هزيمة الإسبان بالجزائر 1519 م .
كان استشهاد عروج وهزيمة المسلمين ، قد ولد ارتياحا كبيرا لدى الأوساط المعادية ، وظن الإسبان أن النصر النهائي قد تحقق لهم ، و الفرصة بأيديهم لأخذ الثأر من سكان الشمال الإفريقي المسلمين ، فقرر الإمبراطور شارلكان القضاء نهائيا على دولة الترك بالجزائر ، واستعد لتعبئة حملة مجهزة بأضخم عتاد حربي ، انطلقت الحملة من مرسى جنوة عام 1519 م ، مشتملة على ما يفوق 40 قطعة بحرية و 5000 مقاتل يترأسها والي صقلية Marino Ganzalo ، ونائبه Hugo Mancada ، في 17 أوت 1519 م .
اختار الجيش الإسباني ميدانا لعملياته الحربية وهي منطقة كودية الصابون، أما خير الدين والجزائريين فإنهم رأوا أن يتركوا الإسبان أن ينزلوا في المنطقة التي اختاروها في البر ثم يقوم هو وجيشه بمحاصرتهم من كل جهة ، فصعد النصارى المرتفعات وأسرعوا لبناء قلعة حصينة فوق الكدية ودعوها باسم قلعة الإمبراطور وجهزوها بالمدافع و المعدات الحربية.
وكانوا بقيادة Hugo Mancada مع 1500 رجل ، يريدون الهجوم الفوري على المدينة ، في حين القائد الآخر كان يرى في ضرورة انتصار سلطان تلمسان بقواته البرية ، أثناء هذا الخلاف هاجم خير الدين المواقع الإسبانية فجأة ، كانت المباغتة كبيرة إلى أن فر الأعداء إلى مراكبهم ، لكن في هذه الفترة هبت عاصفة بحرية دامت يومي 21 و22 من شهر أوت فأعاقت عمليات الركوب وفي يوم 24 تمكن هوكو ديمونكادا من أن يركب مع بقايا جنوده ، لكن ما إن تحرك الأسطول حتى عادة العاصفة من جديد ، ودفعت الجزء الأكبر من مراكبه نحو الساحل ، فلم ينج إلا العدد القليل منهم ، لقد خسرت هذه الحملة ثلاثين مركبا ،وفقدت ما يقارب من 4000 رجل و 3000 أسير و البقية قتلوا ، ومن بين الأسرى رئيس الحملة .
بعد هذا النصر استولى خضر على مدينة القل في الساحل الشرقي لمدينة الجزائر ثم بونة، وشرع بعدها بتوزيع الوظائف وتعيين الولاة ، عفين أحمد بن القاضي، خليفة في الناحية الشرقية ، ومحمد بن علي على الناحية الغربية .
لقد ستر النصارى هزيمتهم الفادحة أمام خير الدين بمهاجمة القبائل العربية القريبة من وهران ، بعد أن دخلت بقايا الحملة إلى المرسى الكبير وانتقال الجنود إلى المدينة ، نظم الحاكم الإسباني خرجة إلى سهل سيراط ، فألحق أضررا بليغة بقبائل مختلفة ، حتى أن أصدقاء الإسبان من الأهالي لم ينجوا من هذا الفعل ، وبعد أن كسب خير الدين دعم الدولة العلية فإنه سيعمل للقضاء على مملكة كوكو وكل حلفائها .
وقد بلغ الرجل درجة رفيعة حينما وصله وفد الباب العالي وأعطاه لقب بايلرباي، وهذا اللقب غير عادي إذ أنه مرة سنة كاملة حتى منحه إياه ، ويوجد ثمانية أشخاص فقط يحملون هذا اللقب في كامل أرجاء الإمبراطورية ، وهذا يعني أن حامله قد سمي رئيس مقاطعة ومدينة الجزائر الصغيرة ،لم تصل إلى مرحلة المقاطعة أو الإقليم بعد ، ولكن جاءت الموافقة على إعطائه بايلرباي ، وقد بينت الموسوعة التركية أن خير الدين أستقبل أحسن استقبال في اسطنبول ، وهذا منطقي لأن الرجل ذو صيت كبير، فقام ببناء الصور المهدم ،ورص الحجارة التي جلبت من تامنفوست، التي انتصبت فيها الآثار على طرف الخليج ، كما بنى أيضا الأسوار من القرميد النيئ مجمعا بواسطة ملاط جيد يتكون من خليط الكلس الذهبي و التراب الأحمر ورمل المحاجر ، متركزة على قاعدة من حجارة الفليس ، وفي بعض الأحيان فوق الحائط الروماني القديم حيث نجد الحجارة من الحجم الكبير وارتفعت الأسوار بعلو يحصن الميناء ، وحفر خندق عظيم حولها .
