ميلاد الكشافة الإسلامية الجزائرية:-***
حسب الشهادة التي أدلى بها القائد الصادق الفول رحمه الله أحد المؤسسين الأوائل للكشافة الإسلامية الجزائرية و صديق حميم للشهيد محمد بوراس يؤكد فيها بان سنة 1930كانت تاريخا حاسما في مسار الأحداث حيث توجه إلى الجزائر العاصمة لزيارة صديقه محمد بوراس و أثناء تجوالهما و هما يمارسان هواية ركوب الدراجات انضما بدافع الفضول إلى حشد كبير يضم حوالي 3000مشارك كشاف اجتمعوا في مؤتمر ضخم بمناسبة مرور مائة 100 سنة على احتلال الجزائر أقيم بحي الثغريين موقع نزل الاواسي حاليا بالعاصمة.وقد لفت انتباههما اللباس المميز للمشاركين و ما علق عليه من الأوسمة والنياشين المختلفة.وعندما استفسرا عن هؤلاء المجتمعين قيل لهما انهم الكشافة الفرنسية و هو أمر يعرفونه لاول مرة.ولحسن الصدف كان أحد محدثيهما قائدا كشفيا مسلما من اصل يوناني ناقشا معه مسالة انشاء كشافة اسلامية جزائرية على غرار كشافتهم فاخبرهما بان السيدة<بادن باول>ابنة مؤسس الحركة الكشفية العالمية قد عقدت ندوة صحفية بإنجلترا و صرحت فيها بأنه من المستحيل تأسيس كشافة إسلامية في الجزائر خارج القيم الفرنسية المسيحية.ومباشرة بعد هذا الحادث اتفق الشهيد محمد بوراس مع زميله صادق الفول رحمه الله على رفع التحدي و الشروع في تشكيل أول فوج كشفي جزائري على مستوى مدينة مليانة مع العلم أن هذه المدينة كانت بها كشافة فرنسية جل عناصرها يهود.
وعن هذا المولود الجديد يقول صادق الفول رحمه الله <<في سنة 1930 جمعت بعض الشبان لا يتجاوز عددهم العشرة و أسسنا فوجا كشفيا جزائريا يحمل اسم ابن خلدون تسبب في ظهور عدة مشاكل مع الإدارة الفرنسية الأمر الذي أدى في النهاية إلى انضمام بعض الأوربيين و اليهود.و الغريب في هؤلاء هو أننا عندما نسأل أحدهم عن سبب الانخراط يقول:أريد أن أكون كشافا مسلما...غير أن نية هؤلاء المنخرطين هي الجوسسة و التفرقة و الاطلاع عن قرب عما يحدث و محاولة تحريف اتجاهنا وأفكارنا..>>.
ومن خلال ما تقدم تتضح النوايا الخبيثة للإدارة الاستعمارية التي وضعت شروطا مجففة لاستمرار نشاط الفوج و المتمثلة في انضمام العناصر الفرنسية و اليهودية لاستخدامهم كجواسيس قصد التعرف على اتجاهات الفوج الكشفي الجديد
وعقب الزيارات المتكررة إلى مدينة مليانة كان محمد بوراس يلتقي بهذه العناصر الكشفية فانبهر بالنتائج التي توصل إليها صديقه صادق الفول ففكر في إنشاء فوج في العاصمة وراسل صديقه حول المسالة و بعد مدة اخبره بأنه أسس فوجا كشفيا من ثمانية أعضاء يحمل اسم الفلاح بقلب القصبة و ذلك عام 1935 و اعد قانونه الأساسي و قدمه لولاية الجزائر بتاريخ 16 أبريل 1936 و تحصل على تصريح إداري يوم 5 جوان 1936 تحت رقم 2458.
ومما يجب ذكره انه في هذه الفترة ظهرت عدة أفواج كشفية في عدة مناطق من البلاد نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:فوج ابن خلدون بمليانة عام 1934فوج الرجاء بقسنطينة عام 1936 فوج الصباح بقسنطينة عام 1936 فوج الفلاح بمستغانم عام 1936 فوج القطب بالجزائر العاصمة عام 1937فوج الإقبال بالبليدة عام 1936 فوج الحياة بسطيف عام 1938 فوج الهلال بتيزي وزو عام 1938 فوج الرجاء بباتنة عام 1938 فوج النجوم بقالمة عام 1939...الخ.
***تأسيس جامعة الكشافة الإسلامية الجزائرية:***
فكر محمد بوراس في تأسيس جامعة الكشافة الإسلامية الجزائرية على غرار جامعات الكشافة الفرنسية الكاثوليكية و الإسرائيلية و اللائكية و البروتستانية قصد جمع شمل كافة الأفواج و الجمعيات الكشفية و توحيدها في اتجاه وطني واحد ولتحقيق ذلك اعد قانونا أساسيا عرضه على السلطات الفرنسية الحاكمة للمصادقة عليه لكن إدارة الاحتلال واجهته بالرفض المطلق لما فيه من طابع مميز للشخصية الوطنية الجزائرية.
ولما تولت الجبهة الشعبية الحكم في فرنسا عام 1936 قدم محمد بوراس للمرة الثانية مشروع قانون جامعة الكشافة الإسلامية الجزائرية بعد تعديلات طفيفة ادخلها عليه فحظي المشروع بالموافقة فكانت أول مبادرة تشكيل مؤقتا لجنة مديرة لفيدرالية الكشافة الإسلامية الجزائرية متكونة من محمد بوراس .الصادق الفول. بوبريط رابح. بوعزيز مختار. محمد مادة. الطاهر تجيني. باي ابراهيم. بوعبد الله .دحماني. مزغنة. حسان بلكيرد وغيرهم.
كما تم التحضير للمؤتمر الذي بمقتضاه أسست فدرالية الكشافة الإسلامية الجزائرية فكان أول تجمع كشفي في جويلية 1939 بالحراش العاصمة تحت الرئاسة الشرفية للشيخ عبد الحميد ابن باديس وكان شعار هذا التجمع<الإسلام ديننا و العربية لغتنا و الجزائر وطننا>.
درس المؤتمرون أهداف الحركة و مرماها و سطروا برامج العمل المشترك...في جو من الحماس و السرور كما تم تعيين القيادة العامة التي تسند اليها مهمة تربية النشء تربية وطنية و توحيد القانون الكشفي و الزي الكشفي و الشارات و تطبيق البرامج الكشفية و تكوين مخيمات التكوين...الخ.
وقد حظيت جامعة الكشافة الإسلامية الجزائرية بمساعدة و تشجيع أقطاب الحركة الإصلاحية بحضور أئمتها في التجمعات و المؤتمرات التي تنظمها الكشافة الإسلامية الجزائرية كابن باديس في قسنطينة و الطيب العقبي في العاصمة و البشير الإبراهيمي في تلمسان.
وفي هذا الصدد يذكر محمد الصالح رمضان في مخطوطة <الحركة الكشفية و تاريخها> إن الكشافة الإسلامية الجزائرية نشأت و ترعرعت في أحضان الحركة الإصلاحية العامة التي تشرف عليها و توجهها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين واسم الجامعة الكشفية دال على ذلك كما نبتت معظم أفواجها و اكثر جمعياتها في أوساط و بيئات إصلاحية إلى جانب النوادي و المدارس العربية الحرة بل كان اغلب فتيان الحركة الكشفية و قادتها ومسيري جمعياتها من تلاميذ هذه المدارس و النوادي أو من أعضاء جمعياتها المحلية و كان مرشدوها جميعا من معلمي تلك المدارس كما كان الأساتذة و المعلمون الجزائريون المتحررون في المدارس الفرنسية من أهم عناصرها وبناتها وبعض السياسيين كذلك كانوا لا يبخلون عليها بالدعم و التأييد و المشاركة العملية...
وفي إطار أدوارها الوطنية في مجال تحفيز الهمم و تنمية الحماس الوطني بالأناشيد و العروض المسرحية قدمت أيضا خدمات في المجال الثقافي التربوي زيادة على تدريباتها النظامية إذ يراها الكثير من المسيرين مدرسة للتكوين العسكري و عناصرها جنود العروبة و الإسلام بجاذبية زيها حياة مخيمها و دراسة العديد من التقنيات شبه العسكرية و هي تسعى لخدمة الوطن كما هو منصوص عليه في قانون ووعد الكشاف.
ونظرا لنشاطاتها الإصلاحية و التربوية اكتسبت الحركة الكشفية شعبية كبيرة فتعلق بها الجزائريون كثيرا لذا دفعوا بأبنائهم إلى هذه المدرسة الوطنية الأمر الذي لم ترتح له السلطات الاستعمارية فتبنت سلسلة من المناورات لعرقلة نشاطاتها و ذلك عشية اندلاع الحرب العالمية الثانية.بحيث وجهت حكومة فيشي برئاسة الجنرال<بيتان> العناية المادية و المعنوية لكافة المنظمات الكشفية سواء بفرنسا أو الجزائر ما عدا الجمعيات الجزائرية التي كان يسيرها قادة جزائريون و لها صبغة جزائرية محضة ولم تكتف حكومة بيتان بهذا الإجراء بل عمدت إلى توحيد المنظمات الكشفية<كالكشافة الفرنسية.الدليلات الفرنسيات.كشافة فرنسا.الجامعة الفرنسية للدليلات والكشافة الإسرائيلية الفرنسية>وجعل هذه الأخيرة منظمة كشفية حكومية واحدة تحت اسم <الكشافة الفرنسية> تعمل بأوامر وتوجيهات الحكومة الفرنسية و يمنع منعا باتا لأية منظمة القيام بالنشاط الكشفي في فرنسا و الأقطار التابعة لها إلا بترخيص حكومي و إن أرادوا مزاولة نشاطهم الكشفي لا بد من الانضواء تحت لواء<الكشافة الفرنسية> لمدة عام واحد على الأقل لاكتساب الطابع الرسمي و التدرب على تطبيق مناهجها و أهدافها.
واجهت الكشافة الإسلامية الجزائرية الإجراءات التعسفية بالتحدي و الصمود و طالبت بحق الاعتراف رسميا بتنظيمها الكشفي و استقلاليتها عن الكشافة الفرنسية.و لاضعاف مساعيها عمدت إدارة الاحتلال إلى إبعاد محمد بوراس عن الجزائر بتعيينه مدرسا في فرنسا.ولم تكتف بهذا بل وجهت له تهمة الخيانة و التواطؤ مع الألمان للقيام بالثورة.لذا أحالته على المحكمة العسكرية التي أصدرت حكمها القاضي بتنفيذ حكم الإعدام رميا بالرصاص يوم 27ماي 1941 على الساعة الخامسة صباحا بالساحة العسكرية بحسن داي بالجزائر العاصمة.
ورغم استشهاد محمد بوراس واصلت الكشافة الإسلامية الجزائرية السير على نهج مؤسسها و تمسكت بمبادئها ومطالبتها المتمثلة في الاستقلال عن الكشافة الفرنسية فتظاهرت الولاية العامة بالتخلي عن سياستها فاستدعت مسيري الكشافة الإسلامية الجزائرية إلى مخيمات تكوينية مع بقية المنظمات الشبانية بحجة نقص تكوينهم الكشفي و للحصول على المزيد من الدراسات الكشفية على يد قادة ومدربين فرنسيين.لكن الغرض الحقيقي من هذا هو انتزاع كل محاولة استقلالية و بالتالي محو كل فكرة وطنية من أذهان القادة الكشفيين الجزائريين.وبهذه الإجراءات تنافست الجمعيات الكشفية الفرنسية لجذب عناصر الحركة الكشفية الجزائرية هذه الأخيرة وجدتها فرصة ثمينة لاسترجاع نشاطها الكشفي فسطرت البرامج و تضاعفت المخيمات ونظمت الملتقيات الجهوية التي شارك فيها الشباب الجزائري فسمحت اللقاءات بالتعارف مع بقية القادة الكشفيين الجزائريين المنخرطين في المنظمات الكشفية الفرنسية و بالتالي ضمان عودة هذه العناصر إلى صفوف الحركة الكشفية الجزائرية.
ومع حكومة ديقول تغيرت السياسة الفرنسية إزاء الكشافة الإسلامية الجزائرية إذ انحصرت الرقابة على الناحية الفنية بواسطة مصلحة التربية القومية الأمر الذي شجع قادة الحركة الكشفية على العمل لضمان استقلال حركتهم عن طريق جمع شمل الشباب الجزائري.وفعلا تجسد هذا المسعى في تنظيم اكبر تجمع كشفي لها في جويلية 1944بمدينة تلمسان شارك فيه حوالي خمسمائة500 قائد من مختلف الأفواج والفرق الكشفية المنتشرة عبر الوطن وحضره العديد من الشخصيات السياسية و الإصلاحية أمثال الشيخ البشير الإبراهيمي .عباس فرحات و كذا الشخصيات الفرنسية نذكر منها روني كابيتان rene capitant مفوض التربية و الشبيبة في حكومة ديغول و lambert عامل عمالة وهران و نائبه بتلمسان uralick. .
وفي هذا اللقاء التضامني ردد لاول مرة النشيد الرسمي لهذا المخيم الكشفي من نظم و تلحين القائد حسان بلكيرد رحمه الله و الذي مطلعه:
من جبالنا طلع صوت الأحرار***ينادينا للاستقلال
ينادينا للاستقلال***لاستقلال وطننا
كما تم خلال هذا التجمع التاريخي توحيد المنظمتين الكشفيتين اللتين انفصلتا بعد ميلاد فيدرالية الكشافة الإسلامية الجزائرية.هذه الوحدة كانت قصيرة الأمد حيث ظهرت في سبتمبر 1939 فيدراليتين هما الكشافة الإسلامية الجزائرية التي ترأسها محمد بوراس و الكشافون أو الرواد المسلمون الجزائريون برئاسة عمر لاغا. وكان شعار هذا المخيم <الاستقلال و الحرية>
***مجازر 80ماي 1945 و التنظيم الكشفي:***
في مثل هذا اليوم خرج الشعب الجزائري في مظاهرات سلمية كغيره من شعوب العالم المحبة للسلام و الحرية للتعبير عن فرحته بانتهاء الحرب العالمية الثانية التي ساهم فيها بأبنائه بل أقحم فيها لدحر قوات المحور فاستغل مناسبة الاحتفال بعيد النصر ليطالب فرنسا بتحقيق الوعود والمتمثلة في الاعتراف للشعب الجزائري بحقه في الحرية و تقرير المصير و لهذا الغرض وجهت تعليمات للمناضلين تحث على وجوب استغلال كل المنظمات الشعبية بما فيها الحركة الكشفية هذه الأخيرة سجلت حضورها بالمشاركة الفعالة في مظاهرات ماي 1945 إذ كانت في مقدمة الموكب في كل مظاهرة نظمت عبر التراب الوطني فبزيها الرسمي و بالأعلام الوطنية رمز الحرية و الاستقلال رفعت التحدي الأكبر أمام اكبر قوة استعمارية.
