hmsain.ahlamontada.com

نشكرك على التسجيل فى هدا المنتدى زرنا باستمرار و شاركنا رايك فاليد الواحدة لا تصفق ورايك يهمنا كما ان حضورك الدائم يحفزنا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

hmsain.ahlamontada.com

نشكرك على التسجيل فى هدا المنتدى زرنا باستمرار و شاركنا رايك فاليد الواحدة لا تصفق ورايك يهمنا كما ان حضورك الدائم يحفزنا

hmsain.ahlamontada.com

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
hmsain.ahlamontada.com

منتدى يهتم بنشاطات حركة مجتمع السلم بلدية عين بوزيان


    الطفولة الرائعة.. طفولة أعظم الخلق محمد صلى الله عليه وسلم إعداد: د. رشاد لاشين

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 2093
    تاريخ التسجيل : 01/03/2010
    الموقع : hmsain.ahlamontada.com

    الطفولة الرائعة.. طفولة أعظم الخلق محمد صلى الله عليه وسلم إعداد: د. رشاد لاشين Empty الطفولة الرائعة.. طفولة أعظم الخلق محمد صلى الله عليه وسلم إعداد: د. رشاد لاشين

    مُساهمة  Admin الأحد 22 مايو 2011 - 18:28

    طفولة أحبِّ الخلق محمد صلى الله عليه وسلم؛ طفولة رائعة عظيمة؛ طفولة حفَّها الله تعالى بعنايته ورعايته؛ وصنعها على عينه وقدرته، وأغدق عليها من فضله وجلاله، وهيأ لها النشأة الطيبة الصالحة، وأبعدها عن الزيغ والانحراف، وطهَّرها من كل عيب ودنس.
    طفولة تحمل من القدرات، والإبداعات، والسمات، والسيرة، والأخلاقيات ما يشهد به المجتمع بأسره، ولا يختلف عليه أهل زمانه، فحسن السيرة، وعظم الخلق، وذكاء التصرف، وطيب العشرة، وإيجابية المشاركة تملك قلوب الناس، وتصنع الرمز الاجتماعي منذ نعومة الأظافر.
    طفولة تحمل كل جوانب العظمة، والروعة، والتألق والنجاح رغم غياب الأب عنها قبل الولادة، وكذلك غياب الأم بعد تجاوز السادسة من العمر.. فغياب الأب، أو الأم عن الطفولة ليس معناه اليأس، أو الانكسار، أو الفشل، أو ضياع المستقبل؛ بل عناية الله تعالى فوق كلِّ عناية، ورعايته سبحانه فوق كل رعاية، وفترة مراهقته صلى الله عليه وسلم تعبر عن مراهقة طاهرة عفيفة لم يعترها الطيش، ولا انحراف الشباب، ولكن تضيء بالإيجابية والعطاء وحسن السيرة، ومشاركة المجتمع.

    مرحلة ما قبل الولادة
    الصفات الوراثية المتميزة ودورها في سلامة التكوين وجمال التأثير:
    أنعم الله تعالى على رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم بعراقة الأصل، وشرف النسب؛ وذلك لأن الصفات الوراثية المتميزة السليمة الخالية من الخلل، والعيوب لها دور كبير في تكوين الإنسان السليم المتميز جسمانيًّا وخلقيًّا، وقد اجتمع للنبي صلى الله عليه وسلم من أسباب الشرف والكمال وسلامة وتميز التكوين الوراثي ما يؤدي إلى تكوين شخصية متميزة، وما يوقع في نفوس الناس استعظامه، ويسهل عليهم قبول ما يخبر به، وأول تلك الأسباب كان شرف النسب "وأشرف النسب ما كان إلى أولي الدين، وأشرف ذلك ما كان إلى النبيين، وأفضل ذلك ما كان إلى العظماء من الأنبياء، وأفضل ذلك ما كان إلى نبي قد اتفقت الملل على تعظيمه".
    عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "... إن الله خلق الخلق، فجعلني في خير خلقه، وجعلهم فرقتين، فجعلني في خير فرقة، وخلق القبائل فجعلني في خير قبيلة، وجعلهم بيوتًا فجعلني في خيرهم بيتًا، فأنا خيركم بيتًا، وخيركم نفسًا" مسند الإمام أحمد.
    ولذلك لم يستطع أبو سفيان أن ينكر علو نسب الرسول صلى الله عليه وسلم على الرغم مما كان عليه من عداء للرسول قبل إسلامه فقال (هو فينا ذو نسب) متفق عليه.
    ونسبه- صلى الله عليه وسلم- من أطهر الأنساب، فجاء من نسل حلال بزواج طاهر مشروع عبر آبائه جميعًا؛ حتى آدم عليه السلام، قال- صلى الله عليه وسلم-: "خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح" رواه البخاري في الأدب.
    وفي رواية الطبراني في الأوسط: "خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح، من لدن آدم إلى أن ولدني أبي وأمي، لم يصبني من سفاح الجاهلية شيء".

