بقلم فاروق سراج الذهب
تتفاعل الساحة السياسية الجزائرية هذه الأيام على وقع تسليم التراخيص لميلاد أحزاب جديدة ،بعد أن فرغت السلطات من التصديق على القوانين الناظمة للحياة السياسية وعلى رأسها قانون الانتخابات والأحزاب والجمعيات والإعلام والمرأة وحالة التنافي .
ورغم أن محتوى هذه القوانين لم يرق إلى مستوى تطلعات الطبقة السياسية التي رفضت التصويت على مضمونها ، سوى حزبي السلطة الافلان والارندي ،الذين ميعا وحزبا الإصلاحات ،وخيطاها على مقاسهما ،ولكن قد ينقلب السحر على الساحر سيما وان احدهما صرح فقال (سوف لن نكون الضحية ...؟؟؟).
ورغم كل ذلك إلا أن الساحة السياسية الجزائرية تعرف مشهدا سياسيا متفاعلا مع ما يحدث في المنطقة والإقليم من تحولات على مستوى نظم الحكم ،يتعلق الأمر بتونس والمغرب ومصر وليبيا ،وكذا تداعيات الانتخابات الرئاسية في فرنسا وما تفرزه من انعكاسات على مستوى دول المغرب العربي كما تتفاعل الساحة الاقتصادية الجزائرية على صفيح الأزمة الاقتصادية في دول الضفة الأوروبية (منطقة اليورو).
الجزائر استثناء على المستوى السياسي والاقتصادي وحتى المناخي ؟؟
ومع كل هذه التفاعلات والتحولات هنالك في الجزائر من ما يزال متمسك بقراءة مفادها أن الجزائر استثناء على المستوى الاقتصادي (حيث لن تهز اقتصادنا الأزمة المالية والاقتصادية في أوروبا ) واستثناء على المستوى السياسي (حيث لن تؤثر علينا التحولات السياسية في المنطقة ) تحت مسمى الجزائريون قاموا بثورتهم سنة 1988،رغم أن ثورة الجزائريين في 05 أكتوبر 1988 كانت عليهم وليس على غيرهم (اقصد انتفاضة على الحزب الحاكم آنذاك) ،والجزائر في منطق هؤلاء استثناء حتى على المستوى المناخي (سوف لن تمسنا الأزمة المناخية القادمة)،ويتساءل المرء : إذا كنا استثناء إلى هذه الدرجة ،فأين نسكن نحن ؟هل في الأرض ام في كوكب آخر ؟؟؟؟؟؟
سيما أن هذه القراءة لا تصمد أمام سلسلة الإجراءات والقرارات - التي تسارع الزمن - التي تتخذها السلطات كلما برز إلى الضوء ما يمكن أن يؤدي الى الاختلال أو الضغط من احتجاجات وغضب على السكن والتشغيل أو رفع الأجور ..... وغيرها من الإجراءات التي تريد السلطات العمومية أن تسوقها على أنها قفزة نوعية في سياق الإصلاحات ومنها الاعتماد الكمي المتنامي للأحزاب .
اعتمادات حزبية جديدة برموز قديمة
ورغم أننا نبارك إعطاء التراخيص لميلاد أحزاب جديدة من حيث الاعتماد ،على اعتبار أننا نناضل من اجل الحريات الفردية والجماعية ،إلا أن بروز أحزاب شخصية وعائلية ،وفئوية ، وبأعداد كبيرة من شأنه أن يعطي انطباع إرادة التمييع سواء من حيث التعداد ،او من حيث القول بأنها أحزاب جديدة ،وان الخريطة السياسية ستتغير طبقا لهذا الكم غير المنظم من الأحزاب .
في حين يدرك المواطن العادي البسيط أن اغلب تلك الأحزاب هي استمرار لمسلسل الانشقاقات داخل أحزاب موجودة في الساحة ،ومنهم من عاصر الحياة الحزبية منذ بداياتها وكان له مشاركة في البرلمان والحكومة ،في حين يمنع من منع.
