ما الصفات التي يجب أن يتحلى بها المربون من أمهات وآباء ومعلمين ؟
هناك صفات أساسية تلزم كل مرب يباشر التربية والتعليم لأبنائه أو لغيرهم ، من ذلك :
1- الحلم والأناة : وهما من الصفات التي يحبها الله ، ولهما تأثير تربوي كبير . أخرج مسلم عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : قال رسول صلى الله عليه وسلم لأشبج عبد قيس : (( إن فيك خصلتين يحبهما الله : الحلم والأناة )) .
2- الرفق واللين : أخرج مسلم عن عائشة - رضي الله عنها – قالت : قال r (( إن الله رفيق يحب ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف ، وما لا يعطي على سواه )) .
3- الرحمة : صفة من صفات المربي الناجح ، وهي من الوالدين لأبنائهما أخص ، ورحمة الأولاد من أهم أسس نشأتهم ، ومقومات نموهم النفسي والاجتماعي نمواً قوياً سوياً ، فإذا فقد الأولاد المحبة نشئوا منحرفين في المجتمع ، لا يتعارفون مع أفراده ، ولا يندمجون في وسطه
روى الإمام البخاري في صحيحه عن قتادة قال : (( خرج علينا النبي صلى الله عليه وسلم وأمامه بنت أبي العاص على عاقته ، فصلى ، فإذا ركع وضعها ، وإذا رفع رفعها )) .
وفي صحيح البخاري أن أبا هريرة رضي الله عنه قال : قبَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالساً ، فقال الأقرع : إن لي عشرة من الولد ما قبَّلت منهم أحداً ، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : (( من لا يَرْحم ولا يُرْحم )) .
4- البعد عن الغضب : وذلك لما لها من آثار سلبية في العملية التربوية ؛ فقد جاء في الحديث المتفق عليه أن رجلاً طلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يوصيه فقال له : (( لا تغضب )) ثلاث مرات ، يكررها عليه .
5- المرونة ولين الجانب والأخذ بالتيسر : الذي أباحه الشرع ، ففي الحديث الذي رواه الترمذي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ألا أخبركم بمن يحرم النار أو بمن تحرم عليه النار ؟ تحرم على كل قريب هين لين سهل )) .
6- الأخذ بأيسر الأمرين ما لم يكن إثما : لما ورد في الحديث المتفق عليه : (( ما خُيّر رسول الله r بين أمرين قط إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثما ، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه . وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه من شيء قط إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم الله تعالى )) . وأيسر الأمرين يكون في الأمور المباحة والمشروعة ، فيتخير المربي في تعامله مع أبنائه وطلبه أحسن الأساليب وأفضل الأوقات وأحسن الألفاظ والعبارات وأرق التوجيهات ؛ ليصل إلى عقولهم بأقل جهد وأقصر طريق .
7- الاعتدال والتوسط في التوجيه والتربية والتعامل : لأن الغلو والتطرف والتشدد لا مكان له في دين الإسلام ؛ ففي الحديث المتفق عليه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني لأتأخر عن صلاة الصبح من أجل فلان مما يطيل بنا ، فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم غضب في موعظة قط أشد من غضب يومئذ ، فقال : يا أيها الناس ، إن منكم منفّرين ، فأيكم أمَّ الناس فليوجز ، فإن من ورائه الكبير والصغير وذا الحاجة )) .
8- القصد في الموعظة وتقليل الكلام وعدم الإطالة : وقد أدرك الصحابة - رضي الله عنهم – هذه الصفة من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة المسلمين ؛ ففي الحديث المتفق عليه عن أبي شقيق بن سلمة قال : كان ابن مسعود رضي الله عنه يذكرنا في كل خمس مرة ، فقال له رجل : يا أبا عبد الرحمن : لوددت أنك ذكرتنا كل يوم فقال : أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أَمِلَّكُم ، وإني أتخولكم بالموعظة كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا بها مخافة السآمة علينا ) .
9- القدوة الحسنة وعدم محافظة الفعل للقول : قال الله تعالى في حق الرسول r : (( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً )) ( الأحزاب : 21) .
وقال تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * {كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ )) ( الصف : 2-3) .
