التسامح عند الإخوان المسلمين
إن من قبيل سلوك الإخوان المسلمين، أنهم يتسامحون عند الإساءة ويتغافلون عن الخطأ والعاقل الفظن هو الذي يتغافل وهو ليس بالغافل وحبذا السلوك أنهم ذوو مروءة يضنون بها أن تمس أو تنال حتى أنهم لو علموا أن الماء البارد ينقص من مروءتهم ما شربوه وأكثريتهم لا يبحثون عن الماء البارد أنهم لا يلبسون الغالي من الثياب ولكنهم يلبسون أنظفها، وإن لم تكن أغلاها ولذلك من أجل سلوكهم حب الطيب اقتداء برسولهم عليه الصلاة والسلام فقد قرأوا عن الشافعي رضي الله عنه «أن من نظف ثوبه قل همه، ومن طاب ريحه زاد عقله» أرأيت ماذا تعلمت من الإخوان المسلمين.
شوق الإخوان المسلمين إلى لقاء الله تعالى
هناك سلوك تعبدي لا يقف عنده الكثيرون، لا شك أن كل مسلم سواء كان من الإخوان المسلمين أو لم يكن مهم يسأل الله أن يمتعه بالجنة وأن ينجيه من النار. وأن في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر كما يقول الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم ولكن هناك في الجنة متعة وسعادة فوق هذا كله، عندما يسأل الجليل سبحانه وتعالى أهل الجنة: هل من مطلب يحققه لهم فيكون جوابهم التحميد والتسبيح العرفان قائلين:
وماذا بقي لنا يا رب بعد ما أعطيتنا من هذا النعيم؟ فيتجلى عليهم البديع الباقي بطلعة جلاله وجماله فيروحون في غمرة النعيم والإيناس بما لا يستطيع فلم يوفيه حقه من النعمة والبهاء فجلال الله وماله فوق كل شي وفوق كل وصف بل وفوق كل تصور أو خيال. هذه صورة من صور الإخوان المسلمين وسلوكهم في عبادتهم يعلمون أن عز وجل أهل لأن يعبد وأن يعظم وأن تعنوا له الجباه، حتى وإن لم يكافئ بالجنة أو يعذب بالجحيم وقريب من هذا المعنى قول أحد الصالحين: ركعتان أصليهما أحب إلى من الجنة بما فيها فقيل له هذا خطأ فكان جوابه الرائع: فقد رأيت الجنة رضا نفسي وركعتين أصليهما رضا ربي تعالى ورضا ربي أحب إلي من رضا نفسي.
الحياء من عند الله
أنك لا تجد أخا مسلما يتجاهر بمعصية الله، أنه سلوك الأدب. وحتى لو كان في قدر الله أن يخطئ فإنه يتستر حتى لو استطاع التستر في نفسه لفعل حتى في طباعاتهم يتسترون ولا يحبون أن تظهر عبادتهم خوفا الرياء فهم يسترون في نوافلهم وف خطاهم أدبا وحياء والستر من الله مطلوب والله ستار وستير بفضله، ولا يفضح في الآخرة، وعلى ملأ العباد والملائكة من ستره في الدنيا ولذلك إذا ما طلبنا الستر من الله تعالى، فلا بد وأن يكون في أفهامنا لا طلب الستر وحده، ولكن طلب الستر مع طلب ما تحت الستر فقد يستر الله على ما لا يحب لأنه حليم ستار فمن الامتياز في النظر إلى جلال الله أن نطب ما يحبه هذا الستر عن الظهور.
