الخيار الممكن لمجلس شورى حماس الجزائر
بقلم فاروق أبو سراج الذهب
محطات تحتاج إلى وعي :
محطات عديدة مرت بها حركة مجتمع السلم ،جعلت منها مثار جدل وموضوع نقاش لدى الرأي العام والمراقبين السياسيين،فهي عندما لم تخرج بحزب سياسي في بداية التعددية السياسية وأسست لجمعية اجتماعية خيرية ( الإرشاد والإصلاح ) تساءل الناس لماذا لم يؤسس الشيخ نحناح حركة سياسية وهو الذي عارض النظام سنة 1976 لمل اصدر بيان (إلى أين يا بومدين؟) وسجن على أثرها
كما تساءل المتسائلون عن عدم ورود اسم الشيخ نحناح في بيان النصيحة سنة 1982 في تجمع الجامعة المركزية ،وتساءل المراقبون أيضا عن لماذا ينسحب رئيس الحركة الشيخ نحناح من لقاء روما الاول من مجموعة سانت ايجيديو (التي كانت تتهيأ للإعلان عن حكومة منفى بين الجبهات الثلاث أي مجلس انتقالي بلغة الربيع العربي ) وسال حبر كثير حول هذا الموقف ليترشح الشيخ نحناح ويحرز المرتبة الأولى في رئاسيات 1995 التي قاطعها الجميع آنذاك ،وثار السؤال مجددا لماذا ينجح الشيخ ثم يصبر على أذى التزوير ليعدل الدستور ويوضع على مقاس النظام الجديد ويقصى الشيخ من الترشح سنة 1999 اقصاءا مرا غير دستوري ،ويعاد السؤال من جديد لماذا يقصى الشيخ ظلما ويثبت ذلك في بيان الائتلاف الرباعي ثم يدعم المترشح عبد العزيز بوتفليقة ،وطبعا كانت مجالس شورى الحركة ووسائل الإعلام آنذاك ثائرة تبحث عن ايجابات لمثل تلك الأسئلة والمواقف غير المفهومة لحركة مجتمع السلم ،لتأت سنة 2004 وتنظم انتخابات رئاسية وتتموقع الحركة في مجموعة العشرة زائد واحد كما سميت آنذاك ،في مقابل مرشح السلطة مع الانقسام الكبير الذي حدث في جبهة التحرير الوطني وترشح أمينها العام في مواجهة بوتفليقة ،وبعد حوار وجدل ومحاولة معرفة موقف الحركة التي اقتنعت آنذاك بعدم جدية المعارضة فاختارت أن تنجز تحالفا رئاسيا مع الافلان والارندي فقط ،وتخرج من مجموعة (10+1) -التي انهارت ساعة بعد قرار الحركة- ، بعد دورتين لمجلس الشورى الوطني إحداهما تركت مفتوحة لأنها لم تستطيع اتخاذ قرار فاعل في الساحة حيث كانت الرغبة كبيرة في ترشح الحركة بفارسها ،وطبعا حبر الجرائد والتحاليل لا تنقطع فمنها من يصف الحركة بالبراغماتية ومنها من يصفها بالإستراتيجية ومنها من يصفها بالحنكة والقدرة على إدارة الصراع السياسي ،ومنها من يصفها بالحركة التي ضيعت البوصلة ولا تملك قرارها ،وهكذا كانت دائما المتابعة الإعلامية اللصيقة بمواقف الحركة وكأنها عندما تعرف موقف الحركة من الأحداث الكبرى تعرف إلى أين يسير قطار الجزائر ،ومن خلال موقف الحركة كانت دائما تتحدد وتتضح الرؤية لدى الآخرين ( فسميت بذلك شعرة الميزان ) وقد يطول الحديث حول خلفيات تلك الأحداث التي يمكن أن يرجع إليها بالتفصيل في دراسات مستقلة تكشف المستور وتنصف أو تدين الحركة لأن كل ذلك يقع في دائرة الاجتهاد السياسي والمجتهد مأجور مرتين إذا أصاب ومرة إذا أخطأ فهو في كلا الحالتين مأجور بالمنطق الإسلامي الحصيف لكن نقطة إسقاط الشعاع هنا كما يقوا علماء الهندسة هي إلى أي مدى استفادت الحركة من تلك المواقف والأحداث والضغوط الإعلامية والتنظيمية والأراجيف والاتهامات والرجم بالغيب ،في صياغة منظومة فاعلة لاتخاذ القرار الصحيح الذي يخدم الإستراتيجية بعيدا عن إرادات الاحتواء أو العزل أو التوجيه أو التحريف او إفقاد السيادة وإبعاد الحركة عن التفاعل الايجابي مع الرأي العام واستقطاب صفوف جديدة إليها وصناعة النموذج ؟؟؟