هذه أهم الصفات الأساسية التي ينبغي أن يتحلي بها المربي المسلم ، وما حازها أحد من المربين إلا كان قدوة حسنة يبني الرجال ويصنع الأبطال .
وها هي أمثلة حية من اهتمام السلف الصالح بأبنائهم:
لقد كان المثل الأعلى للسلف الصالح – رضي الله عنهم – رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فعن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه – رضي الله عنهما – أنه قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب ، فجاء الحسن والحسين – رضي الله عنهما – وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران ، فنزل صلى الله عليه وسلم فحملهما ووضعهما بين يديه ، ثم قال صدق الله – عز وجل - : (( إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ )) ( التغابن : 15) ؛ نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان يعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتما )) ( رواه الترمذي )) .
وفي حديث مسلم ، عن عائشة – رضي الله عنها – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتي بالصبيان فيبرك عليهم – أي يدعو لهم بالبركة – ويحنكهم ، ومنهم من بال في حِجْره ، فإذا استحيا آباؤهم من ذلك وهَمُّوا أن يأخذوا الطفل من حجره قال لهم : (( لا تزرموا الصبي بوله )) ؛ أي لا تقطعوا عليه بوله .
وحث الرسول صلى الله عليه وسلم على تربية البنات خاصة فقال :
(( ما من مسلم يكون له ابنتان فيحسن إليهما ما صحبتاه – أو صحبهما – إلا أدخلتاه الجنة )) . ( رواه ابن ماجه وغيره ) .
وقد أدرك صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الاهتمام بالأبناء ،
فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
كان إذا نهى الناس عن أمر دعا أهله فقال : إني نهيت الناس عن كذا وكذا ، وإنما ينظر الناس إليكم نظر الطير إلى اللحم ، فإن وقعتم وقع الناس ، وإن هبتم هاب الناس ، وإنه والله لا يقع أحد منكم في شيء نهيت الناس عنه إلا أضعف له العقوبة لمكانه مني ) .
قال سعيد بن المسيب : إني لأصلي فأذكر ولدي ، فأزيد في صلاتي : ( قصد بذلك أنه يكثر من الدعاء لولده في الصلاة ) .
وقال أحد الصالحين : ( يا بني ، إني لأستكثر من الصلاة لأجلك ) . وكان سهل التستري يتعهد ولده وهو في صلبه ، فيباشر إلى العمل الصالح رجاء أن يكرمه الله تعالى بالولد الصالح فيقول : (( إني لأعهد الميثاق الذي أخذه الله تعالى عليَّ في عالم الذَّرِّ ، وإني لأرعى أولادي من هذا الوقت إلى أن أخرجهم الله تعالى إلى عالم الشهود والظهور )) .
هكذا كان السلف الصالح – رضي الله عنهم – يتعهدون أبناءهم رجاء أن يكونوا طائعين لله ، وخير خلف لهم .
وكذلك من صفات المربي
1ـ الإخلاص وذلك بأن يخلص المربي نيته لله في كل أمور حياته من عبادات ومعاملات وقول وعمل ونصح وصلة رحم لقول الرسول- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى.....".
وكذلك في كل عمل تربوي من أمر أو نهي أو نصح أو ملاحظة أو عقوبة، فسوف يشعر الأبناء بهذا الإخلاص في تصرفاتك، مع حرصك على توجيههم لهذا المعنى، وسوف يحاولون أن يخلصوا نياتهم وأعمالهم أيضًا.
فعلينا أن نبثَّ فيهم هذا المعنى ونلاحظهم فيه، ونُفهمهم أننا نربيهم لله حتى يقوموا بعبادة الله في الأرض وتوحيده والجهاد في سبيله ولو كان مهندسًا أو طبيبًا أو مدرسًا، فهو مهندس مسلم يعبد الله ويخدم الإسلام والمسلمين، كذلك الطبيب والمدرس، فيعز الله بهم الإسلام والمسلمين، وتكون الغلبة لهم على أعدائهم، فهذا هو الإخلاص لله في تربية الأبناء، وليس لأجل الدنيا، أو لنتباهى للناس بهم، أو ليكونوا أحسن من أولاد الجيران أو الأقارب، ولكنهم قوة للإسلام نعدّها لعل الصلاح يجري بين يديهم ويؤيدون الحق والصدق وينفع الله بهم العباد والبلاد.
