إسلاميو الجزائر
في غمار المعترك السياسي – حركة حمس
أ. أحمد فايق دلول*
ملخص البحث
يتناول هذا البحث مشاركة الحركات الإسلامية الجزائرية بالعمل السياسي، فيبدأ بتسلسل تاريخي لدولة الجزائر ما بعد الثورة، ومن ثم تحرير الجزائر، وبداية ظهور العمل الإسلامي، وصولا إلي انقلاب بومدين، ومن ثم التطرق إلي الجهود الإسلامية المبذولة من أجل أسلمة الجزائر، وكذلك يتطرق البحث إلي مشروع دستور 1974، والآثار التي ترتبت عليه، وقيام الحكومة بسجن مجموعة من الإسلاميين، وكذلك التطرق إلي الحركات الإسلامية التي شاركت في العمل السياسي، وكذلك مرحلة الانتقال من الدعوة إلي الدولة، والدخول المتكرر والمتتالي في الانتخابات البلدية والبرلمانية، إضافة إلي الظروف التي أحاطت بمشاركة الإسلاميين في العمل السياسي، وآفاق الممارسة السياسية، وأهدافها، ثم انجازات الحركة الإسلامية، وأهم السلبيات والايجابيات التي واكبت المشاركة في الحكم، وينتهي البحث بأهم النتائج والتوصيات.
وقد اعتمد الباحث في جمع البيانات حول هذه الدراسة على المراجع المتوفرة على شبكة الانترنت، بالإضافة إلى استشارة ذوي الخبرة ممن عايشوا الأحداث الجزائرية وعاشوا فيها، علاوةً على الاتصال بممثلين عن الحركة الإسلامية والاستفادة من خبراتهم في العمل السياسي.
ويأمل الباحث أن تقدم عرضا واضحا لما جرى في الجزائر منذ دخول الإسلاميين المعترك السياسي، وصولا إلى فهم وإدراك طبيعة والظروف المحيطة بالمشاركة السياسية هناك.
Algerian Islamist are in the midst of the political field
Ahmed fayek dalloul
abstract
This research deals with the participation of the Algerian Islamic factions with the political action. It begins with a historical sequence for State of Algeria after the revolution, then the liberation of Algeria, the start of the emergence of Islamic Action, to the coup made by, Boumedienne. After that, it discussed the exerted Islamic efforts in order to Islamize Algeria and treated the draft constitution of 1974, and its consequences. Furthermore, it deals with the Islamic factions that have participated in political work, as well as the transition from missionary work to the state, and recurrent and successive participation in the municipal and parliamentary elections ,beside the circumstances which surrounding the participation of Islamists in politics work, and the prospects for political practice, objectives and achievements of the Islamic factions ,and the most important advantages and disadvantages that accompanied the participation in authority , and then the research ends with the most important results and recommendations.
المقدمة:
إن بوادر اهتمام الحركات الإسلامية بدخول المعترك السياسي الجزائري، قد جاءت قبل تأسيس الأحزاب الإسلامية التي شارك مؤسسوها في عملية تحرير الجزائر، وخاصة في نهاية الخمسينات وبداية الستينات، وقد تبلورت فكرة الحركية السياسية في السنوات 1968-1969، مع الخطابات التي كان يلقيها الشيخ محفوظ نحناح، ومجموعة أخرى من الدعاة وطلاب الجامعة، وذلك في مسجد الجامعة المركزية بالعاصمة، ولنا مرور سريع علي تاريخ الحركات الإسلامية الجزائرية بعد الثورة والتحرير.
فبعد 132 عاماً من الاحتلال الفرنسي للجزائر، انتصرت الثورة الإسلامية الجزائرية، بعدما خاضت حرباً تحريرية طويلة حيث بلغ عدد الثورات الشعبية فيها حوالي 150 ثورة، شملت كل ربوع القطر الجزائري، أبرزها: مقاومة الأمير عبد القادر، ومقاومة "الشيخ الحداد"، و"المقراني"، و"أولاد سيدي الشيخ"، و"أحمد باي"، والزعاطشة وثورة "لالا فاطمة نسومر" في بلاد القبائل، وبلغت الثورة أوجها وشمولها في الفاتح من شهر نوفمبر من عام 1954،وتواصلت المقاومة المسلحة حتى عام 1962، ضد المحتل الفرنسي، وكانت ميزتها الأساسية توحيد جهود الثوار في جبهة واحدة؛ هي جبهة التحرير الوطني، بعد أن أسس لها الشيخ "البشير الإبراهيمي"، و"الفضيل الورتلاني" في القاهرة تحت تسمية جبهة تحرير الجزائر، واعتمدت الحركة الوطنية ثمَّ الجبهة على الإسلام باعتباره المعين الأساس للثورة والرمز الذي يجمع شمل الجزائريين في جهادهم ضد الاحتلال الفرنسي المستبد، ومن هنا، قامت جمعية العلماء بدعم التيار الثوري عام 1956،وذلك من المنطلق الإسلامي الذي أكده بيان أول نوفمبر 1954 الذي فجر الثورة؛ إذ نص علي أن تَطلع الشعب الجزائري للحرية والاستقلال تحدده المثل الإسلامية، وتأسيس دولة جزائرية ديمقراطية اجتماعية ذات سيادة مستقلة.][1][ لكن جهود أعضاء الجمعية توقفت في بداية عهد الاستقلال، وتم تحجيمها من قبل السلطة التي استخدمت أساليب الترغيب تارة والترهيب تارة أخري مع الرموز الإسلامية، حيث قبل البعض منهم بالمناصب والوظائف الحكومية بينما أحيل بعضهم -من الذين عارضوا الحكم- إلي التقاعد، ومنعوا من القيام بأي نشاط في الميدان السياسي.][2][
وفي هذه الفترة ظهرت الخلافات حول شكل الدولة وطبيعتها - والتي نالت استقلالها في 5 يوليو 1962م، وزُجَّ بخيرة أبنائها المعارضين للتوجهات الاشتراكية في غيابات السجون، وتعرض بعضهم للنفي أو للتصفيات الغامضة في إطار تصفية جيوب الثورة، وعلي إثر ذلك، فقد بادرت مجموعة من رجالات الجزائر بالسعي لتأمين استقلال من أن تهتزّ أركانه أو تسرق الثورة في مهدها. ][3][ وفي ذات الوقت تمَّ حل ومصادرة الكثير من الجمعيات الخيرية وزُجَّ رجالها في السجون، خاصة بعدما وضع رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين"البشير الإبراهيمي" تحت الإقامة الجبرية ووضع منزله تحت المراقبة المتواصلة.
انقلاب بومدين
ومع انقلاب العقيد "هواري بومدين" عام 1965، فيما يسمى بالتصحيح الثوري-علي رفيق دربه الرئيس "أحمد بن بيلا"، سيطرت الدولة تماماً علي مجمل الأنشطة الإسلامية، وكان نظام بومدين غالباً ما يتوغل في أعماق السياسيات غير الإسلامية، سواء في القضايا السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية؛ ومن هنا، نشطت المعارضة الإسلامية المتمثلة في أعضاء جمعية العلماء السابقين والعناصر الإسلامية الشابة، والتي قادت الحركة الإسلامية في تلك الفترة ][4][ ، حيث كانت بداية انطلاق الصحوة من الجامعة وقد قاد الشيخ محفوظ نحناح مع رفيق دربه محمد بوسليماني (رحمهما الله) تنظيماً سياسياً تحت مسمى جماعة الموحدين بالتعاون مع قلة من الطلبة والأساتذة، الذين كانوا يترددون علي الحلقات الفكرية التي كان ينشطها الأستاذ مالك بن نبي (رحمه الله). ][5][
جهود إسلامية
ومنذ ديسمبر 1968، بدأ تحت رعاية المفكر الإسلامي العظيم "مالك بن نبي" تنظيم أول ملتقي للفكر الإسلامي، وتأسست مساجد ومصليات جامعية جديدة، وبدأ الظهور الأول للحجاب بعد استعمار دام 132 عاما، وفي العام 1970، بادرت الدولة بحملة إسلامية بقيادة مولود قاسم وزير الشؤون الدينية والتعليم في زمانه، التي استنكرت انحطاط الأخلاق والتأثير الغربي وراء الانفتاحية، والأعمال الرذيلة التي نقلها الغرب الفرنسي إلي الجزائر، حيث استطاع الإسلاميون استغلال هذه الحملة لزيادة نفوذهم الخاص، حاصلين علي الأموال من مساهمات الأعضاء أنفسهم وبعض أهل الخير، لنشر الرسالة التي يمكن أن تشد معظم الشرائح المجتمع وخاصة الفقيرة منها.][6][
وفي العام 1971، أشرفت الحكومة علي إصدار مجلة جديدة تحت اسم "الأصالة"، وابتداءا من ذلك الوقت قامت هذه المجلة بالتعبير رسمياً عن وجهة نظر الدولة في المجال الديني][7][، وفي نفس العام ظهرت الثورات الثلاث (الزراعية والصناعية والثقافية) وخاصة قانون الثورة الزراعية][8][ والذي يقتضي بانتزاع الأرض من المواطنين الجزائريين بحجة الحد من الملكية الفردية، بحيث لا تزيد الملكية الفردية لكل أسرة جزائرية عن 17.30 دونمات، أو 7 هكتارات، أما ما يزيد عن ذلك فإنه يوضع تحت تصرف الصندوق الوطني للثورة الزراعية، وعلي إثر ذلك فقد ألّف الشيخ عبد "اللطيف سلطاني" كتابا بعنوان (المزدكية أصل الشيوعية) عام 1974، حيث وجه فيه نقداً لاذعاً للاشتراكية التي ينادي بها "بومدين"، وكذلك هاجم المبادئ الهدامة المستوردة من الخارج، وشهد عام 1975م مواجهات عنيفة بين الأوساط الطلابية في جامعة قسنطينة أثناء محاضرة دراسية عن قانون الأحوال الشخصية، التي كانت مسرحاً للمواجهات بين الطلاب الناطقين بالفرنسية والمغربين من حزب الطليعة التابع للحزب الشيوعي الفرنسي، والطلاب الناطقين بالعربية والذين يطالبون باحترام الشريعة الإسلامية.
