ورقه عمل تشرح أصول وضوابط العمل مع المجتمع وبعض المفاهيم الأساسيه والهامه ..
التأصيل الشرعي للعمل مع المجتمع
من القرآن :
قال تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (فصلت:33) والآيه توضح فضيلة الداعي
قال تعالى : وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (آل عمران:104) والآيه تشير إلى وجوب الدعوة .
قال تعالى : كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّه (آل عمران: من الآية110) والايه توضح خيرية الأمة بالقيام بهذه الوظيفة
قال تعالى : قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي (يوسف: من الآية108)
والأيه توضح أن طبيعة الدعوة والعمل مع المجتمع يجب أن يكون عَلَى بَصِيرَةٍ منظمة وهادفة وهادية
قال تعالى : كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (الأعراف: 1، 2)
والآيه تشير إلى أن الداعى والعامل مع الناس لا ينذر إلا وقد انشرح صدره وخلا من الحرج أو الضيق بالكتاب وبالدعوة
قال تعالى : قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً . إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ (الجن:22،23) .
[ الآيتان توضحان أن الدعوة سبب النجاة – كما قال الحسن
من السنة :
عن النعمان بن بشير عن النبي قال:« مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا الماء مروا على من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا فإن تركوهم وما أراد هلكوا وهلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا » (رواه البخاري) والحديث يشير إلى عاقبة التقصير في هذا الواجب على الأمة .
عن أبي سعيد الخدري عن النبي قال : « من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان » والحديث يشير إلى وجوب إنكار المنكر .
قام أبو بكر على المنبر فقال:أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية وتفهمونها على غير وجهها يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم وإني سمعت رسول الله يقول : « إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده ، ثم يدعو خيارهم فلا يُستجاب لهم » .
عن حذيفة بن اليمان عن النبي قال : « والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه فتدعونه فلا يُستجاب لكم » .
ويقول الإمام ابن تيمية:
ظل النبي يدعو إلى ربه سرا بشكل فردي حتى أمره الله بأن يجهر بدعوته،فقال سبحانـه : فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ [ الحجر: 94] ، فكان أول أمر في الدعوة العلنية متعلقا بعشيرته فقال سبحانه: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ الشعراء: 214] ، ثم أمر أن يبلغ دعوته لجميع الناس دون نظر إلى ألوانهم ولغاتهم وأوطانهم فقال : قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً [لأعراف: 158] .
فالدعاة إلى الله مكلفون بإبلاغ الدعوة الناس وشرحها بأسلوب مرغب وحديث شيق وحوار يخاطب العقل والقلب والوجدان ولقد تكرر في القرآن الحديث عن وظيفة الدعاة وفي مقدمتهم الرسل وحصرها في البلاغ مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ [المائدة:99] ، فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ [التغابن:12]، وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ [الرعد:40] .
إن ترك الدعوة وعدم القيام بالتبليغ يوجب الإثم : هكذا قال كثير من العلماء فإن الواجب ما طلب الشارع فعله طلبا جازما ورتب أجرا لفاعله ووزرا على تاركه فقال تعالى : لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الأِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ [المائدة:63] ذم الله علماء النصارى واليهود لعدم القيام بوظيفة الأنبياء وهي الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وقال القرطبي رحمه الله : دلت على أن تارك النهي كمرتكب المنكر ولقد استحق نفر من بني إسرائيل اللعن من الله أي الطرد من رحمته لعدم القيام بالدعوة وأساسها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ [ المائدة:78 ] .
وقال محمد رشيد رضا في تفسيره المنار: جملة القول أن الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض حتمي على كل مسلم ، وما كانت هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس إلا يوم شمرت عن ساعد الجد ودعت إلى الله وأمرت بالمعروف ونهت عن المنكر ، هذا على رأي من يرى أن (من) في قوله تعالى: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ لبيان الجنس ورأي آخرون أن ( من ) للتبعيض وعليه فإن الآمرين يجب أن يكونوا علماء وليس كل الناس ومن هنا فهي فرض كفاية على رأي هؤلاء .
ويقول ابن القيم الجوزية : وتبليغ سنة النبي إلى الأمة أفضل من تبليغ السهام إلى نحور العدو لأن تبليغ السهام يفعله كثير من الناس وأما تبليغ السنن فلا يقوم به إلا ورثة الأنبياء والدعاة إلى الله أعلى الخلق درجة وهم ورثة الأنبياء ومصابيح الهدى في دياجير الظلام ، بهم يُرشد الضال ويُهدى الحيران ويُغاث اللهفان ويُوقظ النائم ويُنشط الكسلان ويُقوم المعوج ويهدأ المضطرب ويبرأ السقيم ويُشفى العليل
فما أشرفها من مهمة وما أعظمها من غاية ، قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ [ يوسف:108 ] .
ومن تتبع سيرة الصحابة والسلف الصالح وعلماء هذه الأمة يجد منهم الحرص والجد والمثابرة حتى أصبحت الدعوة إلى الله هي شغلهم الشاغل وهمهم المتصل،فهذا الخليفة الأول الصديق لم يشغله الحزن على وفاة النبي عن أمر الدعوة بل سارع وسط ذلك الحزن وتلك الفاجعة إلى تأكيد أمر الدعوة فعقد الألوية وشيد الجيوش وأرسل الوفود والدعاة .
ومن هذه الصفوة المباركة كان سعد بن معاذ الذي كان في الأنصار بمنزلة أبي بكر في المهاجرين ، يقول ابن القيم : عرض عليه مصعب الإسلام فأسلم وفور عرض عليه مصعب الإسلام فأسلم وفور إسلامه رجع إلى قومه ينفذ الوصية قال : يا بني عبد الأشهل كيف تعلمون أمري فيكم ؟ قالوا : سيدنا وأفضلنا رأيا . فقال : فإن كلام رجالكم ونسائكم عليّ حرام حتى تؤمنوا بالله ورسوله . فما أمسى رجل ولا امرأة إلا مسلما أو مسلمة .
فكن يا أخي من الغرباء المصلحون الذين قال عنهم النبي : « طوبى للغرباء » قيل : ومن هم يا رسول الله ؟ قال : « الذين يُصلحون ما أفسد الناس من سنتي » ( أخرجه الترمذي من حديث كثير بن عبد الله المزني عن أبيه عن جده ) فالمصلحون هم سبب تنزل الرحمات وحلول البركات .
فأهل السماء والأرض يستغفرون لهم روى الترمذي عن أبي أمامة أن رسول الله قال : « إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في حجرها والحيتان في البحر يصلون على معلم الناس الخير » .
وعلى الأخ أو الأخت بطبيعه الحال وهم يعملونمع المجتمع تذكر هذه الأصول الهامه :
1- نعم الله علينا لا تُعد ولا تُحصى وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا [النحل: 18] وإن أعظم النعم نعمة الإسلام...... ومن تمام النعمة أننا ننتمي لصف يعمل لنصرة هذا الدين .
2- ولابد أن نستشعر هذه النعم وأن نشكر الله عليها وأن نستمسك بها وأن ندعوه ألا يبدل بنا غيرنا .
