hmsain.ahlamontada.com

نشكرك على التسجيل فى هدا المنتدى زرنا باستمرار و شاركنا رايك فاليد الواحدة لا تصفق ورايك يهمنا كما ان حضورك الدائم يحفزنا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

hmsain.ahlamontada.com

نشكرك على التسجيل فى هدا المنتدى زرنا باستمرار و شاركنا رايك فاليد الواحدة لا تصفق ورايك يهمنا كما ان حضورك الدائم يحفزنا

hmsain.ahlamontada.com

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
hmsain.ahlamontada.com

منتدى يهتم بنشاطات حركة مجتمع السلم بلدية عين بوزيان


    مشاركة المرأة المسلمة في الحياة الاجتماعية ولقاؤها الرجال

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 2093
    تاريخ التسجيل : 01/03/2010
    الموقع : hmsain.ahlamontada.com

    مشاركة المرأة المسلمة في الحياة الاجتماعية ولقاؤها الرجال Empty مشاركة المرأة المسلمة في الحياة الاجتماعية ولقاؤها الرجال

    مُساهمة  Admin الأحد 14 أغسطس 2011 - 17:02

    الموضوعات :

    1. تمهيد

    2. وقائع مشاركة المرأة المسلمة في الحياة الاجتماعية ولقاؤها الرجال في عصر الرسالة
    • تبادل التحية بين الرجال والنساء
    • في المسجد
    • في طلب العلم
    • في الحج
    • في الجهاد
    • خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
    • عند طلب المعروف وتقديم المعروف
    • في الاحتفالات والولائم
    • في الزيارة
    • خلال بذل المودة وحسن الرعاية
    • لطلب الدعاء والبركة
    • خلال الضيافة
    • تبادل الهدايا بين الرجال والنساء
    • في عيادة المرضي
    • علي الطعام والشراب
    • في شئون الوفاة
    • في الوعظ والإرشاد
    • في الدعوة إلي دين الله

    3. آداب اشتراك المرأة المسلمة في الحياة الاجتماعية
    • آداب مشتركة بين الرجال والنساء
    • آداب خاصة بالنساء
    • ما العمل عند غياب بعض آداب المشاركة واللقاء؟

    4. ظواهر اجتماعية جديدة تقتضي المشاركة واللقاء (نظرة إلي الواقع)

    5. حوارات مع المعارضين
    أولا : حوار حول اعتراضاتهم علي أدلة المشاركة واللقاء
    ( أ ) يقولون : النصوص الورادة بشأن فعل رسول الله صلي الله عليه وسلم هي من خصوصياته ولا مجال لإعطائها صفة العموم.
    (ب) يقولون : إن المجمتع علي عهد رسول الله كان مجتمعا صالحا تؤمن فيه الفتنة بعكس مجتمعاتنا التي يكثر فيها الانحلال الخلقي وتشتد فيها الفتنة.
    ثانيا : حوار حول أدلة تساق لحظر المشاركة واللقاء
    • حديث (إياكم والدخول علي النساء)
    • حديث (أفعمياوان أنتما)
    • حديث (أي شئ خير للمرأة)
    • حديث (خير صفوف النساء آخرها)
    • حديث أم حميد
    • قوله تعالي (وقرن في بيوتكن)
    • حديث (إن المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان)
    • قول عائشة: (لو أدرك النبي صلي الله عليه وسلم ما أحدث النساء لمنعهن)
    • حديث (علي النساء جهاد؟)
    • الآية الكريمة :{ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَٱسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ ذٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ }
    • أثر أم سلمة رضي الله عنها، قالت:" لما انقضت عدتي من أبي سلمة أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلّمني بيني وبينه حجاب".
    ثالثا : حوار حول بعض أقوال للمعارضين
    ( أ ) يقولون : إن العفاف خلق له مكانة سامية في ديننا , وإن مشاركة المرأة في مجالات الحياة بحضور الرجال يجرح عفافها.
    (ب) هل هناك حقا لقاء جاد بين الرجال والنساء ويهدف إلي الخير؟

    6. حوار مع المعارضين لمشاركة المرأة في الحياة الاجتماعية حول الحجاب الوارد في قوله تعالي : {فاسألوهن من وراء حجاب} وإثبات خصوصيتة بنساء النبي صلي الله عليه وسلم

    7. غلو الخلف في أمر سد الذريعة

    8. سوء فهم فتنة المرأة

    9. دعوي فساد الزمان

    10. طلب العلم

    11. تنمية شخصية المرأة

    12. الغيرة المريضة

    13. ذكر إسم المرأة

    14. ذكر وصف المرأة

    15. معالم شرعية لعمل المرأة المهني في عصرنا



    تمهيد


    المرأة المسلمة شريكة الرجل في تعمير الأرض لذا كان لابد لها من المشاركة بجد واحتشام في مجالات الحياة. ولما كانت مجالات الحياة بطبيعتها لاتخلو من وجود الرجال بل للرجال في معظمها الدور الأكبر لم تحرج شريعة الله علي المرأة أن تلقي الرجال فتراهم ويرونها وقد يتبادلون الحديث معها وقد يتعاونون علي عمل من الأعمال مادامت تلتزم بالآداب الشرعية ويتم هذا اللقاء الجاد في رصانة دون تكلف أو تعقيد أوحساسية.

    وإن انطلاق المرأة ومشاركتها في الحياة الاجتماعية وما يترتب عليه من لقاء الرجال هو نهج قررته الشريعة وسنة رسول الله وهو يعلم ما فيه من تيسير ومن عون علي الخير ويعلم ما في خلافه من تضييق وحرج فضلا عن حرمان من الخير في أحيان كثيرة.

    علي أن هذا الإنطلاق ما كان ليعوق المرأة المسلمة عن أداء مسؤليتها الأولي نحو بيتها وولدها بل كان معينا علي إنضاج شخصيتها ومن ثم علي كمال أداء تلك المسؤلية والمسؤليات الأخري التي يمكن أن تقع علي عاتق المرأة وتفرضها حاجة الأسرة وحاجة المجتمع.

    وقد كانت مشاركة المرأة في الحياة الاجتماعية ولقاؤها الرجال سمتاً عاماً للمجتمع المسلم في المجالات العامة والخاصة.فمن المجالات العامة,كانت المرأة تشهد الجماعة والجمعة في مسجد رسول الله وكان عليه الصلاة والسلام يحثهن علي أن يتخذن مكانهن في الصفوف الأخيرة خلف صفوف الرجال ولم يكن بين الرجال والنساء أي حائل من بناء أو خشب أو نسيج أو غيره.... وكان النساء يحضرن كذلك صلاة العيدين ويشاركن في هذا المهرجان الإسلامي الكبير الذي يضم الكبار والصغار والرجال والنساء.

    وكان النساء يحضرن دروس العلم مع الرجال عند النبي صلي الله عليه وسلم وتجاوز هذا النشاط إلي المشاركة في المجهود الحربي في خدمة الجيش من تمريض وإسعاف ورعاية للجرحي والمصابين بجوار الخدمات الأخري من الطهي والسقي ....

    وفي الحياة الاجتماعية شاركت المرأة داعية إلي الخير, آمرة بالمعروف, ناهية عن المنكر. ومن الوقائع المشهورة رد احدي المسلمات علي عمر في المسجد في قضية المهور ورجوعه إلي رأيها علنا وقوله ( أصابت المرأة وأخطأ عمر ). وقد عين عمر في خلافته الشفاء بنت عبد الله العدوية محتسبة علي السوق. وعمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية التي انتهت إليها رواية الحديث النبوي في عهد عمر بن عبد العزيز, وفاطمة السمرقندية انتهت إليها رواية مسلم,و كريمة أم الخير انتهت إليها رواية البخاري.

    وأما عن المجالات الخاصة فكثيرا ما يلقي الرجال النساء وكثيرا ما يتحدث الرجال مع النساء سواء في البيوت خلال زيارة أو ضيافة علي طعام أو طلب معروف أو شفاعة أو تقديم هدية أو عيادة مريض أو تعزية ومواساة.أو خارج البيت في استفتاء أو أمر بمعروف أو تقديم معروف أو عرض زواج أو عمل مهني أو نشاط سياسي.

    والمتأمل في القرآن الكريم وحديثه عن المرأة في مختلف العصور وفي حياة الرسل والأنبياء لا يشعر بهذا الستار الحديدي الذي وضعه بعض الناس بين الرجل والمرأة.

    فنجد موسي- وهو في ريعان شبابه وقوته- يحادث الفتاتين إبنتي الشيخ الكبير ويسألهما وتجيبانه بلا تأثم ولاحرج ويعاونهما في شهامة ومروءة , وتأتيه إحداهما بعد ذلك مرسلة من أبيها تدعوه أن يذهب معها إلي والدها ثم تقترح علي أبيها بعد ذلك أن يستخدمه عنده , لما لمست فيه من قوة وأمانة.

    وفي قضية مريم نجد زكريا يدخل عليها المحراب ويسألها عن الرزق الذي يجده عندها.

    وفي قصة ملكة سبأ نراها تجمع قومها تستشيرهم في أمر سليمان وكذلك تحدثت مع سليمان عليه السلام وتحدث معها.

    ولا يقال أن هذا شرع من قبلنا فلا يلزمنا , فإن القرآن لم يذكره لنا إلا لأن فيه هداية وذكري وعبرة لأولي الألباب , ولهذا كان القول الصحيح : أن شرع من قبلنا المذكور في القرآن والسنة هو شرع لنا ما لم يرد في شرعنا ما ينسخه وقد قال تعالي لرسوله : { أولئك الذين هدي الله فبهداهم اقتده }.

    إن نصوص السنة التي سنوردها توضح كيف لقي نساء المؤمنين الرجال علي عهد رسول الله في مجالات الحياة المختلفة دون حجاب أي دون ستر يفصل بين الرجال والنساء.

    وفي الختام نحسب أنه من المفيد عرض تراجم أبواب صحيح البخاري (أي عناوين الأبواب) ففيها تقريرات فقهية بيَّنة تثبت أن هذه المشاركة من السنة.ورحم الله الإمام البخاري فقد كان كما يقول العلماء فقهه في تراجمه.



    عرض تراجم أبواب صحيح البخاري المتعلقة بمشاركة
    المرأة في الحياة الاجتماعية


    كتاب العلم :
    - باب : عظة الإمام النساء.
    - باب : هل يجعل للنساء يوماً علي حده في العلم؟

    كتاب الصلاة :
    - باب : نوم المرأة في المسجد.
    - باب : خروج النساء إلي المساجد بالليل والغلس.
    - باب : صلاة النساء خلف الرجال.
    - باب : سرعة إنصراف النساء من الصبح.
    - باب : إستئذان المرأة زوجها بالخروج إلي المسجد.

    كتاب الجمعة :
    - باب : هل علي من يشهد الجمعة غسل من النساء والصبيان وغيرهم؟

    كتاب العيدين :
    - باب : خروج النساء والحيض إلي المصلي.
    - باب : موعظة الإمام النساء يوم العيد.
    - باب : إذا لم يكن لها جلباب يوم العيد.
    - باب : إعتزال الحيض المصلي.

    أبواب الكسوف :
    - باب : صلاة النساء مع الرجال في الكسوف.

    أبواب العمل في الصلاة :
    - باب : التصفيق للنساء.

    كتاب الجنائز :
    - باب : قول الرجل للمرأة عند القبر : اصبري.
    - باب : اتباع النساء الجنائز.

    كتاب الحج :
    - باب : طواف النساء مع الرجال.
    - باب : حج المرأة عن الرجال.

    كتاب صلاة التراويح :
    - باب : إعتكاف النساء.
    - باب : إعتكاف المستحاضة.
    - باب : زيارة المرأة زوجها في اعتكافه.

    كتاب البيوع :
    - باب : الشراء والبيع مع النساء.

    كتاب الشهادات :
    - باب : شهادة النساء وقوله تعالي { فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان }
    - باب : شهادة المرضعة.
    - باب : تعديل النساء بعضهن بعض.

    كتاب الجهاد :
    - باب : الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء.
    - باب : جهاد النساء.
    - باب : غزو المرأة في البحر.
    - باب : حمل الرجل امرأته في الغزو دون بعض نسائه.
    - باب : غزو النساء وقتالهن مع الرجال.
    - باب : حمل النساء القرب إلي الناس في الغزو.
    - باب : مداواة النساء الجرحي.
    - باب : رد النساء الجرحي والقتلي.
    - باب : إرداف المرأة خلف أخيها.
    - باب : دواء الجرح بإحراق الحصير وغسل المرأة عن أبيها الدم عن وجهه.

    كتاب فرض الخمس :
    - باب : أمان النساء وجِوَارُهن.

    كتاب التفسير :
    - باب : { إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات }
    - باب : { إذا جاءك المؤمنات يبايعنك }

    كتاب النكاح :
    - باب : قول الرجل لأخيه : أنظر أي زوجتي شئت.
    - باب : عرض المرأة نفسها علي الرجل الصالح.
    - باب : الدعاء للنسوة اللاتي يهدين العروس وللعروس.
    - باب : النسوة يهدين المرأة إلي زوجها.
    - باب : ذهاب النساء والصبيان إلي العرس.
    - باب : قيام المرأة علي الرجال في العرس وخدمتهم بالنفس.
    - باب : لايخلون رجل بامرأة إلا مع ذو محرم والدخول علي المغيبة.
    - باب : ما يجوز أن يخلو الرجل بالمرأة عند الناس.
    - باب : نظر المرأة إلي الحبش ونحوهم من غير ريبة.
    - باب : خروج النساء لحوائجهن.

    كتاب الطلاق :
    - باب : إذا قال لامرأته وهو كاره : هذه أختي فلا شئ عليه .
    - باب : شفاعة النبي صلي الله عليه وسلم في زوج بريرة.
    - باب : الظهار وقوله تعالي { قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها }
    - باب : التلاعن في المسجد.
    - باب : قول الإمام للمتلاعنين : ( إن أحدكما كاذب فهل منكما من تائب )

    كتاب المرضي :
    - باب : عيادة النساء الرجال .

    كتاب الطب :
    - باب : هل يداوي الرجل المرأة والمرأة الرجل؟
    - باب : المرأة ترقي الرجل.

    كتاب الأدب :
    - باب : الساعي علي الأرملة.

    كتاب الاستئذان :
    - باب : تسليم الرجال علي النساء والنساء علي الرجال.

    كتاب الحدود :
    - باب : الرَجْم بالمصلي.
    - باب : رجم الحبلي من الزنا إذا أُحصنت.
    - باب : البكران يُجلدان وينفيان.

    كتاب الديات :
    - باب : قتل الرجل بالمرأة.
    - باب : القصاص بين الرجال والنساء في الجراحات.

    كتاب الأحكام :
    - باب : من قضي ولاعن في المسجد.
    - باب : بيعة النساء.

    كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة :
    - باب : تعليم النبي صلي الله عليه وسلم أمته من الرجال والنساء مما علمه الله ليس رأي ولا تمثيل.
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 2093
    تاريخ التسجيل : 01/03/2010
    الموقع : hmsain.ahlamontada.com

    مشاركة المرأة المسلمة في الحياة الاجتماعية ولقاؤها الرجال Empty رد: مشاركة المرأة المسلمة في الحياة الاجتماعية ولقاؤها الرجال

    مُساهمة  Admin الأحد 14 أغسطس 2011 - 17:05

    وقائع مشاركة المرأة المسلمة في الحياة الاجتماعية
    ولقاؤها الرجال في عصر الرسالة


    تبادل التحية بين الرجال و النساء

    • عن أم هانئ ابنة أبي طالب قالت : ذهبت إلي رسول الله عام الفتح فوجدته يغتسل وفاطمه ابنته تستره فسلمت عليه....( رواه البخاري ومسلم )

    • عن أبي حازم عن سهل قال : كنا نفرح يوم الجمعة, قلت لسهل ولما؟ قال : كانت لنا عجوز ترسل إلي بضاعة فتأخذ من أصول السلق فتطرحه في قدر وتكركر حبات من شعير, فإذا صلينا الجمعة انصرفنا ونسلم عليها فتقدمه إلينا فنفرح من أجله, وما كنا نقيل ولا نتغذي إلا بعد الجمعة. ( رواه البخاري )
    بضاعة: اسم موضع بستان
    تكركر: تطحن

    • عن أبي هريرة قال : خرج رسول الله ذات ليلة فإذا هو بأبي بكر وعمر فقال : ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة؟ قالا الجوع يا رسول الله , قال... قوموا , فقاموا معه حتي أتي رجلا من الأنصار فإذا هو ليس في بيته فلما رأته المرأه قالت : مرحبا وأهلا....

    قال النووي : في الحديث استحباب إكرام الضيف بهذا القول وشبهه وإظهار السرور بقدومه, وفيه جواز سماع كلام الأجنبية ومراجعتها الكلام للحاجة , وجواز إذن المرأة في دخول منزل زوجها لمن علمت علما محققا أنه لا يكرهه , بحيث لا يخلو بها الخلوة المحرمة.

    • عن زيد بن أسلم عن أبيه قال : خرجت مع عمر بن الخطاب إلي السوق فلحقت عمر امرأة شابة فقالت يا أمير المؤمنين هلك زوجي وترك صبية صغار...فوقف معها عمر ولم يمض ثم قال مرحبا بنسب قريب... ( رواه البخاري )

    حديث المرأة مع الرجل للحاجة وفي الأمور والمصالح العامة بجدية وأدب ووقار مشروع غير محظور.

    • حديث : كان رسول الله يمر بنساء فيسلم عليهن.(رواه أحمد)

    • عن أسماء بنت يزيد قالت: "مر علينا النبي صلي الله عليه وسلم في نسوة فسلم علينا.(رواه أبو داود)

    في المسجد

    المسجد كان علي عهد النبي صلي الله عليه وسلم مركز إشعاع عبادي وثقافي واجتماعي للرجل والمرأة علي السواء.ولا يجوز لأحد سلب حقها في غشيان المسجد , إذ إجبارها علي الصلاة في البيت بدعوي أنها الأفضل فيه اقتراف معصية وذلك بمخالفة نهي رسول الله عن منع النساء المساجد.وإن قصدت المرأة بغشيان المسجد سماع القرآن أو سماع العظة أو حضور اجتماع عام أو لقاء المؤمنات لتوثيق عري المودة أو للتعاون علي معروف , فهي وما قصدت من خير. وهذا الخير قد يكون مندوبا وقد يكون واجبا.

    وإن غشيان المرأة المسجد لم يقتصر علي مسجد رسول الله لفضيلته , بل قد امتد إلي مساجد الأحياء في أطراف المدينة وخارج المدينة وهذه بعض الشواهد :

    • عن عبد الله بن عمر قال : بينا الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جائهم آت فقال : إن رسول الله قد أنزل عليه الليلة قرآن وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها, وكانت وجوههم إلي الشام فاستداروا إلي الكعبة. ( رواه البخاري )

    قال الحافظ ابن حجر:وقع بيان التحول في حديث ثويلة بنت أسلم عند ابن أبي حاتم..وقالت فيه: (فتحول النساء مكان الرجال والرجال مكان النساء فصلينا السجدتين الباقيتين إلي البيت الحرام)

    • عن عمرو بن سلمه عن أبيه قال : ...جئتكم والله من عند النبي صلي الله عليه وسلم حقا فقال : صلوا صلاة كذا في حين كذا...فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآنا, فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنا مني...وكانت علي بردة كنت إذا سجدت تقلصت عني , فقالت امرأة من الحي ألا تغطون عنا أست قارئكم... ( رواه البخاري )
    بُردة: كساء مضلع يلتحف به
    أست قارئكم : أي عورته

    وقد حرص رسول الله علي تأكيد حق المرأة في غشيان المسجد وصيانة هذا الحق من أي عدوان :

    • فعن عبد الله بن عمر عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : إذا استأذنكم نساؤكم بالليل إلي المساجد فأذنوا لهن.( رواه البخاري ومسلم)

    • وعن عبد الله بن عمر قال : كانت امرأة لعمر تشهد صلاة الصبح والعشاء في الجماعة في المسجد فقل لها : لم تخرجين وقد تعلمين أن عمر يكره ذلك ويغار؟ قالت : وما يمنعه أن ينهاني؟ قال : يمنعه قول رسول الله : لا تمنعوا إماء الله مساجد الله. ( رواه البخاري )


    ولاً : أداء الصلاة :

    • عن عائشة قالت:كن نساء المؤمنات يشهدن مع رسول الله صلاة الفجر متلفعات بمروطهن ثم ينقلبن إلي بيوتهن حين يقضين الصلاة لايعرفهن أحد من الغلس.( رواه البخاري ومسلم )
    الغلس : ظلمة آخر الليل

    • عن عائشة قالت : أعتم رسول الله بالعتمة حتي ناداه عمر : نام النساء والصبيان, فخرج صلي الله عليه وسلم فقال : ماينتظرها أحد غيركم من أهل الأرض ولايصلي يومئذٍ إلا بالمدينة , وكانوا يصلون العتمة فيما بين أن يغيب الشفق الي ثلث الليل الأول. ( رواه البخاري ومسلم )
    أعتم : دخل في ظلمة الليل

    ما دام قد انتفي الحجاب بين صفوف الرجال و صفوف النساء فالرؤية العابرة حاصلة مع غض الأبصار.

    • عن عمرة بنت عبد الرحمن عن أخت لعمرة قالت : أخذت {ق والقرآن المجيد} من في رسول الله يوم الجمعة وهو يقرأ بها علي المنبر في كل جمعة. ( رواه مسلم )

    • عن أنس بن مالك قال : دخل النبي صلي الله عليه وسلم المسجد فإذا حبل ممدود بين ساريتين, فقال : ما هذا الحبل؟ قالوا هذا حبل لزينب فإذا فترت تعلقت, فقال النبي صلي الله عليه وسلم : لا حلوه ليصل أحدكم نشاطه فإذا فتر فليقعد..( رواه البخاري ومسلم )

    قال الحافظ بن حجر : وفي الحديث جواز تنفل النساء في المسجد, وقال أيضا : ...روي أن عمر جمع الناس في قيام رمضان علي أبي بن كعب فكان يصلي بالرجال وكان تميم الداري يصلي بالنساء.

    وأورد النووي في "المجموع" عن عرفجة الثقفي قال : كان علي بن أبي طالب يأمر الناس بقيام شهر رمضان ويجعل للرجال إماما وللنساء إماما فكنت أنا إمام النساء. (رواه البيهقي)

    • عن جابر قال : انكسفت الشمس في عهد رسول الله ... ثم تأخر وتأخرت الصفوف خلفه حتي انتهينا ( وقال أبو بكر- شيخ مسلم- حتي انتهينا إلي النساء )...( رواه مسلم )

    في الحديث جواز صلاة الكسوف للنساء في المسجد مع الإمام , وفيه حضورهن وراء الرجال.

    • عن أسماء بنت أبي بكر قالت : دخلت علي عائشة والناس يصلون...فأطال رسول الله جدا حتي تجلاني الغشي... ولغط نسوة من الأنصار فانكفأت إليهن لأسكتهن... وفي رواية : قام رسول الله خطيباً فذكر فتنة القبر التي يفتتن فيها المرء فلما ذكر ذلك ضج المسلمون ضجة. ( رواه البخاري ومسلم )
    تجلاني الغشي : أي علاني مرض قريب من الإغماء لطول الوقوف
    انكفأت إليهن: رجعت إليهن

    وقد ساقه النسائي والإسماعيلي من الوجه الذي أخرجه البخاري فزاد بعد قوله ضجة : ( حالت بيني وبين أن أفهم آخر كلام رسول الله فلما سكت ضجيجهم قلت لرجل قريب مني أي بارك الله فيك ماذا قال رسول الله في آخر كلامه؟...

    • عن عبد الله بن عمر: (أن النساء والرجال كانوا يتوضؤون على عهد رسول الله من الإناء الواحد)، وفي لفظ آخر (ويُشرعون فيه جميعاً).(رواه أبو داود)

    فيه جواز وضوء الرجال مع غير محارمهم من النساء، ولا يلزم منه رؤية ما لا يجوز من المرأة.

    1. وقد ذكر بعض المفسرين أن القصد من هذا الحديث هو الرجل وزوجه فقط , ولكن هناك أحاديث تنقض هذا التفسير، كحديث عبد الله بن عمر: (كانوا يتوضؤون جميعاً، قلت لمالك: الرجال والنساء؟ قال: نعم. قلت: زمن النبي؟ قال نعم)، أي أن وجه الاستغراب يدعو للقول بخلاف التفسير.ولذلك قال الحافظ ابن حجر في الرد علي هذا الحديث : ( والأولي في الجواب أن يقال:لا مانع من الاجتماع قبل نزول الحجاب,وأما بعده فيختص بالزوجات والمحارم )

    2. أخرج البخاري من طريق مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه قال: "كان الرجال والنساء يتوضأون في زمان رسول الله جميعاً", ورواه أبو داود من طريق حماد عن أيوب عن نافع، بزيادة: من الإناء الواحد جميعا . ومن طريق عبيد الله عن نافع، بلفظ : كنا نتوضأ نحن والنساء على عهد رسول الله من إناء واحد ندلي فيه أيدينا.

    دلالة السياق اللغوية في قوله (الرجال والنساء) فإن "أل" هنا (للجنس) تفيد العموم والاستغراق للجنس.وقوله (نحن والنساء) دليل ذلك، فلم يقل نحن ونساءنا.

    3. أن ما صح عن أم صبية رضي الله عنها قالت: اختلفت يدي ويد رسول الله في الوضوء من إناء واحد. قال العراقي في طرح التثريب: وليست أم صبية هذه زوجة ولا محرما.

    فهاتان قرينتان إحداهما لغوية والأخرى شرعية وكلتاهما تدل على العموم مع عدم الدليل على التخصيص.

    4. أما القول أن الرجال كانوا يتوضأون ثم النساء , فهو اعتراض لا يصح لقوله ( جميعاً) والجميع ضد المتفرق..! وقد وقع مصرحا بوحدة الإناء في صحيح ابن خزيمة في هذا الحديث، من طريق معتمر عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: أنه أبصر النبي وأصحابه يتطهرون والنساء معهم من إناء واحد كلهم يتطهر منه. و واو العطف في قول أم صبية رضي الله عنها (اختلفت يدي ويد رسول الله ) تفيد مطلق الجمع والاشتراك بين المعطوف وما عطف عليه، وهي في الأصل لا تفيد التعاقب أو الترتيب. وهذا كله يرد دعوى أن الحكم خاص بالمحارم..!

    5. وأما القول أن هذا كان قبل الحجاب، لا يصح لأمرين:

    الأول: أن الحجاب خاص بأمهات المؤمنين.

    الثاني : أن قول ابن عمر (في زمان رسول الله) دليل على سريانه طيلة عهد النبي صلي الله عليه وسلم ، ولو كان قبل الحجاب، لقال: ثم منعوا من ذلك، فإن تأخير البيان عن وقته لا يجوز. ولا يخفى هذا على صحابي جليل فقيه حريص على التأسي برسول الله مثل ابن عمر..!


    ثانياً : الاعتكاف :

    • عن عائشة زوج النبي صلي الله عليه وسلم : أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتي توفاه الله ثم اعتكف أزواجه من بعده. ( رواه البخاري ومسلم )

    ورد في المدونة الكبري للإمام مالك :
    قلت لابن القاسم : ما قول مالك في المرأة تعتكف في مسجد الجماعة؟ قال : نعم.قلت : أتعتكف في قول مالك في مسجد بيتها فقال : لا يعجبني ذلك وإنما الاعتكاف في المساجد التي توضع لله.. قلت : أرأيت من أذن لعبده أو لامرأته أو لأمته في اعتكاف فلما أخذوا فيه أراد قطع ذلك عليهم؟ فقال : ليس ذلك له.قيل : وهذا قول مالك.قال : نعم هو قوله.

    ثالثاً : سماع العلم :

    • عن زينب امرأة عبد الله قالت : كنت في المسجد فرأيت النبي صلي الله عليه وسلم فقال : تصدقن ولو من حليكن.( رواه البخاري ومسلم )

    • عن فاطمة بنت قيس : ... فخرجت إلي المسجد فصليت مع رسول الله...فلما قضي رسول الله صلاته جلس علي المنبر وهو يضحك وفي رواية : فقال : ( أيها الناس حدثني تميم الداري أن أناساً من قومه كانوا في البحر في سفينة لهم فانكسرت بهم فركب بعضهم علي لوح من ألواح السفينة فخرجوا إلي جزيرة في البحر...)

    • عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: شهدتُّ صلاة الفطر مع نبيِّ الله ... قال: فنزل نبي الله كأنِّي أنظر إليه حين يُجلِس الرجال بيده، ثمَّ أقبل يشقَّهم حتى جاء النساء فقال: "يا أيُّها النبيُّ إذا جاءك المؤمنات يبايعنك...."الآية، ثمَّ قال حين فرغ منها: "آنتنَّ على ذلك؟"، فقالت امرأةٌ واحدةٌ منهنّ، لم يجبه غيرها: نعم. (البخاري ومسلم)

    رابعاً : زيارة المعتكف :

    • عن صفية زوج النبي صلي الله عليه وسلم أنها جائت رسول الله تزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان فتحد ثت عنده ساعة... ( رواه البخاري ومسلم )

    قال الحافظ بن حجر : وفي الحديث من الفوائد...إباحة خلوة المعتكف بالزوجة وزيارة المرأة للمعتكف.

    خامساً : تلبية الدعوة لاجتماع عام :

    • عن فاطمة بنت قيس...فلما انقضت عدتي سمعت المنادي ينادي : الصلاة جامعة...وفي رواية : فنودي في الناس أن الصلاة جامعة فانطلقت فيمن انطلق من الناس فكنت في الصف المقدم من النساء وهو يلي المؤخر من الرجال. ( رواه مسلم )

    سادساً : عرض المرأة نفسها علي الرجل الصالح :

    • عن سهل بن سعد أن امرأة جاءت رسول الله فقالت : يارسول الله جئت لأهب إليك نفسي, فنظر إليها رسول الله فصعد النظر إليها وصوبه ثم طأطأ رأسه, فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئا جلست. ( رواه البخاري ومسلم )

    قال الحافظ بن حجر : ... وفي رواية سفيان الثوري عند الإسماعيلي : جاءت امرأة إلي النبي صلي الله عليه وسلم وهو في المسجد... فأفاد تعيين المكان الذي وقعت فيه القصة.

    • عن ثابت البناني قال : كنتُ عند أنس بن مالك وعنده ابنة له قال أنس : جاءت امرأة إلى رسول الله تَعرض عليه نفسها ، قالت : يا رسول الله ألك بي حاجة ؟ فقالت بنت أنس : ما أقلَّ حياءها ، وا سوأتاه ، وا سوأتاه ، قال : هي خير منكِ ، رغبت في النبي صلي الله عليه وسلم فعرضتْ عليه نفسَها . (رواه البخاري)

    عرض المرأة نفسها على رجل ترى فيه الصلاح والأخلاق الفاضلة لا حرج فيه ، ولا ينقص من قدرها,فقد قال ابن حجر في شرح هذا الحديث والذي بعده " و في الحديثين جواز عرض المرأة نفسها على الرجل وتعريفه رغبتها فيه وأنه لا غضاضة عليها في ذلك "

    سابعاً : حضور مجلس القضاء :

    • عن سهل بن سعد أن رجلا ً قال : يا رسول الله أرأيت رجلا وجد مع أمرأته رجلا ً أيقتله؟ فتلاعنا في المسجد وأنا شاهد. ( رواه البخاري ومسلم )

    ثامناً : النوم في المسجد :

    • عن عائشة أن وليدة كانت سوداء لحي من العرب فأعتقوها فجاءت إلي رسول الله فأسلمت, قالت عائشة : فكان لها خباء في المسجد أو حفش, قالت : فكانت تأتيني فتحدث عندي. ( رواه البخاري )
    خباء: خيمة من وبر أو صوف
    حفش: بيت من الشعر صغير ضئيل الإرتفاع

    قال الحافظ : وفي الحديث إباحة المبيت والمقيل في المسجد لمن لا مسكن له من المسلمين رجلا ً كان أو امرأة عند أمن الفتنة.

    تاسعاً : تمريض الجرحي :

    • عن عائشة قالت : أصب سعد يوم الخندق في الأكْحَل فضرب النبي صلي الله عليه وسلم خيمة في المسجد ليعوده من قريب فلم يَرُعْهم – وفي المسجد خيمة من بني غفار – إلا الدم يسيل إليهم فقالوا : يا أهل الخيمة ما هذا الذي يأتينا من قبلكم؟فإذا سعد يغذو جُرْحُه دما فمات فيها.
    الأكحل : عرق في وسط الذراع

    قال الحافظ ابن حجر : قوله (خيمة من بني غفار) تقدم أن ابن إسحاق ذكر أن الخيمة كانت لرفيدة الأسلمية فيحتمل أن تكون لها زوج من بني غفار...وقال ابن إسحاق كان رسول الله جعل سعدا في خيمة رفيدة عند مسجده وكانت امرأة تداوي الجرحي فقال اجعلوه في خيمتها لأعوده من قريب.

    آداب حضور النساء المسجد :

    1. اجتناب النساء الطيب :

    • عن بسر بن سعيد أن زينب الثقفية كانت تحدث عن رسول الله أنه قال : إذا شهدت إحداكن العشاء فلا تطيب تلك الليلة. (رواه مسلم )

    • عن زينب امرأة عبد الله قالت : قال لنا رسول الله : إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيبا.( رواه مسلم )

    2. صفوف النساء خلف صفوف الرجال ولا حجاب بينها :

    • عن فاطمة بنت قيس: إنه نودي في الناس أن الصلاة جامعة ، قالت : فانطلقت فيمن انطلق
    من الناس، قالت : فكنت في الصف المقدم من النساء وهو يلي المؤخر من الرجال...

    إن صلاة النساء خلف الرجال دون حاجز يعتبر من هدي النبي صلي الله عليه وسلم في هيئة صلاة الجماعة في المسجد.وهذا الهدي مرجعه أولا:غياب الحساسية المفرطة إزاء اجتماع الرجال والنساء في مكان واحد إذ يكفي أن يكن متميزات بصفوفهن عن الرجال وثانيا:حتي يتمكن النساء من حسن الائتمام.أي اتباع الإمام في ركوعه وسجوده , ولا يغني عن ذلك سماع تكبيره.


    قال الألباني : ينبغى أن يكون هناك مكان لصلاة النساء لكن هذا المكان ليس من الضرورى أن يكون محجوب عن الرجال بستارة أو بجدار لأن اللباس الشرعى الذى يفترض أن يكون من ملبوسات النساء هو الحجاب ولأن النساء يحسن بهن أن يشاركن الرجال فى رؤية الإمام وحركات المقتدين من خلفه وهذا كله من هديه عليه السلام وسيرته.

    ورد في المدونة الكبري : قال بن القاسم : سألت مالكا عن قوم أتو المسجد فوجدوا الرحبة- رحبة المسجد- قد امتلأت من النساء وقد امتلأ المسجد من الرجال فصلي الرجال خلف النساء بصلاة الإمام؟ قال : صلاتهم تامة ولا يعيدون.

    3. خير صفوف النساء آخرها :

    • عن أبي هريرة قال : قال رسول الله : خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها.

    فيه حث الرجال على الصف الأول، وإرشاد النساء بالتباعد عن صفوف الرجال ، تجنبا لأسباب الفتنة بين الجنسين في الصلاة ، فضلا عما في الوقوف بين يدي الله في الصلاة من لزوم التخلي عما قد يقطع المصلي عن الخشوع وهذا ما تفيده لفظة (خير) ولا تفيد تحريم الاختلاط، كما زعم من احتج بهذا على المنع . ومفردة "الشر" في الحديث "نسبية"، وأن الصلاة خير كلها للرجال والنساء فإنهم بلا شك مأجورون في الصلاة كلهم وليس منهم آثم.

    4. تأخير النساء رفع رؤوسهن من السجود حيث لا حجاب بين الرجال والنساء :

    • عن سهل بن سعد قال : كان الناس يصلون مع النبي صلي الله عليه وسلم وهم عاقدوا أزرهم من الصغر علي رقابهم... فقيل للنساء:لاترفعن رؤوسكن حتي يستوي الرجال جلوسا.( رواه البخاري ومسلم )

    قال الحافظ : وإنما نهي النساء عن ذلك لئلا يلمحن عند رفع رؤوسهن من السجود شيئاً من عورات الرجال.

    5. التسبيح للرجال والتصفيق للنساء :

    • عن سهل بن سعد الساعدي...فقال رسول الله : مالي رأيتكم أكثرتم التصفيق, من نابه شيء في صلاته فليسبح , فإنه إذا سبح التفت إليه, وإنما التصفيق للنساء. ( رواه البخاري ومسلم )

    قال الزركشي : وقد أطلقوا التصفيق للمرأة ، ولا شك أن موضعه إذا كانت بحضرة رجال أجانب ، فلو كانت بحضرة النساء أو الرجال المحارم فإنها تسبح كالجهر بالقراءة بحضرتهم .

    6. تخفيف الإمام الصلاة رفقاً بالنساء :

    • عن أنس بن مالك أن النبي صلي الله عليه وسلم قال : إني لأدخل في الصلاة وأنا أريد إطالتها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي مما أعلم من شدة وجد أمه من بكائه. ( رواه البخاري ومسلم )

    7. افساح المجال ليخرج النساء قبل الرجال :

    • عن هند بنت الحارث أن أم سلمة زوج النبي صلي الله عليه وسلم أخبرتها أن النساء في عهد رسول الله كن إذا سلمن من المكتوبة قمن وثبت رسول الله ومن صلي من الرجال ما شاء الله , فإذا قام رسول الله قام الرجال. وفي رواية قالت : كان رسول الله إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه ومكث يسيرا قبل أن يقوم. ( رواه البخاري )

    رسول الله لاحظ أن الرجال الذين يسرعون الانصراف بعد الصلاة مباشرة يزاحمون النساء عند الخروج من المسجد , وفي ذلك فتنة للرجال والنساء سواء , فأشار بهذا التدبير الهين لأمن الفتنة ولم يمنع النساء من المسجد لتجنب لقاء النساء الرجال.
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 2093
    تاريخ التسجيل : 01/03/2010
    الموقع : hmsain.ahlamontada.com

    مشاركة المرأة المسلمة في الحياة الاجتماعية ولقاؤها الرجال Empty رد: مشاركة المرأة المسلمة في الحياة الاجتماعية ولقاؤها الرجال

    مُساهمة  Admin الأحد 14 أغسطس 2011 - 17:06

    في طلب العلم

    • عن أبي سعيد الخدري جاءت امرأة إلي رسول الله فقالت : يارسول الله ذهب الرجال بحديثك ( وفي رواية : غلبنا عليك الرجال ) فاجعل لنا من نفسك يوما نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله , فقال: اجتمعن يوم كذا و كذا في مكان كذا و كذا.( رواه البخاري ومسلم )

    قال ابن حجر: ... و في الحديث ما كان عليه نساء الصحابة من الحرص علي تعلم أمور الدين.

