عقب ثورة 25 يناير ظهرت فتنة مفتعلة بين المسلمين والنصاري في صورة اتهامات لجهات سلفية، بطلب فرض الجزية على النصارى وتطبيق الشريعة عليهم وقطع أذن أحدهم، وسرعان ما تطورت إلى فتنة بين السلفيين والصوفيين ومعارك تتحدث عنها الصحف، وعن هدم أضرحة بل ومساجد بها قبور وتوعد الصوفيين للسلفيين.
وشيئا فشيئا أصبحت فزاعة السلفيين هي المسمار الجديد الذي يسعى أنصار الثورة المضادة واليساريين والعلمانيين للدق عليه، لإفشال الثورة وإلهاءها في مشكلات فرعية، وأصبح حديث كل بيت وكل صحيفة وكل فضائية وكل منتدى في مصر هو عن التيارات السلفية.. لماذا ظهرت الآن؟ ومن هم السلفيون؟ وهل هم على قلب رجل واحد أم تيارات متعددة؟ ولماذا نسمع سلفي يهدد بهدف الضرحة وأخر يستنكر؟ ونسمع سلفي ينتقد الإخوان وأخر يتعاطف معهم.. وهكذا.
ولهذا بات من الضروري توضح حقيقة السلفيون.. من هم؟ كي نتعرف عنهم عن قرب ونحكم بأنفسنا هل هم "فزاعة" يسعى بعض أعداء الثورة أو محاربي طواحين الهواء توريط الثورة في معركة جانبية معهم.. أم هم بمثابة "فزع" وقلق حقيقي يهدد نقاء ووحدة الثورة؟!
حقيقة السلفية
السلفية كتيار إسلامي، يقوم علي أخذ الدين من نبعيه الصافيين: (القرآن والسنة) ومحاولة مجانبة البدع والخرافات، والعودة إلى نقاء العقيدة بفهم السلف الصالح علما وعملا. وهم يرفضون عموما الاشتغال بالسياسية ويفضلون العمل الدعوي.
والسلفيون عموما يؤمنون بعدم جواز الخروج على الحاكم المسلم، حتي وإن كان فاسقا منعا للفتن.. وبعضهم يعتبر أنه لا يجوز معارضة الحاكم مطلقا، ولا حتى إبداء النصيحة له في العلن بعكس أخرين يرون النصحية وحتى الخروج عليه بالسلاح لو خالف الشريعة الإسلامية.
من هم السلفيون في مصر؟
ظهرت التيارات السلفية في مصر بشكلها التقليدي في منتصف السبعينات من القرن الماضي، قبل أن يهيمن أحد تياراتها (الجماعة الإسلامية) علي الساحة، ثم اختفت مع سياسة محاربة التيارات الإسلامية عموما من قبل النظام السابق وسجن الآلاف منهم، خصوصا منذ الثمانينات.
وعادت هذه تلك التيارات لتظهر على استحياء في النصف الثاني من العام الماضي 2010، في المظاهرات المطالبة بالكشف عن مصير السيدة كاميليا شحاتة زوجة كاهن دير مواس بالمنيا في صعيد مصر، التي اختفت من بيت زوجها وترددت أنباء عن إسلامها قبل أن تعيدها الشرطة إلى الكنيسة التي تتحفظ عليها في مكان غير معلوم حتى الآن.
ونظم السلفيون عشر مظاهرات في القاهرة والإسكندرية للمطالبة بالكشف عن مصير كاميليا، كما هتفوا ضد ما أسموه «النفوذ المسيحي في الدولة» وكثيرا ما هاجموا البابا شنودة الثالث بابا المسيحيين الأرثوذكس بمصر، وترددت أنباء عن أن الشرطة شجعت هذه التظاهرات أو لم تتدخل لمنعها بعنف كنوع من الضغط علي البابا شنوده
تقسيمات السلفيين
يمكن الحديث عن تقسم (فكري) وأخر (تنظيمي) بين التيارات السلفية:
وفقا للتقسيم الفكري ينقسم السلفيون إلي ثلاثة فرق:
(الأولي): السلفية العلمية (الدعوة السلفية)
نشأت في منتصف السبعينات بواسطة مجموعة من قادة الحركة الطلابية الإسلامية في عدد من جامعات مصر، وكان ثقلها الرئيسي في جامعة الأسكندرية حيث قادها من هناك وإلى جميع أنحاء مصر محمد إسماعيل المقدم و سعيد عبد العظيم و أبوإدريس و أحمد فريد و غيرهم.
