دراسات حول سيد قطب وفكره
بقلم صلاح عبد الفتاح الخالدي
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى الشباب الإسلامي العامل المجاهد في كل مكان إلى الراجال الأوفياء الذين باعوا حياتهم في سبيل الله، إلى جنود الحركة الإسلامية المخلصين إليهم جميعا أقدم هذه الرسالة عن الإمام الشهيد سيد قطب رضي اله عنه، وأرجو الله أن يعينني على تقديم دراسات أخرى في المستقبل، وأن يجعل الجميع خالصا لوجهه...
صلاح محتويات [أخف]١ مقدمة صلاح عبد الفتاح الخالدي
٢ الباب الأول: عصره وبيئته وحياته ٢.١ الفصل الأول: عصر سيد قطب ٢.١.١ الحياة السياسية
٢.١.٢ الحياة الاجتماعية
٢.١.٣ الحياة الإسلامية
٢.١.٤ الحياة الأدبية
٢.٢ الفصل الثاني: بيئة سيد قطب ٢.٢.١ قريته.
٢.٢.٢ أصله
٢.٢.٣ أسرته
٢.٢.٤ والده
٢.٢.٥ أمه
٢.٢.٦ اخوته
٢.٢.٧ محمد:
٢.٢.٨ نشأته
٢.٢.٩ تربيته
٢.٢.١٠ وصفه
٢.٣ الفصل الثالث: مشاهد من حياة سيد قطب ٢.٣.١ دراسته في القرية
٢.٣.٢ دراسته في دار العلوم
٢.٣.٣ سيد قطب في وزارة المعارف
٢.٣.٤ سيد قطب مع العقاد
٢.٣.٥ في الصحف والمجلات
٢.٣.٦ المرأة في حياته
٢.٣.٧ سيد قطب في أمريكا
٢.٣.٨ سيد قطب مع جماعة الإخوان المسلمين
٢.٣.٩ استشهاده
٣ الباب الثاني: ثقافته ومواهبه وآثاره ٣.١ الفصل الأول: مصادر ثقافته في القرية. ٣.١.١ مصادر ثقافته العربية
٣.١.٢ مصادر ثقافته الغربية
٣.١.٣ رحلة الضياع
٣.١.٤ نقلة بعيدة
٣.٢ الفصل الثاني: ملامح شخصيته وخصائص أسلوبه ٣.٢.١ أهم ملامح شخصيته.
٣.٢.٢ خصائص أسلوبه
٣.٣ الفصل الثالث: مواهبه ٣.٣.١ سيد قطب الأديب
٣.٣.٢ سيد قطب الشاعر
٣.٣.٣ سيد قطب الناقد
٣.٣.٤ سيد قطب القاص
٣.٣.٥ سيد قطب المحاضر
٣.٣.٦ سيد قطب الباحث
٣.٣.٧ سيد قطب المحلل السياسي
٣.٤ الفصل الرابع: تراثه الأدبي والفكري ٣.٤.١ أهمية نشره
٣.٤.٢ تصنيف آثاره وكتبه
٣.٤.٣ كتبه المطبوعة
٣.٤.٤ بحوث له لم تنشر
مقدمة صلاح عبد الفتاح الخالدي
إن الحمد لله، نحمده وستعينه ونستهديه، نعوذ بالله من شرور أنفسنأن ومن سيئات أعمالنأن من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلوات الله وسلامه عليه.
أما بعد:
فلقد كان سيد قطب رائدا والرواد في تاريخ البشرية قليلون كان رائدا في ميدا الأدب والنقد، ورائدا في ميدا الفكر والبحث، ورائدا في ميدان الدعوة والحركة، ورائدا في ميدان الجهاد والاستشهاد.
عاش- رحم الله عليه- حياة حافلة، وتثقف بثقافة عريضة وترك آثارا ضخمة وختم الله حياته في هذه الدنيا بخاتمة سعيدة حيث جاءته الشهادة تسعى إليه في سجنه.
إن سيد قطب شخصية عجيبة حقا والأعجب من ذلك هو الجحود الذي قوبل به في حياته من الأدباء والدارسين والتجاهل الذي لحقه بعد استشهاده من الباحثين ولقد كان حريا بعشاق الثقافة والأدب أن ينشروا تراثه الأدبي الموود في المجلات الأدبية المختلفة، التي كانت تصدر فيها بين العشرينيات والخمسييات من هذا القرن، وأن يتبعوها بدراسات عن شخصيته وبحوثه ومقالاته وأدبه كما كان حريا بالباحثين الإسلاميين أن يعدوا دراسات عن فكره الإسلامي ومنهجه الحركي، ومواقفه الجهادية.
ولو كان سيد قطب عند غيرنأن لكتبوا عنه الكثير، وفاخروا به الدنيا أنهم يجعلون من بعض رجالهم علماء وعباقرة وفلاسفة، وقادة رأي ورواد فكر، وهم بجانب سيد قطب أقزام أقزام.