و الشيء اللافت للانتباه و الدال على تمسك خير الدين ومن معه بمبدأ الدين أن بنى المساجد فالكتابة التي وجدت داخل مسجد جمعه الشاوش تبين لنا – الكاتب – تاريخ بنائه وكان ذلك عام 1520 م ، وهذا الجامع المبارك الذي بناه في سيبل الله ، وفي عهده ارتفعت المنازل أيضا لإسكان كل القادمين الجدد ، واحتفظ الإسبان دائما بقلعة الميناء – البنيون – إلا أن مدينة الجزائر تجاهلتهم واحتقرتهم وامتلأت بالنشاط و استعادة القرصنة نشاطها بدون توقف ، وكانوا يجهزون حملات ضد المسيحيين وأخذ كل من هو مسيحي يرغب في العودة إلى بلاده وكذلك حملوا العبيد و الغنائم .
بعد أن ارتبطت الجزائر رسميا بالدولة العثمانية 1519 م ، أهم ما افتتح به خير الدين نشاطه هو انصرافه إلى تنظيم أمور الدولة الجديدة – كما سبق الذكر - ،والعمل على تسخير كل الطاقات و الإمكانات من أجل تأمين متطلبات الحرب التي باتت وشيكة لا سيما أن إسبانيا التي ترى أن انضمام الجزائر إلى السلطنة هو القضاء على نفوذها حتما وخاصة ما غنمته من امتيازات في بداية القرن السادس عشر .
وكان السلطان العثماني قد أمد خير الدين بكل ما طلبه وكان وضعه ينذر بجوٍ سياسي وعسكري جديد يحتم عليه المحاربة على جبهتين :
الجبهة الأولى : المعارضة الداخلية من أجل توحيد المغرب الأوسط ، الذي تعرض لمؤامرة من بني زيان وبني حفص وأحمد بن القاضي ( كما سيأتي شرحه ) ، لكنه ورغم ذلك تمكن من مد نفوذه متخذا من اسم الدولة العثمانية وحماية الإيالة الجزائرية ومد نفوذه لمدن الداخل الهامة وعلى رأسها قسنطينة .
الجبهة الثانية : وهي الأخطر وهم بالطبع النصارى الإسبان من الجيوب التي أقاموها على ساحل الجزائر ومواجهة أطماعهم وتحرشاتهم في الجزائر خاصة و في كل الساحل المغربي عامة ، وقد تمكن من تحقيق ما أراده في كل الأحوال و الأهوال .
لقد كان على خير الدين تسوية المشكلة الكبيرة مع أحمد بن القاضي و الذي لن يصفح عنه لأنه معتبراً سبباً مباشر في مقتل عروج وقد أكملت فرحة خير الدين حينما انتهى من تسليح جيوش الإنكشارية ووجههم صوب القبائل لمهاجمة ابن القاضي في عقر داره
كان استشهاد عروج وهزيمة المسلمين ، قد ولد ارتياحا كبيرا لدى الأوساط المعادية ، وظن الإسبان أن النصر النهائي قد تحقق لهم ، و الفرصة بأيديهم لأخذ الثأر من سكان الشمال الإفريقي المسلمين ، فقرر الإمبراطور شارلكان القضاء نهائيا على دولة الترك بالجزائر ، واستعد لتعبئة حملة مجهزة بأضخم عتاد حربي ، انطلقت الحملة من مرسى جنوة عام 1519 م ، مشتملة على ما يفوق 40 قطعة بحرية و 5000 مقاتل يترأسها والي صقلية Marino Ganzalo ، ونائبه Hugo Mancada ، في 17 أوت 1519 م .
اختار الجيش الإسباني ميدانا لعملياته الحربية وهي منطقة كودية الصابون، أما خير الدين والجزائريين فإنهم رأوا أن يتركوا الإسبان أن ينزلوا في المنطقة التي اختاروها في البر ثم يقوم هو وجيشه بمحاصرتهم من كل جهة ، فصعد النصارى المرتفعات وأسرعوا لبناء قلعة حصينة فوق الكدية ودعوها باسم قلعة الإمبراطور وجهزوها بالمدافع و المعدات الحربية.
وكانوا بقيادة Hugo Mancada مع 1500 رجل ، يريدون الهجوم الفوري على المدينة ، في حين القائد الآخر كان يرى في ضرورة انتصار سلطان تلمسان بقواته البرية ، أثناء هذا الخلاف هاجم خير الدين المواقع الإسبانية فجأة ، كانت المباغتة كبيرة إلى أن فر الأعداء إلى مراكبهم ، لكن في هذه الفترة هبت عاصفة بحرية دامت يومي 21 و22 من شهر أوت فأعاقت عمليات الركوب وفي يوم 24 تمكن هوكو ديمونكادا من أن يركب مع بقايا جنوده ، لكن ما إن تحرك الأسطول حتى عادة العاصفة من جديد ، ودفعت الجزء الأكبر من مراكبه نحو الساحل ، فلم ينج إلا العدد القليل منهم ، لقد خسرت هذه الحملة ثلاثين مركبا ،وفقدت ما يقارب من 4000 رجل و 3000 أسير و البقية قتلوا ، ومن بين الأسرى رئيس الحملة .
