حركة مجتمع السلم : المبادرة الوطنية لتحصين الجزائر
المبادرة الوطنية :فتح الافاق لجميع ابناء الجزائر و بناتها ليساهموا بصورة فعالة و ايجابية في حماية المكتسبات و تعزيزها
المقدمة
إن التوترات الاجتماعية التي صارت تأخذ كل مرة شكلا مختلفا عن سابقيه من أشكال التعبير الدال على الغصب الاجتماعي، كفيلة بأن تلفت انتباه كل جزائري وجزائرية إلى ضرورة التوقف لدراسة هذه الظاهرة واستخلاص الدروس الموضوعية لاتخاذ الخطوات الاحتياطية لنزع فتائل التفخيخ وصواعق التفجير لتأمين المستقبل من تداعيات محتملة باتت كل المؤشرات تؤكد توقع حدوثها في أية لحظة.
دواعي المبادرة
إن الذي أملى علينا هذا الواجب الوطني أمران :
1- منطوق ومفهوم ما جاء في الدستور الجزائري.
2- التوترات الاجتماعية في كثير من الأقطار من حولنا.
- ففي ديباجة دستور الجمهورية الجزائرية جاء ما يلي : "إن الشعب الجزائري ناضل ويناضل دوما في سبيل الحرية والديمقراطية، ويعتزم أن يبني بهذا الدستور مؤسسات دستورية، أساسها مشاركة كل جزائري وجزائرية في تسيير الشؤون العمومية، والقدرة على تحقيق العدالة الاجتماعية، والمساواة، وضمان الحرية لكل فرد".
وأكد ذلك في فقرة ثانية بالنص التالي : "إن الدستور فوق الجميع، وهو القانون الأساسي الذي يضمن الحقوق والحريات الفردية والجماعية، ويحمي مبدأ حرية اختيار الشعب، ويضفي الشرعية على ممارسة السلطات، ويكفل الحماية القانونية، ورقابة عمل السلطات العمومية في مجتمع تسوده الشرعية، ويتحقق فيه تفتح الإنسان بكل أبعاده".
وقد تناول الفصل الثاني (الشعب)، والثالث (الدولة)، والرابع (الحقوق والحريات) ما يفرض علينا جميعا أن نتعاون لتجسيد سلطة الشعب وسيادته التي يكرسها الدستور، لاسيما في المواد (06،08، 09، 14، 21، 22، 23، 24، 29، 31، 32، 33، 34، 35، 36، 39، 41، 42، 43، 51، 54، 55، 56، 57، 58، 59، 62) وكذلك المواد الصماء (لاسيما المادة 178).
- التحوط من التوترات : إن ما يجري في العالم كله من توترات ونزاعات ومحاولات انفصال وتقسيم..يدعونا إلى استباق الأحداث وقراءة الحصائل قراءة واعية وجماعية، لحماية وطننا وأمتنا من أي تهديد محتمل، والذي يحدث على حدودنا مؤشر آخر، كما أن الذي حدث في الجزائر، في بداية هذا الشهر، كان مؤلما للجميع، لأنه أكد فرضية غياب المؤسسات الوسيطة بين الدولة والمواطنين، ووضع السلطات العمومية وجها لوجه أمام المحتجين في غياب حوار شفاف مع الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين الذين تم تغييب أدوارهم لأسباب لا تخفى عليكم.
ومع أن الهزة كانت محدودة، ولم تكن بالخطورة الكبيرة على مؤشرات السلم والأمن، إلاّ أن بعض الجهات تريد أن تمرّ في صمت دون تقييم ولا تقويم، في غياب الحوار والتشاور قرأها كل طرف قراءة مجزأة مفصولة عن سياقاتها، قراءة لم تكن موحدة ولا حتى متقاربة، والحلول المقترحة جاءت متناقضة بين مطالب بتسقيف الأسعار، وداع لملاحقة البارونات الكبار، ومطالب بحل البرلمان، ومقترح للذهاب إلى انتخابات رئاسية مسبقة، ومطالب بتعديل جذري للدستور، في حين ذهب البعض إلى المطالبة بمراجعات عميقة للسياسات الاقتصادية والاجتماعية..الخ.
