hmsain.ahlamontada.com

نشكرك على التسجيل فى هدا المنتدى زرنا باستمرار و شاركنا رايك فاليد الواحدة لا تصفق ورايك يهمنا كما ان حضورك الدائم يحفزنا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

hmsain.ahlamontada.com

نشكرك على التسجيل فى هدا المنتدى زرنا باستمرار و شاركنا رايك فاليد الواحدة لا تصفق ورايك يهمنا كما ان حضورك الدائم يحفزنا

hmsain.ahlamontada.com

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
hmsain.ahlamontada.com

منتدى يهتم بنشاطات حركة مجتمع السلم بلدية عين بوزيان


    الاقتصاد الاميركي يضع العالم على حافة الهاوية

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 2093
    تاريخ التسجيل : 01/03/2010
    الموقع : hmsain.ahlamontada.com

    الاقتصاد الاميركي يضع العالم على حافة الهاوية Empty الاقتصاد الاميركي يضع العالم على حافة الهاوية

    مُساهمة  Admin الأربعاء 15 يونيو 2011 - 19:53


    يعود تاريخ نشـر هذه المقالة الى 26/2/2001 وهي تتوقع الازمات الاقتصادية الاميركية قبل حوالي السنة على انفجارها الفعلي. كما يشير هذا التحليل الى الانعكاسات العالمية لأزمات الاقتصاد الأميركي. فيعتبر أنها تضع الإقتصاد العالمي على حافة الهاوية. وهذا ما يعيشه الاقتصاد العالمي راهنا".
    كانت الازمة الاقتصادية المكسيكية بداية لانطلاق فوبيا البورصات. فقد جاءت هذه الازمـة في بدايات التطبيق الواسع للعولمة الاقتصادية او ما يسمى بتعميم نظام السوق. ثم جاءت ازمة النمور الآسيوية و خلفها الازمة الروسية لتعمم هذه الفوبيـا.التي تجسدت بانشاء تجمع الدول الاحـد عشر( التي اعتبرت انها ضحايا العولمة الاقتصادية) . هذا التجمع الذي يتسع يومـا بعد يوم. حتى بات السؤال مطروحا بشكل صارخ حول امكانية عولمة الاقتصاد العالمي لوضعه تحت رحمة مضاربين افراد؟.
    اولم يكن المضارب جورج شوروش هو صانع ازمة النمور الآسيوية و المستفيد منها على حساب اقتصاديات هـذه البلاد و مستوى معيشة سكانها؟.و مثلـه بيريزينوفسكي في الازمة الروسية؟. ثم هل ترانا نتوقف قليلا لنتساءل عن دور حرب كوسوفو في خفض سعر صرف اليوروالى مادون الدولار؟.وعوضاعن الاستمرارفي طرح الاسئلة هل لناان نتدارس الاسباب الحقيقية لازمة الرأسمالية العالمية؟. و ان نراجع بعض ملامح هذه الازمة وتجلياتها؟ ام لعله من الاجدى ان نتوقف كي ننتبـه الى سيرالاقتصاد العالمي على حافـة الهاوية . بمـا يهدد اقتصاديات الدول الاغنى فما بالنا بالدول الفقيرة.
    ففي يوم الاربعاء الواقع في 10/1/2001 واثناء اجتماع الرئيس المنتخب مع شلة من كبار رجال الاعمال الاميركيين في اوتيل اوستن قام رئيس المجلس الاحتياطي الفيديرالي باعلان نمط بوشي- اقتصادي جديد باتخاذه القراربخفض اسعار الفائدة الاميركية. وهو قرار حكيم بالنسبة لما ينتظر الاقتصاد الاميركي من متغيرات بعد خروج كلينتون من البيت الابيض.اذ اعتمد هذا الرئيس سياسة اقتصادية مكنته من تحقيق فائض في الموازنة الاميركية في العام 1998 وكان ذلك للمرة الاولى منذ العام 1956 بل ان الفائض وصل الى 115 مليار دولار عام 1999 وفق تصريح المسؤول الاميركي جاك ليو. وبذلك جلب كلينتون الرفاه للاقتصاد الاميركي حتى اعتبره بعضهم اهم الرؤساء الاميركيين بعد الحرب العالمية الثانية.في حين يعتبر البعض الآخر ، و منهم الجمهوريون ، ان ذلك كان على حساب فوضى استراتيجية اميركية خطيرة. وهـذا البعض كان يطرح السؤال:" هل بالامكان اعتماد سياسـة كلينتون الاقتصاديـة الى ما لا نهاية؟ ". و كيف يمكن اقناع الشركـاء الاوروبيون بقبول استمرار استنزافهـم عبر الازمة البلقانيـة القابلـة للتجديد ؟. خصوصا بعد ادراكهم لحجم خسارتهم الاقتصادية والسياسية في حرب كوسوفو و ما تبعها من تعديل في استراتيجيـة حلف الناتو. و هل يقبل هؤلاء ان يبقوا خارج لعبة النفط و بورصاته كي يهدد البرد سكانهم مع كل ازمة نفطية؟.
    وهـذه الاسئلة تعيدنـا الى اجواء حرب كوسوفو كونهـا بداية عمليـة لاستنزاف الاقتصاد الاوروبي. فقد بدات حرب كوسوفو وسعر اليورو 38 ،1 دولار وانتهت الحرب بعد 79 يوما وسعر اليورو يكـاد يساوي سعر الدولار مع اعبـاء اوروبية تتعلق باعـادة بنـاء كوسوفو وبالتعويضات و نفقات القوات الباقية فيها اضافة الى خسائر الدول المحيطة بكوسوفو والتي قدرت في حينه ب 8 مليارات دولار.
    لقد حـافظ اليورو على سعر مساو للدولار لغاية حزيرن 1999 و نقتطف من مقالة نشرناها في الكفاح العربي 28/6/99 تحت عنوان: " خسائر اوروبا تجعل الحديث عن الانتصار مجرد كلام" الفقرة التالية: ان تراجع سعر صرف اليورو حتى كـاد يتساوى مع الدولار هو مؤشر على هشاشـة الاقتصاد الاوروبي. و من المتوقع ان يستمر سعره بالهبوط عـقب الحـرب و الاعباء التي ترتبها على دوله.