وقد رفضوا هؤلاء الانضمام للإخوان المسلمين عام 1978 بعدما سمح لهم الرئيس السادات بالحركة، وسموا أنفسهم (المدرسة السلفية) أسوة بالمدارس العلمية التي كانت قائمة في عصور الازدهار في التاريخ الإسلامي، واحتدم التنافس بين "المدرسة السلفية" و الإخوان على ضم الشباب و السيطرة على المساجد.
وعندما أصدرت المدرسة السلفية نهاية عام 1979م سلسلة كتب دورية باسم "السلفيون يتحدثون" تندر عليهم بعض الإخوان بقولهم (السلفيون يتحدثون والإخوان يجاهدون)، حيث كان الجهاد الأفغاني قد اندلع ضد السوفيت وكان الشائع حينئذ أن المجاهدين الأفغان هم من الإخوان المسلمين.
و ظلت السلفية العلمية تطلق على نفسها اسم "المدرسة السلفية" لعدة سنوات، لكنها سعيا لتطوير حركتها وإعطاءها مزيدا من الحركية؛ زاد اهتمامهم بالعمل الجماهيري و أطلقوا على منظمتهم اسم "الدعوة السلفية" و بذلك أصبح اسم"المدرسة السلفية" مجرد تاريخ.
و"الدعوة السلفية" منتشرة في كل أنحاء مصر ولها أتباع كثيرون يقدرون بمئات الآلاف يطلق عليهم اختصارا اسم "السلفيين"، لكنهم ليسوا تنظيما هرميا متماسكا مثل الإخوان المسلمين؛ بل يغلب عليهم التفرق لمجموعات يتبع كل منها شيخ من المشايخ، لكن مشايخها متعاونون بدرجة كبيرة جدا، ومن مشايخها المشهورين محمد حسان، وحاليا لها تنظيم مشهور بصورة أكبر وعقدت مؤتمرات مؤخرا لنفي ما يلصق بها من اتهامات عن قطع أذن مسيحي أو تشوية وجه فتيات أو معاملة غير المسلمين بسوء.
الثانية): السلفية الحركية)
في ذات الوقت الذي نشأت فيه الدعوة السلفية في الأسكندرية، كان هناك في حي شبرا في القاهرة مجموعة من الشباب شكلت تيارا آخر، أطلق عليه فيما بعد: السلفية الحركية، وكان أبرزهم الشيخ فوزي السعيد، ومن أهم رموزهم: الدكتور محمد عبد المقصود، والدكتور سيد العربي، والشيخ نشأت إبراهيم.
ومنهج السلفية الحركية يكاد يتطابق مع منهج الدعوة السلفية (مدرسة الأسكندرية)، والسلفيين الحركيين يكفرون الحاكم إذا لم يحكم بما أنزل الله، ويجهرون بذلك في خطابهم الدعوي، وينتقدون انتشار المحرمات في المجتمعات الإسلامية الحالية من تبرج وسفور ومعاص ويعتبرونها من الجاهلية، لكن لا يكفر بها، ويرون أن أي انحراف عن الشريعة بزيادة أو نقصان فهو أمر الكفر، وما خالف الإسلام فهو جاهلية بدون تكفير.
كما يعتقدون بحرمة المشاركة في المجالس النيابية؛ لأنها تتحاكم إلى غير شرع الله، وتجعل الدستور الذي وضعته حاكما لشريعة الله عز وجل وهذا كفر.
ويتفق السلفيون الحركيون مع سلفية الأسكندرية ومع جماعة أنصار السنة في مشروعية العمل الجماعي بضوابط وشروط، منها: عدم التحزب أو التعصب لفكرة بعينها -غير كلام الله ورسوله- فالسلفية الحركية ترفض تكوين جماعة خاصة بهم؛ كي لا تزيد افتراق الأمة، لكن تشجع أتباعها على التعاون مع جميع الجماعات العاملة على الساحة فيما اتفقوا عليه، وتعتزلهم فيما تفرقوا فيه وفرقوا الأمة بسببه؛ ولذلك فلا يرفض هؤلاء السلفيون العمل مع أي جماعة أو تنظيم أراد أن يقيم دولة الإسلام، أو أن يعيد دولة الخلافة، ومن هنا تأتي تسمية هذا التيار بالحركي.
