مقتطفات من كتاب الأستاذ عمر التلمسانى رحمه الله بعض مما علمنى الإخوان وفى فصل مجتمع متميز أنقل هذا الجزء حول الإخوان وصلتهم بالله عز وجل وسلفية دعوة الإخوان يقول التلمسانى رحمه الله :
مما يعين الإخوان المسلمين على جهادهم الطويل محاسبة أنفسهم فيخصص كل أخ لنفسه ساعة قبل النوم يحاسب فيها نفسه يسألها ماذا فعل في يومه فإن رجحت كفة حسناته على كفة سيئاته سعد وحمد الله على ما وفقه إليه من خير وضاعف الجهد لتكثير حسناته وإن رأى غير ذلك تألم وتاب واستغفر به تعالى وعاهده على الإنابة واستئناف عمل الخير حتى يكون غده خيرا من يومه وأمسه. أنهم يعلمون أنهم إذا حاسبوا أنفسهم في دار العمل خيرا لهم أن يحاسبهم الله تعالى يوم الحساب ولهذا يهون عليهم كل ما يبدلون في هذه الدار التي عما قليل تنقضي..
الإخوان المسلمين يحذرون الانقطاع عن الله لحظة فلا ترى منهم ظاهرا يخالف باطنا لا فرق بين الحالتين فلا يتبادرون إلى التافه تاركين الثمين أنهم على طاعة الله تعالى حريصون ملتزمين هذا السلوك تعلقت قلوبهم بصاحب الشأن فهم ناظرون إليه جل شأنه دائما وأبدا أنهم مشمرون عن ساعد الجد في الطلعات صابرين صبر الكرام على ما أراد الله تعالى أن يختبرهم به.
﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأمْوَالِ وَالأنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾
أجل أنهم يريدون الفوز بصلاة الله عليهم ورحمته وحلاوة الهداية وهم فوق ذلك يصونون كرامتهم عن الابتذال فلا يطرقون إلا باب من لا يرد عن بابه الطارقين سبحانه وتعالى من أجل ذلك عزوا وسادوا وهم أقل الناس مالا وأنني إذا عدت إلى نفسي أوقفتها أمام ربها أيقنت أن هذا المنعم المتفضل ذو الجلال والإكرام من الإثم كل الإثم أن يغفل مخلوق عن صاحب الفضل عليه طرفة عين أرأيت الإخوان المسلمين في هذا الدين؟ لقد تعلمت هذا منهم ويا ليتني أدركه معهم فأكون من الفائزين ولكن هل تغنى لعل وعسى وليت؟
إن الدأب والتشمير سلوك لا يخفى على أحد ممن يعرفون الإخوان المسلمين أنهم لذووا جلد وتحمل في العمل لا يحظى به الأكثرون أنهم يغالبون التعب فإن فاجأهم غالبوه بالنعاس والتهويم يجدون في هنيهاته راحة وتعويض وليسوا في هذا بمبتدعين، ولكنهم قرأوا أن عمر بن الخطاب كان ينعس وهو جالس فقيل له يا أمير المؤمنين ألا تنام؟ قال كيف أنام؟ إن نمت بالنهار ضيعت أمور المسلمين وإن نمت بالليل ضيعت حظي من الله عز وجل . أ. ه.
أتريد أن تحظى ذاك الجلال، ألا فهيا إلى صفوفهم فبايع كما بايعوا ثم وفي كما وفوا فلن يفوتك من الخير إلا النذر اليسير لاستحالة الكمال على البشر.
أنهم لا يضمرون للناس جميعا إلا الخير لا يدعون بالشر على الناس ولكنهم يدعون لهم بالخير والهدى والرشاد أنهم لا يسألون الخير لأنفسهم على حساب الغير ولكنهم يحبون الخير لغيرهم كما يحبونه لأنفسهم ليكمل إيمانهم فهم لا يهمسون إلا بهذا الدين ولا يعيشون إلا من أجله ولا يعيشون إلا من أجله.
ولا يعملون إلا في سبيله وليس هذا خاصا بهم بل هو حصيلة كل من أسلم وجهه لله تعالى دون غيره..
﴿قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ﴾ ………
أنهم إذا نزل بالناس كرب، سارعوا إلى معونتهم ما استطاعوا مهما بعدت المسافات أليس أولئك مسلمين مثلهم؟ إن المسلم لا يعيش لنفسه ولكنه يعيش لمجتمعه المسلم يفكر في صالح المجتمع قبل أن يفكر في صالحه هو خاصة فكيف بمجتمع هذا شأن أفراده؟
صلة الإخوان المسلمين بالله تعالى
إن للإخوان المسلمين ضربا من السلوك بزوا فيه غيرهم وازنوا بين الأهل والمال والولد وبين ما يجب لله عليهم فآثروا ما عند الله على ما عندهم في معتقل مزرعة طره كان أحد البارزين في أحد الأحزاب معتقلا معهم وفي يوم جلس هذا الرجل الحزبي الموطأ الكنف إلى أحد الإخوان وقال له: هل لي أن أسألك سؤالا محرج فلا تغضب.
قال الأخ: لن أغضب قال الرجل: هل أنت إنسان فيك مشاعر ولك إحساس كسائر البشر؟ قال الأخ أجل ولكن لماذا تسأل هذا السؤال؟ قال الرجل: أراك تقف على باب زنزانتك تستقبل العدس المليء بالحصى في ترحاب، كأنك تستقبل ديكا روميا أو حماما مشويا أو ملوخية بالسمان أو الجمبري وأين إحساسك بأهلك بولدك بزوجك… وبيتك؟ قال الأخ في منتهى البساطة: أننا نحب ما ذكرت بأعم ما يحب إنسان هذه الذوات ولكننا وازنا بين كل هذه المحاب وبين رضا الله، فكان سلوكي أن لا أوازن بين أمرين لا مجال للموازنة بينهما فآثرنا ما عند الله تعالى على كل شيء في هذا الوجود فأنزل الله سكينته علنيا ووعدنا فتحا قريبا وأنا في عدة مع هذا الفرج هذا هو سلوك الإخوان المسلمين في مواجهة الصعاب أن نفوس المسلمين تشفق على يوم حسابهم أكثر مما تشفق على أهلها ترقبا ليوم معادها فأمس قد مضى واليوم جد وعمل وغدا لا تدري ما الله تعالى فاعل بنا فيه…
﴿هُنَالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا﴾
إن سلوك الإخوان المسلمين سلوك من لا يغضب إلا لما يستحق الغضب من عصيان الله تعالى ويضنون بكلامهم أن يبعثر في غير نفع وهم أمناء على ما يؤتمنون عليه سرا كان أو وديعة كما أنهم لا يثقون إلا بمن فيه أنه أهل للثقة كما أنهم على نور من ربهم يعرفون به صديقهم من عدوهم.
الإخوان المسلمون سلفيون ملتزمون
هم يعلمون أن ما هم عليه، ويدينون به، رسالة وصلت إليهم عن محمد صلى الله عليه وسلم والتي أوصلها إليه جبريل الأمين عليه السلام بعد ما أوحى بها إليه رب العالمين تبارك وتعالى.
أيقنوا بهذا فعرفوا أن الأمر كله يشاء وينهى عما يشاء أي أن التصريف متروك له وحده.. سبحانه وتعالى، ولا دخل للعقل مطلقا في هذا المجال لأن هذا فعل الأولوهية وقدرتها وعلمها وحكمتها دون أن يعرض شيء مما قضى الله تعالى على العقل البشري ليصدر فيها حكما بالرفض أو القبول فلا يجوز الإنسان كمل عقلة أن يتردد فيما قضى الله بالتحليل أو التحريم هذه هي خصائص الألوهية الواحدة التي لا شريك فيها وهذا ما يأخذ به الإخوان أنفسهم أما القائلون بأن ما أحل الله تعالى هو أمر ارتضاه العقل وأن ما حرمه هو أمر نفر منه العقل فقول مردود على أصحابه لا يقيم له الإخوان المسلمين وزنا في منهاجهم السلفي الذي أخذوا به عن أسلافهم الكرام ذلك لأن كل صاحب فطنة أريب يؤمن أن العقول ليس متساوية في الإدراك وليست متشابهة في التقدير بل أن ما يراه زيد حسنا قد يراه عمرو قبيحا وما يتقبله عقل يرفضه آخر. بل وأكثر من هذا فإن العقل البشري قد يستحسن شيئا حينا يغير حكمه يغير حكمه عليه في حين آخر.
