hmsain.ahlamontada.com

نشكرك على التسجيل فى هدا المنتدى زرنا باستمرار و شاركنا رايك فاليد الواحدة لا تصفق ورايك يهمنا كما ان حضورك الدائم يحفزنا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

hmsain.ahlamontada.com

نشكرك على التسجيل فى هدا المنتدى زرنا باستمرار و شاركنا رايك فاليد الواحدة لا تصفق ورايك يهمنا كما ان حضورك الدائم يحفزنا

hmsain.ahlamontada.com

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
hmsain.ahlamontada.com

منتدى يهتم بنشاطات حركة مجتمع السلم بلدية عين بوزيان


    بحث حول المجتمع المدني في الجزائر

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 2093
    تاريخ التسجيل : 01/03/2010
    الموقع : hmsain.ahlamontada.com

     بحث حول المجتمع المدني في الجزائر Empty بحث حول المجتمع المدني في الجزائر

    مُساهمة  Admin الإثنين 12 ديسمبر 2011 - 17:34

    دراسة رائعة للأستاذ ناصر جابي
    العلاقات بين البرلمان والمجتمع المدني
    في الجزائر : الواقع والآفاق عبد الناصر جابي نوفمبر 2006
    توطئةسنحاول التطرق ضمن هذه الدراسة بالتحليل إلى تلك العلاقات الموجودة فعلا بين البرلمان التعددي الذي ظهر للوجود بعد انتخابات 1997 التشريعية والمجتمع المدني في الحالة الجزائرية .مما يفرض علينا في الأول تحديد مفهوم المجتمع المدني ليس كما ظهر نظريا وتم التعامل معه في المجتمعات الغربية التي عرفت ولادته الأولى فقط، بل محاولة تحديد المحتوى الذي أخذه المفهوم في الحالة الجزائرية ودوره في الحركية الاجتماعية منطلقين من خلفية الظرف التاريخي وخصائصه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي برز فيها وتطور فيها ،كتلك القوى الاجتماعية التي تبنته والأخرى التي تحفظت عليه عند ظهوره كمفهوم على الساحتين السياسية والإعلامية ، دون نسيان الأشكال التنظيمية التي تجسد فيها هذا المفهوم في الجزائر والإطار القانوني الذي أطره والاهتمامات التي كانت محل انشغال فيه وكيف تطورت هذه الأخيرة مع الوقت .
    العلاقة بين البرلمان والمجتمع المدني، نوعيتها والأشكال التي أخذتها في التجربة الجزائرية بكل ما ميزها من نقاط قوة ونقاط ضعف ستكون إحدى محاور هذه الدراسة للتعرف عن قرب على واقعها وآفاقها والمحددات الهيكلية والفكرية التي تخضع لها. كما أننا سنحاول التعرف عن قرب على تأثير هذه العلاقة على العمل التشريعي المنجز من قبل البرلمان الجزائري بالتركيز على عمل اللجان البرلمانية، للوصول أخيرا إلى اقتراح بعض التوصيات حول هذه العلاقة بين البرلمان والمجتمع المدني كخاتمة لهذه الدراسة.
    مقدمـة
    يخبرنا التتبع التاريخي لنشأة مفهوم المجتمع المدني وتطوره ،أننا أمام مفهوم ذي عمق تاريخي أكيد حتى وإن ظل يلاقي صعوبات جمة في الوصول إلى دقة أكبر. فالدراسات الكثيرة والمتنوعة التي اهتمت بالمفهوم دوليا في السنوات الأخيرة من مقاربات علمية مختلفة تعود بنا إلى الفلسفة اليونانية وإلى أرسطو، بالتحديد، الذي ربط من خلاله بين المواطنة والمدينة السياسية. محطة ثانية هامة تعود إليها هذه الدراسات التي ازدهت بقوة في السنوات الأخيرة ويتعلق الأمر بأوروبا الثورة البرجوازية والتصنيع من خلال مفكريها المؤسسين، ومن كل أنواع الطيف الفكري الذي عرفته القارة. في تحديدهم لمفهوم المجتمع المدني، اعتمد هؤلاء على ثلاث دلالات ترجع إلى اعتبارات ثلاثة:... باعتباره البديل لسلطة الكنيسة على المجتمع ؛ باعتباره البديل لسلطة الدولة الإمبراطورية القائمة على الثنائية الراعي والرعية ؛ و باعتباره البديل لهيمنة الأسرة المتمثلة في الأب الذي يتحول في النظام الأبوي البطريركي إلى شيخ القبيلة.
    رغم هذا العمق التاريخي، فإن مفهوم المجتمع المدني لم يحظ بالاهتمام المستحق طيلة حقبة طويلة من تاريخ الفكر السياسي الغربي وإلى غاية الثمانينيات من القرن الماضي حيث بدأ استحضاره من جديد وبقوة ملفتة للنظر، موازاة مع التحولات التي بدأت تعيشها مجتمعات ودول وسط وشرق أروربا الاشتراكية سابقا، بدءا بما عرفته التجربة البولونية التي تميزت بظهور نقابة التضامن كفاعل أساسي في عملية الانتقال السياسي .
    ما ميز هذه العودة الأخيرة لمفهوم المجتمع المدني ، أنها تمت بدعم واضح من قبل المؤسسات السياسية والمالية الدولية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي التي كانت وراء تسويق المفهوم دوليا هذه المرة وبالإشكال التنظيمية التي عرفها ،بعد أن منحته العولمة الطاغية أبعادا كونية، ليقرن المفهوم بعمليات التحول الاقتصادي نحو اقتصاد السوق والتعددية السياسية التي عاشتها بلدان شرق أوروبا والكثير من بلدان العالم الثالث، بدءا من ثمانينيات القرن الماضي. ومع ذلك، بقي المفهوم غامضا وظل يستعمل في حالات شتى كربطه في بعض الأحيان بالحركات الاجتماعية ؛ مما زاد في طابعه الوصفي والمعياري على حساب دقته المفاهيمية المطروحة كقضية معرفية منذ ظهوره.

