"التحالفات المهتزة":
خريطة القوى السياسية المصرية قبل الانتخابات البرلمانية
محمد عبد الله يونس
تمثل الانتخابات التشريعية المقبلة أول اختبار جاد لقوة الأحزاب السياسية المصرية وقدراتها التنظيمية بعد عقود طويلة من الاحتكار السياسي والسلطوية. فالمناخ السياسي الذي تجري فيه الانتخابات يعد الأكثر تنافسية مع خروج الحزب الوطني" المنحل" من العملية السياسية، ككيان تنظيمي مهيمن على مختلف السلطات، وتوافر ضوابط مهمة لنزاهة العملية الانتخابية، مثل تحجيم القيود الأمنية، والإشراف القضائي الكامل، ومراجعة الكشوف الانتخابية.
وتكتسب هذه الانتخابات أهميتها الاستثنائية من كونها تنهي فترة الضبابية السياسية التي أعقبت الثورة ، وتجعل الشعب حكماً بين القوى السياسية المتصارعة، كما أنها ترسم ملامح الدستور الجديد، وتحدد في النهاية المسار السياسي للثورة في محك عصيب لقدرة القوى الثورية على حشد التأييد الشعبي.
وقبيل الانتخابات المرتقبة، تبدو الخريطة السياسية في منتهى التعقيد والتشابك مع انهيار ثنائية الحزب الوطني والإخوان المسلمين، وظهور قوى سياسية جديدة، بعضها يمثل شباب الثورة، وبعضها يمثل بقايا الحزب المنحل، وأحزاب أخرى تمثل تيارات سياسية تتوق للعمل السياسي، بعد زوال القيود الأمنية على مشاركتها مثل التيارات السلفية والشيوعية. وفي هذا الصدد، يمكن القول إن الخريطة الحزبية لا تزال قيد التشكل، وتمر بمخاض عصيب ستحدد من خلاله القوى الأكثر فعالية، بينما تندثر وتتوارى الأحزاب النخبوية الأضعف تأثيراً.
أولا- متغيرات العمل الحزبي بعد الثورة:
أسهمت عدة عوامل في إضفاء المزيد من التعقيد على الخريطة الحزبية عقب الثورة، يمكن تلخيصها في تغير بيئة النشاط السياسي في مصر، والانفتاح غير المحدود لمختلف شرايين وقنوات المشاركة السياسية، وما لذلك من انعكاسات على التنافسية الحزبية، وتشظي المشهد السياسي، وانفراط عقد مختلف التيارات السياسية التي كانت تحسب ككتلة واحدة لفترة طويلة. وارتبطت تلك المتغيرات بالمحددات التالية:
1- تغيير الإطار القانوني: حيث يمكن إرجاع الطفرة الحزبية بعد الثورة لإزالة العوائق القانونية التي اعترضت العمل الحزبي، بحيث بات يمكن لخمسة آلاف عضو فقط، ينتمون لعشر محافظات، تكوين حزب بمجرد إخطار لجنة الأحزاب التي يغلب التكوين القضائي على أعضائها، ويتم تأسيس الحزب ما دام لا يتعارض في نشاطه أو مبادئه مع مقتضيات الأمن القومي، أو الوحدة الوطنية والنظام الديمقراطي.
أما بقية الشروط، فتعد من بديهيات العمل السياسي، مثل علانية النشاط والتمويل، وعدم التمييز بين المواطنين، أو قبول تمويل أجنبي. وقد أدت هذه الشروط لتضاعف عدد الأحزاب في فترة قصيرة ليصل إلى 47 حزبا، بحيث أصبح معدل إقامة الأحزاب هو حزبين كل أسبوع، وفق تقدير دراسة أصدرتها لجنة شئون الأحزاب في سبتمبر الماضي.
2- طبيعة النظام الانتخابي: فعلى الرغم من انتقادات غالبية القوى السياسية للنظام الانتخابي، وتقسيم الدوائر الانتخابية، فإن هذا النظام يعزز من فرص الأحزاب و دورها السياسي، فالنظام الانتخابي يقوم على تخصيص ثلثي المقاعد للقوائم الحزبية، مقابل ثلث المقاعد للنظام الفردي، مع السماح للأحزاب بالمنافسة على المقاعد الفردية، بما يعني أن للأحزاب المختلفة فرصة أكبر للتمثيل السياسي في مقابل المستقلين. وفي جميع الأحوال، فإن هذا النظام يرجح تكوين برلمان بدون أغلبية مستقرة بما يفتح بابا أوسع لمشاركة أكثر من حزب في تشكيل حكومة ائتلافية.
3- الحراك السياسي الثوري:يمثل الوضع السياسي السابق على الانتخابات فرصة للأحزاب الجادة لمخاطبة جمهور الناخبين بحلول للقضايا التي طرحتها المرحلة الانتقالية، لاسيما الانفلات الأمني، وتردي الأوضاع الاقتصادية والاحتجاجات الفئوية، فضلاً عن الأداء غير المرضي للحكومة الانتقالية، وحالة الجدل السياسي حول تأخر تحقيق استحقاقات الثورة وانتقال السلطة. ومن ثم يمكن استغلال ثورة الآمال والتطلعات حزبياً، وترجمتها لنتائج انتخابية تعزز تمثيل مختلف الأحزاب.