أن سيد قطب قمة عالية شامخة، قمة في عالم الأدب والنقد، وقمة في عالم البحث والتأليف، وقمة في عالم الفكر والثقافة وقمة في عالم الدعوة والحركة والجهاد أن هذه القمة قد عرفت ولكنها لم تكتشف وليس عجيبا أن يكون قمة ولكن الغريب أنها لم تثر في نفوس المعجبين حوافز لاكتشافها حين اكتفوا بالنظر إليها من بعيد معجبين مبهورين.
وإن محاولات اكتشاف هذه القمة ما زالت في مراحلها الأولى تستنهض همم الباحثين.
ظهرت بعض الدراسات عن سيد قطب والدراسات التي ظهرت باللغة العربية حتى الآن هي: العالم الرباني الشهيد سيد قطب للمرحوم العشماوي أحمد سليمان وسيد قطب: خلاصة حياته ومنهجه في الحركة والنقد الموجه إليه لمحمد توفيق بركات. ومع سيد قطب في فكره السياسي والديني للدكتور مهدي فضل الله. وسيد قطب أو ثورة الفكر الإسلامي لمحمد علي قطب والشهيد سيد قطب وهو مجموعة من المقالات نشرتها جماعة أصدقاء الشهيد سيد قطب. بالإضافة إلى العديد من المقالات نشرت عنه في المجلات الإسلامية في ذكرى استشهاده. وهناك عدد من الدراسات عنه ما زالت قيد التحرير أو تحت الطبع ولكن معظم هذه الدراسات تنقصها الدقة والموضوعية والتوثيق والبحث المستقصي، حيث صيغت بأسلوب عاطفي، ووجدت فيها أخطاء كثيرة أثناء الحديث عن حياة سيد قطب الأدبية أو الإسلامية أو أثناء الإشارة إلى تراثه الأدبي والفكري.
لذلك أعددت هذه الدراسة عن سيد قطب، وأملي أن أكون قد وفقت في تقديم صورة حقيقية صادقة عن سيد قطب وأن تكن علمية موضوعية موثقة، ولائقة بالشخصية الفذة التي تناولتها.
وقد بذلت جهدا كبيرا أثناء جمع المادة، حيث بحثت عن المعلومات والأخبار في مظانهأن وحرصت على مقابلة الأشخاص الذين كانت تربطهم بسيد قطب علاقة وثيقة وكان في مقدمة قابلتهم وأفدت منهم فائدة عظيمة شقيقه الأستاذ محمد قطب جزاه الله خيرأن وقد حالت ظروف قاهرة بيني وبين مقابلة بعض الأشخاص في مصر، وأرجو أن أتمكن من مقابلتهم في المستقبل القريب.
كما بذلت جهدا كبيرا في الاطلاع على مقالات سيد قطب في الصحف والمجلات التي كانت تصدر في الفترة ما بين 1924- 1954 وقد أطلعت على مقالاته في مجالات الرسالة، والثقافة، والكتاب والكاتب المصري، والمقتطف والعالم العربي، والمسلمون، وأطلعت على بعض مقالاته في مجلات: الأسبوع والبلاغ الأسبوعي وهناك العديد من المجلات لم أتمكن من الإطلاع على مقالاته فيهأن حيث حالت الظروف القاهرة، ثانية دون ذلك مثل: الجهاد والحياة الجديدة، والأهرام والوادي، والسوادي، والأفق الجديد وروز اليوسف واللواء الجديد، والإشتراكية، والدعوة والإخوان المسلمون وأرجو أن أتمكن من الاطلاع على هذه المجلات، وأن أضيف ما أجده فيها إلى طبعة قادمة وقد جعلت هذه الدراسة في بابين:
الباب الأول: عصر سيد قطب وبيئته وحياته وهو ثلاثة فصول:
الفصل الأول: عصر سيد قطب انتقيت أربعة مظاهر للحياة في هذا العصر: الحياة السياسية وأهم أحداثهأن والحياة الاجتماعية وأبرز ملامحهأن والحياة الإسلامية وأوضح مظاهرهأن والحياة الأدبية وأشهر رجالها.
الفصل الثاني: بيئة سيد قطب تحثت فيه عن قريته في الصعيد، وعن أصله، وصلت الحديث عن أسرته ورسمت ملامح لوالده ووالدته وعرفت بإخوته وتحدثت عن نشأته وسط هذه الأسرة، وتربيته فيها وختمت هذا الفصل بالحديث عن وصفه.
الفصل الثالث: مشاهد من حياة سيد قطب: عرضت فيه لمشاهد مختلفة من حياته، واخترت من المشاهد ماله دلالة واضحة على حياته وشخصيته والمشاهد التي عرضتها هي: دراسته في القرية ودراسته في دار العلوم وسيد قطب في وزارة المعارف وسيد قطب مع عباس العقاد، وعمله في الصحف والمجلات والمرأة في حياته وسيد قطب في أمريكأن وسيد قطب مع جماعة الإخوان المسلمين وختمت هذه المشاهد بذكر محنته واستعلاه ثم صدور حكم جائر غشوم بإعدامه ووصفت اللحظات الأخيرة التي سبقت استشهاده.
