قلم فاروق أبو سراج الذهب
هذه ليست عبارة عن دراسة أكاديمية تستغرق الالتزام بمنهجية البحث العلمي ،ولكنها مجرد رأي في واجهة مشاهد لا تسر الخاطر في الجزائر. وحتى نقترب من معرفة ملامح إستراتيجية الاهدار،نعرض لكم هذا المشهد التراجيدي المتكرر هذه الأيام ،انه مشهد مواطن شاحب الوجه ،يرتجف من البرد ،يرتدي قشابية قديمة مرقعة ينتظر الحصول على قارورة غاز في طابور لا ينتهي ...
هذا المشهد يطرح إشكالية عميقة في مسار مشروع التنمية في الجزائر بعد خمسين سنة من الاستقلال.
وعندما نسمع عن الأرقام الخضراء لتوزيع الغاز وربط المساكن به، في مقابل مشاهد الطوابير للحصول على قارورة وليس أنبوب غاز ،يخيل إلينا أننا مازلنا في بداية الاستقلال ،سيما أننا في كل سنة نعلن عن اكتشافات جديدة للغاز وفي أماكن غير متوقعة .
وعندما تسمع عن تعداد القارورات التي أنتجت أثناء الأزمة الحالية ،تظن أنه لا يوجد جزائري مسكنه مربوط بخطوط الغاز ،على اعتبار ان الطوابير موجودة حتى ببعض أحياء العاصمة دون الحديث عن طابور سيدي رزين ،فضلا عن الولايات الداخلية .
ودون أن نطلق العنان لأقلامنا بكتابة حروف تثير التشاؤم وتنشر الإحباط لأننا لا ننتمي إلى مدرسة اللونين الأسود والأبيض ،فإننا نشير فقط إلى هذه المشاهد المحزنة لجزائريين مازالوا بعد خمسين سنة من الاستقلال يحضرون طعامهم في الكانون وعلى الحطب وفي مساكن من الطين .
إن مشهد رحلة البحث عن قارورة الغاز يحيل في الحقيقة إلى تدقيق النظر في مشاريع التنمية القائمة للأسف على قاعدة السعر الأدنى moins disant.
فالسكنات تشيد تحت هذه القاعدة فإذا دخلتها وجدت نفسك تعيد كل شيئ من الأبواب إلى البلاط إلى أيدي الجران ...المهم تعيد كل شيئ .
وهكذا امتدت إستراتيجية السعر الأدنى إلى كل المشاريع والبرامج التنموية ،فصارت الجزائر كلها تعيش تحت قاعدة السعر الأدنى .
كما أن صناع القرار محليا ووطنيا في الجزائر عندما يريدون انجاز مشروع ،لا يستشرون مكتب الدراسات من اجل انجاز تصميم يحقق أهداف المشروع ،ولكن يحددون الميزانية ثم يقولون لمكتب الدراسات أنجز لنا تصميما لا يفوق هذه الميزانية - أي يجعلون العربة امام الحصان ويقولون له تحرك ......-
لذلك وجدتنا عندما نصاب بابتلاء زلزال أو فيضان او سقوط الثلج او....او.... ،نكتشف أن البناء كان مغشوشا وان وحدات الإنتاج لم تتوقع حجم الطلب ،وأن الآليات والشاحنات المتخصصة بيعت للخواص ،وان الحضيرة الرسمية لا تتوفر عليها في الوقت الحقيقي .....وحتى استخدام أرضية الميناء لشحن قارورات الغاز من الغرب (ارزيو) إلى الشرق (سكيكدة) كانت معطلة ...وإذا تحدثت قيل لنا ان الأمر عادي ويحدث في كل الدول ويبرز لك صور العواصف والثلوج في أوروبا (فالعزوف الانتخابي موجود في كل الدول والجزائر ليست استثناء ، وطوابير قارورات الغاز موجود في كل الدول والجزائر ليست استثناء ،...لكن الجزائر ليست تونس وليست مصر وليست ليبيا وليست وليست وليست.....,وان ما يحدث في الإقليم لا يعنينا على المستوى الاقتصادي والسياسي وحتى المناخي ....وتصبح بعد ذلك ترى العجب في شهر رجب .
هذا الوضع يجب أن لا يدوم ،ذلك أن الجزائر ليست بلد فقير للثروة او الكفاءات ،وليست لدينا مشكلة ندرة للغاز ولكن نحتاج إلى ترشيد وتسيير وتدبير ناجع ،أي أن الأمر يتعلق بالإنسان.
أنا واحد من المواطنين الذين يحزنون كثيرا عندما أرى في نشرة الثامنة تقارير تنتج الاكتئاب والحزن ... فمن حيث يشعر او لا يشعر صاحب التقرير الذي يقترب من المواطن المغبون ويسأله عن سعر القارورة وعن المضاربة وعن الطوابير ....ويسوق لجهود السلطات في التقليص من حجم المعاناة ...وينسى صاحب التقرير أن المشاهد في الجالية او في الدول الأخرى يتعجب من تلك المشاهد لانها لاتعكس صورة بلد البترول والغاز وكل الأرقام التنموية الخضراء .