    وفاة الوالد:
    توفي عبد الله أبو النبي (صلى الله عليه وسلم) في بداية الحمل، وتذكر الأخبار أنه توفي وكان عمره 25 سنةً، ولم يمض على حمل زوجته أكثر من شهرين فكان سيد الأيتام صلى الله عليه وسلم، ولكل يتيم في الكرة الأرضية أن يفخر بأنه اشترك مع الرسول صلى الله عليه وسلم في صفة اليتم، فكان يُتمه تشريفًا في حق كل يتيم إلى قيام الساعة.

    حال الحمل:
    عن يزيد بن عبد الله بن وهب بن زمعة عن عمته قالت: "كنا نسمع أن آمنة لما حملت برسول الله- صلى الله عليه وسلم- كانت تقول: ما شعرت أني حملت، ولا وجدت له ثقلاً كما تجد النساء..".


    الميراث الذي تركه والده:
    ترك عبد الله للنبي- صلى الله عليه وسلم- ولأمه ثروة تقدر بخمسة من الإبل، وقطيعًا من الغنم، وجارية وهي أم أيمن.

    مرحلة حديث الولادة
    (سهولة الولادة- بركة القدوم- التسمية المبتكرة الجديدة- حدوث البشائر والإرهاصات).

    موعد الولادة:
    وُلد في يوم الإثنين عام الفيل 12 من ربيع الأول، الموافق 20 أبريل عام 571م.

    مكان الولادة:
    بخير بقاع الأرض (مكة المكرمة)؛ وفي ديار بني هاشم.

    القابلة (المولدة) التي ولد على يديها الرسول (صلى الله عليه وسلم):
    هي الشفاء أم عبد الرحمن بن عوف.

    صفته وهو حديث الولادة:
    قال العباس بن عبد المطلب: ولد الرسول (صلى الله عليه وسلم) مختونًا، مقطوع السرة، فأعجب ذلك عبد المطلب، وحظي عنده وقال: ليكونن لابني هذا شأن.

    بشائر الولادة:
    كان ميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثًا ضخمًا ومرحلة جديدة للكون والبشرية لذا صاحبته إرهاصات، أو علامات تؤذن بقدوم عهد الخير والرشاد وزوال دولة الشر والفساد فحين قدم الحبيب صلى الله عليه، وسلم صاحبته أحداث فريدة، وظواهر عجيبة:
    * ففي يوم مولده خمدت نار "فارس"، ولم تكن خمدت قبل ذلك بألف عام.
    * وزلزل إيوان "كسرى" فسقطت منه أربع عشرة شرفة.
    * وغاصت بحيرة "ساوة".
    * تنكَّست جميع الأصنام.
    * وروي عن أمه أنها قالت: "رأيت لما وضعته نورًا بدا مني ساطعًا حتى أفزعني، ولم أر شيئًا مما يراه النساء في يوم مولده".
    التسمية المبتكرة الجديدة:
    ورُوي في سبب تسميته أن أمه أُمرت أن تسميه بذلك وهي حامل، وروي أن جده عبد المطلب رأى في منامه كأن سلسلة من فضة خرجت من ظهره، لها طرف في السماء، وطرف في الأرض، وطرف في المشرق، وطرف في المغرب، ثم عادت كأنها شجرة، على كل ورقة منها نور، وإذ بأهل المشرق والمغرب يتعلقون بها؛ فتأولها بمولود يكون من صلبه يتبعه أهل المشرق والمغرب، ويحمده أهل السماء فسماه "محمد".

    النساء اللاتي أرضعن النبي (صلى الله عليه وسلم):
    أمه ثم ثويبة جارية عمه أبي لهب، ثم حليمة السعدية.