وفي العام 1976، جرت مناقشات حول مشروع جديد لتعديل الميثاق علي نحو يتعارض مع بعض قواعد الشريعة الإسلامية، وخاصة فيما يتعلق بالأحوال الشخصية وقانون الأسرة، ومن هنا فقد ظهرت المعارضة العلنية بقيادة "محفوظ نحناح" لاختيار النظام الحاكم، حيث وجه الشيخ "نحناح" رسالةً شديدة اللهجة إلي الرئيس "بومدين" تحت عنوان " إلي أين يا بومدين؟" الأمر هذا اقتاده إلي السجن برفقة عدد من إخوانه، وحكم عليه بالسجن لمدة 15 عاماً، أمضى منها 5 أعوام، وأُفرج عنه عام 1981.][9][ أما في العام 1978، مات الرئيس "بومدين" ودخلت أجنحة النظام في صراع غير معلن، تجاذب أطرافه رمزان كبيران مثلهما محمد الصالح يحياوي (أمين عام الحزب الحاكم)، والسيد عبد العزيز بوتفليقة (وزير الخارجية وأقرب المقربين من الرئيس الراحل)، وانتهي الصراع الخفي باختيار بديل ثالث يتمثل في شخص الشاذلي بن الجديد، الذي تولى رئاسة الجمهورية لمدة 13 عاماً.
الخروج من المعتقل
لقد كان خروج الشيخ "نحناح" من السجن عام 1981، بمثابة نقلة نوعية في المجال الدعوي، فقد أتاح الرئيس "بن جديد" نوعاً من الحريات أمام الجميع، وبدأ التراجع عن الاشتراكية، وظهرت نداءات التجديد والمحافظة داخل الحزب الحاكم، وتولّد عن ذلك ظهور أجنحة متصارعة هبت عليها رياح الصحوة الإسلامية بعد سقوط "شاه إيران" محمد رضا بهلوي عام 1979، وبداية التصدع العربي في الخليج، حينما انكشف تواطؤ الأنظمة العربية أمام تبجح العدو الصهيوني. وشهد عام 1982، أول تجمع كبير للجماعات الاسلامية في البلاد تحت راية الشيخ "عبد اللطيف سلطاني" والشيخ "أحمد سحنون" والعديد من الشخصيات الإسلامية الأخرى، حيث قدَّم المجتمعون قائمة بمطالبهم التي تضمنت وضع حدٍّ للتأثيرات الغربية، وإلغاء ميثاق 1976، وأن يَحلّ القرآنُ محله، وكذلك اكتسح ممثلو الصحوة الإسلامية كل منابر العمل الطلابي في جامعات القطر، وتم اكتشاف تواطؤ اليساريين مع أجهزة المخابرات السوفيتية التابعة له قبل سقوطه والتآمر علي الإسلام في الجزائر. ][10][
حركات الإسلام السياسي الجزائرية
لقد انفجرت أحداث أكتوبر 1988، المأساوية التي جاءت بدستور 23 فبراير 1989م، حيث بادرت جماعة الموحدين بالدعوة إلى إنشاء (رابطة الدعوة الإسلامية) تضم كل أطياف التشكيل الإسلامي في الجزائر تحت رعاية الشيخ "أحمد سحنون"، كما شكلت جمعية خيرية أسمتها (جمعية الإرشاد والإصلاح)، فيما شكّلت أطراف إسلامية أخرى حزباً سياسياً باسم (الجبهة الإسلامية للإنقاذ) (الفيس أو FIS)، وانتزعت جماهير الشعب الجزائري زمام المبادرة السياسية من الدولة التي حاول الرئيس "بن جديد" استردادها، فقناعته بالإصلاح السياسي والاقتصادي، ومحاولته لإيجاد بعض مظاهر النظام قبل أن تفلت زمام الأمور من جانب، ثم لضمان بقائه السياسي من جانب آخر، جعله يباشر بالتعديل الدستوري؛ مؤكداً علي أن توجيه عملية الإصلاح يجب أن يتم من خلال توافق الأركان الثلاثة للحركة الإسلامية الجزائرية (الجبهة الإسلامية للإنقاذ، حركة مجتمع السلم، وحركة النهضة).
الجبهة الإسلامية للإنقاذ (الفيس)
هي حركة إصلاح إسلامية سلفية في مجملها، تأسست عام1989، فدعت إلي تحكيم الإسلام في شتى مجالات الحياة، ورأت ضرورة إلزام رئيس الدولة بتطبيق الشريعة الإسلامية طالما أنه يحكم شعباً مسلماً، مع إصلاح النظام التعليمي والأمني والإعلامي في ضوء عقيدة الإسلام السمحة، وكانت هناك أنشطة دعوية وأحداث وتجمعات إسلامية عُدَّت إرهاصات لقيام الجبهة والاحزاب الاسلامية الأخرى، ومنها:][11][
1. في نوفمبر1982، اجتمعت مجموعة من العلماء، ومنهم الشيخ "أحمد سحنون" والشيخ "عبد اللطيف سلطاني"، والدكتور "عباسي مدني"، ووجهوا نداءً من 14 بنداً حيث طالبوا بتطبيق الشريعة الإسلامية، وشجب تعيين نساء وعناصر مشبوهة في القضاء ويدعوا إلي التوجيه الإسلامي للاقتصاد، ويرفض الاختلاط في المؤسسات... الخ.
2. تقاسم العمل الإسلامي المنظم قبل عام 1988، بين ثلاث جماعات، وهي جماعة الإخوان المسلمين الدوليين بقيادة الشيخ نحناح، وجماعة الإخوان المسلمين المحليين بقيادة الشيخ "عبد الله جاب الله"، وجماعة مسجد الجامعة المركزية بقيادة الأستاذ "محمد بوجلخة" ثمَّ الشيخ "محمد السعيد".
3. تم تأسيس رابطة الدعوة الإسلامية عام 1989، برئاسة الشيخ "أحمد سحنون"، وذلك لأنه الأكبر سناً بين الأعضاء؛ حيث كان عمره 83 عاماً، وكانت الرابطة بمثابة مظلة للتيارات الإسلامية كلها، ومن بين أعضاء الرابطة: الشيح "محفوظ نحناح"، والدكتور "عباس مدني"، والشيخ "عبد الله جاب الله"، و "علي بلحاج"، و "محمد السعيد"، ومن أبرز أهداف الرابطة:
- إصلاح العقيدة.
- الدعوة إلي الأخلاق الإسلامية.
- تحسن الاقتصاد المنهار في الجزائر.
- النضال علي مستوي الفكر.
تمّ تشكيل الجبهة الإسلامية الموحدة باقتراح من كل الأطياف الإسلامية، إلا أن الشيخ "عباس مدني" تفرد خارج إطار رابطة الدعوة الإسلامية، واختار اسماً آخر هو "الجبهة الإسلامية للإنقاذ"، وعلل ذلك بأن الجبهة: تعني المجابهة والاتساع لآراء متعددة، وهذه الجبهة إسلامية؛ لأن الإسلام هو السبيل الوحيد للإصلاح والتغيير، وإنقاذ: مأخوذة من الآية الكريمة: "كنتم علي شفا حفرة من النار فأنقذكم منها" "103: آل عمران"
حركة حمس: ][12][
هي حركة سياسية إصلاحية شاملة، تأسست عام 1990، بقيادة الشيخمحفوظ نحناح تحت اسم "حركة المجتمع الإسلامي" (حماس)؛ شعارها: العلم والعدل والعمل، وثوابتها: الإسلام واللغة العربية والانتماء للأمة الإسلامية والنظام الجمهوري، والحريات الخاصة؛ والعامة، والتداول السلمي علي السلطة من خلال الواقعية والموضوعية والمرحلية، وقد تمَّ تغيير اسمها إلي "حركة مجتمع السلم" (حمس) بعدما تم تعديل الدستور الجزائري 1996، وطلب من الأحزاب أن تتكيف معه بمنع استخدام لفظة الاسلام في تسمية الحركات الجزائرية.][13][
الشيخ محفوظ نحناح
لقد نشأ الشيخ "نحناح" في أحضان أسرة تتمسك بتعاليم الدين، وتحافظ على اللغة العربية، وكان شغوفاً بالقرآن الكريم الذي تعلمه على يد أساتذة كبار، وبعدما أنهى دراسة (البكالوريوس) في اللغة العربية بمعهد اللغة والآداب, التحق بقسم الدراسات العليا _ التفسير بجامعة القاهرة. ولقد عاصر الشيخ "نحناح" ثورة التحرير وكان أحد فتيتها حتى عام 1962، حيث عاش فترة الثورة المسلحة وشارك في المظاهرات الشعبية إلى جانب رفاق دربه "محمد بوسليماني"، و "مصطفى بلمهدي". ][14][
في عام 1976، حُكِم عليه بالسجن 15 عاماً بتهمة تدبير الانقلاب ونشر بيان (إلى أين يا بومدين؟) الرافض لفرض النظام الاشتراكي بالقوة على المجتمع الجزائري, حيث كانت مطالبه تتجلى في الحفاظ على إسلامية الأسرة، والحفاظ على اللغة العربية ومواجهة كل دعوة غريبة للنيل منهما. أما سنوات السجن هذه استثمرها الشيخ في الاستزادة من العلم ومراجعة أطروحاته الفكرية والسياسية، فتحوّل في السجن إلى داعية إصلاحي وأسهم في تحويل السجناء ذوي الانحرافات السلوكية، إلى نماذج طيبة وحسنة الخلق. ][15][ وبعد الزلزال العنيف الذي ضرب مدينة الأصنام (الشلف) الجزائرية عام1980، أُطلق سراح "الشيخ نحناح"، وعاد إلى نشاطه الدعوي والسياسي، حيث ازدادت قوة الدعوة الإسلامية، وقد شاركت حركته (جماعة الموحدين) في تحضير تجمع الجامعة المركزية لعام 1982م.][16][
في "9 مايو 1991م"، عقدت مجموعة من قيادة "حركة مجتمع السلم" (حمس) مؤتمرهم الأول، فتم اعتماد القانون الأساسي والنظام الداخلي واللوائح الضابطة لمسار حركتهم، وانتهى المؤتمر بانتخاب "الشيخ نحناح" كأول رئيسٍ للحركة، حيث دخل الانتخابات الرئاسية لعام 1995، وتحصل على المرتبة الثانية بواقع 3.2 مليون صوت، أي بنسبة 25% من مجموع الأصوات. وبعد أن زُوّرت عليه الانتخابات ولم يرغب في إدخال الجزائر في أزمة أخرى، ومُنع من المشاركة في رئاسيات 1999 ظلماً، حيث عُدِّل الدستور الجزائري وأُضِيف شرطاً من شروط الترشح للرئاسيات؛ وهو أن تكون لدى المترشح وثيقة رسمية تثبت مشاركته في الثورة التحريرية من وزارة المجاهدين، بالنسبة للذين ولدوا قبل سنة 1942 وهي سنة ميلاد "الشيخ نحناح" هكذا وردت في دستور 1996.