معاملة الإخوان المسلمين لغيرهم
من سلوك الإخوان المسلمين ومعاملتهم للناس فاحترامهم للكبير وعطفهم على الصغير لا يبدون لذوي المكانة الاجتماعية لمكانتهم معاملة أفضل مما يقدمونه لأي إنسان حتى لا يرى في سلوكهم شي من النفاق غير أن هذا السلوك السليم قد لا يرضي بعض الناس الذين يتطلبون في معاملة الناس معهم سيئا يختصون به دون غيرهم ولكن ما ذنب الإخوان المسلمين ودينهم يطلب منهم ألا يفضوا مخلوقا على مخلوق لمكانته الاجتماعية وقد سبقهم السلف الصالح إلى هذا السلوك الإسلامي النبيل فقد جاء ابن سليمان بن عبد الملك فجلس جنب طاوس المعروف بزهده وورعه وتواضعه فلم يلتفت إليه قال أردت أن يعلم أن لله عبادا يزهدون بما في يديه
ولو أن المسلمين تعاملوا فيما بينهم بمثل هذا السلوك لما غرت أحدهم مكانته ولما علا بعضهم على بعض ولأنتظم حال الناس إلى حد بعيد، وإذا ما رأيت سلوك الإخوان المسلمين في الأرض عن الشهوات العاجلة انتظارا لموعد غيب لم يروه، فما ذلك إلا أنهم ينتظرون ليوم قريب لا يدرون ما الله فاعل بهم فيه. فحرصهم على غدهم الموقنون بمجيئه صرفهم عن زخرف حاضرن أنهم لا يطيلون الأمل لعلمهم بقرب الأجل وهذا السلوك يهون عليهم كل مصائب الدنيا بما فيها من معاناة وتعلمت منهم هذا فاسترحت في حياتي إلى حد بعيد ألست ترى معي أن أناسا موتى ما تزال القلوب تحيات بذكرهم وأن أحياء تعاف العيون النظر إليهم؟
قناعة الإخوان المسلمين
إن قناعة الإخوان المسلمين بما في أيديهم وعدم تطلعهم إلى ما في أيدي الغير من ذوي الجاه والثراء أعلمت هؤلاء الغير بأن الإخوان المسلمين لن يطلبوا منهم شيئا، ومن استغنى عن غنى فهو نظيره في الغنى ولا شك. ولقد ساوم بعض ذوي الجاه، بعض الإخوان بمالهم وجاههم فأعرض عنهم الإخوان أيما إعراض وقالوا لهم أننا بتعففنا أغنانا الله عمن سواه.
في أكتوبر سنة 1952 دعا رجال الانقلاب الأستاذ الهضيبي رحمه الله وأعضاء مكتب الإرشاد إلى عشاء في سلاح المهندسين بالحلمية. فدعاهم فضيلته بعد ذلك إلى عشاء في بيته وكنت أحضر ذلك العشاء وجلست كعادتي على مقربة من الباب وجاء عبد الناصر وقدم لي تحية فقبلتها وكنت أضع رجلا على رجل وكان مقتضى قواعد اللياقة أن أقف أو أن أنزل ساقي عن وضعها والرجل يقف أمامي وفي ثوان دارت معركة في خاطري أن ظللت جالسا فقد خالفت قواعد البروتوكول وإن وقفت فقد يظن البعض أني أقف لرئيس الوزراء نفاق لا لياقة فآثرت أن أكون مخالفا لقواعد اللياقة على أن يظن بي أني منافق وبقيت على حالتي وما أظن عبد الناصر قد نسى ذلك.
أداء النصيحة
إن الإخوان المسلمين لم يفتنهم حسن الطلعة عن المحافظة على دينهم وصيانة أعراضهم ولم يلفتهم حسن أخلاقهم عن الحرص على رسالتهم ولم يغراهم ثبات الأخوة فيما بينهم عن أداء الأمانة وأنها لمواقف ذلك فيها قدم الكثيرين ولكن مراقبتهم لجانب الله حمتهم من الانزلاق فظل للعفة عدهم قدرها وللديانة مكانها وللأمانة وفاءها وما ذلك بالشيء اليسير في عالمنا الذي نعيش فيه إلا لمن يسره الله تعالى عليه.