هذه ليست عبارة عن دراسة أكاديمية تستغرق الالتزام بمنهجية البحث العلمي ،ولكنها مجرد رأي في واجهة مشاهد لا تسر الخاطر في الجزائر. وحتى نقترب من معرفة ملامح إستراتيجية الاهدار،نعرض لكم هذا المشهد التراجيدي المتكرر هذه الأيام ،انه مشهد مواطن شاحب الوجه ،يرتجف من البرد ،يرتدي قشابية قديمة مرقعة ينتظر الحصول على قارورة غاز في طابور لا ينتهي ...
هذا المشهد يطرح إشكالية عميقة في مسار مشروع التنمية في الجزائر بعد خمسين سنة من الاستقلال.
وعندما نسمع عن الأرقام الخضراء لتوزيع الغاز وربط المساكن به، في مقابل مشاهد الطوابير للحصول على قارورة وليس أنبوب غاز ،يخيل إلينا أننا مازلنا في بداية الاستقلال ،سيما أننا في كل سنة نعلن عن اكتشافات جديدة للغاز وفي أماكن غير متوقعة .
وعندما تسمع عن تعداد القارورات التي أنتجت أثناء الأزمة الحالية ،تظن أنه لا يوجد جزائري مسكنه مربوط بخطوط الغاز ،على اعتبار ان الطوابير موجودة حتى ببعض أحياء العاصمة دون الحديث عن طابور سيدي رزين ،فضلا عن الولايات الداخلية .
ودون أن نطلق العنان لأقلامنا بكتابة حروف تثير التشاؤم وتنشر الإحباط لأننا لا ننتمي إلى مدرسة اللونين الأسود والأبيض ،فإننا نشير فقط إلى هذه المشاهد المحزنة لجزائريين مازالوا بعد خمسين سنة من الاستقلال يحضرون طعامهم في الكانون وعلى الحطب وفي مساكن من الطين .
إن مشهد رحلة البحث عن قارورة الغاز يحيل في الحقيقة إلى تدقيق النظر في مشاريع التنمية القائمة للأسف على قاعدة السعر الأدنى moins disant.
فالسكنات تشيد تحت هذه القاعدة فإذا دخلتها وجدت نفسك تعيد كل شيئ من الأبواب إلى البلاط إلى أيدي الجران ...المهم تعيد كل شيئ .
وهكذا امتدت إستراتيجية السعر الأدنى إلى كل المشاريع والبرامج التنموية ،فصارت الجزائر كلها تعيش تحت قاعدة السعر الأدنى .
كما أن صناع القرار محليا ووطنيا في الجزائر عندما يريدون انجاز مشروع ،لا يستشرون مكتب الدراسات من اجل انجاز تصميم يحقق أهداف المشروع ،ولكن يحددون الميزانية ثم يقولون لمكتب الدراسات أنجز لنا تصميما لا يفوق هذه الميزانية - أي يجعلون العربة امام الحصان ويقولون له تحرك ......-
لذلك وجدتنا عندما نصاب بابتلاء زلزال أو فيضان او سقوط الثلج او....او.... ،نكتشف أن البناء كان مغشوشا وان وحدات الإنتاج لم تتوقع حجم الطلب ،وأن الآليات والشاحنات المتخصصة بيعت للخواص ،وان الحضيرة الرسمية لا تتوفر عليها في الوقت الحقيقي .....وحتى استخدام أرضية الميناء لشحن قارورات الغاز من الغرب (ارزيو) إلى الشرق (سكيكدة) كانت معطلة ...وإذا تحدثت قيل لنا ان الأمر عادي ويحدث في كل الدول ويبرز لك صور العواصف والثلوج في أوروبا (فالعزوف الانتخابي موجود في كل الدول والجزائر ليست استثناء ، وطوابير قارورات الغاز موجود في كل الدول والجزائر ليست استثناء ،...لكن الجزائر ليست تونس وليست مصر وليست ليبيا وليست وليست وليست.....,وان ما يحدث في الإقليم لا يعنينا على المستوى الاقتصادي والسياسي وحتى المناخي ....وتصبح بعد ذلك ترى العجب في شهر رجب .
هذا الوضع يجب أن لا يدوم ،ذلك أن الجزائر ليست بلد فقير للثروة او الكفاءات ،وليست لدينا مشكلة ندرة للغاز ولكن نحتاج إلى ترشيد وتسيير وتدبير ناجع ،أي أن الأمر يتعلق بالإنسان.
أنا واحد من المواطنين الذين يحزنون كثيرا عندما أرى في نشرة الثامنة تقارير تنتج الاكتئاب والحزن ... فمن حيث يشعر او لا يشعر صاحب التقرير الذي يقترب من المواطن المغبون ويسأله عن سعر القارورة وعن المضاربة وعن الطوابير ....ويسوق لجهود السلطات في التقليص من حجم المعاناة ...وينسى صاحب التقرير أن المشاهد في الجالية او في الدول الأخرى يتعجب من تلك المشاهد لانها لاتعكس صورة بلد البترول والغاز وكل الأرقام التنموية الخضراء .