سنة التدافع والساعة السياسية
ولقراءة الموقف الجديد للحركة بفك الارتباط بالتحالف الرئاسي يجدر ربي أن أذكر بأنه سبق لي أن كتبت مباشرة بعد دورة مجلس الشورى الوطني في شهر سبتمبر الفارط بعد قرار الحركة بربط موقفها من التحالف الرئاسي بمدى جدية وشمولية وسلاسة الإصلاحات السياسية واستحقاقات 2012 ،وعنونت مقالي بــ "حركة مجتمع السلم بين سنة التدافع والساعة السياسية " وقلت فيه : ( أن توفير مساحة بينية واضحة ومحددة في البرنامج والزمن بين التجدد والتبدد هو موقف عملي يتطلب جدية ومواصلة لرفع السقف وتنويع أساليب المشاركة والانفتاح وتوسيع دائرة المقتنعين بأولوية مراجعة الدستور أولا والنظام البرلماني ،وهي مفازة وجب الارتقاء إليها ببرامج واعية ومساعي شاملة وحضور سياسي مستمر .(
وقلت أيضا : (أننا نمارس عملية المدافعة في داخل الحركة وخارجها كما نمارسها من مواقع متقدمة ،وهو أمر يتطلب تقييما شاملا ،واختيار التوقيت المناسب لاتخاذ المواقف السياسية سواء تعلق الأمر بالتحالف الرئاسي أو غيره ،وهو ما نسميه الساعة السياسية التي تضبط توقيت الفعل السياسي ،والساعة طبيعتها أنها صارمة وضابطة وليست متهاونة غافلة ،وهي ساعة تنفرد بها حركة مجتمع السلم في الأداء السياسي في الجزائر ولذلك ليس مهما موقف أطراف التحالف الأخرى منه ولكن موقف حركة مجتمع السلم يكتسي أهمية كبيرة في مسار تأمين الانتقال الديمقراطي في الجزائر ،ويثير لعاب وحبر الكثيرين من الوافقين في طابور الانتظار{المشاركة في أي حكومة مهما كان طيفها} أو في رصيف الحياة السياسية {المعارضة من اجل المعارضة } ،ويوم يصبح موقف حركة مجتمع السلم لا حدث سواء عند المناضلين أو الإعلاميين أو السياسيين ،ذلك اليوم تكتب شهادة وفاتها لا قدر الله .
وأكدت أيضا على : ( .. قيمة تربوية ودعوية ونظامية تربينا عليها في حركة مجتمع السلم ،وتوارثناها كابرا عن كابر ،ينبغي ترسيخها ،وهي قيمة كلما روعيت في مسار الحركة من قبل مناضليها حفظت الصف ووفرت فرص عمل جديدة وفتحت الآفاق نحو عدم الانحباس في لحظات مؤقتة {كان لبعضنا فيها رأي أو موقف أو خيار لم تأخذ به المؤسسات } وهو أمر طبيعي لأنه يعبر عن الشخصية الفاعلة ،فنحن لسنا نسخة واحدة ،وإذا كان الله ميزنا بالبنان والقرنية والقزحية من اجل إدراك التمايز والفرق ،فمن باب أولى أن نتمايز بالعقل والتقدير ،وعلماء الإعلام السياسي يقولون أن الفرد له رأي ذاتي شخصي يميزه عن غيره ولكنه يتناغم مع الإجماع ،حتى لا ينعزل أو ينحبس ثم ينسحب .
فالرأي قبل الشورى واجب يسديه الفرد للجماعة ،والرأي أثناء الشورى حتمية وفعالية ومشاركة ضرورية لتقليب وجهات النظر والبحث عن الصواب طلبا للاصوب ،أما الرأي بعد الشورى أن خرج عن إطار التقييم والمراجعة والمراقبة في المؤسسات الشرعية فهو نجوى ،والنجوى طريق البطالة .