    المجتمع المدني في الجزائر ...بداية الظهور عرفت الساحتان الإعلامية والسياسية في الجزائر مفهوم المجتمع المدني في النصف الثاني من ثمانينيات القرن الماضي لتأخذ تطبيقاته منحنيات وخصائص اللحظة التاريخية التي ظهر فيها بكل تشعباتها السوسيولوجية والسياسية والفكرية. لقد بدأ الحديث عن المفهوم الجديد في الوقت الذي كان فيه النظام السياسي الجزائري يعيش أزمة حادة في قاعدته الاقتصادية ، وشرعية مؤسساته السياسية ونمط تسييرها المعتمد على الدولة كفاعل وحيد ،ليس في المجال السياسي فقط ،بل حتى في المجال الاقتصادي والاجتماعي .
    لم يكن من الغريب في هذه الحالة، أن يرتبط مفهوم المجتمع المدني بالحديث عن عمليات الانتقال التي حاول النظام السياسي الجزائري القيام بها ابتدءا من النصف الثاني من الثمانينيات ؛ وهو ما جعل مفهوم المجتمع المدني يبدو في الحالة الجزائرية ،كمفهوم رسمي أكثر منه مفهوما شعبيا أو معارضا. لقد قامت السلطة السياسية من خلال وسائل الإعلام الرسمي بالحديث عن المجتمع المدني والترويج له اجتماعيا ، أكثر من أي قوة اجتماعية او سياسية اخرى، بنية جعله وسيلة جديدة، تنظيمية وسياسية، لتوسيع قاعدة السلطة ومساعدتها على إنجاز عملية الانتقال والخروج من الأزمة الاقتصادية والسياسية للنظام الأحادي القائم.تم ذلك من خلال فرض خطاب سياسي جديد وإشراك فاعلين اجتماعيين جدد كقاعدة اجتماعية جديدة. وهو ما تبين لاحقا من خلال العلاقات الوطيدة التي تملكها عديد الجمعيات مع الجهاز الإداري والتنفيذي والتي تبرز أكثر بمناسبة محطات سياسية معينة كالانتخابات السياسية.
    لم يكن غريبا في الجزائر ، أن تتلقف بعض القوى الاجتماعية والسياسية أكثر من غيرها هذا المفهوم وتتبنى أطره التنظيمية الجديدة وخطابه الفكري، بعد أن أضافت إلى غموضه الأصلي ما ترتب عن خصوصيات الحالة الجزائرية في الميادين الاجتماعية والثقافية –اللغوية على وجه التحديد. فقد تبنت المفهوم أكثر عند ظهوره وبداية التعامل معه بعض القوى الاجتماعية التي غلب عليها الطابع الحضري من أبناء الفئات الوسطى الأقرب للفضاء الثقافي المفرنس ، في حين تحفظت على المفهوم وتأخرت في تجسيده التنظيمي الكثير من القوى الاجتماعية والفكرية القريبة من النظام الرسمي التي رأت فيه وسيلة لكسر موازين القوى السياسية القائمة وإشراك لقوى اجتماعية وسياسية جديدة في المنافسة السياسية .
    إن الموقف المتحفظ وحتى الرافض الذي ووجه به مفهوم المجتمع المدني من قبل بعض القوى السياسية والاجتماعية القريبة من النظام الرسمي الجزائري ، والذي كان هو نفس موقف بعض القوى المحسوبة على التيار السياسي -الديني تقريبا والذي لم يمنعها من الاستفادة اللاحقة من هذا الوضع التعددي الجديد وتكوينها العديد من الجمعيات ، النقابات والأحزاب على غرار القوى السياسية الأخرى، التي ساعدها على البروز أكثر وجود تجربة الإعلام المستقل المكتوب والانفتاح الجزئي للإعلام الرسمي المرئي والمسموع لبعض الوقت، في فترة تميزت بصعود بارز للحركات الاجتماعية الاحتجاجية .
    المجتمع المدني وإطاره القانوني الجديد
    كان من تداعيات أحداث اكتوبر1988 التي عاشتها الجزائر ،ظهور إطار دستوري وقانوني جديد تم بموجبه الاعتراف بحق المواطنين في التنظيم المستقل للتعبير عن أرائهم السياسية والدفاع عن مطالبهم الاقتصادية والاجتماعية ، بعد المصادقة على الدستور الجديد 1989 وضمن الجو السياسي والنفسي المتولد عن أحداث اكتوبر والذي كان من نتائجه، تفريخ عدد كبير من الجمعيات والأحزاب والنقابات في وقت قياسي قصير لم يعرفه الجزائريون من قبل. علما أن الجزائر قد عرفت محاولة محتشمة لتغيير الإطار القانوني المسير للعمل الجمعوي في بداية النصف الثاني من الثمانينيات 1987 لتسهيل عملية تكوين جمعيات لكنها بقيت من دون نتائج كبيرة على الساحة التنظيمية نظرا للمقاومة التي وجدتها من داخل النظام السياسي نفسه والملابسات السياسية التي تمت فيها عملية الانفتاح هذه، التي لم تتمكن من تجنيد قوى اجتماعية واسعة . لقد أفرغت الأحادية السياسية التي ميزت النظام السياسي الجزائري بعد الاستقلال ،قانون 1901 الموروث عن الحقبة الاستعمارية والمتعلق بالجمعيات من طابعه الليبرالي في الممارسة العملية، خاصة بعد سلسلة النصوص القانونية التي تم إصدارها بدءا من الستينيات ولغاية السبعينيات كمنشور سنة 1964 وأمريه 3ديسمبر 1971 المعدلة في 7 جوان 1972 التي تشترط مادتها الثانية على سبيل المثال ، موافقة ثلاث مؤسسات رسمية هي وزير الداخلية والوزير المكلف بالقطاع والسلطة المحلية (أي الوالي) عند طلب تأسيس جمعية في الميادين الثقافية، الدينية والرياضية.
    المجتمع المدني في الدستور الجزائري
    قبل التطرق إلى علاقة المجتمع المدني بالبرلمان، لابد أن نعرج بعجالة لمعرفة ما تضمنه الدستور الجزائري حول المجتمع المدني كإطار قانوني يضبط العلاقة بينه وبين البرلمان، ويحدد ممارسة هذه الحقوق الممنوحة للمواطن في مجال التنظيم للدفاع عن مصالحه. فالدستور الجزائري واضح في وضع الفروق بين الحرب والجمعية والنقابة ويعترف بها كلها كأشكال تنظيمية مختلفة.
    ففي فصله الرابع المتعلق بالحقوق والحريات، ينص الدستور في مادته 33 على الحق في الدفاع الفردي أو عن طريق الجمعية عن الحقوق الأساسية للإنسان وعلى أن الحريات الفردية والجماعية مضمونة. وتتضح هذه الحقوق أكثر في نص المادة 41 التي تنص على أن حريات التعبير، وإنشاء الجمعيات، والاجتماع، مضمونة للمواطن. كما يدرج الدستور مادة خاصة للتمييز بين الجمعية والحرب، ألا وهي المادة 42 المتصلة بالحق في إنشاء أحزاب حيث تنص على أن ،حق إنشاء الأحزاب السياسية معترف به ومضمون. غير أنها تضيف أنه لا يمكن التذرع بهذا الحق لضرب الحريات الأساسية، والقيم والمكونات الأساسية للهوية الوطنية، والوحدة الوطنية، وأمن التراب الوطني وسلامته، واستقلال البلاد، وسيادة الشعب، وكذا الطابع الديمقراطي والجمهوري للدولة. وفي ظل احترام أحكام هذا الدستور، لا يجوز تأسيس الأحزاب السياسية على أساس ديني أو لغوي أو عرقي أو جنسي أو مهني أو جهوي. وعليه، لا يجوز للأحزاب السياسية اللجوء إلى الدعاية الحربية التي تقوم على العناصر المذكورة.
    كما يحظر على الأحزاب السياسية كل شكل من أشكال التبعية لمصالح أو جهات أجنبية.
    كما لا يجوز أن يلجأ أي حرب سياسي إلى استعمال العنف أو الإكراه مهما كانت طبيعتهما أو شكلهما.
    تحدد التزامات وواجبات أخرى بموجب قانون.
    بعد ذلك، يعود الدستور الجزائري، في مادة أخرى، إلى الحديث عن حق إنشاء الجمعيات تحديدا وتشجيع الدولة لها. المادة 43 تنص على أن حق إنشاء الجمعيات مضمون. تشجع الدولة ازدهار الحركة الجمعوية. يحدد القانون شروط وكيفيات إنشاء الجمعيات. واضعا الفروق بين الجمعية والنقابة من خلال هذه المادة، المادة 56 التي تنص على أن : الحق النقابي معترف به لجميع المواطنين. وفي الأخير، يكرس الدستور حق الإضراب كوسيلة للدفاع عن الحقوق، كما جاء في المادة 57 التي تنص على أن: الحق في الإضراب معترف به، ويمارس في إطار القانون.يمكن أن يمنع القانون ممارسة هذا الحق، أو يجعل حدودا لممارسته في ميادين الدفاع الوطني والأمن، أو في جميع الخدمات أو الأعمال العمومية ذات المنفعة الحيوية للمجتمع.
    الدستور يترك للقانون، في أكثر من حالة، أمر تحديد شروط ممارسة هذه الحقوق، لتبرز الفوارق النوعية بين ما يمنحه الدستور وبين ما تحدده القوانين في هذه الحالة وغيرها من الحالات الأخرى.هذا الواقع الملحوظ في أكثر من دراسة عربية والتي لخصها تقرير التنمية الإنسانية العربية لسنة 2004، وهو يتكلم عن الكثير من الحريات التي تمنحها الدساتير العربية نظريا والتي كثيرا ما تكبلها التشريعات التنظيمية المتشددة. هكذا، يضيف محررو التقرير في خلاصتهم،..أن الدساتير العربية تحيل إلى التشريع العادي لتنظيم الحقوق والحريات، غير أن التشريع العادي غالبا ما يجنح إلى تقييد الحق، بل مصادرته أحيانا تحت ستار تنظيمه وبهذا يفقد النص الدستوري، رغم قصوره أحيانا، كثيرا من جدواه ليتحول إلى مجرد واجهة دستورية تفاخر بها الدولة أمام المجتمع الدولي .على الرغم من كونها لافتة فارغة من أي مضمون حقيقي .
    المجتمع المدني بين النص القانوني والممارسة الفعلية
    لقد أبدت بعض الدراسات العربية المقارنة التي أجريت في بداية التسعينيات على الجمعيات والمجتمعات المدنية إعجابا واضحا بالحالة الجزائرية وهي تتحدث عن التشريعات المنظمة للعمل الجمعوي في عملية تكوين الجمعيات خاصة ، واصفة هذه القوانين بالمتسامحة اعتمادا على المادة السابعة من قانون الجمعيات التي تتحدث عن شروط التأسيس والتي لا تتطلب نظريا إلا التصريح لدى السلطات المختصة. ومع ذلك، القراءة الجيدة للقانون والممارسات الفعلية المرتبطة به، قد تجعل الملاحظ يعيد النظر في هذا الحكم المتفائل الذي ارتبط بمرحلة بداية التسعينيات، قبل أن تسوء الأوضاع في الجزائر بسرعة فائقة بعد ذلك جراء تدهور الوضع الأمني والسياسي. ولتوضيح ذلك، نذكر ما يلي :
    - المادة 7 : تؤسس الجمعية قانونا بعد الإجراءات التالية :
    1. إيداع تصريح التأسيس لدى السلطات العمومية المختصة المذكورة في المادة 10من هذا القانون.
    2. تسلم وصل تسجيل تصريح التأسيس من خلال السلطة العمومية المختصة خلال 60 يوما على الأكثر من يوم إيداع الملف وبعد دراسة مطابقة لأحكام القانون.
    3. القيام بشكليات الإشهار على نفقة الجمعية في جريدة يومية إعلامية واحدة على الأقل ذات توزيع وطني.
    - المادة 8 : تخطر السلطة المختصة الغرفة الإدارية في المجلس القضائي المختص إقليميا خلال ثمانية أيام على الأكثر قبل انقضاء الأجل المنصوص عليه في المادة 7 أعلاه. إذا رأت أن تكوين الجمعية يخالف أحكام هذا القانون يعود إلى الغرفة الإدارية أمر الفصل في ذلك خلال 30 يوما الموالية للإخطار. وإذا لم تخطر الجهة القضائية المذكورة، عُدّت الجمعية المعنية مكونة قانونا بعد انقضاء الأجل المقرر لتسليم وصل التسجيل.
    الأهم من ذلك أن المادة الثامنة من نفس القانون تمنح السلطة القضائية وحدها الحق في رفض الاعتراف بتأسيس الجمعية وتمنح آجالا للنطق بالحكم وإلا اعتبرت الجمعية مكونة قانونا. بالطبع فإن تطبيق قوانين مثل هذه تحيل مباشرة إلى مسألة استقلالية القضاء الذي منح دورا مهما في مرحلة التأسيس الأولى للجمعيات. القضاء الجزائري، المعروف عنه قلة استقلاليته في علاقاته بالسلطة التنفيذية وتسويفه في البت في القضايا، استفادت منه الجهات الرسمية على حساب المواطن بمحدودية إمكانياته.أن التسامح النسبي، الملحوظ نظريا على القانون الجزائري المنظم لتكوين الجمعيات، سيفقد الكثير من مصداقيته لو قمنا بتصفح المواد الأخرى من نفس القانون المنظمة لدور السلطة العمومية، ليس في مرحلة التأسيس فقط، بل أثناء عملية التسيير اليومي لعمل الجمعية، علاقاتها بالمحيط الوطني والدولي تمويلها..الخ. من ذلك مثلا ما جاء في المادتين 17 و18 أدناه.
    - المادة 17 : يجب على الجمعيات أن تعلم السلطات العمومية المختصة المنصوص عليها في المادة 10 من هذا القانون بكل التعديلات التي تدخل على قانونها الأساسي وجميع التغييرات التي تطرأ على هيئاتها القيادية خلال 30 يوما الموالية للقرارات التي تتخذ في هذا الشأن.
    - المادة 18 : يجب على الجمعيات تقديم كل المعلومات المتعلقة بعدد المنخرطين فيها وكذا مصادر أموالها ووضعها المالي بصفة منتظمة إلى السلطة العمومية المختصة، وفقا للكيفيات التي يحددها التنظيم.
    هاتان المادتان، تجعل الجمعية تحت رقابة وزارة الداخلية مباشرة. لقد بينت تجربة الكثير من الجمعيات الوطنية، وحتى المحلية، أنها، عمليا، أمام إعادة اعتراف بها كل مرة تقوم فيها بإجراء انتخابات قيادة جديدة خاصة فيما يتعلق بأعضاء المكتب الوطني للجمعية، رئيسها وأمينها العام والمكلف بالمالية على وجه التحديد. وباعتبار الرئيس هو الممثل القانوني للجمعية ويملك مع أمين المالية حق تسيير مالية الجمعية، فإن أي تغيير لهما يعني عمليا إعادة تسجيل جديد للجمعية أمام مصالح وزارة الداخلية التي قد تستغل هذه الفرصة للضغط على الجمعية وعدم منحها تأشيرة المطابقة. فإمضاء الرئيس وأمين المالية مطلوبان من قبل كل البنوك ومراكز البريد عند أي معاملة مالية مهما كان حجمها؛ مما يعني أن كل تغيير في الحصول على تأشيرة المطابقة معناه تعطيل فعلي لعمل الجمعية قد يدوم عدة شهور.
    الجمعيات الجزائرية التي عادة ما تعرف الكثير من المشاكل بين قياداتها. تظهر هذه المشاكل بمناسبة تغيير القيادات وتنظيم الجمعيات العامة الانتخابية ؛ مما يمنح فرصة لتدخل الإدارة بعد طلب التحكيم الذي تلجأ إليه بعض القيادات الجمعوية ، لرفضها لنتائج التغيير. لعل هذا الوضع راجع، من دون شك، ليس فقط إلى غياب الثقافة الديمقراطية داخل الفضاء الجمعوي، بل أيضا إلى غياب الآليات الديمقراطية في التسيير اليومي للفضاء الجمعوي ؛ مما يؤدي إلى بروز واضح لظاهرة الانشقاق وشلل الكثير من الجمعيات بل واختفائها الذي لاحظته أكثر من دراسة . العلاقات الدولية للجمعيات هي الأخرى خاضعة لوصاية السلطة العمومية إذ يفرض القانون من خلال مادته 21 موافقة وزارة الداخلية ويمنع الجمعيات المحلية (الولائية أو البلدية) – وهي الأكثر عددا بين الجمعيات - من أي انضمام لأي تجمعات أو تنسيقيات دولية مهما كانت.
    نفس الشيء بالنسبة للهبات التي يمكن أن تحصل عليها الجمعيات الوطنية من الخارج، فشرط الحصول على موافقة وزارة الداخلية القبلي مطلوب هنا كذلك، علما بأن الجمعيات الجزائرية، وخلافا لما هو شائع في تجارب عربية أخرى على سبيل المثال، لازالت عاجزة ،كلما تعلق الأمر بتجنيد الأموال والهبات من الخارج لصالحها.كما أن حصولها على مساعدات من قبل السلطات العمومية الجزائرية (وزارات، ولايات، بلديات) يبقى محدودا وغير منتظم، حسب شهادة الكثير من رؤساء الجمعيات. فالتمويل والوضع المادي المرتبط بالتسيير اليومي بصفة عامة يبقيان على رأس اهتمامات الجمعية الجزائرية إلى حد الساعة.
    رغم إمكانية الاعتراف القانوني للجمعيات بالاستفادة من وضعية جمعية ذات نفع عام التي تسمح لها بالحصول على هبات ومساعدات خاصة، إلا أن هذه المكانة لم تستفد منها إلا جمعيتان وطنيتان كبيرتان هي الهلال الأحمر الجزائري والكشافة الإسلامية الجزائرية؛ وهما جمعيتان يعود تاريخ تأسيسهما إلى مرحلة ما قبل الاستقلال وظهور الدولة الوطنية نفسها.
    الجمعيات والإدارة : وجها لوجه
    إضافة إلى صعوبات التأسيس والتسيير - التي تبقى إلى حد كبير تحت سيطرة السلطات العمومية ممثلة في وزارة الداخلية بالنسبة للجمعيات الوطنية بفعل القانون والممارسات البيروقراطية المختلفة - فإن الأهم من ذلك أن الوزارة تحتفظ بحقها في طلب حل الجمعيات، بواسطة قرار قضائي، حسب الشروط المحددة في المادين 32 و35 كما هو مبين أدناه. لا داعي إلى التذكير هنا كذلك أن منح هذا الحق للقضاء، بعد شكوى السلطات العمومية أو غيرها، يطرح بحدة مسألة استقلالية القضاء ومدى حياديته عندما يتعلق الأمر بشكوى مقدمة من قبل السلطات العمومية داخل نظام سياسي تميز دائما بسيطرة واضحة للسلطة التنفيذية على باقي السلطات – بما فيها القضائية - وعدم الفصل بينها .
    - المادة 32 : يمكن للجهات القضائية المختصة أن تعلن تعليق نشاط الجمعية وجميع التدابير التحفظية الخاصة بتسيير الأملاك، دون المساس بالقوانين والتنظيمات الجاري بها العمل، بناء على عريضة تقدمها السلطة العمومية المختصة حسب الشروط المنصوص عليها في المادة 33 من هذا القانون. تنتهي هذه التدابير بقوة القانون إذا رفضت الجهة القضائية المعنية تلك العريضة، بصرف النظر عن رأي طريق طعن آخر .
    - المادة 35 : يمكن أن يطرأ حل للجمعية بالطرق القضائية بناء على طلب السلطة العمومية أو شكوى الغير إذا مارست الجمعية أنشطة تخالف القوانين المعمول بها أو تكون غير واردة في قانونها الأساسي .بالطبع، زادت عيوب هذا الإطار القانوني بالنقائص التي ميزته عند الممارسة الميدانية له بعد إعلان حالة الطوارئ في سنة 1992 وما نتج عنها من تقييد عملي للحركة الجمعوية التي تأثرت نشاطاتها سلبا بأجواء هذه الفترة الصعبة من تاريخ البلاد .
    مجتمع مدني مختماوال
    رغم أن الإطار القانوني الجديد الذي نتج عن أحداث اكتوبر 1988 قد فتح المجال واسعا للجزائريين في تكوين الأحزاب ،النقابات والجمعيات إلا أن مفهوم المجتمع المدني على الساحة الجزائرية قد ارتبط أكثر بالجمعيات والنخب التي أطرت هذا الفضاء الجديد بكل التنوع الذي عرفته اهتماماتها والتي يمكن أن نأخذ صورة عنها من خلال هذا الجدول في آخر ملحق الدراسة .
    تؤكد المعطيات الرسمية أننا أمام عدد كبير جدا من الجمعيات خاصة عندما يتعلق الأمر بالجمعيات المحلية التي تجاوز عددها السبعين ألف جمعية حسب معلومات حديثة ، منتشرة جغرافيا في كامل التراب الوطني حتى ولو كان ذلك بدرجات متفاوتة لصالح المدن الكبرى وبعض جهات الوطن ،كمنطقة القبائل . لقد تطورت هذه الجمعيات عدديا بسرعة مباشرة بعد المصادقة على قانون الجمعيات رغم ما عرفه تطورها من خمول خلال النصف الثاني من التسعينيات نتيجة الأوضاع الصعبة التي عرفتها الجزائر. تهتم هذه الجمعيات الناشئة بمواضيع مختلفة يأتي على رأسها ما تسميه مصالح وزارة الداخلية بالقضايا المهنية، جمعيات الأحياء و الاهتمامات الدينية والرياضة والمسائل الثقافية دون إهمال القضايا الاجتماعية – الصحة، المعاقون، الشغل...الخ - التي تفاقمت في السنوات الأخيرة ؛ مما جعل الجمعيات تأخذ منحى مطلبيا واضحا في وضع تميز بغياب جزئي للدولة جراء الخيارات الجديدة المتبناة في الميادين الاقتصادية وأزمة مالية عانت منها لسنوات عدة.
    نفس الملاحظات يمكن القيام بها حول العدد الكبير للجمعيات ذات الطابع الوطني التي اقتربت من الألف جمعية والتي تنشط في ميادين شتى يأتي على رأسها الجمعيات المهنية والرياضية والثقافية والصحية...الخ كما هو موضح في الجدول المذكور. علما بأن الجمعيات الجزائرية، لاسيما المحلية منها وحتى بعض الجمعيات الوطنية، عادة ما تتميز بتعددية نشاطها ،مما يفقد هذا التصنيف المعتمد من طرف المؤسسات الرسمية الكثير من الدقة، فالتجربة الميدانية تبين أن الجمعية التي تنشط في ميدان الصحة يمكن أن تقوم بعدة نشاطات في ميدان الطفولة والمرأة. نفس الشيء بالنسبة إلى الجمعية الثقافية التي يمكن أن تقوم، بمناسبات وطنية ودينية، بنشاطات ذات طابع اجتماعي وحتى خيري تحت ضغط الظرف الاجتماعي، الاقتصادي والسياسي وحتى الطبيعي الذي كان كثير التقلبات خلال العمر القصير لظهور المجتمع المدني في الجزائر( حركة ماوالزالية نشطة مست أكثر من جهة وفيضانات) .
    بالطبع، لا يمكن إغفال تداعيات الأزمة الأمنية والسياسية التي عاشتها الجزائر بدءا من السنوات الأولى للتسعينيات على مؤسسات المجتمع المدني التي عانتها وهي في بداية انطلاقها كمؤسسات وبرامج ؛ مما فرض عليها أعباء وشروط عمل لم تكن مؤهلة لها. وهو نفس المحيط الذي اشتغلت ضمنه النقابات المهنية المستقلة والأحزاب السياسية التي ظهرت بعد الاعتراف بالتعددية، رغم أن المتعارف عليه جزائريا أن المجتمع المدني قد اختماوال في الجمعية وجزئيا النقابات المهنية ورابطات حقوق الإنسان، دون الحرب السياسي ؛ مما يفرض علينا التطرق إلى ظاهرة النقابات المهنية التي كانت التعبير الرئيسي الذي عبر من خلاله عالم الشغل عن نفسه بفاعليه الرئيسيين : العمال الأجراء وأرباب العمل، زيادة، بالطبع، على الجمعيات بشكليها الوطني والمحلي. علما بأننا لم نلاحظ بروز قوي للأشكال الأخرى الممكنة من التنظيمات المهنية والفئوية كالتعاضديات على سبيل المثال في عالم الشغل الذي عرف تحولات جذرية خلال هذه الفترة جراء الأزمة الاقتصادية وتداعيات الوضع السياسي والأمني، مع ما أفرزته الخيارات السياسية الاقتصادية الجديدة التي بدأت في التجسيد مع بداية التسعينيات.