    ولنكن علي ذكر أن طلب النساء يوما لهن خاصة لم يكن إعراضا منهن عن تلقي العلم مع الرجال في مجلس واحد إنما كان حرصا منهن علي أن ينعمن بفرصة أوسع ومجال أرحب بجوار المجال المشترك مع الرجال في المسجد. وقد ظللن بعد تقرير هذا اليوم الخاص بهن يغشين المسجد ومصلي العيد يستمعن العلم وينصتن إلي العظة مع الرجال.

    • عن أم الفضل بنت الحارث أن ناسا تماروا عندها يوم عرفة في صوم النبي صلي الله عليه وسلم فقال بعضهم : هو صائم , فأرسلت إليه بقدح لبن وهو واقف علي بعيره فشربه.( رواه البخاري ومسلم )
    تماروا : إختلفوا

    قال الحافظ : وفي الحديث من الفوائد ... المناظرة في العلم بين الرجال والنساء.

    • عن عائشة , أن أسماء بنت شَكَل سألت النبي صلي الله عليه وسلم عن غسل المحيض ... فقالت عائشة : نعم نساء الأنصار لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين. ( رواه مسلم )

    • عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبه أن أباه كتب إلى عمر بن عبدالله بن الأرقم الزهري يأمره أن يدخل إلى سبيعة بنت الحارث الأسلمية فيسألها عن حديثها وعن ما قال لها رسول الله حين استفتته ، فكتب عمر بن عبد الله بن الأرقم إلى عبد الله بن عتبه يخبره أن سبيعه بنت الحارث أخبرته أنها كانت تحت سعد ابن خوله وهو من بني عامر بن لؤي وكان ممن شهد بدرا فتوفى عنها في حجة الوداع...( رواه البخاري ومسلم )

    • عن أبي بكر بن أبي الجهم قال : دخلت أنا وأبو سلمة بن عبد الرحمن علي فاطمة بنت قيس فسألناها فقالت : كنت عند أبي عمرو بن عمرو بن حفص بن المغيرة فخرج في غزوة نجران ...(رواه مسلم)

    • عن مسلم القري قال : سألت ابن عباس رضي الله عنهما عن مُتْعة الحج فرخص فيها وكان ابن الزبير ينهي عنها. فقال : هذه أم ابن الزبير تحدث أن رسول الله رخص فيها فادخلوا عليها فاسألوها. قال : فدخلنا عليها فإذا امرأة ضخمة عمياء فقالت : قد رخص رسول الله فيها.(رواه مسلم)

    كان النساء يأتين رسول الله كلما عنَّ لهن سؤال , أو بدت لهن حاجة , دون اللجوء إلي زوج أو محرم ليقوم هو بسؤال رسول الله , فقد لا يتيسر هذا للرجل وقد لا يستجيب بسهولة وقد يرفض وقد يبطيء وقد لا يحسن فهم السؤال والجواب ونقلهما , إلي غير ذلك من الاحتمالات. فالأيسر إذن أن تذهب صاحبة الحاجة لتحقيق حاجتها من أقرب طريق , ولو اقتضي الأمر لقاء الرجال أي رسول الله وصحبه وهذه بعض النماذج :

    • عن بريدة رضي الله عنه قال:بينا أنا جالس عند رسول الله إذ أتته امرأة فقالت : إني تصدقت علي أمي بجارية وإنها ماتت.قال:وجب أجرك وردها عليك الميراث ... (رواه مسلم)

    • عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة من جهينة جاءت إلي رسول الله فقالت : إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتي ماتت أفأحج عنها؟ قال : نعم حجي عنها ... (رواه البخاري)

    وهناك قصة من خارج الصحيحين فيها بعض طرافة وغرابة , ذلك أن رجلا من الأنصار بعث امرأته لتسأل رسول الله عن أمر نحسب أنه هو أولي بالسؤال عنه منها , وإذ لم يكتف الرجل بجواب الرسول الكريم بعثها لتسأل للمرة الثانية وكل ذلك حدث دون حرج لا من الرجل ولا من المرأة. ثم إن رسول الله لم ينكر كيف تسأل المرأة وتعيد السؤال وزوجها مقيم غير مسافر. وهذا نص الحديث :

    • عن عطاء أن رجلا من الأنصار قبّل امرأته علي عهد رسول الله وهو صائم فأمر امرأته فسألت النبي صلي الله عليه وسلم عن ذلك فقال النبي صلي الله عليه وسلم : إن رسول الله يفعل ذلك. فأخبرته امرأته فقال : إن النبي يرخَّص له في أشياء , فارجعي إليه فقولي له. فرجعت إلي النبي فقالت : قال إن النبي يرخص له في أشياء فقال : أنا أتقاكم لله وأعلمكم بحدود الله .. (رواه أحمد)


    في الحج

    • عن بن عباس عن النبي صلي الله عليه وسلم : لقي ركباً بالروحاء فقال:من القوم؟ قالوا: المسلمون فقالوا: من أنت؟ قال:رسول الله , فرفعت إليه امرأة صبياً فقالت:ألهذا حج؟ قال:نعم ولك أجر.(رواه البخاري ومسلم)

    • عن عبد الله بن عباس قال : كان الفضل رديف رسول الله فجاءت امرأة من خثعم تستفتي رسول الله ... وذلك في حجة الوداع... ( رواه البخاري ومسلم )
    أردف : حمل خلفه
    خثعم : اسم قبيلة مشهورة

    قال ابن بطال : وفيه دليل علي أن نساء المؤمنين ليس عليهن من الحجاب ما يلزم أزواج النبي صلي الله عليه وسلم إذ لو يلزم ذلك جميع النساء لأمر النبي صلي الله عليه وسلم الخثعمية بالاستتار ولما صرف وجه الفضل.

    • عن بن جريج قال : أخبرنا عطاء إذ منع بن هشام النساء الطواف مع الرجال قال : كيف تمنعهن وقد طاف نساء النبي صلي الله عليه وسلم مع الرجال ؟ قلت : بعد الحجاب أو قبل ؟ قال : أي لعمري لقد أدركته بعد الحجاب , قلت كيف يخالطن الرجال ؟ قال لم يكن يخالطن, كانت عائشة رضي الله عنها تطوف حجرة من الرجال لا تخالطهم , فقالت أمرأة: إنطلقي نستلم يا أم المؤمنين , قالت : إنطلقي عنك , وأبت. فكن يخرجن متنكرات بالليل فيطفن مع الرجال ولكنهن كن إذا دخلن البيت قمن حتي يدخلن وأخرج الرجال, وكنت آتي عائشة أنا وعبيد بن عمير وهي مجاورة في جوف ثبير, قلت وما حجابها ؟ قال : هي قبة تركية لها غشاء وما بيننا وبينها غير ذلك,ورأيت عليها درعا موردا. ( رواه البخاري)
    حجرة : ناحية و تطوف حجرة أي تطوف معتزلة
    متنكرات : مستترات
    درعا موردا : قميصا لونه لون الورد

    بوب عليه البخاري بقوله «باب طواف النساء مع الرجال» استنباطا من ذلك الحديث.

    يلاحظ هنا تميز حج نساء النبي صلي الله عليه وسلم عن حج نساء المؤمنين بمزيد من البعد عن الرجال , وذلك بسبب فرض الحجاب عليهن, فيطفن بالليل متنكرات ومعتزلات عن الرجال,بينما عامة النساء يطفن بالليل والنهار ويستلمن الحجر الأسود إذا تيسر لهن ذلك ويخالطن الرجال خلال مناسك الحج.فعائشة رضي الله عنها رفضت أن تطوف مع الرجال بينما في المقابل قالت للمرأة أن تذهب وتستلم الحجر.

    والحديث يؤيد أن الاختلاط كان يراد به القرب الشديد ، وليس فقط اجتماع النساء بالرجال في المكان الواحدة لمقصد مشروع أو حسن مطلوب.

    • عن أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي صلي الله عليه وسلم قالت : شكوت إلي رسول الله أني أشتكي فقال : طوفي من وراء الناس وأنت راكبة فطفت ورسول الله حينئذ يصلي إلي جنب البيت وهو يقرأ والطور وكتاب مسطور. (رواه البخاري )

    و ذلك ليس إلا إرشادها لما كانت شاكية أي مريضة أن تطوف راكبة من وراء الناس , لئلا تؤذيهم بدابتها.


    في الجهاد

    • عن الربيع بنت معوذ قالت:كنا نغزو مع النبي صلي الله عليه وسلم فنسقي القوم ونخدمهم ونرد الجرحي والقتلي إلي المدينة.( رواه البخاري )

    • عن أنس أن أم سليم اتخذت يوم حنين خنجرًا، فكان معها، فرآها أبو طلحة زوجها فقال: يا رسول الله، هذه أم سليم معها خنجر فقال لها رسول الله :"مَا هَذَا الْخِنْجَر" ؟ قالت: اتخذته، إن دنا منى أحد المشركين بقرت به بطنه فجعل رسول الله يضحك.( رواه مسلم )

    • عن أنس بن مالك : كان رسول الله يغزو بأم سليم ونسوة من الأنصار معه إذا غزا , فيسقين الماء ويداوين الجرحي. ( رواه مسلم )

    • عن أم سنان الأسلمية قالت : لما أراد رسول الله الخروج جئته فقلت : يا رسول الله أخرج معك في وجهك هذا ، أخرز السقاء وأداوي المرضى والجريح إن كانت جراح - ولا يكون - وأنظر الرحل . فقال رسول الله اخرجي على بركة الله فإن لك صواحب قد كلمنني وأذنت لهن من قومك ومن غيرهم فإن شئت فمع قومك وإن شئت فمعنا . قلت : معك قال فكوني مع أم سلمة زوجتي . قالت فكنت معها .(الطبقات الكبري لابن سعد)
    أخرز السقاء : أخيط السقاء
    أبصر الرحل : أحرس الخيام والأمتعة

    الجهاد ليس واجب علي النساء ولكن لهن أن يتطوعن ولو توافر الرجال.

    • عن حفصة بنت سيرين : ... فجاءت امرأة ... فحدثت أن زوج أختها غزا مع النبي ثنتي عشرة غزوة فكانت أختها معه في ست غزوات قالت : فكنا نقوم علي المرضي ونداوي الكَلْمي ... (رواه البخاري)
    الكلمي : الجرحي

    يلاحظ هنا كيف شاركت إحدي النساء زوجها في ست غزوات مع رسول الله وكيف كان النساء يقمن بأعمال تقتضي مخالطة الرجال.

    قال الحافظ بن حجر : في هذا الحديث من الفوائد جواز مداواة المرأة الرجال الأجانب إذا كانت بإحضار الدواء مثلا والمعالجة من غير مباشرة إلا إن احتيج إليها عند أمن الفتنة.

    كلام ابن حجر هنا عام سواء في الجهاد وغيره وقد بوب البخاري بقوله : "باب: مداواة النساء الجرحي", "باب: هل يداوي الرجل المرأة والمرأة الرجل؟"

    • اشتركت أم عمارة رضي الله عنها في حرب الردة ضد مسيلمة الكذاب ورجعت وفيها عشر جراحات. (صفوة الصفوة لابن الجوزي)

    وقال ابن حجر: شهدت أم عمارة قتال مسيلمة الكذاب , وجرحت يومئذ اثنتي عشرة جراحة , وقطعت يدها , وقتل ابنها خبيب.(الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر)

    • خرجت أم حكيم بنت الحارث مع زوجها عكرمة بن أبي جهل إلي غزوة الروم فاستشهد زوجها , وتزوجها بعده خالد بن سعيد بن العاص وقاتل الروم حتي قتل , فلما رأت ذلك شدت عليها ثيابها فقتلت يومئذ بعمود فسطاط سبعة من الروم. (الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر)


    خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

    • عن جابر أن النبي صلي الله عليه وسلم دخل علي أم مبشر الأنصارية في نخل لها فقال لها النبي صلي الله عليه وسلم : من غرس هذا النخل أمسلم أم كافر؟ فقالت : بل مسلم فقال : لايغرس مسلم غرساً ولا زرعاً فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا شيء إلا كانت له صدقة. ( رواه مسلم )

    • عن أنس بن مالك قال : مر النبي صلي الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر فقال : اتقي الله واصبري , قالت إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي ولم تعرفه فقيل لها : إنه النبي , فأتت باب النبي صلي الله عليه وسلم فلم تجد عنده بوابين فقالت: لم أعرفك فقال: إنما الصبر عند الصدمة الأولي.(رواه البخاري ومسلم )

    أورد البخاري هذا الحديث مختصرا في باب ( قول الرجل للمرأة عند القبر اصبري )

    قال الحافظ : قال الزين بن المنير ما محصله : عبر بقوله الرجل ليوضح أن ذلك لايختص بالنبي صلي الله عليه وسلم... وموضع الترجمة من الفقه جواز مخاطبة الرجال النساء في مثل ذلك بما هو أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو موعظة أو تعزية وأن ذلك لا يختص بعجوز دون الشابة لما يترتب عليه من المصالح الدينية.

    • جاء في كتاب "الاستيعاب" لابن عبد البر أن سمراء بنت نهيك الأسدية أدركت النبي صلي الله عليه وسلم وعمّرت , وكانت تمر في الأسواق تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر , وتضرب الناس علي ذلك بسوط كان معها.

    • عن جابر بن عبد الله قال: طُلقت خالتي فأرادت أن تجد نخلها فزجرها رجل أن تخرج فأتت النبي صلي الله عليه وسلم فقال: بلي فجدي نخلك فإنه عسي أن تصدقي أو تفعلي معروفاً.(رواه مسلم )
    تجد نخلها : تجمع ثمار نخلها

    • عن قيس بن أبي حازم قال : دخل أبو بكر علي امرأة من أحمس يقال لها زينب بنت المهاجر فرآها لا تكلم فقال : ما لها لا تكلم ؟ قالوا : حجت مصمتة, قال لها : تكلمي فإن هذا لا يحل هذا من عمل الجاهلية , فتكلمت فقالت : من أنت؟ قال : امرؤ من المهاجرين... ( رواه البخاري )

    عند طلب المعروف وتقديم المعروف

    • عن أنس بن مالك قال:كانت الأمة من إماء أهل المدينة لتأخذ بيد رسول الله فتنطلق به حيث شاءت.(رواه البخاري )

    • عن أسماء قالت: .. فجاءني رجل فقال: يا أم عبد الله ، إني رجل فقير أردت أن أبيع في ظل دارك. قالت: إني إن رخصت لك أبىَ ذلك الزبير، فتعال فاطلب إليَّ والزبير شاهد. فجاء الرجل فقال: يا أم عبد الله، إني رجل فقير أردت أن أبيع في ظل دارك. فقالت: ما لك بالمدينة إلا داري! فقال لها الزبير: ما لك أن تمنعي رجلاً فقيرًا يبيع.فكان يبيع إلى أن كسب. (رواه مسلم)

    هنا نرى أسماء تعمل الحيلة لمعالجة غيرة زوجها ، ونرى الزبير في الوقت نفسه يغلب حب عمل المعروف على مشاعر الغيرة.

    • عن خارجة بن زيد بن ثابت : أن أم العلاء ( امرأة من نسائهم ) بايعت النبي صلي الله عليه وسلم أخبرته أن عثمان بن مظعون طار لهم في السكني حين اقترعت الأنصار علي سكني المهاجرين قالت أم العلاء : فاشتكي عثمان عندنا فَمَرَّضْتُه حتي توفي ... (رواه البخاري)
    طار لهم : خرج من القرعة لهم

    نموذج من تقديم المعروف في القرآن الكريم

    {ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير * فسقي لهما ثم تولي إلي الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير * فجاءته إحداهما تمشي علي استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين } . ...القصص

    هذه الآيات الكريمة تشتمل علي عدة مجالات للمشاركة واللقاء وليس مجالا واحدا فحسب وهي:

    1. العمل المهني أي رعي الأغنام {ووجد من دونهم امرأتين تذودان}
    2. السؤال وتحري الآحوال {قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء}
    3. تقديم المعروف {فسقي لهما ثم تولي إلي الظل}
    4. المكافئة علي المعروف {قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا }

    الحياء هو ذاك الخلق الذي يبعث علي اجتناب القبيح من الفعال , وهو صفة للرجال والنساء وليست مقصورة على النساء , وهو غير الخجل المرضي الذي يحول بين الفرد رجلا كان أو امرأة وبين قول الحق في موقف أو يصرفه عن فعل الخير في موقف , وذلك لأدني ملابسة أوعارض يحيط بهذا الموقف أو ذاك , كأن يكون هناك حشد كبير , أو يكون الفرد حديث عهد بالأشخاص الحضور, أو يكون أصغرهم سنا أو مكانة , أو يكون الحضور من الجنس الآخر بعضهم أو كلهم , أو يكون موضوع قول الحق أو عمل المعروف له علاقة بالجنس الآخر.

    قال تعالي : {فجاءته إحداهما تمشي علي استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا} فهذه فتاة تخرج للقاء رجل غريب , ومن الطبيعي بل ومحمود أن يصيبها قدر من الحياء , لكن أن يبلغ بها الحياء درجة تمنعها من الخروج لهذا اللقاء وتحقيق مصلحة واجبة أو مندوبة , فهذا هو المرفوض المذموم.

    ولنتأمل موقف موسي عليه السلام , إنه ينزل مدين غريبا , والغريب عادة يتحفظ في أموره , خاصة في تعامله مع نساء البلد الجديد. ولكنه ما أن يلمح {امرأتين تذودان} بينما {أمة من الناس يسقون} حتي يشعر بواجبه تجاه المرأتين فيتقدم نحوهما ويخاطبهما , وهو رجل فيه فتوة وهما فتاتان في مقتبل العمر. فما دخل هذا الرجل الغريب؟ وكيف يجرؤ علي مخاطبة الفتاتين , وأهل بلدتهما حضور , وهم أعرف بهما وبحاجتهما؟ ولكن موسي عليه السلام تدفعه المروءة ليقدم المعروف. ولا فرق أن يقدم المعروف لرجال أو لفتاتين في مقتبل العمر. إنها سنة الحياة يعيش فيها الرجال والنساء , ويلقي فيها الرجال النساء , فيتبادلون المعروف دونما حرج أو تكلف.

    لم يتحرج موسي عليه السلام من سؤالهما : ما خطبكما ؟ ولم تتحرج الفتاتان من التحدث مع رجل غريب يريانه في البلدة لأول مرة , بل أجابتا علي الفور : {لا نسقي حتي يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير} ثم لم تستنكفا من قبول المعروف من الرجل الغريب. وأخيرا ما بال الوالد الشيخ الكبير يرسل إحدي الفتاتين تستدعي رجلا فتيا غريبا؟ نعم لا حرج فلابد من شكر الرجل علي مروءته. وجاءت الفتاة تمشي علي استحياء مما يشير إلي أنها شريفة عفيفة وليست من أولئك المائلات المميلات اللاتي يرحبن بلقاء الرجال لأغراض مريبة. ولكن الحياة تفرض علي الشريفات أحيانا لقاء الرجال. وهكذا كان اللقاء في البداية لتقديم المعروف وفي النهاية للشكر علي المعروف وفي كل الأحوال كان جادا خيرا.

    إذا كانت هناك مشاهد لعمل المعروف المادي , فهناك مشاهد أخري لعمل المعروف المعنوي , مثل تكريم أهل الفضل والتهنئة في المسرات والعيادة في المرض والمواساة عند المصائب وكل هذه من صالح الأعمال التي يدعو إليها الشارع الحكيم و يحض عليها. وهل من سبيل لأن يتم تبادل هذه المشاعر النبيلة بين الرجال والنساء بغير حدوث لقاء؟ لماذا نعطل هذه المشاعر ونحجر عليها وكأنها عمل شائن بدعوي أمن الفتنة؟ ألا يكفي أن نذكر الناس بتقوي الله عز وجل ونحذرهم من الفتنة ثم ندعهم بعد ذلك يظهرون مشاعرهم النبيلة إذا أمنوا الفتنة؟
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 2093
    تاريخ التسجيل : 01/03/2010
    الموقع : hmsain.ahlamontada.com

    مشاركة المرأة المسلمة في الحياة الاجتماعية ولقاؤها الرجال Empty رد: مشاركة المرأة المسلمة في الحياة الاجتماعية ولقاؤها الرجال

    مُساهمة  Admin الأحد 14 أغسطس 2011 - 17:11

    في الإحتفالات والولائم

    • عن أبي بكر الصديق قال :.. فقدمنا المدينة ليلا (يوم الهجرة) فتنازعوا أيهم ينزل عليه رسول الله فقال : أنزل علي بني النجار أخوال عبد المطلب أكرمهم بذلك.فصعد الرجال والنساء فوق البيوت وتفرق الغلمان والخدم في الطرق ينادون : يا محمد يا رسول الله يا محمد يا رسول الله. (رواه مسلم)

    • عن خالد بن ذكوان قال : قالت الربيع بنت معوذ : جاء النبي صلي الله عليه وسلم يدخل حين بني علي فجلس علي فراشي كمجلسك مني فجعلت جويرات لنا يضربن بالدف ويندبن من قتل من آبائي يوم بدر إذ قالت احداهن : وفينا نبي يعلم ما في غد , فقال : دعي هذا وقولي بالذي كنت تقولين. ( رواه البخاري )

    ورد في فتح الباري : قال المهلب : في هذا الحديث إعلان النكاح بالدف وبالغناء المباح وفيه إقبال الإمام إلي العرس وإن كان فيه لهو مالم يخرج عن حد المباح.
    وورد فيه أيضا : أخرج الطبراني بإسناد حسن من حديث عائشة أن النبي صلي الله عليه وسلم مر بنساء من الأنصار في عرس لهن وهن يغنين :
    وأهدي لها كبشا تنحنح في المربد.....وزوجك في البادي وتعلم ما في غد
    فقال : لا يعلم ما في غد إلا الله.

    • عن أنس قال : رأي النبي صلي الله عليه وسلم النساء والصبيان مقبلين من عرس فقام النبي صلي الله عليه وسلم مُمْثَلا فقال : اللهم أنم من أحب الناس إليّ.قالها ثلاث مرات. (رواه البخاري ومسلم)

    • عن عامر بن سعد قال : دخلت علي قرظة بن كعب وأبي مسعود الأنصاري في عرس , فإذا جوار يغنين فقلت : أي صاحبي رسول الله وأهل بدر يفعل هذا عندكم؟ فقالا : اجلس إن شئت فاسمع معنا وإن شئت فاذهب فإنه قد رخص لنا في اللهو عند العرس.(رواه النسائي)
    • عن سهل قال : لما عرس أبو أسيد الساعدي دعا النبي صلي الله عليه وسلم وأصحابه فما صنع لهم طعاماً ولا قدمه إليهم إلا امرأته أم أسيد, بلّت (وفي رواية: أنقعت) تمرات في تور من حجارة من الليل، فلما فرغ النبي صلي الله عليه وسلممن الطعام أماثته له فسقته تتحفه بذلك(فكانت امرأته يومئذ خادمهم وهي العروس).(رواه البخاري ومسلم)
    أماثته : مرسته بيدها وأذابته

    أورد البخاري هذا الحديث في باب : ( قيام المرأة علي الرجال في العرس وخدمتهم بالنفس ).وقال الحافظ : وفي الحديث جواز خدمة المرأة زوجها ومن يدعوه ولا يخفي أن محل ذلك عند أمن الفتنة ومراعاة ما يجب عليها من الستر.

    وذكر الألباني من آداب الزفاف قيام العروس علي خدمة الرجال : ( ولا بأس من أن تقوم على خدمة المدعوين العروس نفسها إذا كانت متسترة وأمنت الفتنة).

    • عن أيوب عن حفصة قالت : كنا نمنع عواتقنا أن يخرجن في العيدين فقدمت امرأة فنزلت قصر بني خلف فحدثت عن أختها وكان زوج أختها غزا مع النبي صلي الله عليه وسلم ثنتي عشرة غزوة وكانت أختي معه في ست قالت كنا نداوي الكلمى ونقوم على المرضى فسألت أختي النبي صلي الله عليه وسلم أعلى إحدانا بأس إذا لم يكن لها جلباب أن لا تخرج قال لتلبسها صاحبتها من جلبابها ولتشهد الخير ودعوة المسلمين فلما قدمت أم عطية سألتها أسمعت النبي صلي الله عليه وسلم قالت بأبي نعم وكانت لا تذكره إلا قالت بأبي سمعته يقول يخرج العواتق وذوات الخدور أو العواتق ذوات الخدور والحيض وليشهدن الخير ودعوة المؤمنين ويعتزل الحيض المصلى قالت حفصة فقلت الحيض فقالت أليس تشهد عرفة وكذا وكذا. ( رواه البخاري )

    قال الحافظ : ( قوله : من جلبابها ) أي تعيرها من ثيابها ما لا تحتاج اليه... وكأنهم كانوا يمنعون العواتق من الخروج لما حدث بعد العمر الأول من الفساد ولم تلاحظ الصحابة ذلك بل رأت استمرار الحكم علي ما كان عليه في زمن النبي صلي الله عليه وسلم.


    في الزيارة

    • عن مولي ابن عباس... فقالت أم سلمة رضي الله عنها : سمعت النبي صلي الله عليه وسلم ينهي عن الركعتين ( أي الركعتين بعد العصر ) ثم رأيته يصليهما حين صلي العصر, ثم دخل علي وعندي نسوة من بني حرام من الأنصار..(رواه البخاري ومسلم)

    ورد في فتح الباري : ... وفيه زيارة النساء المرأة ولو كان زوجها عندها.

    • عن عائشة رضي الله عنها في قصة الإفك قالت: فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : "من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي، فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا،وقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا ، وما كان يدخل على أهلي إلا معي...(رواه البخاري)

    وفيه جواز دخول الرجل على المرأة إذا كان زوجها معها.

    • عن عائشة أن النبي صلي الله عليه وسلم دخل عليها وعندها امرأة, قال : من هذه ؟ قالت فلانه تذكر من صلاتها, قال : مه ! عليكم بما تطيقون, فوالله لا يمل الله حتي تملوا.(رواه البخاري ومسلم)

    • عن عائشة:... فقدمنا المدينة فاشتكيت حين قدمت شهراً والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك... فبينا أبواي جالسان عندي وأنا أبكي فاستأذنت علي امرأة من الأنصار, فأذنت لها فجلست تبكي معي, قالت : فبينا نحن علي ذلك , دخل رسول الله صلي الله عليه وسلم علينا فسلم ثم جلس...(رواه البخاري ومسلم)

    • عن عبد الله بن عمرو بن العاص:... أن نفراً من بني هاشم دخلوا علي أسماء بنت عميس فدخل أبو بكر الصديق وهي تحته يومئذ فرآهم فكره ذلك, فذكر ذلك لرسول الله وقال : لم أر إلا خيراً, فقال رسول الله : إن الله قد برأها من ذلك ثم قام رسول الله علي المنبر فقال : (( لايدخلن رجل بعد يومي هذا علي مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان )).(رواه مسلم)
    وهي تحته : أي زوجه
    مغيبة : التي غاب عنها زوجها
    النبي صلي الله عليه وسلم اشترط في جواز الدخول وجود ما يزيل الخلوة, إبعادا للريبة, وتحقيقا للأمن من الفتنة.

    ** أبا بكر الصديق تزوج أسماء بنت عميس سنة 8 للهجرة أي بعد فرض الحجاب.

    • عن أبي موسي قال : بلغنا مخرج النبي صلي الله عليه وسلم ونحن باليمن فخرجنا مهاجرين إليه... فركبنا سفينة فألقتنا سفينتنا إلي النجاشي فوافقنا جعفر بن أبي طالب فأقمنا معه حتي قدمنا جميعا فوافقنا النبي صلي الله عليه وسلم حين فتح خيبر
    ( سنة 7 هـ) وكان أناس من الناس يقولون لنا سبقناكم بالهجرة, ودخلت أسماء بنت عميس, وهي ممن قدم معنا, علي حفصة زوج النبي زائرة وقد كانت هاجرت إلي النجاشي فيمن هاجر, فدخل عمر علي حفصة وأسماء عندها فقال عمر حين رأي أسماء : من هذه؟ قالت : أسماء بنت عميس , قال عمر : الحبشية هذه؟ البحرية هذه؟ قالت أسماء : نعم , قال سبقناكم بالهجرة فنحن أحق برسول الله منكم, فغضبت.... فلما جاء النبي صلي الله عليه وسلم قالت : يا نبي الله إن عمر قال كذا وكذا ....قال : ليس بأحق بي منكم وله ولأصحابه هجرة واحدة ولكم أنتم أهل السفينة هجرتان. قالت: فلقد رأيت أبا موسى، وأهل السفينة، يأتوني أرسالا يسألوني عن هذا الحديث، ما من الدنيا شيء هم به أفرح ولا أعظم في أنفسهم، مما قال لهم النبي صلي الله عليه وسلم.قال أبو بردة: قالت أسماء: فلقد رأيت أبا موسى وإنه ليستعيد هذا الحديث مني.( رواه البخاري ومسلم )

    هنا لاحرج أن يدخل عمر علي حفصه وأسماء عندها ولا حرج أيضاً في أن يكلم أسماء وتكلمه.
    وفي الحديث طلب الرجال العلم من النساء.

    • عن عون أبي جحيفة عن أبيه قال : آخي النبي صلي الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء, فزار سلمان أبا الدرداء فرأي أم الدرداء متبذلة فقال لها : ماشأنك؟ قالت : أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا, فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاماً فقال : كل فإني صائم , قال : ما أنا بآكل حتي تأكل, فأكل, فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم فقال : نم, فنام ثم ذهب يقوم فقال : نم, فلما كان آخر الليل قال سلمان : قم الآن, قال: فصليا فقال سلمان : إن لربك عليك حقاً ولنفسك عليك حقاً ولأهلك عليك حقاً فأعط كل ذي حق حقه, فأتي النبي صلي الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال النبي : صدق سلمان... ( رواه البخاري )
    متبذلة : أي لابسة ثياب البذلة وهي المهنة والمراد أنها تاركة ثياب الزينة

    هنا يدخل (في غير خلوة) صحابي جليل علي امرأة أخيه في الله ثم إنه حين يراها متبذلة يتحري منها السبب وهي من جانبها تصارحه دونما حرج.
    قال الحافظ بن حجر: وفي الحديث من الفوائد مشروعية المؤاخاة في الله وزيارة الإخوان والمبيت عندهم وجواز مخاطبة الأجنبية للحاجة والسؤال عما يترتب عليه المصلحة وإن كان في الظاهر لا يتعلق بالسائل.

    • عن أبي بردة قال دخلت على أبي موسى وهو في بيت بنت الفضل بن عباس فعطست فلم يشمتني وعطست فشمتها فرجعت إلى أمي فأخبرتها فلما جاءها قالت عطس عندك ابني فلم تشمته وعطست فشمتها فقال إن ابنك عطس فلم يحمد الله فلم أشمته وعطست فحمدت الله فشمتها سمعت رسول الله يقول إذا عطس أحدكم فحمد الله فشمتوه فإن لم يحمد الله فلا تشمتوه.(رواه مسلم)

    وفيه تشميت الرجل المرأة.

    خلال بذل المودة وحسن الرعاية

    • عن أنس قال : كان النبي صلي الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا وكان لي أخ يقال له أبو عمير, وكان إذا جاء قال : يا أبا عمير ما فعل النغير؟ نغير كان يلعب به, فربما حضرت الصلاة وهو في بيتنا ( بيت أم سليم ) فيأمر بالبساط الذي تحته فيكنس وينضح ثم يقوم ونقوم خلفه فيصلي بنا.( رواه البخاري ومسلم )
    النغير : طائر يشبه العصفور

    جاء في فتح الباري:... وفي الحديث جواز زيارة الرجل للمرأة الأجنبية إذا لم تكن شابة وأمنت الفتنة... وفيه جواز قيلولة الشخص في بيت غير بيت زوجته ولو لم تكن فيه زوجته ومشروعية القيلولة, وجواز قيلولة الحاكم في بيت بعض رعيته ولو كانت أمرأة وجواز دخول الرجل بيت المرأة وزوجها غائب ولو لم يكن محرما إذا أمنت الفتنة...

    لطلب الدعاء والبركة

    • عن السائب بن يزيد قال : ذهبت بي خالتي إلي النبي صلي الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إن ابن أختي وقع, فمسح رأسي ودعا لي بالبركة ثم توضأ فشربت من وضوئه ثم قمت خلف ظهره , فنظرت إلي خاتم النبوة بين كتفيه مثل زر الحجله. ( رواه البخاري ومسلم )

    • عن عبد الله بن هشام وكان قد أدرك النبي صلي الله عليه وسلم وذهبت به أمه زينب بنت حميد إلي رسول الله فقالت يا رسول الله بايعه فقال : هو صغير, فمسح رأسه ودعا له. ( رواه البخاري )

    • عن أم قيس بنت محصن أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلي رسول الله فأجلسه رسول الله في حجره فبال علي ثوبه فدعا بماء فنضحه.(رواه البخاري ومسلم)

    • عن أبي هريرة قال : أتت امرأة النبي صلي الله عليه وسلم بصبي لها فقالت : يا نبي الله ادع لي الله له ( وفي رواية إنه يشتكي وإني أخاف عليه ) فلقد دفنت ثلاثة.قال : دفنت ثلاثة؟ قالت : نعم.قال : لقد احْتَظَرْت بحظار شديد من النار.(رواه مسلم)


    اللقاء خلال الضيافة

    • عن فاطمة بنت قيس :... فأمرها رسول الله أن تعتد في بيت أم شريك ثم قال : تلك امرأة يغشاها أصحابي إعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمي تضعين ثيابك عنده , وفي رواية : فإني أكره أن يسقط عنك خمارك أو ينكشف الثوب عن ساقيك فيري القوم منك بعض ما تكرهين... ( رواه مسلم )
    يغشاها : يمرون عليها


    هذه القصة وقعت في آخر حياته صلي الله عليه وسلم ، لأن فاطمة بنت قيس ذكرت أنها بعد انقضاء عدتها سمعت النبي صلي الله عليه وسلم يحدث بحديث تميم الداري ، وأنه جاء وأسلم.وقد ثبت في ترجمة تميم أنه أسلم سنة تسع ، فدلَّ ذلك على تأخر القصة عن آية الحجاب.

    1. أم شريك امرأة من الأنصار غنية عظيمة النفقة في سبيل الله ينزل عليها الضيفان , ولم يكن هناك حاجز بين مكان نزول الضيفان ومكان إقامة أم شريك وإلا لما قال رسول الله ( فإني أكره أن يسقط عنك خمارك أو ينكشف الثوب عن ساقيك فيري القوم منك بعض ما تكرهين )

    2. إن رسول الله لم ينه فاطمة عن بيت أم شريك لتجنب لقاء الرجال لأن المخالطة حاصلة علي كل حال بين أم شريك ومن معها من أهلها وبين الضيفان, ثم هي قد وقعت بين فاطمة وبين ابن أم مكتوم مدة العدة كلها وليس ساعة أو بعض ساعة فتبصره ولا شك دون حرج .إنما أراد رسول الله الرفق بفاطمة فلا تظل مثقلة بثيابها السابغة مع الخمار طول اليوم , فإن حركة الرجال لا تنقطع في بيت أم شريك , فوجهها إلي بيت ابن أم مكتوم حتي إذا تخففت من ثيابها لم يرها الرجل.الأمر إذن يتعلق بالتخفف من الثياب أي يتعلق بالتيسير ولا يتعلق بتجنب لقاء الرجال.

    إذن هو بيت واحد يخالط الرجال فيه النساء ولاحرج علي فاطمة أن تري ابن أم مكتوم ولاحرج علي الضيفان أن يرو فاطمة وتراهم, وإنما الحرج في أن تظل مثقلة بالثياب السابغة طول اليوم.


    • عن الشعبي قال : دخلنا علي فاطمة بنت قيس فأتحفتنا برطب يقال له رطب بن طاب وأسقتنا سويق سلت فسألتها عن المطلقة ثلاث أين تعتد؟( رواه مسلم )
    تتحفه : تخصه أو تضيفه
    سويق سلت : نقيع نوع من الحبوب يشبه القمح

    • قصة الرجل الذي جاء إلى النبي صلي الله عليه وسلم : فقال صلي الله عليه وسلم : من يُضيف هذا الليلة رحمه الله؟ فقام رجل من الأنصار فقال: أنا يا رسول الله، فانطلق به إلى أهله فقال لامرأته: هل عندك شيء؟ قالت: لا إلا قوت صبياني. قال فعلليهم بشيء، فإذا دخل ضيفنا فأطفئي السراج وأريه أنا نأكل: فإذا أهوى ليأكل فقومي إلى السراج حتى تطفئيه. قال فقعدوا وأكل الضيف، فلما أصبح، غدا على النبي صلي الله عليه وسلم فقال:قد عجب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة.( رواه مسلم )

    قال الحافظ بن حجر في فتح الباري : هذا نص صريح في أن الصحابي جلس هو وزوجته مع الضيف كما يجتمع الأكلة على الطعام من التقارب وقد أقر رسول الله ذلك.

    قال النووي في شرحه لهذا الحديث: "هذا الحديث مشتمل على فوائد كثيرة.. منها الاحتيال في إكرام الضيف إذا كان يمتنع منه ,أي من الأكل، رفقًا بأهل المنزل لقوله: أطفئي السراج وأريه أنا نأكل، فإنه لو رأي قلة الطعام وأنهما لا يأكلان معه، لامتنع من الأكل".ومعنى ذلك أن الأنصاري وامرأته جلسا مع ضيفهما للأكل معه وإن لم يأكلا فعلاً ؛ إيثارًا للضيف على نفسيهما،فأنزل الله تعالى فيهما في كتابه العزيز  ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خَصاصة وهذا كله يدل على جواز أكل الزوجة وزوجها مع الضيف،وإنما جاز هذا الاختلاط لحاجة إكرام الضيف والقيام بواجب ضيافته.

    • عن قتادة قال: أخذ عليهن (أي أخذ رسول الله علي النساء في البيعة) ان لا يَنُحْنَ ولا يحدثن الرجال، فقال عبد الرحمن بن عوف: ان لنا اضيافا وانا نغيب عن نسائنا فقال رسول الله :ليس أولئك عنيت.( أخرجه الطبري)

    لاحرج عند غياب الأزواج استقبال نسائهم للضيفان الذين يعرفهم الأزواج ويثقون بهم.


