المقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله.. أما بعد..
بداية..بارك الله فيكم وأسأل الله العظيم أن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا.. وأن يزيدنا علما..
ودعونا نبدأ دورتنا هذه بدعاء مبارك نتوجه به إلى المولى عز وجل:
اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها..اللهم يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث أصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا إلى نفوسنا طرفة عين أو أقل من ذلك.. اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره الينا الكفر والفسوق والعصيان..
اللهم اصنعنا على عينك.. اللهم أصلحنا لكي نصلح لجوارك.. اللهم اجعلنا كما تحب.. واختم لنا بخاتمة البر والتقوى.. اللهم ألهمنا رشدنا وقنا شرور أنفسنا..
آمين..
أيها الإخوة الأحباب.. أيها الكرام..
* نحن في نعمة عظيمة أننا مسلمون.. وأننا إخوان ..نعم أنت في نعمة عظيمة لأنك داعية إلى الله.. تدعو وتربي وتعمل.. وغيرك يسجد لبقرة.. أو يسجد لبشر.. أو يسجد لشهوة.. أو يسجد كرسي..أو يسجد لمنهج أرضي تافه.. أو يسجد لامرأة.. أو
يسجد لحفنة دنانير.. يبيع دينه بعرض من الدنيا، ثم هو في الآخرة من الخاسرين..
أما أنت فقد أكرمك الله بهذه الدعوة الربانية، وجعلك من أبنائها وحماة لوائها..
فاحمد الله عز وجل وردد دوما: اللهم ثبتنا على الحق حتى نلقاك به..
* وإن من شكر النعمة أن تتحدث عنها، وأن تعبد الله بها، وأن تحدق عين القلب فيها..فهلا جلسة جلسات مع نفسك وأخذت تذكر نعم الله عليك.. ثم تتلو قوله تعالى: "وما بكم من نعمة فمن الله".. ثم تفكر أكثر إلى أن ييقظك قوله تعالى: "وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها"..
* يا رب.. إنك تعلم أننا لا نملك أغلى من دمائنا.. فاللهم اسفكها في سبيلك.. اسفكها في سبيلك .. اسفكها في سبيلك..ونصرة لدعوتك..
هذه الدورة للمربين أو لمن يبتغي أن يخوض المضمار، وأن ينال شرف وراثة النبوة.. تلاوة للآيات وتزكية وتعليما للكتاب والحكمة.. هذه الدورة ليست كلمات تقرأ، وإنما تعليمات وإرشادات تنفذ..
لا خلاف أن منهجنا في التغيير قائم على التربية.. وهو منهج الأنبياء والمرسلين، الذي ارتضاه الله لهم، فمحمد والذين معه.. وعيسى والحواريين، وهكذا باقي الأنبياء.. ونحن من بعدهم ننسج على نفس المنوال، ونقتدي بالرهط الكرام من الرسل والدعاة والأئمة..إلا أننا لسنا جامدين.. بل نجدد ونطور ونبدع مع احتفاظنا بالأصول والأسس التربويةالمستمدة من الكتاب والسنة..
هكذا علمنا إمامنا الشهيد حسن البنا رحمه الله تعالى رحمة واسعة.. فكان نظام الأسرة.. إحياء لدار الأرقم بن أبي الأرقم.. و نهج ( اجلس بنا نؤمن ساعة) فانبثقت منها: اجلس بنا نتربى ساعة.. اجلس بنا نتعلم ساعة.. اجلس بنا نبدع ساعة.. اجلس بنا نتآخى ساعة.. اجلس بنا ننتج ساعة.. اجلس بنا نخطط ساعة... كل هذه المعاني جمعتها كلمة (الأسرة الإخوانية).. ومنها خرج الدعاة والعلماء والمجتهدين والوزراء والمجاهدين و رجال الأمن الجادين بل ومنها خرج الرؤساء.. كيف لا وشيخنا حبيب القلوب الأستاذ اسماعيل هنية تخرج من هذه الأسر المباركة.. فهو ابن دعوة الإخوان المسلمين الذي تربى في جلساتهم وعلى أيدي مشايخهم الأجلاء..
إننا ننتظر من هذه الأسر ان تعود لدورها الرائد وأن تخرج لنا رجال ربانيين، أينما وضعوا أنتجوا وكانوا فتحا للإسلام في هذا الميدان الذي وضعوا فيه..
ولعل هذه الدورة تكون خطوة في هذا الاتجاه.. ودفعة قوية للأعلى.. لنسمو سويا نحو المعالي..
من أهم الأسباب التي أدت إلى الضعف التربوي للأسر:
1) قلة المربين ذوي الكفاءة التربوية، ممن يملكون1- الروح الزاكية والقلب المطمئن، 2- والعلم الشرعي والفهم الصحيح،3- والفقه الدعوي و الوعي الحركي، 4- الهمة العالية في العبادة والدعوة والجهاد، 5- استشعار ثقل المسؤولية وعظم المهمة..
2) المنهج موجود وممتاز، ولكن الطرح صار علمي بحت أكثر منه تربوي، وصار السؤال كم قطعنا من المنهج، وليس: كم استفدنا من المنهج وطبقنا منه، صار الأسلوب تلقيني ممل، وصار المربي أستاذ بالإفادة العلمية فقط لا غير.
3) أسرفنا في الجري وراء الكم ونيسنا الكيف، فصار الغزو من الداخل، لهذا رفع الإخوان في فلسطين في الفترة الأخيرة شعار كبير بعنواننحو تربية تستدرك).
4) قلة المتابعة من قبل المسؤولين لأداء الأسر والمربين والأفراد، و إن وجد فعن طريق التقارير المكتوب.
