لماذا تتحرك الأرمادة الاعلامية ضد الجزائر الخضراء؟
بقلم فاروق أبو سراج الذهب
المراقب للساحة السياسية الانتخابية والإعلامية اليوم حيال حملة تشريعيات 2012 ،يلاحظ أمرا جديدا دخل الساحة لم يكن منتظرا في بداية الحملة الانتخابية ،حيث بدأت الحملة الانتخابية بشكل متواضع عبر تجمعات الأحزاب ومداخلاتهم الإذاعية والتلفزيونية ،إلا أنه وبعد مرور عشرة ايام على بداية الحملة ،تحركت ارمادة إعلامية معلومة المصدر ،بدت مؤشراتها على مستوى بعض الصحف المستقلة المحزبة ،ثم امتدت إلى تصريحات رؤساء الأحزاب التي تعتبر نفسها معنية مباشرة بالنداءات الشعبية الغاضبة من استمرار الوضع على ماهو عليه وتطالب بالتغيير والرحيل لهؤلاء ،في مقابل إقبال كبير على الأحزاب التي تحمل مشروع الإصلاح الحقيقي وتخاطب الناس في التجمعات بصدقية ونزاهة مسجلة .
ولعل القراءة الأولية لتحرك الارمادة الإعلامية لتشويه صورة هؤلاء ومنهم على الخصوص المنافس رقم واحد لهؤلاء تكتل الجزائر الخضراء الذي أصبح يقض مضاجعهم،ويدخلهم في موقف رد الفعل والتعليق والتضليل في أحيان أخرى .
وإلا كيف نقرأ اعتبار البلطجة والتعدي على الغير سواء في حي صغير بعنابة أو في بلدية قصر البخاري (رغم الاعتذار الرسمي لسكان البلدية للوفد وان من فعل السلوك لا يمثلهم) من خلال دفع بعض الشباب المغرر بهم إلى محاولة الاعتداء على وفد الجزائر الخضراء ،هذه الصحف والأحزاب اعتبرت البلطجة وعي من المواطنين ،ووصفت زعيمة حزب بان الشعب يرفض الإسلاميين ،وتساءل أمين عام جبهة عن كيف كان لون الجزائر قبل مجيئ الجزائر الخضراء ،وراح آمين عام آخر يتحدث عن الوعود والأوهام التي يحملها تكتل الجزائر الخضراء ،وراحت صحيفة تنشر سبر للآراء تقول أنه سري أنجزه الديوان الوطني للاحصائيات يرتب الافلان في الرتبة الأولى بنسبة اكثر من 50 بالمئة ثم التجمع الوطني الديمقراطي بنسبة تضمن تحقيق الأغلبية بين الحزبين ثم تكتل الجزائر الخضراء ،بعد أن أعلنت صحيفة أخرى عن سبرا للآراء قامت به مؤسسة كوفاس الاقتصادية أعلنت فيه فوز نفس الحزب ...وهي منشطات تستهدف صناعة رأي عام جزائري في اتجاهات معينة .
القراءة الأولية لمثل هكذا مواقف لا تخرج عن اثنين :
إما أن هؤلاء ومن همز لهم بمثل هذه التصرفات والتصريحات شعروا فعلا بالخطر الذي يحمله تكتل الجزائر الخضراء على مستقبلهم السياسي ،ويدركون بمعلومات دقيقة عبر وسائلهم الخاصة أن الجزائر الخضراء ليسا حلما وإنما حقيقة يسندها الإقبال الكبير على وفود الجزائر الخضراء في مقابل العزوف عن تجمعاتهم إلا ما كان منها ينظم بالمنشطات السياسية المعروفة تقليديا .
أو أن هؤلاء لا يملكون ما يقدمونه للشعب من برامج واقتراحات لان الشعب صار لا يثق في الخطابات الجوفاء التي يسوقها هؤلاء ،وهم منذ خمسين سنة يحكمون الجزائر ،فقد يكون مقبولا ممن لم يمارس العمل التنفيذي أن يقول للناس ما ينوي فعله في المستقبل ولكن غير مقبول ممن هو في السلطة أن يتحدث عن المستقبل والماضي والحاضر يعرفه الجميع .
ولا شك أن الأسبوع الأخير من الحملة الانتخابية سيشهد حرارة كبيرة بين المتنافسين الأوائل ،وإذا ما تأكد فوز تكتل الجزائر الخضراء ،فإن الارمادة الإعلامية والسياسية ستتضاعف ويتضاعف معها حجم الإشاعات والأراجيف والتخويف من المؤامرة الخارجية وربط استقرار الجزائر وسلامتها من التهديدات الخارجية (وهو الخطاب الذي يسوقه هؤلاء ) بضرورة الانتخاب على الأحزاب الحالية التي تقود الجهاز التنفيذي لضمان نصاب البقاء .
والأمر الذي قد لا يدركه هؤلاء ،هو أن المزيد من الإشاعات والتخويف والإرهاب والبلطجة المنظمة ،والتشويه الإعلامي لتكتل الجزائر الخضراء ،سيساهم مباشرة في انحياز المواطنين إلى التكتل ،على اعتبار أن الضمير الجمعي للشعب الجزائر يريد الإصلاح والتغيير فعلا ،وإذا ما حدث العكس فان مظلومية الجزائر الخضراء ستتوسع ،وقد يحدث أن يتحرك التيار في اتجاه المشاركة الواسعة في الانتخابات والتصويت الواسع لتكتل الجزائر الخضراء ،وما سند قراءتنا هذه هو طبيعة الحملة التي يقودها التكتل سواء على مستوى العاصمة حيث يتفرد الدكتور عمر غول بحملة احترافية مست كل الفئات وشملت كل ربوع العاصمة ،أو على مستوى العمل الجماهيري الذي يقوم به قادة التكتل عبر الولايات أو البرامج الجوارية التي ينفذها المناضلون على مستوى كل أحياء الجزائر .
نتمنى أن يفهم هؤلاء أن من ينافسون ليسوا أعداء ،ولا متآمرين ،إنما هم جزائريون معتدلون وسطيون لا يؤمنون بالهيمنة أو السيطرة على الحكم ،بل يعرفهم القاصي والداني ،إنهم يمثلون كفاءات جزائرية صادقة وناجحة في حياتها اليومية والعملية، تؤمن بالثوابت الوطنية وتعرف جيدا حدود العمل السياسي ومحدداته ،وتضع السيادة الوطنية والوحدة الوطنية خطا احمرا لا يمكن تجاوزه ،وتعتبر التدخل الأجنبي استعمار جديد،يقتضي تصليب الجبهة الداخلية ،ويؤمنون بميلاد توافق وطني بعد 10 مايو 2012 ،مع التيارات السياسية الجزائرية الأخرى لصياغة منظومة وطنية مستقرة تجعل أولى أولوياتها تحقيق التنمية المستدامة ومعالجة الاختلالات في القطاعات ذات الأولوية في خمس سنوات القادمة ،بما ينسجم والتطلعات المشروعة للشعب الجزائري .