فمعطى الجديد وتغيير الخريطة السياسية بعد تشريعيات 2012،حكم يحتاج إلى تدقيق،وهو حكم يدخل في سياق منهجية (الإصلاحات الجادة ؟؟؟)،ذلك أن ميلاد هذا الكم الهائل من الأحزاب يعطى الانطباع على وجود عددية حزبية تساهم في تضليل الرأي العام وليس تطويره ،تماما كما يسوق أن القوانين الناظمة للحياة السياسية المصادق عليها تلبي الحاجة الشعبية والنخبوية،رغم محدوديتها في تحقيق الشفافية والنزاهة ،وحاجتها الى مراسيم ترجح الكفة .
معادلة فك الارتباط ونجاح الإسلاميين في الجوار
ومن ايجابيات إطلاق الجيل الثاني من الإصلاحات السياسية في الجزائر هو انه حرك الوعاء الإسلامي من خلال موقفين أساسيين :
الأول : فك ارتباط حركة مجتمع السلم مع حزبي الافلان والارندي ،وهو موقف حرك المياه الراكدة وأحال على ترقب نتائج تشريعيات 2012 التي تنبأ بها رئيس حركة مجتمع السلم الشيخ أبو جرة سلطاني سنة 2005 حين صرح من ولاية سطيف في ذكرى مجازر 08 ماي 1945 ،(إن جيل الاستقلال سيصل الى الحكم سنة 2012 في الذكرى الخمسين للاستقلال في إشارة إلى حركة حمس وبالتالي التحول من الشرعية الثورية الى الشرعية الدستورية).
موقف فك الارتباط أسال حبرا كثيرا ،على المستوى الوطني والدولي ،وفرض على الجميع الإعلان عن مواقفهم ، فالطبقة السياسية الجزائرية لم تكن تنتظر موقفا بهذا الشكل ،فمنها من تحث على انه لا حدث ،ومنها من قال بداخلية الموقف ،ومنها من راح يكيل التهم والاراجيف ويشكك في القرار ويهمز ويلمز خوفا من المستقبل .
والثاني : أن قرار فك الارتباط ارتبط بمعطى إقليمي جديد وهو فوز الإسلاميين في أقطار مجاورة (تونس والمغرب وكذا مصر ...)،هذا الارتباط بين قرار حركة مجتمع السلم الخروج من التحالف وتعميم نموذج نجاح الإسلاميين ،أثار حفيظة الإعلاميين والسياسيين والمسؤولين على حد سواء .
فمن السياسيين من أعلن عن نتائج الانتخابات قبل إجرائها بخمسة شهور وقسم الترتة (على طريقة العرافة الفرنسية مادام صولاي) ،ومنهم من أضاف الى مرجعيته البعد الإسلامي وقال بالحرف نحن إسلاميين ،وراح يصرح بان فوز الإسلاميين بالانتخابات القادمة معجزة وهو حلم سوف لن يتحقق ، ومنهم من راح يتحدث عن الدعم الخارجي لحركة مجتمع السلم ولغيرها وتشويه زيارة رئيس الحركة إلى قطر ثم تركيا ،هذا على المستوى الحزبي ،أما على المستوى الرسمي فقد صرح وزير الخارجية ووزير الداخلية بتصريحات مفادها أن الإسلاميين موجودون في السلطة منذ زمن ،وان خروج الحركة من التحالف هو موقف تكتيكي انتخابي ،وراح البعض الأخر يتحدث على أن مقر حركة مجتمع السلم تحول إلى ملحقة لوزارة الخارجية ،حيث أصبحت برمجة زيارة قيادة حركة مجتمع السلم ثابت من ثوابت برامج القيادات الإسلامية التي نجحت في الانتخابات (تونس والمغرب ..)ولم تتحدث تلك الأقلام عن زيارات أخرى للعديد من السفراء للدول الكبرى.
هذا الربط غير المبرمج بين فك الارتباط ونجاح الإسلاميين ،حرك أيضا التيار الإسلامي في الجزائر ،حيث برزت في الساحة مبادرة لم شمل الإسلاميين في الانتخابات القادمة من اجل تحقيق الفوز والنجاح ،وهي مبادرة قد لاتصل إلى سقفها المطلوب وهو تشكيل قوائم موحدة ،ولكنها قد تحرك الوعاء الإسلامي المستقيل من الساحة السياسية لاعتبارات تاريخية وسياسية وعلى رأسها التزوير الذي شاب مختلف العمليات الانتخابية السابقة ،ذلك ان تحريك هذا الوعاء من شانه أن يدفع باتجاه الانتقال الديمقراطي السلمي والسلس انسجاما مع معطى التحولات في جميع البلاد العربية ،رغم وجود فريق من الإسلاميين من مازال يؤمن "بحجاية" النملة و الفيل وحبة الرمل والصحراء ،ويعتقد انه قد يحقق الفوز المنتظر بتغليب منطق الانا الحزبي على منطق (النحن) ،وكأني بالتحولات التي تتحدث عن التوافق والتحالف والتكتل من اجل البقاء والنجاح في هذه المرحلة لم تصل أشرعتها الى هذا الفريق من الإسلاميين للأسف الشديد.