    تبادل الهدايا بين الرجال والنساء

    • عن أم الفضل بنت الحارث أن ناساً تماروا عندها يوم عرفة في صوم النبي صلي الله عليه وسلم فقال بعضهم : هو صائم , فأرسلت إليه بقدح لبن وهو واقف علي بعيره فشربه. ( رواه البخاري ومسلم )

    قال الحافظ : في الحديث قبول الهدية من المرأة

    • عن سهل بن سعد قال : جاءت امرأة ببردة قال : أتدرون ما البردة؟ فقيل له : نعم هي الشملة منسوجة في حاشيتها قالت : يارسول الله إني نسجت هذه بيدي أكسوكها فأخذها النبي صلي الله عليه وسلم محتاجاً إليها فخرج إلينا وإنها إزاره... ( رواه البخاري )
    حاشية : جانب الشئ وطرفه
    شملة : كساء يتغطي به ويتلفف

    • عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أهديت أم حفيد خالة ابن عباس إلى النبي صلي الله عليه وسلم أقِطا وسمنا وأضُبَّا فأكل النبي صلي الله عليه وسلم من الأقط والسمن وترك الأضب تقذرا. ( رواه البخاري ومسلم )

    • عن عروة بن الزبير قال سمعت عائشة، رضي الله تعالى عنها، تقول: أهدت أم سنبلة لرسول الله لبنا فدخلت علي به فلم تجده فقلت لها إن رسول الله نهانا أن نأكل طعام الأعراب فدخل رسول الله وأبو بكر فقال يا أم سنبلة ما هذا معك فقالت يارسول الله لبن أهديته لك قال اسكبي يا أم سنبلة فناول أبا بكر ثم قال اسكبي يا أم سنبلة فتناول رسول الله فشرب قالت فقلت يا بردها على الكبد قالت عائشة يا رسول الله حدثتنا إنك نهيت عن طعام الأعراب فقال يا عائشة إنهم ليسوا بأعراب هم أهل باديتنا ونحن أهل حاضرتهم، وإذا دعوا أجابوا، فليسوا بأعراب.(المستدرك على الصحيحين)


    في عيادة المرضي

    1- عيادة النساء الرجال

    أورد البخاري الحديث الآتي تحت ( باب عيادة النساء الرجال ) وقال : وعادت أم الدرداء رجلا ًمن أهل المسجد من الأنصار.
    وذلك مشروط بالتستر وأمن الفتنة وعدم الخلوة وعلى ذلك يحمل كل ما ورد في مثل هذا , والذي ينظر الى هذا الحديث يجد أن أم الدرداء رضي الله عنها تعود رجلاً مريضًا كان من أهل المسجد ولم تجد في ذلك حرجًا مادام الأمر بضوابط , ومعلوم أن هذه الزيارة تتطلب لقائها معه ومع غيره من أهل الدار .

    • عن عائشة أنها قالت : لما قدم رسول الله المدينة وعك أبو بكر وبلال قالت : فدخلت عليهما فقلت : يا أبت كيف تجدك؟ ويا بلال كيف تجدك؟...( رواه البخاري )

    قال الحافظ : قوله باب عيادة النساء الرجال أي لو كانوا أجانب بالشرط المعتبر ( أي شرط الفتنة )... وقد اعترض عليه بأن ذلك قبل الحجاب, وأجيب بأن ذلك لا يضر فيما ترجم له من عيادة المرأة الرجل فإنه يجوز بشرط التستر والذي يجمع بين الأمرين ما قبل الحجاب وما بعده الأمن من الفتنة.

    ومن الشواهد علي عيادة النساء الرجال عيادة أم مبشر بنت البراء لكعب بن مالك لما حضرته الوفاة فإنها دخلت عليه وقالت : يا أبا عبد الرحمن اقرأ علي ابني السلام ( تعني مبشرا ) فقال : يغفر الله لك يا أم مبشر أو لم تسمعي ما قال رسول الله : (( إنما نسمة المسلم طير تعلق في شجر الجنة يرجعها الله عز وجل إلي جسده يوم القيامة )) , قالت : صدقت فأستغفر الله.(سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني)


    2- عيادة الرجال النساء

    • عن جابر بن عبد الله أن رسول الله دخل علي أم السائب فقال : مالك يا أم السائب تزفزفين قالت : الحمي لا بارك الله فيها, فقال : لا تسبي الحمي فإنها تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد. ( رواه مسلم )
    تزفزفين : ترتعدين

    • عن عائشة قالت : دخل رسول الله علي ضباعة بنت الزبير فقال لها : لعلك أردت الحج ؟ قالت والله لا أجدني إلا وجعه, فقال لها : حجي واشترطي قولي: اللهم محلي حيث حبستني, وكانت تحت المقداد بن الأسود.( رواه البخاري ومسلم )

    3- عيادة الرجال إخوانهم في حضور النساء

    • عن عبد الله بن عمر قال : اشتكي سعد بن عبادة شكوي له فأتاه النبي صلي الله عليه وسلم يعوده مع عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود, فلما دخل عليه وجده في غاشية أهله فقال : قد قضي؟ قالوا : لا يا رسول الله , فبكي النبي فلما رأي القوم بكاء رسول الله بكوا فقال : ألا تسمعون؟ إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا,وأشار إلي لسانه,أو يرحم.(رواه البخاري ومسلم)
    غاشية أهله : أي الذين يغشونه للخدمة من أهله

    • عن قيس بن أبي حازم قال : دخلنا علي أبي بكر في مرضه فرأيت عنده امرأة بيضاء موشومة اليدين تذب عنه وهي أسماء بنت عميس ( زوجه ). ( رواه الطبراني )
    موشومة اليدين : منقوشة اليدين بالحناء
    تذب عنه : تدفع عنه الذباب


    اللقاء علي الطعام والشراب

    • عن يزيد بن الأصم قال : .. فقال بن عباس... ان رسول الله بينما هو عند ميمونة وعنده الفضل بن العباس وخالد بن الوليد وامرأة أخري إذ قرب إليهم خوان عليه لحم فلما أراد النبي صلي الله عليه وسلم أن يأكل قالت له ميمونة : إنه لحم ضب فكف يده وقال : هذا لحم لم آكله قط وقال لهم : كلوا, فأكل منه الفضل وخالد بن الوليد والمرأة وقالت ميمونة : لا آكل من شئ إلا شيئ يأكل منه رسول الله. ( رواه مسلم )
    خوان : ما يجعل عليه الطعام

    • عن أنس بن مالك قال : أمر أبو طلحة أم سليم أن تصنع للنبي صلي الله عليه وسلم طعاماً لنفسه خاصة ثم أرسلتني إليه... فوضع النبي يده وسمي ثم قال : إئذن لعشرة فأذن لهم فدخلوا فقال كلوا وسموا الله فأكلوا حتي فعل ذلك بثمانين رجلا ً ثم أكل النبي صلي الله عليه وسلم بعد ذلك وأهل البيت وتركوا سؤرا.( وفي رواية : ثم أكل رسول الله وأبو طلحة وأم سليم وأنس بن مالك وفضلت فضلة فأهديناها لجيراننا. ( رواه مسلم )
    سؤراً : أي بقية من ذلك الطعام

    قال الشيخ أبو نعمة الله الأنقروي ( صاحب حاشية علي صحيح مسلم ) : وأما أكله مع أم سليم فأجاز العلماء أن تأكل المرأة مع الأجنبي ...لأن الوجه والكفين منها ليسا بعورة فيباح نظرهما للأجنبي لغير لذة ولا لمداومة لتأمل المحاسن.

    وجاء في الموطأ : سئل مالك : هل تأكل المرأة مع غير ذي محرم منها أو مع غلامها؟ فقال مالك : ليس بذلك بأس إذا كان علي وجه ما يعرف للمرأة أن تأكل معه من الرجال ( يعني إذا كان علي طريق متعارف بينهم ), وقد تأكل المرأة مع زوجها ومع غيره ممن يؤاكله , أو مع أخيها علي مثل ذلك.

    فالمرأة يجوز لها أن تأكل مع زوجها ومع من اعتاد أن يأكل معه، وكذلك يجوز لها أن تأكل مع من عرف عن المرأة أنها تأكل معه، كما لو كانت تأكل مع قريب لها غير ذي محرم منها.

    • عن أم هانئ ابنة أبي طالب : قالت : لما كان يوم الفتح جاءت فاطمة فجلست علي يسار رسول الله وأم هانئ عن يمينه, فجاءت الوليدة بإناء فيه شراب فناولته فشرب منه ثم ناوله أم هانئ فشربت منه ثم قالت : يارسول الله لقد أفطرت وكنت صائمة , فقال لها أكنت تقضين شيئا؟ قالت : لا, قال : فلايضيرك إن كان تطوعاً. (مشكاة المصابيح تحقيق الألباني)

    • عن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما جاء أبو بكر بضيف له أو بأضياف له فأمسى عند النبي صلي الله عليه وسلم فلما جاء قالت له أمي احتبست عن ضيفك أو عن أضيافك الليلة قال ما عشيتهم فقالت عرضنا عليه أو عليهم فأبوا أو فأبى فغضب أبو بكر فسب وَجَدَّعَ وحلف لا يطعمه فاختبأت أنا فقال يا غُنْثَرُ فحلفت المرأة لا تطعمه حتى يطعمه فحلف الضيف أو الأضياف أن لا يطعمه أو يطعموه حتى يطعمه فقال أبو بكر كأن هذه من الشيطان فدعا بالطعام فأكل وأكلوا فجعلوا لا يرفعون لقمة إلا ربا من أسفلها أكثر منها فقال يا أخت بني فراس ما هذا فقالت وقرة عيني إنها الآن لأكثر قبل أن نأكل فأكلوا وبعث بها إلى النبي صلي الله عليه وسلم فذكر أنه أكل منها.(رواه البخاري)

    • عن سفينة أبو عبد الرحمن:أن رجلا أضاف علي بن أبي طالب فصنع له طعاما فقالت فاطمة لو دعونا النبي صلي الله عليه وسلم فأكل معنا. فدعوه فجاء...(رواه أبو داود)


    في شئون الوفاة

    • عن أم عطية قالت : نهينا عن اتباع الجنائز ولم يُعْزَم علينا. ( رواه البخاري ومسلم )

    قال الحافظ : فكأنها قالت : كره لنا اتباع الجنائز من غير تحريم.

    في الوعظ والإرشاد

    • عن ابن عباس : أنه شهد العيد مع رسول الله صلي الله عليه وسلم وأنه عليه السلام خطب بعد أن صلي , ثم أتي النساء ومعه بلال فوعظهن وذكرهن وأمرهن أن يتصدقن ، قال: فرأيتهن يهوين بأيديهن يقذفنه في ثوب بلال. (رواه البخاري)

    النبي صلي الله عليه وسلم وعظ النساء ومعه سيدنا بلال رضي الله عنه.

    في الدعوة إلي دين الله

    • عن عمران قال كنا في سفر مع النبي صلي الله عليه وسلم... فاشتكى إليه الناس من العطش فنزل فدعا فلانا ... ودعا عليا ، فقال اذهبا فابتغيا الماء فانطلقا فتلقيا امرأة بين مزادتين من ماء على بعير لها ... قالا لها فانطلقي فجاءا بها إلى ... ودعا النبي صلي الله عليه وسلم بإناء ففرغ فيه من أفواه المزادتين ... ونودي في الناس اسقوا واستقوا ...وهي قائمة تنظر إلى ما يفعل بمائها وأيم الله لقد أقلع عنها وإنه ليخيل إلينا أنها أشد ملأة منها حين ابتدأ فيها ، فقال النبي صلي الله عليه وسلم اجمعوا لها فجمعوا لها من بين عجوة ودقيقة وسويقة حتى جمعوا لها طعاما فجعلوها في ثوب وحملوها على بعيرها ووضعوا الثوب بين يديها قال لها تعلمين ما رزئنا من مائك شيئا ولكن الله هو الذي أسقانا فأتت أهلها وقد احتبست عنهم قالوا ما حبسك يا فلانة قالت العجب لقيني رجلان فذهبا بي إلى هذا الذي يقال له الصابئ ففعل كذا وكذا فوالله إنه لأسحر الناس من بين هذه وهذه وقالت بإصبعيها الوسطى والسبابة فرفعتهما إلى السماء تعني السماء والأرض أو إنه لرسول الله حقا فكان المسلمون بعد ذلك يغيرون على من حولها من المشركين ولا يصيبون الصرم الذي هي منه فقالت يوما لقومها ما أرى أن هؤلاء القوم يدعونكم عمدا فهل لكم في الإسلام فأطاعوها فدخلوا في الإسلام... وفي رواية : فهدي الله ذاك الصرم بتلك المرأة فأسلمت وأسلموا.. (رواه البخاري ومسلم)
    احتبست : أبطأت
    قالت بأصبعها : أي أشارت
    الصرِّم : القوم , أبيات مجتمعة من الناس

    وهكذا من خلال لقاء اضطراري مع مجتمع المسلمين تتم دعوة امرأة إلي الإسلام. وربما دون حديث مباشر عن الإسلام , إنما دعاها ما شاهدت من أخلاق المسلمين مثل اصطحابها إلي معسكر المسلمين دون عنف , وتعاون من مختلف ألوان الطعام , مع أنهم لم ينقصوا من مائها شيئا.ودعاها أيضا ما رأت من معجزة باهرة للنبي صلي الله عليه وسلم. ثم من خلال لقاء مقصود من تلك المرأة مع قومها رجالا ونساء أعلمتهم ما شهدت.وشاء الله أن تكون خير سفير لقومها وداعية لهم إلي الإسلام. وصدق راوي الحديث : (فهدي الله ذاك الصرم بتلك المرأة)

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 2093
    تاريخ التسجيل : 01/03/2010
    الموقع : hmsain.ahlamontada.com

    مشاركة المرأة المسلمة في الحياة الاجتماعية ولقاؤها الرجال Empty رد: مشاركة المرأة المسلمة في الحياة الاجتماعية ولقاؤها الرجال

    مُساهمة  Admin الأحد 14 أغسطس 2011 - 17:13

    آداب اشتراك المرأة المسلمة في الحياة الاجتماعية
    ولقاؤها الرجال


    آداب مشتركة بين الرجال والنساء

    1. جدية مجال اللقاء:

    قال تعالي: {وقلن قولا معرفا}

    إن الآية تشير إلي أن موضوع الحديث ينبغي أن يكون في حدود المعروف ولا يتضمن منكرا, و لهذا قلنا (جدية اللقاء) فالجِدّ بين الرجال والنساء معروف أما اللهو واللعب فمنكر. ولا يتنافي مع جدية المجال كلمة فيها تبسط ومثال ذلك:

    • عن أبي موسي قال:.... ودخلت أسماء بنت عميس..., علي حفصة زوج النبي صلي الله عليه وسلم زائرة وقد كانت هاجرت إلي النجاشي فيمن هاجر, فدخل عمر علي حفصة وأسماء عندها فقال عمر حين رأي أسماء : من هذه؟ قالت : أسماء بنت عميس , قال عمر : الحبشية هذه؟ البحرية هذه؟ قالت أسماء : نعم , قال سبقناكم بالهجرة فنحن أحق برسول الله منكم.
    ( رواه البخاري ومسلم )

    كذلك لا يتنافي مع جدية المجال أن يكون هناك بعض حديث فيه مؤانسة ومثال ذلك:

    • عن مسروق دخلنا علي عائشة رضي الله عنها وعندها حسان ابن ثابت ينشدها شعرا يُشَبِّب بأبيات له وقال:
    حَصان رَزَان ما تُزَنُّ بريبة....وتصبح غَرْثَي من لحوم الغوافل

    فقالت عائشة: لكنك لست كذلك.قال مسروق: فقلت: لم تأذنين له أن يدخل عليك وقد قال الله تعالي: {والذي تولي كبره منهم له عذاب عظيم}؟ فقالت:وأي عذاب أشد من العمي ؟ قالت له: إنه كان ينافح أو يهاجي عن رسول الله .( رواه البخاري ومسلم )
    يشبب بأبيات:يذكر أبياتا من الشعر فيها ذكر النساء
    حصان: أي محصنة عفيفة
    رزان: كاملة العقل
    ماتزن: ما تتهم
    غرثي من لحوم الغوافل: الغرثي الجائعة والغوافل جمع غافلة وهي العفيفة الغافلة عن الفاحشة.

    والمعني أن عائشة كانت جائعة لأنها لم تغتب الغوافل وهذا من فضلها ولو اغتابتهن لشبعت من لحومهن.

    لكنك لست كذلك: يعني أنه لم يصبح غرثان من لحوم الغوافل حيث شارك في حديث الإفك.
    ينافح:يدافع

    2. الغض من البصر

    قال تعالي: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن}

    والغض من البصر يعني منع الاسترسال في النظر مخافة الفتن.

    قال القرضاوي : الغض من البصر ليس معناه إقفال العين عن النظر، ولا إطراق الرأس إلى الأرض، فليس هذا بمراد ولا مستطاع. كما أن الغض من الصوت في قوله تعالى: {واغضض من صوتك}ليس معناه إغلاق الشفتين عن الكلام ، وإنما معنى الغض من البصر خفضه، وعدم إرساله طليق العنان يلتهم الغاديات والرائحات أو الغادين والرائحين. فإذا نظر إلى الجنس الآخر لم يغلغل النظر إلى محاسنه ، ولم يطل الالتفات إليه والتحديق به. ولهذا قال الرسول عليه السلام لعلي بن أبي طالب: "يا علي! لا تتبع النظرة النظرة؛ فإنما لك الأولى وليست لك الآخرة".

    قال ابن كثير: هذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين أن يغضوا من أبصارهم عما حرم عليهن ، فلا ينظرون إلا إلى ما أباح النظر إليه….

    قال الحافظ ابن القطان : وقد قدمنا أنه جائز للمرأة إبداء وجهها وكفيها، فإذن النظر إلى ذلك جائز لكن بشرط أن لا يخاف الفتنة، وأن لا يقصد اللذة ، وأما قصد اللذة ، فلا نزاع في التحريم.

    وقال ابن القطان أيضا: لا خلاف أعلمه في جواز نظر المرأة إلى وجه الرجل ما كان ، وإذا لم تقصد اللذة ، ولم تخف الفتنة.

    قال عياض : غض البصر يجب علي كل حال في أمور العورات وأشباهها ويجب مرة علي حال دون حال فيما ليس بعورة.

    وقال ابن عبد البر: وجائز أن ينظر إلي ذلك منها( أي الوجه والكفين ) كل من نظر إليها بغير ريبة ولامكروه , وأما النظر للشهوة فحرام تأملها من فوق ثيابها لشهوة , فكيف بالنظر إلي وجهها مسفرة.

    ورد في فتح الباري خلال شرح حديث الخثعمية الذي ورد فيه ((فطفق الفضل ينظر إليها وأعجبه حسنها, فالتفت النبي صلي الله عليه وسلم والفضل ينظر إليها فأخلف بيده فأخذ بذقن الفضل فعدل وجهه عن النظر إليها)) قال ابن بطال: ( في الحديث الأمر بغض البصر خشية الفتنة , ومقتضاه أنه اذا أمنت الفتنة لم يمتنع..... وفيه دليل علي أن ستر المرأة وجهها ليس فرضا....وأن قوله: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} علي الوجوب في غير الوجه).

    وورد في فتح الباري:... وعند ابن أبي حاتم من طريق ابن عباس في قوله تعالي:{يعلم خائنة الأعين} قال: هو الرجل ينظر إلي المرأة الحسناء تمر به ويدخل بيتا هي فيه فإذا فطن له غض بصره.

    • عن جرير بن عبد الله قال: سألت رسول الله عن نظر الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري. (رواه مسلم)
    نظر الفجاءة : أن يقع نظره علي الأجنبية من غير قصد.

    • عن ابن عباس قال: ما رأيت شيئاً أشبه باللمم مما قال أبو هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلمقال: إن الله تعالى كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة فزنا العين النظر, وزنا اللسان النطق , والنفس تتمنى وتشتهي والفرج يصدق ذلك أو يكذبه.

    والحديث صريح في أن النظر بشهوة هو المحظور.



    3_ . التمييز بين النساء والرجال واجتناب المزاحمة

    • عن أم سلمة رضي الله عنها قالت كان رسول الله إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه ومكث يسيرا قبل أن يقوم.قال ابن شهاب:فأري والله أعلم أن مكثه لكي ينفذ النساء قبل أن يدركهن من انصرف من القوم.(رواه البخاري)

    قال الزهري : ( نرى(والله أعلم) أنّ ذلك كان لكي ينصرف النساءُ قبل أن يدركهن أحدٌ من الرجال).

    ويؤكد هذا المعني قوله (لو تركنا هذا الباب للنساء...)

    وكذلك ما ورد عن رسول الله أنه خرج ذات يوم من المسجد وقد اختلط النساء مع الرجال في الطريق، فقال رسول الله :استأخرن فإنه ليس لكن أن تَحْقُقْن الطريق عليكن بحافات الطريق. فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتي إن ثوبها ليتعلق بالجدار من يصنقها به.(رواه أبو داود)

    وهذا الفعل نظرا لضيق الأزقة ومزيد حياء من قبل بعض النساء , ولا يؤخذ منه حكما فقهيا.

    وفي رواية:ليس للنساء وسط الطريق.
    يقول الإمام ابن حبان في صحيحه بعد أن أخرج الحديث :
    (قوله صلي الله عليه وسلم : ( ليس للنساء وسط الطريق ) لفظة إخبار مرادها الزجر عن شيء مضمر فيه وهو مماسة
    النساء الرجال في المشي إذ وسط الطريق الغالب على الرجال سلوكه والواجب على النساء أن يتخللن الجوانب حذر ما يتوقع من مماستهم إياهن).

    وكما تجتنب المزاحمة في الطريق تجتنب كذلك في أماكن الاجتماعات العامة,علي أن ذلك لا يعني اشتراط الأماكن الخلفية للنساء كما هو الحال في المسجد فإن تأخر صفوف النساء أمر خاص بالصلاة سواء في المسجد أو في البيت مع الأجانب أو مع الزوج والمحارم.أما في غير الصلاة فالأدب المطلوب هو التمييز بين الرجال والنساء واجتناب المزاحمة سواء بتخصيص حيز للنساء في جانب من جوانب مكان الاجتماع أو بعمل أي ترتيب آخر يصون المزاحمة, أي تقارب الأبدان والأنفاس التي يسهل فيها أن يلمس رجل امرأة.وفي هذا المعني يقول الإمام السرخسي: وكذلك لا تستلم المرأة الحجر(الأسود) إذا كان هناك جمع لأنها ممنوعة عن مماسة الرجال والزحمة معهم فلا تستلم الحجر إلا إذا وجدت ذلك الموضع خاليا من الرجال.

    4_ . اجتناب الخلوة

    • عن ابن عباس عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم.(رواه البخاري)

    قال الحافظ ابن حجر: ... فيه منع الخلوة بالأجنبية وهو إجماع,لكن اختلفوا هل يقوم غير المحرم مقامه في هذا كالنسوة الثقات؟ والصحيح الجواز لضعف التهمة به..

    الخلوة المحرمة هي أن يخلو الرجل بامرأة أجنبية عنه في مكان لا يطلع فيه أحد على ما يمكن أن يجري بينهما ,ويخرج عن مفهوم الخلوة المحظورة ما يأتي:

    ( أ ) الخلوة في حضرة الناس: وذلك بدليل ما أورده البخاري تحت "باب ما يجوز أن يخلو الرجل بالمرأة عند الناس"

    • عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: جاءت امرأة من الأنصار إلى النبي صلي الله عليه وسلم فخلا بها فقال: "والله إنكن لأحب الناس إلي".(رواه البخاري ومسلم)

    قال الحافظ ابن حجر: (... لايخلو بها بحيث تحتجب أشخاصهما عنهم (أي الناس) بل بحيث لا يسمعون كلامهما إذا كان بما يخافت به كالشيء الذي تستحي المرأة من ذكره بين الناس)... وقال أيضا(... وفي الحديث أن مفاوضة المرأة الأجنبية سراً لا يقدح في الدين عند أمن الفتنة).

    (ب) خلوة الرجلين والثلاثة بالمرأة: وذلك بدليل الحديث التالي:

    • عن عبد الله بن عمرو بن العاص:... أن نفراً من بني هاشم دخلوا علي أسماء بنت عميس فدخل أبو بكر الصديق وهي تحته يومئذ فرآهم فكره ذلك, فذكر ذلك لرسول الله وقال : لم أري إلا خيراً, فقال رسول الله : إن الله قد برأها من ذلك ثم قام رسول الله علي المنبر فقال : (( لايدخلن رجل بعد يومي هذا علي مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان )).(رواه مسلم)
    وهي تحته : أي زوجه
    مغيبة : التي غاب عنها زوجها
    قال النووي: إن ظاهر هذا الحديث جواز خلوة الرجلين أو الثلاثة بالأجنبية والمشهور عند أصحابنا تحريمة, فيتأول الحديث علي جماعة يبعد وقوع المواطأة منهم علي الفاحشة لصلاحهم أو مروئتهم أو غير ذلك وقد أشار القاضي إلي نحو هذا التأويل.
    والصحابي عبد الله بن عمرو قال بعد حديث رسول الله :لا يدخلن رجل على مغيبة إلا ومعه غيره. ((قال عبد الله بن عمرو فما دخلت بعد ذلك المقام على مغيبة إلا ومعي واحد أو اثنان)). (رواه الإمام أحمد في مسنده)

    (ج) خلوة الرجل بمجموعة من النساء:

    وذلك أن الخلوة المحظورة هي خلوة رجل واحد بامرأة واحدة. أما إذا تعدد الرجال أو تعدد النساء زال المحظور. وقد قال النووي:... إن أمَّ الرجل بأجنبية وخلا بها حرم ذلك عليه وعليها...وإن أم بأجنبيات وخلا بهن فطريقان, قطع الجمهور بالجواز... ودليله الحديث : (لايدخلن رجل بعد يومي هذا علي مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان) ولأن النساء المجتمعات لا يُتمكن في الغالب الرجل من مفسدة ببعضهن في حضرتهن.


    5_ اجتناب اللقاء الطويل المتكرر:

    ومن أمثلة هذا النوع من اللقاء تبادل الزيارات - في مرات جد متقاربة - بين الأقارب والأصدقاء واستمرارها ساعات طويلة. ومن أمثلته أيضا العمل المهني اليومي الذي من شأنه أن يجتمع الرجال والنساء في مكان واحد طول مدة العمل رغم انفراد كل منهم بعمل.
    وهذا الأدب وإن لم يكن منصوصا عليه لكنه مما تجب مراعاته لأنه يصعب في مثل هذا اللقاء تحقيق كثير من الآداب كالغض من البصر واستمرار الجدية في التخاطب والوقار في الحركة.فهو في غالب الأحيان يضعف درجة الاحتشام والرصانة الواجب توافرها عند الرجال والنساء جميعا وقت اللقاء. وعلي ذلك نري اجتناب هذا النوع من اللقاء, اللهم إلا إذا كانت طبيعة العمل تقتضي اللقاء المتكرر للتعاون وتبادل الرأي أو لغير ذلك من المصالح ,فلا حرج مع الحذر,ما دامت هناك حاجة ماسة.ثم إن العمل الجاد غالبا ما يشغل العقول والقلوب, ويعين علي الاحتفاظ بالاحتشام.

    6. اجتناب مواطن الريبة:

    • عن عمر رضي الله عنه قال :... قلت : يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب فأنزل الله آية الحجاب. ( رواه البخاري )
    من أجل الفاجر دعا عمر رسول الله أن يحجب نساءه.ويؤخذ منه أن علي المرأة المسلمة أن تحتجب من الفاجر,وهذا يعني أن تنأي بنفسها عن مخالطة كل موطن من مواطن الريبة.

    • عن ابن عباس في قوله تعالى‏:‏ ‏‏ولا يعصينك في معروف‏‏ قال‏:‏ إنما هو شرط شرطه اللّه للنساء.(رواه البخاري)
    قال الحافظ ابن حجر: (قوله إنما هو شرط شرطه الله للنساء) أي علي النساء...واختلف في الشرط ... فأخرج الطبري عن قتاده قال : أخذ الله عليهن أن لا ينحن ولا يحدثن الرجال. فقال عبد الرحمن بن عوف:... إن لنا أضيافا وإنا نغيب عن نسائنا فقال:ليس أولئك عنيت.
    وهذا يعني نهي النساء عن محادثة الرجال من أهل الريبة , أما الموثوق بهم كالضيفان المعروفين فلا حرج.ويؤكد هذا الأمر قوله :"دع ما يريبك إلي ما لا يريبك"

    7. اجتناب ظاهر الإثم وباطنه:
    قال تعالي : ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن

    ومن ظاهر الإثم التقصير في تطبيق آداب اللقاء.ومن باطن الإثم الاشتهاء والاستمتاع بالحرام والتطلع إلي المزيد منه. ومن الشواهد علي ذلك ما رواه خوات بن جبير قال:
    نزلت مع رسول الله بالظهران (الظهران واد قرب مكة، والنزول بمكان معناه إقامة معسكر للاستقرار فيه يوما أو بعض يوم أو أكثر). قال: فخرجت من خبائى (أى خرج من خيمة فى المعسكر) فإذا نسوة جوالس يتحدثن؛ فأعجبننى؛ فرجعت إلى خبائى فاستخرجت حلة لى من عيبة لى (العيبة حقيبة الثياب) فلبستها (لبسها ليتجمل)؛ ثم أتيتهن فجلست إليهن؛وخرج رسول الله من قبته ؛ فقال: يا عبد الله؛ ما أجلسك إليهن؟. - قال خوات: فهبته صلي الله عليه وسلم حين رأيته.. وقلت: يارسول الله جمل لى شرود؛ وأنا أبتغى له قيدا. قال: ثم ارتحلنا فجعل النبى صلي الله عليه وسلم لا يلحقنى فى المسير إلا قال: يا عبد الله ما فعل شراد جملك؟ فتعجلت إلى المدينة فاجتنبت المسجد و مجالسة النبى صلي الله عليه وسلم, فلما طال ذلك حتى تحينت ساعة خلوة المسجد فدخلت وجعلت أصلى؛ وخرج رسول الله من بعض حجره؛ فصلى ركعتين خفيفتين؛ ثم جلس، وطولت رجاء أن يذهب ويدعنى. فقال: طول أبا عبد الله ما شئت؛ فلست قائما حتى تنصرف. فقلت فى نفسى: لأعتذرن إلى رسول الله فلأبرئن صدره، فانصرفت (أى أنهى صلاته) . فقال له النبى: السلام عليك يا أبا عبد الله مافعل شراد ذلك الجمل؟. فقال خوات يا رسول الله والذى بعثك بالحق ما شرد ذلك الجمل منذ أسلمت (أى لم يفعل خوات مثل فعلته السابقة منذ أسلم). - فقال له النبى: رحمك الله. قال خوات: ثم أمسك عني فلم يعد.


    آداب خاصة بالنساء

    1. الزي المحتشم

    قال تعالي {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنّ
    وقال تعالي {يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ}

    • عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله : ( صنفان من أهل النار لم أرهما … ونساء كاسيات عاريات .) (رواه مسلم)
    قال ابن عبد البر : (( أراد النساء اللواتي يلبسن من الثياب الشيء الخفيف الذي يصف ولا يستر، فهن كاسيات بالإسم، عاريات في الحقيقة )) .

    • عن أم عطية في خروج النساء يوم العيد إلى المصلى (...قلت يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب قال لتلبسها أختها من جلبابها)
    الجلباب ليس غاية في ذاته، ولكن المهم هو اللباس السابغ الساتر، لكل ما أمر الله بستره، أيًّا كان اسمه أو شكله ، فهذه وسيلة تختلف باختلاف البيئات والأزمان.

    • قال أُسامة بن زيد : (( كساني رسول الله قبطيةً كثيفة مما أهداها له دحية الكلبي، فكسوتها امرأتي، فقال : ما لك لم تلبس القبطية ؟ قلت : كسوتها امرأتي ، فقال : مُرها فلتجعل تحتها غلالة، فإني أخاف أن تصف حجم عظامها )) .(رواه أحمد والبيهقي بسند حسن )
    المقصود "بالعظام" البدن, فعن نافع عن ابن عمر أن تميما الداري قال لرسول الله لما كثر لحمه : ألا نتخذ لك منبرا يحمل عظامك ؟
    • عن فاطمة بنت قيس :... قال رسول الله : (فإني أكره أن يسقط عنك خمارك أو ينكشف الثوب عن ساقيك فيري القوم منك بعض ما تكرهين... ( رواه مسلم )
    خمارك : غطاء رأسك

    2. اجتناب الطيب

    • عن زينب امرأة عبد الله قالت : قال لنا رسول الله : إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيبا .(رواه مسلم)
    يحظر علي المرأة خروجها من بيتها تفوح منها رائحة الطيب وتنتشر.

    3. الجدية في التخاطب

    قال تعالي: {فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا مَّعْرُوفًا}
    فلا تخضعن بالقول: لاتلن في القول

    4. الوقار في الحركة

    قال تعالي: {وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ}
    • عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله : ( صنفان من أهل النار لم أرهما … قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات ، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا. (رواه مسلم)
    مائلات مميلات : يتمايلن بمشيتهن وهيئتهن حتى يملن الأنظار إليهن.
    والمائلة بالمعنى العام كل مائلة عن السراط المستقيم ، بلباسها أو هيئتها أو كلامها أو غير ذلك
    ، والمميلات: اللاتي يملن غيرهن وذلك باستعمالهن لما فيه الفتنة ، حتى يميل إليهن من يميل من
    عباد الله.


    ما العمل عند غياب بعض آداب المشاركة واللقاء؟

    إن آداب المشاركة واللقاء التي مر ذكرها ينبغي أن يتحراها المسلم والمسلمة ويلتزم بها, ولكن ما الموقف الواجب عند تخلف تلك الآداب أو بعضها ؟

    إنه بقدر تخلف الآداب يكون فساد ويكون الحرج الذي ينبغي أن يستشعره المسلم عند إقدامه علي المشاركة واللقاء.وعلي المسلم عند تخلف بعض الآداب أن يزن المصالح المرجوة والمفاسد المحتملة , وينظر أيهما أرجح ويختار المشاركة عند رجحان المصلحة والاعتزال عند رجحان المفسدة.هذا علي وجه الإجمال وفيما يأتي بعض التفصيل.وعلي المسلم أن ينظر في كل حال من الأحوال بإمعان:

    ( أ ) إذا كان هناك حرج عل المسلم في تجنب مجال اللقاء –حرج عليه في معاشه أو في قضاء مصالحه أو حرج أدبي– فعلي المسلم والمسلمة قبول الأمر الواقع بالقدر الضروري الذي يرفع الحرج فحسب والله عز وجل يقول: وما جعل عليكم في الدين من حرج.

    (ب) إذا كانت مشاركة المسلم أو المسلمة تنمي خيرا أو تكفكف شرا.كأن يكون بحضوره آمرا بمعروف ناهيا عن منكر مانعا بعض الشرور أو مقدما علما لقوم يجهلون,أو يكون مجرد حضوره بشخصيته المعروفة بالصلاح دافعا القوم إلي اجتناب بعض المخالفات.فعلي المسلم والمسلمة في هذه الحال الإقدام علي المشاركة متوكلين علي الله مستعينين به عاقدين العزم علي بذل الجهد لعمل بعض الصالحات.وهذا الإقدام يتأكد إذا كان التفريط في الآداب هو ديدن الناس في مجتمع ما ولا سبيل إلي إرشادهم إلا من خلال مشاركتهم في مجالات لقائهم.

    (ج) أما إذا خاف المرء علي نفسه الفتنة أو الوقوع في أمر محظور أو كان في المقاطعة زجر للمخالفين للآداب الشرعية , والمقاطعة الزاجرة هي التي تؤدي إلي مراجعة النفس ولومها علي المخالفة , فعندها يجب علي المسلم والمسلمة مقاطعة مجال اللقاء.
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 2093
    تاريخ التسجيل : 01/03/2010
    الموقع : hmsain.ahlamontada.com

    مشاركة المرأة المسلمة في الحياة الاجتماعية ولقاؤها الرجال Empty رد: مشاركة المرأة المسلمة في الحياة الاجتماعية ولقاؤها الرجال

    مُساهمة  Admin الأحد 14 أغسطس 2011 - 17:17

    نظرة إلي الواقع

    نشير هنا إلي بعض الأوضاع الاجتماعية الجديدة ذات الارتباط الوثيق بالواقع والتي تؤثر فيه تأثيرا كبيرا :

    1. حاجة المجتمع وكذلك حاجة المرأة في عصرنا دفعت كثيرا من النساء إلي المشاركة في العمل المهني وهذا يؤدي إلي خروج المرأة ولقائها الرجال.

    2. حاجة المجتمع المعاصر إلي إسهام المرأة في النشاط الاجتماعي والسياسي تؤدي كذلك إلي خروج المرأة ولقائها الرجال.

    3. تعقد المجتمع المعاصر وكثرة المؤسسات سواء مؤسسات التعليم أو التطبيب أو الخدمات أو إدارات الحكومة , وخاصة ما يتصل اتصالا مباشرا بالأفراد رجالا ونساء,مثل ( إدارة السجل المدني والبطاقات الشخصية والجوازات والشهر العقاري ومراكز الشرط والمرور), بينما كان المجتمع القديم لا يعرف كثيرا من هذه المؤسسات,وكثرة المؤسسات مع حاجة الأفراد للتعامل معها تقتضي خروج المرأة ولقاءها الرجال.

    4. غياب الخدم من البيوت في الآونة الأخيرة زاد من مسئولية المرأة في قضاء حاجاتها اليومية وغير اليومية خارج البيت.كما زاد من مسئوليتها داخل البيت وإلزامها القيام ببعض الأعمال التي تقتضي لقاء الرجال مثل خدمة الضيوف أحيانا واستقبال بعض العمال الذين يقدمون لإصلاح أو صيانة بعض أدوات المنزل.

    5. تعقد المجتمع وتباعد المسافات بين أحياء المدينة أثقل كاهل رب البيت وجعله لا يجد الوقت الكافي لتقديم خدمات يحتاجها البيت مثل مراجعة مدارس الأولاد أو مراجعة الأطباء والمستشفيات لعلاج الأولاد أو لرعاية بعض الأقارب أو لتدبير المشتريات اللازمة... كل هذا يلقي عبئا جديدا علي ربة البيت ويضطرها للخروج ولقاء الرجال.

    6. إن نظام البناء الحديث في طوابق وشقق متراصّة لا يدخلها الهواء ولا الشمس إلا قليلا مما يزيد من حاجة المرأة إلي الخروج للترويح في أماكن خلوية مع زوجها وأطفالها.

    7. نظام البيت الكبير , الذي يضم معظم أفراد الأسرة حتي بعد أن يكبروا ويتزوجوا ,كان يجعل الحاجة إلي مغادرة البيت لزيارة قريب يسكن بعيدا أمرا نادرا.فزوال هذا النظام وحلول الأسرة الصغيرة مع كبر المدينة وتعدد الأحياء وتباعدها كل هذا جعل صلة المرأة لأي من الأقارب والأرحام لا تتم إلا بمغادرة البيت واستخدام المواصلات العامة.






    حوار مع المعارضين لمشاركة المرأة في الحياة الاجتماعية
    ولقاؤها الرجال


    أولا : حوار حول اعتراضاتهم علي أدلة المشاركة واللقاء

    يقولون : النصوص الورادة بشأن فعل رسول الله هي من خصوصياته و لا مجال لإعطائها صفة العموم.

