hmsain.ahlamontada.com

نشكرك على التسجيل فى هدا المنتدى زرنا باستمرار و شاركنا رايك فاليد الواحدة لا تصفق ورايك يهمنا كما ان حضورك الدائم يحفزنا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

hmsain.ahlamontada.com

نشكرك على التسجيل فى هدا المنتدى زرنا باستمرار و شاركنا رايك فاليد الواحدة لا تصفق ورايك يهمنا كما ان حضورك الدائم يحفزنا

hmsain.ahlamontada.com

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
hmsain.ahlamontada.com

منتدى يهتم بنشاطات حركة مجتمع السلم بلدية عين بوزيان


    السلفية العلمية في الجزائر

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 2093
    تاريخ التسجيل : 01/03/2010
    الموقع : hmsain.ahlamontada.com

    السلفية العلمية في الجزائر Empty السلفية العلمية في الجزائر

    مُساهمة  Admin الأربعاء 10 أغسطس 2011 - 17:19

    تطور نوعي في مجتمع الصحوة أم شذوذ ديني! (1)

    تحقيق/ سميرة محمودي
    في سنوات الأزمة التي خنقت الجزائر وضربتها في الصميم برزت العديد من الظواهر الاجتماعية والثقافية والسياسية والدينية المثيرة للدهشة ولكنها نتيجة منطقية لتفكك بنيان البيت الجزائري..فعلى الصعيد الاجتماعي، انتشرت أمراض اجتماعية لم تكن معروفة من قبل بسبب الفقر والفراغ وغياب الدعاة، مثل المخدرات بين الشباب والشابات والبغاء العلني، ومرتادي القمامات..

    وعلى الصعيد السياسي كثر المرتزقة وطلاب المناصب، والباحثون عن الرزق عن طريق العمل السياسي.. ولم تسلم حتى الظاهرة الإسلامية، التي طالتها رياح التغيير، وخصوصا بعد تصاعد موجة العنف.. فقد انتشرت في الجزائر وخصوصا في أقصى الشمال وهي المناطق التي عانت أكثر من غيرها من ظواهر العنف وخصوصا العاصمة وضواحيها ظاهرة "السلفية العلمية"، وقد وجدت هذه الظاهرة هوى لدى صناع القرار السياسي واعتبروها خير معين لهم لاكتساب شرعية يفتقدونها عبر الصندوق، ولإضفاء مصداقية دينية عليهم.. فكانت السلفية العلمية خير مجادل، ومدافع عن "أولي الأمر".

    فهل هذه الظاهرة، ظاهرة صحية تدل على تطور نوعي في مجتمع الصحوة الإسلامية في الجزائر؟ أم أنها ظاهرة تعكس ملامح الشذوذ الذي تسببت فيه الأزمة التي تعصف بالجزائر منذ أكثر من عشر سنوات ومس هذا الشذوذ الصحوة الدينية أيضا؟

    لمحة تاريخية عن نشأة المدرسة السلفية

    يلاحظ من خلال استقراء تاريخ الأفكار الدينية والاتجاهات الثقافية أن السلفية ليست وليدة الأحداث الراهنة، ولا الفهم المعاصر للإسلام وإنما تمتد، حسب ما يرى بعض الباحثين، إلى شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم الجوزية والتي كانت ترتكز على مبادئ أساسية أهمها الرجوع إلى الكتاب والسنة في كل شأن من شؤون الحياة واتباع سبيل السلف الصالح ونبذ الفلاسفة والمتكلمين ورجال التصوف لكونهم يتعارضون وروح الدعوة الإسلامية. بينما يرى الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه تاريخ المذاهب الإسلامية في السياسة والعقائد أن نسبة السلفية ترجع إلى الإمام أحمد بن حنبل بظهور جماعة في القرن الرابع الهجري وكانوا من الحنابلة ويقولون بنسبة آرائهم إلى الإمام أحمد الذي أحيا عقيدة السلف وناهض ما دونها، ثم تجدد ظهورهم في القرن التاسع الهجري حيث أحياه شيخ الإسلام ابن تيمية، ثم ظهرت تلك الآراء في شبه الجزيرة العربية في القرن الثاني عشر الهجري بإنشاء المدرسة الإصلاحية السلفية التي انتشرت في العالم الإسلامي على يد محمد بن عبد الوهاب ومن تبعه من أمثال محمد بن علي الشوكاني. ورغم أن السلفيين المعاصرين لا يعترفون بمكانة "جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا" ومع ذلك فإن تصنيفهم في مطلع القرن كان ضمن دائرة السلفيين لأنهم هم أيضا يدعون إلى الرجوع إلى منهج الإسلام الأصيل وتحكيم الكتاب والسنة..