5) التسرع في ترفيع الأخ من مرحلة إلى مرحلة ومن درجة إلى درجة، ربما لأننا في عصر السرعة وثورة المعلومات!! قبل أن يستوفي الأخ حق المرحلة من التربية، فنتج عن ذلك أنصاف وأثلاث وأرباع الإخوة، فصرنا عند الميزان لا نزن.. وطلحة صوته في الجيش بألف رجل.
6) اقتصار النقيب على أداء دور واحد من الأدوار التي من المفترض ان يؤديها، وهي: 1- شيخ بالتربية الروحية 2- والد بالرابطة القلبية 3- أستاذ بالإفادة العمية 4-قائد بحكم السياسة العملية.. فكان تشوه نتاج العملية التربوية للأسرة.
7) عدم سعي المربي لتطوير نفسه وباستمرار.. فيصل إلى درجة هو يمل والأخ الذي يجلس عنده يمل ويشعر بأنه لا جديد..
انتشار فهم قاصر وغريب: وهو بأن النقيب مهمته فقط أن يحافظ على الجلسة الأسبوعية والسير في المنهج!! ثم لا يدري عن الأفراد شيئ ولا يتابع أو يعايش ويسأل ويزور ويتحسس أخبار من معه.
نستطيع أن نقول أن الهدف الأساسي للأسرة هو تخريج شخصية ربانية إيجابية تستطيع خدمة دين الله وتحقيق أهداف الجماعة..
هذا ما نطلق عليه الهدف الإستراتيجي للأسرة..
وينقسم إلى عدة أهداف مرحلية ، هذه الأهداف تختلف من مرحلة لأخرى، وفي نفس الوقت تشارك أشكال تنظيمية أخرى في تحقيق هذه الأهداف.. فكما تعرفون: العملية التربوية عملية تكاملية..
إلا أن الأسرة تساهم في تحقيق الجزء الأساسي والأكبر في رحلة البناء الإخواني للشخصية الإسلامية الحركية النموذجية..
ولا أبالغ إذا قلت أن أول خطوة لنجاح النقيب في أسرته بعد إدراك أهمية مهمته وعظمتها.. هي معرفة أهداف الأسرة.. ليقيس كل خطوة يخطوها مع إخوانه قربا أو بعدا من الهدف..
أخي المربي.. أنت مستأمن على نفوس وعقول وأرواح.. وستسأل عن هذه الأمانة يوم العرض على الله عز وجل.. أنت الذي تصنع لبنات دولة الخلافة الإسلامية.. فأحسن الصنع وأتقن العمل.. لتكون سببا في بناء دولة إسلامية متينة.. ولا تكون معول هدم من حيث لا تشعر..
في هذه الدورة ستتعرف أكثر على الأهداف التي يجب أن تحققها مع أسرتك.. وعلى العلامات التي ستقود أسرتك نحوها..
وبداية نوجز هذه الأهداف المرحلية ويأتي بعد ذلك التفصيل:
1) المشاركة في تكوين وبناء الشخصية الإسلامية للأفراد في الجوانب( الإيماني-الفكري-التنظيمي-السلوكي)
2) تحقيق معاني الإخوة.
3)اكتشاف الطاقات والمواهب وحسن استثمارها وتوظيفها لخمة الجماعة.
4) المشاركة في تدريب الأفراد على مهارات متعددة.
5) التوجيه التخصصي وتحديد وجهة الفرد.
6) تنمية التربية الذاتية.
7) المساهمة الفعالة في تنفيذ خطة الجماعة.
التقويم والمتابعة.
9) الاهتمام بالامور الشخصية للافراد والحرص على تلبية احتياجاتهم ما لمكن.
10) تطبيق البرنامج التربوي والثقافي والعملي التي تعده الجماعة.
تلك عشرة كاملة.. وأرجو من إخواني أن يتسع صدرهم علي.. فأحيانا تختلط الأهداف بالوسائل..
دعونا من التسميات.. ولنهتم بالجوهر والمضمون..
أنقل لكم مقال رائع لأستاذنا حديبي المدني.. نشر على موقع حمس.. والمقال بجد رائع ومميز..
أترككم مع المقال:
لهـــا أحاديث من ذكراك تشغلها... عن الطعــــام وتلهيهــا عن الزاد..!!
يقول الشيخ الراشد:حدثني أحمد الشيخي قال:كنت حافظا للقرآن منذ أول شبابي ومعلما له وأحافظ على الصلاة، ولكن بعد مصاحبتي للدعاة بعد ثلاثة أشهر قالت لي أمي:يا أحمد هناك سر لا أدريه، لست أحمد الأول ، فماذا جرى لك؟!!..ومن أنت الآن؟!! لما رأت من هديه وسمته الجديد ، وذلك لأننا نعلم الشاب في الأسرة ليس الفكر والحلال والحرام فقط ، بل حتى الأذواق الرفيعة ، وكيف يجلس وكيف يتكلم وكيف يتصرف في كل شأنه ، فأحمد ما كان عاصيا ، بل يفوق كثيرا من الدعاة بحفظه للقرآن ، إلا أن اللمسة الدعوية فعلت ما فعلت ، وغيرت شخصيته جذريا..!!حتى أثار حاله الجديد استغراب أمه
لها أحاديث من ذكراك تشغلها
عن الطعام وتلهيها عن الزاد
لها بوجهك نور تستضيء به
ومن حديثك في أعقابها حادي
إذا اشتكت من كلال السير أو عدها
روح القدوم فتحيا عند ميعاد
لقد تحولت جلسة الأسرة إلى لقاء روتيني رتيب، غابت فيه المشوقات الروحية، وضعفت فيه قدرة الصلاح الحاسمة، وخمدت حركة أصداء الورع، وخفتت أنوار الإخلاص، وبردت اللوعة وانطفأت الحرقة، ولم نعد نشم رائحة الكبد المشوي والقلب المحترق بهم الدعوة!!