3- وإن من شكر الله على هذه النعم:أن ندعو الناس إلى الاستمساك بدينه والذود عن هذا الدين فإن ذلك من علامات شكر النعمة وكذلك أيضا من علامات حب العبد لله ؛ فإن من يحب أحدا يذكره دائما في نفسه وبين الناس .
يقول الأستاذ البنا في رسالة إلى الشباب :
إن منهاج الإخوان المسلمين محدود المراحل واضح الخطوات ، فنحن نعلم تماما ماذا نريد ونعرف الوسيلة إلى تحقيق هذه الإرادة :
* نريد أولا الرجل المسلم في تفكيره وعقيدته ، في خلقه وعاطفته ، وفي عمله وتصرفه فهذا هو تكويننا الفردي .
* نريد بعد ذلك البيت المسلم في تفكيره وعقيدته ، في خلقه وعاطفته ، وفي عمله وتصرفه ، ونحن لهذا نعتني بالمرأة عنايتنا بالرجل ، ونعتني بالطفولة عنايتنا بالشباب ، وهذا هو تكويننا الأسري .
* ونريد بعد ذلك الشعب المسلم في ذلك كله أيضا ،ونحن نعمل على أن تصل دعوتنا إلى كل بيت ، وأن يسمع صوتنا في كل مكان،وأن تتيسر فكرتنا وتتغلغل في القرى والمدن والمراكز والحواضر والأمصار ، لا نألوا في ذلك جهدا ولا نترك وسيلة .
ويقول في رسالة المؤتمر الخامس تحت عنوان مصارحة :
إن طريقتكم هذه مرسومة خطواته موضوعة حدوده ولست مخالفا هذه الحدود التي اقتنعت كل الاقتناع بأنها أسلم طريقة للوصول أجل قد تكون طريقا طويلة ولكن ليس هناك غيرها، إنما تظهر الرجولة بالصبر والمثابرة والجد والعمل الدائب فمن أراد منكم أن يستعجل ثمرة قبل نضجها أو يقطف زهرة قبل أوانها فلست معه في ذلك بحال ، وخير له أن ينصرف عن هذه الدعوة إلى غيرها من الدعوات ومن صبر معي حتى تنمو البذرة وتنبت الشجرة وتصلح الثمرة ويحين القطاف فأجره في ذلك على الله ولن يفوتنا وإياه أجر المحسنين إما النصر والسيادة وإما الشهادة والسعادة .
ولا شك أننا قد حققنا إنجازات لا ينكرها أحد في المرتبة الأولى وهي مرتبة الفرد وكذلك مرتبة الأسرة واليوم نحن في المرتبة الثالثة وهي مرتبة المجتمع .
وكما أن الله عز وجل بارك في جهد العاملين فتحققت هذه الإنجازات في المرتبتين السابقتين ، فإننا على يقين بأن الله سيبارك في جهد العاملين المخلصين في هذه المرتبة الراهنة إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً [الكهف:30] .
واليوم نحن في مرحلة عنوانها [المجتمع] فلابد من الانضباط من كل العاملين وبذل كل الجهد في تحقيق مستهدفات هذه المرحلة والإلتزام بالواجبات الفردية والجماعية التي تؤهل الأخ والأخت للعمل الناجح في هذه المرتبة.
إشارات ضوئيه ونحن نعمل مع المجتمع
1-لابد أن يكون شعارنا الذي نرفعه فوق رؤوسنا في هذه المرحلة هو وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [الأنبياء:107]
يجب أن يكون شعارنا أن نكون رحمة للمجتمع بكل طوائفه العقائدية مسلم وغير مسلم – اتجاهاته الفكرية المختلفة ( إسلامي – علماني – شيوعي ) ، والإسلامي بكل اتجاهاته الفكرية (سلفي – جهادي – أنصار سنة – تبليغ – صوفي )
يقول الدكتور يوسف القرضاوى فى كتابه الصحوة الإسلاميه من المراهقه إلى الرشد:
وقد ذكر التاريخ ما فعله سيدنا عمر بن الخطاب لاعتبارات مصلحية شرعية رآها حين عرض عليه عرب بني تغلب – وكانوا نصارى – أن يحذف كلمة الجزية من تعاملهم ويسمي ما يأخذه صدقة أو زكاةولو كان أكثر مما يؤخذ من المسلمين، وقالوا : إننا عرب نأنف من كلمة جزية وقبل منهم ذلك وقال : ( هؤلاء قوم حمقى رضوا بالمعنى وأبوا الاسم ).
ولا شك أن هذه النقطه هامة جدا وخاصه تعاملنا مع الآخر الإسلامى .....ومما هو جدير بالذكر تحول الكثير من أصحاب منهج التغيير بالعنف عن منهجهم وذالك بالإحتكاك بالإخوان فى المعتقلات
2-وكذلك نرفع شعار : كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ [النساء:94] .... فلا نستكبر على المجتمع فكذلك كنا من قبل كنا من هذا المجتمع فمنّ الله علينا بأن رزقنا من يأخذ بأيدينا وصبر علينا وهذا دَيْن في رقابنا لابد أن نوفيه بأن نمد أيدينا لغيرنا ونصبر عليهم ونأخذ بأيديهم
3-لابد أن نوظف كل أفرادنا توظيفا جيدا للعمل مع المجتمع ... فإن أدوات العمل مع المجتمع هي :المعلم – صاحب الورشة أو المصنع- التاجر – الطبيب – المحاسب – المهندس – المقاول – المأذون – إمام المسجد – المحامي – أستاذ الجامعة – النائب البرلماني .
وكنا بالأمس في مرحلة الفرد لا نملك هذه الأدوات فكان لنا عذرنا أمام الله أما اليوم فنمتلك هذه الأدوات وبوفرة فليس لنا عذر أمام الله ..... ولابد من توظيف إمكانات وقدرات هذه الأدوات لكي نحقق إنجازات في هذه المرحلة .
وقد ذكرت فى أول الورقه أن لائحه قسم المهنيين الأن كلها حول العمل مع المجتمع وليس كما كان الحال سابقا حيث كان القسم يهتم بالعمل مع المهنيين من الإخوان داخل الصف وعلى إستحياء كيف ندعو غيرنا .....إنما الآن أصبحت كل لائحه قسم المهنيين العمل مع المجتمع وتوظيف الأخ فى مهنته طبيب أو مهندس أو مدرس أو أينما كان توظيفه فى مجال الدعوة الفرديه والربط العام
4-لابد أن يدرك كل أخ الفرق بين التعريف والتكوين وأنه لا يجب أن نُلزم الناس بما نلزم به أنفسنا....... ولينظر كل منا كم من جهد بُذل معه كم من جهد تربوي كم من موعد أسبوعي.. شهري .. سنوي .. ورحلات بكل أنواعهاحتى يصل إلى هذا المستوى من الوعي والعاطفة تجاه دينه ..... فكيف نطالب المجتمع بأن يكون على هذا المستوى من الفهم والعاطفة والتجاوب وهو لم يُبذل معه هذا الجهد ؟! فإن هذا ليس بالإنصاف
وهنا أشير إلى أهميه موضوع كيف نمسك بزمام الحياه وشروح نظريه الأستاذ الراشد فاللأستاذ كلام بديع يراجع هناك فى الموضوع إن شاء الله
-لابد أن ندرك أن تربية الأفراد الناجحة هي التي تدفع الأفراد للعمل مع المجتمع من حولهم على مستوى الأسرة والجار والشارع والحي والوظيفة. فالفرد الذي في: أسرته.. وعائلته.. وعمارته .. وشارعه .. وعمله.. بلا طعم ولا لون ولا رائحةفرد لم يفهم ولم يربي التربية الصحيحة ......يقول النبي صلى الله عليه وسلم :« من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرّج عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة،ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة»
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم « كل سلامى من الناس عليه صدقة،كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين اثنين صدقة،وتعين الرجل على دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة،والكلمة الطيبة صدقة،وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة،وتميط الأذى عن الطريق صدقة » ( متفق عليه ) .
