الشبهة
يحاول أعداء الاسلام – من ملاحدة ومستشرقين – أن يثيروا على النظام الإسلامي اتهاما باطلة ، وشبهات مغرضة ،وحملات حاقدة ، ليشككوا بصلاحية هذا النظام ، ومقومات خلوده على مدى الزمان والأيام ، وليجدوا من المسلمين من يستجيب لآرائهم ويؤمن بمعتقداتهم وأفكارهم ، ويقع في حبائل شكوكهم واتهاماتهم.
فمن هذه الاتهامات التي يثيرونها ، والحملات المغرضة التي يشنونها: أن إباحة الإسلام لنظام تعدد الزوجات ، ومنعه من تعدد الأزواج إهدار لكرامة المرأة ، وانتقاص لحقوقها .
الرد على الشبهة
هذا الكلام المعسول الذي يروّج له أولئك المثيرون قد يستهوي بعض العقول القاصرة بادئ ذي بدء ، بل ربما يتأثر البعض – ممن ينتسب إلى الإسلام – بهذه الاتهامات المغرضة ، فيذهبون إلى ترويجها وإشاعتها ، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.
وهؤلاء المروّجون لمثل هذه الشبهات والاتهامات: إما أن يكونوا عالمين بالحقائق وحكمة التشريع ، وإما أن يكونوا جاهلين بها.
فإن كانوا عالمين ، فإنهم يبرهنون بشكل قاطع لا يقبل الريبة والشك أنهم عملاء لأعداء الإسلام، بل أداة تنفذ لإشاعة كل ما يثيرونه من أراجيف ، وما يروجونه من أكاذيب ، وما أكثر أولئك الذين يرتبطون بالأعداء ، ويوصمون بالعمالة ، وما هم في الحقيقة إلا طابور خامس لإثارة الفتن ، وتمزيق وحدة الأمه ، وربط البلاد بعجلة الدول الأجنبية ، والسير بالجيل الناشئ نحو الإلحاد الشائن ، والضلال الممقوت.
وإن كانوا جاهلين ، فإن من الواجب عليهم أن يسألوا ويفهموا ، قبل أن يحكموا ويروّجوا ، حتى تظهر لهم الحقائق ناصعة بأجلى مظاهرها ومعانيها ، وليس عاراً على الإنسان أن يبحث ويسأل ويتعلم ، ولكن العار كل العار أن يعيش في بيداء الجهل ، ويسير في متاهات الضلالة ، يتبع كل ناعق ، ويخطو وراؤ كل عميل ، ورحم الله من قال:
لاتــأخــذ العــلم إلا عــن جــهــابــذة *** بالعلــم نحيــا وبـالأرواح نفديــه
أما ذوو الجهل فارغب عن مجالسهم *** قذ ضّل من كانت العميان تهديه
وقبل أن أشرع في دفع هذه الاتهامات الباطلة التي يثيرها الأعداء على نظام تعدد الزوجات أريد أن أبيّن حقيقة هامة ، لها أكبر الارتباط بالكتّاب الإسلاميين الذين يكتبون عن الإسلام في هذا العصر ، وهي أنهم – في أكثر مايكتبون – يظهرون الإسلام بمظهر المتهم ، ويضيعونه حين يتولون الدفاع عنه في موضع الريبة والشك ، بل يصل الأمر عند البعض يؤولوا النصوص ، ويقلبوا الحقائق ، إبعاداً للإسلام عن التهمة ، وتوفيقاً بين مبادئ الإسلام وأراجيف الأعداء.
وهذا من الخطأ الفادح الذي وقع فيه كثير من الكتّاب في هذا العصر ، وفي تقديري أنهم يسيئون أكثر مما يحسنون ، ويزيدون التهمة تعميقاً وتثبيتاً أكثر مما يدافعون ، وما كان عليهم لو أنهم وقفوا في ردودهم وكتاباتهم مقف الهجوم لكل من ينال من نظام الإسلام ، أو يمس قدسية الرسول عليه الصلاة والسلام؟ فلو أنهم فعلوا مثل هذا لأفهموا خصوم الإسلام: أن مبادئ الشريعة ةنظم القرآن ، هي الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وماعداه من أنظمة وضعية وقوانين بشرية ، فيها الكثير من القصور والنقص والباطل .. ولا شك من ذلك . ولو أنهم وقفوا من أعداء الإسلام موقف الهجوم لوضعوا التشريع الإسلامي موضعه اللائق به من التشريف والتكريم ، ليعلم كل ذي عقل وفيهم أن للإسلام دوره العظيم ، ومهمته الكبرى ، في رد الناس إلى الحق ، وهداية البشرية الحائرة .. وما أجمل تعبير القرآن حين أعلن حكم الله ، وهاجم حكم الجاهلية في قوله : {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لّقَوْمٍ يُوقِنُونَ}(1) ، ألا فليأخذ كتّاب الإسلام من القرآن الكريم طريقة الرد ومنهج المناظرة في دفاعهم عن نظام الإسلام ، حتى لايقعوا في الخطأ الذي وقعوا فيه ، وعلى الله قصد السبيل.
وبعد هذه التقدمة سأشرع في بيان نظام الإسلام في تعدد الزوجات ، ثم أعّرج على ذكر الحكمة من تعدد أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأرى – إن شاء الله – بعد ذكر هذه الحقائق أن شبابنا وشاباتنا الذي تأثروا بالدعايات المغرضة ، والإشاعات الكاذبة سيؤوبون إلى الحق ، ويثوبون على الرشد ، ويؤمنون من قرارة نفوسهم: أن الإسلام دين العزة والكرامة ، وتشريع الحق والهداية ، ومبدأ العدالة والمساواة ، ومنهج حكم ، ونظام حياة . صدق الله العظيم القائل في محكم كتابه {وَأَنّ هَـَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتّبِعُوهُ وَلاَ تَتّبِعُواْ السّبُلَ فَتَفَرّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصّاكُمْ بِهِ لَعَلّكُمْ تَتّقُونَ}(2)
لمحة تاريخيّة عن التعدُّد
لم يكن الإسلام أول من شرع نظام تعدد الزوجات ، بل كان موجوداً في الأمم القديمة كلها تقريباً: عند الأثينيين ، الصينيين ، الهنود ، البابليين ، الآشوريين ، المصريين . ولم يكن له عند أكثر الأمم عدد محدود ، فقد سمحت شريعة (ليكي) الصينية بتعدد الزوجات إلى مائة وثلاثين امرأة ، وكان عند أحد أباطرة الصين نحو من ثلاثين ألف امرأة.
والديانة اليهودية كانت تبيح التعدد بدون حد ، وأنبياء التوراة جميعاً بلا استثناء كانت لهم زوجات كثيرات(3) ، ويقول الاستاذ عباس محمود العقاد في كتابه (حقائق الإسلام وأباطيل خصومة)(4) ما يلي (ولا حجر على تعدد الزوجات في التوراتة أو في الانجيل ، بل هو مباح ومأثور عن الأنبياء أنفسهم ، من عهد إبراهيم الخليل عليه السلام إلى عهد الميلاد ...).
أما في الديانة النصرانية فلم يرد في الأناجيل نص صريح بمنع التعدد ، بل ورد في بعض الرسائل (بولس) مايفيد أن التعدد جائز فقد قال (فعلى الاسقف أن يكون منزهاً عن اللوم ، زوج امرأى واحدة)(5) وقد ثبت تاريخياً أن بين المسيحيين الأقدمين من كانوا يتزوجون أكثر من واحدة ، وفي آباء الكنيسة الأقدمين من له كثير من الزوجات ، وقد كان في أقدم العصور المسيحية من يرى إباحة تعدد الزوجات في أمكنة مخصوصة وأحوال استثنائية ، وإليكم الشواهد على ذلك:
أ- ذكر الاستاذ عباس محمود العقاد في كتابة المرأة في القرآن الكريم أن (مستر مارك) العالم الثقة في تاريخ الزواج يقول: (إن تعدد الزوجات باعتراف الكنيسة بقي إلى القرن السابع عشر ، وكان يتكرر كثيراً في الحالات التي لاتحصيها الكنيسة والدولة) ويقول هذا العالم : (إن ملوك النصارى كانوا يتزوجون أكثر من واحدة ، فهذا (ديار مات) ملك إيرلندة كان له زوجتان وسريتان ، وكان (لشارلمان) زوجتان وكثير من السراري . وبعد ذلك بزمن كان (فيليب أوفاهيس) و(فريديريك وليام) الثاني البروسي يبرمان عقد الزواج مع اثنتين بموافقة القساوسة اللوثريين: وكان (لوثر) يتكلم في شتى المناسبات عن تعدد الزوجات بغير اعتراضي ، فإنه لم يحرم بأمر من الله ، ولم يكن إبراهيم عليه السلام يحجم عنه إذ كان له زوجتان).
ب-وذكر العقاد في كذلك في كتابة (المرأة في القرآن الكريم) : ( أن مجلس الفرنكيين بنورمبرج أصدر قرارً يجيز للرجل أن يجمع بين زوجتيين ، وذلك سنه 1560 ميلادية بعد صلح وستفاليا ، وبعد أن تبين النقص في عدد السكان من جراء حروب الثلاثين)، ويقول: (بل ذهبت بعض الطوائف المسيحية إلى إيجاد تعدد الزوجات ، ففي سنة 1531 نادى (اللامعدانيون) في مونستر صراحة : بأن المسيحي ينبغي أن تكون له عدة زوجات ، ويعتبر (المرمون) كما هو معلوم أن تعدد الزوجات نظام إلهي مقدس).
ج- وقال جرجي زيدان(6) : ( فالنصرانية ليس فيها نص صريح يمنع أتباعها من التزوج بأمرأتين او اكثر ، ولو شاؤوا لكان تعدد الزوجات جائزاً عندهم ، ولكن رؤساءها القدماء وجدوا الاكتفاء بزوجة واحدة أقرب لحفظ نظام العائلة واتحادها ، وكان ذلك شائعاً في الدولة الرومانية ، فلم يعجزهم تأويل آيات الزواج حتى صار التزوج بغير امرأة واحدة حراماً كما هو مشهور)
د- والمسيحية المعاصرة تعترف بالتعدد في افريقيا السوداء للإفريقيين المسيحيين إلى غير حدود ، فقد ذكر (نورجيه) مؤلف كتاب (الإسلام والنصرانية في أواسط افريقية) هذه الحقيقة في قوله: ( فقد كان هؤلاء المرسلون يقولون: إنه ليسمن السياسة أن نتدخل في شئون الوثنيين الاجتماعية التي وجدناهم عليها ، وليس من الكياسه ان نحرم عليهم التمتع بأزواجهم ماداموا نصارى يدينون بدين المسيح ، بل لا ضرر من ذلك مادامت التوراة وهي الكتاب الذي يجب على المسيحيين أن يجعلوه أساس دينهم يبيح هذا التعدد ، فضلاً عن أن المسيح أقر في ذلك بقوله : ( لاتظنوا أني جئت لأنقض الناموس او الانبياء ماجئت لأنقض بل لأكمل). وأخيراً أعلنت الكنيسة رسمياً السماح للإفريقيين النصارى بتعدد الزوجات إلى غير حد.
هـ- والشعوب الغربيةالنصرانية وجدة نفسها تجاه زيادة عدد النساء على الرجال –وبخاصة بعد الحربين العالميتين- إزاء مشكلة اجتماعية خطيرة ، لاتزال تتخبط في إيجاد الحل المناسب؛ وقد كان بين الحلول التي برزت إباحة تعدد الزوجات.
ففي عام 1948م عقد مؤمتر للشباب في (ميونخ) بألمانيا ، وبحث مشكلة زيادة عدد النساء في ألمانيا أضعافاً مضاعفة عن عدد الرجال بعد الحرب ، وقد استعرضت مختلف الحلول لهذه المشكلة ، وكانت النتيجة أن أقرت اللجنة توصية المؤتمر بالمطالبة بإباحة تعدد الزوجات لحل المشكلة.
وفي عام 1949م ، تقدم أهالي (بون) عاصمة ألمانيا الاتحادية بطلب إلى السلطات المختصة ، يطلبون فيه أن ينص في الدستور الألماني على إباحة تعدد الزوجات(5). ونشرت الصحف منذ عشر سنوات تقريباً أن الحكومة الألمانية أرسلت إلى مشيخة الأزهر تطلب منها نظام التعدد في الإسلام ، لأنها تفكر في الاستفادة منه كحد لمشكلة ازدياد النساء ، ثم اتبع ذلك وصول وفد من العلماء الألمان اتصلوا بشيخ الأزهر لهذه الغاية(7)
ثناء المفكّرين الغربيّين على نظام التعدُّد :
تطالعنا الصحف والمجلات والكتب الاجتماعية بين الحين والآخر بكلمات لكثير من الكتاب الاجتماعيين والمفكرين الغربيين ، ويحبذون فيها نظام تعدد الزوجات ، وينادون به ويشجعون عليه؛ لما له من أثر كبير في إصلاح المجتمع والأخلاق ، وإليكم طرفاً من أقوالهم وكتاباتهم :
أ- فقد عرض (جروتيوس) العالم القانوني المشهور لموضوع تعدد الزوجات ، فاستصوب شريعة الآباء العبرانيين والأنبياء في العهد القديم(
ب- وقال الفيلسوف الألماني المشهور (شوبنهور): في رسالته (كلمة عن النساء): (إن قوانين الزواج في أوروبا فاسدة المبنى بمساوات المراة بالرجل ، فقد جعلتنا نقتصر على زوجة واحدة فأفقدتنا نصف حقوقنا ،وضاعفت علينا واجباتنا .. إلى أن يقول: ولاتعدم المرأة من الأمم التي تجيز تعدد الزوجات زوجاً يتكفل بشؤونها ، والمتزوجات عندنا نفر قليل ، وغيرهنَّ لايحصين عدداً ، تراهن بغير كفيل: بين بكر من الطبقات العليا قد شاخت وهي هائمة متحسرة ، ومخلوقات ضعيفة من الطبقات السفلى ، يتجشمن الصعاب ، ويتحملن مشاق الأعمال ، وربماابتذلن فيعشن تعيسات متلبسات بالخزي والعار ، ففي مدينة (لندن) وحدها ثمانون ألف بنت عمومية(9) ، سفك دم شرفهن على مذبح الزواج ، ضحية الاقتصار على زوجة واحدة ، ونتيجة تعنت السيدة الأوربية ، وما تدعية لنفسها من الأباطيل ، أما آن لنا أن نعد بعد ذلك تعدد الزوجات حقيقة لنوع النساء بأسره)(10)
جـ- ويقول (غوستاف لوبون) في كتابه (حضارة العرب): (إن مبدأ نظام تعدد الزوجات الشرقي نظام طيب ، يرفع المستوى الأخلاقي في الأمم التي تقول به ، ويزيد الأسرة ارتباطاً ، ويمنح المرأة احتراماً وسعادة لاتراهما في أوربا).