الباب الثاني: ثقافته ومواهبه وآثاره وهو أربعة فصول:
الفصل الأول: تحدثت فيه عن مصادر ثقافته وأثرها على فكره ذكرت فيه مصادر ثقافته في القرية وفي كلية دار العلوم ومصادر ثقافته العربية في القاهرة كما تحدثت عن مصادر ثقافته الغربية وأثرها السلبي على شخصيته ونفسيته وفكره والتي أوصلته إلى رحلة الضياع وصحبته قليلا في رحلة ضياعه وأثبت بعض أشاره التي قالها وهو يقطع هذه الرحلة ثم تحدثت عن ثقافته الإسلامة التي أنهيت ضياعه، ونقلته نقلة بعيدة إلى عالم الرضا والاطمئنان عالم المعرفة الصحيحة والتصور السليم عالم الدعوة والجهاد في سبيل الله.
الفصل الثاني: ملامح شخصته وخصائص أسلوبه: رسمت فيه أهم ملامح شخصيته وهي الصدق والجدية والحركة العصامية والعزة والنزاهة وذكرت أهم خصائص وأسلوبه وهي: التصوير والوضوح والسلاسة والثورية.
الفصل الثالث: مواهبه: بينت فيه أبرز مواهب سيد قطب باختصار واخترت سبعة جوانب تجلت فيها مواهبه وهي الأدب، والشعر النقد، والقصة والمحاضرة، والبحث والتحليل السياسي.
الفصل الرابع: تراثة الأدبي والفكري: ذكرت فيه أهمية نشر تراثه كله، وبخاصة مقالاته الأدبية في الصحف والمجلات ثم تحدثت عن كتبه المطبوعة ورتبتها حسب صدرها طبعاتها الأولى وعرفت فيها بإيجاذ وختمت هذا الفصل بذكر بحوث له أعدها أو بدأ في إعدادها ولكنها لم تنشر.
وقد جعلت هذه الدراسة حلقة أولى في سلسلة دراسات حول سيد قطب وفكره أنوي إصدارها في المستقبل أن شاء الله أرجو الله أن يوفقني فيهأن وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم وأن يدخرها لي في ميزان حسناتي يوم القيامة.
وبعد:
فيها هي هذه الدراسة أقدمها الآن بهذه الصورة وأنني أرجو م القراء الكرام أن يتكرموا بتصحي ما قد يوجد عندهم من معلومات.
وأننني أشكر الله عز وجل على نعمه الكثيرة التي أنعم بها على ومنها هذه الدراسة فما كان فيها من حق أو صواب فمن الله وأشكره أن وفقني إلى ذلك ما كان فيها من خطأ أو نقص فمن نفسي وأعتذر عن ذلك وأعوذ بالله من فتنة القول وفتنة العمل.
دعواهم فيها سبحانك اللهم، وتحيتهم فيها سلام، وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
صلاح عبد الفتاح الخالدي.
4/ 1/ 1401هـ
11/ 11/ 1980م.
(سيد قطب..الشهيد الحي)
قليلا ما تنطق الأسماء على مسمياتها تمام الانطباق وسيدقطب من الذين تنطبق أسماءهم عليهم تمامأن فقد كان سيدا وكان قطبا.
ويحلو لي في هذا المقام أن أورد عبارات لسيد قطب قالها عن الإمام الشهيد حسن البنا رضي الله عنه في مقاله، حسن البنا ... وعبقرية البناء.
( في بعض الأحيان تبدو المصادفة العابرة كأنها قدر مقدور، وحكمة مدبرة في كتاب مسطور حسن البنا أنها مجرد مصادفة أن يكون هذا لقبه ولكن من يقول أنها مصادفة والحقيقة الكبرة لهذا الرجل هي البناء وإحسان البناء بل عبقرية البناء؟
لقد عرفت العقيدة الإسلامية كثيرا من الدعاة ولكن الدعاة غير البناء. وما كل داعية يملك أن يكون بناء وما كل بنا يوهب هذه العبقرية الضخمة في البناء الضخم.. الإخوان المسلمون .. أنه مظهر هذه العبقرية الضخمة في بناء الجماعات.
إلى أن يقول ترى أكانت مصادفة عابرة أن يكون هذا لقبه؟ أم نها الإرادة العليا التي تنسق في كتابها المسور بين أصغر المصادفات وأكبر المقدورات في توافق واتساق.