    وانضم الشيخ عبد الحميد بن باديس إلى القافلة كأول مصلح سلفي بإرسائه دعائم المدرسة الإصلاحية السلفية في الجزائر، وهو الذي تكفل بنشر معالمها وإيضاح مقاصدها للجزائريين طيلة سبع وعشرين عاما بمعية الشيخ البشير الإبراهيمي والطيب العقبي والعربي التبسي وبقية أعضاء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الذين عادوا إلى الجزائر بعد إنهاء دراساتهم في المشرق العربي، وهذا ما دفع "ماسينيون" المستشرق الفرنسي الشهير الذي كان تابعا لوزارة الخارجية الفرنسية إلى ترقب الحركة السلفية بقيادة الإمام الشيخ عبد الحميد بن باديس، ليحذر الفرنسيين مما أسماه بحركة السلفيين المتشددين، وما هي في حقيقتها كما يقول الشيخ محمد إسماعيل إلا انتفاضة إسلامية تبغي التخلص من نير الاستعمار الغربي، فلا شك أن كان لهذه الحركة بُعدا جديدا للسلفية وهو المحافظة على أصالة الأمة الإسلامية لأن المؤامرة كانت في الجزائر موجهة نحو الانتماء الإسلامي للجزائر ولغتها العربية، فتصدت هذه الحركة السلفية وحافظت على هذه الهوية حتى لا تتميع أو تهتز تحت ضربات الغزو الأجنبي..

    السلفية العلمية في الجزائر

    أما الحديث عن الاتجاه السلفي في الجزائر بمعناه المعاصر فهو يختلف كلية عن توجهات المدرسة السلفية الإصلاحية بقيادة الإمام عبد الحميد بن باديس حتى ولو اشتركوا في المسميات ولكنهم يختلفون جذريا في منهج التغيير الاجتماعي والسياسي والثقافي. ولذلك يذهب معظم المتابعين لنشوء وتطور ظاهرة الصحوة الإسلامية المعاصرة إلى أن "الاتجاه السلفي" في الجزائر بشكله الحالي، اتجاه وافد بدأ يظهر في مطلع الثمانينات وقد انتشر عن طريق الشباب الذي اتخذ من الحجاز قبلة لطلب العلم الشرعي وخصوصا هؤلاء الذين درسوا في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة التي كانت معقلا "للتيار السلفي". وقد تزامن هذا أيضا مع تطور اتجاه جديد داخل الحركات الإسلامية في المشرق يطرح نفسه بديلا "أكثر إسلامية"، ومواز للحركات الإسلامية التقليدية مثل الإخوان المسلمون وحزب التحرير وجماعة التبليغ وذلك على يد نخبة من القيادات الفكرية وعلى رأسها الشيخ محمد ناصر الدين الألباني عليه رحمة الله ومشائخ هيئة كبار العلماء السعوديين.