بعد أن أجيزت المظاهرات رسميا من نيابة الولاية استعد أهل مدينة سطيف كبقية المدن الجزائرية ليشاطروا العالم أفراحه بانتهاء الحرب و ذلك صباح يوم 8ماي 1945 للاحتفال بهذا النصر و لاحياء أرواح الجنود الجزائريين الذين قاتلوا في عدة جبهات مقابل الوعود الزائفة في تقرير المصير و نيل الحريات الأساسية التي تغنى بها الحلفاء قبل انهزام النازية الفاشية.
كان هناك استعداد كبير لاستغلال هذه المناسبة خاصة و أن هذا اليوم يصادف يوم السوق الأسبوعي لمدينة سطيف و القرى المجاورة لها حيث يتوافد آلاف السكان فاتخذ مسجد أبى ذر الغفاري مكانا للقاء أين انتظمت المظاهرة و على رأسها 200كشاف باللباس الرسمي أي الزي الكشفي.
ولما وصلت <كشافة الحياة> إلى أعالي مقهى فرنسا <اليوم مقهى 8 ماي 1945> رددت نشيدا وطنيا جديدا مطلعه <حيوا إفريقيا>.و أثناء المسيرة تدخل محافظ الشرطة القضائية اوليفييري<olivieri> معترضا الموكب للحيلولة دون رفع الشعارات المعادية لفرنسا مثل ليسقط الاستعمار- ليسقط النظام الأهلي - عاشت الجزائر المستقلة.كما تدخل لانتزاع العلم الجزائري و أمام رفض المتظاهرين الامتثال لأوامره استنجد بزملائه الجلادين و على رأسهم مفتش الشرطة <laffont> الذي اخترق صفوف المتظاهرين بزيه المدني محاولا انتزاع اللافتات و خاصة العلم الجزائري المحظور فسقط أول شهيد برصاص العدو على يد مفتش الشرطة <laffont> و هو الشاب الكشاف:سعال بوزيد البالغ من العمر 22 سنة الذي أصر على الاحتفاظ بالعلم الجزائري في وسط هتافات منادية بالحرية و السيادة.هذا الحدث احدث هلعا كبيرا في أوساط المتظاهرين فتدخلت الشرطة ورجال الدرك لاطلاق النار عشوائيا فكانت الحصيلة قتلى و جرحى الأمر الذي أدى إلى انقسام الموكب.
وأمام هذه المأساة أمر مسؤلو أحباب البيان و الحرية بنقل الأموات و الجرحى وطالبوا بإعادة تشكيل الموكب على مستوى شارع <sillegue> <اليوم بني فوذة> ليواصل مسيرته في نظام باتجاه قبر <الجندي المجهول> لوضع باقة من الورود ترحما على الجزائريين .أما الفريق الآخر من المتظاهرين فانقسم إلى مجموعات صغيرة اشتبكت مع العناصر الأوربية أدت إلى سقوط العديد من الضحايا فأخذت المسيرة الشعبية السلمية طابعا آخر إذ تحولت إلى حركة ثورية ظلت متواصلة طيلة شهر ماي استعملت فيها سلطات الاحتلال وسائل قمعية شرسة ردا على المظاهرة السلمية التي استهدفت بالدرجة الأولى عناصر الكشافة الإسلامية الجزائرية إذ تحملت النصيب الأكبر من الضرر و البطش نظرا لمواقفها الوطنية و جرأتها على رفع العلم الجزائري رمز الجزائر المستقلة.
بالفعل سجلت الكشافة الإسلامية الجزائرية مشاركة عناصرها الوطنية في المظاهرات التي نظمت في العديد من المدن الجزائرية بل كانوا من قادتها و استشهد الكثير منهم نذكر على سبيل المثال لا الحصر مدينة القالة-عنابة-البليدة-سيدي بلعباس-تيزي وزو-باتنة-بسكرة-برج بوعريريج-بجاية-قسنطينة-خنشلة-تبسة-سكيكدة-العلمة-عين ولمان-ميلة-عين فكرون...الخ.
وفي اطار التعريف بجرائم الاستعمار في هذه الانتفاضة الشعبية إزاء هذه المدرسة الوطنية استعرضت فرنسا عضلاته بالتنكيل و القمع العشوائي إذ انتهجت سياسة إجرامية يندى لها جبين الإنسانية حيث نكلت بالعناصر الكشفية و قادتها ليكونوا عبرة لمن تخول له نفسه القيام بالثورة و الانفصال عن فرنسا إذ لازالت هذه المجازر الرهيبة راسخة في أذهان الجزائريين و ستبقى العديد من المناطق خير شاهد للتاريخ على حقد و همجية المستعمر الغاصب نذكر منها جسر العواذر-مضائق خراطة-شعبة لاخرة-موقع <كاف البومبا> <gouffre de la bombe> .
وعلى سبيل الاستشهاد أقدمت سلطات الاحتلال على شن حملة واسعة من الاعتقالات مست الإطارات القيادية للكشافة بتيزي وزو و في مقدمتهم : محمد القشعي – فرج محمد – لوانشي محمد.الذين وجهت لهم تهمة المساس بالسيادة الفرنسية و المشاركة في الإعداد للثورة.كما بلغ عدد المعتقلين في فوج النجوم الكشفي بقالمة 40 عنصرا القي عليهم القبض يوم السبت 12/05/1945 لينفذ فيهم حكم الإعدام في اليوم الموالي 13 ماي 1945.
و انتهاجا لسياسة إبادة العناصر الكشفية أصدرت المحاكم العسكرية أحكاما قاسية قضائية إذ تؤكد المصادر التاريخية إعدام 70 عنصرا من الكشافة الإسلامية الجزائرية وضع 7 سبعة منهم في فرن عالي الحرارة في كاف البومبا بقالمة طبقا لتعليمات اشياري<achiary> الذي جمع المستوطنين و طلب منهم الانتقام.
ومن مظاهر استفزاز و زعزعة التنظيم الكشفي أقدمت إدارة الاحتلال على تعطيل و توقيف نشاطات الكشافة الإسلامية الجزائرية و غلق نواديها و العبث بممتلكاتها و تفكيك وحداتها خاصة في قسنطينة و القبائل فأوقفت قادتها و أعدمت منهم الكثير.
وفي هذا الإطار و طبقا لقرار 14 ماي 1945 و بطلب وكيل والي تيزي وزو <<فان والي الجزائر يلغي كافة نشاطات الكشافة الإسلامية الجزائرية في القبائل>.
كما نص قرار 31/12/1945 <أن والي قسنطينة أعطى تعليمات لتوقف فورا نشاطات الكشافة الإسلامية الجزائرية في كل قسنطينة>.
لقد كان لحوادث الثامن ماي 1945 أثرا بالغا على العناصر الكشفية الوطنية حيث عززت رفضها للاستعمار و دفعت بهم لخدمة قضية هذا الوطن إذ اعتقدت فرنسا بارتكابها هذه المجازر بأنها كبحت تيار التحرر غير انه حدث العكس إذ كانت هذه الحوادث بعثا جديدا و نقطة انطلاق للطلائع الواعية التي أدركت بان العمل السياسي قد وصل إلى طريق مسدود و لابد من انتهاج الخيار العسكري لاسترجاع ما اخذ بالقوة و الذي جسد فعلا ميدانيا في ليلة الفاتح من نوفمبر 1954 عند التحاق العناصر الكشفية الوطنية بصفوف جيش التحرير الوطني.
***نشاطات الكشافة الإسلامية الجزائرية على الصعيد الداخلي و الخارجي:-***
إن التكوين و النشوء في أحضان الحركة الكشفية يعتبر من اخصب مراحل حياة الشباب الجزائري إذ لعبت هذه المدرسة الوطنية دورا هاما في تربية الشبان الجزائريين ورفع مستواهم الثقافي و السياسي و نمت فيهم روح التضحية و حب الوطن تحضيرا للمرحلة النضالية.
ولقد ساعدت عدة عوامل على تبلور الوعي السياسي في أوساط العناصر الكشفية الوطنية منها الاحتكاك المباشر مع بقية الشعب الجزائري من مختلف أنحاء القطر الجزائري هذا التقارب ساهم إلى حد بعيد و مكن من تبادل الآراء حول القضايا المصيرية للوطن التي كانت تشهدها الساحة السياسية آنذاك.كما كانت الرحلات و التجوال التي تنظمها الفرق الكشفية للمناطق الجبلية للتدرب و تبادل الزيارات بين الأفواج الكشفية تسمح بملاحظة الفروق الجوهرية بين أبناء الوطن الذين يعيشون حالة بؤس و حرمان و بين المعمرين الذين يتمتعون بكل الحقوق و الامتيازات و استحواذهم على خيرات البلاد التي تنقل إلى الضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط كما كثر الاعتداء على المواطنين العزل و الأملاك و الأعراض مما جعل مفهوم الثورة على الأوضاع يتبلور في أذهان الكثير من المناضلين الوطنيين.
ويمثل النشاط الكشفي المتنوع عاملا أساسيا في بلورة الوعي إذ كانت العروض المسرحية المقدمة خلال الحفلات الكشفية ذات طابع تحريضي و تعبر بصدق عن الوضع المزري الذي يعيشه الشعب و المجتمع الجزائري و هي بذلك تنتقد استبداد إدارة الاحتلال و تعمل على نشر الوعي و توحيد الصفوف و تحفيز الهمم و تحث الشباب على التضحية لتحرير الوطن كما كانت للأناشيد الوطنية أثرا بالغا في إشاعة الوعي و توحيد الصفوف فهي مشبعة بالروح الوطنية الاستقلالية و الانتماء القومي العربي.كما حرصت الفرق الكشفية على رفع الألوان الوطنية عند تنظيم المخيمات و في هذا الصدد يذكر مصدر أن الكشافة الإسلامية الجزائرية كان لها دور هاما في البراز العلم الوطني حيث أن بعض المواطنين لم يتسن لهم رؤية العلم الجزائري قبل ثورة نوفمبر 1954الا على يد أفواج الكشافة الإسلامية الجزائرية سواء في رحلاتها النائية أو سهراتها الليلية...
وفضلا عن أدوارها التربوية و الإصلاحية كانت تشارك الشعب في احتفالاته وتجمعاته و أعياده الوطنية...
وأمام هذه المواقف و الأدوار النضالية لم تقف إدارة الاحتلال مكتوفة الأيدي بل شرعت في سلسلة من المناورات لخنق النشاط الكشفي وهي تدل دلالة واضحة على العراقيل التي كانت تعترض المسيرين للحركة الكشفية و تتصدى لاداء رسالتهم التربوية فترغمهم على اختيار أحد الأمرين إما التخلي عن أداء رسالتهم الكشفية أو إبقاءهم في الوظيفة.وفي حالة تمسكهم بأداء رسالتهم التربوية تقرر طردهم كما حدث لاحد مسيري الحركة الكشفية الذي طرد من عمله>بمديرية القناطر و الطرقات>.وهو رب أسرة متكونة من ثلاثة أفراد و متحصل على وسام حربي نظرا لخدماته التي قدمها للجيش الفرنسي <كنائب ضابط> ولما استفسر عن سبب طرده من الوظيفة ردت عليه السلطات برسالة هذا نصها <ردا على رسالتكم المؤرخة في 03 يوليو 1943 لي الشرف أن أخبركم بان طردكم من العمل قد تقرر بأمر من الوالي العام...>.
وفي إطار عرقلة نشاط الحركة الكشفية بدائرة <تيزي وزو>اصدر نائب عامل العمالة أمرين الأول بتاريخ 24فيفري 1947 و الثاني بتاريخ 7 مارس 1945 يقضيان بتعطيل الحركة الكشفية بكامل الدائرة.
ومن مظاهر اعتداء السلطات الاستعمارية هاجمت مخيما للكشافة الإسلامية الجزائرية الذي نظم عام 1948 بمدينة مليانة و أرغمهم على الرحيل رغم أن إقامته كانت مرخصة من قبل صاحب الأرض.
وقبيل الانتخابات للمجلس الجزائري في أبريل 1948 كانت الحركة الكشفية وباعتبارها حركة قانونية معترفا بها من طرف وزارة التربية و المعارف كانت تتلقى مساعدات مالية لكن هذه الإعانات المادية توقفت لان مسيري الحركة الكشفية الجزائرية أعربوا عن عواطفهم أثناء الحملة الانتخابية في حين تلقت الحركات الكشفية الأوربية عام 1948 مساعدات مالية قدرها تقريبا مليونا فرنك كما قدم لهم مبلغ قدره مليون فرنك على حساب المساعدات المالية لسنة 1949 وأمام هذه الإجراءات المجحفة قدمت الكشافة الإسلامية الجزائرية احتجاجا ردت عليه الولاية العامة برسالة هذا نصها <لقد استلفتم نظري إلى حالة الكشافة الإسلامية الجزائرية التي لم تنل أية مساعدة مالية رغم كونها معترفا بها من طرف وزارة المعارف و العلوم القومية فاخبركم بان مجرد الاعتراف قانونيا بأية جمعية لا يخول لها حتما الحق في المساعدات المالية فالإدارة وحدها صاحبة الحل و العقد في هذا الصدد>.
