تقول المعلومات الموثقة (مركز الأبحاث السياسي العالمي ـ طوكيو) إن نسبة التحاور أو السجال السياسي الساخن في الولايات المتحدة على الإنترنت بلغت ما نسبته 65% في العام 2010 مقابل 49,5 في العام 2009. أما في أوروبا (وتحديداً في بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا) فبلغ التواصل الحواري السياسي فيها في العام 2010 ما نسبته 76,15% مقابل 64% في العام 2009، ما يعني أن العقل السياسي الغربي يؤدّي وظائفه المعرفية إلى حدّ لا بأس به عبر التواصل السياسي الرقمي.
أما أغلب موضوعات السجال فكانت تدور حول حروب أفغانستان والعراق وكوريا الشمالية والمشروع النووي الإيراني وتعثّر الحلّ في الشرق الأوسط.
في العالم العربي والإسلامي تقول معلومات فريق البحث التقني التابع لمؤسّسة الفكر العربي إن الشاغل السياسي لجمهور التواصل الرقمي العربي خلال العام 2009 كان منصبّاً على القضية الفلسطينية بتشعّباتها. وتقول الأرقام إن 32,6 من عمليات البحث عن هذه القضية تنظر إلى فلسطين كأحد أول الموضوعات التي تشغل العرب على الشبكة العنكبوتية. كان هناك أيضاً من اختار أن يقترب من القضية من باب المتابعة الإخبارية والإعلامية لما يجري يومياً وسعى للتعرّف إلى أخبار فلسطين داخل الأرض المحتلّة وخارجها. وقد شكّلت عمليات البحث التي نفذها هؤلاء 9,4% من المتوسط الإجمالي للبحث عن فلسطين.. وهناك من بحث عن المؤسّسات الفلسطينية في الداخل والمؤسّسات المرتبطة بفصائل المقاومة، سواء المؤسّسات الفلسطينية أم الدولية. وهؤلاء بلغت نسبتهم 7,2%. أما من اختاروا الاقتراب والتواصل مع القضية من بوابة كفاح الشعب الفلسطيني ومقاومته فنفذوا عمليات بحث وصلت نسبتها إلى 3,2% من المتوسط العام لإجمالي البحث عن فلسطين.
وجاءت قضية الطائفية في المرتبة الثانية بعد فلسطين من نتائج البحث الذي قام به جمهور الإنترنت العربي خلال العام 2009؛ فلقد حصل مليونا و614 ألفاً و498 عملية بحث في المتوسط شهرياً تمثّل 16,3% من إجمالي المتوسط العام الشهري لعمليات البحث. وتضمّ قائمة الطوائف التي تتوزّع عليها عمليات البحث 16 طائفة دينية تتصدّرها الطائفة الشيعية بمليون و368 ألفاً و390 عملية بحث في المتوسط شهرياً. ثم الطائفة السنية بمليون و201 ألف و378 عملية بحث في المتوسط شهرياً. وبعد ذلك تأتي طوائف أخرى كالدرزية والسامرية والزيدية والمعمدانية والإنجيلية والمارونية والنصيرية وغيرها..
أما قضية الوحدة العربية فكان نصيبها 333 عملية بحث في المتوسط تشكّل 0,015%. والمفارقة أن هذا الرقم يقلّ بمقدار 19 ضعفاً عمّن يبحثون عن النكات العربية كشيء مشترك في ما بينهم، حيث قام هؤلاء بـ 6600 عملية بحث في المتوسط شهرياً. ولا شك في أن هذا الأمر يكشف إلى أي حدّ تراجع الاهتمام بقضية العرب ووحدتهم على صعيد التواصل الرقمي حتى أنها بدت أقلّ من أن تصبح نكتة.
وسياسياً، يقف اهتمام التواصل الرقمي العربي بأميركا عند حدّ مليون و739 ألفاً و500 عملية بحث في المتوسط شهرياً تشكّل 10,8% من إجمالي المتوسط الشهري لعمليات البحث عن القضايا العامة التي خضعت للتحليل، وهي قضية أقلّ كثيراً ممّا يمكن توقعه في ضوء ما يُثار عن أميركا على الساحة الواقعية وفي وسائل الإعلام المختلفة.