حركة حمس تفتح اللعبة السياسية في الجزائر
ان مقولة أن التحالف الرئاسي أغلق اللعبة السياسية في الجزائر ،مقولة اثبت فك الارتباط وخروج حمس من التحالف صدقيتها ،وصار من الممكن تحقيق التداول شرط توفير الشفافية للانتخابات وفرص المشاركة الشعبية القوية فيها،وهي مؤشرات ما تزال غير متوفرة إلى اليوم ،وبإمكان الإسلاميين دون غيرهم توفيرها.
ومن جهة أخرى فإن اغلب المراقبين للساحة السياسية في الجزائر وصلوا إلى قناعة مفادها أن الفرصة اليوم هي فرصة تاريخية ينبغي الاستفادة منها بصورة واعية ومدركة لطبيعة المرحلة ،سواء تعلق الأمر بالسلطة السياسية او بالأحزاب ومنها الإسلامية على الخصوص ،على اعتبار ان فرص الانتقال إلى الديمقراطية متوفرة،والأجواء الشعبية المؤمنة بفوز التيار الإسلامي متوفرة اليوم ووصلت على مستوى حصول الإجماع ،وهو ما يشعر به كل من له صلة مباشرة بالمواطنين.
الفرصة سانحة فهل من المغتنم ؟
ولكن هذه الفرصة السانحة ،وهذا الإجماع المحقق يحتاج منا على الخصوص إلى:
1. إيمان عميق بالفرصة وتجنيد المناضلين حولها وتعبئة الرأي العام في اتجاه الفاعلية الجماهيرية وحشد النخب والمحاور المجتمعية في رواق المساهمة التاريخية في الانتقال إلى الجمهورية الثانية .
2. الاستعداد القيادي المركزي والأوسط والمحلي للقيام بالأدوار المنوطة بكل فرد تحت مسمى (برنامج لكل مناضل في الاتصال الشخصي والتجميع الرقمي للأصوات )،وتأجيل الرغبات الشخصية.
3. خطاب سياسي واضح وطموح ،يلم بالمفردات الساحة السياسية والاجتماعية.
4. برنامج انتخابي (سياسي اجتماعي واقتصادي) قوي وبسيط ذا أولويات مرتبة ،وأرقام مضبوطة بالنسبة لملف النمو والأجور والتشغيل والفقر والبطالة،يختلف عن البرامج الأخرى كونه ذا قاعدة إسلامية،أي يتضمن مقترحات إسلامية مثل التأمين ،الربا وعمل البنوك،القروض،مكافحة الفقر بالزكاة،ومكافحة الفساد بمنظومة أخلاقية قانونية قضائية صارمة........الخ .
5. طموح ذا سقف عالي في الوصول إلى (برلمان قوي بحكومة كفاءات مجتمعية ذات مصداقية تختار الآن وتسوق في الحملة عبر القوائم ).
6. قوائم انتخابية مقنعة للمواطنين قبل المناضلين ،منفتحة على طاقات ومحاور المجتمع والشخصيات الوطنية المعروفة،تمثل الجغرافيا والتاريخ .
7. حملة انتخابية نوعية تطرح موضوعات أساسية بدعاية إعلامية عملاقة .
8. رقابة مشتركة لصناديق الاقتراع من اجل ضمان الشفافية .
9. تعبئة للمناضلين كل حسب موقعه وفق خارطة طريق بسيطة وفعالة تسلم إلى كل مناضل ومحب .
10. فرض مناخ القوة السياسية عبر الحضور المتميز في المجتمع .
11. برامج شبابية ونسوية تقود حملات جوارية تحرك الوعاء المستقيل.
