بسم الله الرحمان الرحيم.
الإخـــــــوان الـــــمـــــــســــــلـــــمـــون
حلقة فكرية ضمن حلقات برنامج تكويني جامع للعلوم الشرعية تنبيه : هذا العمل وقف لله تعالى ويمكن لكل شخص أن يأخذ منه ما يريد بشروط :
أن لا يقع تحريف النّص الأصلي ، أو قطعه بما يخلّ بالمعنى ، وأن يذكر إسم كاتبه:الشيخ الهادي بريك ، وناشره : الحوار نت
يمكن تنزيل الدراسة على شكل ملف" بي دي اف" pdf
اضــــغــــط هـــــنــــــــا
بون في: 12 يونيو حزيران 2011 / 11رجب 1432
الشيخ الهادي بريك / تونسي مقيم بألمانيا
خطة العرض.
1 ـ مقدمات عامة
* ـ التاريخ غذاء الذاكرة.
* ـ الإسلام والدعوة : أي علاقة؟
* ـ التاريخ الإسلامي والتجديد : محطات مهمة.
2 ـ ظروف النشأة محليا وعربيا ودوليا
* ـ مصر القرن العشرين بين الإحتلال الإنجليزي والتفرق الداخلي حزبيا ومذهبيا.
* ـ العرب والمسلمون بين إنقضاض آخر حلقة من حلقات الحكم والوحدة ونكبة فلسطين.
* ـ آثار الحروب العالمية وغيرها.
3 ـ شخصية المؤسس ولمحة مقتضبة عن خلفائه
4 ـ الهوية الفكرية للجماعة
* ـ أفكار التأسيس.
* ـ الأصول العشرون للمؤسس.
* ـ الوصايا العشر للمؤسس.
5 ـ منهاج الإصلاح والتغيير عند الجماعة
* ـ مما ثبتته الوثائق.
* ـ مما ثبتته الوقائع.
6 ـ الجماعة والقضية الفلسطينية
7 ـ الجماعة و قضايا التحرر العربي والإسلامي
8 ـ أهم أطوار الجماعة تاريخيا
9 ـ الأوعية التنظيمية الداخلية للجماعة
* ـ النظام الخاص.
* ـ التنظيم الدولي.
10 ـ الجماعة والإعلام الخارجي
11 ـ من النقود ضد الجماعة
* ـ نقود من الخارج.
* ـ نقود من الداخل.
11 ـ من كسب الجماعة في الأحداث والرجال والمؤسسات
12 ـ بعض المقارنات لتوليد أسباب التأثير وأسباب الإنكماش
13 ـ حاضر الجماعة ومستقبلها بعد الحراك الثوري العربي الراهن 2011
14 ـ مراجع مهمة في الموضوع
***********************
تفصيل العرض
مقدمات عامة
1 ـ التاريخ غذاء الذاكرة وحافظها.
* ـ لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب. الغفلة عن التاريخ غفلة ( نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين ). فضلا عن قيام أم الوحي ( القرآن الكريم ) على القصة بحوالي الثلث كاملا.
* ـ إصرار بني إسرائيل على الإنتماء للديانة الإبراهيمية شعورا بالبعد التاريخي لإثبات الشخصية الجمعية ( ما كان إبراهيم .. ـ إن أولى الناس بإبراهيم ..).
* ـ من أبعاد الأزمة القومية الأمريكية نسب مجهول وذاكرة قصيرة.
2 ـ الإسلام والدعوة : أي علاقة.
* ـ توأمان لا ينفصلان ( ومن أحسن قولا ..) ـ ( قل هذه سبيلي ..) ـ لم يكن يوما إسلام دون دعوة في فترات التاريخ الإسلامي كلها من النبوة والخلافة الراشدة حتى مختلف التجارب اللاحقة من أمويين وعباسيين وغيرهم حتى سقوط رمز الوحدة السياسية عام 1923 حيث أصبحنا ندعى ولا ندعو.
3 ـ التاريخ الإسلامي والتجديد : محطات مهمة.
* ـ من معاني التجديد الديني : الدعوة إلى إحياء الدين بمختلف صور الإحياء علما وعملا.( إن الله يبعث لهذه الأمة ..).
* ـ لا يكون إرتباط الإسلام بالدعوة إلا عبر التجديد. هو مثلث لا ينفصم ( الإسلام والدعوة والتجديد ). دعا السبط الأكرم الحسن إلى الجماعة ( 40) تجديدا لقيمة الوحدة ـ دعا العباسيون إلى العلم تجديدا لقيمة التطور ـ دعا الأئمة الأربعة إلى إصلاح المجتمع تجديدا لقيمة المجتمع الأهلي المستعصي عن دبابة الدولة ـ دعا الملك قطز ومن بعده إلى مواجهة الصليبيين تجديدا لقيمة المقاومة ـ دعا الغزالي إلى الإحياء تجديدا لقيمة الإعتبار بالقلب والعقل ـ دعا الأئمة إبن تيمية وإبن القيم والشاطبي وغيرهم إلى إعمال المقاصد دليلا شرعيا تجديدا لقيمة الإجتهاد ـ دعا إبن تومرت إلى دولة الموحدين تجديدا لقيمة الوحدة السياسية ـ إلخ .. من مختلف حركات الإصلاح والتجديد والدعوة في الغابر والحاضر كلما تداعت الأمة إلى السقوط في جانب من جوانب الحياة بما يكون شاهدا عمليا واقعيا تاريخيا على أن : إرتباط الإسلام بالدعوة وإرتباط الدعوة بالتجديد إرتباط عضوية وتلازم أو إرتباط روح بجسد لتكون الأمة خير أمة أخرجت للناس وأمة وسطا وأمة الشهادة.
ظروف النشأة.
محليا.
1 ـ ترزح مصر في تلك الأيام تحت الإحتلال الإنجليزي ( 1882 )..
بما يجعل من ظهور مقاومة ـ بأي صورة من صورها ولو كانت مقاومة سلبية مثل مقاومة بعض الطرق الصوفية ـ أمرا مرقوبا. إحتلال إنجليزي يتميز بعوامل مهمة جدا أبرزها ( القيومية على الكيان الإسرائيلي المغروز في قلب الأمة 1897 مؤتمر بازل و 1948 تحقيق الحلم ـ وهو إحتلال جامع يعمل على نهب الثروات من جهة وتدمير البنية الثقافية من جهة أخرى قياما على قالة وزير الخارجية بعيد الحرب العالمية الثانية “ مادام المسلمون يحتفظون بالأزهر والقرآن وصلاة الجمعة فلا أمل في إجتثاثهم “ ـ تنصيب حكومات دمى على رأس الدولة المصرية لتتولى هي قمع مقاومته للإحتلال .. ـ كل ذلك في أرض ( الأزهر) الذي تحاربه أنكلترا وفي الأرض المجاورة لفلسطين وفي أرض النيل الذي مصر من هباته.
2 ـ نابتات حزبية مصرية ( الوفد والسعديون ـ نسبة إلى سعد الدين زغلول أبرز مؤسس حزب الوفد ثم إنشق عنه من سموا أنفسهم سعديين في خط تصحيحي نسبة إلى مؤسس الحزب وسمي الوفد لأنهم إرتأوا إرسال وفد إلى لقاء ما لبحث القضية, والدستوريون والوطنيون والأحرار ) لئن تفاوتت في تأخرها عن مقاومة المحتل وحكوماته المنصبة التابعة فإنها لا تلبي مطالب الشعب المصري في الهوية والإستمتاع بثروته وتوحيد صفه الوطني فضلا عن كون تلك النابتات الحزبية نابتات عالمانية من جهة ومجهولة من الشعب المصري من جهة أخرى فهي أدنى إلى نواد إرستقراطية على طريقة الديمقراطية اليونانية القديمة ( ديمقراطية النبلاء في إستعباد الرقيق).
3 ـ تخلف كبير في قطاعات واسعة من الشعب بسبب إنقسامات مذهبية وفكرية من سلفية وصوفية لم تثمر غير الجهل الديني والتناحر الداخلي بما يهيء للإحتلال وحكوماته التابعة مناخات ملائمة لتأبيد القهر والنهب والسلب.
4 ـ من الآثار التاريخية المعاصرة كذلك للحالة المصرية : الهجوم العسكري الشهير للقائد الفرنسي نابليون بونابارت على مصر : عام 1798. وثورة أحمد عرابي وتجربة محمد علي إلخ ..
5 ـ على المستوى الإصلاحي كانت مصر يومها تشهد ـ والعالم الإسلامي من حولها ـ ذهاب ثلة من المصلحين العصاميين الأفذاذ الذين إصطلح على تسميتهم من بعد ذلك : رواد حركة النهضة الإصلاحية المعاصرة أي : محمد عبده والأفغاني اللذين ورثا الإصلاح لرشيد رضا في مجلة المنار وتفسير القرآن ومعالجة إشكالية الغرب والإسلام في ذلك الزمن ثم إستلم الحركة الإمام البنا من المجلة ذاتها التي كانت تعد في تلك الأيام المنبع العلمي الدعوي الأول لمثقفي مصر وما حولها بما تتميز به من تفسير موضوعي معاصر للقرآن الكريم بدأه الإمام عبده وواصله رشيد رضا ثم البنا عليهم الرحمة والرضوان جميعا.
عربيا وإسلاميا.
1 ـ سقوط آخر تجربة من تجارب التاريخ الإسلامي في ضمان السقف السياسي الضامن للوحدة الإسلامية أي الخلافة العثمانية 1923. وهو أكبر حدث دولي في القرن العشرين ساهم في إثمار بعض إستحقاقات الحرب العالمية الثانية 1945 ونشوء الحرب الباردة وقيام مقاومة فلسطينية على يد الشهيد عز الدين القسام 1936 وإحتلال فلسطين 1948 وتغول الشيوعية في العالم من 1917 حتى 1989 ثم إنفراد أمريكا بالأحادية القطبية إلخ ..
2 ـ إحتلال فلسطين جارة مصر من بعد وضعها تحت الإنتداب البريطاني بأثر من وعد بلفور عام 1917 ومعاهدات سايكس وبيوك : هي مرحلة الهجمة الغربية الجامعة ضد الأمة العربية والإسلامية بكلمة واحدة. ليست مجرد إرهاصات بل هي غزوات عسكرية وفكرية وحملات تفكيك وتجزئية وفرض للتبعية ومحو الهوية.
دوليا.
1 ـ فضلا عما ذكر أعلاه : أزمة 1929 الإقتصادية التي دفعت قوى الهيمنة الغربية إلى الإستيلاء على منابع الذهبين العربيين ( الذهب الأحمر والذهب الأسود).
2 ـ من بعد تخلص أوربا من هيمنة الكنيسة في إثر إنتصار النهضة العلمية والمعرفية على المسيحية التي جاءت من شرقنا إليهم لتمسح روما فما لبثت أن ترومت المسيحية .. من بعد ذلك جهزت أروبا نفسها لتصدير ثورتها أو نهضتها بالقوة والحديد.
شخصية المؤسس ولمحة مقتضبة عن خلفائه.
1 ـ هو حسن أحمد عبد الرحمان البنا. ولد في أكتوبر 1906 بقرية المحمودية بمحافظة البحيرة المصرية.
2 ـ نشأ نشأة دينية حيث كان أبوه محدثا عمل على ترتيب مسند الإمام أحمد وتخريجه وشرحه وذلك عام 1957 كما عمل في كتب أخرى من مثل الموطإ وغيره وله بعض المؤلفات في ذلك. وهو معروف بالساعاتي لإشتغاله بإصلاح الساعات. ( دقة الساعاتي وتجانسها مع دقة المحدث).
3 ـ إلتحق بدار العلوم بالقاهرة وتخرج منها عام 1927. متزوج وله أبناء وبنات. منهم سيف الإسلام المحامي المصري المعروف ( رافع علينا في تونس أمام محكمة أمن الدولة في صائفة 1987).
4 ـ عمل معلما بالإسماعيلية من بعد تخرجه مباشرة. هناك بدأ نشاطه الديني التوعوي الوعظي ـ غير التقليدي ـ في المقاهي وتجمعات الناس ثم أسس عام 1928 جماعة الإخوان المسلمين في مسجد وناد بنوه للغرض ذاته.
5 ـ ثم إنتقل إلى القاهرة بين عامي 1932 و1934 وإنتقل المقر الرئيس معه.
6 ـ يتميز بأسلوب خطابي أخاذ وعلم جامع وقدرة عجيبة على سرعة الحركة والنشاط وبعقل وقاد يلتقط دلالة الحدث ويفقه واجب الوقت بدقة. كما عرف بالتواضع والعبادة وخدمة الناس والحرص على تجميع الكلمة ورص الصف والوفاق الوطني.كما عرف بذاكرة عجيبة لا بد منها للداعية الناجح تواصلا مع الناس.
7 ـ من مؤلفاته : سلسلة الرسائل + المأثورات + أحاديث الجمعة + الدعوة والداعية + بعض من تفسير القرآن الكريم ( الفاتحة مثلا ) .. لم يكن يجد وقتا للكتابة ولكن كان يكتب في صدور الرجال ويصنعهم كما قال فيه محبه الشهيد سيد ( هو حسن البناء ).
8 ـ إغتالته حكومة إبراهيم عبد الهادي السعدية بقرار إنجليزي في القاهرة في 12 فبراير شباط من عام 1949 بعد مقتل رئيس الوزراء محمود النقراشي الذي قرر حل الجماعة في عام 1948 وإتهمت الجماعة بقتله وهتف المتظاهرون في جنازة النقراشي بأن رأسه برأس البنا.
9 ـ عده الإمام القرضاوي في إحصائه للمجددين الذين تحدث عنهم محمد عليه الصلاة والسلام على رأس كل مائة سنة .. عده آخر مجدد للأمة وهو عقد كتب فيه من قبل الإمام القرضاوي كثيرون وعد أولهم : الخليفة الراشد الخامس.
10 ـ وهو شاعر مرهف الحس وله قصيدة معروفة جدا في الوسط الإسلامي.