أنك ترى أن من ينكر على آخر تصرفه في أمر من الأمور، أن هذا الأخير يزور بسبب هذا الإنكار أما الإخوان المسلمون إذا أنكر عليهم أحد تصرفهم عادوا إلى أنفسهم يسألونها مكانة هذا التصرف من الإنكار فإن اطمأنوا إلى سلامة تصرفهم حمدوا لله تعالى على ما فيهم من خير ولم يجدوا في أنفسهم على من أنكر عليهم أما إن وجدوا الحق إلى جانب المعترض سارعوا إلى تصيح هذا الخطأ شاكرين حامدين، هل ترى أن هذا السلوك متوفر بين الكثيرين قد ترى أما أنا فلا أظن.
سلوك الإخوان المسلمين سلوك من يهتم بخواتيم الأعمال لأن كل عمل يحكم عليه بالخاتمة التي انتهى إليها أن خيرا فخير وأن غير ذلك فغير ذلك وعند الصباح يحمد القوى السرى.
وأنه لميزان دقيق في ضبط الأعمال فالمهندس المدني لا يسعد هو يضع التصميم ولا سعد وهو يراقب البنا ء يرتفع قدما ما بعد قدم ولكن عندما يتم البنا ء وشغله من أعد له هذا البنا ء هناك يسعد المهندس كل السعادة، ويحمد الله تعالى على ما أنعم عليه به من توفيق وسداد. والذي يقوم بأي عمل لا ينشرح صدره الانشراح كله إلا عندما يهنأ بنهاية العمل الذي أجهد نفسه من أجله من أجل هذا لا يرقب الإخوان المسلمون إلا خاتمة أعمالهم فحسب فهو المكافأة الكبرى لكل ما لاقوه من متاعب في سبيل الخاتمة ومن جهد ومعاناة.
محاسبة الإخوان المسلمين أنفسهم
مما يعين الإخوان المسلمين على جهادهم الطويل محاسبة أنفسهم فيخصص كل أخ لنفسه ساعة قبل النوم يحاسب فيها نفسه يسألها ماذا فعل في يومه فإن رجحت كفة حسناته على كفة سيئاته سعد وحمد الله على ما وفقه إليه من خير وضاعف الجهد لتكثير حسناته وإن رأى غير ذلك تألم وتاب واستغفر به تعالى وعاهده على الإنابة واستئناف عمل الخير حتى يكون غده خيرا من يومه وأمسه. أنهم يعلمون أنهم إذا حاسبوا أنفسهم في دار العمل خيرا لهم أن يحاسبهم الله تعالى يوم الحساب ولهذا يهون عليهم كل ما يبدلون في هذه الدار التي عما قليل تنقضي..
الإخوان المسلمين يحذرون الانقطاع عن الله لحظة فلا ترى منهم ظاهرا يخالف باطنا لا فرق بين الحالتين فلا يتبادرون إلى التافه تاركين الثمين أنهم على طاعة الله تعالى حريصون ملتزمين هذا السلوك تعلقت قلوبهم بصاحب الشأن فهم ناظرون إليه جل شأنه دائما وأبدا أنهم مشمرون عن ساعد الجد في الطلعات صابرين صبر الكرام على ما أراد الله تعالى أن يختبرهم به.
﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأمْوَالِ وَالأنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾
أجل أنهم يريدون الفوز بصلاة الله عليهم ورحمته وحلاوة الهداية وهم فوق ذلك يصونون كرامتهم عن الابتذال فلا يطرقون إلا باب من لا يرد عن بابه الطارقين سبحانه وتعالى من أجل ذلك عزوا وسادوا وهم أقل الناس مالا وأنني إذا عدت إلى نفسي أوقفتها أمام ربها أيقنت أن هذا المنعم المتفضل ذو الجلال والإكرام من الإثم كل الإثم أن يغفل مخلوق عن صاحب الفضل عليه طرفة عين أرأيت الإخوان المسلمين في هذا الدين؟ لقد تعلمت هذا منهم ويا ليتني أدركه معهم فأكون من الفائزين ولكن هل تغنى لعل وعسى وليت؟
إن الدأب والتشمير سلوك لا يخفى على أحد ممن يعرفون الإخوان المسلمين أنهم لذووا جلد وتحمل في العمل لا يحظى به الأكثرون أنهم يغالبون التعب فإن فاجأهم غالبوه بالنعاس والتهويم يجدون في هنيهاته راحة وتعويض وليسوا في هذا بمبتدعين، ولكنهم قرأوا أن عمر بن الخطاب كان ينعس وهو جالس فقيل له يا أمير المؤمنين ألا تنام؟ قال كيف أنام؟ إن نمت بالنهار ضيعت أمور المسلمين وإن نمت بالليل ضيعت حظي من الله عز وجل . أ. ه.