    المجتمع المدني وعالم الشغل بين نقابات الفئات الوسطى ... ؟
    نفس الإطار الأحادي الذي تكلمنا عنه ونحن بصدد الحديث عن الجمعية يمكن أن نكرره فيما يخص العمل النقابي الذي كان محتكرا من قبل النقابة التاريخية، الاتحاد العام للعمال الجزائريين، ليتغير المشهد بسرعة بعد المصادقة على دستور 1989 وصدور القوانين المنظمة لممارسة الحق النقابي . الإطار القانوني الجديد أنتج خارطة نقابية تعددية تضم عشرات النقابات لمختلف الفئات الأجيرة التي بادرت بمغادرة صفوف الاتحاد العام للعمال الجزائريين وتكوين نقابات مهنية مستقلة.
    ما يلفت الانتباه في هذه النقابات العمالية المستقلة التي برزت بعد الإعلان عن التعددية ،أنها في أغلبيتها نقابات موظفين، اقتصرت على قطاع الخدمات ( الصحة، التعليم، الإدارة.....الخ ) بعيدة عن العمل الصناعي الذي لم يلجأ عماله إلى تكوين نقابات إلا في حالات قليلة لم تتمكن من الصمود مع الوقت كما هو الحال بالنسبة للكنفدراية النقابية للقوى المنتجة COSYFOP على سبيل المثال أو النقابات المحلية والقطاعية كالاتحاد الديمقراطي للعمال UDT التي بدأت تجربتها في القطاع الصناعي العمومي بولاية تيزي وزو قبل اختفائها ؛ مما يعني أن جزءا كبيرا من مصاعب هذه النقابات كان مرتبطا، من دون شك، بالوضعية التي آل إليها القطاع العمومي الصناعي بوجه عام. نفس الشيء بالنسبة إلى عمال وعاملات القطاع الخاص الذين بقوا من دون تأطير نقابي يذكر ،رغم أهميتهم على مستوى التشغيل ؛ أهمية مرشحة للزيادة مع الوقت في ظل الخيارات الاقتصادية والسياسية السائدة الداعمة لاقتصاد السوق ولدور أكبر للفاعل الاقتصادي الخاص، الوطني منه والأجنبي. بالطبع، التطور الذي يعرفه عالم الشغل غير الرسمي حاليا في الجزائر وما يميزه من بطالة وتهميش مسا قطاعات واسعة من الشباب ، يجعل هذه التجربة النقابية الجديدة، رغم أهميتها، ذات عمل إدماجي محدود، لتظل فئات واسعة من المواطنين دون إطار تمثيلي يتم التعبير من خلاله في علاقاتها بالمؤسسات الرسمية كالبرلمان ومن دون إمكانية للمشاركة المنظمة ، الدائمة والسلمية في الشأن العام.علما بأن العمل غير الرسمي قد مس المرأة ،زيادة على الشباب بدرجة كبيرة في السنوات الأخيرة مما يعمق هنا كذلك من تهميش المرأة اقتصاديا وفي تمثيلها النقابي ومساهمتها في الشأن العام .
    سيطرة موظف القطاع العمومي والفئات الوسطى القريبة منه على الظاهرة النقابية المستقلة، يمكن تفسيرها بعدة عوامل من بينها ما هو متعلق بالتجربة التاريخية للحركة النقابية ووعائها العقائدي الذي سيطرت عليه نزعة يمكن وصفها بـ "العمالجية" ouvriériste (أي الطابع العمالي المفرط) نفرت كل الفئات الوسطى والمؤهلة من العمل النقابي داخل هياكل الاتحاد الذي سيطرت عليه، في المقابل، الفئات الأقل تأهيلا على مستوى الانخراط والمستويات التنظيمية القاعدية ،لتحتكر بعض الفئات المهنية، المتوسطة التأهيل، قيادة الاتحاد محليا ووطنيا ،بعد أن قبلت بالأدوار الممنوحة للعمل النقابي الرسمي في ظل الأحادية.العمل النقابي بخصائصه هذه الذي تحول إلى وسيلة ترقية ، اجتماعية وسياسية لهذه الفئات المهنية –الاجتماعية .
    اعتقاد هذه الفئات المهنية الوسطى الأجيرة في قدرتها على التفاوض والضغط لتحقيق مطالبها منفردة، قد يكون أحد الأسباب التي جعلتها تختار إستراتيجية تكوين نقابات فئوية مستقلة متعددة ،ناهيك عن رفض السلطات الرسمية حتى الآن لإمكانية أي تحالف بينها لتكوين كنفدرالية قد يكون هو الآخر عاملا مساعدا على عدم الخروج من حالة التشرذم الذي لازالت تعيشه هذه النقابات المستقلة كثيرة العدد وضعيفة الإمكانيات حتى الآن.
    لقد لجأت النقابات المستقلة إلى العديد من الحركات الاحتجاجية في السنوات الأخيرة ، دفاعا أساسا عن مكانة الفئات الوسطى المؤهلة الأجيرة (أساتذة الجامعة، معلمون، أطباء، موظفون ...الخ) التي عرفت وضعيتها تدهورا في المجالين الاقتصادي والاجتماعي وحتى الرمزي، جراء التحولات التي عاشها المجتمع الجزائري في العقدين الأخيرين. هذه الحركية الاجتماعية المطلبية التي قد تفسر ذلك الخلط الموجود في بعض الأحيان بين مفهوم المجتمع المدني والحركات الاجتماعية. وعلى الرغم من أن الملاحظة الميدانية للواقع الجزائري - الذي عرف بروزا قويا للحركات الاجتماعية من كل نوع في السنوات الأخيرة - تؤكد ،أن منظمات المجتمع المدني، بما فيها الجمعيات والأحزاب وحتى النقابات المهنية خارج ميدان عالم الشغل جزئيا، لازالت بعيدة عن تأطير هذه الحركات الاحتجاجية التي ميزت الساحة الاجتماعية الوطنية في السنوات الأخيرة وجندت فئات اجتماعية واسعة ،حول العديد من القضايا التي يغلب عليها الطابع الاجتماعي والاقتصادي.
    لقد بينت هذه المعطيات ، إن المواطن الفرد، أو الجماعة على مستوى الحي بالمدينة أو القرية، هو الذي يطالب ويحدد أشكال المطالبة ومحتواها وهو الذي يفاوض السلطات الرسمية في غياب ملحوظ لمؤسسات المجتمع المدني المختلفة ؛ مما يكون قد ساعد على ظهور أشكال مختلفة من العنف مست نصف الحركات الاحتجاجية التي عرفتها هذه السنة، والسقوط في نوع من الابتذال بعد المأزق الذي وصلته هذه الحركات الاحتجاجية التي اتسمت بتكرارية كبيرة وتشابه كبير في المطالب والأشكال المطلبية.
    على مستوى عالم الشغل ورغم هذه الأدوار التي غلب عليها الطابع المهني والفئوي corporatisme، فإن هذه النقابات القطاعية والمهنية لازالت بعيدة عن الاعتراف الفعلي بها من قبل السلطات العمومية التي ترفض القبول بها كطرف رسمي في المفاوضات المركزية، مثل "الثلاثية"، رغم تمثيليتها القطاعية والفئوية الأكيدة، أو الحضور ضمن مؤسسات الحوار كالمجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي.كما أنها لا تستفيد من التسهيلات والمساعدات الرسمية التي يمكن أن تساعدها على تجاوز مرحلة إثبات الذات التي لازالت تعيشها لتتحول إلى شريك فعلي صاحب اقتراحات وطرف اجتماعي فعال وممثل.رغم التعددية القانونية،إذن، فإن المؤسسات السياسية الرسمية، بما فيها البرلمان ولجانه المتخصصة، لازالت تفضل التعامل مع شريك واحد ممثلا في النقابة التاريخية من خلال قيادتها المركزية التي لازالت تحتكر في الواقع الاستشارات والتمثيل العمالي والاستماع داخل لجان البرلمان بمناسبة مناقشة نصوص قانونية ذات طابع اقتصادي او اجتماعي ، الذي لا يُعترف به إلا لها، كما بينته أخيرا تجربة إمضاء العقد الاقتصادي والاجتماعي مع الهيئة التنفيذية ونقابات أرباب العمل.
    إن هذه السيطرة التي تفرضها بعض الفئات الوسطى الأجيرة على الظاهرة النقابية المستقلة بالإضافة إلى ممثلي أرباب العمل والإبعاد الذي يعيشه عمال القطاع الصناعي وعمال القطاع الخاص ومختلف الفئات الاجتماعية الشعبية التي فرضت عليها التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تمت في العشرية الماضية أشكال تهميش متعددة لم تساعدها على تنظيم نفسها، هي التي تسمح لنا بطرح هذا التساؤل المرتبط بإشكالية العلاقة بين المجتمع المدني والنقابة في التجربة الجزائرية والذي أجابت عنه بعض الدراسات المغاربية بتأكيد أطروحة سيطرة الفئات الوسطى على مفهوم المجتمع المدني خارج و حتى داخل عالم الشغل .
    ...ونقابات "القطاع الخاص "
    أرباب العمل كجزء من هذا المجتمع المدني الحديث النشأة ليسوا أحسن حالا ،رغم الإمكانيات التي يفترض أن تتوفر لديهم. فقد عرفت نقابات أرباب العمل ظاهرة الانشقاقات وضعف الإطار التنظيمي، مثلها مثل نقابات الأجراء، بعد الاعتراف بالطابع التنظيمي المتعدد بعد 1990 والمصادقة على القوانين الاجتماعية الجديدة التي تسمح بالتعددية النقابية لرب العمل الجزائري. علما بأن الأحادية التي كانت سائدة قبل هذا التاريخ ، لم تسمح لرب العمل على غرار باقي المواطنين بالتعبير عن نفسه والدفاع عن مصالحه خارج الدور الاقتصادي المطلوب منه أدائه . نقابات أرباب العمل، ورغم القبول بها كطرف اجتماعي وشريك ضمن المفاوضات الرسمية المركزية (الثلاثية والثنائية) وحضورها في مؤسسات الحوار الاجتماعي ،كالمجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي وحتى لجان المجلس الوطني الشعبي عند ما تكون بصدد دراسة ملفات ذات علاقة بعالم الشغل ، لازالت ضعيفة الحضور اجتماعيا كفاعل يعول عليه في احتلال مواقع هامة ، تمنحه إياها خيارات اقتصاد السوق المعلنة رسميا كخيار استراتيجي.

