[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
شبكة النبأ: نشرت مجلة "فورين بوليسي" على موقعها في الانترنت مقالا كتبه شادي حامد عن فرص الاخوان المسلمين في مصر للفوز في الانتخابات البرلمانية المقبلة وكيف يمكن ان يفوزوا. وهنا نص مقال حامد ، مدير الابحاث في مركز بروكنغز في الدوحة بحسب صحيفة القدس: "أعاد أداء حزب النهضة الإسلامي في انتخابات تونس يوم 23 تشرين الأول بنسبة 41.5 بالمئة من المقاعد، الانتباه إلى الانتخابات المصرية التي من المقرر أن تجرى في الثامن والعشرين من الشهر الجاري. وقد قلل بعض المحللين من احتمالات نجاح الاخوان المسلمين بالإشارة إلى الاستطلاعات التي تذكر أن الجماعة – الأكبر والأكثر تنظيما في مصر- تلقى شعبية تتراوح ما بين 15 إلى 30 بالمئة. وقد يكون صحيحا ان الاخوان لا يحظون بالشعبية التي قد نتوقعها، لكن الانتخابات ليست منافسات لقياس الشعبية. في الواقع، بينما تتكشف الحملات الانتخابية، يبدو من المرجح أن يحظى إسلاميو مصر بنتيجة أفضل من المتوقع، تماما كنظرائهم في تونس.
في الفترة التي سبقت الانتخابات التونسية، كان حزب النهضة يحصل على توقعات تقرب من 20 بالمئة. لكنه حصل في الانتخابات على ضعف ذلك تقريبا. ان الامرين اللذين يحدثان فارقاً في الانتخابات – خاصة الانتخابات التأسيسية التي تحتاج فيها الاحزاب الجديدة الى تعريف نفسها للناخبين في كل البلاد- هما التنظيم والاستراتيجية، وليس المعدلات العالية للقبول. وفي مصر، يتفوق الاخوان المسلمون في كلا الأمرين. اذ بينما تبدأ معظم الاحزاب الليبرالية واليسارية من الصفر تقريباً، فإن الاخوان لهم أرضية منظمة للعبة، تم صقلها عبر ثلاثة عقود من خوض الانتخابات النقابية والوطنية.
خلال الانتخابات البرلمانية التي جرت في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي – والتي يقال انها شهدت أكبر تزوير في تاريخ مصر- حصلت على فرصة رؤية عملية "الحصول على الأصوات" التي يقوم بها الاخوان عن كثب. واخبرني احد العاملين في حملة الاخوان، ربما عن غير دراية بأن الأمر قد يبدو غير قابل للتصديق، بأن التصويت الداخلي لدى المنظمة كانت نتيجته 100 بالمئة تقريبا. وبكلمات اخرى، فإن كل من كان عضوا في الاخوان ومن المتوقع أن يصوت يقوم بذلك فعلا. وحتى إن كان يبالغ، فإن من الصحيح ان الاخوان لديهم انضباط تنظيمي يمكن أن تحلم به الأحزاب المنافسة، ربما لانهم حزب ديني.
هذا الانضباط متجذر بعمقا في ثقافة التنظيم. كل عضو في الجماعة يوقع على الانضمام الى منهاج تعليمي صارم يشكل جزءا مما يسمى "الأسرة"، التي تلتقي أسبوعيا. وإذا اختار أحد الاخوان البقاء في البيت يوم الانتخابات، فإن الاخوان الآخرين سيعلمون بذلك. لكن القضية ليست فقط مسألة توقعات من قبل الأقران. في كل محطة اقتراع، هناك منسق للاخوان يقوم بعد الأصوات. ولأن عدد الناخبين في كل محطة يمكن أن يكون قليلا، واعداد الاخوان بالمئات- فإن هذا ممكن في الكثير من المحافظات. يبقى الـ"العريف" الذي يقدر الاصوات هناك طوال اليوم، يراقب من يأتي ويذهب ويحسب الأرقام. وإذا كان من المفترض أن تذهب ولم تفعل، فإن هذا الشخص سيعلم. وقال لي احد اولئك العرفاء، ربما لاحساسه بتشككي: "حسنا، عليك أن تفهم – أنا أعرف كأخ يعيش في هذه المنطقة".