هذا التباين في الآراء يؤكد حرص المجموعة الوطنية على حماية الجزائر واستعدادها للتضحية من أجل ذلك، ولكنه يكشف، في الوقت نفسه، عن عدم وجود رؤية وطنية مشتركة لقراءة الأحداث في غياب التواصل والتشاور وانسداد كثير من قنوات الحوار.
لذلك قدرنا مفيدا إطلاق هذه المبادرة قصد التقرب من المؤسسات الدستورية وشبه الرسمية، والمؤسسات الوسيطة لتذكيرها بمنطوق ومفهوم ما جاء في الدستور، ولإشعارها بضرورة النهوض بواجبها في تأطير المجتمع – لاسيما الفئآت الشبانية وحملة الشهادات الجامعية- لتجاوز أزمة الثقة التي تم خدشها وتشويه سمعتها بمشاهد من التجاوز والتعسف، وبالتركيز الإعلامي المفرط على الفساد والعنف الاجتماعي..وكلها ممارسات بحاجة إلى ضبط لأن عواقبها لم تعد محمودة.
الإشكالية
ما حدث أيام 04 إلى 09 يناير 2011 في الجزائر لا ينبغي عزله عما جرى ويجري في أقطار أخرى كثيرة من العالم، منذ بداية الأزمة المالية العالمية، إلى مأساة إنفصال الجنوب السوداني، كما لا يمكن اختزاله في مطالب اجتماعية ظرفية يمكن تلبيتها بإجراءات تقنية.
إذا تجاوزنا خطاب التهويل وخطاب التهوين، فإننا نؤكد على بعض البديهيات الأساسية، ومن أهمها : إن ما يمكن تسجيله بشكل عام هو أن منسوب الثقة قد تدنّى كثيرا، وأن ثقافة العنف الاجتماعي بدأت دوائرها تتوسع لتتجاوز عنف الملاعب والمدارس والشوارع والأماكن العمومية..وتتحول إلى وسيلة إجتماعية لاستخلاص الحقوق، وهو ما يدعونا إلى طرح جملة من التساؤلات المنهجية التي تحتاج إلى بحوث ودراسات ومعاينات ميدانية وتشاور وتعاون للبحث عن أجوبتها بالتنسيق مع جهات مختصة، واستخلاص الدروس العملية الكفيلة بتوفير المناخات الصحية والأجواء الديمقراطية والأطر السلمية للاحتجاج ومعالجة العنف الاجتماعي من جذوره.
ولعل من أهم هذه التساؤلات التي صارت مطروحة على مستوى الرأي العام، وتنتظر منا جميعا جوابا واضحا وصريحا، ما يلي :
1- هل هذا الحراك الشباني هو نتيجة طبيعية لمعاناة اجتماعية لها علاقة بالبطالة والتهميش وبتدهور القدرة الشرائية وغلاء الأسعار، أم هي تعبير عن أزمة أخطاء في التسيير ومظاهر تراكمات بحاجة إلى تشريح واقع عام صار ضاغطًا على حياة المواطنين.
