنظيم القاعدة والمتغير الاقتصادي لديه، وإلى مسؤولية أحداث أيلول (سبتمبر) عن الأزمة الاقتصادية الأمريكية ومسيرة الاقتصاد الأمريكي خلال الفترة من 2000 إلى آب (أغسطس) 2001م، وخسائره المباشرة الناجمة عن أحداث أيلول (سبتمبر)، والتي قُدرت في بعض الدراسات ب100 مليار دولار، إضافةً إلى إلغاء ما يقارب 100 ألف وظيفةٍ في الأسبوعين التاليين للاعتداءات، وبلغت نسبة البطالة 6 في المائة من مجمل القوى العاملة، وتحقيق عجز قياسي في الميزانية الفيدرالية عام 2003م قيمته 300 مليار دولار، إضافةً إلى التراجع لحجم الاستثمارات الأجنبية في الولايات المتحدة.
وتحدث الدليل في الدراسة الخاصة بالتفكير العسكري العملياتي لأسامة بن لادن عن موقع ابن لادن في هيكل القاعدة، والعدو الرئيس للقاعدة في تصورات ابن لادن. وكذلك عن سياسة القوى واتجاهات العمل الهجومي للقاعدة في تصوراته، وعن العمليات الدفاعية لمقاتلي القاعدة في ظل قيادة ابن لادن، ونهاية العنف المسلح في ظل تقديراته.
وفي القسم الثالث، قدَّم الدليل دراستين عن القيادات الفكرية والحركية للجماعة الإسلامية، وكانت الدراسة الأولى عن الدكتور حسن الترابي- الزعيم الإسلامي المعروف في السودان، تحدث فيها عن نشأته وزعامته وأهم أفكاره، كما تحدث عن الانقلاب العسكري ونظام الإنقاذ في السودان.
والدراسة الثانية عن عبد القادر بن عبد العزيز، أحد قادة التيار الجهادي في مصر، وهو اسم حركي لأمير الجماعة (سيد إمام الشريف)، تحدث فيها أيضًا عن نبذة عنه وعن أهم مؤلفاته، وهما (الجامع في طلب العلم الشريف) و(العمدة في إعداد العدة).
يذكر أن مركز دراسات /الأهرام/ سبق أن أصدر تقارير عن (الحالة الدينية في مصر)، كان يركز فيها على الحركات الدينية في مصر فقط، بيد أن هذه أول مرة يصدر دليل باللغة العربية عن المركز عن الحركات الإسلامية في مصر والمنطقة العربية والإسلامية.
ويضم الدليل، الذي يشرف على رئاسة تحريره الدكتور ضياء رشوان، المختص في الحركات الإسلامية، ثلاثةَ أقسامٍ رئيسة، (الأول): عن الحركات الإسلامية، والتعريف بها وأنشطتها، و(الثاني) عن وجوه وأفكار الحركات الإسلامية عمومًا، و(الثالث) والأخير ويتعلق بالقيادات الفكرية والحركية للحركة الإسلامية أمثال حسن الترابي وعبد القادر بن عبد العزيز أحد قادة التيار الجهادي في مصر.
القسم الأول
ويضم هذا القسم من الدليل ثماني دراسات، أهمها دراسة حول جماعة الإخوان المسلمين في مصر، والثانية حول تنظيم قاعدة الجهاد، ثم ما تبقى من جماعة الجهاد المصرية، ودراستين عن فلسطين تشملان حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وحركة الجهاد الإسلامي الفلسطيني. أما الدراسة الخامسة فعن الجماعة الإسلامية الإندونيسية، والسادسة عن حركات جنوب شرق آسيا، والسابعة عن حركة المجاهدين في كشمير، والثامنة عن حزب العدالة والتنمية في تركيا.