    الجواب :

    1. إنه من الطبيعي أن تأتي كثير من النصوص تعرض شواهد من حياة الرسول لأن السنة تعني أقوال الرسول وأفعاله وتقريراته , ولذلك حرص المسلمون – الصحابة ومن بعدهم – علي رواية كل ما يتعلق بسنته لأنها تتضمن تشريعا. أما ما عدا ذلك من أفعال الصحابة فكان يأتي عرضا. أي أن السنة لم تكن بحثا اجتماعيا تاريخيا يتقصي حياة الصحابة في مختلف المجالات.

    2. يقرر علماء الأصول أن لا خصوصية إلا بدليل وأن الخصائص لا تثبت بالاحتمال , وفي ذلك يقول ابن تيمية : ( ... ما أحله الله لنبيه فهو حلال للأمة ما لم يقم دليل التخصيص ) فأين أدلة الخصوصية في جميع هذه النصوص ؟

    من كتاب " أفعال الرسول "
    محمد سليمان الأشقر
    (( فالأصل في الفعل عدم الخصوصية , وأنه لاتجوز دعوي الخصوصية بغير دليل , وسبب ذلك أن الخصوصية خلاف الأصل , لأنه مبعوث قدوة وداعيا بفعله وقوله , فأفعاله هي للاقتداء , والخصوصية تمنع الاقتداء.
    يقول القرطبي :"الجمهور يرون اتباعه مطلقا حتي يدل دليل واضح علي الخصوص,ولئلا تكون الشريعة قاصرة علي من خوطب".))

    وجاء في كتاب " إشكال وجوابه في حديث أم حرام بنت ملحان"
    د.علي بن عبد الله الصّياح

    1- الأصل في أفعال الرسول وأقواله وأحكامه عدم الخصوصية حتى تثبت بدليل لأنّ الله يقول: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً {

    2- لم أقفْ إلى الآن عَلَى حَدِيثٍ صحيحٍ صريحٍ في خلوة النَّبِيّ صلي الله عليه وسلم وحدَه بامرأةٍ أجنبيةٍ-عدا ما وَرَدَ في حق أُمّ سُلَيْم، وأُمّ حَرَام.
    3- الأحاديثُ التي ذَكَرَ بعضُ العلماء أنّ فيها خلوةً أو استدل بها عَلَى أنّ مِنْ خصائص الرسول الخلوة بالمرأة الأجنبية والنظر إليها ليست صريحة.
    4- عدم وجود نص واحد - قولي أو فعلي- يدل على خصوصية النَّبِيّ صلي الله عليه وسلم بالخلوة أو النظر أو المس كما تقدم.

    قَالَ ابن حَجَر: ( والذي وضح لنا بالأدلة القوية أن من خصائص النبي صلي الله عليه وسلم جواز الخلوة بالأجنبية والنظر إليها وهو الجواب الصحيح عن قصة أم حرام بنت ملحان في دخوله عليها)

    قَالَ المباركفوريّ: ( قلت : لو ثبت بالأدلة القوية أن من خصائص النبي صلي الله عليه وسلم جواز الخلوة بالأجنبية والنظر إليها لحصل الجواب بلا تكلف , ولكان شافيا وكافيا , ولكن لم يذكر الحافظ تلك الأدلة القوية ها هنا)

    ومما يضعف هذا الوجه امتناع النَّبِيّ صلي الله عليه وسلم عن مصافحة النساء في البيعة والاكتفاء بالكلام, فهذا الامتناع في هذا الوقت الذي يقتضيه - وهو وقتُ المبايعة- دليلٌ على عدم الخصوصية، وإلاَّ فبماذا يُفسر هذا الامتناع في هذا المقام الذي يقتضي عدم الامتناع؟!.

    وكذلك حَدِيث عَلِيّ بْن الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أن صفية زوج النبي صلي الله عليه وسلم جائته تزُورُه في اعتكافِه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان فتحدّثتْ عنده ساعة ثم قامت تنقلب، فقام النبي صلي الله عليه وسلم يقلّبُها حتى إذا بلغت بابَ المسجد عند باب أمّ سلمة، مرّ رجلان من الأنصار فسلّمَا على رسول الله ، فقال لهما النبي صلي الله عليه وسلم: على رَسْلِكُمَا إنما هي صفية بنت حيي، فقالا: سبحان الله يا رسول الله و كبُر عليهما، فقال النبي صلي الله عليه وسلم: إنّ الشيطان يبلغ من الإنسان مبلغ الدم و إني خشيتُ أن يقذِفَ في قلوبكما شيئاً.

    فلو كان مستقراً عند الصحابة هذا المعنى لما احتاج النَّبِيّ صلي الله عليه وسلم أن يقول ما قال.انتهي

    3_ . إن علماء الحديث والفقه كالبخاري وابن حجر لم يوجهوا النصوص جهة الخصوصية عند شرحهم لها , واستنبطوا منها ما يؤكد عمومها. وقد مربنا كثير من تراجم البخاري التي تثبت هذا العموم .

    4. إذا فرضنا جدلا أن بعض المشاهد ( وعددها قريب من خمسين ) من خصوصيات الرسول لأنه معصوم , فما بال النسوة اللاتي كان يلقاهن وهن غير معصومات؟ وما بال الرجال الذين كانوا يصاحبونه في كثير من المشاهد (وعددها قريب من سبعين)؟ وما القول في المشاهد التي تعرض فعل الصحابة لا فعل الرسول ( وهذه عددها قريب من مائة وخمسون ) ؟

    5. وهناك عاملان هامان نرجح أنه كان لهما أثر كبير في اطراد نهج اللقاء في حياة الرسول :

    أما العامل الأول : فهو أن الرسول الكريم يمثل حال الإنسان السوي بل حال الكمال الإنساني وكمال الصحة النفسية فلا إفراط ولا تفريط في مجال الغيرة , سواء عند لقاء الرجال لأزواجه قبل فرض الحجاب وبعده ( علي الوجه الذي شرعه الله ) , أو عند لقاء الرسول النساء بصفة عامة. هذا مع كمال التقوي وكمال الحرص علي أعراض المسلمين , وكمال شعوره بأنه الأسوة الحسنة للمؤمنين. ونكتفي هنا بشاهدين :

    الشاهد الأول : موقف الرسول حين عرض علي أسماء بنت أبي بكر أن يردفها خلفه شفقة عليها وهي تحمل النوي من مكان بعيد لكن أسماء تذكر غيرة زوجها فتمضي في طريقها.
    فهل كان الرسول يقدم علي عمل يجرح الغيرة السوية؟ إنما هي غيرة الزبير الزائدة.

    والشاهد الثاني : موقف الرسول حين رأي في المنام أنه في الجنة فإذا امرأة تتوضأ إلي جانب قصر فلما قيل إن القصر لعمر بن الخطاب تذكر غيرته فولي مدبرا.
    أي أنه صلي الله عليه وسلم لم يبتعد تأثما إنما ابتعد مراعاة لغيرة عمر الزائدة.وغيرة عمر هي التي جعلته يكره ذهاب زوجته إلي المسجد ولكن فقهه حفظه من مخالفة قول الرسول : ( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ).

    وهكذا هَدْيُ رسول الله وهو القائل : ( أتعجبون من غيرة سعد؟ لأنا أغير منه والله أغير مني ) والقائل : ( ما من أحد أغير من الله ومن أجل ذلك حرم الفواحش ).
    فرسول الله أغير من سعد ومن الناس جميعا ولكنها الغيرة السوية التي تنفر من الفاحشة ومواطن التهمة فحسب.فهل نحتكم في تنظيم مجتمعنا إلي هدي رسول الله أم نحتكم إلي أمزجة الرجال ولو كانوا أفاضل الرجال؟

    وأما العامل الثاني : فهو نظرته صلي الله عليه وسلم إلي المرأة علي أنها إنسان كريم يشارك الرجل الحياة وليست مجرد لعبة جنسية له. وهذا الإنسان تفرض عليه الحياة أن يمارس نشاطات متنوعة كتلك النشاطات التي تفرضها الحياة علي الرجال مع قدر أو أقدرا من الاختصاص والتميز. وحتي هذا القدر من الاختصاص والتميز تختلف درجته من امرأة إلي أخري ومن مجتمع إلي آخر ومن زمن إلي آخر. فهناك فرق كبير بين المرأة المتزوجة والأيٍّم وبين المرأة العقيم والولود. كذلك فرق كبير بين مجتمع الريف ومجتمع المدينة وبين مجتمع الأجداد ومجتمعنا المعاصر.

    إذا لم يتضح في حياة الصحابة قدر من لقاء النساء مثل القدر الذي برز في مواقف رسول الله بوجه عام فإن ذلك قد يرجع إلي بعض الاعتبارات الشخصية التي لا دخل لها في التشريع. ثم إن القدوة هو رسول الله والسنة هي أفعاله لا أفعال غيره. أما الصحابة فقد أخذ كل منهم من هذه القدوة وتلك السنة قدر طاقته وما تحتمله ظروفه. ولكنهم مع ذلك تعاونوا جميعا وتكاتفوا علي حفظ سنة رسول الله وتقصّي جميع حركاته وسكناته فنقلوها لأجيال المسلمين من بعدهم لتكون بيانا للكتاب العزيز كما أراد الله سبحانه. ومع ذلك فإن القدر من النصوص الواردة والمعبرة عن حياة الصحابة فيها الغناء كل الغناء إذا نظر إليها في ضوء ما تقرره سنة رسول الله .[u]


    يقولون : إن المجتمع علي عهد رسول الله كان مجتمعا صالحا تؤمن فيه الفتنة بعكس مجتمعاتنا التي يكثر فيها الانحلال الخلقي وتشتد فيها الفتنة.

    الجواب :

    1.مع تسليمنا بفضل مجتمع الصحابة,إلا أن كل مجتمع لا يخلو من أقوياء وضعفاء.وقد كان في مجتمع المدينة نماذج مختلفة من البشر فمنهم من كان مثل أبي بكر وعمر ومنهم من كان ضعيفا مثل المؤلفة قلوبهم,ومنهم من كان بدويا من الأعراب الذين أسلموا ولما يؤمنوا ومنهم من كان شابا غرا, ومنهم من كان منافقا خالصا ومنهم من كان فيه شعبة من نفاق,وجميع هذه النماذج كانت تؤم المسجد وكانت تحضر موسم الحج.

    2. نحن نتحدث عن لقاء جاد هادف محتشم تتوافر فيه الآداب التي شرعها الله كما أننا نوجه حديثنا إلي المسلمين الحريصين علي الاقتداء برسول الله والذين يقفون بين يدي الله خمس مرات كل يوم وإن كان فيهم الضعيف والقوي,أما الفاسق المتربص بأعراض المسلمين فهو في زماننا علي كل حال يمارس اللقاء العابث الماجن دونما حرج ولاينتظر حديثنا.

    3. وإذا كان لابد من تضييق مجالات اللقاء نظرا لكثرة الفساد والانحلال في المجتمع فليكن التضييق في حدود ما يصون الرجل المسلم والمرأة المسلمة من آثار هذا الفساد ولا نصدر قراراً بالتحريم القاطع الشامل لجميع المجالات.


    ثانيا :حوار حول أدلة تساق لحظر المشاركة واللقاء

    حديث : ( إياكم والدخول علي النساء, فقال رجل من الأنصار: يارسول الله أفرأيت الحمو؟ قال : الحمو الموت ).

    وجوابنا أن الحديث يدل علي النهي عن الخلوة لا النهي عن مجرد الدخول علي النساء في حضرة آخرين. ويؤكد هذه الدلالة ما يأتي :

    1- فهم أئمة حفاظ الحديث كالبخاري ومسلم والترمذي وأئمة الشراح كابن حجر في شرحه لصحيح البخاري والنووي في شرحه لصحيح مسلم:

    فالبخاري وضع الحديث تحت باب : ( لايخلون رجل بامرأة إلا ذو محرم والدخول علي المغيبة ) ثم أورد حديث ( إياكم والدخول علي النساء ) وبعده حديث (لايخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم ).

    وابن حجر قال في كتابه فتح الباري : ( قوله : الحمو ) قيل : المراد أن الخلوة بالحمو قد تؤدي إلي هلاك الدين إن وقعت المعصية أو إلي الموت حقيقة إن وقعت المعصية ووجب الرجم,أو إلي هلاك المرأة بفراق زوجها إذا حملته الغيرة علي تطليقها .. أشار إلي ذلك كله القرطبي. وقال الطبري : المعني أن خلوة الرجل بامرأة أخيه وابن أخيه تنزل منزلة الموت والعرب تصف الشئ المكروه بالموت.

    والنووي قال في شرحه لصحيح مسلم : (... وأما قوله صلي الله عليه وسلم : (الحمو الموت) فمعناه أن الخوف منه أكثر من غيره والشر يتوقع منه والفتنة أكثر لتمكنه من الوصول إلي المرأة والخلوة من غير أن ينكر عليه بخلاف الأجنبي , والمراد بالحمو هنا أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه, فأما الآباء والأبناء فمحارم لزوجته تجوز لهم الخلوة بها ولا يوصفون بالموت, وإنما المراد الأخ وابن الأخ والعم وابنه ونحوهم ممن ليس بمحرم وعادة الناس المساهلة فيه , ويخلو بامرأة أخيه فهذا هو الموت... وقال القاضي معناه : الخلوة بالأحماء مؤدية إلي الفتنة والهلاك في الدين فجعله كهلاك الموت...

    والترمذي قال بعد أن أورد الحديث : حديث عقبة بن عامر حديث حسن صحيح وإنما معني كراهية الدخول علي النساء علي نحو ما روي عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : ( لايخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان ) معني قوله : ( الحمو ) أخو الزوج كأنه كره له أن يخلو بها.

    وابن دقيق العيد قال : والحديث دليل علي تحريم الخلوة بالأجانب, وقوله: ( إياكم والدخول علي النساء ) مخصوص بغير المحارم وعام بالنسبة إلي غيرهم , ولابد من إعتبار أمر آخر وهو أن يكون الدخول مقتضيا للخلوة أما إذا لم يقتض ذلك فلا يمتنع.

    2- إنه من اللازم توجيه النهي في الحديث إلي الخلوة وذلك حتي يمكن الجمع بين هذا الحديث وبين أحاديث أخري كثيرة تقرر جواز الدخول علي النساء دون خلوة. ومن هذه الحاديث ما يأتي:

    من السنة القوليه التي تقرر آدابا للدخول علي النساء:

    • عن بن عباس قال:قال رسول الله :لاتسافر المرأة إلا مع ذي محرم ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم.

    • والصحابي عبد الله بن عمرو قال بعد حديث رسول الله :لا يدخلن رجل على مغيبة إلا ومعه غيره.قال عبد الله بن عمرو(( فما دخلت بعد ذلك المقام على مغيبة إلا ومعي واحد أو اثنان)). رواه الإمام أحمد في مسنده


    من السنة الفعلية التي توضح بعض مجالات الدخول علي النساء:

    • عن الربيع بنت معوذ : جاء النبي صلي الله عليه وسلم يدخل حين بني علي فجلس علي فراشي كمجلسك مني فجعلت جويرات لنا يضربن بالدف...

    • عن قيس بن أبي حازم قال : دخل أبو بكر علي امرأة من أحمس يقال لها زينت بنت المهاجر....

    • عن عائشة قالت : دخل رسول الله علي ضباعة بنت الزبير فقال لها : لعلك أردت الحج ؟ قالت والله لا أجدني الا وجعة..

    • عن أبي موسي قال : بلغنا مخرج النبي صلي الله عليه وسلم ونحن باليمن فخرجنا مهاجرين إليه... ودخلت أسماء بنت عميس, وهي ممن قدم معنا, علي حفصة زوج النبي صلي الله عليه وسلم زائرة ... فدخل عمر علي حفصة وأسماء عندها ...

    • عن الشعبي قال : دخلنا علي فاطمة بنت قيس فأتحفتنا برطب يقال له رطب بن طاب وأسقتنا سويق سلت فسألتها عن المطلقة ثلاث أين تعتد؟

    • عن سبيعة بنت الحارث أنها كانت تحت سعد بن خولة... فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك فقال لها: مالي أراك تجملت للخطاب؟

    • عن قيس بن أبي حازم قال: دخلنا علي أبي بكر رضي الله عنه في مرضه فرأيت عنده امرأة بيضاء موشومة اليدين تذب عنه وهي أسماء بنت عميس(زوجه).


    حديث أم سلمة : ( كنت عند رسول الله وعنده ميمونة فأقبل ابن أم مكتوم وذلك بعد أن أمرنا بالحجاب, فقال النبي صلي الله عليه وسلم : احتجبا منه فقلنا يارسول الله أليس أعمي لا يبصرنا ولا يعرفنا؟ فقال النبي : أفعمياوان أنتما ألستما تبصرانه؟ ).

    وجوابنا من وجوه:

    1. المرأتان في هذا الحديث من أزواج النبي صلي الله عليه وسلم أي أن الأمر هنا يرجع إلي اختصاص نساء النبي صلي الله عليه وسلم بالحجاب فلا يلقين الرجال في مجلس واحد دون حجاب.

    2. إذا كان رسول الله قد نهي بعض أزواجه عن النظر إلي ابن أم مكتوم بسبب فرض الحجاب عليهن فإنه عليه الصلاة والسلام قال لفاطمة بنت قيس : "اعتدي في بيت ابن عمك ابن أم مكتوم فإنه ضرير البصر". أي تقضي مدة العدة في بيته وتحت سقف واحد.ومعني ذلك مخالطة فاطمة بنت قيس لابن أم مكتوم في بيته مدة العدة كلها وليس ساعة أو بعض ساعة فتبصره ولا شك دون حرج. فدل هذا علي أن النهي في الحديث خاص بأمهات المؤمنين وهذا ظاهر من قول أم سلمة (بعد أن أُمرنا بالحجاب )

    3. أما تخريج الحديث فنجد الرد عليه فيما ذكره بن قدامة في المغني : حيث قال :

    فأما حديث نبهان فقال أحمد : نبهان روي حديثين عجيبين , يعني هذا الحديث وحديث ( إذا كان لإحداكن مكاتب فلتحتجب منه)وكأنه أشار إلي ضعف حديثه,إذ لم يرو إلا هذين الحديثين المخالفين للأصول.

    وقال بن عبد البر:نبهان مجهول لايعرف إلا برواية الزهري عنه هذا الحديث , وحديث فاطمة صحيح فالحجة به لازمة.

    وقال القرطبي: هذا الحديث لايصح عند أهل النقل لأن راويه عن أم سلمة نبهان مولاها وهو ممن لايحتج بحديثه.



    حديث : قال رسول الله لابنته فاطمة : ( أي شئ خير للمرأة ؟ قالت : ألا تري رجلا ولا يراها رجل , فضمها إليه وقال : ذرية بعضها من بعض )

    وجوابنا من وجوه:

    1- الحديث ضعيف الإسناد فلا يصلح للإ حتجاج به (سلسلة الأحاديث الضعيفة للألباني ), قال عنه الحافظ العراقي في تخريجه لأحاديث كتاب إحياء علوم الدين : (رواه البزاز والدارقطني في الأفراد من حديث علي بسند ضعيف) وله رواية أخري في مجمع الزوائد قال عنها الحافظ الهيثمي : رواه البزاز وفيه من لم أعرفه.

    2- الحديث يعارض عشرات الأحاديث الصحيحية التي أوردناها نقلا عن صحيحي البخاري ومسلم , وكلها تبين كيف كانت المرأة المسلمة علي عهد النبي صلي الله عليه وسلم تلقي الرجال فتراهم ويرونها.



    حديث أبي هريرة: (...خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها. وخير صفوف النساء أخرها وشرها أولها)

    يري المعارضون إذا كان الابتعاد عن صفوف الرجال في المسجد فمن باب أولي ينبغي ابتعاد النساء عن أماكن الرجال في مجالات الحياة خارج المسجد.

    وجوابنا من وجوه:

    1. الحديث يقر أدبا خاصا بصلاة الجماعة . والاجتماع للصلاة له خصائص يتميز بها عن سائر الاجتماعات فليس هناك حديث مشترك بين المجتمعين يقتضي قربا ومشافهة.

    2. ويؤكد هذه الدرجة من الابتعاد أن المرأة إذا صلت جماعة مع أبيها أو أخيها أو مع أي من محارمها فإنها تقف في صف مستقل خلف صفوف الرجال.وكذلك ورد النهي عن تسبيح النساء إذا رابهن شيء في الصلاة , وذلك رغم أن التسبيح لا يزيد علي كلمتين اثنتين.هذا في الوقت الذي أذن الشارع للمرأة أن تحدث الرجال بالمعروف , وإن طال الحديث , أي أن الرجال في غير الصلاة يسمعون صوتها و لا حرج.

    يقول السرخسي: ( وهذا لأن حال الصلاة حال المناجاة فلا ينبغي أن يخطر بباله شئ من معاني الشهوة فيه ومحاذاة المرأة إياه لاتنفك عن ذلك عادة).

    3. وأخيرا,لو كان اللقاء بين الرجال والنساء محظورا لوضع الرسول ساترا بين صفوف الرجال وصفوف النساء في المسجد.

    **حديث (باعدوا بين الرجال والنساء) قد نص العلامة الألباني إلى أنه لا أصل له وأورده بلفظ (باعدوا بين أنفاس الرجال والنساء)



    حديث أم حميد : أنها جاءت إلي رسول الله فقالت : يا رسول الله إني أحب الصلاة معك , قال : قد علمت وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك , وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك , وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك , وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجد الجماعة. (أخرجه أحمد والطبراني)
    البيت : الغرفة الخاصة بالمرأة وفيها تنام
    الحجرة : الغرفة في أسفل الدار
    الدار : المحل يجمع البناء والساحة


    وجوابنا من وجوه:

    ( أ ) الأحاديث التي تأمرنا بالسماح للنساء في الصلاة جماعة في المسجد :

    1- روى أبو داود بسند صحيح عن إبن عمر قال رسول الله ( لا تمنعوا نسائكم المساجـد )
    2- روى البخاري ومسلم من طريق حنظلة قال رسول الله ( إذا استأذنكم نساءكم بالليل إلى المساجد فأذنوا لهن ) .
    3- روى مسلم والنسائي من طريق بسر بن سعيد عن زينب الثقفية قال رسول الله ( إذا شهدت إحداكن العشاء فلا تتطيب تلك الليلة ) .
    4- روى البخاري عن عائشة أنه صلي الله عليه وسلم ( ليصلي الصبح فينصرف النساء متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس ) .
    5- روى البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة من حديث أم سلمة كان النبي صلي الله عليه وسل ( إذا سلم قام النساء حين يقضي تسلمه ويمكث هو في مقامه يسراً قبل أن يقوم ) .
    6- روى البخاري عن عبدالله بن عمر قول رسول ( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ) .
    7- روى مسلم عن ابن عمر قال:سمعت رسول الله يقول ( لا تمنعوا نساءكم المساجد فقال بلال والله لنمنعهن فأقبل عليه ابن عمر فسبه سباً ما سمعت مثل ذلك وقال أخبرك عن رسول الله وتقول لتمنعهن) .
    8- حديث أم عطية «أمرنا رسول الله أن نخرج في العيدين العواتق وذوات الخدور وأمر الحيض أن يعتزلن مصلى المسلمين» رواه مسلم .
    9- حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : لو تركنا هذا الباب للنساء وهذا أثر صحيح وفي رواية كان عمر ينهي أن يدخل من باب النساء .

    وعندما نوازن بين الأحاديث نجد أن الأحاديث التي تسمح للمرأة الذهاب للمسجد وتحث الرجال على السماح للمرأة بالصلاة في المسجد صحيحة وكثيرة وكذلك انتقل الرسول صلي الله عليه وسلم إلى جوار ربه والنساء يحضرن الصلاة جماعة في المسجد وكذلك الصحابة والتابعين .
    أما الأحاديث التي تفضل الصلاة للمرأة في البيت سنجد حديث واحد حسن ,حديث أم حميد .

    (ب) أن حديث أم حميد ينص : " صلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك , وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك " وفي العادة يكون في الحجرة والدار نساء أو رجال محارم أما الرجال الأجانب فوجودهم قليل أو نادر.وإذا قيل إن هذا القليل النادر هو علة تفضيل البيت علي الحجرة والحجرة علي الدار , قلنا إنه يعني أن الرجال الأجانب يرون المرأة في الحجرة والدار في غير حال الصلاة دون حرج وإنما الحرج فقط أن يروها وهي تصلي.إذن المقصود هو إخفاء الصلاة وليس إخفاء شخص المرأة عن أعين الرجال.

    (ج) لو كان المقصود إبعاد المرأة عن لقاء الرجال وإن كان اللقاء في احتشام ووقار, لما كان مندوبا لها الصلاة معه صلي الله عليه وسلم في مسجده من يوم قدومه المدينة وحتي وفاته صلي الله عليه وسلم , ولا الاعتكاف في المسجد ولا صلاة الجنازة ولا صلاة الكسوف ولا صلاة العيد ولا حضور مجالس العلم .وكان الأفضل لها ألا تزور المعتكف وألا تسعي للقاء المؤمنات في المسجد وألا تتطوع بإقامة نفسها لخدمة المسجد فتنظفه.ولو كان الأمر كذلك ما أمرالشارع بإلحاح علي حضور النساء صلاة العيد حتي الأبكار المخدرات وحتي الحيض,وما حض الشارع علي تكرار المرأة الحج,أي حج النافلة بعد الفريضة.وفي الحج ما فيه من لقاء الرجال بل من مزاحمة الرجال اضطراراً.

    (د) لو كانت أفضلية صلاة البيت مطلقة لكان كرائم الصحابيات أولي بمراعاة هذه الأفضلية وتطبيقها ,ولكان الأولي بالرسول أن يلفت نظر المرأة التي تصحب ولدها للمسجد , ويتجوز الرسول في صلاته التي كان ينوي إطالتها حين يسمع بكاءه.إذ كيف يقبل أن يتجاوز عن فضل إطالة الصلاة من أجل أمر مفضول وهو حضور المرأة الجماعة؟ ولكان الأولي بالرسول أن يلفت نظر النساء اللاتي يحرصن علي صلاة العشاء,إذ كيف يعجل الرسول بإقامتها وهو يري الفضل في تأخيرها حين يقول عمر:"نام النساء والصبيان" أي كيف يتجاوز عن فضل تأخير العشاء من أجل أمر مفضول وهو حضور النساء المسجد؟


    إن وقائع حضور النساء في المسجد النبوي لها دلالات كثيرة منها :

    1. إقرار الرسول صلي الله عليه وسلم النساء علي الصلاة معه في مسجده من يوم قدومه المدينة وحتي وفاته صلي الله عليه وسلم.

    2. اطراد صلاة النساء مع الجماعة حتي في مساجد الأحياء خارج المدينة أي لم يقتصر الأمر علي مسجد رسول الله
    .
    3. نهي الرسول صلي الله عليه وسلم الرجال عن منع النساء حظوظهن من المساجد.

    4. شهود الصحابيات الكريمات لصلاة الجماعة في المسجد أمثال أسماء بنت أبي بكر وأم الفضل وفاطمة بنت قيس وزينب امرأة ابن مسعود وأم الدرداء وعاتكة بنت زيد امرأة عمر بن الخطاب والربيع بنت مهوّذ.

    5. كثرة عدد النساء اللاتي كن يشهدن جماعة المسجد حتي يتم النساء أكثر من صف خلف صفوف الرجال.

    6. تعدد الأغراض التي كان من أجلها يذهب النساء إلي المسجد ومنها الفريضة الجهرية (الفجر والمغرب والعشاء) , صلاة الجمعة , صلاة النافلة (قيام الليل) , صلاة الكسوف , الاعتكاف , زيارة المعتكف , حضور اجتماع عام مع ولي الأمر, تنظيف المسجد , تمضية الوقت مع المؤمنات.

    نحسب أن هذه الدلالات مجتمعة تصلح مسوغا لتخصيص أفضلية البيت لصلاة المرأة بحال تكلفها الجماعة وما يترتب علي ذلك من تضييع بعض مصالح بيتها. وبتعبير آخر حال وجود حاجة لرعاية المرأة بيتها وقت صلاة الجماعة في المسجد.وهذا التخصيص يشبه تخصيص فضل رعاية المرأة بيتها وولدها علي الخروج للجهاد وذلك حال وجود حاجة لهذه الرعاية , فعن أنس قال: أتت النساء رسول الله فقلن : يا رسول الله ذهب الرجال بالفضل , بالجهاد في سبيل الله , فما لنا عمل ندرك به عمل الجهاد في سبيل الله؟ فقال : مهنة إحداكن في بيتها تدرك عمل المجاهدين في سبيل الله . أما إذا لم توجد هذه الحاجة وفرغت المرأة من مسؤليتها عن البيت فلها أن تخرج للجهاد متطوعة طالبه للشهادة كما في حديث أم حرام بنت ملحان حيث دعا لها الرسول بالجهاد والشهادة فركبت البحر زمن معاوية بن أبي سفيان فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت.

    (و) في موضوع أفضلية صلاة المرأة في بيتها يقول ابن حزم :

    ((فنظرنا في ذلك فوجدنا خروجهن إلي المسجد والمصلي عملا زائدا علي الصلاة وكلفة في الأسحار والظلمة والزحمة والهواجر الحارة , وفي المطر والبرد , فلو كان فضل هذا العمل الزائد منسوخا لم يحل ضرورة من أحد وجهين لا ثالث لهما : إما أن تكون صلاتها في المسجد والمصلي مساوية لصلاتها في بيتها , فيكون هذا العمل كله لغوا وباطلا , وتكلفا وعناء ولا يمكن غير ذلك أصلا, ... أو تكون صلاتها في المساجد والمصلي منحطة الفضل عن صلاتها في بيتها كما يقول المخالفون , فيكون العمل المذكور كله إثما حاطا من الفضل ولابد. إذ لايحط من الفضل في صلاة ما عن تلك الصلاة بعينها عمل زائد إلا وهو محرم , ولا يمكن غير هذا. وليس هذا من باب ترك أعمال مستحبة في الصلاة , فيحط ذلك من الأجر لو عملها , فهذا لم يأت بإثم لكن ترك أعمال بر , وأما من عمل عملا تكلفه في صلاته فأتلف بعض أجره الذي كان يتحصل له لو لم يعمله , وأحبط بعض عمله , فهذا عمل محرم بلا شك, لا يمكن غير هذا. وليس في الكراهة إثم أصلا ولا إحباط عمل بل فيه عدم الأجر والوزر معا , وإنما الإثم وإحباط العمل في الحرام فقط. وقد اتفق جميع أهل الأرض أن رسول الله لم يمنع النساء قط الصلاة معه في مسجده إلي أن مات عليه السلام , ولا الخلفاء الراشدون بعده , فصح أنه عمل غير منسوخ , فإذ لا شك في هذا فهو عمل بر , ولولا ذلك ما أقره عليه السلام , ولا تركهن يتكلفنه بلا منفعة بل بمضرة))

    (ه) لو فرضنا أن المرأة حين تقصد مطلق الصلاة تكون صلاتها في بيتها أفضل , فنحسب أنه حين تقصد سماع القرآن من إمام مطيل للقراءة مجيد للتلاوة أو تقصد سماع العلم بعد الصلاة , أو سماع خطبة الجمعة أو تقصد لقاء المؤمنات للتعاون علي خير , وبخاصة أنها كثيرا ما تحرم من هذه المقاصد الحسنة بسبب ما يشغلها في معظم الأحيان من حمل ورضاعة وحضانة وأعمال البيت , نحسب أنه حين تقصد أمرا من هذه الأمور فهي وما قصدت من خير وما ابتغت من فضل وصدق رسول الله صلي الله عليه وسلم "من أتي المسجد لشيء فهو حظه" رواه أبو داود.
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 2093
    تاريخ التسجيل : 01/03/2010
    الموقع : hmsain.ahlamontada.com

    مشاركة المرأة المسلمة في الحياة الاجتماعية ولقاؤها الرجال Empty رد: مشاركة المرأة المسلمة في الحياة الاجتماعية ولقاؤها الرجال

    مُساهمة  Admin الأحد 14 أغسطس 2011 - 17:19

    الآية الكريمة : {وقرن في بيوتكن}

    وجوابنا من وجوه:

    ( أ ) إن الآية مع الآيات السابقة لها واللاحقة لها موجهة لنساء النبي صلي الله عليه وسلم.
    { يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ إِنِ ٱتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِٱلْقَوْلِ فَيَطْمَعَ ٱلَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ ٱلأُولَىٰ وَأَقِمْنَ ٱلصَّلاَةَ وَآتِينَ ٱلزَّكَـاةَ وَأَطِعْنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ ٱلرِّجْسَ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيـراً * وَٱذْكُـرْنَ مَا يُتْـلَىٰ فِي بُيُوتِكُـنَّ مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ وَٱلْحِكْـمَةِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً }

    قال الحافظ : " ...قوله تعالي {وقرن في بيوتكن} فإنه أمر حقيقي خوطب به أزواج النبي صلي الله عليه وسلم ولهذا كانت أم سلمة تقول:"لايحركني ظهر بعير حتي ألقي النبي صلي الله عليه وسلم "

    (ب) ومما يؤكد أن أمر القرار في البيوت خاص بنساء النبي صلي الله عليه وسلم أن عمر ابن الخطاب ظل يمنعهن من الحج ولم يأذن لهن إلا في آخر حجة حجها.قال الحافظ ابن حجر: ( ... وفهمت عائشة ومن وافقها من هذا الترغيب- أي قوله صلي الله عليه وسلم : لكن أحسن الجهاد وأجمله الحج"- إباحة تكرير الحج وخص به عموم قوله: "هذه ثم ظهور الحصر" وقوله تعاليوقرن في بيوتكن وكأن عمر كان متوقفا في ذلك ثم ظهر به قوة دليلها فأذن لهن في آخر خلافته).

    (ج) ولو فرضنا جدلاً أن الآية موجهة لعامة النساء المسلمات أليست السنة مبينة للكتاب؟ وهذه نصوص السنة التي أوردناها عن مشاركة المرأة ولقاؤها الرجال , تبين كيف طبق نساء المؤمنين علي عهد رسول الله الأمر بالقرار في البيوت, وكيف لم يمنعهن القرار في البيوت من المشاركة في الحياة الاجتماعية.

    (د) وأما القول أن قوله تعالي وَأَقِمْنَ ٱلصَّلَـٰوةَ وَءَاتِينَ ٱلزَّكَـٰوةَ وَأَطِعْنَ اللهَ ورَسُوله} دليل علي العموم لأن سائر النساء مأمورات أيضا بهذه الأوامر.

    فيناقش هذا أنه أريد بهذه الأوامر الدوام عليها لأنهن متلبسات بمضمونها من قبل ، وليعلم الناس أن المقربين والصالحين لا ترتفع درجاتهم عند الله تعالى عن حق توجه التكليف عليهم.

    قال الدكتور عصام البسير:

    قضية وقرن في بيوتكن ,ويتصور أن هذا المعني هو الأصل .. طبعا وقرن في بيوتكن طبعا إذا كانت هذه الآية المراد بها نساء النبي صلي الله عليه وسلم ونساء النبي صلي الله عليه وسلم لهن من الأخصوصة ما ليس لغيرهن .. إن أذنبت يضاعف لها العذاب ضعفين ويؤديها الله كذلك أجرها مرتين .. وعلى التنزل باعتبار أن هذا للجميع .. فإن الأية تتحدث,فإذا فهم وقرن في بيوتكن على أنه حبس, أن المرأة لا تخرج ولا تشارك .. فالحبس كان عقوبة للمرأة التي كانت تأتي الزنا في أول الإسلام ولا يمكن أن يكون تشريفها باستمرار هذا المعنى الذي كان عقوبة .{ وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً }

    والأمر الثاني: أن هذه الآية أشارت إلى آداب متعلقة بحركة الحياة,ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولي التبرج .. أين يكون؟ المرأة في بيتها تخلع ثيابها وتكون مع زوجها محارمها بغير الكيفية التي تخرج بها إلي الناس .. إذن هذا أدب يتعلق بحركتها في الحياة .. ولما قال:  فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً .. هذا أدب يتعلق بحركتها في الحياة.

    { وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} .هذا أدب يتعلق بحركتها في الحياة إذاً المرأة تخرج ودواعي الخروج كثيرة جدا .. تتعلم العلم وتصل الرحم تطلب الرزق و تؤدي واجب أو حق أسرتها عليها وحق أمتها عليها وحق وطنها عليها .. وحق دينها عليها حقوق فردية وأسرية وجماعية وحق أمة وحق وطن فتداعي الخروج ,وأبونا شيخ كبير .. عبرت عن داعي الخروج ولكن أيضا لما خرجت لم تنسي الضابط الشرعي الذي تلتزم به .. قالتا لانسقي حتى يصدر الرعاء .. وهنا يأتي دور المجتمع المسلم...فسقى لهما... في أن يعين المرأة على أداء دورها , هو في تكامل بين هذين الدورين الله تعالى يقول الله عز وجل:  {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى}.الليل والنهار يشتركان في جنس الزمن ولكل منهما مهمة الليل للخلود والدعة والراحة والنهار للكدح والضرب في الأرض والرزق فلا الليل يغني عن النهار .. ولا النهار يغني عن الليل .. هما يشتركان في جنس الزمن ويكمل أحدهما الأخر المرأة والرجل يشتركان في جنس الإنسان وهناك قدر مشترك ثم تكامل الأداء الوظيفي للرسالة فكلاهما يكمل بعضه الأخر..ولذلك اشتركت المرأة في حركة الحياة.

    وأضاف: فهذا مفهوم خاطئ لمفهوم .. وقرن في بيوتكن.. والدليل على أن المرأة خرجت لكل هذه المقاصد , ثم المبالغة في سد الذرائع خشية أن كذا وكذا لسد الذرائع يراد لها أن تحرم من شهود المساجد لسد الذرائع ,يضيق عليها في العلم لسد الذرائع ,.. يضيق عليها في أن تكون منافحة لقضايا دينها وأمتها في موجة المد العلماني والإباحي والتحليلي وغير ذلك حتى إذا أرادت أن تؤدي دور رسالتها الأساسي ووظيفتها في البيت إذا لم تكن مثقفة ومتعلمة.. إذا لم تكن تعرف حركة الحياة وطبيعة التقدم وطبيعة المشكلات كيف تستطيع أن تريى أبنائها وهي جاهلة,وهي أمية,وهي متخلفة؟! وهي ليس لها وعي حضاري بحركة الحياة من حولها؟!

    قال ابن عاشور في "تفسير التحرير والتنوير" :

    ((هذا أمر خُصِّصْنَ به وهو وجوب ملازمتهن بيوتهن توقيراً لهن، وتقوية في حرمتهن، فقرارهن في بيوتهن عبادة، وأن نزول الوحي فيها وتردد النبي صلي الله عليه وسلم في خلالها يكسبها حرمة)).