    وبالفعل فقد استمر التدني حتى وصل سعر اليورو الى 82 سنتا بالنسبة للدولار خلال فترة اوكتوبر-نوفومبر الماضيين. عندما اتخذ البنك المركزي الاوروبي قرارات برفع سعر الفائدة من 2,5% الى 4,75%.وهـو اصدر قراره مؤخرا بتثبيت هـذه الفائدة. التي دعمت اليورو ليسترد بعض عافيته فتحسن بما يعادل ال14% من سعره ( تراجعه الاساسي 30%).فبلغ حد ال 95 سنتا. مع سيطرة الميل على ابقاء هذه الفائدة على ما هي عليه حتى نهاية العام 2001 بالرغم من دعوة بعض الخبراء الاقتصاديين الى تخفيض الفائدة استنادا الى توقعات التضخم الاوروبي و الى خفض الفائدة الاميركيـة بمعدل نصف نقطـة مئوية ( كانت5،6%). و في مقدمة هؤلاء الخبراء مدير معهد دي.اي.دبليو. في برلين.الذي يتوقع تدفق التوظيفات باتجاه اوروبا كنتيجة لتباطؤ النمو الاقتصادي الاميركي. وفي هذه الحالة يمكن توقع استعادة اليورو لسعره السابق لحرب كوسوفو اذا ما اصر البنك المركزي الاوروبي علىعدم تخفيض الفائدة. وذلك خاصة بعد ظهور تقارير تفيد بان نسبة النمو للعام 2001 ستتساوى في اوروبا واميركا لتكون في حدود ال 3%. بما يدعم توقعات ارتفاع سعر اليورو.
    1- انقلاب في السياسة النقدية الاميركية
    ان قرار خفض سعر الفائدة ياتي منسجما وسياسة الرئيس بوش.فقـد تاثرت السوق الاميركية باجواء التوقع الانتخابيـة التي اشارت الى فوزه. وانعكس ذلك بانخفاض في نسبة النمو الاميركي الى مستوى 3،2 % في الربع الثالث من 2000 و الى 1،5 % في الربع الاخير. وهـذا التراجع يعود الى القناعة بان فوز الجمهوريين سيترافق مع اجراء تغييرات انقلابية في السياسـة النقديـة الاميركيـة. اذ طالما اعلن الجمهوريون مرارا ادانتهم لسعي كلينتون للمقامرة وراء موارد جديدة. و بانه لم يخض مواجهات استراتيجية مدروسة بقدر خوضه في ميادين تفتح له موارد اقتصادية جديدة . وهـذه الموارد و ان كانت تصب في مصلحة الاقتصاد الاميركي لكنها غير مدروسة و جالبة لازمات مستقبلية شديدة الخطورة. وهـذا الموقف يؤكد عدم موافقة الجمهوريين على سياسة كلينتون و رغبتهم بالانقلاب عليها في حال فوزهم الذي كان مرجحا منذ بداية الانتخابات.لذا كان من الطبيعي ان يصرح بوش تعليقا على قـرار خفض الفائدة بقولـه: " انـه تحرك جريء و انا اهيب بالبنك بالاستمرار في هذه السياسة.".ممـا يشجع التوقعات باستمرار البنك في خفض سعر الفائدة على مراحل خلال العام الجاري. هذا الخفض الذي يصفه المحلل الاقتصادي " تود بوشلز بانـه بمنزلة علاج بالصدمة الكهربائية بهدف اعادة الاقتصاد الى حالـة النمو. كما يؤكد محللون آخرون على ان قـرار الخفض يعكس القدرة على اتخاذ قرارات سريعة و مرنة.
    الرئيس المنتخب من جهته لم يكتف بالاشادة بقرار الخفض بل اتبعه بتصريح ادلى به خلال حضوره لمؤتمر رجال الاعمـال في تكساس طلب فيه من الكونغرس الموافقة على خطتـه لخفض الضرائب بنسبة 6،1 تريليون دولار. ( تجدر الاشارة هنا الى ان المتضرر الرئيسي من هـذا الخفض ستكون المؤسسات التي تتلقى الهبات التي يحسمهـا القانون الاميركي من الضرائب.و في مقدمة المتضررين اسرائيل.لذلك فمن المتوقع ان يخوض اللوبي اليهـودي معركة شرسة في الكونغرس لمعارضة هذه الخطة).
    بعض المحللين الاقتصاديين الاميركيين يتوقعون ان تـؤدي قرارات الجمهوريين الى كارثة اقتصادية.و تتوزع مشارب هؤلاء ما بين مؤيدين لكلينتون وسياسته و بين مؤيدين لاسرائيل ولكن من بينهم ايضا محللون مقتنعون بفعالية السياسة الاقتصادية التي انتهجها كلينتون من مبدأ براغماتي محض. الا ان مستشاري بوش لا يوافقون على هـذه الاراء و يصفونهـا بالمبالغة لدرجة انهم غالبا ما يتجاهلونهـا. و هنا نذكر بالدراسة النفسية التي اشارت الى ان المجلات الاقتصاديـة تنشر توقعات متضاربة حـول السوق لتعود فتبرز القسم المنسجم مع ما يحدث لاحقا.و بمعنى اخر فان توقعات هذه المجلات تشبه الى حد بعيد توقعات الصحف المتخصصة برهانات سباق الخيل.و هذه نقطـة لايمكن تجاهلهـا نظرا لتاثير هذه التوقعات على السوق. مما يقودنا للحديث عن انعكاسات السياسة المعلنـة من قبل الرئيس الاميركي الجديد.فهذه الانعكاسات تحدد والـى مدى بعيد مستقبل السـوق. و مع هذا التحديـد توقع لاتجاهات السياسة الاميركية ولاحتمالات العودة الى سياسة كلينتون ولو بطرق مواربة.