مثال واقعي للتربية وهو من واقعنا وحاضرنا وليس في عهد الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ولا الصحابة رضوان الله عليهم؛ وذلك عندما تلقَّت أمٌّ خبرَ وفاة ابنها في حادثٍ وكان عمره عشر سنوات، ماذا قالت؟ قالت: يا رب إني ربيت ابني من أجلك وأنت أخذته.
2- التقوى
هي "ألا يراك الله حيث نهاك وألا يفتقدك حيث أمرك"، أو اتقاء عذاب الله بصالح الأعمال وخشيته في السر والعلن.. قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ﴾ (آل عمران: من الآية 102)، ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾ (الطلاق: من الآيتين 2، 3) وسُئل الرسول- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: مَن أكرم الناس؟ قال صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: "أتقاهم"، وسُئل عن أكثر ما يدخل الجنة قال: "تقوى الله وحسن الخلق".فعلينا أن نتقي الله في جميع أعمالنا، فنحن قوة مؤثرة في الأبناء، وإذا انحرف المربي عن التقوى انحرف الأبناء فينشأ الأبناء وليس لهم من الله رادع وليس عندهم مراقبة ولا ضمير، فعلى المربي أن يفهم هذا الأمر جيدًا إذا أراد الخير لنفسه ولأبنائه، وأن يربي في أبنائه استشعار معنى (الله معي، الله ناظري، الله شاهد علي) يربي الرقابة الذاتية والانضباط الذاتي الصادر منهم- ونحكي لهم قصصًا مثل بائعة اللبن التي أرادت أن تغشه بالماء فأخبرتها ابنتها بأن (إن لم يكن عمر يرانا فالله يرانا).
فإذا ما جعلنا التقوى نصب أعيننا في كل عمل تربوي فسوف يجعل الله التربية أمرًا يسيرًا: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾ (الطلاق: من الآية 4)
3- العلم
ينبغي على المربي أن يكون عالمًا بالحلال والحرام ليفيد نفسه وأبناءه، ولقد حثنا الرسول الكريم على العلم حيث قال: "مَن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة".
فالعلم يجعل المربي حكيمًا يضع الأشياء في مواضعها ويربي على أسس
كذلك يكون لدى المربي معلومات عن أصول التربية حتى يكون لديه خبرة بالعوامل النفسية للأبناء، ويميز بين كل مرحلة ويتعامل معها بما يناسبها أما إذا لم يكن لديه علم بالتربية فإن فاقد الشيء لا يعطيه.
4- استشعار المسئولية
وهي أن يستشعر المربي مسئوليته في تربية إخوانه في جميع الجوانب الإيمانية والخلقية والاجتماعية والصحية؛ وهذا يدفعه إلى مراقبة وملاحظة الاخ وتوجيهه وتعويده
فعلى المربي أن يستشعر هذه المسئولية ويعلم أن الله سبحانه سيسألهم عنها يوم القيامة: ﴿وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (24)﴾ (الصافات)، و كذلك حثنا الرسول- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- وقال: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته" متفق عليه، "إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع حتى يسأل الرجل عن أهل بيته".
فعلى المربي أن يتحمل هذه المسئولية وينهض بها على أكمل وجه وبعزيمة قوية، وأن الله سيغضب عليه إذا فرط وأن الحساب عسير يوم القيامة.
وعلى المربي أن ينتبه إلى المخططات العلمانية والصهيونية التي تستهدف الشباب والأسر المسلمة، ونكون على بينةٍ فلا نترك أبناءنا ينخدعون ويجرون وراء هذه المخططات المغرية ونسلحهم بتقوية علاقتهم بالله وبسيرة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم والصحابة الكرام.
5- التفاؤل
التفاؤل قوة نفسية فعالة ينظر صاحبها للغد بابتسامة: ﴿إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ﴾ (يوسف: من الآية 87)، فالله عز وجل يحثنا على التفاؤل وعدم اليأس كذلك الرسول- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- يقول: "بشروا ولا تنفروا" ويشجعنا سيدنا عمر فيقول (تفاءلوا للخير ترزقوه).