د- ذكر العقاد في كتابه (المرأة في القرآن الكريم) طائفة من آراء الفلاسفة الأوربيين في التعدد ، فينقل عن الدكتور (ليبون) قوله (إن القوانين الأوربية سوف تجيز التعدد) ، ونقل عن الاستاذ (أهرنفيل) قوله : (إن التعدد ضروري للمحافظة على بقاء السلالة الآرية).
هـ- وقالت (أني بيزانت) زعيمة التصوفية العالمية في كتابها (الأديان المنتشرة في الهند): (ومتى وَزَنَّا الأمور بقسطتط العدل المستقيم ، ظهر لنا أن تعدد الزوجات الإسلامي –الذي يحفظ ويحمي ويغذي ويكسو النساء- أرجح وزناً من البغاء الغربي ، الذي يسمح بأن يتخذ الرجل امرأة لمحض إشباع شهواته ، ثم يقذف بها إلى الشارع متى قضى منها أوطاره).
و- وجاء في مجلة (الفتح) القاهرية نقلاً عن جريدة (ديلي ميل) الأنكليزية المشهورة ، التي نشرت مقالاً تدافع فيه عن تعدد الزوجات بسبب الأزمة التي وقعت في إنجلترا ، وبلاد الغال في زيادة عدد النساء على الرجال والتي قدرت بمليونين.) جاء في هذه المجلة المذكورة: ( إن إباحة تعدد الزوجات هي الطريقة الوحيدة للعلاج الناجح ، وليست مسألة الزوجة الواحد إلا مسألة اعتقاد واتفاق ، وهي في الحق الواقع نتيجة نسبة عددية . ثم ذكرت أن نظرية المرأة الواحدة للرجل الواحد هي نظرية الأنسب والأوفق ،ولكن الاستمساك بها لايستحسن إلا عند التعادل العددي في الجنس ، أما إذا زاد عدد جنس النساء على العدد الآخر ، ولم تتخذ التدابيرفي ذلك فلا مفر من حرب طاحنة تنشب بين الجنسين).
ز- وقال الدكتور نظمي لوقا في كتابه (محمد الرسالة والرسول) ما يلي:
( وما من شك في أن نظام الزوجة الواحدة الدائم نظام مثالي ... ونظرة إلى واقع الحياة البشرية في تاريخ مجتمعاتها الغابر والحاضر ، تطلعنا على تعدد النساء في حياة الرجل الواحد سواء جهراً او سراً ، سواء برخصة من القانون أو الدين ، أو رغم القانون والعقيدة . وما من عاقل يفضل التعدد بغير رخصة على التعدد برخصة ... وعندئذ لا حيلة إلا في التعدد ، لأنه الحل السليم الوحيد لأساس الجماعة ، والضرورات تبيح المحضورات ، وماالقول في زوجة أقعدها المرض ؟ وماالقول في الزوجة العقيم ؟ وماالقول في الزوجة الفاترة؟ وماالقول في الزوجة سقيمة الأعصاب؟ طلاقها أرحم بها أم اردافها بزوجة أخرى؟ لا شك أن الامر واضح ، هي رخصة إذن تستخدم بحقها ، ولكنها ليست إلزاماً ..).
وهذا الذي ذكرناه من ثناء المفكريين الغربيين غير المسلمين عن نظام التعدد ، ماهو إلا غيض من فيض ، وغرفة من بحر ، ومن أراد أن يتتبع آراء الفلاسفة وعلماء الاجتماع والتربية في هذا المجال ، يجدها أكثر من أن تحصى ، وأعظم من أن تستقصى ، ولابد من أن يأتي اليوم الذي تثوب فيه البشرية إلى الإسلام ؛ لكونه دين حق وفطرة ، وتنزيلاً من رب العالمين ، وصدق الله العظيم القائل: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الاَفَاقِ وَفِيَ أَنفُسِهِمْ حَتّىَ يَتَبَيّنَ لَهُمْ أَنّهُ الْحَقّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبّكَ أَنّهُ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}(11)
الحكمة من التعدُّد في نظر الإسْلام :
لاشك أن الإسلام حين شرع التعدد ، كان ذلك لحكمة سامية ، ومصلحة عامة ، وضرورات اجتماعية وشخصية ، وسبق أن ذكرنا قبل قليل طرفاً من هذه الضرورات والحكم التي جاء ذكرها على ألسنة العلماء والمفكرين ، والتي دفعتهم إلى أن يثنوا على نظام التعدد ، وينادوا بأحقيته وضرورته لتخليص المجتمعات البشرية من المشكلات الاجتماعية ، والمفاسد الخلقية.
وتوضيحاً للبحث نحصر الحكمة من نظام تعدد في الأمور التالية:
أ- الفائدة الاجتماعية ب- المصلحة الشخصية جـ - الحكمة الخلقية
أما الفائدة الاجتماعية فتظهر في حالتين لايُنْكِر أحدٌ وقوعها:
1- عند زيادة النساء على الرجال ، كما هو الشأن في كثير من البلدان كشمال أوربا ، فإن النساء حتى في غير اوقات الحروب تفوق الرجال بكثير ، وقد دلت الإحصائيات في (فنلندا) أنه من بين كل أربعة أطفال ألا ثلاثة يولدون يكون واحد منهم ذكراً ، والباقون إناثاً ، ففي هذه الحالة يكون التعدد أمراً واجباً.
2- عند قلة الرجال عن النساء قلة بالغة نتيجة الحروب الطاحنة أو الكوارث العامة ، وقد دخلت أوربا حربين عالميتين خلال ربع قرن ، فهلك فيها ملايين الرجال ، وأصبحت جماهير غفيرة من النساء – مابين أبكار وما بين متزوجات – فقد فقدن عائلهن وأصبحن بلا زواج ، وسبق أن ذكرنا أن قامت بعض بلاد أوربا – ولاسيما ألمانيا- جمعيات نسائية واجتماعية تطالب بالسماح بتعدد الزوجات ، أو بتعبير آخر أخف واقعاً في أسماع الغربيين وهو: (إلزام الرجل بأن يتكفل امرأة أخرى غير زوجته).
وضرورات الحرب ونقصان الرجال فيها ، لاتدع مجالاً للمكابرة في أن الطريق الوحيد لتلافي الخسارة البالغة بالرجال هو السماح بتعدد الزوجات.
رد على اعتراض:
ورب سائل يقول: في حالة زيادة الرجال على النساء لماذا لا يباح للمرأة تعدد الأزواج؟
أقول في الرد على هذا الاعتراض:
إن المساواة بين الرجل والمرأة في أمر التعدد مستحيلة طبيعةً وخِلقةً وواقعاً ،ذلك لأن المرأة في طبيعتها لاتحمل إلا في وقت واحد ، ومرة واحدة في السنة كلها ، أما الرجل فغير ذلك؛ فمن الممكن أن يكون للرجل أولاد متعددون من نساء متعددات ، ولكن المرأة لايمكن أن يكون لها مولود واحد من أكثر من رجل واحد ، وأيضاً تعدد الأزواج بالنسبة إلى المرأة يضيع نسبة ولدها إلى شخص معين ، وليس الأمر كذلك بالنسبة غلى الرجل في تعدد زوجاته.
وشيء آخر وهو أن للرجل حق رئاسة الأسرة في جميع شرائع العالم ، فإذا أبحنا للزوجة تعدد الأزواج فلمن تكون رئاسة الأسرة ؟ أتخضع لهم جميعاً ؟ وهذا غير ممكن لتفاوت رغباتهم ، أم تخص واحداً دون الآخر ؟ وهذا مايسخط الآخرين.
وهناك أمور تتعلق بنسبة الولد إلى أحد الأزواج ، وأمور تتعلق بالإتصال الجنسي ، لاتخفى على من كان عنده أدنى إدراك أو بصيرة : من إرهاق للمرأة وإضرار بها ، ومن وقوع في المشاكل العائلية ، والأمراض الجسمية والنفسية ... إلى غير ذلك من الأضرار البالغة ، والعواقب الوخيمة .
إذن فتعدد الأزواج بالنسبة للمرأة مستقبح عقلاً ، وحرام شرعاً ، ومستحيل طبيعة وواقعاً ، فلا يقول به إلا من كان إباحي النزعة ، مدنس السمعة ، فاسد الخلق ، عديم الغيرة ، ملوث الشرف.
أمَّا المصلحة الشخصية ، فإنها تعود إلى مصحلة الشخص بالذات ، وهي كثيرة نجتزئ منها بأهمها:
1- أن تكون الزوجة عقيمة لاتلد ، والزوج يحب انجاب الأولاد والذرية ، ومثل هذا ليس أمامه إلا أحد أمرين: إما أن يطلق زوجته العقيم ، أو أن يتزوج عليها ، ولا شك في أن الزواج عليها أكرم للمرأة ، وأصلح لها ، والمرأة العاقلة تفضل التعدد على الطلاق ، لكون الطلاق ضياعاً وتشرداً.
2- أن يصاب الزوجة بمرض مزمن أو معدٍ أو منفر ، بحيث لايستطيع الزوج أن يعاضرها معاشرة الأزواج ، فالزوج هنا بين حالتين: إما أن يطلقها ، وإما أن يتزوج عليها ويبقيها في عصمته وتحت رعايته ، ولايشك أحد في أن الحالة الثانية أكرم وأنبل ، وأضمن لسعادة الزوجة المريضة وزوجها على السواء.
3- أن يكون الرجل بحكم عمله كثير الاسفار ، وتكون إقامته في غير بلدته تستغرق في بعض الأحيان شهوراً ، ويتعذر عليه نقل زوجته وأولاده كلما سافر ، وهنا يجد نفسه كرجل بين حالتين: إما أن يشبع ميلة الجنسي عن طريق غير مشروع وهذا هو الزنى(12) ، وإما أن يتزوج أخرى ، ولاشك أن الزواج بأخرى هو من مصلحة الدين والأخلاق والمجتمع.
4- أن يكون عند الرجل من القوة الجنسية ما لايكتفي معها بزوجته ، إما لشيخوختها ، أو لضعفها ، أو لكثرة الأيام التي لاتصلح فيها المعاشرة الجنسية – وهي أيام الحيض والحمل والنفاس والمرض وما أشبهها – في هذه الحالة إما أن يكون إشباع غريزته بالمعاشرة المحرمة ، وإما أن يكون عن طريق الزواج المشروع ، ولاشك أن مبادئ الأخلاق ، وأحكام الشريعة تختار الزواج المشروع على المعاشرة المحرمة.
5- أن يكون عند الرجل الرغبة الأكيدة ، والعزم الصادق في إنجاب الأولاد ، وتكثير الذرية ، إما ليستعين بهم على أعباء الحياة ، وإما ليعدهم شباباً مؤمنين ، ودعاة صادقين ، يبلغون رسالات ربهم ، ويخشونه ولايخشون أحداً إلا الله ، وإما ليحظى بالأجر والمثوبة حين يحسن أدبهم وتربيتهم ، لكي تقرعين رسول الله صلى الله عليه وسلم في مباهته الأمم يوم القيامة بكثرة أمته (13)
أمَّا الحكمة الخلقية:
فلأن الأمة التي يكون فيها عدد النساء أكثر من عدد الرجال يكون التعدد واجباً أخلاقياً ، وواجباً اجتماهياً على السواء ، لأن التعدد أفضل من تسكع النساء العازبات الزائدات عن الرجال في الطرقات أو أماكن الفجور ، لا عائل لهن ، ولا بيت يؤويهن .
ولا يوجد إنسان يحترم كرامة المرأة ، ويقدر مصلحة المجتمع يفضل انتشار الدعارة على تعدد الزوجات.