11 ـ من مشاهد حياته الدعوية والعلمية.
* ـ كان في موسم الحج ذات مرة يستخدم المصدح فاعترض عليه منسوب إلى العلم بأن المصدح بدعة فقال الإمام للرجل الذي كان يحمل نظارة على عينيه : وما الذي فوق عينيك؟ قال : نظارتي. قال له : وما حاجتك إليها؟ قال : تساعدني على تكبير الخط المكتوب حتى أستطيع قراءته. فقال له الإمام : تلك هي حاجتي إلى المصدح يكبر صوتي حتى يصل إليك. فسكت الرجل وبهت.
* ـ وكان ذات ليلة من ليالي رمضان بمسجد في بعض أنحاء مصر وإشتعل الخلاف حادا بين المصلين حول عدد ركعات صلاة التراويح فتقدم إليهم وأفهمهم بأن إجتماعهم فريضة أما صلاة التراويح كلها بعدد ركعاتها المختلف حولها فليست سوى سنة بل سنة لم يصلها عليه الصلاة والسلام غير ليلة أو ليلتين ففتح الله بصيرتهم وأقبلوا على صلاتهم.
* ـ سأله ذات يوم طالب علم عن أحسن تفسير للقرآن ينصحه به فقال له : أحسن تفسير للقرآن الكريم هو تفسيرك أنت. لم يفهم الطالب شيئا. فقال له الإمام : إقرأ القرآن الكريم وأفهمه بما يلقى منه في قلبك وعقلك إلا أن تكون كلمة لا تدرك معناها اللغوي فارجع بها إلى المعاجم.
* ـ بعد إلحاح شديد جد من عائلة المرحوم رشيد رضا الذي تولى مواصلة العمل الدعوي والعلمي تفسيرا للقرآن الكريم من بعد رحيل شيخه محمد عبده في مجلة المنار الشهيرة التي تعد يومها بحق قبلة النخبة المصرية المثقفة .. بعد إلحاح شديد من عائلة المرحوم رشيد رضا تولى المؤسس مواصلة المشوار ( مشوار عبدة ومشوار تلميذه رشيد رضا ) فكان يتولى الكتابة في المنار مفسرا للقرآن الكريم بصورة جلبت له الإحترام الواسع : إحترام بسبب بساطته في التفسير وعمقه من ناحية وبسبب قلمه البليغ جدا من ناحية أخرى متأثرا بالرافعي وغيره من خيرة أدباء مصر في تلك الأيام التي حفلت فيها اللغة العربية بأجمل حللها وأبهاها.
* ـ كما إلتقى الأديب طه حسين بعد صدور كتابه الذي أثار الذي أثار في الساحة الثقافية المصرية ـ والعربية والإسلامية كلها ـ في تلك الأيام ( مستقبل الثقافة في مصر) والذي دعا فيه بالحرف إلى إنتهاج النهج الغربي الأوربي في الحضارة والثقافة. كانت تلك محنة ثقافية بسبب صدورها عمن أسند إليه لقب عميد الأدب العربي سيما أنها تزامنت مع صدور كتاب آخر مدو في الساحة الأزهرية وهو كتاب ( الإسلام والحكم ) لعالم أزهري هو علي عبد الرازق الذي عوقب بشطب إسمه من قائمة علماء الأزهر وتولى الرد عليه كثر منهم الإمام إبن عاشور عليه رحمة الله سبحانه.. إلتقى المؤسس الأديب طه حسين ـ الذي تولى في تلك الأيام عدة مناصب رسمية عليا في الدولة في الجهاز التعليمي والتربوي والثقافي ـ إلتقاه فألان له الكلام وقال له : ليت الذين ينقدونني مثلك أدبا وعمقا إذ أن أكثرهم ينقصه الأدب وعمق الفكرة. حادثة تعكس ما حازه المؤسس من فنون الجدال بالتي هي أحسن.
لمحة مقتضبة عن خلفائه في إرشاد الجماعة.
1 ـ المرشد الأول هو المؤسس حسن البنا.( 1928 ـ 1949).
2 ـ المستشار حسن الهضيبي. تولى قيادة الجماعة في وقت حرج جدا من بعد إغتيال الإمام البنا عام 1949 حتى 1973. ( تحديدا من عام 1950 ). حيث عاصر أغلب فترات الحملات الإستئصالية الشديدة جدا ضد الجماعة من لدن كلاب عبد الناصر. كما ظهرت في تلك الفترات دعوات للإنتقام والعنف يستند بعضها إلى كتابات الشهيد سيد قطب ( أعدم يوم 28 أوت 1966) ولذلك كتب المرشد الهضيبي كتابه المعروف ( دعاة لا قضاة ). وهو عمدة في المنهاج السلمي للحركة الإسلامية المعاصرة. حكم عليه بالإعدام عام 1954 ثم خفف إلى المؤبد وأفرج عنه عام 1971 لما تولى السادات السلطة.
3 ـ المرحوم عمر التلمساني. أصله من مدينة تلمسان الجزائرية. تولى قيادة الجماعة من بعد موت المستشار الهضيبي عام 1973 حتى 1986. حيث أكمل مشوار سلفه القائم على الصبر الجميل والإنحناء للعاصفة حتى أذن محمد أنور السادات ( خليفة عبد الناصر الذي مات عام 1970 وتواصل حكمه حتى أكتوبر 1981 حيث قتل في الحادث الشهير بحادث المنصة) بإخلاء السجون من الإخوان. عرف المرحوم التلمساني بخطابه اللين جدا حتى حيال السادات وهو يقدر يومها ـ دون غيره من أبناء الحركات الإسلامية خارج مصر ـ أن مصلحة الحركة تتطلب ذلك وأن مهمته هي : تأمين خروج الجماعة من آثار المحنة وإعادة بناء نفسها في صمت وهدوء وإبتعاد عن مواطن التوتر مع أجهزة الحكم. إستراتيجية أثمرت كثيرا.
4 ـ المرحوم محمد حامد أبو النصر. تولى قيادة الجماعة من بعد موت التلمساني عام 1986 حتى 1996. هو عهد رجوع الجماعة ورجوع مؤسساتها وإلتئام شملها وعودتها التدريجية إلى الحياة الإعلامية والسياسية والواقعية.
5 ـ المرحوم مصطفى مشهور. تولى قيادة الجماعة من بعد موت المرحوم أبي النصر من عام 1996 حتى 2002. تشكل في عهده بصفة رسمية التنظيم الدولي للإخوان المسلمين.
6 ـ المرحوم مأمون الهضيبي. من 2002 حتى 2004.
7 ـ محمد مهدي عاكف. من 2004 حتى 2010. هو أحد عناصر التنظيم الخاص.
8 ـ المرشد الحالي : محمد بديع. من يناير 2010 حتى اليوم جوان 2011.
شعار الجماعة.
مصحف شريف يحيط به سيفان.
الهوية الفكرية للجماعة.
المصادر التالية كفيلة بنحت الهوية الفكرية للجماعة.
أفكار التأسيس.
1 ـ قامت الجماعة ـ كما قال مؤسسها ـ على فكرة قوامها : تحرير الأرض والعرض معا.
2 ـ كما قامت بحسب مؤسسها على فكرة قوامها : إن الإخوان المسلمين دعوة سلفية وطريقة سنية وحقيقة صوفية وهيئة سياسية وجماعة رياضية ورابطة علمية وثقافية وشركة إقتصادية وفكرة إجتماعية.
الأصول العشرون التي بنى عليها المؤسس الجماعة.
1 ـ الإسلام نظام شامل.
2 ـ القرآن والسنة هما المرجع في العقيدة والعبادة والخلق والمعاملة.
3 ـ الإيمان والعبادة هما الأصل أما الرؤى والإلهامات والخواطر فليست أدلة شرعية.
4 ـ التمائم والرقى والودع والكهانة منكرات تجب محاربتها إلا ما كان من وحي صحيح.
5 ـ رأي الإمام أو نائبه فيما لا نص فيه يعمل به ما لم يصطدم بوحي صحيح أو قاعدة شرعية والأصل في العبادات التعبد دون الإلتفات إلى المعاني وفي العاديات القصد.
6 ـ كل أحد يؤخذ منه ويترك وكل سلف مقبول ما لم يصطدم بوحي صحيح.
7 ـ من لم يبلغ درجة النظر في الأدلة فعليه إتباع إمام مع إحسان الإتباع إلى حين إستكمال درجة النظر.
8 ـ الخلاف في الفروع ليس سببا للفرقة في الدين وكل مجتهد مأجور ولا مانع من التحقيق العلمي دون خصومة أو تعصب مذموم.
9 ـ كل مسألة لا ينبني عليها عمل فالخوض فيها باطل منهي عنه مثل كثرة التفريعات ومعاني الآيات المتشابهات والمفاضلة بين الأصحاب وخلافاتهم .
10 ـ معرفة الله سبحانه لتنزيهه أسمى عقائد الإسلام كما نؤمن بآيات الصفات وأحاديثها الصحيحة دون تأويل ولا تعطيل ويسعنا قوله سبحانه ( والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا ).
11 ـ كل بدعة لا أصل لها سواء إستحسنها الناس أم لا ضلالة تجب محاربها دون أن يؤدي ذلك إلى ما هو شر منها.
12 ـ البدع الإضافية والتركية خلاف فقهي ولا بأس من التمحيص العلمي بالدليل.
13 ـ محبة الصالحين قربة والأولياء هم ( الذين آمنوا وكانوا يتقون ) والكرامة ثابتة بشرائطها الشرعية مع إعتقاد أنهم لا يملكون نفعا ولا ضرا حتى لأنفسهم فما بالك لغيرهم.
14 ـ زيارة القبور سنة مشروعة بالكيفية المأثورة والإستعانة بهم كبيرة تجب محاربتها ومثله النذر لهم وإضاءة القبور والحلف بغير الله سبحانه ولا نتأول لهذه الأعمال سدا للذريعة.
15 ـ الدعاء المقرون بالتوسل بأحد من خلقه سبحانه خلاف فرعي في كيفية الدعاء وليس عقيدة.
16 ـ العرف الخاطئ لا يغير من حقائق الشريعة شيئا والعبرة بالمسميات لا بالأسماء.
17 ـ العقيدة أساس العمل وعمل القلب أولى من عمل الجارحة مع طلب الكمال فيهما قدر الإمكان.
18 ـ الإسلام يحرر العقل.
19 ـ النظران الشرعي والعقل قد تختلف حقولهما ولكنهما لا يصطدمان في القطعي ليؤول الظني فيوافق القطعي.
20 ـ لا نكفر مسلما أقر بالشهادتين وعمل بمقتضاهما وأدى الفرائض برأي أو بمعصية إلا إن أقر بكلمة الكفر أو أنكر معلوما من الدين بالضرورة أو كذب صريح القرآن أو فسره على وجه لا تحتمله وجوه العربية أو عمل عملا لا يحتمل تأويله غير الكفر.( هذا البند أخذت به حركة النهضة التونسية بنصه كاملا في رؤيتها الفكرية ومنهاجها الأصولي المنبثق عن مؤتمر ديسمبر 1986).
تولى الإمام القرضاوي شرح هذه البنود في بعض كتبه ضمن سلسلة خصصها للغرض.
الوصايا العشر للمؤسس.
1 ـ قم إلى الصلاة متى سمعت النداء مهما كانت الظروف.
2 ـ أتل القرآن أو طالع أو إستمع أو أذكر الله ولا تصرف جزء من وقتك في غير فائدة.
3 ـ إجتهد أن تتكلم العربية الفصحى فإن ذلك من شعائر الإسلام.
4 ـ لا تكثر الجدل في أي شأن من الشؤون أيا كان فإن المراء لا يأتي بخير.
5 ـ لا تكثر الضحك فإن القلب الموصول بالله ساكن وقور.
6 ـ لا تمزح فإن الأمة المجاهدة لا تعرف إلا الجد ( لعله قال : لا تكثر من المزح).
7 ـ لا ترفع صوتك أكثر مما يحتاج إليه السامع فإنه رعونة وإيذاء.
8 ـ تجنب غيبة الأشخاص وتجريح الهيئات ولا تتكلم إلا بخير.
9 ـ تعرف على من تلقاه من إخوانك وإن لم يطلب منك ذلك فإن أساس دعوتنا الحب والتعارف.
10 ـ الواجبات أكثر من الأوقات فعاون غيرك على الإنتفاع بوقته وإن كان لك مهمة فأوجز في قضائها.
أركان الهوية الفكرية للجماعة.
1 ـ حركة إسلامية سلفية وسطية معتدلة جامعة.
2 ـ عمدتها التربية وهدفها تحرير الإنسان من جشع نفسه ومن المؤثرات الخارجية ومن الإحتلال في مصر وفلسطين ليتأهل لخلافة الله سبحانه وعمارة أرضه بالخير والعدل.
3 ـ أركان يمكن حصرها في مقولة أخرى جامعة : الله غايتنا والرسول قدوتنا والقرآن شرعتنا والجهاد سبيلنا والشهادة أمنيتنا .
5منهاج الإصلاح والتغيير عند الجماعة.
ما ثبتته الوثائق.
1 ـ البعد عن مواطن الخلاف.
2 ـ البعد عن هيمنة الكبراء والأعيان.
3 ـ البعد عن الأحزاب والهيئات.
4 ـ العناية بالتكوين والتدرج في الخطوات على أساس من : إيمان عميق وفهم دقيق وعمل متواصل.
5 ـ إيثار الناحية العملية الإنتاجية على الدعاية والإعلانات.
6 ـ تقديم الشباب.
7 ـ عالمية الدعوة.
8 ـ البدء بإصلاح النفس إصلاحا جامعا.
9 ـ تكوين البيت المسلم.
10 ـ إرشاد المجتمع بنشر دعوة الخير فيه ومحاربة الرذائل والمنكرات.
11 ـ تحرير الوطن بتخليصه من كل سلطان أجنبي غير إسلامي سياسي أو إقتصادي أو روحي.
12 ـ إصلاح الحكومة حتى تكون إسلامية بحق.