    ((وهذه الآية تقتضي وجوب مكث أزواج النبي صلي الله عليه وسلم في بيوتهن وأن لا يخرجن إلا لضرورة، وجاء في الحديث أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: " إن الله أَذِنَ لكُنَّ أن تخرجن لحوائجكن " يريد حاجات الإِنسان. ومحمل هذا الأمر على ملازمة بيوتهن فيما عدا ما يضطر فيه الخروج مثل موت الأبوين. وقد خرجت عائشة إلى بيت أبيها أبي بكر في مرضه الذي مات فيه كما دل عليه حديثه معها في عطيته التي كان أعطاها من ثمرة نخلة وقوله لها: «وإنما هو اليومَ مالُ وارث» رواه في «الموطأ». وكُنّ يخرُجْن للحج وفي بعض الغزوات مع رسول الله لأن مقر النبي صلي الله عليه وسلم في أسفاره قائم مقام بيوته في الحَضَر، وأبت سودة أن تخرج إلى الحجّ والعمرة بعد ذلك. وكل ذلك مما يفيد إطلاق الأمر في قوله: {وقرن في بيوتكن} ولذلك لما مات سعد ابن أبي وقاص أمرت عائشة أن يُمَرّ عليها بجنازته في المسجد لتدعو له، أي لتصلي عليه. رواه في «الموطأ»)).


    الآية الكريمة :{وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَٱسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ ذٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}

    وجوابنا من وجوه:

    1. الحجاب الوارد في الآية الكريمة {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} هو الستر الذي تجلس خلفه المرأة المحجبة والإحتجاب يعني حديث الرجال الأجانب لنساء النبي صلي الله عليه وسلم من وراء حجاب فلا يرون شخوصهن وقد أُذن لهن في الخروج للحاجة وعندها يجب عليهن أن يغطين وجوههن فضلا عن بقية البدن.

    2. الحجاب بهذا المعني من خصوصيات نساء النبي صلي الله عليه وسلم.

    3. إن نصوص السنة التي أوردناها توضح كيف لقي نساء المؤمنين الرجال علي عهد رسول الله في مجالات الحياة المختلفة دون حجاب أي دون ستر يفصل بين الرجال والنساء.

    4. لو قيل إن منطوق الآية يفيد وجوب إحتجاب النساء عموماً لعلة "طهارة القلب", لأن عموم العلة يلزم عنه عموم الحكم وهذا هو القياس المعتبر في أصول الفقه...

    الجواب :

    أولا: ليس المقصود بالطهارة هنا الطهارة العامة المطلوبة شرعا من عموم الرجال والنساء والتي تتضمن مغالبة هوي النفس , فقلوب الفريقين طاهرة بالتقوى وتعظيم حرمات الله وحرمة النبي صلي الله عليه وسلم , بل هي طهارة خاصة تسمو إلي درجة الطهارة القائمة بين الرجل وأمه؟ فالمتأمل في الآية وسياقها يجد أن الأطهرية المذكورة في التعليل ليست من الريبة المحتملة من هؤلاء وأولئك , فإن هذا النوع من الريبة بعيد عن هذا المقام.ولا يتصور من أمهات المؤمنين,ولا ممن يدخل عليهن من الصحابة دخول هذا اللون من الريبة علي قلوبهن,إنما الأطهرية هنا من مجرد التفكير في الزواج الحلال الذي قد يخطر ببال أحد الطرفين بعد رسول الله. ومما يرجح هذا المعني قوله تعالي بعد ذلك في الآية نفسها{وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ ٱللَّهِ وَلاَ أَن تَنكِحُوۤاْ أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذٰلِكُمْ كَانَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيماً} , أخرج ابن أبي حاتم وابن مردوية عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله} قال: نزلت في رجل هم أن يتزوّج بعض نساء النبي صلي الله عليه وسلم بعده قال سفيان: ذكروا أنها عائشة رضي الله عنها. فتحريم زواج نساء النبي صلي الله عليه وسلم من بعده تحريما أبديا مما اقتضي حجبهن عن الرجال , ذلك أن اللقاء دون حجاب قد يولد الرغبة في الزواج سواء من جانب الرجال أو من جانب النساء والزواج أمر فطري ومندوب إليه شرعا,ولكن لما كان الزواج محظورا علي نساء النبي صلي الله عليه وسلم فقد حرمت المخالطة ووجب سؤالهن من وراء حجاب,أي أن حظر الزواج اقتضي توفير ما يعين علي الزهد في الزواج , الزهد من نساء النبي صلي الله عليه وسلم والزهد من قبل المؤمنين عامة,واقتضي صيانة بالغة خاصة بهن فلا يراهن رجل ولا يرين رجلا,وكأنهن رواهب في الصوامع.وهذه عائشة إحدي أمهات المؤمنين يموت عنها رسول الله وهي في الثامنة عشر من عمرها تبقي أرملة دون زواج ودون ولد الي أن تموت وهي في السادسة والستين.

    ثانيا: لا اعتبار بقياس يصادم أقوال الصحابة وأفعالهم الدالة علي خصوصية الحجاب.

    قال ابن عاشور في "تفسير التحرير والتنوير" : (( ووراء هذه الحِكَم كلها حكمة أخرى سامية وهي زيادة تقرير معنى أمومتهن للمؤمنين في قلوب المؤمنين التي هي أُمومة جَعلية شرعية بحيث إن ذلك المعنى الجعلي الروحي وهو كونهن أمهات يرتد وينعكس إلى باطن النفس وتنقطع عنه الصور الذاتية وهي كونهن فلانة أو فلانة فيصبحْن غير متصوَّرات إلا بعنوان الأمومة فلا يزال ذلك المعنى الروحي ينمى في النفوس، ولا تزال الصور الحسية تتضاءل من القوة المدركة حتى يصبح معنى أمهات المؤمنين معنى قريباً في النفوس من حقائق المجردات كالملائكة، وهذه حكمة من حكم الحجاب الذي سنه الناس لملوكهم في القدم ليكون ذلك أدخل لطاعتهم في نفوس الرعية )).

    وقال أيضا : ((ودل قوله: {لقلوبكم وقلوبهن} أن الأمر متوجه لرجال الأمة ولنساء النبي صلي الله عليه وسلم على السواء )).

    5. هل كان رسول الله مفرِّطا , حاشاه , في طهارة قلوب المؤمنين والمؤمنات حين سمح باللقاء دون حجاب في كل صور اللقاء التي سبق ورودها! أم أنه صلي الله عليه وسلم كان يراعي مع طهارة القلوب التيسير من ناحية كما يراعي الحاجات والمصالح من ناحية أخري؟
    ولو أن تلك الدرجة من الطهر الواردة في الآية الكريمة مما هو مندوب إليه بين المسلمين والمسلمات في عامة الأحوال , لعمل رسول الله بعض الترتيبات التي تعين هذا الأمر المندوب , ومن ذلك وضع ساتر بين صفوف الرجال وصفوف النساء في المسجد, ومنه تخصيص وقت لطواف الرجال ووقت آخر لطواف النساء, ومنه أيضا اتخاذ مكان بعيد عن مجلس الرسول وأصحابه لاستفتائات النساء ولعرض قضايهن علي رسول الله.كل ذلك حتي لا يري الرجال النساء ولا يري النساء الرجال.


    حديث "إن المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان"

    وجوابنا من وجوه:

    1. إن قالوا : إن خروج المرأة لغير ضرورة حرام أو مكروه , قلنا: كيف يكون حراما أو مكروها ورسول الله ينهي الرجال عن منع نسائهم من الخروج للصلاة في المسجد علما أن صلاتهن في المسجد ليست من قبيل الضرورات ولا الحاجات؟ وإن قالوا : إن خروجها لغير ضرورة خلاف الأولي , قلنا : كيف يكون خلاف الأولي والرسول صلي الله عليه وسلم يدعو الله لأم حرام أن تكون مع غزاة البحر في سبيل الله. وخروجها رضي الله عنها لم يكن من قبيل الضرورات أو الحاجات إنما كان من القربات؟

    2. إذا ثبت أن خروج المرأة من بيتها سواء لأمر ضروري أو حاجي أو تحسيني ليس حراما ولا مكروها ولا خلاف الأولي , فماذا تكون دلالة الحديث إذن؟ إن الحديث يربط بين كون المرأة عورة وبين استشراف الشيطان.إذن هو تحذير للمرأة من التقصير في ستر عورتها,فلا تنكشف من زينتها إلا ما أحله الشارع ولا تتعطر ولا تتكسر في مشيتها ولا تخضع في قولها, وتحذير لها وللرجال من حولها من التفريط في مراعاة آداب اللقاء التي تصون العورة وتدرأ الافتتان بها وذلك حتي يخسأ الشيطان ويولي خائبا.

    3. إن رسول الله يربط بين خروج المرأة وبين الشيطان في حديث آخرفيقول: "إن المرأة تقبل في صورة شيطان وتدبر في صورة شيطان"..وهو كناية عن الفتنة المصاحبة لإقبال المرأة وإدبارها وعلاج الفتنة يرشدنا إليه رسول الله في نفس الحديث:"فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله فإن ذلك يرد ما في نفسه"أي أن العلاج يكون بمجاهدة النفس وغض البصر ثم بعودة الرجل إلي أهله يقضي حاجته وقطع علي الشيطان وسوسته , وليس بعزل المرأة في بيتها وحظر خروجها.ويؤكد هذا مئات الشواهد التي أوردنا بعضها في هذا الموضوع علي مشاركة المرأة في الحياة الاجتماعية علي عهد النبي صلي الله عليه وسلم.

    4. الحديث يلفتنا إلي الحذر من فتنة النساء كما وردت أحاديث أخري تحذرنا من فتنة المال والأولاد. والفتنة هنا فتنة عامة ابتلي الله تعالي بها عباده ليختبرهم. وعلي المؤمن والمؤمنة أن ينطلقا في الحياة بجد ونشاط فيكون لهما الأولاد والأموال ويكون بينهما اللقاء الذي تقتضيه الحياة الجادة الخيرة, وعليهما في الوقت نفسه أن يحذرا الفتنة حتي ينجحا في الابتلاء الذي كتبه الله عليهما.

    5. هناك رواية أخري لهذا الحديث فيها بعض زيادة وهي :"وإنها لا تكون أقرب إلي الله منها في قعر بيتها", وفي هذا حث للمرأة علي أن تقر في بيتها ما لم يتوفر داع صالح للخروج فإذا توفر فهي وما قصدت من خير.



    حديث عائشة:"قلت يا رسول الله:علي النساء جهاد؟قال:نعم عليهن جهاد لا قتال فيه,الحج والعمرة".(رواه ابن ماجة)

    يستدل المعارضون بهذا الحديث علي اتجاه الشريعة نحو منع لقاء النساء الرجال وأن الجهاد رغم فضيلته العظمي قد صرف عنه النساء وما ذلك إلا لما فيه من مغايرة المطلوب منهن من الستر ومجانبة الرجال.
    وقالوا:إن خروج بعض الصحابيات للجهاد في الغزوات الأولي إنما كان للضرورة أي لقلة عدد الرجال.

    وجوابنا من وجوه:

    1. الحديث نفسه يشير إلي سبب عدم فرض الجهاد علي النساء وهو(القتال) الذي يجافي بناء المرأة الرقيق فقال: "جهاد لاقتال فيه" ولم يقل جهاد لا مخالطة فيه.ثم أن الحج والعمرة لا يوفران للمرأة العزلة التي يريدونها ففيهما يلقي النساء الرجال خلال أداء المناسك بل كثيرا ما يشتد الزحام الذي لا يحدث مثيل له في أي مجال آخر من مجالات الحياة.

    2. أي ضرورة في خروج بضع نساء في غزوات النبي صلي الله عليه وسلم وكان يمكن أن يغني عنهن نفر من الشيوخ أو الصبيان الذين لا يحسنون القتال؟ وإذا فرضنا أنه كانت هناك ضرورة في الغزوات الأولي حيث الرجال قليل فما هي الضرورة والرجال كثير في الغزوات المتأخرة مثل غزوة خيبر وحنين؟ وقد أورد البخاري ومسلم ما يفيد اشتراك أم سليم في غزوة خيبر.وأورد مسلم شهود أم سليم لغزوة حنين.وذكر ابن سعد في الطبقات الكبري خمس عشرة امرأة شهدن خيبر وأن أم سليط شهدت غزوة حنين. ثم ما هي الضرورة لخروج أم حرام بنت ملحان زمن معاوية بناء علي دعاء رسول الله لها بالشهادة مع غزاة البحر و قد اتسعت الفتوح ودخل الناس في دين الله أفواجا.

    3. إن النصوص الواردة في مشاركة النساء في الجهاد تكرر فيها لفظ (كان) و(كنا) وهذا فيه الدلالة القوية علي أن تلك المشاركة كانت مطردة و لها صفة الاستمرار ولم تنسخ في أواخر عهد النبي صلي الله عليه وسلم فعن أنس:"كان رسول الله يغزو بأم سليم ونسوة من الأنصار"رواه مسلم. وعن الربيع بنت معوذ:"كنا نغزو مع النبي صلي الله عليه وسلم فنسقي القوم ونخدمهم".رواه البخاري.

    4. هل كان ابن عباس غافلا عن أمر الضرورة التي ألجأت النساء إلي الخروج في الغزو علي عهد النبي صلي الله عليه وسلم يوم أجاب نجدة الخارجي:"... كتبت تسألني هل كان رسول الله يغزو بالنساء وقد كان يغزو بهن فيداوين الجرحي ويُحذين من الغنيمة وأما بسهم فلم يضرب لهن" رواه مسلم.
    لو كان الغزو بالنساء للضرورة لبين ذلك ابن عباس وقد كان البيان يومئذ متعينا حتي لايفهم الرجل أن الأمر سنة من سنن رسول الله.



    قول عائشة:" لو أدرك النبي صلي الله عليه وسلم ما أحدث النساء لمنعهن.(وفي رواية مسلم لمنعهن المسجد) كما منعت نساء بني إسرائيل".(رواه البخاري ومسلم)
    والمعارضون يستدلون بالحديث علي منع النساء المسجد.

    وجوابنا من وجوه:

    1. إن عائشة رضي الله عنها رأت من النساء ما تنكره من تطيب وتزين,فقالت مقالتها تلك,أي أنها كلمة جاءت في مورد الزجر لا في مورد ما يشبه النسخ لقوله صلي الله عليه وسلم :"لا تمنعوا النساء حظوظهن من المساجد".

    2. وللعلماء كلام جيد في تأويل حديث عائشة نسوقه فيما يأتي :

    قال ابن قدامة: ( ... وسنة رسول الله أحق أن تتبع.وقول عائشة مختص بمن أحدثت دون غيرها,ولا شك بأن تلك يكره لها الخروج).

    وقال الحافظ ابن حجر: ( ... وتمسك بعضهم بقول عائشة في منع النساء مطلقا وفيه نظر إذ لا يترتب علي ذلك تغير الحكم لأنها علقته علي شرط لم يوجد بناء علي ظن ظنته فقالت:" لو رأي لمنع" فيقال عليه لم ير ولم يمنع.فاستمر الحكم,حتي إن عائشة لم تصرح بالمنع وإن كان كلامها يشعر بأنها كانت تري المنع.وأيضا فقد علم الله سبحانه ما سيحدثن فما أوحي إلي نبيه بمنعهن ولو كان ما أحدثن يستلزم منعهن من المساجد لكان منعن من غيرها كالأسواق أولي.وأيضا فالإحداث إنما وقع من بعض النساء لا من جميعهن فإن تعين المنع فليكن لمن أحدثت.والأولي أن ينظر إلي ما يخشي منه الفساد فيجتنب لإشارته صلي الله عليه وسلم إلي ذلك بمنع التطيب والزينة....)


    أثر أم سلمة رضي الله عنها ، قالت :" لما انقضت عدتي من أبي سلمة أتاني رسول الله فكلّمني بيني وبينه حجاب".قالوا: هنا تقرير أن آية الحجاب عامة لجميع النساء ؛ لأن أم سلمة عندما كلمها النبي صلي الله عليه وسلم في الأثر السابق لم تكن من زوجاته صلي الله عليه وسلم.

    وجوابنا من وجوه:

    1. احتجاب النساء أحيانا داخل البيوت أمر مشروع ولم يقل أحد أنه لا يجوز.

    2. نزول آية الحجاب التي ألزمت أمهات المؤمنين بالحجاب الكامل جاءت بعد زواج النبي صلي الله عليه وسلم في وليمة أم المؤمنين زينب بنت جحش كما جاء في الصحيح وكان ذلك بعد زواج النبي صلي الله عليه وسلم من أم المؤمنين أم سلمة علي المختار والحديث هنا وقع حينما جاء ليخطبها فهو قبل نزول الحجاب فلا حجة فيه.

    3. قال المزى فى "تهذيب الكمال" عن أم سلمة : تزوجها رسول الله فى شوال سنة اثنتين مـن الهجرة بعد وقعة بدر وبنى بها فى شوال ، و كانت قبله عند أبى سلمة بن عبد الأسد ، والد عمر بن أبى سلمة . اهـ .

    4. وقال الحافظ فى "تهذيب التهذيب": إنما تزوجها النبى صلي الله عليه وسلم سنة أربع على الصحيح و يقال: سنة ثلاث ، فإن أبا سلمة بن عبد الأسد شهد أحدا ، و رمى بسهم ، فعاش بعده خمسة أشهر أو سبعة ومات،وحلت أم سلمة فى شوال سنة أربع وقد نص على ذلك خليفة بن خياط والواقدي.

    5. وقال المباركفورى في رحيقه عندما تحدث عن زوجات النبي صلي الله عليه وسلم : أم سلمة هند بنت أبي أمية، كانت تحت أبي سلمة،وله منها أولاد، فمات عنها في جمادى الآخر سنة 4 هـ، فتزوجها رسول الله في ليال بقين من شوال السنة نفسها، وكانت من أفقه النساء وأعقلهن‏.‏
    و قد أختار المباركفورى أنها كانت زوجة للنبي صلي الله عليه وسلم قبل زينب بنت جحش رضى الله عنهما.



    ثالثا : حوار حول بعض أقوال للمعارضين

    يقولون : إن العفاف خلق له مكانة سامية في ديننا , وإن مشاركة المرأة في مجالات الحياة بحضور الرجال يجرح عفافها.

    وجوابنا من وجوه:

    1. إن كل الضوابط التي وضعها الشارع سواء لثياب المرأة خارج بيتها أو لمشاركتها مجالات الحياة بحضور الرجال هي من أجل تحقيق العفاف. وقد يقف قوم عند هذا التقرير وينسون أن هذه الضوابط وحدها لا تكفي لتحقيق العفاف,ذلك أن العفاف يعني صيانة البدن وجماله وشهواته من الابتذال. ولكن هذه الصيانة لا يكفي فيها الستر سواء الستر بالثياب أو الستر بجدران البيت.إنما الستر عنصر واحد ضروري وضرورته لا تقل عن ضرورة جميع العناصر. وتبدأ العناصر بأساس البناء الخلقي وهو الإيمان بالله واليوم الآخر , والإيمان غير معلق بالهواء ولا يعيش في فراغ إنما هو يسكن العقل والقلب وليس البدن.فتنمية العقل وتزكية القلب حيث يسكن الإيمان هما سبيل قوة الإيمان , علي أن التفاعل دائم ومستمر بين هذه العناصر جميعها : العقل الواعي , والقلب الخاشع , والبدن الطاهر المستور وذلك من أجل حفظ كيان الإنسان المؤمن.فلننظر إذن كيف نوفر للمرأة القلب الخاشع والعقل اليقظ لتحفظ عليها خلق العفاف متينا صلبا فلا تذروه رياح الشهوات.

    2. وكل هذه العناصر أو الطاقات قد سخرها الله تعالي ليعمر بها المسلمون الأرض أكمل عمارة وأشرف عمارة.فكيف يسوغ في عقول المؤمنين أن يثمر العفاف كل هذه الطاقات ثم نعطلها نحن ولا نسخرها كما أمر الله ؟.قد يقول البعض إن في البيت مجالا واسعا لتسخير الطاقات , وهذا قول حق ولكن ليس علي إطلاقه , إذ أحيانا قد تشغل رعاية البيت والأولاد وقت المرأة كله , ولكن في أحيان أخري لا يأخذ هذا من وقتها إلا القليل وتبقي المرأة في حالة فراغ وبطالة مؤسفة بل قد تكون مفسدة.أي أننا إذا لم نسخر هذه الطاقات – التي ساعد العفاف علي تأمينها – في عمل صالح ينفع مجتمع المسلمين واكتفينا بقرار المرأة في بيتها ولو دون نشاط خير , فكأننا قد جعلنا من هذا الخلق الرفيع نبتا نكدا لا يثمر غير بلادة العقل وموت القلب وخمول البدن. والعياذ بالله.

    3. إن خلق العفاف فضيلة من أمهات الفضائل وهو أصيل ثابت ولا يجوز التفريط فيه,ولكن التطبيق العملي ليس له صورة واحدة هي القرار في البيت , بل يخضع لعوامل كثيرة تفرضها البيئة وظروف المرأة ولنضرب أمثلة من حياة الصحابيات الكريمات:

    • عن سهل قال : لما عرس أبو أسيد الساعدي دعا النبي صلي الله عليه وسلم وأصحابه فما صنع لهم طعاماً ولا قدمه إلا إليهم امرأته أم أسيد.
    أليس من الحق بعد هذا أن نقول : إن العروس إذا خدمت المدعوين لحفل العرس في احتشام فقد حافظت علي العفاف وإذا جلست في ركن بيتها وشاركت أترابها في مرح مشروع فقد حافظت علي العفاف.

    • عن أسماء بنت أبي بكر قالت : ... وكنت أنقل النوي من أرض الزبير.
    أليس من الحق بعد هذا أن نقول: إن المرأة إذا خرجت في احتشام لقضاء مصلحة للبيت فقد حافظت علي العفاف تماما كما إذا جلست في بيتها وأغناها عن الخروج زوج أو خادم.

    • الربيع بنت معوذ قالت:كنا نغزو مع النبي صلي الله عليه وسلم فنسقي القوم ونخدمهم ونرد الجرحي والقتلي إلي المدينة.
    أليس من الحق بعد هذا أن نقول:إن المرأة إذا شاركت باحتشام في الجهاد بما يناسب طبيعتها فقد حافظت علي العفاف تماما كما إذا جلست في بيتها تخيط ثيابا للمجاهدين.

    وهكذا تتعدد صور التطبيق ويبقي خلق العفاف ثابتا راسخا.



    يتسائل المعارضون : هل هناك حقا لقاء جاد بين الرجال والنساء ويهدف إلي الخير؟

    وجوابنا من وجوه:

    1. المعارضون معذورون في طرح هذا التساؤل فقد غلبهم أمران كلاهما شديد الوطأة , أولهما : تقاليد موروثة لا تعرف غير العزلة الكاملة بين الرجال والنساء والعزلة الكاملة بين المرأة وبين جميع مجالات الحياة خارج البيت.حتي لتمتدح المرأة المسلمة بأنها لا تغادر بيتها غير مرتين , مرة من بيت أبويها إلي بيت زوجها ومرة من بيت زوجها إلي القبر. كما وضعت هذه التقاليد حجبا كثيفة علي المرأة شملت الوجه والصوت والإسم وكل هذه بدعة وانحراف عن الهدي النبوي. وثانيهما : مخالطة عامة شاملة عابثة ماجنة تسود مجتمعات الغرب وبعض القردة المقلدة لهم في مجتمعنا.وهذا فساد وضلال وخروج علي شرع الله.

    وتحت ثقل ضغط التقاليد الموروثة من ناحية والانحلال الغربي الفاضح من ناحية يقف هؤلاء الغيورون مشدوهين بين النقيضين وكأنما هي ضربة لازب , إما التمسك بالتقاليد الموروثة حيث العزلة الكاملة وإما الانجراف وراء المجتمع الغربي حيث المخالطة بلا حدود.إن تشدد الآباء وانحلال المحدَثين يندرج تحت ما يمكن أن نسميه "سياسة ردود الأفعال" وإن هذه السياسة تشطح عادة بالإنسان بعيدا عن الجادة وترديه إما إلي الإفراط وإما إلي التفريط.

    ومن آثار هذه السياسة الخرقاء أنه لما قال الآباء : كيان المرأة في حيائها وعفتها وشرفها ويجب أن تقر في بيتها لا تغادره حفاظا علي هذا الكيان.قال المحدثون : كيان المرأة في تحقيق شخصيتها المستقلة ويجب أن تخالط الحياة والناس دون قيود حتي ينمو هذا الكيان.ولما قال الآباء : مسئولية المرأة تنحصر بين جدران بيتها لا تتعداه في قليل أو كثير. قال المحدثون : مسئولية المرأة كمسئولية الرجل سواء بسواء وعليها أن تقوم بدور الرجل في جميع مجالات الحياة.
    وهكذا ينتقل القوم من إفراط إلي تفريط ويخرجون عن نهج الاعتدال الذي يتسم به ديننا الحنيف.

    2. إن هناك بديلا صالحا يغنينا عن تشدد الاباء وتحلُل المحدثين ويخرجنا من سياسة ردود الأفعال الخرقاء , وهو موجود منذ خلق الله الإنسان من ذكر وأنثي ومنذ هدي الله الإنسان إلي أن يستمتع بالحلال ويعف عن الحرام. موجود في كتاب الله نتلوه صباح مساء في لقاء موسي عليه السلام بالمرأتين وتعاونه معهما في سقي الأغنام :

    {وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ ٱلنَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ ٱمْرَأَتَينِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لاَ نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ ٱلرِّعَآءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ * فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى ٱلظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَآ أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ * فَجَآءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى ٱسْتِحْيَآءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَآءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ ٱلْقَصَصَ قَالَ لاَ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ}

    قال ابن عاشور : (وفي إذنه لابنتيه بالسقي دليل على جواز معالجة المرأة أمور مالها وظهورها في مجامع الناس إذا كانت تستر ما يجب ستره فإن شرع من قبلنا شرع لنا إذا حكاه شرعنا ولم يأت من شرعنا ما ينسخه).
    وموجود في كل وقائع اللقاء والمشاركة التي تمت علي عهد رسول الله ويبلغ ما ورد منها في صحيحي البخاري ومسلم نحو ثلاثمائة واقعة.
    حقا إن المعارضين معذورون بسبب موقف أولئك الذين ضاقوا بالتقاليد الموروثة فنبذوها وبهرتهم تقاليد الغرب فكانوا أسري لها.أي أنهم خرجوا من تقليد إلي تقليد ولم يعودوا إلي الهدي الأول هدي محمد صلي الله عليه وسلم.

    3. نحب أن نلفت النظر إلي مرض أطلق عليه من قبل الأستاذ مالك ابن نبي رحمه الله (ذُهان السهولة وذُهان الاستحالة). وأعراض هذا المرض هي الميل إلي تصنيف الأمور بين السهولة المفرطة وبين الاستحالة الكاملة.وكأنه لا مجال للصعب الممكن.والمصابون بهذا المرض يرون أن الاختيار أمامهم ينحصر بين تقليد الآباء وهو سهل علي الصالحين وبين تقليد الغرب وهو سهل علي المتحللين.وإذا حدثتهم عما كان عليه رسول الله وأصحابة رأوا ذلك أمرا مستحيلا وكأنه لا سبيل إلي تطبيق هدي الله وسنة رسوله علي حياتنا المعاصرة.ونحن نرجو أن يعافينا الله من هذا المرض حتي نري أن تطبيق هدي الله وإن كان صعبا إلا أنه ممكن بعون من الله أولا ثم بمبادرة من الرواد والمصلحين ثانيا ثم بهمة وعزم من المسلمين ثالثا.

    إن البديل الصالح لابد منه ولا يكفي مجرد الإنكار علي المخالطة اللاهية العابثة وهي تسري في مجتمعاتنا سريان النار في الهشيم كما يقولون.ذلك أن الحياة تفرض نفسها ومتطلبات الحياة المعاصرة تفرض أقدارا من مشاركة الرجال ولقائهم , فإذا لم ينزل الغيورون الميدان ويقدموا البديل الصالح أي النموذج الصالح الذي يمكن أن يقتدي به كل مسلم محب للفضيلة وهو اللقاء الجاد الهادف فالغلبة ستكون للتيار الجارف المنحرف.

    4. إن التلطف بالناس وأخذهم بالرفق والتساهل معهم فيما يسر الله فيه هو البديل الصالح الذي ينبغي أن نمارسه عمليا حتي يحذو الناس حذوه.وهو يفيد في المجتمعات التي انتشرت فيها المخالطة اللاهية العابثة وخاصة مع أولئك الذين في نفوسهم بقية من خير ويتمنون حياة فاضلة ميسّرة.
    ونحسب أن ليس كل من سار في تيار التقليد يحمل الفلسفة الإباحية الغربية,ولكن كثيرين ممن يحملون عاطفة دينية طيبة غلبهم التيار ويحتاجون لمن يمد لهم يد العون لينقذهم , ثم إن البديل الصالح يفيد في المجتمعات المحافظة التي تقاوم تيار التغريب بمجرد تمسكها بالتقاليد الموروثة واستنكارها كل جديد.
    ولقد ثبت بالتجربة في بلدان كثيرة عجز هذا الأسلوب عن الوقوف في وجه تيار التغريب الجارف وتبين أنه لابد من موقف جديد يعتمد هدي النبي صلي الله عليه وسلم حتي يقوي علي المقاومة وهذا الموقف إذا ظهر في المجتمعات المحافظة فهو كفيل بأن يقطع الطريق علي المتربصين المفتونين بالغرب.

    5. ونقول للغيورين لا سبيل لإدراك معني المشاركة في الحياة الاجتماعية وجدواها إلا إذا راجعنا نظرتنا إلي المرأة , فننظر إليها نظرة رسولنا صلي الله عليه وسلم حيث يقول : (إنما النساء شقائق الرجال) فهي إنسان كريم وعلاقة الرجل بها ليست إطلاقا علاقة بلعبة جنسية , بل علاقة بين إنسان وإنسان يعيشان حياة مشتركة فيها كل عناصر الحياة الكريمة الفاضلة من تصورات وأفكار ومن مشاعر وأحاسيس ومن نشاطات متنوعة اجتماعية واقتصادية وسياسية.وإذا كانت هذه الحياة المشتركة مصحوبة بميل فطري نحو الجنس الآخر فقد وضع الشارع الآداب اللازمة لتصون هذا الميل من الانحراف وتمضي الحياة في طريقها نشطة طاهرة.

    6. وخلاصة الأمر أن التقاليد الموروثة ظلمت المرأة وحبستها عن المشاركة في الحياة الاجتماعية وكان ذلك باسم الدين
    وهو في الحقيقة افتئات علي الدين وتضييع لمصالح شرعية متعددة.وقد كان العجز عن النظر في المسوغات الشرعية لمشاركة المرأة والقنوات المشروعة لهذه المشاركة سببا في انطلاق الناس في قنوات غير مشروعة أحيانا وغير منضبطة بآداب الشرع أحيانا.وذلك تحت ضغط الحاجة من ناحية وبتأثير الغزو الفكري من ناحية.ومن هنا ينبغي استلهام الشرع واتخاذه سندا لأقدار من مشاركة المرأة حتي نضفي الشرعية علي هذه المشاركة بعد ترشيدها وتسديدها.



    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 2093
    تاريخ التسجيل : 01/03/2010
    الموقع : hmsain.ahlamontada.com

    مشاركة المرأة المسلمة في الحياة الاجتماعية ولقاؤها الرجال Empty رد: مشاركة المرأة المسلمة في الحياة الاجتماعية ولقاؤها الرجال

    مُساهمة  Admin الأحد 14 أغسطس 2011 - 17:31

    حوار مع المعارضين لمشاركة المرأة في الحياة الاجتماعية
    حول الحجاب الوارد في قوله تعالي : {فاسألوهن من وراء حجاب}
    وإثبات خصوصيتة بنساء النبي صلي الله عليه وسلم


    هناك وقائع كثيرة في السنة يقرر المعارضون بأنها تفيد جواز لقاء المرأة ولكنهم يستدركون بأنها ربما وقعت قبل الحجاب أي قبل نزول آية الحجاب .ونظرا لتكرار هذه الحجة في إبطال عمل كثير من النصوص فإننا نفرد هذا الفصل لإثبات خصوصية الحجاب بنساء النبي صلي الله عليه وسلم حتي يمكن إبطال حجة المعارضين.

    معني الحجاب :

    الحجاب الوارد في الآية الكريمة { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} هو الستر الذي تجلس خلفه المرأة المحجبة والاحتجاب يعني حديث الرجال الأجانب لنساء النبي صلي الله عليه وسلم من وراء حجاب فلا يرون شخوصهن. وقد أذن لهن في الخروج للحاجة الماسة , وعندها يجب عليهن أن يغطين وجوههن فضلا عن بقية البدن.أي أن المعني الأصلي للاحتجاب هو منع نساء النبي صلي الله عليه وسلم من لقاء الرجال الأجانب دون حجاب والابتعاد بشخوصهن تماماً عن أبصار الرجال.أما الستر الكامل للبدن مع الوجه عند الخروج للحاجة فإنه بديل مؤقّت عن الاحتجاب الذي بيناه.

    وهكذا يكون للحجاب صورتان :

    الأولي : صورة أصلية داخل البيت وهي محادثة الأجانب من وراء ستار.

    الثانية : صورة فرعية خارج البيت وهي ستر الوجه مع سائر البدن.

    تاريخ نزول آية الحجاب :

    إن نزول آية الحجاب كان علي الأرجح سنة خمس من الهجرة كما أورد صاحب الطبقات الكبري.



    أدلة خصوصية الحجاب
    بنساء النبي صلي الله عليه وسلم

    الدليل الأول:

    قال تعالي: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ ٱلنَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَـكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَٱدْخُلُواْ فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَٱنْتَشِرُواْ وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي ٱلنَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَٱللَّهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ ٱلْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَٱسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ ذٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ ٱللَّهِ وَلاَ أَن تَنكِحُوۤاْ أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذٰلِكُمْ كَانَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيماً (53) إِن تُبْدُواْ شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً ً(54) لاَّ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِيۤ آبَآئِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآئِهِنَّ وَلاَ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلاَ نِسَآئِهِنَّ وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَٱتَّقِينَ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً }.

    متاعاً : المتاع كل ما ينتفع به.

    وهذه هي آية الحجاب , فعن أنس بن مالك في حديث سبب نزول الآية قال :"فأنزل الله تعالي آية الحجاب" . وقول عائشة رضي الله عنها في "حديث الإفك" : (وكان يراني قبل الحجاب) أي قبل نزول "آية الحجاب".

    قال الألباني في «مختصر صحيح البخاري» :تعني قبل نزول آية الحجاب: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ}.

    ومن كتاب "عودة الحجاب " لمحمد المقدم: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ} هذه هي آية الحجاب , نزلت في ذي القعدة سنة خمس من الهجرة , وهي تعم بإطلاقها حجاب جميع الأعضاء بما فيها الوجه والكفان , لا تثتني عضوا من عضو.وهذا المعني هو الذي يشهد له عمل أمهات المؤمنين. ولم يختلف العلماء في تعيين هذا المعني.

    الآية تتحدث صراحة عن بيوت وأزواج النبي صلي الله عليه وسلم وليس بيوت وأزواج عامة المسلمين.

    ومن تفسير الطبرى و البغوى و القرطبي و بن كثير و البحر المحيط ( أبو حيان) و الكشاف (الزمخشري) و بن جزى و بن أبي حاتم و الرازى و الألوسي و بن عاشور و الدر المنثور(السيوطي) فلم يتكلم منهم بدلالة الآيه علي عموم النساء إلا قول للقرطبي قال فيه :"في هذه الآية دليل على أن الله تعالى أذن في مسألتهن من وراء حجاب في حاجة تعرض أو مسألة يستفتين فيها ويدخل في ذلك جميع النساء".

    ورد في تفسير البغوي لقوله تعالي : { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} : أي من وراء ستر, فبعد آية الحجاب لم يكن لأحد أن ينظر إلي امرأة رسول الله متنقبة أو غير متنقبة .

    وورد في تفسير الطبري : القول في تأويل قوله تعالي {لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي ءابائِهِنَّ وَلا أَبْنَائِهِنَّ وَلا إِخْوَانِهِنَّ... } يقول تعالي ذكره لاحرج علي أزواج رسول الله في آبائهن ولا إثم. ثم اختلف أهل التأويل في المعني الذي وضع عنهن الجناح في هؤلاء فقال بعضهم : وضع عنهن الجناح في وضع جلابيبهن... وقال آخرون : وضع عنهن الجناح فيهم في ترك الحجاب... وأولي القولين في ذلك بالصواب قول من قال ذلك وضع الجناح عنهن في المسمين أن لايحتجبن منهم وذلك أن هذه الآية عقيب آية الحجاب.

    وهكذا نلحظ أن الله تعالي استثني نساء النبي صلي الله عليه وسلم من الإحتجاب وذلك في قوله تعالي:{لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلا أَبْنَائِهِنَّ وَلا إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاء إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاء أَخَوَاتِهِنَّ.. } بينما استثني محارم نساء المسلمين من إخفاء الزينة فحسب وذلك في قوله تعالي : { وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ءابَائِهِنَّ أَوْ ءابَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ...}.

    ومما يؤكد أن هذه الآية ,أي آية الحجاب , تثبت خصوصية الحجاب بأمهات المؤمنين عدم ذكرها "بعولتهن" الذين ورد ذكرهم في آية سورة النور ـ حيث الخطاب فيها لعامة النساء ـ. ولكل واحدة "بعل"، أما في حالة أمهات المؤمنين ـ والحجاب خاص بهن ـ فلا مجال لذكر "بعولتهن" لأن لهن جميعاً بعلاً واحداً وهو النبي صلي الله عليه وسلم .

    وإذا كان يُفهم الخطاب الموجه لنساء النبي صلي الله عليه وسلم على أنه "لجميع النساء" فلِمَ جاء لفظ "ونساء المؤمنين" في آية الجلاليب؟ فمجرد ذكر "نساء النبي" يكفي لأن "الحكم" عام , أم إن هذا يعني أن الحجاب خاص بنساء النبي صلي الله عليه وسلم كما جاء بصريح الآية, وصحيح السنة والجلباب للمسلمات عموماً كما جاء أيضاً بصريح الآية ؟

    يقول القرضاوي : وأما استدلال بعضهم بقوله تعالى: {فاسألوهن من وراء حجاب} فلا وجه له لأنه خاص بنساء النبي صلي الله عليه وسلم كما هو واضح، وقول بعضهم: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب لا يرد هنا؛ إذ اللفظ في الآية ليس عامًا. وقياس بعضهم سائر النساء على نساء النبي صلي الله عليه وسلم مردود، لأنه قياس مع الفارق، فإن عليهن من التغليظ ما ليس على غيرهن، ولهذا قال تعالى: {يا نساء النبي لستن كأحد من النساء}.

    قال ابن عاشور : وضمير {سألتموهن} عائد إلى الأزواج المفهوم من ذِكر البيوت في قوله {بيوت النبي}.

    البيان اللغوي في استعمال بني وأبناء:
    د.فاضل السامرائى

    بني (بنو بالرفع) أكثر من أبناء من حيث العدد.
    الفرق بين الآيتين: لو لاحظنا آية النور التي فيها (بني), نساء المؤمنين كثير, بني أخواتهن وبني إخوانهن فقال بني. بينما في آية الأحزاب التي فيها (أبناء) فالخطاب لنساء النبي صلي الله عليه وسلم ,أبناء إخوانهن وأبناء أخواتهن, وهن قليلات بالنسبة لنساء المؤمنين فقال أبناء لأن أبناء أقل من بني.



