بحث مقدم للدورة العادية التاسعة للمجلس الأوربى للإفتاء و البحوث المنعقدة في فرنسا
اعداد أ.د عجيل جاسم النشمى
الله الرّحمن الرّحيم
والحمد لله ربّ العالمين ، والصّلاة والسّلام على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم أجمعين وبعد ،،،
فقد جرت سنّة الله في خلقه باختلافهم في آرائهم ، واعتقاداتهم ، ومللهم ، واختلاف ألوانهم وألسنتهم ولا يزالون مختلفين حتّى يرث الله أرضه ومن عليها ، قال تعالى : " ولو شاء ربّك لجعل النّاس أمّةً واحدةً ولا يزالون مختلفين ، إلاّ من رحم ربّك ، ولذلك خلقهم " (1) ، فمن أجل الاختلاف ثمّ الرحمة للسعداء ، والعذاب للأشقياء ، ليكون فريق في الجنّة ، وفريق في السّعير ، خلق الله الخلق ولا يزالون مختلفين أبدا ، واختلافهم آية من آيات الله : " ومن آياته خلق السّماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إنّ في ذلك لآيات للعالمين " (2) .
كما جرت سنّة الله في خلقه باتّفاقهم على حب ما جبلوا عليه من المتـاع والمـال ، قـال تعالى : " زيّن للناس حب الشّهوات من النّساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذّهب والفضّة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدّنيا والله عنده حسن المآب " (3) وجبل الإنسان على حب المزيد من كلّ مال ؛ ليتنافس النّاس فتعمر الأرض وتزدان ، ويسعد الإنسان في حياته الدّنيا ، لكن لما كان حب الإنسان للمال جمّاً ، لو ترك إليه لأسرف وطغى ، وتنكب الطّريق ، وجار ، وظلم وغدا عبداً للمال يشقى به .تنزلَت آيات الله وكتبه وبعث بها رسله ، ليعرّفوا الإنسان حدود حرّيته في حبّ المال والمتاع ، ثمّ تنزلَت آيات القرآن الكريم لتنظيم موارد المتاع الحلال ومصارفه ، والحرام ومساربه وتدرج التّشريع في أحكام حفظ المال والحقوق ، حتّى حدّ الحدود القاطعة لمن بالغ في التّجاوز والظّلم ، وشرع من الأحكام عامة ما ينظّم حياة النّاس في أسرهم ومجتمعهم ودولهم .
وبنى النّفوس من داخلها قبل العلاج في واقع الحياة وزخمّها ، ليكون وازع الدّين أوّل سياج حفظ الحقوق لأصحابها ،فقد تنتهي الخصومة بالعفو أو بالإعراض عن الجاهلين . وقد تنتهي الخصومة بالصّلح . إلاّ أنّ من الخصومات ما لا تنتهي إلاّ بإقامة البراهين والحجج أمام القضاء ، فكان القاضي نهاية مطاف انتصاف المظلومين من الظالمين ، وتقرير الحقوق وردّها إلى أصحابها .
يأخـذ من هذا ليعيد لهذا حقّه ، ردّاً إلى حكم الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم : " فإن تنازعتم في شيءٍ فردّوه إلى الله والرّسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخـر ذلـك خيرٌ وأحسن تأويلا " (1) فالنّزاع لا ينقطع بين المسلمين المؤمنين أو غيرهم ، لكن المؤمنين يفصل القرآن بينهم والسّلطان مخاطب بإقامة شرع الله وسياسة النّاس به في دينهم ودنياهم .
والقضاء سبيله في فصل الخصومات وإذا كان وازع الدّين في قلوب المؤمنين يحمل عن القضاء الكثير من وقائع الخصومات ، ممّا ينصف المؤمنون فيه بعضهم بعضا رغبةً ورهبةً استغفاراً وتغافراً وتوبةً . إلاّ أنّ هذا الوازع يقوى أو يضعف ، وقد يتغافر المؤمنون في صغائر الأمور ويحتاجون في كبارها إلى حكم القضاء لا ريب .
والطّامة حال النّاس مع ضعف وازع الدّين ، وتكالبهم على الدّنيا يتنافسوها ولو على حساب دينهم وحيثما ضعف الدّين في النّفوس زاد الظّلم ونما ، وكثر الظلم والظّلمة ، وتعالت الأصوات وثارت النّفوس وهاج النّاس وماجوا ، يأكل القويّ حقّ الضّعيف ، وإزاء ذلك يحتاج الحكّام إلى كثرت الأعوان من شرطة تضبّط وقضاة تحكم، رفعا للنّزاع ، وردّاً للحقوق إلى أصحابها . ولا ريب أنّ القضاء مرتقى صعب مسلكه لما يحتاج من ضمانات وإثباتات وحجج وبراهين ، وإجراءات وتكاليف ويزيد صعوبة عجز المظلوم أو فقره ومدافعة الظّالم عن نفسه ، بل مدافعة من يعين الظّالم على ظلمه ممّن يكون ألحن في حجّته ، يَخْبُر المداخل والمخارج التّي قد تفوِّت الحقوق ، وتحمي الظّالم ، وغايته كسب وفير يبرر الوسيلة ولو كانت ظالمة .