6- حسن الصلة بالله
وهي من الصفات التي لا غنى للمربي عنها، وقد كنّا نقصر في صلتنا بالله فلا نرى قلوباً مفتوحة لنا ولا آذاناً صاغية تستقبل بحب ما نقوله وما نفعله، والعكس عندما كنا نحسن الصلة بالله فكان الله يبارك في القليل فيستجيب الصغار لنا أسرع مما نتخيل، يصلون ويذاكرون ويحفظون القرآن الكريم ويظهر منهم حسن خلق أثناء اللعب وأثناء الفسح.
إن الصلاة في جماعة خاصة صلاة الفجر والمداومة على ورد القرآن وأذكار الصباح والمساء وكثرة الاستغفار والبعد عن المحرمات والشبهات خاصة غض البصر والورع لفيها جميعاً الخير والبركة في هذا المجال فإرضاء الله غاية، ما من أحد إلا ويتمناها ويسعى إليها لينال الجنة في الآخرة والسعادة في الدنيا، ومَنْ أسعد في الدنيا من رجل له أبناء صالحون يحسن تربيتهم فينال منهم بِراً ودعوة صالحة، نسأل الله ألا يحرمنا من هذه النعمة العظيمة.
7- نفس عظيمة وهمة عالية
المربي لابد أن يكون عظيم النفس.. همته عالية وإرادته قوية ونَفَسه طويل، لا يطلب سفاسف الأمور، يعلم أن تربية الأولاد في الإسلام فن له عقبات كما له حلاوة وأجر عظيم، لذلك يسعى جاهداً أن يجعلها لله ويضحي من أجلها براحته وبماله وبكل شيء عنده ويصل طموحه به إلى أن يتمنى أن يكون ابنه كمحمد الفاتح الذي علمه شيخه وهو صغير أن القسطنطينية سيفتحها الله على يد أمير مسلم يرجو أن يكون هو فقد قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش"، ومن نماذج المربين وأصحاب الهمم والطموحات الكثير والكثير.
8- يألف ويؤلف
نعم من صفات المربي أن يألف ويؤلف.. يألف إخوانه و يحبهم ولا يأنف الجلوس معهم يتبسط في حديثه ويتواضع.. يمزح ويلعب.. يلين ولا يشتد.. يعطي كثيراً بلا مقابل ولا تفارقه الابتسامة، وكذلك يؤلف عند إخوانه وإلا فلا يتصدى للتعليم ولا للتربية، فهي مهمة ليس أهلاً لها إذ إنه دائم التجهم شديدٌ عنيفٌ لا تعرف الرحمة طريقاً إلى قلبه، فويل لإخوانه منه، تماماً كمن قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحداً" فقال له الحبيب المربي صلى الله عليه وسلم: "من لا يرحم لا يرحم"
9- ضبط النفس
إن الغضب والعصبية الجنونية من الصفات السلبية في العملية التربوية، فإذا ملك الإنسان نفسه عند الغضب وكظم غيظه كان ذلك فلاحاً له ولإخوانه، فالمقصود بضبط النفس أن تغضب ولكن ليس من قلبك وتعاقب بمزاجك.. تعاقب وأنت تهدف من وراء العقاب شيئاً مهماً وهو التربية وتغيير السلوك السلبي الخاطئ إلى سلوك إيجابي صحيح، فلا تعاقب كرد فعل سريع للخطأ من غير أن تنوي قبل العقاب أن تغير من سلوك المخطئ، وإلا فأنت حينئذ تكون قد عاقبت بالغضب والصياح بدلاً من التصحيح الهادئ، وكان الأَوْلى أن تظهر الغضب فقط.
ومن ضبط النفس أيضاً أن تغضب فإذا ما عرف الأخ خطأه يتلاشى غضبك على وجه السرعة ويتحول إلى ابتسامة رقيقة، وكذلك قد تتحول الابتسامة إلى تجهم عند الخطأ، وهكذا دون أن يتأثر القلب ليربي الكبير الصغير وليس العكس
10- سعة الاطلاع
لا يستغني المربي الناجح عن الاطلاع بشكل عام، خصوصاً الإصدارات الحديثة في مجال التربية بشكل خاص، وهو أولى بذلك ليستطيع تعليم إخوانه وتغذيتهم أولاً بأول بالمعلومات الجيدة والمفيدة في التقسير وفي الحديث وفي الفقه وفي سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وفي الآداب والأخلاق وفي المعلومات الإسلامية والعامة وغيرها.