ثانيا- الخريطة الإيديولوجية للأحزاب:
أسهمت العوامل سالفة الذكر في احتدام الصراع السياسي على عدة جبهات، أهمها الصراع بين التقليدية والحداثة، وبين المدنية والدينية، وبين القوى الرجعية والثورية، وأخيراً بين القوى الليبرالية والقوى اليسارية. وفي المحصلة النهائية، انعكس هذا التنوع في خريطة سياسية تتسم بالتشتت والتعددية المفرطة بين ممثلي التيارات السياسية المختلفة .
1- أحزاب الإسلام السياسي:
في أقصى يمين المشهد السياسي، تبلور تحالف انتخابي متماسك لأحزاب التيار السلفي التي تشترك في رفض مدنية الدولة والعلمانية الغربية ومواقفها الملتبسة من الممارسة الديمقراطية والمواطنة. ويضم هذا التحالف أحزاب النور والأصالة والفضيلة، وينافس على غالبية مقاعد البرلمان، وله فرص جيدة في الانتخابات، في ظل انتشار مؤيديه، وإن كانت خبرات أعضائه السياسية والانتخابية محدودة.
في المقابل، يمثل حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، الفاعل الأبرز في أحزاب الإسلام السياسي، باعتباره الأكثر تنظيماً وتماسكاً، وتمتعه بقاعدة شعبية غير محدودة، وبراجماتية قياداته، سواء في تعاملها مع شاغلي السلطة السياسية، أو مع القوى السياسية الليبرالية واليسارية، وهو ما يستدل عليه بقيادة الحرية والعدالة لأحد أهم التكتلات الانتخابية في الانتخابات المقبلة، وهو التحالف الديمقراطي من أجل مصر، والذي يجمع بين أحزاب يسارية وليبرالية.
ويعد حزب الوسط المنافس الأبرز لحزب الإخوان، نتيجة للتقارب بينهما في المبادئ السياسية، وكون قيادات الحزب من المنشقين عن الإخوان المسلمين في التسعينيات، فضلاً عن وضوح مواقف الوسط في قبول مدنية الدولة والمواطنة، ورؤيته الحضارية المتكاملة التي تمزج بين الأصالة والمعاصرة.
وبدأت معالم التنافس بين الحزبين مبكراً بتصدر المهندس أبو العلا ماضي، رئيس حزب الوسط، لقائمة حزبه في دائرة شمال المنيا، ليواجه الدكتور محمد سعد الكتاتني، أمين عام الحرية والعدالة، ومعركة مماثلة في دمياط بين عصام سلطان، نائب رئيس الحزب، والنائب الإخواني السابق صابر عبد الصادق.
هذه الانقسامات داخل التيار الإسلامي قد تؤدي لتفتيت أصوات مؤيديه، ولكن بدرجة لن تطيح بحظوظهم في حصد عدد غير محدود من المقاعد.
2- الأحزاب الليبرالية:
الانقسامات في التيار الليبرالي أكثر احتداماً، على الرغم من محدودية قاعدة مؤيديه واقتصارها على المحافظات الحضرية، حيث تدخل مختلف الأحزاب الليبرالية إما بقوائم مستقلة، أو في تكتلات مع أحزاب اشتراكية، أو ذات مرجعية دينية. ويتصدر التيار الليبرالي من الأحزاب القديمة حزب الوفد الذي ينافس على غالبية المقاعد البرلمانية، بعد انسحابه من التحالف الديمقراطي، في ظل انقسامات حادة بين أعضائه، اعتراضاً على ترشيح بعض فلول الحزب الوطني على قوائمه، وحزب الجبهة الديمقراطية الذي ينافس بنحو 133 مرشحاً لانتخابات مجلسي الشعب والشورى، بعد انسحابه من تحالف الكتلة المصرية.
أما الأحزاب الجديدة التي انضمت للتيار الليبرالي بعد الثورة، فمن أبرزها حزب المصريين الأحرار الذي أسسه رجل الأعمال القبطي نجيب ساويرس كموازن ليبرالي لحزب الحرية والعدالة، وينافس من خلال الكتلة المصرية في أكثر من 46 دائرة في مجلس الشعب، و30 دائرة في مجلس الشوري، ولكن فرص هذا الحزب محدودة. وهناك حزب مصر الحرية الذي أسسه د. عمرو حمزاوي والذي ينافس بنحو18 مرشحاً فقط، بعد انسحابه أيضا من الكتلة المصرية.
وبصفة عامة، تعاني التيارات الليبرالية من النخبوية، وضعف قاعدة تأييدها السياسي، وإن كانت تستفيد من دعم نخبة رجال الأعمال الليبراليين لها، والأقباط لمواجهة المخاوف من سيطرة تيارات الإسلام السياسي على غالبية المقاعد.