فهذا هو الفهم الصحيح للعمل لله....... أن تتحرك للعمل مع المجتمع توعية وصبرا وخدمة وإصلاحا ولا نجاة في الدنيا والآخرة إلا بذلك .
6- لابد أن يدرك المسئولون المفهوم الصحيح للتوظيف....... فما زال يسيطر على الأذهان أن التوظيف هو العمل في التربية فقط وما دون ذلك فهو وظيفة هامشية ليست لها أهمية،بل يتولد لدى الفرد الغير عامل في هذه المجالات من التوظيف (التربية والتكوين) إحساس بالإهمال وعدم الاهتمام من القائمين على العمل فيصاب بالإحباط والخمول والكسل .
إذا فلابد من وضوح مفهوم التوظيف الصحيح لدى المسئولين.... وهو أن يوظف كل فرد في المكان والوظيفة التي تتلائم مع قدراته وإمكاناتهونحن نعلم أن هؤلاء الأفراد وهم أدوات الجماعة في العمل مع المجتمع،هم الذين يمتلكون قدرات التأثير والعمل مع المجتمع ، إذا فلابد أن يتفهموا هذا الأمر ولابد من القائمين على العمل أن يعطوهم الشعور بأنهم أدوات التأثير في هذه المرحلة التي يعيشها العمل الإسلامي .فمتابعة هؤلاء الأفراد في جلساتهم في هذه الوظيفة يشعرهم بأهميتها .
7- أن مرتبة العمل مع المجتمع تحتاج إلى أفراد مؤهلين تأهيلا صحيحا لكي يستطيعوا العمل بنجاح مع المجتمع بكل فئاته وطوائفه المختلفة ثقافيا وفكريا وعقائديا . فإن الأخ حينما يتحدث مع إخوانه فهناك وحدة الفكر والشعور والعاطفة ، فقل أن تجد معترضا لأن الأصول والثوابت عند المتحدث والمستمع واحدة أما حين الجلوس في مجلس عام بالمجتمع فحينما يتحدث الأخ فهناك الاعتراضات والمقاطعات وموافقات ؛ لاختلاف الأفكار والهوية والعقيدة .إذن لابد أن يكون الفرد مؤهلا التأهيل الصحيح الذي يمكنه من امتلاك دفة الحوار والقدرة على الإقناع حتى يستطيع توصيل ما يريد ، فلابد أن يتم تأهيل الفرد في عدة محاور .
لابد أن يكون الفرد مؤهلا التأهيل الصحيح الذي يمكنه من امتلاك دفة الحوار والقدرة على الإقناع حتى يستطيع توصيل ما يريد ، فلابد أن يتم تأهيل الفرد في عدة محاور ، منها :
أولا : التأهيل الإيماني والأخلاقي :
أ - أن يكون قلب الفرد مملوءا بـ : الشفقة والعطف على المخالفين، وأن ينتزع من قلبه كل أثر للكراهية والبغض يقول الله عز وجل كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ( [النساء:94 ] .
ب - أن يشتاق الفرد إلى أن يمنحه الله ثواب هداية عبد من عباده ؛ كما قال صلى الله عليه وسلم لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك مما طلعت عليه الشمس » ( رواه البخاري ) .
جـ - الصبر وكظم الغيظ واستشعار ثوابهما ) وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [البقرة:155] ، وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران:134] .
د - الدعاء : بأن يلهج لسانه بالدعاء للهالذى بيده مفاتيح القلوب ، فيرى فيها إخلاصا له وتجردا كاملا لوجهه الكريم.
هـ - القدوة الصالحة : فإن الناس يسمعون ويرون بأعينهم ، وأن القدوة الصالحة من أنجح الوسائل في التأثير في المجتمع يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ [الصف:2] ، أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ [البقرة:44]، و(إن فعل رجل في ألف رجل خير من وعظ ألف رجل في رجل)
التأهيل الثقافى والفكري
- ومصدر الثقافة والفكر عند الأخ المسلم هو :
* القرآن الكريم،والسنة المطهرة،وسيرة النبي والصحابة والتابعين،والتاريخ الإسلامي الحقيقي غير المشوه .
* ثم الوعي بواقع الحياة ، وواقع الناس ، والواقع العالمي الذي تعيشه الأمة الإسلامية وما يُكاد لها .
2 – إذن فلينظر كل فرد أين هو ..من كتاب الله تجويدا وتلاوة وحفظا وتدبرا والمسلم ذو الصلة المستمرة بالقرآن على هذا النحو لا يعاني الفاقة الفكرية ولا الإيمانية أبدا بل إنه بذلك يكون قد وضع بين يديه كل أدوات التأثير في المجتمع.
3- ولينظر الفرد أين هو. من سيرة النبي والصحابة والتابعين .
4 - أين هو من معرفة التاريخ الإسلامي وتاريخ الأمم بما فيها من مواعظ وعبر، وحري بكل أخ أن يطالع السيرة قبل كل مناسبة ( الهجرة – بدر في رمضان – أحد ... إلخ ) .5ـ - أين هو من واقع الحياة ، وهل يطلع على صحيفة يومية ؟ وكذلك نشرة الأخبار ؟ وكذلك جريدتنا الأسبوعية ؟ وهل هو مخالط للناس فيتعرف على واقعهم وما يؤلمهم وأسباب معاناتهم؟ ويشاركهم أفراحهم وكذلك أحزانهم؟ وليعلم الفرد (رجلا وامرأة) أن مخاطبته لأفراد المجتمع تحتاج إلى مستوى من الثقافة والفكر وحجم من البيانات الموثقة التي تساعد على الإقناع .
ثالثا : التأهيل الشرعي :
1 - فلابد للفرد من امتلاك الحد الأدنى من الثقافة الشرعية ويعمل على تنمية معارفه في هذا المجال(فقه العبادات – فقه المعاملات والبيوع – فقه الطلاق ... إلخ ) و من الضروري للفرد ( أخا وأختا ) الذي يعمل مع المجتمع من المدارسة الجيدة والإلمام الجيد بالأصول العشرين للفهم .
2 – الإطلاع على فقه المناسبات ( فقه الصيام والزكاة في رمضان – فقه الحج – فقه العمرة – قراءات لا فتاوى ) .
رابعا : التأهيل الفني :
1 - أن يُؤهل الفرد فنيا بحيث يكون قادرا على التأثير في المجتمع من حوله ، من حيث معرفة أصول فن الحوار وامتلاك أدوات الاتصال الفعال وغيرها من الأمور الفنية التي يحتاجها الفرد ، وهذا ما نراه مستهدفا في الفترة القادمة من دورات فنية وتدريبية : دورة ( الاتصال الجماهيري الفعال )، ودورة ( فن الحوار )، ودورة ( دور الفرد على مسار الحياة ) .