وبكلمة واحدة ،فإن المرحلة تحتاج من قيادات ومناضلي الحركة الإسلامية إلى أن
يرتفع سقفهم إلى سقف شعوبهم وأمتهم،وان يتفانوا في الدفاع عن فرصتهم واستنفاذ الجهد من اجل مسك حظوظهم التي وفرها لهم السياق التاريخي للتحولات .
وعندما تتوفر تلك الشروط يعرف الرأي العام حقيقة رؤية العرافة وانتظار المعجزة في مضمار التنافسية السياسية النزيهة .
مقولات تساعد على بلوغ السقف :
* الحياة إما أن تكون مغامرة جرئيه ... أو لا شيء. ( هيلين كيلر ) إذا لم تحاول أن تفعل شيء أبعد مما قد أتقنته .. فأنك لا تتقدم أبدا.
* (رونالد .اسبورت)
* عندما أقوم ببناء فريق فأني أبحث دائما عن أناس يحبون الفوز وإذا لم أعثر على أي منهم فأنني ابحث عن أناس يكرهون الهزيمة . ( روس بروت )
* إن الإجابة الوحيدة على الهزيمة هي الانتصار. ( ونستون تشرشل)
* عليك أن تفعل الأشياء التي تعتقد أنه ليس باستطاعتك أن تفعلها .( روزفلت )
* من يعش في خوف لن يكون حرا أبدا . ( هوراس )
* إن عينيك ليست سوى انعكاسا لأفكارك . ( د إبراهيم الفقي )
* ليكن هدفك بلوغ القمر ... حتى ان فشلت في الوصول إليه ستحط بين النجوم.
* السمعة تأخذ منا عشرين سنة لصناعتها، وخمس دقائق لهدمها ... اذا أخذت هذا الأمر بعين الاعتبار، سوف تقوم بأعمالك بطريقة مختلفة .
* عندما تصل إلى عمق معنى كلمة النجاح تجد أنها ببساطة تعني الإصرار .
* النجاح سلم لا تستطيع تسلقه ويداك في جيبك.
* لو رأينا أنفسنا كما يراها الآخرون لما تحدثنا إليهم لحظة .
تتفاعل الساحة السياسية الجزائرية هذه الأيام على وقع تسليم التراخيص لميلاد أحزاب جديدة ،بعد أن فرغت السلطات من التصديق على القوانين الناظمة للحياة السياسية وعلى رأسها قانون الانتخابات والأحزاب والجمعيات والإعلام والمرأة وحالة التنافي .
ورغم أن محتوى هذه القوانين لم يرق إلى مستوى تطلعات الطبقة السياسية التي رفضت التصويت على مضمونها ، سوى حزبي السلطة الافلان والارندي ،الذين ميعا وحزبا الإصلاحات ،وخيطاها على مقاسهما ،ولكن قد ينقلب السحر على الساحر سيما وان احدهما صرح فقال (سوف لن نكون الضحية ...؟؟؟).
ورغم كل ذلك إلا أن الساحة السياسية الجزائرية تعرف مشهدا سياسيا متفاعلا مع ما يحدث في المنطقة والإقليم من تحولات على مستوى نظم الحكم ،يتعلق الأمر بتونس والمغرب ومصر وليبيا ،وكذا تداعيات الانتخابات الرئاسية في فرنسا وما تفرزه من انعكاسات على مستوى دول المغرب العربي كما تتفاعل الساحة الاقتصادية الجزائرية على صفيح الأزمة الاقتصادية في دول الضفة الأوروبية (منطقة اليورو).