ومنذ أوائل هذا القرن تنبه المنصفون الغربيين إلى ماينشأ من منع تعدد الزوجات من تشرد النساء ، وانتشار الفحشاء ، وكثرة الأولاد غير الشرعيين ، وأعلنوا أنه لا علاح لذلك إلا السماح بتعدد الزوجات. فقد نشرت جريدة (لاغوص ويكلي ركورد) نقلاً عن جريدة (لندن تروث) بقلم إحدى السيدات الانجليزيات مايلي :
( لقد كثرت الشاردات من بناتنا ، وعم البلاء ، وقل الباحثون عن أسباب ذلك ، وإذ كنت امرأة تراني أنظر إلى هاتيك البنات وقلبي يتقطع شفقة عليهن وحزناً ، وماذا عسى يفيدهن بثي وحزني ، وإن شاركني فيه الناس جميعاً ؟ لافائدة إلا العمل بما يمنع هذه الحالة الرجسة ، ولله در العالم الفاضل (تومس) فإنه رأى الداء ووصف له الدواء الكامل الشفاء ، وهو الإباحة للرجل أن يتزوج بأكثر من واحدة ، وبهذه الواسطة يزول البلاء لامحالة ، وتصبح بناتنا ربات بيوت ، فالبلاء كل البلاء في إجبار الرجل الأوربي على الاكتفاء بامرأة واحدة).
(أي ظن يحيط بعدد الرجال المتزوجين الذين لهم أولاد غير شرعيين أصبحوا كَلاًّ وعاراً وعالة على المجتمع؟! فلو كان تعدد الزوجات مباحاً لما حاق بأولئك الأولاد وأمهاتهم ماهم فيه من العذاب والهون ، ولسلم عرضهن وعرض أولادهن .. إن إباحة تعدد الزوجات تجعل كل مرأة ربة بيت ، وأم أولاد شرعيين)(14)
وتدلنا الإحصائيات التي تنتشر في أوربا وأمريكا عن ازدياد نسبة الأولاد غير الشرعيين زيادة مستمرة ، تقلق الباحثين الاجتماعيين وهؤلاء ليسوا إلا نتيجة اقتصار الرجل على امرأة واحدة ، وكثرة النساء اللواتي لايجدن طريقاً مشروعاً للاتصال الجنسي ، وبناء على هذه الإحصائيات المؤلمة ، والأوضاع الاجتماعية المزرية ، أباحت ألمانيا أخيراً تعدد الزوجات(15) ، وتسوية للمشكلة . ولا يبعد أن تحذوا أوربا وأمريكا حذو ألمانيا في إباحة التعدد ، لأن تعدد الحلائل خير من تعدد الخلائل(16) ، والزواج المشروع خير من الاتصال المحرم ، والفاحشة الممقوتة ، ومن أحسن مِن الله حكماً لقوم يوقنون؟.
مقارنة بين تعدادنا وتعدادهم :
إن نظام التعدد في الشريعة الإسلامية أخلاقي إنساني:
أما أنه أخلاقي، فلأنه لا يسمح للرجل أن يتصل بأية امرأة إلا إذا كانت زوجته (17) بشرط ألا يتجاوز عدد الزوجات الأربع.
وأما إنه إنساني فلأنه يخفف من مشكلات المجتمع ، بإيواء امرأة لازوج لها ، ونقلها إلى مصاف الزوجات المصونات المحصنات ؛ ولأنه يعترف بالأولاد الذين أنجبتهم ، ويقوم بحقهم ورعايتهم كما يجب؛ ولأنه يدفع مقابل هذا الزواج مهراً وأثاثاً ونفقات باعتبارها زوجه ولها حقوق.
أين هذا التعدد الواقع في حياة الغربيين؟ فإنه واقع من غير شرع ولا قانون ، بل واقع تحت سمع القانون وبصره. وإنه لايقع باسم الزوجات ، ولكن يقع باسم الصديقات والخليلات. وإنه ليس مقتصراً على أربع فحسب ، بل هو إلى مالا نهاية له من العدد. إنه لا يقع علناً تفرح به الأسرة ، ولكنه سر لايعرف به أحد.
إنه لايلزم صاحبه بأية مسئولية مالية نحو النساء اللاتي يتصل بهن ، بل حسبه أن يلوث شرفهن ، ثم يتركهن للخزي والعار والفاقة ، وتحمَّل آلام الحمل والإجهاض والولادة غير المشروعة. إنه لايلزم صاحبه بالاعتراف بما نتج عن هذا الاتصال من أولاد ، بل يعتبرون غير شرعيين ، يحملون على جباههم خزي السفاح والعار ماعاشوا.
إنه تعدد خال من كل تصرف أخلاقي أو يقظة وجدانية أو شعور إنساني. إنه تعدد تبعث عليه الشهوة الأنانية ، ويفر من تحمل كل مسؤولية. فأي النظاميين ألصق بالأخلاق ، وأكبح للشهوة ، وأكرم للمرأة ، وأدل على الرقي ، وأبر بالإنسانية؟.
بعد هذا يحق لك أن تتعجب من إثارة الغربيين وأعداء الإسلام للضجة التي يحدثونها على نظام الإسلام في تعدد الزوجات !!!
وتتساءل أنت أيها العاقل المنصف: ألا يشعرون في قرارة نفوسهم بأنهم ليسوا على حق في إثاره الضجة ، وافتعال هذا الاتهام ؟! ألا يشعرون بأن من يقتصر على أربع خير ممن يجدد كل ليلة امرأة ؟.
وأن من يلتزم نحو من يتصل بها مسؤوليات أدبية ومالية ، أنبل ممن يتخلى نحوها عن كل مسؤولية ؟!. ألا يشعرون أن إنجاب نصف مليون ولد - مثلاً - عن طريق الزواج أكرم وأحسن للنظام الاجتماعي من انجابهم عن طريق السِّفاح.
في الحقيقة إنهم يشعرون بذلك لو تخلوا عن غرورهم وتعصبهم.
أما الغرور: فهو اعتقادهم أن كل ماهم عليه حسن وجميل ، وأن ماعلية غيرهم من الأمم والشعوب سئ وقبيح.
أما التعصب: فهو هذا الذي يتوارثونه جيلاً بعد جيل ضد الإسلام ، ونبي الإسلام ، والقرآن الكريم (18)
أحكام التعدُّد في الشريعة الإسْلامية :
قبل أن نشرع في أحكام التعدد في الشريعة الإسلامية يحسن بنا أن نبين وجه الارتباط بين قوله تعالى {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَىَ .. }(19) وقوله : {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مّنَ النّسَآءِ مَثْنَىَ وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ }(20) .
ذكر المفسرون في ذلك عدّة آراء أظهرها رأيان:
الأول: وإن حفتم ألا تعدلوا في تزوجكم بيتامى النساء المشمولات بولايتكم فتزوجوا غيرهن مما طاب لكم من النساء إثنين إن شئتم ، أو ثلاثاً ، أو أربعاً ، لأن العاقل يترك الذي يترك الزواج الذي يفضي به إلى الظلم إلى الزواج الذي لاظلم فيه
وهذا التفسير مروي عن السيدة عائشة رضي الله عنها ووجه الارتباط واضح عليه.
الثاني: وإن خفتم ألا تعدلوا في اليتامى ، فكذلك خافوا ألا تعدلوا في النساء اللاتي تتزوجون بهن ، فتزوجوا منهن ما لا تخافون فيه الظلم: اثنين ، أو ثلاثاً ، أو أربعاً ، فإن خفتم ألا تعدلوا بين الأكثر من واحدة فتزوجوا واحدة أو ما ملكت أيمانكم . لأن من تحرج من عمل ما يُفضي إلى الظلم كظلم اليتامى عليه أن يتحرج من أن يتحرج من كل عمل يُفضي إلى ظلم كظلم الزوجات .
هذا التفسير مروي عن سعيد بن جبير ، والسدي ، وقتادة .. ورجحة شيخ المفسرين ابن جرير الطبري وقال ( إنه أولى الأقوال بالقبول).
فالآية – على حسب ما رجحة الإمام الطبري – تحذر الأولياء والأوصياء من سلوك الطريق المفضلة بهم إلى ظلم الزوجات الذي لايقل قبحاً وشناعة عن ظلم اليتامى الذي يخافونه ويتحرون منه.
كما أنهم يتحرون من ظلم اليتامى فعليهم أيضاً أن يتحروا من ظلم الزوجات حين يريدون التعدد ، فإن خافوا ألا يعدلوا فعندئذ يقتصرون على واحدة.
وبعد أن بيّنا وجه الارتباط في الآية نشرع في تبيان أحكام التعدد والله المستعان:
1- الأمر بقوله تعالى {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مّنَ النّسَآءِ}
(21) للإباحة لا للإيجاب ، وإذا كان للإباحة فالمسلم مخير بين أن يقتصر على زوجة واحدة أو يعدد ، وعلى ذلك إجماع المجتهدين والفقهاء في مختلف العصور لا نعلم في ذلك خلافاً
2- لايجوز الجمع بين أكثر من أربع زوجات في وقت واحد لقوله تعالى {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مّنَ النّسَآءِ مَثْنَىَ وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ .. }( 22 ) ، على ذلك إجماع الصحابة والأئمة المجتهدين في جميع العصور ، ولا عبرة بمن خالف ذلك من أهل الأهواء والبدع ، فخلافهم ناشئ من جهلهم ببلاغة القرآن الكريم ، وأساليب البيان العربي ، ومن جهلهم بالسنة النبوية كما قال القرطبي.
وإلا فمن يقول: إن هذه الكلمات {مَثْنَىَ وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ}( 23 ) في الآية جاءت لمطلق الجمع ، فيصبح مجموع الزوجات تسع؟ ومن يقول أيضاً: إن هذه الكلمات جاءت لجمع اثنين مع اثنين ، ثلاثاً مع ثلاث ، وأربعاً مع أربع ، فيصبح المجموع العام ثماني عشرة زوجة؟ إن هذه التقوّلات الباطلة تتنافى مع أبسط الأذواق في الفهم العربي ، وتتعارض مع فصاحة القرآن الكريم وأسلوبه البياني المعجز ..
فحين نقول: حضر أعضاء المؤتمر مثنى وثلاث ورباع ..فهم العربي صاحب الذوق السليم من هذا التعبير أن بعض أعضاء المؤتمر حضروا اثنين اثنين وبعضهم حضر ثلاثة ثلاثة ، وبعضهم حضروا أربعة أربعة ولايمكن أن يفهم أحد أن جمهلة من حضر تسعة أو ثمانية عشر ...
وكذلك حين قال الله عز وجل {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مّنَ النّسَآءِ مَثْنَىَ وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ .. } ( 24 )فيفهم من هذه الآية كما دلّ عليها ظاهر لفظها ، وأسلوب بيانها: يباح لكم – يامسلمين – أن تنكحوا من النساء زوجتين إن شئتم ، أو ثلاث زوجات إن أردتم إلى أربع زوجات ، وهذا هو الحد الأعظم؛ فلا يجوز لكم أن تزيدوا على الأربع بحال من الأحوال. والسنة النبوية الصحيحة قد أكدت من أن المراد من الجمع في الآية أربع زوجات.
وإليكم ماذكرته السنة الصحيحة:
أ- أخرج مالك في الموطأ ، وأحمد في مسنده ، وابن ماجه والترمذي في سننهما ، والشافعي في الأم أن غيلان الثقفي أسلم وفي عصمته عشر نسوة ، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: (اختر منهنّ أربعاً وفارق سائرهن) ( 25 ) .
ب- وروى ابن ماجه وأبوداود في سننهما أن قيس بن الحارث أسلم وعنده ثماني نسوة ، فذكر ذلك للرسول صلى الله عليه وسلم فقال له: (اختر منهنّ أربعاً).
جـ- وقد روت كتب السنة غير هذين الحديثين ، فقد رُوي أن نوفل بن معاوية الديلمي قال: أسلمتُ وتحتي خمس نسوة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (فارق واحدة منهن) قال: فعمدتُ إلى عجوز عاقر معي منذ سنتين فطلّقُتها.
فهذه الأحاديث متفقة على أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر من أسلم وفي عصمته أكثر من أربع زوجات أن يتخيّر منهن أربعاً ، ويفارق سائرهن.
ويفهم من فعل النبي صلى الله عليه وسلم هذا أن السنة جاءت متضافرة ومؤكّدة لما صّرح به القرآن الكريم ألا وهو: لايجوز الجمع بين أكثر من أربع نسوة في آن واحد ، فأصبح للمنع دليلان: دليل القرآن ، ودليل السنة ، عدا من دليل الإجماع الذي هو حجة تشريعية بعد القرآن والسنة . فبأي حديث بعد ذها يؤمنون؟!.
وأما ماصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه جمع بين تسع نسوة في آن واحد ..
فأولاً: كان هذا الجمع –كما سيأتي- خصوصية من خصوصياته ، وثانيا كان لأسباب تشريعية وإنسانية ، وأغراض سياسية واجتماعية .. وسوف يأتي الحديث عنها ، والتفصيل فيها في بحث الحكمة من تعدّد أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في القسم الثاني من هذا الكتاب إن شاء الله.
3- إن التعدد مشروط بالعدل بين الزوجات لقوله تعالى {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَىَ أَلاّ تَعُولُواْ}(26) ، فمن لم يتأكد من قدرته على العدل لم يجز له شرعاً أن يتزوج بأكثر من واحدة ، ولو تزوج كان العقد صحيحاً بالإجماع ، ولكنه يكون آثماً ؛ لما روى أبو داود وابن ماجه والترمذي وابن حبان في صحيحه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ( من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة أحد شقيه مائل) ( 27 ) .
وروى مسلم وغيره عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن ، وكلتا يديه يمين ، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وماولوا)(28)
وقد أجمع العلماء – وأيده تفسير الرسول الله صلى الله عليه وسلم وفعله – أن المراد بالعدل المشروط هو العدل المادي في المسكن واللباس والطعام والشرب والمبيت ، وكل مايتعلق بمعاملة الزوجات مما يمكن فيه تحقيق العدل ، ومما يدخل في طوق الإنسان وإرادته.