ولا تزال أبواب القضاء في بلاد الدّنيا كلّها أكثر الأبواب ازدحاماً ، وطول انتظار ، حتّى أصبح كثير من أصحاب الحقوق يتردّد في طلب حقّه وانتزاعه عن طريق أبواب القضاء ، حذراً من طول انتظار ، وتضييع الوقت ، أو خوفاً على سمعتهم وفضح أسرارهم وخصوصيّاتهم في جلسات القضاء العلنيّة ، ولربّما لو سلك الطّريق مع هذا ودفع من المال ما دفع لم يصل إلى حقّه لنقص في مستنداته ، أو ضعف في مطالبته أمام خصم ألحن منه بحجّته.
وأمام هذا الواقع عادت الدّول إلي مبدأ التّحكيم ، وهو تحاكم الخصمين بالتّراضي إلى غير القاضي ، وقد كانت الدّول تظنّ أنّ التّحكيم يخدش السيادة ، ولكن تبيّن لها أنّه نوع من القضاء ، بل يمكن أن يخضع له ، ويكون سنداً قانونيّاً له .
وقد كان التحكيم سائدا بين العرب ’يتولاه الحماء منهم ’وكانت القبائل تفتخر بحكمائها ."واشتهر بين العرب قبل الإسلام عدد من المحكمين أو الحكام عرفوا بالعقل والحلم والحكمة ’وباختلاف الناس إليهم للحكم فيما يشتجرون فيه منهم الحاجب بن زرارة ’والأقرع بن حابس ’وقس بن ساعدة ’وأكثم بن صيفى’وعبد المطلب بن هاشم " واشتهر بعض النساء بذلك أيضا منهن صحْربنت لقمان(أو أخته)’وهند بنت الخس’وجمعة بنت حابس’وبنت عامربن الظرب " (1
)
وقد أقرّ الإسلام التّحكيم ، بل حبذه وفضّله دون رفع التّخاصم إلى القضاء ، فما تمّ بالتّراضي خير ممّا يتم بعد الشّحناء والخصومة ، فالتّراضي بين الخصمين تقارب وتسامح وإيذان بالرّضى بالحق أو بعضه مع صفاء النّفوس وراحتها .
وقد عرف النّاس التّحكيم منذ القدم ، وما لجأ النّاس للقضاء حتّى قامت الدّول وشرعت النّظم وتعقّدت المسائل والمشاكل . كما عرفته العرب في جاهليّتها ، بل كان ملجأهم في حسم المنازعات بين القبائل ، وقد حقن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم دماء قومه في جاهليّتهم بالتّحكيم لمّا أرادوا أن يرفعوا الحجر الأسود واختصموا فيه حتّى كادوا يتقاتلون قالوا : يحكم بيننا أوّل رجل يخرج من هذه السِّكة فكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أول من خرج ، فقضى أن يجعلوه في مِرْطٍ – كساء من صوف أو خز يؤتزر به - ، ثمّ ترفع جميع القبائل من أطراف المرط .
وقد نظّم الإسلام التّحكيم ، واعتبره نظاماً لفصل الخصومات هو دون القضاء وفوق الصّلح والفتوى ، فضبط شروط المحكَّم ، وما يصح محلاّ للتّحكيم ، وما لا يصحّ الحكم فيه ، وأعطى لحكم المحكّم صفة الإلزام كالقضاء ، وسلبه التَنفيذ كالفتوى .
وقد عنى الفقهاء بتنظيم التَحكيم ، وإقامته على أصول الشّرع ، ومبناه ، فأحكامه مبناها تحقيق المصالح في رد الحقوق لأصحابها بطريقة التّراضي ، وحفظ الأسرار ، وسرعة الوصول للحقوق ودفع المفاسد من كثرت الخصومات القضائيّة ، ومشقّة التّرافع للقضاء ، ولذا قال ابن العربي " الحكم بين النّاس إنَما هو حقّهم لا حقّ الحاكم ،بيد أن الاسترسال على التّحكيم خرق لقاعدة الولاية ، وقود إلى تهارج النّاس تهارج الحمر ، فلا بدّ من نصب فاصل ، فأمر الشرع بنصب الوالي ليحسم قاعدة الهرج وإذن في التّحكيم تخفيفاً عنه وعنهم في مشقة التّرافع ، لتتمّ المصلحتان وتحصيل الفائدتان " (1) . فمبنى التّحكيم تحقيق المصالح ، ودرء المفاسد ، وسد الذّرائع ، لكن لما كان على خلاف الأصل في أنّ الولايات تكون للحكّام احتاج إلى قيود وضوابط ، وفَّى الفقهاء ترتيبها وضبطها .