هناك صفات أساسية تلزم كل مرب يباشر التربية والتعليم لأبنائه أو لغيرهم ، من ذلك :
1- الحلم والأناة : وهما من الصفات التي يحبها الله ، ولهما تأثير تربوي كبير . أخرج مسلم عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : قال رسول صلى الله عليه وسلم لأشبج عبد قيس : (( إن فيك خصلتين يحبهما الله : الحلم والأناة )) .
2- الرفق واللين : أخرج مسلم عن عائشة - رضي الله عنها – قالت : قال r (( إن الله رفيق يحب ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف ، وما لا يعطي على سواه )) .
3- الرحمة : صفة من صفات المربي الناجح ، وهي من الوالدين لأبنائهما أخص ، ورحمة الأولاد من أهم أسس نشأتهم ، ومقومات نموهم النفسي والاجتماعي نمواً قوياً سوياً ، فإذا فقد الأولاد المحبة نشئوا منحرفين في المجتمع ، لا يتعارفون مع أفراده ، ولا يندمجون في وسطه
روى الإمام البخاري في صحيحه عن قتادة قال : (( خرج علينا النبي صلى الله عليه وسلم وأمامه بنت أبي العاص على عاقته ، فصلى ، فإذا ركع وضعها ، وإذا رفع رفعها )) .
وفي صحيح البخاري أن أبا هريرة رضي الله عنه قال : قبَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالساً ، فقال الأقرع : إن لي عشرة من الولد ما قبَّلت منهم أحداً ، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : (( من لا يَرْحم ولا يُرْحم )) .
4- البعد عن الغضب : وذلك لما لها من آثار سلبية في العملية التربوية ؛ فقد جاء في الحديث المتفق عليه أن رجلاً طلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يوصيه فقال له : (( لا تغضب )) ثلاث مرات ، يكررها عليه .
5- المرونة ولين الجانب والأخذ بالتيسر : الذي أباحه الشرع ، ففي الحديث الذي رواه الترمذي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ألا أخبركم بمن يحرم النار أو بمن تحرم عليه النار ؟ تحرم على كل قريب هين لين سهل )) .
6- الأخذ بأيسر الأمرين ما لم يكن إثما : لما ورد في الحديث المتفق عليه : (( ما خُيّر رسول الله r بين أمرين قط إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثما ، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه . وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه من شيء قط إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم الله تعالى )) . وأيسر الأمرين يكون في الأمور المباحة والمشروعة ، فيتخير المربي في تعامله مع أبنائه وطلبه أحسن الأساليب وأفضل الأوقات وأحسن الألفاظ والعبارات وأرق التوجيهات ؛ ليصل إلى عقولهم بأقل جهد وأقصر طريق .
7- الاعتدال والتوسط في التوجيه والتربية والتعامل : لأن الغلو والتطرف والتشدد لا مكان له في دين الإسلام ؛ ففي الحديث المتفق عليه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني لأتأخر عن صلاة الصبح من أجل فلان مما يطيل بنا ، فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم غضب في موعظة قط أشد من غضب يومئذ ، فقال : يا أيها الناس ، إن منكم منفّرين ، فأيكم أمَّ الناس فليوجز ، فإن من ورائه الكبير والصغير وذا الحاجة )) .
8- القصد في الموعظة وتقليل الكلام وعدم الإطالة : وقد أدرك الصحابة - رضي الله عنهم – هذه الصفة من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة المسلمين ؛ ففي الحديث المتفق عليه عن أبي شقيق بن سلمة قال : كان ابن مسعود رضي الله عنه يذكرنا في كل خمس مرة ، فقال له رجل : يا أبا عبد الرحمن : لوددت أنك ذكرتنا كل يوم فقال : أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أَمِلَّكُم ، وإني أتخولكم بالموعظة كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا بها مخافة السآمة علينا ) .
9- القدوة الحسنة وعدم محافظة الفعل للقول : قال الله تعالى في حق الرسول r : (( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً )) ( الأحزاب : 21) .
وقال تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * {كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ )) ( الصف : 2-3) .
هذه أهم الصفات الأساسية التي ينبغي أن يتحلي بها المربي المسلم ، وما حازها أحد من المربين إلا كان قدوة حسنة يبني الرجال ويصنع الأبطال .