فلو ترك الحكم على الأشياء للعقل البشري وحده لتناقض الناس مع بعضهم البعض بل ومع أنفسهم تناقضا بعيدا، لا يصلح عليه منهاج الحياة أبدا والواقع خير شاهد على ذلك ألم تسمع أن مجلس العموم البريطاني قد قرر أخيرا أن الشذوذ الجنسي أمر مباح لا عقاب عليه وبريطانيا دولة متحضرة كما يعمون فهل أخذت الدول المتحضرة الأخرى بهذا التخريف والشذوذ الذهني؟ فيكف يمكن إذا أن يتفق الناس على أمر أنه حلال مطلقا، وأن أمرا غير حرام محضا؟ وهذا هو مدى جهدهم العقلي فلا مناص إذا من الرجوع إلى الله تعالى وحده في مجال الحل والحرمة وهذا هو ما التزم به الإخوان المسلمون منذ أن قام بهذه الدعوة السلفية أمامنا الشهيد المرشد العام الأسبق فضيلة الأستاذ الشيخ حسن البنا مؤسس الحركة وأستاذ الجيل غير مدافع أما الذين يشككون في هذا المنهج فهم أول من يعرف أن الإخوان المسلمين سلفيون ولكنه لهوى في أنفسهم باعد بينهم وبين الصواب، لم يجدوا شيئا يرمون به الإخوان المسلمين إلا أنهم غير سلفيين مع ذلك فإن الإخوان المسلمين لمذهبهم السلفي، لا يلقون الناس بما يلقاه به بعضهم…
﴿وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا﴾
ولأنهم على التحقيق…
﴿وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا﴾ …..
ومن عجيب أمر هؤلاء الذين يحكون العقل، ويأخذون بحكمة إذا تعارض مع حديث شريف من عجيب أمر هؤلاء الذين يريدون أن يطوعا القرآن وآياته المحكمة والسنة بأحاديثها القطيعة الدلالة والثبوت من عجيب أمر هؤلاء (لو قبلنا هذا التجني على الكتاب والسنة) أنهم إذا نسوا أن من يريد أن ينجو نحوهم لابد وأن تتوفر له شروط قاطعة حتى يعطي لنفسه هذا الحق (الذي لا يقره عليه أي مسلم) (عن طواعية واختيار وفهم واقتناع) من هذه الشروط اللازمة على وجه القطع واليقين:
أولا: معرفة كاملة شاملة باللغة العربية، وأسرارها ومدلولاتها ومعانيها الظاهرة والخفية وهذا أمر لم ولن يوجد في إنسان طوال هذه القرون المتأخرة حتى اليوم.
ثانيا: أن يكون ضليعا في التفرقة بين العام والخاص وأن يكون خبيرا بالفرق بين المطلق والمقيد ودلالات الإطلاق من النصوص والتقييد منها…
ثالثا: من ناحية علم المنطق أن يكون مؤهلا تماما للإحاطة بالمباينة بين المنطوق والمفهوم والمقتضى.
رابعا: أن يكون واسع العلم بالناسخ والمنسوخ وهو الأمر الذي يستوجب علما وافيا بهذه الناحية من كتاب الله الكريم وسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم.
خامسا: ولابد له أن يكون عالما بأسباب النزول في الآيات وورود الأحاديث الشريفة.
سادسا: الإحاطة الكاملة بعادات العرب الذين نزل القرآن بلغتهم وعادات مجتمعاتهم.
سابعا: أن يلم بمقاصد الشرع من التكليف وعلة تشريع الخالق لعباده.
ثامنا: أن يكون على درجة من العلم عند تعارض الأدلة ليصدر حكما أقرب ما يكون من الصواب عند تعارض الأدلة.
تاسعا: وهناك شروطا أكثر يعجز الإداراك عن الإحاطة بها فهل تتوافر كل هذه الشروط في واحد ممن يتعرض لما هو فوق طاقته وعلمه بمراحل؟ ومدى علمي أنها لم تتوفر لإنسان خلال القرون الأخيرة فهل اقتنع المتجنون على الإخوان المسلمين والذين يصفونهم بأنهم غير سلفيين؟ ومع ذلك فلماذا يكون النقاش بين الناس مجرد خلاف في الرأي لا يقوم إلا على اتهامات ومحاولات للانتقاص؟
أننا نأمل أن يلتفت الذين يهاجموننا إلى فهمهم الخاص فيصرفون أوقاتهم وجهودهم وتدعيمه ونشره بين الناس بالحجة الدامغة، والدليل القاطع فيجمعون الناس حولهم اقتناعا بما يقولون فذلك أنفع لهم، هدنا الله تعالى وإياهم سواء السبيل.
لن أكتفي بما قدمت ليعرف الناس أن الإخوان المسلمين سلفيون ملتزمون ولكن أسوق هنا بعض صور وسلوك الإخوان المسلمين:
أن الإخوان المسلمين يعرفون أن الله خلق الجن والإنس لعبادته هذه العبادة المؤدية إلى معرفته جلالا وعلوا وقدرة وتمكنا والتي تنتهي في خاتمة المطاف إلى الإنابة إليه.
﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ﴾
لأنه الأول والآخر والظاهر والباطن وكل شيء بإرادته ومرد الأمر إليه وإليه نرجع أجمعين ونحبه فوق ما نحبه فوق ما نحب أموالنا وأولادنا وأنفسنا التي بين جنوبنا مع الإخلاص كله والوقوف في ساحته لنكون على ذكر دائما منه، لتهدأ خواطرنا وتسعد أنفسنا التي بين جنوبنا مع الإخلاص كله، والوقوف في ساحته لنكون في ذكر دائما منه، لتهدأ خواطرنا وتسعد أنفسنا…
﴿أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ …
بذكره عرفوه وبالإنابة إليه دائما عبدوه.. قبل لابن عباس بم عرفت ربك؟ قال (من طلب دينه بالقياس، لم يزل دهره في التباس خارجا عن المنهاج وطاعنا في الاعوجاج عرفته بما عرف به نفسه، ووصفته بما وصف به نفسه). وهذا هو ما يعتقده الإخوان المسلمون لأنه جانب من جوانب السلفية.
فسلفية الإخوان المسلمين تظهر في معرفهم للحق، والتحدث عنه والعمل به والدفاع عنه والتضحية من أجله يجادلون كأسلافهم بالحسنى لأن هذا الأسلوب يقرب الحق إلى الأذهان ويميل بالنفس إلى الاقتراب منه ومن الطاعة لرب العالمين. هكذا كان يفعل السلف الصالح الذين كانوا يعرفون الله جل وعلا. وهذا حق لأن المسلم بقدر ما يعرف الله تعالى مهابته وجلاله. بقدر ما يحرص على الرهبة من هذه الهيبة وبقدر ما يرعى جانب الجلال…
﴿تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ﴾
فأعرف الناس بالله أحبهم له وأخشاهم له. ألا ترى أن الحديث الشريف الصحيح يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم (وزنت بالأمة فرجحت، ثم وزن أبو بكر بالأمة فرجح ثم وزن أبو بكر بالأمة فرجح ثم وزن عمر بالأمة فرجح ثم رفع الميزان). ويقول عليه الصلاة والسلام: (أما والله أني لأخشاكم لله واتقاكم له)… جزء من حديث أنس رضي الله عنه. كسلفيين يؤمن الإخوان المسلمون بأسماء الله الحسنى كما هي ويؤمنون بصفاته كما هي وإرادة في القرآن بلا تعطيل كالمعطلة ولا مشبهين كالمجسمين الذين يدعون أن يد الله جل وعلا كأيدينا وعينه كأعيننا حاشاه عما يقولون وتعالى علوا كبيرا..
﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾
أننا نقول أنه استوى على العرش كما قال مالك بن أنس (الاستواء معقول والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة).
أننا سلفيون حتى في روحانيتنا وسلوكنا على هذا النحو الذي جاء في الآثار ما معنا (يقول الله أنا الله لا إله إلا أنا ملك الملوك قلوب الملوك ونواصيها بيدي فمن أطاعني جعلت قلوب الملوك عليه رحمة، ومن عصاني جعلتهم عليه نقمة فلا تشغلوا أنفسكم بسبب الملوك ولكن توبوا إلى وأطيعوني أعطفهم عليكم) فلو أن هيئة أو حزبا ناله من عبد الناصر ما نال الإخوان المسلمين لقضوا وقتهم كله انشغالا بمن ظلمهما أو اعتدى عليهما أما الإخوان المسلمون فقد خلفوا كل ما أصابهم دبر آذانهم، وأقبلوا على الله يستغفرون ويسبحون ويحمدون .. لعلمهم أن الظالم لم يظلمهم لعداء شخصي بينه وبينهم ولكنه أذاهم لتمسكهم بدين الله.
﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾
فتركوا الظالم لربه، فهو الكفيل وحده بالدفاع عن دينه وليهلكن الظالمين، هذا ما كان يفعله السلف الصالح مع من آذاهم جاء رجل إلى أحد السلف الصالحين يقول له: أن فلانا يشتمك فقال السلفي الصالح:
لأغيظن من عملك (يريد الشيطان) أذهب غفر الله لي ولك وله.
أننا سلفيون لأننا نطيع محمد صلى الله عليه وسلم لا نقول كما يقول غيرنا «الطاعة لمحمد والعبادات أما في المعاملات فللظروف حكمها ولتغير الأزمنة والأمكنة أثرها»
أننا نطيعه صلى الله عليه وسلم في أمور ديننا ودينانا لأن الله سبحانه وتعالى لما أمر بطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، جعلها طاعة مطلقة غير مقيدة بأي تخصيص وما دام اللفظ جاء في القرآن مطلقا فلا يصح تقييده هذا قول أرباب الأصول وهم أولى بالاستماع منا لهم لا لهؤلاء المحدثين العقليين الذين لا يصلون إلى مستواهم لا علما ولا فهما ولا ذكاء ولا تخريجا ولا استنباطا ولا تقي ولا إخلاصا لقد أمرنا الله تعالى بطاعة الرسول عليه الصلاة والسلام في عشرات الآيات من كتابه الكريم..
﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾
﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾
﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾
﴿إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ﴾
﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾
﴿ يأيها الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾
﴿وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ﴾
﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾
﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾
﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا﴾
وغير ذلك كثر وحق له ذلك صلى الله عليه وسلم لأن الله جل جلاله قال عنه:
﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى﴾…
أليس هذا سلوك السلفيين؟
إن الإخوان كسلفيين يتعاملون ويتاجرون ويحذرون ويتقون الأضرار والمؤذيات ويتخذون الأسباب طاعة لأوامر الله تعالى لا اعتقادا منهم أن الأسباب فعالة بذاتها ولكنهم يستعينوا على قضاء حوائجهم بالأسباب وقد قال أحد السلف الصالح (إن الالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد وجحد الأسباب أن تكون أسابا نقص في العقل والإعراض عن الأسباب بالكلية قدح في الشرع بل العبد يجب أن يكون توكله ودعاؤه وسؤاله ورغبته إلى الله تعالى والله يقدر له من الأسباب ومن دعاء الخلق وغيرهم ما يشاء) وعلى هذا الأساس يسير الإخوان المسلمون في كل ما يضربون بل في الأرض فألا يكون الإخوان المسلمون بعد ذلك سلفيين؟ ينتظم العالم الإسلامي في فقهه ومجادلاته وعباداته ثلاث مذاهب ينضوي تحت كل واحد منها العديد من الفرق من كل نوع:
1-أصحاب الكلام وتدور فهو مهم حول الوجود والعدم وقضايا التصديق وعدمه، ويرمون من وراء ذلك إلى التصديث والعلم.
2-والصوفيون أصحاب الإشارات والمكاشفات والاستغراق والفناء وتدور أبحاثهم حول المحبة والعشق والإدارة والمشيئة فهم يحيون في عالم الانقياد والجري وراء الإرادة.
3-أهل الإيمان وهم وسط بين هؤلاء وهؤلاء يجمعون بين التصديق الواقع المتلبس بالسعي والعمل الفعلي وبين المحبة والشوق الذي يؤثر في الواقع العملي بروح المحبة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو إذا صدقوا بما جاء عن ربهم ونبيهم عليه الصلاة والسالم فإنما يصدقون عن علم ثبت لديهم صحته بالأدلة العقلية والنقلية ويترتب على ذلك أنهم إذا عملوا فإنهم يعملون عن علم لا عن توهم وإذا أحبوا فإنما يحبون عن شعور صادق قام على تثبيت وتبين لا عن هوى وانجراف.
وهذا الصنف الأخير هو رأي السلف الصالح ومن اتبع طريقهم حتى هذا العصر الذي نحياه والإخوان المسلمون في هذه البوتقة التي تصفى ناصع الدين من كدورات الهوى وتخبطات العقل البشر هم كلهم كذلك يؤمنون بأن الله ما أودع العقل في الراس إلا ليحاسب عباده بمقتضاه فهم يحكمون عقولهم عند الفصل بين النافع والضار وتبين طريقهم الذي يسرون خلاله في دعوتهم هذه وفي نفس الوقت يحبون الله ورسوله إلى الحد الذي يقدمون فهي محاب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم على محابهم مهما جذبهم الهوى إليها أنهم لا يعرضون أوامر الله على عقولهم ليقبلوا أو يرفضوا ولكن كلامهم وأحكامهم وتصرفاتهم قال الله تعالى وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن أراد أن يعتبرهم بهذا الميزان سلفيين فليحكم ومن أراد ا، يعتبرهم غير ذلك فليحكم وليتحمل كل صاحب رأي فيهم تبعة رأيه أمام أحكم الحاكمين وأعد العادلين أما هم فهم سلفيون صدقهم الناس أم لم يصدقوهم.
فما لذلك في موازينهم من حسبان إنما الأمر الذي يهمهم حقا هو رضاء الله عنهم إن هداهم إلى صراطه المستقيم ولو أن كل جماعة من الناس جنبت رأي الناس وحرصت على رضاء الله وحده لزالت كل هذه الويلات التي تحل بالعالم بسبب انتصار كل لرأيه بالحق أو بالباطل ولكن ما العمل..
﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ﴾
وهناك حقيقة شرعية دينية يجب أن نثبتها جميعا نحن نلتذذ بشيء ونتألم من غيره نأكل أشياء ونشرب أشياء ولا نأكل أشياء ولا نشرب أشياء ويؤذينا شيء ولا يؤذينا غيره ولا ينفعنا هذا أو يضرنا ذاك أن التفرقة بين هذا كله، لن تكون سليمة إلا ذا استعنا بشرع الله وطبقنا ليساعدنا في التمييز بين هذا وذاك ولم نجعل لعملنا دور في هذا التمييز.
﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾
وإذا أطعنا الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فلنكن على ثقة أكيده واضحة أننا نطيع ونتصرف عبادة لله تعالى
﴿ إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ﴾
وهكذا وقف الإخوان المسلمين عن الأمة الوسط بين التغالي في تطبيق العبادات والمعاملات وبين هجرها والبعد عنها فلا سرف ولا إسراف ولا إفراط ولا تفريط..
﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾…
ويتحدث الإمام ابن تيمية عن بعض آراء السلف فيقول أن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ واليه يعود، والإمساك عما شجر بين الصحابة وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم من الحقوق والواجبات ما يجب رعايتها فإن الله جعل لهم حقا في الخمس والفيء وأمر بالصلاة عليهم مع الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم) والإخوان المسلمون لهذا المعنى ملتزمون وهو يؤمنون بأن لله أولياء حقا فقد ثبت بصريح نص كتاب الله..
﴿أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ …
وقد قال الإمام ابن تيمية وهو سلفي ملتزم في كتابه «العقيدة الوسطية» (أن من أصول أهل السنة والجماعة التصديق بكرامات الأولياء وما يجري الله على أيديهم من خوارق العادات في العلوم والمكاشفات وأنواع القدرة والتأثيرات) كما يقول الإمام النووي (أن في الحديث كرامة الأولياء وهو مذهب أهل السنة خلافا للمعتزلة) شرح النووي على صحيح مسلم جـ4 ص 755.
وحتى لا أجعل لصاحب هوى مدخلا في هذا الذي أقول، أقول أن أولياء الله في حسي وفهمي هم الذين يعرفون حق الله تعالى عليهم وحق دينهم وحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وحق المسلمين وغيرهم عليهم وحق أنفسهم عليهم ليس أولياء الله هم الغارقون في الصلاة المتفانون في الصيام الموسعون في الزكاة الملتزمون بالحج عاما بعد عاما فحسب ولكنهم الذين يصفهم الحديث القدسي إذا يقول (يقول الله تبارك وتعالى: ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإن أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي عليها)
صحيح مسلم جـ5 ص 244 أن من يتمتع بهذه القدرة الربانية يستطيع أن يفعل العجائب وفي البخاري حديث صحيح يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يقول الله تبارك وتعالى: من عادى لي وليا فقد بارزنني بالمحاربة، وما تقرب عبدي إلي بمثل ما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذبي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي ولئن سألني لا أعطينه ولئن استعاذ بي لأعيذنه، وما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض نسي عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته ولابد له منه).ويروي سعيد ابن جبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل من هم أولياء الله فقال (الذين يذكر الله برؤيتهم) القرطبي ص3196 وزيادة في الإيضاح وحتى لا يكون هناك شك في موقفالإخوان المسلمين من أولياء الله فإنهم يعتقدون أن أولياء الله هم الذين يكثرون من حسناتهم لأنها وحدها التي تدخل معهم قبورهم وأنهم الذين يدفعون الهوى عن أنفسهم في جد وحرارة حتى تستقر عند طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وأنهم الذين يوجهون كل ما في حوزتهم من جهد وطاقة وصحة ووقت وال إلى الله تعالى لأن ما عنده يبقى وكل شيء فإن إلا وجهة الكريم وأنهم الذين يحرصون على التقوى أملا مهم أن يكونوا عند الله من عباده المكرمين وأنهم هم الذين يتركون عداوة الخلق فيما هو من عرض الدنيا، لأن الله قسم بين الناس معيشتهم وأنهم هم الذين يعادون الشيطان ويحذرون أحابيله لأن أول أعداء آدم وبنيه ولأنهم هم الذين يتوكلون على الله حق توكله.
إن الإخوان المسلمين لسلفيتهم الواضحة في أهانهم لا يكفرون مسلما إلا إذا توفر لديهم على سبيل القطع أنه قد أتى من الأعمال أو الأقوال ما لا يحتمل ألا الكفر حسب شريعة الله تعالى فقد قرأوا أن تابعا اسمه أبو العالية سأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معنى قوله تبارك وتعالى.
﴿إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ﴾
فأجابوه أن كل من يعصي الله فهو جاهل وكل من تاب من قريب فارتاحت نفوسهم إلى هذا المعنى الجميل فلم يتسرعوا بالكفر على أحد أن الله تواب فعلى من يتوب؟؟ على الصالحين المستقيمين أم على العصاة المذنبين؟ فهل نخرج التوبة من صفات الله.؟ وهو غفار فلمن يغفر؟ للطائعين الملتزمين أم للمنحرفين الخطائين؟ فهل نعطل صفة الغافر الغفور الغفار؟ أم ندعها تعمل عملها الرحيم؟ لمثل هذا يحتذي الإخوان المسلمون خطى السلف الصالح ومن لم يفعل ذلك فليس بسلفي مهما أدعى هذه الصفة لنفسه.
السلف رضوان الله عليهم، فسموا الأقوال نوعين: نوع ثابت عن الرسل والأنبياء فهم يقبلونه كما هو ويثبتونه ولا يردونه حتى ولو لم توافق عليه عقولهم أنهم يعلمون أن الرسل والأنبياء معصومون فيما يبلغونه عن الله تعالى فينبغي عدم أ‘مال عقولنا فيما صح عنهم ولا نتردد في التزامه والنوع الآخر ليس منقولا عن الرسل والأنبياء فهذا من حقنا أن نعمل عقولنا فيه قائلين كما قال أسلافنا: كل كلام يؤخذ منه أو يرد إلا قول المصطفى عليه الصلاة والسلام فأننا نقف عنده طائعين منفذين لأن الأعمال إما عبادات وهي لا يشرع فيها إلا الله وحده. وإما عادات والأصل فيها ألا نبتعد إلا عن كل ما أمرنا الله باجتنابه هذا هو الأصل السليم.؟ فالزاني المحصن يرجم حتى الموت وليس بكافر لأنه قد يكون قد تاب توبة لو وزعت على الكثير من غير المذنبين لوسعتهم وكذلك شارب الخمر والسارق لو أنهم كفروا بمعصيتهم لاعتبرهم الشرع مرتدين وحكم بقتلهم لردتهم وهكذا وليس هذا فحسب بل أن الذنوب نفسها لا توجب دخول النار على الإطلاق إلا إذا لم يوجد المانع من دخول النار بسببها ومن هذه الموانع التوبة والاستغفار والحسنات والدعاء والصدقات وما إلى ذلك.
وجماع القول أن الإخوان المسلمين سلفيون من كل قلوبهم وجوارحهم أقوالهم وأفعالهم الطاهرة منها والباطنة ويأخذون من كتاب الله تعالي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ومن أحاديث رسولهم صلى الله عليه وسلم الصحيحة فقد جاء في البخاري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاما فذكر بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار منازلهم حفظ ذلك من حفظة ونسيه من نسيه.
«أي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ترك شيئا من تبليغ هذا الدين لأمته إننا نؤمن بأسماء الله تعالى وصفاته كما وردت أبتعادا عن المعطلة ولا نبحث عن الكيف اجتنابا للمثلة والمشبهة» وقد ضرب أحد أسلافنا مثلا سهلا مقبولا فقال: ممن يسافر إلى مكة مثلا أليس كل ما أقترب منها خطوة كانت هي أقرب إليه من قبل تلك الخطوة أي اقتربت منه فهل ننكر أن الله سبحانه وتعالى إذا تقربنا منه شبرا تقرب منا ذراعا مؤمنين بهذا الاقتراب منه دون أن نتطرق إلى كنهه وكيفيته.
وليس معنى ما تقدم أنني وفيت الموضوع حقه، ولا تحدثت عن رأي السلف كله، ولكنها إلمامة وأن كانت موجزة وهذا مجمل ما يقتضيه المقام، أسأل الله أن يلهم الجميع الصدق والإخلاص ونحن لا نطلب من أحد أن يرضى عنا الله ولكن لنجنب إخواننا وزر التجني على هيئة يعبد أفرادها ربهم كما عبده أسلافهم المبرزين الصالحين.
