أبو يعلى الزواوي هوالسعيد بن محمد الشريف بن العربي ولد حوالي عام 1279 الموافق لـ 1862م في (إغيل نزكري) من ناحية عزازقة، وهذه القرية غير قريته الأصلية، وإنما انتقل إليها أبوه بعد أن عين إماما لمسجدها، وبها تزوٌج، فوالدته منهم وكانوا من الشرفاء ومن أهل الخير والكرم. وأمٌا قرية أبيه وجدٌه فتسمى (تفريت ناث الحاج) وتقع على سفج جبل (تامقوت) الشامخ في دائرة (عزازقة) بتيزي وزو، ومعناها بالعربية كما شرحها هو في كتابه جماعة المسلمين (ص 34) : (عرين ذوي الحاج) والعرين في اللغة العربية مأوى الأسد. وقبيلة أبو يعلي الزواوي هي آيت سيدي محمد الحاج.
طلبه للعلم
درس أولا في قريته فحفظ القرآن الكريم وأتقنه رسما وتجويدا وهو ابن اثنتي عشرة سنة، والتحق بزاوية الأيلولي ومنها تخرج، وأبرز شيوخه الذين استفاد منهم والده محمد الشريف والحاج أحمد أجذيذ والشيخ محمد السعيد بن زكري –مفتي الجزائر - والشيخ محمد بن بلقاسم البوجليلي. قد أكثر الشيخ من التنقل والترحال قبل أن يستقر في الجزائر العاصمة سنة 1920، وقد أومأ في بعض المواضع إلى أن دافع ذلك الفرار بالدين والعرض ولم يحدد الأسباب المفصلة لذلك، وهذا تلخيص لهذه التنقلات. يقول أبو يعلى :« أول خروجي من الزواوة كان في شرخ الشباب، وتوظفت في بعض المحاكم الشرعية». ولعل ذلك في بلدة "صدراته" فإنه ذكر في مقال له أن أهل هذه البلدة يعرفونه. ثم ارتحل إلى تونس وقد كان بها سنة 1893م، وكانت له رحلات إلى مصر والشام وفرنسا وذلك قبل سنة (1901). وفي سنة (1912م) كان في دمشق يعمل في القنصلية الفرنسية، وقد عمل بها إلى غاية سنة 1915م، وفي مدة إقامته هناك نَمَّى معارفه بالأخذ عن علماء الشام وبالعلاقات التي أقام مع الكتاب والأدباء وعلى رأسهم أمير البيان شكيب أرسلان. ومع بداية الحرب العالمية الأولى اضطُر للخروج من دمشق لاجئا إلى مصر، لأنه كان معروفا بمعاداته للحكومة التركية، ومناصرته لأصحاب القضية العربية كما سميت في ذلك العصر، وفي مصر استزاد من العلم بلقاء أهل العلم وأعلام النهضة فيها، وممن جالس وصحب هناك محمد الخضر حسين الجزائري والطاهر الجزائري ومحمد رشيد رضا. ورجع إلى الجزائر سنة (1920م) بعد انتهاء الحرب، فقضي مدة في زواوة، ثم سكن الجزائر العاصمة وتولى إمامة جامع سيدي رمضان بالقصبة بصفة رسمية، ومع كونه من الأئمة الذين رضوا بالوظيفة عند الإدارة الفرنسية فقد تبنى الفكر السلفي الإصلاحي بقوة وحماس كبيرين، وعاش محاربا لمظاهر الشرك والبدع والخرافات وغيرها من أنواع المنكرات. وكانت له بعد ذلك تنقلات في طلب العلم والدعوة إلى الله منها ما كان إلى بجاية أو البليدة.
شيوخه وأقرانه
ذكر معظمهم هو بنفسه في مؤلٌفاته المطبوعة، ونذكر منهم جملة على سبيل المثال خاصٌة الذين تأثٌر بهم:
* 1 - والده الشيخ محمد الشريف الذي كان إماما ومؤذٌنا وموثٌقا وصاحب زاوية.
* 2 - الشيخ محمد بن سعيد بن زكري خطيب مسجد (سيدي رمضان) بالجزائر العاصمة سنة 1896 ومفتي جامع الأعظم، ويعدٌ من أبرز مدرٌسي العاصمة، وكان من الفقهاء المتمكنين من علمهم، وقد تأثٌر به أبويعلى أيٌما تأثٌر وكان متبعا لسيرته في العلم.