وها هي أمثلة حية من اهتمام السلف الصالح بأبنائهم:
لقد كان المثل الأعلى للسلف الصالح – رضي الله عنهم – رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فعن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه – رضي الله عنهما – أنه قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب ، فجاء الحسن والحسين – رضي الله عنهما – وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران ، فنزل صلى الله عليه وسلم فحملهما ووضعهما بين يديه ، ثم قال صدق الله – عز وجل - : (( إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ )) ( التغابن : 15) ؛ نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان يعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتما )) ( رواه الترمذي )) .
وفي حديث مسلم ، عن عائشة – رضي الله عنها – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتي بالصبيان فيبرك عليهم – أي يدعو لهم بالبركة – ويحنكهم ، ومنهم من بال في حِجْره ، فإذا استحيا آباؤهم من ذلك وهَمُّوا أن يأخذوا الطفل من حجره قال لهم : (( لا تزرموا الصبي بوله )) ؛ أي لا تقطعوا عليه بوله .
وحث الرسول صلى الله عليه وسلم على تربية البنات خاصة فقال :
(( ما من مسلم يكون له ابنتان فيحسن إليهما ما صحبتاه – أو صحبهما – إلا أدخلتاه الجنة )) . ( رواه ابن ماجه وغيره ) .
وقد أدرك صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الاهتمام بالأبناء ،
فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
كان إذا نهى الناس عن أمر دعا أهله فقال : إني نهيت الناس عن كذا وكذا ، وإنما ينظر الناس إليكم نظر الطير إلى اللحم ، فإن وقعتم وقع الناس ، وإن هبتم هاب الناس ، وإنه والله لا يقع أحد منكم في شيء نهيت الناس عنه إلا أضعف له العقوبة لمكانه مني ) .
قال سعيد بن المسيب : إني لأصلي فأذكر ولدي ، فأزيد في صلاتي : ( قصد بذلك أنه يكثر من الدعاء لولده في الصلاة ) .
وقال أحد الصالحين : ( يا بني ، إني لأستكثر من الصلاة لأجلك ) . وكان سهل التستري يتعهد ولده وهو في صلبه ، فيباشر إلى العمل الصالح رجاء أن يكرمه الله تعالى بالولد الصالح فيقول : (( إني لأعهد الميثاق الذي أخذه الله تعالى عليَّ في عالم الذَّرِّ ، وإني لأرعى أولادي من هذا الوقت إلى أن أخرجهم الله تعالى إلى عالم الشهود والظهور )) .
هكذا كان السلف الصالح – رضي الله عنهم – يتعهدون أبناءهم رجاء أن يكونوا طائعين لله ، وخير خلف لهم .
وكذلك من صفات المربي
1ـ الإخلاص وذلك بأن يخلص المربي نيته لله في كل أمور حياته من عبادات ومعاملات وقول وعمل ونصح وصلة رحم لقول الرسول- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى.....".
وكذلك في كل عمل تربوي من أمر أو نهي أو نصح أو ملاحظة أو عقوبة، فسوف يشعر الأبناء بهذا الإخلاص في تصرفاتك، مع حرصك على توجيههم لهذا المعنى، وسوف يحاولون أن يخلصوا نياتهم وأعمالهم أيضًا.
فعلينا أن نبثَّ فيهم هذا المعنى ونلاحظهم فيه، ونُفهمهم أننا نربيهم لله حتى يقوموا بعبادة الله في الأرض وتوحيده والجهاد في سبيله ولو كان مهندسًا أو طبيبًا أو مدرسًا، فهو مهندس مسلم يعبد الله ويخدم الإسلام والمسلمين، كذلك الطبيب والمدرس، فيعز الله بهم الإسلام والمسلمين، وتكون الغلبة لهم على أعدائهم، فهذا هو الإخلاص لله في تربية الأبناء، وليس لأجل الدنيا، أو لنتباهى للناس بهم، أو ليكونوا أحسن من أولاد الجيران أو الأقارب، ولكنهم قوة للإسلام نعدّها لعل الصلاح يجري بين يديهم ويؤيدون الحق والصدق وينفع الله بهم العباد والبلاد.