ومع نظام انتخابي، "معقد حسابيا"، كما يصفه أحد الناشطين، فإن معرفة مكان دائرتك الانتخابية له اهمية أكبر. وكما أشارت دافني ماكوردي في تقرير "بوميد" حول تونس: "تركز معظم الانتخاب في تونس على المستويات الوطنية مع تجاهل الفروق بين الدوائر الانتخابية المحددة". كان النهضة هو الحزب الوحيد الذي كانت له تغطية في كل انحاء البلاد، مع استراتيجيات مخصصة لكل دائرة، بما فيها المناطق الريفية. هنا، يملك الاخوان المسلمون أفضلية أخرى، مع 88 نائبا في البرلمان السابق (2005-2010)، كانت الجماعة قادرة على توفير مجموعة واسعة من الخدمات على المستوى المحلي وبناء علاقات أقوى مع الناخبين.
وماذا عن المنافسة؟ انضم الى حزب العدالة والحرية، الذراع السياسية للاخوان، كل من حزب الغد الليبرالي بقيادة ايمن نور، وحزب الكرامة الناصري، وعدد من الأحزاب الأصغر، لتشكيل قائمة "التحالف الديموقراطي". وهناك أربع قوائم كبيرة أخرة، ثلاث منها لها توجهات يسارية أو ليبرالية (الكتلة المصرية، الثورة مستمرة، وقائمة الوفد). ومع تمويلهما الكبير وشبكات الرعاية، فإن حزب يمين الوسط "الوفد"، الذي يرأسه الثري السيد البدوي، وبقايا الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم سابقا، هما في وضع جيد أيضا للحصول على حصة كبيرة من الأصوات.
اما الأحزاب الليبرالية الجديدة الصغيرة فتعاني من عدم القدرة على تشكيل أيديولوجيا وبرامج واضحة – وهو فشل كبير في دولة تحمل فيها "الليبرالية" معنى سلبيا. وبدا أن الأحزاب الليبرالية كانت تمثل أحيانا أكثر من كونها غير إسلامية، لتثير مخاوف المجتمع من نشر الإلحاد. ويمكن أن يؤتي ذلك نتائج عكسية في دولة يقول فيها 67 بالمئة من المصريين ان القوانين لا بد وان تتبع تعاليم القرآن، بينما يقول 27 بالمئة انها يجب ان تتبع قيم ومبادئ الاسلام بطريقة ما، وفقا لاستطلاع أجري في نيسان (ابريل) الماضي.
في تونس، تلقى الحزب الديموقراطي التقدمي، الذي طرح نفسه كخيار مناهض للإسلاميين، ضربة في الانتخابات، بينما حصل الحزبان الليبراليان اللذان حافظا على علاقة جيدة مع النهضة – المؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل- على نتائج جيدة نسبيا، ليحصلا على المركزين الثاني والثالث على الترتيب.
ويترك هذا مسارا واضحا للأحزاب اليسارية والليبرالية، خيارا يقدم وعودا أفضل بكثير – التركيز بشكل حاد على المشاكل الاقتصادية المتراكمة في مصر. لكن هذا أيضا صعب، لأن معظم الأحزاب، سواء كانت يسارية أم لا، تستخدم خطابا متشابها حول الاقتصاد: الفقر أمر سيئ، فرص العمل أمر جيد، العدالة الاجتماعية أفضل، وما الى ذلك. وكما أشارت عائشة سبيلة من وحدة الاستخبارات الاقتصادية حول تونس: "إذا نظرت إلى البيانات الرسمية للأحزاب، مع استثناء أحزاب أقصى اليسار، فإن معظمها تملك الاهداف الاقتصادية نفسها: تقليل البطالة، تحسين البنى التحتية في الداخل"، وقد وضع الاخوان المسلمون أنفسهم بذكاء كصوت الفقراء، حتى وان كان برنامجهم الاقتصادي (المصمم أكثر من أجل المستثمرين الأجانب والمجتمع الدولي) موجه اكثر للاقتصاد الحر. وفي الآونة الاخيرة، على سبيل المثال، أطلقت الجماعة "مليونيات الخير" وهي مبادرة تهدف لجمع 1.5 مليون كغم من اللحم لخمسة ملايين مصري من أجل عيد الأضحى.وما زالت هناك امكانية ان يكون اداء الاخوان المسلمين دون ما املوا به – كما حصل لهم في انتخابات نقابة الاطباء الاخيرة. ولكن حذار مما تتمناه. ذلك ان البديل للاسلاميين المعتدلين ممن الممكن جدا ان يكون اسلاميين اقل اعتدالا. وقبل الربيع العربي بمدة طويلة كثيرا ما قال لي قادة الاخوان ان شبابهم يميلون بصورة متزايدة الى افكار السلفيين. وابلغني مسؤول في جماعة الاخوان ان السلفيين يفوقونهم عددا بنسبة 5 – 1. وقد عبرت مجموعات السلفيين مرارا وتكرارا عن تطلعات طموحة، وقال احد قادتهم انهم سيفوزون بـ 30 مقعدا. ومهما بلغ طموح السلفيين فإنهم اغرار في المجال السياسي، وليست لهم عمليا خبرة في تسيير الحملات الانتخابية. ولكنهم يثبتون انهم يتعلمون بسرعة وقد تمكنوا من توحيد صفوفهم ووحدوا خمسة احزاب سلفية تحت مسمى "التحالف الاسلامي". يضاف الى هذا ان ادعاءات الليبراليين، او امالهم، بأن السلفيين بعيدون جدا عن التيار السياسي الرئيسي يمكن ان تكون مجرد تمنيات. وفي كانون الاول (ديسمبر) 2010 قال 82 في المئة من المصريين انهم يؤيدون رجم الزناة، بينما ايد 77 في المئة قطع ايدي السارقين. وتولى السلفيون، وهم الحركة الوحيدة الى جانب الاخوان المسلمين التي لها قاعدة شعبية على مستوى البلاد كلها، تنظيم حركة السير في المناطق المزدحمة في الاسكندرية، والقيام بحملات تعليم من باب الى باب، وتقديم خدمات صحية للفقراء.