وسيد قطب رضي الله عنه عاش سيدا كان سيدا من صغره فكانت اهتماماته هي اهتمامات الكبار وكان سيدا في شبابه ملك نفسه ولم يسمح لها أن تقوده إلى الشهوات، وكان سيدا في انتمائه إلى الإسلام واتشابه إلى الحركة الإسلامية المجاهدة وتحركه بالإسلام وجهاده في سبيل الله وكان سيدا في استعلائه على الطغيان وثباته على الحق وصبره على المحنة ومواقفه أمام الطغاة وكان سيدا حتى في مفارقته هذه الدنيا حيث رزقه الله الشهاد أمنية كل مسلم صادق لقد عاش سيدا ومات سيدا وصدق فيه قول الشاعر:
علو في الحياة وفي الممات لحق تلك احدى المكرمات وكما كان سيدا فقد كان قطبا قطب في الأدب والنقد، يقبل القراء والمثقفون على مقالاته وقصائده، وتحليلاته بشغف واستمتاع وقطب في فكره الإسلامي حيث يعتبر في طليعة المفكرين الإسلاميين في العصر الحديث وقطب في جهاده وثباته واستشهاده وقطب في اقتداء الشباب الإسلامي المجاهد به في عالم الدعوة والحركة والجهاد. وأعتقد أن هذه القطبية سيكون لها أبلغ الأثر في مسيرة الحركة الإسلامية في المستقبل وفي الهود المبذولة لقيام المجتمع الإسلامي وتحكيم منهج الله في حياة البشر من جديد.
وأن سيد قطب هو الشهيد الحي بالمعنى الكبير لكلمتي الشهادة و الحياة لا بمعناهما الضيق، والمتبادر إلى أذهان بعض الناس عند إطلاقهما.
أن المعنى القريب الذي يتبادر إلى بعض الأها لكلمة الشهيد هو من يموت في سبيل الله ولكن للشهيد معنى أشمل من هذا أنه شهيد وشاهد.
يقول سيد قطب رحمة الله عليه عند تفسيره لقوله تعالى ويتخذ منكم شهداء إن الشهداء لمختارون يختارهم الله من بين المجاهدين ويتخذهم لنفسه سبحانه فما هي رزية أذن ولا خسارة أن يستشهد في سبيل الله من يستشهد أنما هو اختيار وانتقاء وتكريم واختصاص..
وعن تضمن كلمة الشهيد معنى الشاهد يقول: ثم هم شهداء يتخذهم الله، ويستشهدهم على هذا الحق الذي بعث به للناس يستشهدهم فيؤدون الشهادة يؤدونها أداء لا شبهة فيه، ولا مطعن عليه ولا جدال حوله، يؤدونها بجهادهم حتى الموت، في سبيل إحقاق هذا الحق، وتقريره في دنيا الناس.
وكما كان سيد قطب قطب شهيدا فقد كان حيا وما زال حيا فرغم أنه رحل عنا بجسده الفاني إلا أنه حيا بيننا في فكره وجهاده وأبائه واستعلائه ومواقفه واستشهاده أن أفكاره حية، وأن كلماته دبت فيها الحياة لأنه سقاها بدمه دم الحياة ومات في سبيلها فأستوت على سوقها وضرت على القلع والاجتثاث أو القطع والبتر وصارت تعطي أكلها الشهي في قلوب مؤمنة صادق متعطشة للدعوة والجهاد والثبات.
يقول سيد قطب في تفسير قوله، ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات، بل أحياء ولكن لا يشعرون.
هؤلاء الذين يقتلون في سبيل الله ليسوا أمواتا أنهم أحياء فلا يجوز أن يقال عنهم أموات، لا يجوز أن يعتبروا أمواتا في الحس والشعور ولا أن يقال عنهم أموات بالشفة واللسان أنهم أحياء بشهادة الله سبحانه فهم لابد أحياء.
أنهم قتلوا في ظاهر الأمر، وحسبما ترى العين، ولكن حقيقة الموت وحقيقة الحياة لا تقررهما هذه النظرة السطحة الظاهرة أن سمة الحياة الأولى هي الفاعلية والنمو والامتداد، وسمة الموت الأولى هي السلبية والخمود والانقطاع وهؤلاء الذين يقتلون في سبيل الله، فاعليتهم في نصرة الحق الذي قتلوأن فاعلية مؤثرة والفكرة التي من أجلها قتلوا ترتوي بدمائهم وتمتد وتأثر الباقية وراءهم باستشهادهم يقوي ويمتد فهم ما يزالون عنصرا فعالا مؤثرا في تكييف الحياة وتوجيههأن وهذه هي صفة الحياة فهم أحياء أولا بهذا الاعتار الواقعي في دنيا الناس.
هذا عن حياته بيننا بمواقة وحركته وأفكاره وكلماته أما حياته عند الله عز وجل كشهيد فيبينها حديث الشهداء في الجنة بقوله: أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تأوي إلى تلك القناديل فاطلع إليهم ربهم إطلاعة فقال: هل تشتهون شيئا قالوا: أي شيء نشتهي؟ ونحن نسرح من الجنة حيث شيئا ففعل بهم لك ثلاث مرات فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا قالوا: يا ر نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا بهذه المعاني والايحاءات وبهذه الظلال والاعتبارات وكان سيد قطب شهدا حيا ولذلك أخترت لدراستي هذا العنوان سيد قطب الشهيد الحي.