    وقد لعبت كتيبات الجيب التي توزع مجانا ولا تباع دورا حاسما في إفراز ظاهرة السلفيين الجدد الذي يستمدون قراءاتهم بالأساس من رصيد هذه الكتيبات التي هي أقرب إلى المانفستوات منها إلى وسائل تثقيف فضلا عن بناء منهجي لعقل القارئ، وساهمت رحلات "طلاب العلم" الجدد إلى مراكز الدعوة السلفية، وخاصة الوافدين إلى السعودية، في تكوين النخب القيادية التي تأثرت بمختلف مناحي الحياة هناك، فعادوا محمّلين متحمّسين لتطبيق "الفكر السلفي" منهجا وحياة.. ومع نهاية عقد الثمانينات وبداية التعددية السياسية برزت الجبهة الإسلامية للإنقاذ كحزب سياسي يظم لأول مرة سياسيين يعتبرون أنفسهم نتاج المدرسة "السلفية المعاصرة" أمثال كمال قمازي وعلي بن حاج والهاشمي سحنوني وعبد القادر مغني وسليم سراي، وهذا الأمر أدى إلى إخراج التيار السلفي من قوقعته وإعطائه دفعا كبيرا وذلك بتحويله إلى العمل السياسي مما ضيق الفروق بينه وبين التيارات الأخرى.

    بيد أن الأزمة السياسية التي عصفت بالبلاد مطلع التسعينات أفرزت نوعا جديدا من "التيار السلفي غير الحركي" والذي يصطلح عليه في الجزائر بمصطلح "السلفية العلمية" التي انتعشت في ظروف الأزمة السياسية رغم أنهم في البداية لم يجدوا الجو المناسب لنشر أفكارهم الغريبة إلا أنهم ومع تنوع أشكال التضييق على الإسلاميين الحركيين بما فيهم السلفيين الحركيين وإهمال كثير منهم مواقعهم الدعوية وتركيزهم على الهم السياسي برز الاتجاه السلفي العلمي محاولا تشكيل بديل للتيار الإسلامي الحركي.

    ويعتبر عبد المالك رمضاني أحد أقطاب السلفية العلمية في السنوات الأخيرة، ومؤسس جماعة "لاكولون" التي من بين أهدافها الرئيسية الاهتمام بالعلم الشرعي الذي لا يؤخذ حسب رأيهم إلا من أفواه "العلماء"، وترك السياسة للساسة، وعدم الانشغال بها عن طلب العلم.

    وقد استقر عبد المالك رمضاني في السعودية إماما خطيبا في أحد مساجدها بعد تلقيه تهديدات بالقتل من طرف جماعات اتهمته هو وكل من يحمل أفكاره بتضليل علماء الحجاز من خلال إعطائهم صورا مزيفة عن الوضع الجزائري والسلطة، مما جعلهم يفتون بعدم جواز مناهضتها وإعلان الجهاد عليها، وهذه الجماعات التي اتخذت من الجبال مستقرا لها وملاذا، يرى السلفيون العلميون أنها مجرد مجموعات من المرتزقة الخوارج الذين يتخذون من الدين وسيلة لسفك دماء الأبرياء واستباحة الأعراض والممتلكات.

    والاتجاه السلفي عموما ليس كيانا واحدا متناسقا بل هناك فروق أصبحت مع مرور الوقت فروقا جوهرية يصعب فهمها على ضوء المنتسبين إليه، و هو ليس مذهبا ولا هو جماعة بل هو كما يقول السلفيون ..العودة إلى العصور الأولى من الإسلام والعيش على نهج أهل السلف أو الأثر، والسلفية تعني اتباع الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة.

    والواقع العملي للسلفية يقسمها إلى ثلاث اتجاهات؛ أولها السلفية "العلمية" وهي التي تفصل بين المجال الشرعي والمجال السياسي، ويقول رموزها أن التغيير يتم عبر نشر "العلوم السلفية" وهي العلوم التي اهتم بها مشائخ السلفية في كل طبقات المجتمع، مثل علم الحديث والرجال وتصحيح الروايات، والبحث عن مصدر الحكم الشرعي، وتعليم الناس طرق الاستدلال السلفي – الحنبلي تحديدا، ويرون أن الأحزاب والهيئات السياسية المعاصرة بدع لأنها تشبه بالكفار ومن ثم فهي غير جائزة ولا يجوز منازعة أولياء الأمر في أمرهم.. وثانيها السلفية "الحركية"، وهي التي تأثرت بالتيارات الإسلامية الحركية ورأت أنه يجوز تأسيس الأحزاب والجمعيات والمنظمات لتوصيل الأفكار الإسلامية ونشرها، وهذا من المصالح المرسلة التي تقدر بالمصلحة المعتبرة شرعا، وآخرها السلفية "الجهادية" التي تدعو جهرة إلى جهاد السلطة لإقامة الدولة المسلمة ومحاربة مبدلي الشرائع والمرتدين، ومن قتل من المسلمين يبعث على نيته.