عشر سنوات عاشتها الجزائر(العشرية السوداء)، كانت فيها مسرحاً للذبح والقتل والجنون واللعنات، سنوات غاب فيها صوت العقل والمنطق، وصدى الغيث والرحمات، حيث كان الشيخ نحناح –وكما يبدو- يغرد وحده خارج السرب، فلم يكن ينصت لتحذيراته وتحليلاته احد إلا رجاله. ][17][ فالشيخ نحناح كان واحداً من الذين شاركوا هموم المحنة في فلسطين، وكانت محاضراته في المؤتمرات بأمريكا تتناول الحديث عن جهاد وتضحيات الشعب الجزائري... ودائما كان يحاول الربط بين ما يجري علي أرض فلسطين من انتفاضة جهادية مباركة، وبين ما سبق وقوعه في الجزائر. علاوةً على ذلك، فقد أسهم في إثراء ثلاثة جوانب كانت غائبة عن وعي المسلمين في بلاد الغرب، وخاصة مسلمي أمريكا، وكانت في مقدمة هذه القضايا والأكثر أهمية هي قضية فلسطين، وكانت محاضراته وخطابه القوي بضروري اعتبار قضية فلسطين هي القضية المركزية للحركة الإسلامية، وضرورة قدسية الحشد والرباط من أجلها][18][ وبوفاته (رحمه الله) فقدت الساحة الإسلامية عامة والمغاربية خاصة رجلاً من خيرة رجالاتها، ولم تكن الساحة الإسلامية في العالم، ولا الساحة السياسية في الجزائر تعرف مثل الأخ والصديق الفقيد محفوظ نحناح.
هذه الأمة الممزقة بالأحقاد ونزوعات التنافي، هي أحوج ما تكون إلى مثل هذا النموذج الفذ الذي تمثل بـ"الشيخ نحناح" في الدعوة إلى ديننا الحنيف والثبات على المبادئ مهما قابلتنا من الصعاب ومهما حاربتنا قوى الشر التي تنتظرنا إلى حين غفلة كي تنقضّ علينا ليخفت صوتنا ونلفظ أنفاسنا الأخيرة. فهي مسيرة الغرباء، ونهج الأنبياء والرسل الذين تحملوا كل ما لاقوه من صعاب، حتى وصلت إلينا الرسالة، وهذا هو وفاؤنا لمن سبقونا ولمن سيأتون من بعدنا، حتى تصل رسالتنا السامية، وداعاً لرجل الحوار، فالإنسان موقف، ويبقى النهج والأثر.
حركة الإصلاح الوطني:
تأسست حركة الإصلاح الوطني بتاريخ "29 يناير 1999م"، بعد أن حدث انشقاق داخل حركة النهضة الإسلامية التي كان يقودها الشيخ "عبد الله جاب الله"، والتي تأسست سنة 1990، حيث قامت الحركة بالعمل على إعادة بناء وهيكلة التيار الإسلامي الوطني النزيه على رؤية سياسية تقوم على إخضاع المصالح للمبادئ، وتعتبر السياسة مصالح يحميها الحق، وهي اليوم منتشرة عبر كل ولايات القطر الجزائري، ولها ممثلون في المجالس المنتخبة وطنياً ومحلياً، وحركة الإصلاح الوطني هي وريثة النضالات السابقة التي امتدت تاريخياً كجهد فردي حتى عام 1969، وكجهد منظم أخذ صوراً وأشكالاً مختلفةً حتى عام 1974، وكانت الحركة تتكيف بالشكل الذي يتلاءم مع طبيعة المرحلة وجملة العوامل والظروف التي تسود المجتمع بشكل عام، والحركة اليوم منقسمة على نفسها إلى فريقين ما يزال القضاء لم يقل رأيه بعد أن أحتكم إليه الفريقان؛ الأول يقوده الشيخ "عبد الله جاب الله"، والثاني يقوده الدكتور "جهيد يونسي".][19][
تعديلات الدستور
لقد افتتحت تعديلات 1989، عهداً جديداً للمنافسة التعددية، وأدّت إلي انتهاء سيطرة الحزب الواحد لجبهة التحرير الوطني، وأظهرت الانتخابات المحلية في يونيو 1990 التزاماً واضحا بإطلاق الحريات، إذ أن الحكومة لم تسمح بالمنافسة السياسية فحسب، وإنما قبلت الهزيمة أمام خصومها السياسيين ][20][. وحينما قررت "حركة مجتمع السلم" الدخول والمشاركة في الحياة السياسية فقد ظهرت مفاهيم مغلوطة، حيث كُفِّرت وأُخرجت من الملّة، وعندما دعت الحركة إلي التحالف مع الوطنيين والنزهاء بأساليب مختلفة؛ منها ما هو متعلق بمفهوم التيار السلفي الذي قاده الشيخ "علي بلحاج"، أو التيار التكفيري الذي قاده "الهاشمي سحنوني"، أو مختلف المفاهيم السطحية لسياسات الدعوة الإسلامية، فعندما تحدثت الحركة عن الديمقراطية، قالوا: الديمقراطية كفر، وعندما دعت الحركة إلي الحوار والتعايش؛ قالوا: الحركة عميلة للنظام، وعندما دعت الحركة إلي التحلفات؛ قالوا "لا حلف في الإسلام"، وعندما ركزت الحركة علي التربية؛ قالوا: "لسنا علي الاستعداد للانتظار والقطار قد انطلق"، وعندما دعت الحركة إلي الوحدة في القوائم الانتخابية مع الأطراف الإسلامية؛ قالوا: "أنتم الرملةأو حبة الرمل ونحن الصحراء، أنتم النملة ونحن الفيل". ][21][
الأوضاع الجزائرية مطلع التسعينات
الظروف في المربع الإسلامي كانت جد متوترة، ولم تستطيع الحركة الإسلامية رأب الصدع في تياراتها نظراَ لتعنت قيادة "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" التي لم تلتزم بقرار "رابطة الدعوة الإسلامية"، والتي كانت تضم كل أطياف الجماعات الإسلامية، ولكن بعض رموز التيار الإسلامي خرجوا عن هذا الإجماع وأسسوا "الجبهة الإسلامية للإنقاذ"، وطلبوا من الجميع الانخراط فيها، الأمر الذي رفضته الجماعات الإسلامية الأخرى الفاعلة منها جماعة "الشيخ جاب الله" (النهضة)، وجماعة "الشيخ نحناح" (الإرشاد والإصلاح)، وجماعة الشيخ "محمد السعيد" البناء الحضاري، أو ما اصطلح على تسميته إعلامياً بمصطلح "تيار الجزأرة"، وراحت "الجبهة الإسلامية" تعبئ في الشارع الجزائري بطريقة دعائية عملاقة، ودخلت الانتخابات المحلية وفازت بـأغلبية ساحقة سنة 1990، وهو الأمر الذي صعب خروج حزب سياسي إسلامي آخر، وهو التحفظ الذي أبداه بعض القيادات في الحركة في بداية مناقشة ضرورة التأسيس لحزب سياسي، سيما بعد بروز النظرة الصدامية والرؤى التكفيرية للنظام والمجتمع من الذين لم ينتموا إلى الجبهة، مع تكوّن بعض الجماعات الجهادية في حضن الجبهة الإسلامية، وتكوين الشرطة الإسلامية في البلديات، وبروز مظاهر عنف رفضها المجتمع في تسيير البلديات، وفي هذا الظرف، وجدت الحركة نفسها في مربع مسؤولية تاريخية أمام الأمة وأمام النموذج الإسلامي والمشروع الإسلامي، الذي بدأت مظاهر التشويه تصيبه من خلال ممارسات مناضلي وقيادة "الجبهة الإسلامية"، وعندما أعلن عن تنظيم الانتخابات التشريعية سنة 1991، دعت "حركة مجتمع السلم" إلى إنشاء "التحالف الإسلامي الوطني" والدخول بقوائم موحدة للانتخابات، وهو ما رفضته الجبهة الإسلامية للإنقاذ في لقاءات "رابطة الدعوة الإسلامية"، وبعد أن استنفذت الحركة كل الجهد في إيجاد إطار وحدوي للعمل السياسي الإسلامي في الجزائر، أعلنت عن تأسيس "حركة المجتمع الإسلامي" في مايو 1991م، ونشرت الصحف الأهداف والبرنامج السياسي للحركة، وبدأت عملية التأسيس للمكاتب الولائية والاستعداد لدخول الانتخابات التشريعية سنة 1991.][22][
حركة "حمس" في المعترك السياسي