    الدليل الثاني : مقدمات فرض الحجاب

    1. عمر يشير علي رسول الله بحجب نسائه

    • عن عمر رضي الله عنه قال :... قلت : يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب فأنزل الله آية الحجاب. ( رواه البخاري )

    الحديث ينص علي أن عمر رضي الله عنه قال لرسول الله : (أحجب نسائك) ولم يقل (مر نساء المؤمنين بالحجاب ) وذلك أن عمر وقع في قلبه نفرة من إطلاع الرجال علي الحريم النبوي وذلك لأنه يدخل عليهن البر والفاجر, فرسول الله بيته مفتوحا لكل الناس , أما بيوت المسلمين فإنما يدخلها عادة الأقارب والأصدقاء.

    وهذا الحديث من موافقات عمر رضي الله عنه.فعن عمر:وافقت ربّي في ثلاث: في مقام إبراهيم، وفي الحجاب، وفي أسارى بدر.
    الرسول لم يسرع بالاستجابة لاقتراح عمر لأن مخالطة الرجال النساء في حدود الاحتشام لم يعتبرها منافية للشهامة والمروءة وغيرة الرجل علي عرضه , ولم يعتبرها كذلك منافية لعفاف المرأة ولا خادشة لحيائها.أي أن الرسول كان يري في العرف القائم في مجتمع المدينة وقتذاك عرفا صالحا ولا حاجة لمخالفته.كذلك لم ير رسول الله في الحجاب في عامة الأحوال مكرمة مطلقة بالنسبة للمرأة , إنما المكرمة في احتشامها وتمسكها بالخمار والثوب السابغ.ولكن عمر يري البيت النبوي يدخله البر والفاجر وفي الوقت نفسه يريد التميز لنساء النبي صلى الله عليه وسلم عن عامة نساء المؤمنين.فظل يلح علي التميز ورسول الله منصرف عنه , إذ كان يكره أن يميز بين أصحابه.ثم جاء وقت توالي فيه الأذي علي رسول الله وتجمعت دواعي التمييز وذلك أن البيوت كان ضيقة والدخول علي الرسول , وما أكثر مناسباته لتعدد حاجات الناس , يعني الدخول علي نسائه أيضا.فضلا عن الجلوس الطويل والاستئناس بالحديث مما يسبب الحرج للبيت كله.

    2. عمر - حرصا منه علي الحجاب - يعلن تعرفه علي سوده عند خروجها

    • عن عائشة : أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كن يخرجن بالليل إذا تبرزن إلي المناصع وهو صعيد أفيح وكان عمر يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: أحجب نسائك , فلم يكن الرسول يفعل , فخرجت سودة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي عشاء وكانت امرأة طويلة فناداها عمر : ألا قد عرفناك يا سودة , حرصا منه علي أن ينزل الحجاب فأنزل الله الحجاب.( رواه البخاري ومسلم ).

    3. تأذي رسول الله من قعود القوم يتحدثون بعد تناول الطعام

    • عن أنس قال : لما أهديت زينب بنت جحش إلي رسول الله وكانت معه في البيت, صنع طعاماً ودعا القوم فقعدوا يتحدثون ( وفي رواية لمسلم : وزوجته موليه وجهها إلي حائط ) فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يخرج ثم يرجع وهم قعود يتحدثون فأنزل الله تعالي آية الحجاب... فضرب الحجاب وقام القوم. ( رواه البخاري ومسلم )

    وفي رواية : (فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قد انطلقوا فجاء حتى دخل فذهبت أدخل فألقى الحجاب بيني وبينه فأنزل الله يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي الآية) .

    لو أن الحجاب يعني ستر البدن فقد كانت زينب(العروس)جالسة مولية وجهها للحائط فإن كانت سافرة الوجه لأمرها الرسول بستره ولاحاجة لإلقاء الحجاب ومنع أنس من الدخول.



    الدليل الثالث : معقبات فرض الحجاب
    عمر ينكر علي سودة - أم المؤمنين - خروجها بعد فرض الحجاب

    • عن عائشة قالت : خرجت سودة بعدما ضرب الحجاب لحاجتها وكانت امرأة جسيمة لاتخفي علي من يعرفها فرآها عمر بن الخطاب فقال : يا سودة أما والله ما تخفين علينا فانظري كيف تخرجين, قالت : فانكفأت راجعة ورسول الله في بيتي.. فدخلت فقالت : يا رسول الله إني خرجت لبعض حاجتي فقال لي عمر كذا وكذا... فقال : إنه أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن. ( رواه البخاري ومسلم )

    ( أ ) عمر ما عرف سودة إلا بطولها وجسامتها فدل ذلك على أن وجهها كان مستورًا.

    (ب) إن عمر لم ينكر علي نساء المسلمين أن يخرجن لحاجتهن بعد نزول آية الحجاب وقد كن جميعا يخرجن للبراز حيث لم يكن كنف في البيوت , وانما أنكر علي سودة أم المؤمنين فحسب وذلك لعلمه أن الحجاب خاص بنساء النبي صلى الله عليه وسلم , حجاب شخوصهن وليس أبدانهن , ولأنه ظن أنه ينبغي أن يطرد في كل الظروف , فنزل الوحي باستثناء الخروج للحاجة من وجوب حجب الأشخاص.وقد نقل الحافظ بن الحجر عن القرطبي قوله : ( فإن عمر قامت عنده أنفة من أن يطلع أحد علي حرم النبي صلى الله عليه وسلم فسأله أن يحجبهن فلما نزل الحجاب كان قصده أن لايخرجن أصلا ً فكان في ذلك مشقة , فأذن لهن أن يخرجن لحاجتهن التي لابد منها ).



    الدليل الرابع :اختصاص لفظ الحجاب في صحيحي البخاري ومسلم بأمهات المؤمنين

    تبين من مراجعة صحيحي البخاري ومسلم وكتب السنة الأخري أن لفظ الحجاب وفي معناه المنصوص عليه في الآية {فَٱسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ} لم يرد إلا مرتبطاً بنساء النبي صلي الله عليه وسلم وفيما يلي بعض نصوص البخاري ومسلم :

    أولاً : علي عهد النبي صلي الله عليه وسلم

    • عن عمر : قلت يارسول الله يدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب ... فأنزل الله آية الحجاب.

    • عن أنس قال : لما تزوج رسول الله زينب بنت جحش دعا القوم فطعموا ثم جلسوا يتحدثون... فانطلقت فجئت فأخبرت النبي صلي الله عليه وسلم أنهم قد انطلقوا فجاء حتي دخل فذهبت أدخل فألقي الحجاب بيني وبينه فأنزل الله : {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي} وزاد مسلم في روايته : وحجبن نساء النبي صلي الله عليه وسلم .

    • عن عائشة قالت : جاء عمي من الرضاعة فاستأذن علي فأبيت أن آذن له حتي أسأل رسول الله... وذلك بعد أن ضرب علينا الحجاب , وفي رواية مسلم : استأذن عليها فحجبته فأخبرت رسول الله فقال لها : لاتحتجبي منه.

    • عن أنس قال : أقام النبي صلي الله عليه وسلم بين خيبر والمدينة ثلاثا يبني عليه بصفية بنت حيي...قال المسلمون : إحدي أمهات المؤمنين أو مما ملكت يمينه , فقالوا إن حجبها فهي من أمهات المؤمنين وإن لم يحجبها فهي مما ملكت يمينه, فلما ارتحل وطأ لها خلفه ومد الحجاب بينها وبين الناس. ( رواه البخاري ومسلم )
    وطأ لها خلفه : مهد لها فراشا خلفه
    هنا صفية رضي الله عنها حين خرجت من البيت وركبت في حضور الصحابة كانت مستورة البدن قطعا ,فما الحاجة لقول الصحابة : إن حجبها فهي من أمهات المؤمنين؟ وما حاجة الرسول صلي الله عليه وسلم لأن ( يمد الحجاب بينها وبين الناس ) إلا أن يعني الحجاب ما هو أكثر من ستر البدن؟

    • عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث قال : ... فلما صلي رسول الله الظهر سبقناه (أي عبد المطلب والفضل بن العباس) إلي الحجرة فقمنا عندها حتي جاء فأخذ بآذاننا ... فسكت طويلا حتي أردنا أن نكلمه وجعلت زينب تُلْمِع إلينا من وراء حجاب أن لا تكلماه ... (رواه مسلم)
    تلمع إلينا : ألمع ولمع إذا أشار بثوبه أو بيده

    • عن عائشة قالت : كان يدخل علي أزواج النبي صلي الله عليه وسلم مُخَنّث فكانو يعدونه من غير أولي الإربة ... فقال النبي صلي الله عليه وسلم : ألا أري هذا يعرف ما ها هنا , لا يدخلن عليكن.قالت فحجبوه.(رواه مسلم)

    • عن أبي موسي الأشعري : ... فنادت أم سلمة من وراء الستر أن أفضلا لأمكما.( رواه البخاري ومسلم )

    • عن بن مسعود يقول : قال لي رسول الله : اذنك علي أن يرفع الحجاب.( رواه مسلم )

    • عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم أقام على صفية بنت حيي بطريق خيبر ثلاثة أيام حتى أعرس بها وكانت فيمن ضرب عليها الحجاب .( رواه البخاري )
    فلو كانت نساء النبيّ صلي الله عليه وسلم مثل سائر النساء في شأن الحجاب فما فائدة قول أنس هذا؟!.

    • عن جابر بن عبد الله قال : كنت جالسا في داري فمر بي رسول الله فأشار إلي , فقمت إليه فأحذ بيدي , فانطلقنا حتي أتي بعض حجر نسائه فدخل ثم أذن لي فدخلت الحجاب عليها.( رواه مسلم )

    • عن عائشة رضي الله عنها قالت : اختصم سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة في غلام فقال سعد هذا يارسول الله ابن أخي عتبة بن أبي وقاص عهد إلي أنه ابنه انظر إلي شبهه.وقال عبد بن زمعة هذا أخي يارسول الله ولد علي فراش أبي من وليدته.فنظر رسول الله إلي شبهه فرأي شبها بينا بعتبة فقال : هو لك يا عبد , الولد للفراش وللعاهر الحجر , واحتجبي منه يا سودة بنت زمعة , فلم تره سودة قط.(رواه البخاري ومسلم)

    وفي رواية ( قال رسول الله احتجبي منه يا سودة بنت زمعة مما رأى من شبهه بعتبة وكانت سودة زوج النبي صلي الله عليه وسلم ).

    ثانياً : علي عهد الصحابة

    • عن مسروق أنه أتي عائشة فقال لها : يا أم المؤمنين إن رجلا ً يبعث بالهدي إلي الكعبة ويجلس في المصر فيوصي أن تقلد بدنته فلا يزال من ذلك اليوم محرما حتي يحل الناس؟ قال : فسمعت تصفيقها من وراء الحجاب فقالت : لقد كنت أفتل قلائد رسول الله فيبعث هديه إلي الكعبة فما يحرم عليه مما حل للرجال من أهله حتي يرجع الناس.(رواه البخاري ومسلم )

    • عن عوف بن الطفيل قال : فأقبل به ( أي بعبد الله بن الزبير ) المسور وعبد الرحمن مشتملين بأرديتهما حتي أستأذنا علي عائشة فقالا : السلام عليك ورحمة الله وبركاته أندخل؟ قالت عائشة : ادخلوا, قالوا : كلنا؟ قالت نعم ادخلوا كلكم ولاتعلم أن معهما بن الزبير, فلما دخلوا دخل بن الزبير الحجاب.( رواه البخاري )
    الذي اقتحم الحجاب بن الزبير.

    • عن أبي سلمة قال : دخلت أنا وأخو عائشة علي عائشة فسألها أخوها عن غسل النبي صلي الله عليه وسلم فدعت بإناء نحو من صاع فاغتسلت وأفاضت علي رأسها وبيننا وبينها حجاب.( رواه البخاري )

    • وفي حديث ابن جريج عن عطاء : وكنت آتي عائشة أنا وعبيد بن عمير وهي مجاورة في جوف ثبير, قلت وما حجابها ؟ قال : هي قبة تركية لها غشاء وما بيننا وبينها غير ذلك. ( رواه البخاري )

    • عن يوسف بن عاصم قال : كان مروان علي الحجاز , استعمل معاوية فخطب فجعل يذكر يزيد بن معاوية لكي يبايع له بعد أبيه.فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئا فقال : خذوه. فدخل بيت عاشة فلم يقدروا عليه فقال مروان : إن هذا الذي أنزل فيه : {والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني} فقالت عائشة من وراء حجاب : ما أنزل الله فينا شيئا من القرآن إلا أن الله أنزل عُذْري.(رواه البخاري)

    **من خلال استعراضنا لأكثر أمهات كتب السنة حديثا حديثا لم يمر علينا حديث يشير إلي ستر الأبدان دون الأشخاص عند سماع الحديث من أمهات المؤمنين , بل كلها تتضمن ستر الأشخاص.



    الدليل الخامس : نصوص من خارج الصحيحين تؤكد خصوصية الحجاب بأمهات المؤمنين

    ورد في الطبقات الكبري لابن سعد الروايات الآتية :

    • عن عبد الواحد بن أبي عون الدوسي قال قدم النعمان بن أبي الجون الكندي وكان ينزل وبني أبيه نجدا مما يلي الشربة فقدم على رسول الله مسلما فقال يا رسول الله ألا أزوجك أجمل أيِّم في العرب كانت تحت بن عم لها فتوفي عنها فتأيمت وقد رغبت فيك وحطت إليك فتزوجها رسول الله على اثنتي عشرة أوقية وَنَشّ...فبعث رسول الله معه أبا أسيد الساعدي فلما قدم عليها جلست في بيتها وأذنت له أن يدخل فقال أبو أسيد إن نساء رسول الله لا يراهن أحد من الرجال فقال أبو أسيد وذلك بعد أن نزل الحجاب فأرسلت إليه فيسرني لأمري قال حجاب بينك وبين من تكلمين من الرجال إلا ذا محرم منك ففعلت....
    أيم : لا زوج لها
    حطت إليك : مالت إليك
    ونش : نصف أوقية

    • قال أبو أسيد الساعدي لامرأة من الجَوْن ردها رسول الله إلي أهلها قبل أن يدخل بها : (( أقيمي في بيتك واحتجبي إلا من ذي محرم ولا يطمع فيك طامع بعد رسول الله فإنك من أمهات المؤمنين )) فأقامت لا يطمع فيها طامع ولا تُرَى إلا لذي محرم حتى توفيت في خلافة عثمان بن عفان عند أهلها بنجد. من الجون : من قبيلة كِنْدَة

    • عن بن عباس قال : خلف عَلَى أسماء بنت النعمان المهاجر بن أبي أمية بن المغيرة فأراد عمر : أن يعاقبهما فقالت : والله ما ضرب علي الحجاب ولا سميت أم المؤمنين فكف عنها.
    خلف علي أسماء بنت النعمان : أي تزوجها بعد رسول الله

    • عن داود بن أبي هند أن النبي صلي الله عليه وسلم توفي وقد ملك امرأة من كندة يقال لها قيلة فارتدت مع قومها فتزوجها بعد ذلك عكرمة بن أبي جهل فوجد أبو بكر من ذلك وجدا شديدا فقال له عمر يا خليفة رسول الله إنها والله ما هي من أزواجه ما خيرها ولا حجبها.
    ملك امرأة : أي تزوجها
    وجد : حزن

    وقد أورد الطبري في تفسيره الرواية الأخيرة بصيغة أخري قال :

    • عن عامر أن نبي الله صلي الله عليه وسلم مات وقد ملك قيلة بنت الأشعث , فتزوجها عكرمة بن أبي جهل بعد ذلك، فشق ذلك على أبي بكر مشقة شديدة، فقال له عمر: يا خليفة رسول الله، إنها ليست من نسائه، إنها لم يُخيرها رسول الله ولم يحجبها ... فاطمأن أبو بكر وسكن.



    الدليل السادس : رفض الإذن لنساء النبي صلي الله عليه وسلم بعد فرض الحجاب بالمشاركة في الجهاد والإذن لعامة النساء

    ■ الإذن لنساء النبي صلي الله عليه وسلم بالجهاد قبل فرض الحجاب

    • عن أنس قال : لما كان يوم أحد انهزم الناس عن النبي ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر وأم سليم وإنهما لمشمرتان أري خدم سوقهما تنقزان القرب علي متونهما ثم تفرغانه في أفواه القوم ثم ترجعان فتملآنها ثم تجيئان فتفرغانه في أفواه القوم.
    ( رواه البخاري ومسلم )
    خدم سوقهما: أي الخلاخيل

    ■ رفض الإذن لنساء النبي صلي الله عليه وسلم بالجهاد بعد فرض الحجاب

    • عن عائشة قالت: يارسول الله نري الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد؟ قال : لكن أفضل الجهاد حج مبرور, وفي رواية : استأذنت النبي في الجهاد فقال : جهادكن الحج. ( رواه البخاري )

    ■ خروج نساء النبي صلي الله عليه وسلم معه في بعض الغزوات بقصد الصحبة وليس للمشاركة في الجهاد

    • عن عائشة قالت : كان رسول الله إذا أراد سفرا أقرع بين أزواجه... فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج فيها سهمي فخرجت مع رسول الله بعدما نزل الحجاب فكنت أحمل في هودجي وأنزل فيه.. ( رواه البخاري ومسلم )

    ■ مشاركة بعض نساء المؤمنين في الجهاد بعد فرض الحجاب

    • عن أنس أن رسول الله غزا خيبر (محرم سنة 7 هـ)...فأعتقها (أي صفية بنت حيي )... حتي إذا كان بالطريق جهزتها له أم سليم. ( رواه البخاري ومسلم )
    بلغ عدد من شارك في غزوة خيبر حسب الروايات خمس عشرة امرأة.

    • عن أنس أن أم سليم اتخذت يوم حنين خنجرا (سنة 8 هـ) ... قالت : اتخذته إن دنا مني أحد من المشركين بقرت به بطنه فجعل رسول الله يضحك...( رواه مسلم )

    • عن حفصة بنت سيرين عن أم عطية الأنصارية قالت : غزوت مع رسول الله سبع غزوات أخلفهم في رحالهم فأصنع لهم الطعام وأداوي الجرحي وأقوم علي المرضي.( رواه مسلم )

    • عن يزيد بن هرمز أن نجدة كتب إلي بن عباس سأله عن خمس خلال... فكتب إليه بن عباس : كتبت تسألني : هل كان رسول الله يغزو بالنساء؟ وقد كان يغزو بهن فيداوين الجرحي ويحذين من الغنيمة.( رواه مسلم )


    الدليل السابع: حج أمهات المؤمنين معتزلات الرجال بينما عامة النساء يخالطن الرجال

    • عن ابراهيم بن عبد الرحمن بن عوف : أذن عمر رضي الله عنه لأزواج النبي صلي الله عليه وسلم في آخر حجة حجها فبعث معهن عثمان بن عفان وعبد الرحمن . ( رواه البخاري )

    قال الحافظ : .... وزاد عبدان عند البيهقي: وكان عثمان ينادي ألا يدنو أحد منهن ولاينظر إليهن وهن في الهوادج علي الإبل... وري بن سعد بإسناد صحيح من طريق أبي اسحاق السبيعي قال : رأيت نساء النبي صلي الله عليه وسلم حجبن في هوادج عليها الطيالسة زمن المغيرة بن شعبة.

    • عن أم الحصين قالت : حججت مع رسول الله حجة الوداع ( سنة 9 هجري ) فرأيته حين رمي جمرة العقبة وانصرف علي راحلته ومعه بلال وأسامة أحدهما يقود به راحلته والآخر رافع ثوبه علي رأس رسول الله من الشمس.(رواه مسلم)

    • عن عبد الله بن عباس : قال أردف النبي صلي الله عليه وسلم الفضل بن العباس يوم النحر خلفه علي عجز راحلته, فوقف النبي صلي الله عليه وسلم للناس يفتيهم وأقبلت امرأة من خثعم وضيئة تستفتي رسول الله ...( رواه البخاري ومسلم )

    • عن بن عباس عن النبي صلي الله عليه وسلم :لقي ركبا بالروحاء فقال:من القوم؟ قالوا:المسلمون,فقالوا من أنت؟ قال : رسول الله , فرفعت إليه امرأة صبيا فقالت : ألهذا حج؟ قال : نعم ولك أجر.


    الدليل الثامن :كرائم الصحابيات يلقين الرجال دون حجاب
    أي دون ساتر يفصل بين الرجال والنساء
    الوقائع التالية بعد نزول آية الحجاب

    أسماء بنت عميس
    هي زوجة جعفر ابن أبي طالب.

    • عن أبي موسي قال : بلغنا مخرج النبي صلي الله عليه وسلم ونحن باليمن فخرجنا مهاجرين إليه... فركبنا سفينة فألقتنا سفينتنا إلي النجاشي فوافقنا جعفر بن أبي طالب فأقمنا معه حتي قدمنا جميعا فوافقنا النبي صلي الله عليه وسلم حين فتح خيبر( سنة 7 هـ) وكان أناس من الناس يقولون لنا سبقناكم بالهجرة, ودخلت أسماء بنت عميس, وهي ممن قدم معنا, علي حفصة زوج النبي زائرة وقد كانت هاجرت إلي النجاشي فيمن هاجر, فدخل عمر علي حفصة وأسماء عندها فقال عمر حين رأي أسماء : من هذه؟ قالت : أسماء بنت عميس , قال عمر : الحبشية هذه؟ البحرية هذه؟ قالت أسماء : نعم , قال سبقناكم بالهجرة فنحن أحق برسول الله منكم, فغضبت.... فلما جاء النبي صلي الله عليه وسلم قالت : يا نبي الله إن عمر قال كذا وكذا ....قال : ليس بأحق بي منكم وله ولأصحابه هجرة واحدة ولكم أنتم أهل السفينة هجرتان. قالت: فلقد رأيت أبا موسى، وأهل السفينة، يأتوني أرسالا يسألوني عن هذا الحديث، ما من الدنيا شيء هم به أفرح ولا أعظم في أنفسهم، مما قال لهم النبي صلي الله عليه وسلم.قال أبو بردة: قالت أسماء: فلقد رأيت أبا موسى وإنه ليستعيد هذا الحديث مني.( رواه البخاري ومسلم )

    ثم كانت زوجة لأبي بكرالصديق

    • عن عبد الله بن عمرو بن العاص:... أن نفراً من بني هاشم دخلوا علي أسماء بنت عميس فدخل أبو بكر الصديق وهي تحته يومئذ فرآهم فكره ذلك, فذكر ذلك لرسول الله وقال : لم أري إلا خيراً, فقال رسول الله : إن الله قد برأها من ذلك ثم قام رسول الله علي المنبر فقال : (( لايدخلن رجل بعد يومي هذا علي مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان )). ( رواه مسلم )

    وكأن رسول الله يريد أن يقول إن دخول الجماعة من الرجال علي المرأة مما يبعد الشبهة وهذا مما يطمئن قلب أبي بكر حيث كان الداخلون علي أسماء جماعة.

    • وقد روي الطبراني عن قيس بن أبي حازم قال : دخلنا علي أبي بكر في مرضه فرأيت عنده امرأة بيضاء موشومة اليدين تذب عنه وهي أسماء بنت عميس .

    ثم كانت زوجة لعلي بن أبي طالب

    • عن تميم بن أبي سلمة : أن عمرو بن العاص أقبل إلي بيت علي بن أبي طالب في حاجة فلم يجد عليا فرجع ثم عاد فلم يجده مرتين أو ثلاثا فجاء علي فقال له : أما استطعت إذ كانت حاجتك إليها أن تدخل ؟فقال نُهينا أن ندخل عليهن إلا بإذن أزواجهن.(الأحاديث الصحيحة للألباني)

    أسماء بنت أبي بكر

    • عن أسماء بنت أبي بكر قالت : دخلت علي عائشة والناس يصلون...فأطال رسول الله جدا حتي تجلاني الغشي... ولغط نسوة من الأنصار فانكفأت إليهن لأسكتهن... وفي رواية : قام رسول الله خطيباً فذكر فتنة القبر التي يفتتن فيها المرء فلما ذكر ذلك ضج المسلمون ضجة. ( رواه البخاري ومسلم )

    وقد ساقه النسائي والإسماعيلي من الوجه الذي أخرجه البخاري فزاد بعد قوله ضجة : ( حالت بيني وبين أن أفهم آخر كلام رسول الله فلما سكت ضجيجهم قلت لرجل قريب مني أي بارك الله فيك ماذا قال رسول الله في آخر كلامه؟ قال : قد أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور قريبا من فتنة الدجال.

    الغميصاء بنت ملحان ( أم سليم )

    • عن أنس بن مالك : كان رسول الله يغزو بأم سليم ونسوة من الأنصار معه إذا غزا , فيسقين الماء ويداوين الجرحي. ( رواه مسلم )

    • عن أنس أن أم سليم اتخذت يوم حنين خنجرا ( سنة 8 ه) ... قالت : اتخذته إن دنا مني أحد من المشركين بقرت به بطنه فجعل رسول الله يضحك...( رواه مسلم )

    أم أيمن :
    زوجة زيد بن حارثة وولدت له أسامة ابن زيد.

    • قال أبو بكر رضي الله عنه بعد وفاة رسول الله لعمر انطلق بنا إلى أم أيمن نزورها كما كان رسول الله يزورها فلما انتهينا إليها بكت فقالا لها ما يبكيك؟ ما عند الله خير لرسوله صلي الله عليه وسلم فقالت ما أبكي أن لا أكون أعلم أن ما عند الله خير لرسوله صلي الله عليه وسلم ولكن أبكي أن الوحي قد انقطع من السماء فهيجتهما على البكاء فجعلا يبكيان معها.(رواه مسلم)

    فاطمة بنت قيس وأم شريك

    • عن فاطمة بنت قيس :... فأمرها رسول الله أن تعتد في بيت أم شريك ثم قال : تلك امرأة يغشاها أصحابي إعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمي تضعين ثيابك عنده. ( رواه مسلم )

    • عن الشعبي قال : دخلنا علي فاطمة بنت قيس فأتحفتنا برطب يقال له رطب بن طاب وأسقتنا سويق سلت فسألتها عن المطلقة ثلاث أين تعتد؟ قالت : طلقني بعلي فأذن لي النبي صلي الله عليه وسلم أن أعتد في أهلي.( رواه مسلم )

    سبيعة بنت الحارث الأسلمية

    • عن سبيعة بنت الحارث أنها كانت تحت سعد بن خولة... فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته, فلما تعلت من نفاسها تجملت للخطاب ( وعند الإمام أحمد اكتحلت واختضبت وتهيأت) فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك فقال لها: مالي أراك تجملت للخطاب؟ ترجين النكاح؟ فإنك والله ما أنت بناكح حتي تمر عليك أربعة أشهر وعشر , قالت سبيعة: فلما قال لي ذلك جمعت علي ثيابي حين أمسيت وأتيت رسول الله فسألته عن ذلك , فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي وأمرني بالتزوج إن بدا لي.(رواه البخاري ومسلم)

    سعيرة الأسدية ( أم زُفَر)

    • عن عطاء بن رباح قال: قال لي ابن عباس: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت: بلي, قال: هذه المرأة السوداء أتت النبي صلي الله عليه وسلم قالت: إني أصرع , وإني أتكشف فادع الله لي قال: إن شئت صبرت ولك الجنة وإن شئت دعوت الله أن يعافيك فقالت: أصبر, فقالت: إني أتكشف فادع الله لي أن لا أتكشف فدعا لها.(رواه البخاري)

    أم الفضل بنت الحارث

    • عن أم الفضل بنت الحارث أن ناسا تماروا عندها يوم عرفة في صوم النبي صلي الله عليه وسلم فقال بعضهم : هو صائم , فأرسلت إليه بقدح لبن وهو واقف علي بعيره فشربه.( رواه البخاري ومسلم )

    قال الحافظ : وفي الحديث من الفوائد ... المناظرة في العلم بين الرجال والنساء.
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 2093
    تاريخ التسجيل : 01/03/2010
    الموقع : hmsain.ahlamontada.com

    مشاركة المرأة المسلمة في الحياة الاجتماعية ولقاؤها الرجال Empty رد: مشاركة المرأة المسلمة في الحياة الاجتماعية ولقاؤها الرجال

    مُساهمة  Admin الأحد 14 أغسطس 2011 - 17:35

    من أقوال الفقهاء في خصوصية الحجاب
    بنساء النبي صلي الله عليه وسلم

    1- قال أبو داود بعد إيراده قول رسول الله لزوجتيه أم سلمة وميمونة عند دخول بن أم مكتوم ( إحتجبا منه , أفعمياوان أنتما ) : وهذه لأزواج النبي صلي الله عليه وسلم خاصة ألا تري لإعتداد فاطمة بنت قيس عند بن أم مكتوم؟ وقد قال النبي لفاطمة : إعتدي عند بن أم مكتوم فإنه رجل أعمي تضعين ثيابك عنده.

    2- قال الأثرم : قلت لأبي عبد الله ( يعني الإمام أحمد بن حنبل ) كأن حديث نبهان : ( أفعمياوان أنتما ) لأزواج النبي صلي الله عليه وسلم خاصة وحديث فاطمة بنت قيس : ( إعتدي عند بن أم مكتوم ) لسائر الناس؟ قال : نعم.

    3- قال بن قتيبة : ونحن نقول أن الله عز وجل أمر أزواج النبي صلي الله عليه وسلم بالاحتجاب اذ أمرنا أن لا نكلمهن إلا من وراء حجاب فقال : {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ}... وهذه خاصة لأزواج رسول الله كما خصصن بتحريم النكاح علي جميع المسلمين.

    4- أورد النووي في شرحه لصحيح مسلم قول القاضي عياض : فرض الحجاب مما اختص به أزواج النبي صلي الله عليه وسلم فهو فرض عليهن بلا خلاف في الوجه والكفين فلا يجوز لهن كشف لشهادة ولاغيرها ولا يجوز لهن إظهار أشخاصهن وإن كن مستترات إلا ما دعت إليه الضرورة من الخروج للبراز.. وقد كن إذا قعدن للناس جلسن من وراء حجاب وإذا خرجن حجبن وسترن أشخاصهن.. ولما توفيت زينب رضي الله عنها جعلوا لها قبة فوق نعشها تستر شخصها.

    وقد اعترض عليه الحافظ ابن حجر قال: " وليس فيما ذكره دليل على ما ادعاه من فرض ذلك عليهن ، وقد كن بعد النبي صلي الله عليه وسلم يحججن ويطفن،وكان الصحابة ومن بعدهم يسمعون منهن الحديث ، وهن مستترات الأبدان لا الأشخاص ".وهذا الاعتراض في غير محلة ، فإن حجهن وطوافهن مما يتنزل منزلة الضرورة التي يجوز لهن فيها أن يظهرن شخوصهن ، كما هو الحال عند الخروج إلى البراز.

    5- المهلب : ... الحجاب إنما هو في حق أزواج النبي صلي الله عليه وسلم خاصة.

    6- قال ابن بطال : ... إن نساء المؤمنين ليس عليهن من الحجاب مايلزم أزواج النبي صلي الله عليه وسلم .

    7- قال القرطبي تعليقا علي حديث ( أفعمياوان أنتما ) : ... هذا الحديث لايصح عند أهل النقل لأن راويه عن أم سلمة نبهان مولاها وهو ممن لايحتج بحديثه. وعلي تقدير صحته فإن ذلك منه عليه السلام تغليظ علي أزواجه لحرمتهن كما غلظ عليهن أمر الحجاب كما أشار اليه أبو داود وغيره من الأئمة.

    8- عَنْ مُجَاهِدٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا} ، قَالَ: أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِنَّ الْحِجَابُ.

    9- أخرج الطبرى عن قتادة في قوله {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ ٱلنَّبِيِّ} إلى قوله {غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} قال : غير متحينين طعامه ولكن اذا دعيتم فادخلوا فاذا طعمتم فانتشروا قال : كان هذا في بيت أم سلمة رضي الله عنها أكلوا ثم أطالوا الحديث فجعل النبي صلى الله عليه و سلم يخرج ويدخل ويستحي منهم والله لا يستحي من الحق {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ}قال:بلغنا أنهن أمرن بالحجاب عند ذلك.{لاَّ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِيۤ آبَآئِهِنَّ} قال :فرخص لهن أن لا يحتجبن من هؤلاء.

    10- ويقول ابن جزي الكلبي في "التسهيل لعلوم التنزيل" :
    {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} المتاع الحاجة من الأثاث وغيره، وهذه الآية نزلت في احتجاب أزواج النبي صلي الله عليه وسلم ، وسببها ما رواه أنس من قعود القوم يوم الوليمة في بيت زينب، وقيل: " سببها أنّ عمر بن الخطاب أشار على رسول الله بأن يحجب نساءه، فنزلت الآية موافقة لقول عمر " ، قال بعضهم لما نزلت في أمهات المؤمنين {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} كن لا يجوز للناس كلامهن إلا من وراء حجاب، ولا يجوز أن يراهن متنقبات ولا غير متنقبات، فخصصن بذلك دون سائر النساء { ذٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} يريد أنقى من الخواطر التي تعرض للرجال في أمر النساء والنساء في أمر الرجال {وَلاَ أَن تَنكِحُوۤاْ أَزْوَاجَهُ} سببها أن بعض الناس قالوا: لو مات رسول الله لتزوّجت عائشة، فحرم الله على الناس تزوج نسائه بعده كرامة له صلي الله عليه وسلم.

    11- وقال النحاس في معاني القرآن : وقوله جل وعز {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} فكان لا يحل لأحد أن يسألهن طعاما ولا غيره ولا ينظر إليهن متنقبات ولا غير متنقبات إلا من وراء حجاب.انتهى.

    12. أخرج ابن سعد عن أنس رضي الله عنه قال: نزل الحجاب مبتنى رسول الله بزينب بنت جحش رضي الله عنها وذلك سنة خمس من الهجرة وحجب نساؤه من يومئذ وأنا ابن خمس عشر.

    13. وأخرج ابن سعد عن صالح بن كيسان قال: نزل حجاب رسول الله على نسائه في ذي القعدة سنة خمس من الهجرة.

    14. أخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله لا جناح عليهن في آبائهن حتى بلغ ولا نسائهن قال: أنزلت هذه الآية في نساء النبي خاصة وقوله نسائهن يعني نساء المسلمات أو ما ملكت أيمانهن من المماليك والإماء ورخص لهن أن يروهن بعد ما ضرب الحجاب عليهن.

    15- قال الطاهر بن عاشور: وهذه الآية هي شارعة حكم حجاب أمهات المؤمنين، وقد قيل: إنها نزلت في ذي القعدة سنة خمس.
    وبهذه الآية مع الآية التي تقدمتها من قوله {يا نساء النبي لستن كأحد من النساء} تحقق معنى الحجاب لأمهات المؤمنين المركب من ملازمتهن بيوتهن وعدم ظهور شيء من ذواتهن حتى الوجه والكفين، وهو حجاب خاص بهن لا يجب على غيرهن، وكان المسلمون يقتدون بأمهات المؤمنين ورعا وهم متفاوتون في ذلك على حسب العادات.


    وعن التأصيل الشرعي لمعنى الحجاب قال الشيخ سلمان العوده إن لفظ الحجاب جاء في القرآن الكريم في نحو سبعة مواضع ليس

    لها علاقة بما نحن بصدده الآن ( زي المرأة)، الموضع الوحيد الذي جاء فيه ذكر الحجاب في القرآن قريباً من موضوع المرأة هو

    قول الله سبحانه وتعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ" . [الأحزاب:53].

    وهذه الآية تتعلق ببيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وأسرته، ودخول المؤمنين (فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ) ثم

    قال الله سبحانه وتعالى: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ) يعني أمهات المؤمنين رضي الله عنهن وأرضاهن،

    وقال: (ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً). إذن لفظ الحجاب في

    هذا الموضع الوحيد في القرآن جاء يتعلق بحجب أمهات المؤمنين، والذي يظهر لي أن هذا الحجب ليس فقط الستر بالثوب، وإنما

    هو حجب حتى في المكان، بحيث إن أم المؤمنين عائشة مثلاً كانت تحدث الناس من وراء ستر، وكان يوضع الهودج لها إذا أرادت

    أن تسافر؛ فهو حجاب أبعد من مجرد لبس الستر أو الثوب الخاص، إذن لفظ الحجاب في هذا السياق يخص أمهات المؤمنين.



    تعقيب :

    المعارضون لكشف وجه المرأة يستدركون علي النصوص التي صرحت بكشف المرأة وجهها بأنها كانت قبل الحجاب أي قبل نزول آية الحجاب.

    مثل قول مصطفي العدوي في " الحجاب" في ( قصة الواهبة) : أن ذلك محتمل أنه قبل الحجاب.

    وفي "رسالة الحجاب" لابن عثيمين : وعن حديث جابر(قصة سفعاء الخدين) بأن لم يذكر متى كان ذلك فإما أن تكون هذه المرأة من القواعد اللاتي لا يرجون نكاحاً فكشف وجهها مباح، ولا يمنع وجوب الحجاب على غيرها، أو يكون قبل نزول آية الحجاب.

    فبعد أن أثبتنا خصوصية الحجاب بأمهات المؤمنين يتبين بطلان هذا الحجة.

    وهناك أمرين :

    الأول : أنه يترتب علي إثبات خصوصية الحجاب بعض النتائج:

    أولا : أنه لا دلالة في آية الحجاب{فاسألوهن من وراء حجاب} علي وجوب أو ندب حديث النساء مع الرجال من وراء حجاب .

    ثانيا : أنه لاحجة في رد النصوص التي تدل علي جواز لقاء المرأة الرجال ولم يعرف تاريخها بدعوي أنها ربما كانت قبل فرض الحجاب.

    الثاني : مشروعية اللقاء تخضع لبعض الأحكام:

    • فيعرض الندب للقاء المرأة الرجال أحيانا.ومثال ذلك : حال طلب العلم أو معاونة المجاهدين.

    • ويعرض الوجوب أحيانا.ومثال ذلك:حال أداء الشهادة أو كسب الرزق عند الحاجة أو نجدة مصاب.

    • وتعرض الكراهة أحيانا. ومثال ذلك : حال فتنة راجحة أو عند الإخلال ببعض الآداب الشرعية.

    • وتعرض الحرمة أحيانا. ومثال ذلك : حال فتنة مؤكدة أو وقوع محظور كالخلوة.