مما يعين الإخوان المسلمين على جهادهم الطويل محاسبة أنفسهم فيخصص كل أخ لنفسه ساعة قبل النوم يحاسب فيها نفسه يسألها ماذا فعل في يومه فإن رجحت كفة حسناته على كفة سيئاته سعد وحمد الله على ما وفقه إليه من خير وضاعف الجهد لتكثير حسناته وإن رأى غير ذلك تألم وتاب واستغفر به تعالى وعاهده على الإنابة واستئناف عمل الخير حتى يكون غده خيرا من يومه وأمسه. أنهم يعلمون أنهم إذا حاسبوا أنفسهم في دار العمل خيرا لهم أن يحاسبهم الله تعالى يوم الحساب ولهذا يهون عليهم كل ما يبدلون في هذه الدار التي عما قليل تنقضي..
الإخوان المسلمين يحذرون الانقطاع عن الله لحظة فلا ترى منهم ظاهرا يخالف باطنا لا فرق بين الحالتين فلا يتبادرون إلى التافه تاركين الثمين أنهم على طاعة الله تعالى حريصون ملتزمين هذا السلوك تعلقت قلوبهم بصاحب الشأن فهم ناظرون إليه جل شأنه دائما وأبدا أنهم مشمرون عن ساعد الجد في الطلعات صابرين صبر الكرام على ما أراد الله تعالى أن يختبرهم به.
﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأمْوَالِ وَالأنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾
أجل أنهم يريدون الفوز بصلاة الله عليهم ورحمته وحلاوة الهداية وهم فوق ذلك يصونون كرامتهم عن الابتذال فلا يطرقون إلا باب من لا يرد عن بابه الطارقين سبحانه وتعالى من أجل ذلك عزوا وسادوا وهم أقل الناس مالا وأنني إذا عدت إلى نفسي أوقفتها أمام ربها أيقنت أن هذا المنعم المتفضل ذو الجلال والإكرام من الإثم كل الإثم أن يغفل مخلوق عن صاحب الفضل عليه طرفة عين أرأيت الإخوان المسلمين في هذا الدين؟ لقد تعلمت هذا منهم ويا ليتني أدركه معهم فأكون من الفائزين ولكن هل تغنى لعل وعسى وليت؟
إن الدأب والتشمير سلوك لا يخفى على أحد ممن يعرفون الإخوان المسلمين أنهم لذووا جلد وتحمل في العمل لا يحظى به الأكثرون أنهم يغالبون التعب فإن فاجأهم غالبوه بالنعاس والتهويم يجدون في هنيهاته راحة وتعويض وليسوا في هذا بمبتدعين، ولكنهم قرأوا أن عمر بن الخطاب كان ينعس وهو جالس فقيل له يا أمير المؤمنين ألا تنام؟ قال كيف أنام؟ إن نمت بالنهار ضيعت أمور المسلمين وإن نمت بالليل ضيعت حظي من الله عز وجل . أ. ه.
أتريد أن تحظى ذاك الجلال، ألا فهيا إلى صفوفهم فبايع كما بايعوا ثم وفي كما وفوا فلن يفوتك من الخير إلا النذر اليسير لاستحالة الكمال على البشر.
أنهم لا يضمرون للناس جميعا إلا الخير لا يدعون بالشر على الناس ولكنهم يدعون لهم بالخير والهدى والرشاد أنهم لا يسألون الخير لأنفسهم على حساب الغير ولكنهم يحبون الخير لغيرهم كما يحبونه لأنفسهم ليكمل إيمانهم فهم لا يهمسون إلا بهذا الدين ولا يعيشون إلا من أجله ولا يعيشون إلا من أجله.
ولا يعملون إلا في سبيله وليس هذا خاصا بهم بل هو حصيلة كل من أسلم وجهه لله تعالى دون غيره..
﴿قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ﴾ ………
أنهم إذا نزل بالناس كرب، سارعوا إلى معونتهم ما استطاعوا مهما بعدت المسافات أليس أولئك مسلمين مثلهم؟ إن المسلم لا يعيش لنفسه ولكنه يعيش لمجتمعه المسلم يفكر في صالح المجتمع قبل أن يفكر في صالحه هو خاصة فكيف بمجتمع هذا شأن أفراده؟
صلة الإخوان المسلمين بالله تعالى
إن للإخوان المسلمين ضربا من السلوك بزوا فيه غيرهم وازنوا بين الأهل والمال والولد وبين ما يجب لله عليهم فآثروا ما عند الله على ما عندهم في معتقل مزرعة طره كان أحد البارزين في أحد الأحزاب معتقلا معهم وفي يوم جلس هذا الرجل الحزبي الموطأ الكنف إلى أحد الإخوان وقال له: هل لي أن أسألك سؤالا محرج فلا تغضب.
قال الأخ: لن أغضب قال الرجل: هل أنت إنسان فيك مشاعر ولك إحساس كسائر البشر؟ قال الأخ أجل ولكن لماذا تسأل هذا السؤال؟ قال الرجل: أراك تقف على باب زنزانتك تستقبل العدس المليء بالحصى في ترحاب، كأنك تستقبل ديكا روميا أو حماما مشويا أو ملوخية بالسمان أو الجمبري وأين إحساسك بأهلك بولدك بزوجك… وبيتك؟ قال الأخ في منتهى البساطة: أننا نحب ما ذكرت بأعم ما يحب إنسان هذه الذوات ولكننا وازنا بين كل هذه المحاب وبين رضا الله، فكان سلوكي أن لا أوازن بين أمرين لا مجال للموازنة بينهما فآثرنا ما عند الله تعالى على كل شيء في هذا الوجود فأنزل الله سكينته علنيا ووعدنا فتحا قريبا وأنا في عدة مع هذا الفرج هذا هو سلوك الإخوان المسلمين في مواجهة الصعاب أن نفوس المسلمين تشفق على يوم حسابهم أكثر مما تشفق على أهلها ترقبا ليوم معادها فأمس قد مضى واليوم جد وعمل وغدا لا تدري ما الله تعالى فاعل بنا فيه…
﴿هُنَالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا﴾
إن سلوك الإخوان المسلمين سلوك من لا يغضب إلا لما يستحق الغضب من عصيان الله تعالى ويضنون بكلامهم أن يبعثر في غير نفع وهم أمناء على ما يؤتمنون عليه سرا كان أو وديعة كما أنهم لا يثقون إلا بمن فيه أنه أهل للثقة كما أنهم على نور من ربهم يعرفون به صديقهم من عدوهم.
الإخوان المسلمون سلفيون ملتزمون
هم يعلمون أن ما هم عليه، ويدينون به، رسالة وصلت إليهم عن محمد صلى الله عليه وسلم والتي أوصلها إليه جبريل الأمين عليه السلام بعد ما أوحى بها إليه رب العالمين تبارك وتعالى.
أيقنوا بهذا فعرفوا أن الأمر كله يشاء وينهى عما يشاء أي أن التصريف متروك له وحده.. سبحانه وتعالى، ولا دخل للعقل مطلقا في هذا المجال لأن هذا فعل الأولوهية وقدرتها وعلمها وحكمتها دون أن يعرض شيء مما قضى الله تعالى على العقل البشري ليصدر فيها حكما بالرفض أو القبول فلا يجوز الإنسان كمل عقلة أن يتردد فيما قضى الله بالتحليل أو التحريم هذه هي خصائص الألوهية الواحدة التي لا شريك فيها وهذا ما يأخذ به الإخوان أنفسهم أما القائلون بأن ما أحل الله تعالى هو أمر ارتضاه العقل وأن ما حرمه هو أمر نفر منه العقل فقول مردود على أصحابه لا يقيم له الإخوان المسلمين وزنا في منهاجهم السلفي الذي أخذوا به عن أسلافهم الكرام ذلك لأن كل صاحب فطنة أريب يؤمن أن العقول ليس متساوية في الإدراك وليست متشابهة في التقدير بل أن ما يراه زيد حسنا قد يراه عمرو قبيحا وما يتقبله عقل يرفضه آخر. بل وأكثر من هذا فإن العقل البشري قد يستحسن شيئا حينا يغير حكمه يغير حكمه عليه في حين آخر.