3- الأحزاب اليسارية:
تمثل عدة أحزاب من التيار الاشتراكي، أهمها من الأحزاب القديمة حزب التجمع الذي ينافس من خلال الكتلة المصرية، بالإضافة لأحزاب يسارية جديدة مثل الحزب الشيوعي الذي عاد ليحتل مكان أقصي يسار الخريطة السياسية المصرية، وحزب الوفاق القومي.
أما الأحزاب القومية الناصرية، فيمثلها الحزب الناصري، وحزب الكرامة المتحالف مع حزب الحرية والعدالة، والأحزاب العمالية التي يمثلها حزب العمال الديمقراطي.
تأتي مشاركة هذه الأحزاب في الانتخابات محدودة لتعكس ضآلة وزنها السياسي، علي الرغم من فرصها في استخدام الخطاب الاشتراكي لاستقطاب دعم العمال والفلاحين، ولكن تحول دون ذلك نخبوية الخطاب اليساري، وافتقاد قوى اليسار لقيادات كاريزمية مقبولة لدي الشارع المصري، باستثناء حمدين الصباحي، رئيس حزب الكرامة.
4- أحزاب الوسط:
يحتدم الصراع على تصدر وسط المشهد السياسي الذي احتكره الحزب الوطني لعقود بين أحزاب تمثل شباب ثورة يناير، وأخرى تمثل فلول الحزب الوطني المنحل. ومن أهم أحزاب الوسط التي تضم بعض شباب الثورة حزب العدل الذي ينافس على 150 مقعدا منفرداً، والحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي الذي أسسه د. محمد أبو الغار، ويجمع بين منتمين للتيارين الليبرالي واليساري، ويخوض الانتخابات ضمن الكتلة المصرية، متحالفاً مع حزب المصريين الأحرار.
أما أحزاب فلول الوطني، فتراهن على العصبيات القبلية التي تنتمي إليها القيادات الحزبية المحلية، وتبني نهج برجماتي وسطي مشابه لنهج الحزب المنحل، ومن أبرزها حزب المواطن المصري الذي يضم قيادات بالحزب المنحل، مثل محمد رجب، ود. حمدي السيد، وحزب مصر القومي بزعامة طلعت السادات، بالإضافة لأحزاب أخرى تثور حولها شكوك قوية، خاصة أحزاب نهضة مصر، ومصر الحديثة، و مصر التنمية، وحزب البداية.
ثالثا- تحالفات سياسية هشة:
تتسم خريطة التحالفات السياسية بغياب الاتساق الأيديولوجي بين أحزابها، مما أدى لتفككها قبيل بدء الانتخابات. وطغت الخلافات حول ترتيب القوائم على الأهداف الوطنية التي أنشئت من أجلها تلك التحالفات. وفي النهاية، بدأت التحالفات تتمحور بين ثلاثة تيارات، أولها يسعى لمواجهة فلول الحزب الوطني، والثاني يسعى للحفاظ على مدنية الدولة، وموازنة قوة الأحزاب الإسلامية. أما الثالث، فيمثل الأحزاب السلفية بمواقفها المحافظة والتقليدية من مدنية الدولة والعلمانية والمواطنة.
1- التحالف الديمقراطي من أجل مصر:
يعد أول وأبرز التحالفات الانتخابية، ويقودها حزب الحرية والعدالة، ووصل عدد أعضائه إلى 42 حزبا سياسياوائتلافا ثوريا. وما إن اقترب السباق الانتخابي، حتى انفرط عقد التحالف بانسحاب الوفد لإصراره على تصدر عدد من القوائم الانتخابية، وضمه لعناصر الحزب الوطني، ثم أحزاب الكتلة الإسلامية، والحزب الناصري, وانتهى التحالف بنحو عشرة أحزاب فقط، أبرزها الحرية والعدالة (إسلامي)، والغد الجديد ( ليبرالي)، والعمل (إسلامي)، والعمل الاشتراكي، بينما تردد حزب الكرامة (ناصري) بين الانسحاب من التحالف أو الاستمرار به.
2- الكتلة المصرية: تعبر هذه الكتلة عن مناصري مدنية الدولة من التيارين الليبرالي والاشتراكي بقيادة حزب المصريين الأحرار، وعضوية الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، وحزب التجمع. بدأت الكتلة بنحو 20 حزبا، ثم توالت سلسلة الانسحابات بسبب ترتيب القوائم، وضم الكتلة لبعض عناصر الحزب الوطني. ومن أبرز المنسحبين حزب مصر الحرية، وحزب الجبهة الديمقراطية، وحزب التحالف الشعبي الاشتراكي، والحزب الشيوعي.