    غلو الخلف في أمر سد الذريعة

    إن قاعدة سد الذريعة تعني أن الأمر المباح يصبح مكروها أو حراما إذا كان فعله ذريعة إلي فساد أو فتنة وهي قاعدة في ذاتها محكمة ولكن تطبيقها محل اجتهاد واسع واختلاف كبير.وهنا مضلة أفهام ومزلة أقدام كما يقولون.ومن ينظر في كتب الفقه المتأخرة أو يستعرض تطبيق المسلمين يلحظ بوضوح كم ضلت أفهام وزلت أقدام في تطبيق هذه القاعدة الجليلة حتي أضحت سيفا مسلطَّا علي كثير من الأحكام الشرعية,فصبغت حياة المجتمع المسلم بصبغة مخالفة لما كان عليه الأمر علي عهد النبي صلي الله عليه وسلم.ومن أمثلة هذه الأحكام:

    شرع الإسلام للمرأة حضور الجماعة في المسجد ولكن منعت سدا للذريعة

    أمر الإسلام المرأة بحضور صلاة العيد ولكن منعت سدا للذريعة

    سن الإسلام للإمام أن يجعل درسا خاصا للنساء ولكن منعت سدا للذريعة

    أمر الإسلام الخاطب أن يري مخطوبته ولكن منعت سدا للذريعة

    أمر الإسلام المرأة أن تطلب العلم الذي يقيم دينها ويقيم دنياها ولكن منعت سدا للذريعة

    شرع الإسلام للمرأة أن تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر ولكن منعت سدا للذريعة

    شرع الإسلام للمرأة أن تبيع وتشتري وتعمل لكسب عيشها (عند عجز العائل أو فقده ) أو تعمل لتعين زوجها ولكن منعت سدا للذريعة

    سن الإسلام للمرأة أن تضمد الجرحي وتسقي العطشي في الجهاد ولكن منعت سدا للذريعة

    شرع الإسلام للمرأة أن تكشف عن وجهها وكفيها خارج بيتها ولكن منعت سدا للذريعة

    سن الإسلام للمرأة أن تلقي الرجال في حدود الآداب الشرعية ولكن منعت سدا للذريعة

    وهكذا نتيجة للغلو في تطبيق قاعدة سد الذريعة وضعت قيود وضغوط كثيرة علي حياة المرأة.وقد يكون لأسلافنا بعض مسوغات أملت هذه الاحتياطات , وهذا اجتهادهم لزمانهم.وسواء أصابوا أو أخطأوا في هذا الاجتهاد , فليس هناك اجتهادات بشرية تمضي أبد الدهر وإلا صارت أحكاما دينية قاطعة كتلك التي أمر الله بها.والله أعلم بخلقه , وقد أنزل عليهم ما يصون حياتهم وأعراضهم بشريعته التامة الخالدة.وبتعبير آخر إذا ربطت هذه القيود الاحتياطية في تصور البعض ربطا مباشرا بخلقة الإنسان – كل إنسان وغرائزه الفطرية – فهي هنا افتئات علي الله جل وعلا حيث يقول: {اليوم أكملت لكم دينكم} واتهام لرسوله وهو المبين للكتاب.

    وأصحاب هذه القيود الاحتياطية الأبدية يستثنون عهد الرسالة بحجة أنه خير القرون , وأن رجاله ونساءه كانوا علي مستوي رفيع من الخلق , وذلك حتي لا يعارضوا أمر الله وأمر رسوله معارضة مباشرة.وقد نسوا أن أفراد مجتمع المدينة لم يكونوا كلهم مثل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أو مثل عائشة وأسماء وأم سليم رضي الله عنهن. بل كان في المجتمع فئات مختلفة من منافقين ويهود ومن أعراب وفدوا إلي المدينة كما كان فيه الشباب والشيوخ والأقوياء والضعفاء والعقلاء والسفهاء.ومع ذلك أوجب الشرع ما أوجب وأباح ما أباح في شئون المرأة.

    إن وضع القيود المسرفة – بدعوي سد الذريعة – يعتبر هروبا من مواجه الحياة , وإذا كان فريق من الغلاة في العبادة قد اعتزل الناس والحياة هروبا من مواجهة الفتن , وكان حقا عليه أن يواجه فتن الدنيا بعزيمته وتماسك خلقه.فكذلك الغلاة في الاحتياطات قد هربوا أو هرب نساؤهم واعتزلن مجالات الحياة , ففات مجتمع المسلمين خير كثير.وكان واجبا علي الجميع أن يتسلح بالخلق القويم و الشخصية المتماسكة – مع الأخذ بما شرع الله إباحة أو ندبا أو وجوبا أو كراهية أو تحريما - فتنموا شخصية المرأة وتنتج وتبدع سواء داخل الأسرة أو في النشاط الاجتماعي الخيَّر.

    أليس الأولي أن نقيم حياتنا ابتداء بتطبيق سنة رسول الله وما تضمنته من قيود معتدله وهي عبارة عن مجموعة من الآداب الحكيمة؟ ثم نضيق ونضع قيود واحتياطات إضافية بناء علي ما تعطيه التجربة من نتائج؟ أم الأولي أن نقيم حياتنا ابتداء علي القيود والاحتياطات المسرفة؟ وما زال البعض في عصرنا يسرف في الأخذ بمبدأ سد ذريعة الفتنة, وهذا يجعله يعطل كثيرا من المباحات ويحولها إلي مكروهات أو محرمات بغير حق.والواجب صيانة المباحات من التشدد الذي يكاد أن يعتبرها من الخبائث بينما هي من الطيبات في نظر الشرع.إن رسول الله يقول :" ألا وإن لكل ملك حمي ألا إن حمي الله في أرضه محارمه ".(رواه البخاري ومسلم) فإذا كان من الفجور الرعي في أرض الله الحرام وكان من الحكمة اجتناب الاقتراب من الحمي , فإنه من السفه والحمق اجتناب الرعي في أرض الله الواسعة الحلال.وإذا كان من وقع في الحرام قد ظلم نفسه , فإن من حرم علي نفسه وعلي الناس الحلال فد ظلم نفسه وظلم الناس.

    وهناك موقفان كلاهما خطأ:

    الموقف الأول: موقف من يجتنب مجموعة مباحات في مجال لقاء الرجال مع النساء فلا صلاة للمرأة في المسجد ولا استماع للمرأة من رجل عالم سواء في مجالس عامة أو مجالس خاصة بالنساء , ولا تبادل التحية بين الرجال والنساء , و لا تبادل الرجال والنساء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, ولا إذن للمرأة بقيادة السيارة. وهو في اجتنابه هذه المباحات لا يقرر أنها حرام أو مكروهة وإنما يكتفي باجتنابها مطلقا ويأنف من ممارستها وفي هذا خطآن.أولهما: خطأ التنزه عن المباح وهو أمر أنكره الرسول صلي الله عليه وسلم علي أصحابه.وثانيهما : خطأ تلبيس الأمر علي النفس وعلي الناس المحيطين به.حيث يلتبس المباح بالمكروه والمحرم.وذلك أن الأنفة من ممارسة المباح توهم مع الزمن أن به شيئا من الخبث الذي ينفر منه المؤمن عادة.وبهذا تنتفي طهارة المباح المقررة في الشريعة ويهدر حكم من أحكام الله.وقد سبق بيان ما قرره علماء الأصول من ضرورة إزالة التباس الأحكام.

    الموقف الثاني: موقف من يقرر كراهة أو حرمة تلك المجموعة من المباحات بحجة سد الذريعة وأمن الفتنة دون توضيح لأصل الجواز الشرعي لها وأن الكراهة أو الحرمة طارئة عليها نتيجة ملابسات خاصة عارضة , فإذا زالت هذه الملابسات رجع الأمر للحكم الأصلي وهو الجواز.وخطر هذا الموقف تلبيس حكم الله علي الناس في أمر من أمورهم فيحسبون ما أحله الله في شريعته حراما أو مكروها.هذا من ناحية ومن ناحية أخري ما دام القول بالكراهة أو الحرمة هو من باب سد الذريعة فهو يعني أنه قائم علي اجتهاد من قائله وليس علي نص من كتاب الله أو سنة رسوله.ولذا ينبغي أن يتروي القائل بهذا القول لأنه رأي صاحبه , والرأي يحتمل الصواب والخطأ.كما ينبغي أن يعلن هذا للناس الذين يستفتونه , ولا يكتفي بالحكم بالحظر وكأنه حكم الله القاطع.

    أورد ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله: ( قال ربيعة لابن شهاب : يا أبا بكر إذا حدثت الناس برأيك فأخبرهم أنه رأيك وإذا حدثت الناس بشيء من السنة فأخبرهم أنه من السنة).

    وقال مالك بن أنس: (لم يكن من أمر الناس ولا من مضي من سلفنا ولا أدركت أحدا اقتدي به يقول في شيء هذا حلال وهذا حرام , ما كانوا يجترئون علي ذلك , وإنما كانوا يقولون: نكره هذا ونري هذا حسنا ونتقي هذا ولانري هذا ... الحلال ما أحله الله ورسوله , والحرام ما حرمه الله و رسوله )
    وعقب ابن عبد البر علي هذا الخبر فقال: ( معني قول مالك هذا أن ما أخذ من العلم رأيا واستحسانا لم نقل فيه حلال ولا حرام والله أعلم)

    ونقول لإخواننا الغيورين علي أعراض المسلمين إن إصدار قرار الحظر العام بدعوي سد الذريعة غالبا ما يفوته استيعاب جميع ظروف الموقف و ما يعتمل فيه من مصالح.كما يفوته دائما استيعاب ظروف جميع الناس وما يكونون عليه من مستويات خلقية متباينة.والشارع في تقرير المباح – وهو ما يكون معه الناس فيه في سعة من أمرهم يفعلون أو يتركون – يراعي اختلاف مصالح الناس وظروفهم فضلا عن تعدد مستوياتهم الخلقية وأحوالهم النفسية.

    إن الغلو قد أدي بالغلاة إلي الانحراف عن هدي الله العليم الحكيم , الهدي اللطيف الميسر , وإلي أن يصنعوا من عند أنفسهم قيودا وراء قيود وضغوطا بعد ضغوط ضيقت من حركة المرأة ونشاطها سواء كان نشاطا مباحا أو مندوبا أو واجبا.وحملت الرجل والمرأة معا ألوانا من المشقة والعسر ما أنزل الله بها من سلطان.

    وفرق كبير بين حظر لقاء الرجال النساء في ساعة ما أو ظرف ما وذلك لأمن فتنة عارضة ظهرت بوادرها مع إباحة اللقاء في عامة الأحوال لتحقيق المصالح الشرعية , وبين تحريم اللقاء تماما وفي كل الظروف والأحوال بدعوي أمن الفتنة.فالحاجة الأولي حالة سوية شرعية لأنها محافظة علي الأصل الحلال , بل محافظة علي السنة , ويقع المنع والتعطيل لفتنة طارئة تطبيقا لقاعدة سد الذريعة.أما الحالة الثانية فحالة غير سوية وغير شرعية , لأنها تعني أننا عطلنا أمرا حلالا تعطيلا مطلقا , أي حرمناه من عند أنفسنا وكأننا نسخنا حكم الإباحة الذي قرره الشارع.

    وأخيرا نسوق كلمات لعالم فاضل كتبها تعليقا علي حديث عبد الله ابن عمر: (سمعت رسول الله يقول :"لاتمنعوا نساءكم المساجد إذا استأذنكم إليها" فقال بلال بن عبد الله : والله لنمنعهن إذ يتخذنه دغلاً , فأقبل عليه عبد الله فسبه سبا سيئا ما سمعته سبه مثله قط وقال:أخبرك عن رسول الله وتقول : والله لنمنعهن).

    قال عبد الحميد بن باديس-رحمه الله-: ( هذا الذي وقع من بلال كثيرا ما يقع مثله أو نحوه من أهل الجهل والبدعة الذين شبوا عليهما وشاخوا حتي صارت البدعة عندهم سنة والسنة بدعة.فإذا ذكرت لهم الحكم الشرعي بدليله من الكتاب والسنة صدوا ونفروا وأبوا واستكبروا وصارحوا بالمخالفة أو سكتوا وأضمروا الخلاف , وما هذا من شأن المؤمنين , فحذار إذا سمعت حكما شرعيا ونصا قرآنينا أو حديثا صحيحا نبويا أن تقابل بالخلاف , بل انشرح لذلك صدرا ولا يكن في صدرك من حرج مما قضي الله ورسوله وسلم تسليما )


    سوء فهم معني فتنة المرأة

    الفتنة لها مستويان.أولهما : مستوي الفتنة العابرة التي تعرض للإنسان المسلم فإما أن يغض من بصره ويستعيذ بربه ويمضي لشأنه, وإما أن يكرر النظر أو يحدث نفسه بشئ أو يقارف شيئا من اللمم ثم يسرع بالتوبة.وإما أن يمضي في غفله.ولكن الله برحمته يكفر مثل هذه الذنوب.

    أما المستوي الثاني للفتنة وهو الفتنة العارمة المؤدية للزني فوقوعها مع اللقاء المشروع أمر بعيد وإذا وقع فهو شاذ والشاذ لا حكم له.وقد وقع هذا الشاذ علي عهد رسول الله ومع ذلك لم يحرم رسول الله كشف وجه المرأة ولا لقاء الرجال النساء.وإذا وضعنا الأوهام التي نتجت عن سوء فهم معني الفتنة جانبا وتحررنا منها , ثم سعينا لاستجلاء حقيقة الفتنة التي ينبغي الاحتراز منها وسد منافذها , فسنجد أن هذه الفتنة إنما تقع غالبا عند الخروج علي الآداب الشرعية التي شرعها الله وهو العليم بفتنة المرأة.إذن هذه الآداب ما دام واضعها العليم الخبير فهي كفيلة بأمن الفتنة التي يعلمها العليم الخبير.والفتنة هنا هي الفتنة العارمة التي أشرنا إليها , وهي المهلكة والموقعة في الحرام أي الزني ومقدماته وتوابعه من هتك الأعراض وخراب البيوت.

    وقد يقولون إن الفتنة العابرة قد تؤدي إلي الفتنة العارمة وهذا حق ولكنه يقع نادرا.بينما من شروط منع المباح سدا للذريعة أن يكون مؤديا للفساد غالبا لا نادرا. وعلي ذلك ينبغي التنبه إلي أمر مهم حتي لا نعطل شرع الله بأهوائنا, ذلك أن الفتنة التي توجب تحريم المباح أو كراهيته لها معايير يلزم مراعاتها.وهذه المعايير يمكن أن نتبينها من سنة رسول الله ثم ما قرره العلماء ونذكر أهمها فيما يأتي:

    أولها : ألا تكون الفتنة مجرد نظرات يصوبها رجل أو بعض رجال نحو امرأة ودليلنا علي هذا ما رواه عبد الله بن عباس قال : (( كان الفضل رديف رسول الله فجاءت امرأة من خثعم فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه وجعل النبي صلي الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلي الشق الآخر... )).وإذا وقع ذلك من الفضل وهو رديف رسول الله فيترجح وقوعه من غيره.ومع ذلك لم يأمر رسول الله المرأة المحرمة لا بالسدل علي وجهها من طرف ثوبها , ولا بالابتعاد عن تجمعات الرجال إنما اكتفي بصرف وجه الفضل.

    وثانيها : ألا تكون مجرد كلمات مؤذية يطلقها بعض رجال نحو امرأة ودليلنا علي هذا قوله تعالي : {ذلك أدني أن يعرفن فلا يؤذين} وجاء في تفسير الطبري : ( يقول تعالي ذكره لنبيه صلي الله عليه وسلم : يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين لا تتشبهن بالإماء في لباسهن ... ولكن ليدنين عليهن من جلابيبهن لئلا يعرض لهن فاسق إذا علم أنهن حرائر بأذي من قول )

    أي أنه رغم وجود بعض السفهاء والمنافقين في المدينة ورغم وجود البدو القادمين من خارج المدينة دون توافر التربية المحمدية لهم , رغم وجود كل هؤلاء الذين يتوقع منهم كثير من التصرفات الخرقاء التي قد تزيد عن مجرد نظرات خاطئة أو كلمات بذيئة , رغم ذلك لم يصدر الرسول صلي الله عليه وسلم أمرا للمسلمات بستر وجوههن. ولم يضع حاجزا يفصل بين الرجال والنساء في المسجد ولم يضيق علي النساء في الخروج لقضاء مصالحهن. وشواهد المشاركة واللقاء التي أوردناها خير دليل علي ذلك.

    وثالثها : ألا تكون بسبب حادث فردي أو شبه فردي ودليلنا علي هذا أنه حدثت حوادث فردية ولم يصدر الرسول صلي الله عليه وسلم قرارا بالحظر من أجل أمن الفتنة.

    • عن ابن مسعود : أن رجلا أصاب من امرأة قبلة ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره ، فأنزل الله : {أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات } . فقال الرجل : يا رسول الله ، ألي هذا ؟ قال : لجميع أمتي كلهم.(رواه البخاري ومسلم)

    • عن جابر بن سمرة قال : أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل قصير أشعث ذي عضلات عليه إزار وقد زنى فرده مرتين ثم أمر به فرجم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما نفرنا غازين في سبيل الله تخلف أحدكم ينب نبيب التيس يمنح إحداهن الكُثْبَةَ إن الله لا يمكنى من أحد منهم إلا جعلته نكالا. (رواه مسلم)

    ينب نبيب التيس : كناية عن إرادته الوقاع لشدة توقانه إليه.

    • عن أبي هريرة وزيد بن خالد قالا: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقام رجل فقال أنشدك الله إلا قضيت بيننا بكتاب الله فقام خصمه وكان أفقه منه فقال اقض بيننا بكتاب الله وأذن لي قال قل قال إن ابني كان عَسِيفا على هذا فزنى بامرأته فافتديت منه بمائة شاة وخادم ثم سألت رجالا من أهل العلم فأخبروني أن على ابني جلد مائة وتغريب عام وعلى امرأته الرجم فقال النبي صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله جل ذكره المائة شاة والخادم رد عليك وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام واغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها فغدا عليها فاعترفت فرجمها .(رواه البخاري ومسلم)

    عسيفا : أي أجير ثابت الأجر



    الهدي النبوي بعيد كل البعد عن الحذر المفرط والتوجس المسرف من فتنة المرأة. فرسول الله صلي الله عليه وسلم لم يتطير من حوادث معدودة تعكر صفو أمن الفتنة ولا يخلو منها مجتمع بشري. ويكفي إزائها الإنكار ولفت الأنظار إلي خطرها أي يكفي مقاومتها بالتربية والتوجيه فضلا عن توقيع العقوبات الزاجرة علي مرتكبيها , وليس بسن تشريعات جديدة تضيق علي الناس وتحرجهم.

    لذا لابد من التفريق بين الضعف البشري العام الذي يعلمه الله العليم تمام العلم ويرعاه الله الحكيم أكمل رعاية وذلك بمجموعة من الآداب اللطيفة التي لا تعنت أحدا رجلا كان أو امرأة ولا تعطل تدفق الحياة النشطة وبين الوهم الذي يغلب علي البعض فيجعلهم يخطئون في فهم معني الفتنة التي أمر الشارع بتجنبها وينبغي أن تسد ذريعتها , فيظنون دائما أن الفتنة تشع وتبرز من مجرد حضور المرأة , وإن كانت متحصنة بجميع الآداب الشرعية , ومن كل ما تأتيه المرأة من حركة وإن كانت بضع خطوات وئيدة , ومن كل ما يصدر عنها من صوت وإن كان بضع كلمات رصينة , وكل ما يظهر من جسدها وإن كان وجهها أو أصبعا من أصابعها.

    ويغلبهم الوهم مرة أخري فيجعلهم يحذرون الفاحشة في كل لحظة ويخشون الفضيحة في كل آن.

    إن هذا الوهم كثيرا ما دعم بنصوص ضعيفة أو بتأويل فاسد لنصوص صحيحة , وقد حدث نتيجة لذلك أن رسخ في كثير من العقول أن الأصل في الشريعة هو اعتزال المرأة بعيدا عن مجتمعات الرجال , ولا تقربها إلا عند ضرورة أو حاجة ماسة. ومضي هذا الفهم قرونا طويلة حتي أصبح وكأنه بديهية من البديهيات الشرعية. والحقيقة أن النصوص الصحيحة وفي أعلي درجات الصحة تقدم في مجموعها دليلا قطعي الورود قطعي الدلالة علي أن حضور المرأة مجتمع الرجال في حدود الآداب الشرعية الأصل فيه البراءة من الفتنة , ونقصد الفتنة التي حظرها الشارع وحذر منها.وذلك أن الأصل هو مشاركة المرأة في مجالات الحياة الجادة , وإذا كانت مجالات الحياة كثيرا ما يغشاها الرجال فهذا شأن الحياة , يوجد الرجال أحيانا ويغيبوا أحيانا , وعلي المرأة المؤمنة أن تخوض الحياة حضر الرجال أو غابوا. أي أنه ينبغي علي المرأة المؤمنة ألا يشغلها كثيرا وجود الرجال , فوجودهم لا يشجعها علي الحضور , كما أنه لا ينفرها من الحضور.وكذلك ينبغي علي الرجل المؤمن ألا يشغله كثيرا وجود النساء فوجودهن لا يشجعه علي الحضور كما أنه لا ينفره من الحضور.وإذا ما حدث قدر من معاناة الفتنة العابرة فهو أمر فطري قضي الله أن يبتلي به العباد رجالا ونساء , ولا سبيل لاجتنابه.

    وأخيرا نحب أن نلفت انتباه إخواننا الغيورين علي أعراض المسلمين إلي أن الإسراف في اجتناب لقاء الرجال النساء يثمر خللا في التصور النظري للفتنة , أي يثمر توهم الفتنة حيث لا فتنة , كما يثمر التوجس البالغ منها قبيل حدوث اللقاء , ثم شدة معاناة الفتنة عند اللقاء.أما الاعتدال في المشاركة واللقاء مع الالتزام بالآداب الشرعية فيثمر الاستقامة في تصور الفتنة كما يثمر الاعتدال في التحرز منها قبيل اللقاء والاعتدال في معاناتها عند اللقاء


    دعوي فساد الزمان


    يحلو للبعض ترديد الشكوي من فساد الزمان ومن ضعف الأخلاق وانتشار الفسق والفجور وكأنه لم يبق ذرة من خير في قلوب العباد , وأنه ليس في الإمكان أسوأ مما هو كائن , وأن الساعة وشيكة الوقوع وأن بطن الأرض خير من ظهرها. وهكذا يظل هؤلاء ينذرون الناس بالويل والثبور وعظائم الأمور ويبكون علي أطلال الأيام الخوالي حيث صلاح الزمان وقوة الأخلاق وسيادة طاعة العباد لله وكثرة برهم ومزيد فضلهم. ومما يحز في النفس أن هذه الدعوي المسرفة فوق ما تبذره من بذور اليأس في قلوب العباد فتثبطهم عن محاولة الإصلاح وتزهدهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهي مدد قوي للإسراف في سد ذريعة الفتنة , فإنه مع كثرة الفساد تزداد الحاجة إلي سد منافذه ولو كانت هذه المنافذ تقع أصلا في دائرة الحلال. ومن طبيعة الغلو في سد الذريعة أنه نهم لا يشبع حتي يأكل الأخضر واليابس , ويظل يطلب المزيد فلا يبقي مجالا صغيرا أو كبيرا من مجالات لقاء النساء الرجال إلا افترسه حتي إذا منع جميع المباح اتجه إلي المندوب ثم إلي الواجب من هذه المجالات فقضي عليه.

    فمن المباح الذي صار محظورا سلام الرجال علي النساء وسلام النساء علي الرجال , وشهود النساء صلاة الجماعة في المسجد ومشاركة المرأة الرجال في الزيارة والضيافة وفي العمل المهني. ومن المندوب الذي مُنع طلب النساء العلم من الرجال , ورؤية الخاطب لمن يريد خطبتها , ومودة المرأة الأقارب وذوي الأرحام من الرجال وحين رعايتهم وعيادة مرضاهم ومواساتهم وتعزيتهم. ومن الواجب الذي مُنع أيضا رد النساء السلام علي الرجال , وصلاة العيد , والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

    ومن طبيعة الغلو كذلك أن ينمو ويشتد عوده مع توالي القرون مصحوبا بدعوي فساد الزمان وهذه بعض الأمثلة :

    محادثة المرأة الرجال : كانت سنة النبي صلي الله عليه وسلم محادثة الرجال النساء دون حجاب مع استثناء أمهات المؤمنين رضي الله عنهن حين فرض عليهن الحجاب.

    ومع الزمن منع الكلام إلا من وراء حجاب بدعوي فساد الزمان وأن عامة المسلمات أحوج إلي الاحتجاب من أمهات المؤمنين الطاهرات. ومع توالي القرون منع الكلام ولو كان من وراء حجاب بدعوي أن صوت المرأة عورة وفيه فتنة وخاصة مع فساد الزمان وضعف أخلاق الرجال.

    صلاة المرأة في المسجد : كانت سنة النبي صلي الله عليه وسلم أن يؤم عدد من النساء المسجد منهن الشابة ومنهن الكبيرة ومنهن العجوز.

    وبعد العهد النبوي بزمن يسير ظهر اتجاه عند البعض لمنع النساء المساجد مخالفين في ذلك قول الرسول صلي الله عليه وسلم: (( لاتمنعوا إماء الله مساجد الله )) وقال ولد لعبد الله بن عمر ( لنمنعهن إذن يتخذنه دغلا ) ولقد عقب عالم جليل علي ذلك بقوله : إنما استجرأ الولد علي المخالفة لعلمه بتغير الزمان.

    ومع مضي الزمن منعت الشابة والكبيرة التي تشتهي إذ كره لها وكره لزوجها ووليها تمكينها من حضور المسجد ولم يكره من القواعد بدعوي فساد الزمان.

    ومع توالي القرون منعت العجوز أيضا لأنها إذا صلت في المسجد ستكشف وجهها من أجل الصلاة فيراها الرجال وقالوا لكل ساقطة لاقطة وخاصة مع فساد الزمان.

    خروج المرأة يوم العيد للمصلي : كانت سنة النبي صلي الله عليه وسلم أن تخرج النساء جميعا حتي العواتق الأبكار والحيض للمشاركة في الصلاة والاحتفال بيوم العيد.

    ومع الزمن منع العواتق. فعن حفصة وهي من جيل التابعين قالت : ( كنا نمنع عواتقنا أن يخرجن في العيدين ) رواه البخاري. قال الحافظ ابن حجر: وكأنهم كانوا يمنعون العواتق من الخروج لما حدث بعد العصر الأول من الفساد.

    ومع توالي القرون منع الشواب وأبيح للعجائز فحسب إذ استحب الخروج للنساء العجائز وغير ذوات الهيئة دون غيرهن.

    ومع توالي القرون منع العجائز أيضا بدعوي أن لكل ساقطة لاقطة.

    علي أن هناك فرقا كبيرا بين ترديد أولئك شكوي فساد الزمان واتخاذها حجة للغلو في سد الذريعة فضلا عن تثبيطها الهمم عن التوجه للإصلاح , فرق بين هذا وبين قول الرسول صلي الله عليه وسلم: (( لا يأتي عليكم زمان إلا الذي بعده شر منه حتي تلقوا ربكم )). في قوله صلي الله عليه وسلم تقرير لسنة من سنن الله في خلقه, وتذكير أهل كل زمان بحمد الله تعالي علي كل حال فإن ما في زمانهم من شر سيأتي زمان بعده شر منه وهذا يعني أنه ما زال في زمانهم بعض الخير وإن قل.وباعتدال الناس في تقدير ما هم فيه من خير وما هم فيه من شر يستقيم تصورهم لواقعهم فإذا كان فيه كثير من الشر ففيه أيضا بعض الخير.وبعض الخير هذا هو مفتاح الأمل أولا وهو عماد الإصلاح ثانيا , فإنه لابد للإصلاح من أفراد خيرين ومن جوانب خيرة في نفوس عامة حتي يقوي الإصلاح ويمضي قدما.أي إن حديث رسول الله يتضمن دعوة المؤمنين إلي أخذ الأهبة لمواجهة الأوضاع المنحرفة بخطة الإصلاح وإلي اجتناب الاستسلام واليأس تحت وطأة الفساد , وذلك مثل من يخبر المسافرين أن في طريقهم المقبل بعض الأخطار والعقبات ليستعدوا لمواجهتها ويحسنوا التصرف بشأنها.

    ومما يؤكد وجود الخير في كل زمان أن كل جيل يتغني بالخير الكثير الذي كان عليه جيل الآباء والأجداد في الوقت الذي ينعي فيه زمانه لكثرة الشر والفساد. وقد ورد في فتح الباري خلال شرح حديث : (( يتقارب الزمان وينقص العلم ويلقي الشح وتظهر الفتن ويكثر الهرج..)) قول ابن بطال : ( وجميع ما تضمنه هذا الحديث من الأشراط قد رأيناها عيانا فقد نقص العلم وظهر الجهل وألقي الشح في القلوب وعمت الفتن وكثر القتل)). وقال الحافظ معقبا : الذي يظهر أن الذي شاهده ابن بطال كان منه الكثير مع وجود مقابله ( أي ما يقابله من الخير) والمراد من الحديث استحكام ذلك حتي لا يبقي مما يقابله إلا النادر... والواقع أن الصفات المذكورة وجدت مباديها من عهد الصحابة , ثم صارت تكثر في بعض الأماكن دون بعض.والذي يعقبه قيام الساعة استحكام ذلك كما قررته.
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 2093
    تاريخ التسجيل : 01/03/2010
    الموقع : hmsain.ahlamontada.com

    مشاركة المرأة المسلمة في الحياة الاجتماعية ولقاؤها الرجال Empty رد: مشاركة المرأة المسلمة في الحياة الاجتماعية ولقاؤها الرجال

    مُساهمة  Admin الأحد 14 أغسطس 2011 - 17:38

    وعلي نهج قول الرسول صلي الله عليه وسلم صدرت كلمات عن رجال أجلاء.

    الكلمة الأولي رويت عن أنس بن مالك قال : ( ما أعرف شيء مما كان علي عهد النبي صلي الله عليه وسلم , قيل الصلاة؟ قال أليس صنعتم ما صنعتم فيها (أي من تأخيرها عن وقتها) ).

    والكلمة الثانية رويت عن مالك عن أبي سهل بن مالك عن أبيه وكان من كبار التابعين قال : ( ما أعرف شيئا مما أدركت الناس عليه إلا النداء بالصلاة).وفي هاتين الكلمتين تقرير لفضل العصر الأول وما كان عليه القوم من مستوي رفيع كما أن فيه تذكيرا وتحذيرا من مخالفة سنة رسول الله ونهج أصحابه الكرام.

    والكلمة الثالثة رويت عن مالك أنه سئل عما يصنع أهل المدينة ومكة من إخراج إمائهم عراة متزرات وأبدانهن ظاهرة وصدورهن وعما يصنع تجارهم من عرض جواريهم للبيع علي تلك الحال؟ فكرهه كراهية شديدة ونهي عنه وقال : ( ليس ذلك من أمر من مضي من أهل الفقه والخير ولا أمر من يفتي من أهل الفقه والخير إنما هو من عمل من لا ورع له من الناس).

    والكلمة الرابعة رويت عن هشام بن عروة ابن الزبير يقول : ( لما اتخذ عروة قصره بالعقيق عوتب في ذلك وقيل له : جفوت عن مسجد رسول الله .فقال : إني رأيت مساجدكم لاهية وأسواقكم لاغية والفاحشة في فجاجكم عالية فكان فيما هنالك عما أنتم فيه عافية... قالوا : فهذا عروة يخبر عن المدينة بما ذكرنا فكيف يحتج بشئ من عمل أهلها لا دليل عليه؟ قال أبو عمر : والذي أقول به أن مالكا رحمه الله إنما يحتج في موطئه وغيره بعمل أهل المدينة يريد بذلك عمل العلماء والخيار والفضلاء لا عمل العامة السوآء).

    وفي هاتين الكلمتين ما يفيد أنه يوجد في كل عصر أهل الخير والفقه كما يوجد العامة السوآء ومن لا ورع له ويصدر منهم ما فيه فساد وانحراف عن الهدي الأول.

    ويلحق بدعوي فساد الزمان , القول بأن أحكام الشريعة من التيسير والتخفيف تقررت في عصر الأطهار الأبرار وقد تغير الحال وما عادت هذه الأحكام تناسب فساد الزمان.ولا سبيل لسد ذريعة الفساد إلا بالحظر والتضييق وتغيير أحكام التيسير التي كانت سائدة زمن النبي صلي الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين والمتعلقة بمشاركة المرأة في الحياة الاجتماعية,ولو كان هذا اللقاء في بيت من بيوت الله وخلال صلاة بين يدي الله.ومن أمثلة القول بأن عصر الأطهار الأبرار قد ولي ومضي قول من قال : ( واجتماع أبي بكر وأنس بأم أيمن لا يستلزم النظر إليها , علي أن مثل هؤلاء لا يقاس بهم غيرهم ومن ثم جوزوا لمثلهم الخلوة)

    ويذكرنا هذا الغلو بما قاله الجويني عن المغالين الذين لم يروا الوقوف عند أحكام التخفيف والتيسير التي قررها الشارع في مجال العقوبات وقالوا : ( ...ما جري في صدر الإسلام من التخفيفات كان سببه أنهم كانوا علي قرب عهد بصفوة الإسلام , وكان يكفي ردعهم التنبيه اليسير المقدار القريب من التعزير. وأما الآن فقد قست القلوب وبعدت العهود ووهنت العقود سار متشبث عامة الخلق الرغبات والرهبات.فلو وقع الاقتصار علي ما كان من العقوبات لما استمرت السياسة.وهذا الفن قد يستهين به الأغبياء وهو علي الحقيقة تسبُّب إلي مضاده ما ابتعث به سيد الأنبياء.وعلي الجملة من ظن أن الشريعة تُتلقي من استصلاح العقلاء ومقتضي رأي الحكماء فقد رد الشريعة واتخذ كلامه هذا إلي رد الشرائع ذريعة ... وهذه الفنون من رجم الظنون ولو تسلطت علي قواعد الدين لاتخذ كل من يرجع إلي مُسكة من عقل فكره شرعا ولانتحاه ردعا ومنعا,فتنهض هواجس النفوس حالة محل الوحي إلي الرسل ثم يختلف ذلك باختلاف الأزمنة والأمكنة فلا يبقي للشرع مستقر وثبات... فالحق المتبع ما نقله الأثبات عن سيد الوري وما سواه محال وماذا بعد الحق إلا الضلال ... وإنما ينسل عن ضبط الشرع من لم يحط بمحاسنه ولم يطلع علي خفاياه ومكامنه. فلا يسبق إلي مكرمة سابق إلا ولو بحث عن الشريعة لألفاها أو خيرا منها في وضع الشرع ... والأنبياء عليهم السلام مبعثون بحسم المراسم والدعاء إلي قصد الأمور )

    ومما ساند دعوي فساد الزمان وأدي إلي الغلو في سد الذريعة دعوي الأخذ بالأحوط.ومثال ذلك قولهم : ( يحرم نظر فحل بالغ إلي عورة حرة كبيرة أجنبية وهي ما عدا وجهها وكفيها بلا خلاف لقوله تعالي قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم وكذا وجهها وكفها عند خوف الفتنة..وكذا عند الأمن من الفتنة فيما يظنه من نفسه من غير شهوة علي الصحيح.وجهه الإمام ... بأن النظر مظنة الفتنة ومحرك للشهوة واللائق بمحاسن الشريعة سد الباب والإعراض عن تفاصيل الأحوال كالخلوة بالأجنبية. وبه اندفع القول بأنه غير عورة فكيف حرم نظره؟لأنه مع كونه غير عورة نظره مظنة للفتنة أو الشهوة ففطم الناس عنه احتياطا )

    وفي إنكار الأخذ بالأحوط يقول القرضاوي : ( وقد تبين لي بطول الدراسة و الممارسة أن الرجوع المباشر للكتاب والسنة يقترن دائما بالتخفيف والتيسير والبعد عن الحرج والتعسير علي خلاف الرجوع إلي الفقه المذهبي الذي حمل علي طول العصور كثيرا من التشددات نتيجة الاتجاه إلي الأخذ بالأحوط غالبا. وإذا صار الدين مجموع "أحوطيات" فَقَدَ روح اليسر وحمل طابع الحرج والمشقة مع أن الله تعالي نفي الحرج عنه نفيا باتا حين قال : وما جعل عليكم في الدين من حرج ).

    كما أنكر علماء أجلاء منذ قرون وجوب الأخذ بالأحوط. ومن ذلك ما قاله إمام الحرمين : ( فإن قيل هلا وجب الأخذ بالأحوط ؟ قلنا : لم يتأسس في قواعد الشرع أن ما شك في وجوبه وجب الأخذ بوجوبه ).

    ونحن نقدر موقف المعارضين فهم قد آلم قلوبهم ما هناك من فساد في الأخلاق , ولكنهم غلوا في تصور الفساد كما غلا أجداد لهم حتي غلبهم وأذهلهم عما في تقرير المشاركة واللقاء من مصالح , وما في حظرها من مشقة وحرج.



    طلب العلم


    إن الله فرض طلب العلم علي كل مسلم بما تستقيم به دنياه وتصلح به آخرته , وحكم المسلمة في ذلك حكم المسلم. والدنيا هي مزرعة المسلم والمسلمة للآخرة فإذا عمراها أكمل عمارة وأطهر عمارة كان لهما الجزاء الأوفي يوم القيامة.

    وهل من سبيل إلي طلب العلم الذي ينير العقول وإلي نشدان العظة البليغة المؤثرة التي توقظ القلوب بغير لقاء العلماء؟ ولذلك حرص النساء الصحابيات علي لقاء الرسول صلي الله عليه وسلم لتلقي العلم من أعلي مصادره كما حرص الرجال من الصحابة والتابعين علي لقاء نساء النبي صلي الله عليه وسلم من أجل أخذ العلم من مصدر هو من أغني مصادره بعد وفاة الرسول الكريم. وما دام عصر الرسول هو عصر القدوة الحسنة فينبغي أن تمضي هذه السنة الصالحة أبدا. ويظل المسلمون رجالا ونساء يحرصون علي المصادر العالية سواء كان المصدر رجلا أو امرأة. ولا يَصُدَّنَّ النساء عن طلب العلم أن يكون الأستاذ الكبير والمعلم الجليل رجلا ولا يصدن الرجال عن طلب العلم أن يكون الأستاذ والمعلم امرأة.

    النساء يطلبن من رسول الله حديثا خاصا:

    • عن أبي سعيد الخدري جاءت امرأة إلي رسول الله فقالت : يارسول الله ذهب الرجال بحديثك فاجعل لنا من نفسك يوما ... فقال: اجتمعن يوم كذا و كذا .. فاجتمعن فأتاهن....( رواه البخاري ومسلم )

    هذا اليوم المخصص للنساء كان زيادة علي مشاركتهن الرجال في سماع خطب رسول الله في المسجد.