13 ـ إعادة الكيان الدولي للأمة الإسلامية بتحرير أوطانها وإحياء مجدها.
14 ـ أستاذية العالم بنشر دعوة الإسلام في ربوعه حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله.
15 ـ تقسيم الإستراتيجية العامة الطويلة إلى مراحل : التعريف والتكوين والتنفيذ.
16 ـ إنتاج أركان لبيعة داخلية قوامها : الفهم والإخلاص والعمل والجهاد والتضحية والثبات والتجرد والأخوة والثقة.
17 ـ الموقف من إستخدام القوة. تبني قوة العقيدة أولا ثم قوة الخلق والقوة البدنية وقوة العبادة وقوة المجتمع وقوة العلم ولا تستخدم القوة المادية للتغيير والإصلاح إلا في مكانها المناسب وبحجمها المناسب. على أساس أن ( آخر دواء الكي).
ما ثبتته الوقائع.
1 ـ صبر جميل على ألوان من التعذيب وصنوف من الإستئصال والنكايات لا نظير لها في التاريخ العربي الحديث ( إلا ما جاء بعدها في تونس ) على إمتداد سنوات جمر حامية طويلة من يوم إغتيال المرشد العام عام 1948 حتى إفراج السادات عنهم في 1971.
2 ـ عمل علني بالكلية تقريبا من أسماء القيادات والمؤتمرات التي بلغ عددها 6 مؤتمرات عامة ( كان آخرها عام إغتيال المؤسس 1949 ). والمخيمات السنوية وقوافل النظام الكشفي الذي تبنته الجماعة بالكامل فضلا عن نشر الدعوة في المقاهي والأماكن العامة.
3 ـ مشاركة في العمل السياسي والإتصال بالحكومات والترشح لمناصب سياسية من مثل ترشح المرشد العام المؤسس عام 1942 للإنتخابات النيابية عن الإسماعيلية قبل إحجامه عن ذلك تحت إكراهات الإنجليز وحكوماته التابعة وتحالفات أخرى كثيرة سياسية وإنتخابية مع الوفد وغيره على مراحل طويلة من تاريخ مصر الحديث.
4 ـ مباشرة العمل الإعلامي منذ أول يوم بجريدة تحمل إسم الجماعة
5 ـ إغتنام مواسم الحج لنشر الدعوة وكذا المؤتمرات العربية الرسمية.
6 ـ تبني الدعوة إلى تأسيس الجامعة الإسلامية التي تحولت من بعد ذلك إلى جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي.( كانت الدعوة يومها إلى الجامعة الإسلامية ).
7 ـ مشاركة في المظاهرات المقاومة للإحتلال الإنجليزي في مصر والمقاومة للإحتلال الصهيوني في فلسطين وجمع الأموال لفائدة الفلسطينيين المحتلين.
8 ـ مراسلات كثيرة مع الحكومة إبداء للرأي وتوجيها ونصحا.
9 ـ مفاوضات لبحث سبل المشاركة في بعض الحكومات من مثل حكومة صدقي باشا مثلا عام 1946. فضلا عن إتصال وثيق بين المرحوم التلمساني والسادات.
10 ـ المشاركة في الإنتخابات المهنية والقطاعية والتأثير فيها ( الأطباء والمحامين وغيرهم) والإنتخابات العامة التي فازت فيها الجماعة عام 2005 ب88 مقعدا بعد كل ضروب التزييف والمنع.
11 ـ الحوار مع الدوائر الأجنبية التي تريد معرفة مواقف الجماعة من مختلف القضايا.
أركان المنهاج الإصلاحي عند الجماعة.
1 ـ حركة سلمية مدنية أهلية ديمقراطية.
2 ـ حركة دعوية عامة وإسلامية سياسية جامعة.
3 ـ حركة تعتمد التربية والتكوين والتأهيل من الفرد حتى الحكومة مرورا بالأسرة.
4 ـ حركة عالمية تعمل على التحرير والوحدة العربية والتضامن الإسلامي.
5 ـ حركة إصلاحية لا إنقلابية.
6 ـ حركة تجديدية إجتهادية معتدلة بين محكمات الأصل ومقتضيات العصر.
7 ـ حركة توفيقية تجمع الناس المختلفين.
8 ـ حركة مستقلة تؤمن بالوطنية والعروبة دوائر ولاء ضمن دائرة الولاء الإسلامي العظمى.
9 ـ حركة عملية ميدانية.
6 الجماعة والقضية الفلسطينية.
1 ـ قامت الدعوة أساسا ـ بحسب مؤسسها ـ على تحرير الأرض ( مصر من الإحتلال الإنجليزي وفلسطين من الإحتلال الصهيوني ) كان في ذلك الوقت إنتدابا أي إحتلالا مقنعا من جهة وعلى تحرير العرض من جهة أخرى. لذلك نشأت الدعوة مقاومة بالضرورة.
2 ـ لما حدث تنفيذ خطة مؤتمر بازل ( 1897 ـ 1948 ) كانت الجماعة في أوج قوتها شعبيا من جهة وتعافس العمل السياسي من جهة أخرى وكان نشاطها في الداخل منصبا في جزء كبير منه على مناصرة القضية الفلسطينية بالدعاية والمال مما زاد من إثارة حفائظ المحتل الإنجليزي الذي يحرك الدمى المحلية لضرب الجماعة.
3 ـ كان إنشاء الجهاز الخاص ( الجهاز السري ) في الجماعة لتحقيق أغراض منها : المساهمة في تحرير فلسطين.
المساهمة في المقاومة الحقيقية الميدانية فوق أرض فلسطين.
1 ـ بادر المؤسس بسوق جنود الجهاز الخاص وما تيسر له من أبناء الجماعة إلى فلسطين حيث ساهموا فعلا وحقيقة في المقاومة مباشرة بعد إعلان الكيان الصهيوني في 15 مايو آيار 1948 إنتصابه فوق أرض فلسطين وأبلوا بلاء حسنا بحسب مذكرات تاريخية موثقة منها كتاب خاص بهذه القضية لصاحبه : كامل الشريف وهو قائد عسكري ميداني إخواني قاتل بنفسه وجنده فوق أرض المعركة. ( إسم الكتاب : الإخوان المسلمون في حرب فلسطين ).
2 ـ لم يفند ذلك مفند إلى يوم الناس هذا من حيث وقوع المقاومة الفعلية فوق أرض المعركة من لدن الإخوان. إنما ذهبت الطعون إلى قضايا أخر متعلقة بالمسألة من قريب أو من بعيد.
3 ـ لذلك نظم ضدهم الإنجليز ودماهم في مصر حملات إعتقال قاسية مباشرة من بعد رجوعهم من فلسطين. كذلك نشأت إسرائيل خطا أحمر في السياسة الدولية لا يقترب منه مقترب حتى يقترب منه الموت المحقق.
7 الجماعة وقضايا التحرر العربي والإسلامي.
1 ـ يندرج ذلك ضمن التوجه العالمي لدعوة الجماعة من أول يوم بحسب ما فهم المؤسس من الإسلام وتاريخه وأصول دعوته. ( الجامعة العربية والجامعة الإسلامية ).
2 ـ بادر المؤسس في مواسم الحج بإلتقاء الوفود وبث الوعي فيها لتكون للحج رسالة دعوية إسلامية في أثناء رسالة العبادة ومقاصد الحج الأخرى.
3 ـ إلتقى الزعيم التونسي الحبيب بورقيبة وآواه وكان المؤسس من بين الذين يحتضنون مكتب المغرب العربي بالقاهرة الخاص بمقاومة الإستعمار. كما كانت له مراسلات مع الشيخ عبد الحميد إبن باديس المصلح والمقاوم الجزائري المعروف ومع نظيره في المغرب الأقصى المرحوم علالة الفاسي مؤسس حزب الإستقلال والفقيه المقاصدي المعروف.
4 ـ ولما كان الإنقلاب في اليمن ضد آخر ممثل للدولة الزيدية توطدت العلاقات بين مصر واليمن وكان للإخوان دور كبير في تصدير دعوتهم إلى هناك.
الجماعة والمرأة.
1 ـ نشأ قسم خاص بالأخوات المسلمات منذ عام 1933 أي في غضون خمس سنوات من بعد التأسيس الأول عام 1928. وهو يعكس النظرة التجديدية للمؤسس في مجتمع تقليدي محافظ ليس للمرأة فيه حظوظ كبيرة.
2 ـ بأثر من ذلك برزت قيادات نسائية إخوانية كثيرة ولكن لم يحمل الإعلام منها سوى المرحومة زينب الغزالي التي أثرت المكتبة الإسلامية بكتابها الفريد (أيام من حياتي ) ليكون شاهدا على إنتهاك الناصرية للحرمة البشرية.
الجماعة والمسيحيون في مصر.
مما تذكره المصادر الموثقة أن المؤسس ذاته كانت علاقته جيدة جدا مع بعض المسيحيين المصريين ولم تحمل إلينا المصادر أن الإخوان واجهوا المسيحيين أو نابذوهم أو إنتقصوا من مواطنتهم أو غير ذلك مما يقع فيه بعض الناس اليوم.
ثم تطورت الأيام بالجماعة حتى أصبح المسيحيون على قوائم جماعة الإخوان المسلمين في أكثر من دائرة إنتخابية في أكثر من معركة إنتخابية خاضها الإخوان.
قامت الجماعة على أساس المساواة في المواطنة بحق وفعل ثم إختلطت الأوراق السياسية لما ظهر ضرب من التفكير الذي ينحو في إتجاه تقليص مبدإ المواطنة وتقديم الدين على الوطن ثم ظهر لنا أن الحكومة ( حكومة المخلوع مبارك عن طريق وزير داخليته الذي يحاكم في هذه الأيام من ربيع 2011 من بعد ثورة فبراير شباط 2011 ) هي التي قامت بالعدوان الأخير على بعض كنائس المسيحيين لإرباك المشهد السياسي.
الجماعة والعمل الإجتماعي.
عرفت الجماعة ـ سيما بعد الإفراج عن قياداتها من لدن السادات منذ بداية سبعينيات القرن الميلادي المنصرم وبداية إستئناف حياتها وبناء ذاتها ـ بالتركيز على إنشاء المشروعات الإجتماعية من مثل المدارس والكتاتيب والمستشفيات وغير ذلك من المشروعات ذات الطابع الإنساني والإغاثي والإجتماعي بصفة عامة.
وهي معركة خاضتها مع خليفة السادات أي المخلوع مبارك الذي عمل على إقتلاع تلك المؤسسات وإغلاقها ومعلوم أن جزء منها كان يرتبط القيادي الإخواني المعروف معروف الشاطر الذي حوكم مرات ـ فضلا عن غيره ممن قام على تلك المشروعات تمويلا أو إدارة ـ في عهد المخلوع مبارك بتهمة تمويل الجماعة من مشروعات إجتماعية.
ذاك توجه صحيح من لدن الجماعة ساهم بالقدر الممكن في حل المشكلات الإجتماعية والإقتصادية للمواطن المصري.
الجماعة والإمتداد الأروبي.
قامت الجماعة من أول يوم على قيمة العالمية وثقافة الإمتداد الدعوي ومن ذا نشأت فكرة التنظيم الدولي ومن ذلك أن الجماعة شكلت في العقود الأخيرة المنصرمة إتحاد المنظمات الإسلامية في أروبا( تأسس عام 1989) الذي يضم شتات الإخوان في مختلف الأقطار الأروبية وهو اليوم رقم إسلامي ثابت وفاعل كما وكيفا في الوجود الإسلامي الأوربي إستطاع أن يصمد في وجه الإنعكاسات المحتملة لكارثة سبتمبر في نيويورك من عام 2001 من جهة وفي وجه الحرب ضد الإسلام من لدن جهات وأطراف أروبية معروفة وهي الحرب المسماة : إسلاموفوبيا.
إستطاع ذلك الوليد أن ينشئ مجموعة من المبادرات المهمة في الحقل الدعوي والثقافي من مثل المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث ومن مثل الكلية الأروبية للعلوم الإنسانية ومن مثل التجمع الأروبي للأئمة والمرشدين وغير ذلك من المؤسسات الدعوية والعلمية التي تلبي حاجة الوجود الإسلامي الأوربي بما يجعله محافظا على هويته الإسلامية والأروبية معا ووتدا من أوتاد الإستقرار وإحتضان حركة إعتناق الإسلام.
8 مختلف الأطوار التاريخية التي مرت بها الجماعة.
* ـ الطور الأول ( 1928 ـ 1934) = طور التأسيس.
تميز هذا الطور بتلمس طريق الدعوة من لدن رجل عصامي جمعت شخصيته أكثر عناصر القيادة والريادة والمبادرة فكان يبث الوعي بالإسلام وبتحديات المرحلة بين الناس في المقاهي ثم أسس مع بعض إخوانه مسجدا وناد ليكون أول مقر للجماعة. تميزت المرحلة بالهدوء لطبيعة الإسماعيلية في تلك الأيام مقارنة مع العاصمة القاهرة وبسبب أن الدعوة الدينية في تلك الأيام لا يرقب منها بث وعي سياسي أو فقه معاصر.
* ـ الطور الثاني ( 1934 ـ 1942 ) = طور الإمتداد الشعبي.
ولكن بمجرد إنتقال المؤسس ومقر الجماعة إلى القاهرة عام 1934 حتى تغيرت الأحوال بدرجة كبيرة جدا. القاهرة هي مقر الدمى المصرية التي يحركها الإحتلال الإنجليزي وهي عاصمة أكبر دولة عربية ـ من نواح كثيرة مهمة جغرافيا وعمرانيا وتاريخيا ـ تتاخم الإنتداب البريطاني على فلسطين ولن تكون أي محاولة لتحويل الإنتداب إلى إحتلال مفروشة بالورود بسبب إنتقال الدعوة إلى القاهرة. بعد عامين فحسب إشتعلت مقاومة الشهيد القسام في فلسطين أي عام 1936 كما كانت الحرب العالمية الأولى قد وضعت أوزارا تستعد لأخذها حرب عالمية ثانية وعوامل دولية وعربية أخرى كثيرة ذات دلالات كبيرة ( سقوط الخلافة والثأر الحضاري المرتقب إلخ ..).