4- إن العدل في الحب بين الزوجات غير مستطاع ، وليس في طوق البشر لقوله تعالى {وَلَن تَسْتَطِيعُوَاْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النّسَآءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتّقُواْ فَإِنّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رّحِيماً}(29) ؛ فتفيد هذه الآية الكريمة أن على الزوج ألا يميل عن الزوجة الأولى كل الميل ، فيذرها كالمعلقة لا هي زوجة يؤديها حقوقها ، ولا مطلقة تعرف سبيلها ، بل عليه أن يعاملها باللطف والحسنى بما استطاع عسى أن يصلح قلبها ، ويكسب مودتها؛ وقد فهم النبي صلى الله عيه وسلم أن المراد من آية: {وَلَن تَسْتَطِيعُوَاْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النّسَآءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ .. } الحب القلبي لأن الإنسان لايستطيع أن يعدل فيه ولو حرص ، ولكنه خارجاً عن طاقة البشر ، فقد كان حبه للسيد عائشة – رضي الله عنها – أكثر من حبه لباقي زوجاته ، فكان صلى الله عليه وسلم حين يعدل بين زوجاته بالأمور المادية يقول: (اللهم هذا قَسْمي فيما أملك ، فلا تؤاخذني فيما لا أملك)(30) (ملاحظة: هذا الحديث ضعيف)(31)
هذا التفسير لآية {وَلَن تَسْتَطِيعُوَاْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النّسَآءِ} وعليه إجماع المفسرين قديماً وحديثاً ، وعليه إجماع الفقهاء والمجتهدين في كل العصور ولو أخذنا بآية {وَلَن تَسْتَطِيعُوَاْ أَن تَعْدِلُواْ.. } على ظاهرها لكان بينها وبين آية {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مّنَ النّسَآءِ مَثْنَىَ وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ .. } تناقض ، والقرآن الكريم منزة عن الخلل والتناقض ، بل هو غاية في الإبداع والإحكام ورصانة النظم ، وسمو التشريع ، لقوله تبارك وتعالى {الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمّ فُصّلَتْ مِن لّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ}(32) ، {أَفَلاَ يَتَدَبّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً}(33) ؛ ويتلخص مما تقدم: أن المقصود بالعدل في الآية هو الحب القلبي ، وهذا ما عليه تفسير الرسول صلى الله عليه وسلم للآية ، وما عليه إجماع الأئمة كما بيّنا سابقاً.
من العلماء الموثوقين وعلى رأسهم الإمام الشافعي – رحمة الله – من اشترط القدرة على الإنفاق لمن أراد التعدد ، وهذا الاشتراط للإمام الشافعي مبني على فهم خاص للآية: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً ... ذَلِكَ أَدْنَىَ أَلاّ تَعُولُواْ} ، وهذا الفهم تؤيده قواعد اللغه كما سيأتي. قال الإمام البيهقي في كتابه (أحكام القرآن) الذي جمعه من كلام الشافعي –رحمه الله- في مصنفاته: (وقوله: {أَلاّ تَعُولُواْ} أي لايكثر من تعولون إذا اقتصر المرء على واحدة وإن أباح له أكثر منها) ا هـ صحيفة 260 . وقد أيد الكسائي وأبو عمر الدُّوري وابن الأعرابي ماذهب إليه الشافعي في تفسير قوله تعالى {أَلاّ تَعُولُواْ} أي لاتكثر عيالكم ، قال الكسائي – أبوالحسن علي ابن حمزة - : العرب تقول: عال يعول، وأعال يُعيل أي كثر عياله(34) . ومما يؤيد مايذهب إليه الشافعي لغة حمير ، قال الثعلبي المفسّر: قال أستاذنا أبوالقاسم بن حبيب: سألتُ أبا عمر الدُّوري عن هذا –وكان إماماً في اللغة غير مدافع- فقال: هي لغة حمير ، وأنشد:
إن الموت يأخذ كل حيّ بلاشك وإن أمشي وعَالا
يعني وإن كثرت ماشيته وعياله(35)
وقال أبو حاتم: (كان الشافعي أعلم بلغة العرب منا) ، وقرأ طلحة بن مصِّرف (ألّا تُعِيلوا) والمعنى ألا تكثر عيالكم وهي حجة الشافعي. وهذا الفهم للإمام الشافعي ومن ذهب مذهبه يفيد ضمناً اشتراط القدرة على الإنفاق لمن أراد التعدد إلا أنه شرط ديانة(37) لا شْرط قضاء.
وبعد: فهذه هي أهم الأحكام التي شرعها الله في نظام التعدد ، وهي متفقة كل الاتفاق مع الواقع الاجتماعي والحالة المادية ، فالذي يأنس من نفسه أنه لايستطيع أن يعدل إن تزوج بأكثر من واحدة ، أو لم يكن عنده النفقة مايسد حاجة الزوجتين أو الثلاث : من مسكن ، وطعام ، وكسوة ؛ فلا يجوز له شرعاً أن يعدد ؛ حتى لايقع في الظلم الذي حرمه الإسلام ، وبالتالي لاتقع الزوجة الثانية بالمضارَّة التي نهي عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: (لاضرر ولاضرار)(38) ، فهو حديث ، وقاعدة أصولية كما هو معلوم.
هذا وإن التعدد – حين لايتحقق فيه جانب العدل – يوقع الزوج في مشاكل عائلية ، تؤدي في الغالب إلى تنافر بغيض ، وعداوَة مستحكمة ؛ مما يجعل حياة الزوج جحيماً لايطاق ، وربما انتقل هذا التنافر والعداء إلى أولاد الزوجات ، فينشأ الإخوة بينهم من البغضاء والشحناء ما يؤول إلى الفرقة والهجران ، وعدم استقرار الحياة الزوجية.
وفي تقديري أن المشاكل العائلية ناتجة عن سبيين رئيسيين:
الأول: ناتج عن الرجل لكونه لم يتحقق جانب العدل المادي في جميع المجالات: العدل في النفقة ، العدل في المعاملة ، العدل في القسمة ، العدل في الحقوق.
الثاني: ناتج عن المرأة لكونها تنظر إلى الحياة بمنظار الأنانية وعدم تفهم الواقع ، ومصلحة المجتمع ، بل تنساق وراء عواطفها وأهوائها انسياقاً أعمى دون تحكيم لعقل ، أو نظر إلى مصلحة.
وإذا قامت الحياة الزوجية على أساس من التربية الإسلامية ، والتهذيب الاجتماعي ، والرقابة الإلهية ، عاش المجتمع في ظلال الزوجية على أحسن مايكون من السعادة الحقة ، والاستقرار الكامل ، والعيش الهانيء الرغيد. ومثل هذه التربية تجعل التعدد – حين تقتضية الظروف – قليل المساوئ والأضرار ، حسن النتائج والآثار ، فلا زوجات تحركها العواطف والأهواء ، ولا أولاد تفرقهم العداوات والخصومات ، بل بيت إسلامي تعمره الفضيلة والأخلاق ، ويملؤه الحب والإخلاص ، ويشيع في رحابه الهناءة والاستقرار.
فما أحوجنا أن نعود إلى الدين الحق ، والإسلام الصحيح ، والتبرية الإسلامية المثلى ، وما أحوجنا أن نقوي في نفوسنا جانب التقوى والمراقبة والخشية من الله ، حتى تكون أعمالنا ومعاملاتنا على الوجه الذي يرضي الله ، ويحقق الخير لعباده.
محَاولات لِمنع التّعدُّد :
من المؤسف حقاً أن نسمع من بعض المسؤولين في الدول التي تنتمي إلى الإسلام ، ومن بعض من ينتمي إلى جمعيات نسائية من النساء الدعوة إلى إلغاء تعدد الزوجات ، أو تقييده بقيود شديدة ،تجعل الزواج بأكثر من واحدة ضرباً من المستحيل ، لقد كان لهذه الدعوه صدى سيء بالغ الأثر على الأوساط الإسلامية ، أما في الأوساط التبشيرية والاستعمارية فكان لها صدى مستحب ، وتأييد مطلق ، حيث نُعتت هذه المحاولات بأنها خطوة تقدمية في سبيل تحرير المرأة.
هذا الذي يريد المسؤولون أن يفعلوه في بعض الدول ، وتحاول أن تنتهج منهج بعض الدول العربية ، وتسعى لتحقيقه بعض الجمعيات النسائية في بلادنا ، ليس إلا مجرد استرضاء للغربيين ، أو للدول التي تنادي بدعوة التقدمية ، إثباتاً لانسلاخهم من الإسلام ، وتحررهم من ربقة الدين والأخلاق ، وهو في الوقت ذاته دليل تهافت الشخصية ، واحتقار الذات ، والترامي على اقدام المتعصبين الغربيين ، الماديين الشرقيين ، لاستجلاب عطفهم ، واسترضاء مبشريهم وملاحدتهم على حساب كرامتنا وديننا ومبادئ شريعتنا.
ياليت عند هؤلاء المفترين المتأثرين بالدعايات الغربية ، والأفكار الإلحادية ، العقل الناضج ، والتفكير الصحيح ، ليناقشوا القضايا على ضوء الواقع والمصلحة ، والظروف الاجتماعية !!. وياليتهم حين يتكلمون يتجردون عن الهوى والعاطفة والتعصب! ... لو فعلوا هذا لما قبلوا الحقائق ، ولما وقفوا من نظام التعدد هذا الموقف الملتوى ، ولما أعلنوا تطاولهم على شريعة الله ، ونظام الإسلام.
ألم يسمعوا أن كثيراً من المفكريين ، والمصلحين الاجتماعيين في اوربا وفي كثير من بلاد العالم ، ينادون بنظام التعدد ، وأنه العلاج الناجح لحل مشكلة الأخلاق ، وحل أزمة ازدياد عدد النساء؟
ألم يعلموا أن الله سبحانه حين يشرع لعباده الأنظمة ، ويقرّ لهم المبادئ؛ هو الأعلم بما يصلحهم ، والأدرى بما يحقق سعادتهم واستقرارهم؟.
ألم يقرأوا في الصحف والمجلات عن ازدياد نسبة الأولاد غير الشرعيين ، للعلاقة الجنسية المحرمة بين الرجال والنساء؟
ألم يدركوا أن نظام التعدد يخلّص الكثير من النساء من ذل الحاجة ، وغائلة الفقر ، ويحفظ لهن كرامتهن وعفافهن ؟ فبأي حديث بعد هذا يؤمنون ؟!.
الهوامش والمراجع
(1) سورة المائدة الآية 50
(2) سورة الأنعام الآية 15
(3) عن كتاب (المرأة بين الفقة والقانون) للدكتور مصطفى السباعي رحمه الله ص71
(4) ص237 في بحث الاسرة.
(5) رسالة تيموثاوس الأولى الاصحاح 3 العدد 2
(6) عن كتاب (المرأة بين الفقة والقانون) للسباعي رحمه الله ص74
(7) عن كتاب (المرأة بين الفقة والقانون) ص57.
( عن كتاب (أحكام الأحوال الشخصية) د.محمد يوسف موسى
(9) العقاد في كتاب (حقائق الإسلام) ص167.
(10) هذا في عهد شوبنهور ، قد توفي سنة 1860م
(11) مصطفى الغلاييني في كتابة (الإسلام روح المدينة) ص224
(12) سورة فصلت الآية 53
(13) ومنه نكاح المتعه
(14) في الحديث الذي رواه أبوداود والنسائي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (تناكحوا تكثروا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة).
(15) مجلة المنار للسيد رشيد رضا المجلد الرابع ص485-486
(16) ذكرت الخبر مجلة صوت الإسلام العدد/90/ نقلاً عن صحيفة الأهرام القاهرية.
(17) على حد تعبير الشيخ محمد أبوزهره رحمة الله
(18) أو أمته في حال وجود الرقيق وهو الآن غير موجود
(19) بحث المقارنه بين تعدادنا وتعدادهم اقتبست أكثر فقراته من كتاب (المرأة بين الفقه والقانون) للدكتور السباعي ص93-94 مع بعض التصرف
(20) سورة النساء الآية 3
(21) سورة النساء الآية 3
(22) أي ومادخل تحت ولايتهم.
(23) سورة النساء الآية 129
(24) رواه أصحاب السنن وابن حبان في صحيحه.
(25) هذه ملاحظة من موقع "طريق الحقيقة" ، ضعف هذا الحديث الإمام الألباني رحمة الله في ضعيف سنن أبي داود رقم الحديث 2134
(26) سورة هود الآية 1
(27) سورة النساء الآية 82
(28) سورة النساء الآية 3
(29) أي ومادخل تحت ولايتهم.
(30) سورة النساء الآية 129
(31) رواه أصحاب السنن وابن حبان في صحيحه.
(32) هذه ملاحظة من موقع "طريق الحقيقة" ، ضعف هذا الحديث الإمام الألباني رحمة الله في ضعيف سنن أبي داود رقم الحديث 2134
(33) سورة هود الآية 1
(34) سورة النساء الآية 82
(35) ذكره القرطبي في تفسيره ج/5/ص22.
(36) والمعنى أنه إن كان يعلم أنه لايستطيع الإنفاق على الزوجة الثانية فلا يجوز له ديانة أن يعدد.