    إلا أن مختلف رموز السلفية العلمية وعامتها يؤكدون على أن هذا التقسيم لا أساس له وأن التحزب مرفوض والجهاد غير جائز، لينحصر الدين كله في إقامة البرهان على وجوب كسر أوثان الأفغان.. وإقامة الحجة والبيان في تكفير الشيخ علاّن، بينما بقيت القضايا الحاسمة في الأمة الإسلامية بعيدة عن المتناول السلفي، وخارجة عن إطار اهتمامهم.

    لباس إسلامي أم لباس مشرقي!

    عند علماء الاجتماع ليس اللباس فقط أداة لستر الجسم ولكنه حمولة ثقافية كاملة وهوية لشخصية معينة، يتحقق فيها مضمون قوله تعالى "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا"، وهذا ما جعل الخبرة الإنسانية تبدع أشكالا من اللباس لا تعد ولا تحصى بحسب تنوع البيئات وتنوع المناخات ودرجة التطور الحضاري لمجتمع من المجتمعات..

    وفي بلاد شاسعة ومتنوعة مثل الجزائر نجد أنواعا مختلفة للباس بحسب المناطق تعكس الثراء والتنوع واكتناز الذات الوطنية، رغم أن اللباس الغربي أصبح طاغيا، وربما بسبب إهمال اللباس الجزائري التقليدي الجميل من طرف السلطات العمومية بخلاف ما هو عليه الأمر في تونس وليبيا والمغرب والسودان وماليزيا ودول الخليج وغيرها التي تهتم بشكل ملفت للانتباه باللباس التقليدي لأنه يعكس تنوع الشخصية والهوية الذاتية للمجتمع..

    بيد أن "الظاهرة السلفية" كغيرها من الظواهر الوافدة جلبت معها أنماطا من اللباس لم تكن معروفة في الجزائر وبحسب انتماء الشخص يتنوع لباسه، فإذا كان ينتمي إلى السلفية الجهادية فلباسه يشبه اللباس الأفغاني، لأنه المكافئ المعنوي للجهاد الأفغاني الملهم لمعظم رموز هذا الاتجاه في الجزائر، لأن معظمهم قد مروا بـ"المدرسة الجهادية الأفغانية".. وإذا كان ينتمي إلى السلفية العلمية فلباسه يشبه اللباس السعودي، للحمولة الثقافية القادمة من دعاة السلفية السعوديين، مثل عبد الهادي المدخلي ومشائخ هيئة كبار العلماء أمثال ابن باز وعثيمين رحمهما الله وغيرهم كثير.. فاللباس تماهٍ لا شعوري في الأطروحة الثقافية الوافدة مع الرافد المشرقي أو الأفغاني، وهو انعكاس ظاهري لتلك الحمولة.. وكأن السلفي لا يكتمل انتماؤه إلا عندما يخلع شخصيته وهويته الثقافية ويتدثر باللباس المشرقي حتى يحدث الانسجام والتكامل بين الوعي الوافد واللباس الوافد..

    وعلى اعتبار أن أتباع الفكر السلفي يحصرونه في القضايا الجزئية، فنجدهم يصفون لباسهم بلباس السنة وأهل الأثر ويستدلون على ذلك بأحاديث كلها تنصب في محاولة إقناع الآخرين بأن شكل اللباس الذي يلبسونه هو الزي الإسلامي المطلوب، وكل الألبسة دونه ابتداع مرفوض، وتقليد للكفار والغرب الضال، لتغيب ملامح الشخصية الجزائرية عند هؤلاء باستلابهم للباس المشرقي عموما والسعودي خصوصا معتقدين أنه لباس السنة.