3- كتلة الثورة مستمرة: تعبر هذه الكتلة عن قيادات شباب ثورة يناير، ومن أبرز أحزابه حزب التحالف الشعبي بزعامة عبد الغفار شكر، والتحالف المصري، والمساواة والتنمية، وينسق مع حزب مصر الحرية. ونتيجة للخلافات على رءوس القوائم وعدد مرشحي كل حزب، انسحب حزب العدل، وائتلاف شباب الثورة الذي سمح لأعضائه بالمشاركة في الكتلة كمستقلين. وتنافس الكتلة على 300 مقعد بالمجلس، وتتسم بأن نحو 60% من مرشحيها تحت سن 35 سنة، وتركز دعايتها على أنها الكتلة الوحيدة التي تخلو قوائمها من فلول الحزب الوطني.
4- الكتلة السلفية:
يتزعمها حزب النور، وهي أكثر الكتل في الاتساق الأيديولوجي بين أعضائها، وتضم أحزاب الأصالة، والفضيلة، والنور، وتنافس على جميع المقاعد، وجميع أعضائها انسحبوا من التحالف الديمقراطي بسبب ضآلة حصتهم في القوائم الانتخابية، ورغبتهم في توسيع مساحة تمثيلهم السياسي.
خامسا- ملاحظات ختامية:
تكشف قراءة الخريطة الحزبية، قبيل الانتخابات التشريعية المرتقبة، عن استمرار أزمة الأحزاب السياسية في مصر، لاسيما الليبرالية والاشتراكية، رغم زوال القيود السلطوية التي اعترضت نشاطها، بما يعني أن ضعف تلك الأحزاب يرجع إلى نخبويتها، وضعف كوادرها، ومحدودية احتكاكها بالمواطن، وتشابه برامجها و مسمياتها.
وقد يزيد الاندماج فيما بين الأحزاب المتشابهة أيديولوجيا من فرصها في المستقبل. ويظل القطبان الليبرالي والاشتراكي في انتظار ممثلين أقوياء قادرين على اجتذاب أصوات الناخبين من مؤيدي التيارين، واختصام أصوات قطاع معتدل من قاعدة مؤيدي تيارات الإسلام السياسي.
وقد تكون فرص تيار الإسلام السياسي الأبرز بين مختلف الأحزاب التي أفرزتها الثورة، نتيجة لاتساع قاعدة مؤيديها. ومن المرجح أن يحصد حزب الحرية والعدالة نسبة معقولة من مقاعد البرلمان المقبل بمجلسيه، وكذلك الأحزاب السلفية، بما سيخلق معضلة سياسية للقوى الثورية. وأيديولوجياً، يظل حزب الوسط أقرب تلك الأحزاب للقوى المدنية، ويمثل التنافس بينه وبين الحرية والعدالة أحد أهم محاور المعركة الانتخابية المقبلة التي قد تحدد بقاء الحزب وتماسكه مستقبلاً.
بيد أن تفتيت الأصوات بين قوى الإسلام السياسي، وإنهاء احتكار الإخوان المسلمين لشعار الإسلام هو الحل، والزيادة المتوقعة في نسب التصويت، قد تتيح فرصا محدودة نسبياً للأحزاب الجديدة التي تمثل شباب الثورة، إذا ما أدركت أن هناك بوناً شاسعاً بين العالم الافتراضي لحشد التأييد للثورة، وعالم الانتخابات الذي يتطلب الانخراط في قضايا محلية، وتربيطات وتحالفات مصلحية.
ومن المرجح أن تتأثر هذه الأحزاب سلباً بضعف خبراتها الانتخابية، وحداثة عهد أعضائها بالعمل السياسي، وافتقاد كوادر سياسية قادرة على إدارة المعركة الانتخابية، لاسيما في الدوائر الريفية.
أما الأحزاب القديمة الكارتونية، على اختلافها، فسوف تمثل الانتخابات المقبلة نقطة محورية في تاريخ بقائها السياسي، ومن المرجح أن تتصدع غالبيتها، وينضم أعضاؤها لأحزاب جديدة تمثل التيار ذاته بسبب جمودها الفكري، والانقسامات بين أعضائها، وغياب الديمقراطية الداخلية في إدارة شئونها، وتحالفها مع النظام السابق. ولمواجهة هذا السيناريو، تمسك عدد من قيادات هذه الأحزاب بضم عناصر الحزب الوطني المنحل لأعضائها، باعتبارهم وسيلتها الوحيدة للحفاظ على بقائها عبر تحقيق نتائج انتخابية إيجابية .
وتظل أحزاب فلول الحزب الوطني ومرشحيه المستقلين إحدى أهم معضلات الانتخابات المقبلة لخبرتهم الانتخابية، وقدرتهم على حشد الأصوات، واستغلال المال والعصبيات، وربما العنف، ويساعدهم في ذلك تركيبة الدوائر الانتخابية، وحالة الانفلات الأمني. ومن المؤكد أنهم سيحصدون عددا كبيرا من المقاعد، إذا لم يصدر قانون إفساد الحياة السياسية قبل بدء الانتخابات.