الجزائر استثناء على المستوى السياسي والاقتصادي وحتى المناخي ؟؟
ومع كل هذه التفاعلات والتحولات هنالك في الجزائر من ما يزال متمسك بقراءة مفادها أن الجزائر استثناء على المستوى الاقتصادي (حيث لن تهز اقتصادنا الأزمة المالية والاقتصادية في أوروبا ) واستثناء على المستوى السياسي (حيث لن تؤثر علينا التحولات السياسية في المنطقة ) تحت مسمى الجزائريون قاموا بثورتهم سنة 1988،رغم أن ثورة الجزائريين في 05 أكتوبر 1988 كانت عليهم وليس على غيرهم (اقصد انتفاضة على الحزب الحاكم آنذاك) ،والجزائر في منطق هؤلاء استثناء حتى على المستوى المناخي (سوف لن تمسنا الأزمة المناخية القادمة)،ويتساءل المرء : إذا كنا استثناء إلى هذه الدرجة ،فأين نسكن نحن ؟هل في الأرض ام في كوكب آخر ؟؟؟؟؟؟
سيما أن هذه القراءة لا تصمد أمام سلسلة الإجراءات والقرارات - التي تسارع الزمن - التي تتخذها السلطات كلما برز إلى الضوء ما يمكن أن يؤدي الى الاختلال أو الضغط من احتجاجات وغضب على السكن والتشغيل أو رفع الأجور ..... وغيرها من الإجراءات التي تريد السلطات العمومية أن تسوقها على أنها قفزة نوعية في سياق الإصلاحات ومنها الاعتماد الكمي المتنامي للأحزاب .
اعتمادات حزبية جديدة برموز قديمة
ورغم أننا نبارك إعطاء التراخيص لميلاد أحزاب جديدة من حيث الاعتماد ،على اعتبار أننا نناضل من اجل الحريات الفردية والجماعية ،إلا أن بروز أحزاب شخصية وعائلية ،وفئوية ، وبأعداد كبيرة من شأنه أن يعطي انطباع إرادة التمييع سواء من حيث التعداد ،او من حيث القول بأنها أحزاب جديدة ،وان الخريطة السياسية ستتغير طبقا لهذا الكم غير المنظم من الأحزاب .
في حين يدرك المواطن العادي البسيط أن اغلب تلك الأحزاب هي استمرار لمسلسل الانشقاقات داخل أحزاب موجودة في الساحة ،ومنهم من عاصر الحياة الحزبية منذ بداياتها وكان له مشاركة في البرلمان والحكومة ،في حين يمنع من منع.
فمعطى الجديد وتغيير الخريطة السياسية بعد تشريعيات 2012،حكم يحتاج إلى تدقيق،وهو حكم يدخل في سياق منهجية (الإصلاحات الجادة ؟؟؟)،ذلك أن ميلاد هذا الكم الهائل من الأحزاب يعطى الانطباع على وجود عددية حزبية تساهم في تضليل الرأي العام وليس تطويره ،تماما كما يسوق أن القوانين الناظمة للحياة السياسية المصادق عليها تلبي الحاجة الشعبية والنخبوية،رغم محدوديتها في تحقيق الشفافية والنزاهة ،وحاجتها الى مراسيم ترجح الكفة .
معادلة فك الارتباط ونجاح الإسلاميين في الجوار
ومن ايجابيات إطلاق الجيل الثاني من الإصلاحات السياسية في الجزائر هو انه حرك الوعاء الإسلامي من خلال موقفين أساسيين :
الأول : فك ارتباط حركة مجتمع السلم مع حزبي الافلان والارندي ،وهو موقف حرك المياه الراكدة وأحال على ترقب نتائج تشريعيات 2012 التي تنبأ بها رئيس حركة مجتمع السلم الشيخ أبو جرة سلطاني سنة 2005 حين صرح من ولاية سطيف في ذكرى مجازر 08 ماي 1945 ،(إن جيل الاستقلال سيصل الى الحكم سنة 2012 في الذكرى الخمسين للاستقلال في إشارة إلى حركة حمس وبالتالي التحول من الشرعية الثورية الى الشرعية الدستورية).
موقف فك الارتباط أسال حبرا كثيرا ،على المستوى الوطني والدولي ،وفرض على الجميع الإعلان عن مواقفهم ، فالطبقة السياسية الجزائرية لم تكن تنتظر موقفا بهذا الشكل ،فمنها من تحث على انه لا حدث ،ومنها من قال بداخلية الموقف ،ومنها من راح يكيل التهم والاراجيف ويشكك في القرار ويهمز ويلمز خوفا من المستقبل .
والثاني : أن قرار فك الارتباط ارتبط بمعطى إقليمي جديد وهو فوز الإسلاميين في أقطار مجاورة (تونس والمغرب وكذا مصر ...)،هذا الارتباط بين قرار حركة مجتمع السلم الخروج من التحالف وتعميم نموذج نجاح الإسلاميين ،أثار حفيظة الإعلاميين والسياسيين والمسؤولين على حد سواء .