* 3 - الشيخ محمد بن بلقاسم البوجليلي المولود سنة 1836 ببجاية، وقد نوٌه به وبعلمه الشيخ العلامة البشير الإبراهيمي، ووصفه ابن زكري شيخ أبي يعلى وصديقه: (أنٌه كان من المصلحين ودعاة القضاء على البدع التي كانت تساعد على نشر الشعوذة والخرافة)، وقال عنه تلميذه أبو يعلى: (أنٌ الشيخ ابن زكري كشيخه البوجليلي ذكاء وشهرة).
* 4 - العلاٌمة المحدٌث الشيخ طاهر الجزائري الٌذي وجٌه الشيخ الزواوي للكتابة في موضوع لغة البربر والتعريف بقواعدها باعتبار كونهما من منطقة واحدة وهي بلاد الزواوة وقد مكث معه خمس سنوات كاملة في أرض مصر.
* 5 - العلاٌمة الشيخ رشيد رضا وكان الزواوي يلقٌبه بالصديق وحجة الإسلام كما في كتبه جماعة المسلمين.
* 6 - الشيخ محمد الخضر وقد لقٌبه أبو يعلى ب(صديقنا العلاٌمة الكاتب).
* 7 - محمد أفندي كرد علي صاحب مجلٌة المقتبس ووزير المعارف في الشام، قال عنه: (صاحبنا).
* 8 - الشيخ مبارك الميلي لقبٌه أبو يعلى ب (الأستاذ الإصلاحي الجسور).
* 9 - الشيخ الطيٌب العقبي وكانت بينهما علاقة طيٌبة ويشتركان في شدٌة مواقفهما ضدٌ مشايخ الطرق، قال عنه أبو يعلى لمٌا وجٌه له استفتاء لينشره في جريدة (الإصلاح) التي يديرها الشيخ العقبي: (صديقنا الأستاذ الخطيب الكاتب الناثر الشاعر المسامر والمحاضر بنادي الترقٌي بمدينة الجزائر).
أعماله ونشاطه الدعوي
تقلٌد أبو يعلى الزواوي مناصب مختلفة في حياته بحكم ثقافته المزدوجة إن صحٌ التعبير، فقد عيٌن كاتبا في القنصلية الفرنسية بدمشق وعمل بها إلى حوالي 1915م، أرسلته فرنسا إلى سورية طمعا منها في أن يقوم بإقناع الجزائريين المقيمين هناك بالتجنٌس بالجنسية السورية لتفادي رجوعهم إلى أرض الوطن من حمل الأفكار التحررية التي كانت قد ظهرت بالشام، ومقابل ذلك وعدته فرنسا بمنصب الإفتاء إذا رجع إلى الجزائر.
* النشاط الصحفي: من خلال إقامته بسوريا اتٌصل بالعديد من الشخصيات والكتٌاب والأدباء والسياسيين والصحفيين وأقام علاقات معهم، وساهم بمقالاته في بعض الصحف والمجلاٌت فكتب في جريدة المقتبس التي كانت تصدر بدمشق، وفي جريدة البرهان التي كانت يصدرها الشيخ عبد القادر المغربي بطرابلس الشام وثمرات العقول البيروتية، وطبع أحد كتبه في مطبعة محب الدين الخطيب الذي كانت له علاقات طيٌبة وصلات حميدة بينه وبين إخوانه من الجزائريين كالعقبي وابن باديس والإبراهيمي. انتقل إلى القاهرة بمصر بسبب وقوع الحرب العالمية الأولى، وهناك التقى بالشيخ طاهر الجزائري، وكثٌف نشاطه بمصر، والتقى بالعديد من إخوانه الطلبة الجزائريين، وواصل مشاركته في تحرير المقالات معرٌفا بالجزائر وتاريخها ووصف أحوالها المزرية، وكانت له فعلا مساهمات تمثٌلت في نشر مقالات في جريدة المؤيد المصرية وفي المجلة السلفية بمصر أيضا.