كما عارضت إدارة الاحتلال بشدة إقامة الحفلات التي كان من المفروض تخصيص مداخيلها لفائدة المعوزين الكشفيين وهذا نموذج من الأمر الإداري يمنع تنظيم حفلة كشفية. <عمالة الجزائر – الشرطة العامة – رقم 8097 –بتاريخ:22/05/1949- ردا على رسالتكم المؤرخة في 28/04/1949 لي الشرف أن أخبركم بأنه لا يمكن أن اقبل طلبكم الذي يرمي إلى تنظيم حفلة فنية بقاعة الماجستيك بتاريخ 29/مايو/1949 و تفضلوا بقبول فائق الاحترام>.-عن عامل العمالة- إمضاء:مساري.
وفي ظل هذه الظروف القاسية و الحوادث الأليمة التي كان يعرفها المجتمع الجزائري انضمت العناصر الكشفية إلى صفوف الحركة الوطنية بالنواحي التي ينتمون إليها فاستغلوا تكوينهم الكشفي من اجل الدفاع عن القضية الجزائرية و هذا عن طريق:
- تربية النشء تربية وطنية و إعداده للمرحلة النضالية بغرس الوعي الوطني و فضح جرائم الاستعمار و أساليبه القمعية.
- تقديم توجيهات خلال العطل المدرسية لاستيعاب خلفيات الأحداث السياسية.
- نشر مبادئ الحركة الوطنية و ترسيخ أفكارها في أوساط الشباب الجزائري في مختلف المناسبات و هذا بتوزيع منشورات حركة أحباب البيان و الحرية و حزب الشعب الجزائري وهي في مجملها تنتقد و توضح وضعية الجزائريين الاجتماعية و السياسية المزرية بالإضافة إلى توزيع الجرائد الوطنية منها جريدة <egalite> لسان حال حركة أحباب البيان و الحرية.
- عقد الاجتماعات في بيوت المناضلين و أحيانا في المناطق الجبلية للتدريب على التلاحم تحضيرا للكفاح المسلح.
- جمع الاشتراكات لشراء الذخيرة الحربية تحضيرا للنضال الثوري.
- اتخاذ مقرات الكشافة الإسلامية الجزائرية قبل اندلاع الثورة التحريرية ملاجئ للمناضلين السياسيين الذين تبحث عنهم الشرطة الاستعمارية نذكر على سبيل المثال مخيم الكشافة بسيدي فرج كما تولى مركزها الكائن بحي الصيد<لابيشري> قرب ميناء الجزائر مهمة رقن العدد الأول من جريدة <الوطني><le patriote> لسان حال اللجنة الثورية للوحدة و العمل كما اتخذت هذه المقرات مكانا لمزاولة كافة النشاطات السياسية السرية لحزب الشعب الجزائري و حركة انتصار الحريات الديمقراطية.
- المشاركة في المظاهرات الشعبية.
- تقديم خدمات تنظيمية لبعض التظاهرات الطلابية و الثقافية ذات طابع تحريضي.
ومما يجب ذكره انه خلال هذه المسيرة النضالية عبرت الكشافة الإسلامية الجزائرية في العديد من المناسبات عن مواقفها الوطنية و رغبتها في التحرر من قبضة المحتل.فاتضح ذلك جليا من خلال النشاطات المتعددة و المطالب الوطنية و هذا باعتراف العدو نفسه إذ عبرت مذكرة موجهة إلى الولاة بتاريخ 13/03/1951 بان الحكومة العامة غير مرتاحة للنشاطات الكشفية وكذا تصريحات مسيريها الواردة في نشريات الحركة <bulletins> نذكر منها:-
- الحرية حق شرعي و مقدس للإنسان و للحصول عليها لابد عليه أن يقتل أو يقتل.
- في الجزائر يرى العديد من الشباب في الكشافة الإسلامية الجزائرية قوة في التحرر الوطني.
- إن المنظمين...عبروا عن إرادتهم في الكفاح بدون انقطاع ضد الإمبريالية الفرنسية...وتنادى كافة الجزائريين للكفاح من اجل تحرير وطنهم...
وفي إطار التعبير عن مواقفها الوطنية أصدرت الكشافة الإسلامية الجزائرية <la voix des jeunes> وهي جريدة شهرية صدر أول عدد لها في أبريل 1952 عبرت مقالاتها عن المواقف السياسية للشباب الجزائري كما تطرقت للقضايا الاجتماعية و الدينية و الثقافية و قد اعتبرتها إدارة الاحتلال <وسيلة للنضال الوطني>.
ومما يجب ذكره انه في الفترة الممتدة ما بين <1948-1954>وجد بعض القادة الكشفيين أنفسهم يؤدون رسالتهم التربوية <النشاط الكشفي> وهم أعضاء في المنظمة السرية و لكنهم انسحبوا تدريجيا من الأفواج الكشفية تفرغا للعمل السياسي نذكر من بينهم:
- عبد العزيز محمد <في الفوج الكشفي بالاغواط>.
- ايت احمد الحسين <في الفوج الكشفي بعين الحمام>
- بخلوف محمد <في الفوج الكشفي بمستغانم>
- باجي مختار<في الفوج الكشفي بقالمة>
- بن مهيدي العربي<في الفوج الكشفي ببسكرة>
- بن صدوق عبد العزيز <في الفوج الكشفي ببلكور-العاصمة>.
- بسطنجي عبد الرحمن <في الفوج الكشفي الفلاح بالعاصمة>.
- بوقرة احمد <في الفوج الكشفي بخميس مليانة>
- بوكشورة مراد <في الفوج الكشفي ببولوغين-العاصمة>.
- دبيح شريف <في الفوج الكشفي بالمرادية –العاصمة>.
- ديدوش مراد <في الفوج الكشفي بالمرادية- العاصمة>.
- بوتليلس حمو <في الفوج الكشفي بوهران>.
- خراز الطيب <في الفوج الكشفي ببسكرة>.
- سويداني بوجمعة <في الفوج الكشفي بقالمة>.
- يوسفي محمد <في الفوج الكشفي ببلكور العاصمة>.
- زيغود يوسف <في الفوج الكشفي بكوندي –سمندو>.
هكذا ورغم القمع الاستعماري ظلت الحركة الكشفية صامدة في مواقفها الوطنية إذ دافع مسئولوها وقادتها و على رأسهم <عمر لاغا> في العديد من المناسبات عن طموحات الشباب الجزائري في التحرر من قبضة الاستعمار وحقوقه في الحصول على الإعانات المادية و ممارسة نشاطاته الكشفية و تنظيم المخيمات و اللقاءات و إحياء الحفلات و الرحلات الدراسية مع الحرص الشديد على طرح المطالب الوطنية و رفع العلم الجزائري رمز الحرية و الاستقلال.
كل هذه المواقف اتضحت جليا ليس على الصعيد الداخلي فحب بل تجسدت ميدانيا خارج ارض الوطن من خلال تسجيل حضورها بالمشاركة الفعالة في التظاهرات العامة التي كانت تنظمها المنظمات الكشفية العالمية إذ شاركت في:
- جمبوري السلم بمواسون <فرنسا> في أوت 1947.
- و المهرجان الذي نظمته الفيدرالية العالمية للشبيبة الديمقراطية ببراغ –العاصمة التشيكية- عام 1947.
ومما يجب ذكره انه بعد هذا المؤتمر ظهر انقسام بين القادة الكشفيين إذ انقسمت الجامعة الكشفية الجزائرية و برز على إثرها تنظيمان كشفيان وهما <s.m.a>الكشافة الإسلامية الجزائرية و<b.s.m.a> جمعية شبيبة الكشافة الإسلامية الجزائرية .وعلى حد تعبير الأستاذ محمد الصالح رمضان أن هذا الانقسام يعود إلى عوامل داخلية وخارجية و اختلاف طبائع القادة و المسيرين وتباين وجهات نظرهم...
كما طرحت المطالب الوطنية للشبيبة الجزائرية في كل من بودابست عام 1951 و بوخارست عام 1953 بالإضافة إلى المشاركة في التجمع الكشفي بكندا في أوت 1955...
لم تكتف الكشافة الإسلامية الجزائرية بتوطيد علاقاتها مع البلدان الأوربية في إطار المشاركة في التجمعات الكشفية العالمية بل توسعت علاقتها لتشمل البلدان العربية أيضا بدءا بالأشقاء التونسيين و المغاربة حيث نظمت جولة كشفية بتونس في سبتمبر 1952
وفي المغرب شكلت أفواج كشفية جزائرية و هناك واصلت نشاطاتها بصورة فعالة و لاسيما أثناء الثورة التحريرية ابتداء من عام 1956 و في سنة 1954 توجه وفد كشفي إلى مصر برئاسة <عمر لاغا> وممثلي حزب الشعب الجزائري حيث استقبلوا من قبل لجنة جزائرية مشكلة من بن بلة ايت احمد خيضر...حيث أوضح الوفد الكشفي الجزائري للسلطات المصرية و على رأسهم <جمال عبد الناصر> عن استعداد الشباب الجزائري لخوض الكفاح المسلح لتحرير الجزائر من قبضة المحتل.
سجلت الكشافة الإسلامية الجزائرية بقيادة عملا لاغا مشاركتها في أول مؤتمر كشفي عربي بالزبداني سوريا في أوت 1954 حضرته كل من الجزائر المملكة العربية السعودية و مصر و العراق و الأردن و لبنان و فلسطين وسوريا و تونس و اليمن.
وبهذه المناسبة تمكنت الجزائر من رفع العلم الوطني و المشاركة في كافة النشاطات الكشفية و إعداد برامج الكشافة العربية.
***دور الكشافة الإسلامية الجزائرية في الثورة التحريرية:***
عند اندلاع الثورة التحريرية عام 1954 تسابقت العناصر الكشفية للالتحاق بصفوف الثوار و هذا بعد حلها كبقية المنظمات بأمر من القيادة الثورية فتدعمت جبهة و جيش التحرير الوطني بكفاءات شبانية تتمتع بروح انضبا طية عالية و غيرة وطنية حيث أثبتت ولاءها و إخلاصها للوطن عند تبنيها للمبادئ الثورية.
لقد وجدت الثورة في الكشافين خير العناصر الواعية المدربة على العمل و النظام المشبعة بالروح الوطنية عن فهم واقتناع المدركة لكل الأبعاد الثورية التحررية فكونت منهم الجبهة و الجيش خير الإطارات النضالية السياسية و العسكرية و اثبتوا جدارتهم في خدمة بلادهم بصدق و إخلاص وتفان سواء في الجبال و الأدغال أو في الأعمال الفدائية داخل المدن و القرى و غي ذلك من الأعمال الاجتماعية و الاسعافية التي كانت تتطلبها الثورة في كل ميدان.
فعلا لقد استعان ضباط جيش التحرير الوطني بخبرة كثير من القادة الكشفيين في مجال التدريب العسكري و المجال الصحي لامتلاكهم خبرات في ميدان الإسعاف و الإنقاذ بحيث اغلب الأطباء و الممرضين قد اكتسبوا خبرات في مجال التمريض عن طريق الكشافة الإسلامية الجزائرية أو عبر تربصات جد قصيرة.
وفي هذا الإطار دائما استمر النشاط الكشفي خلال الثورة المسلحة وقدم دعنا ماديا و معنويا خاصة في استعمال مقرات الحركة الكشفية كملاجئ و مستشفيات سرية و مخابئ للذخيرة و الأدوية كما اتخذت مقراتها مكانا لعقد اجتماعات مناضلي جبهة التحرير الوطني.
فعلا لقد أنجبت المدرسة الكشفية طليعة ثورية كانت قمة في التضحية و أداء الواجب الوطني إذ سجل لنا التاريخ قائمة طويلة لقافلة الشهداء الذين ترعرعوا في أحضان هذه المدرسة الوطنية التي ربت في نفوس عناصرها حب الوطن و التضحية من اجل أن تحيا الجزائر حرة مستقلة فكانوا سباقين إلى ميدان الاستشهاد و أوفياء لاداء اليمين <بالله الذي لا اله إلا هو و بركة هذا المصحف الشريف أنى أهب نفسي للجزائر حتى النصر أو الاستشهاد>.فقد صدقوا ما عاهدوا الله عليه في أداء الواجب نحو الله و الوطن نذكر من بينهم :بجي مختار-ديدوش مراد-سويداني بوجمعة-احمد زهانة-زيغود يوسف-كيلاني الارقط-علي بن مستور-العربي بن مهيدي-عواطي مصطفى-حسيبة بن بوعلي-مريم باج-محمد بوقرة-عبد الحق قويسم...الخ.
أما عن دورها النضالي خارج حدود الوطن فتميز بنشاط مكثف إذ تكونت فرق كشفية في كل من تونس و المغرب ويذكر الأستاذ رابح جابة في تقرير له حول <الحركة الكشفية الجزائرية أثناء الثورة التحريرية> انه في صائفة سنة 1957 شارك عدد من الطلبة الجزائريين في مخيم صيفي أقامته الكشافة التونسية بالمنطقة التي تدعى<الوطن القبلي> و بعد العودة من هذا المخيم مباشرة تكونت عشيرة سابعة جزائرية عملت في بداية تكوينها ضمن الكشافة التونسية حتى تكتسب خبرة و تكوينا صحيحين.
ويذكر نفس الكاتب في مكان آخر انه في شهر مارس 1958 أرسل جوالان إلى المشاركة في دراسة للشارة الخشبية أولهما أقيم بألمانيا و شارك فيها بايوب اسماوي <أيوب>و الثاني قرب مدينة الكاف بتونس و شارك فيها رابح جابة <جابر> تحصل كلاهما على شهادة الشارة الخشبية من صنف <أ> وحسب معلوماتنا أن هذين الشهادتين هما الأولين في تاريخ الحركة الكشفية الجزائرية.
بعد تكوين العشيرة السابعة و تأسيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية توفرت الشروط القانونية لتكوين و تنظيم نشاط كشفي على نطاق أوسع في إطار كشافة جزائرية مستقلة عن الكشافة التونسية حيث تكونت في خريف 1958 اللجنة الكشفية الجزائرية من طرف الاخوة:بايوب اسماوي و رابح جابة ومحمد الصغير و رزاق لبزة <العلمي> و صالح اسماوي. اذ باشرت هذه الأخيرة نشاطها في إطار جبهة التحرير الوطني و نفذت برامجها المسطرة بكل دقة و على كافة أصعدة التكوين الكشفي.