    ولو دققنا في مواصفات اللباس الجزائري التقليدي، فإننا نجده يحقق ما يعتبره السلفيون سنة، فالسروال الجزائري الجميل الذي يأخذ مسميات عديدة على حسب المنطقة "سروال بوتكة، بودليوة، بوقفة والحوكي" هو فضفاض لا يصف العورة، وقصير بحيث يعلو الكعبين بشبر أو يزيد على ذلك بقليل، وكذلك القميص الذي يسمى عندنا في الجزائر "القندورة" غير مسبل، ومع ذلك لا نجد أي واحد من هؤلاء يلبس هذا اللباس لأن "الموضة الدينية" لا تعتبره "سنة"، وهو خارج نطاق الوعي بالنسبة لهذا القطاع الشبابي المغرم بالتقليد والهروب من الذات ومن الواقع..

    ولعله تجدر الإشارة هنا إلى أحد الفروق المنهجية بين مشايخ جمعية العلماء المسلمين السلفيين المصلحين الذين هم أول المتأثرين بالسلفية أو "الفكر الوهابي" الإصلاحي كمنهج للتغيير وأول الداعين إلى السلفية في الجزائر ومع ذلك لم يؤد هذا إلى الانسلاخ عن الشخصية الجزائرية بل إلى الحفاظ على لباسهم التقليدي الجزائري والتنقل به في أسفارهم لأنه غير مخالف للشرع رغم أن السلفيين الجدد يدعون خلاف ذلك.

    ولذلك تجد السلفيين الجدد يقف أمامك الواحد منهم وكأنه هيئة مستنسخة من فضاء ثقافي آخر في مكان وزمان مختلف، وأكثرهم يقلدون علماء الحجاز حتى في وضع ما يسمى "الشماغ" ناهيك عن القميص والسروال وشكل اللحية.. وهنا يقف علماء الاجتماع وقفة تأمل عند الظاهرة كسلوك اجتماعي نتيجة الخلل في فهم الذات، ونوع من فقدان الذاكرة، وانمحاء الشخصية أمام غلبة الوافد، سواء أكان هذا الوافد من الغرب أو من الشرق، وسواء أكان هذا الوافد سلوكا دينيا أو سلوكا انحلاليا، ولذلك أمام هذه التشعبات لا تصبح الظاهرة ذات أفق إسلامي تغييري بل يتم تصنيفها كظاهرة اجتماعية استلابية، هي أقرب إلى تقليد الموضات المستوردة وليس إلى مناهج تغيير تتكيف مع البيئة (أنظر مقال الدكتور مصطفى حموش). والملفت للانتباه أن معظم "السلفيون العلميون" يرتدون أحذية رياضية فاخرة يزيد سعرها عن الخمسة آلاف دينار لإقامة "سنة الهرولة" كما يقولون.. وهذا التشكل الموحد للباس يعكس أن الظاهرة تحولت إلى طائفة تتميز إلى جانب النسق الثقافي بنسق في اللباس مثل ما هو عليه حال الطرق الصوفية التي تتميز بشارات خاصة تميز العضو المنظم إلى الطريقة عن غيره، وهو أيضا الأمر الذي يميز جماعات الهيبي بشارات وقصات شعر خاصة بهم. فبمجرد ما ترى شكل اللباس تستطيع مباشرة أن تحدد انتماء الشخص. وميزة الطائفة أنها تريد طبع الشخص بطابعها حتى أن بعض الطوائف التي تتخذ من العنف سبيلا مثل الياكوزا اليابانية تفرض على الاتباع قطع مقدمة الأصبع الأصغر من اليد. ولباسهم في الحقيقة تشكيلة غير متناسقة من الألوان وهو على ثلاث طبقات أو أكثر مما يوحي بذوق رديء منفر.