تولى الملك فاروق الحكم يومها وهو شاب عام 1938.
* ـ الطور الثالث ( 1942 ـ 1949 ) = طور التأثير السياسي وبداية المحن.
يمكن القول أن إندياح الجماعة في أكثر المناطق المصرية كان بداية من عام 1942 أي 6 سنوات من بعد الإنتقال إلى القاهرة وكان معلوما أن المؤسس لم يكد يدع منطقة مصرية واحدة لم يزرها مهما كانت صغيرة أو نائية حيث إنتشرت شعب الإخوان إنتشارا عجيبا.
سعيا من الإحتلال الإنجليزي ودماه المصرية لحما ودما إلى تمديد أنفاسه نظمت إنتخابات عامة عام 1942 وقررت الجماعة خوضها ومن المرشحين مؤسسها عن الإسماعيلية وهو أمر أثار رعب الإنجليز وبعد مفاوضات عسيرة جدا تنازل الرجل عن الترشح ولم تكن بعض المواقف الحزبية المصرية مرتاحة لترشح رجل معروف من مثل الإمام البنا. كان الصراع الحزبي في تلك الأيام واضحا في أكثر من مستوى بين الإنتماء الوفدي ( المرحوم الشيخ الشعراوي مثلا) وبين الإنتماء الإخواني ( كما يروي ذلك الإمام القرضاوي في مذكراته).
تميز هذا الطور بالظهور السياسي القوي للجماعة : جماعة سياسية تحاور الحكومة وتراسلها وتلتقيها وتشارك في الإنتخابات وتنافس على البرلمان من جهة وجماعة مقاومة مقاومة فعلية على أرض فلسطين إنطلاقا من أرض محتلة أيضا أي مصرمن جهة أخرى. فضلا عن إنتخابات عام 1942 كانت هناك مفاوضات مع الجماعة للمشاركة في حكومة صدقي باشا عام 1946.
كل ذلك حدد هوية الجماعة حيال أبنائها والشعب المصري من جهة وحيال الحكومة والمحتل الإنجليزي والقوى الدولة المنتفذة من جهة أخرى.
فكان لا بد من مقاومة الجماعة لإقترابها من الخط الأحمر المعروف دوليا.
وكانت ضربة البداية بحل الجماعة من لدن رئيس الوزراء النقراشي باشا عام 1948 وتحديدا في الثامن من نوفمبر منه.( 8 نوفمبر 1948) وبعد ثلاثة أشهر بالتحديد سيغتال المؤسس ( 12 فبراير 1949).
وفي ديسمبر من العام ذاته إغتيل النقراشي وإتهم الإخوان بقتله.
* ـ الطور الرابع ( 1949 ـ 1954 ) = طور التحول المصري وآثاره على الجماعة.
بدأ هذا الطور بإغتيال المرشد في 12 فبراير شباط من عام 1949. وبعد 3 سنوات فحسب كانت ثورة 23 يوليو تموز 1952 بزعامة محمد نجيب بمؤازرة من الإخوان الذين لم يشتركوا في حكومة الثورة مما أثار حفيظة جمال عبد الناصر الذي إنقلب على محمد نجيب ووضعه في الإقامة الجبرية حتى مات عبد الناصر نفسه وبدأت مرحلة الإستئصال الكلي من لدن عبد الناصر ضد الإخوان ملفقا ضدهم ما عرف بحادثة المنشية التي زعم أنهم كانوا يخططون لإغتياله فيها بالإسكندرية .
* ـ الطور الخامس ( 1954 ـ 1966 ) = طور المحنة الأولى ونشوء إرهاصات جديدة.
بدأ هذا الطور بإعدام ستة من قيادات الإخوان وهم : عبد القادر عودة الفقيه القانوني والدستوري المعروف ومحمد فرغلي ويوسف طلعت وهنداوي دوير وإبراهيم الطيب ومحمود عبد اللطيف. ثم تلاحقت حملات الإستئصال بكل قسوة ووحشية بمثل ما ورد في مذكرات المساجين الناجين من سليمان طرة والسجن الحربي وغيرهما. ومنها حملة أخرى أشد شراسة في عامي 1965 و 1966 وكان أبرز المعتقلين والشهداء المفكر المعروف سيد قطب الذي إعتقل أول مرة عام 1954 وقضى 10 سنوات في السجن ثم أفرج عنه بتدخل من الرئيس العراقي عبد السلام عارف ثم أعيد إلى السجن وأعدم في 28 أوت 1966.
كانت الناصرية في تلك الأيام رمز التحدي العربي والصمود والإباء في مواجهة العدو الصهيوني سيما في ظل التوازن الدولي ( الإتحاد السوفياتي وأمريكا). كانت الناصرية في تلك الأيام منارة الثورات العربية ووقود الحراك العربي الثوري ومثابة الإنقلابات في العالم العربي من أحمد بن بلة في الجزائر عام 1962 بل حتى المنقلب عليه هواري بومدين حتى القذافي في ليبيا عام 1969. ناصرية عابرة للقارة العربية ولها أصداؤها في العراق كذلك.
كانت الناصرية في تلك الأيام رمز الوحدة والقومية والهوية ومقاومة الإحتلال وليس العرب يومها سوى رجلين : إما رجل مع عبد الناصر يوالي من يوالي ويعادي من يعادي أو رجل رجعي لا يوالي عبد الناصر. وكان الخلاف بين بورقيبة وعبد الناصر معروفا وله آثاره في تونس.
كان كل ذلك كفيلا وكافيا بغض البصر عن إنتهاك الحرمات البدنية ضد الإخوان حتى جاءت نكبة 1967 التي كفكفت من المد الناصري وطرحت بعض الأسئلة على نبي العرب الجديد وبعدها بثلاث سنوات فحسب رحل النبي.
كانت القومية العربية في تلك الأيام هي دين المثقف العربي وهي قومية روحها الإشتراكية الشيوعية المنتصرة في تلك الأيام أما جسمها فهو الإسلام الذي كان قابلا لأن تسكنه كل روح إلا الروح الإسلامية الصافية.
كما عرفت هذه المرحلة وما تلاها من مراحل نشوء تحالفات حزبية في مرات كثيرة سيما مع الوفد في المناسبات الإنتخابية إذ لم تتخلف الجماعة عن الإهتمام السياسي والمساهمة في رفع مناسيب الحريات قدر الإمكان تحالفا مع الشريك المناسب بالرغم من إستهدافها بحملات إستئصالية ضارية.
* ـ الطور السادس ( 1966 ـ 1973) = طور إرتخاء القبضة الناصرية وظهور جديد.
ستشهد هذه المرحلة رحيل المسؤول عن محاولات إستئصال الجماعة بالحديد والنار وظهور خليفة له سمي يومها بالرئيس المؤمن ( محمد أنور السادات الذي تولى السلطة من بعد موت جمال عبد الناصر في 28 سبتمبر من عام 1970 ). بادر الرئيس الجديد بإطلاق سراح الإخوان وشهدت المرحلة إلتئام شمل الجماعة ـ أو من بقي منها حيا ـ وبداية العمل الذي بدأه مؤسس الجماعة قبل عقود. عرفت الجماعة للرجل عمله وعادت على جراحاتها الثخينة لعقا.
فعلت الجماعة منابرها الإعلامية التي نقلت صوتها ودعوتها إلى العالم العربي كله تقريبا إذ لم تكن تلك الأيام تشهد تضييقا كبيرا على الحريات الإعلامية بمثل ما نشهده اليوم لولا إندياح ثورة الإتصالات.
* ـ الطور السابع ( 1973 ـ 1981 ) = طور إستثمار المحنة وإستئناف البناء.
إستغلت الجماعة مرحلة المصالحة مع السلطة وإنكفأت على نفسها تجديدا وتفعيلا وإنتشارا في مناطق عربية أخرى خارج مصر فضلا عن الكتاب الإسلامي الذي يعد الإخوان من أبرز فرسانه. ظهرت الكتابات التي توثق الوحشية الناصرية ضد الإخوان في السجون وإنداحت شرقا وغربا بما جلب للجماعة ضربا من التعاطف في غياب حل إسلامي قومي أو وطني ينافس الحلول الإشتراكية أو الرأسمالية التي كانت تطحن المواطن العربي والمسلم.
كما أثمر بالتوازي مع ذلك فكر الشهيد سيد قطب ـ حتى لو لم يكن هو يقصد ذلك ـ ظهور تفكير جديد في الساحة الإسلامية. تفكير قريب من الفكر الخارجي القديم. تفكير نشأ من بين سياط الجلادين في زنزانات الموت المصرية. وعوامل أخرى ساهمت في بروز ذلك التفكير الذي يؤسس يوما من بعد يوم إلى التكفير بالجملة ثم إلى التفجير بالجملة. عوامل قومية في فلسطين وعوامل أخرى من التجزئة والتبعية المفروضة وهيمنة الحل الغربي وإمعية الحكام. تفكير كان يريد أن يبلغ رسالة فحواها : الصبر الإخواني على التنكيل والتعذيب والتشفي ليس حلا مقبولا. أثمر ذلك نشوء جماعات أخرى من مثل الهجرة والتكفير وما يمكن أن يكون بالجملة والخلاصة المادة الخام أو خميرة الحركات الجهادية المعاصرة. ثم كان إغتيال السادات المنظم في أثناء إستعراضه لفعاليات الجيش المصري فيما عرف بحادث المنصة في أكتوبر من عام 1981.
ساهم ذلك في تكريس مقولة هي : أفرج الرئيس المؤمن السادات عن الإخوان ليبرز من عباءتهم من يغتاله من بعد عشر سنوات فحسب من إخراجهم من السجون. لم تكن مقولة ساذجة بل كانت مقولة ذكية. ذكية في دلالاتها السياسية حتى لو قصد منها بعضهم الخلط الشنيع بين منهاجين في التغيير والإصلاح.
* ـ الطور الثامن ( 1981 ـ 2005 ) = طور الهدوء ولعق الجراح ومواصلة البناء.
لم تكن فترة العسل بين الجماعة والسلطة طويلة رغم أنها كفيلة بإسترجاع الجماعة لأنفاسها وإلتقاط ما بدده عبد الناصر في السجون وخارج السجون. وبإغتيال السادات تولى الحكم محمد حسني مبارك ليكون وليدا شرعيا لجمال عبد الناصر في عداوته للحريات وللحل الإسلامي وللإخوان بالتحديد ولكن في ثوب جديد فرضته التوازنات المستحقة من بعد زوال الدب الروسي الذي كان يحمي حركات التحرر العربية وغير العربية ومنها بعض دول ما سمي يومها بعدم الإنحياز. كانت في تلك الأيام الإدارة الأمريكية أشد إنتباها لما يجري فيما يسمى بمنطقة الشرق الأوسط حفاظا على أمن إسرائيل وكانت إستراتيجية الثعلب الأمريكي ( وزير الخارجية الذي وضع الإستراتيجية الخارجية الأمريكية لعقود طويلة هنري كسنغر) تقوم على أن حماية إسرائيل تمر حتما عبر التحكم في النبض المصري فكانت الإدارة المصرية في عهد المخلوع مبارك شرطي أمريكا لحماية أمن إسرائيل. لم ينس أحد منهم أن دعوة المؤسس القديمة إنما تقوم على مقاومة الإحتلال وأنه قام فعلا بالمقاومة على أرض المعركة التي أعد لها الجهاز الخاص.
لم يشفع للجماعة ملازمتها الهدوء من بعد مجيء مبارك. سيما أنها قطعت على درب لعق الجراحات والبناء الداخلي أشواطا مهمة وأنها برزت مجددا قوة سياسية تنازع في النقابات المهنية عن جدارة وتفوز بأغلب المقاعد ( الأطباء والمحامين وغيرهم). فظلت الغائب الحاضر دوما في السياسة المصرية والسياسة الدولية.
* ـ الطور التاسع ( 2005 ـ 2011 ) = طور إستئناف الظهور السياسي والتأثير الإعلامي والمساهمة في ثورة فبراير 2011.
أهم حدث في المرحلة هو إقتحام الجماعة لإنتخابات برلمان 2005 التي فازت فيها بأكبر كتلة نيابية أي 88 مقعد لأول مرة في حياتها وحياة البرلمان المصري بالرغم من صنوف من التعتيم والتلجيم والتهميش والخنق والتزييف غير مسبوقة.
برزت الجماعة تقريبا لأول مرة قوة سياسية عظمى في مصر ولفتت إليها إهتمام الناس خارج مصر وإنتباه الدوائر النافذة في العام.
كان كل شيء في مصر وتونس والبلدان العربية التي تشهد ثورات طاحنة في هذه الأيام .. كان كل شيء يوحي بأن الحكومات المتهرمة في حالة سقوط مريع بالرغم من تلبسها بالجند والسلاح وأدوات القمع غير المسبوقة .. كان شيئ ما يغلي تحت السطح وفي العمق ولكن لم يتنبأ بتاريخ إندلاعه أحد لا من دوائر العداء ولا من دوائر الصداقة..
ثم كان الإخوان حاضرين في ميدان التحرير في أثناء ثورة فبراير 2011 .. كانوا حاضرين بقوة بسبب كثرة عددهم .. وقدراتهم الكبيرة على التنظيم والإدارة وغير ذلك.
اليوم ـ كغيرهم من الحركات الإسلامية ـ يبدو أنهم المستفيد الأكبر من الثورة المصرية.
* ـ الطور العاشر ( 2011 ـ …....) = طور العمل الحزبي ( الحرية والعدالة ).
هذا طور جديد بالكامل على الجماعة أي إنفصال الحزب السياسي عن الجسم الأم للحركة والجماعة. هي تجربة خاضها إخوان الأردن بنجاح كبير إلى يوم الناس هذا. الأيام وحدها كفيلة بإذنه سبحانه بالحكم على هذه التجربة بالإيجاب أو بالسلب. فلندع التاريخ يكتب.