فصار المحضن التربوي نسيجا خشبيا: هيكل بلا روح وخط بلا وضوح!!
نستثني المحاضن التربوية الأنموذجية التي ينفخ فيها المربي من روحه وتقتات من قلبه و التي شعارها:انظرونا نقتبس من نوركم، فيمتص الحال من الحال :فتدمع العين ويرق القلب وتنتعش الروح..!!
المربي هو أس الأساس ، والركن الركين:
المربون هم مصانع الرجال والأبطال والعلماء والدعاة وصناع الحياة ، وهم لب وروح وجوهر الحركة..والراحلة المفقودة التي تحمل أثقال السائرين إلى الله إلى بلاد لم يكونوا إلا بشق الأنفس بالغيها..كم من قتيل لإبليس قد أحييوه ، وكم من ضال تائه قد هدوه!!..شعارهم العملي الدائم:
سأظل للإخوان جسرا يعبر...حتى أوسد في التراب وأقبر..!!
المربون:يحولون النصوص إلى واقع عملي حي شاخص متحرك..ويصوغون من المصحف إنسانا نموذجيا يدب على الأرض..ويجسدون كلمات الشهيد:سيد قطب التي كتبها بدمائه:
إن النصوص وحدها لا تصنع شيئا، وإن المصحف وحده لا يعمل حتى يكون رجلا ، وإن المبادئ وحدها لا تعيش إلا أن تكون سلوكا ،لقد كان هدفه-صلى الله عليه وسلم-أن يصنع رجالا ، لا أن يلقي مواعظ..وأن يصوغ ضمائر لا أن يدبج خطبا ، وأن يبني أمة لا أن يقيم فلسفة ، لقد انتصر يوم صاغ من الإسلام شخوصا ، وحول إيمانهم بالإسلام عملا ، وطبع من المصحف عشرات من النسخ ثم مئات وألوفا ، ولكنه لم يطبعها بالمداد على صحائف الورق ، إنما طبعها بالنور على صحائف القلوب ، و صنع منهم قرآنا حيا يدب على الأرض..!!
يقول عنهم الإمام المجدد:إن تاريخ الأمم جميعا إنما هو تاريخ ما ظهر بها من الرجال النابغين الأقوياء النفوس والإرادات . وإن قوة الأمم أو ضعفها إنما يقاس بخصوبتها في إنتاج الرجال الذين تتوفر فيهم شرائط الرجولة الصحيحة . وإني أعتقد – والتاريخ يؤيدني – أن الرجل الواحد في وسعه أن يبني أمة إن صحت رجولته.
أيها المربي الحبيب..أيتها المربية الفاضلة:
يا ابن الدعوة .. يا صاحب الرسالة .. يا وريث أولي العزم من الرسل ..
إنها الأمانة الثقيلة التي ناءت بحملها السماوات والأرض والجبال وحملتها أنت، فعلمت بذلك أنك لابد أن تكون أقوى من السماوات والأرض والجبال!! فهذه الأمانة لن يحملها ضعيف متخاذل ، ولا كسول متراخ ولن يصلح لها إلا الجد والقوة، وهذه هي لغة القرآن .. ألم تسمع : ﴿ يا يحيى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً* وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا* وَبَرًّا بِوَلِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً* وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَياً ﴾
أما وقد سمعت، فانزع عنك ما نسجته غفلتك من دثار وشعار، واقتل على الفور كل مبرِّرات التخلف والأعذار.
اعرف قدر نفسك .. وموضع قدمك ..
يا مقتفي الأثر الرائع .. أثر محمد وصحبه:
أنت لابس لأمته في معركته مع الباطل
أنت خليفته في دعوته
أنت راقي منبره لتعظ الأمة من ورائه
أنت وارث رسالته
يا من تسلَّم الراية منه قبل أن تسقط .. هل سقطت منك الراية؟!
يا من حمل شعلة الهداية من يده لتنير بها الوجود .. هل انطفأت بين يديك الشعلة؟!
قم فما يُعهد من صاحب رسالة نوم .. قم للأمر العظيم الذي ينتظرك، والعبء الثقيل المهيأ لك .. قم للجهد والنصب والكد والتعب، قم فقد مضى وقت النوم والراحة..
وكان هذا النداء الذي تتردَّد أصداؤه بيننا إلى اليوم إيذانا بشحذ العزائم، وتوديعا لأوقات النوم والراحة، والتلفف بأثواب الهجوع ، وكان إشعارا بالجد الذي يصنع الحدث ويرميه في حجر أعدائه ليتفاعلوا معه، لا أن ينتظر كيد العدو ليتفاعل هو معه.
صاحب الرسالة يا دعاة يسبق الحدث لا ينتظره حتى يقع، ويسابق الزمن خوف الفوت، متوثباً إلى غايته النبيلة وهدفه السامي، وصوته الهادر يبايع نبيه موقِّعا معه عقد البذل والاستشهاد صائحا:
نبي الهدى قد جفونا الكرى ... وعِفنا الشهي من المطعم
نهضنا إلى الله نجلو السرى ... بروعة قرآنه المنزل
تالله لقد ذهبتم بشرف الدنيا والآخرة:ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله و عمل صالحا وقال إنني من المسلمين.
أيها المربي الحبيب..أيتها المربية الفاضلة:
ما الذي سبق منك حتى خصك؟!!
نعمة أن تكون داعية..مربي!!
فعن زبدة أخت بشر بن الحارث قالت:دخل بشر علي ليلة من الليالي ، فوضع إحدى رجليه داخل الدار والأخرى خارجها، وبقي كذلك يتفكر حتى أصبح!..فلما أصبح قلت له:في ماذا تفكرت طول الليلة؟!