وقد أنشأت الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية لجنة عليا للشباب تعتبر همزة وصل بين اللجنة الكشفية من ناحية و المستويات السياسية العليا.
وفي إطار تكوين و تنظيم أفواج كشفية شرعت اللجنة الكشفية بتكوين أفواج بكل أقسامها <جوالة-كشافة-أشبال-فتيات> وذلك في كامل تراب الجمهورية التونسية.
ازدهر نشاط هذه الحركة بكثرة عدد الأفواج من ضمن نشاطاتها أقامت أول مخيم تمهيدي سنة 1959 شارك فيه عدد كبير من الأفراد ما يقارب المائة 100 من كافة أفواج الكشافة الجزائرية بقيادة رابح جابة و مساعدة محمد الصغير رزاق لبزة<العلمي>.
وسعيا لوحدة كشافة المغرب العربي انعقد مؤتمر تأسيسي بمدينة الرباط بالمغرب في ديسمبر 1958 شارك فيه عن الكشافة الجزائرية بتونس المرحوم محمد بالطيب القائد العام للجنة الكشفية .بايوب اسماوي مسؤول العلاقات الخارجية.
وعندما انعقد اجتماع اللجنة الفنية بالمغرب في عين خرزوزة في صائفة 1959 مثل الجزائر في هذا الاجتماع رابح جابة عن الكشافة الجزائرية بتونس و رضا بسطنجي عن الكشافة الجزائرية بالمغرب.
كما سجلت الكشافة الجزائرية بتونس و المغرب حضورها في المؤتمر الثاني المنعقد سنة 1960 و شاركت أيضا في الجمبوري العربي الرابع المنعقد ببئر الباي وبرج السدرية في صائفة 1960 و في إطار الاستعدادات لهذا التجمع نظم مخيم تحضيري بغابة الرمال قرب بنزرت شارك فيه ستمائة 600 كشاف جزائري بقيادة رابح جابة بمساعدة محمد الصغير رزاق لبزة و عبد الله عثمانية و مبارك العيفة.
كان المخيم الجزائري مضربا للأمثال من طرف كل الوفود العربية المشاركة في التجمع و محل عناية من طرف المسؤولين الجزائريين في الجبهة و الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية حيث قام بزيارة تشجيع له نخص بالذكر المرحوم كريم بلقاسم نائب رئيس الحكومة ووزير الداخلية محمد الطيب الثعالبي سي علال عضو مجلس الثورة و مسؤول قاعدة تونس –احمد بن عبد القادر عياض البوعبدلي رئيس اللجنة العليا للشباب.
وتجدر الإشارة إلى أن قيادة هذا المخيم أسندت إلى أحد قادة الأفواج و هو مصطفى بسطنجي.كانت هناك مسابقات بين المخيمات و منحت جوائز لاحسن مخيم عربي في هذا التجمع فكانت الجائزة من نصيب الجزائر.
ومن ضمن نشاط الكشافة الجزائرية شارك أعضاؤها في عدة وفود أرسلت إلى عدة بلدان في العالم قصد التعريف بالقضية الجزائرية نذكر على سبيل المثال لا الحصر في ربيع 1960 و بدعوة من الحكومة الصينية أرسلت الحكومة الجزائرية وفدا إلى الصين الشعبية يتكون من عشرة أشخاص يمثلون اغلب المنظمات الجزائرية <طلبة- فنانين- و كشافة>.مثل الكشافة الجزائرية في هذا الوفد رابح جابة و قد مر الوفد في ذهابه بمدينة براغ حيث استقبله هناك وفد عن الاتحاد العالمي للطلبة.ثم واصل سفره إلى الصين الشعبية عن طريق موسكو< التي لم تعترف بعد بالحكومة الجزائرية و كانت من المؤيدين لفرنسا>.استقبل وفد حكومة الجزائر على مطار بيكين.
قامت العشيرة السابعة في صائفة 1959 بتنظيم مخيم كشفي متنقل بليبيا بقيادة محمد الصغير لبزة <العلمي> و مساعدة عبد المجيد تاغيت <تاريكت> تجاوز عدد المشاركين في المخيم العشرة من الجوالة حيث نظم في المدن التالية:-طرابلس- الخمس-لبدة-الحفرة.كما قام الجوالان بايوب اسماوي و رابح جابة بجولة على الأقدام من تونس حتى مدينة القاهرة عاصمة الجمهورية العربية المتحدة حاملين العلم الجزائري و باللباس الرسمي للكشافة الجزائرية و هذا في سنة 1960.
وفي إطار التعريف بالقضية الجزائرية العادلة كانت اللجنة الكشفية بتونس تقوم بتنظيم العديد من المحاضرات في القاعات العمومية و الخاصة و في المقرات الكشفية كانت المحاضرات تحت عناوين مختلفة في إطار:فلسفة الثورة و العقيدة الثورية.
كما أصدرت اللجنة الكشفية الجزائرية مجلة تكوينية تحت عنوان <الشباب الجزائري> كانت تعنى بمختلف نواحي تربية الشباب و تمده ببعض المعلومات الكشفية و الوطنية صدر منها أحد عشر عد
***الحركة الكشفية في الجزائر بعد الاستقلال:-***
منذ وقف القتال و خاصة غداة الاستقلال فان عودة عدد كبير من الإطارات من ميدان الجهاد و السجون و المنفى تمكنت الحركة الكشفية من أن تتخذ مظهرا خاصا و حيويا خصوصا بعد المؤتمر الكشفي الذي تم في أكتوبر سنة 1962 و الذي كان في نفس الوقت مؤتمر الوحدة. حيث برز الأمل في تعزيز العمل المنظم وفي تمثيل و تجانس الإطارات لكي تعمل على تجديد نفسها و الاندماج في التيار الثوري و المشاركة بصورة فعالة في بناء الجزائر الاشتراكية.
ولكن يا للأسف فان هذه الآمال قد تبددت بسرعة و عرفت المنظمة <التي أصبحت بعيدة عن تعزيز نشاطها> الركود أو بالأحرى التقهقر.فالغموض السياسي الذي ساد البلاد منذ 1962 حتى 1965 و فقدان التوجه و العقيدة المحددة هيأت الحزب بحيث يستطيع أن يستخدم في بعض الأحيان كتوضيح أو بالأحرى كتبرير..ولكن بالرغم من انتفاضة 19 جوان عام 1965 فان الحركة الكشفية ظلت على هامش التيار الثوري كما لاحظ ذلك مسؤول جهاز الحزب حيث قال انه شعر <بان الكشاف المسلم الذي ناضل من اجل القضية الوطنية لم يتطور ليصبح المناضل الثوري الاشتراكي>.
وقد لعبت الكشافة الإسلامية الجزائرية دورا هاما على الصعيد الوطني منذ فجر الاستقلال ومازالت ففي حين لعبت القيادات الكشفية دورا هاما في حرب التحرير و استشهد منها خيرة قادتها نرى أن دورها قد تطور في المراحل اللاحقة فاتجهت إلى المساهمة في بناء المجتمع الجزائري و إلى المحافظة على الشخصية الجزائرية وتخليصها من كل الشوائب التي وضعها الاستعمار و حاول ترسيخها في نفوس الشباب الجزائري.فبعد الاستقلال رسمت الكشافة الإسلامية الجزائرية لنفسها دورا هاما مساعدا و مكملا لدورها في مرحلة الثورة المسلحة على الصعيد الاجتماعي.
فمنذ نهاية الحرب التحريرية انصب اهتمام الكشافة الإسلامية الجزائرية على تحقيق المبادئ التالية:-
1- العمل على وقف تدهور القيم الأخلاقية التي حاول الاستعمار بثها في نفوس الشباب الجزائري.
2- العمل على تحقيق التعازي في الهياكل الاجتماعية.
وكان ذلك يستدعي العمل في كافة المجالات التي تهم الشباب من المشاكل التربوية التي أولتها الدولة عناية فائقة حيث خصصت للتعليم و لا سيما بعد 1965 ربع ميزانية الدولة بحيث يشمل التعليم كل الأطفال من سن السابعة إلى السابعة عشر و ذلك في إطار المخطط الرباعي <1973-1977>.
وكان أهم عمل عملت الكشافة الإسلامية الجزائرية على تدعيمه في مجال الحفاظ على الشخصية الجزائرية:-
1- الحفاظ على التقاليد من حيث السلوك و الضيافة و الشرف وورع و احترام المرأة.
2- تطوير الثقافة التقليدية المفيدة مثل الشعر الشعبي و الرقص و الأناشيد و الفولكلور و كل ما له علاقة بالأحداث الكبرى في الحياة.
3- المشاركة الفعالة في التعريب و جعل اللغة الوطنية العربية أداة عمل في الحياة اليومية.
4- القضاء على رواسب الاستعمار العالقة في الأذهان وذلك بمحاربة التعقيدات و انسجام الإنسان الجزائري مع نفسه و إتمام الاستقلال السياسي و الاقتصادي و الثقافي للبلاد.
وفي عام 1960 دخلت الكشافة الإسلامية الجزائرية مرحلة حاسمة مع انعقاد المؤتمر الثاني سنة 1970 الذي رسم لها خطة جديدة في الحقل التربوي.ومنذ ذلك التاريخ جندت الكشافة الإسلامية الجزائرية جميع طاقاتها لبعث المنظمة و ازدهارها فشرعت في رسم مخطط لاعداد الإطارات الضرورية كما أنها منذ ذلك التاريخ قامت بمجهود فعال لاعداد وتكوين القادة و المسؤولين في جميع المستويات و ذلك عبر المخطط الخماسي.وهذا المخطط الذي بدأ عام 1972 يهدف إلى:-
- 1 زيادة عدد الكشافين و القادة.
- 2 صقل القيادات ورفع مستواها و تنمية القيادات بما يتناسب مع عدد الكشافين.
- 3 إفادة الجيل الجديد من المناهج المتطورة و إنماء قدراته و مهاراته و خبراته.
- 4 دعم حركة الكشافة بما يسمح لها بالمشاركة في نمو المجتمع.
وفي حين كان عدد أعضاء الكشافة عام 1971 حوالي 25000 كشاف و 2500 قائد على مستوى الوحدة و 300 قائد على مستوى أعلى من الوحدة كان قبل نهاية الخطة اكثر من مائة ألف كشاف و 10000 قائد على مستوى الوحدة و 2000قائد على مستوى أعلى من الوحدة ومن اجل تنفيذ هذه الخطة وضعت عدة برامج بدا تنفيذها على كافة المستويات ابتداء من المستوى المركزي أي على صعيد الولاية إلى المستوى الوطني حتى المستوى العربي.
وهذه البرامج تتضمن دراسات لرفع مستوى القادة على الصعيد الفني و القيادي و كذلك تحقيق زيادة عدد الأفواج الكشفية.
إن كافة البرامج التي تقوم بها الكشافة الإسلامية الجزائرية في تلك الحقبة تتطلب ميزانية معينة لتنفيذها و تتلخص موارد الكشافة بالمصادر التالية:-
- الإعانات الحكومية
- التبرعات و الهبات من الهيئات و المؤسسات.
- من التعاونية المنشأة لمبيعات الأدوات و الملابس و الشارات الكشفية.
- رسوم تسجيل القادة و الكشافين في الهيئة.
- إصدار طوابع بريدية و إضافة رسوم عليها لحساب الحركة الكشفية في البلدية و تشجيع الكشافين على جمع الطوابع المستعملة وبيعها و التبرع بقيمتها للهيئات الكشفية.
- الخدمات غير المباشرة التي يمكن أن تؤديها كل من وزارة التربية ووزارة الشبيبة و الرياضة في مجالات التدريب و استخدام المخيمات الدائمة و غيرها.وهكذا يمكن القول بان الكشافة الإسلامية الجزائرية هي أشبه بخلية نحل عاملة ضمن المجتمع الجزائري تساهم مساهمة فعالة في رفع مستوى الشباب الجزائري و تسير بشكل متواز في أهدافها مع الثورة جيل جديد و مجتمع جديد.
- ولعل أهم حدث بارز في هذه الفترة هو مايلي:-
- من 12 إلى 22 أوت 1968 إقامة المخيم الكشفي العربي الثامن بمشاركة 14 دولة و بعدد 2145 كشاف و قد قام بافتتاح هذا المخيم الرئيس الراحل هواري بومدين .
- نيسان 1992 إقامة أول دورة عربية للمتفرغين بإشراف المكتب العالمي والمكتب الكشفي العربي بالجزائر.
- ديسمبر 1972 إقامة أول ندوة وطنية فروم لعر فاء الطلائع في عين البنيان بمركز الشباب التابع لوزارة الشباب و الرياضة بالجزائر.
- نيسان 1973 إقامة جمعية الكشافة الإسلامية الجزائرية دورة تدريبية للشارة الخشبية دورة سيدي فرج من 14 إلى 22 أبريل من نفس السنة.
- 1973 إقامة اللقاء السابع لعر فاء الطلائع لدول البحر الأبيض المتوسط بالجزائر.
- 1974 إقامة الدراسة الوطنية للشارة الخشبية دورة سطيف الجزائر.
***إدماج الكشافة الإسلامية الجزائرية ندوة 19 ماي 1975:***
بهذا التاريخ 19 ماي 1975 الكشافة الإسلامية الجزائرية ترمي بكل ثقلها لنجاح الندوة الوطنية الأولى لتوحيد الشباب ؟.فدمجت ضمن منظمة وحيدة للشبيبة الجزائرية بسهولة و بساطة مطلقتين و أفرغت من محتواها الكشفي و شهدت ركودا و تهميشا وتعفنا لمدة 15 سنة.واهم الأنشطة البارزة في هذه الفترة مايلي
- 1979 الكشافة الجزائرية تشعر بثقل مهامها الضخمة في الحفاظ على استمرارية الحركة الكشفية الأصيلة وذلك من خلال المؤتمر الأول للاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية.