اذا فإن هذه الانتخابات ليست متعلقة بالضرورة بالافكار. انها متعلقة بالناخبين. ومن هذه الناحية، تبدو الانتخابات المصرية الى حد كبير كالانتخابات في الولايات المتحدة. اذ ان "الناس الطييبين"، ايا كان هؤلاء، ليسوا هم الذين يفوزون دائماً. والواقع انه اذا حققت الاحزاب الاسلامية نتائج طيبة – اي اذا فازت بأكثر من 50 في المئة من الاصوات – فإن انتشار الخوف والقلق في الاوساط الغربية سيكون كبيرا. غير ان المقياس المهم لعملية الانتقال المضطربة في مصر ليس من يفوز وانما ما إذا كانت ستتاح للمصريين الفرصة لاختيار ممثليهم من دون تخويف وتدخل. والديمقراطية، كما اكتشفت الانظمة الديمقراطية الغربية منذ زمن طويل، هي الحق في الاقدام على الخيار المغلوط.
شبكة النبأ: نشرت مجلة "فورين بوليسي" على موقعها في الانترنت مقالا كتبه شادي حامد عن فرص الاخوان المسلمين في مصر للفوز في الانتخابات البرلمانية المقبلة وكيف يمكن ان يفوزوا. وهنا نص مقال حامد ، مدير الابحاث في مركز بروكنغز في الدوحة بحسب صحيفة القدس: "أعاد أداء حزب النهضة الإسلامي في انتخابات تونس يوم 23 تشرين الأول بنسبة 41.5 بالمئة من المقاعد، الانتباه إلى الانتخابات المصرية التي من المقرر أن تجرى في الثامن والعشرين من الشهر الجاري. وقد قلل بعض المحللين من احتمالات نجاح الاخوان المسلمين بالإشارة إلى الاستطلاعات التي تذكر أن الجماعة – الأكبر والأكثر تنظيما في مصر- تلقى شعبية تتراوح ما بين 15 إلى 30 بالمئة. وقد يكون صحيحا ان الاخوان لا يحظون بالشعبية التي قد نتوقعها، لكن الانتخابات ليست منافسات لقياس الشعبية. في الواقع، بينما تتكشف الحملات الانتخابية، يبدو من المرجح أن يحظى إسلاميو مصر بنتيجة أفضل من المتوقع، تماما كنظرائهم في تونس.
في الفترة التي سبقت الانتخابات التونسية، كان حزب النهضة يحصل على توقعات تقرب من 20 بالمئة. لكنه حصل في الانتخابات على ضعف ذلك تقريبا. ان الامرين اللذين يحدثان فارقاً في الانتخابات – خاصة الانتخابات التأسيسية التي تحتاج فيها الاحزاب الجديدة الى تعريف نفسها للناخبين في كل البلاد- هما التنظيم والاستراتيجية، وليس المعدلات العالية للقبول. وفي مصر، يتفوق الاخوان المسلمون في كلا الأمرين. اذ بينما تبدأ معظم الاحزاب الليبرالية واليسارية من الصفر تقريباً، فإن الاخوان لهم أرضية منظمة للعبة، تم صقلها عبر ثلاثة عقود من خوض الانتخابات النقابية والوطنية.