قال:تفكرت في بشر النصراني وبشر اليهودي وبشر المجوسي ونفسي واسم بشر..فقلت:ما الذي سبق منك حتى خصك؟!..فتفكرت في تفضله علي أن جعلني من خاصته وألبسني لباس أحبائه..!!
..والآن نبدأ حديث المشوقات:
مشوقات قرآنية:
1-قال تعالى:واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ، ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا...!!
إنه الصبر الدائم..فالنفس ملولة والمواظبة على لقاء الأسرة تحتاج إلى قوة وصبر..إنها الجنة!!ثمنها ليس برخيص بل المحافظة الدائمة..وليس مجرد عمل يوم أو يومين أو شهر أو شهرين!!..
الصبر عند مواسم الجزر:الشيطان يتحين لحظات الفتور عند العبد..ولن يجرؤ على مواجهة جيش قلبك عند اشتداد هجمة الإيمان عليه ، بل يتربص حتى تحين استراحة مقاتل...أو أيام الفتن..فيبدأ الانقضاض عليك ،ومن صبر عند مواسم الفتور والفتن ونوبات ضعف الإيمان ، كان أجر صبره هو الأعلى وإيمانه الأقوى..وكان في ذلك دلالة على قوة قلبه ولو في لحظات ضعفه،ومجاهدته لنفسه حتى عند أوقات فتوره!
2-وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا شهودا عليكم إذ تفيضون فيه..
فلقاء الأسرة عمل مبارك..يتم تحت الأضواء النورانية الكاشفة..والرقابة الربانية الحانية!..
3-وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى..!..الحركة بالدعوة..والسعي الدائب الدائم..والمبادرة والفورية والإيجابية!..
4-ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال:إنني من المسلمين..
ليس هناك مقام أعلى وأرقى من مقام الدعوة والربانية..!!
5-والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين..و هل هناك صلاح وإصلاح أفضل من لقاء المؤمنين...ومجالس:تعال نؤمن ساعة!..
6-ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون..فالربانية:تعليم وتعلم ودراسة وذكر..وكل هذا يتم داخل الأسرة والمحضن التربوي..
مشوقات من السنة:
1-وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله و يتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة و غشيتهم الرحمة و حفتهم الملائكة و ذكرهم الله في من عنده ، و من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه-رواه مسلم بهذا اللفظ ....هذا الحديث يجسده لقاء الأسرة..فينال أفرادها:السكينة والرحمة وحضور الملائكة وذكر الله..!
2-هم القوم لا يشقى بهم جليسهم..أشهدكم يا ملائكتي أني قد غفرت لهم..فهذا الكلب يدخل الجنة بصحبة أهل الكهف..فيحشر المرء يوم القيامة مع من أحب...ومن كثر سواد قوم حشر معهم!!..
3-..لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة..فالذي يحضر لقاء الأسرة:ينال النور والبركة والتوفيق..!
4-إن الله وملائكته وأهل السموات وأهل الأرض ليصلون على معلمي الناس الخير...فالكون كله من الذرة إلى المجرة يحتفي ويهش ويبش ويفرح بلقاء المؤمنين!..
5-..فله أجره وأجر من عمل به إلى يوم القيامة..حسنات كثيرة بالمتتاليات الهندسية..إلى يوم القيامة!!
مشوقات من واقع الأمة المر:
..لما استولى الأسبان على أشبيلية هال-صوت الناقوس وخرس الآذان-أبا الحسن علي بن جابر الدباج اللخمي..فمازال يتأسف ويضطرب إلى أن قضى نحبه بعد أيام رحمه الله،وقد عاش ثمانين سنة.
وإن كان نصيب أبا الحسن من هزيمة المسلمين وانكسار الأمة هو الألم والحسرة القاتلة، إلا أن الإمام البنا تجاوزهما إلى العمل والحركة، نعم كان يبكي الليالي الطوال..لكنها الدموع التي تحولت إلى طاقة عمل هائلة..حتى أثمرت جهوده نشر دعوته في أرجاء الأرض..من الصين حيث الحكم الشيوعي الحاقد..إلى أمريكا حيث الاستدمار المارد ..ووصولا إلى أدغال إفريقيا وأطراف روسيا..
يقول الإمام الشهيد وهو يصف تفكره المثمر النافع:
ليس يعلم إلا الله كم من الليالي كنا نقضيها نستعرض أحوال الأمة وما وصلت إليه في مختلف مظاهر حياتها..ونحلل العلل والأدواء..ونفكر في العلاج وحسم الداء..ويفيض بنا التفكر إلى حد البكاء..!!
كثرة من مسلمي اليوم تطاولوا في بنيان القول،حتى غدت أقوالهم قصورا شامخات..بينما أقوالهم أنقاض وحطام..لا ترى فيها عوجا ولا أمتا..وكم ناصرنا إخواننا بالثرثرة والزفرات وبكائيات اللسان!!
نبني من الأقوال قصرا شامخا والفعل دون الشامخات ركام!..
..إلا مجالس الأسر التي عايشت آلام غزة –قولا وعاطفة وعملا-وخصصت فقرة دائمة لرصد أحوال الأمة من فلسطين إلى دارفور..
أيها الأحباب:نقطة عملية:
لابد من مراجعة جادة –على ضوء هذه المشوقات-لعلاقتنا الباردة الخامدة الهامدة لحلقات المساجد ومجالس الأسر والندوات والمحاضرات..ونعود إليها وكلنا شوق وحب وحرقة ولوعة ومسارعة وإيجابية وفورية..!!
..يتبع...
المراجع:
المنهجية:للشيخ الراشد.
يا صاحب الرسالة:د.خالد أبو شادي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله.. أما بعد..