مثال واقعي للتربية وهو من واقعنا وحاضرنا وليس في عهد الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ولا الصحابة رضوان الله عليهم؛ وذلك عندما تلقَّت أمٌّ خبرَ وفاة ابنها في حادثٍ وكان عمره عشر سنوات، ماذا قالت؟ قالت: يا رب إني ربيت ابني من أجلك وأنت أخذته.
2- التقوى
هي "ألا يراك الله حيث نهاك وألا يفتقدك حيث أمرك"، أو اتقاء عذاب الله بصالح الأعمال وخشيته في السر والعلن.. قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ﴾ (آل عمران: من الآية 102)، ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾ (الطلاق: من الآيتين 2، 3) وسُئل الرسول- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: مَن أكرم الناس؟ قال صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: "أتقاهم"، وسُئل عن أكثر ما يدخل الجنة قال: "تقوى الله وحسن الخلق".فعلينا أن نتقي الله في جميع أعمالنا، فنحن قوة مؤثرة في الأبناء، وإذا انحرف المربي عن التقوى انحرف الأبناء فينشأ الأبناء وليس لهم من الله رادع وليس عندهم مراقبة ولا ضمير، فعلى المربي أن يفهم هذا الأمر جيدًا إذا أراد الخير لنفسه ولأبنائه، وأن يربي في أبنائه استشعار معنى (الله معي، الله ناظري، الله شاهد علي) يربي الرقابة الذاتية والانضباط الذاتي الصادر منهم- ونحكي لهم قصصًا مثل بائعة اللبن التي أرادت أن تغشه بالماء فأخبرتها ابنتها بأن (إن لم يكن عمر يرانا فالله يرانا).
فإذا ما جعلنا التقوى نصب أعيننا في كل عمل تربوي فسوف يجعل الله التربية أمرًا يسيرًا: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا﴾ (الطلاق: من الآية 4)
3- العلم
ينبغي على المربي أن يكون عالمًا بالحلال والحرام ليفيد نفسه وأبناءه، ولقد حثنا الرسول الكريم على العلم حيث قال: "مَن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة".
فالعلم يجعل المربي حكيمًا يضع الأشياء في مواضعها ويربي على أسس
كذلك يكون لدى المربي معلومات عن أصول التربية حتى يكون لديه خبرة بالعوامل النفسية للأبناء، ويميز بين كل مرحلة ويتعامل معها بما يناسبها أما إذا لم يكن لديه علم بالتربية فإن فاقد الشيء لا يعطيه.
4- استشعار المسئولية
وهي أن يستشعر المربي مسئوليته في تربية إخوانه في جميع الجوانب الإيمانية والخلقية والاجتماعية والصحية؛ وهذا يدفعه إلى مراقبة وملاحظة الاخ وتوجيهه وتعويده
فعلى المربي أن يستشعر هذه المسئولية ويعلم أن الله سبحانه سيسألهم عنها يوم القيامة: ﴿وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (24)﴾ (الصافات)، و كذلك حثنا الرسول- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- وقال: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته" متفق عليه، "إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع حتى يسأل الرجل عن أهل بيته".
فعلى المربي أن يتحمل هذه المسئولية وينهض بها على أكمل وجه وبعزيمة قوية، وأن الله سيغضب عليه إذا فرط وأن الحساب عسير يوم القيامة.
وعلى المربي أن ينتبه إلى المخططات العلمانية والصهيونية التي تستهدف الشباب والأسر المسلمة، ونكون على بينةٍ فلا نترك أبناءنا ينخدعون ويجرون وراء هذه المخططات المغرية ونسلحهم بتقوية علاقتهم بالله وبسيرة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم والصحابة الكرام.
5- التفاؤل
التفاؤل قوة نفسية فعالة ينظر صاحبها للغد بابتسامة: ﴿إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ﴾ (يوسف: من الآية 87)، فالله عز وجل يحثنا على التفاؤل وعدم اليأس كذلك الرسول- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- يقول: "بشروا ولا تنفروا" ويشجعنا سيدنا عمر فيقول (تفاءلوا للخير ترزقوه).