    مرحلة المهد (أول سنتين):
    (الإرضاع في بني سعد)

    خصائص المرحلة واحتياجاتها:
    مرحلة المهد (أو سنتين من عمر الطفل، أو مرحلة الرضيع) هي مرحلة العناية، والرعاية، والاهتمام، وهي مرحلة بدء التقليد، والتأسي ويحتاج الطفل إلى توفر المناخ الطيب الذي يوفر القدوة، والنماذج الصالحة التي تمثل البيئة الأخلاقية، وهي مرحلة بدء الانطلاق الحركي، وتعلم الكلام واكتساب اللغة، والاعتماد على النفس، وتحقيق الاستقلال الغذائي، والنفسي، وبناء الثقة الأساسية بالنفس، وبالمحيطين وتتحقق هذه الثقة بحسن وسرعة تلبية الاحتياجات.

    سلوك العرب أهل المدن مع الأطفال في مرحلة المهد:
    كان من ذكاء العرب الساكنين في المدن أن يسترضعوا أبناءهم في البوادي حيث الانطلاق الحركي، وقوة الأجسام، وفصاحة اللغة، وصحة البيئة... وكانوا يقولون: إن المربى في المدن يكون كليل الذهن فاتر العزيمة، وإن البادية أصلح لنمو أجسام الأطفال، وأبعد عن أمراض الحضر التي كثيرًا ما تصيب أجسامهم فضلاً عن إتقان اللغة العربية، وتعود النطق بالفصحى.
    لماذا حرص عبد المطلب على أن تكون رضاعة محمد في بني سعد؟
    وكان مقدار العناية والرعاية بالطفل يختلف من قبيلة لأخرى، لذا كان أشراف مكة يحرصون على أن يكون أطفالهم عند أكثر هذه القبائل عناية ورعاية، وكانت أشهر قبيلة في هذا الأمر هي قبيلة بني سعد لأنها تتميز بثلاثة أمور:
    1- أنها أكثر القبائل اهتمامًا بأمور العناية والرعاية بالطفل.
    2- أنها حازت الشهرة في أن لغتها كانت عربية خالصة لم تشبها شائبة.
    3- أنها اشتهرت بالأخلاق الكريمة الطيبة.
    الحكمة في أن العرب تسترضع الأطفال في البادية
    أثر البادية في صحة الأبدان وصفاء النفوس وذكاء العقول:
    الحكمة في أن العرب تسترضع الأطفال في البادية هي الرغبة في تقوية أجسادهم، وتعويدًا وتربيةً لهم على الاعتماد على النفس منذ الصغر، وتقويمًا لألسنتهم.
    قال الشيخ محمد الغزالي- رحمه الله-: (وتنشئة الأولاد في البادية ليمرحوا في كنف الطبيعة، ويستمتعوا بجوها الطلق وشعاعها المرسل؛ أدنى إلى تزكية الفطرة، وإنماء الأعضاء والمشاعر، وإطلاق الأفكار والعواطف.
    إنها لتعاسة أن يعيش أولادنا في شقق ضيقة؛ من بيوت متلاصقة، كأنها علب أغلقت على من فيها، وحرمتهم لذة التنفس العميق، والهواء المنعش.. ونحن نقدر لأهل مكة اتجاههم إلى البادية لتكون عرصاتها الفساح مدارج طفولتهم. وكثير من علماء التربية يود لو تكون الطبيعة هي المعهد الأول للطفل حتى تتسق مداركه مع حقائق الكون الذي وجد فيه ويبدو أن هذا حلم عسر التحقيق). (فقه السيرة: ص 60،61).

    اليتيم المبارك
    وتذكر الروايات الواردة عن السيدة حليمة السعدية أن قدوم محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم) كان قدوم خير وبركات على أهل البيت جميعًا وعلى كل شيء وذلك مدة وجوده بينهم فكان (صلى الله عليه وسلم) يتيمًا مباركًا على عكس ما كانت تتوقع.
    قدر الله تعالى لرسوله صلى الله عليه في طفولته أفضل الظروف والأحوال لتكوين شخصيته في الفترة التي يتكون فيها الجزء الأكبر من الشخصية، فجمع الله تعالى له؛ بين الانطلاق في الطبيعة، وحياة الريف والبراري في بني ساعدة، وبين المعيشة في جو المدن في رحاب مكة المكرمة، وحماه من سفه الطفولة بأن طهّر له قلبه، وصنعه على عينه أفضل صناعة.