2- هل العنف الاجتماعي هو ثمرة من ثمار الاحتقان السياسي وغياب الوسائط المجتمعية والإعلامية والنقابية..وتحويل احتكار السوق من السلطات العمومية إلى مجموعة من المتحكمين في القطاع الخاص، أم هو من تداعيات الأزمة المالية العالمية وإكراهات العولمة وثقافة الاستهلاك؟
3- هل ما حدث في الجزائر – وما يجري من حولنا في أقطار كثيرة- هي أفعال معزولة يقوم بها شباب يائس وتحركها جهات خفية داخلية وخارجية، أم هي مقدمات موضوعية لتحولات مرتقبة ونذر توتر اجتماعي لما هو أبعد من المطالب الاجتماعية وأعمق من الزيت والسكر والشغل والسكن..؟؟
4- هل صار أمننا الغذائي محكوما بكبار البارونات، ومهددا بسياسة الاستيراد والاعتماد المفرط على المحروقات في غياب تنمية حقيقية لمواردنا الوطنية، والخوف من الذهاب إلى معالجات شاملة للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، أم أن غياب الحوار بين جميع الأطراف، وضعف التواصل بين المواطنين والشباب فيما بينهم من جهة، وبينهم وبين المنتخبين والإدارة وممثلي الشعب من جهة أخرى قد أفضى إلى إحداث فراغات هيكلية في منظوماتنا السياسية والاجتماعية.. ملأها الشباب الغاضب بالاحتجاجات غير المهيكلة في غياب تأطير سياسي واجتماعي لطموحاته المشروعة؟
5- هل الحلول التي تقدمها هذه الجهة أو تلك مبنية على دراسات وأبحاث وتحاليل وتقييم شامل للوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي، بعد تجاوز الجزائر للأزمة الأمنية بالمصالحة الوطنية، أم أنها مجرد مزايدات سياسية ممركزة لا علاقة لها بهموم المواطن، ولا صلة لها بأشواق الشباب وقناعاتهم وأحلامهم؟؟
الإطار العام للمبادرة
في ضوء هذه المعطيات العامة، أردناها مبادرة مفتوحة، تقوم على القاعدة الذهبية التي تقول : "نتعاون في ما اتفقنا عليه ونتحاور في ما اختلفنا فيه"، واعتقادنا أن الأحداث الأخيرة، تباينت حول تحليلها الآراء، ولكن حصل شبه اتفاق حول ثلاث (03) حقائق وطنية صارت محل اجتماع، وتأكدت بعد الاحتجاجات الأخيرة :
أولها، ضرورة الإستماع لانشغالات الشباب، والسعي إلى تأطيرهم، وتبني مطالبهم المشروعة، مع إدانة العنف الاجتماعي والتنديد بأساليب الحرق والتكسير وتخريب المرافق والاعتداء على الأملاك العمومية والخاصة.
وثانيها، الدعوة إلى توفير الأطر السلمية للنقاش والحوار والتواصل..وإيجاد البيئة النظيفة والصحية للتأطير والنضال المدني والتعبير الحضاري عن المطالب المشروعة، والبحث عن حلول دائمة بالتشاور المسؤول والحوار المثمر والحرص الجماعي على المصلحة الوطنية العليا.
وثالثها، إدانة الجهات المحرضة على التصعيد، والتصدي للمتلاعبين بأقوات المواطن، بافتعال المضاربة في السوق، لاسيما فيما يتعلق بالمواد الأساسية ذات الاستهلاك الواسع.
وفي هذا السياق كشف الرأي العام الوطني – خلال أيام الاحتجاجات- عن مخاوف حقيقية من المستقبل، واختلفت الأطياف السياسية وممثلو المجتمع المدني، ووسائل الإعلام.. في التحليل وتحديد الأسباب الكامنة وراء هذه التوترات الاجتماعية، مما ترتب عنه تباين واضح حول الحلول الحقيقية المقترحة، مع تسجيل شبه إجماع على مباركة الإجراءات المتخذة للتهدئة وإحلال السلم، والدعوة إلى البحث عن حلول دائمة والحرص على المصلحة الوطنية العليا. كما سُجّل شعور الجميع بالحاجة إلى الحوار والتشاور والمشاركة في بلورة رؤية وطنية شاملة.
بناء على هذه المشاعر الوطنية المشتركة، ورغبة في البحث عن إجماع وطني حول حزمة من الخيارات الإستراتيجية لحماية الأجيال الصاعدة من تداعيات ثورة الاتصال وضغوط العولمة، وبحثا عن فهم مشترك لما حدث من حولنا، من إكراهات عولمية، في ظل التحولات المتسارعة التي عولمت الاتصالات والأزمات والتوترات والاحتجاجات والفساد..أمام هذه التحديات، تتقدم حركة مجتمع السلم بهذه المبادرة في شكل أرضية خام، بغير اشتراطات مسبقة، تاركة تفاصيلها لتقديراتكم واجتهاداتكم.. مكتفية باقتراحين عامين كإطار للعمل :
1- الدعوة إلى تنظيم نقاش وطني شامل (تُبحث كيفياته لاحقا).