مِنْ أهمِّ ما جاءت به التجربة التعددية الجزائرية مشاركةُ الإسلاميين في التنافس على سُدَّة الحكم، أي انتخابات رئاسة الجمهورية، وهي تجربة تحتاج إلى دراسة وتقويم؛ يستهدف المحافظة على المكتسبات الديمقراطية، وعدم التفريط في هذا المخرج الجديد، رغم سلسلة الإخفاقات التي لحقت بالحركات الإسلامية التي شاركت في هذا الاستحقاق. فهذه التجربة وصلت إلى حد استدعاء مراقبين دوليين وتأسيس اللجنة الوطنية المستقلة لمراقبة الانتخابات، وتدحرجت التجربة ـ للأسف الشديد ـ بعد مرّات الإخفاق والتردد التي حدثت في «الجزائر» عبر أربعة استحقاقات رئاسية بين عامَيْ 1995م، و2004م.][23][
وكانت قيادة "حركة مجتمع السلم" (حمس) ترى في خطوة الدخول إلى المعترك السياسي، خطوة ضرورية للانتقال من مرحلة الدعوة إلى مرحلة المشاركة في بناء الدولة، وهي ضرورة اقتضتها المرحلة التي تعيشها، وفرضتها التحديات، وعمقتها التجربة، وإرادة الاستفادة من تجارب الحركات الإسلامية في العالم، خاصة وأن الحركة الإسلامية في الجزائر، وفي زمن قياسي جرّبت الصدام والرغبة في أخذ الحكم بطرق التدافع الشعبي، وخرجت هذه التجربة في الجزائر بنتائج ايجابية، وأخرى سلبية وكارثية على مستوى الأفكار والمشروعات والبرامج، أرجعت الحركة الإسلامية الجزائرية القهقري حيث كررت نفس التجارب، وهو الدافع الذي جعل الحركة تفكر قبل أن تخوض المعركة سواء على مستوى صدقية التوجه الديمقراطي في الجزائر، حيث شكّكت الحركة فيه منذ البداية، وحذرت من مغبة الإلقاء بالمشروع الإسلامي إلى الساحة، دونما تأهيل أو تأطير أو وجود كادر بشري يستوعب المرحلة، ويباشر عملية التنمية وفق النظرية الإسلامية، والرهان على مبدأ المرحلية الواقعية والموضوعية، وهي مبادئ جعلتها قيادة الحركة محددات تأسيسية لأي قرار سياسي في سياق تحقيق مشروعها وعاضدتها بمفهوم العلم والعمل والعدل، واجتهدت في صياغة كادر بشري على المستويات العليا والدنيا وتأهيله لحمل مشعل المشروع الإسلامي، وهي النقلة النوعية في التعاطي السياسي للحركة الإسلامية، وتجديد في التفاعل بين السلطة والحركة الإسلامية، وهي الإضافة الفكرية التي اهتمت الحركة بتحقيقها في الميدان ونجحت أيّما نجاح.][24][
حمس، من الدعوة إلي الدولة
وقد عُرفت هذه المرحلة بشعار: "الانتقال من دال الدعوة إلى دال الدولة" وهو خطاب درج على نشره الشيخ "محفوظ نحناح" في خطاباته، ولا سيما الداخلية منها. ليعرف الإطارات النضالية بالرؤية والرسالة السياسية التي يحملون، فقد استفادت (حمس) من تجربة الحركات الإسلامية في كل العالم، وبخاصة تجربة الحركة الإسلامية في تركيا والأردن واندونيسيا، وأعطتها شيئا من ملح تجربة الإخوان المسلمين، سواء المشاركة أو التي اصطدمت مع الأنظمة (سوريا، مصر، العراق).][25][فاستحضرت الحركة كل هذه التجارب، وأخذت منها الخلاصة في التعاطي مع السلطة خصوصاً، ولم تحجر الحركة على نفسها، بل انفتحت حتى على تجارب التيار القومي العربي وتجارب الإسلام في الغرب، وأخذت في صياغة نموذج جديد يجمع بين هذا وذاك، وكانت الخلاصة هي تجربة حركة مجتمع السلم في الجزائر، كما تجدر الإشارة هنا إلى التأثر الملاحظ بنظرية صناعة الحياة ومسار الشيخ محمد أحمد الراشد (المفكر الإسلامي العراقي) وإن المطلع على كتاب " أصول الإفتاء والاجتهاد التطبيقي في فقه الدعوة الإسلامية" يلاحظ الأثر البالغ لهذه النظرية على إسقاطات حركة مجتمع السلم الاجتهادية. ][26][
في العام 1994، شاركت الحركة في ندوة الوفاق الوطني التي جاءت بالسيد اليمين زروال رئيسا للدولة، وفي العام اللاحق، دخلت حركة حماس بمرشحها لرئاسة الجمهورية السيد محفوظ نحناح الذي تحصل علي المرتبة الثانية، أما في العام 1996، فقد دخلت الحركة في الجهاز التنفيذي بحقيبتين وزاريتين؛ هما: وزارة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة للوزير "عبد القادر حميتو"، ووزارة الدولة للصيد البحري وعلي رأسها الوزير "أبو جرة سلطاني". أما في العام 1997، شاركت الحركة في الانتخابات البرلمانية التعددية الأولى، وكذلك في المحليات (البلدية والولايات)، وكان حظها دون مستواها الحقيقي بسبب ما طال العملية الانتخابية من تزوير، وكذلك اليأس المتولد نتيجة الفعل الانتخابي المتكرر، فقد حصلت علي 71 مقعداً بالبرلمان من أصل 380 مقعداً، وحوالي 1100 منتخباً محلياً، منها حوالي 24 بلدية تسيرها الحركة، وبفضل هذه الانتخابات فقد ارتفع عدد الحقائب الوزارية إلى 7 حقائب، حيث اتضحت معالم المشاركة السياسية بشكل عام في الجهاز التنفيذي، وصار حديث وسائل الإعلام كون التيار الإسلامي أثبت وجوده في التسيير والتحكم، وقدرته علي التعايش مع التيارات المحسوبة علي العلمانية.][27][
وفي عام 2002، جرت الانتخابات البرلمانية، وبعدها المحلية في ذات العام، وقد لامستها أيدي المزورين، حيث وجدت حركة مجتمع السلم (حمس) نفسها تتقهقر إلي المرتبة الرابعة بواقع 38نائباً، و38 بلديةً، وحوالي 1200 ناخباً، مما عرضها لكثير من المزايدات والمضايقات الحزبية والسياسية، وقد تحسنت الحقائب الوزارية نوعا ما فبلغت خمسُ حقائب، وارتفع عدد النواب إلي 40 نائباً، وفي العام 2003، انتقل الشيخ محفوظ نحناح إلي رحمة الله، مخلفا وراءه منهاجاً واضحاً وجماعةً متماسكة وتجربة في آخر أطوار نضجها.][28][
وجرت الانتخابات الرئاسية التعددية الثالثة عام 2004م، التي اختار فيها مجلس الشورى الوطني ترقية الائتلاف الحزبي إلي تحالف رئاسي علي أساس ميثاق ضم كل من:
à جبهة التحرير الوطني.
à حركة مجتمع السلم.
à التجمع الوطني الديمقراطي.
انتخابات 2004
وفي وثيقة تم توقيعها في "16 فبراير 2004م"، تتضمن مبادئ وثوابت وأهدافاً وآليات عمل، وبعد عملية انتخابية تعتبر من أنظف الانتخابات في الجزائر، فاز مرشح المصالحة الوطنية السيد "عبد العزيز بوتفليقة" بأغلبية كبيرة بلغت 84.99%، وهي الانتخابات التي أفسحت المجال للخروج من الأزمة، وتحقيق المصالحة الوطنية، وحل مختلف الملفات العالقة (ملف المفقودين، ملف الشراكة، الملف الاقتصادي، وملف السكن)، وهنا أكدت حركة مجتمع السلم (حمس) أن الشعب الجزائري متمسك بخطاب الثوابت والمصالحة والسلم والحوار والقيم الإسلامية الأصيلة، وتتمتع حركة حمس في الجزائر وفي الخارج أيضا؛ بسمعة طيبة وهي تشارك بأربع حقائب وزارية، ولها 38 نائباً في المجلس الشعبي الوطني، وعشرة أعضاء في مجلس الأمة، وهذا مكَّنها من تشكيل كتلتين برلمانيتين(عليا وسفلى)، ولها كذلك 38 بلديةً تديرها بشكل مباشر، وكذلك حوالي 1200 منتخباً محلياً، ولها انتشارٌ تنظيميٌ وهيكليٌ واسعٌ يغطي كامل التراب الوطني، كما أن لها مناضلون في الجالية بالقارات الخمس الكبرى. ][29][ ومن قد تم توقيع ميثاق الوفاق والمصالحة الوطنية في العام 2005، وبهذا تنتهي العشرية الدموية (السوداء) التي راح ضحيتها ما يزيد عن 100 ألف مواطن، ما بين قتيل وجريح، و500 مجاهد استشهدوا من أفراد حركة مجتمع السلم][30][
يتبع ...