2 – وكذلك لابد من تطوير وتنويع وسائل التأثير في المجتمع ؛ لأن أهل الباطل قد نوعوا وطوروا وسائل التأثير في المجتمع ، وأهل الحق أولى بذلك .
** وهذا التأهيل - الإيماني والثقافي والفكري والشرعي والفني - للفرد دور فيه مع نفسه وكذلك للصف فيه أيضا دور ، ويجب أن يقوم كل منهما بواجبه لنجاح العمل .
ثم باقى الإشارات الضوئيه للعمل مع المجتمع
8- لابد للأفراد ( أخوة وأخوات ) أن يتعرفوا على فقه مرحلة المجتمع وأن يقيس العمل ويقيمه بهذا الفقه ، فلا يجوز أن تقيس الأعمال الموجهة للمجتمع بفقه مرحلة الفرد ، فها هو رسول الله يتعامل بفقه مرحلة الفرد فيربي أصحابه الكرام على أن من سقط سوطه فلا يسمح لأحد أن يأتيه به بل هو الذي ينزل عن دابته ويأتي بسوطه ، وفي نفس الوقت كانت هناك طائفة المؤلفة قلوبهم الذين كانت لهم معاملتهم الخاصة .
يروى أحد أستاذتنا المربين أنه قد حضر عملا عاما موجها للمجتمع (حفل فني) وقد تم تعليق دعايته في الشوارع وكان الحفل ناجحا عبر فيه بعض المشاركين عن تفاعلهم مع العرض بالتصفيق والصفير فما كان من أحد الأخوة إلا أن اشتاط غضبا وذهب لمسئول الحفل شاكيا .
فهذا الأخ قاس العمل بفقه مرحلة الفرد ( سمر في عمل تربوي ) الحضور جميعا إخوة على مستوى من التربية الإسلامية فتفاعلاتهم منضبطة،أما هذا الحفل فعمل عام وقد تم تعليق دعايته بالشوارع ورد فعل الحضور وتفاعلاتهم بالصورة التي تعودوا عليها أو يعرفوها،ورد الفعل هذا بالتصفير والتصفيق تفاعل ورضا عن العمل،وهذا ما يجب أن يسعد كل أخ؛لأن الرضا عن العمل يجعل هذا المدعو يرضي عمن دعاه ويجعله بعد ذلك يتجاوب معه في كل ما يدعوه إليه .
9- لابد أن يدرك الأفراد أن النجاح في العمل مع المجتمع له مردوده على صور العمل المختلفة ويساعد الأقسام الأخرى على تحقيق مستهدفاتها كالتربية والتكوين – شباب العمال – الأشبال – الأخوات .
ولنضرب على ذلك مثالا،فإن من مشاريع المجتمع بنشر الدعوة هو مشروع(ظل الخطيب)الذي يهدف إلى رفع مستوى الخطابة والذي يعني وجود خطيب جيد وظاهرة إسلامية بمنطقة المسجد التي تجعل كل فئات المجتمع المختلفة وشرائحه تدخل المسجد من رجال ونساء وأشبال وعمال وغيرها مما يتيح ويسهل للأنشطة الأخرى تحقيق مستهدفاتها .
10- أن يدرك الفرد أن العمل مع المجتمع قد تكون تجربة جديدة بالنسبة له وتحتاج إلى خبرات ولكن الممارسة والعمل وتقويم العمل هي التي تولد الخبرات والحركة بركة والنجاح يولد النجاح مع تبادل الخبرات بين الممارسين للعمل والإطلاع على التجارب الناجحة التي تشجع الآخرين على الإيجابية .
11- التيسيير لا التعسير،والتبشير لا التنفير (د.يوسف القرضاوي – الدعوة الإسلامية من المراهقة إلى الرشد)،قال النبي : « يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا » وإذا كان اليسر مطلوبا في كل شئون الحياة وفي الدين خاصة لاسيما في فقه أحكام الشريعة ، وفي تعلم الدين والدعوة إليه فإن التعسير المضاد للتيسير مرفوض قطعا في دين الله ؛ لأنه داخل في العسر والحرج والعنت والأمصار والأغلال التي نفاها الله عن هذا الدين .
فإغفال الرخص مع مسيس الحاجة إليها من التعسير،وتوسيع مفهوم البدع من التعسير،والتوسع في التحريم من التعسير فلا حرام إلا ما حرمه الله وأهل الفتوى والاجتهاد .
والتبشير:هو كل دعوة تحبب الله تعالى إلى عباده وترغبهم في عبادته وطاعته وتقودهم بحب ورفق إلى صراط المستقيم .
ولا تنفروا،أي:لا تتبعوا النهج الذي ينفر الناس من شرع الله والالتزام بمنهجه القويم،مثل منهج الترهيب الدائم والتخويف المستمر من الله تبارك وتعالى بذكر آيات الوعيد والعذاب والبطش من الله دون آيات الوعد والنعيم والرحمة منه سبحانه .
ومن مظاهر التبشير تغليب الأمل والتفاؤل ، وتغليب جانب الرحمة والعفو « إن رحمتي وسعت غضبي » ، والتبشير بمستقبل الإسلام والقرآن والسنة والتاريخ والواقع مليء بالمبشرات على نصر الإسلام .
ومن التبشير المطلوب أن تتسع صدورنا لكل الناس وإن لم يكونوا على المستوى الذي ننشده ، ومن الخطأ التعامل مع الناس بصورة واحدة جامدة واعتبارهم جميعا في درجة واحدة فيجب أن نعترف أن الناس متفاوتون في طاقاتهم وظروفهم الشخصية والاجتماعية من ناحية وفي مراتبهم ومنازلهم من الدين من ناحية أخرى .
فقد يفتي بعض الناس بالرخص ويفتي غيرهم بالعزائم، وقد يُقبل من بعض الناس القليل من العمل ولا يُقبل من غيرهم إلا ما يقترب من الكمال ، وقد يُتساهل مع بعضهم في التقصير إذا قصر وآخر لا ينبغي التساهل معه ؛ فالصغيرة من الكبير تكبر والهفوة منه تعظم وكذلك قيل ذلة العالم يضرب بها الطبل وذلة الجاهل يخفيها الجهل .
ومن هنا رأينا النبي قبل ممن دخل في الإسلام حديثا ألا يزيد عن الفرائض شيئا يتطوع به وقد حلف على ذلك أمام النبي قائلا : والله لا أزيد على ذلك ولا أنقص ، فقال عليه الصلاة والسلام : « أفلح إن صدق » أو : « دخل الجنة إن صدق » ، ومثل هذا لا يقبل من أبي بكر وعمر السابقين الأولين .
وربما يصلح ختاما أن نعرض أنفسنا على ما قاله الإمام البنا بحقنا لنرى أين نحن من واقع ما يجب أن نكون عليه ، يقول الإمام الشهيد في رسالة [ بين الأمس واليوم ] واصفا الإخوان :
( .. ولكنكم روح جديد يسري في قلب هذه الأمة فيحييه بالقرآن ، ونور جديد يشرق فيبدد ظلام المادة بمعرفة الله ، وصوت داوٍ يعلو مرددا دعوة الرسول ، ومن الحق الذي لا غلو فيه أن تشعروا أنكم تحملون هذا العبء بعد أن تخلى الناس عنه ) .