وقد أثبت التَحكيم جدواه وأثره حتّى أصبح واقعا محترماً لا تخلوا دولة من تنظيمه واعتماده بل أنشأت له المحاكم والهيئات والمراكز المحليّة والإقليمية والدّولية . وأصبح شريان التّحكيم بين خصومات ومنازعات الدّول والأفراد .
وقد اهتمّت به الدّول العربيّة والإسلاميّة مؤخّراً . وأفضل خطوة فيه إقرار القمّة الإسلاميّة الخامسة المنعقدة في الكويت في يناير 1987 مشروع النّظام الأساسي لمحكمة العدل الإسلامية للدّول الأعضاء في منظّمة المؤتمر الإسلامي .
وهناك ملحظ في التّحكيم لو طبّق على مستوى الدّول والأفراد ، لكان باب خيرٍ عظيم حين ينصّ نظامه على تطبيق أحكام الشّريعة الإسلاميّة . فإنّ الدّول والأفراد تترافع إليه بالتّراضي ، فيكون باباً واسعاً لتطبيق أحكام الشّريعة ويكون مرحلة تقديم الشّريعة وتطبيقها وتأخير القانون ، وإعادة الأمّة إلى سابق عدلها وعزّها .
ولقد حاولت في هذا البحث أن أجمع شتات الموضوع من أمّهات الكتب الفقهيّة الأصليّة مستوعباً المذاهب بحججها وأدلّتها ،حتّى إذا ما تكامل للموضوع بناؤه الفقهيّ ، أتبعت به واقع التّحكيم دوليّاً ، مبينا المدى الذّي يمكن أن نتعامل به ، وما لا يمكن أن نتعامل به دوليّاً آخذاً بالاعتبار أنّ ميدان التّحكيم أو التّحاكم غدا في هذا العصر ميداناً رحباً في حلّ النّزاعات خاصّةً بين الدّول ، سواء بين دولتين مسلمتين ، أو بين دولة إسلاميّة وغيرها . وسواء في جهة التّرافع إسلاميّة كانت أو غير إسلاميّة .
. أ .د. عجيل جاسم النشمي
التّحكيــــــم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعريفـه :
لغــةً : هو مصدر حكّمه في الأمر ، أي جعله حكماً ، وهو تفويض الحكم لشخص ، ويُقال للمحكَّم حَكَمْ ، ومُحَكَّمْ من باب التّفعيل بصيغة اسم المفعول ، ويُقال مُحَكِّمْ من باب التّفعيل بصيغة اسم الفاعِل(1)، وفي القرآن الكريم قوله تعالى : " فلا وربّك لا يؤمنون حتّى يُحكِّموك فيما شجر بينهم " (2)
واصطلاحا : اتّخاذ الخصمين آخر (3) أهلاً للحكم برضاهما لفصل خصومتهما ودعواهما "
شرط ومشارطة التحكيم : إصطلح حديثا على تسمية إتفاق الطرفين على التحكيم قبل قيام النزاع بشرط التحكيم . وبعده بمشارطة التحكيم .
ولا مانع من الشرط و الشارطة فى الفقه وهو داخل فى الشروط المقبولة
ركن التّحكيم :
ـــــــ
ركن التّحكيم إيجاب من طرف وقبول من الطّرف الآخر ، ويكون الإيجاب بالألفاظ الدّالة على التّحكيم كقول : قد حكمناك ، أو نصبناك حاكماً أو جعلناك حاكماً ونحوه ، فليس المراد خصوصي لفظ التّحكيم(4) .
ضابط التّحكيم :
ــــــــ
ضابط التّحكيم كما قال ابن العربيّ : " إنّ كل حقّ اختصّ به الخصمان جاز التّحكيم فيه ونفذ تحكيم المحكّم فيه " (5)، أو كما قال ابن عرفة : " إنّما يجوز التّحكيم فيما يصحّ لأحدهما تـرك حقّـه فيه " (6). أو كما جاء في الفتاوى " يجوز التّحكيم في كل ما يملك المحكِّمان فعله في أنفسهما في حقوق الجار " (7) 5/428 .