وممٌا يلفت الانتباه أنٌ الشيخ أبا يعلى انتقد المشارقة وهوفيهم لقلٌة اهتمامهم بأحوال المغرب العربي. عند عودته إلى الجزائر سنة 1924 بقي بنفس الهمٌة العالية الروح الأبيٌة، يكتب وينتقد، ويكافح بقلمه السيٌال وفكره الجوٌال، فنشر في جريدة النجاح مدة ونشر في جريدة النجاح مدة ثم في مجلة الشهاب لابن باديس وفي جريدة الإصلاح للطيب العقبي التي قلَّما خلا عدد من أعدادها من شيء من كتاباته، وكتب في صحيفة(صدى الصحراء) التي كانت تصدر ببسكرة (جنوب الجزائر) على غرار زملائه كالطيٌب العقبي والشاعر محمد العيد ومحمٌد الأمين العمودي، وقد دامت حوالي سنة ثمٌ تفرٌق شمل أصحابها لأسباب مختلفة رغم أهميتها، كما شارك أبو يعلى في جريدة (الثمرة الأولى) التي يصدرها طلبة الجزائر في تونس. ونشر في كل جرائد الجمعية بعد تأسيسها بل وكتب أول الأمر حتى في جريدة البلاغ الطرقية مما أثار عليه نقمة بعض إخوانه. ومما تجدر الإشارة إليه في هذا الموضع أن المقالات التي أمضاها الفتى الزواوي ليست للشيخ أبي يعلى كما قد يتوهم بعض، وإنما الفتى هو «باعزيز بن عمر» وهو أحد تلاميذ الشيخ ابن باديس، وقد توفي سنة 1977م عن عمر يناهز 71 سنة.
* نشاطه في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين:
من الأعمال العظيمة والأعمال الشريفة التي لم يفوٌتها أبي يعلى على نفسه رئاسته لجمعية العلماء الجزائريين، حيث عيٌن رئيسا للجمعية العمومية المكلٌفة بوضع القانون الأساسي للجمعية، وقد حضرها اثنان وسبعون من علماء القطر الجزائري وطلبة العلم، اجتمعوا بنادي الترقٌي بعاصمة الجزائر لتعيين الأعضاء الأساسيٌين المكوٌنين لجمعية العلماء الجزائريٌين، وهذه الرئاسة وإن كانت مؤقتة انتهت بانتهاء أشغال التأسيس وانتخاب المجلس الإداري ورئيسه العلامة ابن باديس إلاٌ أنٌها تعدٌ حدثا له قيمته ووزنه في حياة الشيخ أبي يعلى الزواوي. وبعد مضي مدة عن تأسيس الجمعية ترأس لجنة العمل الدائمة بعد انسحاب رئيسها عمر إسماعيل، وهي لجنة كُوِّنت من الأعضاء المقيمين في العاصمة لإدارة شؤون الجمعية لما كان أغلب أعضاء المجلس الإداري المنتخب مقيمين خارج العاصمة بحكم السكن والنشاط. وترأس أيضا مدة لجنة الفتوى وقد نشرت له في البصائر لسان حال الجمعية عدة فتاوى ومقالات.
إضافة إلى هذه الأعمال كلٌها فإنٌه كان مجيدا للخط العربي وله فيه رسالة، وكان ينسخ المصاحف ويخطٌها، وقد ورث ذلك عن أبيه، وقد جمع بين الروح الجزائرية والتعريقة الشرقية رغم قوله أنٌه تأثٌر بالخطٌ الفاسي الموروث عن الأندلس. ولتفننه وإتقانه للخط أعجب به كثيرون ومدحه بشير الرابحي بقصيدة على خطٌه في المصحف الشريف.
* التدريس والخطابة:
من الوظائف التي أسندت إليه إن كان لها تعيينه إماما بمسجد (سيدي رمضان) بالجزائر العاصمة حيث تولى الخطابة فيه من (سنة 1920 إلى سنة 1952 وهو تاريخ وفاته) وكان يعتبر ذلك من منن الله عليه. أمر طبيعي أن يكون هذا من نشاطه بحكم وظيفته، ولكنه كان حر التفكير والتعبير والتحرير والتحبير، ووقف صامدا أمام العوائق والمغريات يثبت الحق ويبطل الباطل، لم يقيد الوظيف الذي تقلده لسانه ولم يحدد من نشاطه، فكان صريحا في الحق جريئا مقداما، يدافع عن الدين والفضيلة والعقيدة الصحيحة واللغة العربية والوطن، وقد هددته السلطات مرارا بالفصل من إمامة جامع سيدي رمضان، ولكنها لم تجرؤ على ذلك، ولا وجدت سبيلا إلى كم لسانه وتجميد نشاطه وإيقاف زحفه.