الإخـــــــوان الـــــمـــــــســــــلـــــمـــون
حلقة فكرية ضمن حلقات برنامج تكويني جامع للعلوم الشرعية تنبيه : هذا العمل وقف لله تعالى ويمكن لكل شخص أن يأخذ منه ما يريد بشروط :
أن لا يقع تحريف النّص الأصلي ، أو قطعه بما يخلّ بالمعنى ، وأن يذكر إسم كاتبه:الشيخ الهادي بريك ، وناشره : الحوار نت
يمكن تنزيل الدراسة على شكل ملف" بي دي اف" pdf
اضــــغــــط هـــــنــــــــا
بون في: 12 يونيو حزيران 2011 / 11رجب 1432
الشيخ الهادي بريك / تونسي مقيم بألمانيا
خطة العرض.
1 ـ مقدمات عامة
* ـ التاريخ غذاء الذاكرة.
* ـ الإسلام والدعوة : أي علاقة؟
* ـ التاريخ الإسلامي والتجديد : محطات مهمة.
2 ـ ظروف النشأة محليا وعربيا ودوليا
* ـ مصر القرن العشرين بين الإحتلال الإنجليزي والتفرق الداخلي حزبيا ومذهبيا.
* ـ العرب والمسلمون بين إنقضاض آخر حلقة من حلقات الحكم والوحدة ونكبة فلسطين.
* ـ آثار الحروب العالمية وغيرها.
3 ـ شخصية المؤسس ولمحة مقتضبة عن خلفائه
4 ـ الهوية الفكرية للجماعة
* ـ أفكار التأسيس.
* ـ الأصول العشرون للمؤسس.
* ـ الوصايا العشر للمؤسس.
5 ـ منهاج الإصلاح والتغيير عند الجماعة
* ـ مما ثبتته الوثائق.
* ـ مما ثبتته الوقائع.
6 ـ الجماعة والقضية الفلسطينية
7 ـ الجماعة و قضايا التحرر العربي والإسلامي
8 ـ أهم أطوار الجماعة تاريخيا
9 ـ الأوعية التنظيمية الداخلية للجماعة
* ـ النظام الخاص.
* ـ التنظيم الدولي.
10 ـ الجماعة والإعلام الخارجي
11 ـ من النقود ضد الجماعة
* ـ نقود من الخارج.
* ـ نقود من الداخل.
11 ـ من كسب الجماعة في الأحداث والرجال والمؤسسات
12 ـ بعض المقارنات لتوليد أسباب التأثير وأسباب الإنكماش
13 ـ حاضر الجماعة ومستقبلها بعد الحراك الثوري العربي الراهن 2011
14 ـ مراجع مهمة في الموضوع
***********************
تفصيل العرض
مقدمات عامة
1 ـ التاريخ غذاء الذاكرة وحافظها.
* ـ لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب. الغفلة عن التاريخ غفلة ( نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين ). فضلا عن قيام أم الوحي ( القرآن الكريم ) على القصة بحوالي الثلث كاملا.
* ـ إصرار بني إسرائيل على الإنتماء للديانة الإبراهيمية شعورا بالبعد التاريخي لإثبات الشخصية الجمعية ( ما كان إبراهيم .. ـ إن أولى الناس بإبراهيم ..).
* ـ من أبعاد الأزمة القومية الأمريكية نسب مجهول وذاكرة قصيرة.
2 ـ الإسلام والدعوة : أي علاقة.
* ـ توأمان لا ينفصلان ( ومن أحسن قولا ..) ـ ( قل هذه سبيلي ..) ـ لم يكن يوما إسلام دون دعوة في فترات التاريخ الإسلامي كلها من النبوة والخلافة الراشدة حتى مختلف التجارب اللاحقة من أمويين وعباسيين وغيرهم حتى سقوط رمز الوحدة السياسية عام 1923 حيث أصبحنا ندعى ولا ندعو.
3 ـ التاريخ الإسلامي والتجديد : محطات مهمة.
* ـ من معاني التجديد الديني : الدعوة إلى إحياء الدين بمختلف صور الإحياء علما وعملا.( إن الله يبعث لهذه الأمة ..).
* ـ لا يكون إرتباط الإسلام بالدعوة إلا عبر التجديد. هو مثلث لا ينفصم ( الإسلام والدعوة والتجديد ). دعا السبط الأكرم الحسن إلى الجماعة ( 40) تجديدا لقيمة الوحدة ـ دعا العباسيون إلى العلم تجديدا لقيمة التطور ـ دعا الأئمة الأربعة إلى إصلاح المجتمع تجديدا لقيمة المجتمع الأهلي المستعصي عن دبابة الدولة ـ دعا الملك قطز ومن بعده إلى مواجهة الصليبيين تجديدا لقيمة المقاومة ـ دعا الغزالي إلى الإحياء تجديدا لقيمة الإعتبار بالقلب والعقل ـ دعا الأئمة إبن تيمية وإبن القيم والشاطبي وغيرهم إلى إعمال المقاصد دليلا شرعيا تجديدا لقيمة الإجتهاد ـ دعا إبن تومرت إلى دولة الموحدين تجديدا لقيمة الوحدة السياسية ـ إلخ .. من مختلف حركات الإصلاح والتجديد والدعوة في الغابر والحاضر كلما تداعت الأمة إلى السقوط في جانب من جوانب الحياة بما يكون شاهدا عمليا واقعيا تاريخيا على أن : إرتباط الإسلام بالدعوة وإرتباط الدعوة بالتجديد إرتباط عضوية وتلازم أو إرتباط روح بجسد لتكون الأمة خير أمة أخرجت للناس وأمة وسطا وأمة الشهادة.
ظروف النشأة.
محليا.
1 ـ ترزح مصر في تلك الأيام تحت الإحتلال الإنجليزي ( 1882 )..
بما يجعل من ظهور مقاومة ـ بأي صورة من صورها ولو كانت مقاومة سلبية مثل مقاومة بعض الطرق الصوفية ـ أمرا مرقوبا. إحتلال إنجليزي يتميز بعوامل مهمة جدا أبرزها ( القيومية على الكيان الإسرائيلي المغروز في قلب الأمة 1897 مؤتمر بازل و 1948 تحقيق الحلم ـ وهو إحتلال جامع يعمل على نهب الثروات من جهة وتدمير البنية الثقافية من جهة أخرى قياما على قالة وزير الخارجية بعيد الحرب العالمية الثانية “ مادام المسلمون يحتفظون بالأزهر والقرآن وصلاة الجمعة فلا أمل في إجتثاثهم “ ـ تنصيب حكومات دمى على رأس الدولة المصرية لتتولى هي قمع مقاومته للإحتلال .. ـ كل ذلك في أرض ( الأزهر) الذي تحاربه أنكلترا وفي الأرض المجاورة لفلسطين وفي أرض النيل الذي مصر من هباته.
2 ـ نابتات حزبية مصرية ( الوفد والسعديون ـ نسبة إلى سعد الدين زغلول أبرز مؤسس حزب الوفد ثم إنشق عنه من سموا أنفسهم سعديين في خط تصحيحي نسبة إلى مؤسس الحزب وسمي الوفد لأنهم إرتأوا إرسال وفد إلى لقاء ما لبحث القضية, والدستوريون والوطنيون والأحرار ) لئن تفاوتت في تأخرها عن مقاومة المحتل وحكوماته المنصبة التابعة فإنها لا تلبي مطالب الشعب المصري في الهوية والإستمتاع بثروته وتوحيد صفه الوطني فضلا عن كون تلك النابتات الحزبية نابتات عالمانية من جهة ومجهولة من الشعب المصري من جهة أخرى فهي أدنى إلى نواد إرستقراطية على طريقة الديمقراطية اليونانية القديمة ( ديمقراطية النبلاء في إستعباد الرقيق).
3 ـ تخلف كبير في قطاعات واسعة من الشعب بسبب إنقسامات مذهبية وفكرية من سلفية وصوفية لم تثمر غير الجهل الديني والتناحر الداخلي بما يهيء للإحتلال وحكوماته التابعة مناخات ملائمة لتأبيد القهر والنهب والسلب.
4 ـ من الآثار التاريخية المعاصرة كذلك للحالة المصرية : الهجوم العسكري الشهير للقائد الفرنسي نابليون بونابارت على مصر : عام 1798. وثورة أحمد عرابي وتجربة محمد علي إلخ ..
5 ـ على المستوى الإصلاحي كانت مصر يومها تشهد ـ والعالم الإسلامي من حولها ـ ذهاب ثلة من المصلحين العصاميين الأفذاذ الذين إصطلح على تسميتهم من بعد ذلك : رواد حركة النهضة الإصلاحية المعاصرة أي : محمد عبده والأفغاني اللذين ورثا الإصلاح لرشيد رضا في مجلة المنار وتفسير القرآن ومعالجة إشكالية الغرب والإسلام في ذلك الزمن ثم إستلم الحركة الإمام البنا من المجلة ذاتها التي كانت تعد في تلك الأيام المنبع العلمي الدعوي الأول لمثقفي مصر وما حولها بما تتميز به من تفسير موضوعي معاصر للقرآن الكريم بدأه الإمام عبده وواصله رشيد رضا ثم البنا عليهم الرحمة والرضوان جميعا.
عربيا وإسلاميا.
1 ـ سقوط آخر تجربة من تجارب التاريخ الإسلامي في ضمان السقف السياسي الضامن للوحدة الإسلامية أي الخلافة العثمانية 1923. وهو أكبر حدث دولي في القرن العشرين ساهم في إثمار بعض إستحقاقات الحرب العالمية الثانية 1945 ونشوء الحرب الباردة وقيام مقاومة فلسطينية على يد الشهيد عز الدين القسام 1936 وإحتلال فلسطين 1948 وتغول الشيوعية في العالم من 1917 حتى 1989 ثم إنفراد أمريكا بالأحادية القطبية إلخ ..
2 ـ إحتلال فلسطين جارة مصر من بعد وضعها تحت الإنتداب البريطاني بأثر من وعد بلفور عام 1917 ومعاهدات سايكس وبيوك : هي مرحلة الهجمة الغربية الجامعة ضد الأمة العربية والإسلامية بكلمة واحدة. ليست مجرد إرهاصات بل هي غزوات عسكرية وفكرية وحملات تفكيك وتجزئية وفرض للتبعية ومحو الهوية.
دوليا.
1 ـ فضلا عما ذكر أعلاه : أزمة 1929 الإقتصادية التي دفعت قوى الهيمنة الغربية إلى الإستيلاء على منابع الذهبين العربيين ( الذهب الأحمر والذهب الأسود).
2 ـ من بعد تخلص أوربا من هيمنة الكنيسة في إثر إنتصار النهضة العلمية والمعرفية على المسيحية التي جاءت من شرقنا إليهم لتمسح روما فما لبثت أن ترومت المسيحية .. من بعد ذلك جهزت أروبا نفسها لتصدير ثورتها أو نهضتها بالقوة والحديد.
شخصية المؤسس ولمحة مقتضبة عن خلفائه.
1 ـ هو حسن أحمد عبد الرحمان البنا. ولد في أكتوبر 1906 بقرية المحمودية بمحافظة البحيرة المصرية.
2 ـ نشأ نشأة دينية حيث كان أبوه محدثا عمل على ترتيب مسند الإمام أحمد وتخريجه وشرحه وذلك عام 1957 كما عمل في كتب أخرى من مثل الموطإ وغيره وله بعض المؤلفات في ذلك. وهو معروف بالساعاتي لإشتغاله بإصلاح الساعات. ( دقة الساعاتي وتجانسها مع دقة المحدث).
3 ـ إلتحق بدار العلوم بالقاهرة وتخرج منها عام 1927. متزوج وله أبناء وبنات. منهم سيف الإسلام المحامي المصري المعروف ( رافع علينا في تونس أمام محكمة أمن الدولة في صائفة 1987).
4 ـ عمل معلما بالإسماعيلية من بعد تخرجه مباشرة. هناك بدأ نشاطه الديني التوعوي الوعظي ـ غير التقليدي ـ في المقاهي وتجمعات الناس ثم أسس عام 1928 جماعة الإخوان المسلمين في مسجد وناد بنوه للغرض ذاته.
5 ـ ثم إنتقل إلى القاهرة بين عامي 1932 و1934 وإنتقل المقر الرئيس معه.
6 ـ يتميز بأسلوب خطابي أخاذ وعلم جامع وقدرة عجيبة على سرعة الحركة والنشاط وبعقل وقاد يلتقط دلالة الحدث ويفقه واجب الوقت بدقة. كما عرف بالتواضع والعبادة وخدمة الناس والحرص على تجميع الكلمة ورص الصف والوفاق الوطني.كما عرف بذاكرة عجيبة لا بد منها للداعية الناجح تواصلا مع الناس.
7 ـ من مؤلفاته : سلسلة الرسائل + المأثورات + أحاديث الجمعة + الدعوة والداعية + بعض من تفسير القرآن الكريم ( الفاتحة مثلا ) .. لم يكن يجد وقتا للكتابة ولكن كان يكتب في صدور الرجال ويصنعهم كما قال فيه محبه الشهيد سيد ( هو حسن البناء ).
8 ـ إغتالته حكومة إبراهيم عبد الهادي السعدية بقرار إنجليزي في القاهرة في 12 فبراير شباط من عام 1949 بعد مقتل رئيس الوزراء محمود النقراشي الذي قرر حل الجماعة في عام 1948 وإتهمت الجماعة بقتله وهتف المتظاهرون في جنازة النقراشي بأن رأسه برأس البنا.
9 ـ عده الإمام القرضاوي في إحصائه للمجددين الذين تحدث عنهم محمد عليه الصلاة والسلام على رأس كل مائة سنة .. عده آخر مجدد للأمة وهو عقد كتب فيه من قبل الإمام القرضاوي كثيرون وعد أولهم : الخليفة الراشد الخامس.
10 ـ وهو شاعر مرهف الحس وله قصيدة معروفة جدا في الوسط الإسلامي.