    الطفولة المبكرة 2- 6:
    فترة الطفولة المبكرة هي الفترة من 2- 6 سنوات، وهي مرحلة مهمة في النمو والتأسيس لحياة الإنسان بعد ذلك؛ فهي فترة الانطلاق الحركي، والانطلاق اللغوي، وتتميز بكثرة التساؤلات، وتكوين المفاهيم، وهي فترة تكثر فيها أخطاء الطفل، وتتقلب فيها عاطفته، وتكون حادة ومتنوعة، وسريعة التقلب من الحزن إلى الفرح، ومن الهدوء إلى الغضب، ومن الاعتماد إلى الاستقلال، ويشتد خلالها التقليد والتقمص لسلوكيات المحيطين بالطفل، ويحتاج إلى الاحتواء والاحتضان، والتدريب على الضبط.
    تقول الدراسات التربوية: إن في هذه المرحلة وحدها يتكون من 75%- 90% من شخصية الطفل؛ حيث إنها مرحلة التأسيس والبناء للشخصية، وتكوين المعايير والنظم التي تشكل السلوك والتصرفات فيما بعد.
    النصف الأول من الطفولة المبكرة السنتان الثالثة والرابعة:
    الحياة في جو البراري والريف في بادية بني سعد:
    قضى رسول الله صلى فترة المهد (الرضاعة)، ونصف فترة الطفولة المبكرة في بادية بني ساعدة؛ حيث:
    - فرصة الانطلاق الحركي فكان يرتع ويلعب في أماكن الخضرة والخصوبة الواسعة المفتوحة، والهواء الطلق النقي.
    - وفرصة الانطلاق اللغوي، فانطلق لسانه في بيئة عربية فصيحة؛ في وسط قبيلة بني ساعدة التي حازت الشهرة في أن لغتها كانت عربيةً خالصةً لم تشبها شائبة.
    - وانطلقت مفاهيمه وتصرفاته في وسط قوم مشهود لهم بحسن السيرة والسلوك؛ حيث اشتهرت قبيلة بني ساعدة بالأخلاق الكريمة الطيبة، وحسن العشرة، والود، وهذا كان سر حرص عبد المطلب على أن يكون محمد في بني سعد.
    ولما كانت مرحلة الطفولة المبكرة فترة يكثر فيها سفه الطفولة وأخطاؤها كانت رعاية الله تعالى لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في هذه الفترة وتحصينه سلوكيًّا وخلقيًّا ضد مساوئ الطبيعة الإنسانية، ومفاتن الحياة الأرضية؛ وذلك عن طريق حادثة شق الصدر التي حدثت له في السنة الرابعة من مولده صلى الله عليه وسلم) 575 ميلاديًّا) أثناء تواجده في ديار بني سعد، وهي بمثابة عملية جراحية لتطهير قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أيدي الملائكة.

    حادثة شق الصدر:
    عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل وهو يلعب مع الغلمان فأخذه فصرعه وشق صدره، فاستخرج القلب، ثم شق القلب، فاستخرج منه علقة فقال: هذا حظ الشيطان منك، قال: فغسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم ضم قلبه ثم أعاده في مكانه، قال: وجاء الغلمان يسعون إلى حليمة فقالوا: إن محمد قد قتل، قال: فاستقبلوه وهو ممتقع اللون، قال أنس: وقد كنت أرى أثر المخيط في صدره صلى الله عليه وسلم (رواه مسلم والإمام أحمد).
    وقد أحدثت هذه الحادثة عند حليمة وزوجها خوفًا عليه، من بقائه عندهم، فعادت به صلى الله عليه وسلم إلى أمه، وأخبرتها الخبر، وتركته عندها مع ما كانت عليه من الحرص على بقائه معها.

    النصف الثاني من الطفولة المبكرة: السنتان الخامسة والسادسة من العمر:
    الحياة في جو المدن في رحاب مكة المكرمة وفي كنف الأم:
    يقول الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله في كتابه السيرة النبوية دروس وعبر: (أمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم السنوات الأربع الأولى من طفولته في الصحراء في بني سعد، فنشأ قوي البنية، سليم الجسم، فصيح اللسان، جريء الجنان، يحسن ركوب الخيل على صغر سنه قد تفتحت مواهبه على صفاء الصحراء وهدوئها، وإشراق شمسها ونقاوة هوائها).
    ثم عاد إلى مكة المكرمة، بعد أن حصَّل القدرات اللازمة من البادية؛ ليعيش في كنف أمه لمدة سنتين، وفي جو المدينة في رحاب مكة المكرمة في نظام حياة مختلف عن جو البادية؛ ليكتسب سلوكيات جديدة وأنماطًا جديدة في تعاملات الحياة.