    2- الانعكاسات العالمية للسوق الاميركية
    ان تاثير السوق الاميركي على الاسواق العالمية لا يحتاج الى تاكيد.الا ان هذا التاثيريختلف في درجتـه من بلد لآخر. فمن الطبيعي ان تتاثر الدول المصدرة الى الولايات المتحدة سلبا من اي انخفاض لسعر الدولار.في حين تستفيد من هذا الانخفاض الدول التي تستورد البضائع الاميركية. الا ان العامل الاهم والمتجاهل في آن معا هـو " سعر النفط ".حيث انخفاض سعر الدولار يخلق ازمة لدى الدول المصدرة ويجبرها على رفع اسعارها. وهـذا ما سجله اجتماع دول الاوبيك اواخركانون الثاني 2001 حيث تم خفض الانتاج بصورة محدودة للمحافظة على الاسعار.وهـذا الخفض هو مجرد امتحان لآليـة تسعير النفط في ظل السياسـة الاميركيـة المتوقعة. ولنبدأ باستعراض العلاقة بين الولايات المتحدة وبين الدول المصدرة الرئيسية لنرى ان الدول الآسيوية هي الاكثر اعتمادا على تصدير بضائعها الى اميركا و بالتالي فهي الاكثر تضررا بالمقارنة مع اوروبا مثلا.حيث تبين الارقام حصص الصادرات الى الولايات المتحدة ما يلي:
    اليابان 28،8 % من مجمل صادراتها
    هونع كونغ 22،1 % من مجمل صادراتها
    كوريا الجنوبية 19،9 % من مجمل صادراتها
    تايلاند 19،6 % من مجمل صادراتها
    المانيا 10،3 % من مجمل صادراتها
    فرنسا 8،5 % من مجمل صادرتها.
    ولعل هونغ كونغ هي الاوفر حظا بين الاسيويين. فصحيح انها تعتمد على الولايات المتحدة في 22،1 % من صادراتها الا انها تربط دولارها بالدولار الاميركي.و هو ربط دفعت ثمنه غاليا خلال السنوات الاخيرة.و هي قد استفادت من هذا الربط، لاول مرة منذ سنوات، عندما تم تخفيض سعر الفائـدة الاميركي. ومن المتوقع ان يشجع ذلك الصين على دخـول اسواق العملات بعد ان كانت الدولة الآسيوية الوحيدة المتريثة في ذلك.
    مما تقدم يتضح لنا ان العولمة الاقتصادية ونظام السوق لم تعودا مصطلحين للجدال.بل تحولا الى واقع عالمي.بحيث يمكن لاية ازمة اقتصادية اميركية عنيفة ان تنعكس بشكل مدمر على الاسواق العالمية. مع استثناءات ليست بالقليلة لكنها غامضـة ومتوارية. فالصين مثلا تبقى خارج دائرة الاثر(الا في ما يتعلق بوضعها على لائحة الامم المتمتعة بالرعاية).ومعها الدول التي تخلفت عن ركوب قطار العولمة.و ايضا اصحاب احتياطي الذهب و معهم منتجو السلع ذات الطلب العالي ( يمكنهم الطلب من رفع اسعارهم).و بناء عليه فان انظار العالم تتجه الى الاقتصاد الاميركي و تحديدا الى مؤشره الاكثر صدقـا و هو بورصـة وول ستريت. فماذا يجري داخل كواليس الاقتصاد الاميركي؟. و هـل حانت تلك اللحظة التي حذر منها جورج شوروش في كتابه الاخير "أزمة ارأسمالية العالمية"؟.
    ان البحث عن اجوبة لهذه الاسئلة يقتضي منا العودة الى الداخل الاميركي.لاستعراض النبؤات الخاصة بمستقبل السوق.مع محاولتنا توظيف العلوم النفسية للمساعدة على استيعاب افضل لهذه الطروحات.
    3- الاقتصاد الاميركي من الداخل
    يدور نقاش خلف الكواليس الاقتصادية الاميركية في محاولة للاجابة عما اذا كان قرار آلان غرينسبان بخفض سعر الفائدة هو تمهيد لخطة بوش في خفض الضرائب ؟ ام انهـا خطوة منعزلة تهدف لاحداث صدمة ايجابية في السوق؟.
    و تتوزع الاراء وتختلف بشدة حول هذا الموضوع. اذ يرى بعضهم ان غرينسبان لا يخضع في قراراته لآراء الرئيس بل هو يعمل بحرية. و هو قد عاصر الرؤساء منذ ريغان ولغاية اليوم. و كـان يتخذ مطلع كل عهد مجموعة القرارات التي تتوافق مع العهد الجديد في محاولة منه لتكوين فترة انتقاليـة بين سياسـة الخارج و الداخل الى البيت الابيض.و يدعم هذا الفريق رأيه بحصول غرينسبان وقراراته على رضى كافة الرؤسـاء الذين عاصرهـم. اما الفريق الآخر فيرى ان غرينسبان متحمس اكثر من اللازم لسياسة بوش الاقتصادية.فهو على علاقة وطيدة مع مستشاريه الاقتصاديين كما انه سـاعد على خلق اجواء مرحبـة ببوش.و تفصيل ذلك ان الفصلين الاخيرين من العام 2000 شهدا ركودا حمل معه شكاوى تجـار البيع بالمفرق وانخفاضا في انفاق عامة الناس. بما يشير الى انهـم باتوا يحاولون الحفـاظ على مدخراتهم. و مرد هذا الخوف الى الازمة المحتملة التي يمكنهـا ان تترتب على سياسـة بوش وتخليه عن اسلوب كلينتون في البحث عن موارد جديدة اينمـا وجدت. و تحسبا لهذه الاحتمالات والمخاوف المرافقة لها اقترنت خطة بوش بمشروع خفض الضرائب.وهو ما يسمى بلغة السوق ان تضع الاموال في جيوب الناس.و مـا فعله غرينسبان بتخفيض الفائدة هـو التعجيل بوضع هذه الاموال في جيوب الناس.فهذه الفائـدة مخصصة للقروض قصيرة الاجل التي تستخدمهـا المصارف فيما بينها و التي تجبى من حملة البطاقات الائتمانية.و بمعنى آخر فان الجمهور الاميركي اصبح اقدر علـى الاقتراض ريثمـا ينهي الكونغرس معركته الطويلة لاقرار خفض الفائدة.