ذكر أنه كان يُقطع عنه الراتب كما أنه حُرم مما نسميه ترقية فكان المدرسون والمفتون في زمانه وقبله يتقاضون عشرة أضعاف ما يتقضاه لا لشيء إلا لأنه كان من رجال الإصلاح مؤيدا لجمعية العلماء. وقد كان خطيبا مفوٌها، يرتجل الخطب، ويبلغ بها مقصده من إفهام السامع والأخذ بمجامع القلوب، أحمد توفيق المدني قال عنه: (وأشهد أنٌه قد كان لتلك الخطب الأثر الفعٌال في النفوس) وقبل ذلك قال عنه: (أخرج الخطب المنبرية من صيغها التقليدية العتيقة إلى صيغة قومية مفيدة، فهو يخطب للعامٌة ارتجالا في مواضيع إسلامية محلية مفيدة، ويعتبر خطابه درسا بحيث لا ينتهي منه إلاٌ وقد اعتقد أنٌ كلٌ من بمسجد (سيدي رمضان) من رجال ونسوة قد فهموا جيٌد الفهم خطابه).و قد جدٌد طريقة السلف في ا لخطابة، فالتزم أن تكون الخطبة من إنشائه هو لا من إنشاء الآخرين، ودون ورقة أي (ارتجالا)، ثمٌ بدا له بعد ذلك أن يدوٌن خطبه لكيلا يقال نقلها عن الغير وحفظها وسرقها. وقد خصٌص الدكتور سعد الله في كتابه القيٌم (تاريخ الجزائر) مقالا للحديث عن خطب أبي يعلى الزواوي في المجلد الثامن من (122-125).
مؤلفاته وآثاره العلمية
ترك أبو يعلى آثارا علميٌة نافعة ضمنها خلاصة ما يؤمن به من أفكار، وما كان يطمح إليه من مشاريع جادة تخدم بالدرجة الأولى دينه ولغته العربية، ورغم أنٌ جلٌ هذه المؤلفات جاءت في شكل كتيبات أو رسائل مختصرة إلاٌ أنٌها حوت في مضامينها ذلك البعد العميق في تفهم قضايا أمٌته عامٌة، والتشبٌث الوثيق بمكوٌنات شخصية الأمٌة الجزائرية خاصٌة، ساعده في ذلك روعة أسلوبه وانتظام أفكاره وكثرة استدلاله بالنصوص الشرعية في كتاباته الدينية، واستعماله – وهذا لفرط ذكائه ونباهته - لألفاظ ومصطلحات يمرٌر من طريقها أفكاره ويبز فيها طموحه ويختصر بها أقواله ويعالج من خلالها الأدواء وألأمراض التي شخٌصها بنفسه، وخير مثال لذلك تسميته لكتابين ألٌفهما وأبدع فيهما أطلق على أحدهما (الإسلام الصحيح) تميٌيزا له عن الإسلام الذي سماه العلاٌمة الإبراهيمي بالإسلام الوراثي، وأطلق على الآخر (جماعة المسلمين) تحريضا منه على لمٌ شعث الأمٌة واستقلالها بنفسها دون تدخٌل أو وصاية من المستعمر وهذه
نبذة مختصرة عن بعض مؤلٌفاته:
* المؤلفات المطبوعة :
* 1 - (كتاب الإسلام الصحيح) وطبعه في طبعة المنار بمصر سنة 1345ه بعد رجوعه إلى الجزائر، وجعله في شكل سؤال وجواب، وقال عنه إنٌ بعضهم قد سأله أن يضع مثل هذا الكتيٌب في الإسلام الصحيح على قواعده الأصلية المتٌفق عليها لا المختلف فيها).
و قد طبع هذا الكتاب عل نفقة أحد أعيان الجزائر وتجٌارها الكبار، وقد رقٌم اسمه على وجه الكتاب ولقٌب بالسلفي وهو السيٌد الحاج محمٌد المانصالي. - وممٌا يلفت الانتباه وهو مرقوم على غلاف الكتاب عبارة نفيسة لأبي حيٌان أظنٌها من وضع أبي يعلى نفسه بل أكاد أجزم، وذلك لكثرة استشهاده بأقواله في ثنايا كتابه وهي (الجهاد بالحجٌة أعظم أمرا من الجهاد بالسيف). و يحتوي الكتيٌب على 123 صفحة، وحمل اسمه الحقيقي السعيد بن محمد الشريف الزواوي الجزائريٌ، وهو الذي سنعتمده أكثر في بيان عقيدته ومنهجه في بعض الفوائد الفرائد ولإفادات القلائد التي امتاز بها أبو يعلى على غيره من أقرانه ومصلحي زمانه.