أتريد أن تحظى ذاك الجلال، ألا فهيا إلى صفوفهم فبايع كما بايعوا ثم وفي كما وفوا فلن يفوتك من الخير إلا النذر اليسير لاستحالة الكمال على البشر.
أنهم لا يضمرون للناس جميعا إلا الخير لا يدعون بالشر على الناس ولكنهم يدعون لهم بالخير والهدى والرشاد أنهم لا يسألون الخير لأنفسهم على حساب الغير ولكنهم يحبون الخير لغيرهم كما يحبونه لأنفسهم ليكمل إيمانهم فهم لا يهمسون إلا بهذا الدين ولا يعيشون إلا من أجله ولا يعيشون إلا من أجله.
ولا يعملون إلا في سبيله وليس هذا خاصا بهم بل هو حصيلة كل من أسلم وجهه لله تعالى دون غيره..
﴿قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ﴾ ………
أنهم إذا نزل بالناس كرب، سارعوا إلى معونتهم ما استطاعوا مهما بعدت المسافات أليس أولئك مسلمين مثلهم؟ إن المسلم لا يعيش لنفسه ولكنه يعيش لمجتمعه المسلم يفكر في صالح المجتمع قبل أن يفكر في صالحه هو خاصة فكيف بمجتمع هذا شأن أفراده؟
صلة الإخوان المسلمين بالله تعالى
إن للإخوان المسلمين ضربا من السلوك بزوا فيه غيرهم وازنوا بين الأهل والمال والولد وبين ما يجب لله عليهم فآثروا ما عند الله على ما عندهم في معتقل مزرعة طره كان أحد البارزين في أحد الأحزاب معتقلا معهم وفي يوم جلس هذا الرجل الحزبي الموطأ الكنف إلى أحد الإخوان وقال له: هل لي أن أسألك سؤالا محرج فلا تغضب. قال الأخ: لن أغضب قال الرجل: هل أنت إنسان فيك مشاعر ولك إحساس كسائر البشر؟ قال الأخ أجل ولكن لماذا تسأل هذا السؤال؟ قال الرجل: أراك تقف على باب زنزانتك تستقبل العدس المليء بالحصى في ترحاب، كأنك تستقبل ديكا روميا أو حماما مشويا أو ملوخية بالسمان أو الجمبري وأين إحساسك بأهلك بولدك بزوجك… وبيتك؟ قال الأخ في منتهى البساطة: أننا نحب ما ذكرت بأعم ما يحب إنسان هذه الذوات ولكننا وازنا بين كل هذه المحاب وبين رضا الله، فكان سلوكي أن لا أوازن بين أمرين لا مجال للموازنة بينهما فآثرنا ما عند الله تعالى على كل شيء في هذا الوجود فأنزل الله سكينته علنيا ووعدنا فتحا قريبا وأنا في عدة مع هذا الفرج هذا هو سلوك الإخوان المسلمين في مواجهة الصعاب أن نفوس المسلمين تشفق على يوم حسابهم أكثر مما تشفق على أهلها ترقبا ليوم معادها فأمس قد مضى واليوم جد وعمل وغدا لا تدري ما الله تعالى فاعل بنا فيه…
﴿هُنَالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا﴾
إن سلوك الإخوان المسلمين سلوك من لا يغضب إلا لما يستحق الغضب من عصيان الله تعالى ويضنون بكلامهم أن يبعثر في غير نفع وهم أمناء على ما يؤتمنون عليه سرا كان أو وديعة كما أنهم لا يثقون إلا بمن فيه أنه أهل للثقة كما أنهم على نور من ربهم يعرفون به صديقهم من عدوهم.