القسم الثاني
ويركز القسم الثاني عن رؤوس وأفكار الحركات الإسلامية عمومًا، من خلال إفراد قسم خاص عن كيف يفكر أسامة بن لادن، والأبعاد المختلفة لخطابه، وبه خمس دراسات، الأولى: عن تطور خطاب ابن لادن قبل وبعد 11 أيلول (سبتمبر) 2001م، والثانية عن موضع قضية فلسطين في خطاب أسامة بن لادن، والثالثة عن تفكير بن لادن الاقتصادي، والدراسة الرابعة عن تفكيره العسكري والعمليات التي يقوم بها. في حين ترتكز الدراسة الخامسة حول المراجعات الفكرية للجماعة الإسلامية المصرية.
القسم الثالث
أما القسم الثالث والأخير من الدليل فيتعلق بالقيادات الفكرية والحركية للحركة الإسلامية، وبه دراستان، الأولى: عن الدكتور حسن الترابي، الزعيم الإسلامي السوداني، رئيس حزب المؤتمر الشعبي، والثانية عن عبد القادر بن عبد العزيز، وهو اسم حركي لأمير جماعة الجهاد السابق في مصر (سيد إمام الشريف)، وأهميته من وجهة نظر واضعي الدليل، ترجع إلى أنه مؤلف لكتابين رئيسيين في العالم الجهادي بشكل عام، هما كتاب "العمدة في إعداد العدة"، و"الجامع في طلب العلم الشريف".
حركات دينية وأخرى سياسية
ويصنف الدليل خريطة الحركات الإسلامية من حيث برامجها وخططها وأفكارها إلى فئتين رئيسيتين يختلفان في نهجهما وهما:
- أولاً: الحركات الإسلامية الدينية: وهذه تنقسم إلى قسمين رئيسيين، الأول: الحركات المتطرفة السلمية، وتشمل حركات التكفير والهجرة، وحركات إعادة الدعوة. أما القسم الثاني فيضم الحركات الجهادية العنيفة كما يقول الدليل. ونتيجة اختلاف ظروف ومراحل ومناطق نشأة تلك الحركات، فإنها توزعت بين أقسام ثلاثة، أولها: الحركات محلية الطابع، وثانيها: الحركات الاستقلالية والانفصالية، وثالثها: الحركات دولية المجال.
ثانيًا: الحركات السياسية- الاجتماعية ذات البرنامج الإسلامي، وهذه قسمها الدليل إلى نوعين، الأول: الحركات السلمية الساعية للحكم، ومن أبرزها جماعة الإخوان المسلمين في مصر والبلدان العربية الأخرى، وجماعة النهضة في تونس، والجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر، والثاني: حركات التحرر الوطني المسلحة، وأبرزها في الوقتِ الحالي حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينيتين، وحزب الله اللبناني.
جماعة الإخوان.. كبرى الحركات
وقد أفرد القسم الأول من الدليل مساحة كبيرة لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، معتبرا أنها "كبرى الحركات الإسلامية في المنطقة العربية على الأقل، وكانت ولا تزال ذات تأثير كبير على مختلف المستويات الفكرية والاجتماعية والسياسية في معظم البلدان العربية وخارج نطاقها.
وتحدث الدليل عن أهم التطورات التي شهدتها جماعة الإخوان المسلمين بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001، وخلال عام 2002م بشكل خاص، دون أن يتطرق إلى المرحلة الحالية التي توجها الإخوان بالفوز في انتخابات البرلمان المصري الأخيرة ب 88 مقعدا على النحو التالي:
- أولاً: اختيار المرشد الجديد بعد وفاة المرشد العام الخامس لجماعة الإخوان المسلمين، الشيخ مصطفى مشهور في 14/11/2002م وضرورة وجود مرشد عام جديد.
- ثانيًا: التيار التجديدي داخل جماعة الإخوان المسلمين، حيث تعرضت الجماعة، كأي جماعة سياسية واجتماعية، لمجموعة من الصعوبات والتحديات، التي تواجه مشروعها السياسي الإصلاحي والتغييري، تنبع من ثلاث مستويات متفاعلة هي:
المستوى الأول: تحديات البيئة الدولية والإقليمية، ومنها تحدي الخضوع للهيمنة الأمريكية والغربية، والتي تعتبرها إجمالاً من أقوى التهديدات للهيمنة والمصالح الأمريكية في المنطقة، وتحدي التسوية مع الدولة العبرية التي تدرك، على نحو واضح، أن أحد أعدائها الرئيسيين هي جماعة الإخوان المسلمين ذات الامتداد الشعبي الكبير، وتحدي علاقة الأنظمة بجماعة الإخوان المسلمين، التي تعتبرها غالبية الأنظمة السياسية الحاكمة النقيض الأساسي، والمنافس الرئيسي لها في الوقت الحالي.