بهذا أنتهى الموضوع
التأصيل الشرعي للعمل مع المجتمع
من القرآن :
قال تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (فصلت:33) والآيه توضح فضيلة الداعي
قال تعالى : وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (آل عمران:104) والآيه تشير إلى وجوب الدعوة .
قال تعالى : كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّه (آل عمران: من الآية110) والايه توضح خيرية الأمة بالقيام بهذه الوظيفة
قال تعالى : قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي (يوسف: من الآية108)
والأيه توضح أن طبيعة الدعوة والعمل مع المجتمع يجب أن يكون عَلَى بَصِيرَةٍ منظمة وهادفة وهادية
قال تعالى : كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (الأعراف: 1، 2)
والآيه تشير إلى أن الداعى والعامل مع الناس لا ينذر إلا وقد انشرح صدره وخلا من الحرج أو الضيق بالكتاب وبالدعوة
قال تعالى : قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً . إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ (الجن:22،23) .
[ الآيتان توضحان أن الدعوة سبب النجاة – كما قال الحسن
من السنة :
عن النعمان بن بشير عن النبي قال:« مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا الماء مروا على من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا فإن تركوهم وما أراد هلكوا وهلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا » (رواه البخاري) والحديث يشير إلى عاقبة التقصير في هذا الواجب على الأمة .
عن أبي سعيد الخدري عن النبي قال : « من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان » والحديث يشير إلى وجوب إنكار المنكر .
قام أبو بكر على المنبر فقال:أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية وتفهمونها على غير وجهها يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم وإني سمعت رسول الله يقول : « إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده ، ثم يدعو خيارهم فلا يُستجاب لهم » .
عن حذيفة بن اليمان عن النبي قال : « والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه فتدعونه فلا يُستجاب لكم » .
ويقول الإمام ابن تيمية:
ظل النبي يدعو إلى ربه سرا بشكل فردي حتى أمره الله بأن يجهر بدعوته،فقال سبحانـه : فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ [ الحجر: 94] ، فكان أول أمر في الدعوة العلنية متعلقا بعشيرته فقال سبحانه: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ الشعراء: 214] ، ثم أمر أن يبلغ دعوته لجميع الناس دون نظر إلى ألوانهم ولغاتهم وأوطانهم فقال : قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً [لأعراف: 158] .
فالدعاة إلى الله مكلفون بإبلاغ الدعوة الناس وشرحها بأسلوب مرغب وحديث شيق وحوار يخاطب العقل والقلب والوجدان ولقد تكرر في القرآن الحديث عن وظيفة الدعاة وفي مقدمتهم الرسل وحصرها في البلاغ مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ [المائدة:99] ، فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ [التغابن:12]، وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ [الرعد:40] .
إن ترك الدعوة وعدم القيام بالتبليغ يوجب الإثم : هكذا قال كثير من العلماء فإن الواجب ما طلب الشارع فعله طلبا جازما ورتب أجرا لفاعله ووزرا على تاركه فقال تعالى : لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الأِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ [المائدة:63] ذم الله علماء النصارى واليهود لعدم القيام بوظيفة الأنبياء وهي الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وقال القرطبي رحمه الله : دلت على أن تارك النهي كمرتكب المنكر ولقد استحق نفر من بني إسرائيل اللعن من الله أي الطرد من رحمته لعدم القيام بالدعوة وأساسها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ [ المائدة:78 ] .
وقال محمد رشيد رضا في تفسيره المنار: جملة القول أن الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض حتمي على كل مسلم ، وما كانت هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس إلا يوم شمرت عن ساعد الجد ودعت إلى الله وأمرت بالمعروف ونهت عن المنكر ، هذا على رأي من يرى أن (من) في قوله تعالى: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ لبيان الجنس ورأي آخرون أن ( من ) للتبعيض وعليه فإن الآمرين يجب أن يكونوا علماء وليس كل الناس ومن هنا فهي فرض كفاية على رأي هؤلاء .
ويقول ابن القيم الجوزية : وتبليغ سنة النبي إلى الأمة أفضل من تبليغ السهام إلى نحور العدو لأن تبليغ السهام يفعله كثير من الناس وأما تبليغ السنن فلا يقوم به إلا ورثة الأنبياء والدعاة إلى الله أعلى الخلق درجة وهم ورثة الأنبياء ومصابيح الهدى في دياجير الظلام ، بهم يُرشد الضال ويُهدى الحيران ويُغاث اللهفان ويُوقظ النائم ويُنشط الكسلان ويُقوم المعوج ويهدأ المضطرب ويبرأ السقيم ويُشفى العليل
فما أشرفها من مهمة وما أعظمها من غاية ، قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ [ يوسف:108 ] .
ومن تتبع سيرة الصحابة والسلف الصالح وعلماء هذه الأمة يجد منهم الحرص والجد والمثابرة حتى أصبحت الدعوة إلى الله هي شغلهم الشاغل وهمهم المتصل،فهذا الخليفة الأول الصديق لم يشغله الحزن على وفاة النبي عن أمر الدعوة بل سارع وسط ذلك الحزن وتلك الفاجعة إلى تأكيد أمر الدعوة فعقد الألوية وشيد الجيوش وأرسل الوفود والدعاة .
ومن هذه الصفوة المباركة كان سعد بن معاذ الذي كان في الأنصار بمنزلة أبي بكر في المهاجرين ، يقول ابن القيم : عرض عليه مصعب الإسلام فأسلم وفور عرض عليه مصعب الإسلام فأسلم وفور إسلامه رجع إلى قومه ينفذ الوصية قال : يا بني عبد الأشهل كيف تعلمون أمري فيكم ؟ قالوا : سيدنا وأفضلنا رأيا . فقال : فإن كلام رجالكم ونسائكم عليّ حرام حتى تؤمنوا بالله ورسوله . فما أمسى رجل ولا امرأة إلا مسلما أو مسلمة .
فكن يا أخي من الغرباء المصلحون الذين قال عنهم النبي : « طوبى للغرباء » قيل : ومن هم يا رسول الله ؟ قال : « الذين يُصلحون ما أفسد الناس من سنتي » ( أخرجه الترمذي من حديث كثير بن عبد الله المزني عن أبيه عن جده ) فالمصلحون هم سبب تنزل الرحمات وحلول البركات .
فأهل السماء والأرض يستغفرون لهم روى الترمذي عن أبي أمامة أن رسول الله قال : « إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في حجرها والحيتان في البحر يصلون على معلم الناس الخير » .
وعلى الأخ أو الأخت بطبيعه الحال وهم يعملونمع المجتمع تذكر هذه الأصول الهامه :
1- نعم الله علينا لا تُعد ولا تُحصى وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا [النحل: 18] وإن أعظم النعم نعمة الإسلام...... ومن تمام النعمة أننا ننتمي لصف يعمل لنصرة هذا الدين .
2- ولابد أن نستشعر هذه النعم وأن نشكر الله عليها وأن نستمسك بها وأن ندعوه ألا يبدل بنا غيرنا .
3- وإن من شكر الله على هذه النعم:أن ندعو الناس إلى الاستمساك بدينه والذود عن هذا الدين فإن ذلك من علامات شكر النعمة وكذلك أيضا من علامات حب العبد لله ؛ فإن من يحب أحدا يذكره دائما في نفسه وبين الناس .