إن من قبيل سلوك الإخوان المسلمين، أنهم يتسامحون عند الإساءة ويتغافلون عن الخطأ والعاقل الفظن هو الذي يتغافل وهو ليس بالغافل وحبذا السلوك أنهم ذوو مروءة يضنون بها أن تمس أو تنال حتى أنهم لو علموا أن الماء البارد ينقص من مروءتهم ما شربوه وأكثريتهم لا يبحثون عن الماء البارد أنهم لا يلبسون الغالي من الثياب ولكنهم يلبسون أنظفها، وإن لم تكن أغلاها ولذلك من أجل سلوكهم حب الطيب اقتداء برسولهم عليه الصلاة والسلام فقد قرأوا عن الشافعي رضي الله عنه «أن من نظف ثوبه قل همه، ومن طاب ريحه زاد عقله» أرأيت ماذا تعلمت من الإخوان المسلمين.
شوق الإخوان المسلمين إلى لقاء الله تعالى
هناك سلوك تعبدي لا يقف عنده الكثيرون، لا شك أن كل مسلم سواء كان من الإخوان المسلمين أو لم يكن مهم يسأل الله أن يمتعه بالجنة وأن ينجيه من النار. وأن في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر كما يقول الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم ولكن هناك في الجنة متعة وسعادة فوق هذا كله، عندما يسأل الجليل سبحانه وتعالى أهل الجنة: هل من مطلب يحققه لهم فيكون جوابهم التحميد والتسبيح العرفان قائلين:
وماذا بقي لنا يا رب بعد ما أعطيتنا من هذا النعيم؟ فيتجلى عليهم البديع الباقي بطلعة جلاله وجماله فيروحون في غمرة النعيم والإيناس بما لا يستطيع فلم يوفيه حقه من النعمة والبهاء فجلال الله وماله فوق كل شي وفوق كل وصف بل وفوق كل تصور أو خيال. هذه صورة من صور الإخوان المسلمين وسلوكهم في عبادتهم يعلمون أن عز وجل أهل لأن يعبد وأن يعظم وأن تعنوا له الجباه، حتى وإن لم يكافئ بالجنة أو يعذب بالجحيم وقريب من هذا المعنى قول أحد الصالحين: ركعتان أصليهما أحب إلى من الجنة بما فيها فقيل له هذا خطأ فكان جوابه الرائع: فقد رأيت الجنة رضا نفسي وركعتين أصليهما رضا ربي تعالى ورضا ربي أحب إلي من رضا نفسي.
الحياء من عند الله
أنك لا تجد أخا مسلما يتجاهر بمعصية الله، أنه سلوك الأدب. وحتى لو كان في قدر الله أن يخطئ فإنه يتستر حتى لو استطاع التستر في نفسه لفعل حتى في طباعاتهم يتسترون ولا يحبون أن تظهر عبادتهم خوفا الرياء فهم يسترون في نوافلهم وف خطاهم أدبا وحياء والستر من الله مطلوب والله ستار وستير بفضله، ولا يفضح في الآخرة، وعلى ملأ العباد والملائكة من ستره في الدنيا ولذلك إذا ما طلبنا الستر من الله تعالى، فلا بد وأن يكون في أفهامنا لا طلب الستر وحده، ولكن طلب الستر مع طلب ما تحت الستر فقد يستر الله على ما لا يحب لأنه حليم ستار فمن الامتياز في النظر إلى جلال الله أن نطب ما يحبه هذا الستر عن الظهور.