لكن ليس هذا وحده لافتاً في السلوك البحثي لجمهور الإنترنت العربي تجاه أميركا، لأن 85% من عمليات البحث عن أميركا تتمّ بكلمات بحث عامة لا تربط بين أميركا وبين أيّ قضية من القضايا الساخنة على الساحة العربية، بل هو محض بحث عن أميركا بلا هدف محدّد مسبق. بعد ذلك، يبرز رقم لا يخلو من مفاجأة وهو أن ثاني مسار للبحث عن أميركا يتعامل معها باعتبارها بلداً منتجاً للسيارات هو 75 ألفاً و510 عمليات بحث في المتوسط شهرياً.. يليه الباحثون عن أميركا باعتبارها مؤثرة على العرب والمسلمين وهؤلاء يشكلون 65 ألفاً و690 عملية بحث في المتوسط شهرياً. والذين يرون أن أميركا هي بلد مثالي للهجرة إليه يقومون بـ 48 ألفاً و320 عملية بحث في المتوسط شهرياً.. ثم هناك من يرون أميركا مكاناً للجنس وما يرتبط به من متع حسية ويقومون بـ 26 ألفاً و30 عملية بحث في المتوسط شهرياً.
من وجهة أخرى، وحول إسرائيل يستخدم البحث كلمات غير محددة الهدف أو القصد، وتأتي في مرتبة تالية عمليات بحثٍ يرى أصحابها إسرائيل كياناً عدوانياً، وهؤلاء يُنفّذون 66 ألفاً و657 عملية بحث في المتوسط شهرياً، يليهم من يرغب في متابعة الإعلام الإسرائيلي، وهؤلاء يُنفّذون 57 ألفاً و51 عملية بحث في المتوسط الشهري. ثم يأتي من يسعى إلى التعرّف إلى إسرائيل من داخل، وهؤلاء ينفذون 30 ألفاً و83 عملية بحث في المتوسط، ثم من يرون إسرائيل مكاناً للجنس واللذة، وهؤلاء ينفّذون 16 ألفاً و870 عملية بحث.
أما قضية الحرية فقد نالت من "الإنترنتيين" العرب 384 ألفاً و102 عملية بحث في المتوسط شهرياً تمثل 2,4% من إجمالي متوسط البحث عن القضايا العامة، وكان 88% منها عمليات بحث بكلمات عامة لا تحدد قضيةً أو مساراً بعينه.
وتوزّع الباقي 1% على من يرغبون في الوصول إلى مواقع ومنتديات وموسوعات توفر معارف ومعلومات عن الحرية، و8% كانت عمليات بحث تستهدف الوصول إلى معلومات حول أنواع وألوان معيّنة من الحرية.
وكان التواصل العربي الرقمي مع قضية الديمقراطية أقل من التواصل مع قضية الحرية؛ فعمليات البحث عن الديمقراطية بلغت 247 ألفاً و351 عملية بحث في المتوسط شهرياً، وهو ما جعل قضية الديمقراطية تتراجع إلى ما بعد الحرية من حيث النسبة وتحصل على 1,5% فقط من إجمالي متوسط عمليات البحث عن القضايا العامة. ويُضاف إلى هذا أن التوزيع الداخلي لعمليات البحث عن الديمقراطية يبدو أكثر سوءاً فغالبيتها الساحقة من نوعية عمليات تنمّ عن موقف أو تعبير عن رأي أو وعي بقضية ما، وتشكّل هذه النوعية 91% من عمليات البحث التي استهدفت الاستهلاك والتواصل مع قضية الديمقراطية، في حين كانت في قضية الحرية 88%. أما النسبة الباقية من عمليات البحث فقد كان 5% منها يشكّل 11 ألفاً و402 عملية بحث في المتوسط موجهة إلى البحث عن قضايا الديمقراطية مثل التحوّل الديمقراطي والإسلام، والديمقراطية والشورى، والتربية والديمقراطية، والعولمة والديمقراطية .. إلخ.
هذا ما يشغل جيل الشباب العربي على الإنترنت، وهو جيل يجبر الجيل الذي سبقه على الاعتراف به، وبأنه تجاوزه فعلاً بمفتاح الوسائط المعرفية الجديدة .. إنه جيل ينفتح على المعنى أكثر وينميه بنقله إلى سواه حتى وإن استنفد صبر شواط كلّه