    أرباب العمل الذين عبروا عن نفسهم في ظل التعددية لأول مرة سنة 1990 من خلال الكونفدرالية العامة للمتعاملين الاقتصاديين الجزائريين CGOEA والتي صرحت في سنة 1997 عن تمثيلها لـ 2371 مؤسسة صناعية تظم اتحاد للنسيج (366 مؤسسة) وآخر للمواد الغذائية ( 210 مؤسسة ) والبناء ( 1795 مؤسسة ) ...الخ. لتظهر إلى الوجود نقابة ثانية في سنة 1992، وهي الكونفدرالية الوطنية لأرباب العمل الجزائريين CNPA التي صرحت بتمثيلها لـ 238 مؤسسة صناعية خاصة متواجدة أساسا في قطاع البلاستيك والمطاط وصناعة الورق والسياحة ...الخ . ثم ظهرت نقابة ثالثة –الكونفدرالية الجزائرية لأرباب العمل CAP - في سنة 1999 والمعتمدة على 13 فيدرالية من مختلف النشاطات الاقتصادية .
    رغم هذا التنوع في الخارطة النقابية لأرباب العمل التي عرفت تطورات كبيرة مع الوقت وعدم استقرار مزمن لم يساعدها على تحسين تمثيليتها وتفعيل أدائها، فإن الكثير من المؤشرات تظل تؤكد أن رب العمل الجزائري لازال في الغالب رهين الرؤية الرسمية التقليدية له، وأنه لم يتمكن بعد من تجاوز محيط ورشته ومؤسسته الصناعية الصغيرة في الغالب ؛ مما جعل أدواره الاجتماعية كفاعل اجتماعي مركزي متأثرة بعدم الشرعية التي فرضتها عليه الممارسات والخطاب التقليدي أثناء المرحلة الأحادية الملتصق به كـ "قطاع خاص "
    المجتمع المدني ومحيطه المؤسساتي
    تبين إحدى الدراسات المغاربية المقارنة نوعية الصعوبات ونقاط الضعف التي تتعرض لها الجمعيات المغاربية، بما فيها الجزائرية بالطبع، التي تختصرها على الشكل التالي :
    • العلاقات بين الجهات الرسمية والجمعيات ليست شفافة بالقدر الكافي .
    • الجمعيات غير معترف بها فعليا كمحاور وشريك من قبل المؤسسات والجهات الرسمية.
    • لا تتوفر، بما فيه الكفاية، الثقة المتبادلة المطلوبة بين الجمعيات وبين المؤسسات والجهات الرسمية.
    • علاقات العمل والشراكة بين المؤسسات الرسمية والجمعيات ليست ممأسسة.
    • استفادة الجمعيات من المساعدات المالية الرسمية ليست شفافة بالقدر الكافي.
    • لا توجد قنوات وإجراءات معروفة بهدف الحصول على مقرات دائمة للجمعيات أو مقرات لاستقبال المشاريع .
    • الجمعيات لا تملك الحرية في استقبال الهبات والمساعدات من الخارج.
    • لازالت الجمعيات تخضع للكثير من إجراءات الجمركة والعديد من الضرائب، عند حصولها على مساعدات أو هبات من الخارج ؛ مما يؤثر سلبا على وضعها المادي وسير عملها.
    حسب نفس الدراسة المذكورة، نقاط الضعف هذه لا تقابلها الكثير من نقاط القوة. وقد اكتفت الدراسة بالتذكير أن من بين نقاط قوة المجتمع المدني في الجزائر وجمعياته، يمكن أن نعد ما يلي :
    • الدور البارز الذي يحتله الشباب والمرأة داخل الجمعيات وعلى رأس قياداتها.
    • الدور الخاص الذي تحتله الفئات المؤهلة والنخب العلمية في قيادات جمعيات المجتمع المدني خاصة تلك المهتمة منها بميدان البيئة والتنمية .
    • وأخيرا استمرارية قيم العمل التطوعي بين أعضاء الجمعيات والمنتسبين إليها.
    لا تشير الدراسة إلى أن نقاط القوة هذه يمكن وبسهولة أن تتحول إلى نقاط ضعف كذلك. فالعمل التطوعي وحده و رغم أهميته لا يمكن التعويل عليه دائما، خاصة وأن الحركة الجمعوية وبعد تجربة أكثر من عقد ونصف،لابد لها أن تتوجه نحو نوع من النضج والمأسسة لتخطي مرحلة الطفولة التي عاشتها حتى الآن والتي تتأكد إذا عرفنا أن نسبة المشاركة في الجمعيات الجزائرية لا تتجاوز 5% ، مقابل 10% في المغرب حسب تقديرات حديثة .
    نفس الشيء يلاحظ بالنسبة إلى سيطرة النخب العلمية على قيادات الجمعية. فرغم أهمية هذا التأطير إلا أنه يبقى غير كاف وقد يتحول إلى عائق بتحويل الجمعيات إلى نواد مغلقة للنخبة التي يمثلها جيل الرواد والمؤسسين ،ما دامت قواعد هذه الجمعيات لم تتوسع اجتماعيا مع الوقت للتحول إلى وسيلة تجنيد للمواطنين حول القضايا التي تهمهم. ضعف التجنيد الذي لاحظته عدة دراسات عربية ومغاربية مقارنة اعتمدت على تسع حالات عربية ممثلة . ...مع استثناءات قليلة، لا يعرف القطاع الجمعوي في البلدان العربية ازدهارا ونموا في مستوى التحديات والطلب الاجتماعي ولا حتى بالمقارنة بالخطاب الرسمي حوله. فعلى الرغم مما قد يميز بعض الوضعيات من اختلاف وبعض المفارقات والاستثناءات، فإن المنظمات غير الحكومية في العالم العربي لا يمكن اعتبارها قوى اجتماعية حقيقية يمكن أن يكون لها تأثير على تطور ومستقبل المجتمعات العربية... ؛ وهو ما تؤكده بعض المعطيات الإحصائية والملاحظات الميدانية المتعلقة بالحالة الجزائرية وهي تتحدث عن نسبة انخراط لا تتجاوز 2% بالنسبة للجمعيات المهتمة بعالم الريف في سنة 2002 على سبيل المثال. كما تؤكده الدراسات العلمية القليلة التي أنجزت حول الحالة الجزائرية على المستويين الوطني والمحلي حين خلصت إلى أنه،... وبغض النظر عن الأهمية الكمية للظاهرة الجمعوية وتنوع اهتماماتها في الجزائر، فإنها تعرف مستوى هيكلة غير ناضجة وغير مكتملة. في المقابل، فإن خصائص الجمعيات ونوعية تأطيرها وكذا التصورات السائدة لدى قياداتها وأحكامهم تسمح لنا بالقول إننا أمام وضعية جمعوية في حالة سبات وخمول لدرجة أن موت الجمعيات المبكر وفقدانها لمنخرطيها قد يتحول إلى قاعدة عامة وحالة معدية.... كما تضيف الدراسة - التي أجريت حول جمعيات ولاية وهران - ...أن التبعية المادية والمالية لأغلبية الجمعيات إزاء الدولة تسمح لهذه الأخيرة بفرض إستراتيجيتها الإدماجية على عدد كبير من الجمعيات وتحويل العلاقات بها إلى علاقة شراكة سلبية، بدل العلاقة الايجابية، في التكفل بالقضايا المطروحة وتلبية حاجيات المنخرطين. كل الدلائل تشير إلى أن القطيعة مع الممارسات والتصورات التوجيهية والمشككة للدولة إزاء الحركة الجمعوية ليست مطروحة على جدول الأعمال.... وعليه، تختم هذه الدراسة بالقول ...إن هذا المخاض للفعل الجمعوي في الجزائر لن تترتب عليه ولادة دون تحولات جذرية في نسق القيم الذي يجب عصرنته وبروز إرادة سياسية فعلية على مستوى الدولة للاعتراف بوجود سلطة مقابلة تعمل على توازن أكثر لمختلف القوى داخل المجتمع ....
    هذا الواقع فرض على العديد من الجمعيات، محاولة التكتل على شكل شبكات وفيدراليات حسب نوعية اهتماماتها طمعا في الزيادة في فعاليتها وقوة ضغطها كما هو حال الجمعيات المهتمة ببعض الفئات ذات الحاجات الخاصة كالمعاقين وأصحاب الأمراض المزمنة والمرأة والبيئة...الخ، لكن دون أن يعني ذلك أننا أمام قوة تشبيك فعلي للحركة الجمعوية الجزائرية التي لازالت تعاني من نقائص حالة العمل المنفرد .
    الجمعية والبرلمان
    من دون أدنى شك، فإن مؤسسات المجتمع المدني الجزائرية، ذات التجربة المحدودة وحديثة النشأة، ستتأثر في علاقاتها بالبرلمان الجزائري كمؤسسة تشريعية حديثة العهد هي الأخرى. متأثرة بأجواء اللحظة السياسية التي ظهرت فيها والمهام المصرح بها أو المسكوت عنها الموكولة لها في حينها والمرتبطة بعملية الانتقال السياسي وتوسيع قاعدة النظام السياسي ،من خلال مشاركة أكبر، لبعض الفئات الوسطى الحضرية. لذلك، منح مثل هذا الطابع النخبوي لمفهوم المجتمع المدني في الجزائر والممارسات المرتبطة به على الأقل في بداياته وعلى مستوى التأطير الذي ميزه. قيادات ونخب لم تتمكن حتى الآن من توسيع قاعدة هذه التجربة شعبيا وكسب قواعد اجتماعية أوسع لها ، تكون سندا لهها وهو تحاول الدخول في علاقات مع المؤسسة التشريعية التعددية ، المتميزة هي الأخرى بالعمر القصير والصلاحيات المحدودة في علاقاتها بالسلطة التنفيذية، رغم ما عرفته هذه التجربة القصيرة من مد وجزر حسب الظرف السياسي المتقلب والمضطرب هو الآخر .
    الظرف السياسي الذي جعل بعض الفروق تبرز بين التجربتين الأولى1997/2002 والثانية للمجلس 2002/2006 ،كان على العموم لصالح التجربة الأولى التي يبدو أنها كانت أكثر حيوية ،نظرا ربما إلى التنوع السياسي والحربي الأكبر الذي ميزها كتجربة عكس العهدة الثانية التي زادت فيها نسبة التشريع بأوامر حتى عندما تعلق الأمر بنصوص قانونية أساسية لم تسمح للبرلمان من استعمال كل صلاحياته المنصوص عليها قانونا ،ومن باب أولى الانفتاح على المجتمع المدني وتطوير آليات عمله .
    علما بأن البرلمان بغرفتيه لا يتضمن لا قانونه الداخلي ولا القانون العضوي المنظم لأعماله إمكانية قانونية لإشراك المجتمع المدني بأي شكل كان في أعماله إذا استثنينا المادة 43 من القانون الداخلي للمجلس الوطني الشعبي التي تنص على أنه يمكن للّجان الدّائمة، في إطار ممارسة أشغالها، أن تدعو أشخاصا مختصّين وذوي خبرة للاستعانة بهم في أداء مهامّها .
    المادّة 47 تنص من جهتها على ما يلي وهي تحدد طرق عمل اللجان .
    - أن يحرّر ملخّص قرارات اجتماعات اللّجان الدّائمة.
    - تحفظ الأشرطة المسموعة في أرشيف اللجنة الدائمة.
    - لا يمكن الاطلاع عليها إلا بموافقة رئيس اللجنة.
    - تودع هذه الأشرطة لدى أرشيف المجلس في نهاية الفترة التشريعية.
    كما تنص المادة 38 من القانون الداخلي لمجلس الأمة بدورها على أنه :
    - يمكن للجان الدائمة، في إطار ممارسة أعمالها، أن تدعو أشخاصا مختصين وذوي خبرة للاستعانة بهم في أداء مهامها.
    - لا يمكن للجان مجلس الأمة نشر أو إعلان محاضرها، ويتحمل مسؤولية ذلك مكتب اللجنة.
    - تتحمل المصالح الإدارية المختصة مسؤولية المحافظة على سرية تسجيلات أشغال اللجان، ولا يسمح الاستماع لها إلا بإذن من مكتب اللجنة المختصة.
    مما يعني أن المقصود بهذه المادة هو الخبير كشخص لا كمنظمات المجتمع المدني بمختلف أشكالها التنظيمية ؛ وهو ما تترجمه اللجان المتخصصة بدعوتها لخبراء من مختلف التخصصات للاستماع لآرائهم ، فلا يبقى، إذاً، من إمكانيات التدخل أمام جمعيات المجتمع المدني إلا العمل من خارج الهيئة التشريعية ، كقوة ضغط في غياب نص قانوني يقنن مساهمة هذه القوى المنظمة من الداخل على صعيد كل مؤسسات البرلمان بغرفتيه، يساعدها في ذلك وجود صحافة مكتوبة مستقلة جزئيا ومستوى تجنيد متفاوت القوة حسب متغيرات الظرف السياسي والأمني المتقلب خلال هذه الفترة.
    هذا النوع من العمل من الخارج لجأت إليه في المدة الأخيرة وبمناسبة اقتراب الانتخابات التشريعية (ربيع 2007) المنظمات النسوية للمطالبة بحصول المرأة على نسبة تواجد لا تقل عن 30 % في قوائم الترشيحات للانتخابات. لقد تطلب الأمر من هذه المنظمات النسوية القيام بدراسة مغاربية مقارنة حول مشاركة المرأة في العمل السياسي العمومي والهيئات السياسية الرسمية كالبرلمان والحكومة ؛ مما سمح لها بوضع مذكرة تتضمن عدة اقتراحات للوصول إلى تمثيل عادل للمرأة على مستوى المؤسسات السياسية. وقد تم إرسال نسخ من هذه المذكرة إلى المسئولين السياسيين وعلى رأسهم السيد رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير الخارجية وبالطبع رئيسي المجلس الوطني الشعبي ومجلس الأمة .
    الاقتراحات المعروضة تضمنت تعديل المادة 51 من الدستور التي جاء فيها : يتساوى جميع المواطنين في تقلد المهام والوظائف في الدولة دون أية شروط أخرى غير الشروط التي يحددها القانون والقانون الانتخابي وقانون الأحزاب. كما تضمنت اقتراحا بمنح تشجيعا ماليا للأحزاب السياسية التي تتبنى النساء في قوائمها بنسبة لا تقل عن 30%، وغير ذلك من الاقتراحات التي تصب في خانة "التمثيل العادل للمرأة داخل المؤسسات السياسية والعمومية" .