(37) رواه ابن ماجه والدارقطني
المصدر
موقع : طريق الحقيقة ( http://www.truthway.com/ )
يحاول أعداء الاسلام – من ملاحدة ومستشرقين – أن يثيروا على النظام الإسلامي اتهاما باطلة ، وشبهات مغرضة ،وحملات حاقدة ، ليشككوا بصلاحية هذا النظام ، ومقومات خلوده على مدى الزمان والأيام ، وليجدوا من المسلمين من يستجيب لآرائهم ويؤمن بمعتقداتهم وأفكارهم ، ويقع في حبائل شكوكهم واتهاماتهم.
فمن هذه الاتهامات التي يثيرونها ، والحملات المغرضة التي يشنونها: أن إباحة الإسلام لنظام تعدد الزوجات ، ومنعه من تعدد الأزواج إهدار لكرامة المرأة ، وانتقاص لحقوقها .
الرد على الشبهة
هذا الكلام المعسول الذي يروّج له أولئك المثيرون قد يستهوي بعض العقول القاصرة بادئ ذي بدء ، بل ربما يتأثر البعض – ممن ينتسب إلى الإسلام – بهذه الاتهامات المغرضة ، فيذهبون إلى ترويجها وإشاعتها ، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.
وهؤلاء المروّجون لمثل هذه الشبهات والاتهامات: إما أن يكونوا عالمين بالحقائق وحكمة التشريع ، وإما أن يكونوا جاهلين بها.
فإن كانوا عالمين ، فإنهم يبرهنون بشكل قاطع لا يقبل الريبة والشك أنهم عملاء لأعداء الإسلام، بل أداة تنفذ لإشاعة كل ما يثيرونه من أراجيف ، وما يروجونه من أكاذيب ، وما أكثر أولئك الذين يرتبطون بالأعداء ، ويوصمون بالعمالة ، وما هم في الحقيقة إلا طابور خامس لإثارة الفتن ، وتمزيق وحدة الأمه ، وربط البلاد بعجلة الدول الأجنبية ، والسير بالجيل الناشئ نحو الإلحاد الشائن ، والضلال الممقوت.
وإن كانوا جاهلين ، فإن من الواجب عليهم أن يسألوا ويفهموا ، قبل أن يحكموا ويروّجوا ، حتى تظهر لهم الحقائق ناصعة بأجلى مظاهرها ومعانيها ، وليس عاراً على الإنسان أن يبحث ويسأل ويتعلم ، ولكن العار كل العار أن يعيش في بيداء الجهل ، ويسير في متاهات الضلالة ، يتبع كل ناعق ، ويخطو وراؤ كل عميل ، ورحم الله من قال:
لاتــأخــذ العــلم إلا عــن جــهــابــذة *** بالعلــم نحيــا وبـالأرواح نفديــه
أما ذوو الجهل فارغب عن مجالسهم *** قذ ضّل من كانت العميان تهديه
وقبل أن أشرع في دفع هذه الاتهامات الباطلة التي يثيرها الأعداء على نظام تعدد الزوجات أريد أن أبيّن حقيقة هامة ، لها أكبر الارتباط بالكتّاب الإسلاميين الذين يكتبون عن الإسلام في هذا العصر ، وهي أنهم – في أكثر مايكتبون – يظهرون الإسلام بمظهر المتهم ، ويضيعونه حين يتولون الدفاع عنه في موضع الريبة والشك ، بل يصل الأمر عند البعض يؤولوا النصوص ، ويقلبوا الحقائق ، إبعاداً للإسلام عن التهمة ، وتوفيقاً بين مبادئ الإسلام وأراجيف الأعداء.
وهذا من الخطأ الفادح الذي وقع فيه كثير من الكتّاب في هذا العصر ، وفي تقديري أنهم يسيئون أكثر مما يحسنون ، ويزيدون التهمة تعميقاً وتثبيتاً أكثر مما يدافعون ، وما كان عليهم لو أنهم وقفوا في ردودهم وكتاباتهم مقف الهجوم لكل من ينال من نظام الإسلام ، أو يمس قدسية الرسول عليه الصلاة والسلام؟ فلو أنهم فعلوا مثل هذا لأفهموا خصوم الإسلام: أن مبادئ الشريعة ةنظم القرآن ، هي الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وماعداه من أنظمة وضعية وقوانين بشرية ، فيها الكثير من القصور والنقص والباطل .. ولا شك من ذلك . ولو أنهم وقفوا من أعداء الإسلام موقف الهجوم لوضعوا التشريع الإسلامي موضعه اللائق به من التشريف والتكريم ، ليعلم كل ذي عقل وفيهم أن للإسلام دوره العظيم ، ومهمته الكبرى ، في رد الناس إلى الحق ، وهداية البشرية الحائرة .. وما أجمل تعبير القرآن حين أعلن حكم الله ، وهاجم حكم الجاهلية في قوله : {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لّقَوْمٍ يُوقِنُونَ}(1) ، ألا فليأخذ كتّاب الإسلام من القرآن الكريم طريقة الرد ومنهج المناظرة في دفاعهم عن نظام الإسلام ، حتى لايقعوا في الخطأ الذي وقعوا فيه ، وعلى الله قصد السبيل.
وبعد هذه التقدمة سأشرع في بيان نظام الإسلام في تعدد الزوجات ، ثم أعّرج على ذكر الحكمة من تعدد أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأرى – إن شاء الله – بعد ذكر هذه الحقائق أن شبابنا وشاباتنا الذي تأثروا بالدعايات المغرضة ، والإشاعات الكاذبة سيؤوبون إلى الحق ، ويثوبون على الرشد ، ويؤمنون من قرارة نفوسهم: أن الإسلام دين العزة والكرامة ، وتشريع الحق والهداية ، ومبدأ العدالة والمساواة ، ومنهج حكم ، ونظام حياة . صدق الله العظيم القائل في محكم كتابه {وَأَنّ هَـَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتّبِعُوهُ وَلاَ تَتّبِعُواْ السّبُلَ فَتَفَرّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصّاكُمْ بِهِ لَعَلّكُمْ تَتّقُونَ}(2)
لمحة تاريخيّة عن التعدُّد
لم يكن الإسلام أول من شرع نظام تعدد الزوجات ، بل كان موجوداً في الأمم القديمة كلها تقريباً: عند الأثينيين ، الصينيين ، الهنود ، البابليين ، الآشوريين ، المصريين . ولم يكن له عند أكثر الأمم عدد محدود ، فقد سمحت شريعة (ليكي) الصينية بتعدد الزوجات إلى مائة وثلاثين امرأة ، وكان عند أحد أباطرة الصين نحو من ثلاثين ألف امرأة.
والديانة اليهودية كانت تبيح التعدد بدون حد ، وأنبياء التوراة جميعاً بلا استثناء كانت لهم زوجات كثيرات(3) ، ويقول الاستاذ عباس محمود العقاد في كتابه (حقائق الإسلام وأباطيل خصومة)(4) ما يلي (ولا حجر على تعدد الزوجات في التوراتة أو في الانجيل ، بل هو مباح ومأثور عن الأنبياء أنفسهم ، من عهد إبراهيم الخليل عليه السلام إلى عهد الميلاد ...).
أما في الديانة النصرانية فلم يرد في الأناجيل نص صريح بمنع التعدد ، بل ورد في بعض الرسائل (بولس) مايفيد أن التعدد جائز فقد قال (فعلى الاسقف أن يكون منزهاً عن اللوم ، زوج امرأى واحدة)(5) وقد ثبت تاريخياً أن بين المسيحيين الأقدمين من كانوا يتزوجون أكثر من واحدة ، وفي آباء الكنيسة الأقدمين من له كثير من الزوجات ، وقد كان في أقدم العصور المسيحية من يرى إباحة تعدد الزوجات في أمكنة مخصوصة وأحوال استثنائية ، وإليكم الشواهد على ذلك:
أ- ذكر الاستاذ عباس محمود العقاد في كتابة المرأة في القرآن الكريم أن (مستر مارك) العالم الثقة في تاريخ الزواج يقول: (إن تعدد الزوجات باعتراف الكنيسة بقي إلى القرن السابع عشر ، وكان يتكرر كثيراً في الحالات التي لاتحصيها الكنيسة والدولة) ويقول هذا العالم : (إن ملوك النصارى كانوا يتزوجون أكثر من واحدة ، فهذا (ديار مات) ملك إيرلندة كان له زوجتان وسريتان ، وكان (لشارلمان) زوجتان وكثير من السراري . وبعد ذلك بزمن كان (فيليب أوفاهيس) و(فريديريك وليام) الثاني البروسي يبرمان عقد الزواج مع اثنتين بموافقة القساوسة اللوثريين: وكان (لوثر) يتكلم في شتى المناسبات عن تعدد الزوجات بغير اعتراضي ، فإنه لم يحرم بأمر من الله ، ولم يكن إبراهيم عليه السلام يحجم عنه إذ كان له زوجتان).
ب-وذكر العقاد في كذلك في كتابة (المرأة في القرآن الكريم) : ( أن مجلس الفرنكيين بنورمبرج أصدر قرارً يجيز للرجل أن يجمع بين زوجتيين ، وذلك سنه 1560 ميلادية بعد صلح وستفاليا ، وبعد أن تبين النقص في عدد السكان من جراء حروب الثلاثين)، ويقول: (بل ذهبت بعض الطوائف المسيحية إلى إيجاد تعدد الزوجات ، ففي سنة 1531 نادى (اللامعدانيون) في مونستر صراحة : بأن المسيحي ينبغي أن تكون له عدة زوجات ، ويعتبر (المرمون) كما هو معلوم أن تعدد الزوجات نظام إلهي مقدس).
ج- وقال جرجي زيدان(6) : ( فالنصرانية ليس فيها نص صريح يمنع أتباعها من التزوج بأمرأتين او اكثر ، ولو شاؤوا لكان تعدد الزوجات جائزاً عندهم ، ولكن رؤساءها القدماء وجدوا الاكتفاء بزوجة واحدة أقرب لحفظ نظام العائلة واتحادها ، وكان ذلك شائعاً في الدولة الرومانية ، فلم يعجزهم تأويل آيات الزواج حتى صار التزوج بغير امرأة واحدة حراماً كما هو مشهور)
د- والمسيحية المعاصرة تعترف بالتعدد في افريقيا السوداء للإفريقيين المسيحيين إلى غير حدود ، فقد ذكر (نورجيه) مؤلف كتاب (الإسلام والنصرانية في أواسط افريقية) هذه الحقيقة في قوله: ( فقد كان هؤلاء المرسلون يقولون: إنه ليسمن السياسة أن نتدخل في شئون الوثنيين الاجتماعية التي وجدناهم عليها ، وليس من الكياسه ان نحرم عليهم التمتع بأزواجهم ماداموا نصارى يدينون بدين المسيح ، بل لا ضرر من ذلك مادامت التوراة وهي الكتاب الذي يجب على المسيحيين أن يجعلوه أساس دينهم يبيح هذا التعدد ، فضلاً عن أن المسيح أقر في ذلك بقوله : ( لاتظنوا أني جئت لأنقض الناموس او الانبياء ماجئت لأنقض بل لأكمل). وأخيراً أعلنت الكنيسة رسمياً السماح للإفريقيين النصارى بتعدد الزوجات إلى غير حد.
هـ- والشعوب الغربيةالنصرانية وجدة نفسها تجاه زيادة عدد النساء على الرجال –وبخاصة بعد الحربين العالميتين- إزاء مشكلة اجتماعية خطيرة ، لاتزال تتخبط في إيجاد الحل المناسب؛ وقد كان بين الحلول التي برزت إباحة تعدد الزوجات.
ففي عام 1948م عقد مؤمتر للشباب في (ميونخ) بألمانيا ، وبحث مشكلة زيادة عدد النساء في ألمانيا أضعافاً مضاعفة عن عدد الرجال بعد الحرب ، وقد استعرضت مختلف الحلول لهذه المشكلة ، وكانت النتيجة أن أقرت اللجنة توصية المؤتمر بالمطالبة بإباحة تعدد الزوجات لحل المشكلة.
وفي عام 1949م ، تقدم أهالي (بون) عاصمة ألمانيا الاتحادية بطلب إلى السلطات المختصة ، يطلبون فيه أن ينص في الدستور الألماني على إباحة تعدد الزوجات(5). ونشرت الصحف منذ عشر سنوات تقريباً أن الحكومة الألمانية أرسلت إلى مشيخة الأزهر تطلب منها نظام التعدد في الإسلام ، لأنها تفكر في الاستفادة منه كحد لمشكلة ازدياد النساء ، ثم اتبع ذلك وصول وفد من العلماء الألمان اتصلوا بشيخ الأزهر لهذه الغاية(7)
ثناء المفكّرين الغربيّين على نظام التعدُّد :
تطالعنا الصحف والمجلات والكتب الاجتماعية بين الحين والآخر بكلمات لكثير من الكتاب الاجتماعيين والمفكرين الغربيين ، ويحبذون فيها نظام تعدد الزوجات ، وينادون به ويشجعون عليه؛ لما له من أثر كبير في إصلاح المجتمع والأخلاق ، وإليكم طرفاً من أقوالهم وكتاباتهم :
أ- فقد عرض (جروتيوس) العالم القانوني المشهور لموضوع تعدد الزوجات ، فاستصوب شريعة الآباء العبرانيين والأنبياء في العهد القديم(
ب- وقال الفيلسوف الألماني المشهور (شوبنهور): في رسالته (كلمة عن النساء): (إن قوانين الزواج في أوروبا فاسدة المبنى بمساوات المراة بالرجل ، فقد جعلتنا نقتصر على زوجة واحدة فأفقدتنا نصف حقوقنا ،وضاعفت علينا واجباتنا .. إلى أن يقول: ولاتعدم المرأة من الأمم التي تجيز تعدد الزوجات زوجاً يتكفل بشؤونها ، والمتزوجات عندنا نفر قليل ، وغيرهنَّ لايحصين عدداً ، تراهن بغير كفيل: بين بكر من الطبقات العليا قد شاخت وهي هائمة متحسرة ، ومخلوقات ضعيفة من الطبقات السفلى ، يتجشمن الصعاب ، ويتحملن مشاق الأعمال ، وربماابتذلن فيعشن تعيسات متلبسات بالخزي والعار ، ففي مدينة (لندن) وحدها ثمانون ألف بنت عمومية(9) ، سفك دم شرفهن على مذبح الزواج ، ضحية الاقتصار على زوجة واحدة ، ونتيجة تعنت السيدة الأوربية ، وما تدعية لنفسها من الأباطيل ، أما آن لنا أن نعد بعد ذلك تعدد الزوجات حقيقة لنوع النساء بأسره)(10)
جـ- ويقول (غوستاف لوبون) في كتابه (حضارة العرب): (إن مبدأ نظام تعدد الزوجات الشرقي نظام طيب ، يرفع المستوى الأخلاقي في الأمم التي تقول به ، ويزيد الأسرة ارتباطاً ، ويمنح المرأة احتراماً وسعادة لاتراهما في أوربا).