بداية..بارك الله فيكم وأسأل الله العظيم أن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا.. وأن يزيدنا علما..
ودعونا نبدأ دورتنا هذه بدعاء مبارك نتوجه به إلى المولى عز وجل:
اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها..اللهم يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث أصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا إلى نفوسنا طرفة عين أو أقل من ذلك.. اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره الينا الكفر والفسوق والعصيان..
اللهم اصنعنا على عينك.. اللهم أصلحنا لكي نصلح لجوارك.. اللهم اجعلنا كما تحب.. واختم لنا بخاتمة البر والتقوى.. اللهم ألهمنا رشدنا وقنا شرور أنفسنا..
آمين..
أيها الإخوة الأحباب.. أيها الكرام..
* نحن في نعمة عظيمة أننا مسلمون.. وأننا إخوان ..نعم أنت في نعمة عظيمة لأنك داعية إلى الله.. تدعو وتربي وتعمل.. وغيرك يسجد لبقرة.. أو يسجد لبشر.. أو يسجد لشهوة.. أو يسجد كرسي..أو يسجد لمنهج أرضي تافه.. أو يسجد لامرأة.. أو
يسجد لحفنة دنانير.. يبيع دينه بعرض من الدنيا، ثم هو في الآخرة من الخاسرين..
أما أنت فقد أكرمك الله بهذه الدعوة الربانية، وجعلك من أبنائها وحماة لوائها..
فاحمد الله عز وجل وردد دوما: اللهم ثبتنا على الحق حتى نلقاك به..
* وإن من شكر النعمة أن تتحدث عنها، وأن تعبد الله بها، وأن تحدق عين القلب فيها..فهلا جلسة جلسات مع نفسك وأخذت تذكر نعم الله عليك.. ثم تتلو قوله تعالى: "وما بكم من نعمة فمن الله".. ثم تفكر أكثر إلى أن ييقظك قوله تعالى: "وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها"..
* يا رب.. إنك تعلم أننا لا نملك أغلى من دمائنا.. فاللهم اسفكها في سبيلك.. اسفكها في سبيلك .. اسفكها في سبيلك..ونصرة لدعوتك..
هذه الدورة للمربين أو لمن يبتغي أن يخوض المضمار، وأن ينال شرف وراثة النبوة.. تلاوة للآيات وتزكية وتعليما للكتاب والحكمة.. هذه الدورة ليست كلمات تقرأ، وإنما تعليمات وإرشادات تنفذ..
لا خلاف أن منهجنا في التغيير قائم على التربية.. وهو منهج الأنبياء والمرسلين، الذي ارتضاه الله لهم، فمحمد والذين معه.. وعيسى والحواريين، وهكذا باقي الأنبياء.. ونحن من بعدهم ننسج على نفس المنوال، ونقتدي بالرهط الكرام من الرسل والدعاة والأئمة..إلا أننا لسنا جامدين.. بل نجدد ونطور ونبدع مع احتفاظنا بالأصول والأسس التربويةالمستمدة من الكتاب والسنة..
هكذا علمنا إمامنا الشهيد حسن البنا رحمه الله تعالى رحمة واسعة.. فكان نظام الأسرة.. إحياء لدار الأرقم بن أبي الأرقم.. و نهج ( اجلس بنا نؤمن ساعة) فانبثقت منها: اجلس بنا نتربى ساعة.. اجلس بنا نتعلم ساعة.. اجلس بنا نبدع ساعة.. اجلس بنا نتآخى ساعة.. اجلس بنا ننتج ساعة.. اجلس بنا نخطط ساعة... كل هذه المعاني جمعتها كلمة (الأسرة الإخوانية).. ومنها خرج الدعاة والعلماء والمجتهدين والوزراء والمجاهدين و رجال الأمن الجادين بل ومنها خرج الرؤساء.. كيف لا وشيخنا حبيب القلوب الأستاذ اسماعيل هنية تخرج من هذه الأسر المباركة.. فهو ابن دعوة الإخوان المسلمين الذي تربى في جلساتهم وعلى أيدي مشايخهم الأجلاء..
إننا ننتظر من هذه الأسر ان تعود لدورها الرائد وأن تخرج لنا رجال ربانيين، أينما وضعوا أنتجوا وكانوا فتحا للإسلام في هذا الميدان الذي وضعوا فيه..
ولعل هذه الدورة تكون خطوة في هذا الاتجاه.. ودفعة قوية للأعلى.. لنسمو سويا نحو المعالي..
من أهم الأسباب التي أدت إلى الضعف التربوي للأسر:
1) قلة المربين ذوي الكفاءة التربوية، ممن يملكون1- الروح الزاكية والقلب المطمئن، 2- والعلم الشرعي والفهم الصحيح،3- والفقه الدعوي و الوعي الحركي، 4- الهمة العالية في العبادة والدعوة والجهاد، 5- استشعار ثقل المسؤولية وعظم المهمة..
2) المنهج موجود وممتاز، ولكن الطرح صار علمي بحت أكثر منه تربوي، وصار السؤال كم قطعنا من المنهج، وليس: كم استفدنا من المنهج وطبقنا منه، صار الأسلوب تلقيني ممل، وصار المربي أستاذ بالإفادة العلمية فقط لا غير.
3) أسرفنا في الجري وراء الكم ونيسنا الكيف، فصار الغزو من الداخل، لهذا رفع الإخوان في فلسطين في الفترة الأخيرة شعار كبير بعنواننحو تربية تستدرك).
4) قلة المتابعة من قبل المسؤولين لأداء الأسر والمربين والأفراد، و إن وجد فعن طريق التقارير المكتوب.