تعريف الكاتب:
معيد في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة
منقول
خريطة القوى السياسية المصرية قبل الانتخابات البرلمانية
محمد عبد الله يونس
تمثل الانتخابات التشريعية المقبلة أول اختبار جاد لقوة الأحزاب السياسية المصرية وقدراتها التنظيمية بعد عقود طويلة من الاحتكار السياسي والسلطوية. فالمناخ السياسي الذي تجري فيه الانتخابات يعد الأكثر تنافسية مع خروج الحزب الوطني" المنحل" من العملية السياسية، ككيان تنظيمي مهيمن على مختلف السلطات، وتوافر ضوابط مهمة لنزاهة العملية الانتخابية، مثل تحجيم القيود الأمنية، والإشراف القضائي الكامل، ومراجعة الكشوف الانتخابية.
وتكتسب هذه الانتخابات أهميتها الاستثنائية من كونها تنهي فترة الضبابية السياسية التي أعقبت الثورة ، وتجعل الشعب حكماً بين القوى السياسية المتصارعة، كما أنها ترسم ملامح الدستور الجديد، وتحدد في النهاية المسار السياسي للثورة في محك عصيب لقدرة القوى الثورية على حشد التأييد الشعبي.
وقبيل الانتخابات المرتقبة، تبدو الخريطة السياسية في منتهى التعقيد والتشابك مع انهيار ثنائية الحزب الوطني والإخوان المسلمين، وظهور قوى سياسية جديدة، بعضها يمثل شباب الثورة، وبعضها يمثل بقايا الحزب المنحل، وأحزاب أخرى تمثل تيارات سياسية تتوق للعمل السياسي، بعد زوال القيود الأمنية على مشاركتها مثل التيارات السلفية والشيوعية. وفي هذا الصدد، يمكن القول إن الخريطة الحزبية لا تزال قيد التشكل، وتمر بمخاض عصيب ستحدد من خلاله القوى الأكثر فعالية، بينما تندثر وتتوارى الأحزاب النخبوية الأضعف تأثيراً.
أولا- متغيرات العمل الحزبي بعد الثورة:
أسهمت عدة عوامل في إضفاء المزيد من التعقيد على الخريطة الحزبية عقب الثورة، يمكن تلخيصها في تغير بيئة النشاط السياسي في مصر، والانفتاح غير المحدود لمختلف شرايين وقنوات المشاركة السياسية، وما لذلك من انعكاسات على التنافسية الحزبية، وتشظي المشهد السياسي، وانفراط عقد مختلف التيارات السياسية التي كانت تحسب ككتلة واحدة لفترة طويلة. وارتبطت تلك المتغيرات بالمحددات التالية:
1- تغيير الإطار القانوني: حيث يمكن إرجاع الطفرة الحزبية بعد الثورة لإزالة العوائق القانونية التي اعترضت العمل الحزبي، بحيث بات يمكن لخمسة آلاف عضو فقط، ينتمون لعشر محافظات، تكوين حزب بمجرد إخطار لجنة الأحزاب التي يغلب التكوين القضائي على أعضائها، ويتم تأسيس الحزب ما دام لا يتعارض في نشاطه أو مبادئه مع مقتضيات الأمن القومي، أو الوحدة الوطنية والنظام الديمقراطي.
أما بقية الشروط، فتعد من بديهيات العمل السياسي، مثل علانية النشاط والتمويل، وعدم التمييز بين المواطنين، أو قبول تمويل أجنبي. وقد أدت هذه الشروط لتضاعف عدد الأحزاب في فترة قصيرة ليصل إلى 47 حزبا، بحيث أصبح معدل إقامة الأحزاب هو حزبين كل أسبوع، وفق تقدير دراسة أصدرتها لجنة شئون الأحزاب في سبتمبر الماضي.
2- طبيعة النظام الانتخابي: فعلى الرغم من انتقادات غالبية القوى السياسية للنظام الانتخابي، وتقسيم الدوائر الانتخابية، فإن هذا النظام يعزز من فرص الأحزاب و دورها السياسي، فالنظام الانتخابي يقوم على تخصيص ثلثي المقاعد للقوائم الحزبية، مقابل ثلث المقاعد للنظام الفردي، مع السماح للأحزاب بالمنافسة على المقاعد الفردية، بما يعني أن للأحزاب المختلفة فرصة أكبر للتمثيل السياسي في مقابل المستقلين. وفي جميع الأحوال، فإن هذا النظام يرجح تكوين برلمان بدون أغلبية مستقرة بما يفتح بابا أوسع لمشاركة أكثر من حزب في تشكيل حكومة ائتلافية.
3- الحراك السياسي الثوري:يمثل الوضع السياسي السابق على الانتخابات فرصة للأحزاب الجادة لمخاطبة جمهور الناخبين بحلول للقضايا التي طرحتها المرحلة الانتقالية، لاسيما الانفلات الأمني، وتردي الأوضاع الاقتصادية والاحتجاجات الفئوية، فضلاً عن الأداء غير المرضي للحكومة الانتقالية، وحالة الجدل السياسي حول تأخر تحقيق استحقاقات الثورة وانتقال السلطة. ومن ثم يمكن استغلال ثورة الآمال والتطلعات حزبياً، وترجمتها لنتائج انتخابية تعزز تمثيل مختلف الأحزاب.