في غمار المعترك السياسي – حركة حمس
أ. أحمد فايق دلول*
ملخص البحث
يتناول هذا البحث مشاركة الحركات الإسلامية الجزائرية بالعمل السياسي، فيبدأ بتسلسل تاريخي لدولة الجزائر ما بعد الثورة، ومن ثم تحرير الجزائر، وبداية ظهور العمل الإسلامي، وصولا إلي انقلاب بومدين، ومن ثم التطرق إلي الجهود الإسلامية المبذولة من أجل أسلمة الجزائر، وكذلك يتطرق البحث إلي مشروع دستور 1974، والآثار التي ترتبت عليه، وقيام الحكومة بسجن مجموعة من الإسلاميين، وكذلك التطرق إلي الحركات الإسلامية التي شاركت في العمل السياسي، وكذلك مرحلة الانتقال من الدعوة إلي الدولة، والدخول المتكرر والمتتالي في الانتخابات البلدية والبرلمانية، إضافة إلي الظروف التي أحاطت بمشاركة الإسلاميين في العمل السياسي، وآفاق الممارسة السياسية، وأهدافها، ثم انجازات الحركة الإسلامية، وأهم السلبيات والايجابيات التي واكبت المشاركة في الحكم، وينتهي البحث بأهم النتائج والتوصيات.
وقد اعتمد الباحث في جمع البيانات حول هذه الدراسة على المراجع المتوفرة على شبكة الانترنت، بالإضافة إلى استشارة ذوي الخبرة ممن عايشوا الأحداث الجزائرية وعاشوا فيها، علاوةً على الاتصال بممثلين عن الحركة الإسلامية والاستفادة من خبراتهم في العمل السياسي.
ويأمل الباحث أن تقدم عرضا واضحا لما جرى في الجزائر منذ دخول الإسلاميين المعترك السياسي، وصولا إلى فهم وإدراك طبيعة والظروف المحيطة بالمشاركة السياسية هناك.
Algerian Islamist are in the midst of the political field
Ahmed fayek dalloul
abstract
This research deals with the participation of the Algerian Islamic factions with the political action. It begins with a historical sequence for State of Algeria after the revolution, then the liberation of Algeria, the start of the emergence of Islamic Action, to the coup made by, Boumedienne. After that, it discussed the exerted Islamic efforts in order to Islamize Algeria and treated the draft constitution of 1974, and its consequences. Furthermore, it deals with the Islamic factions that have participated in political work, as well as the transition from missionary work to the state, and recurrent and successive participation in the municipal and parliamentary elections ,beside the circumstances which surrounding the participation of Islamists in politics work, and the prospects for political practice, objectives and achievements of the Islamic factions ,and the most important advantages and disadvantages that accompanied the participation in authority , and then the research ends with the most important results and recommendations.
المقدمة:
إن بوادر اهتمام الحركات الإسلامية بدخول المعترك السياسي الجزائري، قد جاءت قبل تأسيس الأحزاب الإسلامية التي شارك مؤسسوها في عملية تحرير الجزائر، وخاصة في نهاية الخمسينات وبداية الستينات، وقد تبلورت فكرة الحركية السياسية في السنوات 1968-1969، مع الخطابات التي كان يلقيها الشيخ محفوظ نحناح، ومجموعة أخرى من الدعاة وطلاب الجامعة، وذلك في مسجد الجامعة المركزية بالعاصمة، ولنا مرور سريع علي تاريخ الحركات الإسلامية الجزائرية بعد الثورة والتحرير.
فبعد 132 عاماً من الاحتلال الفرنسي للجزائر، انتصرت الثورة الإسلامية الجزائرية، بعدما خاضت حرباً تحريرية طويلة حيث بلغ عدد الثورات الشعبية فيها حوالي 150 ثورة، شملت كل ربوع القطر الجزائري، أبرزها: مقاومة الأمير عبد القادر، ومقاومة "الشيخ الحداد"، و"المقراني"، و"أولاد سيدي الشيخ"، و"أحمد باي"، والزعاطشة وثورة "لالا فاطمة نسومر" في بلاد القبائل، وبلغت الثورة أوجها وشمولها في الفاتح من شهر نوفمبر من عام 1954،وتواصلت المقاومة المسلحة حتى عام 1962، ضد المحتل الفرنسي، وكانت ميزتها الأساسية توحيد جهود الثوار في جبهة واحدة؛ هي جبهة التحرير الوطني، بعد أن أسس لها الشيخ "البشير الإبراهيمي"، و"الفضيل الورتلاني" في القاهرة تحت تسمية جبهة تحرير الجزائر، واعتمدت الحركة الوطنية ثمَّ الجبهة على الإسلام باعتباره المعين الأساس للثورة والرمز الذي يجمع شمل الجزائريين في جهادهم ضد الاحتلال الفرنسي المستبد، ومن هنا، قامت جمعية العلماء بدعم التيار الثوري عام 1956،وذلك من المنطلق الإسلامي الذي أكده بيان أول نوفمبر 1954 الذي فجر الثورة؛ إذ نص علي أن تَطلع الشعب الجزائري للحرية والاستقلال تحدده المثل الإسلامية، وتأسيس دولة جزائرية ديمقراطية اجتماعية ذات سيادة مستقلة.][1][ لكن جهود أعضاء الجمعية توقفت في بداية عهد الاستقلال، وتم تحجيمها من قبل السلطة التي استخدمت أساليب الترغيب تارة والترهيب تارة أخري مع الرموز الإسلامية، حيث قبل البعض منهم بالمناصب والوظائف الحكومية بينما أحيل بعضهم -من الذين عارضوا الحكم- إلي التقاعد، ومنعوا من القيام بأي نشاط في الميدان السياسي.][2][
وفي هذه الفترة ظهرت الخلافات حول شكل الدولة وطبيعتها - والتي نالت استقلالها في 5 يوليو 1962م، وزُجَّ بخيرة أبنائها المعارضين للتوجهات الاشتراكية في غيابات السجون، وتعرض بعضهم للنفي أو للتصفيات الغامضة في إطار تصفية جيوب الثورة، وعلي إثر ذلك، فقد بادرت مجموعة من رجالات الجزائر بالسعي لتأمين استقلال من أن تهتزّ أركانه أو تسرق الثورة في مهدها. ][3][ وفي ذات الوقت تمَّ حل ومصادرة الكثير من الجمعيات الخيرية وزُجَّ رجالها في السجون، خاصة بعدما وضع رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين"البشير الإبراهيمي" تحت الإقامة الجبرية ووضع منزله تحت المراقبة المتواصلة.
انقلاب بومدين
ومع انقلاب العقيد "هواري بومدين" عام 1965، فيما يسمى بالتصحيح الثوري-علي رفيق دربه الرئيس "أحمد بن بيلا"، سيطرت الدولة تماماً علي مجمل الأنشطة الإسلامية، وكان نظام بومدين غالباً ما يتوغل في أعماق السياسيات غير الإسلامية، سواء في القضايا السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية؛ ومن هنا، نشطت المعارضة الإسلامية المتمثلة في أعضاء جمعية العلماء السابقين والعناصر الإسلامية الشابة، والتي قادت الحركة الإسلامية في تلك الفترة ][4][ ، حيث كانت بداية انطلاق الصحوة من الجامعة وقد قاد الشيخ محفوظ نحناح مع رفيق دربه محمد بوسليماني (رحمهما الله) تنظيماً سياسياً تحت مسمى جماعة الموحدين بالتعاون مع قلة من الطلبة والأساتذة، الذين كانوا يترددون علي الحلقات الفكرية التي كان ينشطها الأستاذ مالك بن نبي (رحمه الله). ][5][
جهود إسلامية
ومنذ ديسمبر 1968، بدأ تحت رعاية المفكر الإسلامي العظيم "مالك بن نبي" تنظيم أول ملتقي للفكر الإسلامي، وتأسست مساجد ومصليات جامعية جديدة، وبدأ الظهور الأول للحجاب بعد استعمار دام 132 عاما، وفي العام 1970، بادرت الدولة بحملة إسلامية بقيادة مولود قاسم وزير الشؤون الدينية والتعليم في زمانه، التي استنكرت انحطاط الأخلاق والتأثير الغربي وراء الانفتاحية، والأعمال الرذيلة التي نقلها الغرب الفرنسي إلي الجزائر، حيث استطاع الإسلاميون استغلال هذه الحملة لزيادة نفوذهم الخاص، حاصلين علي الأموال من مساهمات الأعضاء أنفسهم وبعض أهل الخير، لنشر الرسالة التي يمكن أن تشد معظم الشرائح المجتمع وخاصة الفقيرة منها.][6][
وفي العام 1971، أشرفت الحكومة علي إصدار مجلة جديدة تحت اسم "الأصالة"، وابتداءا من ذلك الوقت قامت هذه المجلة بالتعبير رسمياً عن وجهة نظر الدولة في المجال الديني][7][، وفي نفس العام ظهرت الثورات الثلاث (الزراعية والصناعية والثقافية) وخاصة قانون الثورة الزراعية][8][ والذي يقتضي بانتزاع الأرض من المواطنين الجزائريين بحجة الحد من الملكية الفردية، بحيث لا تزيد الملكية الفردية لكل أسرة جزائرية عن 17.30 دونمات، أو 7 هكتارات، أما ما يزيد عن ذلك فإنه يوضع تحت تصرف الصندوق الوطني للثورة الزراعية، وعلي إثر ذلك فقد ألّف الشيخ عبد "اللطيف سلطاني" كتابا بعنوان (المزدكية أصل الشيوعية) عام 1974، حيث وجه فيه نقداً لاذعاً للاشتراكية التي ينادي بها "بومدين"، وكذلك هاجم المبادئ الهدامة المستوردة من الخارج، وشهد عام 1975م مواجهات عنيفة بين الأوساط الطلابية في جامعة قسنطينة أثناء محاضرة دراسية عن قانون الأحوال الشخصية، التي كانت مسرحاً للمواجهات بين الطلاب الناطقين بالفرنسية والمغربين من حزب الطليعة التابع للحزب الشيوعي الفرنسي، والطلاب الناطقين بالعربية والذين يطالبون باحترام الشريعة الإسلامية.
