خروج الخوارج وقتالهم في النهروان وحروراء
من علامات الساعة التي أشار إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم خروج الخوارج في هذه الأمة، عند حدوث خلاف بين فئتين كبيرتين من المسلمين.
وهذا باب واسع جداً، كثرت فيه الأحاديث النبوية الشريفة، في الصحيحين وغيرهما، عن علي وجابر وابن مسعود وأبي ذر سعيد الخدري وغيرهم رضي الله عنهم، لأن الحديث فيه متواتر[1]حيث بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفهم وحالهم وعبادتهم وعلامتهم، ووقت ومكان خروجهم، والظرف الذي يخرجون فيه، ومآلهم، وأنهم شرُ الخلق.. فوقع ذلك كله طبق ما أخبر به صلى الله عليه وسلم، والمشتكى إلى الله تعالى.
وأقتصر على ذكر بعض النصوص الشريفة، للتنبيه والإشارة، والله تعالى المستعان.
فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يقسم قسماً ـ أتاه ذو الخُويصرة ـ وهو رجل من بني تميم ـ فقال يا رسول الله أعدل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويلك، ومن يعدل إن لم أعدل؟ قد خبت وخسرت إن لم أعدل).
فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا رسول الله ائذن لي فيه أضرب عنقه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( دعه، فإن له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامه مع صيامهم، يقرؤون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّميَّة، ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى رصافه فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى نصيَّه فلا يوجد فيه شيء (وهو القِدح)ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيء سبق الفرث والدم. آيتهم رجل أسود، إحدى عضديه مثل ثدي المرأة ـ أو مثل البضعةـ تدردر، يخرجون على حين فرقةٍ من الناس).
قال أبو سعيد رضي الله تعالى عنه: فأشهد أني سمعت هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشهد أن عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه قاتلهم وأنا معه، فأمر بذلك الرجل فالتمس، فوجد، فأُتي به، حتى نظرت إليه على نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نعت متفق عليه[2].
وما ذكره من حالات السهم، من النصل والرصافة والنضي والقذذ فكلها كناية عن سرعة اختراق السهم للجسد، بحيث لا يعلق به دم ولا فرث، وكذلك حال هؤلاء الخوارج، يمرقون بسرعة من الإسلام، فلا يعلقون منه بشيء والله تعالى أعلم.
وعن زيد بن وهبٍ الجهنيٍّ، أنه كان في الجيش الذي كان مع علي رضي الله عنه الذي سار إلى الخوارج، فقال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: أيها الناس، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول : ( يخرج قومٌ من أمتي يقرؤون القرآن، ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء، ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء، ولا صيامكم إلى صيامهم بشيء، يقرؤون القرآن، يحسبون أنه لهم وهو عليهم، لا تجاوز صلاتهم تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يرق السهم من الرمِيَّة لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما قضي لهم على لسان نبيهم صلى الله عليه وسلم، لا تَّكلوا عن العمل، وآية ذلك، أن فيهم رجلاً له عضدٌ، وليس له ذراعٌ، على رأس عضده مثل حلمة الثدي، عليه شعراتٌ بيضٌ..
الحديث بطوله، وفي آخره: فقال عليٌّ رضي الله عنه: التمسوا فيهم المُخدج، فالتمسوه فلم يجدوه، فقام عليٌّ رضي الله عنه بنفسه، حتى أتى أناساً قتل بعضهم على بعض، قال: أخرجوهم. فوجدوه مما يلي الأرض.
فكبّر، ثم قال : صدق الله، وبلغ رسوله.
قال: فقام إليه عبيدة السّلمانيُّ، فقال: يا أمير المؤمنين، آلله الذي لا إله إلا هو، لسمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال: إي، والله الذي لا إله إلا هو.
حتى استحلفه ثلاثاً، وهو يحلف له.رواه مسلم[3].
وللحديث طريق أخرى مروية عن عليٍّ رضي الله تعالى عنه.