يقول الأستاذ البنا في رسالة إلى الشباب :
إن منهاج الإخوان المسلمين محدود المراحل واضح الخطوات ، فنحن نعلم تماما ماذا نريد ونعرف الوسيلة إلى تحقيق هذه الإرادة :
* نريد أولا الرجل المسلم في تفكيره وعقيدته ، في خلقه وعاطفته ، وفي عمله وتصرفه فهذا هو تكويننا الفردي .
* نريد بعد ذلك البيت المسلم في تفكيره وعقيدته ، في خلقه وعاطفته ، وفي عمله وتصرفه ، ونحن لهذا نعتني بالمرأة عنايتنا بالرجل ، ونعتني بالطفولة عنايتنا بالشباب ، وهذا هو تكويننا الأسري .
* ونريد بعد ذلك الشعب المسلم في ذلك كله أيضا ،ونحن نعمل على أن تصل دعوتنا إلى كل بيت ، وأن يسمع صوتنا في كل مكان،وأن تتيسر فكرتنا وتتغلغل في القرى والمدن والمراكز والحواضر والأمصار ، لا نألوا في ذلك جهدا ولا نترك وسيلة .
ويقول في رسالة المؤتمر الخامس تحت عنوان مصارحة :
إن طريقتكم هذه مرسومة خطواته موضوعة حدوده ولست مخالفا هذه الحدود التي اقتنعت كل الاقتناع بأنها أسلم طريقة للوصول أجل قد تكون طريقا طويلة ولكن ليس هناك غيرها، إنما تظهر الرجولة بالصبر والمثابرة والجد والعمل الدائب فمن أراد منكم أن يستعجل ثمرة قبل نضجها أو يقطف زهرة قبل أوانها فلست معه في ذلك بحال ، وخير له أن ينصرف عن هذه الدعوة إلى غيرها من الدعوات ومن صبر معي حتى تنمو البذرة وتنبت الشجرة وتصلح الثمرة ويحين القطاف فأجره في ذلك على الله ولن يفوتنا وإياه أجر المحسنين إما النصر والسيادة وإما الشهادة والسعادة .
ولا شك أننا قد حققنا إنجازات لا ينكرها أحد في المرتبة الأولى وهي مرتبة الفرد وكذلك مرتبة الأسرة واليوم نحن في المرتبة الثالثة وهي مرتبة المجتمع .
وكما أن الله عز وجل بارك في جهد العاملين فتحققت هذه الإنجازات في المرتبتين السابقتين ، فإننا على يقين بأن الله سيبارك في جهد العاملين المخلصين في هذه المرتبة الراهنة إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً [الكهف:30] .
واليوم نحن في مرحلة عنوانها [المجتمع] فلابد من الانضباط من كل العاملين وبذل كل الجهد في تحقيق مستهدفات هذه المرحلة والإلتزام بالواجبات الفردية والجماعية التي تؤهل الأخ والأخت للعمل الناجح في هذه المرتبة.
إشارات ضوئيه ونحن نعمل مع المجتمع
1-لابد أن يكون شعارنا الذي نرفعه فوق رؤوسنا في هذه المرحلة هو وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [الأنبياء:107]
يجب أن يكون شعارنا أن نكون رحمة للمجتمع بكل طوائفه العقائدية مسلم وغير مسلم – اتجاهاته الفكرية المختلفة ( إسلامي – علماني – شيوعي ) ، والإسلامي بكل اتجاهاته الفكرية (سلفي – جهادي – أنصار سنة – تبليغ – صوفي )
يقول الدكتور يوسف القرضاوى فى كتابه الصحوة الإسلاميه من المراهقه إلى الرشد:
وقد ذكر التاريخ ما فعله سيدنا عمر بن الخطاب لاعتبارات مصلحية شرعية رآها حين عرض عليه عرب بني تغلب – وكانوا نصارى – أن يحذف كلمة الجزية من تعاملهم ويسمي ما يأخذه صدقة أو زكاةولو كان أكثر مما يؤخذ من المسلمين، وقالوا : إننا عرب نأنف من كلمة جزية وقبل منهم ذلك وقال : ( هؤلاء قوم حمقى رضوا بالمعنى وأبوا الاسم ).
ولا شك أن هذه النقطه هامة جدا وخاصه تعاملنا مع الآخر الإسلامى .....ومما هو جدير بالذكر تحول الكثير من أصحاب منهج التغيير بالعنف عن منهجهم وذالك بالإحتكاك بالإخوان فى المعتقلات
2-وكذلك نرفع شعار : كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ [النساء:94] .... فلا نستكبر على المجتمع فكذلك كنا من قبل كنا من هذا المجتمع فمنّ الله علينا بأن رزقنا من يأخذ بأيدينا وصبر علينا وهذا دَيْن في رقابنا لابد أن نوفيه بأن نمد أيدينا لغيرنا ونصبر عليهم ونأخذ بأيديهم
3-لابد أن نوظف كل أفرادنا توظيفا جيدا للعمل مع المجتمع ... فإن أدوات العمل مع المجتمع هي :المعلم – صاحب الورشة أو المصنع- التاجر – الطبيب – المحاسب – المهندس – المقاول – المأذون – إمام المسجد – المحامي – أستاذ الجامعة – النائب البرلماني .
وكنا بالأمس في مرحلة الفرد لا نملك هذه الأدوات فكان لنا عذرنا أمام الله أما اليوم فنمتلك هذه الأدوات وبوفرة فليس لنا عذر أمام الله ..... ولابد من توظيف إمكانات وقدرات هذه الأدوات لكي نحقق إنجازات في هذه المرحلة .
وقد ذكرت فى أول الورقه أن لائحه قسم المهنيين الأن كلها حول العمل مع المجتمع وليس كما كان الحال سابقا حيث كان القسم يهتم بالعمل مع المهنيين من الإخوان داخل الصف وعلى إستحياء كيف ندعو غيرنا .....إنما الآن أصبحت كل لائحه قسم المهنيين العمل مع المجتمع وتوظيف الأخ فى مهنته طبيب أو مهندس أو مدرس أو أينما كان توظيفه فى مجال الدعوة الفرديه والربط العام
4-لابد أن يدرك كل أخ الفرق بين التعريف والتكوين وأنه لا يجب أن نُلزم الناس بما نلزم به أنفسنا....... ولينظر كل منا كم من جهد بُذل معه كم من جهد تربوي كم من موعد أسبوعي.. شهري .. سنوي .. ورحلات بكل أنواعهاحتى يصل إلى هذا المستوى من الوعي والعاطفة تجاه دينه ..... فكيف نطالب المجتمع بأن يكون على هذا المستوى من الفهم والعاطفة والتجاوب وهو لم يُبذل معه هذا الجهد ؟! فإن هذا ليس بالإنصاف
وهنا أشير إلى أهميه موضوع كيف نمسك بزمام الحياه وشروح نظريه الأستاذ الراشد فاللأستاذ كلام بديع يراجع هناك فى الموضوع إن شاء الله
-لابد أن ندرك أن تربية الأفراد الناجحة هي التي تدفع الأفراد للعمل مع المجتمع من حولهم على مستوى الأسرة والجار والشارع والحي والوظيفة. فالفرد الذي في: أسرته.. وعائلته.. وعمارته .. وشارعه .. وعمله.. بلا طعم ولا لون ولا رائحةفرد لم يفهم ولم يربي التربية الصحيحة ......يقول النبي صلى الله عليه وسلم :« من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرّج عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة،ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة»
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم « كل سلامى من الناس عليه صدقة،كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين اثنين صدقة،وتعين الرجل على دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة،والكلمة الطيبة صدقة،وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة،وتميط الأذى عن الطريق صدقة » ( متفق عليه ) .