دليل جواز التحكيم :
ـــــــــ
الأدلة على جواز التحكيم متضافرة من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والقياس .
دليل الكتاب :
ــــــ
قوله تعالى : " وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما " (1) قال ابن العربي : هي من الآيات الأصول في الشريعة (2) وهذه الآية دليل على إثبات التحكيم ومشروعيته (3) ، وعن ابن عباس قال : هذا الرجل والمرأة إذا تفاسد الذي بينهما أمر الله أن تبعثوا رجلا صالحا من أهل الرجل ، ورجلا مثله من أهل المرأة فينظران أيهما المسيء (4) .
وقوله تعالى : " فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم ، وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين " (5)، قال ابن كثير : نزلت في اليهوديين اللذين زنيا ، وكانوا قد بدلوا كتاب الله الذي بأيديهم ، من الأمر برجم من أحصن منهم ، فحرفوه واصطلحوا فيما بينهم على الجلد مائة جلدة ، والتحميم - تسخيم الوجه بالفحم - ، والإركاب على حمار مقلوبين ، فلما وقعت تلك الكائنة بعد الهجرة قالوا فيما بينهم : تعالوا حتى نتحاكم إليه ، فإن حكم بالجلد والتحميم ، فخذوا عنه ، واجعلوه حجة بينكم وبين الله ويكون نبي من أنبياء الله قد حكم بينكم بذلك ، وإن حكم بالرجم فلا تتبعوه في ذلك .
وقد وردت الأحاديث بذلك ، " عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيهودي ويهودية قد أحدثا جميعا ، فقال لهم : ما تجدون في كتابكم ؟ قالوا إن أحبارنا أحدثوا تحميم الوجه والتجبية ، - الإركاب منكوسا - ، قال عبد الله بن سلام : ادعهم يا رسول الله بالتوراة فأتى بها فوضع أحدهم يده على آية الرجم وجعل يقرأ ما قبلها وما بعدها ، فقال لـه ابـن سلام : ارفع يدك فإذا آية الرجم تحت يده
فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلـم فرجمـا قـال ابـن عمر : فرجما عند البلاط فرأيت اليهودي أجنأ عليها " (1) - أي أكب عليها - .
وقال ابن العربي : لما حكموا النبي صلى الله عليه وسلم أنفذ عليهم الحكم ، ولم يكن لهم الرجوع وكل من حكم رجلا في الدين فأصله هذه الآية (2) .
دليل السنة :
ــــــ
عن شريح بن هانئ : أنه لما وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعه وهـم يكنون هانئا : أبا الحكم ، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له : " إن الله هو الحكم وإليه الحكم فلم تكنى أبا الحكم " ؟ فقال : إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم ، فرضي كلا الفريقين ، قال : " ما أحسن من هذا فما لك من الولد " قال : لي شريح ، وعبـد الله ، ومسلم . قال : " فمن أكبرهم " قال : شريح ، قال : " فأنت أبو شريح " فدعا له ولولده (3) .
فهذا إقرار واستحسان منه صلى الله عليه وسلم لتحكيم القوم لأبي شريح وفي رواية البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : " أصيب سعد يوم الخندق ، رماه رجل من قريش يقال له حبان بن العرقة ، رماه في الأكحل ، فضرب النبي صلى الله عليه وسلم خيمة في المسجد ليعوده من قريب فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخندق وضع السلاح واغتسل ، فأتاه جبريل عليه السلام وهو ينفض رأسه من الغبار فقال : قد وضعت السلاح ، والله ما وضعته ، اخرج إليهم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : فأين ؟ فأشار إلى بني قريظة ، فاتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلوا على حكمه ، فرد الحكم إلى سعد ، قال : فإني أحكم فيهم أن يقتل المقاتلة ، وأن تسبى النساء والذرية وأن تقسم أموالهم " (4) .
والحديث نص في الموضوع إذ حكم النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ رضي الله عنه وهو سيد قومه ، ومرضي عندهم ولا ريب في رضاهم به ، وقد ورد في بعض الروايات ما يشير إلى أن سعد بن معاذ رضي الله عنه استوثق من رضي قومه ، ورضي النبي صلى الله عليه وسلم .
وروى أبو هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اشترى رجل من رجل عقارا له فوجد الرجل الذي اشترى العقار في عقاره جرة فيها ذهب ، فقال له الذي اشترى العقار : خذ ذهبك مني إنما اشتريت منك الأرض ، ولم أبتع منك الذهب ، فقال الذي شرى الأرض : إنما بعتك الأرض
وما فيها قال : فتحاكما إلى رجل ، فقال : الذي تحاكما إليه : ألكما ولد فقال أحدهما : لي غلام وقال الآخر : لي جارية ، قال : أنكحوا الغلام الجارية ، وأنفقوا على أنفسكمـا منه وتصدقا " .