وفي العام 1976، جرت مناقشات حول مشروع جديد لتعديل الميثاق علي نحو يتعارض مع بعض قواعد الشريعة الإسلامية، وخاصة فيما يتعلق بالأحوال الشخصية وقانون الأسرة، ومن هنا فقد ظهرت المعارضة العلنية بقيادة "محفوظ نحناح" لاختيار النظام الحاكم، حيث وجه الشيخ "نحناح" رسالةً شديدة اللهجة إلي الرئيس "بومدين" تحت عنوان " إلي أين يا بومدين؟" الأمر هذا اقتاده إلي السجن برفقة عدد من إخوانه، وحكم عليه بالسجن لمدة 15 عاماً، أمضى منها 5 أعوام، وأُفرج عنه عام 1981.][9][ أما في العام 1978، مات الرئيس "بومدين" ودخلت أجنحة النظام في صراع غير معلن، تجاذب أطرافه رمزان كبيران مثلهما محمد الصالح يحياوي (أمين عام الحزب الحاكم)، والسيد عبد العزيز بوتفليقة (وزير الخارجية وأقرب المقربين من الرئيس الراحل)، وانتهي الصراع الخفي باختيار بديل ثالث يتمثل في شخص الشاذلي بن الجديد، الذي تولى رئاسة الجمهورية لمدة 13 عاماً.
الخروج من المعتقل
لقد كان خروج الشيخ "نحناح" من السجن عام 1981، بمثابة نقلة نوعية في المجال الدعوي، فقد أتاح الرئيس "بن جديد" نوعاً من الحريات أمام الجميع، وبدأ التراجع عن الاشتراكية، وظهرت نداءات التجديد والمحافظة داخل الحزب الحاكم، وتولّد عن ذلك ظهور أجنحة متصارعة هبت عليها رياح الصحوة الإسلامية بعد سقوط "شاه إيران" محمد رضا بهلوي عام 1979، وبداية التصدع العربي في الخليج، حينما انكشف تواطؤ الأنظمة العربية أمام تبجح العدو الصهيوني. وشهد عام 1982، أول تجمع كبير للجماعات الاسلامية في البلاد تحت راية الشيخ "عبد اللطيف سلطاني" والشيخ "أحمد سحنون" والعديد من الشخصيات الإسلامية الأخرى، حيث قدَّم المجتمعون قائمة بمطالبهم التي تضمنت وضع حدٍّ للتأثيرات الغربية، وإلغاء ميثاق 1976، وأن يَحلّ القرآنُ محله، وكذلك اكتسح ممثلو الصحوة الإسلامية كل منابر العمل الطلابي في جامعات القطر، وتم اكتشاف تواطؤ اليساريين مع أجهزة المخابرات السوفيتية التابعة له قبل سقوطه والتآمر علي الإسلام في الجزائر. ][10][
حركات الإسلام السياسي الجزائرية
لقد انفجرت أحداث أكتوبر 1988، المأساوية التي جاءت بدستور 23 فبراير 1989م، حيث بادرت جماعة الموحدين بالدعوة إلى إنشاء (رابطة الدعوة الإسلامية) تضم كل أطياف التشكيل الإسلامي في الجزائر تحت رعاية الشيخ "أحمد سحنون"، كما شكلت جمعية خيرية أسمتها (جمعية الإرشاد والإصلاح)، فيما شكّلت أطراف إسلامية أخرى حزباً سياسياً باسم (الجبهة الإسلامية للإنقاذ) (الفيس أو FIS)، وانتزعت جماهير الشعب الجزائري زمام المبادرة السياسية من الدولة التي حاول الرئيس "بن جديد" استردادها، فقناعته بالإصلاح السياسي والاقتصادي، ومحاولته لإيجاد بعض مظاهر النظام قبل أن تفلت زمام الأمور من جانب، ثم لضمان بقائه السياسي من جانب آخر، جعله يباشر بالتعديل الدستوري؛ مؤكداً علي أن توجيه عملية الإصلاح يجب أن يتم من خلال توافق الأركان الثلاثة للحركة الإسلامية الجزائرية (الجبهة الإسلامية للإنقاذ، حركة مجتمع السلم، وحركة النهضة).
الجبهة الإسلامية للإنقاذ (الفيس)
هي حركة إصلاح إسلامية سلفية في مجملها، تأسست عام1989، فدعت إلي تحكيم الإسلام في شتى مجالات الحياة، ورأت ضرورة إلزام رئيس الدولة بتطبيق الشريعة الإسلامية طالما أنه يحكم شعباً مسلماً، مع إصلاح النظام التعليمي والأمني والإعلامي في ضوء عقيدة الإسلام السمحة، وكانت هناك أنشطة دعوية وأحداث وتجمعات إسلامية عُدَّت إرهاصات لقيام الجبهة والاحزاب الاسلامية الأخرى، ومنها:][11][
1. في نوفمبر1982، اجتمعت مجموعة من العلماء، ومنهم الشيخ "أحمد سحنون" والشيخ "عبد اللطيف سلطاني"، والدكتور "عباسي مدني"، ووجهوا نداءً من 14 بنداً حيث طالبوا بتطبيق الشريعة الإسلامية، وشجب تعيين نساء وعناصر مشبوهة في القضاء ويدعوا إلي التوجيه الإسلامي للاقتصاد، ويرفض الاختلاط في المؤسسات... الخ.
2. تقاسم العمل الإسلامي المنظم قبل عام 1988، بين ثلاث جماعات، وهي جماعة الإخوان المسلمين الدوليين بقيادة الشيخ نحناح، وجماعة الإخوان المسلمين المحليين بقيادة الشيخ "عبد الله جاب الله"، وجماعة مسجد الجامعة المركزية بقيادة الأستاذ "محمد بوجلخة" ثمَّ الشيخ "محمد السعيد".
3. تم تأسيس رابطة الدعوة الإسلامية عام 1989، برئاسة الشيخ "أحمد سحنون"، وذلك لأنه الأكبر سناً بين الأعضاء؛ حيث كان عمره 83 عاماً، وكانت الرابطة بمثابة مظلة للتيارات الإسلامية كلها، ومن بين أعضاء الرابطة: الشيح "محفوظ نحناح"، والدكتور "عباس مدني"، والشيخ "عبد الله جاب الله"، و "علي بلحاج"، و "محمد السعيد"، ومن أبرز أهداف الرابطة:
- إصلاح العقيدة.
- الدعوة إلي الأخلاق الإسلامية.
- تحسن الاقتصاد المنهار في الجزائر.
- النضال علي مستوي الفكر.
تمّ تشكيل الجبهة الإسلامية الموحدة باقتراح من كل الأطياف الإسلامية، إلا أن الشيخ "عباس مدني" تفرد خارج إطار رابطة الدعوة الإسلامية، واختار اسماً آخر هو "الجبهة الإسلامية للإنقاذ"، وعلل ذلك بأن الجبهة: تعني المجابهة والاتساع لآراء متعددة، وهذه الجبهة إسلامية؛ لأن الإسلام هو السبيل الوحيد للإصلاح والتغيير، وإنقاذ: مأخوذة من الآية الكريمة: "كنتم علي شفا حفرة من النار فأنقذكم منها" "103: آل عمران"
حركة حمس: ][12][
هي حركة سياسية إصلاحية شاملة، تأسست عام 1990، بقيادة الشيخمحفوظ نحناح تحت اسم "حركة المجتمع الإسلامي" (حماس)؛ شعارها: العلم والعدل والعمل، وثوابتها: الإسلام واللغة العربية والانتماء للأمة الإسلامية والنظام الجمهوري، والحريات الخاصة؛ والعامة، والتداول السلمي علي السلطة من خلال الواقعية والموضوعية والمرحلية، وقد تمَّ تغيير اسمها إلي "حركة مجتمع السلم" (حمس) بعدما تم تعديل الدستور الجزائري 1996، وطلب من الأحزاب أن تتكيف معه بمنع استخدام لفظة الاسلام في تسمية الحركات الجزائرية.][13][
الشيخ محفوظ نحناح
لقد نشأ الشيخ "نحناح" في أحضان أسرة تتمسك بتعاليم الدين، وتحافظ على اللغة العربية، وكان شغوفاً بالقرآن الكريم الذي تعلمه على يد أساتذة كبار، وبعدما أنهى دراسة (البكالوريوس) في اللغة العربية بمعهد اللغة والآداب, التحق بقسم الدراسات العليا _ التفسير بجامعة القاهرة. ولقد عاصر الشيخ "نحناح" ثورة التحرير وكان أحد فتيتها حتى عام 1962، حيث عاش فترة الثورة المسلحة وشارك في المظاهرات الشعبية إلى جانب رفاق دربه "محمد بوسليماني"، و "مصطفى بلمهدي". ][14][
في عام 1976، حُكِم عليه بالسجن 15 عاماً بتهمة تدبير الانقلاب ونشر بيان (إلى أين يا بومدين؟) الرافض لفرض النظام الاشتراكي بالقوة على المجتمع الجزائري, حيث كانت مطالبه تتجلى في الحفاظ على إسلامية الأسرة، والحفاظ على اللغة العربية ومواجهة كل دعوة غريبة للنيل منهما. أما سنوات السجن هذه استثمرها الشيخ في الاستزادة من العلم ومراجعة أطروحاته الفكرية والسياسية، فتحوّل في السجن إلى داعية إصلاحي وأسهم في تحويل السجناء ذوي الانحرافات السلوكية، إلى نماذج طيبة وحسنة الخلق. ][15][ وبعد الزلزال العنيف الذي ضرب مدينة الأصنام (الشلف) الجزائرية عام1980، أُطلق سراح "الشيخ نحناح"، وعاد إلى نشاطه الدعوي والسياسي، حيث ازدادت قوة الدعوة الإسلامية، وقد شاركت حركته (جماعة الموحدين) في تحضير تجمع الجامعة المركزية لعام 1982م.][16][
في "9 مايو 1991م"، عقدت مجموعة من قيادة "حركة مجتمع السلم" (حمس) مؤتمرهم الأول، فتم اعتماد القانون الأساسي والنظام الداخلي واللوائح الضابطة لمسار حركتهم، وانتهى المؤتمر بانتخاب "الشيخ نحناح" كأول رئيسٍ للحركة، حيث دخل الانتخابات الرئاسية لعام 1995، وتحصل على المرتبة الثانية بواقع 3.2 مليون صوت، أي بنسبة 25% من مجموع الأصوات. وبعد أن زُوّرت عليه الانتخابات ولم يرغب في إدخال الجزائر في أزمة أخرى، ومُنع من المشاركة في رئاسيات 1999 ظلماً، حيث عُدِّل الدستور الجزائري وأُضِيف شرطاً من شروط الترشح للرئاسيات؛ وهو أن تكون لدى المترشح وثيقة رسمية تثبت مشاركته في الثورة التحريرية من وزارة المجاهدين، بالنسبة للذين ولدوا قبل سنة 1942 وهي سنة ميلاد "الشيخ نحناح" هكذا وردت في دستور 1996.