المستوى الثاني: ويتحدث عن تحديات السياق المجتمعي الذي تعمل فيه الحركة: مثل شعبية الحركة الإسلامية، التي تحوز وفْق بعض التقديرات على (20 إلى 25 في المائة) من تعاطف مجتمعات تلك الدول، والدور القيادي أو القائد في المجتمع، باعتبار أنها قدَّمت نفسها كقيادة للإصلاح والتغيير في مجتمعاتها.
المستوى الثالث: يتحدث عن تحديات من داخل الحركة الإسلامية نفسها، ومنها الرؤية والمشروع والقيادة، وتناقض الرؤى بصدد الأهداف وأساليب الإصلاح والتغيير.
وقد ذكر دليل الحركات الإسلامية بعض الأفكار الجديدة لجماعة الإخوان المسلمين، التي قال إنها جاءت في وثائقَ وبياناتٍ موجهة للأمة منذ منتصف تسعينيات القرن العشرين أو قبلها، أهمها الموقف من الآخر، وتداول السلطة، والموقف من الديمقراطية، والتحول إلى حزب سياسي.
علاقة الإخوان بالسلطة
- ثالثًا: علاقة الإخوان المسلمين بالسلطة السياسية: وأشار خلالها إلى أن علاقة جماعة الإخوان المسلمين بالدولة المصرية في عهد الرئيس حسني مبارك منذ عام 1981م قد مرت بثلاثِ مراحلَ، المرحلة الأولى وصفها الدليل بمرحلة التجاهل والتسامح، وقد أدى ذلك إلى تمتع الإخوان بقدرٍ واسعٍ من حرية الحركة والتعبير، وأتاحت دعم وجودهم السياسي والشعبي في مصر، ومد نفوذهم إلى مؤسسات وقطاعات سياسية ومهنية، مثل مجلس الشعب والنقابات المهنية واتحادات الطلاب بالجامعات ونوادي هيئات التدريس.
أما المرحلة الثانية فبدأت بانتهاء انتخابات مجلس الشعب لعام 1987م، والتي كشفت حجم القوة الكبيرة للإخوان، في ظل تحالفهم مع حزبي العمل والأحرار، تحت شعار (الإسلام هو الحل)، وأطلق الدليل على هذه المرحلة (التخوف والاحتكاك). وفي عام 1992م استطاع الإخوان السيطرة على مجلس نقابة المحامين، الذي ظل حكرًا، طيلة تاريخها، على التيارين الليبرالي والحكومي، مما زاد من تخوف الدولة منهم.
ومنذ بداية عام 1993م وحتى الوقت الحالي يرى الدليل أن علاقة الإخوان بالدولة انتقلت إلى المرحلة الثالثة، وهي مرحلة التدهور والصدام، التي انتشرت خلالها الجماعة بشكلٍ كبير في مختلف قطاعات المجتمع السياسي والنقابي.
- رابعًا: تفاعلات عام 2002م: وقد ركَّز الدليل في هذا الجزء على دراسة أبرز تفاعلات الدور السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر خلال عام 2002م، والتي تمثَّلت في الانتخابات التكميلية لمجلس الشعب بالإسكندرية، والتي أسفرت عن حصول مرشحي جماعة الإخوان المسلمين على أعلى نسبة من الأصوات، حسب بيانات وزارة الداخلية، إلا أن الحكومة أعلنت في انتخابات الإعادة فوز مرشحي الحزب الوطني.