    ولكن كيف انعكس قرار خفض الفائدة على سوق المال الاميركي؟.الانعكاس المباشر كان شديد الايجابية الا انه لم يدم سوى يومين.اذ شهد يوم الجمعة في 12/1/2001 عودة لانخفاض سعر الاسهم.مما يعني ان الصدمة الايجابية دامت اقل من يومين! فهل يشجع ذلك و يرجح الاراء القائلة بان سياسة بوش سوف تعجل بانفجار ازمة اقتصادية اميركية؟.
    بهذا نكون قد عدنا مجددا الى السؤال الذي انطلقنا منه و الى الاراء المتضاربة في اجابتها عليه.مما يشجعنا على الغوص في الوجه السيكولوجي لهذه المتغيرات الاقتصادية الاميركية القادمة.و هذا يقتضي منا مناقشة النواحي التالية:
    1. سيكولوجية المسؤولين الاقتصاديين الاميركيين ومعهم الرئيس بوش.
    2. نمط العلاقة داخل الفريق المشار اليهاعلاه.
    3. توقعات المستهلك الاميركي و موقفه من القرارات الجديدة.
    4. انعكاس هذه السياسة على سوق الاسهم.و تحديدا على ميول المضاربين فيها.
    5. اثر المعوقات السياسية على نجاح الخطة الاقتصادية لبوش و فريقه.
    6. الاثار العالمية للخطة على صعيد الشائعات المحركة لرؤوس الاموال.
    4- سيكولوجية الادارة والافراد
    من المسلم به ان المصالح الاستراتيجية الاميركية محكومة بضوابط صارمة.لكن ذلك لايعني تجاهل اثر الفرد في المؤسسة.فالرئيس الاميركي الجديد يدخل البيت الابيض و معه طاقمه الخاص الذي يضم حوالي الالفي شخص.و لاشك بان ظروف الحملة الانتخابية ونوعية قوى الضغط التي دعمت الرئيس يلبعان اكبر الاثر في اختيار هذا الفريق. وهذا الامر ينطبق على بوش كما على الرؤساء السابقين له.بل يمكن التاكيد على ان التنافس الحاد خلال الانتخابات الاخيرة سيحرم الادارة الجديدة من كسب اي وقت بحجة الفترة الانتقالية.و بالتالي فانه سيحرمها من القاء عاتق اي تاخير على الادارة السابقة واخطائها.فبالرغم من التغيير الجذري و الانتقال الصعب فان الجمهور سيتعجل. ولا شك بان المعارضة القوية والباحثة عن المشاكل سوف تعمل على زيادة هذا التعجل وتضخيم التوقعات بما يحفز امكانيات اصابة الجمهور بالخيبة.مما يضعنا في اجواء نفسية خاصة حيث للسيكولوجيا دورها الرئيسي.سواء على صعيد الايحاء التوقعي او الشائعات او توجهات البورصة وتوقعات اسعار الاسهم و الفائدة او حتى على صعيد الحياة الشخصية للطاقم الجديد واسرهم و تواريخهم.وهذا ما يدفعنا للتعرف على شخصيات الادارة الجديدة علنا نتوقع كيفية مواجهتهم للعواصف القادمة.و نبدأ بالرئيس بوش الذي يصنفه علماء نفس السياسة في خانة الفاعل السلبي..لذلك فهو لا يحسن التحكم في ردود فعله.و بحسب عالم الشخصيات الاميركي دايفيد باربار فان القالب السلوكي لبوش الابن هو التالي:انه يملك طاقة شخصية عالية لكنها موجهة في كفاح قهري لا متعة فيه.ومن هنا عجزه عن تحمل الاحباطات.ذلك انه لايحصل من جهوده على كفاية عاطفية مقبولة.فالطابع القهري لعمله يحد من المردود العاطفي لهذا العمل ويقلصه. كما يواجه صاحب هذا النمط صعوبة في السيطرة على عواطفه وعدائيته (مثال ذلك الاحراج الذي سببه بوش لنفسه عندما تلفظ بكلمات نابية وجهها لاحد المراسلين الصحفيين دون ان ينتبه ان صوته لا يزال مسموعا من الجمهور).
    لقد كان نيكسون من النمط ذاته. بل انه مثال لهذا النمط. والمقارنة لا تبشر بالخير في حال تعرض بوش لاثارة فضائح داخلية او مواجهة ازمات جدية (وهي مواجهة مؤكدة بحكم المعارضة القوية).خصوصا وان هذا النمط ميال لاعتماد الطرق الملتوية لحل مشاكله. وهنالك ما يدل على اعتماد بوش لطرق ملتوية في حل ازماته التجارية قبل دخوله معترك السياسة. وبعض هذه التصرفات قد تكون قابلة لاعادة التفجير خلال رئاسته.
    مما تقدم يتضح لنا اننا امام رئيس من النوع الخاص.فهذا النمط من الرؤساء يعرف كيف يجلب العار لنفسه. فها هو نيكسون الذي كان اعمق الرؤساء الاميركيين في مجال الفكر الاستراتيجي ( اجتمع به العديد من الرؤساء اللاحقين وطلبوا نصائحه. ومنهم كلينتون نفسه) يخرج من البيت الابيض بصورة مهينة!.وخصوصية هذا النمط تجعله لايجيد التعامل الا مع نمط خاص من المساعدين. ولنأخذ مساعديه الاقتصاديين على سبيل المثال. حيث نجد انه يشكل مثالا لرجل الاعمال الناجح الذي يعرف كيف يوظف علاقاته ويثمرها. الا انه في المقابل لا يملك ثقافة بالمعنى العام للكلمة (بما فيها الثقافة الاقتصادية). لذلك كان بحاجة الى من يستطيع ان يبسط له الامور كي يستوعبها. ومن هنا كانت نصيحة صديق مقرب لبوش باختيار (لاري ليندسي) كمستشار اقتصادي. لأنه،بحسب وصف الصديق، قادر على شرح الشؤون الاقتصادية المعقدة بلغة عادية. ولهذا السبب نشات علاقة حميمة بينهما على الفور مما حدا بالمستشار الاقتصادي لبوش الاب (مايكل بوسكين) الى القول بان بوش يلهج بذكر ليندسي ويثق بآرائه وتفكيره.