خلال الانتخابات البرلمانية التي جرت في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي – والتي يقال انها شهدت أكبر تزوير في تاريخ مصر- حصلت على فرصة رؤية عملية "الحصول على الأصوات" التي يقوم بها الاخوان عن كثب. واخبرني احد العاملين في حملة الاخوان، ربما عن غير دراية بأن الأمر قد يبدو غير قابل للتصديق، بأن التصويت الداخلي لدى المنظمة كانت نتيجته 100 بالمئة تقريبا. وبكلمات اخرى، فإن كل من كان عضوا في الاخوان ومن المتوقع أن يصوت يقوم بذلك فعلا. وحتى إن كان يبالغ، فإن من الصحيح ان الاخوان لديهم انضباط تنظيمي يمكن أن تحلم به الأحزاب المنافسة، ربما لانهم حزب ديني.
هذا الانضباط متجذر بعمقا في ثقافة التنظيم. كل عضو في الجماعة يوقع على الانضمام الى منهاج تعليمي صارم يشكل جزءا مما يسمى "الأسرة"، التي تلتقي أسبوعيا. وإذا اختار أحد الاخوان البقاء في البيت يوم الانتخابات، فإن الاخوان الآخرين سيعلمون بذلك. لكن القضية ليست فقط مسألة توقعات من قبل الأقران. في كل محطة اقتراع، هناك منسق للاخوان يقوم بعد الأصوات. ولأن عدد الناخبين في كل محطة يمكن أن يكون قليلا، واعداد الاخوان بالمئات- فإن هذا ممكن في الكثير من المحافظات. يبقى الـ"العريف" الذي يقدر الاصوات هناك طوال اليوم، يراقب من يأتي ويذهب ويحسب الأرقام. وإذا كان من المفترض أن تذهب ولم تفعل، فإن هذا الشخص سيعلم. وقال لي احد اولئك العرفاء، ربما لاحساسه بتشككي: "حسنا، عليك أن تفهم – أنا أعرف كأخ يعيش في هذه المنطقة".
ومع نظام انتخابي، "معقد حسابيا"، كما يصفه أحد الناشطين، فإن معرفة مكان دائرتك الانتخابية له اهمية أكبر. وكما أشارت دافني ماكوردي في تقرير "بوميد" حول تونس: "تركز معظم الانتخاب في تونس على المستويات الوطنية مع تجاهل الفروق بين الدوائر الانتخابية المحددة". كان النهضة هو الحزب الوحيد الذي كانت له تغطية في كل انحاء البلاد، مع استراتيجيات مخصصة لكل دائرة، بما فيها المناطق الريفية. هنا، يملك الاخوان المسلمون أفضلية أخرى، مع 88 نائبا في البرلمان السابق (2005-2010)، كانت الجماعة قادرة على توفير مجموعة واسعة من الخدمات على المستوى المحلي وبناء علاقات أقوى مع الناخبين.
وماذا عن المنافسة؟ انضم الى حزب العدالة والحرية، الذراع السياسية للاخوان، كل من حزب الغد الليبرالي بقيادة ايمن نور، وحزب الكرامة الناصري، وعدد من الأحزاب الأصغر، لتشكيل قائمة "التحالف الديموقراطي". وهناك أربع قوائم كبيرة أخرة، ثلاث منها لها توجهات يسارية أو ليبرالية (الكتلة المصرية، الثورة مستمرة، وقائمة الوفد). ومع تمويلهما الكبير وشبكات الرعاية، فإن حزب يمين الوسط "الوفد"، الذي يرأسه الثري السيد البدوي، وبقايا الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم سابقا، هما في وضع جيد أيضا للحصول على حصة كبيرة من الأصوات.
اما الأحزاب الليبرالية الجديدة الصغيرة فتعاني من عدم القدرة على تشكيل أيديولوجيا وبرامج واضحة – وهو فشل كبير في دولة تحمل فيها "الليبرالية" معنى سلبيا. وبدا أن الأحزاب الليبرالية كانت تمثل أحيانا أكثر من كونها غير إسلامية، لتثير مخاوف المجتمع من نشر الإلحاد. ويمكن أن يؤتي ذلك نتائج عكسية في دولة يقول فيها 67 بالمئة من المصريين ان القوانين لا بد وان تتبع تعاليم القرآن، بينما يقول 27 بالمئة انها يجب ان تتبع قيم ومبادئ الاسلام بطريقة ما، وفقا لاستطلاع أجري في نيسان (ابريل) الماضي.