2- الدعوة إلى صياغة ميثاق شرف وطني.
الخــاتمة :
نحسب إن الظروف باتت مناسبة لقراءة معمقة لواقعنا (السياسي، الاقتصادي، الاجتماعي..) واستخلاص الدروس الضرورية اللازمة لتحصين التجربة الديمقراطية وتعميقها وتوسيعها وترقيتها بما يساهم في بلورة رؤية وطنية مشتركة من شأنها تفعيل الحياة السياسية وترقية الحريات، وتحريك الساحة الوطنية، والتكفل بالانشغالات الاجتماعية، رؤية شاملة قد تفتح أملا واسعا للشباب، وتعيد بناء جسور الثقة، وتستوعب طاقاتنا البشرية، وتساهم في دفع عجلة التنمية الوطنية بما يحقق الرفاه الاجتماعي ويحسن الإطار المعيشي لجميع المواطنين والمواطنات.
إن الواجب الوطني بفرض علينا أن نتقدم إليكم بهذه الأرضية الفضفاضة التي سوف تتيح للجميع فرصة للتفكير والتشاور ولإثراء، والمساهمة في بلورة مبادرة وطنية أكثر شمولا وعمقا وتفصيلا..مبادرة جماعية تقيم الحاضر وتستشرف المستقبل وتفتح آفاقه لجميع أبناء الجزائر وبناتها ليساهموا بصورة فعالة وإيجابية في حماية المكتسبات وتعزيزها..وفي استكمال بناء هذا الوطن العزيز.
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار.
الرابط على الفيس بوك:
https://www.facebook.com/pages/almbad...46816968710858
الرابط على موقع الحركة :
http://www.hmsalgeria.net/ar/mobadara.php
المبادرة الوطنية :فتح الافاق لجميع ابناء الجزائر و بناتها ليساهموا بصورة فعالة و ايجابية في حماية المكتسبات و تعزيزها
المقدمة
إن التوترات الاجتماعية التي صارت تأخذ كل مرة شكلا مختلفا عن سابقيه من أشكال التعبير الدال على الغصب الاجتماعي، كفيلة بأن تلفت انتباه كل جزائري وجزائرية إلى ضرورة التوقف لدراسة هذه الظاهرة واستخلاص الدروس الموضوعية لاتخاذ الخطوات الاحتياطية لنزع فتائل التفخيخ وصواعق التفجير لتأمين المستقبل من تداعيات محتملة باتت كل المؤشرات تؤكد توقع حدوثها في أية لحظة.
دواعي المبادرة
إن الذي أملى علينا هذا الواجب الوطني أمران :
1- منطوق ومفهوم ما جاء في الدستور الجزائري.
2- التوترات الاجتماعية في كثير من الأقطار من حولنا.
- ففي ديباجة دستور الجمهورية الجزائرية جاء ما يلي : "إن الشعب الجزائري ناضل ويناضل دوما في سبيل الحرية والديمقراطية، ويعتزم أن يبني بهذا الدستور مؤسسات دستورية، أساسها مشاركة كل جزائري وجزائرية في تسيير الشؤون العمومية، والقدرة على تحقيق العدالة الاجتماعية، والمساواة، وضمان الحرية لكل فرد".
وأكد ذلك في فقرة ثانية بالنص التالي : "إن الدستور فوق الجميع، وهو القانون الأساسي الذي يضمن الحقوق والحريات الفردية والجماعية، ويحمي مبدأ حرية اختيار الشعب، ويضفي الشرعية على ممارسة السلطات، ويكفل الحماية القانونية، ورقابة عمل السلطات العمومية في مجتمع تسوده الشرعية، ويتحقق فيه تفتح الإنسان بكل أبعاده".