فالحديث ظاهر في مشروعية التحكيم وفضل الإصلاح ، قال النووي : في الحديث فضل الإصلاح بين المتنازعين ، وأن القاضي يستحب له الإصلاح بين المتنازعين ، كما يستحب لغيره (1) .
إجماع الصحابة :
ــــــــ
فقد وقع بين الصحابة خلاف كثير فكانوا ربما حكموا فيه واحدا منهم ولم ينكره أحد فكان إجماعا . ومن ذلك ما كان بين عمر وأبي بن كعب رضي الله عنهما من مدارأة – خصومة – بينهما في نخل ، فحكما بينهما زيد بن ثابت رضي الله عنه فأتياه فخرج زيد بن ثابت إليهما ، وقال لعمر رضي الله عنه ألا تبعث إلى فآتيك يا أمير المؤمنين فقال عمر رضي الله عنه في بيته يؤتى الحكم فأذن لهما فدخلا وألقى لعمر وسادة فقال عمر رضي الله عنه هذا أول جورك ، وكانت اليمين على عمر رضي الله عنه ، فقال زيد لأبي رضي الله عنه : لو أعفيت أمير المؤمنين من اليمين ، فقال عمر يمين لزمتني فلأحلف ، فقال أبي رضي الله عنه ، بل يعفى أمير المؤمنين ويصدقه .
وتحاكم عمر رضي الله عنه مع رجل إلى شريح في أمر فرس اشتراها عمر بشرط السوم وحاكم علي رضي الله عنه اليهودي إلى شريح ، وحاكم عثمان بن طلحة إلى جبير بن مطعم ، وتحاكم علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما ، فكان من جهة على أبو موسى الأشعري ومن جهة معاوية عمرو بن العاص وحكم أهل الشورى عبد الرحمن بن عوف " (1) .
وعلى القول بجواز التحكيم المذاهب الأربعة ، وجمهور الفقهاء ، كما سيأتي بيان ذلك .
القيـاس :
ـــــ
يمكن قياس التحكيم على القضاء بجامع فصل الخصومة ، كما يمكن قياسه على الاستفتاء في عدم لزومه في الأصل .
حكمــه :
ـــــ
حكم التحكيم الجواز عند جمهور الفقهاء ، ولم تختلف المذاهب في أصل مشروعيته لما سبق من الأدلة والقياس على القضاء والاستفتاء ، وإنما اختلافهم فيما قد يحتاجه من قيود وشروط .
قال المازري المالكي : " تحكيم الخصمين غيرهما جائز ، كما يجوز أن يستفتيا فقيها يعملان بفتواه في قضيتهما " ، وجزم أبن فرحون بالجواز فقال : " إذا حكم أحد الخصمين صاحبه فحكم لنفسه أو عليها جاز ومضى ما لم يكن جوارا بينا " (2) .
ونصوص المذاهب ظاهرة متضافرة على جوازه غاية ما هنالك أن المالكية اختلفوا في جوازه ابتداء أو بعد وقوعه ، وظاهر كلامهم ، ومفهومه جواز التحكيم ابتداء (3) .
والحنفية امتنعوا عن الفتوى به مع جوازه خشية أن يتجاسر العوام إلى تحكيم من ليس أهلا فقالوا : " إن حكم المحكم في المجتهدات نحو الكنايات والطلاق المضاف جائز في ظاهر المذهب عن أصحابنا ، إلا أن هذا مما يعلم ، ولا يفتى به كي لا يتجاسر الجهال إلى مثل هذا " (1) .
إلا أن واقع المذهب أن لو كان المحكم على وفق ما ذكروه من شروط وفي محل الاجتهاد جاز ومضى حكمه ، حتى قالوا : " إن فتوى الفقيه للجاهل بمنزلة حكم القاضـي المولـى ، أو حكم المحكم 000 " (2) .
والشافعية مع القول بجوازه " بشرط أهلية القضاء فلم يجوزوا تحكيم غير الأهل مع وجود القاضي ولو قاضي الضرورة " (3) كما سيأتي .
وعند الشافعية قول بعدم الجواز لأنه يؤدي إلى اختلال أمر الحكام وقصور نظرهم والافتيات عليهم وقول بجوازه بشرط عدم وجود قاض بالبلد وهذا هو المعتمد ، ولو لغير الأهل ، فيمتنع تحكيم غير الأهل ، مع عدم وجود قاضي الضرورة إلا إن كان يأخذ مالا له وقع بحيث يضر حال الغارم فيجوز التحكيم ، وإن كان القاضي مجتهدا (4) ، وسيأتي تقسيمات مذهبهم تبعا لمحل التحكيم .