فمن السياسيين من أعلن عن نتائج الانتخابات قبل إجرائها بخمسة شهور وقسم الترتة (على طريقة العرافة الفرنسية مادام صولاي) ،ومنهم من أضاف الى مرجعيته البعد الإسلامي وقال بالحرف نحن إسلاميين ،وراح يصرح بان فوز الإسلاميين بالانتخابات القادمة معجزة وهو حلم سوف لن يتحقق ، ومنهم من راح يتحدث عن الدعم الخارجي لحركة مجتمع السلم ولغيرها وتشويه زيارة رئيس الحركة إلى قطر ثم تركيا ،هذا على المستوى الحزبي ،أما على المستوى الرسمي فقد صرح وزير الخارجية ووزير الداخلية بتصريحات مفادها أن الإسلاميين موجودون في السلطة منذ زمن ،وان خروج الحركة من التحالف هو موقف تكتيكي انتخابي ،وراح البعض الأخر يتحدث على أن مقر حركة مجتمع السلم تحول إلى ملحقة لوزارة الخارجية ،حيث أصبحت برمجة زيارة قيادة حركة مجتمع السلم ثابت من ثوابت برامج القيادات الإسلامية التي نجحت في الانتخابات (تونس والمغرب ..)ولم تتحدث تلك الأقلام عن زيارات أخرى للعديد من السفراء للدول الكبرى.
هذا الربط غير المبرمج بين فك الارتباط ونجاح الإسلاميين ،حرك أيضا التيار الإسلامي في الجزائر ،حيث برزت في الساحة مبادرة لم شمل الإسلاميين في الانتخابات القادمة من اجل تحقيق الفوز والنجاح ،وهي مبادرة قد لاتصل إلى سقفها المطلوب وهو تشكيل قوائم موحدة ،ولكنها قد تحرك الوعاء الإسلامي المستقيل من الساحة السياسية لاعتبارات تاريخية وسياسية وعلى رأسها التزوير الذي شاب مختلف العمليات الانتخابية السابقة ،ذلك ان تحريك هذا الوعاء من شانه أن يدفع باتجاه الانتقال الديمقراطي السلمي والسلس انسجاما مع معطى التحولات في جميع البلاد العربية ،رغم وجود فريق من الإسلاميين من مازال يؤمن "بحجاية" النملة و الفيل وحبة الرمل والصحراء ،ويعتقد انه قد يحقق الفوز المنتظر بتغليب منطق الانا الحزبي على منطق (النحن) ،وكأني بالتحولات التي تتحدث عن التوافق والتحالف والتكتل من اجل البقاء والنجاح في هذه المرحلة لم تصل أشرعتها الى هذا الفريق من الإسلاميين للأسف الشديد.
حركة حمس تفتح اللعبة السياسية في الجزائر
ان مقولة أن التحالف الرئاسي أغلق اللعبة السياسية في الجزائر ،مقولة اثبت فك الارتباط وخروج حمس من التحالف صدقيتها ،وصار من الممكن تحقيق التداول شرط توفير الشفافية للانتخابات وفرص المشاركة الشعبية القوية فيها،وهي مؤشرات ما تزال غير متوفرة إلى اليوم ،وبإمكان الإسلاميين دون غيرهم توفيرها.
ومن جهة أخرى فإن اغلب المراقبين للساحة السياسية في الجزائر وصلوا إلى قناعة مفادها أن الفرصة اليوم هي فرصة تاريخية ينبغي الاستفادة منها بصورة واعية ومدركة لطبيعة المرحلة ،سواء تعلق الأمر بالسلطة السياسية او بالأحزاب ومنها الإسلامية على الخصوص ،على اعتبار ان فرص الانتقال إلى الديمقراطية متوفرة،والأجواء الشعبية المؤمنة بفوز التيار الإسلامي متوفرة اليوم ووصلت على مستوى حصول الإجماع ،وهو ما يشعر به كل من له صلة مباشرة بالمواطنين.
الفرصة سانحة فهل من المغتنم ؟
ولكن هذه الفرصة السانحة ،وهذا الإجماع المحقق يحتاج منا على الخصوص إلى:
1. إيمان عميق بالفرصة وتجنيد المناضلين حولها وتعبئة الرأي العام في اتجاه الفاعلية الجماهيرية وحشد النخب والمحاور المجتمعية في رواق المساهمة التاريخية في الانتقال إلى الجمهورية الثانية .