11 ـ من مشاهد حياته الدعوية والعلمية.
* ـ كان في موسم الحج ذات مرة يستخدم المصدح فاعترض عليه منسوب إلى العلم بأن المصدح بدعة فقال الإمام للرجل الذي كان يحمل نظارة على عينيه : وما الذي فوق عينيك؟ قال : نظارتي. قال له : وما حاجتك إليها؟ قال : تساعدني على تكبير الخط المكتوب حتى أستطيع قراءته. فقال له الإمام : تلك هي حاجتي إلى المصدح يكبر صوتي حتى يصل إليك. فسكت الرجل وبهت.
* ـ وكان ذات ليلة من ليالي رمضان بمسجد في بعض أنحاء مصر وإشتعل الخلاف حادا بين المصلين حول عدد ركعات صلاة التراويح فتقدم إليهم وأفهمهم بأن إجتماعهم فريضة أما صلاة التراويح كلها بعدد ركعاتها المختلف حولها فليست سوى سنة بل سنة لم يصلها عليه الصلاة والسلام غير ليلة أو ليلتين ففتح الله بصيرتهم وأقبلوا على صلاتهم.
* ـ سأله ذات يوم طالب علم عن أحسن تفسير للقرآن ينصحه به فقال له : أحسن تفسير للقرآن الكريم هو تفسيرك أنت. لم يفهم الطالب شيئا. فقال له الإمام : إقرأ القرآن الكريم وأفهمه بما يلقى منه في قلبك وعقلك إلا أن تكون كلمة لا تدرك معناها اللغوي فارجع بها إلى المعاجم.
* ـ بعد إلحاح شديد جد من عائلة المرحوم رشيد رضا الذي تولى مواصلة العمل الدعوي والعلمي تفسيرا للقرآن الكريم من بعد رحيل شيخه محمد عبده في مجلة المنار الشهيرة التي تعد يومها بحق قبلة النخبة المصرية المثقفة .. بعد إلحاح شديد من عائلة المرحوم رشيد رضا تولى المؤسس مواصلة المشوار ( مشوار عبدة ومشوار تلميذه رشيد رضا ) فكان يتولى الكتابة في المنار مفسرا للقرآن الكريم بصورة جلبت له الإحترام الواسع : إحترام بسبب بساطته في التفسير وعمقه من ناحية وبسبب قلمه البليغ جدا من ناحية أخرى متأثرا بالرافعي وغيره من خيرة أدباء مصر في تلك الأيام التي حفلت فيها اللغة العربية بأجمل حللها وأبهاها.
* ـ كما إلتقى الأديب طه حسين بعد صدور كتابه الذي أثار الذي أثار في الساحة الثقافية المصرية ـ والعربية والإسلامية كلها ـ في تلك الأيام ( مستقبل الثقافة في مصر) والذي دعا فيه بالحرف إلى إنتهاج النهج الغربي الأوربي في الحضارة والثقافة. كانت تلك محنة ثقافية بسبب صدورها عمن أسند إليه لقب عميد الأدب العربي سيما أنها تزامنت مع صدور كتاب آخر مدو في الساحة الأزهرية وهو كتاب ( الإسلام والحكم ) لعالم أزهري هو علي عبد الرازق الذي عوقب بشطب إسمه من قائمة علماء الأزهر وتولى الرد عليه كثر منهم الإمام إبن عاشور عليه رحمة الله سبحانه.. إلتقى المؤسس الأديب طه حسين ـ الذي تولى في تلك الأيام عدة مناصب رسمية عليا في الدولة في الجهاز التعليمي والتربوي والثقافي ـ إلتقاه فألان له الكلام وقال له : ليت الذين ينقدونني مثلك أدبا وعمقا إذ أن أكثرهم ينقصه الأدب وعمق الفكرة. حادثة تعكس ما حازه المؤسس من فنون الجدال بالتي هي أحسن.
لمحة مقتضبة عن خلفائه في إرشاد الجماعة.
1 ـ المرشد الأول هو المؤسس حسن البنا.( 1928 ـ 1949).
2 ـ المستشار حسن الهضيبي. تولى قيادة الجماعة في وقت حرج جدا من بعد إغتيال الإمام البنا عام 1949 حتى 1973. ( تحديدا من عام 1950 ). حيث عاصر أغلب فترات الحملات الإستئصالية الشديدة جدا ضد الجماعة من لدن كلاب عبد الناصر. كما ظهرت في تلك الفترات دعوات للإنتقام والعنف يستند بعضها إلى كتابات الشهيد سيد قطب ( أعدم يوم 28 أوت 1966) ولذلك كتب المرشد الهضيبي كتابه المعروف ( دعاة لا قضاة ). وهو عمدة في المنهاج السلمي للحركة الإسلامية المعاصرة. حكم عليه بالإعدام عام 1954 ثم خفف إلى المؤبد وأفرج عنه عام 1971 لما تولى السادات السلطة.
3 ـ المرحوم عمر التلمساني. أصله من مدينة تلمسان الجزائرية. تولى قيادة الجماعة من بعد موت المستشار الهضيبي عام 1973 حتى 1986. حيث أكمل مشوار سلفه القائم على الصبر الجميل والإنحناء للعاصفة حتى أذن محمد أنور السادات ( خليفة عبد الناصر الذي مات عام 1970 وتواصل حكمه حتى أكتوبر 1981 حيث قتل في الحادث الشهير بحادث المنصة) بإخلاء السجون من الإخوان. عرف المرحوم التلمساني بخطابه اللين جدا حتى حيال السادات وهو يقدر يومها ـ دون غيره من أبناء الحركات الإسلامية خارج مصر ـ أن مصلحة الحركة تتطلب ذلك وأن مهمته هي : تأمين خروج الجماعة من آثار المحنة وإعادة بناء نفسها في صمت وهدوء وإبتعاد عن مواطن التوتر مع أجهزة الحكم. إستراتيجية أثمرت كثيرا.
4 ـ المرحوم محمد حامد أبو النصر. تولى قيادة الجماعة من بعد موت التلمساني عام 1986 حتى 1996. هو عهد رجوع الجماعة ورجوع مؤسساتها وإلتئام شملها وعودتها التدريجية إلى الحياة الإعلامية والسياسية والواقعية.
5 ـ المرحوم مصطفى مشهور. تولى قيادة الجماعة من بعد موت المرحوم أبي النصر من عام 1996 حتى 2002. تشكل في عهده بصفة رسمية التنظيم الدولي للإخوان المسلمين.
6 ـ المرحوم مأمون الهضيبي. من 2002 حتى 2004.
7 ـ محمد مهدي عاكف. من 2004 حتى 2010. هو أحد عناصر التنظيم الخاص.
8 ـ المرشد الحالي : محمد بديع. من يناير 2010 حتى اليوم جوان 2011.
شعار الجماعة.
مصحف شريف يحيط به سيفان.
الهوية الفكرية للجماعة.
المصادر التالية كفيلة بنحت الهوية الفكرية للجماعة.
أفكار التأسيس.
1 ـ قامت الجماعة ـ كما قال مؤسسها ـ على فكرة قوامها : تحرير الأرض والعرض معا.
2 ـ كما قامت بحسب مؤسسها على فكرة قوامها : إن الإخوان المسلمين دعوة سلفية وطريقة سنية وحقيقة صوفية وهيئة سياسية وجماعة رياضية ورابطة علمية وثقافية وشركة إقتصادية وفكرة إجتماعية.
الأصول العشرون التي بنى عليها المؤسس الجماعة.
1 ـ الإسلام نظام شامل.
2 ـ القرآن والسنة هما المرجع في العقيدة والعبادة والخلق والمعاملة.
3 ـ الإيمان والعبادة هما الأصل أما الرؤى والإلهامات والخواطر فليست أدلة شرعية.
4 ـ التمائم والرقى والودع والكهانة منكرات تجب محاربتها إلا ما كان من وحي صحيح.
5 ـ رأي الإمام أو نائبه فيما لا نص فيه يعمل به ما لم يصطدم بوحي صحيح أو قاعدة شرعية والأصل في العبادات التعبد دون الإلتفات إلى المعاني وفي العاديات القصد.
6 ـ كل أحد يؤخذ منه ويترك وكل سلف مقبول ما لم يصطدم بوحي صحيح.
7 ـ من لم يبلغ درجة النظر في الأدلة فعليه إتباع إمام مع إحسان الإتباع إلى حين إستكمال درجة النظر.
8 ـ الخلاف في الفروع ليس سببا للفرقة في الدين وكل مجتهد مأجور ولا مانع من التحقيق العلمي دون خصومة أو تعصب مذموم.
9 ـ كل مسألة لا ينبني عليها عمل فالخوض فيها باطل منهي عنه مثل كثرة التفريعات ومعاني الآيات المتشابهات والمفاضلة بين الأصحاب وخلافاتهم .
10 ـ معرفة الله سبحانه لتنزيهه أسمى عقائد الإسلام كما نؤمن بآيات الصفات وأحاديثها الصحيحة دون تأويل ولا تعطيل ويسعنا قوله سبحانه ( والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا ).
11 ـ كل بدعة لا أصل لها سواء إستحسنها الناس أم لا ضلالة تجب محاربها دون أن يؤدي ذلك إلى ما هو شر منها.
12 ـ البدع الإضافية والتركية خلاف فقهي ولا بأس من التمحيص العلمي بالدليل.
13 ـ محبة الصالحين قربة والأولياء هم ( الذين آمنوا وكانوا يتقون ) والكرامة ثابتة بشرائطها الشرعية مع إعتقاد أنهم لا يملكون نفعا ولا ضرا حتى لأنفسهم فما بالك لغيرهم.
14 ـ زيارة القبور سنة مشروعة بالكيفية المأثورة والإستعانة بهم كبيرة تجب محاربتها ومثله النذر لهم وإضاءة القبور والحلف بغير الله سبحانه ولا نتأول لهذه الأعمال سدا للذريعة.
15 ـ الدعاء المقرون بالتوسل بأحد من خلقه سبحانه خلاف فرعي في كيفية الدعاء وليس عقيدة.
16 ـ العرف الخاطئ لا يغير من حقائق الشريعة شيئا والعبرة بالمسميات لا بالأسماء.
17 ـ العقيدة أساس العمل وعمل القلب أولى من عمل الجارحة مع طلب الكمال فيهما قدر الإمكان.
18 ـ الإسلام يحرر العقل.
19 ـ النظران الشرعي والعقل قد تختلف حقولهما ولكنهما لا يصطدمان في القطعي ليؤول الظني فيوافق القطعي.
20 ـ لا نكفر مسلما أقر بالشهادتين وعمل بمقتضاهما وأدى الفرائض برأي أو بمعصية إلا إن أقر بكلمة الكفر أو أنكر معلوما من الدين بالضرورة أو كذب صريح القرآن أو فسره على وجه لا تحتمله وجوه العربية أو عمل عملا لا يحتمل تأويله غير الكفر.( هذا البند أخذت به حركة النهضة التونسية بنصه كاملا في رؤيتها الفكرية ومنهاجها الأصولي المنبثق عن مؤتمر ديسمبر 1986).
تولى الإمام القرضاوي شرح هذه البنود في بعض كتبه ضمن سلسلة خصصها للغرض.
الوصايا العشر للمؤسس.
1 ـ قم إلى الصلاة متى سمعت النداء مهما كانت الظروف.
2 ـ أتل القرآن أو طالع أو إستمع أو أذكر الله ولا تصرف جزء من وقتك في غير فائدة.
3 ـ إجتهد أن تتكلم العربية الفصحى فإن ذلك من شعائر الإسلام.
4 ـ لا تكثر الجدل في أي شأن من الشؤون أيا كان فإن المراء لا يأتي بخير.
5 ـ لا تكثر الضحك فإن القلب الموصول بالله ساكن وقور.
6 ـ لا تمزح فإن الأمة المجاهدة لا تعرف إلا الجد ( لعله قال : لا تكثر من المزح).
7 ـ لا ترفع صوتك أكثر مما يحتاج إليه السامع فإنه رعونة وإيذاء.
8 ـ تجنب غيبة الأشخاص وتجريح الهيئات ولا تتكلم إلا بخير.
9 ـ تعرف على من تلقاه من إخوانك وإن لم يطلب منك ذلك فإن أساس دعوتنا الحب والتعارف.
10 ـ الواجبات أكثر من الأوقات فعاون غيرك على الإنتفاع بوقته وإن كان لك مهمة فأوجز في قضائها.
أركان الهوية الفكرية للجماعة.
1 ـ حركة إسلامية سلفية وسطية معتدلة جامعة.
2 ـ عمدتها التربية وهدفها تحرير الإنسان من جشع نفسه ومن المؤثرات الخارجية ومن الإحتلال في مصر وفلسطين ليتأهل لخلافة الله سبحانه وعمارة أرضه بالخير والعدل.
3 ـ أركان يمكن حصرها في مقولة أخرى جامعة : الله غايتنا والرسول قدوتنا والقرآن شرعتنا والجهاد سبيلنا والشهادة أمنيتنا .
5منهاج الإصلاح والتغيير عند الجماعة.
ما ثبتته الوثائق.
1 ـ البعد عن مواطن الخلاف.
2 ـ البعد عن هيمنة الكبراء والأعيان.
3 ـ البعد عن الأحزاب والهيئات.
4 ـ العناية بالتكوين والتدرج في الخطوات على أساس من : إيمان عميق وفهم دقيق وعمل متواصل.
5 ـ إيثار الناحية العملية الإنتاجية على الدعاية والإعلانات.
6 ـ تقديم الشباب.
7 ـ عالمية الدعوة.
8 ـ البدء بإصلاح النفس إصلاحا جامعا.
9 ـ تكوين البيت المسلم.
10 ـ إرشاد المجتمع بنشر دعوة الخير فيه ومحاربة الرذائل والمنكرات.
11 ـ تحرير الوطن بتخليصه من كل سلطان أجنبي غير إسلامي سياسي أو إقتصادي أو روحي.
12 ـ إصلاح الحكومة حتى تكون إسلامية بحق.