5) التسرع في ترفيع الأخ من مرحلة إلى مرحلة ومن درجة إلى درجة، ربما لأننا في عصر السرعة وثورة المعلومات!! قبل أن يستوفي الأخ حق المرحلة من التربية، فنتج عن ذلك أنصاف وأثلاث وأرباع الإخوة، فصرنا عند الميزان لا نزن.. وطلحة صوته في الجيش بألف رجل.
6) اقتصار النقيب على أداء دور واحد من الأدوار التي من المفترض ان يؤديها، وهي: 1- شيخ بالتربية الروحية 2- والد بالرابطة القلبية 3- أستاذ بالإفادة العمية 4-قائد بحكم السياسة العملية.. فكان تشوه نتاج العملية التربوية للأسرة.
7) عدم سعي المربي لتطوير نفسه وباستمرار.. فيصل إلى درجة هو يمل والأخ الذي يجلس عنده يمل ويشعر بأنه لا جديد..
انتشار فهم قاصر وغريب: وهو بأن النقيب مهمته فقط أن يحافظ على الجلسة الأسبوعية والسير في المنهج!! ثم لا يدري عن الأفراد شيئ ولا يتابع أو يعايش ويسأل ويزور ويتحسس أخبار من معه.
نستطيع أن نقول أن الهدف الأساسي للأسرة هو تخريج شخصية ربانية إيجابية تستطيع خدمة دين الله وتحقيق أهداف الجماعة..
هذا ما نطلق عليه الهدف الإستراتيجي للأسرة..
وينقسم إلى عدة أهداف مرحلية ، هذه الأهداف تختلف من مرحلة لأخرى، وفي نفس الوقت تشارك أشكال تنظيمية أخرى في تحقيق هذه الأهداف.. فكما تعرفون: العملية التربوية عملية تكاملية..
إلا أن الأسرة تساهم في تحقيق الجزء الأساسي والأكبر في رحلة البناء الإخواني للشخصية الإسلامية الحركية النموذجية..
ولا أبالغ إذا قلت أن أول خطوة لنجاح النقيب في أسرته بعد إدراك أهمية مهمته وعظمتها.. هي معرفة أهداف الأسرة.. ليقيس كل خطوة يخطوها مع إخوانه قربا أو بعدا من الهدف..
أخي المربي.. أنت مستأمن على نفوس وعقول وأرواح.. وستسأل عن هذه الأمانة يوم العرض على الله عز وجل.. أنت الذي تصنع لبنات دولة الخلافة الإسلامية.. فأحسن الصنع وأتقن العمل.. لتكون سببا في بناء دولة إسلامية متينة.. ولا تكون معول هدم من حيث لا تشعر..
في هذه الدورة ستتعرف أكثر على الأهداف التي يجب أن تحققها مع أسرتك.. وعلى العلامات التي ستقود أسرتك نحوها..
وبداية نوجز هذه الأهداف المرحلية ويأتي بعد ذلك التفصيل:
1) المشاركة في تكوين وبناء الشخصية الإسلامية للأفراد في الجوانب( الإيماني-الفكري-التنظيمي-السلوكي)
2) تحقيق معاني الإخوة.
3)اكتشاف الطاقات والمواهب وحسن استثمارها وتوظيفها لخمة الجماعة.
4) المشاركة في تدريب الأفراد على مهارات متعددة.
5) التوجيه التخصصي وتحديد وجهة الفرد.
6) تنمية التربية الذاتية.
7) المساهمة الفعالة في تنفيذ خطة الجماعة.
التقويم والمتابعة.
9) الاهتمام بالامور الشخصية للافراد والحرص على تلبية احتياجاتهم ما لمكن.
10) تطبيق البرنامج التربوي والثقافي والعملي التي تعده الجماعة.
تلك عشرة كاملة.. وأرجو من إخواني أن يتسع صدرهم علي.. فأحيانا تختلط الأهداف بالوسائل..
دعونا من التسميات.. ولنهتم بالجوهر والمضمون..
أنقل لكم مقال رائع لأستاذنا حديبي المدني.. نشر على موقع حمس.. والمقال بجد رائع ومميز..
أترككم مع المقال:
لهـــا أحاديث من ذكراك تشغلها... عن الطعــــام وتلهيهــا عن الزاد..!!
يقول الشيخ الراشد:حدثني أحمد الشيخي قال:كنت حافظا للقرآن منذ أول شبابي ومعلما له وأحافظ على الصلاة، ولكن بعد مصاحبتي للدعاة بعد ثلاثة أشهر قالت لي أمي:يا أحمد هناك سر لا أدريه، لست أحمد الأول ، فماذا جرى لك؟!!..ومن أنت الآن؟!! لما رأت من هديه وسمته الجديد ، وذلك لأننا نعلم الشاب في الأسرة ليس الفكر والحلال والحرام فقط ، بل حتى الأذواق الرفيعة ، وكيف يجلس وكيف يتكلم وكيف يتصرف في كل شأنه ، فأحمد ما كان عاصيا ، بل يفوق كثيرا من الدعاة بحفظه للقرآن ، إلا أن اللمسة الدعوية فعلت ما فعلت ، وغيرت شخصيته جذريا..!!حتى أثار حاله الجديد استغراب أمه
لها أحاديث من ذكراك تشغلها
عن الطعام وتلهيها عن الزاد
لها بوجهك نور تستضيء به
ومن حديثك في أعقابها حادي
إذا اشتكت من كلال السير أو عدها
روح القدوم فتحيا عند ميعاد
لقد تحولت جلسة الأسرة إلى لقاء روتيني رتيب، غابت فيه المشوقات الروحية، وضعفت فيه قدرة الصلاح الحاسمة، وخمدت حركة أصداء الورع، وخفتت أنوار الإخلاص، وبردت اللوعة وانطفأت الحرقة، ولم نعد نشم رائحة الكبد المشوي والقلب المحترق بهم الدعوة!!