معاملة الإخوان المسلمين لغيرهم
من سلوك الإخوان المسلمين ومعاملتهم للناس فاحترامهم للكبير وعطفهم على الصغير لا يبدون لذوي المكانة الاجتماعية لمكانتهم معاملة أفضل مما يقدمونه لأي إنسان حتى لا يرى في سلوكهم شي من النفاق غير أن هذا السلوك السليم قد لا يرضي بعض الناس الذين يتطلبون في معاملة الناس معهم سيئا يختصون به دون غيرهم ولكن ما ذنب الإخوان المسلمين ودينهم يطلب منهم ألا يفضوا مخلوقا على مخلوق لمكانته الاجتماعية وقد سبقهم السلف الصالح إلى هذا السلوك الإسلامي النبيل فقد جاء ابن سليمان بن عبد الملك فجلس جنب طاوس المعروف بزهده وورعه وتواضعه فلم يلتفت إليه قال أردت أن يعلم أن لله عبادا يزهدون بما في يديه
ولو أن المسلمين تعاملوا فيما بينهم بمثل هذا السلوك لما غرت أحدهم مكانته ولما علا بعضهم على بعض ولأنتظم حال الناس إلى حد بعيد، وإذا ما رأيت سلوك الإخوان المسلمين في الأرض عن الشهوات العاجلة انتظارا لموعد غيب لم يروه، فما ذلك إلا أنهم ينتظرون ليوم قريب لا يدرون ما الله فاعل بهم فيه. فحرصهم على غدهم الموقنون بمجيئه صرفهم عن زخرف حاضرن أنهم لا يطيلون الأمل لعلمهم بقرب الأجل وهذا السلوك يهون عليهم كل مصائب الدنيا بما فيها من معاناة وتعلمت منهم هذا فاسترحت في حياتي إلى حد بعيد ألست ترى معي أن أناسا موتى ما تزال القلوب تحيات بذكرهم وأن أحياء تعاف العيون النظر إليهم؟
قناعة الإخوان المسلمين
إن قناعة الإخوان المسلمين بما في أيديهم وعدم تطلعهم إلى ما في أيدي الغير من ذوي الجاه والثراء أعلمت هؤلاء الغير بأن الإخوان المسلمين لن يطلبوا منهم شيئا، ومن استغنى عن غنى فهو نظيره في الغنى ولا شك. ولقد ساوم بعض ذوي الجاه، بعض الإخوان بمالهم وجاههم فأعرض عنهم الإخوان أيما إعراض وقالوا لهم أننا بتعففنا أغنانا الله عمن سواه.
في أكتوبر سنة 1952 دعا رجال الانقلاب الأستاذ الهضيبي رحمه الله وأعضاء مكتب الإرشاد إلى عشاء في سلاح المهندسين بالحلمية. فدعاهم فضيلته بعد ذلك إلى عشاء في بيته وكنت أحضر ذلك العشاء وجلست كعادتي على مقربة من الباب وجاء عبد الناصر وقدم لي تحية فقبلتها وكنت أضع رجلا على رجل وكان مقتضى قواعد اللياقة أن أقف أو أن أنزل ساقي عن وضعها والرجل يقف أمامي وفي ثوان دارت معركة في خاطري أن ظللت جالسا فقد خالفت قواعد البروتوكول وإن وقفت فقد يظن البعض أني أقف لرئيس الوزراء نفاق لا لياقة فآثرت أن أكون مخالفا لقواعد اللياقة على أن يظن بي أني منافق وبقيت على حالتي وما أظن عبد الناصر قد نسى ذلك.
أداء النصيحة
إن الإخوان المسلمين لم يفتنهم حسن الطلعة عن المحافظة على دينهم وصيانة أعراضهم ولم يلفتهم حسن أخلاقهم عن الحرص على رسالتهم ولم يغراهم ثبات الأخوة فيما بينهم عن أداء الأمانة وأنها لمواقف ذلك فيها قدم الكثيرين ولكن مراقبتهم لجانب الله حمتهم من الانزلاق فظل للعفة عدهم قدرها وللديانة مكانها وللأمانة وفاءها وما ذلك بالشيء اليسير في عالمنا الذي نعيش فيه إلا لمن يسره الله تعالى عليه.
