بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه مالك الملك يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء (إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون)سورة يس آية 82
ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ونشهد أن محمدا عبده ورسوله أدى الأمانة ونصح الأمة وكشف الله به الغمة وجاهد في الله حق جهاده حتى تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.
صلى الله عليه وسلم وعلى آله القائل: ((من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)) أخرجه مسلم عن أبي سعيد الخدري
أما بعد:
فإن مطالبة الأمة حكامها بالعدل والشرع حق ثابت وأمر مقرر، فإن جاروا فواجب الأمة النصح ومنع الظلم ونصرة المظلوم بكل وسيلة ممكنة مشروعة تحقق المقصد وترفع الضرر وتدرأ الخطر بما لا يؤدي إلى منكر أكبر.
وقد قرر علماء الشريعة وأساتذة القانون وصار عقدا بين الحاكم والمحكوم حق الأمة في التعبير عن حقها بالمظاهرة والإضراب والاعتصام وغيرها بالضوابط الشرعية فدعاني ذلك إلى جولة في إضاءات الوحي ومقررات الشرع تقريبا للماء العذب إلى الوارد المتعطش لكي يسير على بينة عن حكم الشرع في الوسائل السلمية المذكورة وبيانها في مقدمة وأربعة فصول :
واقع مؤلم ( مقدمة )
الفصل الأول: أصول وقواعد
الفصل الثاني: نصوص كلية تتعلق بفقه السياسة
الفصل الثالث: وسائل العمل السياسي
المبحث الأول: المظاهرة
المبحث الثاني: الإضراب
المبحث الثالث: الاعتصام
المبحث الرابع: المناظرة
المبحث الخامس: المهرجانات واللقاءات
الفصل الرابع: شبهات وردود
المبحث الأول: تقليد للغرب
المبحث الثاني: خروج على الحاكم
المبحث الثالث: الأدلة على الكفار لا المسلمين
وقد أبنت فيه الحجج والبراهين الظاهرة الدالة على مشروعية وإباحة وسائل العمل السياسي من المظاهرة والاعتصام والإضراب والمناظرة وأحببت أن اسميه على طريقة علماء الإسلام في اعتبار السجعة في العنوان مع المباشرة في الدلالة على الموضوع فسميت هذا المبحث ((الحجج الظاهرة في الاعتصام والإضراب والمظاهرة))
وحيث والبحث من النوازل، ولا كلام فيه للأقدمين محرر ومباشر، والاجتهاد مقتصر فيه على علماء العصر الحاضر، فقد سلكت فيه طريقة الاجتهاد في البحث والاستدلال، وابتعدت عن النقل إلا في النادر، واعتمدت فيه على مخزوني الذهني العلمي من نصوص الوحي وسيرة خاتم الرسل وآثار السلف وتجارب الأمة.
وكانت الحاجة داعية له، والزمن يسابقنا فيه، فعكفت عليه أسبوعا كاملا ليلا تقريبا اجمع شوارد الأفكار ونتائج الأنظار، ونصوص الشرع وإيرادات الخصم، وأطلقت لعنان القلم بما فتح الله حتى خرج كما تراه والكمال متعذر ((ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا)).
وقد تحريت الإصابة وتحرير العبارة وبيان الدلالة ما استطعت إلى ذلك سبيلا.
فأسأل الله أن يجعل عملي خالصا لوجهه وابتغاء مرضاته، وقربا لنيل جناته ((ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما)) الفرقان 74
فإليك أخي القارئ هذا البحث وسأبدأ فيه بالمقدمة ثم تلج فيه إلى الفصول والمباحث:
المقدمة
واقع سياسي مؤلم :
إن رسول امة الإسلام الخاتم محمد صلى الله عليه وآله وسلم أسس دولة وأنشأ أمة وأوجد فكرة وحكم جزيرة العرب وأسقط أعظم دول الأرض، والخلفاء الراشدون المهديون بعده تلامذة المعلم الأول كانوا حكاما وأمراء ولايات وقضاة وعمالا ومجاهدين، وقبورهم المتناثرة في أصقاع البلدان تشهد أنهم حملة رسالة ورواد دعوة ورواحل قيادية، ولكن الخلافة والنبوة يؤول أمرها إلى ملك وقد وقع ذلك وأثره كما ورد في الأثر.