ثم حملات القبض والاعتقال ضد جماعة الإخوان المسلمين، التي اعتبرها الدليل التطبيق العملي لسياسة الحكومة تجاه الجماعة، وكذلك أداء نواب الإخوان المسلمين خلال الدورة الثالثة للمجلس السابق، والتي شهدت نشاطًا مكثفًا من جانب أعضاء الجماعة داخل البرلمان، سواء فيما يتعلق بعضوية اللجان النوعية داخل المجلس، أو فيما يتعلق بالمشاركة في الأنشطة الرقابية؛ حيث تقدم نواب الإخوان بعددٍ من الاستجوابات المهمة، كان أهمها استجوابات الدكتور أكرم الشاعر عن بحيرة المنزلة، واستجوابين للدكتور حمدي حسن عن تدمير بحيرة مريوط، والمشروع الإنمائي للتطوير، وتنمية الفلاح المصري.
ويذكر الدليل أن ذلك الاستجواب يُعدُّ أول استجواب في تاريخ البرلمان المصري يستند إلى شرائط فيديو عن المشروع كوثائقَ رئيسةٍ للاستجواب، واستجواب النائب حسين إبراهيم عن كارثة شركة النصر للملاحات، بالإضافةِ إلى عددٍ من الاستجوابات الأخرى المتعلقة بقضايا الزراعة والبنوك والتعليم. إلى جانب ذلك تقدَّم نواب الإخوان بعددٍ من طلبات الإحاطة والأسئلة ومشاريع القوانين، إضافةً إلى الرد على بيان الحكومة وخطة الموازنة، التي أكد نواب الإخوان أن الموازنة جاءت برَّاقةً في أرقامها، مهمشةً في تطبيقاتها، وبعيدة عن الواقع والإمكانيات الحقيقية للدولة، وأعلنوا رفضهم لها.
وفي خاتمة الجزء الخاص بالإخوان، أكَّد الدليل على أن جماعة الإخوان هي أهم حركة إسلامية في العصر الحديث، أثَّرت في كثيرٍ من بلدان العالم العربي وبعض بلدان العالم الإسلامي، واستمر هذا التأثير طيلة ال75 عامًا الماضية، إضافةً إلى أن الجماعة حافظت على علاقةٍ طيبةٍ بالأقلية الدينية في مصر، وفقًا للمبدأ الشرعي (لهم ما لنا وعليهم ما علينا)، مشيرًا إلى استمرار قوة تواجد الإخوان المسلمين في الشارع المصري.
حزب العدالة التركي
اهتم الدليل بحزب العدالة والتنمية التركي من حيث إشكالية التوصيف والجذور والتوجه للحزب، وولادةِ حزب العدالة والتنمية كقوةٍ سياسيةٍ كبيرةٍ في تركيا، وارتباط هذه الولادة بتطوراتٍ داخليةٍ وقوى خارجيةٍ. وذكر الدليل أهداف ومبادئ الحزب وأفكاره الرئيسة، إضافةً إلى تشكيلات الحزب، وعملية صنع القرار بداخله، ومقدمات ونتائج وأسباب فوز الحزب في الانتخابات، وحصوله على 363 مقعدًا من مقاعد البرلمان ال 550 عام 2002م، إضافةً إلى تشكيل الحكومة وبرنامجها بعد الفوز الكبير للحزب في الانتخابات.
تنظيم القاعدة
وفي حديثه عن تنظيم القاعدة، أشار الدليل إلى تدويل ما أسماه (الإسلام الراديكالي) طريق الجهاد والقاعدة، ومعالم المسيرة من معسكر الأنصار إلى قاعدة الجهاد، إضافةً إلى حصاد 2002م والعمليات الموجعة من القاعدة والضربات الأمنية من واشنطن (السلوك الأمريكي ضد القاعدة من حيث التعصب والاعتقال والقتل والهجمات العسكرية)، كما تحدث عن الخطر الذي يمثله تنظيم قاعدة الجهاد على الولايات المتحدة.