أنك ترى أن من ينكر على آخر تصرفه في أمر من الأمور، أن هذا الأخير يزور بسبب هذا الإنكار أما الإخوان المسلمون إذا أنكر عليهم أحد تصرفهم عادوا إلى أنفسهم يسألونها مكانة هذا التصرف من الإنكار فإن اطمأنوا إلى سلامة تصرفهم حمدوا لله تعالى على ما فيهم من خير ولم يجدوا في أنفسهم على من أنكر عليهم أما إن وجدوا الحق إلى جانب المعترض سارعوا إلى تصيح هذا الخطأ شاكرين حامدين، هل ترى أن هذا السلوك متوفر بين الكثيرين قد ترى أما أنا فلا أظن.
سلوك الإخوان المسلمين سلوك من يهتم بخواتيم الأعمال لأن كل عمل يحكم عليه بالخاتمة التي انتهى إليها أن خيرا فخير وأن غير ذلك فغير ذلك وعند الصباح يحمد القوى السرى.
وأنه لميزان دقيق في ضبط الأعمال فالمهندس المدني لا يسعد هو يضع التصميم ولا سعد وهو يراقب البنا ء يرتفع قدما ما بعد قدم ولكن عندما يتم البنا ء وشغله من أعد له هذا البنا ء هناك يسعد المهندس كل السعادة، ويحمد الله تعالى على ما أنعم عليه به من توفيق وسداد. والذي يقوم بأي عمل لا ينشرح صدره الانشراح كله إلا عندما يهنأ بنهاية العمل الذي أجهد نفسه من أجله من أجل هذا لا يرقب الإخوان المسلمون إلا خاتمة أعمالهم فحسب فهو المكافأة الكبرى لكل ما لاقوه من متاعب في سبيل الخاتمة ومن جهد ومعاناة.
محاسبة الإخوان المسلمين أنفسهم
مما يعين الإخوان المسلمين على جهادهم الطويل محاسبة أنفسهم فيخصص كل أخ لنفسه ساعة قبل النوم يحاسب فيها نفسه يسألها ماذا فعل في يومه فإن رجحت كفة حسناته على كفة سيئاته سعد وحمد الله على ما وفقه إليه من خير وضاعف الجهد لتكثير حسناته وإن رأى غير ذلك تألم وتاب واستغفر به تعالى وعاهده على الإنابة واستئناف عمل الخير حتى يكون غده خيرا من يومه وأمسه. أنهم يعلمون أنهم إذا حاسبوا أنفسهم في دار العمل خيرا لهم أن يحاسبهم الله تعالى يوم الحساب ولهذا يهون عليهم كل ما يبدلون في هذه الدار التي عما قليل تنقضي..
الإخوان المسلمين يحذرون الانقطاع عن الله لحظة فلا ترى منهم ظاهرا يخالف باطنا لا فرق بين الحالتين فلا يتبادرون إلى التافه تاركين الثمين أنهم على طاعة الله تعالى حريصون ملتزمين هذا السلوك تعلقت قلوبهم بصاحب الشأن فهم ناظرون إليه جل شأنه دائما وأبدا أنهم مشمرون عن ساعد الجد في الطلعات صابرين صبر الكرام على ما أراد الله تعالى أن يختبرهم به.
﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأمْوَالِ وَالأنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾
أجل أنهم يريدون الفوز بصلاة الله عليهم ورحمته وحلاوة الهداية وهم فوق ذلك يصونون كرامتهم عن الابتذال فلا يطرقون إلا باب من لا يرد عن بابه الطارقين سبحانه وتعالى من أجل ذلك عزوا وسادوا وهم أقل الناس مالا وأنني إذا عدت إلى نفسي أوقفتها أمام ربها أيقنت أن هذا المنعم المتفضل ذو الجلال والإكرام من الإثم كل الإثم أن يغفل مخلوق عن صاحب الفضل عليه طرفة عين أرأيت الإخوان المسلمين في هذا الدين؟ لقد تعلمت هذا منهم ويا ليتني أدركه معهم فأكون من الفائزين ولكن هل تغنى لعل وعسى وليت؟
إن الدأب والتشمير سلوك لا يخفى على أحد ممن يعرفون الإخوان المسلمين أنهم لذووا جلد وتحمل في العمل لا يحظى به الأكثرون أنهم يغالبون التعب فإن فاجأهم غالبوه بالنعاس والتهويم يجدون في هنيهاته راحة وتعويض وليسوا في هذا بمبتدعين، ولكنهم قرأوا أن عمر بن الخطاب كان ينعس وهو جالس فقيل له يا أمير المؤمنين ألا تنام؟ قال كيف أنام؟ إن نمت بالنهار ضيعت أمور المسلمين وإن نمت بالليل ضيعت حظي من الله عز وجل . أ. ه.