فك الارتباط وظروف المرحلة
والحركة اليوم ومن خلال السقف الذي رفعته بخصوص الإصلاحات السياسية في أجواء الربيع العربي وكذا الموقف من التحالف الرئاسي ،فاضت أقلام الإعلاميين والمراقبين وراحت تقرأ وتستشرف موقف الحركة من التحالف (خروجا أو بقاءا) ،وتباينت وجهات النظر -بالضبط كما كان يحدث في السابق- وفي هذه الأجواء انعقد مجلس الشورى الوطني لحركة مجتمع السلم في دورة عادية أيام
(30-31 ديسمبر2011 -01 جانفي 2012) لمناقشة تقارير وتقاييم الحركة لسنة 2011 ،وكذا الوضع السياسي الذي اخذ حصة الأسد ولاسيما موضوع التحالف الرئاسي بين البقاء أو الانسحاب .
وبعد يومين ونصف من المناقشة وتقليب وجهات النظر خلص المجلس إلى قرار (فك الارتباط) بشريكي التحالف جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي ،والإبقاء على وزراء الحركة في الوزارة الأولى في إشارة واضحة إلى التزام الحركة باستحقاق دعم برنامج الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ودعوته إلى إقالة الحكومة الحالية وتشكيل حكومة تكنوقراطية لتسيير انتخابات2012.
وهو القرار الذي أسال حبرا كثيرا في الإعلام الوطني والخارجي ،ورغم أن البيان لم يستخدم مفردة انسحاب إلا أن جل الصحف والنشرات والوكالات استخدمت كلمة الانسحاب من التحالف الرئاسي وبالبنط العريض .
تساؤلات و تكهنات
كيف اتخذ هذا القرار و ماهي الظروف الداخلية والخارجية التي أثرت فيه؟ وفي أي إطار سياسي يمكن وضعه ؟ هل له تداعيات سياسية وتنظيمية على حركة مجتمع السلم ؟ وفي المقابل كيف استقبلت الساحة السياسية والإعلامية والشعبية هذا القرار ؟وماهي آثاره على الاستحقاقات الانتخابية القادمة ؟كيف ستتعامل الحركة مع معطى وجودها في الحكومة ومطالبتها بحكومة تكنوقراطية لتسيير الانتخابات ؟هل فك الارتباط يعني غلق أبواب التنسيق مع أحزاب التحالف وفتح أخرى مع باقي التشكيلات السياسية ؟ ماهو الدور المطلوب من حركة مجتمع السلم في ظل قراره الجديد ؟ هل ستساهم في فتح الساحة السياسية التي أغلقها التحالف الرئاسي ؟أم أنها اتخذت قرارا قيل عنه براغماتي من اجل تسيير المرحلة القادمة نحو إصلاحات جادة وانتخابات شفافة ومسؤولية تاريخية للبرلمان القادم لأنه سيضطلع بمهمة مراجعة الدستور ؟ وماهي مؤشرات نجاح الحركة في تجسيد قرارها الأخير في الاستحقاقات القادمة ؟
لقد كتب المحللون أن الحركة تقود مناورة انتخابية معروفة درجت عليها منذ زمن ،ولم يكن احد يصدق ان الحركة ستخرج من التحالف بهذه الكيفية ،وراهن البعض على أن تصريحات وخطابات رئيس الحركة جعجعة بدون طحين ،وحتى أبناء ومناضلي وحتى بعض قيادات الحركة كانوا ينتظرون ذلك على طريقة عادل إمام (متعودة دايما) ،وراح البعض يتحدث عن تأثير الثورات العربية على قيادة حركة مجتمع السلم وحلمها بالحصول على الأغلبية في الاستحقاق التشريعي القادم ،كما حصل مع تونس والمغرب ومصر ،وتكهن البعض الآخر بحصول الحركة على 35 بالمئة من الأصوات ،وصرح آخرون أن الإسلاميين في الجزائر لن يحصلوا على شيئ لأنهم مشاركون في الحكومة ،وراح البعض الآخر يشترط على الحركة خروجها من التحالف للتنسيق معها وهو لا يملك بيتا يستقبل فيه الناس(اقصد اعتمادا حزبيا ) ودخل الجميع في خطاب التخويف والتهوين والتخوين والانتهازية بمجرد أن صرحت الحركة بإمكانية الانسحاب من التحالف الرئاسي ، وهو تمام ما قيل حول خروج رئيس الحركة من وزارة الدولة ،يقولون ذلك بمنطق أن الحركة لا تستطيع .....