الجماعة الإسلامية في إندونيسيا
بالنسبة للدراسة الخاصة بالجماعة الإسلامية في إندونيسيا تحدث الدليل عن جذور نشأة الجماعة ومراحل تطورها، وتمثلت لديه في ثلاث مراحل، المرحلة الأولى: مرحلة تطوير البناء التنظيمي للجماعة، والتي بدأت عام 1982م، والمرحلة الثانية مرحلة الانتشار وتطوير القدرات العسكرية، والتي بدأت عام 1985م، والمرحلة الثالثة وهي تصاعد الجناح الراديكالي داخل الجماعة، والتي بدأت عام 1998م. كما تحدث عن الهيكل التنظيمي والعلاقات الإقليمية والدولية للجماعة الإسلامية، مع ذكر أهداف الجماعة ومصادرها الفكرية، إضافةً إلى بنائها الفكري.
وركز الدليل على الأنشطة الرئيسة للجماعة الإسلامية الإندونيسية خلال الفترة (2000- 2002) وتقديم قائمة بأهم التفجيرات، التي قامت بها الجماعة خلال العامين (العمليات المنفذة والعمليات المخططة التي لم تُنفذ)، وإستراتيجية تعامل الحكومة الإندونيسية مع الجماعة، ومستقبلها السياسي.
كما قدَّم الدليل دراسةً حملت عنوان (ماذا تبقَّى من جماعةِ الجهاد المصرية) أشار فيها إلى تعريف جماعة الجهاد لنفسها، ونشأتها التاريخية، وعلاقتها بالجماعة الإسلامية من حيث الاندماج والانفصال، إضافةً إلى علاقتها بأيمن الظواهري وتنظيم القاعدة والهيكل التنظيمي لها.
حركة المقاومة الإسلامية "حماس"
وفيما يخص حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، أكد الدليل أنها تُعدُّ أبرز حركات المقاومة المسلحة على الساحة الفلسطينية، وهي امتداد لجماعة الإخوان المسلمين، وتركزت رؤيتها في المرحلة الأولى على بناء الفرد والأسرة والمجتمع؛ تمهيدًا لإقامة الدولة الإسلامية، كما أشار إلى نشأة ونشاط جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين، باعتبار أن حركة "حماس" تُعُّد جناحًا من أجنحتها؛ إذ تعود جذور نشأة جماعة الإخوان في فلسطين إلى ثلاثينيات القرن العشرين، وقد توطد وجودها في فلسطين مع مشاركة المتطوعين من الإخوان من مصر والأردن في حرب 1948م.
وتحدث الدليل عن انتفاضة 1987م كنقطةٍ فاصلةٍ في نشأة حركة "حماس"، مع الإشارة إلى عدة نقاط أخرى منها: "حماس" والحوار بين الفصائل الفلسطينية، قبل إنشاء السلطة الوطنية، وموقف "حماس" من اتفاق أوسلو والسلطة الوطنية، وقيادة "حماس" في الخارج، وفكرة العمل السياسي والعسكري، و"حماس" وانتفاضة الأقصى، و"حماس" وإصلاح السلطة الوطنية، وفكرة نزع سلاح المقاومة الفلسطينية، واستئناف الحوار بين الفصائل الفلسطينية، والتعاطي مع مشروعات التسوية السياسية المطروحة.
الجهاد الإسلامي
وفيما يتعلق بحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، تحدث الدليل عن تأسيس وتطور الحركة، وعن هيكلها التنظيمي، وكذلك عن إطارها الفكري. كما تحدَّث عن الحركة وتفاعلات انتفاضة الأقصى عام 2002م.
أما بخصوص حركة المجاهدين في كشمير، فتحدَّث الدليل عن نشأتها التاريخية وبنيتها التنظيمية، وعن أيديولوجية الحركة، وتأثير أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001م عليها ونشاطها (في عام 2002م كنموذج).
القاعدة وابن لادن
وفي القسم الثاني من الدليل، الذي ركز على رؤوس وأفكار للحركات الإسلامية عمومًا، من خلال إفراد قسم خاص لبعض قادة الحركات مثل أسامة بن لادن، أكَّد الدليل أن هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001م على نيويورك وواشنطن تعتبر نقطةَ البداية الحقيقة في تعرف العالم على أسامة بن لادن، ليس فقط في كونه زعيمَ تنظيم قاعدة الجهاد، ولكن أيضًا في التعرف على التصورات والرؤى والأفكار التي يحملها الرجل، ويشكل عبرها مواقفه الحركية من مختلف القضايا العملية.