فهذا هو الفهم الصحيح للعمل لله....... أن تتحرك للعمل مع المجتمع توعية وصبرا وخدمة وإصلاحا ولا نجاة في الدنيا والآخرة إلا بذلك .
6- لابد أن يدرك المسئولون المفهوم الصحيح للتوظيف....... فما زال يسيطر على الأذهان أن التوظيف هو العمل في التربية فقط وما دون ذلك فهو وظيفة هامشية ليست لها أهمية،بل يتولد لدى الفرد الغير عامل في هذه المجالات من التوظيف (التربية والتكوين) إحساس بالإهمال وعدم الاهتمام من القائمين على العمل فيصاب بالإحباط والخمول والكسل .
إذا فلابد من وضوح مفهوم التوظيف الصحيح لدى المسئولين.... وهو أن يوظف كل فرد في المكان والوظيفة التي تتلائم مع قدراته وإمكاناتهونحن نعلم أن هؤلاء الأفراد وهم أدوات الجماعة في العمل مع المجتمع،هم الذين يمتلكون قدرات التأثير والعمل مع المجتمع ، إذا فلابد أن يتفهموا هذا الأمر ولابد من القائمين على العمل أن يعطوهم الشعور بأنهم أدوات التأثير في هذه المرحلة التي يعيشها العمل الإسلامي .فمتابعة هؤلاء الأفراد في جلساتهم في هذه الوظيفة يشعرهم بأهميتها .
7- أن مرتبة العمل مع المجتمع تحتاج إلى أفراد مؤهلين تأهيلا صحيحا لكي يستطيعوا العمل بنجاح مع المجتمع بكل فئاته وطوائفه المختلفة ثقافيا وفكريا وعقائديا . فإن الأخ حينما يتحدث مع إخوانه فهناك وحدة الفكر والشعور والعاطفة ، فقل أن تجد معترضا لأن الأصول والثوابت عند المتحدث والمستمع واحدة أما حين الجلوس في مجلس عام بالمجتمع فحينما يتحدث الأخ فهناك الاعتراضات والمقاطعات وموافقات ؛ لاختلاف الأفكار والهوية والعقيدة .إذن لابد أن يكون الفرد مؤهلا التأهيل الصحيح الذي يمكنه من امتلاك دفة الحوار والقدرة على الإقناع حتى يستطيع توصيل ما يريد ، فلابد أن يتم تأهيل الفرد في عدة محاور .
لابد أن يكون الفرد مؤهلا التأهيل الصحيح الذي يمكنه من امتلاك دفة الحوار والقدرة على الإقناع حتى يستطيع توصيل ما يريد ، فلابد أن يتم تأهيل الفرد في عدة محاور ، منها :
أولا : التأهيل الإيماني والأخلاقي :
أ - أن يكون قلب الفرد مملوءا بـ : الشفقة والعطف على المخالفين، وأن ينتزع من قلبه كل أثر للكراهية والبغض يقول الله عز وجل كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ( [النساء:94 ] .
ب - أن يشتاق الفرد إلى أن يمنحه الله ثواب هداية عبد من عباده ؛ كما قال صلى الله عليه وسلم لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك مما طلعت عليه الشمس » ( رواه البخاري ) .
جـ - الصبر وكظم الغيظ واستشعار ثوابهما ) وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [البقرة:155] ، وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران:134] .
د - الدعاء : بأن يلهج لسانه بالدعاء للهالذى بيده مفاتيح القلوب ، فيرى فيها إخلاصا له وتجردا كاملا لوجهه الكريم.
هـ - القدوة الصالحة : فإن الناس يسمعون ويرون بأعينهم ، وأن القدوة الصالحة من أنجح الوسائل في التأثير في المجتمع يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ [الصف:2] ، أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ [البقرة:44]، و(إن فعل رجل في ألف رجل خير من وعظ ألف رجل في رجل)
التأهيل الثقافى والفكري
- ومصدر الثقافة والفكر عند الأخ المسلم هو :
* القرآن الكريم،والسنة المطهرة،وسيرة النبي والصحابة والتابعين،والتاريخ الإسلامي الحقيقي غير المشوه .
* ثم الوعي بواقع الحياة ، وواقع الناس ، والواقع العالمي الذي تعيشه الأمة الإسلامية وما يُكاد لها .
2 – إذن فلينظر كل فرد أين هو ..من كتاب الله تجويدا وتلاوة وحفظا وتدبرا والمسلم ذو الصلة المستمرة بالقرآن على هذا النحو لا يعاني الفاقة الفكرية ولا الإيمانية أبدا بل إنه بذلك يكون قد وضع بين يديه كل أدوات التأثير في المجتمع.
3- ولينظر الفرد أين هو. من سيرة النبي والصحابة والتابعين .
4 - أين هو من معرفة التاريخ الإسلامي وتاريخ الأمم بما فيها من مواعظ وعبر، وحري بكل أخ أن يطالع السيرة قبل كل مناسبة ( الهجرة – بدر في رمضان – أحد ... إلخ ) .5ـ - أين هو من واقع الحياة ، وهل يطلع على صحيفة يومية ؟ وكذلك نشرة الأخبار ؟ وكذلك جريدتنا الأسبوعية ؟ وهل هو مخالط للناس فيتعرف على واقعهم وما يؤلمهم وأسباب معاناتهم؟ ويشاركهم أفراحهم وكذلك أحزانهم؟ وليعلم الفرد (رجلا وامرأة) أن مخاطبته لأفراد المجتمع تحتاج إلى مستوى من الثقافة والفكر وحجم من البيانات الموثقة التي تساعد على الإقناع .
ثالثا : التأهيل الشرعي :
1 - فلابد للفرد من امتلاك الحد الأدنى من الثقافة الشرعية ويعمل على تنمية معارفه في هذا المجال(فقه العبادات – فقه المعاملات والبيوع – فقه الطلاق ... إلخ ) و من الضروري للفرد ( أخا وأختا ) الذي يعمل مع المجتمع من المدارسة الجيدة والإلمام الجيد بالأصول العشرين للفهم .
2 – الإطلاع على فقه المناسبات ( فقه الصيام والزكاة في رمضان – فقه الحج – فقه العمرة – قراءات لا فتاوى ) .
رابعا : التأهيل الفني :
1 - أن يُؤهل الفرد فنيا بحيث يكون قادرا على التأثير في المجتمع من حوله ، من حيث معرفة أصول فن الحوار وامتلاك أدوات الاتصال الفعال وغيرها من الأمور الفنية التي يحتاجها الفرد ، وهذا ما نراه مستهدفا في الفترة القادمة من دورات فنية وتدريبية : دورة ( الاتصال الجماهيري الفعال )، ودورة ( فن الحوار )، ودورة ( دور الفرد على مسار الحياة ) .