    النساء يحاورن الرجال في أمور العلم:

    • عن عبد الله بن مسعود قال: لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله. فبلغ ذلك امرأة من بني أسد. يقال لها أم يعقوب فجاءت فقالت: إنه بلغني أنك لعنت كيت وكيت فقال: وما لي لا ألعن من لعن رسول الله ومن هو في كتاب الله؟ فقالت: لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدت فيه ما تقول فقال: لئن قرأته لقد وجدته أما قرأت {وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} قالت: بلي. قال : فإنه قد نهي عنه. قالت : فإني أري أهلك يفعلونه. قال : فاذهبي فانظري فذهبت فنظرت , فلم تري من حاجتها شيئا. فقال : لو كان كذلك ما جامعتها.(رواه البخاري ومسلم)
    ما جامَعْتُها : ما صاحبتها

    الرجال يطلبون العلم بالسنة من أمهات المؤمنين:

    • عن ثمامة قال : لقيت عائشة فسألتها عن النبيذ فدعت عائشة جارية حبشية لها فقالت : سل هذه فإنها كانت تنبذ لرسول الله ... (رواه مسلم)

    • عن عبد الله بن صفوان قال : أخبرتني حفصة أنها سمعت النبي صلي الله عليه وسلم يقول : لَيَؤمَّن هذا البيت جيش يغزونه..(رواه مسلم)

    الرجال يحتكمون عند اختلافهم إلي النساء:

    عن طاووس قال : كنت مع ابن عباس إذ قال زيد بن ثابت : تفتي أن تصدر الحائض قبل أن يكون آخر عهدها بالبيت؟ فقال له ابن عباس : إما لا , فسل فلانة الأنصارية هل أمرها بذلك رسول الله ؟ قال : فرجع زيد بن ثابت إلي ابن عباس وهو يقول : ما أراك إلا صدقت. (رواه مسلم)



    مقتطفات للشيخ سلمان العودة

    المبالغة في «عزل النساء» لا تصنع عفة!

    ((أكد فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة، أنه ينبغي علينا أن نطوّر نموذجنا الإسلامي الخاص بالمرأة والذي يتواكب مع مجتمعنا وظروفه، وفي الوقت ذاته يعالج بشفافية ووضوح معاناة المرأة، سواء كانت في بيت أبيها أو في بيت زوجها أو مع أخيها أو مع أبنائها أو مع المجتمع أو مع العمل أو مع أي جانب من جوانب الحياة، يعالجها بشفافية ووضوح وشجاعة، مشيراً إلى أنه من الصعب تصور نهضة في أي بلد مع عزل المرأة عن المشاركة)).

    (( طالب الداعية السعودي سلمان العودة أولياء الأمور معاملة المرأة بالرفق، مشيرًا إلي أن هناك من يبالغ في حصار النساء وعزلهن عن المجتمع بدعوي الغيرة عليهن والخشية علي عفافهن. واستنكر العودة هذه التصرفات، مستندًا إلي تجارب قال إنها مكَّنته من معرفة أحوال بيوت وأسر "بعضها شديد المحافظة، لكن تقع لها أمور غاية في الغرابة ولا تخطر علي بال. وأكد العودة أن بعض الناس يمنع حتي وجود المذياع في بيته، ويتحرج أن تسمع زوجته صوت المذيع، وهناك من يمنع أخته من الخروج معه إلي السوق، وهذا تترتب عليه مشكلات نفسية، ويولّد حالةً من التوتر والاحتقان والقهر)).

    الشيخ سلمان العودة يؤكد علي أهمية عمل المرأة ومشاركتها في التنمية

    أكد فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة على أهمية عمل المرأة ودوره في التنمية وقال إن من الجوانب الإيجابية لعملها كسب المال لتستغني هي وأولادها، وتنفق ولتتصدق وتكرم والديها، وهذا من المقاصد الشرعية، ولهذا منحها الله حق التملك، وكانت النساء أيام النبي -صلى الله عليه وسلم- تخرج وتبيع وتشتري، وفي عهد عمر كانت امرأة تُسمّى "الشفاء" كانت هي القيمة المراقبة لأوضاع السوق.. إضافة إلى أن عمل المرأة يعطيها جوانب من القوة والحركة، بدلاً من القعود والركود، فضلاً عن دور المرأة في الحياة، والحياة العامة.

    المرأة والعمل

    وأصّل فضيلته عمل المرأة شرعياً:

    أولاً: قصة الفتاتين مع موسى عليه الصلاة والسلام (قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ).. توضح القصة عمل المرأة ومجال عملها، وحاجتها إلى العمل، وطريقة تعاملها مع الرجال الغرباء عندما تحتاج أن تتعامل أو تحتك بهم.

    ثانياً: قوله تعالى: (وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً).. فالمرأة من شأنها أن تكسب وأن تكتسب، وأن الأصل في ذلك أنها تحت دائرة المساواة.

    ثالثاً: قوله تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ).. هذا يوحي بدور المرأة الاجتماعي، ودورها على صعيد المجتمع، ولذلك يُفترض بالمرأة أن تكون فاعلة في مجال التنمية وصناعة المستقبل وحلول المشكلات، وليس صحيحاً أن المرأة هي مجرد حاضنة أو خادمة في المنزل كما يتصور البعض.

    رابعاً: آيات الإنفاق في سورة الأحزاب وغيرها يقول الله تعالى (وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ) توحي بأن المرأة- كما هو مقرر في شريعة الإسلام- لها ذمة مستقلة، وتملك حق التصدق بمالها، وليس للرجل.

    هل من تعارض؟

    وأضاف فضيلته أن البعض يتساءل عن قوله تعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) وعما إذا كان يتعارض مع عمل المرأة؟ وأوضح فضيلته أن هذا خطاب يخص نساء النبي صلى الله عليه وسلم.. (يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء).. فهو خطاب لنساء النبي صلي الله عليه وسلم ، وقد يدخل فيه عموم النساء، لكن فيه معاني الخصوصية، مع أن القرار في البيوت هو مطلب؛ لأن البيوت هي الأصل وهي السكن، ومن الطبيعي أن قرار المرأة في المنزل هو أكثر بكثير من قرار الرجل، وخير من يطبق هذا القرار هو المجتمع النبوي ومجتمع الصحابة، وخير من يشرف على هذا التطبيق هو محمد صلى الله عليه وسلم، يقول للنساء "أُذِن لكن أن تخرجن لحاجتكن". خروج المرأة لحاجتها مأذون به، ويقول صلى الله عليه وسلم: "لا تمنعوا إيماء الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن"، ويقول صلى الله عليه وسلم: "إذا استأذنت امرأة أحدكم إلى المسجد فلا يمنعها".

    ولفت فضيلته إلى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث يأمر المرأة بأن تستأذن، وفي الوقت ذاته يأمر الرجل ألا يمنعها، لاحظ بناء العلاقة الحميمية وليس علاقة الصراع والتربص. وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "وبيوتهن خير لهن" يعني أن تخرج لشيء مفضول؛ لأن الأصل أن صلاتها في بيتها أفضل، وهذا إشارة إلى تعدد الخيارات، وإن كان هناك شيء أفضل في تقييمي ونظري، إلاّ أني لا أفرضه فرضاً على الآخرين، طالما أن الأمر داخل في دائرة الإذن والإباحة.

    الإنفاق على البيت

    وأردف فضيلته في صحيح مسلم حديث امرأة كانت في حالة "إحداد"، وسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن كان لها أن تذهب: "اذهبي فجدي نخلكِ لعلكِ أن تتصدقي أو تعملي خيراً". أمرها أن تخرج من بيتها، ومعنى هذا أن "القرار" ليس أمراً محكماً، لدرجة أن يقول بعض العوام "لا تخرج المرأة من بيتها إلاّ مرتين: مرة إلى الزوج ومرة إلى القبر"، بل إنه في الجاهلية الأولى كانوا يريدون أن يقتصر خروجها الثاني فقط؛ فكانوا يفرحون بموتها.

    وأكد فضيلته أن النفقة واجبة على الرجل ، ولكنه خيّر المرأة في مسألة الإنفاق في البيت عندما تكون عاملة ولها ذمة مالية، ذلك أن عمل المرأة سوف يجعل لها ذمة مالية خاصة، مؤكداً أن النفقة في الأصل واجب على الرجل، لكن من الأدب والذوق أن تشارك المرأة في بعض تكاليف البيت ـ ذوقاً وأدباً وليس واجباً شرعياً ـ خاصة وأننا نجد في الشريعة مثل هذه المعاني، مثل أم سلمة عندما استأذنت النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تنفق على الأيتام الذين في حجرها؛ فهذا ما يؤسس لتشجيع المرأة العاملة أن تشارك في تكاليف المنزل.

    اضطرار المرأة

    وبين الشيخ سلمان أن القاعدة العامة هي أن تعمل المرأة في جو مناسب محتشم، يتناسب مع طبيعتها وخصوصيتها وأنوثتها، لكن قد تجد المرأة مضطرة لعمل أو يجبرها المجتمع نفسه؛ لأنه ليس كل الضوابط الشرعية يمكن ضبطها، ونقص الضوابط لا يعني إلغاء الباب تماماً، ولذلك فالمرأة عليها أن تتقي الله ما استطاعت، و عمل المرأة في مجال الطب مثلاً أو التمريض، هذا ضرورة مثل عمل الرجل، والمشكلة التي تخص المرأة هي تخص الرجل أيضاً، من جهة أن أي خلل موجود يخص الرجل أيضاً وغيرها من الاعتبارات؛ فلذلك "اتقوا الله ما استطعم"، ولو أمكن أن تكون حلول إيجابية أكثر سماحة لكان أفضل؛ لأنه يتصل بي أناس كثيرون بخصوص لحاق ابنته بالكلية، مما يدل على أن البنت لها رغبة، و هي حافظة لكتاب الله وصالحة، ولكن لها رغبة في هذا الجانب، والأهل ليس لديهم مانع، لكنهم يتخوفون من بعض الاعتبارات. وأكد الشيخ سلمان أن مثل هذا العمل لا غنى عنه في الواقع الاجتماعي والبشري.

    العمل والأسرة

    وعن ضحايا عمل المرأة وأنه يجني على للأطفال.. أشار فضيلته إلى أن إمكانية التوفيق واردة بين البيت والعمل، وخاصة في عصر التقنية، وفي دراسة أمريكية تبين أن المرأة العاملة تأثير عملها على الصغيرات إيجابي بينما على الأولاد سلبي؛ لأن البنات يستفدن من عمل الأم وأخذها قدوة، بينما الأولاد على النقيض من ذلك يكون تأثير عمل الأم عليهم سلبياً.
    كذلك العبرة ليست فقط بالوقت الذي تقضيه الأم داخل المنزل، وإنما بالفاعلية والتأثير، كما أن العبرة بالنسبة للعمل ليست بساعات العمل التي تقضيها المرأة أو الرجل، فكم من الموظفين يأتي ويذهب ولا تكون له إنتاجية، إنما العبرة بالفاعلية، العوام يقولون: "ساعة من الغني تغني"؛ لأنها مليئة بالإيجابية والنفع، وبعض الناس تسمعه ساعات، ولكنك تسأم ولا تشعر إلاّ بالتوتر، وأنك قمت كما قعدت.

    وأكد فضيلته أن قضية الزوج والأولاد قضية مقلقة، لكن إمكانية التوفيق بين العمل الرشيد المناسب وبين البيت ليست شيئاً مستحيلاً، خاصة إذا وُجد التعاون بين الزوجين، وكان هناك من الزوج دعم ومساندة للمرأة، بدلاً من أن يحاول أن يثبت لها في كل مناسبة أن عملها خطأ، ولا ينبغي لها أن تعمل أو تخرج من المنزل أصلاً.



    تنمية شخصية المرأة

    إن مشاركة المرأة في الحياة الاجتماعية ولقاؤها الرجال يتيحان لها التعامل مع كثير من مجالات الخير كما أنهما يكسبانها اهتمامات رفيعة وخبرات متنوعة. بينما الانعزال يحرم المرأة من هذه المجالات والخبرات ويهبط بمستوي اهتماماتها.وهذا يعني أن المشاركة إحدي وسائل تنمية المرأة , فبلقاء الصالحين ينمو الصلاح عندها وبلقاء العلماء ينمو علمها وبلقاء المهتمين بالنشاط الاجتماعي والسياسي ينمو وعيها الاجتماعي والسياسي.

    ولا ينكر أحد أن المرأة إذا خالطت الصالحات زاد صلاحها وإذا خالطت العالمات زاد علمها , وإذا خالطت العاملات في الحقل الاجتماعي زاد وعيها. ولكن إذا كانت أعلي درجات الصلاح والعلم والعمل في مجتمعاتنا يكاد يختص بها الرجال وحدهم , فما السبيل أمام النساء لكي ينمو صلاحهن وعلمهن ووعيهن؟ ونقصد عموم النساء وليست القلة التي توافر لهن جو عائلي غني بالصلاح أو بالعلم أو بالعمل.

    ليس هناك من سبيل غير قدر من المشاركة في أرقي وأفضل مجتمعات الرجال والمهم أن يتوافر في تلك المجتمعات الأحاديث الرصينة والنشاط الجاد المثمر سواء في مجال العبادة والخلق أو في مجال العلم والفكر أو في مجال العمل الاجتماعي والسياسي.

    وقد كان الحد الأدني من كل ذلك علي عهد النبي صلي الله عليه وسلم يحصل بقصد النساء المسجد.فإن المسجد النبوي كان مركز إشعاع عبادي وثقافي واجتماعي للرجل والمرأة علي السواء. فإن قصدت المرأة سماع القرآن أو سماع العظة أو حضور ندوة أو محاضرة أو لقاء المسلمات للتعارف والتعاون علي البر والتقوي فهي وما قصدت من خير.

    وهذا عن الحد الأدني أما عن الحد الأعلي فكان متمثلا في أزواجه صلي الله عليه وسلم حيث أكرمهن الله بصحبة مبلغ الوحي ومصدر العلم فضلا عن تواصلهن مع الحياة والناس من حولهن. فكان ذلك مما ساعد علي بلوغهن منزلة علمية رفيعة , فكن معلمات يأخذ عنهن كبار الصحابة والتابعين الحديث والتفسير والفقه.

    وبعد فينبغي لعلمائنا اليوم أن يقتدوا بسنة رسول الله مع النساء حيث كان يتقدم ليعلمهن ولا يكل الأمر لغيره من الأصحاب. وفي هذا المعني ورد في صحيح البخاري قول عطاء التابعي الكبير حين سئل : أتري حقا علي الإمام الآن أن يأتي النساء فيذكرهن حين يفرغ؟ (أي كما كان يفعل رسول الله حين يفرغ من خطبة العيد) قال : إن ذلك لحق عليهم وما لهم لا يفعلونه ؟!.(رواه البخاري)

    كما ينبغي لنسائنا أن يقتدين اليوم بسنة نساء المؤمنين حيث كن يذهبن إلي رسول الله يسألنه في قضاياهن ولا يكتفين بسؤال آبائهن وأزواجهن بل كن لا يكتفين بسؤال نسائه صلي الله عليه وسلم. وفي هذا المعني قال الحافظ ابن حجر تعليقا علي حديث سبيعة حين ذهبت تستفتي رسول الله : هل يحل لها النكاح بعد أن وضعت حملها؟ ولم تكتف بفتوي أبي السنابل قال : ( وفي الحديث ما كان في سبيعة من الشهامة والفطنة حيث ترددت فيما أفتاها به أبو السنابل حتي حملها ذلك علي استيضاح الحكم من الشارع).

    بل ينبغي لنسائنا أن يقتدين اليوم بنساء النبي صلي الله عليه وسلم فيسعي فريق منهن لبلوغ أعلي درجات العلم حتي يأخذ عنهن الرجال كما يأخذ عنهن النساء.



    الغيرة المريضة

    الغيرة علي العرض نوعان:غيرة فطرية سوية معتدلة تعين علي صيانة العرض وحمايته من الابتذال والاعتداء.وهناك غيرة محظورة لأنها في غير ريبة فهي مسرفة مريضة تعذب وترمي التهم بالباطل , وقد تذهب العقل فيكون الاعتداء علي الأبرياء.وفوق ذلك فهي تعطل الانطلاق النشط في الحياة وصدق رسول الله صلي الله عليه وسلم حيث يقول : (( من الغيرة ما يحب الله ومنها ما يبغض الله , فأما التي يحبها الله فالغيرة في الريبة , وأما الغيرة التي يبغضها الله فالغيرة في غير ريبة )).(رواه أبو داود)

    حقا إن بعض صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم كانت تزيد غيرته نوعا ما ومنهم عمر بن الخطاب والزبير بن العوام. فعن غيرة عمر ورد قوله صلي الله عليه وسلم: (( بينا أنا نائم رأيتني في الجنه فإذا امرأة تتوضأ إلي جانب قصر فقلت:لمن هذا القصر؟قالوا:لعمر.فذكرت غيرته فوليت مدبرا.فبكي عمر وقال أعليك أغار يا رسول الله)).(رواه البخاري ومسلم)

    وعن غيرة الزبير ورد قول أسماء بنت أبي بكر : ... جئت يوما والنوي علي رأسي فلقيت رسول الله ومعه نفر من الأنصار فدعاني ثم قال:إخ إخ ليحملني خلفه فاستحييت أن أسير مع الرجال وذكرت الزبير وغيرته وكان أغير الناس فعرف رسول الله أني قد استحييت فمضي ...(رواه البخاري ومسلم)

    ولكن بفضل الله كانت أوامر الشرع تضبط غيرة هؤلاء الأصحاب.وقد مر بنا كيف كان كانت امرأة لعمر تشهد صلاة الصبح والعشاء في الجماعة في المسجد.فقيل لها :لم تخرجين وقد تعلمين أن عمر يكره ذلك ويغار؟قالت:ومايمنعه أن ينهاني؟قال يمنعه قول رسول الله صلي الله عليه وسلم : ((لا تمنعوا إماء الله مساجد الله)).

    ومع انقضاء خير القرون – قرن صحابة رسول الله – بدأ انطلاق الغيرة من عقالها أي من ضوابطها الشرعية.وكسرت الحاجز الذي أقامه الشارع بقوله : ((لا تمنعوا إماء الله مساجد الله)) ومنعت النساء من الخروج إلي المساجد رغم أن المسجد – وبخاصة في القرون الأولي – كان مركز الإشعاع العبادي والثقافي والاجتماعي والسياسي.

    وإذا كان عمر بن الخطاب قد ضبط غيرته بالنهي الصادر من رسول الله صلي الله عليه وسلم فإن حفيده بلال بن عبد الله بن عمر لم يضبط غيرته - التي كان يغذيها سوء ظنه بالمرأة - ولم يلتزم بهذا النهي وقال: (لنمنعهن) وذلك بدعوي سد الذريعة إذ قال: (إذن يتخذنه دغلا) ولم يقبل عبد الله بن عمر من ابنه هذه الحجة , وردها مؤكدا وجوب الاستمساك بسنة رسول الله صلي الله عليه وسلم.
    يتخذنه دَغَلا:أي خداعا يخدعن به أزواجهن.

    وكان لابد أن تحتال الغيرة لتجد سندا شرعيا لها وقد وجدته فعلا في دعوي سد الذريعة.وراح القوم يؤيدون دعواهم تارة بالاعتساف في تأويل خبر صحيح مثل قول عائشة رضي الله عنها: ((لو أدرك النبي صلي الله عليه وسلم ما أحدث النساء لمنعهن – وفي رواية مسلم: لمنعهن المسجد – كما منعت نساء بني اسرائيل)).إذ اعتبروا هذا القول وكأنه جاء ناسخا لقول رسول الله: ((لا تمنعوا إماء الله مساجد الله)).وتارة بنشر أحاديث ضعيفة أو موضوعة تؤكد أنه ما كان يؤم مسجد رسول الله غير العجائز من النساء.وهناك أقوال لبعض العلماء الأجلاء نلمس فيها نوعا من الإسراف في اتقاء الغيرة وقد ساندوا إسرافهم كما قلنا بآثار ضعيفة أو موضوعة ومخالفة لما ثبت في الأحاديث الصحيحة بل في أعلي درجات الصحة إذ اتفق عليها البخاري ومسلم.ومن ذلك قول أحدهم: (والطريق المغني عن الغيرة أن لا يدخل عليها الرجال.وهي لاتخرج إلي الأسواق.وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم لابنته فاطمة عليها السلام: "أي شيء خير للمرأة؟ قالت: أن لا تري رجلا ولا يراها رجل فضمها إليه وقال: ذرية بعضها من بعض" فاستحسن قولها.وكان أصحاب رسول الله يسدون الكوي والثقب في الحيطان,لئلا تطلع النسوان إلي الرجال.ورأي معاذ امرأته تطلع في الكوة فضربها.ورأي امرأته قد دفعت إلي غلامه تفاحة قد أكلت منها , فضربها.وقال عمر رضي الله عنه: (اعروا النساء يلزمن الحجال) .وإنما قال ذلك لأنهن لا يرغبن في الخروج في الهيئة الرثة وقال: عوِّدوا نسائكم "لا" وكان قد أذن رسول الله للنساء في حضور المسجد,والصواب الآن المنع إلا العجائز.(إحياء علوم الدين)
    الحجال:الستر الذي يضرب للمرأة في البيت

    ومع توالي القرون وتسرب أقدار من جاهليات البلاد المفتوحة , فضلا عن بقية من الجاهلية العربية , زاد طغيان الغيرة حتي وصل الأمر في بعض المجتمعات المسلمة إلي أن يغار الرجل من مجرد رؤية الناس وجه أمه أو أخته أو زوجته , أو من مجرد سماع صوت إحداهن.بل بلغ الغلو والتطرف إلي درجة أن يأنف الرجل أن يصرح باسم امرأته ويغار من ذكره ولو لحاجة عارضة , ويعتبر ذلك جرحا للعِرْض.

    وبدلا من الصدق في تعليل هذه الظاهرة وإسنادها إلي المزاج الشخصي لبعض الرجال وغيرتهم نجد القوم راحوا يسوغون هذا المسلك المسرف تسويغا شرعيا بغير حق.وقالو إنه من باب صيانة الأعراض وسد ذريعة الفساد!



    ذكر اسم المرأة


    • مر رجلان من الأنصار فسلما علي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال لهما: علي رسلكما,إنما هي صفية بنت حيي.

    • استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة علي رسول الله صلي الله عليه وسلم فعرف استئذان خديجة فارتاع لذلك لذلك فقال اللهم هالة بنت خويلد.
    ارتاع:فزع

    • عن أنس بن مالك أن جدته مليكة دعت رسول الله صلي الله عليه وسلم لطعام صنعته.

    • فلما جاء رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي عائشة قال هل عندكم شيء قالت:لا إلا أن نسيبة بعثت إلينا من الشاه التي بعثتم بها إليها.

    • فقال(بلال):...امرأة من الأنصار وزينب فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم أي الزيانب؟قال:امرأة عبد الله(ابن مسعود)

    • فدخل عمر علي حفصة وأسماء عندها فقال عمر:من هذه؟ قالت:أسماء بنت عميس.

    • عن أم سلمة زوج النبي صلي الله عليه وسلم أن امرأة من أسلم يقال لها سبيعة كانت تحت زوجها, توفي عنها وهي حبلي.

    • فقاتلهم(أنس بن النضر) حتي قُتل فوجد في جسده بضع وثمانون من بين ضربة وطعنة ورمية فقالت أخته عمتي الربيع بنت النضر:فما عرفت أخي إلا ببنانه.

    • دخل أبو بكر علي امرأة من أحمس يقال لها زينب بنت المهاجر.

    • أن أروي بنت أويس ادعت علي سعيد بن زيد أنه أخذ شيئا من أرضها.

    وما هو أبلغ في الدلالة من مجرد ذكر اسم المرأة , انتساب الإبن أحيانا إلي أمه - دون أبيه – وتجري بذلك ألسنة الرسول صلي الله عليه وسلم وأصحابه الكرام:

    • ما صلي رسول الله صلي الله عليه وسلم علي سهيل بن البيضاء إلا في المسجد.

    • عن عبد الرحمن بن عوف: إني لفي الصف يوم بدر إذ التفتُّ فإذا عن يميني وعن يساري فتيان حديثا السن فكأني لم آمن بمكانهما.... وهما ابنا عفراء.

    • قال ابن مسعود:ظننتم بآل ابن أم عبد غفلة.

    • فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم:انتقلي إلي ابن أم مكتوم.

    • عن عبد الله بن مالك بن بحينة رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم كان إذا صلي فرج بين يديه.

    قال ابن دقيق العيد: عبد الله بن مالك بن بحينة , وبحينة أمه ... وأبوه مالك بن القشب ... وهو أحد من نسب إلي أمه وذلك مثل محمد بن حبيب اللغوي , صاحب كتاب المحبَّر في المؤتلف والمختلف في قبائل العرب.فإن حبيب أمه لا أبوه ... ومن غريب ما وقفت عليه في هذا ( محمد بن شرف) القيرواني الأديب الشاعر المجيد: أنه منسوب إلي أمه(شرف) ولذلك نظائر لو تتبعت لجمع من قدر كثير.

    وقال النووي في شرحه لصحيح مسلم: حدثنا إسماعيل يعني ابن علية وعلية هي أم إسماعيل وأبوه إبراهيم بن سهم الأسدي ... قال شعبة: إسماعيل بن علية ريحانة الفقهاء وسيد المحدثين.



    ذكر وصف المرأة

    • قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:هاجر إبراهيم عليه السلام بسارة فدخل بها قرية فيها ملك من الملوك أو جبار من الجبابرة فقيل:دخل إبراهيم بامرأة هي من أحسن النساء.

    • عن أبي قلابة عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم كان في سفر وكان غلام يحدو بهن (أي ببعض نساء النبي صلي الله عليه وسلم وأم سليم) يقال له أنجشة فقال النبي صلي الله عليه وسلم: رويدك يا أنجشة سوقك بالقوارير.وفي رواية قال أبو قلابة: فتكلم النبي صلي الله عليه وسلم بكلمة لو تكلم بها بعضكم لعبتموها عليه.

    قال الشيخ ابن باديس:علم أبو قلابة رضي الله عنه تشددا وتنطعا ممن كان حدثهم بهذا الحديث يحملانهم علي الامتناع من الكلمات التي فيها بعض وصف النساء , فرد عليهم بتكلم النبي صلي الله عليه وسلم بهذه الكلمة التي لو تكلم بها أحد منهم لعابوها عليه وبين أن لا عيب فيها وفي مثلها مما لافحش فيه ولا قبح في معناه ولا غاية سوء من ذكره.
    أبو قلابة: إمام مشهور من فقهاء التابعين.

    • قال عمر لحفصة:لا يغرنك أن كانت جارتك أوضأ منك ... وفي رواية عند مسلم قال: يا بنية لا تغرنك هذه التي أعجبها حسنها.

    • فخرجت سودة بنت زمعة زوج النبي صلي الله عليه وسلم ليلة من الليالي عشاء وكانت امرأة طويلة وفي رواية جسيمة وفي رواية تفرع النساء جسما.

    • قال أبو سفيان لرسول الله صلي الله عليه وسلم:عندي أحسن العرب وأجمله أم حبيبة بنت أبي سفيان أزوجكها.

    • ثم مضي رسول الله صلي الله عليه وسلم حتي أتي النساء فوعظهن ... فقامت امرأة من سطة النساء سفعاء الخدين.

    • أن امرأة سوداء كانت تَقُمُّ المسجد ... فأتي رسول الله صلي الله عليه وسلم قبرها فصلي عليها.
    تقم:تكنس.

    • وهزمهم الله (أي أهل خيبر) ... ووقعت في سهم دحية جارية جميلة.

    • غزونا فزارة ... فلما رأوا السهم وقفوا فجئت أسوقهم وفيهم امرأة من بني فزارة عليها قشْع من أدم معها ابنه لها من أحسن العرب.
    قشع من أدم:فرو قديم بال

    • وما صلي رسول الله صلي الله عليه وسلم علي سهيل بن البيضاء إلا في جوف المسجد.
    البيضاء وصف واسمها دعد بنت جحدم

    • قال لي ابن عباس:ألا أريك امرأة من أهل الجنة , قلت:بلي , قال:هذه المرأة السوداء.

    • هذه أم الزبير تحدث أن رسول الله صلي الله عليه وسلم رخص فيها(في متعة الحج) فادخلوا عليها فاسألوها , فدخلنا عليها فإذا امرأة ضخمة عمياء.

    • عن ابن عباس قال: دخلنا علي أبي بكر رضي الله عنه في مرضه فرأيت عنده امرأة بيضاء موشومة اليدين تذب عنه وهي أسماء بنت عميس.

    • امرأة تصلي خلف رسول الله ، حسناء من أحسن الناس.

    • عن عبد الله ابن عباس قال: أردف النبي صلي الله عليه وسلم الفضل ابن العباس يوم النحر خلفه علي عجز راحلته وكان الفضل رجلا وضيئاً فوقف النبي صلي الله عليه وسلم للناس يفتيهم وأقبلت امرأة من خثعم وضيئة ( وفي رواية: وكانت امرأة حسناء) تستفتي رسول الله.
    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 2093
    تاريخ التسجيل : 01/03/2010
    الموقع : hmsain.ahlamontada.com

    مشاركة المرأة المسلمة في الحياة الاجتماعية ولقاؤها الرجال Empty رد: مشاركة المرأة المسلمة في الحياة الاجتماعية ولقاؤها الرجال

    مُساهمة  Admin الأحد 14 أغسطس 2011 - 17:39

    ذكر وصف المرأة

    • قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:هاجر إبراهيم عليه السلام بسارة فدخل بها قرية فيها ملك من الملوك أو جبار من الجبابرة فقيل:دخل إبراهيم بامرأة هي من أحسن النساء.

    • عن أبي قلابة عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم كان في سفر وكان غلام يحدو بهن (أي ببعض نساء النبي صلي الله عليه وسلم وأم سليم) يقال له أنجشة فقال النبي صلي الله عليه وسلم: رويدك يا أنجشة سوقك بالقوارير.وفي رواية قال أبو قلابة: فتكلم النبي صلي الله عليه وسلم بكلمة لو تكلم بها بعضكم لعبتموها عليه.

    قال الشيخ ابن باديس:علم أبو قلابة رضي الله عنه تشددا وتنطعا ممن كان حدثهم بهذا الحديث يحملانهم علي الامتناع من الكلمات التي فيها بعض وصف النساء , فرد عليهم بتكلم النبي صلي الله عليه وسلم بهذه الكلمة التي لو تكلم بها أحد منهم لعابوها عليه وبين أن لا عيب فيها وفي مثلها مما لافحش فيه ولا قبح في معناه ولا غاية سوء من ذكره.
    أبو قلابة: إمام مشهور من فقهاء التابعين.

    • قال عمر لحفصة:لا يغرنك أن كانت جارتك أوضأ منك ... وفي رواية عند مسلم قال: يا بنية لا تغرنك هذه التي أعجبها حسنها.

    • فخرجت سودة بنت زمعة زوج النبي صلي الله عليه وسلم ليلة من الليالي عشاء وكانت امرأة طويلة وفي رواية جسيمة وفي رواية تفرع النساء جسما.

    • قال أبو سفيان لرسول الله صلي الله عليه وسلم:عندي أحسن العرب وأجمله أم حبيبة بنت أبي سفيان أزوجكها.

    • ثم مضي رسول الله صلي الله عليه وسلم حتي أتي النساء فوعظهن ... فقامت امرأة من سطة النساء سفعاء الخدين.

    • أن امرأة سوداء كانت تَقُمُّ المسجد ... فأتي رسول الله صلي الله عليه وسلم قبرها فصلي عليها.
    تقم:تكنس.

    • وهزمهم الله (أي أهل خيبر) ... ووقعت في سهم دحية جارية جميلة.

    • غزونا فزارة ... فلما رأوا السهم وقفوا فجئت أسوقهم وفيهم امرأة من بني فزارة عليها قشْع من أدم معها ابنه لها من أحسن العرب.
    قشع من أدم:فرو قديم بال

    • وما صلي رسول الله صلي الله عليه وسلم علي سهيل بن البيضاء إلا في جوف المسجد.
    البيضاء وصف واسمها دعد بنت جحدم

    • قال لي ابن عباس:ألا أريك امرأة من أهل الجنة , قلت:بلي , قال:هذه المرأة السوداء.

    • هذه أم الزبير تحدث أن رسول الله صلي الله عليه وسلم رخص فيها(في متعة الحج) فادخلوا عليها فاسألوها , فدخلنا عليها فإذا امرأة ضخمة عمياء.

    • عن ابن عباس قال: دخلنا علي أبي بكر رضي الله عنه في مرضه فرأيت عنده امرأة بيضاء موشومة اليدين تذب عنه وهي أسماء بنت عميس.

    • امرأة تصلي خلف رسول الله ، حسناء من أحسن الناس.

    • عن عبد الله ابن عباس قال: أردف النبي صلي الله عليه وسلم الفضل ابن العباس يوم النحر خلفه علي عجز راحلته وكان الفضل رجلا وضيئاً فوقف النبي صلي الله عليه وسلم للناس يفتيهم وأقبلت امرأة من خثعم وضيئة ( وفي رواية: وكانت امرأة حسناء) تستفتي رسول الله.



    كلام للشيخ محمد بن الحسن الددو الشنقيطي


    لابد أن ننزل المنهج الوسطي من هدي النبي صلي الله عليه وسلم وسلفنا الصالح إلى أعمالنا كلها وأن نعرض عليه صغريات أمورنا وحياتنا وواقعنا، فمن هذه الأمور التي ينبغي أن تعرض على هذا المنهج الوسطي المستقيم ما يتعلق بمعاملة النساء وخلطتهن، فهذا الجانب المنهج المستقيم فيه أن المرأة أخت الرجل، وأن بينهما من التعاون على البر والتقوى ما شرع لهما، وأن كل واحد منهما مكلف حرم الله عليه أشياء وأوجب عليه أشياء، وحد له حدودا لا يمكن تعديها، وأن كل واحد منهما مسؤول عن رعاية هذا الدين ونصرته، وأن الإفراط بتجاوز هذا المنهج مقيت وأن التفريط بالتقصير دونه مقيت شرعا

    والناس في هذا الباب في خلطة النساء يجمعون بين الأمرين، بين الإفراط والتفريط، ففي مجال الإفراط نجد بعض الناس يزدري النساء ولا يحترمهن كبشر ولا يقدرهن هذا التقدير، ولا يشاور ولا يستفتي في أمور الدين النساء ولو كن أعلم وأعقل منه، مع أن الله أمرهن بتعليم الناس فقال: {واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة}، وإذا أفتته امرأة فتوى لم يثق بها، فهذا إنما هو إفراط لا خير فيه وتفريط في حق المرأة نفسها، ومثل ذلك في المقابل الإفراط بتجاوز الحد في ما يتعلق بالتعامل معهن كالاختلاط المحرم والخلوة المحرمة، وكلام الريبة والخضوع بالقول، وكل ذلك مما حرم الله وهو من الحدود الخارجة عن المنهج السوي المستقيم


    ونجد أيضا بعض الناس في هذا المجال في التعامل مع النساء يفرط ويبالغ فلا يظن أنه عليه أن يرد السلام على المرأة إذا سلمت عليه، ويظن أن النساء أيضا لا يسلمن على الرجال ولا يشمتن عاطسا، فيتكلم مع المرأة في أمور الدنيا لكن إذا عطس لا تشمت له، وإذا سلم لا ترد عليه ولا يرد عليها، فتركا الأمر الواجب المأمور به شرعا الذي هو من الحقوق الشرعية حقوق الأخوة الإسلامية، وهو يخوض في الحديث وأطرافه بل ربما كان الحديث الذي يخوضان فيه مما لا يحل الخوض فيه أصلا كالخضوع بالقول وأحاديث الريبة يتكلمان في الريبة ولا يرد أحدهما السلام على الآخر ولا يشمته إذا عطس، ولا شك أن هذا جمع بين الإفراط والتفريط، ونجد بعض الناس لا يدخل على النساء في بيت إذا أراد تدريسهن يجعل بينه وبينهن حائلا مثلا، أو يأمرهن بمغادرة المسجد، أو يمنعهن من الذهاب إلى الدروس، أو يمنعهن من الذهاب إلى المحاضرات وكل هذا مخالف للمنهج النبوي فإن رسول الله قال: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وكان يدرس النساء وكن يجلسن إليه، وقد قلن له يا رسول الله أنا وافدة النساء يقلن إن إخواننا من الرجال غلبونا عليك فاجعل لنا يوما من نفسك فجعل لهن يوم الخميس، ولم يكن رسول الله يجعل بينه وبين النساء حاجزا، بل كن يصلين معه في المسجد، فكان يقول: خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها وكان يأمر الرجال أن لا ينصرفوا حتى ينصرف النساء، وكان يأمر النساء أن لا يرفعن أبصارهن حتى يجلس الرجال من السجود لئلا ينكشف عليه شيء من عورات الرجال

    وكن يشهدن معه الفجر متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس، وكن يشهدن معه صلاة العيد والاستسقاء والجمع، وفي حديث أم عطية كنا نأمر بإخراج العواتق والحيض وربات الخدور يشهدن الخير ويكثرن سواد المسلمين، وكان رسول الله يسلم عليهن، ويرد عليهن السلام ويعودهن إذا مرضن، وكان أصحابه يفعلون، وفي صحيح البخاري أن أبا بكر قال لعمر بعد موت النبي صلي الله عليه وسلم تعال بنا نزر أم أيمن كما كان رسول الله يزورها، فلما دخلا عليها بكت فقالا لها: أما علمت أن ما عند الله خير لرسول الله من هذه الدنيا، فقالت: أما إني لا أبكي لأني لا أعلم أن ما عند الله خير لرسول الله من هذه الدنيا ولكني أبكي لانقطاع الوحي من السماء فهيجتهما على البكاء فبكيا ثم قاما، وكان عمر رضي الله عنه يزور العجائز من الأنصار ويخدمهن فكان يحتلب الشاة لعجوز من الأنصار يحلب لها شاتها، وخرج ذات ليلة يعس فسمع عجوزا من الأنصار تضرب وبرآ وهي تقول:

    على محمد صلاة الأبرار** صلى عليك الطيبون الأخيار
    قد كنت قواما بكا بالأسحار** يا ليت شعري والمنايا أطوار
    هل تجمعني وحبيبي الدار

    فجلس عمر على بابها يبكي، حتى طلع الفجر


    وقد خرج رسول الله ذات ليلة في زقاق من أزقة المدينة، فمر على باب عجوز من الأنصار فإذا هي تقرأ القرآن فوقف رسول الله يستمع إلى قراءتها فقرأت قول الله تعالى: هل أتاك حديث الغاشية، فقال رسول الله نعم أتاني نعم أتاني، وجلس يبكي.

    فلذلك لا بد أن نعلم أن المنهج المستقيم في خلطة النساء يقتضي هذا، ولا إفراط فيه ولا تفريط، لا يمكن أن نتتبع جزئيات هذا الموضوع لكن تكفي اللبيب الإشارة، وقد علم أن المنهج المستقيم منهج وسطي في كل الأمور، صغائرها وجلائلها، وأن الإفراط في كل أمر مقيت شرعا وأن التفريط مذموم، وأن كل فضيلة بين رذيلتين، وقد عرف ذلك بالأمثلة التي ذكرناها، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل ما نقوله ونسمعه حجة لنا لا علينا وأن يوفقنا لما يحب ويرضى، وأن يجعل عملنا كله خالصا لوجهه الكريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء 7 مايو 2024 - 8:26