وقد أشاد رموز السلفية الحركية بهجوم القاعدة علي الولايات المتحدة الأمريكية، وأفتوا بأن جهادها كجهاد إسرائيل، وبعدها تعرض هذا التيار لحصار أمني شديد، وتم اعتقال الشيخين نشأت إبراهيم وفوزي السعيد، وقدما مع مجموعة من الشباب السلفيين بتهمة تشكيل تنظيم أطلق عليه (الوعد)، لكن هناك من يرى أن دور الشيخين لم يتعد الإفتاء لعدد من هؤلاء الشباب بجواز جمع التبرعات وتهريبها للفلسطينيين، كما أفتوا بجواز الانتقال للأراضي المحتلة للمشاركة في المقاومة المسلحة هناك.
الثالثة): السلفية الجهادية)
السلفية الجهادية هو مصطلح يطلق على بعض جماعات الإسلام السياسي والتي تتبنى العنف منهجا للتغيير، وتقول أنها تتبع منهج سلف المسلمين وأن الجهاد أحد أركانه، وأنه يجب عليهم محاربة الحكومات والحكام الذين لا يحكمون بالشريعة الإسلامية ولا يطبقون مبدأ الحاكمية لله، وأيضا الذين يتحالفون مع الدول غير المسلمة والتي تحارب المسلمين وتحتل أراضيهم
وهم يعتبرون المفكر سيد قطب من منظري فكر السلفية الجهادية لما قدمه من صياغة في حقبة الستينات وطرحه لفكرتي الجاهلية والحاكمية، ومن أبرز قادة هذا الفكر الطبيب المصري أيمن الظواهري والملياردير السعودي أسامة بن لادن، ومن أبرز منظري هذا الفكر أبو محمد المقدسي، و أبو قتادة الفلسطيني.
وقد بدأت هذه السلفية الجهادية بقتال حكوماتها في العالم العربي ثم انتقلت لمحاربة الغرب بعدما فشلت في معركتها الداخلية.
ومن أبرز هذه الحركات تنظيم القاعدة بفروعه حول العالم، وتنظيم الجهاد الإسلامي في مصر والجماعة الإسلامية في مصر (قبل أن يقوما بمراجعات فكرية تتراجع عن استخدام العنف ضد الدولة والحكام )، الجماعة المسلحة والجماعة السلفية للدعوة والقتال في الجزائر التي انضمت إلى تنظيم القاعدة وأصبحت جزءًا من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، والجماعة الليبية المقاتلة والتي قامت بمراجعات فكرية تتراجع فيها عن استخدام العنف وجماعة جند الله السنية في إيران، والجماعة المغربية المقاتلة ودولة العراق الإسلامية - تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين- جماعة شباب المجاهدين الصومالية. جماعة جند أنصار الله (جلجلت) في رفح بغزة..
وفيما يتعلق بـ(التنظيم) ينقسم السلفيون في مصر إلى عدة تنظيمات وتقسيمات أبرزها:
1- «جماعة أنصار السنة المحمدية» التي ظهرت في القاهرة على يد الشيخ محمد حامد الفقي، أحد علماء الأزهر، وكان يدعو إلى التوحيد الخالص والدفاع عن السنة، والدعوة إلى صحيح السنة بفهم السلف الصالح، وإرشاد الناس إلى نصوص الكتاب، والدعوة إلى مجانبة البدع والخرافات ومحدثات الأمور، كما تدعو إلى أن الإسلام دين ودولة، وعبادة وحكم.
2- تيار السلفية «الوهابية» أو (المخرجية) التي نشأت في المملكة العربية السعودية قبل نحو 25 عاما، ودخلت مصر مع عودة المصريين العاملين في الخليج بعد حرب الخليج الثانية عام 1991.