فلو ترك الحكم على الأشياء للعقل البشري وحده لتناقض الناس مع بعضهم البعض بل ومع أنفسهم تناقضا بعيدا، لا يصلح عليه منهاج الحياة أبدا والواقع خير شاهد على ذلك ألم تسمع أن مجلس العموم البريطاني قد قرر أخيرا أن الشذوذ الجنسي أمر مباح لا عقاب عليه وبريطانيا دولة متحضرة كما يعمون فهل أخذت الدول المتحضرة الأخرى بهذا التخريف والشذوذ الذهني؟ فيكف يمكن إذا أن يتفق الناس على أمر أنه حلال مطلقا، وأن أمرا غير حرام محضا؟ وهذا هو مدى جهدهم العقلي فلا مناص إذا من الرجوع إلى الله تعالى وحده في مجال الحل والحرمة وهذا هو ما التزم به الإخوان المسلمون منذ أن قام بهذه الدعوة السلفية أمامنا الشهيد المرشد العام الأسبق فضيلة الأستاذ الشيخ حسن البنا مؤسس الحركة وأستاذ الجيل غير مدافع أما الذين يشككون في هذا المنهج فهم أول من يعرف أن الإخوان المسلمين سلفيون ولكنه لهوى في أنفسهم باعد بينهم وبين الصواب، لم يجدوا شيئا يرمون به الإخوان المسلمين إلا أنهم غير سلفيين مع ذلك فإن الإخوان المسلمين لمذهبهم السلفي، لا يلقون الناس بما يلقاه به بعضهم…
﴿وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا﴾
ولأنهم على التحقيق…
﴿وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا﴾ …..
ومن عجيب أمر هؤلاء الذين يحكون العقل، ويأخذون بحكمة إذا تعارض مع حديث شريف من عجيب أمر هؤلاء الذين يريدون أن يطوعا القرآن وآياته المحكمة والسنة بأحاديثها القطيعة الدلالة والثبوت من عجيب أمر هؤلاء (لو قبلنا هذا التجني على الكتاب والسنة) أنهم إذا نسوا أن من يريد أن ينجو نحوهم لابد وأن تتوفر له شروط قاطعة حتى يعطي لنفسه هذا الحق (الذي لا يقره عليه أي مسلم) (عن طواعية واختيار وفهم واقتناع) من هذه الشروط اللازمة على وجه القطع واليقين:
أولا: معرفة كاملة شاملة باللغة العربية، وأسرارها ومدلولاتها ومعانيها الظاهرة والخفية وهذا أمر لم ولن يوجد في إنسان طوال هذه القرون المتأخرة حتى اليوم.
ثانيا: أن يكون ضليعا في التفرقة بين العام والخاص وأن يكون خبيرا بالفرق بين المطلق والمقيد ودلالات الإطلاق من النصوص والتقييد منها…
ثالثا: من ناحية علم المنطق أن يكون مؤهلا تماما للإحاطة بالمباينة بين المنطوق والمفهوم والمقتضى.
رابعا: أن يكون واسع العلم بالناسخ والمنسوخ وهو الأمر الذي يستوجب علما وافيا بهذه الناحية من كتاب الله الكريم وسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم.
خامسا: ولابد له أن يكون عالما بأسباب النزول في الآيات وورود الأحاديث الشريفة.
سادسا: الإحاطة الكاملة بعادات العرب الذين نزل القرآن بلغتهم وعادات مجتمعاتهم.
سابعا: أن يلم بمقاصد الشرع من التكليف وعلة تشريع الخالق لعباده.
ثامنا: أن يكون على درجة من العلم عند تعارض الأدلة ليصدر حكما أقرب ما يكون من الصواب عند تعارض الأدلة.
تاسعا: وهناك شروطا أكثر يعجز الإداراك عن الإحاطة بها فهل تتوافر كل هذه الشروط في واحد ممن يتعرض لما هو فوق طاقته وعلمه بمراحل؟ ومدى علمي أنها لم تتوفر لإنسان خلال القرون الأخيرة فهل اقتنع المتجنون على الإخوان المسلمين والذين يصفونهم بأنهم غير سلفيين؟ ومع ذلك فلماذا يكون النقاش بين الناس مجرد خلاف في الرأي لا يقوم إلا على اتهامات ومحاولات للانتقاص؟
أننا نأمل أن يلتفت الذين يهاجموننا إلى فهمهم الخاص فيصرفون أوقاتهم وجهودهم وتدعيمه ونشره بين الناس بالحجة الدامغة، والدليل القاطع فيجمعون الناس حولهم اقتناعا بما يقولون فذلك أنفع لهم، هدنا الله تعالى وإياهم سواء السبيل.
لن أكتفي بما قدمت ليعرف الناس أن الإخوان المسلمين سلفيون ملتزمون ولكن أسوق هنا بعض صور وسلوك الإخوان المسلمين:
أن الإخوان المسلمين يعرفون أن الله خلق الجن والإنس لعبادته هذه العبادة المؤدية إلى معرفته جلالا وعلوا وقدرة وتمكنا والتي تنتهي في خاتمة المطاف إلى الإنابة إليه.
﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ﴾
لأنه الأول والآخر والظاهر والباطن وكل شيء بإرادته ومرد الأمر إليه وإليه نرجع أجمعين ونحبه فوق ما نحبه فوق ما نحب أموالنا وأولادنا وأنفسنا التي بين جنوبنا مع الإخلاص كله والوقوف في ساحته لنكون على ذكر دائما منه، لتهدأ خواطرنا وتسعد أنفسنا التي بين جنوبنا مع الإخلاص كله، والوقوف في ساحته لنكون في ذكر دائما منه، لتهدأ خواطرنا وتسعد أنفسنا…
﴿أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ …
بذكره عرفوه وبالإنابة إليه دائما عبدوه.. قبل لابن عباس بم عرفت ربك؟ قال (من طلب دينه بالقياس، لم يزل دهره في التباس خارجا عن المنهاج وطاعنا في الاعوجاج عرفته بما عرف به نفسه، ووصفته بما وصف به نفسه). وهذا هو ما يعتقده الإخوان المسلمون لأنه جانب من جوانب السلفية.
فسلفية الإخوان المسلمين تظهر في معرفهم للحق، والتحدث عنه والعمل به والدفاع عنه والتضحية من أجله يجادلون كأسلافهم بالحسنى لأن هذا الأسلوب يقرب الحق إلى الأذهان ويميل بالنفس إلى الاقتراب منه ومن الطاعة لرب العالمين. هكذا كان يفعل السلف الصالح الذين كانوا يعرفون الله جل وعلا. وهذا حق لأن المسلم بقدر ما يعرف الله تعالى مهابته وجلاله. بقدر ما يحرص على الرهبة من هذه الهيبة وبقدر ما يرعى جانب الجلال…
﴿تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ﴾
فأعرف الناس بالله أحبهم له وأخشاهم له. ألا ترى أن الحديث الشريف الصحيح يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم (وزنت بالأمة فرجحت، ثم وزن أبو بكر بالأمة فرجح ثم وزن أبو بكر بالأمة فرجح ثم وزن عمر بالأمة فرجح ثم رفع الميزان). ويقول عليه الصلاة والسلام: (أما والله أني لأخشاكم لله واتقاكم له)… جزء من حديث أنس رضي الله عنه. كسلفيين يؤمن الإخوان المسلمون بأسماء الله الحسنى كما هي ويؤمنون بصفاته كما هي وإرادة في القرآن بلا تعطيل كالمعطلة ولا مشبهين كالمجسمين الذين يدعون أن يد الله جل وعلا كأيدينا وعينه كأعيننا حاشاه عما يقولون وتعالى علوا كبيرا..
﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾
أننا نقول أنه استوى على العرش كما قال مالك بن أنس (الاستواء معقول والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة).
أننا سلفيون حتى في روحانيتنا وسلوكنا على هذا النحو الذي جاء في الآثار ما معنا (يقول الله أنا الله لا إله إلا أنا ملك الملوك قلوب الملوك ونواصيها بيدي فمن أطاعني جعلت قلوب الملوك عليه رحمة، ومن عصاني جعلتهم عليه نقمة فلا تشغلوا أنفسكم بسبب الملوك ولكن توبوا إلى وأطيعوني أعطفهم عليكم) فلو أن هيئة أو حزبا ناله من عبد الناصر ما نال الإخوان المسلمين لقضوا وقتهم كله انشغالا بمن ظلمهما أو اعتدى عليهما أما الإخوان المسلمون فقد خلفوا كل ما أصابهم دبر آذانهم، وأقبلوا على الله يستغفرون ويسبحون ويحمدون .. لعلمهم أن الظالم لم يظلمهم لعداء شخصي بينه وبينهم ولكنه أذاهم لتمسكهم بدين الله.
﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾
فتركوا الظالم لربه، فهو الكفيل وحده بالدفاع عن دينه وليهلكن الظالمين، هذا ما كان يفعله السلف الصالح مع من آذاهم جاء رجل إلى أحد السلف الصالحين يقول له: أن فلانا يشتمك فقال السلفي الصالح:
لأغيظن من عملك (يريد الشيطان) أذهب غفر الله لي ولك وله.
أننا سلفيون لأننا نطيع محمد صلى الله عليه وسلم لا نقول كما يقول غيرنا «الطاعة لمحمد والعبادات أما في المعاملات فللظروف حكمها ولتغير الأزمنة والأمكنة أثرها»
أننا نطيعه صلى الله عليه وسلم في أمور ديننا ودينانا لأن الله سبحانه وتعالى لما أمر بطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، جعلها طاعة مطلقة غير مقيدة بأي تخصيص وما دام اللفظ جاء في القرآن مطلقا فلا يصح تقييده هذا قول أرباب الأصول وهم أولى بالاستماع منا لهم لا لهؤلاء المحدثين العقليين الذين لا يصلون إلى مستواهم لا علما ولا فهما ولا ذكاء ولا تخريجا ولا استنباطا ولا تقي ولا إخلاصا لقد أمرنا الله تعالى بطاعة الرسول عليه الصلاة والسلام في عشرات الآيات من كتابه الكريم..
﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾
﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾
﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾
﴿إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ﴾
﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾
﴿ يأيها الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾
﴿وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ﴾
﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾
﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾
﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا﴾
وغير ذلك كثر وحق له ذلك صلى الله عليه وسلم لأن الله جل جلاله قال عنه:
﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى﴾…
أليس هذا سلوك السلفيين؟
إن الإخوان كسلفيين يتعاملون ويتاجرون ويحذرون ويتقون الأضرار والمؤذيات ويتخذون الأسباب طاعة لأوامر الله تعالى لا اعتقادا منهم أن الأسباب فعالة بذاتها ولكنهم يستعينوا على قضاء حوائجهم بالأسباب وقد قال أحد السلف الصالح (إن الالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد وجحد الأسباب أن تكون أسابا نقص في العقل والإعراض عن الأسباب بالكلية قدح في الشرع بل العبد يجب أن يكون توكله ودعاؤه وسؤاله ورغبته إلى الله تعالى والله يقدر له من الأسباب ومن دعاء الخلق وغيرهم ما يشاء) وعلى هذا الأساس يسير الإخوان المسلمون في كل ما يضربون بل في الأرض فألا يكون الإخوان المسلمون بعد ذلك سلفيين؟ ينتظم العالم الإسلامي في فقهه ومجادلاته وعباداته ثلاث مذاهب ينضوي تحت كل واحد منها العديد من الفرق من كل نوع:
1-أصحاب الكلام وتدور فهو مهم حول الوجود والعدم وقضايا التصديق وعدمه، ويرمون من وراء ذلك إلى التصديث والعلم.
2-والصوفيون أصحاب الإشارات والمكاشفات والاستغراق والفناء وتدور أبحاثهم حول المحبة والعشق والإدارة والمشيئة فهم يحيون في عالم الانقياد والجري وراء الإرادة.
3-أهل الإيمان وهم وسط بين هؤلاء وهؤلاء يجمعون بين التصديق الواقع المتلبس بالسعي والعمل الفعلي وبين المحبة والشوق الذي يؤثر في الواقع العملي بروح المحبة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو إذا صدقوا بما جاء عن ربهم ونبيهم عليه الصلاة والسالم فإنما يصدقون عن علم ثبت لديهم صحته بالأدلة العقلية والنقلية ويترتب على ذلك أنهم إذا عملوا فإنهم يعملون عن علم لا عن توهم وإذا أحبوا فإنما يحبون عن شعور صادق قام على تثبيت وتبين لا عن هوى وانجراف.
وهذا الصنف الأخير هو رأي السلف الصالح ومن اتبع طريقهم حتى هذا العصر الذي نحياه والإخوان المسلمون في هذه البوتقة التي تصفى ناصع الدين من كدورات الهوى وتخبطات العقل البشر هم كلهم كذلك يؤمنون بأن الله ما أودع العقل في الراس إلا ليحاسب عباده بمقتضاه فهم يحكمون عقولهم عند الفصل بين النافع والضار وتبين طريقهم الذي يسرون خلاله في دعوتهم هذه وفي نفس الوقت يحبون الله ورسوله إلى الحد الذي يقدمون فهي محاب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم على محابهم مهما جذبهم الهوى إليها أنهم لا يعرضون أوامر الله على عقولهم ليقبلوا أو يرفضوا ولكن كلامهم وأحكامهم وتصرفاتهم قال الله تعالى وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن أراد أن يعتبرهم بهذا الميزان سلفيين فليحكم ومن أراد ا، يعتبرهم غير ذلك فليحكم وليتحمل كل صاحب رأي فيهم تبعة رأيه أمام أحكم الحاكمين وأعد العادلين أما هم فهم سلفيون صدقهم الناس أم لم يصدقوهم.
فما لذلك في موازينهم من حسبان إنما الأمر الذي يهمهم حقا هو رضاء الله عنهم إن هداهم إلى صراطه المستقيم ولو أن كل جماعة من الناس جنبت رأي الناس وحرصت على رضاء الله وحده لزالت كل هذه الويلات التي تحل بالعالم بسبب انتصار كل لرأيه بالحق أو بالباطل ولكن ما العمل..
﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ﴾
وهناك حقيقة شرعية دينية يجب أن نثبتها جميعا نحن نلتذذ بشيء ونتألم من غيره نأكل أشياء ونشرب أشياء ولا نأكل أشياء ولا نشرب أشياء ويؤذينا شيء ولا يؤذينا غيره ولا ينفعنا هذا أو يضرنا ذاك أن التفرقة بين هذا كله، لن تكون سليمة إلا ذا استعنا بشرع الله وطبقنا ليساعدنا في التمييز بين هذا وذاك ولم نجعل لعملنا دور في هذا التمييز.
﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾
وإذا أطعنا الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فلنكن على ثقة أكيده واضحة أننا نطيع ونتصرف عبادة لله تعالى
﴿ إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ﴾
وهكذا وقف الإخوان المسلمين عن الأمة الوسط بين التغالي في تطبيق العبادات والمعاملات وبين هجرها والبعد عنها فلا سرف ولا إسراف ولا إفراط ولا تفريط..
﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾…
ويتحدث الإمام ابن تيمية عن بعض آراء السلف فيقول أن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ واليه يعود، والإمساك عما شجر بين الصحابة وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم من الحقوق والواجبات ما يجب رعايتها فإن الله جعل لهم حقا في الخمس والفيء وأمر بالصلاة عليهم مع الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم) والإخوان المسلمون لهذا المعنى ملتزمون وهو يؤمنون بأن لله أولياء حقا فقد ثبت بصريح نص كتاب الله..
﴿أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ …
وقد قال الإمام ابن تيمية وهو سلفي ملتزم في كتابه «العقيدة الوسطية» (أن من أصول أهل السنة والجماعة التصديق بكرامات الأولياء وما يجري الله على أيديهم من خوارق العادات في العلوم والمكاشفات وأنواع القدرة والتأثيرات) كما يقول الإمام النووي (أن في الحديث كرامة الأولياء وهو مذهب أهل السنة خلافا للمعتزلة) شرح النووي على صحيح مسلم جـ4 ص 755.
وحتى لا أجعل لصاحب هوى مدخلا في هذا الذي أقول، أقول أن أولياء الله في حسي وفهمي هم الذين يعرفون حق الله تعالى عليهم وحق دينهم وحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وحق المسلمين وغيرهم عليهم وحق أنفسهم عليهم ليس أولياء الله هم الغارقون في الصلاة المتفانون في الصيام الموسعون في الزكاة الملتزمون بالحج عاما بعد عاما فحسب ولكنهم الذين يصفهم الحديث القدسي إذا يقول (يقول الله تبارك وتعالى: ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإن أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي عليها)
صحيح مسلم جـ5 ص 244 أن من يتمتع بهذه القدرة الربانية يستطيع أن يفعل العجائب وفي البخاري حديث صحيح يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يقول الله تبارك وتعالى: من عادى لي وليا فقد بارزنني بالمحاربة، وما تقرب عبدي إلي بمثل ما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذبي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي ولئن سألني لا أعطينه ولئن استعاذ بي لأعيذنه، وما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض نسي عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته ولابد له منه).ويروي سعيد ابن جبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل من هم أولياء الله فقال (الذين يذكر الله برؤيتهم) القرطبي ص3196 وزيادة في الإيضاح وحتى لا يكون هناك شك في موقفالإخوان المسلمين من أولياء الله فإنهم يعتقدون أن أولياء الله هم الذين يكثرون من حسناتهم لأنها وحدها التي تدخل معهم قبورهم وأنهم الذين يدفعون الهوى عن أنفسهم في جد وحرارة حتى تستقر عند طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وأنهم الذين يوجهون كل ما في حوزتهم من جهد وطاقة وصحة ووقت وال إلى الله تعالى لأن ما عنده يبقى وكل شيء فإن إلا وجهة الكريم وأنهم الذين يحرصون على التقوى أملا مهم أن يكونوا عند الله من عباده المكرمين وأنهم هم الذين يتركون عداوة الخلق فيما هو من عرض الدنيا، لأن الله قسم بين الناس معيشتهم وأنهم هم الذين يعادون الشيطان ويحذرون أحابيله لأن أول أعداء آدم وبنيه ولأنهم هم الذين يتوكلون على الله حق توكله.
إن الإخوان المسلمين لسلفيتهم الواضحة في أهانهم لا يكفرون مسلما إلا إذا توفر لديهم على سبيل القطع أنه قد أتى من الأعمال أو الأقوال ما لا يحتمل ألا الكفر حسب شريعة الله تعالى فقد قرأوا أن تابعا اسمه أبو العالية سأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معنى قوله تبارك وتعالى.
﴿إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ﴾
فأجابوه أن كل من يعصي الله فهو جاهل وكل من تاب من قريب فارتاحت نفوسهم إلى هذا المعنى الجميل فلم يتسرعوا بالكفر على أحد أن الله تواب فعلى من يتوب؟؟ على الصالحين المستقيمين أم على العصاة المذنبين؟ فهل نخرج التوبة من صفات الله.؟ وهو غفار فلمن يغفر؟ للطائعين الملتزمين أم للمنحرفين الخطائين؟ فهل نعطل صفة الغافر الغفور الغفار؟ أم ندعها تعمل عملها الرحيم؟ لمثل هذا يحتذي الإخوان المسلمون خطى السلف الصالح ومن لم يفعل ذلك فليس بسلفي مهما أدعى هذه الصفة لنفسه.
السلف رضوان الله عليهم، فسموا الأقوال نوعين: نوع ثابت عن الرسل والأنبياء فهم يقبلونه كما هو ويثبتونه ولا يردونه حتى ولو لم توافق عليه عقولهم أنهم يعلمون أن الرسل والأنبياء معصومون فيما يبلغونه عن الله تعالى فينبغي عدم أ‘مال عقولنا فيما صح عنهم ولا نتردد في التزامه والنوع الآخر ليس منقولا عن الرسل والأنبياء فهذا من حقنا أن نعمل عقولنا فيه قائلين كما قال أسلافنا: كل كلام يؤخذ منه أو يرد إلا قول المصطفى عليه الصلاة والسلام فأننا نقف عنده طائعين منفذين لأن الأعمال إما عبادات وهي لا يشرع فيها إلا الله وحده. وإما عادات والأصل فيها ألا نبتعد إلا عن كل ما أمرنا الله باجتنابه هذا هو الأصل السليم.؟ فالزاني المحصن يرجم حتى الموت وليس بكافر لأنه قد يكون قد تاب توبة لو وزعت على الكثير من غير المذنبين لوسعتهم وكذلك شارب الخمر والسارق لو أنهم كفروا بمعصيتهم لاعتبرهم الشرع مرتدين وحكم بقتلهم لردتهم وهكذا وليس هذا فحسب بل أن الذنوب نفسها لا توجب دخول النار على الإطلاق إلا إذا لم يوجد المانع من دخول النار بسببها ومن هذه الموانع التوبة والاستغفار والحسنات والدعاء والصدقات وما إلى ذلك.
وجماع القول أن الإخوان المسلمين سلفيون من كل قلوبهم وجوارحهم أقوالهم وأفعالهم الطاهرة منها والباطنة ويأخذون من كتاب الله تعالي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ومن أحاديث رسولهم صلى الله عليه وسلم الصحيحة فقد جاء في البخاري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاما فذكر بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار منازلهم حفظ ذلك من حفظة ونسيه من نسيه.
«أي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ترك شيئا من تبليغ هذا الدين لأمته إننا نؤمن بأسماء الله تعالى وصفاته كما وردت أبتعادا عن المعطلة ولا نبحث عن الكيف اجتنابا للمثلة والمشبهة» وقد ضرب أحد أسلافنا مثلا سهلا مقبولا فقال: ممن يسافر إلى مكة مثلا أليس كل ما أقترب منها خطوة كانت هي أقرب إليه من قبل تلك الخطوة أي اقتربت منه فهل ننكر أن الله سبحانه وتعالى إذا تقربنا منه شبرا تقرب منا ذراعا مؤمنين بهذا الاقتراب منه دون أن نتطرق إلى كنهه وكيفيته.
وليس معنى ما تقدم أنني وفيت الموضوع حقه، ولا تحدثت عن رأي السلف كله، ولكنها إلمامة وأن كانت موجزة وهذا مجمل ما يقتضيه المقام، أسأل الله أن يلهم الجميع الصدق والإخلاص ونحن لا نطلب من أحد أن يرضى عنا الله ولكن لنجنب إخواننا وزر التجني على هيئة يعبد أفرادها ربهم كما عبده أسلافهم المبرزين الصالحين.