ثانيا- الخريطة الإيديولوجية للأحزاب:
أسهمت العوامل سالفة الذكر في احتدام الصراع السياسي على عدة جبهات، أهمها الصراع بين التقليدية والحداثة، وبين المدنية والدينية، وبين القوى الرجعية والثورية، وأخيراً بين القوى الليبرالية والقوى اليسارية. وفي المحصلة النهائية، انعكس هذا التنوع في خريطة سياسية تتسم بالتشتت والتعددية المفرطة بين ممثلي التيارات السياسية المختلفة .
1- أحزاب الإسلام السياسي:
في أقصى يمين المشهد السياسي، تبلور تحالف انتخابي متماسك لأحزاب التيار السلفي التي تشترك في رفض مدنية الدولة والعلمانية الغربية ومواقفها الملتبسة من الممارسة الديمقراطية والمواطنة. ويضم هذا التحالف أحزاب النور والأصالة والفضيلة، وينافس على غالبية مقاعد البرلمان، وله فرص جيدة في الانتخابات، في ظل انتشار مؤيديه، وإن كانت خبرات أعضائه السياسية والانتخابية محدودة.
في المقابل، يمثل حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، الفاعل الأبرز في أحزاب الإسلام السياسي، باعتباره الأكثر تنظيماً وتماسكاً، وتمتعه بقاعدة شعبية غير محدودة، وبراجماتية قياداته، سواء في تعاملها مع شاغلي السلطة السياسية، أو مع القوى السياسية الليبرالية واليسارية، وهو ما يستدل عليه بقيادة الحرية والعدالة لأحد أهم التكتلات الانتخابية في الانتخابات المقبلة، وهو التحالف الديمقراطي من أجل مصر، والذي يجمع بين أحزاب يسارية وليبرالية.
ويعد حزب الوسط المنافس الأبرز لحزب الإخوان، نتيجة للتقارب بينهما في المبادئ السياسية، وكون قيادات الحزب من المنشقين عن الإخوان المسلمين في التسعينيات، فضلاً عن وضوح مواقف الوسط في قبول مدنية الدولة والمواطنة، ورؤيته الحضارية المتكاملة التي تمزج بين الأصالة والمعاصرة.
وبدأت معالم التنافس بين الحزبين مبكراً بتصدر المهندس أبو العلا ماضي، رئيس حزب الوسط، لقائمة حزبه في دائرة شمال المنيا، ليواجه الدكتور محمد سعد الكتاتني، أمين عام الحرية والعدالة، ومعركة مماثلة في دمياط بين عصام سلطان، نائب رئيس الحزب، والنائب الإخواني السابق صابر عبد الصادق.
هذه الانقسامات داخل التيار الإسلامي قد تؤدي لتفتيت أصوات مؤيديه، ولكن بدرجة لن تطيح بحظوظهم في حصد عدد غير محدود من المقاعد.
2- الأحزاب الليبرالية:
الانقسامات في التيار الليبرالي أكثر احتداماً، على الرغم من محدودية قاعدة مؤيديه واقتصارها على المحافظات الحضرية، حيث تدخل مختلف الأحزاب الليبرالية إما بقوائم مستقلة، أو في تكتلات مع أحزاب اشتراكية، أو ذات مرجعية دينية. ويتصدر التيار الليبرالي من الأحزاب القديمة حزب الوفد الذي ينافس على غالبية المقاعد البرلمانية، بعد انسحابه من التحالف الديمقراطي، في ظل انقسامات حادة بين أعضائه، اعتراضاً على ترشيح بعض فلول الحزب الوطني على قوائمه، وحزب الجبهة الديمقراطية الذي ينافس بنحو 133 مرشحاً لانتخابات مجلسي الشعب والشورى، بعد انسحابه من تحالف الكتلة المصرية.
أما الأحزاب الجديدة التي انضمت للتيار الليبرالي بعد الثورة، فمن أبرزها حزب المصريين الأحرار الذي أسسه رجل الأعمال القبطي نجيب ساويرس كموازن ليبرالي لحزب الحرية والعدالة، وينافس من خلال الكتلة المصرية في أكثر من 46 دائرة في مجلس الشعب، و30 دائرة في مجلس الشوري، ولكن فرص هذا الحزب محدودة. وهناك حزب مصر الحرية الذي أسسه د. عمرو حمزاوي والذي ينافس بنحو18 مرشحاً فقط، بعد انسحابه أيضا من الكتلة المصرية.
وبصفة عامة، تعاني التيارات الليبرالية من النخبوية، وضعف قاعدة تأييدها السياسي، وإن كانت تستفيد من دعم نخبة رجال الأعمال الليبراليين لها، والأقباط لمواجهة المخاوف من سيطرة تيارات الإسلام السياسي على غالبية المقاعد.