2 – وكذلك لابد من تطوير وتنويع وسائل التأثير في المجتمع ؛ لأن أهل الباطل قد نوعوا وطوروا وسائل التأثير في المجتمع ، وأهل الحق أولى بذلك .
** وهذا التأهيل - الإيماني والثقافي والفكري والشرعي والفني - للفرد دور فيه مع نفسه وكذلك للصف فيه أيضا دور ، ويجب أن يقوم كل منهما بواجبه لنجاح العمل .
ثم باقى الإشارات الضوئيه للعمل مع المجتمع
8- لابد للأفراد ( أخوة وأخوات ) أن يتعرفوا على فقه مرحلة المجتمع وأن يقيس العمل ويقيمه بهذا الفقه ، فلا يجوز أن تقيس الأعمال الموجهة للمجتمع بفقه مرحلة الفرد ، فها هو رسول الله يتعامل بفقه مرحلة الفرد فيربي أصحابه الكرام على أن من سقط سوطه فلا يسمح لأحد أن يأتيه به بل هو الذي ينزل عن دابته ويأتي بسوطه ، وفي نفس الوقت كانت هناك طائفة المؤلفة قلوبهم الذين كانت لهم معاملتهم الخاصة .
يروى أحد أستاذتنا المربين أنه قد حضر عملا عاما موجها للمجتمع (حفل فني) وقد تم تعليق دعايته في الشوارع وكان الحفل ناجحا عبر فيه بعض المشاركين عن تفاعلهم مع العرض بالتصفيق والصفير فما كان من أحد الأخوة إلا أن اشتاط غضبا وذهب لمسئول الحفل شاكيا .
فهذا الأخ قاس العمل بفقه مرحلة الفرد ( سمر في عمل تربوي ) الحضور جميعا إخوة على مستوى من التربية الإسلامية فتفاعلاتهم منضبطة،أما هذا الحفل فعمل عام وقد تم تعليق دعايته بالشوارع ورد فعل الحضور وتفاعلاتهم بالصورة التي تعودوا عليها أو يعرفوها،ورد الفعل هذا بالتصفير والتصفيق تفاعل ورضا عن العمل،وهذا ما يجب أن يسعد كل أخ؛لأن الرضا عن العمل يجعل هذا المدعو يرضي عمن دعاه ويجعله بعد ذلك يتجاوب معه في كل ما يدعوه إليه .
9- لابد أن يدرك الأفراد أن النجاح في العمل مع المجتمع له مردوده على صور العمل المختلفة ويساعد الأقسام الأخرى على تحقيق مستهدفاتها كالتربية والتكوين – شباب العمال – الأشبال – الأخوات .
ولنضرب على ذلك مثالا،فإن من مشاريع المجتمع بنشر الدعوة هو مشروع(ظل الخطيب)الذي يهدف إلى رفع مستوى الخطابة والذي يعني وجود خطيب جيد وظاهرة إسلامية بمنطقة المسجد التي تجعل كل فئات المجتمع المختلفة وشرائحه تدخل المسجد من رجال ونساء وأشبال وعمال وغيرها مما يتيح ويسهل للأنشطة الأخرى تحقيق مستهدفاتها .
10- أن يدرك الفرد أن العمل مع المجتمع قد تكون تجربة جديدة بالنسبة له وتحتاج إلى خبرات ولكن الممارسة والعمل وتقويم العمل هي التي تولد الخبرات والحركة بركة والنجاح يولد النجاح مع تبادل الخبرات بين الممارسين للعمل والإطلاع على التجارب الناجحة التي تشجع الآخرين على الإيجابية .
11- التيسيير لا التعسير،والتبشير لا التنفير (د.يوسف القرضاوي – الدعوة الإسلامية من المراهقة إلى الرشد)،قال النبي : « يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا » وإذا كان اليسر مطلوبا في كل شئون الحياة وفي الدين خاصة لاسيما في فقه أحكام الشريعة ، وفي تعلم الدين والدعوة إليه فإن التعسير المضاد للتيسير مرفوض قطعا في دين الله ؛ لأنه داخل في العسر والحرج والعنت والأمصار والأغلال التي نفاها الله عن هذا الدين .
فإغفال الرخص مع مسيس الحاجة إليها من التعسير،وتوسيع مفهوم البدع من التعسير،والتوسع في التحريم من التعسير فلا حرام إلا ما حرمه الله وأهل الفتوى والاجتهاد .
والتبشير:هو كل دعوة تحبب الله تعالى إلى عباده وترغبهم في عبادته وطاعته وتقودهم بحب ورفق إلى صراط المستقيم .
ولا تنفروا،أي:لا تتبعوا النهج الذي ينفر الناس من شرع الله والالتزام بمنهجه القويم،مثل منهج الترهيب الدائم والتخويف المستمر من الله تبارك وتعالى بذكر آيات الوعيد والعذاب والبطش من الله دون آيات الوعد والنعيم والرحمة منه سبحانه .
ومن مظاهر التبشير تغليب الأمل والتفاؤل ، وتغليب جانب الرحمة والعفو « إن رحمتي وسعت غضبي » ، والتبشير بمستقبل الإسلام والقرآن والسنة والتاريخ والواقع مليء بالمبشرات على نصر الإسلام .
ومن التبشير المطلوب أن تتسع صدورنا لكل الناس وإن لم يكونوا على المستوى الذي ننشده ، ومن الخطأ التعامل مع الناس بصورة واحدة جامدة واعتبارهم جميعا في درجة واحدة فيجب أن نعترف أن الناس متفاوتون في طاقاتهم وظروفهم الشخصية والاجتماعية من ناحية وفي مراتبهم ومنازلهم من الدين من ناحية أخرى .
فقد يفتي بعض الناس بالرخص ويفتي غيرهم بالعزائم، وقد يُقبل من بعض الناس القليل من العمل ولا يُقبل من غيرهم إلا ما يقترب من الكمال ، وقد يُتساهل مع بعضهم في التقصير إذا قصر وآخر لا ينبغي التساهل معه ؛ فالصغيرة من الكبير تكبر والهفوة منه تعظم وكذلك قيل ذلة العالم يضرب بها الطبل وذلة الجاهل يخفيها الجهل .
ومن هنا رأينا النبي قبل ممن دخل في الإسلام حديثا ألا يزيد عن الفرائض شيئا يتطوع به وقد حلف على ذلك أمام النبي قائلا : والله لا أزيد على ذلك ولا أنقص ، فقال عليه الصلاة والسلام : « أفلح إن صدق » أو : « دخل الجنة إن صدق » ، ومثل هذا لا يقبل من أبي بكر وعمر السابقين الأولين .
وربما يصلح ختاما أن نعرض أنفسنا على ما قاله الإمام البنا بحقنا لنرى أين نحن من واقع ما يجب أن نكون عليه ، يقول الإمام الشهيد في رسالة [ بين الأمس واليوم ] واصفا الإخوان :
( .. ولكنكم روح جديد يسري في قلب هذه الأمة فيحييه بالقرآن ، ونور جديد يشرق فيبدد ظلام المادة بمعرفة الله ، وصوت داوٍ يعلو مرددا دعوة الرسول ، ومن الحق الذي لا غلو فيه أن تشعروا أنكم تحملون هذا العبء بعد أن تخلى الناس عنه ) .
بهذا أنتهى الموضوع