    زيارة المدينة ووفاة الأم واكتمال اليتم:
    بقي صلى الله عليه وسلم مع أمه وجده عبد المطلب بن هاشم بمكة في حفظ الله تعالى، ينبته الله نباتًا حسنًا، ثم سافرت به أمه صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة سنة 575-576 لزيارة أخواله هناك من بني عدى بن النجار، ولزيارة قبر زوجها، ومعها أم أيمن تحتضنه، فأقامت عندهم شهرًا، ثم رجعت إلى مكة فتوفيت، وهي راجعة به من المدينة إلى مكة بجهة (الأبواء) بالقرب من المدينة، ودفنت هناك، وكان عمر آمنة حين وفاتها ثلاثين سنة؛ فقامت به إلى مكة حاضنته أم أيمن بركة الحبشية التي ورثتها من أبيه، وقد بلغ من العمر يومئذٍ ست سنين، وحملته إلى جده عبد المطلب بن هاشم الذي كان يحبه ويكرمه.
    وبذلك اكتمل يتمه صلى الله عليه وسلم؛ حيث وُلد يتيمًا، فقد مات أبوه عبد الله، وأمه حامل به لشهرين فحسب، وعاش السنوات الأربع الأولى من عمره في بادية بني سعد مع حليمة السعدية، ثم عاد إلى أمه ليعيش في كنفها عامين فقط، فذاق صلى الله عليه وسلم في صغره مرارة الحرمان من عطف الأبوين وحنانهما، وإلى يتمه أشار القرآن الكريم بقوله: ﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (6)﴾ (الضحى)؛ ولكن رعاية الله تعالى أكبر من رعاية الأب ورعاية الأم، وأعظم من كل رعاية.
    بعد وفاة الأم واكتمال اليتم تستمر عناية الله تعالى له في كل مرحلة من مراحل طفولته بما يناسبها، وقد وفَّر الله تعالى له كل عناصر صناعة الشخصية المتميزة والمناخ المفعَم بالرعاية والحنان والاهتمام بالشخصية، وتعزيز المكانة والاحترام والتقدير والتدريب على فنون الحوار والاتصال والحماية من الزلل، والانحراف والتربية على العفاف والستر، واكتساب الثقة بالنفس وممارسة المهارات الاجتماعية.

    (الطفولة المتوسطة: 7-9)
    فترة الطفولة المتوسطة تبدأ من بداية العام السابع إلى نهاية العام التاسع، وتسمَّى مرحلة التمييز؛ حيث يصبح لدى الطفل القدرة على التمييز بين الأشياء المحسوسة، وهي مرحلة التعلم، ويحتاج فيها الطفل لأن يشعر بالاحترام، ويعامَل معاملة التقدير، وعدم الابتزاز أو التهديد، والبعد عن العنف؛ ليتعلم أن يكتسب احتياجاته بإيجابية، ويبدأ فيها الطفل حياةً جديدةً في تطوير شخصيته من خلال تجاربه الحياتية.
    وهي مرحلة الانطلاق من السلوك المتمحور حول الذات في الطفولة المبكرة إلى السلوك المتمحور حول المجتمع، ويكون النمو العقلي سريعًا، ويزداد انتباه الطفل وينمو التفكير والتخيل، ويزداد حب الاستطلاع لديه، وهي أنسب مراحل النمو لغرس القم الاجتماعية والأخلاقية والتدرب على تطبيقها.
    وهذه المرحلة هي مرحلة إتقان المهارات الحركية واللغوية التي اكتسبها الطفل في السنوات السابقة، وتمتاز هذه المرحلة بنمو جسمي بطيء، ويطلق عليها البعض مرحلة الطفولة الهادئة.
    وبمتابعة رسول الله في هذه المرحلة نجد أن هذه الاحتياجات وهذه المهارات قد حقَّقها الله تعالى له على أكمل وجه، ويتضح هذا من خلال الآتي:
    السنتان السابعة والثامنة من العمر (577- 579) ميلاديًّا:
    في كفالة جده عبد المطلب، الذي تميَّز بالحنان والاهتمام وتعزيز الشخصية..
    بعد وفاة أمه في عودتها من زيارة المدينة سنة) 577 ميلاديًّا) قامت به إلى مكة حاضنته أم أيمن، وقد بلغ من العمر يومئذٍ ست سنين، ولما وصلت إلى مكة كفله جده عبد المطلب بن هاشم، وحنَّ إليه حنانًا زائدًا وعطف عليه عطفًا بليغًا، وكان يحبه ويكرمه ويفضله على غيره.