    في المقابل يوصف ليندسي بانه صبور و ودود وقادر على مشاطرة بوش لمشروع خفض الضرائب بل وتسهيل خطواته له. ويبلغ ليندسي ال46 من العمر وهو استاذ سابق في هارفرد ويعمل منذ فترة في صنع السياسات الاقتصادية الاميركية. وكان يوصف بانه من اصدقاء ريغان المقربين. وهنا يلفتنا مدى التشابه بين فترة ريغان وفترة بوش الراهنة. وخصوصا لجهة الحاجة لتأمين تمويل لمشاريع عسكرية تجد معارضة في الداخل والخارج على حد سواء. الا ان عارفي ليندسي يعتبرون ان نضجه السياسي قد بدأ في العام 1991 مع اختياره عضوا في مجلس ادارة المجلس الاحتياطي الفيديرالي (تحت رئاسة غرينسبان). وهو قد عكس هذا النضج في كتابه المعنون" محركو الدمى الاقتصاديون".
    و يستمد ليندسي شعبيته من عمله الدائب على ايجاد السبل كي تقدم الحكومة المساعدات للمحرومين. وهو قد عمل على ارساء قواعد في مجلس الاحتياط تلزم المصارف بتقديم القروض للفقراء والاقليات.كما انه تبنى طفلا من كوسوفو. بحيث يمكن القول بانه يجيء ليستجيب تماما لحاجات بوش.ولعل في ذلك تبرير الصداقة الناشئة بينهما بسرعة.اما على الصعيد السياسي-الاقتصادي فان ما يجمع الرجلان هو تشكك ليندسي بشائعة الازدهار الاقتصادي التي اطلقها جاك ليو(ومعاوني كلينتون).حتى انه باع اسهمه انطلاقا من قناعته بان سوق الاسهم والسندات سوف تنكمش في المستقبل القريب بسبب غياب استرتيجية واضحة تواجه المديونية العالية و انحسار السوق بسببها. وهو يتوقع على هذا الاساس حدوث ضائقة في بعض قطاعات الاقتصاد الاميركي.
    ونأتي الى ( بول اونيل) الذي اختاره بوش لوزارة المالية.حيث يوصف اونيل بانه نزق وينقصه حس الدعابة.الا انه في المقابل يملك ملكة القدرة على الاقناع.و كان اونيل ،البالغ 65 عاما، قد بدأ بالصعود ايام نيكسون و فورد.وفي حينه اقام صداقة لا تزال مستمرة مع كل من ديك تشيني(نائب بوش) وغرينسبان.ويمتاز اونيل بسلوك قهري في العمل فهو يعمل في مكتبه منذ الرابعة والنصف صباحا وحتى آخر الليل. وهو يشترك في هذا الانغماس مع غرينسبان.و في تاريخ علاقته مع آل بوش انه سحب الشركة التي كان يديرها ايام بوش الاب (اسمها الكوا- تعمل في الالومينيوم) منعضوية غرفة التجارة عندما عارضت الغرفة سياسة الرئيس الاب.ولقد تم اختياره لوزارة المالية بناء على نصيحة تشيني.اما العضو الثالث في الادارة فهو غرينسبان.الذي يعرف باخلاصه الشديد للعمل وبقدرته على اتخاذ القرارات المناسبة بعيدا عن موقع الرئيس او علاقته به. فهو يعتبر ان من واجبه خدمة بلاده عبر منصبه بغض النظر عن اي اعتبار آخر.لذلك فهو تمكن من التعايش مع الرؤساء المتعاقبين منذ عهد ريغان ولغاية اليوم. خصوصا وان منصبه يسمح له باتخاذ القرارات دون الرجوع الى الرئيس او حتى دون اعلامه مسبقا بها.مما يعطيه حرية غير متوافرة لاونيل وليندسي. الا ان الجميع يعرفون انه يحسن استخدام هذه الحرية وتوظيفها.لذلك فهو عمد الى اجراء تخفيض ثان في سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة اخرى. دون ان يهاب انخفاض اسعار الاسهم في 12/1/2001 ،الذي اشرنا اليه اعلاه،بل هو قطع الطريق امام اية ايحاءات سلبية متوقعة بشان لنعكاسات السياسة الجديدة لبوش.وهو بذلك قدم خدمة ثمينة للاقتصاد الاميركي اولا ولبوش من ثم. الا ان الاختلاف الذي سيحدث في سلوك غريتسبان ايام بوش سيكون بسبب الصداقة والتفاهم اللذان يجمعانه بكل من اونيل و ليندسي مما سيجعل تفاهم هذا الثالوث اسهل وايسر. وعليه يمكن القول بان العلاقة الشخصية داخل ادارة بوش تمتاز بالتناغم وبحس التعاون المبني على صداقة قديمة ومجربة. وهذا يختلف تماما عما كان يجري في ادارة كلينتون الذي كان قد ادخل في ادارته الاصدقاء القدامى الذين يجلبون له العار. والذين يخوضون صراعات مريرة في ما بينهم.(يكفي هنا التذكير بالعلاقة بين اولبرايت وهولبروك).
    ويبقى ان نحاول الاجابة عن اتجاه شائعات السوق؟. وهي التي تقود اتجاه حركة المستثمرين ومؤشرات السوق. كما تؤثر على توقعات المستهلكين وتجاوبهم. حيث يمكننا القول بان مجمل هذه العوامل مرتبط مباشرة بسرعة تحرك بوش وفريقه في اتجاه تخفيض الضرائب.فهذه السرعة ضرورية لاثبات فعالية سياسة بوش وكسبه للمصداقية. فبعد الرخاء الذي امنه كلينتون لم يعد بامكان بوش وفريقه طلب المهل الاضافية ريثما يستقرون في مناصبهم ويتسلمون زمام الامور. فالمستهلك الاميركي بدأ منذ صيف 2000 بتخفيض استهلاكه متوقعا الاسوأ.فاذا ما تأخر الخفض الضريبي فان الشائعة قد تستغل هذا التوقع الى اقصى الحدود. وهنا سيكون للسيكولوجيا دورها الرئيسي في الصراع بين بوش ومعارضيه.الذين سيبذلون كل الجهود الممكنة لعرقلة الخفض الضريبي و تأخيره قدر الامكان. ولعل الشائعة الجاهزة في هذا المجال ان الخفض الضريبي سيصب في مصلحة الجماعات الجمهورية المحافظة. فالاقليات والمحرومون والجماعات الهامشية لن تستفيد من هذا الخفض. وبمعنى آخر فها هو بوش يدشن عهده بقرارات غير مناسبة لقطاعات واسعة من الجمهور الاميركي. وصحيح ان غرينسبان عجل بالجواب وكرر خفض سعر الفائدة مرتين في اقل من شهر ولكن هل سيكون هذا كافيا؟. ام ان رؤوس الاموال ستتجه باتجاه الاسواق الاوروبية فتجبر بوش على احداث تغييرات جديدة في السياسة الخارجية عبر مواجهات حامية.فهو ليس من النوع المناور الذي يستطيع التهديد بالقوة للابتزاز. بل هو يستخدمها فعلا (على غرار والده) لتغيير الوقائع. وعندها سيكون بوش ومعه العالم امام الخيارات الصعبة!. هذه الخيارات التي طرحها جورج شوروش في كتابه "ازمة الراسمالية العالمية" وفيه تركيز على دور العوامل النفسية في تحديد اتجاهات المستثمرين ومضارباتهم في البورصة. وبذلك فان التوقع الادق للاحتمالات لابد له من ان يكتمل بالتعرف على مؤشرين فائقي الاهمية وهما: سيكولوجية البورصة وكتاب شوروش حول ازمة الراسمالية العالمية التي وصلت اليوم الى قمتها.