التحكيم والقضاء :
ـــــــــ
التحكيم من الولايات فهو نوع من القضاء لما فيه من فصل الخصومة ، وبيان الحكم الشرعي فالحكم من أنواع القضاء ، ولذلك يذكر الفقهاء التحكيم والحكم في باب القضاة أو القضاء .
فيتفقان في الإلزام بحكمهما إلا أن القضاء بمثابة الأصل ، والتحكيم بمحل الفرع منه فرتبته أقل وأدنى ولذا اختلف القضاء عن التحكيم في أمور أهمها :
موضوع القضاء في الخصومات مطلقا وفي كل ما يعرض عليه ، وحكم المحكم لا يصح في الحدود والقصاص والدية على العاقلة – على ما سيأتي ذكره والخلاف فيه - .
ولاية القضاء عامة على الناس ، فولايته من ولي الأمر ، ومعين من قبله فعمله من المناصب والولايات ، وولاية المحكم خاصة فيمن ارتضاه من المتخاصمين " فولاية التحكيم بين الخصمين ولاية مستفادة من آحاد الناس ، وهي شعبة من القضاء متعلقة بالأموال دون الحدود واللعان والقصاص " (1) ، وقال الشافعي " التحكيم إنما هو فتوى لأنه لا يقدم آحاد الناس الولاة والحكام " (2) فينفذ حكم القاضي على العامة وينفذ حكم المحكمين على مـن رضي بحكمهما.
حكم المحكم يصح فيما يملك المحكمون فعله بأنفسهم ، وهي حقوق العباد ، ولا يصح في حقوق الله .
بجوز تحكيم أثنين أو أكثر ، ولا بد حينئذ من اجتماعهم ، فلو حكم أحدهم دون غيره لا يجوز لأن المحكمين رضيا برأيهما أو رأيهم ، وهذا بخلاف القضاء .
أن حكم المحكم في المجتهدات إذا رفع إلى القاضي إن كان موافقا لرأيه أمضاه وإن كان مخالفا أبطله – عند بعض الفقهاء – وليس للقاضي أن يبطل حكم قاض آخر في المجتهدات .
شروط القضاة يضعها ولي الأمر كما قررها الفقهاء ، بينما شروط المحكم يضعها المتخاصمون مع مراعاة بعض الشروط التي يتفق فيها مع شروط القاضي – على تفصيل في ذلك عند الفقهاء - .
يجوز للمتخاصمين أن يوقفوا التحكيم قبل الشروع فيه أو قبل صـدور الحكـم – على خلاف فيه – كما أن لهما أن يعزلا المحكم ، بخلاف القضاء (3) .
التحكيم والإفتاء :
ــــــــ
التحكيم وإن اتفق مع الإفتاء في الإخبار عن الحكم الشرعي في الواقعة محل النزاع أو محل السؤال إلا أن التحكيم ألصق بالقضاء لصفة الإلزام عند جمهور الفقهاء ، وليس كذلك صفة الإفتاء ولذا اختلف عن التحكيم في جوانب جوهرية ، فاشترط كثير من الفقهاء في المحكم ما يشترط في القاضي دون اشتراط ذلك في المفتي ، فالمفتي يخبر عن حكم الواقعة محل السؤال ، والقاضي والمحكم ملزم ومنشئ للحكم في الواقعة محل النزاع ، والتحكيم محدد في مسائل من النزاع والخصومة وغيرها قال ابن فرحون : " العبادات لا يدخلها الحكم بل الفتيا فقط " (1) ، وبمثـل ذلـك قـال القرافـي وزاد قوله : " فكل ما وجد فيها من الإخبارات فهي فتيا فقط ، فليس لحاكم أن يحكم بأن هذه الصلاة صحيحة أو باطلة " ، وقد عدد القرافي مسائل من باب الفتوى وأخرى من باب الحكم (2) .
شروط التحكيم والمحكم :
ــــــــــــ
يشترط في التحكيم أن يكون موافقا للشرع بأن يكون بالبينة ،أو الإقرار أو التوكـل ونحـو ذلك (3) .
ويشترط في المحكم بالكسر العقل ، ولا يشترط الحرية والإسلام ، فيصح تحكيم ذمي ذميا وقال الشافعية : يشترط في المحكمين أن يكونا راشدين يتصرفان لأنفسهما ، وليس المحكم أصلا ولا فرعا لأحدهما ولا عدوا له (4) .