فصار المحضن التربوي نسيجا خشبيا: هيكل بلا روح وخط بلا وضوح!!
نستثني المحاضن التربوية الأنموذجية التي ينفخ فيها المربي من روحه وتقتات من قلبه و التي شعارها:انظرونا نقتبس من نوركم، فيمتص الحال من الحال :فتدمع العين ويرق القلب وتنتعش الروح..!!
المربي هو أس الأساس ، والركن الركين:
المربون هم مصانع الرجال والأبطال والعلماء والدعاة وصناع الحياة ، وهم لب وروح وجوهر الحركة..والراحلة المفقودة التي تحمل أثقال السائرين إلى الله إلى بلاد لم يكونوا إلا بشق الأنفس بالغيها..كم من قتيل لإبليس قد أحييوه ، وكم من ضال تائه قد هدوه!!..شعارهم العملي الدائم:
سأظل للإخوان جسرا يعبر...حتى أوسد في التراب وأقبر..!!
المربون:يحولون النصوص إلى واقع عملي حي شاخص متحرك..ويصوغون من المصحف إنسانا نموذجيا يدب على الأرض..ويجسدون كلمات الشهيد:سيد قطب التي كتبها بدمائه:
إن النصوص وحدها لا تصنع شيئا، وإن المصحف وحده لا يعمل حتى يكون رجلا ، وإن المبادئ وحدها لا تعيش إلا أن تكون سلوكا ،لقد كان هدفه-صلى الله عليه وسلم-أن يصنع رجالا ، لا أن يلقي مواعظ..وأن يصوغ ضمائر لا أن يدبج خطبا ، وأن يبني أمة لا أن يقيم فلسفة ، لقد انتصر يوم صاغ من الإسلام شخوصا ، وحول إيمانهم بالإسلام عملا ، وطبع من المصحف عشرات من النسخ ثم مئات وألوفا ، ولكنه لم يطبعها بالمداد على صحائف الورق ، إنما طبعها بالنور على صحائف القلوب ، و صنع منهم قرآنا حيا يدب على الأرض..!!
يقول عنهم الإمام المجدد:إن تاريخ الأمم جميعا إنما هو تاريخ ما ظهر بها من الرجال النابغين الأقوياء النفوس والإرادات . وإن قوة الأمم أو ضعفها إنما يقاس بخصوبتها في إنتاج الرجال الذين تتوفر فيهم شرائط الرجولة الصحيحة . وإني أعتقد – والتاريخ يؤيدني – أن الرجل الواحد في وسعه أن يبني أمة إن صحت رجولته.
أيها المربي الحبيب..أيتها المربية الفاضلة:
يا ابن الدعوة .. يا صاحب الرسالة .. يا وريث أولي العزم من الرسل ..
إنها الأمانة الثقيلة التي ناءت بحملها السماوات والأرض والجبال وحملتها أنت، فعلمت بذلك أنك لابد أن تكون أقوى من السماوات والأرض والجبال!! فهذه الأمانة لن يحملها ضعيف متخاذل ، ولا كسول متراخ ولن يصلح لها إلا الجد والقوة، وهذه هي لغة القرآن .. ألم تسمع : ﴿ يا يحيى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً* وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا* وَبَرًّا بِوَلِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً* وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَياً ﴾
أما وقد سمعت، فانزع عنك ما نسجته غفلتك من دثار وشعار، واقتل على الفور كل مبرِّرات التخلف والأعذار.
اعرف قدر نفسك .. وموضع قدمك ..
يا مقتفي الأثر الرائع .. أثر محمد وصحبه:
أنت لابس لأمته في معركته مع الباطل
أنت خليفته في دعوته
أنت راقي منبره لتعظ الأمة من ورائه
أنت وارث رسالته
يا من تسلَّم الراية منه قبل أن تسقط .. هل سقطت منك الراية؟!
يا من حمل شعلة الهداية من يده لتنير بها الوجود .. هل انطفأت بين يديك الشعلة؟!
قم فما يُعهد من صاحب رسالة نوم .. قم للأمر العظيم الذي ينتظرك، والعبء الثقيل المهيأ لك .. قم للجهد والنصب والكد والتعب، قم فقد مضى وقت النوم والراحة..
وكان هذا النداء الذي تتردَّد أصداؤه بيننا إلى اليوم إيذانا بشحذ العزائم، وتوديعا لأوقات النوم والراحة، والتلفف بأثواب الهجوع ، وكان إشعارا بالجد الذي يصنع الحدث ويرميه في حجر أعدائه ليتفاعلوا معه، لا أن ينتظر كيد العدو ليتفاعل هو معه.
صاحب الرسالة يا دعاة يسبق الحدث لا ينتظره حتى يقع، ويسابق الزمن خوف الفوت، متوثباً إلى غايته النبيلة وهدفه السامي، وصوته الهادر يبايع نبيه موقِّعا معه عقد البذل والاستشهاد صائحا:
نبي الهدى قد جفونا الكرى ... وعِفنا الشهي من المطعم
نهضنا إلى الله نجلو السرى ... بروعة قرآنه المنزل
تالله لقد ذهبتم بشرف الدنيا والآخرة:ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله و عمل صالحا وقال إنني من المسلمين.
أيها المربي الحبيب..أيتها المربية الفاضلة:
ما الذي سبق منك حتى خصك؟!!
نعمة أن تكون داعية..مربي!!
فعن زبدة أخت بشر بن الحارث قالت:دخل بشر علي ليلة من الليالي ، فوضع إحدى رجليه داخل الدار والأخرى خارجها، وبقي كذلك يتفكر حتى أصبح!..فلما أصبح قلت له:في ماذا تفكرت طول الليلة؟!