3- تيار «الدعوة السلفية» التي أنشأها مجموعة من قادة الحركة الطلابية الإسلامية في الجامعات المصرية في منتصف السبعينات من القرن الماضي، وكان مركزها في جامعة الأسكندرية ورفض قادتها الانضمام للإخوان المسلمين، وأطلقوا على أنفسهم اسم «المدرسة السلفية» ثم «الدعوة السلفية» بعدما زاد أنصارهم وانتشروا في كل محافظات مصر
4- بسبب انتشار الفضائيات الدينية.. ظهر تيار سلفي كبير شبه مستقل انتشر بعد ثورة 25 يناير هو (السلفيون المستقلون) الذين لا يجمعهم تنظيم معين ولا يسعون لذلك، ويجمعهم فقط حبهم لشيخ معين يتتلمذون على يديه، ويتفاوت عدد الأتباع أو التلاميذ من شيخ إلى آخر حسب نجاح الشيخ وشهرته في مجال الدعوة. ومن أبرز قادة هذا التيار الشيخ محمد حسان، والشيخ محمد حسين يعقوب، والشيخ أبو إسحاق الحويني وأسامة عبد العظيم أستاذ أصول الفقه بجامعة الأزهر، والشيخ مصطفى العدوي.
ويؤمن أتباع هذا التيار بالتغيير القاعدي؛ عملا بالآية الكريمة: «إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفسهِمْ»، كما يدعون، مثل بقية التيارات السلفية، إلى تنقية الدين من البدع وطور أصحاب هذا التيار من وسائل دعايتهم من الخطابة وإلقاء الدروس في المساجد إلى القنوات الفضائية وشبكة الإنترنت؛ الأمر الذي ساعد على انتشارهم وزيادة أتباعهم.
وساهم في ظهور هذا التيار على المسرح السياسي بقوة أراء الشيخ محمد حسان المتعلقة بالثورة وتطورها مع تطور ثورة 25 يناير، ثم اشتراكه في بعض القضايا المتعلقة بها مثل كنيسة أطفيح.
كما لعبوا دورا مهما في حشد أتباعهم للتصويت بالموافقة على التعديلات الدستورية التي جرى الاستفتاء عليها في مصر مؤخرا، وهو الاستفتاء الذي تسبب في أزمة أخرى، عندما وصف الشيخ محمد حسين يعقوب في إحدى خطبه ما حدث بأنه انتصار في (غزوة الصناديق). وبعض قادة هذا التيار لا يمانع من المشاركة في التصويت في الانتخابات النيابية وغيرها من أنواع الانتخابات، لدعم محاولات الإصلاح وهم في ذلك يتفقون مع منهج الإخوان المسلمين.
وهم يؤيدون المقاومة الفلسطينية.. فقد رد الداعية الشهير الشيخ محمد حسان علي الشيخ محمد حسين يعقوب بشأن موقفه من حرب غزة ردا اتسم بالحدة الشديدة، إذ مدح الشيخ محمد حسان صواريخ حماس في برنامجه «جبريل يسأل والنبي يجيب» علي قناة الرحمة وأنكر علي من يقلل من جهدهم ويسخر من صواريخهم. وحث حسان علي الجهاد والاستشهاد ومساندة الفلسطينيين فقال: «إننا نشتاق إلي الجنة بل إن من في قلبه مثقال ذرة من صدق يرجو الآن الشهادة في سبيل الله تعالي..»
الفارق بين السلفية والوهابية
مصطلح الوهابية يعود إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب في شبه الجزيرة العربية، وهي حركة تختلف عن الحركة السلفية المصرية، ولكن بعض الوهابيون يشجعون الخلط بين السلفية والوهابية عن عمد لأن كلمة (الوهابية) تقف عند محمد بن عبد الوهاب فاستبدلوه بـ(السلفية) ليوحوا للناس بصلتهم الممتدة بالسلف الصالح وأنهم أمناء على العقيدة السلفية.
الفارق بين السلفية والإخوان
الإخوان يصفون أنفسهم بأنهم جمعية دعوية وحركة سياسية معا، ولهذا يعتبرون العمل السياسي جزء من العمل الدعوي، لكن السلفيون يرون أن العمل بالسياسة مخالف للعمل الدعوي ولا يفضلون العمل السياسي، كما أنهم يعتبرون الأحزاب بدعة ولا يؤمنون سوى بضرورة أن تٌحكم الدولة الإسلامية بالشريعة.
وهناك اختلافات بين الإخوان وبعض تيارات السلفية حيث يختلف موقف السلفييين من الإخوان من تيار لأخر، فالشيخ محمد حسان وعدد من العلماء يرون أن الإخوان هم القادة السياسيين للحركة الإسلامية كلها، لما لهم من باع طويل في هذا المجال ويشيد بجهودهم، بل بعضهم يرى أن الإخوان لهم السبق في الثورة فى الوقت الذي خشي السلفيون المشاركة فيها بدعوى عدم جواز الخروج على ولي الأمر.