كما أشار إلى ملامح تطور خطاب ابن لادن من قبل وبعد أيلول (سبتمبر) 2001م والذي يعتبر تاريخ الغزو الأمريكي لأفغانستان في 7 تشرين أول (أكتوبر) 2001م، وهي المرة الأولى، التي يذاع فيها خطاب لابن لادن باللغة العربية موجه عبر وسيلةٍ إعلاميةٍ واسعةِ الانتشار (قناة الجزيرة الفضائية)، بهدف الوصول إلى أوسع جمهور ممكن.
كما أشار أيضًا إلى أن عدد الكلمات والبيانات والرسائل والخطب والمقابلات، التي أجراها ابن لادن منذ نهاية الثمانينيات وحتى نهاية 2004م بلغ حوالي 29 وثيقةً باللغة العربية، ونحو 11 مقابلةً صحفيةً وتليفزيونيةً لوسائل إعلامٍ غيرِ عربيةٍ.
كما تحدث الدليل عن بداية وحجم اهتمام ابن لادن بالقضية الفلسطينية، وعن رؤيته للقضية الفلسطينية والصراع مع الدولة العبرية، والتساؤل عن مدى إمكانية ضرب القاعدة لأهداف إسرائيلية. وأشار أيضًا إلى التفكير الاقتصادي لأسامة بن لادن، والأبعاد الاقتصادية لدى تنظيم القاعدة والمتغير الاقتصادي لديه، وإلى مسؤولية أحداث أيلول (سبتمبر) عن الأزمة الاقتصادية الأمريكية ومسيرة الاقتصاد الأمريكي خلال الفترة من 2000 إلى آب (أغسطس) 2001م، وخسائره المباشرة الناجمة عن أحداث أيلول (سبتمبر)، والتي قُدرت في بعض الدراسات ب100 مليار دولار، إضافةً إلى إلغاء ما يقارب 100 ألف وظيفةٍ في الأسبوعين التاليين للاعتداءات، وبلغت نسبة البطالة 6 في المائة من مجمل القوى العاملة، وتحقيق عجز قياسي في الميزانية الفيدرالية عام 2003م قيمته 300 مليار دولار، إضافةً إلى التراجع لحجم الاستثمارات الأجنبية في الولايات المتحدة.
وتحدث الدليل في الدراسة الخاصة بالتفكير العسكري العملياتي لأسامة بن لادن عن موقع ابن لادن في هيكل القاعدة، والعدو الرئيس للقاعدة في تصورات ابن لادن. وكذلك عن سياسة القوى واتجاهات العمل الهجومي للقاعدة في تصوراته، وعن العمليات الدفاعية لمقاتلي القاعدة في ظل قيادة ابن لادن، ونهاية العنف المسلح في ظل تقديراته.
وفي القسم الثالث، قدَّم الدليل دراستين عن القيادات الفكرية والحركية للجماعة الإسلامية، وكانت الدراسة الأولى عن الدكتور حسن الترابي- الزعيم الإسلامي المعروف في السودان، تحدث فيها عن نشأته وزعامته وأهم أفكاره، كما تحدث عن الانقلاب العسكري ونظام الإنقاذ في السودان.
والدراسة الثانية عن عبد القادر بن عبد العزيز، أحد قادة التيار الجهادي في مصر، وهو اسم حركي لأمير الجماعة (سيد إمام الشريف)، تحدث فيها أيضًا عن نبذة عنه وعن أهم مؤلفاته، وهما (الجامع في طلب العلم الشريف) و(العمدة في إعداد العدة).
يذكر أن مركز دراسات /الأهرام/ سبق أن أصدر تقارير عن (الحالة الدينية في مصر)، كان يركز فيها على الحركات الدينية في مصر فقط، بيد أن هذه أول مرة يصدر دليل باللغة العربية عن المركز عن الحركات الإسلامية في مصر والمنطقة العربية والإسلامية.