6- حسن الصلة بالله
وهي من الصفات التي لا غنى للمربي عنها، وقد كنّا نقصر في صلتنا بالله فلا نرى قلوباً مفتوحة لنا ولا آذاناً صاغية تستقبل بحب ما نقوله وما نفعله، والعكس عندما كنا نحسن الصلة بالله فكان الله يبارك في القليل فيستجيب الصغار لنا أسرع مما نتخيل، يصلون ويذاكرون ويحفظون القرآن الكريم ويظهر منهم حسن خلق أثناء اللعب وأثناء الفسح.
إن الصلاة في جماعة خاصة صلاة الفجر والمداومة على ورد القرآن وأذكار الصباح والمساء وكثرة الاستغفار والبعد عن المحرمات والشبهات خاصة غض البصر والورع لفيها جميعاً الخير والبركة في هذا المجال فإرضاء الله غاية، ما من أحد إلا ويتمناها ويسعى إليها لينال الجنة في الآخرة والسعادة في الدنيا، ومَنْ أسعد في الدنيا من رجل له أبناء صالحون يحسن تربيتهم فينال منهم بِراً ودعوة صالحة، نسأل الله ألا يحرمنا من هذه النعمة العظيمة.
7- نفس عظيمة وهمة عالية
المربي لابد أن يكون عظيم النفس.. همته عالية وإرادته قوية ونَفَسه طويل، لا يطلب سفاسف الأمور، يعلم أن تربية الأولاد في الإسلام فن له عقبات كما له حلاوة وأجر عظيم، لذلك يسعى جاهداً أن يجعلها لله ويضحي من أجلها براحته وبماله وبكل شيء عنده ويصل طموحه به إلى أن يتمنى أن يكون ابنه كمحمد الفاتح الذي علمه شيخه وهو صغير أن القسطنطينية سيفتحها الله على يد أمير مسلم يرجو أن يكون هو فقد قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش"، ومن نماذج المربين وأصحاب الهمم والطموحات الكثير والكثير.
8- يألف ويؤلف
نعم من صفات المربي أن يألف ويؤلف.. يألف إخوانه و يحبهم ولا يأنف الجلوس معهم يتبسط في حديثه ويتواضع.. يمزح ويلعب.. يلين ولا يشتد.. يعطي كثيراً بلا مقابل ولا تفارقه الابتسامة، وكذلك يؤلف عند إخوانه وإلا فلا يتصدى للتعليم ولا للتربية، فهي مهمة ليس أهلاً لها إذ إنه دائم التجهم شديدٌ عنيفٌ لا تعرف الرحمة طريقاً إلى قلبه، فويل لإخوانه منه، تماماً كمن قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحداً" فقال له الحبيب المربي صلى الله عليه وسلم: "من لا يرحم لا يرحم"
9- ضبط النفس
إن الغضب والعصبية الجنونية من الصفات السلبية في العملية التربوية، فإذا ملك الإنسان نفسه عند الغضب وكظم غيظه كان ذلك فلاحاً له ولإخوانه، فالمقصود بضبط النفس أن تغضب ولكن ليس من قلبك وتعاقب بمزاجك.. تعاقب وأنت تهدف من وراء العقاب شيئاً مهماً وهو التربية وتغيير السلوك السلبي الخاطئ إلى سلوك إيجابي صحيح، فلا تعاقب كرد فعل سريع للخطأ من غير أن تنوي قبل العقاب أن تغير من سلوك المخطئ، وإلا فأنت حينئذ تكون قد عاقبت بالغضب والصياح بدلاً من التصحيح الهادئ، وكان الأَوْلى أن تظهر الغضب فقط.
ومن ضبط النفس أيضاً أن تغضب فإذا ما عرف الأخ خطأه يتلاشى غضبك على وجه السرعة ويتحول إلى ابتسامة رقيقة، وكذلك قد تتحول الابتسامة إلى تجهم عند الخطأ، وهكذا دون أن يتأثر القلب ليربي الكبير الصغير وليس العكس
10- سعة الاطلاع
لا يستغني المربي الناجح عن الاطلاع بشكل عام، خصوصاً الإصدارات الحديثة في مجال التربية بشكل خاص، وهو أولى بذلك ليستطيع تعليم إخوانه وتغذيتهم أولاً بأول بالمعلومات الجيدة والمفيدة في التقسير وفي الحديث وفي الفقه وفي سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وفي الآداب والأخلاق وفي المعلومات الإسلامية والعامة وغيرها.