دورة ارساء قيم الشورى والسيادة وكسر المحاور
وجاءت دورة مجلس الشورى التي لم تكن هذه المرة سهلة أو عادية ،أو معروفة النتائج ،بل كانت ساخنة في عز الشتاء ،أرسيت فيها قيما متجددة في حركة مجتمع السلم ،كقيمة الشورى والسيادة والاستقلالية ،والتمحور حول أولوية الحركة والمؤسسة على الأشخاص ، وأولوية التوافق على الاستقطاب والتمحور حول مراكز القوى ،وتدعم ذلك بقيمة في غاية الأهمية وهي عرض الأفكار والآراء وكفالة الحرية الفكرية والنقد الذاتي والخروج من مناقشة عالم الأشخاص إلى عالم الأفكار والرؤى ،حيث تمكن كل صاحب رأي من بسطه وعرضه أمام المجلس ،بعيدا عن حصر النقاش داخل الحركة حول من يكون ومن يترشح ومن يقود ،وهو ما حصل في المؤتمر الثالث والرابع للحركة واختصر الحديث حول من يكون رئيسا وتأجلت كل الملفات والقضايا التي كان يمكن الحسم فيها منذ زمن .
إن فتح المناقشة حول التحالف الرئاسي بهذه الصيغة والحسم الانتقالي في جزء منه يعتبر سقف هام في سياق المراجعات الواجبة والفرائض الغائبة في مسار حركة ما تزال تصنع الحدث وتصيغ مفردات الحياة السياسية في الجزائر .
وحسب الأصداء الواردة من داخل المجلس فان كل الآراء والطروحات كانت حاضرة عكست تنوعا فسيفسائيا في الحركة قل نظيره ،حيث التدخلات المستقلة والحرة التي لم تلقى اعتبار (مع حفظ الأقدار والمراتب ) لمن هو رئيس أو مرؤوس ،بل كان التوجه مستغرقا في إيجاد الحلول والبدائل لما يطرح من آراء قد تأخذ طابع التعصب تارة والتمحور تارة أخرى ،وبين من يتحدث عن ايجابيات التحالف وانجازاته ،ومن يرافع من اجل الانسحاب منه نظرا لمؤشرات إخفاقه في التكفل بإصلاحات جادة ،خرج القرار نافعيا(من النافعية وليس من النفعية والفرق بين ) ،توافقيا وعاقلا ،راع فيه المجلس الظروف الوطنية والدولية وانتصر فيه لقيمة أولوية الحركة على الجميع ،رغم صوابية وجهات النظر المطروحة ،لان حركة مجتمع السلم لا تستطيع أن تبقى قوية مبادرة حيوية متفاعلة مع الأحداث دون تطوير نظرية التوافق داخل الأداء المؤسساتي لها ،وإلا فإنها ستعرف الانشطار وذهاب الريح كلما تمايز رأيان فيها ،وتعصب كل طرف لرأيه والأخطر من كل ذلك التمحور حول الأشخاص أو الجهات او مراكز القوى بلغة السياسة ،وقد اثبت المجلس سيادة قراراته واستقلاليتها عن المحاور التي تبرز بين الفينة والأخرى .
التوافق والميزان الدقيق
والقراءة الموضوعية لقرار "فك الارتباط " تدل دلالة واضحة أن حركة مجتمع السلم تملك ميزانا دقيقا تزن به الأمور وتقدر به المواقف ، شعرت أو لم تشعر ،فحساب الخسارة والربح فن ليس متاحا للجميع ،ومثل هذه الحسابات لا تخضع للعواطف بل تخضع لتقدير العقول ،وما لا يدركه البعض هو طبيعة القرار الجماعي التوافقي ،حيث يجد كل واحدا جزء من رأيه فيه ولكن لا يجد كل رأيه ،وهي طبيعة غير مادية للضمير الجمعي والقرار الجماعي .
فقرار فك الارتباط بشركاء الحركة في التحالف الرئاسي ،جمع بين جزء من الرأي القائل بالخروج من التحالف والرأي القائل بضرورة البقاء فيه ،واستثناء خروج وزراء الحركة من الوزارة الأولى وليس الحكومة (لان الدستور لا يوجد فيه شيئ يسمى حكومة ،وهي غير نابعة من الأغلبية البرلمانية ،وما الوزير الأول إلا منسقا للوزارات الأخرى والخيوط كلها في يد رئيس الجمهورية ،هو من يعين وهو من ينهي المهام) ،لذلك جاء فك الارتباط مع أغلبية برلمانية ميعت وحزبت الإصلاحات من وجهة نظر حركة مجتمع السلم ولم تحتكم إلى التوافق الذي يفرضه التحالف ،وجعلت الحركة تمتنع ثم ترفض المصادقة على قوانين الإصلاحات ،وفك الارتباط أيضا لا يعني الخصومة لهؤلاء بل الاحترام والتقدير وربما التنسيق والحوار في المشترك الواسع ،وهو ما يجب أن يبحث في برنامج تجسيد قرار فك الارتباط .