والله من وراء القصد.
بقلم صلاح عبد الفتاح الخالدي
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى الشباب الإسلامي العامل المجاهد في كل مكان إلى الراجال الأوفياء الذين باعوا حياتهم في سبيل الله، إلى جنود الحركة الإسلامية المخلصين إليهم جميعا أقدم هذه الرسالة عن الإمام الشهيد سيد قطب رضي اله عنه، وأرجو الله أن يعينني على تقديم دراسات أخرى في المستقبل، وأن يجعل الجميع خالصا لوجهه...
صلاح محتويات [أخف]١ مقدمة صلاح عبد الفتاح الخالدي
٢ الباب الأول: عصره وبيئته وحياته ٢.١ الفصل الأول: عصر سيد قطب ٢.١.١ الحياة السياسية
٢.١.٢ الحياة الاجتماعية
٢.١.٣ الحياة الإسلامية
٢.١.٤ الحياة الأدبية
٢.٢ الفصل الثاني: بيئة سيد قطب ٢.٢.١ قريته.
٢.٢.٢ أصله
٢.٢.٣ أسرته
٢.٢.٤ والده
٢.٢.٥ أمه
٢.٢.٦ اخوته
٢.٢.٧ محمد:
٢.٢.٨ نشأته
٢.٢.٩ تربيته
٢.٢.١٠ وصفه
٢.٣ الفصل الثالث: مشاهد من حياة سيد قطب ٢.٣.١ دراسته في القرية
٢.٣.٢ دراسته في دار العلوم
٢.٣.٣ سيد قطب في وزارة المعارف
٢.٣.٤ سيد قطب مع العقاد
٢.٣.٥ في الصحف والمجلات
٢.٣.٦ المرأة في حياته
٢.٣.٧ سيد قطب في أمريكا
٢.٣.٨ سيد قطب مع جماعة الإخوان المسلمين
٢.٣.٩ استشهاده
٣ الباب الثاني: ثقافته ومواهبه وآثاره ٣.١ الفصل الأول: مصادر ثقافته في القرية. ٣.١.١ مصادر ثقافته العربية
٣.١.٢ مصادر ثقافته الغربية
٣.١.٣ رحلة الضياع
٣.١.٤ نقلة بعيدة
٣.٢ الفصل الثاني: ملامح شخصيته وخصائص أسلوبه ٣.٢.١ أهم ملامح شخصيته.
٣.٢.٢ خصائص أسلوبه
٣.٣ الفصل الثالث: مواهبه ٣.٣.١ سيد قطب الأديب
٣.٣.٢ سيد قطب الشاعر
٣.٣.٣ سيد قطب الناقد
٣.٣.٤ سيد قطب القاص
٣.٣.٥ سيد قطب المحاضر
٣.٣.٦ سيد قطب الباحث
٣.٣.٧ سيد قطب المحلل السياسي
٣.٤ الفصل الرابع: تراثه الأدبي والفكري ٣.٤.١ أهمية نشره
٣.٤.٢ تصنيف آثاره وكتبه
٣.٤.٣ كتبه المطبوعة
٣.٤.٤ بحوث له لم تنشر
مقدمة صلاح عبد الفتاح الخالدي
إن الحمد لله، نحمده وستعينه ونستهديه، نعوذ بالله من شرور أنفسنأن ومن سيئات أعمالنأن من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلوات الله وسلامه عليه.
أما بعد:
فلقد كان سيد قطب رائدا والرواد في تاريخ البشرية قليلون كان رائدا في ميدا الأدب والنقد، ورائدا في ميدا الفكر والبحث، ورائدا في ميدان الدعوة والحركة، ورائدا في ميدان الجهاد والاستشهاد.
عاش- رحم الله عليه- حياة حافلة، وتثقف بثقافة عريضة وترك آثارا ضخمة وختم الله حياته في هذه الدنيا بخاتمة سعيدة حيث جاءته الشهادة تسعى إليه في سجنه.
إن سيد قطب شخصية عجيبة حقا والأعجب من ذلك هو الجحود الذي قوبل به في حياته من الأدباء والدارسين والتجاهل الذي لحقه بعد استشهاده من الباحثين ولقد كان حريا بعشاق الثقافة والأدب أن ينشروا تراثه الأدبي الموود في المجلات الأدبية المختلفة، التي كانت تصدر فيها بين العشرينيات والخمسييات من هذا القرن، وأن يتبعوها بدراسات عن شخصيته وبحوثه ومقالاته وأدبه كما كان حريا بالباحثين الإسلاميين أن يعدوا دراسات عن فكره الإسلامي ومنهجه الحركي، ومواقفه الجهادية.
ولو كان سيد قطب عند غيرنأن لكتبوا عنه الكثير، وفاخروا به الدنيا أنهم يجعلون من بعض رجالهم علماء وعباقرة وفلاسفة، وقادة رأي ورواد فكر، وهم بجانب سيد قطب أقزام أقزام.