وقد تناول الفصل الثاني (الشعب)، والثالث (الدولة)، والرابع (الحقوق والحريات) ما يفرض علينا جميعا أن نتعاون لتجسيد سلطة الشعب وسيادته التي يكرسها الدستور، لاسيما في المواد (06،08، 09، 14، 21، 22، 23، 24، 29، 31، 32، 33، 34، 35، 36، 39، 41، 42، 43، 51، 54، 55، 56، 57، 58، 59، 62) وكذلك المواد الصماء (لاسيما المادة 178).
- التحوط من التوترات : إن ما يجري في العالم كله من توترات ونزاعات ومحاولات انفصال وتقسيم..يدعونا إلى استباق الأحداث وقراءة الحصائل قراءة واعية وجماعية، لحماية وطننا وأمتنا من أي تهديد محتمل، والذي يحدث على حدودنا مؤشر آخر، كما أن الذي حدث في الجزائر، في بداية هذا الشهر، كان مؤلما للجميع، لأنه أكد فرضية غياب المؤسسات الوسيطة بين الدولة والمواطنين، ووضع السلطات العمومية وجها لوجه أمام المحتجين في غياب حوار شفاف مع الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين الذين تم تغييب أدوارهم لأسباب لا تخفى عليكم.
ومع أن الهزة كانت محدودة، ولم تكن بالخطورة الكبيرة على مؤشرات السلم والأمن، إلاّ أن بعض الجهات تريد أن تمرّ في صمت دون تقييم ولا تقويم، في غياب الحوار والتشاور قرأها كل طرف قراءة مجزأة مفصولة عن سياقاتها، قراءة لم تكن موحدة ولا حتى متقاربة، والحلول المقترحة جاءت متناقضة بين مطالب بتسقيف الأسعار، وداع لملاحقة البارونات الكبار، ومطالب بحل البرلمان، ومقترح للذهاب إلى انتخابات رئاسية مسبقة، ومطالب بتعديل جذري للدستور، في حين ذهب البعض إلى المطالبة بمراجعات عميقة للسياسات الاقتصادية والاجتماعية..الخ.
هذا التباين في الآراء يؤكد حرص المجموعة الوطنية على حماية الجزائر واستعدادها للتضحية من أجل ذلك، ولكنه يكشف، في الوقت نفسه، عن عدم وجود رؤية وطنية مشتركة لقراءة الأحداث في غياب التواصل والتشاور وانسداد كثير من قنوات الحوار.
لذلك قدرنا مفيدا إطلاق هذه المبادرة قصد التقرب من المؤسسات الدستورية وشبه الرسمية، والمؤسسات الوسيطة لتذكيرها بمنطوق ومفهوم ما جاء في الدستور، ولإشعارها بضرورة النهوض بواجبها في تأطير المجتمع – لاسيما الفئآت الشبانية وحملة الشهادات الجامعية- لتجاوز أزمة الثقة التي تم خدشها وتشويه سمعتها بمشاهد من التجاوز والتعسف، وبالتركيز الإعلامي المفرط على الفساد والعنف الاجتماعي..وكلها ممارسات بحاجة إلى ضبط لأن عواقبها لم تعد محمودة.
الإشكالية
ما حدث أيام 04 إلى 09 يناير 2011 في الجزائر لا ينبغي عزله عما جرى ويجري في أقطار أخرى كثيرة من العالم، منذ بداية الأزمة المالية العالمية، إلى مأساة إنفصال الجنوب السوداني، كما لا يمكن اختزاله في مطالب اجتماعية ظرفية يمكن تلبيتها بإجراءات تقنية.