د- ذكر العقاد في كتابه (المرأة في القرآن الكريم) طائفة من آراء الفلاسفة الأوربيين في التعدد ، فينقل عن الدكتور (ليبون) قوله (إن القوانين الأوربية سوف تجيز التعدد) ، ونقل عن الاستاذ (أهرنفيل) قوله : (إن التعدد ضروري للمحافظة على بقاء السلالة الآرية).
هـ- وقالت (أني بيزانت) زعيمة التصوفية العالمية في كتابها (الأديان المنتشرة في الهند): (ومتى وَزَنَّا الأمور بقسطتط العدل المستقيم ، ظهر لنا أن تعدد الزوجات الإسلامي –الذي يحفظ ويحمي ويغذي ويكسو النساء- أرجح وزناً من البغاء الغربي ، الذي يسمح بأن يتخذ الرجل امرأة لمحض إشباع شهواته ، ثم يقذف بها إلى الشارع متى قضى منها أوطاره).
و- وجاء في مجلة (الفتح) القاهرية نقلاً عن جريدة (ديلي ميل) الأنكليزية المشهورة ، التي نشرت مقالاً تدافع فيه عن تعدد الزوجات بسبب الأزمة التي وقعت في إنجلترا ، وبلاد الغال في زيادة عدد النساء على الرجال والتي قدرت بمليونين.) جاء في هذه المجلة المذكورة: ( إن إباحة تعدد الزوجات هي الطريقة الوحيدة للعلاج الناجح ، وليست مسألة الزوجة الواحد إلا مسألة اعتقاد واتفاق ، وهي في الحق الواقع نتيجة نسبة عددية . ثم ذكرت أن نظرية المرأة الواحدة للرجل الواحد هي نظرية الأنسب والأوفق ،ولكن الاستمساك بها لايستحسن إلا عند التعادل العددي في الجنس ، أما إذا زاد عدد جنس النساء على العدد الآخر ، ولم تتخذ التدابيرفي ذلك فلا مفر من حرب طاحنة تنشب بين الجنسين).
ز- وقال الدكتور نظمي لوقا في كتابه (محمد الرسالة والرسول) ما يلي:
( وما من شك في أن نظام الزوجة الواحدة الدائم نظام مثالي ... ونظرة إلى واقع الحياة البشرية في تاريخ مجتمعاتها الغابر والحاضر ، تطلعنا على تعدد النساء في حياة الرجل الواحد سواء جهراً او سراً ، سواء برخصة من القانون أو الدين ، أو رغم القانون والعقيدة . وما من عاقل يفضل التعدد بغير رخصة على التعدد برخصة ... وعندئذ لا حيلة إلا في التعدد ، لأنه الحل السليم الوحيد لأساس الجماعة ، والضرورات تبيح المحضورات ، وماالقول في زوجة أقعدها المرض ؟ وماالقول في الزوجة العقيم ؟ وماالقول في الزوجة الفاترة؟ وماالقول في الزوجة سقيمة الأعصاب؟ طلاقها أرحم بها أم اردافها بزوجة أخرى؟ لا شك أن الامر واضح ، هي رخصة إذن تستخدم بحقها ، ولكنها ليست إلزاماً ..).
وهذا الذي ذكرناه من ثناء المفكريين الغربيين غير المسلمين عن نظام التعدد ، ماهو إلا غيض من فيض ، وغرفة من بحر ، ومن أراد أن يتتبع آراء الفلاسفة وعلماء الاجتماع والتربية في هذا المجال ، يجدها أكثر من أن تحصى ، وأعظم من أن تستقصى ، ولابد من أن يأتي اليوم الذي تثوب فيه البشرية إلى الإسلام ؛ لكونه دين حق وفطرة ، وتنزيلاً من رب العالمين ، وصدق الله العظيم القائل: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الاَفَاقِ وَفِيَ أَنفُسِهِمْ حَتّىَ يَتَبَيّنَ لَهُمْ أَنّهُ الْحَقّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبّكَ أَنّهُ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}(11)
الحكمة من التعدُّد في نظر الإسْلام :
لاشك أن الإسلام حين شرع التعدد ، كان ذلك لحكمة سامية ، ومصلحة عامة ، وضرورات اجتماعية وشخصية ، وسبق أن ذكرنا قبل قليل طرفاً من هذه الضرورات والحكم التي جاء ذكرها على ألسنة العلماء والمفكرين ، والتي دفعتهم إلى أن يثنوا على نظام التعدد ، وينادوا بأحقيته وضرورته لتخليص المجتمعات البشرية من المشكلات الاجتماعية ، والمفاسد الخلقية.
وتوضيحاً للبحث نحصر الحكمة من نظام تعدد في الأمور التالية:
أ- الفائدة الاجتماعية ب- المصلحة الشخصية جـ - الحكمة الخلقية
أما الفائدة الاجتماعية فتظهر في حالتين لايُنْكِر أحدٌ وقوعها:
1- عند زيادة النساء على الرجال ، كما هو الشأن في كثير من البلدان كشمال أوربا ، فإن النساء حتى في غير اوقات الحروب تفوق الرجال بكثير ، وقد دلت الإحصائيات في (فنلندا) أنه من بين كل أربعة أطفال ألا ثلاثة يولدون يكون واحد منهم ذكراً ، والباقون إناثاً ، ففي هذه الحالة يكون التعدد أمراً واجباً.
2- عند قلة الرجال عن النساء قلة بالغة نتيجة الحروب الطاحنة أو الكوارث العامة ، وقد دخلت أوربا حربين عالميتين خلال ربع قرن ، فهلك فيها ملايين الرجال ، وأصبحت جماهير غفيرة من النساء – مابين أبكار وما بين متزوجات – فقد فقدن عائلهن وأصبحن بلا زواج ، وسبق أن ذكرنا أن قامت بعض بلاد أوربا – ولاسيما ألمانيا- جمعيات نسائية واجتماعية تطالب بالسماح بتعدد الزوجات ، أو بتعبير آخر أخف واقعاً في أسماع الغربيين وهو: (إلزام الرجل بأن يتكفل امرأة أخرى غير زوجته).
وضرورات الحرب ونقصان الرجال فيها ، لاتدع مجالاً للمكابرة في أن الطريق الوحيد لتلافي الخسارة البالغة بالرجال هو السماح بتعدد الزوجات.
رد على اعتراض:
ورب سائل يقول: في حالة زيادة الرجال على النساء لماذا لا يباح للمرأة تعدد الأزواج؟
أقول في الرد على هذا الاعتراض:
إن المساواة بين الرجل والمرأة في أمر التعدد مستحيلة طبيعةً وخِلقةً وواقعاً ،ذلك لأن المرأة في طبيعتها لاتحمل إلا في وقت واحد ، ومرة واحدة في السنة كلها ، أما الرجل فغير ذلك؛ فمن الممكن أن يكون للرجل أولاد متعددون من نساء متعددات ، ولكن المرأة لايمكن أن يكون لها مولود واحد من أكثر من رجل واحد ، وأيضاً تعدد الأزواج بالنسبة إلى المرأة يضيع نسبة ولدها إلى شخص معين ، وليس الأمر كذلك بالنسبة غلى الرجل في تعدد زوجاته.
وشيء آخر وهو أن للرجل حق رئاسة الأسرة في جميع شرائع العالم ، فإذا أبحنا للزوجة تعدد الأزواج فلمن تكون رئاسة الأسرة ؟ أتخضع لهم جميعاً ؟ وهذا غير ممكن لتفاوت رغباتهم ، أم تخص واحداً دون الآخر ؟ وهذا مايسخط الآخرين.
وهناك أمور تتعلق بنسبة الولد إلى أحد الأزواج ، وأمور تتعلق بالإتصال الجنسي ، لاتخفى على من كان عنده أدنى إدراك أو بصيرة : من إرهاق للمرأة وإضرار بها ، ومن وقوع في المشاكل العائلية ، والأمراض الجسمية والنفسية ... إلى غير ذلك من الأضرار البالغة ، والعواقب الوخيمة .
إذن فتعدد الأزواج بالنسبة للمرأة مستقبح عقلاً ، وحرام شرعاً ، ومستحيل طبيعة وواقعاً ، فلا يقول به إلا من كان إباحي النزعة ، مدنس السمعة ، فاسد الخلق ، عديم الغيرة ، ملوث الشرف.
أمَّا المصلحة الشخصية ، فإنها تعود إلى مصحلة الشخص بالذات ، وهي كثيرة نجتزئ منها بأهمها:
1- أن تكون الزوجة عقيمة لاتلد ، والزوج يحب انجاب الأولاد والذرية ، ومثل هذا ليس أمامه إلا أحد أمرين: إما أن يطلق زوجته العقيم ، أو أن يتزوج عليها ، ولا شك في أن الزواج عليها أكرم للمرأة ، وأصلح لها ، والمرأة العاقلة تفضل التعدد على الطلاق ، لكون الطلاق ضياعاً وتشرداً.
2- أن يصاب الزوجة بمرض مزمن أو معدٍ أو منفر ، بحيث لايستطيع الزوج أن يعاضرها معاشرة الأزواج ، فالزوج هنا بين حالتين: إما أن يطلقها ، وإما أن يتزوج عليها ويبقيها في عصمته وتحت رعايته ، ولايشك أحد في أن الحالة الثانية أكرم وأنبل ، وأضمن لسعادة الزوجة المريضة وزوجها على السواء.
3- أن يكون الرجل بحكم عمله كثير الاسفار ، وتكون إقامته في غير بلدته تستغرق في بعض الأحيان شهوراً ، ويتعذر عليه نقل زوجته وأولاده كلما سافر ، وهنا يجد نفسه كرجل بين حالتين: إما أن يشبع ميلة الجنسي عن طريق غير مشروع وهذا هو الزنى(12) ، وإما أن يتزوج أخرى ، ولاشك أن الزواج بأخرى هو من مصلحة الدين والأخلاق والمجتمع.
4- أن يكون عند الرجل من القوة الجنسية ما لايكتفي معها بزوجته ، إما لشيخوختها ، أو لضعفها ، أو لكثرة الأيام التي لاتصلح فيها المعاشرة الجنسية – وهي أيام الحيض والحمل والنفاس والمرض وما أشبهها – في هذه الحالة إما أن يكون إشباع غريزته بالمعاشرة المحرمة ، وإما أن يكون عن طريق الزواج المشروع ، ولاشك أن مبادئ الأخلاق ، وأحكام الشريعة تختار الزواج المشروع على المعاشرة المحرمة.
5- أن يكون عند الرجل الرغبة الأكيدة ، والعزم الصادق في إنجاب الأولاد ، وتكثير الذرية ، إما ليستعين بهم على أعباء الحياة ، وإما ليعدهم شباباً مؤمنين ، ودعاة صادقين ، يبلغون رسالات ربهم ، ويخشونه ولايخشون أحداً إلا الله ، وإما ليحظى بالأجر والمثوبة حين يحسن أدبهم وتربيتهم ، لكي تقرعين رسول الله صلى الله عليه وسلم في مباهته الأمم يوم القيامة بكثرة أمته (13)
أمَّا الحكمة الخلقية:
فلأن الأمة التي يكون فيها عدد النساء أكثر من عدد الرجال يكون التعدد واجباً أخلاقياً ، وواجباً اجتماهياً على السواء ، لأن التعدد أفضل من تسكع النساء العازبات الزائدات عن الرجال في الطرقات أو أماكن الفجور ، لا عائل لهن ، ولا بيت يؤويهن .
ولا يوجد إنسان يحترم كرامة المرأة ، ويقدر مصلحة المجتمع يفضل انتشار الدعارة على تعدد الزوجات.