* 2 - ((جماعة المسلمين)) وهو عبارة عن رسالة مطوٌلة ففي شأن جماعة المسلمين ومعناها في الفقه المالكي في أصلها من الأحاديث الصحيحة(30).
و لقيمة هذا الكتاب وحاجة الناس إليه في تلك الحقبة أذن المؤلٌف في ترجمة الكتاب كما رقمه على غلاف الكتاب بنفسه، وقد أعجب به أيٌما إعجاب حتى قال عنه (أنٌه لم أسبق إليه وأنا أبو عذره، وأنا لم أقف على أنٌ أحدا من الإخوان الكرام الكاتبين في العالم العربي الإسلامي كافٌة في وطننا الجزائر خاصٌة طرقه أو كتب فيه). - وقد قرٌض كتابه هذا الشيخ الطيٌب العقبي . وذكر في تقريظه اثني عشر بيتا، نقلها أبو يعلى إلى كتابه جماعة المسلمين (ص47) ذكر في مقدمته أنه مختصر من كتاب آخر مطول، وطبع بمطبعة الإرادة بتونس في رمضان 1368الموافق لجويلية 1948م. وهو في 75 صفحة.
* 3 - (الخطب) جمع فيه بعض خطبه وكان ذلك سنة 1343ه الموافق لسنة1924 م(طبع الجزائر باستيد – جوردان – كار بونيل 1343 ه) يحتوي على 78ص، قال عنه الدكتور سعد الله (8/122): ((و هو أول كتاب يطبع في موضوعه على ما نعرف. وقد بدأه بديباجة مسجٌعة وطويلة هكذا الحمد لله أنطق الخطباء بالكلام الفصيح –و سهل لهم الارتجال بالكلام الصريح)).
* 4 - «خصائص أهل زواوة » وهي رسالة وجهها من الشام إلى الطاهر الجزائري الذي كان بمصر يطلب منه أن يؤلف كتابا في « خصائص أهل زواوة »، وقد قام بطبعها أبو القاسم سعد الله ضمن كتابه أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر.
* 5 - « تاريخ الزواوة » وهو غير سابقه فقد فرغ من تأليفه سنة 1918م وهو في القاهرة ونشره في دمشق سنة 1924م، وقدم له الشيخ الطاهر الجزائري والسعيد اليجري (وقد أعيد طبعه مؤخرا في الجزائر). وقد توصل فيه إلى أن الزواوة من قبيلة كتامة وأن كتامة وصنهاجة كلاهما من العرب العاربة أو العرب القحطانية، وقال أبو القاسم سعد الله في وصفه:« أما الكتاب نفسه فقد قسمه أبو يعلى الزواوي إلى سبعة فصول رغم صغر حجمه فجعل الفصل الأول في فضائل التاريخ والثاني والثالث في نسب الزواوة ومحامدهم..والرابع في زواياهم وعلمائهم وخدمتهم للغة العربية والخامس في بعض عاداتهم والسادس في الإصلاح المطلوب والسابع في لائحة نظام تعليم مقترح وبيان طريقة التعليم».
* 6 - « فصول في الإصلاح » ذكره في كتابه الخطب وتاريخ الزواوة.
* 7 -مقالات منشورة في البصائر والشهاب والبلاغ وغيرها من الجرائد، وقد ذكر محمد الصالح صديق سنة 1994م أنه تم تكليف لجنة بجمع آثار أبي يعلى الزواوي، لكن لم يظهر شيء منها ونحن في آخر سنة 2002م.
* المؤلفات المخطوطة :
* 1 - أصل كتابه جماعة المسلمين المذكور أعلاه.
* 2 - « تعدد الزوجات في الإسلام ».
* 3 - « مرآة المرأة المسلمة » ذكره في الإسلام الصحيح، وفي الخطب أنه يقع في 200صفحة.ضمٌنه آراءه في المرأة، مبطلا عادات بني قومه في عدم توريثها ومنع نظر الخاطب إليها، ومناديا بضرورة تربيتها وتعليمها
* 4 - ذبائح أهل الكتاب (قال عنه إنه تحت الطبع) كما أنه ترجمه إلى الفرنسية أيضا.
* 5 - « الفرق بين المشارقة والمغاربة في اللغة العربية وغيرها من الفروق ».
* 6 - « الخلافة قرشية ».
* 7 - « الكلام في علم الكلام ».