13 ـ إعادة الكيان الدولي للأمة الإسلامية بتحرير أوطانها وإحياء مجدها.
14 ـ أستاذية العالم بنشر دعوة الإسلام في ربوعه حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله.
15 ـ تقسيم الإستراتيجية العامة الطويلة إلى مراحل : التعريف والتكوين والتنفيذ.
16 ـ إنتاج أركان لبيعة داخلية قوامها : الفهم والإخلاص والعمل والجهاد والتضحية والثبات والتجرد والأخوة والثقة.
17 ـ الموقف من إستخدام القوة. تبني قوة العقيدة أولا ثم قوة الخلق والقوة البدنية وقوة العبادة وقوة المجتمع وقوة العلم ولا تستخدم القوة المادية للتغيير والإصلاح إلا في مكانها المناسب وبحجمها المناسب. على أساس أن ( آخر دواء الكي).
ما ثبتته الوقائع.
1 ـ صبر جميل على ألوان من التعذيب وصنوف من الإستئصال والنكايات لا نظير لها في التاريخ العربي الحديث ( إلا ما جاء بعدها في تونس ) على إمتداد سنوات جمر حامية طويلة من يوم إغتيال المرشد العام عام 1948 حتى إفراج السادات عنهم في 1971.
2 ـ عمل علني بالكلية تقريبا من أسماء القيادات والمؤتمرات التي بلغ عددها 6 مؤتمرات عامة ( كان آخرها عام إغتيال المؤسس 1949 ). والمخيمات السنوية وقوافل النظام الكشفي الذي تبنته الجماعة بالكامل فضلا عن نشر الدعوة في المقاهي والأماكن العامة.
3 ـ مشاركة في العمل السياسي والإتصال بالحكومات والترشح لمناصب سياسية من مثل ترشح المرشد العام المؤسس عام 1942 للإنتخابات النيابية عن الإسماعيلية قبل إحجامه عن ذلك تحت إكراهات الإنجليز وحكوماته التابعة وتحالفات أخرى كثيرة سياسية وإنتخابية مع الوفد وغيره على مراحل طويلة من تاريخ مصر الحديث.
4 ـ مباشرة العمل الإعلامي منذ أول يوم بجريدة تحمل إسم الجماعة
5 ـ إغتنام مواسم الحج لنشر الدعوة وكذا المؤتمرات العربية الرسمية.
6 ـ تبني الدعوة إلى تأسيس الجامعة الإسلامية التي تحولت من بعد ذلك إلى جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي.( كانت الدعوة يومها إلى الجامعة الإسلامية ).
7 ـ مشاركة في المظاهرات المقاومة للإحتلال الإنجليزي في مصر والمقاومة للإحتلال الصهيوني في فلسطين وجمع الأموال لفائدة الفلسطينيين المحتلين.
8 ـ مراسلات كثيرة مع الحكومة إبداء للرأي وتوجيها ونصحا.
9 ـ مفاوضات لبحث سبل المشاركة في بعض الحكومات من مثل حكومة صدقي باشا مثلا عام 1946. فضلا عن إتصال وثيق بين المرحوم التلمساني والسادات.
10 ـ المشاركة في الإنتخابات المهنية والقطاعية والتأثير فيها ( الأطباء والمحامين وغيرهم) والإنتخابات العامة التي فازت فيها الجماعة عام 2005 ب88 مقعدا بعد كل ضروب التزييف والمنع.
11 ـ الحوار مع الدوائر الأجنبية التي تريد معرفة مواقف الجماعة من مختلف القضايا.
أركان المنهاج الإصلاحي عند الجماعة.
1 ـ حركة سلمية مدنية أهلية ديمقراطية.
2 ـ حركة دعوية عامة وإسلامية سياسية جامعة.
3 ـ حركة تعتمد التربية والتكوين والتأهيل من الفرد حتى الحكومة مرورا بالأسرة.
4 ـ حركة عالمية تعمل على التحرير والوحدة العربية والتضامن الإسلامي.
5 ـ حركة إصلاحية لا إنقلابية.
6 ـ حركة تجديدية إجتهادية معتدلة بين محكمات الأصل ومقتضيات العصر.
7 ـ حركة توفيقية تجمع الناس المختلفين.
8 ـ حركة مستقلة تؤمن بالوطنية والعروبة دوائر ولاء ضمن دائرة الولاء الإسلامي العظمى.
9 ـ حركة عملية ميدانية.
6 الجماعة والقضية الفلسطينية.
1 ـ قامت الدعوة أساسا ـ بحسب مؤسسها ـ على تحرير الأرض ( مصر من الإحتلال الإنجليزي وفلسطين من الإحتلال الصهيوني ) كان في ذلك الوقت إنتدابا أي إحتلالا مقنعا من جهة وعلى تحرير العرض من جهة أخرى. لذلك نشأت الدعوة مقاومة بالضرورة.
2 ـ لما حدث تنفيذ خطة مؤتمر بازل ( 1897 ـ 1948 ) كانت الجماعة في أوج قوتها شعبيا من جهة وتعافس العمل السياسي من جهة أخرى وكان نشاطها في الداخل منصبا في جزء كبير منه على مناصرة القضية الفلسطينية بالدعاية والمال مما زاد من إثارة حفائظ المحتل الإنجليزي الذي يحرك الدمى المحلية لضرب الجماعة.
3 ـ كان إنشاء الجهاز الخاص ( الجهاز السري ) في الجماعة لتحقيق أغراض منها : المساهمة في تحرير فلسطين.
المساهمة في المقاومة الحقيقية الميدانية فوق أرض فلسطين.
1 ـ بادر المؤسس بسوق جنود الجهاز الخاص وما تيسر له من أبناء الجماعة إلى فلسطين حيث ساهموا فعلا وحقيقة في المقاومة مباشرة بعد إعلان الكيان الصهيوني في 15 مايو آيار 1948 إنتصابه فوق أرض فلسطين وأبلوا بلاء حسنا بحسب مذكرات تاريخية موثقة منها كتاب خاص بهذه القضية لصاحبه : كامل الشريف وهو قائد عسكري ميداني إخواني قاتل بنفسه وجنده فوق أرض المعركة. ( إسم الكتاب : الإخوان المسلمون في حرب فلسطين ).
2 ـ لم يفند ذلك مفند إلى يوم الناس هذا من حيث وقوع المقاومة الفعلية فوق أرض المعركة من لدن الإخوان. إنما ذهبت الطعون إلى قضايا أخر متعلقة بالمسألة من قريب أو من بعيد.
3 ـ لذلك نظم ضدهم الإنجليز ودماهم في مصر حملات إعتقال قاسية مباشرة من بعد رجوعهم من فلسطين. كذلك نشأت إسرائيل خطا أحمر في السياسة الدولية لا يقترب منه مقترب حتى يقترب منه الموت المحقق.
7 الجماعة وقضايا التحرر العربي والإسلامي.
1 ـ يندرج ذلك ضمن التوجه العالمي لدعوة الجماعة من أول يوم بحسب ما فهم المؤسس من الإسلام وتاريخه وأصول دعوته. ( الجامعة العربية والجامعة الإسلامية ).
2 ـ بادر المؤسس في مواسم الحج بإلتقاء الوفود وبث الوعي فيها لتكون للحج رسالة دعوية إسلامية في أثناء رسالة العبادة ومقاصد الحج الأخرى.
3 ـ إلتقى الزعيم التونسي الحبيب بورقيبة وآواه وكان المؤسس من بين الذين يحتضنون مكتب المغرب العربي بالقاهرة الخاص بمقاومة الإستعمار. كما كانت له مراسلات مع الشيخ عبد الحميد إبن باديس المصلح والمقاوم الجزائري المعروف ومع نظيره في المغرب الأقصى المرحوم علالة الفاسي مؤسس حزب الإستقلال والفقيه المقاصدي المعروف.
4 ـ ولما كان الإنقلاب في اليمن ضد آخر ممثل للدولة الزيدية توطدت العلاقات بين مصر واليمن وكان للإخوان دور كبير في تصدير دعوتهم إلى هناك.
الجماعة والمرأة.
1 ـ نشأ قسم خاص بالأخوات المسلمات منذ عام 1933 أي في غضون خمس سنوات من بعد التأسيس الأول عام 1928. وهو يعكس النظرة التجديدية للمؤسس في مجتمع تقليدي محافظ ليس للمرأة فيه حظوظ كبيرة.
2 ـ بأثر من ذلك برزت قيادات نسائية إخوانية كثيرة ولكن لم يحمل الإعلام منها سوى المرحومة زينب الغزالي التي أثرت المكتبة الإسلامية بكتابها الفريد (أيام من حياتي ) ليكون شاهدا على إنتهاك الناصرية للحرمة البشرية.
الجماعة والمسيحيون في مصر.
مما تذكره المصادر الموثقة أن المؤسس ذاته كانت علاقته جيدة جدا مع بعض المسيحيين المصريين ولم تحمل إلينا المصادر أن الإخوان واجهوا المسيحيين أو نابذوهم أو إنتقصوا من مواطنتهم أو غير ذلك مما يقع فيه بعض الناس اليوم.
ثم تطورت الأيام بالجماعة حتى أصبح المسيحيون على قوائم جماعة الإخوان المسلمين في أكثر من دائرة إنتخابية في أكثر من معركة إنتخابية خاضها الإخوان.
قامت الجماعة على أساس المساواة في المواطنة بحق وفعل ثم إختلطت الأوراق السياسية لما ظهر ضرب من التفكير الذي ينحو في إتجاه تقليص مبدإ المواطنة وتقديم الدين على الوطن ثم ظهر لنا أن الحكومة ( حكومة المخلوع مبارك عن طريق وزير داخليته الذي يحاكم في هذه الأيام من ربيع 2011 من بعد ثورة فبراير شباط 2011 ) هي التي قامت بالعدوان الأخير على بعض كنائس المسيحيين لإرباك المشهد السياسي.
الجماعة والعمل الإجتماعي.
عرفت الجماعة ـ سيما بعد الإفراج عن قياداتها من لدن السادات منذ بداية سبعينيات القرن الميلادي المنصرم وبداية إستئناف حياتها وبناء ذاتها ـ بالتركيز على إنشاء المشروعات الإجتماعية من مثل المدارس والكتاتيب والمستشفيات وغير ذلك من المشروعات ذات الطابع الإنساني والإغاثي والإجتماعي بصفة عامة.
وهي معركة خاضتها مع خليفة السادات أي المخلوع مبارك الذي عمل على إقتلاع تلك المؤسسات وإغلاقها ومعلوم أن جزء منها كان يرتبط القيادي الإخواني المعروف معروف الشاطر الذي حوكم مرات ـ فضلا عن غيره ممن قام على تلك المشروعات تمويلا أو إدارة ـ في عهد المخلوع مبارك بتهمة تمويل الجماعة من مشروعات إجتماعية.
ذاك توجه صحيح من لدن الجماعة ساهم بالقدر الممكن في حل المشكلات الإجتماعية والإقتصادية للمواطن المصري.
الجماعة والإمتداد الأروبي.
قامت الجماعة من أول يوم على قيمة العالمية وثقافة الإمتداد الدعوي ومن ذا نشأت فكرة التنظيم الدولي ومن ذلك أن الجماعة شكلت في العقود الأخيرة المنصرمة إتحاد المنظمات الإسلامية في أروبا( تأسس عام 1989) الذي يضم شتات الإخوان في مختلف الأقطار الأروبية وهو اليوم رقم إسلامي ثابت وفاعل كما وكيفا في الوجود الإسلامي الأوربي إستطاع أن يصمد في وجه الإنعكاسات المحتملة لكارثة سبتمبر في نيويورك من عام 2001 من جهة وفي وجه الحرب ضد الإسلام من لدن جهات وأطراف أروبية معروفة وهي الحرب المسماة : إسلاموفوبيا.
إستطاع ذلك الوليد أن ينشئ مجموعة من المبادرات المهمة في الحقل الدعوي والثقافي من مثل المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث ومن مثل الكلية الأروبية للعلوم الإنسانية ومن مثل التجمع الأروبي للأئمة والمرشدين وغير ذلك من المؤسسات الدعوية والعلمية التي تلبي حاجة الوجود الإسلامي الأوربي بما يجعله محافظا على هويته الإسلامية والأروبية معا ووتدا من أوتاد الإستقرار وإحتضان حركة إعتناق الإسلام.
8 مختلف الأطوار التاريخية التي مرت بها الجماعة.
* ـ الطور الأول ( 1928 ـ 1934) = طور التأسيس.
تميز هذا الطور بتلمس طريق الدعوة من لدن رجل عصامي جمعت شخصيته أكثر عناصر القيادة والريادة والمبادرة فكان يبث الوعي بالإسلام وبتحديات المرحلة بين الناس في المقاهي ثم أسس مع بعض إخوانه مسجدا وناد ليكون أول مقر للجماعة. تميزت المرحلة بالهدوء لطبيعة الإسماعيلية في تلك الأيام مقارنة مع العاصمة القاهرة وبسبب أن الدعوة الدينية في تلك الأيام لا يرقب منها بث وعي سياسي أو فقه معاصر.
* ـ الطور الثاني ( 1934 ـ 1942 ) = طور الإمتداد الشعبي.
ولكن بمجرد إنتقال المؤسس ومقر الجماعة إلى القاهرة عام 1934 حتى تغيرت الأحوال بدرجة كبيرة جدا. القاهرة هي مقر الدمى المصرية التي يحركها الإحتلال الإنجليزي وهي عاصمة أكبر دولة عربية ـ من نواح كثيرة مهمة جغرافيا وعمرانيا وتاريخيا ـ تتاخم الإنتداب البريطاني على فلسطين ولن تكون أي محاولة لتحويل الإنتداب إلى إحتلال مفروشة بالورود بسبب إنتقال الدعوة إلى القاهرة. بعد عامين فحسب إشتعلت مقاومة الشهيد القسام في فلسطين أي عام 1936 كما كانت الحرب العالمية الأولى قد وضعت أوزارا تستعد لأخذها حرب عالمية ثانية وعوامل دولية وعربية أخرى كثيرة ذات دلالات كبيرة ( سقوط الخلافة والثأر الحضاري المرتقب إلخ ..).