ومنذ أوائل هذا القرن تنبه المنصفون الغربيين إلى ماينشأ من منع تعدد الزوجات من تشرد النساء ، وانتشار الفحشاء ، وكثرة الأولاد غير الشرعيين ، وأعلنوا أنه لا علاح لذلك إلا السماح بتعدد الزوجات. فقد نشرت جريدة (لاغوص ويكلي ركورد) نقلاً عن جريدة (لندن تروث) بقلم إحدى السيدات الانجليزيات مايلي :
( لقد كثرت الشاردات من بناتنا ، وعم البلاء ، وقل الباحثون عن أسباب ذلك ، وإذ كنت امرأة تراني أنظر إلى هاتيك البنات وقلبي يتقطع شفقة عليهن وحزناً ، وماذا عسى يفيدهن بثي وحزني ، وإن شاركني فيه الناس جميعاً ؟ لافائدة إلا العمل بما يمنع هذه الحالة الرجسة ، ولله در العالم الفاضل (تومس) فإنه رأى الداء ووصف له الدواء الكامل الشفاء ، وهو الإباحة للرجل أن يتزوج بأكثر من واحدة ، وبهذه الواسطة يزول البلاء لامحالة ، وتصبح بناتنا ربات بيوت ، فالبلاء كل البلاء في إجبار الرجل الأوربي على الاكتفاء بامرأة واحدة).
(أي ظن يحيط بعدد الرجال المتزوجين الذين لهم أولاد غير شرعيين أصبحوا كَلاًّ وعاراً وعالة على المجتمع؟! فلو كان تعدد الزوجات مباحاً لما حاق بأولئك الأولاد وأمهاتهم ماهم فيه من العذاب والهون ، ولسلم عرضهن وعرض أولادهن .. إن إباحة تعدد الزوجات تجعل كل مرأة ربة بيت ، وأم أولاد شرعيين)(14)
وتدلنا الإحصائيات التي تنتشر في أوربا وأمريكا عن ازدياد نسبة الأولاد غير الشرعيين زيادة مستمرة ، تقلق الباحثين الاجتماعيين وهؤلاء ليسوا إلا نتيجة اقتصار الرجل على امرأة واحدة ، وكثرة النساء اللواتي لايجدن طريقاً مشروعاً للاتصال الجنسي ، وبناء على هذه الإحصائيات المؤلمة ، والأوضاع الاجتماعية المزرية ، أباحت ألمانيا أخيراً تعدد الزوجات(15) ، وتسوية للمشكلة . ولا يبعد أن تحذوا أوربا وأمريكا حذو ألمانيا في إباحة التعدد ، لأن تعدد الحلائل خير من تعدد الخلائل(16) ، والزواج المشروع خير من الاتصال المحرم ، والفاحشة الممقوتة ، ومن أحسن مِن الله حكماً لقوم يوقنون؟.
مقارنة بين تعدادنا وتعدادهم :
إن نظام التعدد في الشريعة الإسلامية أخلاقي إنساني:
أما أنه أخلاقي، فلأنه لا يسمح للرجل أن يتصل بأية امرأة إلا إذا كانت زوجته (17) بشرط ألا يتجاوز عدد الزوجات الأربع.
وأما إنه إنساني فلأنه يخفف من مشكلات المجتمع ، بإيواء امرأة لازوج لها ، ونقلها إلى مصاف الزوجات المصونات المحصنات ؛ ولأنه يعترف بالأولاد الذين أنجبتهم ، ويقوم بحقهم ورعايتهم كما يجب؛ ولأنه يدفع مقابل هذا الزواج مهراً وأثاثاً ونفقات باعتبارها زوجه ولها حقوق.
أين هذا التعدد الواقع في حياة الغربيين؟ فإنه واقع من غير شرع ولا قانون ، بل واقع تحت سمع القانون وبصره. وإنه لايقع باسم الزوجات ، ولكن يقع باسم الصديقات والخليلات. وإنه ليس مقتصراً على أربع فحسب ، بل هو إلى مالا نهاية له من العدد. إنه لا يقع علناً تفرح به الأسرة ، ولكنه سر لايعرف به أحد.
إنه لايلزم صاحبه بأية مسئولية مالية نحو النساء اللاتي يتصل بهن ، بل حسبه أن يلوث شرفهن ، ثم يتركهن للخزي والعار والفاقة ، وتحمَّل آلام الحمل والإجهاض والولادة غير المشروعة. إنه لايلزم صاحبه بالاعتراف بما نتج عن هذا الاتصال من أولاد ، بل يعتبرون غير شرعيين ، يحملون على جباههم خزي السفاح والعار ماعاشوا.
إنه تعدد خال من كل تصرف أخلاقي أو يقظة وجدانية أو شعور إنساني. إنه تعدد تبعث عليه الشهوة الأنانية ، ويفر من تحمل كل مسؤولية. فأي النظاميين ألصق بالأخلاق ، وأكبح للشهوة ، وأكرم للمرأة ، وأدل على الرقي ، وأبر بالإنسانية؟.
بعد هذا يحق لك أن تتعجب من إثارة الغربيين وأعداء الإسلام للضجة التي يحدثونها على نظام الإسلام في تعدد الزوجات !!!
وتتساءل أنت أيها العاقل المنصف: ألا يشعرون في قرارة نفوسهم بأنهم ليسوا على حق في إثاره الضجة ، وافتعال هذا الاتهام ؟! ألا يشعرون بأن من يقتصر على أربع خير ممن يجدد كل ليلة امرأة ؟.
وأن من يلتزم نحو من يتصل بها مسؤوليات أدبية ومالية ، أنبل ممن يتخلى نحوها عن كل مسؤولية ؟!. ألا يشعرون أن إنجاب نصف مليون ولد - مثلاً - عن طريق الزواج أكرم وأحسن للنظام الاجتماعي من انجابهم عن طريق السِّفاح.
في الحقيقة إنهم يشعرون بذلك لو تخلوا عن غرورهم وتعصبهم.
أما الغرور: فهو اعتقادهم أن كل ماهم عليه حسن وجميل ، وأن ماعلية غيرهم من الأمم والشعوب سئ وقبيح.
أما التعصب: فهو هذا الذي يتوارثونه جيلاً بعد جيل ضد الإسلام ، ونبي الإسلام ، والقرآن الكريم (18)
أحكام التعدُّد في الشريعة الإسْلامية :
قبل أن نشرع في أحكام التعدد في الشريعة الإسلامية يحسن بنا أن نبين وجه الارتباط بين قوله تعالى {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَىَ .. }(19) وقوله : {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مّنَ النّسَآءِ مَثْنَىَ وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ }(20) .
ذكر المفسرون في ذلك عدّة آراء أظهرها رأيان:
الأول: وإن حفتم ألا تعدلوا في تزوجكم بيتامى النساء المشمولات بولايتكم فتزوجوا غيرهن مما طاب لكم من النساء إثنين إن شئتم ، أو ثلاثاً ، أو أربعاً ، لأن العاقل يترك الذي يترك الزواج الذي يفضي به إلى الظلم إلى الزواج الذي لاظلم فيه
وهذا التفسير مروي عن السيدة عائشة رضي الله عنها ووجه الارتباط واضح عليه.
الثاني: وإن خفتم ألا تعدلوا في اليتامى ، فكذلك خافوا ألا تعدلوا في النساء اللاتي تتزوجون بهن ، فتزوجوا منهن ما لا تخافون فيه الظلم: اثنين ، أو ثلاثاً ، أو أربعاً ، فإن خفتم ألا تعدلوا بين الأكثر من واحدة فتزوجوا واحدة أو ما ملكت أيمانكم . لأن من تحرج من عمل ما يُفضي إلى الظلم كظلم اليتامى عليه أن يتحرج من أن يتحرج من كل عمل يُفضي إلى ظلم كظلم الزوجات .
هذا التفسير مروي عن سعيد بن جبير ، والسدي ، وقتادة .. ورجحة شيخ المفسرين ابن جرير الطبري وقال ( إنه أولى الأقوال بالقبول).
فالآية – على حسب ما رجحة الإمام الطبري – تحذر الأولياء والأوصياء من سلوك الطريق المفضلة بهم إلى ظلم الزوجات الذي لايقل قبحاً وشناعة عن ظلم اليتامى الذي يخافونه ويتحرون منه.
كما أنهم يتحرون من ظلم اليتامى فعليهم أيضاً أن يتحروا من ظلم الزوجات حين يريدون التعدد ، فإن خافوا ألا يعدلوا فعندئذ يقتصرون على واحدة.
وبعد أن بيّنا وجه الارتباط في الآية نشرع في تبيان أحكام التعدد والله المستعان:
1- الأمر بقوله تعالى {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مّنَ النّسَآءِ}
(21) للإباحة لا للإيجاب ، وإذا كان للإباحة فالمسلم مخير بين أن يقتصر على زوجة واحدة أو يعدد ، وعلى ذلك إجماع المجتهدين والفقهاء في مختلف العصور لا نعلم في ذلك خلافاً
2- لايجوز الجمع بين أكثر من أربع زوجات في وقت واحد لقوله تعالى {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مّنَ النّسَآءِ مَثْنَىَ وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ .. }( 22 ) ، على ذلك إجماع الصحابة والأئمة المجتهدين في جميع العصور ، ولا عبرة بمن خالف ذلك من أهل الأهواء والبدع ، فخلافهم ناشئ من جهلهم ببلاغة القرآن الكريم ، وأساليب البيان العربي ، ومن جهلهم بالسنة النبوية كما قال القرطبي.
وإلا فمن يقول: إن هذه الكلمات {مَثْنَىَ وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ}( 23 ) في الآية جاءت لمطلق الجمع ، فيصبح مجموع الزوجات تسع؟ ومن يقول أيضاً: إن هذه الكلمات جاءت لجمع اثنين مع اثنين ، ثلاثاً مع ثلاث ، وأربعاً مع أربع ، فيصبح المجموع العام ثماني عشرة زوجة؟ إن هذه التقوّلات الباطلة تتنافى مع أبسط الأذواق في الفهم العربي ، وتتعارض مع فصاحة القرآن الكريم وأسلوبه البياني المعجز ..
فحين نقول: حضر أعضاء المؤتمر مثنى وثلاث ورباع ..فهم العربي صاحب الذوق السليم من هذا التعبير أن بعض أعضاء المؤتمر حضروا اثنين اثنين وبعضهم حضر ثلاثة ثلاثة ، وبعضهم حضروا أربعة أربعة ولايمكن أن يفهم أحد أن جمهلة من حضر تسعة أو ثمانية عشر ...
وكذلك حين قال الله عز وجل {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مّنَ النّسَآءِ مَثْنَىَ وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ .. } ( 24 )فيفهم من هذه الآية كما دلّ عليها ظاهر لفظها ، وأسلوب بيانها: يباح لكم – يامسلمين – أن تنكحوا من النساء زوجتين إن شئتم ، أو ثلاث زوجات إن أردتم إلى أربع زوجات ، وهذا هو الحد الأعظم؛ فلا يجوز لكم أن تزيدوا على الأربع بحال من الأحوال. والسنة النبوية الصحيحة قد أكدت من أن المراد من الجمع في الآية أربع زوجات.
وإليكم ماذكرته السنة الصحيحة:
أ- أخرج مالك في الموطأ ، وأحمد في مسنده ، وابن ماجه والترمذي في سننهما ، والشافعي في الأم أن غيلان الثقفي أسلم وفي عصمته عشر نسوة ، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: (اختر منهنّ أربعاً وفارق سائرهن) ( 25 ) .
ب- وروى ابن ماجه وأبوداود في سننهما أن قيس بن الحارث أسلم وعنده ثماني نسوة ، فذكر ذلك للرسول صلى الله عليه وسلم فقال له: (اختر منهنّ أربعاً).
جـ- وقد روت كتب السنة غير هذين الحديثين ، فقد رُوي أن نوفل بن معاوية الديلمي قال: أسلمتُ وتحتي خمس نسوة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (فارق واحدة منهن) قال: فعمدتُ إلى عجوز عاقر معي منذ سنتين فطلّقُتها.
فهذه الأحاديث متفقة على أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر من أسلم وفي عصمته أكثر من أربع زوجات أن يتخيّر منهن أربعاً ، ويفارق سائرهن.
ويفهم من فعل النبي صلى الله عليه وسلم هذا أن السنة جاءت متضافرة ومؤكّدة لما صّرح به القرآن الكريم ألا وهو: لايجوز الجمع بين أكثر من أربع نسوة في آن واحد ، فأصبح للمنع دليلان: دليل القرآن ، ودليل السنة ، عدا من دليل الإجماع الذي هو حجة تشريعية بعد القرآن والسنة . فبأي حديث بعد ذها يؤمنون؟!.
وأما ماصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه جمع بين تسع نسوة في آن واحد ..
فأولاً: كان هذا الجمع –كما سيأتي- خصوصية من خصوصياته ، وثانيا كان لأسباب تشريعية وإنسانية ، وأغراض سياسية واجتماعية .. وسوف يأتي الحديث عنها ، والتفصيل فيها في بحث الحكمة من تعدّد أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في القسم الثاني من هذا الكتاب إن شاء الله.
3- إن التعدد مشروط بالعدل بين الزوجات لقوله تعالى {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَىَ أَلاّ تَعُولُواْ}(26) ، فمن لم يتأكد من قدرته على العدل لم يجز له شرعاً أن يتزوج بأكثر من واحدة ، ولو تزوج كان العقد صحيحاً بالإجماع ، ولكنه يكون آثماً ؛ لما روى أبو داود وابن ماجه والترمذي وابن حبان في صحيحه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ( من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة أحد شقيه مائل) ( 27 ) .
وروى مسلم وغيره عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن ، وكلتا يديه يمين ، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وماولوا)(28)
وقد أجمع العلماء – وأيده تفسير الرسول الله صلى الله عليه وسلم وفعله – أن المراد بالعدل المشروط هو العدل المادي في المسكن واللباس والطعام والشرب والمبيت ، وكل مايتعلق بمعاملة الزوجات مما يمكن فيه تحقيق العدل ، ومما يدخل في طوق الإنسان وإرادته.