* 8 - « الغنى والفقير ».
* 9 - مراسلات أبي يعلى خصوصا مع « شكيب أرسلان ».
* 10 - أسلوب الحكيم في التعليم.
* 11 - الأمم الغربية (أو العربية).
* 12 -رسالة في علم الخط ألفها عام 1947م.
* 13 -النصوص التي ردها كفر صراح بإجماع المسلمين ذكره في مقال له في البصائر.
* 14 -أصل البربر بزواوة ذكر أنه بين فيه أن أصل البربر من حمْيَر وأنهم عرب قحطانيون ويحتمل أن يكون هو نفسه تاريخ الزواوة كذا قال أبو القاسم سعد الله .
هذا وقد ألٌف أبو يعلى الزواوي كتبا صغيرة الحجم قضايا مهمٌة لها صلتها الوثيقة بالأمٌة والمجتمع في تلك الحقبة، مصحٌحا للمفاهيم ومدافعا عن معالم الشخصية الإسلامية، ومساندا للإصلاح وداعيا إلى تطهير المعتقدات والسلوكات من الشوائب والبدع والخرافات
عناصر فكره الإصلاحي رحمة الله عليه
* الدعوة إلى الطريقة السلفية وذم علم الكلام:
قال الشيخ أبو يعلى في كتابه الإسلام الصحيح :« اعلم أيها السائل أن خير طريقة في العقيدة التوحيدية طريقة السلف التي هي اتباع ما ثبت عن الله وعن رسوله من غير كثرة التأويل والدخول في الأخذ والرد من الجدل في المتشابه وإيراد الشبه والرد عليها، وأذكر الآن بهذه المناسبة جملة من أقوال الأئمة العظام من السلف الصالح لتعتبر أيها السائل وتعلم أن الخوض غالبا خصوصا في قضايا الانتصار لمذهب دون مذهب وتجد أن مذهب الحق في ذلك هو مذهب القرآن العظيم } قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون { وهو مذهب السلف فإن القرآن الكريم أبى الخوض في ذلك لعجز المخلوق عن معرفة حقيقة الخالق وإنما تصدى لتوجيه الأنظار للاعتبار كما تقدم »[ص4-5]. ثم نقل الآثار المعروفة عن مالك والشافعي وأحمد وأبي يوسف في ذم علم الكلام وأهله وقال :« وقد اتفق أهل الحديث من السلف على هذا ». وصرح بعد ذلك في أثناء الكتاب بعدم الانتماء لأي مذهب كلامي محدث من المذاهب الموجودة فقال:« أما أنا ومن على شاكلتي من إخواني الكثيرين فلا شريعة لنا ولا دين لا ديوان إلا الكتاب والسنة وما عليه محمد وأصحابه وعقيدة السلف الصالح فلا اعتزال ولا ماتريدي ولا أشعري، وذلك أن الأشاعرة تفرقوا واختلفوا أي المتقدمون منهم والمتأخرون ووقعوا في ارتباك من التأويل والحيرة في مسائل يطول شرحها»
* نشر التوحيد ومحاربة الشرك في الألوهية :
قد كتب أبو يعلى في هذا الباب فأكثر، إذ زيادة عما ذكره في الإسلام الصحيح فقد نشر فيه عدة مقالات، ونحن ننقل ما قاله في أحد مقالاته : « أما عقيدتنا في الأولياء التي اتخذوها ذريعة للطعن فينا بأننا ننكرهم وننكر الكرامة ليهيجوا علينا العامة التي صُدَّت عن الله إلى الأولياء الأموات تطلب منهم ما لا يطلب إلا من الله وتتمسح بقبورهم وتوابيتهم...أما كون الميت صالحا أو مات وليا أو غير ولي، أو على حسن الخاتمة أو على غير ذلك عياذا بالله فإننا غيرُ مكلفين بذلك ولا نحكم لأحد بالجنة ولا بالنار إلا مَن وَرَدَ فيهم النص، فهذه عقيدة أهل السنة والجماعة، أما التوسل بهم والطلب منهم فمما لم يثبت عن السلف الصالح شيء منه بل لم يشرع أصلا وقد فتشنا وقلبنا وبحثنا في السير وكتب الحديث الصحيح مثل الموطأ والبخاري ومسلم فلم يثبت في خير القرون أنهم قصدوا قبر النبي r طالبين منه شيئا ودليلنا أيضا على ذلك ما ثبت في صحيح البخاري أن عمر لما استسقى بالناس قال لهم: إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا، وهذا دعاء أقره الصحابة والسلف».