    5- سيكولوجية البورصة
    بدأ الاهتمام بسيكولوجية البورصة عقب الكارثة التي تعرضت لها بورصة وول ستريتيوم الاثنين في 19 تشرين الاول العام 1987. وكانت هذه الكارثة كبيرة بحيث سمي ذلك اليوم" بالاثنين الاسود". فقد بلغت الخسائر في ذلك اليوم 500 مليار دولار. زهي خسائر يمكنها انتؤدي لانهيار وول ستريت ومعها الاقتصاد الاميركي لو انها استمرت على ذات الوتيرة لغاية اليوم الثاني. مهما يكن فقد كان ذلك اليوم مناسبة لانطلاقة الدراسات النفسية حول البورصة. وتحديدا حول سلوك المضاربين فيها والعوامل النفسية المؤثرة في هذا السلوك.وذلك وفق الطريقة الاميركية التي تحاول الانتفاع من كل ما هو متوافر لها.
    من اهم هذه الدراسات واحدة قام بها روبرت شيلر، من جامعة يال، قام فيها باجراء استفتاء لالفين من المستثمرين.يستمزجهم فيه الرأي حول اسباب حدوث الاثنين الاسود.محددا لهم الاسباب التالية:1- رفع مصرف كيميكال بنك لسعر فائدته و2- اعلان ارقام العجز في الميزانية الاميركية و3- الهجوم الاميركي على محطة نفط ايرانية و4- عوامل داخل السوق نفسها.
    اجاب على الاستفتاء 1000 مستثمر ومالت غالبيتهم الى التاكيد بان السبب يعود الى عوامل داخل السوق نفسها. حيث ذكر المستفتون ببوادر هذه العوامل في 12/10/87 (اي قبل بضعة ايام من الاثنين الاسود) يوم ظهرت تقلبات حادة في السوق. كانت مقدمة للاثنين الاسود.
    وتستوقفنا في المجال دراسة اخرى اجراها الباحث السيكولوجي ستانلي شاكتو من جامعة كولومبيا. وفيها تناول العلاقة بين القيمة الفعلية الموضوعية للسهم وبين سعره المتداول. فوجد ان سعر السهم يحدد بناء على الآراء التي تسود السوق حوله وليس بناء على قيمته الفعلية. وحلص شاكتو للتأكيد بان سعر السهم يحدد بناء على الشائعات والدعاية وصورته في السوق وغيرها من العوامل النفسية التي يمكنها استغلال العديد من المعطيات الاجتماعية والمعلومات والتوقعات اتوظفها في هذا الاتجاه او ذاك. وهذه نتيجة خطيرة (لانها تجعل من البورصة مكانا آمنا لممارسة النصب) لكنها حقيقية.
    اما الباحث فيرتون سميث (جامعة اريزونا) فقد انتقل من صعيد المراقبة الى صعيد التجريب. فاراد تحديد العوامل التي من شانها اثارة طمع و خوف المستثمرين. فقام بجمع عدد من طلابه وجعلهم يضاربون في بورصة مفترضة. فوجد انهم كانوا يطرحون الاسهم باسعار اكبر كثيرا من قيمتها الفعلية مما يؤدي لازدهار السوق.الا ان الاسهم لاتلبث وان تعود لقيمتها الفعلية وتنهار. وبذلك تحدث دورات ازدهار وهمية تسمى ب:" فقاعات السوق". وظن سميث ان هذه الفقاعات ناتجة عن جهل الطلاب بطبيعة مسار البورصة. لذلك اعاد التجربة على مستثمرين حقيقيين ففوجيء بانهم ولدوا فقاعات اكبر من تلك التي ولدها طلابه. وكان لهذه الدراسة نتيجة تحولت الى نصيحة ذهبية للمسؤولين عن الاقتصاد. وهذه النصيحة هي:" لايمكننا الاعتماد على حكمة المستثمرين والمضاربين ولا على خبرتهم." وهي قاعدة لايزال معمولا بها حتى اليوم.
    كما وجد سميث ان الخبراء بين مضاربيه كانوا يدركون حقيقة الفقاعة. الا انهم كانوا يدخلون في المضاربة طمعا في الربح. لكن 15% فقط من بين هؤلاء الخبراء كان يحسن الانسحاب في اللحظة المناسبة. اي قبل هبوط الاسعار وبالتالي الخسارة.
    اما الباحت ديفيد دريمن فقد اعتمد الاسلوب الاستقرائي في كتابه المعنون (( الاستراتيجية الاستثمارية المعاكسة )). وفيه يرى ان الانهيارات المالية تحدث وفق ذات الوتيرة منذ قرون. اذ يبدأ الامر بشائعة عن اشخاص حققوا مكاسب خيالية في مجال استثماري معين فيحصل الازدهار الذي يستمر لغاية ظهور شائعة مضادة فتنهار الاسهم. وبمعنى آخر فان دريمن لايحصر الامر بالسيكولوجيا عامة بل هو يخصصه بفرع منها هو سيكولوجيا الشائعات.