إذا تجاوزنا خطاب التهويل وخطاب التهوين، فإننا نؤكد على بعض البديهيات الأساسية، ومن أهمها : إن ما يمكن تسجيله بشكل عام هو أن منسوب الثقة قد تدنّى كثيرا، وأن ثقافة العنف الاجتماعي بدأت دوائرها تتوسع لتتجاوز عنف الملاعب والمدارس والشوارع والأماكن العمومية..وتتحول إلى وسيلة إجتماعية لاستخلاص الحقوق، وهو ما يدعونا إلى طرح جملة من التساؤلات المنهجية التي تحتاج إلى بحوث ودراسات ومعاينات ميدانية وتشاور وتعاون للبحث عن أجوبتها بالتنسيق مع جهات مختصة، واستخلاص الدروس العملية الكفيلة بتوفير المناخات الصحية والأجواء الديمقراطية والأطر السلمية للاحتجاج ومعالجة العنف الاجتماعي من جذوره.
ولعل من أهم هذه التساؤلات التي صارت مطروحة على مستوى الرأي العام، وتنتظر منا جميعا جوابا واضحا وصريحا، ما يلي :
1- هل هذا الحراك الشباني هو نتيجة طبيعية لمعاناة اجتماعية لها علاقة بالبطالة والتهميش وبتدهور القدرة الشرائية وغلاء الأسعار، أم هي تعبير عن أزمة أخطاء في التسيير ومظاهر تراكمات بحاجة إلى تشريح واقع عام صار ضاغطًا على حياة المواطنين.
2- هل العنف الاجتماعي هو ثمرة من ثمار الاحتقان السياسي وغياب الوسائط المجتمعية والإعلامية والنقابية..وتحويل احتكار السوق من السلطات العمومية إلى مجموعة من المتحكمين في القطاع الخاص، أم هو من تداعيات الأزمة المالية العالمية وإكراهات العولمة وثقافة الاستهلاك؟
3- هل ما حدث في الجزائر – وما يجري من حولنا في أقطار كثيرة- هي أفعال معزولة يقوم بها شباب يائس وتحركها جهات خفية داخلية وخارجية، أم هي مقدمات موضوعية لتحولات مرتقبة ونذر توتر اجتماعي لما هو أبعد من المطالب الاجتماعية وأعمق من الزيت والسكر والشغل والسكن..؟؟
4- هل صار أمننا الغذائي محكوما بكبار البارونات، ومهددا بسياسة الاستيراد والاعتماد المفرط على المحروقات في غياب تنمية حقيقية لمواردنا الوطنية، والخوف من الذهاب إلى معالجات شاملة للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، أم أن غياب الحوار بين جميع الأطراف، وضعف التواصل بين المواطنين والشباب فيما بينهم من جهة، وبينهم وبين المنتخبين والإدارة وممثلي الشعب من جهة أخرى قد أفضى إلى إحداث فراغات هيكلية في منظوماتنا السياسية والاجتماعية.. ملأها الشباب الغاضب بالاحتجاجات غير المهيكلة في غياب تأطير سياسي واجتماعي لطموحاته المشروعة؟
5- هل الحلول التي تقدمها هذه الجهة أو تلك مبنية على دراسات وأبحاث وتحاليل وتقييم شامل للوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي، بعد تجاوز الجزائر للأزمة الأمنية بالمصالحة الوطنية، أم أنها مجرد مزايدات سياسية ممركزة لا علاقة لها بهموم المواطن، ولا صلة لها بأشواق الشباب وقناعاتهم وأحلامهم؟؟
الإطار العام للمبادرة
في ضوء هذه المعطيات العامة، أردناها مبادرة مفتوحة، تقوم على القاعدة الذهبية التي تقول : "نتعاون في ما اتفقنا عليه ونتحاور في ما اختلفنا فيه"، واعتقادنا أن الأحداث الأخيرة، تباينت حول تحليلها الآراء، ولكن حصل شبه اتفاق حول ثلاث (03) حقائق وطنية صارت محل اجتماع، وتأكدت بعد الاحتجاجات الأخيرة :
أولها، ضرورة الإستماع لانشغالات الشباب، والسعي إلى تأطيرهم، وتبني مطالبهم المشروعة، مع إدانة العنف الاجتماعي والتنديد بأساليب الحرق والتكسير وتخريب المرافق والاعتداء على الأملاك العمومية والخاصة.