* التزام السنن ومجانبة البدع العملية
ولم يهمل الشيخ الدعوة إلى الالتزام بالسنة ونبذ البدع العملية خاصة بدع التصوف الذي غرقت الأمة في أوحاله فصرح ببدعية تصوف المتأخرين، وقال في البصائر :« وبالجملة إن التصوف محدث في الأمة اسما ومعنى». وكما أنكر عليهم بدع العقائد فقد أنكر عليهم بدع الأعمال كالقراءة على الجنائز. وقال في الإسلام الصحيح :« ولست بمخطئ إن قلت بالمنع والحرمة بسبب ما أحدثوا فيه وهو من أصله محدث إذ لم يكن السلف الصالح يعرفون هذا صوفي وذاك غير صوفي، أو ذا له طريقة وهذا لا طريقة له »، وإن كان الشيخ قد نشأ نشأة صوفية إلا أنه تاب ورجع إلى الحق لما تبين له، كما صرح بذلك في أحد مقالاته: « نعم كنت قبل أربعين سنة خلوتيا [أي حوالي سنة 1907] فلما رأيت البدع والمخالفة والرقص والطبل واختلاط النساء بالرجال طلقتها ثلاثا بتاتا ». وقال :« وإني أعلنت أني سلفي وأعلنت أني تبرأت مما يخالف الكتاب والسنة ورجعت عن كل قولة قلتها لم يقلها السلف الصالح ».
* الدعوة إلى الاجتهاد ونبذ الجمود والتقليد
قال في الإسلام الصحيح :« والحال أن كل واحد من هؤلاء الأئمة قال إن وافق مذهبي الكتاب والسنة فبه ونعمت وإلا فاضربوا به عرض الحائط، لأنهم غير معصومين ولا ألزموا الناس بما استنبطوا وما دونوا وإنما العامة والخاصة ارتضتهم ». وقال ردا على المتعصبين الذين ينتصر كل واحد منهم لمذهب إمامه ويقول إنه هو الصواب دون غيره :« كلها فاضلة وكلها صحيحة إذ لا يمكن بحال أن يقال هذا المذهب صحيح وهذا غير صحيح، لأنهم أئمة مجتهدون غير معصومين لا محالة، فهم سواء في الاجتهاد وسواء أيضا في عدم العصمة، وكان الإمام مالك يقول كل أحد يؤخذ من كلامه ويرد عليه إلا صاحبَ هذا القبر يعني النبي ».
[عدل] صفاته وأخلاقه
* رقة الطبع وسلامة القلب
قال الشيخ أحمد حماني :« الشيخ أبو يعلى الزواوي إمام مسجد سيدي رمضان بالقصبة من عاصمة الجزائر علامة من كبار العلماء الأحرار، محقق، شجاع، سلفي العقيدة، طيب السريرة حميد السيرة، بليغ القلم سليم النية، غر كريم »، وقال فيه أيضا :« والملاحظة أن أبا يعلى عين رئيسا للجنة الدائمة بعد تأسيس الجمعية وابتعاد عمر إسماعيل عنها، وبقي وفيا لمبدئه شجاعا في مواقفه، عظيم النشاط في أعماله وكتاباته، وقد لقب في العلماء بشيخ الشباب وشاب الشيوخ، وكان يمتاز بشفقة وحنان على أمته، وكثيرا ما تسيل دمعته رحمة على البائسين ».
* التواضع للحق
وَرَدَ إليه سؤال عن حكم التوسعة على العيال في عاشوراء فأفتى بالجواز فرد عليه الشيخ عمر بن البسكري بجواب ننقل منه هذه الفقرات :« سيدي أحيط جنابكم أن الحديث المذكور يقول فيه حجة الإسلام ابن تيمية ما نصه حرفيا في كتابه منهاج السنة ج 4 ص 114 :« وقد يروي كثير ممن ينتسب إلى السنة أحاديث يظنونها من السنة وهي كذب كالأحاديث المروية في فضل عاشوراء -غير الصوم – وفضل الاكتحال فيه والاغتسال والحديث والخضاب والمصافحة وتوسعة النفقة على العيال فيه ونحو ذلك، وليس في أحاديث عاشوراء حديث صحيح غير الصوم هكذا يقول حرفيا وتبعه تلميذه ابن القيم وابن رجب وغيرهم … هذا ومما زاد في تشجيعي على إسداء هذه الكلمة النصيحة لجنابكم قولكم حرفيا في العدد السابع عشر من البصائر :« وعلى كل حال فإنني لست ممن يقول لا أقبل النصيحة إلى أن قلتم بل إني أقبل النصيحة من أهلها بشرطها ». فكتب الشيخ جوابا رحب فيه بهذا الرد المؤدب والنصيحة الخالصة ختمه بقوله : «وإنه مما يجب التحري في الاستدلال بالحديث إلا إذا كان صحيحا وهو صوابلكنه صعب !! اللهم اغفر لنا ما قدمنا وأخرنا وألهمنا وألهم الأمة للصواب أن تتحفظ وتحذر من الوقوع في الكذب على نبيها والله المستعان وعليه التكلان ».