إن التمييز بين حزبي التحالف وبرنامج الرئيس وبقاء وزراء الحركة في الوزارة ،قد ينظر إليه البعض على انه يخالف التقاليد السياسية للتحالفات ،حيث لا معنى لفك الارتباط مع المتحالفين والبقاء في حكومة التحالف ،وهو أمر صحيح إلى حد ما ولكن النظام الدستوري الجزائري نظام خاص حيث لا توجد حكومة برلمانية يشكلها المتحالفين ورئيسها صادر عن الأغلبية(بل ترسل قيادات الأحزاب قوائم إلى الرئيس وهو من يختار حيث يمكن أن يصبح متصدر القائمة في ذيلها والعكس صحيح تماما ) ،بل هي وزارة أولى يعينها الرئيس ويعين فيها وفي وزارات السيادة من هم ليسوا من الأحزاب المتحالفة أصلا ، وهو نظام تناضل حركة مجتمع السلم من اجل تعديله بنظام حكم واضح السلطة وواضح المسؤولية (النظام البرلماني ).ثم ربط قرار فك الارتباط بتشكيل حكومة تكنوقراطية هو من جهة أخرى مطالبة بإقالة الحكومة الحالية بما فيها وزراء الحركة ،وهو ربط جاء تاليا لقرار الفك ،وكأن صانع القرار أراد أن يقول على حكومة التحالف أن ترحل كلها وليس فقط وزراء الحركة الذين أدوا ماعليهم وتميزوا عن غيرهم ،في إشارة إلى استكمال قرار الانسحاب من التحالف بما فيها الحكومة .
فك الارتباط بالتحالف مصلحة وطنية راجحة تحتاج إلى استكمال
وقرار مثل هذا ينبغي أن ينظر إليه على انه بداية لمراجعة شاملة لسياسة التحالفات في الجزائر ،وحديثنا عن الخروج من التحالف لا يعني أبدا انه لم يحقق شيئا للجزائر ،ولكن المرحلة التاريخية والتحولات التي تحدث هنا وهناك وإطلاق الجيل الثاني من الإصلاحات في الجزائر اقتضى هذا القرار من اجل فتح الحياة السياسية الحزبية وتوفير مناخ سياسي جديد للتنافس الانتخابي في الاستحقاقات القادمة ،ومؤشر قوي تعطيه حركة مجتمع السلم للمجتمع والسلطة والطبقة السياسية أيضا ،مفاده أن سياسة الانفتاح هي الحل ،وأنها أنجع طريق لمعالجة العزوف الانتخابي والاستقالة السياسية للشعب الجزائري ...ومن خلال هذا الطرح نعتبر فك الارتباط بالتحالف مصلحة وطنية راجحة تحتاج إلى استكمال ،وبعيدا عن النرجسية السياسية والانا الحزبي ،فان موقف حركة مجتمع السلم هو إشارة قوية للمنظومة السياسية على استقلالية الحركة وسيادة قراراتها ،وعدم تبعيتها لمراكز القوى ،بل هي شعرة الميزان وقوة اقتراح أساسية في الجزائر لا يستغنى عنها ،واللحظة التاريخية تقتضي التضحية والتفاني في استرجاع السيادة للشعب عبر بوابة الانتخاب وليس الإرهاب .
ومن خلال هذا الموقف تنتظر الحركة ادوار ريادية في المجتمع هي مؤهلة لقيادتها ،تبدأ بترتيب أولويات المرحلة القادمة ،وتنتهي بميلاد الجمهورية الثانية (جزائر الخمسينية الثانية).
إن البداية الصحيحة لتحقيق النجاح تبدأ من تحرير النية والولاء للفكرة والمشروع وترسيخ قيمة (الحركة أولا...الحركة القوة الأولى ...الحركة مؤهلة للقيادة ..) ثم الانفتاح على النخب المؤثرة في المجتمع ترشيحا،والإعلان عن شكل البرلمان والحكومة القادمة أي تضمين القوائم طاقم حكومي واضح من الكفاءات ذات المصداقية والكفاءة والنزاهة والتمثيل لكل جهات الوطن،وكذا طريقة واضحة وفعالة لحماية الأصوات مشكلة من جميع المترشحين، ثم إرسال رسائل تؤشر على الجاهزية للنضال من اجل الاختيار الحر .