فاستأثرت بالحكم قريش، وبعذر القرب النسبي انتزعوا حق الأمة في اختيار حكامها، وارتهنت الأمة في صلاحها أو استقامتها بحال ولي العهد أو سيف الإسلام. ولما أبى هذا الوضع الرعيل الأول من الصحابة دخلت الأمة في مخاض عسر جدا وفتن متلاحقة من بعد موت الخليفة الراشد عثمان بن عفان ثم علي ثم خلاف يزيد مع الحسين وعبد الملك بن مروان مع ابن الزبير0
وهذا هدد استمرار نشر الدين الذي قام الحكم على أساسه وبسبب أثرة الملك المخالف لأصول الشرع وقعت النفرة والفجوة بين علماء الدين وساسة الحكم وكان لهذا الأمر ما بعده من انفراط العقد وتناثر حباته بين طيات الأجيال المتلاحقة حتى سقطت الدولة القائمة بأمر الدين المتمثلة في الحاكم العثماني، بعد أن فقدت الدولة مقومات البقاء بانفراط عقد القيم الإسلامية، وتكالب الأعداء المتآمر، وغفلة الأمة السادر عنه وكل هذا إنما هو بيان للحديث المشهور: ((تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم تكون خلافة على منهاج النبوة – وجاء في بعض الروايات أنها ثلاثون عاما وقد كان ذلك – ثم يكون ملكا عاضا – أي ظالما – ثم يكون حكما جبريا)) أي بالحديد والنار
إن هذه الآثار خبر نبوة ووحي ناتجة عن علم إلهي محكم بما يحمله الزمن من أحداث, وما سيتولد في هذه الأمة من نتائج ووقائع.
والحكم الجبري أصوله الاستبداد والقهر والحديد والنار وتشكيل نظام الحكم لا باعتبار الكفاءة والقدرة بل باعتبار الأسرية والقرب والولاء للأشخاص والمصالح، ولا شك لن يكون نظام الحكم مؤسسيا كنتيجة حتمية لهذا التوجه.
وحيث لا خلود أبدي للحاكم، وخشية من انفراط البناء القائم سيتجه الأمر إلى توريث الحكم،
وهذا بطبيعة الأمر المأخوذ من تجارب الممالك السابقة يؤدي إلى صراع داخلي وتصدع لمراكز القوى في السلطة القائمة ويشعل فتيل التآمر والكيد ويولد القناعة اليائسة ((عليَّ وعلى أعدائي)).
فيترتب على ذلك نهب ثروات الأمة لترسيخ السلطة لأفراد مراكز القوى، وما يدور حول فلكهم من أفراد.
وحيث والموارد قليلة في مقابل النهب المتهالك سيتجه الحكم الجبري لفرض الضرائب والإتاوات لتغطية العجز الحادث من تكالب مراكز القوى في السلطة.
فينتشر الفقر والحاجة بين الشعب، ويتعرضون للمجاعة والمسألة وتحدث الفجوة بين الحاكم ورعيته وتغلي القلوب حقدا يمنعها العجز واليأس، فإذا ما نشأ قائد جماهيري من العامة تحركت الأمة فولدت الفتن والحروب فتزيد عجز الموازنة المالية رهقا واتجاه السلطة له طلبا، فتخضع لتلبية مصالح الخارج، وتنقص السيادة للدولة على الأمة، ويفشو الخوف والاغتصاب والقهر والكراهية،
وتطلب الجهة الخارجية حرب الإرهاب ومحاربة التدين فتتعرض الفئة المؤمنة للخوف والتآمر، ويعين الحاكم الفاسد على تزوير إرادة الشعب، ويستعين على حرب دعاة الحق بجماعات تنسب إلى التدين يقودها ضعفاء فكر ورأي أو في قلبها دخن وحقد،
وتختلط الأوراق على الناظر فيحجم عن القرار الحازم في الوقت المناسب حتى يفوت القطار ويتعذر الاستدراك،
ويلبس رواد الحكم الجبري ثياب الديمقراطية استجابة لضغوط الغرب المحارب، فظاهره فيه الرحمة والعدالة والحقوق، وباطنه الاستبداد والقهر والفقر فإذا بثت الصحف أنفاس الشعب المنهك، توجهت أيادي البطش لإسكات اليراع النافث، وتعرض حملة الأقلام للاعتقال والحبس.