أتريد أن تحظى ذاك الجلال، ألا فهيا إلى صفوفهم فبايع كما بايعوا ثم وفي كما وفوا فلن يفوتك من الخير إلا النذر اليسير لاستحالة الكمال على البشر.
أنهم لا يضمرون للناس جميعا إلا الخير لا يدعون بالشر على الناس ولكنهم يدعون لهم بالخير والهدى والرشاد أنهم لا يسألون الخير لأنفسهم على حساب الغير ولكنهم يحبون الخير لغيرهم كما يحبونه لأنفسهم ليكمل إيمانهم فهم لا يهمسون إلا بهذا الدين ولا يعيشون إلا من أجله ولا يعيشون إلا من أجله.
ولا يعملون إلا في سبيله وليس هذا خاصا بهم بل هو حصيلة كل من أسلم وجهه لله تعالى دون غيره..
﴿قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ﴾ ………
أنهم إذا نزل بالناس كرب، سارعوا إلى معونتهم ما استطاعوا مهما بعدت المسافات أليس أولئك مسلمين مثلهم؟ إن المسلم لا يعيش لنفسه ولكنه يعيش لمجتمعه المسلم يفكر في صالح المجتمع قبل أن يفكر في صالحه هو خاصة فكيف بمجتمع هذا شأن أفراده؟
صلة الإخوان المسلمين بالله تعالى
إن للإخوان المسلمين ضربا من السلوك بزوا فيه غيرهم وازنوا بين الأهل والمال والولد وبين ما يجب لله عليهم فآثروا ما عند الله على ما عندهم في معتقل مزرعة طره كان أحد البارزين في أحد الأحزاب معتقلا معهم وفي يوم جلس هذا الرجل الحزبي الموطأ الكنف إلى أحد الإخوان وقال له: هل لي أن أسألك سؤالا محرج فلا تغضب. قال الأخ: لن أغضب قال الرجل: هل أنت إنسان فيك مشاعر ولك إحساس كسائر البشر؟ قال الأخ أجل ولكن لماذا تسأل هذا السؤال؟ قال الرجل: أراك تقف على باب زنزانتك تستقبل العدس المليء بالحصى في ترحاب، كأنك تستقبل ديكا روميا أو حماما مشويا أو ملوخية بالسمان أو الجمبري وأين إحساسك بأهلك بولدك بزوجك… وبيتك؟ قال الأخ في منتهى البساطة: أننا نحب ما ذكرت بأعم ما يحب إنسان هذه الذوات ولكننا وازنا بين كل هذه المحاب وبين رضا الله، فكان سلوكي أن لا أوازن بين أمرين لا مجال للموازنة بينهما فآثرنا ما عند الله تعالى على كل شيء في هذا الوجود فأنزل الله سكينته علنيا ووعدنا فتحا قريبا وأنا في عدة مع هذا الفرج هذا هو سلوك الإخوان المسلمين في مواجهة الصعاب أن نفوس المسلمين تشفق على يوم حسابهم أكثر مما تشفق على أهلها ترقبا ليوم معادها فأمس قد مضى واليوم جد وعمل وغدا لا تدري ما الله تعالى فاعل بنا فيه…
﴿هُنَالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا﴾
إن سلوك الإخوان المسلمين سلوك من لا يغضب إلا لما يستحق الغضب من عصيان الله تعالى ويضنون بكلامهم أن يبعثر في غير نفع وهم أمناء على ما يؤتمنون عليه سرا كان أو وديعة كما أنهم لا يثقون إلا بمن فيه أنه أهل للثقة كما أنهم على نور من ربهم يعرفون به صديقهم من عدوهم.