بينما هناك تيارات سلفية أخرى تنتقد الإخوان، ومنها التيار الذي يمثله الداعية عبد المنعم الشحات أحد رموز الدعوة السلفية في الأسكندرية، الذي عن ذلك الموقف برفضه التصويت لصالح الجماعة التي تخوض الانتخابات على ثلث مقاعد مجلس الشعب. وبرر ذلك بأن الديمقراطية ليست هي الشورى الإسلامية، مستعينا برأي الرمز الإخواني الدكتور وجدي غنيم بشأن الفرق الجوهري بين الشورى والديمقراطية.
كما أقام رفضه تصويت السلفيين لصالح مرشحي الجماعة على التنازلات التي قدمتها بترشيح امرأة على قوائمها وقبولها ولاية غير المسلم. الشحات قال إن السلفيين سيقاطعون الانتخابات وليسوا مستعدين لتقديم قرابين منهجية أو تنازلات شرعية، إلا أن مواقع ومنتديات محسوبة على جماعة الإخوان ردت باعتبار المقاطعة مخالفة لفريضة عظيمة.
وانتقد الشحات ما وصفه بـ"التنازلات" التي يقدمها الإسلاميون في سبيل المشاركة الانتخابية، خاصة ما يتعلق بـولاية غير المسلم وولاية المرأة "التي حدثت فيهما تنازلات أدت إلى ترشيح الإسلاميين للنساء" تحت ذريعة أن المجالس النيابية ليست ولاية، رغم أن المجالس النيابية لها دور رقابي على الحكومة.
كما انتقد نزول الإسلاميين بسقف طموحاتهم إلى أن يكونوا جبهة معارضة فقط، "ولا يخوضون الانتخابات إلا على 30% فقط من المقاعد لا ينجحون كلهم بطبيعة الحال". وقال الشيخ الشحات إن السلفيين لن يؤيدوا مرشحي الإخوان المسلمين في الانتخابات التشريعية المقبلة، في الوقت الذي كانوا يؤيدون هؤلاء المرشحين في الانتخابات النقابية، مقللا من أهمية وجود تيار داخل الحركة السلفية المصرية يتبنى المشاركة الانتخابية بكافة أشكالها ويرفض المقاطعة.
السلفيون والصوفيون
الحرب بين الصوفية والسلفيين لا تنتهي أبدا وهي متجددة دائما على الصعيد الفكري والفقهي، وحالة الخصومة بين الطرفين تصل إلى حد قيام بعض الصوفية والسلفيين بتكفير كل طرف للآخر.
وكثيراً ما تحدث اشتباكات بين الطرفين عندما يتناول الصوفيون مفتي السلفيين وفقيههم "ابن تيمية" ويتهمونه بالكفر، كما يتهمون معتنقي أفكاره ومنهجه من الوهابيين أتباع محمد بن عبد الوهاب -مؤسس الحركة الوهابية في الجزيرة العربية- بالكفر والتنطع.
والخلاف لا يقف عند مسألة تكفير ابن تيمية، لكن هناك خلافاً محتدماً بين الطرفين في قضايا مثل إثبات صفات الله وأمور تتعلق بالعقيدة.
ومن الاتهامات التي يوجهها السلفيون للصوفية أنهم يستخدمون "التقية" والكذب وأن الصوفية خرجت من التشيع، وأن فكرهم يعتمد على التهييج والكذب على الخصوم وعدم الرغبة في الحوار و المصارعة بالألفاظ بعيداً عن الحجة بالدليل والبرهان كالكتاب والسنة.
والصراع بين السلفيين والصوفية لا يقف عند القضايا الفقهية العقائدية، فكل طرف يسعى لاستقطاب أكبر عدد من الأتباع، ويرى أن لديه القوة لابتلاع الآخر وإلغائه وإنهاء وجوده إلى الأبد من خلال تكثيف الدعوة ومحاولة اجتذاب أتباع جدد.