    الآن والاقتصاد الاميركي يعاني من ازمة حقيقية، يعترف بها المسؤولون ويضخمها بعض المعلقين، فلنحاول تطبيق مباديء الاستقراء على هذه الازمة علنا نتمكن من استشفاف مستقبلها. فبالعودة الى يوم الجمعة في 14/4/2000 نجد ان بورصة التكنولوجيا (ناسداك) قد تعرضت لهزة قوية. ونجد ان بورصة الاسهم التقليدية(وول ستريت) قد تاثرت بهذه الهزة. الامر الذي يجعلنا لا نفصل بين البورصتين.كما نلاحظ الشبه بين التغيرات الحادة في ذلك اليوم وبين تغيرات 12/10/87 التي سبقت الاثنين الاسود. ايضا نلاحظ ان السلطات الاميركية اعتمدت كل الآليات الموضوعة للحماية بناء على دراسات الاثنين الاسود. وهذا قد يفسر لنا اسباب تاخر ظهور الهزة التالية لغاية الآن. الا ان مراقبة المؤشرات الاقتصادية الاميركية تشير الى تراجع فعلي خلال الفصلين الاخيرين من العام 2000 اي الى بداية حزيران (يونيو). حتى وصل الامر الى شكوى تجار التجزئة من الانخفاض الحاد في مبيعاتهم. الامر الذي يعكس بداية خوف الاميركي العادي من الازمة. ومعه الرغبة في الحد من انفاقه والمحافظة على مدخراته. وهذا بحد ذاته يشكل تحديا لبوش و للثلاثي غرينسبان- ليندسي- اونيل. وهو تحدي مقبول من الفريق. حيث انتقل من التوقع الى الفعل. فكانت خطوات غرينسبان بخفض الفائدة بمقدار نصف نقطة لمرتين متتاليتين خلال اقل من شهر(كما اشرنا). اما بوش فقد باشر بطرح المرحلة الاولى من مشروعه لخفض الضرائب. وهي تتعلق بخفض يصل الى1,3 مليار دولار سنويا. وبمعنى آخر فقد بدأ الفريق يضع المال في جيوب الاميركيين لتحصينهم من الصدمات القادمة ولاستيعاب خوفهم من المستقبل.
    في المقابل نلاحظ صعود اليورو –يتوقع ان مساواته للدولار نهاية آذار(مارس) المقبل. ومع هذا الصعود تحسن كبير في توقعات الاسواق الاوروبية ومستقبل اليورو وجذب الاستثمارات باتجاه اوروبا. فهل تتحمل السوق الاميركية هذا الازدهار الاوروبي؟. الجواب هو نعم كبيرة لثقة الاميركيين بقدرتهم على التحكم بالاقتصاد الاوروبي. حيث النفط هو اداة التحكم الرئيسية. وبامكان الاميركيين لجم السوق عن طريق الزيادات المدروسة في اسعار النفط.

    ان هذا التحليل يعني اللقاء بين المصالح الاميركية والعربية. كما يعني استعدادا اميركيا للشراكة مع العرب. ومع ذلك فان على العرب البقاء خارج اللعبة. فمن غير المسموح لهم تحديد اسعار نفطهم وفق الحسابات العادلة لمستويات التضخم العالمية. ولا هم في وضع المطالبة بادراج النفط ضمن سلع منظمة التجارة العالمية. فهذا الادراج يجعل اسعار النفط خاضعة للعبة السوق وخارجة عن السيطرة الاميركية. ومع ذلك فان مراجعة سياسة بوش الاقتصادية قد تبرر طرح السؤال عما اذا كانت هذه المنظمة قابلة للاستمرار وهي تبدو متعارضة مع الخطط و المصالح الاميركية؟.
    6- أزمة الرأسمالية العالمية
    هو عنوان كتاب المضارب جورج شوروش. وهو لمن لايعرفه يهودي هنغاري(لذلك يلفظ اسمه شوروش وليس سوروس كما هو شائع) اميركي الجنسية. وهو الذي ضارب على الجنيه الاسترليني عام 1992 فكسب من الحكومة البريطانية ملياري دولار. وكان كلينتون يعتبر شوروش ثروة اميركية قومية. بل انه كان يستعين به في العمليات الاقتصادية السوداء.
    وفي عودة للكتاب موضوع حديثنا نرى ان قراءته التحليلية تسمح لنا بتقسيمه الى قسمين رئيسين. الاول عبارة عن سرد نظري-استعراضي هدفه تعظيم الذات و الدفاع عنها في وجه تهم من نوع "المجرم المالي العالمي" وهي تهمة غير مدرجة لغاية اليوم. الا انها في طريقها للاعتماد بوجود اشخاص على غرار شوروش مستعدين لدفع شعوب بكملها نحو الافلاس. عن طريق استغلال قوانين غامضة وغير مستقرة بحيث يسهل التحايل عليها. ويكفينا للدلالة على ذلك اعترافه بالتسبب في ازمة النمور الآسيوية. التي ادت لضرب اقتصاديات هذه الدول واصابتها بالافلاس.
    اما القسم الثاني فهو يمثل رؤية استراتيجية متينة البنية للاقتصاد العالمي ولثغرات النظام الرأسمالي. وهو يتضمن العديد من المفاجآت غير المتظرة. وكذلك العديد من التحذيرات فائقة الجرأة والصراحة. ويهمنا ان نتوقف تحديدا عند الانتقادات الشوروشية التالية للراسمالية:
    1. ان النظام الراسمالي غير قابل للعولمة بسبب معاناته من جملة امراض مزمنة اضيفت اليها فيروسات جديدة قد يكون الشفاء منها صعبا. وهو بذلك ينفي رد فشل العولمة في العديد من الدول الى الفساد المستشري فيها.
    2. اذا كانت الشركات العملاقة هي عماد العولمة فهي قد تحولت الى مجرد لاعب صغير في الاقتصاد العالمي. وذلك بالمقارنة مع البيوتات المالية الضخمة ومع صناديق الاستثمار. مما حول السلطة المركزية الى مؤسسات التقويم المالي العالمي. مثل مؤسسة مودي ومؤسسة ستاندرد اند بورز . وهي مؤسسات ترفع من تشاء وتدفه بمن تشاء من الشركات الى الانهيار. وهو يرى ان اشراف الدول على هذه المؤسسات يخدم المصالح السياسية على حساب الاقتصاد العالمي.