    وحتى نكون أكثر إنصافا بإعطاء الظاهرة حقها من التحليل فقد حاولنا الاتصال ببعض السلفيين والسلفيات وإن لم نحظ بأجوبة شافية من لدن أكثرهم لاتفاقهم جميعا على مقاطعة الإعلام وعدم تمكينه من أي معلومات تخصهم لأسباب قيل لنا أنها تختص بالصحفيين أنفسهم كونهم يُقَوِّلونهم ما لم يقولوا ويفترون عليهم كذبا. وهذا ما صعب مهمتنا بعض الشيء وقد نصحتنا مجموعة منهم بالاتصال بالشيخ "عبد الغني عويسات" الساكن بالعاصمة الجزائرية والذي يمثل بالنسبة لهم مرجعا دينيا وهو إمام متطوع في مساجد العاصمة، وفعلا قمنا بالاتصال به وطرحنا أسئلتنا عليه وانتظرنا مع المنتظرين أجوبته التي وعد ولم يف بها بعد، رغم مرور الوقت المتفق عليه.

    يقول الشاب عبد الله سوالمية الذي يوحي مظهره بكونه مطبق حرفي للمنهج السلفي من لحية وسروال قصير وقميص حتى أنه يستاك بسواكه دون انقطاع "أول ما يجب الإشارة إليه أن السلفية ليست طائفة مبتورة من جسد الأمة بل إنها منهج حياة يجب الالتزام به كأمر إلزامي وليس اختياري، فالعلاقة بين الإسلام والسلفية هي علاقة الجزء بالكل وهي الفهم الصحيح للإسلام والذين يريدون حصرها في لحية طويلة وقميص ونصف ساق إنما هم مغرضون يحاولون أن يبرزوا كل الجوانب التي تثير اختلافا بين المسلمين قد يصل إلى حد الشقاق، والذين يقولون أن السلفية منهج وافد لم يفهموا الإسلام بعد، فهي الفرقة الناجية وأهل السنة والجماعة والطائفة المنصورة، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم بخصوصها "افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة والنصارى على اثنتين وسبعين فرقة وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وما تلك الواحدة قال في بعض الروايات هي الجماعة" ومن ألقاب أهل السنة الجماعة وفي رواية أخرى" قيل وما تلك الواحدة قال ما أنا عليه اليوم وأصحابي"، لهذا وجب علينا جميعا الاتصاف بأهل السنة من السلف حتى في دقائق الأمور، فلماذا يعاب علينا هذا المظهر وهو مطابق لما كان في العصور الأولى للإسلام" وقد ثبت أن أحب الثياب إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ القميص وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال"ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار" فبأي حجة يمكن أن يجادلنا الرافضون لزينا الإسلامي الصحيح".

    وطبعا ظاهر هذا الكلام صحيح ولكن الإشكال المطروح هو في شكل اللباس المرفوع عن الكعبين إلى أي مجال ثقافي ينتمي ومن أية بيئة تم تقليده، والحجاب الخاص بالنساء هل هو مواصفات شرعية معينة يجب أن تتوفر في اللباس؟ أم ألوان وتشكيلات وطرق خياطة خاصة تنتمي إلى بيئة أخرى غير جزائرية؟ فأن ينتشر اللون الأسود أو العباية السعودية بطرقها الخاصة في لف القميص أو ربط الرداء ليس لباس سنة كما يتوهم هؤلاء ولكن "موضة دينية" مستوردة من بيئة أخرى.. والدافع في تقليد هذه الموضة في هذه الحالة هو دافع ديني تتقدمه حالة من ذوبان الشخصية وفقدان الذاكرة. لأن الشرع الحنيف يحدد شروطا وليس طرق خياطة وطرق جمع للثياب تتنوع من بيئة إلى أخرى ومن فضاء ثقافي إلى فضاء ثقافي آخر… ولو ذهبنا إلى الهند فإننا سنجد تطبيقات مماثلة لشروط اللباس على "منهج سلفي" دون أن يعني ذلك تقليدا لبيئة ثقافية أخرى، بل اللمسات الهندية واضحة في ذلك اللباس. وهذا هو الإشكال الكبير الذي فشلت الظاهرة الجزائرية في الإجابة عنه، وذلك بتحديد الفرق بين ما يعتبرونه شروطا شرعية يجب أن تتوفر في اللباس والمظاهر التاريخية للمجتمعات ومختلف البيئات التي تعكس مدى احتفاظها بتنوعها الثقافي وشخصيتها التاريخية وهويتها الذاتية

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 15 نوفمبر 2024 - 9:59