    مكانة متميزة: (إن له لشأنًا)
    ورد في السيرة النبوية لابن هشام:
    قال ابن إسحاق: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع جده عبد المطلب بن هاشم، وكان يوضع لعبد المطلب فراش في ظل الكعبة، فكان بنوه يجلسون حول فراشه ذلك حتى يخرج إليه، لا يجلس عليه أحد من بنيه إجلالاً له، قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي وهو غلام جفر حتى يجلس عليه، فيأخذه أعمامه ليؤخروه عنه، فيقول عبد المطلب- إذا رأى ذلك منهم-: دعوا ابني، فوالله إن له لشأنًا، ثم يُجلسه معه على الفراش، ويمسح ظهره بيده، ويسره ما يراه يصنع.

    تعلم فنون الحوار والاتصال منذ الصغر
    من رعاية الله تعالى لرسولنا الحبيب وهو في مرحلة الطفولة المتوسطة؛ مرحلة السلوك المتمحور حول المجتمع؛ أن يوفر له تعلم فنون الحوار، والاتصال بالجلوس حول جده القائد سيد قريش، وهو يتواصل مع الناس، ويمارس فنون القيادة والاتصال مع الجميع.
    نعم فتعلُّم فنون الاتصال منذ الصغر تجعل للإنسان شأنًا كبيرًا ومكانةً رائعةً في التأثير والتغيير وقيادة المجتمع بأسلوب متميز.

    حنان بالغ واهتمام شديد
    كان الجد يحبه حبًّا جمًّا ويثق فيه ثقةً كبيرةً ويحنو عليه حنوًّا بالغًا، ويتضرع إلى الله تعالى من أجله، ويظهر له هذا الحرص والاهتمام.. "في يومٍ من الأيام أرسل عبد المطلب النبي صلى الله عليه وسلم للبحث عن ناقة ضائعة، فتأخَّر في العودة حتى حزن عليه جده حزنًا شديدًا، فجعل يطوف بالبيت وهو يقول:
    رب رد راكبي محمدا رده لي واصطنع عندي يدا
    ولما عاد النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "يا بني، لقد جزعت عليك جزعًا لم أجزعه على شيء قط، والله لا أبعثك في حاجةٍ أبدًا، ولا تفارقني بعد هذا أبدًا".
    واستمرت هذه الرعاية طيلة سنتين حتى توفِّي عبد المطلب وللنبي ثمان سنين؛ سنة )579 ميلاديًّا).

    بدءًا من السنة التاسعة سنة (579 ميلاديًّا).. في كفالة عمه أبي طالب
    وكان جده عبد المطلب يوصي به عمه أبا طالب، الذي هو الأخ الشقيق لأبيه، فلما مات عبد المطلب كان في كفالة عمه أبي طالب يشبُّ على محاسن الأخلاق، متباعدًا عن صغائر الأمور التي يشتغل بها الصبيان عادةً، وقد بارك الله تعالى لأبي طالب في الرزق مدةَ وجوده في كفالته وفي وسط عياله.
    وقد نهض أبو طالب بحق ابن أخيه على أكمل وجه، وضمّه إلى أولاده، وقدمه عليهم، واختصَّه بمزيد احترام وتقدير، ولم يزل على مدى أكثر من أربعين سنةً ينصره ويبسط عليه حمايته، ويُصادق ويُخاصم من أجله؛ حتى توفّي قبيل الهجرة بثلاث سنين.
    رعاية إلهية تربِّي على العفة والستر وتحمي من التعري
    قال الحافظ ابن كثير في كتابه (البداية والنهاية):
    وكان صلى الله عليه وسلم يحدِّث عما كان الله يحفظه به في صغره من أمر الجاهلية، فيقول: "لقد رأيتني في غلمان من قريش، ننقل الحجارة لبعض ما يلعب الغلمان، كلنا قد تعرَّى، وأخذ إزاره، وجعله على رقبته، يحمل عليه الحجارة، فإني لأقبل معهم كذلك وأدُبر، إذ لكمني لاكم -ما أراه- لكمةً وجيعةً، ثم قال: شدَّ عليك إزارك".
    قال: "فأخذته فشددته عليَّ، ثم جعلت أحمل الحجارة على رقبتي، وإزاري عليَّ من بين أصحابي".
    ولما شبَّ صلى الله عليه وسلم، وبُنِيَت الكعبة، ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل الحجارة مع أشراف قريش لبنائها.
    فقال العباس لرسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعل إزارك على عاتقك من الحجارة.
    ففعل، فخرَّ إلى الأرض، وطمحت عيناه إلى السماء، ثم قام فقال: [إزاري] فشدَّ عليه إزاره وقال: "إني نُهيت أن أمشي عُريانًا" (رواه البخاري ومسلم).
    وتستمر الطفولة الرائعة تخطو خطواتها المتميزة في رعاية، وكفالة العم المتميز الذي يسعى لتلبية الاحتياجات رغم قلة الإمكانات، وتتضح الأخلاقيات العظيمة، والأدب الجم والبركات الكثيرة، وحب السفر والخروج، وبدء ظهور علامات النبوة عن طريق بحيرا الراهب.