تولى الملك فاروق الحكم يومها وهو شاب عام 1938.
* ـ الطور الثالث ( 1942 ـ 1949 ) = طور التأثير السياسي وبداية المحن.
يمكن القول أن إندياح الجماعة في أكثر المناطق المصرية كان بداية من عام 1942 أي 6 سنوات من بعد الإنتقال إلى القاهرة وكان معلوما أن المؤسس لم يكد يدع منطقة مصرية واحدة لم يزرها مهما كانت صغيرة أو نائية حيث إنتشرت شعب الإخوان إنتشارا عجيبا.
سعيا من الإحتلال الإنجليزي ودماه المصرية لحما ودما إلى تمديد أنفاسه نظمت إنتخابات عامة عام 1942 وقررت الجماعة خوضها ومن المرشحين مؤسسها عن الإسماعيلية وهو أمر أثار رعب الإنجليز وبعد مفاوضات عسيرة جدا تنازل الرجل عن الترشح ولم تكن بعض المواقف الحزبية المصرية مرتاحة لترشح رجل معروف من مثل الإمام البنا. كان الصراع الحزبي في تلك الأيام واضحا في أكثر من مستوى بين الإنتماء الوفدي ( المرحوم الشيخ الشعراوي مثلا) وبين الإنتماء الإخواني ( كما يروي ذلك الإمام القرضاوي في مذكراته).
تميز هذا الطور بالظهور السياسي القوي للجماعة : جماعة سياسية تحاور الحكومة وتراسلها وتلتقيها وتشارك في الإنتخابات وتنافس على البرلمان من جهة وجماعة مقاومة مقاومة فعلية على أرض فلسطين إنطلاقا من أرض محتلة أيضا أي مصرمن جهة أخرى. فضلا عن إنتخابات عام 1942 كانت هناك مفاوضات مع الجماعة للمشاركة في حكومة صدقي باشا عام 1946.
كل ذلك حدد هوية الجماعة حيال أبنائها والشعب المصري من جهة وحيال الحكومة والمحتل الإنجليزي والقوى الدولة المنتفذة من جهة أخرى.
فكان لا بد من مقاومة الجماعة لإقترابها من الخط الأحمر المعروف دوليا.
وكانت ضربة البداية بحل الجماعة من لدن رئيس الوزراء النقراشي باشا عام 1948 وتحديدا في الثامن من نوفمبر منه.( 8 نوفمبر 1948) وبعد ثلاثة أشهر بالتحديد سيغتال المؤسس ( 12 فبراير 1949).
وفي ديسمبر من العام ذاته إغتيل النقراشي وإتهم الإخوان بقتله.
* ـ الطور الرابع ( 1949 ـ 1954 ) = طور التحول المصري وآثاره على الجماعة.
بدأ هذا الطور بإغتيال المرشد في 12 فبراير شباط من عام 1949. وبعد 3 سنوات فحسب كانت ثورة 23 يوليو تموز 1952 بزعامة محمد نجيب بمؤازرة من الإخوان الذين لم يشتركوا في حكومة الثورة مما أثار حفيظة جمال عبد الناصر الذي إنقلب على محمد نجيب ووضعه في الإقامة الجبرية حتى مات عبد الناصر نفسه وبدأت مرحلة الإستئصال الكلي من لدن عبد الناصر ضد الإخوان ملفقا ضدهم ما عرف بحادثة المنشية التي زعم أنهم كانوا يخططون لإغتياله فيها بالإسكندرية .
* ـ الطور الخامس ( 1954 ـ 1966 ) = طور المحنة الأولى ونشوء إرهاصات جديدة.
بدأ هذا الطور بإعدام ستة من قيادات الإخوان وهم : عبد القادر عودة الفقيه القانوني والدستوري المعروف ومحمد فرغلي ويوسف طلعت وهنداوي دوير وإبراهيم الطيب ومحمود عبد اللطيف. ثم تلاحقت حملات الإستئصال بكل قسوة ووحشية بمثل ما ورد في مذكرات المساجين الناجين من سليمان طرة والسجن الحربي وغيرهما. ومنها حملة أخرى أشد شراسة في عامي 1965 و 1966 وكان أبرز المعتقلين والشهداء المفكر المعروف سيد قطب الذي إعتقل أول مرة عام 1954 وقضى 10 سنوات في السجن ثم أفرج عنه بتدخل من الرئيس العراقي عبد السلام عارف ثم أعيد إلى السجن وأعدم في 28 أوت 1966.
كانت الناصرية في تلك الأيام رمز التحدي العربي والصمود والإباء في مواجهة العدو الصهيوني سيما في ظل التوازن الدولي ( الإتحاد السوفياتي وأمريكا). كانت الناصرية في تلك الأيام منارة الثورات العربية ووقود الحراك العربي الثوري ومثابة الإنقلابات في العالم العربي من أحمد بن بلة في الجزائر عام 1962 بل حتى المنقلب عليه هواري بومدين حتى القذافي في ليبيا عام 1969. ناصرية عابرة للقارة العربية ولها أصداؤها في العراق كذلك.
كانت الناصرية في تلك الأيام رمز الوحدة والقومية والهوية ومقاومة الإحتلال وليس العرب يومها سوى رجلين : إما رجل مع عبد الناصر يوالي من يوالي ويعادي من يعادي أو رجل رجعي لا يوالي عبد الناصر. وكان الخلاف بين بورقيبة وعبد الناصر معروفا وله آثاره في تونس.
كان كل ذلك كفيلا وكافيا بغض البصر عن إنتهاك الحرمات البدنية ضد الإخوان حتى جاءت نكبة 1967 التي كفكفت من المد الناصري وطرحت بعض الأسئلة على نبي العرب الجديد وبعدها بثلاث سنوات فحسب رحل النبي.
كانت القومية العربية في تلك الأيام هي دين المثقف العربي وهي قومية روحها الإشتراكية الشيوعية المنتصرة في تلك الأيام أما جسمها فهو الإسلام الذي كان قابلا لأن تسكنه كل روح إلا الروح الإسلامية الصافية.
كما عرفت هذه المرحلة وما تلاها من مراحل نشوء تحالفات حزبية في مرات كثيرة سيما مع الوفد في المناسبات الإنتخابية إذ لم تتخلف الجماعة عن الإهتمام السياسي والمساهمة في رفع مناسيب الحريات قدر الإمكان تحالفا مع الشريك المناسب بالرغم من إستهدافها بحملات إستئصالية ضارية.
* ـ الطور السادس ( 1966 ـ 1973) = طور إرتخاء القبضة الناصرية وظهور جديد.
ستشهد هذه المرحلة رحيل المسؤول عن محاولات إستئصال الجماعة بالحديد والنار وظهور خليفة له سمي يومها بالرئيس المؤمن ( محمد أنور السادات الذي تولى السلطة من بعد موت جمال عبد الناصر في 28 سبتمبر من عام 1970 ). بادر الرئيس الجديد بإطلاق سراح الإخوان وشهدت المرحلة إلتئام شمل الجماعة ـ أو من بقي منها حيا ـ وبداية العمل الذي بدأه مؤسس الجماعة قبل عقود. عرفت الجماعة للرجل عمله وعادت على جراحاتها الثخينة لعقا.
فعلت الجماعة منابرها الإعلامية التي نقلت صوتها ودعوتها إلى العالم العربي كله تقريبا إذ لم تكن تلك الأيام تشهد تضييقا كبيرا على الحريات الإعلامية بمثل ما نشهده اليوم لولا إندياح ثورة الإتصالات.
* ـ الطور السابع ( 1973 ـ 1981 ) = طور إستثمار المحنة وإستئناف البناء.
إستغلت الجماعة مرحلة المصالحة مع السلطة وإنكفأت على نفسها تجديدا وتفعيلا وإنتشارا في مناطق عربية أخرى خارج مصر فضلا عن الكتاب الإسلامي الذي يعد الإخوان من أبرز فرسانه. ظهرت الكتابات التي توثق الوحشية الناصرية ضد الإخوان في السجون وإنداحت شرقا وغربا بما جلب للجماعة ضربا من التعاطف في غياب حل إسلامي قومي أو وطني ينافس الحلول الإشتراكية أو الرأسمالية التي كانت تطحن المواطن العربي والمسلم.
كما أثمر بالتوازي مع ذلك فكر الشهيد سيد قطب ـ حتى لو لم يكن هو يقصد ذلك ـ ظهور تفكير جديد في الساحة الإسلامية. تفكير قريب من الفكر الخارجي القديم. تفكير نشأ من بين سياط الجلادين في زنزانات الموت المصرية. وعوامل أخرى ساهمت في بروز ذلك التفكير الذي يؤسس يوما من بعد يوم إلى التكفير بالجملة ثم إلى التفجير بالجملة. عوامل قومية في فلسطين وعوامل أخرى من التجزئة والتبعية المفروضة وهيمنة الحل الغربي وإمعية الحكام. تفكير كان يريد أن يبلغ رسالة فحواها : الصبر الإخواني على التنكيل والتعذيب والتشفي ليس حلا مقبولا. أثمر ذلك نشوء جماعات أخرى من مثل الهجرة والتكفير وما يمكن أن يكون بالجملة والخلاصة المادة الخام أو خميرة الحركات الجهادية المعاصرة. ثم كان إغتيال السادات المنظم في أثناء إستعراضه لفعاليات الجيش المصري فيما عرف بحادث المنصة في أكتوبر من عام 1981.
ساهم ذلك في تكريس مقولة هي : أفرج الرئيس المؤمن السادات عن الإخوان ليبرز من عباءتهم من يغتاله من بعد عشر سنوات فحسب من إخراجهم من السجون. لم تكن مقولة ساذجة بل كانت مقولة ذكية. ذكية في دلالاتها السياسية حتى لو قصد منها بعضهم الخلط الشنيع بين منهاجين في التغيير والإصلاح.
* ـ الطور الثامن ( 1981 ـ 2005 ) = طور الهدوء ولعق الجراح ومواصلة البناء.
لم تكن فترة العسل بين الجماعة والسلطة طويلة رغم أنها كفيلة بإسترجاع الجماعة لأنفاسها وإلتقاط ما بدده عبد الناصر في السجون وخارج السجون. وبإغتيال السادات تولى الحكم محمد حسني مبارك ليكون وليدا شرعيا لجمال عبد الناصر في عداوته للحريات وللحل الإسلامي وللإخوان بالتحديد ولكن في ثوب جديد فرضته التوازنات المستحقة من بعد زوال الدب الروسي الذي كان يحمي حركات التحرر العربية وغير العربية ومنها بعض دول ما سمي يومها بعدم الإنحياز. كانت في تلك الأيام الإدارة الأمريكية أشد إنتباها لما يجري فيما يسمى بمنطقة الشرق الأوسط حفاظا على أمن إسرائيل وكانت إستراتيجية الثعلب الأمريكي ( وزير الخارجية الذي وضع الإستراتيجية الخارجية الأمريكية لعقود طويلة هنري كسنغر) تقوم على أن حماية إسرائيل تمر حتما عبر التحكم في النبض المصري فكانت الإدارة المصرية في عهد المخلوع مبارك شرطي أمريكا لحماية أمن إسرائيل. لم ينس أحد منهم أن دعوة المؤسس القديمة إنما تقوم على مقاومة الإحتلال وأنه قام فعلا بالمقاومة على أرض المعركة التي أعد لها الجهاز الخاص.
لم يشفع للجماعة ملازمتها الهدوء من بعد مجيء مبارك. سيما أنها قطعت على درب لعق الجراحات والبناء الداخلي أشواطا مهمة وأنها برزت مجددا قوة سياسية تنازع في النقابات المهنية عن جدارة وتفوز بأغلب المقاعد ( الأطباء والمحامين وغيرهم). فظلت الغائب الحاضر دوما في السياسة المصرية والسياسة الدولية.
* ـ الطور التاسع ( 2005 ـ 2011 ) = طور إستئناف الظهور السياسي والتأثير الإعلامي والمساهمة في ثورة فبراير 2011.
أهم حدث في المرحلة هو إقتحام الجماعة لإنتخابات برلمان 2005 التي فازت فيها بأكبر كتلة نيابية أي 88 مقعد لأول مرة في حياتها وحياة البرلمان المصري بالرغم من صنوف من التعتيم والتلجيم والتهميش والخنق والتزييف غير مسبوقة.
برزت الجماعة تقريبا لأول مرة قوة سياسية عظمى في مصر ولفتت إليها إهتمام الناس خارج مصر وإنتباه الدوائر النافذة في العام.
كان كل شيء في مصر وتونس والبلدان العربية التي تشهد ثورات طاحنة في هذه الأيام .. كان كل شيء يوحي بأن الحكومات المتهرمة في حالة سقوط مريع بالرغم من تلبسها بالجند والسلاح وأدوات القمع غير المسبوقة .. كان شيئ ما يغلي تحت السطح وفي العمق ولكن لم يتنبأ بتاريخ إندلاعه أحد لا من دوائر العداء ولا من دوائر الصداقة..
ثم كان الإخوان حاضرين في ميدان التحرير في أثناء ثورة فبراير 2011 .. كانوا حاضرين بقوة بسبب كثرة عددهم .. وقدراتهم الكبيرة على التنظيم والإدارة وغير ذلك.
اليوم ـ كغيرهم من الحركات الإسلامية ـ يبدو أنهم المستفيد الأكبر من الثورة المصرية.
* ـ الطور العاشر ( 2011 ـ …....) = طور العمل الحزبي ( الحرية والعدالة ).
هذا طور جديد بالكامل على الجماعة أي إنفصال الحزب السياسي عن الجسم الأم للحركة والجماعة. هي تجربة خاضها إخوان الأردن بنجاح كبير إلى يوم الناس هذا. الأيام وحدها كفيلة بإذنه سبحانه بالحكم على هذه التجربة بالإيجاب أو بالسلب. فلندع التاريخ يكتب.