عشر سنوات عاشتها الجزائر(العشرية السوداء)، كانت فيها مسرحاً للذبح والقتل والجنون واللعنات، سنوات غاب فيها صوت العقل والمنطق، وصدى الغيث والرحمات، حيث كان الشيخ نحناح –وكما يبدو- يغرد وحده خارج السرب، فلم يكن ينصت لتحذيراته وتحليلاته احد إلا رجاله. ][17][ فالشيخ نحناح كان واحداً من الذين شاركوا هموم المحنة في فلسطين، وكانت محاضراته في المؤتمرات بأمريكا تتناول الحديث عن جهاد وتضحيات الشعب الجزائري... ودائما كان يحاول الربط بين ما يجري علي أرض فلسطين من انتفاضة جهادية مباركة، وبين ما سبق وقوعه في الجزائر. علاوةً على ذلك، فقد أسهم في إثراء ثلاثة جوانب كانت غائبة عن وعي المسلمين في بلاد الغرب، وخاصة مسلمي أمريكا، وكانت في مقدمة هذه القضايا والأكثر أهمية هي قضية فلسطين، وكانت محاضراته وخطابه القوي بضروري اعتبار قضية فلسطين هي القضية المركزية للحركة الإسلامية، وضرورة قدسية الحشد والرباط من أجلها][18][ وبوفاته (رحمه الله) فقدت الساحة الإسلامية عامة والمغاربية خاصة رجلاً من خيرة رجالاتها، ولم تكن الساحة الإسلامية في العالم، ولا الساحة السياسية في الجزائر تعرف مثل الأخ والصديق الفقيد محفوظ نحناح.
هذه الأمة الممزقة بالأحقاد ونزوعات التنافي، هي أحوج ما تكون إلى مثل هذا النموذج الفذ الذي تمثل بـ"الشيخ نحناح" في الدعوة إلى ديننا الحنيف والثبات على المبادئ مهما قابلتنا من الصعاب ومهما حاربتنا قوى الشر التي تنتظرنا إلى حين غفلة كي تنقضّ علينا ليخفت صوتنا ونلفظ أنفاسنا الأخيرة. فهي مسيرة الغرباء، ونهج الأنبياء والرسل الذين تحملوا كل ما لاقوه من صعاب، حتى وصلت إلينا الرسالة، وهذا هو وفاؤنا لمن سبقونا ولمن سيأتون من بعدنا، حتى تصل رسالتنا السامية، وداعاً لرجل الحوار، فالإنسان موقف، ويبقى النهج والأثر.
حركة الإصلاح الوطني:
تأسست حركة الإصلاح الوطني بتاريخ "29 يناير 1999م"، بعد أن حدث انشقاق داخل حركة النهضة الإسلامية التي كان يقودها الشيخ "عبد الله جاب الله"، والتي تأسست سنة 1990، حيث قامت الحركة بالعمل على إعادة بناء وهيكلة التيار الإسلامي الوطني النزيه على رؤية سياسية تقوم على إخضاع المصالح للمبادئ، وتعتبر السياسة مصالح يحميها الحق، وهي اليوم منتشرة عبر كل ولايات القطر الجزائري، ولها ممثلون في المجالس المنتخبة وطنياً ومحلياً، وحركة الإصلاح الوطني هي وريثة النضالات السابقة التي امتدت تاريخياً كجهد فردي حتى عام 1969، وكجهد منظم أخذ صوراً وأشكالاً مختلفةً حتى عام 1974، وكانت الحركة تتكيف بالشكل الذي يتلاءم مع طبيعة المرحلة وجملة العوامل والظروف التي تسود المجتمع بشكل عام، والحركة اليوم منقسمة على نفسها إلى فريقين ما يزال القضاء لم يقل رأيه بعد أن أحتكم إليه الفريقان؛ الأول يقوده الشيخ "عبد الله جاب الله"، والثاني يقوده الدكتور "جهيد يونسي".][19][
تعديلات الدستور
لقد افتتحت تعديلات 1989، عهداً جديداً للمنافسة التعددية، وأدّت إلي انتهاء سيطرة الحزب الواحد لجبهة التحرير الوطني، وأظهرت الانتخابات المحلية في يونيو 1990 التزاماً واضحا بإطلاق الحريات، إذ أن الحكومة لم تسمح بالمنافسة السياسية فحسب، وإنما قبلت الهزيمة أمام خصومها السياسيين ][20][. وحينما قررت "حركة مجتمع السلم" الدخول والمشاركة في الحياة السياسية فقد ظهرت مفاهيم مغلوطة، حيث كُفِّرت وأُخرجت من الملّة، وعندما دعت الحركة إلي التحالف مع الوطنيين والنزهاء بأساليب مختلفة؛ منها ما هو متعلق بمفهوم التيار السلفي الذي قاده الشيخ "علي بلحاج"، أو التيار التكفيري الذي قاده "الهاشمي سحنوني"، أو مختلف المفاهيم السطحية لسياسات الدعوة الإسلامية، فعندما تحدثت الحركة عن الديمقراطية، قالوا: الديمقراطية كفر، وعندما دعت الحركة إلي الحوار والتعايش؛ قالوا: الحركة عميلة للنظام، وعندما دعت الحركة إلي التحلفات؛ قالوا "لا حلف في الإسلام"، وعندما ركزت الحركة علي التربية؛ قالوا: "لسنا علي الاستعداد للانتظار والقطار قد انطلق"، وعندما دعت الحركة إلي الوحدة في القوائم الانتخابية مع الأطراف الإسلامية؛ قالوا: "أنتم الرملةأو حبة الرمل ونحن الصحراء، أنتم النملة ونحن الفيل". ][21][
الأوضاع الجزائرية مطلع التسعينات
الظروف في المربع الإسلامي كانت جد متوترة، ولم تستطيع الحركة الإسلامية رأب الصدع في تياراتها نظراَ لتعنت قيادة "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" التي لم تلتزم بقرار "رابطة الدعوة الإسلامية"، والتي كانت تضم كل أطياف الجماعات الإسلامية، ولكن بعض رموز التيار الإسلامي خرجوا عن هذا الإجماع وأسسوا "الجبهة الإسلامية للإنقاذ"، وطلبوا من الجميع الانخراط فيها، الأمر الذي رفضته الجماعات الإسلامية الأخرى الفاعلة منها جماعة "الشيخ جاب الله" (النهضة)، وجماعة "الشيخ نحناح" (الإرشاد والإصلاح)، وجماعة الشيخ "محمد السعيد" البناء الحضاري، أو ما اصطلح على تسميته إعلامياً بمصطلح "تيار الجزأرة"، وراحت "الجبهة الإسلامية" تعبئ في الشارع الجزائري بطريقة دعائية عملاقة، ودخلت الانتخابات المحلية وفازت بـأغلبية ساحقة سنة 1990، وهو الأمر الذي صعب خروج حزب سياسي إسلامي آخر، وهو التحفظ الذي أبداه بعض القيادات في الحركة في بداية مناقشة ضرورة التأسيس لحزب سياسي، سيما بعد بروز النظرة الصدامية والرؤى التكفيرية للنظام والمجتمع من الذين لم ينتموا إلى الجبهة، مع تكوّن بعض الجماعات الجهادية في حضن الجبهة الإسلامية، وتكوين الشرطة الإسلامية في البلديات، وبروز مظاهر عنف رفضها المجتمع في تسيير البلديات، وفي هذا الظرف، وجدت الحركة نفسها في مربع مسؤولية تاريخية أمام الأمة وأمام النموذج الإسلامي والمشروع الإسلامي، الذي بدأت مظاهر التشويه تصيبه من خلال ممارسات مناضلي وقيادة "الجبهة الإسلامية"، وعندما أعلن عن تنظيم الانتخابات التشريعية سنة 1991، دعت "حركة مجتمع السلم" إلى إنشاء "التحالف الإسلامي الوطني" والدخول بقوائم موحدة للانتخابات، وهو ما رفضته الجبهة الإسلامية للإنقاذ في لقاءات "رابطة الدعوة الإسلامية"، وبعد أن استنفذت الحركة كل الجهد في إيجاد إطار وحدوي للعمل السياسي الإسلامي في الجزائر، أعلنت عن تأسيس "حركة المجتمع الإسلامي" في مايو 1991م، ونشرت الصحف الأهداف والبرنامج السياسي للحركة، وبدأت عملية التأسيس للمكاتب الولائية والاستعداد لدخول الانتخابات التشريعية سنة 1991.][22][
حركة "حمس" في المعترك السياسي