ويلاحظ بيان هذه الآية التي ذكرها صلى الله عليه وسلم في هذين الحديثين ـ وهي مما لا يمكن أن تصدر بمحض البشرية، ولكنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي لا ينطق عن الهوى، إنما عن الوحي، حيث حدّد تلك العلامة، وهي ذلك الرجل، فكانت كما أخبر، صلوات الله تعالى وسلاماته عليه وعلى آله وصحبه .
وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( يخرج في هذه الأمة ( ولم يقل منها)قوم، تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم، وعملكم مع عملهم، يقرؤون القرآن، لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين، كما يمرق السهم من الرمية..) الحديث بطوله، متفق عليه[4].وللحديث روايات أخرى.
ويلاحظ دقة قول أبي سعيد رضي الله تعالى عنه: ( يخرج في هذه الأمة (ولم يقل منها)قومٌ .. ) دلالة على أن هذه الفئة قد يكونون من غير هذه الأمة لكن ظهروا فيها، وإن كانوا منها فهم ليسوا على نهجها، أو سيرتها.. والله تعالى أعلم.
وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الذي يتولى قتل هؤلاء الخوارج هو أولى الطائفتين إلى الحق.
فعن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر قوماً يكونون في أمته، يخرجون في فرقة من الناس، سيماهم التحالق، قال: ( هم شر الخلق ـ أو من شر الخلق ـ يقتلهم أدنى الطائفتين إلى الحق) رواه مسلم[5].
وفي رواية له عنه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين يقتلها أولى الطائفتين بالحق).
كما أخبر صلى الله عليه وسلم حال هذه الطائفة وأنهم شرار الخلق أو من شرار الخلق.
ويروي الحديث أكثر من عشرة من الصحابة رضي الله عنهم.
وقد مر حديث أبي سعيد رضي الله تعالى عنه، والذي فيد قوله صلى الله عليه وسلم ( .. هم شر الخلق ـ أو من شرِّ الخلق.. ) رواه مسلم.
وعن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذرٍّ رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن بعدي من أمتي ـ أو سيكون بعدي من أمتي ـ قومٌ يقرؤون القرآن، لا يجاوز حلاقيمهم، يخرجون من الدِّين كما يخرج السهم من الرميِّة، ثم لا يعودون فيه، هم شرُّ الخلق والخليقة).
قال ابن الصامت: فلقيت رافع بن عمرو الغفاريَّن أخا الحكم الغفاريَّ، قلت: ما حديثٌ، سمعته من أبي ذرٍّ، كذا وكذا؟ فذكرت له هذا الحديث.
فقال: وأنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه مسلم[6].
وعن أعليٍّ رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف ناساً ـ إني لأعرف صفتهم في هؤلاء : ( يقولون الحقَّ بألسنتهم، لا يجوز هذا منهم ( وأشار إلى حلقه) من أبغض خلق الله إليه، منهم أسود، إحدى يديه .. ) ثم ذكر نحو حديث السابق رواه مسلم[7].
وكان ابن عمر رضي الله عنهما يراهم شرار خلق الله، وقال : إنهم انطلقوا إلى آيات الله نزلت في الكفار، فجعلوها على المؤمنين[8].
وكل ذلك قد حصل منهم ومن أتباعهم إلى يومنا هذا والمشتكى إلى الله تعالى.
وقد حدّد رسول الله صلى الله عليه وسلم مكان خروجهم، وهو من المشرق، فكان كما قال صلى الله عليه وسلم.
فعن سهل بن حُنيف رضي الله عنه ـ لما سئل: هل سمع النبيّ صلى الله عليه وسلم يذكر الخواج ـ قال : سمعته ـ وأشار بيده نحو المشرق ـ (قوم يقرؤون القرآن بألسنتهم، لا يعدو تراقيهم، يمرقون من الدّين كما يمرق السهم من الرمية).