    مع العلم أخيرا ، أن المجلس الوطني الشعبي لا يضم ضمن لجانه الدائمة الاثنتي عشرة إلا لجنة واحدة تهتم بالعمل الجمعوي ألا وهي لجنة الشباب والرياضة والنشاط الجمعوي
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 2093
    تاريخ التسجيل : 01/03/2010
    الموقع : hmsain.ahlamontada.com

     بحث حول المجتمع المدني في الجزائر Empty المجتمع المدني والدولة

    مُساهمة  Admin الإثنين 12 ديسمبر 2011 - 17:36

    المجتمع المدني والدولة
    حسن خالد Friday 18-12 -2009

    من العبث البحث عن مفهوم واحد قادر على حصر تنوع منظمات "المجتمع المدني" في شكل أو وظيفة أو نمط واحد .
    ويهيمن على الأدبيات العربية المتداولة حالياً ، موقفاً قوامه أن المجتمع المدني هو شرط قيام نظم ديمقراطية وضمانة ترسيخ الحريات السياسية والحقوق المدنية وتجسيدها
    . لكن هذا الرأي ينضوي على تبسيط مضلل للعلاقة لكل من الدولة والمجتمع المدني. فهو يقفز عن حقيقة أن لا مضمون للمجتمع المدني بدون حضور الدولة.
    فهناك ما يميز منظمات المجتمع المدني عن مؤسسات الدولة أو مؤسسات وفعاليات اقتصاد السوق (شركات، مصانع، ورش، بنوك، مطاعم، مشاريع خدماتية مختلفة وما شابه )
    ويشرّع استقلالية المنظمات المدنية قوانين تسهم في إدارة شؤونها الداخلية وصياغة برامجها وخطط عملها. أي منظمات المجتمع المدني، وهذه القوانين تحددها موازين قوى اجتماعية وسياسية، وتتأثر بعوامل إقليمية ) كالحالة العراقية بتشعباتها )، ودولية كسيطرة القطب الواحد على القرار الدولي. وهو يختماوال الدولة إلى الحكومة
    وقد نشأ مفهوم "المجتمع المدني" مع نشوء الدولة القومية ونمو الرأسمالية الحديثة ،. واكتسب المفهوم بعداً أيديولوجياً لربطه بالحركات التي شهدتها بلدان أوروبا الشرقية، في عقد الثمانينات، والتي توجهت نحو تقليص سيطرة الدولة على الاقتصاد والتشكيلات السياسية والحركات الاجتماعية والنقابات والاتحادات النقابية والمهنية
    ♣ فما هي الرموز العامة التي يمكن أن نلجأ إليها لتحديد معالم المجتمع المدني ؟
    بما أن القول هنا ينحصر في إطار مقوّمات جوهرية ، يمكننا أن نشير إلى ثلاثة رموز أو ظاهرات موجودة في كل المجتمعات المدنية .
    1- أولاً ، ظاهرة الشارع . ففي كل مجتمع مدني مرتبط بنشوء المدينة هناك شارع . فالشارع ليس المقصود به هنا المعنى السياسي ، إذ يمكن أن يحمل الشارع معنى سياسياً . بل المقصود به الرمز الموضوعي للعام وللتواصل ، للمرور والعبور ، للأخذ والعطاء ، للحركة القائمة بين أفراد المدينة ، إنه رمز المجال المفتوح ، لسكّان المدينة ومن يأتي إليهم .
    2- ثانياً ، السوق . كل مجتمع مدني يشتمل على سوق ، والسوق هنا المقصود بها ليس فقط الوجود الماديّ الضيق ، وإنما الوجود الرمزي الاجتماعي ، السوق هو هنا رمز للإنتاج وللتبادل والاستهلاك ، للإنتاج على اختلاف أنواعه ، وللتبادل التجاري على اختلاف أنواعه بالجملة والمفرق . السوق يلعب دوراً كبيراً في تكوين المجتمع المدني ويضع الأفراد مباشرة أمام نشاطهم ونتائج نشاطهم ، أمام ما يسمّى في الاقتصاد الرأسمالي عملية العَرض والطلب ، مع الإشارة إلى أن هذه العملية تتَّخذ أشكالاً مختلفة بحسب المجتمعات وظروفها التاريخية .
    3- ثالثاً ، الجمعية أو المؤسسة ، أو التنظيم . لا يهم هنا الاسم ، المهم – في تقديري – هو المعنى العميق . الجمعية هنا هي رمز للتعاون وللاستمرار ، أي لتجاوز النشاط الفردي في اتجاه التعاطي المنظّم والمستمر والمسئول مع الآخرين لبلوغ أهداف معينة ، وللانتقال من الوجود "الانكفائي يقال" الذي يوجد فيه الإنسان في مدينة واسعة أو في مجتمع مدني كبير لكي يقيم علاقاته الاجتماعية في إطار تنظيمات تدافع عن نشاطه أي عن مصالحه وتؤكّد هذه المصالح في اتجاه الآخرين وفي اتجاه المجتمع الشامل .
    هناك رموز أخرى يمكن ، بلا ريب ، ذكرها وتوضيح أهميتها . ولكن ، في تقديري ، أن هذه الرموز الثلاثة ( الشارع ، السوق ، الجمعية/المؤسسة/التنظيم ) تكفي لكي ندرك ظاهرة المجتمع المدني من حيث وجودها الاجتماعي الموضوعي ومن حيث خصائصها الذاتية .
    المجتمع الشامل .
    في هذا المجال ، يمكن القول. إن إعادة تنظيم الدولة على أساس فصل السلطات (التنفيذية والتشريعية والقضائية)، وتشريع حرية الرأي والتنظيم والتظاهر على أساس دستور يضمن الحريات المدنية أمور ضرورية لترسيخ المواطنة بما هي حقوق وواجبات. أقترح التفكير في ثلاث وسائل كبرى على الأقل لتحقيق المجتمع المدني ، لقويته حيث هو قائم إلى حدّ ما ، وتطويره حيث ينبغي تطويره .
    هناك التربية المدنية ، وهي موضوع كبير في علوم التربية لا نهتمّ به كثيراً . وإذا فعلنا ، فإننا نهتمّ به في سياق اعتبارات مختلفة ، بعضها آت من الفلسفة الغربية التي تمزج ، وهذا غير صحيح في تقديري ، بين التربية المواطنية والتربية المدنية ، وبعضها الآخر مرتبط بالأوضاع والظروف المحلية التي تتلاعب بالحكم عليها والموقف منها الاعتبارات الأيديولوجية القُطرية أو القومية أو غيرها .
    . لقد منح المجتمع المدني وظيفة حماية الفرد من عسف الدولة وسطوتها. أي منح بعدا واقيا وحاميا للفرد من تدخلات الدولة وتجاوزاتها من قبل المجتمع الدولي
    إننا هنا أمام باب واسع من البحث ، ينبغي أن نفتحه للعلوم التربوية لكي تشارك في عملية تنمية البرامج الضرورية في التربية المدنية وتطويرها لتحقيق المجتمع المدني .
    منح المفهوم بعدا "تنمويا" بعد أن فشلت التنمية في التحقق في معظم دول العالم الثالث. وكان الدافع وراء إعطاء موقع خاص للمجتمع المدني في عملية "التنمية البشرية" تبني سياسة الخصخصة و"التكييف الهيكلي" – في إطار سيادة اقتصاد السوق – باعتبارها الأنجع للتنمية الاقتصادية
    ثم هناك وسيلة أخرى ينبغي أن نستعملها لكي نحقق المجتمع المدني ، أعني تفعيل المؤسسات والتنظيمات الحرّة المدافعة عن مصالح الأفراد والجماعات المتفاعلة في إطار المجتمع الشامل ، وذلك ، طبعاً ، في إطار القوانين التي تسنها الدولة .
    لا بد لمؤسسات المجتمع المدني من تنظيم عام . والدولة هي المسئولة عن توفير هذا التنظيم. فكيف تقوم بهذه المهمة ؟
    هنا يتضح لنا وجه من وجوه التفاعل بين المجتمع السياسي والمجتمع المدني . ذلك أن المجتمع السياسي ينظر إلى المجتمع المدني نظرة خارجية بالنسبة إلى ماهيته ، ولكنه يتفاعل معه ، على الأقل ، في إطار توفير التشريعات الضرورية لتنظيم أعماله ونشاطاته ومبادراته ، التي تحتاج على الدوام إلى مواكبة من لدن السلطة العامة في المجتمع . وتفعيل هذه المؤسسات ضروري جداً لكي يشعر المجتمع المدني باستقلاليته النسبية في المجتمع الشامل وبدوره الخاص في هذا المجتمع .
    ثم هناك وسيلة أخرى ، وأعني بها تحرير السوق من حيث مجال الإنتاج والاستهلاك والتبادل . السوق ينبغي أن يعود بكامله ، أو في مجمله ، إلى المجتمع المدني . هنا التحدِّي . هنا مجال العطاء . هنا مجال التنافس والتقدم ، اقتصادياً وثقافياً ، إعلامياً وتربوياً ، إقليمياً ووطنياً ..الخ .
    وينبغي أيضاً أن يتم ذلك بشروط مدروسة ، تحترم حقوق المجتمع السياسي وحقوق المجتمع الأهلي ، وتصون تحريرها من كل ما يفرض عليها من الخارج من اعتبارات ومن قيم تشلّ فاعليتها الخاصة وتؤدِّي إلى جمود وركود في الحياة الاجتماعية على مختلف المستويات وفي مختلف القطاعات
    المصدر : الركن الأخضر
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 2093
    تاريخ التسجيل : 01/03/2010
    الموقع : hmsain.ahlamontada.com