أن سيد قطب قمة عالية شامخة، قمة في عالم الأدب والنقد، وقمة في عالم البحث والتأليف، وقمة في عالم الفكر والثقافة وقمة في عالم الدعوة والحركة والجهاد أن هذه القمة قد عرفت ولكنها لم تكتشف وليس عجيبا أن يكون قمة ولكن الغريب أنها لم تثر في نفوس المعجبين حوافز لاكتشافها حين اكتفوا بالنظر إليها من بعيد معجبين مبهورين.
وإن محاولات اكتشاف هذه القمة ما زالت في مراحلها الأولى تستنهض همم الباحثين.
ظهرت بعض الدراسات عن سيد قطب والدراسات التي ظهرت باللغة العربية حتى الآن هي: العالم الرباني الشهيد سيد قطب للمرحوم العشماوي أحمد سليمان وسيد قطب: خلاصة حياته ومنهجه في الحركة والنقد الموجه إليه لمحمد توفيق بركات. ومع سيد قطب في فكره السياسي والديني للدكتور مهدي فضل الله. وسيد قطب أو ثورة الفكر الإسلامي لمحمد علي قطب والشهيد سيد قطب وهو مجموعة من المقالات نشرتها جماعة أصدقاء الشهيد سيد قطب. بالإضافة إلى العديد من المقالات نشرت عنه في المجلات الإسلامية في ذكرى استشهاده. وهناك عدد من الدراسات عنه ما زالت قيد التحرير أو تحت الطبع ولكن معظم هذه الدراسات تنقصها الدقة والموضوعية والتوثيق والبحث المستقصي، حيث صيغت بأسلوب عاطفي، ووجدت فيها أخطاء كثيرة أثناء الحديث عن حياة سيد قطب الأدبية أو الإسلامية أو أثناء الإشارة إلى تراثه الأدبي والفكري.
لذلك أعددت هذه الدراسة عن سيد قطب، وأملي أن أكون قد وفقت في تقديم صورة حقيقية صادقة عن سيد قطب وأن تكن علمية موضوعية موثقة، ولائقة بالشخصية الفذة التي تناولتها.
وقد بذلت جهدا كبيرا أثناء جمع المادة، حيث بحثت عن المعلومات والأخبار في مظانهأن وحرصت على مقابلة الأشخاص الذين كانت تربطهم بسيد قطب علاقة وثيقة وكان في مقدمة قابلتهم وأفدت منهم فائدة عظيمة شقيقه الأستاذ محمد قطب جزاه الله خيرأن وقد حالت ظروف قاهرة بيني وبين مقابلة بعض الأشخاص في مصر، وأرجو أن أتمكن من مقابلتهم في المستقبل القريب.
كما بذلت جهدا كبيرا في الاطلاع على مقالات سيد قطب في الصحف والمجلات التي كانت تصدر في الفترة ما بين 1924- 1954 وقد أطلعت على مقالاته في مجالات الرسالة، والثقافة، والكتاب والكاتب المصري، والمقتطف والعالم العربي، والمسلمون، وأطلعت على بعض مقالاته في مجلات: الأسبوع والبلاغ الأسبوعي وهناك العديد من المجلات لم أتمكن من الإطلاع على مقالاته فيهأن حيث حالت الظروف القاهرة، ثانية دون ذلك مثل: الجهاد والحياة الجديدة، والأهرام والوادي، والسوادي، والأفق الجديد وروز اليوسف واللواء الجديد، والإشتراكية، والدعوة والإخوان المسلمون وأرجو أن أتمكن من الاطلاع على هذه المجلات، وأن أضيف ما أجده فيها إلى طبعة قادمة وقد جعلت هذه الدراسة في بابين:
الباب الأول: عصر سيد قطب وبيئته وحياته وهو ثلاثة فصول:
الفصل الأول: عصر سيد قطب انتقيت أربعة مظاهر للحياة في هذا العصر: الحياة السياسية وأهم أحداثهأن والحياة الاجتماعية وأبرز ملامحهأن والحياة الإسلامية وأوضح مظاهرهأن والحياة الأدبية وأشهر رجالها.
الفصل الثاني: بيئة سيد قطب تحثت فيه عن قريته في الصعيد، وعن أصله، وصلت الحديث عن أسرته ورسمت ملامح لوالده ووالدته وعرفت بإخوته وتحدثت عن نشأته وسط هذه الأسرة، وتربيته فيها وختمت هذا الفصل بالحديث عن وصفه.
الفصل الثالث: مشاهد من حياة سيد قطب: عرضت فيه لمشاهد مختلفة من حياته، واخترت من المشاهد ماله دلالة واضحة على حياته وشخصيته والمشاهد التي عرضتها هي: دراسته في القرية ودراسته في دار العلوم وسيد قطب في وزارة المعارف وسيد قطب مع عباس العقاد، وعمله في الصحف والمجلات والمرأة في حياته وسيد قطب في أمريكأن وسيد قطب مع جماعة الإخوان المسلمين وختمت هذه المشاهد بذكر محنته واستعلاه ثم صدور حكم جائر غشوم بإعدامه ووصفت اللحظات الأخيرة التي سبقت استشهاده.