شروط المحكم :
ـــــــ
يتفق الفقهاء في جملة الشروط وبخاصة أن يكون المحكم أهلا للقضاء أو الشهادة ، إلا أنهم يختلفون في بعض الشروط وفي تفصيلها .
فيشترط الحنفية أن يكون الحكم أهلا للحكم وقت التحكيم ووقت الحكم أهلا للقضاء ، فلو انتخب الخصمان صبيا وحكم في حال صباه ، أو بعد البلوغ بناء على التحكيم السابق فلا يصح حكمه ولا ينفذ (1) . وعبر صاحب الفتاوى الهندية باشتراط أن يكون الحكم من أهل الشهادة وقت التحكيم ووقت الحكم ، حتى إنه إذا لم يكن أهلا فأعتق ، أو ذميا فأسلم وحكم لا ينفذ حكمه (2) .
واشتراط الشهادة أدخل تحكيم المرأة والفاسق ، لأنهما من أهل الشهادة وصلاحيتهما للقضاء والأولى عندهم عدم تحكيم الفاسق (3) ، وكذا الكافر في حق الكافر ، لأنه أهل للشهادة في حقه ، وكذا يجوز تقليده القضاء ليحكم بين أهل الذمة ، وجاز لذلك تحكيم ذمي ذميا لأنه من أهل الشهادة بين أهل الذمة دون المسلمين . ويكون تراضيهما عليه في حقهما وجوازه قياسا على جواز تقليد السلطان للذمي ليحكم بين أهل الذمة ، فإذا جاز في القضاء جاز في التحكيم لأن المحكم كالقاضي (4) ، ولا يصح تحكيم كافر في حق مسلم أو عبد محجور عليه أو محدود في قذف أو صبي لأنهم ليسوا من أهل الشهادة (5) .
كما اشترطوا في المحكم أن يكون معلوما ، فلو كان حكما مجهولا كأول من يدخل المسجد لم يجز ، وألا يكون بين المحكم وأحد الخصمين قرابة تمنع من الشهادة (6) .
واشترط المالكية أن يكون عدلا ، عدل شهادة بأن يكون مسلما ، حرا ، بالغا ، عاقلا، غير فاسق وقال اللخمي : " إنما يجوز التحكيم لعدل مجتهد " (7) ، وقال المازري : " لا يحكم إلا من يصح أن يولى القضاء " ( ، وأن يكون غير خصم أي غير أحد الخصمين ، لأن الشخص لا يحكم لنفسه ولا عليها وغير خصم لأحدهما بأن ثبت بينه وبين أحد المتداعيين خصومة دنيوية ، وإن لم تصل إلى العداوة .
فإن وقع تحكيم الخصم مضى إن حكم صوابا ، وقيل : يجوز ابتداء عند ابن عرفه (1) ، فإن كان الخصم من تولية قاض صح حكمه (2) .
كما اشترطوا أن يكون المحكم غير جاهل بالحكم بأن يكون غالبا عالما بما حكم به إذ شرط الحاكم والمحكم العلم بما يحكم به ، وإلا لم يصح ، ولم ينفذ حكمه بالجهل لأنه تخاطر وغرر ، لكن لو شاور الجاهل العلماء وحكم فيصح ، وينفذ ، ولا يقال له حينئذ حكم جاهل (3) .
وكذا حكم العامي قال اللخمي : " يجوز تحكيمه إذا استرشد العلماء ، فإن حكم ولم يسترشد رد وإن وافق قول قائل ، لأن ذلك تخاطر وغرر (4) ، كما لا يجوز تحكيم غير مميز لجنون أو وسوسة أو إغماء " (5) .
واختلف المالكية في تحكيم صبي وعبد وامرأة وفاسق فيما يصح فيه التحكيم أي في المال والجُرح على أربعة أقوال : الصحة مطلقا ، وهو لأَصبَغ ، وعدم الصحة مطلقا ، وهو لمُطَرِّف ومقتضى قول المازري ، والثالث : الصحة إلا في تحكيم الصبي المميز ، لأنه غير مكلف ولا إثم عليه إن جاز وهو لأشهب ، والرابع الصحة إلا في تحكيم الصبي الفاسق وهو لعبد الملك (6) .
وعلى هذا فجمهور المالكية على جواز تحكيم المرأة والعبد ، وهم بهذا يتفقون مع الحنفية في صحة تحكيم المرأة ، واشترط الشافعية أهلية المحكم للقضاء ، ولكنهم اختلفوا في المراد بالأهلية هل هي الأهلية المطلقة أي العلم بحكم سائر المسائل ، أو العلم بحكم المسألة محل النزاع فقط ، فقال الزركشي : " المراد الأهلية المطلقة لا بالنسبة لتلك الحادثة فقط " ، قال : ونقل في الذخائر الاتفاق على ذلك من المجوزين للتحكيم ، وقال القاضي في شرح الحاوي يشترط العلم بتلك المسألة فقط .