     بحث حول المجتمع المدني في الجزائر Empty التطور التاريخي للمجتمع المدني

    مُساهمة  Admin الإثنين 12 ديسمبر 2011 - 17:36

    التطور التاريخي للمجتمع المدني:
    اليكم اخواني هذا البحت المتواضع حول التطور التاريخي لمصطلح المجتمع المدني" مقياس ملتقى المجتمع المدني....تقبلوا تحياتي بالتوفيق للجميع.........

    مــــــقــــــدمــــــــــــة
    إن الصدى الذي أثاره استخدامات تعبير المجتمع المدني المختلفة ليس وحده كفيل بالتعبير عن مضمون موحد من وراءه وعودة المصطلح المتكررة من النسيان بعد مراحل غياب مختلفة منذ فلسفة القرن17 السياسة في أوربا تعني في كل مرة شيئا مختلفا لأنها تأتي في سياق متغير بنيويا وتاريخيا يولد حاجات جديدة وأسئلة جديدة يجيب عنها المفهوم وإذا أصفنا إلى ذلك التغيير تطور النظرية وتراكم المعارف الإنسانية كسياق آخر يعود إليه مفهوم المجتمع المدني ونجد أن دعوة المصطلح من غيابه التاريخي أو إحيائه كل مرة في تقاطع محورين هما محور التطور التاريخي ومحور تاريخ النظرية ذاتها تاريخ المعرفة والفكر ويشكل هذا التقاطع سياقا متجددا باستمرار لتفسير وتأويل مفهوم المجتمع المدني وعلينا أن لا ننسى أن المفهوم ذاته جزء من السياق التاريخي بمحوريه وهو مساهم في خلق وتفسير هذا السياق وبالتالي مفسر و مفسر في لحظتين مختلفتين.
    إن مفهوم المجتمع المدني يتغير مع تغير الموقف الإيديولوجي للمتكلم فلا فالمفهوم الليبرالي لهذا المصطلح يختلف عن الفهم الاشتراكي الديمقراطي وعن الديمقراطي الراديكالي والفهم الإسلامي أيضا بما أنه يتخذ في دول العالم الثالث إشكالات أخرى تختلف عنه في أوربا و الولايات المتحدة الأمريكية ولكن إذا تغير المفهوم إلى هذه الدرجة بين مرحلة زمنية وأخرى وبين مكان وآخر ألا يفقد تبعا لذلك قيمته التحليلية؟ وإن كان المفهوم جاهزا ليشرح أكثر مما ينبغي من الظواهر ألا ينتابنا شك في أنه يربك أكثر مما يوضح؟ و إذا لم يكن من الواضح دائما أن المفهوم يدرج من أجل الوصول إلى تحليل أدق واستيعاب أكثر حدة لما هو قائم وإنما كثيرا ما يستخدم كمعيار لما يجب أن يكون ألا يعود ذلك إلى إنقاص من قدرته التحليلية ؟

    ما المجتمع المدني في حدود المفهوم وتاريخيته:
    المجتمع: هو ما يقلل مفهوم الدولة فكل أمة تتكون من قاعدة هي المجتمع وقيادة هي الدولة.
    المدني: لغة: يعني لغة ضد الصحراوي و البدوي
    اصطلاحا: يقصد به ما هو من لوازم الحياة في المدائن وما هو من لوازم مجتمع المدينة الذي يتجسد فيها الرقي في وسائل الحديث والثقافة و السكن و الملابس سواءا كان في القيم المشتركة بين الدولة و المجتمع أم في إطار الدولة وهو الشكل الدستوري أم في إطار المجتمع وهو تجمعات أهلية.

    نـــشـــأة الــمــفــهــــــوم:
    إن بناء نظرية المجتمع المدني في نسق إنما هو من انجاز الفكر الأوروبي الحديث وهو طوق النجاة الذي لجأ إليه ربيون من أجل النجاة من أنياب الحكم الفردي المطلق الذي نظر لها "هوبز" إلى الحكم الدستوري الذي حققه الانجليز سنة 1688 وصاغه " جيف ربيون " في إعلان الاستقلال الأمريكي سنة 1789 حيث ظهرت مصطلحات الحداثة السياسية " الدستور، الشعب، الأمة " الحقوق الطبيعية و الفصل بين السلطات .
    إن مصطلح المجتمع المدني دخيل على ثقافتنا العربية الإسلامية لكن مفهومه موجود منذ أن سمى النبي صلى الله عليه وسلم يثرب بالمدينة وفي هذا دلالة رمزية على الربط بين الإسلام و مفهوم المجتمع المدني.
    المجتمعات القبلية ومفهوم المجتمع المدني:
    إن مفهوم المجتمع المدني يعني ثلاثة أشياء:
    1) القيم كمنظومة الحرية و الكرامة والعدالة وغيرها
    2) على مستوى الدولة منظومة الحكم الدستوري أي السلطة التنفيذية و التشريعية والقضائية واستقلالية كل سلطة.
    3)على مستوى المجتمع التجمعات الأهلية التي تنشأ على أساس مدني وهي جماعات أهلية تغاير غير رسمية ومدنية غير قروية وبدوية ومن أجل .....كون التجمعات القروية والقبلية جبرية استبعد دعاة المجتمع المدني الجماعات عشائرية و القروية من مفهوم المجتمع المدني وهذا نظرا للتعصب للقبلية و الطائفية وهذا ما يخل بنسيج المجتمع المدني ولكن لابد من انسحاب القبيلة لا القبلية و الطائفة لا الطائفية ونحوها من البنى الغير مدنية في الدول العربية ضمن أفق المجتمع المدني للأسباب التالية:
    1) المجتمع العربي يحتوي أكبر و أطول امتداد صحراوي في العالم ولابد من الواقعية الاجتماعية فإذا كان المجتمع صحراويا قبليا أو ريفيا فلا بد أن تعبر القبيلة أو العشيرة عن نفسها
    2) رفض القبلية رفضا مطلقا يعني تمدينا حصريا لا يمكن تطبيقها في مجتمعات قبلية ريفية
    3) مفهوم المجتمع المدني لا يرفض القبيلة رفضا مطلقا بل القبلية أي إعطاء الانتماء القبلي مركزية محورية على كل ما عاداه أما إذا كان دوره ثانويا فذلك أمر لا يخل بالمجتمع المدني بل الأهم في المجتمع المدني أن يترسخ عند جميع الفئات مبدأ الموارد و التعايش بحيث لا يطمح تيار إلى إزالة فئة من الخريطة الاجتماعية ولا إلى تهميش مصالحها المشروعة .
    التطور التاريخي لمفهوم المجتمع المدني:
    إن المجتمع المدني يعني تهيأ الأرضية الاجتماعية المدنية لكل أفراد المجتمع لممارسة الحريات العامة وتحصيل الحقوق المتكاملة.
    إن أول ظهور لمفهوم المجتمع المدني في عهد بروز الحضارة الإغريقية و اليونانية قبل الميلاد حيث اعتبره أرسطو تنفيذ القوانين الدستورية من قبل المواطنين فقط ولكن مع مرور الزمن تغير مفهوم المجتمع المدني لسبب التغير الذي حدث في جوهر العلاقة الاجتماعية متمثلا في نشوء الطبقة الرأسمالية ويبدو أن اللجوء إلى تفعيل دور المجتمع المدني في هذه المرحلة استهدف إيقاف عجلة الصراع بين الطبقات الاجتماعية و تحقيق المصلحة المشتركة العامة وبلوغ نقطة الاستقرار الاجتماعي أما في القرن 19 فقد برز مفهوم المجتمع المدني لكن في إطار النظرية الماركسية القائمة على أساس الصراع الطبقي بين الطبقة الرأسمالية وطبقة البروليتاريا، فماركس اعتبر مجتمع العمال هو ركيزة المجتمع المدني الذي يسود وينتصر في نهاية المطاف ويتبلور في ظهور المجتمع بلا طبقات وبعيدا عن هذا وذلك طرح المفكر "قرامشي" في القرن العشرين مفهوم المجتمع المدني من زاوية جديدة معتبرا أن المجتمع المدني لا علاقة له بالعامل الاقتصادي ففي هذه المرحلة التاريخية تبدل مفهوم المجتمع المدني خصوصا عن افتراض العامل الاقتصادي كأساس لتحديد مفهوم المجتمع المدني أصبح العامل الإيديولوجي هو الأساس الذي يتم من خلال تحديد مفهوم المجتمع المدني متمثلا بالمؤسسات التطوعية المدنية أما وظائف المجتمع المدني فتتلخص فيما يلي:
    1)توحيد الطاقات والقوى الاجتماعية ضمن هدف واحد، يمكن إطلاق تسمية الوطن عليه
    2) المساهمة الجادة في كبح عجلة الصراعات
    3) التشجيع على ثقافة الحوار و التداول السلمي للسلطة ورفض كل مظاهر العنف و التعصب بمختلف أشكاله.

    دور الفكر العربي في مفهوم المجتمع المدني الحديث:

    مرت محاولة تحديد الظاهرة العمرانية التي أصبحت تسمى منذ كتابات "هيغل" الفلسفية العلمية للمجتمع المدني في معناه الحديث بمرحلتين لابد من الإشارة إليهما :
    المرحلة الأولى: توازن الفلسفة القديمة والوسيطة
    المرحلة الثانية: توازي الفلسفة القديمة و الوسيطة الحديثة وما بعد الحديثة
    فالمحاولة الوسيطة التي هي عربية إسلامية بالأساس تقذف قصور التعريف الأصلي الأول من دون استعمال صريح لاسم المجتمع المدني (أرسطو) ويرجع هذا النقد إلى الفرابي وابن خلدون في محاولتهما في تخليص نظرية عمل المجتمع من نموذجي تفسير الفلسفة العملية القديمة للظواهر المدنية و المحاولة ما بعد الحديثة التي هي غربية في الأساس نفدت قصور التعريف الأصلي الثاني في الفلسفة العملية الحديثة مع استعمال صريح لاسم المجتمع المدني التعريف الذي وضعه "هيغل وماركس" وهذا النقد تحقق في محاولة "قرامشي" و مدرسة "فرانلافود" التي سعت إلى تخليص نظرية المجتمع المدني من جدل "هيغل" ونمط الانتاج الماركسي وبالتالي تكون مراحل التكون السابقة للحظة الراهنة أربعا:
    - اثنان تأسيسيين قديمة "لأرسطو" وحديثة " لهيغل وماركس"
    - اثنان نقديتين وسيطة (ابن خلدون و الفرابي) وما بعد الحذيثة " قرامشي ، هابرماس" فنقد القراني ابن خلدون قد حرر مفهوم المجتمع المدني قبل إطلاق التسمية عليه فإن ما أضافاه فن أعطى عدة معاني ساعدت على تحديد الأصل الواحد لفهم المراحل الأربعة وبفصل إضافتهما اكتشف العقل الإنساني بعدين للفعل المدني.