- 1982 المؤتمر ا
حسب الشهادة التي أدلى بها القائد الصادق الفول رحمه الله أحد المؤسسين الأوائل للكشافة الإسلامية الجزائرية و صديق حميم للشهيد محمد بوراس يؤكد فيها بان سنة 1930كانت تاريخا حاسما في مسار الأحداث حيث توجه إلى الجزائر العاصمة لزيارة صديقه محمد بوراس و أثناء تجوالهما و هما يمارسان هواية ركوب الدراجات انضما بدافع الفضول إلى حشد كبير يضم حوالي 3000مشارك كشاف اجتمعوا في مؤتمر ضخم بمناسبة مرور مائة 100 سنة على احتلال الجزائر أقيم بحي الثغريين موقع نزل الاواسي حاليا بالعاصمة.وقد لفت انتباههما اللباس المميز للمشاركين و ما علق عليه من الأوسمة والنياشين المختلفة.وعندما استفسرا عن هؤلاء المجتمعين قيل لهما انهم الكشافة الفرنسية و هو أمر يعرفونه لاول مرة.ولحسن الصدف كان أحد محدثيهما قائدا كشفيا مسلما من اصل يوناني ناقشا معه مسالة انشاء كشافة اسلامية جزائرية على غرار كشافتهم فاخبرهما بان السيدة<بادن باول>ابنة مؤسس الحركة الكشفية العالمية قد عقدت ندوة صحفية بإنجلترا و صرحت فيها بأنه من المستحيل تأسيس كشافة إسلامية في الجزائر خارج القيم الفرنسية المسيحية.ومباشرة بعد هذا الحادث اتفق الشهيد محمد بوراس مع زميله صادق الفول رحمه الله على رفع التحدي و الشروع في تشكيل أول فوج كشفي جزائري على مستوى مدينة مليانة مع العلم أن هذه المدينة كانت بها كشافة فرنسية جل عناصرها يهود.
وعن هذا المولود الجديد يقول صادق الفول رحمه الله <<في سنة 1930 جمعت بعض الشبان لا يتجاوز عددهم العشرة و أسسنا فوجا كشفيا جزائريا يحمل اسم ابن خلدون تسبب في ظهور عدة مشاكل مع الإدارة الفرنسية الأمر الذي أدى في النهاية إلى انضمام بعض الأوربيين و اليهود.و الغريب في هؤلاء هو أننا عندما نسأل أحدهم عن سبب الانخراط يقول:أريد أن أكون كشافا مسلما...غير أن نية هؤلاء المنخرطين هي الجوسسة و التفرقة و الاطلاع عن قرب عما يحدث و محاولة تحريف اتجاهنا وأفكارنا..>>.
ومن خلال ما تقدم تتضح النوايا الخبيثة للإدارة الاستعمارية التي وضعت شروطا مجففة لاستمرار نشاط الفوج و المتمثلة في انضمام العناصر الفرنسية و اليهودية لاستخدامهم كجواسيس قصد التعرف على اتجاهات الفوج الكشفي الجديد
وعقب الزيارات المتكررة إلى مدينة مليانة كان محمد بوراس يلتقي بهذه العناصر الكشفية فانبهر بالنتائج التي توصل إليها صديقه صادق الفول ففكر في إنشاء فوج في العاصمة وراسل صديقه حول المسالة و بعد مدة اخبره بأنه أسس فوجا كشفيا من ثمانية أعضاء يحمل اسم الفلاح بقلب القصبة و ذلك عام 1935 و اعد قانونه الأساسي و قدمه لولاية الجزائر بتاريخ 16 أبريل 1936 و تحصل على تصريح إداري يوم 5 جوان 1936 تحت رقم 2458.
ومما يجب ذكره انه في هذه الفترة ظهرت عدة أفواج كشفية في عدة مناطق من البلاد نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:فوج ابن خلدون بمليانة عام 1934فوج الرجاء بقسنطينة عام 1936 فوج الصباح بقسنطينة عام 1936 فوج الفلاح بمستغانم عام 1936 فوج القطب بالجزائر العاصمة عام 1937فوج الإقبال بالبليدة عام 1936 فوج الحياة بسطيف عام 1938 فوج الهلال بتيزي وزو عام 1938 فوج الرجاء بباتنة عام 1938 فوج النجوم بقالمة عام 1939...الخ.
***تأسيس جامعة الكشافة الإسلامية الجزائرية:***
فكر محمد بوراس في تأسيس جامعة الكشافة الإسلامية الجزائرية على غرار جامعات الكشافة الفرنسية الكاثوليكية و الإسرائيلية و اللائكية و البروتستانية قصد جمع شمل كافة الأفواج و الجمعيات الكشفية و توحيدها في اتجاه وطني واحد ولتحقيق ذلك اعد قانونا أساسيا عرضه على السلطات الفرنسية الحاكمة للمصادقة عليه لكن إدارة الاحتلال واجهته بالرفض المطلق لما فيه من طابع مميز للشخصية الوطنية الجزائرية.
ولما تولت الجبهة الشعبية الحكم في فرنسا عام 1936 قدم محمد بوراس للمرة الثانية مشروع قانون جامعة الكشافة الإسلامية الجزائرية بعد تعديلات طفيفة ادخلها عليه فحظي المشروع بالموافقة فكانت أول مبادرة تشكيل مؤقتا لجنة مديرة لفيدرالية الكشافة الإسلامية الجزائرية متكونة من محمد بوراس .الصادق الفول. بوبريط رابح. بوعزيز مختار. محمد مادة. الطاهر تجيني. باي ابراهيم. بوعبد الله .دحماني. مزغنة. حسان بلكيرد وغيرهم.
كما تم التحضير للمؤتمر الذي بمقتضاه أسست فدرالية الكشافة الإسلامية الجزائرية فكان أول تجمع كشفي في جويلية 1939 بالحراش العاصمة تحت الرئاسة الشرفية للشيخ عبد الحميد ابن باديس وكان شعار هذا التجمع<الإسلام ديننا و العربية لغتنا و الجزائر وطننا>.
درس المؤتمرون أهداف الحركة و مرماها و سطروا برامج العمل المشترك...في جو من الحماس و السرور كما تم تعيين القيادة العامة التي تسند اليها مهمة تربية النشء تربية وطنية و توحيد القانون الكشفي و الزي الكشفي و الشارات و تطبيق البرامج الكشفية و تكوين مخيمات التكوين...الخ.
وقد حظيت جامعة الكشافة الإسلامية الجزائرية بمساعدة و تشجيع أقطاب الحركة الإصلاحية بحضور أئمتها في التجمعات و المؤتمرات التي تنظمها الكشافة الإسلامية الجزائرية كابن باديس في قسنطينة و الطيب العقبي في العاصمة و البشير الإبراهيمي في تلمسان.
وفي هذا الصدد يذكر محمد الصالح رمضان في مخطوطة <الحركة الكشفية و تاريخها> إن الكشافة الإسلامية الجزائرية نشأت و ترعرعت في أحضان الحركة الإصلاحية العامة التي تشرف عليها و توجهها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين واسم الجامعة الكشفية دال على ذلك كما نبتت معظم أفواجها و اكثر جمعياتها في أوساط و بيئات إصلاحية إلى جانب النوادي و المدارس العربية الحرة بل كان اغلب فتيان الحركة الكشفية و قادتها ومسيري جمعياتها من تلاميذ هذه المدارس و النوادي أو من أعضاء جمعياتها المحلية و كان مرشدوها جميعا من معلمي تلك المدارس كما كان الأساتذة و المعلمون الجزائريون المتحررون في المدارس الفرنسية من أهم عناصرها وبناتها وبعض السياسيين كذلك كانوا لا يبخلون عليها بالدعم و التأييد و المشاركة العملية...
وفي إطار أدوارها الوطنية في مجال تحفيز الهمم و تنمية الحماس الوطني بالأناشيد و العروض المسرحية قدمت أيضا خدمات في المجال الثقافي التربوي زيادة على تدريباتها النظامية إذ يراها الكثير من المسيرين مدرسة للتكوين العسكري و عناصرها جنود العروبة و الإسلام بجاذبية زيها حياة مخيمها و دراسة العديد من التقنيات شبه العسكرية و هي تسعى لخدمة الوطن كما هو منصوص عليه في قانون ووعد الكشاف.
ونظرا لنشاطاتها الإصلاحية و التربوية اكتسبت الحركة الكشفية شعبية كبيرة فتعلق بها الجزائريون كثيرا لذا دفعوا بأبنائهم إلى هذه المدرسة الوطنية الأمر الذي لم ترتح له السلطات الاستعمارية فتبنت سلسلة من المناورات لعرقلة نشاطاتها و ذلك عشية اندلاع الحرب العالمية الثانية.بحيث وجهت حكومة فيشي برئاسة الجنرال<بيتان> العناية المادية و المعنوية لكافة المنظمات الكشفية سواء بفرنسا أو الجزائر ما عدا الجمعيات الجزائرية التي كان يسيرها قادة جزائريون و لها صبغة جزائرية محضة ولم تكتف حكومة بيتان بهذا الإجراء بل عمدت إلى توحيد المنظمات الكشفية<كالكشافة الفرنسية.الدليلات الفرنسيات.كشافة فرنسا.الجامعة الفرنسية للدليلات والكشافة الإسرائيلية الفرنسية>وجعل هذه الأخيرة منظمة كشفية حكومية واحدة تحت اسم <الكشافة الفرنسية> تعمل بأوامر وتوجيهات الحكومة الفرنسية و يمنع منعا باتا لأية منظمة القيام بالنشاط الكشفي في فرنسا و الأقطار التابعة لها إلا بترخيص حكومي و إن أرادوا مزاولة نشاطهم الكشفي لا بد من الانضواء تحت لواء<الكشافة الفرنسية> لمدة عام واحد على الأقل لاكتساب الطابع الرسمي و التدرب على تطبيق مناهجها و أهدافها.
واجهت الكشافة الإسلامية الجزائرية الإجراءات التعسفية بالتحدي و الصمود و طالبت بحق الاعتراف رسميا بتنظيمها الكشفي و استقلاليتها عن الكشافة الفرنسية.و لاضعاف مساعيها عمدت إدارة الاحتلال إلى إبعاد محمد بوراس عن الجزائر بتعيينه مدرسا في فرنسا.ولم تكتف بهذا بل وجهت له تهمة الخيانة و التواطؤ مع الألمان للقيام بالثورة.لذا أحالته على المحكمة العسكرية التي أصدرت حكمها القاضي بتنفيذ حكم الإعدام رميا بالرصاص يوم 27ماي 1941 على الساعة الخامسة صباحا بالساحة العسكرية بحسن داي بالجزائر العاصمة.
ورغم استشهاد محمد بوراس واصلت الكشافة الإسلامية الجزائرية السير على نهج مؤسسها و تمسكت بمبادئها ومطالبتها المتمثلة في الاستقلال عن الكشافة الفرنسية فتظاهرت الولاية العامة بالتخلي عن سياستها فاستدعت مسيري الكشافة الإسلامية الجزائرية إلى مخيمات تكوينية مع بقية المنظمات الشبانية بحجة نقص تكوينهم الكشفي و للحصول على المزيد من الدراسات الكشفية على يد قادة ومدربين فرنسيين.لكن الغرض الحقيقي من هذا هو انتزاع كل محاولة استقلالية و بالتالي محو كل فكرة وطنية من أذهان القادة الكشفيين الجزائريين.وبهذه الإجراءات تنافست الجمعيات الكشفية الفرنسية لجذب عناصر الحركة الكشفية الجزائرية هذه الأخيرة وجدتها فرصة ثمينة لاسترجاع نشاطها الكشفي فسطرت البرامج و تضاعفت المخيمات ونظمت الملتقيات الجهوية التي شارك فيها الشباب الجزائري فسمحت اللقاءات بالتعارف مع بقية القادة الكشفيين الجزائريين المنخرطين في المنظمات الكشفية الفرنسية و بالتالي ضمان عودة هذه العناصر إلى صفوف الحركة الكشفية الجزائرية.
ومع حكومة ديقول تغيرت السياسة الفرنسية إزاء الكشافة الإسلامية الجزائرية إذ انحصرت الرقابة على الناحية الفنية بواسطة مصلحة التربية القومية الأمر الذي شجع قادة الحركة الكشفية على العمل لضمان استقلال حركتهم عن طريق جمع شمل الشباب الجزائري.وفعلا تجسد هذا المسعى في تنظيم اكبر تجمع كشفي لها في جويلية 1944بمدينة تلمسان شارك فيه حوالي خمسمائة500 قائد من مختلف الأفواج والفرق الكشفية المنتشرة عبر الوطن وحضره العديد من الشخصيات السياسية و الإصلاحية أمثال الشيخ البشير الإبراهيمي .عباس فرحات و كذا الشخصيات الفرنسية نذكر منها روني كابيتان rene capitant مفوض التربية و الشبيبة في حكومة ديغول و lambert عامل عمالة وهران و نائبه بتلمسان uralick. .
وفي هذا اللقاء التضامني ردد لاول مرة النشيد الرسمي لهذا المخيم الكشفي من نظم و تلحين القائد حسان بلكيرد رحمه الله و الذي مطلعه:
من جبالنا طلع صوت الأحرار***ينادينا للاستقلال
ينادينا للاستقلال***لاستقلال وطننا
كما تم خلال هذا التجمع التاريخي توحيد المنظمتين الكشفيتين اللتين انفصلتا بعد ميلاد فيدرالية الكشافة الإسلامية الجزائرية.هذه الوحدة كانت قصيرة الأمد حيث ظهرت في سبتمبر 1939 فيدراليتين هما الكشافة الإسلامية الجزائرية التي ترأسها محمد بوراس و الكشافون أو الرواد المسلمون الجزائريون برئاسة عمر لاغا. وكان شعار هذا المخيم <الاستقلال و الحرية>
***مجازر 80ماي 1945 و التنظيم الكشفي:***
في مثل هذا اليوم خرج الشعب الجزائري في مظاهرات سلمية كغيره من شعوب العالم المحبة للسلام و الحرية للتعبير عن فرحته بانتهاء الحرب العالمية الثانية التي ساهم فيها بأبنائه بل أقحم فيها لدحر قوات المحور فاستغل مناسبة الاحتفال بعيد النصر ليطالب فرنسا بتحقيق الوعود والمتمثلة في الاعتراف للشعب الجزائري بحقه في الحرية و تقرير المصير و لهذا الغرض وجهت تعليمات للمناضلين تحث على وجوب استغلال كل المنظمات الشعبية بما فيها الحركة الكشفية هذه الأخيرة سجلت حضورها بالمشاركة الفعالة في مظاهرات ماي 1945 إذ كانت في مقدمة الموكب في كل مظاهرة نظمت عبر التراب الوطني فبزيها الرسمي و بالأعلام الوطنية رمز الحرية و الاستقلال رفعت التحدي الأكبر أمام اكبر قوة استعمارية.