قال:تفكرت في بشر النصراني وبشر اليهودي وبشر المجوسي ونفسي واسم بشر..فقلت:ما الذي سبق منك حتى خصك؟!..فتفكرت في تفضله علي أن جعلني من خاصته وألبسني لباس أحبائه..!!
..والآن نبدأ حديث المشوقات:
مشوقات قرآنية:
1-قال تعالى:واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ، ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا...!!
إنه الصبر الدائم..فالنفس ملولة والمواظبة على لقاء الأسرة تحتاج إلى قوة وصبر..إنها الجنة!!ثمنها ليس برخيص بل المحافظة الدائمة..وليس مجرد عمل يوم أو يومين أو شهر أو شهرين!!..
الصبر عند مواسم الجزر:الشيطان يتحين لحظات الفتور عند العبد..ولن يجرؤ على مواجهة جيش قلبك عند اشتداد هجمة الإيمان عليه ، بل يتربص حتى تحين استراحة مقاتل...أو أيام الفتن..فيبدأ الانقضاض عليك ،ومن صبر عند مواسم الفتور والفتن ونوبات ضعف الإيمان ، كان أجر صبره هو الأعلى وإيمانه الأقوى..وكان في ذلك دلالة على قوة قلبه ولو في لحظات ضعفه،ومجاهدته لنفسه حتى عند أوقات فتوره!
2-وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا شهودا عليكم إذ تفيضون فيه..
فلقاء الأسرة عمل مبارك..يتم تحت الأضواء النورانية الكاشفة..والرقابة الربانية الحانية!..
3-وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى..!..الحركة بالدعوة..والسعي الدائب الدائم..والمبادرة والفورية والإيجابية!..
4-ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال:إنني من المسلمين..
ليس هناك مقام أعلى وأرقى من مقام الدعوة والربانية..!!
5-والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين..و هل هناك صلاح وإصلاح أفضل من لقاء المؤمنين...ومجالس:تعال نؤمن ساعة!..
6-ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون..فالربانية:تعليم وتعلم ودراسة وذكر..وكل هذا يتم داخل الأسرة والمحضن التربوي..
مشوقات من السنة:
1-وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله و يتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة و غشيتهم الرحمة و حفتهم الملائكة و ذكرهم الله في من عنده ، و من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه-رواه مسلم بهذا اللفظ ....هذا الحديث يجسده لقاء الأسرة..فينال أفرادها:السكينة والرحمة وحضور الملائكة وذكر الله..!
2-هم القوم لا يشقى بهم جليسهم..أشهدكم يا ملائكتي أني قد غفرت لهم..فهذا الكلب يدخل الجنة بصحبة أهل الكهف..فيحشر المرء يوم القيامة مع من أحب...ومن كثر سواد قوم حشر معهم!!..
3-..لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة..فالذي يحضر لقاء الأسرة:ينال النور والبركة والتوفيق..!
4-إن الله وملائكته وأهل السموات وأهل الأرض ليصلون على معلمي الناس الخير...فالكون كله من الذرة إلى المجرة يحتفي ويهش ويبش ويفرح بلقاء المؤمنين!..
5-..فله أجره وأجر من عمل به إلى يوم القيامة..حسنات كثيرة بالمتتاليات الهندسية..إلى يوم القيامة!!
مشوقات من واقع الأمة المر:
..لما استولى الأسبان على أشبيلية هال-صوت الناقوس وخرس الآذان-أبا الحسن علي بن جابر الدباج اللخمي..فمازال يتأسف ويضطرب إلى أن قضى نحبه بعد أيام رحمه الله،وقد عاش ثمانين سنة.
وإن كان نصيب أبا الحسن من هزيمة المسلمين وانكسار الأمة هو الألم والحسرة القاتلة، إلا أن الإمام البنا تجاوزهما إلى العمل والحركة، نعم كان يبكي الليالي الطوال..لكنها الدموع التي تحولت إلى طاقة عمل هائلة..حتى أثمرت جهوده نشر دعوته في أرجاء الأرض..من الصين حيث الحكم الشيوعي الحاقد..إلى أمريكا حيث الاستدمار المارد ..ووصولا إلى أدغال إفريقيا وأطراف روسيا..
يقول الإمام الشهيد وهو يصف تفكره المثمر النافع:
ليس يعلم إلا الله كم من الليالي كنا نقضيها نستعرض أحوال الأمة وما وصلت إليه في مختلف مظاهر حياتها..ونحلل العلل والأدواء..ونفكر في العلاج وحسم الداء..ويفيض بنا التفكر إلى حد البكاء..!!
كثرة من مسلمي اليوم تطاولوا في بنيان القول،حتى غدت أقوالهم قصورا شامخات..بينما أقوالهم أنقاض وحطام..لا ترى فيها عوجا ولا أمتا..وكم ناصرنا إخواننا بالثرثرة والزفرات وبكائيات اللسان!!
نبني من الأقوال قصرا شامخا والفعل دون الشامخات ركام!..
..إلا مجالس الأسر التي عايشت آلام غزة –قولا وعاطفة وعملا-وخصصت فقرة دائمة لرصد أحوال الأمة من فلسطين إلى دارفور..
أيها الأحباب:نقطة عملية:
لابد من مراجعة جادة –على ضوء هذه المشوقات-لعلاقتنا الباردة الخامدة الهامدة لحلقات المساجد ومجالس الأسر والندوات والمحاضرات..ونعود إليها وكلنا شوق وحب وحرقة ولوعة ومسارعة وإيجابية وفورية..!!
..يتبع...
المراجع:
المنهجية:للشيخ الراشد.
يا صاحب الرسالة:د.خالد أبو شادي