ويؤكد السلفيون أن أفكارهم ومنهجهم الدعوي قائم على صحيح الدعوة الإسلامية، ويركزون على إطلاق اللحى وتقصير الثوب للرجال ولبس النقاب للسيدات، وهو الأمر الذي يراه الصوفيون تركيز على الشكل والمظهر دون الجوهر، وأن السلفية هي شكل بلا روح وأنهم جماعات متشددة ومتجهمة تحتفل وتحتفي بالطقوس على حساب الحقيقة الدينية، وتتعامل مع الإسلام بشكل لا يقوم على الحب بقدر ما يقوم على المنفعة ، كما يتهم الصوفية السلفيين بأنهم مصابون بمرض التعالي على المجتمع الذي يعيشون فيه ولديهم شعور زائف بالاصطفاء.
أما السلفيون فيتهمون الصوفية بممارسة الشرك الخفي وأنهم يتبركون بالأضرحة ويلجأون للأولياء الصالحين لقضاء حاجاتهم، ويصل بهم الأمر إلى تقديم الولي على النبي والإيمان بالحقيقة على حساب الشريعة، وعدم الالتزام بالفرائض المعلومة من الدين بالضرورة، كما يوجه السلفيون نقداً حداً للسلوكيات التي تحدث في موالد الأولياء الصالحين التي يرتادونها ويحتفي بها الصوفيون، ويؤكد السلفيون أن الموالد يحدث بها اختلاط بين النساء والرجال، مما يترتب على ذلك شيوع أعمال الفسق والفجور في زحام الموالد، كما أن هذه الموالد تشهد إقامة المراقص والملاهي التي تعتبر خروجاً فاضحاً على أخلاق وتقاليد الدين، بالإضافة إلى الغناء والموسيقى المحرمة والماجنة، ولا يقف السلفيون عند هذه الاتهامات؛ بل إنهم يتهمون الصوفية بالاحتفاء بحلقات الذكر على حساب الصلاة.
وقد شهدت حقبة التسعينيات من القرن الماضي أشد المواجهات بين الصوفية والسلفية ووصل الأمر إلى أن الصوفية حرموا التعامل مع السلفية أو مصاهرتهم، بل إن بعض الصوفيون تبرأوا من أبنائهم الذين اعتنقوا الفكر السلفي، ورغم وصول العلاقة بين الطرفين إلى درجة الغليان، فإنه لم تحدث مواجهات فعلية بينهما واكتفى كل طرف بالمواجهة عبر العمل الدعوي.
ومؤخرا اتهم صوفيون، سلفيين بأنهم وراء هدم أضرحة في مساجد بها أولياء الله الصالحين، بيد أن بعض الجماعات السلفية ومنها (الدعوة السلفية) نفت هذا وقالت أن هذه الاضرحة مخالفة للشرع ولكن دورها يقتصر على الدعوة لا الهدم.
اتجاهات السلفيين المستقبلية بعد ثورة 25 يناير
الاتجاه الأول: هو بقاء قسم كبير في مجال الدعوة ولا يمارس السياسة بشكل مباشر ويكتفي بصنع وتأييد بعض السياسات التي تخدم رؤيته لقيام الدولة الإسلامية.
الاتجاه الثاني: انضمام جزء من السلفيين لأي حزب من الأحزاب ذات التوجه الإسلامي والتي أُعلن عنها للعمل السياسي تحت رايته، وفق برنامج عمل متفق عليه مسبقا وذلك بصورة منفردة كأشخاص وليس كتنظيم.
الاتجاه الثالث: وهو مطروح حاليا بقوة داخل المجتمع السلفي، ويقول بالقيام بتأسيس حزب يمثل السلفيين وإن كانت كافة الشواهد والتعليقات تقول بأن ذلك سيأخذ بعض الوقت لإعادة ترتيب البيت السلفي من الداخل، وإعادة النظر في الاجتهادات السابقة والتي تحرم المشاركة السياسية وتأسيس فقه جديد يتماشى مع الانفتاح الموجود حاليا على الساحة.
الاتجاه الرابع: الاتجاه للعنف وهو الاتجاه الأقل عددا، والعنف المقصود لا يقتصر على العنف المادي فقط بل يمتد للمغالاة من قبل البعض في التشدد الفكري والاعتماد على بعض التراث الفقهي والفكري المُبرر لعنفهم المادي، ونلحظ آثار ذلك العنف المادي في الأحداث الأخيرة والتي قُطع في أحدها أذن مسيحي أو بعض المحاولات لتغيير المنكر باليد وبسط الأمن بالقوة في بعض محافظات الصعيد, وكذلك هدم الأضرحة في الأسكندرية وقليوب.