وفي رواية عنه رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يتيه قومٌ قبل المشرق محلّقة رؤوسهم) روهما مسلم[9].
وقد تكرر وصفهم بالتحليق، وذلك لأنه ليس من عادة العرب حلق رؤوسهم في ذلك الوقت، والله تعالى أعلم.
وسيأتي إن شاء الله تعالى في القسم الأخير ذكر خوارج آخر الزمان.
وجه الإعجاز : إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن أمور غيبية تحدث بعد وفاته.
المرجع: كتاب مختصر أشراط الساعة بقلم الأستاذ الدكتور خليل إبراهيم ملّا خاطر العّزامي أستاذ الحديث وعلومه بجامعة طيبة بالمدينة المنورة.
[1] انظر : البدايةوالنهاية (7: 290ـ 307).
[2] صحيح البخاري : كتاب الأدب : باب ما جاء في قول الرجل : ويلك، وفي غيرهما. وصحيح مسلم: في الكتاب والباب السابقين، رقم (148).
[3] صحيح مسلم : في الكتاب والباب السابقين، رقم (156).
[4] صحيح البخاري: كتاب فضائل القرآن : باب من رايا بقراءة القرآن أو تأكَّل به أو فخر به، وفي غيرهما. وصحيح مسلم: في الكتاب والباب السابقين، رقم ( 147).
[5] صحيح مسلم : في الكتاب والباب السابقين، رقم ( 149).
[6] صحيح مسلم: كتاب الزكاة : باب الخوارج شر الخلق والخليقة، رقم (158).
[7] صحيح مسلم: كتاب الزكاة : باب التحريض على قتل الخوارج، رقم ( 157).
[8] رواه البخاري ـ تعليقاً ـ كتاب استتابة المرتدين: باب قتل الخوراج والملحدين بعد إ قامة الحجة عليهم، وانظر فتح الباري(12: 282 ـ 286).
[9] صحيح مسلم: في الكتاب والباب السابقين، رقم (159ـ 160).
من علامات الساعة التي أشار إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم خروج الخوارج في هذه الأمة، عند حدوث خلاف بين فئتين كبيرتين من المسلمين.
وهذا باب واسع جداً، كثرت فيه الأحاديث النبوية الشريفة، في الصحيحين وغيرهما، عن علي وجابر وابن مسعود وأبي ذر سعيد الخدري وغيرهم رضي الله عنهم، لأن الحديث فيه متواتر[1]حيث بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفهم وحالهم وعبادتهم وعلامتهم، ووقت ومكان خروجهم، والظرف الذي يخرجون فيه، ومآلهم، وأنهم شرُ الخلق.. فوقع ذلك كله طبق ما أخبر به صلى الله عليه وسلم، والمشتكى إلى الله تعالى.
وأقتصر على ذكر بعض النصوص الشريفة، للتنبيه والإشارة، والله تعالى المستعان.
فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يقسم قسماً ـ أتاه ذو الخُويصرة ـ وهو رجل من بني تميم ـ فقال يا رسول الله أعدل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويلك، ومن يعدل إن لم أعدل؟ قد خبت وخسرت إن لم أعدل).
فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا رسول الله ائذن لي فيه أضرب عنقه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( دعه، فإن له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامه مع صيامهم، يقرؤون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرَّميَّة، ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى رصافه فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى نصيَّه فلا يوجد فيه شيء (وهو القِدح)ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيء سبق الفرث والدم. آيتهم رجل أسود، إحدى عضديه مثل ثدي المرأة ـ أو مثل البضعةـ تدردر، يخرجون على حين فرقةٍ من الناس).
قال أبو سعيد رضي الله تعالى عنه: فأشهد أني سمعت هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشهد أن عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه قاتلهم وأنا معه، فأمر بذلك الرجل فالتمس، فوجد، فأُتي به، حتى نظرت إليه على نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نعت متفق عليه[2].