بعد هذا النصر استولى خضر على مدينة القل في الساحل الشرقي لمدينة الجزائر ثم بونة، وشرع بعدها بتوزيع الوظائف وتعيين الولاة ، عفين أحمد بن القاضي، خليفة في الناحية الشرقية ، ومحمد بن علي على الناحية الغربية .
لقد ستر النصارى هزيمتهم الفادحة أمام خير الدين بمهاجمة القبائل العربية القريبة من وهران ، بعد أن دخلت بقايا الحملة إلى المرسى الكبير وانتقال الجنود إلى المدينة ، نظم الحاكم الإسباني خرجة إلى سهل سيراط ، فألحق أضررا بليغة بقبائل مختلفة ، حتى أن أصدقاء الإسبان من الأهالي لم ينجوا من هذا الفعل ، وبعد أن كسب خير الدين دعم الدولة العلية فإنه سيعمل للقضاء على مملكة كوكو وكل حلفائها .
وقد بلغ الرجل درجة رفيعة حينما وصله وفد الباب العالي وأعطاه لقب بايلرباي، وهذا اللقب غير عادي إذ أنه مرة سنة كاملة حتى منحه إياه ، ويوجد ثمانية أشخاص فقط يحملون هذا اللقب في كامل أرجاء الإمبراطورية ، وهذا يعني أن حامله قد سمي رئيس مقاطعة ومدينة الجزائر الصغيرة ،لم تصل إلى مرحلة المقاطعة أو الإقليم بعد ، ولكن جاءت الموافقة على إعطائه بايلرباي ، وقد بينت الموسوعة التركية أن خير الدين أستقبل أحسن استقبال في اسطنبول ، وهذا منطقي لأن الرجل ذو صيت كبير، فقام ببناء الصور المهدم ،ورص الحجارة التي جلبت من تامنفوست، التي انتصبت فيها الآثار على طرف الخليج ، كما بنى أيضا الأسوار من القرميد النيئ مجمعا بواسطة ملاط جيد يتكون من خليط الكلس الذهبي و التراب الأحمر ورمل المحاجر ، متركزة على قاعدة من حجارة الفليس ، وفي بعض الأحيان فوق الحائط الروماني القديم حيث نجد الحجارة من الحجم الكبير وارتفعت الأسوار بعلو يحصن الميناء ، وحفر خندق عظيم حولها .
و الشيء اللافت للانتباه و الدال على تمسك خير الدين ومن معه بمبدأ الدين أن بنى المساجد فالكتابة التي وجدت داخل مسجد جمعه الشاوش تبين لنا – الكاتب – تاريخ بنائه وكان ذلك عام 1520 م ، وهذا الجامع المبارك الذي بناه في سيبل الله ، وفي عهده ارتفعت المنازل أيضا لإسكان كل القادمين الجدد ، واحتفظ الإسبان دائما بقلعة الميناء – البنيون – إلا أن مدينة الجزائر تجاهلتهم واحتقرتهم وامتلأت بالنشاط و استعادة القرصنة نشاطها بدون توقف ، وكانوا يجهزون حملات ضد المسيحيين وأخذ كل من هو مسيحي يرغب في العودة إلى بلاده وكذلك حملوا العبيد و الغنائم .
بعد أن ارتبطت الجزائر رسميا بالدولة العثمانية 1519 م ، أهم ما افتتح به خير الدين نشاطه هو انصرافه إلى تنظيم أمور الدولة الجديدة – كما سبق الذكر - ،والعمل على تسخير كل الطاقات و الإمكانات من أجل تأمين متطلبات الحرب التي باتت وشيكة لا سيما أن إسبانيا التي ترى أن انضمام الجزائر إلى السلطنة هو القضاء على نفوذها حتما وخاصة ما غنمته من امتيازات في بداية القرن السادس عشر .
وكان السلطان العثماني قد أمد خير الدين بكل ما طلبه وكان وضعه ينذر بجوٍ سياسي وعسكري جديد يحتم عليه المحاربة على جبهتين :
الجبهة الأولى : المعارضة الداخلية من أجل توحيد المغرب الأوسط ، الذي تعرض لمؤامرة من بني زيان وبني حفص وأحمد بن القاضي ( كما سيأتي شرحه ) ، لكنه ورغم ذلك تمكن من مد نفوذه متخذا من اسم الدولة العثمانية وحماية الإيالة الجزائرية ومد نفوذه لمدن الداخل الهامة وعلى رأسها قسنطينة .
الجبهة الثانية : وهي الأخطر وهم بالطبع النصارى الإسبان من الجيوب التي أقاموها على ساحل الجزائر ومواجهة أطماعهم وتحرشاتهم في الجزائر خاصة و في كل الساحل المغربي عامة ، وقد تمكن من تحقيق ما أراده في كل الأحوال و الأهوال .
لقد كان على خير الدين تسوية المشكلة الكبيرة مع أحمد بن القاضي و الذي لن يصفح عنه لأنه معتبراً سبباً مباشر في مقتل عروج وقد أكملت فرحة خير الدين حينما انتهى من تسليح جيوش الإنكشارية ووجههم صوب القبائل لمهاجمة ابن القاضي في عقر داره