4- إن العدل في الحب بين الزوجات غير مستطاع ، وليس في طوق البشر لقوله تعالى {وَلَن تَسْتَطِيعُوَاْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النّسَآءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتّقُواْ فَإِنّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رّحِيماً}(29) ؛ فتفيد هذه الآية الكريمة أن على الزوج ألا يميل عن الزوجة الأولى كل الميل ، فيذرها كالمعلقة لا هي زوجة يؤديها حقوقها ، ولا مطلقة تعرف سبيلها ، بل عليه أن يعاملها باللطف والحسنى بما استطاع عسى أن يصلح قلبها ، ويكسب مودتها؛ وقد فهم النبي صلى الله عيه وسلم أن المراد من آية: {وَلَن تَسْتَطِيعُوَاْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النّسَآءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ .. } الحب القلبي لأن الإنسان لايستطيع أن يعدل فيه ولو حرص ، ولكنه خارجاً عن طاقة البشر ، فقد كان حبه للسيد عائشة – رضي الله عنها – أكثر من حبه لباقي زوجاته ، فكان صلى الله عليه وسلم حين يعدل بين زوجاته بالأمور المادية يقول: (اللهم هذا قَسْمي فيما أملك ، فلا تؤاخذني فيما لا أملك)(30) (ملاحظة: هذا الحديث ضعيف)(31)
هذا التفسير لآية {وَلَن تَسْتَطِيعُوَاْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النّسَآءِ} وعليه إجماع المفسرين قديماً وحديثاً ، وعليه إجماع الفقهاء والمجتهدين في كل العصور ولو أخذنا بآية {وَلَن تَسْتَطِيعُوَاْ أَن تَعْدِلُواْ.. } على ظاهرها لكان بينها وبين آية {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مّنَ النّسَآءِ مَثْنَىَ وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ .. } تناقض ، والقرآن الكريم منزة عن الخلل والتناقض ، بل هو غاية في الإبداع والإحكام ورصانة النظم ، وسمو التشريع ، لقوله تبارك وتعالى {الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمّ فُصّلَتْ مِن لّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ}(32) ، {أَفَلاَ يَتَدَبّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً}(33) ؛ ويتلخص مما تقدم: أن المقصود بالعدل في الآية هو الحب القلبي ، وهذا ما عليه تفسير الرسول صلى الله عليه وسلم للآية ، وما عليه إجماع الأئمة كما بيّنا سابقاً.
من العلماء الموثوقين وعلى رأسهم الإمام الشافعي – رحمة الله – من اشترط القدرة على الإنفاق لمن أراد التعدد ، وهذا الاشتراط للإمام الشافعي مبني على فهم خاص للآية: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً ... ذَلِكَ أَدْنَىَ أَلاّ تَعُولُواْ} ، وهذا الفهم تؤيده قواعد اللغه كما سيأتي. قال الإمام البيهقي في كتابه (أحكام القرآن) الذي جمعه من كلام الشافعي –رحمه الله- في مصنفاته: (وقوله: {أَلاّ تَعُولُواْ} أي لايكثر من تعولون إذا اقتصر المرء على واحدة وإن أباح له أكثر منها) ا هـ صحيفة 260 . وقد أيد الكسائي وأبو عمر الدُّوري وابن الأعرابي ماذهب إليه الشافعي في تفسير قوله تعالى {أَلاّ تَعُولُواْ} أي لاتكثر عيالكم ، قال الكسائي – أبوالحسن علي ابن حمزة - : العرب تقول: عال يعول، وأعال يُعيل أي كثر عياله(34) . ومما يؤيد مايذهب إليه الشافعي لغة حمير ، قال الثعلبي المفسّر: قال أستاذنا أبوالقاسم بن حبيب: سألتُ أبا عمر الدُّوري عن هذا –وكان إماماً في اللغة غير مدافع- فقال: هي لغة حمير ، وأنشد:
إن الموت يأخذ كل حيّ بلاشك وإن أمشي وعَالا
يعني وإن كثرت ماشيته وعياله(35)
وقال أبو حاتم: (كان الشافعي أعلم بلغة العرب منا) ، وقرأ طلحة بن مصِّرف (ألّا تُعِيلوا) والمعنى ألا تكثر عيالكم وهي حجة الشافعي. وهذا الفهم للإمام الشافعي ومن ذهب مذهبه يفيد ضمناً اشتراط القدرة على الإنفاق لمن أراد التعدد إلا أنه شرط ديانة(37) لا شْرط قضاء.
وبعد: فهذه هي أهم الأحكام التي شرعها الله في نظام التعدد ، وهي متفقة كل الاتفاق مع الواقع الاجتماعي والحالة المادية ، فالذي يأنس من نفسه أنه لايستطيع أن يعدل إن تزوج بأكثر من واحدة ، أو لم يكن عنده النفقة مايسد حاجة الزوجتين أو الثلاث : من مسكن ، وطعام ، وكسوة ؛ فلا يجوز له شرعاً أن يعدد ؛ حتى لايقع في الظلم الذي حرمه الإسلام ، وبالتالي لاتقع الزوجة الثانية بالمضارَّة التي نهي عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: (لاضرر ولاضرار)(38) ، فهو حديث ، وقاعدة أصولية كما هو معلوم.
هذا وإن التعدد – حين لايتحقق فيه جانب العدل – يوقع الزوج في مشاكل عائلية ، تؤدي في الغالب إلى تنافر بغيض ، وعداوَة مستحكمة ؛ مما يجعل حياة الزوج جحيماً لايطاق ، وربما انتقل هذا التنافر والعداء إلى أولاد الزوجات ، فينشأ الإخوة بينهم من البغضاء والشحناء ما يؤول إلى الفرقة والهجران ، وعدم استقرار الحياة الزوجية.
وفي تقديري أن المشاكل العائلية ناتجة عن سبيين رئيسيين:
الأول: ناتج عن الرجل لكونه لم يتحقق جانب العدل المادي في جميع المجالات: العدل في النفقة ، العدل في المعاملة ، العدل في القسمة ، العدل في الحقوق.
الثاني: ناتج عن المرأة لكونها تنظر إلى الحياة بمنظار الأنانية وعدم تفهم الواقع ، ومصلحة المجتمع ، بل تنساق وراء عواطفها وأهوائها انسياقاً أعمى دون تحكيم لعقل ، أو نظر إلى مصلحة.
وإذا قامت الحياة الزوجية على أساس من التربية الإسلامية ، والتهذيب الاجتماعي ، والرقابة الإلهية ، عاش المجتمع في ظلال الزوجية على أحسن مايكون من السعادة الحقة ، والاستقرار الكامل ، والعيش الهانيء الرغيد. ومثل هذه التربية تجعل التعدد – حين تقتضية الظروف – قليل المساوئ والأضرار ، حسن النتائج والآثار ، فلا زوجات تحركها العواطف والأهواء ، ولا أولاد تفرقهم العداوات والخصومات ، بل بيت إسلامي تعمره الفضيلة والأخلاق ، ويملؤه الحب والإخلاص ، ويشيع في رحابه الهناءة والاستقرار.
فما أحوجنا أن نعود إلى الدين الحق ، والإسلام الصحيح ، والتبرية الإسلامية المثلى ، وما أحوجنا أن نقوي في نفوسنا جانب التقوى والمراقبة والخشية من الله ، حتى تكون أعمالنا ومعاملاتنا على الوجه الذي يرضي الله ، ويحقق الخير لعباده.
محَاولات لِمنع التّعدُّد :
من المؤسف حقاً أن نسمع من بعض المسؤولين في الدول التي تنتمي إلى الإسلام ، ومن بعض من ينتمي إلى جمعيات نسائية من النساء الدعوة إلى إلغاء تعدد الزوجات ، أو تقييده بقيود شديدة ،تجعل الزواج بأكثر من واحدة ضرباً من المستحيل ، لقد كان لهذه الدعوه صدى سيء بالغ الأثر على الأوساط الإسلامية ، أما في الأوساط التبشيرية والاستعمارية فكان لها صدى مستحب ، وتأييد مطلق ، حيث نُعتت هذه المحاولات بأنها خطوة تقدمية في سبيل تحرير المرأة.
هذا الذي يريد المسؤولون أن يفعلوه في بعض الدول ، وتحاول أن تنتهج منهج بعض الدول العربية ، وتسعى لتحقيقه بعض الجمعيات النسائية في بلادنا ، ليس إلا مجرد استرضاء للغربيين ، أو للدول التي تنادي بدعوة التقدمية ، إثباتاً لانسلاخهم من الإسلام ، وتحررهم من ربقة الدين والأخلاق ، وهو في الوقت ذاته دليل تهافت الشخصية ، واحتقار الذات ، والترامي على اقدام المتعصبين الغربيين ، الماديين الشرقيين ، لاستجلاب عطفهم ، واسترضاء مبشريهم وملاحدتهم على حساب كرامتنا وديننا ومبادئ شريعتنا.
ياليت عند هؤلاء المفترين المتأثرين بالدعايات الغربية ، والأفكار الإلحادية ، العقل الناضج ، والتفكير الصحيح ، ليناقشوا القضايا على ضوء الواقع والمصلحة ، والظروف الاجتماعية !!. وياليتهم حين يتكلمون يتجردون عن الهوى والعاطفة والتعصب! ... لو فعلوا هذا لما قبلوا الحقائق ، ولما وقفوا من نظام التعدد هذا الموقف الملتوى ، ولما أعلنوا تطاولهم على شريعة الله ، ونظام الإسلام.
ألم يسمعوا أن كثيراً من المفكريين ، والمصلحين الاجتماعيين في اوربا وفي كثير من بلاد العالم ، ينادون بنظام التعدد ، وأنه العلاج الناجح لحل مشكلة الأخلاق ، وحل أزمة ازدياد عدد النساء؟
ألم يعلموا أن الله سبحانه حين يشرع لعباده الأنظمة ، ويقرّ لهم المبادئ؛ هو الأعلم بما يصلحهم ، والأدرى بما يحقق سعادتهم واستقرارهم؟.
ألم يقرأوا في الصحف والمجلات عن ازدياد نسبة الأولاد غير الشرعيين ، للعلاقة الجنسية المحرمة بين الرجال والنساء؟
ألم يدركوا أن نظام التعدد يخلّص الكثير من النساء من ذل الحاجة ، وغائلة الفقر ، ويحفظ لهن كرامتهن وعفافهن ؟ فبأي حديث بعد هذا يؤمنون ؟!.
الهوامش والمراجع
(1) سورة المائدة الآية 50
(2) سورة الأنعام الآية 15
(3) عن كتاب (المرأة بين الفقة والقانون) للدكتور مصطفى السباعي رحمه الله ص71
(4) ص237 في بحث الاسرة.
(5) رسالة تيموثاوس الأولى الاصحاح 3 العدد 2
(6) عن كتاب (المرأة بين الفقة والقانون) للسباعي رحمه الله ص74
(7) عن كتاب (المرأة بين الفقة والقانون) ص57.
( عن كتاب (أحكام الأحوال الشخصية) د.محمد يوسف موسى
(9) العقاد في كتاب (حقائق الإسلام) ص167.
(10) هذا في عهد شوبنهور ، قد توفي سنة 1860م
(11) مصطفى الغلاييني في كتابة (الإسلام روح المدينة) ص224
(12) سورة فصلت الآية 53
(13) ومنه نكاح المتعه
(14) في الحديث الذي رواه أبوداود والنسائي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (تناكحوا تكثروا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة).
(15) مجلة المنار للسيد رشيد رضا المجلد الرابع ص485-486
(16) ذكرت الخبر مجلة صوت الإسلام العدد/90/ نقلاً عن صحيفة الأهرام القاهرية.
(17) على حد تعبير الشيخ محمد أبوزهره رحمة الله
(18) أو أمته في حال وجود الرقيق وهو الآن غير موجود
(19) بحث المقارنه بين تعدادنا وتعدادهم اقتبست أكثر فقراته من كتاب (المرأة بين الفقه والقانون) للدكتور السباعي ص93-94 مع بعض التصرف
(20) سورة النساء الآية 3
(21) سورة النساء الآية 3
(22) أي ومادخل تحت ولايتهم.
(23) سورة النساء الآية 129
(24) رواه أصحاب السنن وابن حبان في صحيحه.
(25) هذه ملاحظة من موقع "طريق الحقيقة" ، ضعف هذا الحديث الإمام الألباني رحمة الله في ضعيف سنن أبي داود رقم الحديث 2134
(26) سورة هود الآية 1
(27) سورة النساء الآية 82
(28) سورة النساء الآية 3
(29) أي ومادخل تحت ولايتهم.
(30) سورة النساء الآية 129
(31) رواه أصحاب السنن وابن حبان في صحيحه.
(32) هذه ملاحظة من موقع "طريق الحقيقة" ، ضعف هذا الحديث الإمام الألباني رحمة الله في ضعيف سنن أبي داود رقم الحديث 2134
(33) سورة هود الآية 1
(34) سورة النساء الآية 82
(35) ذكره القرطبي في تفسيره ج/5/ص22.
(36) والمعنى أنه إن كان يعلم أنه لايستطيع الإنفاق على الزوجة الثانية فلا يجوز له ديانة أن يعدد.
(37) رواه ابن ماجه والدارقطني
المصدر
موقع : طريق الحقيقة ( http://www.truthway.com/ )