بعد أن أجيزت المظاهرات رسميا من نيابة الولاية استعد أهل مدينة سطيف كبقية المدن الجزائرية ليشاطروا العالم أفراحه بانتهاء الحرب و ذلك صباح يوم 8ماي 1945 للاحتفال بهذا النصر و لاحياء أرواح الجنود الجزائريين الذين قاتلوا في عدة جبهات مقابل الوعود الزائفة في تقرير المصير و نيل الحريات الأساسية التي تغنى بها الحلفاء قبل انهزام النازية الفاشية.
كان هناك استعداد كبير لاستغلال هذه المناسبة خاصة و أن هذا اليوم يصادف يوم السوق الأسبوعي لمدينة سطيف و القرى المجاورة لها حيث يتوافد آلاف السكان فاتخذ مسجد أبى ذر الغفاري مكانا للقاء أين انتظمت المظاهرة و على رأسها 200كشاف باللباس الرسمي أي الزي الكشفي.
ولما وصلت <كشافة الحياة> إلى أعالي مقهى فرنسا <اليوم مقهى 8 ماي 1945> رددت نشيدا وطنيا جديدا مطلعه <حيوا إفريقيا>.و أثناء المسيرة تدخل محافظ الشرطة القضائية اوليفييري<olivieri> معترضا الموكب للحيلولة دون رفع الشعارات المعادية لفرنسا مثل ليسقط الاستعمار- ليسقط النظام الأهلي - عاشت الجزائر المستقلة.كما تدخل لانتزاع العلم الجزائري و أمام رفض المتظاهرين الامتثال لأوامره استنجد بزملائه الجلادين و على رأسهم مفتش الشرطة <laffont> الذي اخترق صفوف المتظاهرين بزيه المدني محاولا انتزاع اللافتات و خاصة العلم الجزائري المحظور فسقط أول شهيد برصاص العدو على يد مفتش الشرطة <laffont> و هو الشاب الكشاف:سعال بوزيد البالغ من العمر 22 سنة الذي أصر على الاحتفاظ بالعلم الجزائري في وسط هتافات منادية بالحرية و السيادة.هذا الحدث احدث هلعا كبيرا في أوساط المتظاهرين فتدخلت الشرطة ورجال الدرك لاطلاق النار عشوائيا فكانت الحصيلة قتلى و جرحى الأمر الذي أدى إلى انقسام الموكب.
وأمام هذه المأساة أمر مسؤلو أحباب البيان و الحرية بنقل الأموات و الجرحى وطالبوا بإعادة تشكيل الموكب على مستوى شارع <sillegue> <اليوم بني فوذة> ليواصل مسيرته في نظام باتجاه قبر <الجندي المجهول> لوضع باقة من الورود ترحما على الجزائريين .أما الفريق الآخر من المتظاهرين فانقسم إلى مجموعات صغيرة اشتبكت مع العناصر الأوربية أدت إلى سقوط العديد من الضحايا فأخذت المسيرة الشعبية السلمية طابعا آخر إذ تحولت إلى حركة ثورية ظلت متواصلة طيلة شهر ماي استعملت فيها سلطات الاحتلال وسائل قمعية شرسة ردا على المظاهرة السلمية التي استهدفت بالدرجة الأولى عناصر الكشافة الإسلامية الجزائرية إذ تحملت النصيب الأكبر من الضرر و البطش نظرا لمواقفها الوطنية و جرأتها على رفع العلم الجزائري رمز الجزائر المستقلة.
بالفعل سجلت الكشافة الإسلامية الجزائرية مشاركة عناصرها الوطنية في المظاهرات التي نظمت في العديد من المدن الجزائرية بل كانوا من قادتها و استشهد الكثير منهم نذكر على سبيل المثال لا الحصر مدينة القالة-عنابة-البليدة-سيدي بلعباس-تيزي وزو-باتنة-بسكرة-برج بوعريريج-بجاية-قسنطينة-خنشلة-تبسة-سكيكدة-العلمة-عين ولمان-ميلة-عين فكرون...الخ.
وفي اطار التعريف بجرائم الاستعمار في هذه الانتفاضة الشعبية إزاء هذه المدرسة الوطنية استعرضت فرنسا عضلاته بالتنكيل و القمع العشوائي إذ انتهجت سياسة إجرامية يندى لها جبين الإنسانية حيث نكلت بالعناصر الكشفية و قادتها ليكونوا عبرة لمن تخول له نفسه القيام بالثورة و الانفصال عن فرنسا إذ لازالت هذه المجازر الرهيبة راسخة في أذهان الجزائريين و ستبقى العديد من المناطق خير شاهد للتاريخ على حقد و همجية المستعمر الغاصب نذكر منها جسر العواذر-مضائق خراطة-شعبة لاخرة-موقع <كاف البومبا> <gouffre de la bombe> .
وعلى سبيل الاستشهاد أقدمت سلطات الاحتلال على شن حملة واسعة من الاعتقالات مست الإطارات القيادية للكشافة بتيزي وزو و في مقدمتهم : محمد القشعي – فرج محمد – لوانشي محمد.الذين وجهت لهم تهمة المساس بالسيادة الفرنسية و المشاركة في الإعداد للثورة.كما بلغ عدد المعتقلين في فوج النجوم الكشفي بقالمة 40 عنصرا القي عليهم القبض يوم السبت 12/05/1945 لينفذ فيهم حكم الإعدام في اليوم الموالي 13 ماي 1945.
و انتهاجا لسياسة إبادة العناصر الكشفية أصدرت المحاكم العسكرية أحكاما قاسية قضائية إذ تؤكد المصادر التاريخية إعدام 70 عنصرا من الكشافة الإسلامية الجزائرية وضع 7 سبعة منهم في فرن عالي الحرارة في كاف البومبا بقالمة طبقا لتعليمات اشياري<achiary> الذي جمع المستوطنين و طلب منهم الانتقام.
ومن مظاهر استفزاز و زعزعة التنظيم الكشفي أقدمت إدارة الاحتلال على تعطيل و توقيف نشاطات الكشافة الإسلامية الجزائرية و غلق نواديها و العبث بممتلكاتها و تفكيك وحداتها خاصة في قسنطينة و القبائل فأوقفت قادتها و أعدمت منهم الكثير.
وفي هذا الإطار و طبقا لقرار 14 ماي 1945 و بطلب وكيل والي تيزي وزو <<فان والي الجزائر يلغي كافة نشاطات الكشافة الإسلامية الجزائرية في القبائل>.
كما نص قرار 31/12/1945 <أن والي قسنطينة أعطى تعليمات لتوقف فورا نشاطات الكشافة الإسلامية الجزائرية في كل قسنطينة>.
لقد كان لحوادث الثامن ماي 1945 أثرا بالغا على العناصر الكشفية الوطنية حيث عززت رفضها للاستعمار و دفعت بهم لخدمة قضية هذا الوطن إذ اعتقدت فرنسا بارتكابها هذه المجازر بأنها كبحت تيار التحرر غير انه حدث العكس إذ كانت هذه الحوادث بعثا جديدا و نقطة انطلاق للطلائع الواعية التي أدركت بان العمل السياسي قد وصل إلى طريق مسدود و لابد من انتهاج الخيار العسكري لاسترجاع ما اخذ بالقوة و الذي جسد فعلا ميدانيا في ليلة الفاتح من نوفمبر 1954 عند التحاق العناصر الكشفية الوطنية بصفوف جيش التحرير الوطني.
***نشاطات الكشافة الإسلامية الجزائرية على الصعيد الداخلي و الخارجي:-***
إن التكوين و النشوء في أحضان الحركة الكشفية يعتبر من اخصب مراحل حياة الشباب الجزائري إذ لعبت هذه المدرسة الوطنية دورا هاما في تربية الشبان الجزائريين ورفع مستواهم الثقافي و السياسي و نمت فيهم روح التضحية و حب الوطن تحضيرا للمرحلة النضالية.
ولقد ساعدت عدة عوامل على تبلور الوعي السياسي في أوساط العناصر الكشفية الوطنية منها الاحتكاك المباشر مع بقية الشعب الجزائري من مختلف أنحاء القطر الجزائري هذا التقارب ساهم إلى حد بعيد و مكن من تبادل الآراء حول القضايا المصيرية للوطن التي كانت تشهدها الساحة السياسية آنذاك.كما كانت الرحلات و التجوال التي تنظمها الفرق الكشفية للمناطق الجبلية للتدرب و تبادل الزيارات بين الأفواج الكشفية تسمح بملاحظة الفروق الجوهرية بين أبناء الوطن الذين يعيشون حالة بؤس و حرمان و بين المعمرين الذين يتمتعون بكل الحقوق و الامتيازات و استحواذهم على خيرات البلاد التي تنقل إلى الضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط كما كثر الاعتداء على المواطنين العزل و الأملاك و الأعراض مما جعل مفهوم الثورة على الأوضاع يتبلور في أذهان الكثير من المناضلين الوطنيين.
ويمثل النشاط الكشفي المتنوع عاملا أساسيا في بلورة الوعي إذ كانت العروض المسرحية المقدمة خلال الحفلات الكشفية ذات طابع تحريضي و تعبر بصدق عن الوضع المزري الذي يعيشه الشعب و المجتمع الجزائري و هي بذلك تنتقد استبداد إدارة الاحتلال و تعمل على نشر الوعي و توحيد الصفوف و تحفيز الهمم و تحث الشباب على التضحية لتحرير الوطن كما كانت للأناشيد الوطنية أثرا بالغا في إشاعة الوعي و توحيد الصفوف فهي مشبعة بالروح الوطنية الاستقلالية و الانتماء القومي العربي.كما حرصت الفرق الكشفية على رفع الألوان الوطنية عند تنظيم المخيمات و في هذا الصدد يذكر مصدر أن الكشافة الإسلامية الجزائرية كان لها دور هاما في البراز العلم الوطني حيث أن بعض المواطنين لم يتسن لهم رؤية العلم الجزائري قبل ثورة نوفمبر 1954الا على يد أفواج الكشافة الإسلامية الجزائرية سواء في رحلاتها النائية أو سهراتها الليلية...
وفضلا عن أدوارها التربوية و الإصلاحية كانت تشارك الشعب في احتفالاته وتجمعاته و أعياده الوطنية...
وأمام هذه المواقف و الأدوار النضالية لم تقف إدارة الاحتلال مكتوفة الأيدي بل شرعت في سلسلة من المناورات لخنق النشاط الكشفي وهي تدل دلالة واضحة على العراقيل التي كانت تعترض المسيرين للحركة الكشفية و تتصدى لاداء رسالتهم التربوية فترغمهم على اختيار أحد الأمرين إما التخلي عن أداء رسالتهم الكشفية أو إبقاءهم في الوظيفة.وفي حالة تمسكهم بأداء رسالتهم التربوية تقرر طردهم كما حدث لاحد مسيري الحركة الكشفية الذي طرد من عمله>بمديرية القناطر و الطرقات>.وهو رب أسرة متكونة من ثلاثة أفراد و متحصل على وسام حربي نظرا لخدماته التي قدمها للجيش الفرنسي <كنائب ضابط> ولما استفسر عن سبب طرده من الوظيفة ردت عليه السلطات برسالة هذا نصها <ردا على رسالتكم المؤرخة في 03 يوليو 1943 لي الشرف أن أخبركم بان طردكم من العمل قد تقرر بأمر من الوالي العام...>.
وفي إطار عرقلة نشاط الحركة الكشفية بدائرة <تيزي وزو>اصدر نائب عامل العمالة أمرين الأول بتاريخ 24فيفري 1947 و الثاني بتاريخ 7 مارس 1945 يقضيان بتعطيل الحركة الكشفية بكامل الدائرة.
ومن مظاهر اعتداء السلطات الاستعمارية هاجمت مخيما للكشافة الإسلامية الجزائرية الذي نظم عام 1948 بمدينة مليانة و أرغمهم على الرحيل رغم أن إقامته كانت مرخصة من قبل صاحب الأرض.
وقبيل الانتخابات للمجلس الجزائري في أبريل 1948 كانت الحركة الكشفية وباعتبارها حركة قانونية معترفا بها من طرف وزارة التربية و المعارف كانت تتلقى مساعدات مالية لكن هذه الإعانات المادية توقفت لان مسيري الحركة الكشفية الجزائرية أعربوا عن عواطفهم أثناء الحملة الانتخابية في حين تلقت الحركات الكشفية الأوربية عام 1948 مساعدات مالية قدرها تقريبا مليونا فرنك كما قدم لهم مبلغ قدره مليون فرنك على حساب المساعدات المالية لسنة 1949 وأمام هذه الإجراءات المجحفة قدمت الكشافة الإسلامية الجزائرية احتجاجا ردت عليه الولاية العامة برسالة هذا نصها <لقد استلفتم نظري إلى حالة الكشافة الإسلامية الجزائرية التي لم تنل أية مساعدة مالية رغم كونها معترفا بها من طرف وزارة المعارف و العلوم القومية فاخبركم بان مجرد الاعتراف قانونيا بأية جمعية لا يخول لها حتما الحق في المساعدات المالية فالإدارة وحدها صاحبة الحل و العقد في هذا الصدد>.