مِنْ أهمِّ ما جاءت به التجربة التعددية الجزائرية مشاركةُ الإسلاميين في التنافس على سُدَّة الحكم، أي انتخابات رئاسة الجمهورية، وهي تجربة تحتاج إلى دراسة وتقويم؛ يستهدف المحافظة على المكتسبات الديمقراطية، وعدم التفريط في هذا المخرج الجديد، رغم سلسلة الإخفاقات التي لحقت بالحركات الإسلامية التي شاركت في هذا الاستحقاق. فهذه التجربة وصلت إلى حد استدعاء مراقبين دوليين وتأسيس اللجنة الوطنية المستقلة لمراقبة الانتخابات، وتدحرجت التجربة ـ للأسف الشديد ـ بعد مرّات الإخفاق والتردد التي حدثت في «الجزائر» عبر أربعة استحقاقات رئاسية بين عامَيْ 1995م، و2004م.][23][
وكانت قيادة "حركة مجتمع السلم" (حمس) ترى في خطوة الدخول إلى المعترك السياسي، خطوة ضرورية للانتقال من مرحلة الدعوة إلى مرحلة المشاركة في بناء الدولة، وهي ضرورة اقتضتها المرحلة التي تعيشها، وفرضتها التحديات، وعمقتها التجربة، وإرادة الاستفادة من تجارب الحركات الإسلامية في العالم، خاصة وأن الحركة الإسلامية في الجزائر، وفي زمن قياسي جرّبت الصدام والرغبة في أخذ الحكم بطرق التدافع الشعبي، وخرجت هذه التجربة في الجزائر بنتائج ايجابية، وأخرى سلبية وكارثية على مستوى الأفكار والمشروعات والبرامج، أرجعت الحركة الإسلامية الجزائرية القهقري حيث كررت نفس التجارب، وهو الدافع الذي جعل الحركة تفكر قبل أن تخوض المعركة سواء على مستوى صدقية التوجه الديمقراطي في الجزائر، حيث شكّكت الحركة فيه منذ البداية، وحذرت من مغبة الإلقاء بالمشروع الإسلامي إلى الساحة، دونما تأهيل أو تأطير أو وجود كادر بشري يستوعب المرحلة، ويباشر عملية التنمية وفق النظرية الإسلامية، والرهان على مبدأ المرحلية الواقعية والموضوعية، وهي مبادئ جعلتها قيادة الحركة محددات تأسيسية لأي قرار سياسي في سياق تحقيق مشروعها وعاضدتها بمفهوم العلم والعمل والعدل، واجتهدت في صياغة كادر بشري على المستويات العليا والدنيا وتأهيله لحمل مشعل المشروع الإسلامي، وهي النقلة النوعية في التعاطي السياسي للحركة الإسلامية، وتجديد في التفاعل بين السلطة والحركة الإسلامية، وهي الإضافة الفكرية التي اهتمت الحركة بتحقيقها في الميدان ونجحت أيّما نجاح.][24][
حمس، من الدعوة إلي الدولة
وقد عُرفت هذه المرحلة بشعار: "الانتقال من دال الدعوة إلى دال الدولة" وهو خطاب درج على نشره الشيخ "محفوظ نحناح" في خطاباته، ولا سيما الداخلية منها. ليعرف الإطارات النضالية بالرؤية والرسالة السياسية التي يحملون، فقد استفادت (حمس) من تجربة الحركات الإسلامية في كل العالم، وبخاصة تجربة الحركة الإسلامية في تركيا والأردن واندونيسيا، وأعطتها شيئا من ملح تجربة الإخوان المسلمين، سواء المشاركة أو التي اصطدمت مع الأنظمة (سوريا، مصر، العراق).][25][فاستحضرت الحركة كل هذه التجارب، وأخذت منها الخلاصة في التعاطي مع السلطة خصوصاً، ولم تحجر الحركة على نفسها، بل انفتحت حتى على تجارب التيار القومي العربي وتجارب الإسلام في الغرب، وأخذت في صياغة نموذج جديد يجمع بين هذا وذاك، وكانت الخلاصة هي تجربة حركة مجتمع السلم في الجزائر، كما تجدر الإشارة هنا إلى التأثر الملاحظ بنظرية صناعة الحياة ومسار الشيخ محمد أحمد الراشد (المفكر الإسلامي العراقي) وإن المطلع على كتاب " أصول الإفتاء والاجتهاد التطبيقي في فقه الدعوة الإسلامية" يلاحظ الأثر البالغ لهذه النظرية على إسقاطات حركة مجتمع السلم الاجتهادية. ][26][
في العام 1994، شاركت الحركة في ندوة الوفاق الوطني التي جاءت بالسيد اليمين زروال رئيسا للدولة، وفي العام اللاحق، دخلت حركة حماس بمرشحها لرئاسة الجمهورية السيد محفوظ نحناح الذي تحصل علي المرتبة الثانية، أما في العام 1996، فقد دخلت الحركة في الجهاز التنفيذي بحقيبتين وزاريتين؛ هما: وزارة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة للوزير "عبد القادر حميتو"، ووزارة الدولة للصيد البحري وعلي رأسها الوزير "أبو جرة سلطاني". أما في العام 1997، شاركت الحركة في الانتخابات البرلمانية التعددية الأولى، وكذلك في المحليات (البلدية والولايات)، وكان حظها دون مستواها الحقيقي بسبب ما طال العملية الانتخابية من تزوير، وكذلك اليأس المتولد نتيجة الفعل الانتخابي المتكرر، فقد حصلت علي 71 مقعداً بالبرلمان من أصل 380 مقعداً، وحوالي 1100 منتخباً محلياً، منها حوالي 24 بلدية تسيرها الحركة، وبفضل هذه الانتخابات فقد ارتفع عدد الحقائب الوزارية إلى 7 حقائب، حيث اتضحت معالم المشاركة السياسية بشكل عام في الجهاز التنفيذي، وصار حديث وسائل الإعلام كون التيار الإسلامي أثبت وجوده في التسيير والتحكم، وقدرته علي التعايش مع التيارات المحسوبة علي العلمانية.][27][
وفي عام 2002، جرت الانتخابات البرلمانية، وبعدها المحلية في ذات العام، وقد لامستها أيدي المزورين، حيث وجدت حركة مجتمع السلم (حمس) نفسها تتقهقر إلي المرتبة الرابعة بواقع 38نائباً، و38 بلديةً، وحوالي 1200 ناخباً، مما عرضها لكثير من المزايدات والمضايقات الحزبية والسياسية، وقد تحسنت الحقائب الوزارية نوعا ما فبلغت خمسُ حقائب، وارتفع عدد النواب إلي 40 نائباً، وفي العام 2003، انتقل الشيخ محفوظ نحناح إلي رحمة الله، مخلفا وراءه منهاجاً واضحاً وجماعةً متماسكة وتجربة في آخر أطوار نضجها.][28][
وجرت الانتخابات الرئاسية التعددية الثالثة عام 2004م، التي اختار فيها مجلس الشورى الوطني ترقية الائتلاف الحزبي إلي تحالف رئاسي علي أساس ميثاق ضم كل من:
à جبهة التحرير الوطني.
à حركة مجتمع السلم.
à التجمع الوطني الديمقراطي.
انتخابات 2004
وفي وثيقة تم توقيعها في "16 فبراير 2004م"، تتضمن مبادئ وثوابت وأهدافاً وآليات عمل، وبعد عملية انتخابية تعتبر من أنظف الانتخابات في الجزائر، فاز مرشح المصالحة الوطنية السيد "عبد العزيز بوتفليقة" بأغلبية كبيرة بلغت 84.99%، وهي الانتخابات التي أفسحت المجال للخروج من الأزمة، وتحقيق المصالحة الوطنية، وحل مختلف الملفات العالقة (ملف المفقودين، ملف الشراكة، الملف الاقتصادي، وملف السكن)، وهنا أكدت حركة مجتمع السلم (حمس) أن الشعب الجزائري متمسك بخطاب الثوابت والمصالحة والسلم والحوار والقيم الإسلامية الأصيلة، وتتمتع حركة حمس في الجزائر وفي الخارج أيضا؛ بسمعة طيبة وهي تشارك بأربع حقائب وزارية، ولها 38 نائباً في المجلس الشعبي الوطني، وعشرة أعضاء في مجلس الأمة، وهذا مكَّنها من تشكيل كتلتين برلمانيتين(عليا وسفلى)، ولها كذلك 38 بلديةً تديرها بشكل مباشر، وكذلك حوالي 1200 منتخباً محلياً، ولها انتشارٌ تنظيميٌ وهيكليٌ واسعٌ يغطي كامل التراب الوطني، كما أن لها مناضلون في الجالية بالقارات الخمس الكبرى. ][29][ ومن قد تم توقيع ميثاق الوفاق والمصالحة الوطنية في العام 2005، وبهذا تنتهي العشرية الدموية (السوداء) التي راح ضحيتها ما يزيد عن 100 ألف مواطن، ما بين قتيل وجريح، و500 مجاهد استشهدوا من أفراد حركة مجتمع السلم][30][
يتبع ...