    3. قصور مقررات مؤتمر بازل (1988) التي اثبتت عجزها عن ضبط التدفقات المالية الضخمة على الدول المتعولمة حديثا. مما يزيد احتمالات وقوع اقتصاداتها ضحية للفراغ الناجم عن عدم انتظام الاقراض/الائتمان.
    هكذا وعبر هذه النقاط الثلاث يعلن شوروش لاجدوى العولمة. بل هو يجعل منها خطرا داهما على اقتصادات الدول المتعولمة. حتى انه يؤكد في كتابه ان نجاة الصين من الازمة الآسيوية تعود الى تحفظها تجاه ادخال عملتها في سوق التداول العالمية. وبمراجعة مؤتمر سياتل الفاشل يتبين لنا ان دولا عديدة،من بينها الولايات المتحدة نفسها، بدأت باعتماد نصائح شوروش ورؤيته. فماذا عن الادارة الاميركية الجديدة؟.
    ان معرفة موقف ادارة بوش من آراء شوروش يحسن من قدرات التوقع للمحلل الاقتصادي المتابع لمحاولات بوش الاصلاحية. واذا كانت هذه المعرفة تنتظر الخطوات المقبلة لهذه الادارة (وهي قد تستغرق وقتا لاباس به) فانه بالامكان معرفة مدى احترام هذه الخطوات لتوصيات شوروش وهي التالية:
    1. الطابع الايديولوجي-الاصولي للسوق: ويستدل عليه شوروش من الموقف من ماليزيا التي تركت لتواجه مصيرها بسبب هذه الاصولية. ويرى شوروش ان تجربة ماليزيا ستدفع بدول كثيرة الى ضبط التدفقات المالية -الخروج من العولمة- (وهذا ما حصل فعلا). كما انه يرى في هذه المواقف مخالفة صريحة للمنطق. اذ انطلقت العولمة من الاعتقاد بنهاية الايديولوجيات وتخطي الاصوليات لتعود فتسلك سلوكا ايديولوجيا- اصوليا!.
    2. ان ضبط وتقليص التدفقات المالية الى بعض الدول يستتبع التراجع، الى درجة الانهيار، لنظام التجارة الحرة. خصوصا لجهة تبادل السلع والخدمات . مما يعني وصول النظام المعولم الى مرحلة التحلل الكارثي.
    3. ضرورة اصلاح المؤسسات المالية العالمية. وفي طليعتها صندوق النقد الدولي. فهذه المؤسسات متأثرة باصولية السوق وايديولوجيتها. مما يفقدها مرونتها وقدرتها على قراءة واقع الدول المقترضة وخصوصياتها المحلية. ناهيك عن استعاضة بعض المسؤولين عن هذه المرونة بمجاملات للمسؤولين المحليين مما يشوه واقعية تقارير هذه المؤسسات ويفقدها موضوعيتها. بل ان اعتماد هذه التقارير مستقبلا قد يتحول الى كارثة.
    4. الضرورة الحيوية لايجاد آلية للتدخل في السوق لحمايتها من المضاربين و وقايتها من الهزات المالية العنيفة.
    فاذا ما حاولنا قراءة موقف الادارة الاميركية الجديدة على ضوء معطيات شوروش وانتقاداته فان هذه المحاولة تقتضي الاستنارة بمواقف بوش الأب (الذي لايزال مؤثرا وفريقه بقوة) وبالمواقف الجمهورية عموما. وهنا نقع على تناقضات عميقة في فهم كل من جمهوريي اميركا و ديموقراطييها للنظام العالمي الجديد. فالجمهوريون يسعون لارساء توازن واستقرار اقتصادي عبر تدعيم القدرات الاميركية. اذ يقلصون النفقات بدلا من البحث عن موارد جديدة للانفاق. ويسعون لتامين مصالح اميركا بتحالفات مدروسة بدلا من المغامرات المحدودة. ويعملون على تدعيم قوة التأثير الاميركي على مختلف الصعد بدلا من اجبار الاصدقاء على تقديم الخدمات. وبذلك فهم يسعون للحصول على حاجاتهم بالقوة وليس بالطلب
    على هذا الاساس نستطيع قراءة ملاحظات شوروش وترجمتها في سياسة الادارة الاميركية المقبلة على النحو الآتي:
    • تطوير القدرات التكنولوجية العسكرية الاميركية لتكريس زعامة الولايات المتحدة للنظام العالمي الجديد. بعيدا عن اية مخاوف من اي مصدر اتت.
    • تكريس العلاقات الاميركية في الاتجاه الذي يخدم مصالحها حتى ولو ادى ذلك الى تغييرات استراتيجية واسعة النطاق.
    • التخلص من الوسطاء الاقتصاديين والسياسيين والاستراتيجيين. بما يعني رفض استقلاليتهم وشراكتهم وتحويلهم الى التبعية المباشرة للولايات المتحدة. مع تصنيف رافضي هذه التبعية في خانة المارقين.
    • يبقى النفط السلعة السياسية-الاستراتيجية الاهم في المستقبل المنظور. وعلى الادارة الجديدة تثبيت هيمنتها وسيطرتها على هذه السلعة وعلى اسعارها. لان هذه السيطرة تشكل صمام الامان الاكيد للاقتصاد الاميركي. لذا فهي تستأهل الجهود وتغيير بعض اساسيات السياسة الاميركية بعيدا عن الايديولوجيا والاصولية.
    • ترك الشركات العملاقة والمؤسسات المالية والدول المتعولمة كي تواجه مصيرها بعيدا عن اية تضحيات اميركية في هذا المجال.
    • السعي لتعميق العلاقات مع الصين تجنبا للصدام معها في قضايا اساسية محرجة بالنسبة للولايات المتحدة. وايضا انطلاقا من استراتيجية نيكسون الجمهوري الذي يصر على اعتبار الصين لاعبا مستقبليا هاما واجب الاستيعاب عبر علاقات خاصة

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 15 نوفمبر 2024 - 9:48