الباب الثاني: ثقافته ومواهبه وآثاره وهو أربعة فصول:
الفصل الأول: تحدثت فيه عن مصادر ثقافته وأثرها على فكره ذكرت فيه مصادر ثقافته في القرية وفي كلية دار العلوم ومصادر ثقافته العربية في القاهرة كما تحدثت عن مصادر ثقافته الغربية وأثرها السلبي على شخصيته ونفسيته وفكره والتي أوصلته إلى رحلة الضياع وصحبته قليلا في رحلة ضياعه وأثبت بعض أشاره التي قالها وهو يقطع هذه الرحلة ثم تحدثت عن ثقافته الإسلامة التي أنهيت ضياعه، ونقلته نقلة بعيدة إلى عالم الرضا والاطمئنان عالم المعرفة الصحيحة والتصور السليم عالم الدعوة والجهاد في سبيل الله.
الفصل الثاني: ملامح شخصته وخصائص أسلوبه: رسمت فيه أهم ملامح شخصيته وهي الصدق والجدية والحركة العصامية والعزة والنزاهة وذكرت أهم خصائص وأسلوبه وهي: التصوير والوضوح والسلاسة والثورية.
الفصل الثالث: مواهبه: بينت فيه أبرز مواهب سيد قطب باختصار واخترت سبعة جوانب تجلت فيها مواهبه وهي الأدب، والشعر النقد، والقصة والمحاضرة، والبحث والتحليل السياسي.
الفصل الرابع: تراثة الأدبي والفكري: ذكرت فيه أهمية نشر تراثه كله، وبخاصة مقالاته الأدبية في الصحف والمجلات ثم تحدثت عن كتبه المطبوعة ورتبتها حسب صدرها طبعاتها الأولى وعرفت فيها بإيجاذ وختمت هذا الفصل بذكر بحوث له أعدها أو بدأ في إعدادها ولكنها لم تنشر.
وقد جعلت هذه الدراسة حلقة أولى في سلسلة دراسات حول سيد قطب وفكره أنوي إصدارها في المستقبل أن شاء الله أرجو الله أن يوفقني فيهأن وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم وأن يدخرها لي في ميزان حسناتي يوم القيامة.
وبعد:
فيها هي هذه الدراسة أقدمها الآن بهذه الصورة وأنني أرجو م القراء الكرام أن يتكرموا بتصحي ما قد يوجد عندهم من معلومات.
وأننني أشكر الله عز وجل على نعمه الكثيرة التي أنعم بها على ومنها هذه الدراسة فما كان فيها من حق أو صواب فمن الله وأشكره أن وفقني إلى ذلك ما كان فيها من خطأ أو نقص فمن نفسي وأعتذر عن ذلك وأعوذ بالله من فتنة القول وفتنة العمل.
دعواهم فيها سبحانك اللهم، وتحيتهم فيها سلام، وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
صلاح عبد الفتاح الخالدي.
4/ 1/ 1401هـ
11/ 11/ 1980م.
(سيد قطب..الشهيد الحي)
قليلا ما تنطق الأسماء على مسمياتها تمام الانطباق وسيدقطب من الذين تنطبق أسماءهم عليهم تمامأن فقد كان سيدا وكان قطبا.
ويحلو لي في هذا المقام أن أورد عبارات لسيد قطب قالها عن الإمام الشهيد حسن البنا رضي الله عنه في مقاله، حسن البنا ... وعبقرية البناء.
( في بعض الأحيان تبدو المصادفة العابرة كأنها قدر مقدور، وحكمة مدبرة في كتاب مسطور حسن البنا أنها مجرد مصادفة أن يكون هذا لقبه ولكن من يقول أنها مصادفة والحقيقة الكبرة لهذا الرجل هي البناء وإحسان البناء بل عبقرية البناء؟
لقد عرفت العقيدة الإسلامية كثيرا من الدعاة ولكن الدعاة غير البناء. وما كل داعية يملك أن يكون بناء وما كل بنا يوهب هذه العبقرية الضخمة في البناء الضخم.. الإخوان المسلمون .. أنه مظهر هذه العبقرية الضخمة في بناء الجماعات.
إلى أن يقول ترى أكانت مصادفة عابرة أن يكون هذا لقبه؟ أم نها الإرادة العليا التي تنسق في كتابها المسور بين أصغر المصادفات وأكبر المقدورات في توافق واتساق.