الحمد لله رب العالمين لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه مالك الملك يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء (إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون)سورة يس آية 82
ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ونشهد أن محمدا عبده ورسوله أدى الأمانة ونصح الأمة وكشف الله به الغمة وجاهد في الله حق جهاده حتى تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.
صلى الله عليه وسلم وعلى آله القائل: ((من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)) أخرجه مسلم عن أبي سعيد الخدري
أما بعد:
فإن مطالبة الأمة حكامها بالعدل والشرع حق ثابت وأمر مقرر، فإن جاروا فواجب الأمة النصح ومنع الظلم ونصرة المظلوم بكل وسيلة ممكنة مشروعة تحقق المقصد وترفع الضرر وتدرأ الخطر بما لا يؤدي إلى منكر أكبر.
وقد قرر علماء الشريعة وأساتذة القانون وصار عقدا بين الحاكم والمحكوم حق الأمة في التعبير عن حقها بالمظاهرة والإضراب والاعتصام وغيرها بالضوابط الشرعية فدعاني ذلك إلى جولة في إضاءات الوحي ومقررات الشرع تقريبا للماء العذب إلى الوارد المتعطش لكي يسير على بينة عن حكم الشرع في الوسائل السلمية المذكورة وبيانها في مقدمة وأربعة فصول :
واقع مؤلم ( مقدمة )
الفصل الأول: أصول وقواعد
الفصل الثاني: نصوص كلية تتعلق بفقه السياسة
الفصل الثالث: وسائل العمل السياسي
المبحث الأول: المظاهرة
المبحث الثاني: الإضراب
المبحث الثالث: الاعتصام
المبحث الرابع: المناظرة
المبحث الخامس: المهرجانات واللقاءات
الفصل الرابع: شبهات وردود
المبحث الأول: تقليد للغرب
المبحث الثاني: خروج على الحاكم
المبحث الثالث: الأدلة على الكفار لا المسلمين
وقد أبنت فيه الحجج والبراهين الظاهرة الدالة على مشروعية وإباحة وسائل العمل السياسي من المظاهرة والاعتصام والإضراب والمناظرة وأحببت أن اسميه على طريقة علماء الإسلام في اعتبار السجعة في العنوان مع المباشرة في الدلالة على الموضوع فسميت هذا المبحث ((الحجج الظاهرة في الاعتصام والإضراب والمظاهرة))
وحيث والبحث من النوازل، ولا كلام فيه للأقدمين محرر ومباشر، والاجتهاد مقتصر فيه على علماء العصر الحاضر، فقد سلكت فيه طريقة الاجتهاد في البحث والاستدلال، وابتعدت عن النقل إلا في النادر، واعتمدت فيه على مخزوني الذهني العلمي من نصوص الوحي وسيرة خاتم الرسل وآثار السلف وتجارب الأمة.
وكانت الحاجة داعية له، والزمن يسابقنا فيه، فعكفت عليه أسبوعا كاملا ليلا تقريبا اجمع شوارد الأفكار ونتائج الأنظار، ونصوص الشرع وإيرادات الخصم، وأطلقت لعنان القلم بما فتح الله حتى خرج كما تراه والكمال متعذر ((ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا)).
وقد تحريت الإصابة وتحرير العبارة وبيان الدلالة ما استطعت إلى ذلك سبيلا.
فأسأل الله أن يجعل عملي خالصا لوجهه وابتغاء مرضاته، وقربا لنيل جناته ((ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما)) الفرقان 74
فإليك أخي القارئ هذا البحث وسأبدأ فيه بالمقدمة ثم تلج فيه إلى الفصول والمباحث:
المقدمة
واقع سياسي مؤلم :
إن رسول امة الإسلام الخاتم محمد صلى الله عليه وآله وسلم أسس دولة وأنشأ أمة وأوجد فكرة وحكم جزيرة العرب وأسقط أعظم دول الأرض، والخلفاء الراشدون المهديون بعده تلامذة المعلم الأول كانوا حكاما وأمراء ولايات وقضاة وعمالا ومجاهدين، وقبورهم المتناثرة في أصقاع البلدان تشهد أنهم حملة رسالة ورواد دعوة ورواحل قيادية، ولكن الخلافة والنبوة يؤول أمرها إلى ملك وقد وقع ذلك وأثره كما ورد في الأثر.