وما ذكره من حالات السهم، من النصل والرصافة والنضي والقذذ فكلها كناية عن سرعة اختراق السهم للجسد، بحيث لا يعلق به دم ولا فرث، وكذلك حال هؤلاء الخوارج، يمرقون بسرعة من الإسلام، فلا يعلقون منه بشيء والله تعالى أعلم.
وعن زيد بن وهبٍ الجهنيٍّ، أنه كان في الجيش الذي كان مع علي رضي الله عنه الذي سار إلى الخوارج، فقال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: أيها الناس، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول : ( يخرج قومٌ من أمتي يقرؤون القرآن، ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء، ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء، ولا صيامكم إلى صيامهم بشيء، يقرؤون القرآن، يحسبون أنه لهم وهو عليهم، لا تجاوز صلاتهم تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يرق السهم من الرمِيَّة لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما قضي لهم على لسان نبيهم صلى الله عليه وسلم، لا تَّكلوا عن العمل، وآية ذلك، أن فيهم رجلاً له عضدٌ، وليس له ذراعٌ، على رأس عضده مثل حلمة الثدي، عليه شعراتٌ بيضٌ..
الحديث بطوله، وفي آخره: فقال عليٌّ رضي الله عنه: التمسوا فيهم المُخدج، فالتمسوه فلم يجدوه، فقام عليٌّ رضي الله عنه بنفسه، حتى أتى أناساً قتل بعضهم على بعض، قال: أخرجوهم. فوجدوه مما يلي الأرض.
فكبّر، ثم قال : صدق الله، وبلغ رسوله.
قال: فقام إليه عبيدة السّلمانيُّ، فقال: يا أمير المؤمنين، آلله الذي لا إله إلا هو، لسمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال: إي، والله الذي لا إله إلا هو.
حتى استحلفه ثلاثاً، وهو يحلف له.رواه مسلم[3].
وللحديث طريق أخرى مروية عن عليٍّ رضي الله تعالى عنه.
ويلاحظ بيان هذه الآية التي ذكرها صلى الله عليه وسلم في هذين الحديثين ـ وهي مما لا يمكن أن تصدر بمحض البشرية، ولكنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي لا ينطق عن الهوى، إنما عن الوحي، حيث حدّد تلك العلامة، وهي ذلك الرجل، فكانت كما أخبر، صلوات الله تعالى وسلاماته عليه وعلى آله وصحبه .
وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( يخرج في هذه الأمة ( ولم يقل منها)قوم، تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم، وعملكم مع عملهم، يقرؤون القرآن، لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين، كما يمرق السهم من الرمية..) الحديث بطوله، متفق عليه[4].وللحديث روايات أخرى.
ويلاحظ دقة قول أبي سعيد رضي الله تعالى عنه: ( يخرج في هذه الأمة (ولم يقل منها)قومٌ .. ) دلالة على أن هذه الفئة قد يكونون من غير هذه الأمة لكن ظهروا فيها، وإن كانوا منها فهم ليسوا على نهجها، أو سيرتها.. والله تعالى أعلم.
وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الذي يتولى قتل هؤلاء الخوارج هو أولى الطائفتين إلى الحق.
فعن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر قوماً يكونون في أمته، يخرجون في فرقة من الناس، سيماهم التحالق، قال: ( هم شر الخلق ـ أو من شر الخلق ـ يقتلهم أدنى الطائفتين إلى الحق) رواه مسلم[5].
وفي رواية له عنه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين يقتلها أولى الطائفتين بالحق).
كما أخبر صلى الله عليه وسلم حال هذه الطائفة وأنهم شرار الخلق أو من شرار الخلق.
ويروي الحديث أكثر من عشرة من الصحابة رضي الله عنهم.
وقد مر حديث أبي سعيد رضي الله تعالى عنه، والذي فيد قوله صلى الله عليه وسلم ( .. هم شر الخلق ـ أو من شرِّ الخلق.. ) رواه مسلم.