    خــــــــاتــــمــــــــة:
    لقد بات المجتمع المدني في المرحلة الراهنة يقدم إجابات جاهزة عن العديد من المسائل فهو الرد عن سلطة الحرب الواحد في الدول الشيوعية وهو الرد على البيروقراطية وتمركز عملية اتخاذ القرار للدول الليبرالية وهي الرد على سيطرة العالم الثالث من جهة وعلى ألبنا العضوية والتقليدية فيه من جهة أخرى ويبدو أن هذا الانتشار وهذا التنوع في استخدام المجتمع المدني هو بحد ذاته تعبير عن أزمة سياسية عند حركات التغيير و القوى النقدية بعد هزيمة الايجابيات الجاهزة الغير مشتقة من تحليلات تاريخية اقتصادية وسياسية عينية وإنما من آفاق فلسفية وغير ذلك.
    مازال تطلع إلى مجتمع أكثر مساواة وأكثر مشاركة وأكثر تمثيلية وعدالة والمجتمع المدني تعبير عن الحلم ذاته الذي لا يريد أن يسمى الاشتراكية ولا لبرالية ولا ديمقراطية راديكالية ولا غيرها من التسميات التي اهتزت في العقود الأخيرة وذلك بالبحث عن ايجابياتهم جميعا دون الجرأة الكافية للاعتراف بذلك . ولتجنب الحاجة إلى مواجهة السؤال القائل: هل من الممكن نظريا الجمع بين ايجابيات إيديولوجيات و نظريات مختلفة في الحكم تنتمي إلى مراحل تاريخية مختلفة ؟ المجتمع المدني يحاول تحقيق المستحيل أن يعطي تسمية جديدة لأحلام قديمة محاولا تجنب الأزمة بتغيير التسمية ولكن يبدو أن القفز عن المراحل بتجميعها غير ممكن لأنه في حالة المجتمع المدني هنالك شروط تاريخية يجب أن تتوفر لكي يتحقق تفسير معين له على أرض الواقع أما ذلك وإما أن نطلق على كل مرحلة من مراحل التحول الاجتماعي والسياسي اسم المجتمع المدني.
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 2093
    تاريخ التسجيل : 01/03/2010
    الموقع : hmsain.ahlamontada.com

     بحث حول المجتمع المدني في الجزائر Empty المجتمع المدني الجزائري : الوجه الآخر للممارسة الحربية

    مُساهمة  Admin الإثنين 12 ديسمبر 2011 - 17:37

    بقلم :د.بوحنية قوي
    جامعة قاصدي مرباح ورقلة
    يقدم الباحثون في دراسات التنمية والعلوم السياسية مقارباتهم الحديثة بشكل يربط بين بناء المؤسسات ودرجة الاستقرار السياسي و مسألة الإسهام المجتمعي والشراكة الاجتماعية
    ( social Partnership) في بناء النخب وتكوين الإطارات وإرساء ثقافة سياسية وديمقراطية (1)

    هذه الورقة تحاول مقاربة حالة مؤسسات المجتمع المدني "الجمعيات تحديدا " في الجزائر وطبيعة العلاقة المتوجسة والحذرة بين الجمعيات والأحزاب والوزارة الوصية


    أولاا- المجتمع المدني الجزائري : الوجه البائس للمارسة الحربية في الجزائر .

    تشير الدراسات الانتخابية و الحربية إلى الأدوار الجوهرية التي يمارسها المجتمع المدني كثقل مضاد يعكس إرهاص الشعب ، ويتلمس خطاب السلطة نقدا و تشريحا .

    1- للمجتمع المدني عناصر أساسية يمكن إيجازها فيما يلي :(2)

    أ‌)– إن المجتمع المدني رابطة طوعية يدخلها الأفراد باختيارهم .

    ب‌)– يتكون المجتمع المدني من مجموعة من التنظيمات و الروابط في عدة مجالات.

    ج‌)– إنه مجتمع الاختلاف و التنوع و الالتزام بإدارة الاختلاف داخل قطاعاته بالوسائل السلمية المتحضرة.

    د) – إن للمجتمع المدني امتدادات خارج حدوده ، تتمثل في توسيع مؤسساته و انتقال فعالياتها إلى مجتمعات أخرى و تتبلور هذه العناصر بصورة جلية بالتجربة المقياس .

    لقد أصبح هذا المفهوم من أكثر الموضوعات حيوية و إثارة للجدل و النقاش ، حيث أجريت بعض الدراسات حول مقارنة المجتمع المـدني في دول مختلفـة ومن بينهـا دراسة أجريت على 31 دولة ديمقراطية معتمدة على معايير معينة للمقارنة بين المجتمع المدني فيها وهي:(2)

    ·بنية المؤسسات المعاصرة و مدي انفتاحها لتأثير المواطنين .

    ·مفاهيم الثقافة و الحضارة التي تحدد خصائص المجتمع و مواطنيه .

    ·الظروف التاريخية و تأثيراتها على مؤسسات المجتمع المدني .

    ·الظروف الاقتصادية و دورها في تشكيل مؤسسات المجتمع المدني .

    إن غياب أو ضعف أو محدودية مؤسسات المجتمع المدني يضعف إمكانات تبلور نمط حديث من التنظيم السياسي التعددي ، وبالتالي نظام ديمقراطي يشجع على المشاركة الفاعلة ، و قد ثبت وجود علاقة وثيقة بين مستوى تطور النظام الحربي و إمكانية قيام حكومات على أساس انتخابات حرة تنافسية ، لأن المشكلة ليست في إجراء الانتخابات و إنما في تكوين التنظيمات القادرة على الإشراف على عملية الانتخابات (3) .

    يظهر التتبع التاريخي لواقع علاقات النظام السياسي بالحركات الجمعوية أن المجموعة المحورية الحاكمة الجديدة للنظام هدفت في تعاملها مع هذا الملف إلى تحقيق هدفين أساسيين (4):

    1ـ امتصاص تذمر المواطنين من ضنك الحياة .

    2ـ تقوية قبضتها حتى تتمكن من خلق تجانس في هرم السلطة كما كان سابقا عبر وضع إستراتيجية تمكنها من التخلص من هيمنة الحرب الواحد و الجماعات الضاغطة التي تستخدمه.

    عرفت الساحة السياسية الجزائرية مفهوم المجتمع المدني في النصف الثاني من القرن العشرين لتأخذ تطبيقاته منحنيات وخصائص اللحظة التاريخية التي ظهر فيها بشكل تشعباتها السوسيولوجية والفكرية ، ولم يكن غريبا أن تتلقف بعض القوى الاجتماعية والسياسية أكثر من غيرها هذا المفهوم وتتبنى أطره التنظيمية الجديدة وخطابه الفكري ، خصوصا بعد دستور 23 فيفري 1989 ( أول دستور جزائري بعد التعددية السياسية ) ويشير الفصل الرابع المتعلق بالحريات والحقوق في مادته 33على الحق في الدفاع الفردي أوعن طريق الجمعية عن الحقوق الأساسية للإنسان ، وعلى أن الحريات الفردية والجماعية مضمونة وتتضح هذه الحقوق أكثر في نص المادة 41التي تنص على أن حرية التعبير وإنشاء الجمعيات والاجتماع مضمونة للمواطن كما يدرج الدستور مادة خاصة للتميز بين الجمعية والحرب وتحديدا المادة 42 المتصلة بالحق في إنشاء أحزاب حيث تنص على أن حق إنشاء الأحزاب السياسية معترف به ومضمون (5)
    غير أن نشاط الجمعيات في الجزائر تأثر بالوضع الأمني الذي عاشته الجزائر خلال سنوات الجمر ، مما جعل أداءها لصيقا بالأداء الحربي ، بحيث ظهر نشاطها كرجع صدى للأداء الحربي الجزائري الهزيل إذ رغم العدد الضخم الذي يتناسل سنويا لتعداد الجمعيات إلا أن أداءها ظل مشوبا بعلاقة حذرة ، أما علاقة هذه الجمعيات والأحزاب فهي علاقة "تداخل وتجاذب للمصالح والأدوار "
    وعن طبيعة العلاقات المصلحية "من ينتج من؟ " في توصيف العلاقة بين النخبة السياسية و حركات المجنمع المدني ، فإن وزارة الداخلية في الجزائر تحضر لحل 06 آلاف جمعية (6) .
    2-إذ طالب مديرو المراكز و المعاهد الجامعية عبر كامل التراب الوطني من مجموع التنظيمات النقابية و الطلابية ، و كذا مختلف الجمعيات ذات الطابع الثقافي و الرياضي ، التي تنشط على مستوى المؤسسات الجامعية المذكورة ، تقديم ملفات كاملة عن حصيلة نشاطاتها في أجال زمنية محددة ، وإلا تقع تحت طائلة الحل في حالة تخلفها عن ذلك .

    استندت مراسلات مديري الجامعات إلى تعليمات وزارة الداخلية التي باشرت عملية واسعة لتطهير النسيج الجمعوي الوطني من تلك الجمعيات التي اتهمها نور الدين زرهوني ، أكثر من مرة ، بأنها "لا تفعل شيئا و لا تسعى سوى للانتفاع و تحقيق مكاسب شخصية على حساب التمويل العمومي لنشاطها" وتواجه الجمعيات التي تتخلف عن تقديم الوثائق المطلوبة منها إلى عقوبات إدارية تصل إلى الحل النهائي ، بعد إحالة ملفها على العدالة ، و يصل عدد الجمعيات المعتمدة لدى وزارة الداخلية و الجماعات المحلية ، 81 ألف جمعية بين وطنية و محلية
    و جاء في إحدى هذه التعليمات التي أرسلتها إدارة جامعة الجزائر تحت رقم 13/ 08 ، موجهة إلى ممثلي التنظيمات النقابية والطلابية و الجمعيات الثقافية و الرياضية النشطة في مختلف المعاهد و الكليات و الأقسام ، أنهم مدعوون قبل نهاية شهر مارس من العام 2009 لتقديم ملف يضم أربعة وثائق ذكرتها التعليمة ، وهي قرار الاعتماد ، قائمة المنخرطين ، أسماء الفروع و المجالس والمصادق عليه من طرف الإدارة ، و في نفس الاتجاه تحرك مسؤولو المؤسسات الثقافية و الشبابية و الاجتماعية ، التي توجد بها مقرات لجمعيات معتمدة بدعوتها لتقديم ملفات مماثلة ، و أكد ذلك أن الأمر يتعلق بما يشبه عملية تطهير كبرى غير مسبوقة ، و أوكلت وزارة الداخلية إلى مديري التنظيم و الشؤون العامة عبر مختلف الولايات مهمة متابعة هذا الملف ، بحيث قام هؤلاء فعلا ، حتى الآن بإحالة ملفات نحو 6 آلاف جمعية على العدالة من شتى المجالات ، و معها طلبات رسمية بالحل لمخالفتها الشروط المنصوص عليها قانونا ، و على رأسها كما ورد في أغلب العرائض القانونية المرفوعة إلى القضاء ، عدم تجديد مكاتبها و تغيير مقراتها دون إشعار بذلك ، إضافة إلى عدم تقديم حساباتها المالية مؤشر عليها من محافظ حسابات و لا الحصيلة السنوية لنشاطاتها .