3- الأحزاب اليسارية:
تمثل عدة أحزاب من التيار الاشتراكي، أهمها من الأحزاب القديمة حزب التجمع الذي ينافس من خلال الكتلة المصرية، بالإضافة لأحزاب يسارية جديدة مثل الحزب الشيوعي الذي عاد ليحتل مكان أقصي يسار الخريطة السياسية المصرية، وحزب الوفاق القومي.
أما الأحزاب القومية الناصرية، فيمثلها الحزب الناصري، وحزب الكرامة المتحالف مع حزب الحرية والعدالة، والأحزاب العمالية التي يمثلها حزب العمال الديمقراطي.
تأتي مشاركة هذه الأحزاب في الانتخابات محدودة لتعكس ضآلة وزنها السياسي، علي الرغم من فرصها في استخدام الخطاب الاشتراكي لاستقطاب دعم العمال والفلاحين، ولكن تحول دون ذلك نخبوية الخطاب اليساري، وافتقاد قوى اليسار لقيادات كاريزمية مقبولة لدي الشارع المصري، باستثناء حمدين الصباحي، رئيس حزب الكرامة.
4- أحزاب الوسط:
يحتدم الصراع على تصدر وسط المشهد السياسي الذي احتكره الحزب الوطني لعقود بين أحزاب تمثل شباب ثورة يناير، وأخرى تمثل فلول الحزب الوطني المنحل. ومن أهم أحزاب الوسط التي تضم بعض شباب الثورة حزب العدل الذي ينافس على 150 مقعدا منفرداً، والحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي الذي أسسه د. محمد أبو الغار، ويجمع بين منتمين للتيارين الليبرالي واليساري، ويخوض الانتخابات ضمن الكتلة المصرية، متحالفاً مع حزب المصريين الأحرار.
أما أحزاب فلول الوطني، فتراهن على العصبيات القبلية التي تنتمي إليها القيادات الحزبية المحلية، وتبني نهج برجماتي وسطي مشابه لنهج الحزب المنحل، ومن أبرزها حزب المواطن المصري الذي يضم قيادات بالحزب المنحل، مثل محمد رجب، ود. حمدي السيد، وحزب مصر القومي بزعامة طلعت السادات، بالإضافة لأحزاب أخرى تثور حولها شكوك قوية، خاصة أحزاب نهضة مصر، ومصر الحديثة، و مصر التنمية، وحزب البداية.
ثالثا- تحالفات سياسية هشة:
تتسم خريطة التحالفات السياسية بغياب الاتساق الأيديولوجي بين أحزابها، مما أدى لتفككها قبيل بدء الانتخابات. وطغت الخلافات حول ترتيب القوائم على الأهداف الوطنية التي أنشئت من أجلها تلك التحالفات. وفي النهاية، بدأت التحالفات تتمحور بين ثلاثة تيارات، أولها يسعى لمواجهة فلول الحزب الوطني، والثاني يسعى للحفاظ على مدنية الدولة، وموازنة قوة الأحزاب الإسلامية. أما الثالث، فيمثل الأحزاب السلفية بمواقفها المحافظة والتقليدية من مدنية الدولة والعلمانية والمواطنة.
1- التحالف الديمقراطي من أجل مصر:
يعد أول وأبرز التحالفات الانتخابية، ويقودها حزب الحرية والعدالة، ووصل عدد أعضائه إلى 42 حزبا سياسياوائتلافا ثوريا. وما إن اقترب السباق الانتخابي، حتى انفرط عقد التحالف بانسحاب الوفد لإصراره على تصدر عدد من القوائم الانتخابية، وضمه لعناصر الحزب الوطني، ثم أحزاب الكتلة الإسلامية، والحزب الناصري, وانتهى التحالف بنحو عشرة أحزاب فقط، أبرزها الحرية والعدالة (إسلامي)، والغد الجديد ( ليبرالي)، والعمل (إسلامي)، والعمل الاشتراكي، بينما تردد حزب الكرامة (ناصري) بين الانسحاب من التحالف أو الاستمرار به.
2- الكتلة المصرية: تعبر هذه الكتلة عن مناصري مدنية الدولة من التيارين الليبرالي والاشتراكي بقيادة حزب المصريين الأحرار، وعضوية الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، وحزب التجمع. بدأت الكتلة بنحو 20 حزبا، ثم توالت سلسلة الانسحابات بسبب ترتيب القوائم، وضم الكتلة لبعض عناصر الحزب الوطني. ومن أبرز المنسحبين حزب مصر الحرية، وحزب الجبهة الديمقراطية، وحزب التحالف الشعبي الاشتراكي، والحزب الشيوعي.