واختلفوا في تحكيم غير الأهل فالمعتمد عندهم : أنه لا يجوز تحكيم غير الأهل مطلقا ، ولو مع وجود قاضي الضرورة إلا في النكاح إذا فقدت القاضي ، وكانت المرأة في سفر فولت أمرها عدلا يزوجها وإلا إذا ترتب على الرفع لقاضي الضرورة غرامة مال على الحكم ، يشق عليه عادة ولا يحتمله مثله فإن فقد القاضي مطلقا حتى قاض الضرورة كالفاسق (1) ، واحتيج إلى الحاكم جاز تحكيم أصلح وأفضل من يوجد من العدول بخلاف غيرهم .
وبشرط أهلية القضاء لا يجوز تحكيم الأعمى ولا الأصم ولا المرأة ولا الخنثى ولا الرقيق ولا الكافر ولو في خصم كافر وكذا لا يجوز في نحو ولده ، ومن يتهم في حقه ، ولا على عدوه (2). وقال ابن أبي الدم : لو تحاكم إليه بالتحكيم ولده ، وأجنبي ، فحكم لولده ، أو لوالده على الأجنبي ففي جوازه وجهان ، أحدهما : لا يجوز كالقاضي المطلق ، والثاني بلى ؛ لأن ذلك وقع عن رضا بينهما وهكذا لو حكم على عدوه ، فيه وجهان أيضا (3) .
وللشافعية تفصيل وخلاف ذكره الماوردي فقال : إن كان التحكيم من المتنازعين لمن لا يجوز أن يشهد لهما ولا عليهما – والذي لا يجوز أن يشهد لهما والد وولد ، والذي لا يجوز أن يشهد عليهما عدو – فينظر : فإن حكم على من لا يجوز أن يشهد له من والد أو ولد لمن يجوز أن يشهد له من الأجانب جاز ، كما يجوز أن يشهد عليه وإن لم يجز أن يشهد له .
وإن حكم لمن لا يجوز أن يشهد له من والد أو ولد على من يجوز أن يشهد له من الأجانب ففي جوازه وجهان :
أحدهمـا : لا يجوز حكمه له ، كما لا يجوز أن يحكم له بولاية القضاء .
والثانـي : يجوز أن يحكم له بولاية التحكيم وإن لم يجزأن يحكم له بولاية القضاء ؛ لأن ولاية التحكيم منعقدة باختيارهما فصار المحكوم عليه راضيا بحكمه عليه ، وخالفت الولاية المنعقدة بغير اختيارهما وإن حكم لعدوه نفذ حكمه ، وإن حكم على عدوه ففي نفوذ حكمه عليه ثلاثة أوجه :-
الوجه الأول : لا يجوز أن يحكم عليه بولاية القضاء ولا بولاية التحكيم كما لا يجوز أن يشهد عليه .
الوجه الثاني : يجوز أن يحكم عليه بولاية القضاء ، وولاية التحكيم ، بخلاف الشهادة ، لوقوع الفرق بينهما ، بأن أسباب الشهادة خافية وأسباب الحكم ظاهرة .
الوجه الثالث : أنه يجوز أن يحكم عليه بولاية التحكيم لانعقادها عن اختياره ولا يجوز أن يحكم عليه بولاية القضاء لانعقادها بغير اختياره (4) .
كما اشترط الشافعية في المحكم أن يتفق الخصمان على التراضي به إلى حين الحكم ، فإن رضي به أحدهما دون الآخر ، أو رضيا به ثم رجعا ، أو رضي أحدهما بطل تحكيمه ، ولم ينفذ حكمه سواء حكم للراضي أو للراجع (1) .
ويمكن تأصيل قاعدة ما لا يجوز التحكيم فيه عند المذاهب فيما يلي :-
عند الحنفيـة : كل ما كان حقا لله تعالى ، أو في كل مالا ولاية للمحكمين عليه .
عند المالكيـة : كل ما كان حقا لله تعالى ، أو تعلق به حق غير الخصمين .
وعند الشافعية : كل ما كان حقا لله تعالى خالصا ، أو عقوبة له عز وجل أو في كل ما ليس له طالب معين ، وأضافوا النكاح واللعان ربما لتعليل المالكية في تعلق الحق بغير الخصمين .
وعند الحنابلة : في كل ما كان حقا لله خالصا ، مع إضافة النكاح واللعان للتعليل السابق .