وسيد قطب رضي الله عنه عاش سيدا كان سيدا من صغره فكانت اهتماماته هي اهتمامات الكبار وكان سيدا في شبابه ملك نفسه ولم يسمح لها أن تقوده إلى الشهوات، وكان سيدا في انتمائه إلى الإسلام واتشابه إلى الحركة الإسلامية المجاهدة وتحركه بالإسلام وجهاده في سبيل الله وكان سيدا في استعلائه على الطغيان وثباته على الحق وصبره على المحنة ومواقفه أمام الطغاة وكان سيدا حتى في مفارقته هذه الدنيا حيث رزقه الله الشهاد أمنية كل مسلم صادق لقد عاش سيدا ومات سيدا وصدق فيه قول الشاعر:
علو في الحياة وفي الممات لحق تلك احدى المكرمات وكما كان سيدا فقد كان قطبا قطب في الأدب والنقد، يقبل القراء والمثقفون على مقالاته وقصائده، وتحليلاته بشغف واستمتاع وقطب في فكره الإسلامي حيث يعتبر في طليعة المفكرين الإسلاميين في العصر الحديث وقطب في جهاده وثباته واستشهاده وقطب في اقتداء الشباب الإسلامي المجاهد به في عالم الدعوة والحركة والجهاد. وأعتقد أن هذه القطبية سيكون لها أبلغ الأثر في مسيرة الحركة الإسلامية في المستقبل وفي الهود المبذولة لقيام المجتمع الإسلامي وتحكيم منهج الله في حياة البشر من جديد.
وأن سيد قطب هو الشهيد الحي بالمعنى الكبير لكلمتي الشهادة و الحياة لا بمعناهما الضيق، والمتبادر إلى أذهان بعض الناس عند إطلاقهما.
أن المعنى القريب الذي يتبادر إلى بعض الأها لكلمة الشهيد هو من يموت في سبيل الله ولكن للشهيد معنى أشمل من هذا أنه شهيد وشاهد.
يقول سيد قطب رحمة الله عليه عند تفسيره لقوله تعالى ويتخذ منكم شهداء إن الشهداء لمختارون يختارهم الله من بين المجاهدين ويتخذهم لنفسه سبحانه فما هي رزية أذن ولا خسارة أن يستشهد في سبيل الله من يستشهد أنما هو اختيار وانتقاء وتكريم واختصاص..
وعن تضمن كلمة الشهيد معنى الشاهد يقول: ثم هم شهداء يتخذهم الله، ويستشهدهم على هذا الحق الذي بعث به للناس يستشهدهم فيؤدون الشهادة يؤدونها أداء لا شبهة فيه، ولا مطعن عليه ولا جدال حوله، يؤدونها بجهادهم حتى الموت، في سبيل إحقاق هذا الحق، وتقريره في دنيا الناس.
وكما كان سيد قطب قطب شهيدا فقد كان حيا وما زال حيا فرغم أنه رحل عنا بجسده الفاني إلا أنه حيا بيننا في فكره وجهاده وأبائه واستعلائه ومواقفه واستشهاده أن أفكاره حية، وأن كلماته دبت فيها الحياة لأنه سقاها بدمه دم الحياة ومات في سبيلها فأستوت على سوقها وضرت على القلع والاجتثاث أو القطع والبتر وصارت تعطي أكلها الشهي في قلوب مؤمنة صادق متعطشة للدعوة والجهاد والثبات.
يقول سيد قطب في تفسير قوله، ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات، بل أحياء ولكن لا يشعرون.
هؤلاء الذين يقتلون في سبيل الله ليسوا أمواتا أنهم أحياء فلا يجوز أن يقال عنهم أموات، لا يجوز أن يعتبروا أمواتا في الحس والشعور ولا أن يقال عنهم أموات بالشفة واللسان أنهم أحياء بشهادة الله سبحانه فهم لابد أحياء.
أنهم قتلوا في ظاهر الأمر، وحسبما ترى العين، ولكن حقيقة الموت وحقيقة الحياة لا تقررهما هذه النظرة السطحة الظاهرة أن سمة الحياة الأولى هي الفاعلية والنمو والامتداد، وسمة الموت الأولى هي السلبية والخمود والانقطاع وهؤلاء الذين يقتلون في سبيل الله، فاعليتهم في نصرة الحق الذي قتلوأن فاعلية مؤثرة والفكرة التي من أجلها قتلوا ترتوي بدمائهم وتمتد وتأثر الباقية وراءهم باستشهادهم يقوي ويمتد فهم ما يزالون عنصرا فعالا مؤثرا في تكييف الحياة وتوجيههأن وهذه هي صفة الحياة فهم أحياء أولا بهذا الاعتار الواقعي في دنيا الناس.
هذا عن حياته بيننا بمواقة وحركته وأفكاره وكلماته أما حياته عند الله عز وجل كشهيد فيبينها حديث الشهداء في الجنة بقوله: أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تأوي إلى تلك القناديل فاطلع إليهم ربهم إطلاعة فقال: هل تشتهون شيئا قالوا: أي شيء نشتهي؟ ونحن نسرح من الجنة حيث شيئا ففعل بهم لك ثلاث مرات فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا قالوا: يا ر نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا بهذه المعاني والايحاءات وبهذه الظلال والاعتبارات وكان سيد قطب شهدا حيا ولذلك أخترت لدراستي هذا العنوان سيد قطب الشهيد الحي.
والله من وراء القصد.