فاستأثرت بالحكم قريش، وبعذر القرب النسبي انتزعوا حق الأمة في اختيار حكامها، وارتهنت الأمة في صلاحها أو استقامتها بحال ولي العهد أو سيف الإسلام. ولما أبى هذا الوضع الرعيل الأول من الصحابة دخلت الأمة في مخاض عسر جدا وفتن متلاحقة من بعد موت الخليفة الراشد عثمان بن عفان ثم علي ثم خلاف يزيد مع الحسين وعبد الملك بن مروان مع ابن الزبير0
وهذا هدد استمرار نشر الدين الذي قام الحكم على أساسه وبسبب أثرة الملك المخالف لأصول الشرع وقعت النفرة والفجوة بين علماء الدين وساسة الحكم وكان لهذا الأمر ما بعده من انفراط العقد وتناثر حباته بين طيات الأجيال المتلاحقة حتى سقطت الدولة القائمة بأمر الدين المتمثلة في الحاكم العثماني، بعد أن فقدت الدولة مقومات البقاء بانفراط عقد القيم الإسلامية، وتكالب الأعداء المتآمر، وغفلة الأمة السادر عنه وكل هذا إنما هو بيان للحديث المشهور: ((تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم تكون خلافة على منهاج النبوة – وجاء في بعض الروايات أنها ثلاثون عاما وقد كان ذلك – ثم يكون ملكا عاضا – أي ظالما – ثم يكون حكما جبريا)) أي بالحديد والنار
إن هذه الآثار خبر نبوة ووحي ناتجة عن علم إلهي محكم بما يحمله الزمن من أحداث, وما سيتولد في هذه الأمة من نتائج ووقائع.
والحكم الجبري أصوله الاستبداد والقهر والحديد والنار وتشكيل نظام الحكم لا باعتبار الكفاءة والقدرة بل باعتبار الأسرية والقرب والولاء للأشخاص والمصالح، ولا شك لن يكون نظام الحكم مؤسسيا كنتيجة حتمية لهذا التوجه.
وحيث لا خلود أبدي للحاكم، وخشية من انفراط البناء القائم سيتجه الأمر إلى توريث الحكم،
وهذا بطبيعة الأمر المأخوذ من تجارب الممالك السابقة يؤدي إلى صراع داخلي وتصدع لمراكز القوى في السلطة القائمة ويشعل فتيل التآمر والكيد ويولد القناعة اليائسة ((عليَّ وعلى أعدائي)).
فيترتب على ذلك نهب ثروات الأمة لترسيخ السلطة لأفراد مراكز القوى، وما يدور حول فلكهم من أفراد.
وحيث والموارد قليلة في مقابل النهب المتهالك سيتجه الحكم الجبري لفرض الضرائب والإتاوات لتغطية العجز الحادث من تكالب مراكز القوى في السلطة.
فينتشر الفقر والحاجة بين الشعب، ويتعرضون للمجاعة والمسألة وتحدث الفجوة بين الحاكم ورعيته وتغلي القلوب حقدا يمنعها العجز واليأس، فإذا ما نشأ قائد جماهيري من العامة تحركت الأمة فولدت الفتن والحروب فتزيد عجز الموازنة المالية رهقا واتجاه السلطة له طلبا، فتخضع لتلبية مصالح الخارج، وتنقص السيادة للدولة على الأمة، ويفشو الخوف والاغتصاب والقهر والكراهية،
وتطلب الجهة الخارجية حرب الإرهاب ومحاربة التدين فتتعرض الفئة المؤمنة للخوف والتآمر، ويعين الحاكم الفاسد على تزوير إرادة الشعب، ويستعين على حرب دعاة الحق بجماعات تنسب إلى التدين يقودها ضعفاء فكر ورأي أو في قلبها دخن وحقد،
وتختلط الأوراق على الناظر فيحجم عن القرار الحازم في الوقت المناسب حتى يفوت القطار ويتعذر الاستدراك،
ويلبس رواد الحكم الجبري ثياب الديمقراطية استجابة لضغوط الغرب المحارب، فظاهره فيه الرحمة والعدالة والحقوق، وباطنه الاستبداد والقهر والفقر فإذا بثت الصحف أنفاس الشعب المنهك، توجهت أيادي البطش لإسكات اليراع النافث، وتعرض حملة الأقلام للاعتقال والحبس.