* الثقافة الواسعة
إن مما تميز به أبو يعلى الزواوي كثرة المطالعة وهي إحدى العوامل التي جعلته يكون أكثر تأليفا من غيره من أهل زمانه إضافة إلى التفرغ باعتباره كان إماما رسميا لمسجد مدة تفوق الثلاثين سنة، وهذه المطالعة قد ظهرت في كتاباته ومواضيع تأليفه فهو قد ألف في مواضيع مختلفة وفي قضايا شغلت الفكر الإسلامي في عصره: قضايا المرأة، قضايا الإصلاح، السبيل إلى تحكيم الشريعة، إصلاح نظم التعليم وغيرها من الموضوعات. وقد ظهر ذلك أيضا في المصادر المتنوعة التي اعتمد عليها في كتابه الإسلام الصحيح فقد فاقت الأربعين مرجعا ومصدرا، والذي يَلفت الانتباه هو مطالعته لكتب المخالفين فهو ينقل فضائح الطرقية من مصادر صوفية وينقل شهادة الكفار بالحق من كتبهم، وكان مطلعا حتى على كتب المستشرقين –وكان يحسن الفرنسية – كما نراه في رد الشيخ على النائب ابن جلول لما قال ردا على المصلحين :« رجوع الإسلام إلى أصله خطر على فرنسا » حيث سرد فيه جملة من كتبهم التي يظهر إطلاعه عليها.
بعض ما قيل عنه
قال الشيخ الطيب العقبي في تقريظه لكتاب جماعة المسلمين. أبو يعلـى إمـام الحق فينا- وشيـخ شباب المصلحينا دعا بدعاية الإسـلام قبـلا- لديـن اللـه رب العـالمينا فأبدع في اختصار القول ردا- على فئـة الضلال المفسدينا وقد غضبوا لقول الشيخ فيه- وضلـوا في الضلالة تائهينا فلم يعبأ بما فعلـوا ولكـن- تمادى يخـدم الحـق المبينا ». وقال في مقال نشر في الشهاب ردا على من انتقص الشيخ:» ألا ما أشفقتما عليه أو رحمتما شيخوخته وسلفيته الصادقة، وتركتماه لنا عضدا قويا وشيخا سلفيا …وهو من قد عرفتماه فضلا ومعرفة وسبقا إلى مذهب السلفية، كما عرفتما مقدار مقدرته في الكتاب وبحثه وتنقيبه« قال الشيخ مبارك الميلي :« …الشيخ الجليل العالم السلفي الأستاذ أبي يعلى الزواوي الذي لقبه الأخ الشيخ الطيب العقبي شيخ الشباب وشاب الشيوخ وكل من عرف هذا الشيخ وأنصفه اعترف له بهذا اللقب وسلم له هذا الوصف». قال أحمد توفيق المدني:« وإذا ذكرت الرجال بالأعمال فإني أذكر العلامة الكبير الشيخ سيدي أبا يعلى السعيد الزواوي، أذكره بتأليفه القيم الإسلام الصحيح الذي نسف به الخرافات والأوهام في الأفكار العامة ».
وفاته رحمة الله عليه :
توفي في 8 رمضان 1371 الموافق لـ (4 جوان 1952م) عن عمر يناهز التسعين، وشيع جنازته خلق كثير وعدد كبير من رجال العلم والفضل، وصلى عليه الشيخ الطيب العقبي، وكتبت البصائر عنه: (والبصائر تساهم في المصاب بفقد العلامة الزواوي، شيخ المصلحين في هذه الديار الذي طالما رفع صوته على صفحاتها بالنكير على المبتدعين والمبطلين،