    الطفولة المتأخرة: 10- 12
    تبدأ هذه المرحلة من بداية العام العاشر، وحتى نهاية العام الثاني عشر، ولها عدة أسماء: مرحلة (الطفولة المتأخرة)، أو مرحلة (الإعداد للمراهقة)؛ أو مرحلة (بداية المراهقة والنضج)، أو مرحلة (ما قبل المراهقة).
    في هذه المرحلة يحاول الطفل دائمًا أن يتخلص من مرحلة الطفولة ليشعر بأنه قد كبر، ويحاول اكتشاف، ومحاكاة عالم الكبار، ويحب الاحتكاك بهم فيتتبع الذكر بشغف ما يجري في وسط الرجال، وتتبع الأنثى بشغف ما يجري في وسط النساء؛ ويحب الطفل في هذه المرحلة مخالطة الآخرين بعيدًا عن البيت، ويحاول الطفل أيضًا اكتشاف البيئة المحلية، والبيئات الخارجية فيتحمس لمعرفة الكثير، وجمع المعلومات عن بلده، وعن البلاد الأخرى وعن العالم من حوله.
    وتزداد قدرات الطفل، ومهاراته في هذه المرحلة فيتطور النشاط الحركي، ويلاحظ الزيادة في القوة والطاقة، ويزداد اعتماد الطفل على نفسه في كثير من التصرفات، ويقوم بالكثير من الأعمال.
    وتعتبر هذه المرحلة مرحلة التكوين المعرفي، والبناء الثقافي، والنضج العقلي، ويزداد فيها إتقان الطفل للخبرات، والمهارات اللغوية، وتتضح قدرته على الابتكار تدريجيًّا، وهي مرحلة يزداد فيها الالتزام، وتحمل المسئولية بشكل أشد، وأقوى من السابق.
    وبتتبع سيرته صلى الله عليه وسلم تتضح سمات هذه المرحلة في حب الخروج، والسفر، والاستكشاف، ومصاحبة الكبار، والاعتماد على النفس كما يتضح دور المربي المتفهم المرن الملبي لاحتياجات المرحلة متمثلاً في شخصية عمه أبي طالب.
    العامان العاشر والحادي عشر (580- 581 ميلاديًّا)
    أدب جم وتقدير من العم:
    نشأ عليه الصلاة والسلام- مع يُتمه- مَرعيًا برعاية الله تعالى، مهذبًا أحسن تهذيب، عفيفًا أديبًا أمينًا، حتى عُرف بين أهله وقومه بذلك، ونال إعجابهم وحبهم، فأكبروا أدبه وخلقه.
    وكان الرسول صلى الله عليه وسلم في مدة كفالة عمه مثال القناعة، والبعد عن السفاسف التي يشتغل بها الأطفال عادة، كما روت أم أيمن حاضنته، فكان إذا أقبل الأكل جاء الأولاد يختطفون، وهو قانع بما سييسره الله له.
    كان أبو طالب عم الرسول صلى الله عليه وسلم يقرّب إلى صبيانه صحفتهم- أي إناء طعامهم-، فيجلسون وينتهبون، ويكف رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينتهب معهم، فلما رأى ذلك عمه، عزل له طعامه على حدة.

    بركات عظيمة وثقة جديرة:
    وكان أبو طالب مقلاً من المال فبارك الله له في قليله، وظهرت بركة محمد صلى الله عليه وسلم وهو مع عمه في مواقف عديدة منها هذا الموقف: فقد حدث أن أصاب مكة جدب، فقال بعض كبراء قريش لأبي طالب، يا أبا طالب أقحط الوادي، وأجدبت البلاد، فهلم نستسق فقال أبو طالب: نعم هلم بنا، فأحضر محمدًا صلى الله عليه وسلم ليستسقي للقوم، وأخذ أبو طالب النبي صلى الله عليه وسلم وألصق ظهره بالكعبة، ثم أمسك بيديه ورفعهما إلى السماء ودعا، وبعد أن كانت السماء خالية ليس فيها سحابة واحدة، إذا بالسحاب يقبل من هنا وهناك ويملأ السماء، وإذا بالمطر يفيض على الوادي كله، وإلى هذا أشار أبو طالب حين قال: وأبيض يستسقي الغمام بوجهه.
    عند السنة الثانية عشرة (582 ميلاديًّا)