كما عارضت إدارة الاحتلال بشدة إقامة الحفلات التي كان من المفروض تخصيص مداخيلها لفائدة المعوزين الكشفيين وهذا نموذج من الأمر الإداري يمنع تنظيم حفلة كشفية. <عمالة الجزائر – الشرطة العامة – رقم 8097 –بتاريخ:22/05/1949- ردا على رسالتكم المؤرخة في 28/04/1949 لي الشرف أن أخبركم بأنه لا يمكن أن اقبل طلبكم الذي يرمي إلى تنظيم حفلة فنية بقاعة الماجستيك بتاريخ 29/مايو/1949 و تفضلوا بقبول فائق الاحترام>.-عن عامل العمالة- إمضاء:مساري.
وفي ظل هذه الظروف القاسية و الحوادث الأليمة التي كان يعرفها المجتمع الجزائري انضمت العناصر الكشفية إلى صفوف الحركة الوطنية بالنواحي التي ينتمون إليها فاستغلوا تكوينهم الكشفي من اجل الدفاع عن القضية الجزائرية و هذا عن طريق:
- تربية النشء تربية وطنية و إعداده للمرحلة النضالية بغرس الوعي الوطني و فضح جرائم الاستعمار و أساليبه القمعية.
- تقديم توجيهات خلال العطل المدرسية لاستيعاب خلفيات الأحداث السياسية.
- نشر مبادئ الحركة الوطنية و ترسيخ أفكارها في أوساط الشباب الجزائري في مختلف المناسبات و هذا بتوزيع منشورات حركة أحباب البيان و الحرية و حزب الشعب الجزائري وهي في مجملها تنتقد و توضح وضعية الجزائريين الاجتماعية و السياسية المزرية بالإضافة إلى توزيع الجرائد الوطنية منها جريدة <egalite> لسان حال حركة أحباب البيان و الحرية.
- عقد الاجتماعات في بيوت المناضلين و أحيانا في المناطق الجبلية للتدريب على التلاحم تحضيرا للكفاح المسلح.
- جمع الاشتراكات لشراء الذخيرة الحربية تحضيرا للنضال الثوري.
- اتخاذ مقرات الكشافة الإسلامية الجزائرية قبل اندلاع الثورة التحريرية ملاجئ للمناضلين السياسيين الذين تبحث عنهم الشرطة الاستعمارية نذكر على سبيل المثال مخيم الكشافة بسيدي فرج كما تولى مركزها الكائن بحي الصيد<لابيشري> قرب ميناء الجزائر مهمة رقن العدد الأول من جريدة <الوطني><le patriote> لسان حال اللجنة الثورية للوحدة و العمل كما اتخذت هذه المقرات مكانا لمزاولة كافة النشاطات السياسية السرية لحزب الشعب الجزائري و حركة انتصار الحريات الديمقراطية.
- المشاركة في المظاهرات الشعبية.
- تقديم خدمات تنظيمية لبعض التظاهرات الطلابية و الثقافية ذات طابع تحريضي.
ومما يجب ذكره انه خلال هذه المسيرة النضالية عبرت الكشافة الإسلامية الجزائرية في العديد من المناسبات عن مواقفها الوطنية و رغبتها في التحرر من قبضة المحتل.فاتضح ذلك جليا من خلال النشاطات المتعددة و المطالب الوطنية و هذا باعتراف العدو نفسه إذ عبرت مذكرة موجهة إلى الولاة بتاريخ 13/03/1951 بان الحكومة العامة غير مرتاحة للنشاطات الكشفية وكذا تصريحات مسيريها الواردة في نشريات الحركة <bulletins> نذكر منها:-
- الحرية حق شرعي و مقدس للإنسان و للحصول عليها لابد عليه أن يقتل أو يقتل.
- في الجزائر يرى العديد من الشباب في الكشافة الإسلامية الجزائرية قوة في التحرر الوطني.
- إن المنظمين...عبروا عن إرادتهم في الكفاح بدون انقطاع ضد الإمبريالية الفرنسية...وتنادى كافة الجزائريين للكفاح من اجل تحرير وطنهم...
وفي إطار التعبير عن مواقفها الوطنية أصدرت الكشافة الإسلامية الجزائرية <la voix des jeunes> وهي جريدة شهرية صدر أول عدد لها في أبريل 1952 عبرت مقالاتها عن المواقف السياسية للشباب الجزائري كما تطرقت للقضايا الاجتماعية و الدينية و الثقافية و قد اعتبرتها إدارة الاحتلال <وسيلة للنضال الوطني>.
ومما يجب ذكره انه في الفترة الممتدة ما بين <1948-1954>وجد بعض القادة الكشفيين أنفسهم يؤدون رسالتهم التربوية <النشاط الكشفي> وهم أعضاء في المنظمة السرية و لكنهم انسحبوا تدريجيا من الأفواج الكشفية تفرغا للعمل السياسي نذكر من بينهم:
- عبد العزيز محمد <في الفوج الكشفي بالاغواط>.
- ايت احمد الحسين <في الفوج الكشفي بعين الحمام>
- بخلوف محمد <في الفوج الكشفي بمستغانم>
- باجي مختار<في الفوج الكشفي بقالمة>
- بن مهيدي العربي<في الفوج الكشفي ببسكرة>
- بن صدوق عبد العزيز <في الفوج الكشفي ببلكور-العاصمة>.
- بسطنجي عبد الرحمن <في الفوج الكشفي الفلاح بالعاصمة>.
- بوقرة احمد <في الفوج الكشفي بخميس مليانة>
- بوكشورة مراد <في الفوج الكشفي ببولوغين-العاصمة>.
- دبيح شريف <في الفوج الكشفي بالمرادية –العاصمة>.
- ديدوش مراد <في الفوج الكشفي بالمرادية- العاصمة>.
- بوتليلس حمو <في الفوج الكشفي بوهران>.
- خراز الطيب <في الفوج الكشفي ببسكرة>.
- سويداني بوجمعة <في الفوج الكشفي بقالمة>.
- يوسفي محمد <في الفوج الكشفي ببلكور العاصمة>.
- زيغود يوسف <في الفوج الكشفي بكوندي –سمندو>.
هكذا ورغم القمع الاستعماري ظلت الحركة الكشفية صامدة في مواقفها الوطنية إذ دافع مسئولوها وقادتها و على رأسهم <عمر لاغا> في العديد من المناسبات عن طموحات الشباب الجزائري في التحرر من قبضة الاستعمار وحقوقه في الحصول على الإعانات المادية و ممارسة نشاطاته الكشفية و تنظيم المخيمات و اللقاءات و إحياء الحفلات و الرحلات الدراسية مع الحرص الشديد على طرح المطالب الوطنية و رفع العلم الجزائري رمز الحرية و الاستقلال.
كل هذه المواقف اتضحت جليا ليس على الصعيد الداخلي فحب بل تجسدت ميدانيا خارج ارض الوطن من خلال تسجيل حضورها بالمشاركة الفعالة في التظاهرات العامة التي كانت تنظمها المنظمات الكشفية العالمية إذ شاركت في:
- جمبوري السلم بمواسون <فرنسا> في أوت 1947.
- و المهرجان الذي نظمته الفيدرالية العالمية للشبيبة الديمقراطية ببراغ –العاصمة التشيكية- عام 1947.
ومما يجب ذكره انه بعد هذا المؤتمر ظهر انقسام بين القادة الكشفيين إذ انقسمت الجامعة الكشفية الجزائرية و برز على إثرها تنظيمان كشفيان وهما <s.m.a>الكشافة الإسلامية الجزائرية و<b.s.m.a> جمعية شبيبة الكشافة الإسلامية الجزائرية .وعلى حد تعبير الأستاذ محمد الصالح رمضان أن هذا الانقسام يعود إلى عوامل داخلية وخارجية و اختلاف طبائع القادة و المسيرين وتباين وجهات نظرهم...
كما طرحت المطالب الوطنية للشبيبة الجزائرية في كل من بودابست عام 1951 و بوخارست عام 1953 بالإضافة إلى المشاركة في التجمع الكشفي بكندا في أوت 1955...
لم تكتف الكشافة الإسلامية الجزائرية بتوطيد علاقاتها مع البلدان الأوربية في إطار المشاركة في التجمعات الكشفية العالمية بل توسعت علاقتها لتشمل البلدان العربية أيضا بدءا بالأشقاء التونسيين و المغاربة حيث نظمت جولة كشفية بتونس في سبتمبر 1952
وفي المغرب شكلت أفواج كشفية جزائرية و هناك واصلت نشاطاتها بصورة فعالة و لاسيما أثناء الثورة التحريرية ابتداء من عام 1956 و في سنة 1954 توجه وفد كشفي إلى مصر برئاسة <عمر لاغا> وممثلي حزب الشعب الجزائري حيث استقبلوا من قبل لجنة جزائرية مشكلة من بن بلة ايت احمد خيضر...حيث أوضح الوفد الكشفي الجزائري للسلطات المصرية و على رأسهم <جمال عبد الناصر> عن استعداد الشباب الجزائري لخوض الكفاح المسلح لتحرير الجزائر من قبضة المحتل.
سجلت الكشافة الإسلامية الجزائرية بقيادة عملا لاغا مشاركتها في أول مؤتمر كشفي عربي بالزبداني سوريا في أوت 1954 حضرته كل من الجزائر المملكة العربية السعودية و مصر و العراق و الأردن و لبنان و فلسطين وسوريا و تونس و اليمن.
وبهذه المناسبة تمكنت الجزائر من رفع العلم الوطني و المشاركة في كافة النشاطات الكشفية و إعداد برامج الكشافة العربية.
***دور الكشافة الإسلامية الجزائرية في الثورة التحريرية:***
عند اندلاع الثورة التحريرية عام 1954 تسابقت العناصر الكشفية للالتحاق بصفوف الثوار و هذا بعد حلها كبقية المنظمات بأمر من القيادة الثورية فتدعمت جبهة و جيش التحرير الوطني بكفاءات شبانية تتمتع بروح انضبا طية عالية و غيرة وطنية حيث أثبتت ولاءها و إخلاصها للوطن عند تبنيها للمبادئ الثورية.
لقد وجدت الثورة في الكشافين خير العناصر الواعية المدربة على العمل و النظام المشبعة بالروح الوطنية عن فهم واقتناع المدركة لكل الأبعاد الثورية التحررية فكونت منهم الجبهة و الجيش خير الإطارات النضالية السياسية و العسكرية و اثبتوا جدارتهم في خدمة بلادهم بصدق و إخلاص وتفان سواء في الجبال و الأدغال أو في الأعمال الفدائية داخل المدن و القرى و غي ذلك من الأعمال الاجتماعية و الاسعافية التي كانت تتطلبها الثورة في كل ميدان.
فعلا لقد استعان ضباط جيش التحرير الوطني بخبرة كثير من القادة الكشفيين في مجال التدريب العسكري و المجال الصحي لامتلاكهم خبرات في ميدان الإسعاف و الإنقاذ بحيث اغلب الأطباء و الممرضين قد اكتسبوا خبرات في مجال التمريض عن طريق الكشافة الإسلامية الجزائرية أو عبر تربصات جد قصيرة.
وفي هذا الإطار دائما استمر النشاط الكشفي خلال الثورة المسلحة وقدم دعنا ماديا و معنويا خاصة في استعمال مقرات الحركة الكشفية كملاجئ و مستشفيات سرية و مخابئ للذخيرة و الأدوية كما اتخذت مقراتها مكانا لعقد اجتماعات مناضلي جبهة التحرير الوطني.
فعلا لقد أنجبت المدرسة الكشفية طليعة ثورية كانت قمة في التضحية و أداء الواجب الوطني إذ سجل لنا التاريخ قائمة طويلة لقافلة الشهداء الذين ترعرعوا في أحضان هذه المدرسة الوطنية التي ربت في نفوس عناصرها حب الوطن و التضحية من اجل أن تحيا الجزائر حرة مستقلة فكانوا سباقين إلى ميدان الاستشهاد و أوفياء لاداء اليمين <بالله الذي لا اله إلا هو و بركة هذا المصحف الشريف أنى أهب نفسي للجزائر حتى النصر أو الاستشهاد>.فقد صدقوا ما عاهدوا الله عليه في أداء الواجب نحو الله و الوطن نذكر من بينهم :بجي مختار-ديدوش مراد-سويداني بوجمعة-احمد زهانة-زيغود يوسف-كيلاني الارقط-علي بن مستور-العربي بن مهيدي-عواطي مصطفى-حسيبة بن بوعلي-مريم باج-محمد بوقرة-عبد الحق قويسم...الخ.
أما عن دورها النضالي خارج حدود الوطن فتميز بنشاط مكثف إذ تكونت فرق كشفية في كل من تونس و المغرب ويذكر الأستاذ رابح جابة في تقرير له حول <الحركة الكشفية الجزائرية أثناء الثورة التحريرية> انه في صائفة سنة 1957 شارك عدد من الطلبة الجزائريين في مخيم صيفي أقامته الكشافة التونسية بالمنطقة التي تدعى<الوطن القبلي> و بعد العودة من هذا المخيم مباشرة تكونت عشيرة سابعة جزائرية عملت في بداية تكوينها ضمن الكشافة التونسية حتى تكتسب خبرة و تكوينا صحيحين.
ويذكر نفس الكاتب في مكان آخر انه في شهر مارس 1958 أرسل جوالان إلى المشاركة في دراسة للشارة الخشبية أولهما أقيم بألمانيا و شارك فيها بايوب اسماوي <أيوب>و الثاني قرب مدينة الكاف بتونس و شارك فيها رابح جابة <جابر> تحصل كلاهما على شهادة الشارة الخشبية من صنف <أ> وحسب معلوماتنا أن هذين الشهادتين هما الأولين في تاريخ الحركة الكشفية الجزائرية.
بعد تكوين العشيرة السابعة و تأسيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية توفرت الشروط القانونية لتكوين و تنظيم نشاط كشفي على نطاق أوسع في إطار كشافة جزائرية مستقلة عن الكشافة التونسية حيث تكونت في خريف 1958 اللجنة الكشفية الجزائرية من طرف الاخوة:بايوب اسماوي و رابح جابة ومحمد الصغير و رزاق لبزة <العلمي> و صالح اسماوي. اذ باشرت هذه الأخيرة نشاطها في إطار جبهة التحرير الوطني و نفذت برامجها المسطرة بكل دقة و على كافة أصعدة التكوين الكشفي.