2. الاستعداد القيادي المركزي والأوسط والمحلي للقيام بالأدوار المنوطة بكل فرد تحت مسمى (برنامج لكل مناضل في الاتصال الشخصي والتجميع الرقمي للأصوات )،وتأجيل الرغبات الشخصية.
3. خطاب سياسي واضح وطموح ،يلم بالمفردات الساحة السياسية والاجتماعية.
4. برنامج انتخابي (سياسي اجتماعي واقتصادي) قوي وبسيط ذا أولويات مرتبة ،وأرقام مضبوطة بالنسبة لملف النمو والأجور والتشغيل والفقر والبطالة،يختلف عن البرامج الأخرى كونه ذا قاعدة إسلامية،أي يتضمن مقترحات إسلامية مثل التأمين ،الربا وعمل البنوك،القروض،مكافحة الفقر بالزكاة،ومكافحة الفساد بمنظومة أخلاقية قانونية قضائية صارمة........الخ .
5. طموح ذا سقف عالي في الوصول إلى (برلمان قوي بحكومة كفاءات مجتمعية ذات مصداقية تختار الآن وتسوق في الحملة عبر القوائم ).
6. قوائم انتخابية مقنعة للمواطنين قبل المناضلين ،منفتحة على طاقات ومحاور المجتمع والشخصيات الوطنية المعروفة،تمثل الجغرافيا والتاريخ .
7. حملة انتخابية نوعية تطرح موضوعات أساسية بدعاية إعلامية عملاقة .
8. رقابة مشتركة لصناديق الاقتراع من اجل ضمان الشفافية .
9. تعبئة للمناضلين كل حسب موقعه وفق خارطة طريق بسيطة وفعالة تسلم إلى كل مناضل ومحب .
10. فرض مناخ القوة السياسية عبر الحضور المتميز في المجتمع .
11. برامج شبابية ونسوية تقود حملات جوارية تحرك الوعاء المستقيل.
وبكلمة واحدة ،فإن المرحلة تحتاج من قيادات ومناضلي الحركة الإسلامية إلى أن
يرتفع سقفهم إلى سقف شعوبهم وأمتهم،وان يتفانوا في الدفاع عن فرصتهم واستنفاذ الجهد من اجل مسك حظوظهم التي وفرها لهم السياق التاريخي للتحولات .
وعندما تتوفر تلك الشروط يعرف الرأي العام حقيقة رؤية العرافة وانتظار المعجزة في مضمار التنافسية السياسية النزيهة .
مقولات تساعد على بلوغ السقف :
* الحياة إما أن تكون مغامرة جرئيه ... أو لا شيء. ( هيلين كيلر ) إذا لم تحاول أن تفعل شيء أبعد مما قد أتقنته .. فأنك لا تتقدم أبدا.
* (رونالد .اسبورت)
* عندما أقوم ببناء فريق فأني أبحث دائما عن أناس يحبون الفوز وإذا لم أعثر على أي منهم فأنني ابحث عن أناس يكرهون الهزيمة . ( روس بروت )
* إن الإجابة الوحيدة على الهزيمة هي الانتصار. ( ونستون تشرشل)
* عليك أن تفعل الأشياء التي تعتقد أنه ليس باستطاعتك أن تفعلها .( روزفلت )
* من يعش في خوف لن يكون حرا أبدا . ( هوراس )
* إن عينيك ليست سوى انعكاسا لأفكارك . ( د إبراهيم الفقي )
* ليكن هدفك بلوغ القمر ... حتى ان فشلت في الوصول إليه ستحط بين النجوم.
* السمعة تأخذ منا عشرين سنة لصناعتها، وخمس دقائق لهدمها ... اذا أخذت هذا الأمر بعين الاعتبار، سوف تقوم بأعمالك بطريقة مختلفة .
* عندما تصل إلى عمق معنى كلمة النجاح تجد أنها ببساطة تعني الإصرار .
* النجاح سلم لا تستطيع تسلقه ويداك في جيبك.
* لو رأينا أنفسنا كما يراها الآخرون لما تحدثنا إليهم لحظة .