في تونس، تلقى الحزب الديموقراطي التقدمي، الذي طرح نفسه كخيار مناهض للإسلاميين، ضربة في الانتخابات، بينما حصل الحزبان الليبراليان اللذان حافظا على علاقة جيدة مع النهضة – المؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل- على نتائج جيدة نسبيا، ليحصلا على المركزين الثاني والثالث على الترتيب.
ويترك هذا مسارا واضحا للأحزاب اليسارية والليبرالية، خيارا يقدم وعودا أفضل بكثير – التركيز بشكل حاد على المشاكل الاقتصادية المتراكمة في مصر. لكن هذا أيضا صعب، لأن معظم الأحزاب، سواء كانت يسارية أم لا، تستخدم خطابا متشابها حول الاقتصاد: الفقر أمر سيئ، فرص العمل أمر جيد، العدالة الاجتماعية أفضل، وما الى ذلك. وكما أشارت عائشة سبيلة من وحدة الاستخبارات الاقتصادية حول تونس: "إذا نظرت إلى البيانات الرسمية للأحزاب، مع استثناء أحزاب أقصى اليسار، فإن معظمها تملك الاهداف الاقتصادية نفسها: تقليل البطالة، تحسين البنى التحتية في الداخل"، وقد وضع الاخوان المسلمون أنفسهم بذكاء كصوت الفقراء، حتى وان كان برنامجهم الاقتصادي (المصمم أكثر من أجل المستثمرين الأجانب والمجتمع الدولي) موجه اكثر للاقتصاد الحر. وفي الآونة الاخيرة، على سبيل المثال، أطلقت الجماعة "مليونيات الخير" وهي مبادرة تهدف لجمع 1.5 مليون كغم من اللحم لخمسة ملايين مصري من أجل عيد الأضحى.وما زالت هناك امكانية ان يكون اداء الاخوان المسلمين دون ما املوا به – كما حصل لهم في انتخابات نقابة الاطباء الاخيرة. ولكن حذار مما تتمناه. ذلك ان البديل للاسلاميين المعتدلين ممن الممكن جدا ان يكون اسلاميين اقل اعتدالا. وقبل الربيع العربي بمدة طويلة كثيرا ما قال لي قادة الاخوان ان شبابهم يميلون بصورة متزايدة الى افكار السلفيين. وابلغني مسؤول في جماعة الاخوان ان السلفيين يفوقونهم عددا بنسبة 5 – 1. وقد عبرت مجموعات السلفيين مرارا وتكرارا عن تطلعات طموحة، وقال احد قادتهم انهم سيفوزون بـ 30 مقعدا. ومهما بلغ طموح السلفيين فإنهم اغرار في المجال السياسي، وليست لهم عمليا خبرة في تسيير الحملات الانتخابية. ولكنهم يثبتون انهم يتعلمون بسرعة وقد تمكنوا من توحيد صفوفهم ووحدوا خمسة احزاب سلفية تحت مسمى "التحالف الاسلامي". يضاف الى هذا ان ادعاءات الليبراليين، او امالهم، بأن السلفيين بعيدون جدا عن التيار السياسي الرئيسي يمكن ان تكون مجرد تمنيات. وفي كانون الاول (ديسمبر) 2010 قال 82 في المئة من المصريين انهم يؤيدون رجم الزناة، بينما ايد 77 في المئة قطع ايدي السارقين. وتولى السلفيون، وهم الحركة الوحيدة الى جانب الاخوان المسلمين التي لها قاعدة شعبية على مستوى البلاد كلها، تنظيم حركة السير في المناطق المزدحمة في الاسكندرية، والقيام بحملات تعليم من باب الى باب، وتقديم خدمات صحية للفقراء.
اذا فإن هذه الانتخابات ليست متعلقة بالضرورة بالافكار. انها متعلقة بالناخبين. ومن هذه الناحية، تبدو الانتخابات المصرية الى حد كبير كالانتخابات في الولايات المتحدة. اذ ان "الناس الطييبين"، ايا كان هؤلاء، ليسوا هم الذين يفوزون دائماً. والواقع انه اذا حققت الاحزاب الاسلامية نتائج طيبة – اي اذا فازت بأكثر من 50 في المئة من الاصوات – فإن انتشار الخوف والقلق في الاوساط الغربية سيكون كبيرا. غير ان المقياس المهم لعملية الانتقال المضطربة في مصر ليس من يفوز وانما ما إذا كانت ستتاح للمصريين الفرصة لاختيار ممثليهم من دون تخويف وتدخل. والديمقراطية، كما اكتشفت الانظمة الديمقراطية الغربية منذ زمن طويل، هي الحق في الاقدام على الخيار المغلوط.