وقد أنشأت الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية لجنة عليا للشباب تعتبر همزة وصل بين اللجنة الكشفية من ناحية و المستويات السياسية العليا.
وفي إطار تكوين و تنظيم أفواج كشفية شرعت اللجنة الكشفية بتكوين أفواج بكل أقسامها <جوالة-كشافة-أشبال-فتيات> وذلك في كامل تراب الجمهورية التونسية.
ازدهر نشاط هذه الحركة بكثرة عدد الأفواج من ضمن نشاطاتها أقامت أول مخيم تمهيدي سنة 1959 شارك فيه عدد كبير من الأفراد ما يقارب المائة 100 من كافة أفواج الكشافة الجزائرية بقيادة رابح جابة و مساعدة محمد الصغير رزاق لبزة<العلمي>.
وسعيا لوحدة كشافة المغرب العربي انعقد مؤتمر تأسيسي بمدينة الرباط بالمغرب في ديسمبر 1958 شارك فيه عن الكشافة الجزائرية بتونس المرحوم محمد بالطيب القائد العام للجنة الكشفية .بايوب اسماوي مسؤول العلاقات الخارجية.
وعندما انعقد اجتماع اللجنة الفنية بالمغرب في عين خرزوزة في صائفة 1959 مثل الجزائر في هذا الاجتماع رابح جابة عن الكشافة الجزائرية بتونس و رضا بسطنجي عن الكشافة الجزائرية بالمغرب.
كما سجلت الكشافة الجزائرية بتونس و المغرب حضورها في المؤتمر الثاني المنعقد سنة 1960 و شاركت أيضا في الجمبوري العربي الرابع المنعقد ببئر الباي وبرج السدرية في صائفة 1960 و في إطار الاستعدادات لهذا التجمع نظم مخيم تحضيري بغابة الرمال قرب بنزرت شارك فيه ستمائة 600 كشاف جزائري بقيادة رابح جابة بمساعدة محمد الصغير رزاق لبزة و عبد الله عثمانية و مبارك العيفة.
كان المخيم الجزائري مضربا للأمثال من طرف كل الوفود العربية المشاركة في التجمع و محل عناية من طرف المسؤولين الجزائريين في الجبهة و الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية حيث قام بزيارة تشجيع له نخص بالذكر المرحوم كريم بلقاسم نائب رئيس الحكومة ووزير الداخلية محمد الطيب الثعالبي سي علال عضو مجلس الثورة و مسؤول قاعدة تونس –احمد بن عبد القادر عياض البوعبدلي رئيس اللجنة العليا للشباب.
وتجدر الإشارة إلى أن قيادة هذا المخيم أسندت إلى أحد قادة الأفواج و هو مصطفى بسطنجي.كانت هناك مسابقات بين المخيمات و منحت جوائز لاحسن مخيم عربي في هذا التجمع فكانت الجائزة من نصيب الجزائر.
ومن ضمن نشاط الكشافة الجزائرية شارك أعضاؤها في عدة وفود أرسلت إلى عدة بلدان في العالم قصد التعريف بالقضية الجزائرية نذكر على سبيل المثال لا الحصر في ربيع 1960 و بدعوة من الحكومة الصينية أرسلت الحكومة الجزائرية وفدا إلى الصين الشعبية يتكون من عشرة أشخاص يمثلون اغلب المنظمات الجزائرية <طلبة- فنانين- و كشافة>.مثل الكشافة الجزائرية في هذا الوفد رابح جابة و قد مر الوفد في ذهابه بمدينة براغ حيث استقبله هناك وفد عن الاتحاد العالمي للطلبة.ثم واصل سفره إلى الصين الشعبية عن طريق موسكو< التي لم تعترف بعد بالحكومة الجزائرية و كانت من المؤيدين لفرنسا>.استقبل وفد حكومة الجزائر على مطار بيكين.
قامت العشيرة السابعة في صائفة 1959 بتنظيم مخيم كشفي متنقل بليبيا بقيادة محمد الصغير لبزة <العلمي> و مساعدة عبد المجيد تاغيت <تاريكت> تجاوز عدد المشاركين في المخيم العشرة من الجوالة حيث نظم في المدن التالية:-طرابلس- الخمس-لبدة-الحفرة.كما قام الجوالان بايوب اسماوي و رابح جابة بجولة على الأقدام من تونس حتى مدينة القاهرة عاصمة الجمهورية العربية المتحدة حاملين العلم الجزائري و باللباس الرسمي للكشافة الجزائرية و هذا في سنة 1960.
وفي إطار التعريف بالقضية الجزائرية العادلة كانت اللجنة الكشفية بتونس تقوم بتنظيم العديد من المحاضرات في القاعات العمومية و الخاصة و في المقرات الكشفية كانت المحاضرات تحت عناوين مختلفة في إطار:فلسفة الثورة و العقيدة الثورية.
كما أصدرت اللجنة الكشفية الجزائرية مجلة تكوينية تحت عنوان <الشباب الجزائري> كانت تعنى بمختلف نواحي تربية الشباب و تمده ببعض المعلومات الكشفية و الوطنية صدر منها أحد عشر عد
***الحركة الكشفية في الجزائر بعد الاستقلال:-***
منذ وقف القتال و خاصة غداة الاستقلال فان عودة عدد كبير من الإطارات من ميدان الجهاد و السجون و المنفى تمكنت الحركة الكشفية من أن تتخذ مظهرا خاصا و حيويا خصوصا بعد المؤتمر الكشفي الذي تم في أكتوبر سنة 1962 و الذي كان في نفس الوقت مؤتمر الوحدة. حيث برز الأمل في تعزيز العمل المنظم وفي تمثيل و تجانس الإطارات لكي تعمل على تجديد نفسها و الاندماج في التيار الثوري و المشاركة بصورة فعالة في بناء الجزائر الاشتراكية.
ولكن يا للأسف فان هذه الآمال قد تبددت بسرعة و عرفت المنظمة <التي أصبحت بعيدة عن تعزيز نشاطها> الركود أو بالأحرى التقهقر.فالغموض السياسي الذي ساد البلاد منذ 1962 حتى 1965 و فقدان التوجه و العقيدة المحددة هيأت الحزب بحيث يستطيع أن يستخدم في بعض الأحيان كتوضيح أو بالأحرى كتبرير..ولكن بالرغم من انتفاضة 19 جوان عام 1965 فان الحركة الكشفية ظلت على هامش التيار الثوري كما لاحظ ذلك مسؤول جهاز الحزب حيث قال انه شعر <بان الكشاف المسلم الذي ناضل من اجل القضية الوطنية لم يتطور ليصبح المناضل الثوري الاشتراكي>.
وقد لعبت الكشافة الإسلامية الجزائرية دورا هاما على الصعيد الوطني منذ فجر الاستقلال ومازالت ففي حين لعبت القيادات الكشفية دورا هاما في حرب التحرير و استشهد منها خيرة قادتها نرى أن دورها قد تطور في المراحل اللاحقة فاتجهت إلى المساهمة في بناء المجتمع الجزائري و إلى المحافظة على الشخصية الجزائرية وتخليصها من كل الشوائب التي وضعها الاستعمار و حاول ترسيخها في نفوس الشباب الجزائري.فبعد الاستقلال رسمت الكشافة الإسلامية الجزائرية لنفسها دورا هاما مساعدا و مكملا لدورها في مرحلة الثورة المسلحة على الصعيد الاجتماعي.
فمنذ نهاية الحرب التحريرية انصب اهتمام الكشافة الإسلامية الجزائرية على تحقيق المبادئ التالية:-
1- العمل على وقف تدهور القيم الأخلاقية التي حاول الاستعمار بثها في نفوس الشباب الجزائري.
2- العمل على تحقيق التعازي في الهياكل الاجتماعية.
وكان ذلك يستدعي العمل في كافة المجالات التي تهم الشباب من المشاكل التربوية التي أولتها الدولة عناية فائقة حيث خصصت للتعليم و لا سيما بعد 1965 ربع ميزانية الدولة بحيث يشمل التعليم كل الأطفال من سن السابعة إلى السابعة عشر و ذلك في إطار المخطط الرباعي <1973-1977>.
وكان أهم عمل عملت الكشافة الإسلامية الجزائرية على تدعيمه في مجال الحفاظ على الشخصية الجزائرية:-
1- الحفاظ على التقاليد من حيث السلوك و الضيافة و الشرف وورع و احترام المرأة.
2- تطوير الثقافة التقليدية المفيدة مثل الشعر الشعبي و الرقص و الأناشيد و الفولكلور و كل ما له علاقة بالأحداث الكبرى في الحياة.
3- المشاركة الفعالة في التعريب و جعل اللغة الوطنية العربية أداة عمل في الحياة اليومية.
4- القضاء على رواسب الاستعمار العالقة في الأذهان وذلك بمحاربة التعقيدات و انسجام الإنسان الجزائري مع نفسه و إتمام الاستقلال السياسي و الاقتصادي و الثقافي للبلاد.
وفي عام 1960 دخلت الكشافة الإسلامية الجزائرية مرحلة حاسمة مع انعقاد المؤتمر الثاني سنة 1970 الذي رسم لها خطة جديدة في الحقل التربوي.ومنذ ذلك التاريخ جندت الكشافة الإسلامية الجزائرية جميع طاقاتها لبعث المنظمة و ازدهارها فشرعت في رسم مخطط لاعداد الإطارات الضرورية كما أنها منذ ذلك التاريخ قامت بمجهود فعال لاعداد وتكوين القادة و المسؤولين في جميع المستويات و ذلك عبر المخطط الخماسي.وهذا المخطط الذي بدأ عام 1972 يهدف إلى:-
- 1 زيادة عدد الكشافين و القادة.
- 2 صقل القيادات ورفع مستواها و تنمية القيادات بما يتناسب مع عدد الكشافين.
- 3 إفادة الجيل الجديد من المناهج المتطورة و إنماء قدراته و مهاراته و خبراته.
- 4 دعم حركة الكشافة بما يسمح لها بالمشاركة في نمو المجتمع.
وفي حين كان عدد أعضاء الكشافة عام 1971 حوالي 25000 كشاف و 2500 قائد على مستوى الوحدة و 300 قائد على مستوى أعلى من الوحدة كان قبل نهاية الخطة اكثر من مائة ألف كشاف و 10000 قائد على مستوى الوحدة و 2000قائد على مستوى أعلى من الوحدة ومن اجل تنفيذ هذه الخطة وضعت عدة برامج بدا تنفيذها على كافة المستويات ابتداء من المستوى المركزي أي على صعيد الولاية إلى المستوى الوطني حتى المستوى العربي.
وهذه البرامج تتضمن دراسات لرفع مستوى القادة على الصعيد الفني و القيادي و كذلك تحقيق زيادة عدد الأفواج الكشفية.
إن كافة البرامج التي تقوم بها الكشافة الإسلامية الجزائرية في تلك الحقبة تتطلب ميزانية معينة لتنفيذها و تتلخص موارد الكشافة بالمصادر التالية:-
- الإعانات الحكومية
- التبرعات و الهبات من الهيئات و المؤسسات.
- من التعاونية المنشأة لمبيعات الأدوات و الملابس و الشارات الكشفية.
- رسوم تسجيل القادة و الكشافين في الهيئة.
- إصدار طوابع بريدية و إضافة رسوم عليها لحساب الحركة الكشفية في البلدية و تشجيع الكشافين على جمع الطوابع المستعملة وبيعها و التبرع بقيمتها للهيئات الكشفية.
- الخدمات غير المباشرة التي يمكن أن تؤديها كل من وزارة التربية ووزارة الشبيبة و الرياضة في مجالات التدريب و استخدام المخيمات الدائمة و غيرها.وهكذا يمكن القول بان الكشافة الإسلامية الجزائرية هي أشبه بخلية نحل عاملة ضمن المجتمع الجزائري تساهم مساهمة فعالة في رفع مستوى الشباب الجزائري و تسير بشكل متواز في أهدافها مع الثورة جيل جديد و مجتمع جديد.
- ولعل أهم حدث بارز في هذه الفترة هو مايلي:-
- من 12 إلى 22 أوت 1968 إقامة المخيم الكشفي العربي الثامن بمشاركة 14 دولة و بعدد 2145 كشاف و قد قام بافتتاح هذا المخيم الرئيس الراحل هواري بومدين .
- نيسان 1992 إقامة أول دورة عربية للمتفرغين بإشراف المكتب العالمي والمكتب الكشفي العربي بالجزائر.
- ديسمبر 1972 إقامة أول ندوة وطنية فروم لعر فاء الطلائع في عين البنيان بمركز الشباب التابع لوزارة الشباب و الرياضة بالجزائر.
- نيسان 1973 إقامة جمعية الكشافة الإسلامية الجزائرية دورة تدريبية للشارة الخشبية دورة سيدي فرج من 14 إلى 22 أبريل من نفس السنة.
- 1973 إقامة اللقاء السابع لعر فاء الطلائع لدول البحر الأبيض المتوسط بالجزائر.
- 1974 إقامة الدراسة الوطنية للشارة الخشبية دورة سطيف الجزائر.
***إدماج الكشافة الإسلامية الجزائرية ندوة 19 ماي 1975:***
بهذا التاريخ 19 ماي 1975 الكشافة الإسلامية الجزائرية ترمي بكل ثقلها لنجاح الندوة الوطنية الأولى لتوحيد الشباب ؟.فدمجت ضمن منظمة وحيدة للشبيبة الجزائرية بسهولة و بساطة مطلقتين و أفرغت من محتواها الكشفي و شهدت ركودا و تهميشا وتعفنا لمدة 15 سنة.واهم الأنشطة البارزة في هذه الفترة مايلي
- 1979 الكشافة الجزائرية تشعر بثقل مهامها الضخمة في الحفاظ على استمرارية الحركة الكشفية الأصيلة وذلك من خلال المؤتمر الأول للاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية.
- 1982 المؤتمر ا