3- كتلة الثورة مستمرة: تعبر هذه الكتلة عن قيادات شباب ثورة يناير، ومن أبرز أحزابه حزب التحالف الشعبي بزعامة عبد الغفار شكر، والتحالف المصري، والمساواة والتنمية، وينسق مع حزب مصر الحرية. ونتيجة للخلافات على رءوس القوائم وعدد مرشحي كل حزب، انسحب حزب العدل، وائتلاف شباب الثورة الذي سمح لأعضائه بالمشاركة في الكتلة كمستقلين. وتنافس الكتلة على 300 مقعد بالمجلس، وتتسم بأن نحو 60% من مرشحيها تحت سن 35 سنة، وتركز دعايتها على أنها الكتلة الوحيدة التي تخلو قوائمها من فلول الحزب الوطني.
4- الكتلة السلفية:
يتزعمها حزب النور، وهي أكثر الكتل في الاتساق الأيديولوجي بين أعضائها، وتضم أحزاب الأصالة، والفضيلة، والنور، وتنافس على جميع المقاعد، وجميع أعضائها انسحبوا من التحالف الديمقراطي بسبب ضآلة حصتهم في القوائم الانتخابية، ورغبتهم في توسيع مساحة تمثيلهم السياسي.
خامسا- ملاحظات ختامية:
تكشف قراءة الخريطة الحزبية، قبيل الانتخابات التشريعية المرتقبة، عن استمرار أزمة الأحزاب السياسية في مصر، لاسيما الليبرالية والاشتراكية، رغم زوال القيود السلطوية التي اعترضت نشاطها، بما يعني أن ضعف تلك الأحزاب يرجع إلى نخبويتها، وضعف كوادرها، ومحدودية احتكاكها بالمواطن، وتشابه برامجها و مسمياتها.
وقد يزيد الاندماج فيما بين الأحزاب المتشابهة أيديولوجيا من فرصها في المستقبل. ويظل القطبان الليبرالي والاشتراكي في انتظار ممثلين أقوياء قادرين على اجتذاب أصوات الناخبين من مؤيدي التيارين، واختصام أصوات قطاع معتدل من قاعدة مؤيدي تيارات الإسلام السياسي.
وقد تكون فرص تيار الإسلام السياسي الأبرز بين مختلف الأحزاب التي أفرزتها الثورة، نتيجة لاتساع قاعدة مؤيديها. ومن المرجح أن يحصد حزب الحرية والعدالة نسبة معقولة من مقاعد البرلمان المقبل بمجلسيه، وكذلك الأحزاب السلفية، بما سيخلق معضلة سياسية للقوى الثورية. وأيديولوجياً، يظل حزب الوسط أقرب تلك الأحزاب للقوى المدنية، ويمثل التنافس بينه وبين الحرية والعدالة أحد أهم محاور المعركة الانتخابية المقبلة التي قد تحدد بقاء الحزب وتماسكه مستقبلاً.
بيد أن تفتيت الأصوات بين قوى الإسلام السياسي، وإنهاء احتكار الإخوان المسلمين لشعار الإسلام هو الحل، والزيادة المتوقعة في نسب التصويت، قد تتيح فرصا محدودة نسبياً للأحزاب الجديدة التي تمثل شباب الثورة، إذا ما أدركت أن هناك بوناً شاسعاً بين العالم الافتراضي لحشد التأييد للثورة، وعالم الانتخابات الذي يتطلب الانخراط في قضايا محلية، وتربيطات وتحالفات مصلحية.
ومن المرجح أن تتأثر هذه الأحزاب سلباً بضعف خبراتها الانتخابية، وحداثة عهد أعضائها بالعمل السياسي، وافتقاد كوادر سياسية قادرة على إدارة المعركة الانتخابية، لاسيما في الدوائر الريفية.
أما الأحزاب القديمة الكارتونية، على اختلافها، فسوف تمثل الانتخابات المقبلة نقطة محورية في تاريخ بقائها السياسي، ومن المرجح أن تتصدع غالبيتها، وينضم أعضاؤها لأحزاب جديدة تمثل التيار ذاته بسبب جمودها الفكري، والانقسامات بين أعضائها، وغياب الديمقراطية الداخلية في إدارة شئونها، وتحالفها مع النظام السابق. ولمواجهة هذا السيناريو، تمسك عدد من قيادات هذه الأحزاب بضم عناصر الحزب الوطني المنحل لأعضائها، باعتبارهم وسيلتها الوحيدة للحفاظ على بقائها عبر تحقيق نتائج انتخابية إيجابية .
وتظل أحزاب فلول الحزب الوطني ومرشحيه المستقلين إحدى أهم معضلات الانتخابات المقبلة لخبرتهم الانتخابية، وقدرتهم على حشد الأصوات، واستغلال المال والعصبيات، وربما العنف، ويساعدهم في ذلك تركيبة الدوائر الانتخابية، وحالة الانفلات الأمني. ومن المؤكد أنهم سيحصدون عددا كبيرا من المقاعد، إذا لم يصدر قانون إفساد الحياة السياسية قبل بدء الانتخابات.
تعريف الكاتب:
معيد في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة
منقول