وعن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذرٍّ رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن بعدي من أمتي ـ أو سيكون بعدي من أمتي ـ قومٌ يقرؤون القرآن، لا يجاوز حلاقيمهم، يخرجون من الدِّين كما يخرج السهم من الرميِّة، ثم لا يعودون فيه، هم شرُّ الخلق والخليقة).
قال ابن الصامت: فلقيت رافع بن عمرو الغفاريَّن أخا الحكم الغفاريَّ، قلت: ما حديثٌ، سمعته من أبي ذرٍّ، كذا وكذا؟ فذكرت له هذا الحديث.
فقال: وأنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه مسلم[6].
وعن أعليٍّ رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف ناساً ـ إني لأعرف صفتهم في هؤلاء : ( يقولون الحقَّ بألسنتهم، لا يجوز هذا منهم ( وأشار إلى حلقه) من أبغض خلق الله إليه، منهم أسود، إحدى يديه .. ) ثم ذكر نحو حديث السابق رواه مسلم[7].
وكان ابن عمر رضي الله عنهما يراهم شرار خلق الله، وقال : إنهم انطلقوا إلى آيات الله نزلت في الكفار، فجعلوها على المؤمنين[8].
وكل ذلك قد حصل منهم ومن أتباعهم إلى يومنا هذا والمشتكى إلى الله تعالى.
وقد حدّد رسول الله صلى الله عليه وسلم مكان خروجهم، وهو من المشرق، فكان كما قال صلى الله عليه وسلم.
فعن سهل بن حُنيف رضي الله عنه ـ لما سئل: هل سمع النبيّ صلى الله عليه وسلم يذكر الخواج ـ قال : سمعته ـ وأشار بيده نحو المشرق ـ (قوم يقرؤون القرآن بألسنتهم، لا يعدو تراقيهم، يمرقون من الدّين كما يمرق السهم من الرمية).
وفي رواية عنه رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يتيه قومٌ قبل المشرق محلّقة رؤوسهم) روهما مسلم[9].
وقد تكرر وصفهم بالتحليق، وذلك لأنه ليس من عادة العرب حلق رؤوسهم في ذلك الوقت، والله تعالى أعلم.
وسيأتي إن شاء الله تعالى في القسم الأخير ذكر خوارج آخر الزمان.
وجه الإعجاز : إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن أمور غيبية تحدث بعد وفاته.
المرجع: كتاب مختصر أشراط الساعة بقلم الأستاذ الدكتور خليل إبراهيم ملّا خاطر العّزامي أستاذ الحديث وعلومه بجامعة طيبة بالمدينة المنورة.
[1] انظر : البدايةوالنهاية (7: 290ـ 307).
[2] صحيح البخاري : كتاب الأدب : باب ما جاء في قول الرجل : ويلك، وفي غيرهما. وصحيح مسلم: في الكتاب والباب السابقين، رقم (148).
[3] صحيح مسلم : في الكتاب والباب السابقين، رقم (156).
[4] صحيح البخاري: كتاب فضائل القرآن : باب من رايا بقراءة القرآن أو تأكَّل به أو فخر به، وفي غيرهما. وصحيح مسلم: في الكتاب والباب السابقين، رقم ( 147).
[5] صحيح مسلم : في الكتاب والباب السابقين، رقم ( 149).
[6] صحيح مسلم: كتاب الزكاة : باب الخوارج شر الخلق والخليقة، رقم (158).
[7] صحيح مسلم: كتاب الزكاة : باب التحريض على قتل الخوارج، رقم ( 157).
[8] رواه البخاري ـ تعليقاً ـ كتاب استتابة المرتدين: باب قتل الخوراج والملحدين بعد إ قامة الحجة عليهم، وانظر فتح الباري(12: 282 ـ 286).
[9] صحيح مسلم: في الكتاب والباب السابقين، رقم (159ـ 160).