    رغبة في السفر وعم متفهم وراهب متعلم:
    خرج أبو طالب في قافلة تاجرًا إلى الشام، فلما تهيأ للرحيل تعلق به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرق له أبو طالب وقال: والله لأخرجن به معي، ولا يفارقني ولا أفارقه أبدًا، فخرج به معه، فلما نزلت القافلة بصرى، وبها راهب يقال له "بحيرا" في صومعة له، وكان أعلم أهل النصرانية، وكانوا كثيرًا ما يمرون به قبل ذلك فلا يكلمهم، ولا يعرض لهم حتى كان ذلك العام، فلما نزلوا قريبًا من صومعته صنع لهم طعامًا كثيرًا، وذلك أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في صومعته وفي الركب حين أقبلوا، وغمامة تظله من بين القوم، ثم أقبلوا فنزلوا في ظل شجرة قريبًا منه، فنظر إلى الغمامة حين أظلت الشجرة، وتدلت أغصان الشجرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استظل تحتها.
    فلما رأى ذلك بحيرا نزل من صومعته، ثم أرسل إليهم فقال: إني قد صنعت لكم طعامًا يا معشر قريش فإني أحب أن تحضروا كلكم صغيركم وكبيركم، وعبدكم وحركم، فقال له رجل منهم: والله يا بحيرا إن لك اليوم لشأنًا، فما كنت تصنع هذا بنا، وقد كنا نمر بك كثيرًا، فما شأنك اليوم؟ قال له بحيرا: صدقت، كان قد كان ما تقول، ولكنكم ضيف، وقد أحببت أن أكرمكم، وأصنع لكم طعامًا فتأكلوا منه كلكم، فاجتمعوا إليه وتخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين القوم لحداثة سنه في رحال القوم تحت الشجرة، فلما نظر بحيرا في القوم لم ير الصفة التي يعرف ويجد عنده، فقال: يا معشر قريش، لا يتخلفن أحد منكم عن طعامي، قالوا: يا بحيرا، ما تخلف عنك أحد ينبغي له أن يأتيك إلا غلام، وهو أحدث القوم سنًّا فتخلف في رحالهم، فقال: لا تفعلوا، ادعوه فليحضر هذا الطعام معكم، فقال رجل من قريش مع القوم: واللات والعزى، إن كان للؤم بنا أن يتخلف ابن عبد المطلب عن طعام من بيننا ثم قام فاحتضنه، وأجلسه مع القوم.
    فلما رآه بحيرا جعل يلحظه لحظًا شديدًا، وينظر إلى أشياء من جسده قد كان يجدها عنده من صفته، حتى إذا فرغ القوم من طعامهم، وتفرقوا قام إليه بحيرا فقال له: يا غلام، أسألك بحق اللات والعزى إلا ما أخبرتني عما أسألك عنه- وإنما قال له بحيرا ذلك لأنه سمع قومه يحلفون بهما- فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: "لا تسألني باللات والعزى، فوالله ما أبغضت شيئًا قط بغضهما"، فقال له بحيرا: فبالله إلا ما أخبرتني عما أسألك عنه، فقال له: "سلني ما بدا لك"، فجعل يسأله عن أشياء من حاله في قومه، وهيئته وأموره فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره فيوافق ذلك ما عند بحيرا من صفته، ثم نظر إلى ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه على موضعه من صفته التي عنده.
    فلما فرغ أقبل على عمه أبي طالب فقال له: ما هذا الغلام منك؟ قال: ابني قال له بحيرا: ما هو بابنك، وما ينبغي لهذا الغلام أن يكون أبوه حيًّا، قال: فإنه ابن أخي، قال: فما فعل أبوه؟ قال: مات وأمه حبلى به. قال: صدقت، فارجع بابن أخيك إلى بلده، واحذر عليه يهود، فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت ليبغنه شرًّا، فإنه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم! هذا سيد العالمين، هذا يبعثه الله رحمة للعالمين. فقال أبو طالب: وما علمك بذلك؟ فقال: إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق حجر، ولا شجر إلا وخر ساجدًا، ولا تسجد إلا لنبي، وإني أعرفه بخاتم النبوة في أسفل غضروف كتفه مثل التفاحة، وإنا نجده في كتبنا، وسأل أبا طالب أن يرده، ولا يقدم به إلى الشام، خوفًا عليه من اليهود فبعثه عمه مع بعض غلمانه إلى مكة.

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 15 نوفمبر 2024 - 7:50