وثانيها، الدعوة إلى توفير الأطر السلمية للنقاش والحوار والتواصل..وإيجاد البيئة النظيفة والصحية للتأطير والنضال المدني والتعبير الحضاري عن المطالب المشروعة، والبحث عن حلول دائمة بالتشاور المسؤول والحوار المثمر والحرص الجماعي على المصلحة الوطنية العليا.
وثالثها، إدانة الجهات المحرضة على التصعيد، والتصدي للمتلاعبين بأقوات المواطن، بافتعال المضاربة في السوق، لاسيما فيما يتعلق بالمواد الأساسية ذات الاستهلاك الواسع.
وفي هذا السياق كشف الرأي العام الوطني – خلال أيام الاحتجاجات- عن مخاوف حقيقية من المستقبل، واختلفت الأطياف السياسية وممثلو المجتمع المدني، ووسائل الإعلام.. في التحليل وتحديد الأسباب الكامنة وراء هذه التوترات الاجتماعية، مما ترتب عنه تباين واضح حول الحلول الحقيقية المقترحة، مع تسجيل شبه إجماع على مباركة الإجراءات المتخذة للتهدئة وإحلال السلم، والدعوة إلى البحث عن حلول دائمة والحرص على المصلحة الوطنية العليا. كما سُجّل شعور الجميع بالحاجة إلى الحوار والتشاور والمشاركة في بلورة رؤية وطنية شاملة.
بناء على هذه المشاعر الوطنية المشتركة، ورغبة في البحث عن إجماع وطني حول حزمة من الخيارات الإستراتيجية لحماية الأجيال الصاعدة من تداعيات ثورة الاتصال وضغوط العولمة، وبحثا عن فهم مشترك لما حدث من حولنا، من إكراهات عولمية، في ظل التحولات المتسارعة التي عولمت الاتصالات والأزمات والتوترات والاحتجاجات والفساد..أمام هذه التحديات، تتقدم حركة مجتمع السلم بهذه المبادرة في شكل أرضية خام، بغير اشتراطات مسبقة، تاركة تفاصيلها لتقديراتكم واجتهاداتكم.. مكتفية باقتراحين عامين كإطار للعمل :
1- الدعوة إلى تنظيم نقاش وطني شامل (تُبحث كيفياته لاحقا).
2- الدعوة إلى صياغة ميثاق شرف وطني.
الخــاتمة :
نحسب إن الظروف باتت مناسبة لقراءة معمقة لواقعنا (السياسي، الاقتصادي، الاجتماعي..) واستخلاص الدروس الضرورية اللازمة لتحصين التجربة الديمقراطية وتعميقها وتوسيعها وترقيتها بما يساهم في بلورة رؤية وطنية مشتركة من شأنها تفعيل الحياة السياسية وترقية الحريات، وتحريك الساحة الوطنية، والتكفل بالانشغالات الاجتماعية، رؤية شاملة قد تفتح أملا واسعا للشباب، وتعيد بناء جسور الثقة، وتستوعب طاقاتنا البشرية، وتساهم في دفع عجلة التنمية الوطنية بما يحقق الرفاه الاجتماعي ويحسن الإطار المعيشي لجميع المواطنين والمواطنات.
إن الواجب الوطني بفرض علينا أن نتقدم إليكم بهذه الأرضية الفضفاضة التي سوف تتيح للجميع فرصة للتفكير والتشاور ولإثراء، والمساهمة في بلورة مبادرة وطنية أكثر شمولا وعمقا وتفصيلا..مبادرة جماعية تقيم الحاضر وتستشرف المستقبل وتفتح آفاقه لجميع أبناء الجزائر وبناتها ليساهموا بصورة فعالة وإيجابية في حماية المكتسبات وتعزيزها..وفي استكمال بناء هذا الوطن العزيز.
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار.
الرابط على الفيس بوك:
https://www.facebook.com/pages/almbad...46816968710858
الرابط على موقع الحركة :
http://www.hmsalgeria.net/ar/mobadara.php