    ثانيا: الأحزاب والجمعيات في الجزائر أية علاقة ؟؟

    تتسم العلاقات بين الأحزاب والجمعيات بعلاقة الدمج والاستيعاب والتبني ويظهر ذلك في ما يلي :
    - أدمجت هذه الجمعيات التي جاوزت 80 ألف جمعية في أحيان كثيرة في السياق العام للخطاب السياسي غير المؤسس الذي يتبنى أطروحات السلطة ولا يقدم خطابا مبنيا على البرامج ، وهو ما أدى إلى استيعاب كثير منها من طرف الأحزاب وجعلها أبواقا للتسويق السياسي والتعبئة السياسية وفي مناسبات عديدة .
    3- إستراتيجية التبني وهو تلك السياسة القائمة على تبني الجمعيات كلية من طرف الأحزاب الفاعلة سياسيا .
    - إن هذه الجمعيات والمنظمات الجماهيرية والتي كانت تشكل المدارس الأولى لتكوين الإطارات وتخريج الكوادر لم تعد تلعب ذات الدور في المرحلة الأخيرة كونها أصبحت مجرد أدوات تستخدم في الاستحقاقات السياسية .
    - إن التساؤل القلق والمحرج للسلطة السياسية في الجزائر ، هل نحن أمام مجتمع مدني ؟
    أم مجتمع سلطة ؟
    لهذا الصدد يرى أحد المسؤولين النقابين في الجزائر : أن السلطة خلقت مجتمعا مدنيا بمؤسسات وهيئات وأحزاب ونقابات موازية للمجتمع المدني الحقيقي ، وهذا المجتمع أضحى غير قادر على تنفيذ ما تسعى إليه السلطة ، وهو ما أبرز نقابات موازية مثل – هيئة ما بين النقابات – التي فتح رئيسها النار على رئيس النقابة الوطنية للعمال الجزائريين ، واعتبر أن هذه الهيئة الجديدة تسعى لإصدار ميثاق أخلاقي تمضي عليه جميع النقابات المنضوية تحت لوائها حتى لا تخرج هذه النقابات مستقبلا عما يتم تبنيه من سياسات أو احتجاجات مهددا بالعمل على رحيل السلطة (لكونها حسب رأيه تقوم على القمع ) (7)

    تشير إحدى الدراسات المغاربية المقارنة نوعية الصعوبات ونقاط الضعف التي تتعرض لها الجمعيات المغاربية بما فيها الجزائرية وفق المحاور التالية (:

    - العلاقات بين الجهات الرسمية والجمعيات ليست شفافة بالقدر الكافي .

    - الجمعيات غير معترف بها فعليا كمحور وشريك من قبل المؤسسات والجهات الرسمية .

    - استفادة الجمعيات من المساعدات المالية الرسمية ليست شفافة بالقدر الكافي .

    - لا توجد قنوات وإجراءات معروفة بهدف الحصول على مقرات دائمة للجمعيات .

    - الجمعيات لا تملك حرية في استقبال الهبات والمساعدات من الخارج .

    - لازالت الجمعيات تخضع لكثير من إجراءات الجمركة والعديد من الضرائب عند حصولها على مساعدات أو هبات من الخارج.
    إن حراك الجمعيات هو رجع صدى للحراك الحربي ، وبما أن الحراك الحربي التحالفي الحالي منمط ومندمج ويعبر عن صيغة إقصائية لوجود أية طبقة سياسية فإن الحراك الجمعياتي لن يحقق مساهمة حقيقية في بناء مشروع المجتمع إذا بقي رهان الجمعيات على الأحزاب والعكس بالعكس " (9)
    ثمة ملمح آخر من ملامح الاختلال والفساد في اداء الأحزاب السياسية والجمعيات وهو ذلك التداخل الذي يمكن التعبير بثنائية – الجمعيات السياسية الحربية – و-الأحزاب الجمعوية – وهو تلك العلاقة الربائنية القائمة على المصلحة بين – من يدفع ماليا- و- ومن ينتفع سياسيا – ومن – يحترف إعلاميا ـ
    تعد – الربانية السياسية – احد الظواهر السلبية التي تبرز كمعطى انثروبولوجي و سياسي عالمي يتجلى في المواصفات التالية: (10)
    - تبادل الخبرات .
    - العلاقات الأسرية .
    - تبادل رمزي بدافع إيديولوجي .
    - الحياة السياسية المحلية .
    4- إن الربائنية (clientship- clientelism) شكل من أشكال الفساد السياسي والاجتماعي الذي ينخر جسم الديمقراطيات الصاعدة ، وهي تبرز كنمط علائقي يظهر في مؤسسات المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية حيث تم " استلزام المجتمع من طرف الدولة وهو الأخطر في مسار الشرعية " (11) .

    ما يلاحظ بهذا الصدد أن كثيرا من أرباب النقابات ،وجماعات رؤوس الأموال ورؤساء الجمعيات تحولوا إلى جسور موسمية انتقالية لتحقيق الثراء والثروة والسلطة (12) ، وهو ما أدى إلى تنامي ظاهرة الفساد ، إن تفشي هذه الظاهرة من خلال الربونات المتعددة ووغيرها من العوامل ليجمع بينها سوى عقد تقليدي يقوم على المصالح المتبادلة وضعف الوازع الأخلاقي (13).
    في الواجهة المقابلة يمكن الحديث عن وجود نقاط مضيئة في التجربة الجمعوية الجزائرية تظهر في ما يلي : (14)
    - الدور البارز الذي يحتله الشباب والمرأة داخل الجمعيات.
    - الدور الخاص الذي تحتله الفئات المؤهلة والنخب العلمية في قيادات جمعيات المجتمع المدني
    - استمرارية قيم العمل التطوعي بين أعضاء الجمعيات والمنتسبين إليها ولكن تبدو عملية تطوير العلاقة بين الجمعيات والبرلمان – المشكلة على قاعدة التنافس الحربي – مسألة أكثر من مهمة ، وهي يمكن تبني بعض المقترحات المهمة كما يلي :
    يعد البرلمان بمثابة النواة السياسية البنائية للحراك الحربي للجمعيات ، غير أنه وفي غياب النص القانوني الذي يتيح لمؤسسات المجتمع المدني وعلى رأسها الجمعيات والنقابات والرابطات من المشاركة البرلمانية في عملها التشريعي لم يمنع من بروز ممارسات حاولت أن تلتف حول القانون وتقوم بإيجاد تفسيرات له سمحت في بعض الحالات من مشاركة الجمعيات في عمل اللجان البرلمانية المتخصصة التي يغلب عليها الطابع الاجتماعي ، إن هذه الممارسة سمحت بالاستماع إلى رؤساء الجمعيات الوطنية في الغالب باعتبارهم – خبراء - ليظهر على الركح السياسي نوع – من الاختزال السياسي – يتم بموجبه حصر الجمعية في رئيسها وتحويل هذا الأخير إلى خبير لتتمكن اللجنة المتخصصة من الاستماع له ، إن هذا الموقع السياسي – غير الرسمي – جعل الجمعيات تتنافس من خلال رؤسائها مع خبراء مهنيين – أساتذة جامعة – باحثين – متخصصين – يمكن أن يكون بعضهم من مسئولي المؤسسات الإدارية والاقتصادية الرسمية ذات العلاقة بالملف القانوني المطروح للنقاش ، وهو ما يحول منظمة المجتمع المدني – في الجزائر – إلى أداة للتنافس – ألريعي – مع خبرة المؤسسات الرسمية (15).
    أمام المجتمع المدني الجزائري مجال خصب لتحويل البرلمان إلى ساحة دينامكية لبناء البرامج وتعزيز النظام ألتشاركي الحربي
    5- يمكن لهذه الجمعيات أن تتحول إلى مكتب داخلي للجماعات المحلية لإثارة النقاش في القضايا ذات الأهمية المستقبلية والإستراتيجية للأمة مثل :
    - الأسس المذهبية والسياسية لمجلس الأمة .
    - الجوانب التنظيمية لعمل البرلمان .
    - انخراط الجزائر في المنظمات الدولية الإقليمية .
    - تعزيز الحكم الرشيد ومكافحة الفساد .

    - تأطير وتكوين الناخبين والمنتخبين .
    - إدارة شؤون الدولة والمجتمع - دور الوساطة .
    * د. بوحنية قوي ، جامعة قاصدي مرباح ورقلة.
    أستاذ محاضر في العلوم السياسية عميد كلية الحقوق والعلوم السياسية


    جامعة قاصدي مرباح – ورقلـة – الجزائر
    الهوامش :
    @font-face { font-family: "Cambria Math"; }@font-face { font-family: "Calibri"; }@font-face { font-family: "Segoe UI"; }@font-face { font-family: "Traditional Arabic"; }p.MsoNormal, li.MsoNormal, div.MsoNormal { margin: 0cm 0cm 10pt; text-align: right; line-height: 115%; direction: rtl; unicode-bidi: embed; font-size: 11pt; font-family: "Calibri","sans-serif"; }p.MsoFootnoteText, li.MsoFootnoteText, div.MsoFootnoteText { margin: 0cm 0cm 0.0001pt; text-align: right; direction: rtl; unicode-bidi: embed; font-size: 10pt; font-family: "Calibri","sans-serif"; }span.MsoFootnoteReference { vertical-align: super; }span.Char { font-family: "Calibri","sans-serif"; }.MsoChpDefault { }.MsoPapDefault { margin-bottom: 10pt; line-height: 115%; }div.Section1 { page: Section1; }
    [1]- من الدراسات الهامة في هذا المجال والمعنية بالفضاء المغاربي
    - عياض بن عاشور المجتمع المدني ، دولة القانون والديمقراطية في المغرب العربي في : عبد الله حمودي ( محدد) ، وعي المجتمع بذاته : عن المجتمع المدني في المغرب العربي ، دار توبقال ، 1998 .
    Belin,E,ciril Society emergent ,State and Social in Tunisia, PHD Princeton ,1991.
    Jhon,p,Entelis and Phillip ,c, Naylor , eds ,state and society in Algeria,westurew press, boulder ,Colorado ,USA,1992.
    2) ـ نصر محمد عارف الإتجاهات المعاصرة في السياسة المقارنة : التحول من الدولة إلى المجتمع ، ومن الثقافة إلى السوق ، المركز العلمي للدراسات السياسية ، الأردن ، 2006، ص 40 .
    3) ـ سيد أبو ضيف أحمد ، المشاركة السياسية في الفقه السياسي المعاصر ، مجلة عالم الفكر الكويت ، العدد 3 ، المجلد 30 ، يناير ، مارس 2002 .
    4) ـ جلالي عبد الرزاق ، بلعادي ابراهيم ، الحركة الجمعوية في الجزائر بين هيمنة الدولة و الاستقطاب الحربي ، مجلة المستقبل العربي ، العدد 314 ، أفريل 2005 ، ص 137 .
    5 )- يمكن للإسترادة أكثر حول موضوع الجمعيات الإطلاع على دراسة عبد الناصر جابي ، العلاقات بين البرلمان والمجتمع المدني في الجزائر ، الواقع والآفاق ، نوفمبر 2006 .
    6) ـ طالع جريدة الخبر ا، عدد 5493 ، الثلاثاء 02 ديسمبر 2008 ، ص 02 .
    7) ـ للإطلاع أكثر ، يطالع حوار رشيد مغلاوي ، لجريدة الخبر الأسبوعي ، العدد 507 ، (من 15 إلى 21 نوفمبر 2008) ص 04.
    ـ عبد الناصر جابي ، العلاقات بين البرلمان و المجتمع المدني في الجزائر واقع و آفاق ، مجلة الفكر البرلماني ، العدد 15 ، فيفري 2007 ، مجلس الأمة ـ الجزائر ، ص 152 .
    9) ـ يعيب الكثير من متتبعي الحراك المدني للجمعيات التي تعتبر نفسها جماهرية ذلك الانخراط الكبير في الحملة الانتخابية لصالح المترشح للرئاسيات (عبد العزيز بو تفليقة ) و ذلك في آخر انتخابات رئاسية 2009 ، و المنظمات الجماهرية المعنية هنا هي : الاتحاد العام للعمال الجزائريين ، المنظمة الوطنية للمجاهدين ، الاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين ، المنظمة الوطنية لأبناء الشهداء ، الاتحاد الوطني للنساء الجزائريات ، المنظمة الوطنية لأبناء المجاهدين ، الكشافة الإسلامية ، المنظمة الوطنية لضحايا الإرهاب .
    10) ـ فضيل دليو ، الربائنية السياسية و الاجتماعية في عصر الديمقراطية ، المجلة العربية للعلوم السياسية ، العدد 17 شتاء 2008، ص 171 ، 174 .
    11) ـ حافظ عبد الرحيم ، الربونية السياسية في المجتمع المغربي ، قراءة اجتماعية سياسية في تجربة البناء الوطني بتونس ، بيروت ، مركز دراسات الوحدة العربية 2006 ، ص 425 ،
    (12 ـ لاحظ بهذا الصدد حجم برقيات التهنئة من رؤساء جمعيات و شخصيات ، غداة إعلان النتائج في الانتخابات الرئاسية في 2009 ، و في الصفحة الأولى ، و هي إحدى سوابق الصحف الجزائرية في فتح الإشهار على الصفحة الأولى ، و ذلك قبل ترسيم النتائج ، و الملاحظ أن الكثير من هذه الشخصيات التي قد دبجت رسائل الشكر و التهنئة غابت تماما عن الحدث على الأقل إجتماعيا بعد فترة جد وجيزة !! .
    13) ـ فضيل دليو ، المرجع السابق ، ص 184 .
    14) ـ عبد الناصر جابي ، المرجع السابق ، ص 152
    15) ـ عبد الناصر جابي ، المرجع السابق ، ص 157 .

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس 14 نوفمبر 2024 - 9:33